فصل: تفسير الآية رقم (115):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: أنوار التنزيل وأسرار التأويل المشهور بـ «تفسير البيضاوي»



.تفسير الآية رقم (97):

{وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ (97)}
{وَقُلْ رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشياطين} وساوسهم، وأصل الهمز النخس ومنه مهماز الرائض، شبه حثهم الناس على المعاصي بهمز الراضة للدواب على المشي والجم للمرات أو لتنوع الوساوس أو لتعدد المضاف إليه.

.تفسير الآية رقم (98):

{وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ (98)}
{وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِ} يحوموا حولي في شيء من الأحوال، وتخصيص حال الصلاة وقراءة القرآن وحلول الأجل لأنها أحرى الأحوال بأن يخاف عليه.

.تفسير الآية رقم (99):

{حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99)}
{حتى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الموت} متعلق ب {يَصِفُونَ}، وما بينهما اعتراض لتأكيد الإِغضاء بالاستعاذة بالله من الشيطان أن يزله عن الحلم ويغريه على الانتقام أو بقوله: {إِنَّهُمْ لكاذبون}. {قَالَ} تحسراً على ما فرط فيه من الإِيمان والطاعة لما اطلع على الأمر. {رَبِّ ارجعون} ردوني إلى الدنيا والواو لتعظيم المخاطب. وقيل لتكرير قوله ارجعني كما قيل في قفا وأطرقا.

.تفسير الآيات (100- 110):

{لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (100) فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ (101) فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (102) وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ (103) تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ (104) أَلَمْ تَكُنْ آَيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ (105) قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ (106) رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ (107) قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ (108) إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آَمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ (109) فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ (110)}
{لَعَلّي أَعْمَلُ صالحا فِيمَا تَرَكْتُ} في الإِيمان الذي تركته أي لعلي آتي الإِيمان وأعمل فيه، وقيل في المال أو في الدنيا. وعنه عليه الصلاة والسلام: «قال إذا عاين المؤمن الملائكة قالوا أنرجعك إلى الدنيا، فيقول إلى دار الهموم والأحزان بل قدوماً إلى الله تعالى، وأما الكافر فيقول رب ارجعون» {كَلاَّ} ردع من طلب الرجعة واستبعاد لها. {إِنَّهَا كَلِمَةٌ} معنى قوله: {رَبِّ ارجعون} الخ، والكلمة الطائفة من الكلام المنتظم بعضها مع بعض. {هُوَ قَائِلُهَا} لا محالة لتسلط الحسرة عليه. {وَمِن وَرَائِهِمْ} أمامهم والضمير للجماعة. {بَرْزَخٌ} حائل بينهم وبين الرجعة. {إلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} يوم القيامة، وهو إقناط كلي عن الرجوع إلى الدنيا لما علم أنه لا رجعة يوم البعث إلى الدنيا وإنما الرجوع فيه إلى حياة تكون في الآخرة.
{فَإِذَا نُفِخَ فِي الصور} لقيام الساعة والقراءة بفتح الواو وبه وبكسر الصاد يؤيد أن {الصور} أيضاً جمع الصورة. {فَلاَ أنساب بَيْنَهُمْ} تنفعهم لزوال التعاطف والتراحم من فرط الحيرة واستيلاء الدهشة بحيث يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه أو يفتخرون بها. {يَوْمَئِذٍ} كما يفعلون اليوم. {وَلاَ يَتَسَاءَلُونَ} ولا يسأل بعضهم بعضاً لاشتغاله بنفسه، وهو لا يناقض قوله: {وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ} لأنه عند النفخة وذلك بعد المحاسبة، أو دخول أهل الجنة الجنة والنار النار.
{فَمَن ثَقُلَتْ موازينه} موزونات عقائده وأعماله، أي فمن كانت له عقائد وأعمال صالحة يكون لها وزن عند الله تعالى وقدر. {فأولئك هُمُ المفلحون} الفائزون بالنجاة والدرجات.
{وَمَنْ خَفَّتْ موازينه} ومن لم يكن له ما يكون له وزن، وهم الكفار لقوله تعالى: {فَلاَ نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ القيامة وَزْناً}. {فأولئك الذين خَسِرُواْ أَنفُسَهُم} غبنوها حيث ضيعوا زمان استكمالها وأبطلوا استعدادها لنيل كمالها. {فِي جَهَنَّمَ خالدون} بدل من الصلة أو خبر ثان {لأولئك}.
{تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النار} تحرقها واللفح كالنفح إلا أنه أشد تأثيراً. {وَهُمْ فِيهَا كالحون} من شدة الاحتراق والكلوح تقلص الشفتين عن الأسنان، وقرئ: {كلحون}.
{أَلَمْ تَكُنْ ءاياتي تتلى عَلَيْكُمْ} على إضمار القول أي يقال لهم {أَلَمْ تَكُنْ}. {فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذّبُونَ} تأنيب وتذكير لهم بما استحقوا هذا العذاب لأجله.
{قَالُواْ رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا} ملكتنا بحيث صارت أحوالنا مؤدية إلى سوء العاقبة، وقرأ حمزة والكسائي {شقاوتنا} بالفتح كالسعادة وقرئ بالكسر كالكتابة. {وَكُنَّا قَوْماً ضَالّينَ} عن الحق.
{رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا} من النار. {فَإِنْ عُدْنَا} إلى التكذيب. {فَإِنَّا ظالمون} لأنفسنا.
{قَالَ اخْسَئُواْ فِيهَا} اسكتوا سكوت هوان في النار فإنها ليست مقام سؤال من خسأت الكلب إذا زجرته فخسأ. {وَلاَ تُكَلِّمُونِ} في رفع العذاب أو لا تكلمون رأساً.
قيل إن أهل النار يقولون ألف سنة: {رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا} فيجابون {حَقَّ القول مِنْي} فيقولون ألفاً {رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثنتين} فيجابون {ذَلِكُم بِأَنَّهُ إِذَا دُعِىَ الله وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ} فيقولون ألفاً {يامالك لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ} فيجابون {إِنَّكُمْ ماكثون} فيقولون ألفاً {رَبَّنَا أَخّرْنَا إلى أَجَلٍ قَرِيبٍ} فيجابون {أو لم تكونوا أقسمتم من قبل} فيقولون ألفاً {رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صالحا} فيجابون {أَوَ لَمْ نُعَمّرْكُمْ} فيقولون ألفاً {رَبّ ارجعون} فيجابون {اخسَئُواْ فِيهَا} ثم لا يكون لهم فيها إلا زفير وشهيق وعواء.
{إِنَّهُ} إن الشأن وقرئ بالفتح أي لأنه. {كَانَ فَرِيقٌ مّنْ عِبَادِي} يعني المؤمنين، وقيل الصحابة وقيل أهل الصفة. {يَقُولُونَ رَبَّنَا ءَامَنَّا فاغفر لَنَا وارحمنا وَأَنتَ خَيْرُ الرحمين}.
{فاتخذتموهم سِخْرِيّاً} هزواً وقرأ نافع وحمزة والكسائي هنا وفي (ص) بالضم، وهما مصدر سخر زيدت فيهما ياء النسب للمبالغة، وعند الكوفيين المكسور بمعنى الهزء والمضموم من السخرة بمعنى الانقياد والعبودية. {حتى أَنسَوْكُمْ ذِكْرِي} من فرط تشاغلكم بالاستهزاء بهم فلم تخافوني في أوليائي. {وَكُنْتُمْ مِّنْهُمْ تَضْحَكُونَ} استهزاء بهم.

.تفسير الآية رقم (111):

{إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ (111)}
{إِنِّي جَزَيْتُهُمُ اليوم بِمَا صَبَرُواْ} على أذاكم. {أَنَّهُمْ هُمُ الفائزون} فوزهم بمجامع مراداتهم مخصوصين به، وهو ثاني مفعولي {جَزَيْتُهُمُ}. وقرأ حمزة والكسائي بالكسر استئنافاً.

.تفسير الآية رقم (112):

{قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ (112)}
{قَالَ} أي الله أو الملك المأمور بسؤالهم، وقرأ ابن كثير وحمزة والكسائي على الأمر للملك أو لبعض رؤساء أهل النار. {كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الأرض} أحياء أو أمواتاً في القبور. {عَدَدَ سِنِينَ} تمييز لكم.

.تفسير الآية رقم (113):

{قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ (113)}
{قَالُواْ لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ} استقصاراً لمدة لبثهم فيها بالنسبة إلى خلودهم في النار، أو لأنها كانت أيام سرورهم وأيام السرور قصار، أو لأنها منقضية والمنقضي في حكم المعدوم. {فَاسْأَلِ العآدين} الذين يتمكنون من عد أيامها إن أردت تحقيقها فإنا لما نحن فيه من العذاب مشغولون عن تذكرها وإحصائها، أو الملائكة الذين يعدون أعمار الناس ويحصون أعمالهم. وقرئ: {العادين} بالتخفيف أي الظلمة فإنهم يقولون ما نقول، و{العاديين} أي القدماء المعمرين فإنهم أيضاً يستقصرون.

.تفسير الآية رقم (114):

{قَالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (114)}
{قَالَ} وفي قراءة حمزة والكسائي {قل}. {إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً لَّوْ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} تصديق لهم في مقالهم.

.تفسير الآية رقم (115):

{أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ (115)}
{أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خلقناكم عَبَثاً} توبيخ على تغافلهم، و{عَبَثاً} حال بمعنى عابثين أو مفعول له أي: لم نخلقكم تلهياً بكم وإنما خلقناكم لنتعبدكم ونجازيكم على أعمالكم وهو كالدليل على البعث. {وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ} معطوف على {أَنَّمَا خلقناكم} أو {عَبَثاً}، وقرأ حمزة والكسائي ويعقوب بفتح التاء وكسر الجيم.

.تفسير الآية رقم (116):

{فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ (116)}
{فتعالى الله الملك الحق} الذي يحق له الملك مطلقاً فإن من عداه مملوك بالذات مالك بالعرض من وجه دون وجه وفي حال دون حال. {لاَ إله إِلاَّ هُوَ} فإن ما عداه عبيد له. {رَبُّ العرش الكريم} الذي يحيط بالأجرام وينزل منه محكمات الأقضية والأحكام، ولذلك وصفه بالكرم أو لنسبته إلى أكرم الأكرمين. وقرئ بالرفع على أنه صفة الرب.

.تفسير الآية رقم (117):

{وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ (117)}
{وَمَن يَدْعُ مَعَ الله إلها ءَاخَرَ} يعبده إفراداً أو إشراكاً. {لاَ بُرْهَانَ لَهُ بِهِ} صفة أخرى لإلها لازمة له فإن الباطل لا برهان به، جيء بها للتأكيد وبناء الحكم عليه تنبيهاً على أن التدين بما لا دليل عليه ممنوع فضلاً عما دل الدليل على خلافه، أو اعتراض بين الشرط والجزاء لذلك: {فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ} فهو مجاز له مقدار ما يستحقه. {إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الكافرون} إن الشأن وقرئ بالفتح على التعليل أو الخبر أي حسابه عدم الفلاح. بدأ السورة بتقرير فلاح المؤمنين وختمها بنفي الفلاح عن الكافرين، ثم أمر رسوله بأن يستغفره ويسترحمه فقال:

.تفسير الآية رقم (118):

{وَقُلْ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ (118)}
{وَقُل رَّبِّ اغفر وارحم وَأنتَ خَيْرُ الرحمين}. عن النبي صلى الله عليه وسلم: «من قرأ سورة المؤمنين بشرته الملائكة بالروح والريحان وما تقر به عينه عند نزول ملك الموت» وعنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «لقد أنزلت عليّ عشر آيات من أقامهن دخل الجنة، ثم قرأ {قَدْ أَفْلَحَ المؤمنون} حتى ختم العشر» وروي: «أن أولها وآخرها من كنوز الجنة، من عمل بثلاث آيات من أولها واتعظ بأربع من آخرها فقد نجا وأفلح».

.سورة النور:

مدنية وهي أربع وستون آية.

.تفسير الآية رقم (1):

{سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنْزَلْنَا فِيهَا آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (1)}
{سُورَةٌ} أي هذه سورة أو فيما أوحينا إليك سورة. {أنزلناها} صفتها ومن نصبها جعله مفسراً لناصبها فلا يكون له محل إلا إذا قدر اتل أو دونك نحوه {وفرضناها} وفرضنا ما فيها من الأحكام، وشدده ابن كثير وأبو عمرو لكثرة فرائضها أو المفروض عليهم، أو للمبالغة في إيجابها. {وَأَنزَلْنَا فِيهَآ ءَايَاتٍ بَيِّنَاتٍ} واضحات الدلالة {لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} فتتقون المحارم وقرئ بتخفيف الذال.

.تفسير الآية رقم (2):

{الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (2)}
{الزانية والزاني} أو فيما فرضنا أو أنزلنا حكمها وهو الجلد، ويجوز أن يرفعا بالإِبتداء والخبر: {فاجلدوا كُلَّ وَاحِدٍ مّنْهُمَا مِاْئَةَ جَلْدَةٍ} والفاء لتضمنها معنى الشرط إذ اللام بمعنى الذي، وقرئ بالنصب على إضمار فعل يفسره الظاهر وهو أحسن من نصب سورة لأجل الأمر والزان بلا ياء، وإنما قدم {الزانية} لأن الزنا في الأغلب يكون بتعرضها للرجل وعرض نفسها عليه ولأن مفسدته تتحقق بالإِضافة إليها، والجلد ضرب الجلد وهو حكم يخص بمن ليس بمحصن لما دل على أن حد المحصن هو الرجم، وزاد الشافعي عليه تغريب الحر سنة لقوله عليه الصلاة والسلام: «البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام» وليس في الآية ما يدفعه لينسخ أحدهما الآخر نسخاً مقبولاً أو مردوداً، وله في العبد ثلاثة أقوال. والإِحصان: بالحرية والبلوغ والعقل والإِصابة في نكاح صحيح، واعتبرت الحنفية الإِسلام أيضاً وهو مردود برجمه عليه الصلاة والسلام يهوديين، ولا يعارضه: «من أشرك بالله فليس بمحصن» إذ المراد بالمحصن الذي يقتص له من المسلم. {وَلاَ تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ} رحمة. {فِي دِينِ الله} في طاعته وإقامة حده فتعطلوه أن تسامحوا فيه، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام: «لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطعت يدها» وقرأ ابن كثير بفتح الهمزة وقرئت بالمد على فعالة. {إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بالله واليوم الأخر} فإن الإِيمان يقتضي الجد في طاعة الله تعالى والاجتهاد في إقامة حدوده وأحكامه، وهو من باب التهييج. {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مّنَ المؤمنين} زيادة في التنكيل فإن التفضيح قد ينكل أكثر مما ينكل التعذيب، وال {طَائِفَةٌ} فرقة يمكن أن تكون حافة حول شيء من الطوف وأقلها ثلاثة وقيل واحداً واثنان، والمراد جمع يحصل به التشهير.