فصل: تفسير الآية رقم (51):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: أنوار التنزيل وأسرار التأويل المشهور بـ «تفسير البيضاوي»



.تفسير الآية رقم (51):

{وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آَيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (51)}
{والذين سَعَوْاْ في ءاياتنا} بالرد والإِبطال. {معاجزين} مسابقين مشاقين للساعين فيها بالقبول والتحقيق، من عاجزه فأعجزه وعجزه إذا سابقه فسبقه لأن كلا من المتسابقين يطلب إعجاز الآخر عن اللحوق به، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو {معاجزين} على أنه حال مقدرة. {أولئك أصحاب الجحيم} النار الموقدة، وقيل اسم دركة.

.تفسير الآية رقم (52):

{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آَيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (52)}
{وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلاَ نَبِىٍّ} الرسول من بعثه الله بشريعة مجددة يدعو الناس إليها، والنبي يعمه ومن بعثه لتقرير شرع سابق كأنبياء بني إسرائيل الذين كانوا بين موسى وعيسى عليهم السلام، ولذلك شبه النبي صلى الله عليه وسلم علماء أمته بهم، فالنبي أعم من الرسول ويدل عليه أنه عليه الصلاة والسلام سئل عن الأنبياء فقال: «مائة ألف وأربعة وعشرون ألفاً، قيل فكم الرسل منهم قال: ثلاثمائة وثلاثة عشر جماً غفيراً» وقيل الرسول من جمع إلى المعجزة كتاباً منزلاً عليه، والنبي غير الرسول من لا كتاب له. وقيل الرسول من يأتيه الملك بالوحي، والنبي يقال له ولمن يوحى إليه في المنام. {إِلاَّ إِذَا تمنى} زور في نفسه ما يهواه. {أَلْقَى الشيطان في أُمْنِيَّتِهِ} في تشهيه ما يوجب اشتغاله بالدنيا كما قال عليه الصلاة والسلام: «وإنه ليغان على قلبي فأستغفر الله في اليوم سبعين مرة» {فَيَنسَخُ الله مَا يُلْقِى الشيطان} فيبطله ويذهب به بعصمته عن الركون إليه والإِرشاد إلى ما يزيحه. {ثُمَّ يُحْكِمُ الله ءاياته} ثم يثبت آياته الداعية إلى الاستغراق في أمر الآخرة. {والله عَلِيمٌ} بأحوال الناس. {حَكِيمٌ} فيما يفعله بهم، قيل حدث نفسه بزوال المسكنة فنزلت. وقيل تمنى لحرصه على إيمان قومه أن ينزل عليه ما يقربهم إليه واستمر به ذلك حتى كان في ناديهم فنزلت عليه سورة {والنجم} فأخذ يقرؤها فلما بلغ {ومناة الثالثة الأخرى} وسوس إليه الشيطان حتى سبق لسانه سهواً إلى أن قال: تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لترتجى، ففرح به المشركون حتى شايعوه بالسجود لمَّا سجد في آخرها، بحيث لم يبق في المسجد مؤمن ولا مشرك إلا سجد، ثم نبهه جبريل عليه السلام فاغتم لذلك فعزاه الله بهذه الآية. وهو مردود عند المحققين وإن صح فابتلاء يتميز به الثابت على الإِيمان عن المتزلزل فيه، وقيل تمنى قرأ كقوله:
تَمَنَّى كِتَابَ الله أَوَّلَ لَيْلَة ** تَمَنِّيَ دَاوُدُ الزَّبُورَ عَلَى رسلِ

وأمنيته قراءته وإلقاء الشيطان فيها أن تكلم بذلك رافعاً صوته بحيث ظن السامعون أنه من قراءة النبي صلى الله عليه وسلم. وقد رد أيضاً بأنه يخل بالوثوق على القرآن ولا يندفع بقوله: {فَيَنسَخُ الله مَا يُلْقِى الشيطان ثُمَّ يُحْكِمُ الله ءاياته} لأنه أيضاً يحتمله، والآية تدل على جواز السهو على الأنبياء وتطرق الوسوسة إليهم.

.تفسير الآية رقم (53):

{لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (53)}
{لّيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشيطان} علة لتمكين الشيطان منه، وذلك يدل على أن الملقى أمر ظاهر عرفه المحق والمبطل. {فِتْنَةً لّلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ} شك ونفاق. {والقاسية قُلُوبُهُمْ} المشركين. {وَإِنَّ الظالمين} يعني الفريقين فوضع الظاهر موضع ضميرهم قضاء عليهم بالظلم. {لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ} عن الحق أو عن الرسول والمؤمنين.

.تفسير الآية رقم (54):

{وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آَمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (54)}
{وَلِيَعْلَمَ الذين أُوتُواْ العلم أَنَّهُ الحق مِن رَّبّكَ} أن القرآن هو الحق النازل من عند الله، أو تمكين الشيطان من الإِلقاء هو الحق الصادر من الله لأنه مما جرت به عادته في الإِنس من لدن آدم. {فَيُؤْمِنُواْ بِهِ} بالقرآن أو بالله. {فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ} بالإِنقياد والخشية. {إِنَّ اللهَ لَهَادِي الَّذِينَ ءَامَنُواْ} فيما أشكل. {إلى صراط مُّسْتَقِيمٍ} هو نظر صحيح يوصلهم إلى ما هو الحق فيه.

.تفسير الآية رقم (55):

{وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ (55)}
{وَلاَ يَزَالُ الذين كَفَرُواْ فِي مِرْيَةٍ} في شك. {مِنْهُ} من القرآن أو الرسول، أو مما ألقى الشيطان في أمنيته يقولون ما باله ذكرها بخير ثم ارتد عنها. {حتى تَأْتِيَهُمُ الساعة} القيامة أو أشراطها أو الموت. {بَغْتَةً} فجأة. {أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ} يوم حرب يقتلون فيه كيوم بدر، سمي به لأن أولاد النساء يقتلون فيه فيصرن كالعقم، أو لأن المقاتلين أبناء الحرب فإذا قتلوا صارت عقيماً، فوصف اليوم بوصفها اتساعاً أو لأنه لا خير لهم فيه، ومنه الريح العقيم لما لم تنشئ مطراً ولم تلقح شجراً، أو لأنه لا مثل له لقتال الملائكة فيه، أو يوم القيامة على أن المراد ب {الساعة} غيره أو على وضعه، موضع ضميرها للتهويل.

.تفسير الآية رقم (56):

{الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (56)}
{الملك يَوْمَئِذٍ للَّهِ} التنوين فيه ينوب عن الجملة التي دلت عليها الغاية أي: يوم تزول مريتهم. {يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ} بالمجازاة، والضمير يعم المؤمنين والكافرين لتفصيله بقوله: {فالذين ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات فِي جنات النعيم}.

.تفسير الآية رقم (57):

{وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا فَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (57)}
{والذين كَفَرُواْ بئاياتنا فَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ} وإدخال الفاء في خبر الثاني دون الأول تنبيه على أن إثابة المؤمنين بالجنات تفضل من الله تعالى، وأن عقاب الكافرين مسبب عن أعمالهم فلذلك قال: {لَهُمْ عَذَابَ} ولم يقل: هم في عذاب.

.تفسير الآية رقم (58):

{وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقًا حَسَنًا وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (58)}
{والذين هَاجَرُواْ في سَبِيلِ الله ثُمَّ قُتِلُواْ} في الجهاد. {أَوْ مَاتُواْ لَيَرْزُقَنَّهُمُ الله رِزْقاً حَسَناً} الجنة ونعيمها، وإنما سوى بين من قتل في الجهاد ومن مات حتف أنفه في الوعد لاستوائهما في القصد وأصل العمل. روي أن بعض الصحابة رضي الله تعالى عنهم قالوا: يا نبي الله هؤلاء الذين قتلوا قد علمنا ما أعطاهم الله تعالى من الخير ونحن نجاهد معك كما جاهدوا فما لنا إن متنا فنزلت. {وَإِنَّ الله لَهُوَ خَيْرُ الرازقين} فإنه يرزق بغير حساب.

.تفسير الآية رقم (59):

{لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلًا يَرْضَوْنَهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ (59)}
{لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُّدْخَلاً يَرْضَوْنَهُ} هو الجنة فيها ما يحبونه. {وَإِنَّ الله لَعَلِيمٌ} بأحوالهم وأحوال معادهم. {حَلِيمٌ} لا يعاجل في العقوبة.

.تفسير الآية رقم (60):

{ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (60)}
{ذلك} أي الأمر ذلك. {وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ} ولم يزد في الاقتصاص، وإنما سمي الإِبتداء بالعقاب الذي هو الجزاء للازدواج أو لأنه سببه. {ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ} بالمعاودة إلى العقوبة. {لَيَنصُرَنَّهُ الله} لا محالة. {إِنَّ الله لَعَفُوٌّ غَفُورٌ} للمنتصر حيث اتبع هواه في الانتقام وأعرض عما ندب الله إليه بقوله ولَمن صبر وغفران ذلك لَمِنْ عزمِ الأُمُورِ وفيه تعريض بالحث على العفو والمغفرة، فإنه تعالى مع كمال قدرته وتعالى شأنه لما كان يعفو ويغفر فغيره بذلك أولى، وتنبيه على أنه تعالى قادر على العقوبة إذ لا يوصف بالعفو إلا القادر على ضده.

.تفسير الآية رقم (61):

{ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (61)}
{ذلك} أي ذلك النصر. {ذلك بِأَنَّ الله يُولِجُ اليل فِي النهار وَيُولِجُ النهار فِي الَّيْلِ} بسبب أن الله تعالى قادر على تغليب الأمور بعضها على بعض، جار عادته على المداولة بين الأشياء المتعاندة ومن ذلك إيلاج أحد المَلَوَيْنِ في الآخر، بأن يزيد فيه ما ينقص منه، أو بتحصيل ظلمة الليل في مكان ضوء النهار بتغييب الشمس وعكس ذلك باطلاعها. {وَأَنَّ الله سَمِيعٌ} يسمع قول المعاقب والمعاقب. {بَصِيرٌ} يرى أفعالهما فلا يهملهما.

.تفسير الآية رقم (62):

{ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (62)}
{ذلك} الوصف بكمال القدرة والعلم. {بِأَنَّ الله هُوَ الحق} الثابت في نفسه الواجب لذاته وحده، فإن وجوب وجوده ووحدته يقتضيان أن يكون مبدأ لكل ما يوجد سواه عالماً بذاته وبما عداه، أو الثابت الإِلهية ولا يصلح لها إلا من كان قادراً عالماً. {وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ} إلهاً، وقرأ ابن كثير ونافع وابن عامر وأبو بكر بالتاء على مخاطبة المشركين، وقرأ بالبناء للمفعول فتكون الواو لما فإنه في معنى الآلهة. {هُوَ الباطل} المعدوم في حد ذاته، أو باطل الألوهية. {وَأَنَّ الله هُوَ العلي} على الأشياء. {الكبير} على أن يكون له شريك لا شيء أعلى منه شأناً وأكبر منه سلطاناً.

.تفسير الآية رقم (63):

{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ (63)}
{أَلَمْ تَرَ أَنَّ الله أَنزَلَ مِنَ السماء مَاءً} استفهام تقرير ولذلك رفع. {فَتُصْبِحُ الأرض مُخْضَرَّةً} عطف على {أَنَزلَ} إذ لو نصب جواباً لدل على نفي الاخضرار كما في قولك: ألم تر أني جئتك فتكرمني، والمقصود إثباته وإنما عدل به عن صيغة الماضي للدلالة على بقاء أثر المطر زماناً بعد زمان. {إِنَّ الله لَطِيفٌ} يصل علمه أو لطفه إلى كل ما جل ودق. {خَبِيرٌ} بالتدابير الظاهرة والباطنة.

.تفسير الآية رقم (64):

{لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (64)}
{لَّهُ مَا فِي السموات وَمَا فِي الأرض} خلقاً وملكاً. {وَإِنَّ الله لَهُوَ الغني} في ذاته عن كل شيء. {الحميد} المستوجب للحمد بصفاته وأفعاله.

.تفسير الآية رقم (65):

{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (65)}
{أَلَمْ تَرَ أَنَّ الله سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي الأرض} جعلها مذللة لكم معدة لمنافعكم. {والفلك} عطف على {مَا} أو على اسم {أَنَّ}، وقرئ بالرفع على الابتداء. {تَجْرِى في البحر بِأَمْرِهِ} حال منها أو خبر. {وَيُمْسِكُ السماء أَن تَقَعَ عَلَى الأرض} من أن تقع أو كراهة بأن خلقها على صورة متداعية إلى الاستمساك. {إِلاَّ بِإِذْنِهِ} إلا بمشيئته وذلك يوم القيامة، وفيه رد لاستمساكها بذاتها فإنها مساوية لسائر الأجسام في الجسمية فتكون قابلة للميل الهابط قبول غيرها. {إِنَّ الله بالناس لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ} حيث هيأ لهم أسباب الاستدلال وفتح عليهم أبواب المنافع ودفع عنهم أنواع المضار.

.تفسير الآية رقم (66):

{وَهُوَ الَّذِي أَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَكَفُورٌ (66)}
{وَهُوَ الذي أَحْيَاكُمْ} بعد أن كنتم جماداً عناصر ونطفاً. {ثُمَّ يُمِيتُكُمْ} إذا جاء أجلكم. {ثُمَّ يُحْيِيكُمْ} في الآخرة. {إِنَّ الإنسان لَكَفُورٌ} لجحود لنعم الله مع ظهورها.

.تفسير الآية رقم (67):

{لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ فَلَا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُسْتَقِيمٍ (67)}
{لِكُلّ أُمَّةٍ} أهل دين. {جَعَلْنَا مَنسَكًا} متعبداً أو شريعة تعبدوا بها، وقيل عيدا. {هُمْ نَاسِكُوهُ} ينسكونه. {فَلاَ ينازعنك} سائر أرباب الملل. {فِي الأمر} في أمر الدين أو النسائك لأنهم بين جهال وأهل عناد، أو لأن أمر دينك أظهر من أن يقبل النزاع، وقيل المراد نهي الرسول صلى الله عليه وسلم عن الالتفات إلى قولهم وتمكينهم من المناظرة المؤدية إلى نزاعهم، فإنها إنما تنفع طالب الحق وهؤلاء أهل مراء، أو عن منازعتهم كقولك: لا يضار بك زيد، وهذا إنما يجوز في أفعال المبالغة للتلازم، وقيل نزلت في كفار خزاعة قالوا للمسلمين: ما لكم تأكلون ما قتلتم ولا تأكلون ما قتله الله، وقرئ: {فَلاَ ينزعنك} على تهييج الرسول والمبالغة في تثبيته على دينه على أنه من نازعته فنزعته إذا غلبته. {وادع إلى رَبّكَ} إلى توحيده وعبادته. {إِنَّكَ لعلى هُدًى مُّسْتَقِيمٍ} طريق إلى الحق سوي.