فصل: تفسير الآيات (1- 2):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم



.سورة التحريم:

.تفسير الآيات (1- 3):

{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (1) قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (2) وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ (3)}
{ياأيها النبى لِمَ تُحَرّمُ مَا أَحَلَّ الله لَكَ} رُوِيَ أن النبيَّ عليهِ الصلاةُ والسلامُ خَلا بماريةَ في يومَ عائشةَ وعلمتْ بذلكَ حفصةُ فقالَ لها اكتُمِي عليَّ فقدْ حرمتُ ماريةَ على نفسِي وأُبشركِ أن أبا بكرٍ وعمرَ يملكانِ بعدِي أمرَ أُمتي فأخبرتْ بهِ عائشةَ وكانَتا متصادقتين، وقيلَ خَلا بها في يومِ حفصةَ فأرضاهَا بذلكَ واستكتَمَها فلم تكتُمْ فطلَّقَها واعتزلَ نساءَهُ فنزلَ جبريلُ عليهِ السلامُ فقالَ راجعْها فإنَّها صوَّامةٌ قوامةٌ وإنها لمنْ نسائِكَ في الجَنَّةِ ورُوِيَ أنَّه عليهِ الصلاةُ والسلامُ شربَ عسلاً في بيتِ زينبَ بنت جحشٍ فتواطأتْ عائشةُ وحفصةُ فقالتَا نشمُّ منكَ ريحَ المغافيرِ وكانَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يكرهُ التفلَ فحرَّم العسلَ فنزلتْ فمعناهُ لمَ تحرمُ ما أحلَّ الله لكَ منْ ملكِ اليمينِ أو منَ العسلِ {تَبْتَغِى مَرْضَاتِ أزواجك} إما تفسيرٌ لتحرِّمُ أو حالٌ من فاعلِه أو استئنافٌ ببيانِ ما دعاهُ إليهِ مُؤْذِنٌ بعدمِ صلاحيتِهِ لذلكَ {والله غَفُورٌ} مبالغٌ في الغفرانِ قد غفرَ لكَ هذهِ الزلةَ {رَّحِيمٌ} قد رحمَكَ ولم يؤاخِذْكَ بهِ وإنما عاتبكَ محاماةً على عصمتِك {قَدْ فَرَضَ الله لَكُمْ تَحِلَّةَ أيمانكم} أي شرعَ لكُم تحليلَهَا وهو حَلُّ ما عقدَهُ بالكفارةِ أو بالاستثناءِ متصلاً حتَّى لا يحنثَ والأولُ هو المرادُ منها {والله مولاكم} سيدكُم ومتولِّي أُمورِكُم {وَهُوَ العليم} بما يُصلحكُم فيشرعُه لكُم {الحكيم} المتقنُ في أفعالِهِ وأحكامِهِ فلا يأمرُكُم ولا ينهاكُمْ إلا حسبما تقتضيهِ الحكمةُ {وَإِذَ أَسَرَّ النبى إلى بَعْضِ أزواجه} وهي حفصةُ {حَدِيثاً} أي حديثَ تحريمِ ماريةَ أو العسلِ أو أمرِ الخلافةِ {فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ} أي أخبرتْ حفصةُ عائشةَ بالحديثِ وأفشته إليهَا وقرئ: {أنبأتْ بهِ} {وَأَظْهَرَهُ الله عَلَيْهِ} أي أطلعَ الله تعالَى النبيَّ عليهِ الصلاةُ والسلامُ على إفشاءِ حفصةَ {عَرَّفَ} أي النبيُّ عليهِ الصلاةُ والسلامُ حفصةَ {بَعْضَهُ} بعضَ الحديثِ الذي أفشَتْهُ. قيلَ هو حديثُ الإمامةِ رُوِيَ أنَّه عليهِ الصلاةُ والسلامُ قالَ لها ألم أقل لكِ اكتَمِي عليَّ قالت: والذي بعثكَ بالحقِّ ما ملكتُ نفسي فرحاً بالكرامةِ التي خصَّ الله تعالَى بهَا أباهَا {وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ} أي عن تعريفِ بعضٍ تكرماً، قيلَ هو حديثُ ماريةَ {فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ} أي أخبرَ النبيُّ عليهِ الصلاةُ والسلامُ حفصةَ بما عرفَهُ من الحديثِ {قَالَتْ مَنْ أَنبَأَكَ هذا} أي إفشاءَهَا للحديثِ {قَالَ نَبَّأَنِىَ العليم الخبير} الذي لا تَخْفَى عليهِ خافيةٌ.

.تفسير الآيات (4- 5):

{إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ (4) عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا (5)}
{إِن تَتُوبَا إِلَى الله} خطابٌ لحفصةَ وعائشةَ على الالتفاتِ للمبالغةِ في العتابِ {فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} الفاءُ للتعليلِ كَما في قولِكَ اعبُدْ ربَّكَ فالعبادةُ حقٌّ أي فقدْ وُجدَ منكُما ما يوجبُ التوبةَ من ميلِ قلوبِكما عمَّا يجبُ عليكُما من مُخالصةِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم وحبِّ ما يحبُه وكراهةِ ما يكرهُهُ وقرئ: {فقدْ زَاغَت} {وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ} بإسقاطِ إحْدَى التاءينِ. وقرئ عَلى الأصلِ، وبتشديدِ الظَّاءِ، و{تَظهرا} أي تتعاونَا عليهِ بما يسوؤه من الإفراطِ في الغيرةِ وإفشاءِ سرِّه {فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مولاه وَجِبْرِيلُ وصالح الْمُؤْمِنِينَ} أي فلَنْ يَعدَمَ مَن يظاهرُهُ فإنَّ الله هُوَ ناصرُهُ وجيريلُ رئيسُ الكُروبيينَ قرينُه ومَن صلحَ منَ المؤمنينَ أتباعُه وأعوانُه قال ابنُ عباسٍ رضيَ الله تعالى عنهُما: أرادَ بصالحِ المؤمنينَ أبا بكرٍ وعمرَ رضيَ الله عنهُما وقد رُويَ ذلكَ مرفوعاً إلى النبيِّ عليهِ الصلاةُ والسلامُ وبهِ قالَ عكرمةُ ومقاتلٌ وهو اللائقُ بتوسيطِه بين جبريلَ والملائكةِ عليهِم السلامُ فإنَّه جمعٌ بينَ الظهيرِ المعنويِّ والظهيرِ الصُّوريِّ، كيفَ لاَ وإنَّ جبريلَ ظهيرٌ لهُ عليهما السلامُ يؤيدهُ بالتأييداتِ الإلهيةِ وهما وزيراهُ وظهيراهُ في تدبيرِ أمورِ الرسالةِ وتمشيةِ أحكامِهَا الظاهرةِ ولأنَّ بيانَ مظاهرتِهِما لهُ عليهِ الصلاةُ والسلامُ أشدُّ تأثيراً في قلوبِ بنتيهمَا وتوهيناً لأمرِهِما فكانَ حقيقاً بالتقديمِ بخلافِ ما إذا أُريدَ بهِ جنسُ الصالحينَ كما هوَ المشهورُ {والملائكة} مع تكاثرِ عددِهِم وامتلاءِ السمواتِ من جموعِهِم {بَعْدَ ذَلِكَ} قيلَ أي بعدَ نُصرةِ الله عزَّ وجلَّ وناموسِهِ الأعظمِ وصالحِ المؤمنينَ {ظَهِيرٌ} أي فوجٌ مظاهرٌ لهُ كأنَّهم يدٌ واحدةٌ على منْ يُعاديهِ فماذَا يفيدُ تظاهرُ امرأتينِ على مَن هؤلاءِ ظُهراؤُه وما ينبىءُ عنه قولُه تعالَى بعدَ ذلكَ من فضلِ نُصرتِهِم على نُصرةِ غيرِهِم مِنْ حيثُ إنَّ نصرةَ الكلِّ نصرةِ الله تعالَى، وإنَّ نصرتَهُ تعالى بهم وبمظاهرتِهِم أفضلُ من سائرِ وجوهِ نُصرتِهِ. هذا ما قالُوه ولعلَّ الأنسبَ أنْ يجعلَ ذلكَ إشارةً إلى مظاهرةِ صالحِ المؤمنينَ خاصَّة، ويكونَ بيانُ بعديةِ مظاهرةِ الملائكةِ تداركاً لما يُوهمه الترتيبُ الذكريُّ من أفضليةِ المقدمِ فكأنه قيلَ بعد ذكرِ مظاهرةِ صالحِ المؤمنينَ: وسائرُ الملائكةِ بعدَ ذلكَ ظهيرٌ له عليهِ الصلاةُ والسلامُ إيذاناً بعلوِّ رتبةِ مظاهرتِهِم وبُعدِ منزلتِهَا وخبراً لفصلِها عن مظاهرةِ جبريلَ عليهِ السلامُ.
{عسى رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ} أي يعطيَهُ عليهِ السلامُ بدلكُنَّ {أزواجا خَيْراً مّنكُنَّ} على التغليبِ، أو تعميمِ الخطابِ، وليسَ فيهِ ما يدلُّ على أنه عليهِ الصلاةُ والسلامُ لم يُطلقْ حفصةَ وإنَّ في النساءُ خيراً منهنَّ فإنَّ تعليقَ طلاقِ الكلِّ لا يُنافي تطليقَ واحدةٍ وما عُلِّقَ لما لم يقعْ لا يجبُ وقوعُه وقرئ: {أنْ يبدِّله} بالتشديد {مسلمات مؤمنات} مُقِراتٍ مخلصاتٍ أو منقاداتٍ مصدقاتٍ {قانتات} مصلياتٍ أو مواظباتٍ على الطاعةِ {تائبات} من الذنوبِ {عابدات} متعبداتٍ أو متذللاتٍ لأمرِ الرسولِ عليهِ الصلاةُ والسلامُ {سائحات} صائماتٍ سمي الصائمُ سائحاً لأنه يسيحُ في النهارِ بلا زادٍ أو مهاجراتٍ وقرئ: {سيحاتٍ} {ثيبات وَأَبْكَاراً} وُسِّطَ بينَهُما العاطفَ لتنافيهما.

.تفسير الآيات (6- 8):

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (6) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (7) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (8)}
{ياأيها الذين ءامَنُواْ قُواْ أَنفُسَكُمْ} بتركِ المعاصِي وفعلِ الطاعاتِ {وَأَهْلِيكُمْ} بأنْ تأخذوهم بما تأخذونَ به أنفسَكُم وقرئ: {أهلُوكم} عطفاً على واو قُوا فيكونَ أنفسَكُم عبارةً عن أنفسِ الكلِّ على تغليبِ المخاطبينَ أي قُوا أنتُم وأهلُوكم أنفسكُم {نَاراً وَقُودُهَا الناس والحجارة} أي ناراً تتقدُ بهمَا اتقادَ غيرِها بالحطبِ وأمرَ المؤمنينَ باتقاءِ هذه النارِ المعدةِ للكافرينَ كما نصَّ عليهِ في سورةِ البقرةِ للمبالغةِ في التحذيرِ {عَلَيْهَا ملائكة} أي تَلي أمرَها وتعذيبَ أهلِهَا وهم الزبانيةُ {غِلاَظٌ شِدَادٌ} غلاظُ الأقوالِ شدادُ الأفعالِ أو غلاظُ الخُلقِ شدادُ الخَلقِ أقوياءُ على الأفعالِ الشديدةِ {لاَّ يَعْصُونَ الله مَا أَمَرَهُمْ} أي أمرَهُ على أنَّهُ بدلُ اشتمالٍ من الله أو فيما أمرَهُم بهِ على نزعِ الخافضِ أي لا يمتنعُون من قبولِ الأمرِ ويلتزمونَهُ {وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} أي ويؤدونَ ما يُؤمرونَ بهِ من غيرِ تثاقلٍ ولا توانٍ. وقولُه تعالَى: {ياأيها الذين كَفَرُواْ لاَ تَعْتَذِرُواْ اليوم} مقولٌ لقولٍ قد حُذفَ ثقةٍ بدلالةِ الحالِ عليهِ أي يُقالُ لهِم ذلكَ عند إدخالِ الملائكةِ إياهم النارَ حسبما أُمروا بهِ {إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} في الدُّنيا من الكفرِ والمعاصِي بعدَ ما نُهيتُم عنهُما أشدَّ النَّهي وأُمرتم بالإيمانِ والطاعةِ فلا عذرَ لكُم قطعاً.
{ياأيها الذين ءامَنُواْ تُوبُواْ إِلَى الله تَوْبَةً نَّصُوحاً} أي بالغةً في النصحِ وُصفتْ التوبةُ بذلكَ على الإسنادِ المجازِي وهو وَصفْ التائبينَ وهو أنْ ينصحُوا بالتوبةِ أنفسَهُم فيأتُوا بها على طريقتِهَا وذلكَ أن يتوبُوا عن القبائحِ لقُبحِها نادمينَ عليها مغتمينَ أشدَّ الاغتمامِ لارتكابِهَا عازمينَ على أنَّهم لا يعودونَ في قبيحٍ من القبائحِ موطِّنينَ أنفسَهُم على ذلكَ بحيثُ لا يَلويهم عنه صارفٌ أصلاً. عن عَلي رضيَ الله عنهُ: أنَّ التوبةَ يجمعها ستةُ أشياءٍ: على الماضِي من الذنوبِ الندامةُ وللفرائضِ الإعادةُ وردُّ المظالمِ واستحلالُ الخصومِ وأن تعزمَ على أنْ لا تعودَ وأن تذيبَ نفسكَ في طاعةِ الله كما ربيتها في المعصية وأن تذيقَها مرارةَ الطاعةِ كما أذقتَها حلاوةَ المعصيةِ. وعن شهرِ بنِ حَوْشَبَ أنْ لا يعودَ ولو حُزِّ بالسيفِ وأُحرقَ بالنَّارِ، وقيلَ نصوحَاً من نصاحةِ الثوبِ أي توبةٌ ترفُو خروقَكَ في دينكَ وترمُّ خَلَّكَ وقيل خالصةٌ من قولِهم عسلٌ ناصحٌ إذا خلصَ من الشمعِ. ويجوزُ أنْ يرادَ توبةً تنصحُ الناسُ أي تدعُوهم إلى مثلِها لظهورِ أثرِها في صاحبِها واستعمالِه الجدَّ والعزيمةَ في العملِ بمقتضياتِهَا وقرئ: {توباً نصوحاً}، وقرئ: {نُصوحاً} وهو مصدرُ نصحَ فإنَّ النُّصحَ والنُّصوحَ كالشكرِ والشُكورِ أي ذاتُ نصوحٍ أو تنصحُ نصوحاً أو توبُوا لنصحِ أنفسِكُم على أنَّه مفعولٌ له {عسى رَبُّكُمْ أَن يُكَفّرَ عَنكُمْ سيئاتكم وَيُدْخِلَكُمْ جنات تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأنهار} ورودُ صيغةِ الإطماعِ للجريِ على سنَنِ الكبرياءِ والإشعارِ بأنَّهُ تَفضُلٌ والتوبةُ غيرُ موجبةٍ له وأن العبدَ ينبغِي أن يكونَ بين خوفٍ ورجاءٍ وإنْ بالغَ إقامةِ وظائفِ العبادةِ.
{يَوْمٌ لاَّ يُخْزِى الله النبى} ظرفُ ليدخلَكُمْ {والذين ءامَنُواْ مَعَهُ} عطفٌ على النبيِّ وفيهِ تعريضٌ بمن أخزاهُم الله تعالَى من أهلِ الكفرِ والفسوقِ واستحمادٌ إلى المؤمنينَ على أنَّ عصمَهُم من مثلِ حالِهِم وقيلَ هو مبتدأٌ خبرُهُ قولُهُ تعالَى: {نُورُهُمْ يسعى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وبأيمانهم} أيْ على الصراطِ وهو على الأولِ استئنافٌ أو حالٌ وهذا قولُه تعالَى: {يَقُولُونَ} إلخ وعلى الثاني خبرٌ آخرُ للموصولِ أي يقولونَ إذا طُفىءَ نورُ المنافقينَ {رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا واغفر لَنَا إِنَّكَ على كُلّ شيء قَدِيرٌ} وقيلَ يدعونَ تقرباً إلى الله مع تمامِ نورِهِم وقيلَ تتفاوتُ أنوارُهُم بحسبِ أعمالِهِم فيسألونَ إتمامَهُ تفضُّلاً وقيلَ السابقونَ إلى الجنةِ يمرونَ مثلَ البرقِ على الصراطِ وبعضُهم كالريحِ وبعضُهُم حَبْواً وزحفاً وأولئكَ الذينَ يقولونَ ربنا أتممْ لنا نورَنَا.

.تفسير الآيات (9- 10):

{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (9) ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ (10)}
{ياأيها النبى جاهد الكفار} بالسيفِ {والمنافقين} بالحجَّةِ {واغلظ عَلَيْهِمْ} واستعملِ الخشونةَ على الفريقينِ فيما تجاهدهُما من القتالِ والمحاجَّة {وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ} سيرونَ فيها عذاباً غليظاً {وَبِئْسَ المصير} أي جهنمُ أو مصيرُهُم {ضَرَبَ الله مَثَلاً لّلَّذِينَ كَفَرُواْ} ضربُ المثلِ في أمثالِ هذهِ المواقعِ عبارةٌ عن إيرادِ حالةٍ غريبةٍ ليعرفَ بها حالةٌ أُخرى مشاكلةٌ لها في الغرابةِ أي جعلَ الله مثلاً لحالِ هؤلاءِ الكفرةِ حالاً ومآلاً على أنَّ مثلاً مفعولٌ ثانٍ لضربَ، واللامُ متعلقةٌ بهِ وقولُه تعالَى: {امرأت نُوحٍ وامرأت لُوطٍ} أي حالَهُما، مفعولُهُ الأولُ أُخِّرَ عنْهُ ليتصلَ بهِ ما هو شرحٌ وتفصيلٌ لحالِهِما ويتضحُ بذلكَ حالُ هؤلاءِ فقولِهِ تعالَى: {كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صالحين} بيانٌ لحالِهِما الداعيةِ لهما إلى الخيرِ والصلاحِ أي كانتا في عصمةِ نبيينِ عظيمي الشأنِ متمكنتينِ من تحصيلِ خيري الدُّنيا والآخرةِ وحيازةَ سعادتيهِما. وقولُه تعالَى: {فَخَانَتَاهُمَا} بيانٌ لما صدرَ عنهُما من الجنايةِ العظيمةِ مع تحققِ ما ينفيها من صحبةِ النبيِّ أي خانتاهُما بالكفرِ والنفاقِ، وهذا تصويرٌ لحالهِما المحاكيةِ لحالِ هؤلاءِ الكفرةِ في خيانتِهِم لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم بالكفرِ والعصيانِ مع تمكنهِم التامِّ من الإيمانِ والطاعةِ. وقولُهُ تعالَى: {فَلَمْ يُغْنِينَا} إلخ بيانٌ لما أدَّى إليه خيانتُهُما أي فلم يُغنِ النبيانِ {عَنْهُمَا} بحقِّ الزواجِ {مِنَ الله} أي مِن عذابِهِ تعالَى {شَيْئاً} أي شيئاً منَ الإغناءِ {وَقِيلَ} لهما عندَ موتِهِما أو يومَ القيامةِ {ادخلا النار مَعَ الداخلين} أي مع سائرِ الداخلينَ من الكفرةِ الذينَ لا وصلةَ بينهُم وبينَ الأنبياءِ عليهِم السلامُ.

.تفسير الآيات (11- 12):

{وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آَمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (11) وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ (12)}
{وَضَرَبَ الله مَثَلاً لّلَّذِينَ ءامَنُواْ امرأت فِرْعَوْنَ} أي جعلَ حالها مثلاً لحالِ المؤمنينَ في أنَّ وصلةَ الكفرةِ لا تضرُّهم حيثُ كانتْ في الدُّنيا تحت أعدى أعداءِ الله وهيَ في أعلى غرفِ الجنةِ وقولِهِ تعالَى: {إِذْ قَالَتِ} ظرفٌ لمحذوفٍ أشيرَ إليهِ أي ضربَ الله مثلاً للمؤمنينَ حالَها إذْ قالتْ {رَبّ ابن لِى عِندَكَ بَيْتاً فِي الجنة} قريباً من رحمتكَ أو في أَعلَى درجاتِ المقربينَ. رُوِيَ أنها لما قالتْ ذلكَ أريتْ بيتَها في الجنةِ من دُرَّةٍ وانتُزِعَ رُوحُها {وَنَجّنِى مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ} أي مِنْ نفسِه الخبيثةِ وعملِه السيِء {وَنَجّنِى مِنَ القوم الظالمين} من القبطِ التابعينَ لهُ في الظلمِ {وَمَرْيَمَ ابنة عِمْرَانَ} عطفٌ على امرأةِ فرعونٍ تسليةً للأراملِ أي وضربَ الله مثلاً للذينَ آمنُوا حالَها ومَا أوتيتْ من كرامةِ الدُّنيا والآخرةِ والاصطفاء على نساءِ العالمينَ مع كونِ قومِها كُفاراً {التى أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ} وقرئ: {فيها} أي مريمٌ {مِن رُّوحِنَا} من رُوحٍ خلقناهُ بلا توسطٍ أصلاً {وَصَدَّقَتْ بكلمات رَبَّهَا} بصحفِهِ المنزلةِ أو بما أَوْحى إلى أنبيائِه {وَكُتُبِهِ} بجميعِ كتبِه المنزلةِ وقرئ: {بكلمةِ الله وكتابِه} أي بعيسَى وبالكتابِ المنزلِ عليهِ وهو الإنجيلُ {وَكَانَتْ مِنَ القانتين} أي من عدادِ المواظبينَ على الطاعةِ، والتذكيرُ للتغليبِ والإشعارِ بأنَّ طاعتها لم تقصُرْ عنْ طاعاتِ الرجالِ حتى عُدَّت مِنْ جُملَتهم أو مِنْ نَسلِهِم لأنَّها من أعقابِ هارونَ أخِي مُوسى عليهما السلامُ.
وعن النبيِّ عليهِ الصلاةُ والسلامُ: «كَمُلَ من الرجالِ كثيرٌ ولم يكملْ من النساءِ إلا أربعٌ آسيةُ بنتُ مُزاحمٍ ومريمُ بنتُ عمرانَ وخديجةُ بنتُ خويلدٍ وفاطمةُ بنتُ محمدٍ صلواتُ الله عليهِ وفضلُ عائشةَ على النساءِ كفضلِ الثريدِ على سائرِ الطعامِ» وعن النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قرأَ سورةَ التحريمِ آتاهُ الله توبةً نصاحاً».

.سورة الملك:

.تفسير الآيات (1- 2):

{تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1) الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ (2)}
{تَبَارَكَ الذي بِيَدِهِ الملك} البركةُ النماءُ والزيادةُ حسيةً كانتْ أو عقليةً، وكثرةُ الخيرِ ودَوامُهُ أيضاً، ونسبتُهَا إلى الله عزَّ وجلَّ على المَعْنَى الأولِ وهُو الأليقُ بالمقامِ باعتبارِ تعاليهِ عمَّا سواهُ في ذاتِهِ وصفاتِهِ وأفعالِهِ، وصيغةُ التفاعلِ للمبالغةِ في ذلكَ فإنَّ ما لا يتصورُ نسبتُهُ إليهِ تعالَى من الصيغِ كالتكبرِ ونحوِهِ إنَّما تنسبُ إليه سبحانَهُ باعتبارِ غاياتِهَا، وعلى الثَّاني باعتبارِ كثرةِ ما يفيضُ منهُ على مخلوقاتِهِ من فنونِ الخيراتِ، والصيغةُ حينئذٍ يجوزُ أن تكونَ لإفادةِ نماءِ تلكَ الخيراتِ وازديادِها شيئاً فشيئاً وآناً فآناً بحسبِ حدوثِهَا أو حدوثِ متعلقاتِهَا، ولاستقلالِهَا بالدلالةِ على غايةِ الكمالِ وإنبائِها عن نهايةِ التعظيمِ لم يجُزْ استعمالُهَا في حقِّ غيرِه سبحانَهُ، ولا استعمالُ غيرِهَا من الصيغِ في حقِّه تباركَ وتعالَى. وإسنادُها إلى الموصولِ للاستشهادِ بما في حيزِ الصَّلةِ على تحققِ مضمونِهَا، واليدُ مجازٌ عن القدرةِ التامَّةِ والاستيلاءِ الكاملِ، أي تعالَى وتعاظَم بالذاتِ عن كلِّ ما سواهُ ذاتاً وصفةً وفعلاً الذي بقبضةِ قُدرتِهِ التَّصرفُ الكليُّ في كلِّ الأمورِ. {وَهُوَ على كُلّ شَىْء} منَ الأشياءِ {قَدِيرٌ} مُبالِغٌ في القُدرةِ عليهِ يتصرفُ فيهِ حسبَما تقتضيهِ مشيئتُهُ المبنيةُ على الحِكَمِ البالغةِ. والجملةُ معطوفةٌ على الصِّلةِ مقررةٌ لمضمونِهَا مفيدةٌ لجريانِ أحكامِ مُلكِهِ تعالَى في جَلائلِ الأُمورِ ودقائِقها. وقوله تعالى: {الذى خَلَقَ الموت والحياة} شروعٌ في تفصيلِ بعضِ أحكامِ المُلكِ وآثارِ القُدرةِ وبيانِ ابتنائِهِما على قوانينِ الحِكَمِ والمَصالحِ واستتباعِهِما لغاياتٍ جليلةٍ. والموصولُ بدلٌ من الموصولِ الأولِ داخلٌ معهُ في حُكمِ الشهادةِ بتعاليهِ تعالَى. والموتُ عندَ أصحابِنَا صفةٌ وجُوديةٌ مضادةٌ للحياةِ، وأمَّا ما رُوِيَ عن ابنِ عبَّاسٍ رضيَ الله عنهُمَا منْ أنَّهُ تعالَى خلقَ الموتَ في صُورةِ كبشٍ أملحَ لا يمرُّ بشيءٍ ولا يجدُ رائحَتَهُ شيءٌ إلا ماتُ وخلقَ الحياةَ في صورةِ فرسٍ بَلقاءَ لا تمرُّ بشيءٍ ولا يجدُ رائحتَهَا شيءٌ إلا حَيي، فكلامٌ واردٌ على منهاجِ التمثيلِ والتصويرِ. وقيلَ هو عدمُ الحياةِ فمعنَى خلقِه حينئذٍ تقديرُهُ أو إزالةُ الحياةِ وأيَّاً ما كانَ فالأقربُ أنَّ المرادَ بهِ الموتُ الطارىءُ وبالحياةِ ما قبلَهُ وما بعدَهُ لظهورِ مداريتِهِما، لما ينطقُ بهِ قولُه تعالَى: {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً} فإن استدعاءَ ملاحظتِهِما لإحسانِ العملِ بما لا ريبَ فيهِ معَ أنَّ نفسَ العملِ لا يتحققُ بدونِ الحياةِ الدنيويةِ. وتقديمُ الموتِ لكونِهِ أدعى إلى إحسانِ العملِ، واللامُ متعلقةٌ بخلقَ أي خلقَ موتَكُم وحياتَكُم، على أنَّ الألفَ واللامَ عوضٌ عن المضافِ إليهِ ليعاملَكُم معاملةَ مَنْ يختبرُكم أيكُم أحسنُ عملاً فيحازيكُم على مراتبَ متفاوتةٍ حسبَ تفاوتِ طبقاتِ علومِكُم وأعمالِكُم فإنَّ العملَ غيرُ مختصَ بعملِ الجوارحِ، ولذلكَ فسَّرَهُ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ بقولِه:
«أيكم أحسنُ عقلاً وأورعُ عن محارمِ الله وأسرعُ في طاعةِ الله» فإنَّ لكلَ من القلبِ والقالبِ عملاً خاصَّاً به، فكَما أنَّ الأولَ أشرفُ من الثَّانِي، كذلكَ الحالُ في عملِهِ، كيفَ لاَ ولا عملَ بدونِ معرفةِ الله عزَّ وجلَّ الواجبةَ على العبادِ أثر ذي أثير وإنما طريقُها النظريُّ التفكرُ في بدائعِ صُنْعِ الله تعالَى والتدبرُ في آياتِه المنصوبةِ في الأنفسِ والآفاقِ، وقَد رُوِيَ عنْهُ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ أنَّهُ قالَ: «لا تُفضِّلُونِي على يونِسُ بنِ مَتَّى فإنَّهُ كانَ يُرفعُ لهُ كلَّ يومٍ مثلُ عملِ أهلِ الأرضِ» قالُوا وإنَّما كانَ ذلكَ التفكرَ في أمرِ الله عزَّ وجلَّ الذي هُو عملُ القلبِ ضرورةَ أنَّ أحداً لا يقدرُ على أنْ يعملَ بجوارحِهِ كلَّ يومٍ مثلَ عملِ أهلِ الأرضِ. وتعليقُ فعلِ البَلْوَى أي تعقيبُهُ بحرفِ الاستفهامِ لا التعليقُ المشهورُ الذي يقتضِي عدمَ إيرادِ المفعولِ أصلاً مع اختصاصِهِ بأفعالِ القلوبِ لما فيهِ من مَعْنَى العلمِ باعتبارِ عاقبتِهِ كالنظرِ ونظائِره ولذلك أُجرَي مَجْرَاه بطريقِ التمثيلِ، وقيلَ بطريقِ الاستعارةِ التبعيةِ. وإيرادُ صيغةِ التفضيلِ معَ أنَّ الابتلأَ شاملٌ لهم باعتبارِ أعمالِهِم المنقسمةِ إلى الحسنِ والقبيحِ أيضاً لا إلى الحسنِ والأحسنِ فقطْ للإيذانِ بأنَّ المرادَ بالذاتِ والمقصدِ الأصليَّ من الابتلاءِ هو ظهورُ كمالِ إحسانِ المحسنينَ مع تحققِ أصلِ الإيمانِ والطاعةِ في الباقينَ أيضاً لكمالِ تعاضدِ الموجباتِ له وأما الإعراضُ عن ذلكَ فبمعزلٍ من الاندراجِ تحتَ الوقوعِ فضلاً عن الانتظامِ في سلكِ الغايةِ للأفعالِ الإلهيةِ وإنَّما هُو عملٌ يصدرُ عن عاملِهِ بسوءِ اختيارِهِ من غيرِ مصححٍ لهُ ولا تقريبٍ وفيهِ من الترغيبِ في الترقِّي إلى معارجِ العلومِ ومدارجِ الطاعاتِ والزجرِ عن مباشرةِ نقائِضِها ما لا يَخْفى {وَهُوَ العزيز} الغالبُ الذي لا يفوتُهُ من أساءَ العملَ {الغفور} لمن تابَ منهُم.