فصل: تفسير الآية رقم (69):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: أنوار التنزيل وأسرار التأويل المشهور بـ «تفسير البيضاوي»



.تفسير الآية رقم (66):

{قَدْ كَانَتْ آَيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ تَنْكِصُونَ (66)}
{قَدْ كَانَتْ ءَايَتِي تتلى عَلَيْكُمْ} يعني القرآن. {فَكُنتُمْ على أعقابكم تَنكِصُونَ} تعرضون مدبرين عن سماعها وتصديقها والعمل بها، والنكوص الرجوع قهقرى.

.تفسير الآية رقم (67):

{مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِرًا تَهْجُرُونَ (67)}
{مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ} الضمير للبيت وشهوة استكبارهم وافتخارهم بأنه قوامه أغنت عن سبق ذكره، أو لآياتي فإنها بمعنى كتابي والباء متعلقة ب {مُسْتَكْبِرِينَ} لأنه بمعنى مكذبين، أو لأن استكبارهم على المسلمين حدث بسبب استماعه أو بقوله: {سامرا} أي تسمرون بذكر القرآن والطعن فيه، وهو في الأصل مصدر جاء على لفظ الفاعل كالعاقبة، وقرئ: {سمراً} جمع سامر {تَهْجُرُونَ} من الهجر بالفتح إما بمعنى القطيعة أو الهذيان، أي تعرضون عن القرآن أو تهذون في شأنه أو الهجر بالضم أي الفحش، ويؤيد الثاني قراءة نافع {تَهْجُرُونَ} من أهجر وقرئ: {تَهْجُرُونَ} على المبالغة.

.تفسير الآية رقم (68):

{أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آَبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ (68)}
{أَفَلَمْ يَدَّبَّرُواْ القول} أي القرآن ليعلموا أنه الحق من ربهم بإعجاز لفظه ووضوح مدلوله. {أَمْ جَآءَهُم مَّا لَمْ يَأْتِ ءَابَاءَهُمُ الأولين} من الرسول والكتاب، أو من الأمن من عذاب الله تعالى فلم يخافوا كما خاف آباؤهم الأقدمون كإسماعيل وأعقابه فآمنوا به وبكتابه ورسله وأطاعوه.

.تفسير الآية رقم (69):

{أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ (69)}
{أَمْ لَمْ يَعْرِفُواْ رَسُولَهُمْ} بالأمانة والصدق وحسن الخلق وكمال العلم مع عدم التعلم إلى غير ذلك مما هو صفة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام. {فَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ} دعواه لأحد هذه الوجوه إذ لا وجه له غيرها، فإن إنكار الشيء قطعاً أو ظناً إنما يتجه إذا ظهر امتناعه بحسب النوع أو الشخص أو بحث عما يدل عليه أقصى ما يمكن فلم يوجد.

.تفسير الآيات (70- 77):

{أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ (70) وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ (71) أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجًا فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (72) وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (73) وَإِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ (74) وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ لَلَجُّوا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (75) وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ (76) حَتَّى إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ إِذَا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ (77)}
{أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ} فلا يبالون بقوله وكانوا يعلمون أنه صلى الله عليه وسلم أرجحهم عقلاً وأدقهم نظراً. {بَلْ جَاءهُمْ بالحق وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كارهون} لأنه يخالف شهواتهم وأهواءهم فلذلك أنكروه، وإنما قيد الحكم بالأكثر لأنه كان منهم من ترك الإِيمان استنكافاً من توبيخ قومه أو لقلة فطنته وعدم فكرته لا كراهة للحق.
{وَلَوِ اتبع الحق أَهْوَاءَهُمْ} بأن كان في الواقع آلهة شتى. {لَفَسَدَتِ السموات والأرض وَمَن فِيهِنَّ} كما سبق تقريره في قوله تعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا ءَالِهَةٌ إِلاَّ الله لَفَسَدَتَا} وقيل لو اتبع الحق أهواءهم وانقلب باطلاً لذهب ما قام به العالم فلم يبق، أو لو اتبع الحق الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم أهواءهم وانقلب شركاً لجاء الله بالقيامة وأهلك العالم من فرط غضبه، أو لو اتبع الله أهواءهم بأن أنزل ما يشتهونه من الشرك والمعاصي لخرج عن الألوهية ولم يقدر أن يمسك السموات والأرض وهو على أصل المعتزلة. {بَلْ أتيناهم بِذِكْرِهِمْ} بالكتاب الذي هو ذكرهم أي وعظهم أو صيتهم، أو الذكر الذي تمنوه بقولهم {لَوْ أَنَّ عِندَنَا ذِكْراً مّنَ الأولين} وقرئ: {بذكراهم}. {فَهُمْ عَن ذِكْرِهِمْ مُّعْرِضُونَ} لا يلتفتون إليه.
{أَمْ تَسْئَلُهُمْ} قيل إنه قسيم قوله: {أَم بِهِ جِنَّةٌ}. {خَرْجاً} أجراً على أداء الرسالة. {فَخَرَاجُ رَبّكَ} رزقه في الدنيا أو ثوابه في العقبى. {خَيْرٌ} لسعته ودوامه ففيه مندوحة لك عن عطائهم والخرج بإزاء الدخل يقال لكل ما تخرجه إلى غيرك، والخراج غالب في الضريبة على الأرض ففيه إشعار بالكثرة واللزوم فيكون أبلغ ولذلك عبر به عن عطاء الله إياه، وقرأ ابن عامر {خرجا فخرج} وحمزة والكسائي {خراجاً فخراج} للمزاوجة. {وَهُوَ خَيْرُ الرزقين} تقرير لخيرية خراجه تعالى.
{وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إلى صراط مُّسْتَقِيمٍ} تشهد العقول السليمة على استقامته لا عوج فيه يوجب اتهامهم له، واعلم أنه سبحانه ألزمهم الحجة وأزاح العلة في هذه الآيات بأن حصر أقسام ما يؤدي إلى الإِنكار والاتهام وبين انتفاءها ما عدا كراهة الحق وقلة الفطنة.
{وَإِنَّ الذين لاَ يُؤْمِنُونَ بالأخرة عَنِ الصراط} عن الصراط السوي. {لناكبون} لعادلون عنه فإن خوف الآخرة أقوى البواعث على طلب الحق وسلوك طريقه.
{وَلَوْ رحمناهم وَكَشَفْنَا مَا بِهِمْ مّن ضُرٍّ} يعني القحط. {لَّلَجُّواْ} لثبتوا واللجاج التمادي في الشيء. {فِي طغيانهم} إفراطهم في الكفر والاستكبار عن الحق وعداوة الرسول والمؤمنين. {يَعْمَهُونَ} عن الهدى، روي أنهم قحطوا حتى أكلوا العلهز فجاء أبو سفيان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أنشدك الله والرحم ألست تزعم أنك بعثت رحمة للعالمين قال: بلى فقال: قتلت الآباء بالسيف والأبناء بالجوع فنزلت.
{وَلَقَدْ أخذناهم بالعذاب} يعني القتل يوم بدر. {فَمَا استكانوا لِرَبّهِمْ} بل أقاموا على عتوهم واستكبارهم، واستكان استفعل من الكون لأن المفتقر انتقل من كون إلى كون أو افتعل من السكون أشبعت فتحته. {وَمَا يَتَضَرَّعُونَ} وليس من عادتهم التضرع وهو استشهاد على ما قبله.
{حتى إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَاباً ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ} يعني الجوع فإنه أشد من القتل والأسر. {إِذَا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ} متحيرون آيسون من كل خير حتى جاءك أعتاهم يستعطفك.

.تفسير الآية رقم (78):

{وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ (78)}
{وَهُوَ الذي أَنْشَأَ لَكُمُ السمع والأبصار} لتحسوا بها ما نصب من الآيات. {والأفئدة} لتتفكروا فيها وتستدلوا بها إلى غير ذلك من المنافع الدينية والدنيوية. {قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ} تشكرونها شكراً قليلاً لأن العمدة في شكرها استعمالها فيما خلقت لأجله، والإذعان لمانحها من غير إشراك و{مَا} صلة للتأكيد.

.تفسير الآية رقم (79):

{وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (79)}
{وَهُوَ الذي ذَرَأَكُمْ فِي الأرض} خلقكم وبثكم فيها بالتناسل. {وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} تجمعون يوم القيامة بعد تفرقكم.

.تفسير الآية رقم (80):

{وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلَافُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (80)}
{وَهُوَ الذي يُحيِ وَيُمِيتُ وَلَهُ اختلاف اليل والنهار} ويختص به تعاقبهما لا يقدر على غيره فيكون رداً لنسبته إلى الشمس حقيقة أو لأمره وقضائه تعاقبهما، أو انتقاص أحدهما وازدياد الآخر. {أَفَلاَ تَعْقِلُونَ} بالنظر والتأمل أن الكل منا وأن قدرتنا تعم الممكنات كلها وأن البعث من جملتها، وقرئ بالياء على أن الخطاب السابق لتغليب المؤمنين.

.تفسير الآيات (81- 91):

{بَلْ قَالُوا مِثْلَ مَا قَالَ الْأَوَّلُونَ (81) قَالُوا أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (82) لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآَبَاؤُنَا هَذَا مِنْ قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (83) قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (84) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (85) قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (86) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (87) قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (88) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ (89) بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِالْحَقِّ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (90) مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (91)}
{بَلْ قَالُواْ} أي كفار مكة. {مِثْلَ مَا قَالَ الأولون} آباؤهم ومن دان بدينهم.
{قَالُواْ أَءِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وعظاما أَءِنَّا لَمَبْعُوثُونَ} استبعاداً ولم يتأملوا أنهم كانوا قبل ذلك أيضاً تراباً فخلقوا.
{لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَءَابَاؤُنَا هذا مِن قَبْلُ إِنْ هذا إِلاَّ أساطير الأولين} إلا أكاذيبهم التي كتبوها، جمع أسطورة لأنه يستعمل فيما يتلى به كالأعاجيب والأضاحيك. وقيل جمع أسطار جمع سطر.
{قُل لّمَنِ الأرض وَمَن فِيهَا إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} إن كنتم من أهل العلم أو من العالمين بذلك، فيكون استهانة بهم وتقريراً لفرط جهالتهم حتى جهلوا مثل هذا الجلي الواضح إلزاماً بما لا يمكن لمن له مسكة من العلم إنكاره، ولذلك أخبر عن جوابهم قبل أن يجيبوا فقال.
{سَيَقُولُونَ لِلَّهِ} لأن العقل الصريح قد اضطرهم بأدنى نظر إلى الإِقرار بأنه خالقها. {قُلْ} أي بعد ما قالوه. {أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ} فتعلمون أن من فطر الأرض ومن فيها ابتداء قادر على إيجادها ثانياً، فإن بدء الخلق ليس أهون من إعادته. وقرئ: {تتذكرون} على الأصل.
{قُلْ مَن رَّبُّ السموات السبع وَرَبُّ العرش العظيم} فإنها أعظم من ذلك. {سَيَقُولُونَ لِلَّهِ} قرأ أبو عمرو ويعقوب بغير لام فيه وفيما بعده على ما يقتضيه لفظ السؤال. {قُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ} عقابه فلا تشركوا به بعض مخلوقاته ولا تنكروا قدرته على بعض مقدوراته.
{قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ} ملكه غاية ما يمكن وقيل خزائنه. {وَهُوَ يُجْيِرُ} يغيث من يشاء ويحرسه. {وَلاَ يُجَارُ عَلَيْهِ} ولا يغاث أحد ولا يمنع منه، وتعديته بعلى لتضمين معنى النصرة. {إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ}.
{سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فأنى تُسْحَرُونَ} فمن أين تخدعون فتصرفون عن الرشد مع ظهور الأمر وتظاهر الأدلة.
{بَلْ أتيناهم بالحق} من التوحيد والوعد بالنشور. {وَإِنَّهُمْ لكاذبون} حيث أنكروا ذلك.
{مَا اتخذ الله مِن وَلَدٍ} لتقدسه عن مماثلة أحد. {وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ} يساهمه في الألوهية. {إِذاً لَّذَهَبَ كُلُّ إله بِمَا خَلَقَ وَلَعَلاَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ} جواب محاجتهم وجزاء شرط حذف لدلالة ما قبله عليه، أي لو كان معه آلهة كما تقولون لذهب كل منهم بما خلقه واستبد به وامتاز ملكه عن ملك الآخرين وظهر بينهم التحارب والتغالب كما هو حال ملوك الدنيا، فلم يكن بيده وحده ملكوت كل شيء واللازم باطل بالإِجماع والاستقراء وقيام البرهان على استناد جميع الممكنات إلى واجب واحد. {سبحان الله عَمَّا يَصِفُونَ} من الولد والشريك لما سبق من الدليل على فساده.

.تفسير الآية رقم (92):

{عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (92)}
{عالم الغيب والشهادة} خبر مبتدأ محذوف وقد جره ابن كثير وابن عامر وأبو عمرو ويعقوب وحفص على الصفة، وهو دليل آخر على نفي الشريك بناء على توافقهم في أنه المنفرد بذلك ولهذا رتب عليه. {فتعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ} بالفاء.

.تفسير الآية رقم (93):

{قُلْ رَبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي مَا يُوعَدُونَ (93)}
{قُل رَّبِّ إِمَّا تُرِيَنّي} إن كان لابد من أن تريني لأن ما والنون للتأكيد. {مَا يُوعَدُونَ} من العذاب في الدنيا والآخرة.

.تفسير الآية رقم (94):

{رَبِّ فَلَا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (94)}
{رَبِّ فَلاَ تَجْعَلْنِي فِي القوم الظالمين} قريناً لهم في العذاب، وهو إما لهضم النفس أو لأن شؤم الظلمة قد يحيق بمن وراءهم كقوله تعالى: {واتقوا فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الذين ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَاصَّةً} عن الحسن أنه تعالى أخبر نبيه عليه السلام أنه له في أمته نقمة ولم يطلعه على وقتها فأمره بهذا الدعاء وتكرير النداء، وتصدير كل واحد من الشرط والجزاء به فضل تضرع وجؤار.

.تفسير الآية رقم (95):

{وَإِنَّا عَلَى أَنْ نُرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ لَقَادِرُونَ (95)}
{وَإِنَّا على أَن نُّرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ لقادرون} لكنا نؤخره علمنا بأن بعضهم أو بعض أعقابهم يؤمنون، أو لأنا لا نعذبهم وأنت فيهم، ولعله رد لإِنكارهم الموعود واستعجالهم له استهزاء به. وقيل قد أراه: وهو قتل بدر أو فتح مكة.

.تفسير الآية رقم (96):

{ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ (96)}
{ادفع بالتي هِيَ أَحْسَنُ السيئة} وهو الصفح عنها والإِحسان في مقابلتها لكن بحيث لم يؤد إلى وهن في الدين. وقيل هي كلمة التوحيد والسيئة الشرك. وقيل هو الأمر بالمعروف والسيئة المنكر وهو أبلغ من أدفع بالحسنة السيئة لما فيه من التنصيص على التفضيل. {نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ} بما يصفونك به أو بوصفهم إياك على خلاف حالك وأقدر على جزائهم فوكل إلينا أمرهم.