فصل: بَاب الْجِزْيَة والمهادنة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الإلمام بأحاديث الأحكام



.بَاب الْجِزْيَة والمهادنة:

(1530) رَوَى البُخَارِيّ فِي حَدِيث: وَلم يكن عمر أَخذ الْجِزْيَة من الْمَجُوس، حَتَّى شهد عبد الرَّحْمَن بن عَوْف أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخذهَا من مجوس هَجَر.
(1531) وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ من حَدِيث عَمْرو، سمع بجالة: لم يكن عمر أَخذ الْجِزْيَة.. الحَدِيث.
(1532) وَعند البُخَارِيّ فِي حَدِيث صلح الْحُدَيْبِيَة الطَّوِيل: وَكَانَ الْمُغيرَة بن شُعْبَة صحب قوما فِي الْجَاهِلِيَّة فَقَتلهُمْ وَأخذ أَمْوَالهم ثمَّ جَاءَ فَأسلم. فَقَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أما الْإِسْلَام فَأقبل، وَأما المَال فلست مِنْهُ فِي شَيْء» وَفِيه: ثمَّ جَاءَه نسْوَة مؤمنات، فَأنْزل الله عَزَّ وَجَلَّ: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا جَاءَكُم الْمُؤْمِنَات مهاجرات فامتحنوهن} حَتَّى بلغ: {بعصم الكوافر} [الممتحنة: 10]. فَطلق عمر يَوْمئِذٍ امْرَأتَيْنِ كَانَتَا لَهُ فِي الشّرك.
(1533) وَفِي رِوَايَة: أَن عُرْوَة سمع مَرْوَان والمسور يخبران عَن أَصْحَاب رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَا: لما كَاتب سُهَيْل بن عَمْرو يَوْمئِذٍ، كَانَ فِيمَا اشْترط سُهَيْل عَلَى النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنه لَا يَأْتِيك منا أحد وَإِن كَانَ عَلَى دينك إِلَّا رَددته إِلَيْنَا، وخليت بَيْننَا وَبَينه. فكره الْمُؤْمِنُونَ ذَلِك، وامتعضوا مِنْهُ، وَأبي سُهَيْل إِلَّا ذَلِك، فكاتبه النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرد رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمئِذٍ أَبَا جندل عَلَى أَبِيه سُهَيْل، وَلم يَأْته أحد من الرِّجَال إِلَّا ردَّه فِي تِلْكَ الْمدَّة، وَإِن كَانَ مُسلما. وَجَاءَت الْمُؤْمِنَات مهاجرات وَكَانَت أم كُلْثُوم بنت عقبَة ابْن أبي معيط مِمَّن خرج إِلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمئِذٍ وَهِي عاتق، فجَاء أَهلهَا يسْأَلُون النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَن يرجعها إِلَيْهِم، فَلم يرجعها إِلَيْهِم، لما أنزل الله عَزَّ وَجَلَّ فيهم من قَوْله: {إِذا جَاءَك الْمُؤْمِنَات مهاجرات فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهن فَلَا ترجعونهن إِلَى الْكفَّار} إِلَى: {وَلَا هم يحلونَ لَهُنَّ} [الممتحنة: 10].
(1534) وَعَن الْحسن، عَن أبي بكرَة، عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «من قتل نفسا معاهداً، لم يرح رَائِحَة الْجنَّة». لفظ الرِّوَايَة عِنْد ابْن حبَان. وَهُوَ عِنْد النَّسَائِيّ بِمَعْنَاهُ.
(1535) رَوَى مُسلم من حَدِيث ابْن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما فِي قصَّة: سَمِعت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول: «مَنْ خلع يدا من طَاعَة لَقِي الله يَوْم الْقِيَامَة لَا حجَّة لَهُ، وَمن مَاتَ وَلَيْسَ فِي عُنُقه بيعَة مَاتَ ميتَة جَاهِلِيَّة».
(1536) وَعنهُ، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يزَال هَذَا الْأَمر فِي قُرَيْش مَا بَقِي من النَّاس اثْنَان».
(1537) وَعند البُخَارِيّ من حَدِيث مُعَاوِيَة، رَضِيَ اللَّهُ عَنْه، أَنه قَالَ سَمِعت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول: «إِن هَذَا الْأَمر فِي قُرَيْش لَا يعاديهم فِيهِ أحد إِلَّا أكبه الله عَلَى وَجهه فِي النَّار، مَا أَقَامُوا الدَّين».
(1538) وَعَن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه فِي قصَّة، فَقَالَ: إِن الله عَزَّ وَجَلَّ يحفظ دينه، وَإِنِّي إِن لَا أستخلف فَإِن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يسْتَخْلف، وَإِن اسْتخْلف فَإِن أَبَا بكر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قد اسْتخْلف.
(1539) وَعَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذا بُويِعَ لخليفتين فَاقْتُلُوا الآخِر مِنْهُمَا».
(1540) وَعنهُ، قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول«من رَأَى مِنْكُم مُنْكرا فليغيره بِيَدِهِ، فَإِن لم يسْتَطع فبلسانه، فَإِن لم يسْتَطع فبقلبه وَذَلِكَ أَضْعَف الْإِيمَان».
(1541) وَعَن أم سَلمَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها، أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «سَيكون عَلَيْكُم أُمَرَاء فتعرفُون وتنكرون، فَمن عَرَفَ بَرِيء، وَمن أنكر سَلِمَ، وَلَكِن مَنْ رَضِي وتابع». قَالَ: أَفلا نقاتلهم؟ قَالَ: «لَا، مَا صلوا».
(1542) وَعَن أبي رَافع مولَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَن عبد الله بن مَسْعُود حَدثهُ، أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا من نَبِي بَعثه الله فِي أمة قبلي إِلَّا كَانَ لَهُ من أمته حواريون، وَأَصْحَاب يَأْخُذُونَ بسنته يَفْعَلُونَ، ويفعلون مَا لَا يؤمرون، فَمن جاهدهم بِيَدِهِ فَهُوَ مُؤمن، وَمن جاهدهم بِلِسَانِهِ فَهُوَ مُؤمن، وَمن جاهدهم بِقَلْبِه فَهُوَ مُؤمن، وَلَيْسَ وَرَاء ذَلِك من الْإِيمَان حَبَّة خَرْدَل».
(1543) وَعَن ابْن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنه قَالَ: «عَلَى الْمَرْء الْمُسلم السّمع وَالطَّاعَة فِيمَا أحب أَو كره، إِن لم يُؤمر بِمَعْصِيَة، فَإِن أُمر بِمَعْصِيَة فَلَا سمع وَلَا طَاعَة». أخرجهُمَا مُسلم.
(1544) وَرَوَى أَبُو دَاوُد، من حَدِيث عقبَة بن مَالك، قَالَ: بعث رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرِيَّة، فسلحت رجلا مِنْهُم سَيْفا، فَلَمَّا رَجَعَ قَالَ: لَو رَأَيْت مَا لامنا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أعجزتم إِن بعثت رجلا فَلم يمض لأمري أَن تجْعَلُوا مَكَانَهُ من يمْضِي لأمري؟.
(1545) وَرَوَى مُسلم من حَدِيث معقل بن يسَار، فِي قصَّة: سَمِعت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول: «مَا من أَمِير يَلِي أَمر الْمُسلمين، ثمَّ لَا يجْهد لَهُم وَينْصَح إِلَّا لم يدْخل مَعَهم الْجنَّة».

.بَاب الْأَقْضِيَة:

(1546) عَن أبي هُرَيْرَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «من جُعِلَ قَاضِيا فقد ذبح بِغَيْر السكين».
(1547) وَفِي رِوَايَة: «من استُعمل عَلَى الْقَضَاء فَكَأَنَّمَا ذبح بالسكين». أخرجهُمَا النَّسَائِيّ من حَدِيث عُثْمَان الأخنسي، وَقد وَثَّقَهُ يَحْيَى بن معِين، ومسَّه النَّسَائِيّ.
(1548) وَعَن أبي ذَر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَا أَبَا ذَر إِنِّي أَرَاك ضَعِيفا، وَإِنِّي أحب لَك مَا أحب لنَفْسي، لَا تأمرنَّ عَلَى اثْنَيْنِ، وَلَا تولَّين عَلَى مَال يَتِيم».
(1549) وَعَن أبي هُرَيْرَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْه، عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أحرج عَلَى حق الضعيفين: الْيَتِيم، وَالْمَرْأَة». أخرجه مُسلم.
(1550) وَعَن عبد الرَّحْمَن بن سَمُرَة، قَالَ: قَالَ لي رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا عبد الرَّحْمَن بن سَمُرَة، لَا تسْأَل الْإِمَارَة، فَإنَّك إِن أعطيتهَا عَن مَسْأَلَة وكلت إِلَيْهَا، وَإِن أعطيتهَا عَن غير مَسْأَلَة أعنت عَلَيْهَا». الحَدِيث مُتَّفق عَلَيْهِ.
(1551) وَعَن عبد الرَّحْمَن بن أبي بكرَة أَنه قَالَ: كتب أبي، وكتبت لَهُ إِلَى عبد الله بن أبي بكرَة- وَهُوَ قَاض بسجستان- أَن لَا تحكم بَين اثْنَيْنِ وَأَنت غَضْبَان، فَإِنِّي سَمِعت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول: «لَا يحكم أحد بَين اثْنَيْنِ وَهُوَ غَضْبَان».
(1552) وَعَن عَمْرو بن الْعَاصِ، أَنه سمع رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول: «إِذا حكم الْحَاكِم واجتهد ثمَّ أصَاب فَلهُ أَجْرَانِ، وَإِذا حكم الْحَاكِم فاجتهد ثمَّ أَخطَأ فَلهُ أجر وَاحِد».
(1553) وَعَن أم سَلمَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها، قَالَت: قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّكُم تختصمون إليَّ، وَلَعَلَّ بَعْضكُم أَن يكون أَلحن بحجته من بعض، فأقضي لَهُ عَلَى نَحْو ممَا أسمع مِنْهُ، فَمن قطعت لَهُ من حق أَخِيه شَيْئا، فَلَا يَأْخُذهُ، فَإِنَّمَا أقطع لَهُ قِطْعَة من النَّار». مُتَّفق عَلَيْهَا.
(1554) وعنها قَالَت: أَتَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رجلَانِ يختصمان فِي مَوَارِيث لَهما، لم تكن لَهما بَيِّنَة إِلَّا دعواهما، فَقَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَبُو دَاوُد: فَذكر مثله يَعْنِي مثله: «إِنَّمَا أَنا بشر، وَإِنَّكُمْ تختصمون إليّ»... الحَدِيث. فَبَكَى الرّجلَانِ، وَقَالَ كل وَاحِد مِنْهُمَا: حَقي لَك. فَقَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أما إِذْ فعلتما مَا فعلتما، فاقتسما وتوخيا الْحق، ثمَّ اسْتهمَا، ثمَّ تحالا». أخرجه أَبُو دَاوُد.
(1555) وَعِنْده فِي رِوَايَة: يختصمان فِي مَوَارِيث وَأَشْيَاء قد درست، فَقَالَ: «إِنَّمَا أَقْْضِي بَيْنكُم برأيي فِيمَا لم ينزل عليَّ فِيهِ شَيْء». فِي إسنادهما أُسَامَة بن زيد. وَقد أخرج لَهُ مُسلم.
(1556) وَعَن عَائِشَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها قَالَت دخلت هِنْد بنت عقبَة امْرَأَة أبي سُفْيَان عَلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَت: يَا رَسُول الله، إِن أَبَا سُفْيَان رجل شحيح مَا يعطيني من النَّفَقَة مَا يَكْفِينِي وَيَكْفِي بنيَّ، إِلَّا مَا أخذت من مَاله بِغَيْر علمه، فَهَل عليَّ فِي ذَلِك من جنَاح؟ فَقَالَ لَهَا رَسُول الله: «خذي من مَاله بِالْمَعْرُوفِ مَا يَكْفِيك وَيَكْفِي بنيك». مُتَّفق عَلَيْهِ.
(1557) وعنها رَضِيَ اللَّهُ عَنْها: أَن رجلا أَتَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخَاصم أَبَاهُ فِي دَيْنٍ عَلَيْهِ، فَقَالَ نَبِي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنْت وَمَالك لأَبِيك». أخرجه ابْن حبَان.
(1558) وَعَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «بَيْنَمَا امْرَأَتَانِ مَعَهُمَا ابناهما، جَاءَ الذِّئْب فَذهب بِابْن إحديهما، فَقَالَت هَذِه لصاحبتها: إِنَّمَا ذهب بابنك أَنْت، وَقَالَت الْأُخْرَى: إِنَّمَا ذهب بابنك! فتحاكما إِلَى دَاوُد عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، فَقَضَى بِهِ للكبرى، فخرجتا عَلَى سُلَيْمَان بن دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام، فأخبرتاه، فَقَالَ: أئتوني بالسكين أشقه بَيْنكُمَا نِصْفَيْنِ! فَقَالَت الصُّغْرَى: لَا، يَرْحَمك الله، هُوَ ابْنهَا، فَقَضَى بِهِ للصغرى». قَالَ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: وَالله إِن سَمِعت بالسكين قطّ إِلَّا يَوْمئِذٍ، مَا كُنَّا نقُول إِلَّا المدية. مُتَّفق عَلَيْهِ.
(1559) وَعَن عبد الله بن عَمْرو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما قَالَ: لعن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الراشي والمرتشي. أخرجه التِّرْمِذِيّ، وَصَححهُ.
(1560) وَعَن أبي حميد السَّاعِدِيّ، قَالَ اسْتعْمل النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رجلا من الْأسد، يُقَال لَهُ: ابْن اللتبية. قَالَ عَمْرو بن أبي عَمْرو: عَلَى الصَّدَقَة، فَلَمَّا قدم قَالَ: هَذَا لكم، وَهَذَا أهدي لي. قَالَ: فَقَامَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَر، فَحَمدَ الله وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَقَالَ: «مَا بَال الْعَامِل أبعثه، فَيَقُول: هَذَا لكم، وَهَذَا أهدي لي، أَفلا قعد فِي بَيت أَبِيه أَو فِي بَيت أمه حَتَّى ينظر أيهدى إِلَيْهِ أم لَا؟ وَالَّذِي نَفْس مُحَمَّد بِيَدِهِ لَا ينَال أحد مِنْكُم مِنْهَا شَيْئا إِلَّا جَاءَ بِهِ يَوْم الْقِيَامَة يحملهُ عَلَى عُنُقه، بعير لَهُ رُغَاء، أَو بقرة لَهَا خوار، أَو شَاة تَيْعر، ثمَّ رفع يَدَيْهِ حَتَّى رَأينَا عفرتي إبطَيْهِ ثمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ هَل بلغت» مرَّتَيْنِ.

.بَاب الشَّهَادَات:

(1561) وَعَن عبد الله بن مَسْعُود رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سباب الْمُسلم فسوق، وقتاله كفر».
(1562) وَعنهُ قَالَ: سَأَلت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَي الذَّنب أعظم عِنْد الله؟ قَالَ: «أَن تجْعَل لله ندا وَهُوَ خلقك». قَالَ: قلت لَهُ: إِن ذَلِك لعَظيم. قَالَ قلت: ثمَّ أَي؟ قَالَ: «ثمَّ أَن تقتل ولدك مَخَافَة أَن يطعم مَعَك». قَالَ: قلت: ثمَّ أَي؟ قَالَ: «ثمَّ أَن تُزَانِي حَلِيلَة جَارك».
(1563) وَعَن أبي ذَر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «من اقتطع حق امْرِئ مُسلم بِيَمِينِهِ أوجب الله لَهُ النَّار، وَحرم عَلَيْهِالْجنَّة» فَقَالَ لَهُ رجل: وَإِن كَانَ شَيْئا يَسِيرا يَا رَسُول الله؟ قَالَ: «وَإِن قضيبٌ من أَرَاك». أخرجه مُسلم.
(1564) وَعَن عبد الرَّحْمَن بن أبي بكرَة، عَن أَبِيه قَالَ: كُنَّا عِنْد النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «أَلا أنبئكم بأكبر الْكَبَائِر ثَلَاثًا» قُلْنَا: بلَى، يَا رَسُول الله قَالَ: «الْإِشْرَاك بِاللَّه، وعقوق الْوَالِدين، وشَهادة الزُّور، أَو قَول الزُّور»، وَكَانَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتكئا فَجَلَسَ، فَمَا زَالَ يكررها حَتَّى قُلْنَا: ليته سكت.
(1565) وَعَن أبي هُرَيْرَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْه أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «اجتنبوا السَّبع الموبقات» قُلْنَا: وَمَا هن يَا رَسُول الله؟ قَالَ: «الشّرك بِاللَّه، وَالسحر، وَقتل النَّفس الَّتِي حرم الله إِلَّا بِالْحَقِّ، وَأكل مَال الْيَتِيم، وَأكل الرِّبَا، والتولِّي يَوْم الزَّحْف، وَقذف الْمُحْصنَات الْغَافِلَات الْمُؤْمِنَات».
(1566) وَعَن عبد الله بن عَمْرو، بن الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِن من الْكَبَائِر أَن يشْتم الرجل وَالِديهِ» قَالُوا: يَا رَسُول الله، وَهل يشْتم الرجل وَالِديهِ؟ قَالَ: «نعم، يسب أَبَا الرجل فيسب أَبَاهُ، ويسب أمه فيسب أمه». مُتَّفق عَلَيْهَا ثلاثتها.
(1567) وَعَن عبد الْملك بن سعيد بن جُبَير، عَن أَبِيه، عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: خرج رجل من بني سهم مَعَ تَمِيم الدَّارِيّ وعدي بن بدَّاء، فَمَاتَ السَّهْمِي بِأَرْض لَيْسَ فِيهَا مُسلم، فَلَمَّا قدمُوا بِتركَتِهِ فقدوا جَاما من فضَّة مخوصاً بِذَهَب، فَأَحْلفهُمَا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثمَّ وجد الْجَام بِمَكَّة فَقَالُوا: ابتعناه من تَمِيم وعدي بن بدَّاء. فَقَامَ رجلَانِ من أوليائه فَحَلفا لَشَهَادَتنَا أَحَق من شَهَادَتهمَا، وَإِن الْجَام لصَاحِبِهِمْ. قَالَ: وَفِيهِمْ نزلت هَذِه الْآيَة: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا شَهَادَة بَيْنكُم} [الْمَائِدَة: 106]. أخرجه البُخَارِيّ. والمخوص مَا جعل عَلَيْهِ من الذَّهَب مثل الخوص.
(1568) وَعَن عَمْرو بن شُعَيْب، عَن أَبِيه، عَن جده: أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رد شَهَادَة الخائن والخائنة، وَذي الْغمر عَلَى أَخِيه، ورد شَهَادَة القانع لأهل الْبَيْت، وأجازها لغَيرهم. اخْتلف فِي الِاحْتِجَاج بِهَذَا وببعض رُوَاته. وَأخرجه أَبُو دَاوُد، وَقَالَ: الْغمر الحنَة والشحناء.
(1569) وَرَوَى أَبُو دَاوُد أَيْضا، عَن أبي هُرَيْرَة، أَنه سمع رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول: «لَا تجوز شَهَادَة بدوي عَلَى صَاحب قَرْيَة». رَوَاهُ من حَدِيث ابْن وهب، وَرِجَاله مِنْهُ إِلَى منتهاه رجال الصَّحِيح.
(1570) وَعَن زيد بن خَالِد الْجُهَنِيّ، أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَلا أخْبركُم بِخَير الشُّهَدَاء، الَّذِي يَأْتِي بِشَهَادَتِهِ قبل أَن يُسألها». أَخْرجُوهُ إِلَّا البُخَارِيّ.
(1571) رَوَى مُسلم من حَدِيث أبي ذَر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه أَنه سمع رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول: فَذكر حَدِيثا فِيهِ«وَمن ادَّعَى مَا لَيْسَ لَهُ فَلَيْسَ منا، وليتبوأ مَقْعَده من النَّار».
(1572) وَعَن ابْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّهُ عَنْه أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَو يُعْطَى النَّاس بدعواهم لادعى نَاس دِمَاء رجال وَأَمْوَالهمْ، وَلَكِن الْيَمين عَلَى الْمُدَّعِي».
(1573) وَعنهُ أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِيَمِين وَشَاهد.
(1574) وَعَن عقبَة بن الْحَارِث قَالَ: تزوجت امْرَأَة، فَجَاءَت امْرَأَة فَقَالَت: إِنِّي قد أرضعتكما. فَأتيت النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «وَكَيف وَقد قيل؟ دعها عَنْك. أَو نَحوه». لفظ رِوَايَة البُخَارِيّ.
(1575) وَفِي رِوَايَة: «فَنَهَاهُ عَنْهَا».
(1576) وَعَن عَلْقَمَة بن وَائِل الْحَضْرَمِيّ عَن أَبِيه، قَالَ: جَاءَ رجل من حَضرمَوْت، وَرجل من كِنْدَة إِلَى النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ الْحَضْرَمِيّ: يَا رَسُول الله، إِن هَذَا قد غلبني عَلَى أَرض لي كَانَت لأبي. فَقَالَ الْكِنْدِيّ: هِيَ أرضي فِي يَدي أزرعها، وَلَيْسَ لَهُ فِيهَا حق. فَقَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للحضرمي: «أَلَك بَيِّنَة؟» قَالَ: لَا، قَالَ: «فلك يَمِينه» قَالَ: يَا رَسُول الله، إِن الرجل فَاجر لَا يُبَالِي مَا حلف عَلَيْهِ، وَلَيْسَ يتورع من شَيْء. فَقَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ لَك مِنْهُ إِلَّا ذَلِك». الحَدِيث أخرجه مُسلم.
(1577) وَعَن قَتَادَة، عَن سعيد بن أبي بردة، عَن أَبِيه، عَن جده أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ، أَن رجلَيْنِ ادّعَيَا بَعِيرًا أَو دَابَّة إِلَى النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيست لوَاحِد مِنْهُمَا بَيِّنَة، فَجعله النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَينهمَا بِالسَّوِيَّةِ. أخرجه أَبُو دَاوُد من رِوَايَة سعيد عَن قَتَادَة وَخَالف همام عَن قَتَادَة بِسَنَدِهِ، فَقَالَ: إِن رجلَيْنِ ادّعَيَا بَعِيرًا عَلَى عهد النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَبعث كل وَاحِد مِنْهُمَا شَاهِدين، فَقَسمهُ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَينهمَا نِصْفَيْنِ.
(1578) وَعند النَّسَائِيّ: من رِوَايَة قَتَادَة، عَن النَّضر بن أنس، عَن أبي بردة بن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ، عَن أَبِيه: أَن رجلَيْنِ ادّعَيَا دَابَّة وجداها عَن رجل، فَأَقَامَ كل وَاحِد مِنْهُمَا شَاهِدين أَنَّهَا دَابَّته، فَقَضَى بهَا النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَينهمَا نِصْفَيْنِ.
(1579) رَوَاهُ ابْن حبَان من حَدِيث قَتَادَة، عَن النَّضر بن أنس عَن بشير بن نهيك، عَن أبي هُرَيْرَة: أَن رجلَيْنِ ادّعَيَا دَابَّة، فَأَقَامَ كل وَاحِد مِنْهُمَا شَاهِدين، فَقَضَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بهَا بَينهمَا نِصْفَيْنِ.
(1580) وَرَوَى قَتَادَة، عَن خلاس بن عَمْرو، عَن أبي رَافع، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اخْتصم إِلَيْهِ رجلَانِ فِي مَتَاع لَيْسَ لوَاحِد مِنْهُمَا بَيِّنَة، فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اسْتهمَا عَلَى الْيَمين مَا كَانَ، أحبَّا ذَلِك أم كرها». أخرجه أَبُو دَاوُد.
(1581) وَعند النَّسَائِيّ فِي هَذَا الْإِسْنَاد: أَن رجلَيْنِ ادّعَيَا دَابَّة وَلم تكن لَهما بَيِّنَة، فَأَمرهمَا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَن يستهما عَلَى الْيَمين.
(1582) وَعند البُخَارِيّ، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عرض عَلَى قوم الْيَمين، فَأَسْرعُوا، فَأمر أَن يُسهم بَينهم فِي الْيَمين، أَيهمْ يحلف أول.
(1583) وَرَوَى أَبُو يعْلى من حَدِيث الْقَاسِم بن جحول الْبَهْزِي، ثمَّ السّلمِيّ، قَالَ سَمِعت أبي- وَكَانَ قد أدْرك الْجَاهِلِيَّة وَالْإِسْلَام- يَقُول: نصبت حبائلي بالأبواء، فَوَقع فِي حُبْلَى ظَبْي، فَأَفلَت بِهِ، فَخرجت فِي أَثَره، فَوجدت رجلا قد أَخذه، فتنازعنا فِيهِ فتساوقنا إِلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فوجدناه نازلاً بالأبواء تَحت شَجَرَة يستظل بنطع فَاخْتَصَمْنَا إِلَيْهِ، فَقَضَى بِهِ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْننَا شطرين. قلت: يَا رَسُول الله، نلقي الْإِبِل فِيهَا لبون وَهِي مصراة، وهم يَحْتَاجُونَ؟ قَالَ: نَاد صَاحب الْإِبِل ثَلَاثًا، فَإِن جَاءَ، وَإِلَّا فاحلل صرارها، ثمَّ اشرب ثمَّ صر وأبق للبن دواعيه. قلت: يَا رَسُول الله، إِن الضوال ترد علينا، هَل لنا أجر أَن نسقيها؟ قَالَ: «نعم، فِي كل كبد حرَّى أجر»... الحَدِيث.
(1584) وَرَوَى مَالك من حَدِيث جَابر بن عبد الله، أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «من حلف عَلَى منبري هَذَا بِيَمِين آثمة، تبوأ مَقْعَده من النَّار».
(1585) وَعَن أبي هُرَيْرَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ثَلَاثَة لَا يكلمهم الله وَلَا ينظر إِلَيْهِم يَوْم الْقِيَامَة وَلَا يزكيهم، وَلَهُم عَذَاب أَلِيم، رجل عَلَى فضل مَاء بطرِيق يمْنَع مِنْهُ ابْن السَّبِيل، وَرجل بَايع رجلا لَا يبايعه إِلَّا للدنيا، فَإِن أعطَاهُ مَا يُرِيد وفّى لَهُ، وَإِلَّا لم يَفِ لَهُ، وَرجل ساوم رجلا سلْعَة بعد الْعَصْر، فَحلف بِاللَّه لقد أعطي بهَا كَذَا وَكَذَا، فَأَخذهَا». لفظ رِوَايَة البُخَارِيّ.