فصل: تفسير الآية رقم (17):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: أنوار التنزيل وأسرار التأويل المشهور بـ «تفسير البيضاوي»



.تفسير الآية رقم (17):

{وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ (17)}
{وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ} سموات لأنها طورق بعضها فوق بعض مطارقة النعل بالنعل وكل ما فوقه مثله فهو طريقه، أو لأنها طرق الملائكة أو الكواكب فيها مسيرها. {وَمَا كُنَّا عَنِ الخلق} عن ذلك المخلوق الذي هو السموات أو عن جميع المخلوقات. {غافلين} مهملين أمرها بل نحفظها عن الزوال والاختلال وندبر أمرها حتى تبلغ منتهى ما قدر لها من الكمال حسبما اقتضته الحكمة وتعلقت به المشيئة.

.تفسير الآية رقم (18):

{وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ (18)}
{وَأَنزَلْنَا مِنَ السماء مَاء بِقَدَرٍ} بتقدير يكثر نفعه ويقل ضرره، أو بمقدار ما علمنا من صلاحهم. {فَأَسْكَنَّاهُ} فجعلناه ثابتاً مستقراً. {فِي الأرض وَإِنَّا على ذَهَابٍ بِهِ} على إزالته بالإِفساد أو التصعيد أو التعميق بحيث يتعذر استنباطه. {لقادرون} كما كنا قادرين على إنزاله، وفي تنكير {ذَهَابٍ} إيماء إلى كثرة طرقه ومبالغة في الإِيعاد به ولذلك جعل أبلغ من قوله تعالى: {قُلْ أَرَءيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْراً فَمَن يَأْتِيكُمْ بِمَاء مَّعِينٍ}

.تفسير الآية رقم (19):

{فَأَنْشَأْنَا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ لَكُمْ فِيهَا فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (19)}
{فَأَنشَأْنَا لَكُمْ بِهِ} بالماء. {جنات مّن نَّخِيلٍ وأعناب لَّكُمْ فِيهَا} في الجنات. {فواكه كَثِيرَةٌ} تتفكهون بها. {وَمِنْهَا} ومن الجنات ثمارها وزروعها. {تَأْكُلُونَ} تغذياً أو ترزقون وتحصلون معايشكم من قولهم: فلان يأكل من حرفته، ويجوز أن يكون الضميران لل {نَّخِيلٍ} وال {أعناب} أي لكم في ثمراتها أنواع من الفواكه الرطب والعنب والتمر والزبيب والعصير والدبس وغير ذلك وطعام تأكلونه.

.تفسير الآية رقم (20):

{وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآَكِلِينَ (20)}
{وَشَجَرَةً} عطف على {جنات} وقرئت بالرفع على الإِبتداء أي: ومما أنشأنا لكم به شجرة. {تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَاء} جبل موسى عليه الصلاة والسلام بين مصر وأيلة، وقيل بفلسطين وقد يقال له طور سينين ولا يخلو من أن يكون الطور للجبل وسيناء اسم بقعة أضيف إليها، أو المركب منهما علم له كامرئ القيس ومنع صرفه للتعريف والعجمة أو التأنيث على تأويل البقعة لا للألف لأنه فيعال كديماس من السناء بالمد وهو الرفعة، أو بالقصر وهو النور أو ملحق بفعلال كعلباء من السين إذ لا فعلاء بألف التأنيث بخلاف {سَيْنَاء} على قراءة الكوفيين والشامي ويعقوب فإنه فيعال ككيسان أو فعلاء كصحراء لا فعلال إذ ليس في كلامهم، وقرئ بالكسر والقصر. {تَنبُتُ بالدهن} أي تنبت ملتبساً بالدهن ومستصحباً له، ويجوز أن تكون الباء صلة معدية ل {تنبتُ} كما في قولك: ذهبت بزيد، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو ويعقوب في رواية {تنبِتُ} وهو إما أن أنبت بمعنى نبت كقول زهير:
رَأَيْتُ ذوي الحَاجَاتِ عِنْدَ بُيُوتِهِم ** قَطِيناً لَهُمْ حَتَّى إذا أَنْبَتَ البَقْلُ

أو على تقدير {تنبتُ} زيتونها ملتسباً بالدهن، وقرئ على البناء للمفعول وهو كالأول وتثمر بالدهن وتخرج بالدهن وتخرج الدهن وتنبت بالدهان. {وَصِبْغٍ لّلآكِلِيِنَ} معطوف على الدهن جار على إعرابه عطف أحد وصفي الشيء على الآخر أي: تنبت بالشيء الجامع بين كونه دهنياً يدهن به ويسرج منه وكونه إداماً يصبغ فيه الخبز أي: يغمس فيه للائتدام، وقرئ: {وصباغ} كدباغ في دبغ.

.تفسير الآية رقم (21):

{وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهَا وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (21)}
{وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأنعام لَعِبْرَةً} تعتبرون بحالها وتستدلون بها. {نُّسْقِيكُمْ مّمَّا فِي بُطُونِهَا} من الألبان أو من العلف، فإن اللبن يتكون منه فمن للتبعيض أو للإِبتداء، وقرأ نافع وابن عامر وأبو بكر ويعقوب {نُّسْقِيكُمْ} بفتح النون. {وَلَكُمْ فيِهَا منافع كَثِيرَةٌ} في ظهورها وأصوافها وشعورها. {وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ} فتنتفعون بأعيانها.

.تفسير الآية رقم (22):

{وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ (22)}
{وَعَلَيْهَا} وعلى الأنعام فإن منها ما يحمل عليه كالإِبل والبقر، وقيل المراد الإِبل لأنها هي المحمول عليها عندهم والمناسب للفلك فإنها سفائن البر قال ذو الرمة:
سَفِينَةُ بَرٍ تَحْتَ خَدّي زِمَامُهَا

فيكون الضمير فيه كالضمير في {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدّهِنَّ} {وَعَلَى الفلك تُحْمَلُونَ} في البر والبحر.

.تفسير الآية رقم (23):

{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ (23)}
{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إلى قَوْمِهِ فَقَالَ ياقوم اعبدوا الله} إلى آخر القصص مسوق لبيان كفران الناس ما عدد عليهم من النعم المتلاحقة وما حاق بهم من زوالها. {مَا لَكُم مّنْ إله غَيْرُهُ} استئناف لتعليل الأمر بالعبادة، وقرأ الكسائي غيره بالجر على اللفظ. {أَفَلاَ تَتَّقُونَ} أفلا تخافون أن يزيل عنكم نعمه فيهلككم ويعذبكم برفضكم عبادته إلى عبادة غيره وكفرانكم نعمه التي لا تحصونها.

.تفسير الآية رقم (24):

{فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَنْزَلَ مَلَائِكَةً مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آَبَائِنَا الْأَوَّلِينَ (24)}
{فَقَالَ الملؤا} الأشراف. {الذين كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ} لعوامهم. {مَا هذا إِلاَّ بَشَرٌ مّثْلُكُمْ يُرِيدُ أَن يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ} أن يطلب الفضل عليكم ويسودكم. {وَلَوْ شَاء الله} أن يرسل رسولاً. {لأَنزَلَ ملائكة} رسلاً. {مَّا سَمِعْنَا بِهَذَا في ءَابَآئِنَا الأَوَّلِينَ} يعنون نوحاً عليه السلام أي ما سمعنا به أنه نبي، أو ما كلمهم به من الحث على عبادة الله سبحانه وتعالى ونفي إله غيره، أو من دعوى النبوة وذلك إما لفرط عنادهم أو لأنهم كانوا في فترة متطاولة.

.تفسير الآية رقم (25):

{إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّى حِينٍ (25)}
{إِنْ هُوَ إِلاَّ رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ} أي جنون ولأجله يقول ذلك {فَتَرَبَّصُواْ بِهِ} فاحتملوه وانتظروا. {حتى حِينٍ} لعله يفيق من جنونه.

.تفسير الآية رقم (26):

{قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ (26)}
{قَالَ} بعدما أيس من إيمانهم. {رَبّ انصرني} بإهلاكهم إو بإنجاز ما وعدتهم من العذاب. {بِمَا كَذَّبُونِ} بدل تكذيبهم إياي أو بسببه.

.تفسير الآيات (27- 36):

{فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا فَإِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ فَاسْلُكْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ (27) فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (28) وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبَارَكًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ (29) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ (30) ثُمَّ أَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آَخَرِينَ (31) فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ (32) وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاءِ الْآَخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ (33) وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَرًا مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ (34) أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ (35) هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ (36)}
{فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصنع الفلك بِأَعْيُنِنَا} بحفظنا نحفظه أن تخطئ فيه أو يفسده عليك مفسد. {وَوَحْيِنَا} وأمرنا وتعليمنا كيف تصنع. {فَإِذَا جَاء أَمْرُنَا} بالركوب أو نزول العذاب. {وَفَارَ التنور}.
روي أنه قيل لنوح إذا فار الماء من التنور اركب أنت ومن معك، فلما نبع الماء منه أخبرته امرأته فركب ومحله في مسجد الكوفة عن يمين الداخل مما يلي باب كندة. وقيل عين وردة من الشام وفيه وجوه أخر ذكرتها في (هود). {فاسلك فِيهَا} فادخل فيها يقال سلك فيه وسلك غيره قال تعالى: {مَا سَلَكَكُمْ في سَقَرَ} {مِن كُلّ زَوْجَيْنِ اثنين} من كل أمتي الذكر والأنثى واحدين مزدوجين، وقرأ حفص {مِن كُلّ} بالتنوين أي من كل نوع زوجين واثنين تأكيد. {وَأَهْلَكَ} وأهل بيتك أو من آمن معك. {إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ القول مِنْهُمْ} أي القول من الله تعالى بإهلاكه لكفره، وإنما جيء بعلى لأن السابق ضار كما جيء باللام حيث كان نافعاً في قوله تعالى: {إِنَّ الذين سَبَقَتْ لَهُمْ مّنَّا الحسنى} {وَلاَ تخاطبني فِي الذين ظَلَمُواْ} بالدعاء لهم بالإنجاء. {إِنَّهُمْ مُّغْرَقُونَ} لا محالة لظلمهم بالإِشراك والمعاصي، ومن هذا شأنه لا يشفع له ولا يشفع فيه كيف وقد أمره بالحمد على النجاة منهم بهلاكهم بقوله: {فَإِذَا استويت أَنتَ وَمَن مَّعَكَ عَلَى الفلك فَقُلِ الحمد للَّهِ الذي نَجَّانَا مِنَ القوم الظالمين} كقوله تعالى: {فَقُطِعَ دَابِرُ القوم الذين ظَلَمُواْ والحمد للَّهِ رَبّ العالمين} {وَقُل رَّبّ أَنزِلْنِي} في السفينة أو في الأرض. {مُنزَلاً مُّبَارَكاً} يتسبب لمزيد الخير في الدارين على قراءة أبي بكر، وقرئ: {مُنزَلاً} بمعنى إنزالاً أو موضع إنزال. {وَأَنتَ خَيْرُ المنزلين} ثناء مطابق لدعائه أمره بأن يشفعه به مبالغة فيه وتوسلاً به إلى الإِجابة، وإنما أفرده بالأمر والمعلق به أن يستوي هو ومن معه إظهاراً لفضله وإشعاراً بأن في دعائه مندوحة عن دعائهم فإنه يحيط بهم.
{إِنَّ فِي ذَلِكَ} فيما فعل بنوح وقومه. {لاَيَاتٍ} يستدل بها ويعتبر أولو الاستبصار والاعتبار. {وَإِن كُنَّا لَمُبْتَلِينَ} لمصيبين قوم نوح ببلاء عظيم، أو ممتحنين عبادنا بهذه الآيات {وَإِنْ} هي المخففة واللام هي الفارقة.
{ثُمَّ أَنشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْناً ءَاخَرِينَ} هم عاد أو ثمود.
{فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولاً مّنْهُمْ} هو هود أو صالح، وإنما جعل القول موضع الإِرسال ليدل على أنه لم يأتهم من مكان غير مكانهم وإنما أوحي إليه وهو بين أظهرهم. {أَنِ اعبدوا الله مَا لَكُمْ مّنْ إله غَيْرُهُ} تفسير لأرسلنا أي قلنا لهم على لسان الرسول اعبدوا الله. {أَفَلاَ تَتَّقُونَ} عذاب الله.
{وَقَالَ الملؤا مِن قَوْمِهِ الذين كَفَرُواْ} لعله ذكر بالواو لأن كلامهم لم يتصل بكلام الرسول صلى الله عليه وسلم بخلاف قول قوم نوح حيث استؤنف به، فعلى تقدير سؤال.
{وَكَذَّبُواْ بِلِقَاء الأخرة} بلقاء ما فيها من الثواب والعقاب، أو بمعادهم إلى الحياة الثانية بالبعث {وأترفناهم} ونعمناهم {فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} بكثرة الأموال والأولاد. {مَا هذا إِلاَّ بَشَرٌ مّثْلُكُمْ} في الصِفة والحالة. {يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ} تقرير للمماثلة و{ما} خبرية والعائد إلى الثاني منصوب محذوف أو مجرور حذف مع الجار لدلالة ما قبله عليه.
{وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَراً مّثْلَكُمْ} فيما يأمركم به. {إِنَّكُمْ إِذاً لخاسرون} حيث أذللتم أنفسكم، و{إِذَا} جزاء للشرط وجواب للذين قَاوَلُوهُمْ من قومه.
{أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتٌّمْ وَكُنتُمْ تُرَاباً وعظاما} مجردة عن اللحوم والأعصاب. {أَنَّكُمْ مُّخْرَجُونَ} من الأجداث أو من العدم تارة أخرى إلى الوجود، و{أَنَّكُمْ} تكرير للأول أكد به لما طال الفصل بينه وبين خبره، أو أنكم لمخرجون مبتدأ خبره الظرف المقدم، أو فاعل للفعل المقدر جواباً للشرط والجملة خبر الأول أي: أنكم إخراجكم إذا متم، أو إنكم إذا متم وقع إخراجكم ويجوز أن يكون خبر الأول محذوفاً لدلالة خبر الثاني عليه لا أن يكون الظرف لأن اسمه جثة. {هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ} بعد التصديق أو الصحة. {لِمَا تُوعَدُونَ} أو بعدما توعدون، واللام للبيان كما في {هَيْتَ لَكَ} كأنهم لما صوتوا بكلمة الاستبعاد قيل: فما له هذا الاستبعاد؟ قالوا: {لِمَا تُوعَدُونَ}. وقيل: {هَيْهَاتَ} بمعنى البعد، وهو مبتدأ خبره {لِمَا تُوعَدُونَ}، وقرئ بالفتح منوناً للتنكير، وبالضم منوناً على أنه جمع هيهة وغير منون تشبيهاً بقبل وبالكسر على الوجهين، وبالسكون على لفظ الوقف وبإبدال التاء هاء.

.تفسير الآية رقم (37):

{إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (37)}
{إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدنيا} أصله إن الحياة {إِلاَّ حَيَاتُنَا الدنيا} فأقيم الضمير مقام الأولى لدلالة الثانية عليها حذراً عن التكرير وإشعاراً بأن تعينها مغن عن التصريح بها كقوله:
هِيَ النَّفْسُ مَا حَمَّلْتهَا تَتَحَمَّلُ

ومعناه لا حياة إلا هذه الحياة لأن {إِن} نافية دخلت على {هِيَ} التي في معنى الحياة الدالة على الجنس فكانت مثل لا التي تنفي ما بعدها نفي الجنس. {نَمُوتُ وَنَحْيَا} يموت بعضنا ويولد بعض. {وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ} بعد الموت.

.تفسير الآية رقم (38):

{إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ (38)}
{إِنْ هُوَ} ما هو. {إِلاَّ رَجُلٌ افترى على الله كَذِباً} فيما يدعيه من إرساله له وفيما يعدنا من البعث. {وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ} بمصدقين.