فصل: باب العمل في النحر

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الاستذكار لمذاهب علماء الأمصار فيما تضمنه الموطأ من معاني الرأي والآثار ***


باب العمل في النحر

849- مالك عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي بن أبي طالب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نحر بعض هديه ونحر غيره بعضه قال أبو عمر هكذا قال يحيى عن مالك في هذا الحديث عن علي وتابعه القعنبي في ذلك ورواه بن القاسم وأبو مصعب وبن بكير وبن قانع والشافعي فقالوا فيه عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر وأرسله بن وهب عن مالك عن جعفر بن محمد عن أبيه لم يقل ‏(‏عن جابر ولا عن علي‏)‏ قال أبو عمر الصحيح فيه عن جابر وأرسله بن وهب وذلك موجود في رواية بن علي عن جابر في الحديث الطويل في الحج وإنما جاء حديث علي من رواية بن أبي ليلى عنه لا أحفظه من وجه آخر وفيه من الفقه أن يتولى الرجل نحر هديه بيده وذلك مستحب مستحسن عند أهل العلم لفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك بيده ولأنها قربة إلى الله ‏(‏عز وجل‏)‏ فمباشرتها أولى لمن قدر عليها وجائز أن يذبح الهدي والضحايا غير صاحبها إذا كان من خاصته ومن بفضل فعله يكون مصدر كفاية وقد ذكرنا في التمهيد الآثار المسندة بهذا الحديث ومن أحسنها ما حدثناه عبد الله بن محمد قال حدثني حمزة بن محمد قال حدثني أحمد بن شعيب قال حدثني أحمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال حدثني شعيب بن الليث قال حدثني الليث عن بن الهادي عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبد الله قال قدم علي ‏(‏رضي الله عنه‏)‏ من اليمن بهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان الهدي الذي قدم به رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلي من اليمن مائة بدنة فنحر رسول الله صلى الله عليه وسلم منها ثلاثا وستين بدنة ونحر علي ‏(‏ رضي الله عنه‏)‏ سبعا وثلاثين وأشرك عليا في بدنه ثم أخذ من كل بدنة بضعة فجعلت في قدر فطبخت وأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم من لحمها وشرب من مرقها‏.‏

وأما رواية علي بن أبي طالب ف حدثنا سعيد بن نصر قال حدثني قاسم قال حدثني محمد بن إسماعيل قال حدثني الحميدي قال حدثني سفيان قال حدثني عبد الكريم الجزري قال سمعت مجاهدا يقول سمعت عبد الرحمن بن أبي ليلى يقول سمعت علي بن أبي طالب يقول أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقوم على بدنه وأن أقسم جلالها وجلودها ولا أعطي الجازر منها وقال نحن نعطيه من عندنا قال أبو عمر في حديث مالك ونحر غيره بعضه فقد بان مما ذكرنا أن غيره هو علي بن أبي طالب وقد اختلف العلماء فيمن نحرت أضحيته بغير إذنه ولا أمره فقال مالك إنها لا تجزي به عن الذبائح وسواء أن نوى ذبحها عن نفسه أو عن صاحبها وعليه ضمانها وروي عنه أن الذابح إذا كان مثل الولد وبعض العيال فأرجو أن يجزئ رواه بن عبد الحكم عنه وقال بن القاسم عنه مثل ذلك إلا أن بن القاسم قال عنه تجزي في الولد وبعض العيال وفي رواية بن عبد الحكم أرجو أن يجزئ وقال الثوري إذا ذبحها بغير إذنه لم تجز عنه ويضمن الذابح‏.‏

وقال الشافعي تجزي عن صاحبها ويضمن الذابح النقصان وقال محمد بن الحسن في رجل تطوع عن رجل فذبح له ضحية قد أوجبها أنه إن ذبحها عن نفسه متعمدا لم تجز عن صاحبها وله أن يضمن الذابح فإن ضمنه إياها أجزت عن الضامن بأن ضمنها عن صاحبها ولو أن يضمن الذابح فإن ضمنه إياها جزت عن الضامن فإن ذبحها عن صاحبها بغير أمره أجزت عنه وبه قال الطبري وإن أخطأ رجلان فذبح كل واحد منهما ضحية صاحبه لم تجز عن واحد منهما في قول مالك وأصحابه ويضمن كل واحد منهما قيمة ضحية صاحبه لم يختلفوا في ذلك واختلفوا في ذلك في الهدي فالأشهر عن مالك ما حكاه بن عبد الحكم وغيره عنه أنه لو أخطأ رجلان كل واحد منهما بهدي صاحبه فذبحه عن نفسه أجزأهما ولم يكن عليهما شيء وهو المشهور عن مالك في الهدي الواجب وقال بن عبد الحكم عن مالك في المعتمرين لو ذبح أحدهما شاة صاحبه عن نفسه ضمنها ولم يجزه وذبحها شاته التي أوجبها وغرم لصاحبه قيمة الشاة واشترى صاحبه شاة وأهداها قال بن عبد الحكم والقول الأول أعجب إلينا يعني المعتمرين يذبح أحدهما شاة صاحبه وهو قد أخطأ بها أن ذلك يجزيهما وقد روي عن مالك في المعتمرين إذا أهديا شاتين فذبح كل واحد منهما شاة صاحبه خطأ إن ذلك لا يجزئ عنهما ويضمن كل واحد منهما قيمة ما ذبح واستأنفا الهدي‏.‏

وقال الشافعي يضمن كل واحد منهما ما بين قيمة ما ذبح حيا ومذبوحا وجزت عن كل واحد منهما أضحيته وذبحه وقال الطبري يجزئ كل واحد منهما ضحيته وذبحه ولا شيء على الذابح لأنه فعل ما لا بد منه ولا ضمان على واحد منهما إلا أن يستهلك شيئا من لحمها فيضمن ما استهلك‏.‏

850- مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر قال من نذر بدنة فإنه يقلدها نعلين ويشعرها ثم ينحرها عند البيت أو بمنى يوم النحر ليس لها محل دون ذلك ومن نذر جزورا من الإبل أو البقر فلينحرها حيث شاء قال أبو عمر جعل بن عمر البدنة كالهدي والهدي لا خلاف بين العلماء أنه يهدى إلى البيت العتيق يراد بذلك مساكين أهل مكة والهدي سنته أن يقلد ويشعر وينحر إن سلم بمكة فمن قال لله علي بدنة فهو كمن قال لله علي هدي‏.‏

وأما إذا قال جزور فإنه أراد إطعام لحمه مساكين موضعه أو ما يرى من المواضع‏.‏

851- مالك عن هشام بن عروة أن أباه كان ينحر بدنة قياما قال أبو عمر قد مضى الكلام في نحر البدن قياما في حديث بن عمر في هذا الكتاب وذكرنا أن معنى قوله تعالى ‏(‏أصوافها‏)‏ قياما وأظن اختيار العلماء لنحر البدن قياما لقوله تعالى ‏(‏فإذا وجبت جنوبها‏)‏ ‏[‏الحج 36‏]‏‏.‏

والوجوب السقوط إلى الأرض عند العرب واختصار اختلافهم في هذا الباب قال مالك ينحر البدن قياما وتعقل إن خيف أن تنفر ولا تنحر باركة إلا أن يصعب نحره قال الشافعي وقال الثوري إن شاء أضجعها وإن شاء نحرها قائمة قال مالك لا يجوز لأحد أن يحلق رأسه حتى ينحر هديه ولا ينبغي لأحد أن ينحر قبل الفجر يوم النحر وإنما العمل كله يوم النحر الذبح ولبس الثياب وإلقاء التفث والحلاق لا يكون شيء من ذلك يفعل قبل يوم النحر قال أبو عمر هذا لا خلاف فيه بين العلماء أن جمرة العقبة إنما ترمى ضحى يوم النحر وتمام حلها أول الحل وإلقاء التفث كله وقد تقدم القول فيمن رماها قبل الفجر وبعد الفجر في موضعه وأعمال يوم النحر كلها جائز فيها التقديم والتأخير إلا ما نذكر الخلاف فيه في موضعه إن شاء الله‏.‏

باب الحلاق

852- مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اللهم ارحم المحلقين قالوا والمقصرين يا رسول الله قال اللهم ارحم المحلقين قالوا والمقصرين يا رسول الله قال والمقصرين قال أبو عمر أما حديث بن عمر هذا فليس فيه ذكر الموضع الذي كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا القول وهو محفوظ من حديث بن عباس وأبي سعيد الخدري وأبي هريرة والمسور بن مخرمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذلك يوم الحديبية روى الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن إبراهيم الأنصاري قال حدثني أبو سعيد الخدري قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستغفر يوم الحديبية للمحلقين ثلاثا وللمقصرين مرة حدثني عبد الله بن محمد بن يوسف قال حدثني محمد بن أحمد بن يحيى قال حدثني أحمد بن محمد بن زياد قال حدثني أحمد بن عبد الجبار قال حدثني يونس بن بكير قال حدثني محمد بن إسحاق بن الزهيري عن عروة بن الزبير عن مروان بن الحكم والمسور بن مخرمة أنهما حدثاه فذكر حديثهما في الحديبية قالا فلما فرغ من الكتاب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أيها الناس قوموا فانحروا وأحلوا فوالله ما قام رجل لما دخل قلوب الناس من الشر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أيها الناس انحروا وأحلوا فوالله ما قام أحد من الناس ثم قالها الثالثة فما قام أحد من الناس فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل على أم سلمة فقال يا أم سلمة أما ترين إلى الناس آمرهم بالأمر لا يفعلونه فقالت يا رسول الله لا تلمهم فإن الناس قد دخلهم أمر عظيم مما رأوك حملت على نفسك في الصلح فاخرج يا رسول الله لا تكلم أحدا من الناس حتى يأتي هديك فتنحر وتحل فإن الناس إذا رأوك فعلت ذلك فعلوا كالذي فعلت فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من عندها فلم يكلم أحدا حتى أتى هديه فنحر وحلق فلما رأى الناس رسول الله صلى الله عليه وسلم قد فعل ذلك قاموا فنحر من كان معه هدي وحلق بعض وقصر بعض فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم اغفر للمحلقين فقيل يا رسول الله وللمقصرين فذكرها ثلاثة وقال في الثالثة وللمقصرين وبه عن يونس بن بكير عن هشام الدستوائي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي إبراهيم عن أبي سعيد الخدري قال حلق أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية كلهم إلا رجلين قصرا ولم يحلقا وبه عن بن إسحاق عن عبد الله بن أبي نجيح عن مجاهد عن بن عباس قال حلق رجال يوم الحديبية وقصر آخرون فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم رحم الله المحلقين قالوا يا رسول الله والمقصرين قال رحم الله المحلقين قالوا يا رسول الله والمقصرين قال رحم الله المحلقين قالوا يا رسول الله والمقصرين قال والمقصرين قالوا فما بال المحلقين ظاهرت لهم بالترحم قال لم يشكوا رواه عن بن إسحاق جماعة أصحابه إلا أن أبا إبراهيم الأنصاري هذا هو الأشهلي لم يرو عنه غير يحيى بن أبي كثير وروى أبو داود الطيالسي قال حدثني هشام الدستوائي عن يحيى بن أبي كثير عن إبراهيم الأنصاري عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى أصحابه حلقوا رؤوسهم يوم الحديبية إلا عثمان بن عفان وأبا قتادة فاستغفر رسول الله صلى الله عليه وسلم للمحلقين ثلاثا وللمقصرين واحدة وقد ذكرنا هذه الأحاديث بالأسانيد في التمهيد وقد أجمع العلماء على أن النساء لا يحلقن وأن سنتهن التقصير وقد ثبت أن ذلك كان عام الحديبية حين أحصر رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنع من النهوض إلى البيت وقد تقدم ذكر أحكام المحصر في موضعه واختلف الفقهاء هل الحلاق نسك يجب على الحاج والمعتمر أم لا فقال مالك الحلاق نسك يجب على الحاج المتم لحجه والمعتمر لعمرته وهو أفضل من التقصير ويجب على كل من فاته الحج أو أحصر بعدو أو مرض وهو قول جماعة الفقهاء إلا في المحصر بعدو هل هو من النسك أم لا فقد اختلفوا في ذلك‏.‏

وقال أبو حنيفة المحصر ليس عليه تقصير ولا حلاق وقال أبو يوسف يقصر فإن لم يفعل فلا شيء عليه وقد روي عن أبي يوسف أن عليه الحلاق أو التقصير لا بد له منه واختلف قول الشافعي هل الحلاق من النسك أو ليس من النسك على قولين أحدهما الحلاق من النسك والآخر الحلاق من الإحلال لأنه ممنوع منه بالإحرام قال أبو عمر من جعل الحلاق نسكا أوجب على من تركه دما واختلف قول مالك فيمن أفاض قبل أن يحلق فذكر بن عبد الحكم قال ومن أفاض قبل أن يحلق فليحلق ثم ليفض فإن لم يفض فلا شيء عليه قال وقد قال ينحر ويحلق ولا شيء عليه قال والأول أحب إلينا وقال بن حبيب يعيد الإفاضة‏.‏

853- مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه أنه كان يدخل مكة ليلا وهو معتمر فيطوف بالبيت وبين الصفا والمروة ويؤخر الحلاق حتى يصبح قال ولكنه لا يعود إلى البيت فيطوف به حتى يحلق رأسه قال وربما دخل المسجد فأوتر فيه ولا يقرب البيت قال أبو عمر ليس عليه في تأخير الحلاق حرج إذا شغله عنه ما يمنعه منه وأظن القاسم لم يجد في الليل من يحلقه‏.‏

وأما امتناعه من الطواف قبل الحلق فمن أجل ألا يطوف في عمرته طوافين والله أعلم لأنه خلاف السنة المجتمع عليها فإذا حل بالحلاق طاف تطوعا ما شاء‏.‏

وأما قوله ‏(‏وربما دخل المسجد فأوتر فيه ولا يقرب البيت‏)‏ فذلك لأن لا تدعوه نفسه إلى الطواف فينسى فيطوف في موضع ليس له أن يطوف فيه من أجل الحلاق المانع له ذلك فإذا حلق خرج من عمرته كلها فصنع ما شاء من طواف كله وهذا يدلك أن حلاق الرأس يعد من مناسك الحج والمعتمر على ما ذكرنا من مذهب مالك في ذلك‏.‏

وأما قول مالك التفث حلاق الشعر ولبس الثياب وما يتبع ذلك فهو كما قال ذلك لا خلاف فيه سئل مالك عن رجل نسي الحلاق بمنى في الحج هل له رخصة في أن يحلق بمكة قال ذلك واسع والحلاق بمنى أحب إلي قال أبو عمر إنما استحب ذلك ليكون حلق رأسه في حجه حيث ينحر هديه في حجه وذلك بمنى هو منحر الحاج عند الجميع وأجازه بمكة كما يجوز النحر بمكة لم ينحر هنا لأن الهدي إذا لم يبلغ مكة فقد بلغ محله قال مالك الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا أن أحدا لا يحلق رأسه ولا يأخذ من شعره حتى ينحر هديا أن كان معه ولا يحل من شيء حرم عليه حتى يحل بمنى يوم النحر وذلك أن الله تبارك وتعالى قال ‏(‏ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدى محله‏)‏ ‏[‏البقرة 196‏]‏‏.‏

قال أبو عمر اختلف الناس فيمن حلق قبل أن ينحر أو قبل أن يرمي فقال مالك إذا حلق قبل أن يرمي فعليه دم وإن حلق قبل أن ينحر فلا شيء عليه وبه قال أبو يوسف ومحمد‏.‏

وقال الشافعي إن حلق قبل أن يرمي أو قبل أن ينحر فلا شيء عليه‏.‏

وقال أبو حنيفة والثوري إن حلق قبل أن ينحر أو قبل أن يرمي فعليه دم وإن كان قارنا فعليه دمان وقال زفر إن كان قارنا فعليه ثلاثة دماء دم للقران ودمان للحلاق قبل النحر وسنذكر هذه المسألة بأتم ذكر من ها هنا عند ذكر حديث بن شهاب عن عيسى بن طلحة في باب جامع الحج إن شاء الله ‏(‏عز وجل‏)‏‏.‏

باب التقصير

854- مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان إذا أفطر من رمضان وهو يريد الحج لم يأخذ من رأسه ولا من لحيته شيئا حتى يحج قال أبو عمر إنما كان بن عمر يفعل ذلك والله أعلم لأنه كان يتمتع بالعمرة إلى الحج فيهدي ومن أهدى أو ضحى لم يأخذ من شعره ولا من أظفاره شيئا حتى يضحي عند طائفة من أهل العلم لحديث مالك عن عمرو بن مسلم بن أكيمة عن سعيد بن المسيب عن أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من رأى منكم هلال ذي الحجة فأراد أن يضحي فلا يأخذ من شعره ولا من أظفاره وممن قال بهذا الحديث الأوزاعي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وطائفة من التابعين قد تقدم ذكرهم في هذا الكتاب لأنا أوضحنا القول فيهم في باب ما لا يوجب الإحرام من تقليد الهدي وكان مالك والثوري وأبو حنيفة وأصحابه لا يقولون بهذا الحديث وقد بينا وجوه أقوالهم في الباب المذكور وهنالك بينا مذهب الشافعي أيضا‏.‏

855- مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان إذا حلق في حج أو عمرة أخذ من لحيته وشاربه وهذا معناه لما كان حراما عليه أن يأخذ من لحيته وشاربه وهو محرم رأى أن ينسك بذلك عند إحلاله‏.‏

856- مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أن رجلا أتى القاسم بن محمد فقال إني أفضت وأفضت معي بأهلي ثم عدلت إلى شعب فذهبت لأدنو من أهلي فقالت إني لم أقصر من شعري بعد فأخذت من شعرها بأسناني ثم وقعت بها فضحك القاسم وقال مرها فلتأخذ من شعرها بالجلمين قال مالك أستحب في مثل هذا أن يهرق دما وذلك أن عبد الله بن عباس قال من نسي من نسكه شيئا فليهرق دما قال أبو عمر هذا الحديث بين ما فيه مدخل للقول إلا أن من السنة إذا رمى الجمرة إن كان معه هدي أن يحلق وينحر ثم يفيض وعمل يوم النحر الحلق والرمي للإفاضة قد أجاز فيه جمهور أهل العلم التقديم والتأخير ومعلوم أن من طاف للإفاضة فقد حل له النساء فلم يأت الرجل حراما في فعله ذلك إلا أنه أساء إذ وطىء قبل الحلق وعليه أن يحلق كما قال له القاسم لا غير واستحب له مالك الدم مع ذلك ذكره عن بن عباس ولم يره عليه القاسم لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم افعل ولا حرج يعني في التقديم والتأخير فيما يعمل يوم النحر من أعمال الحج روى القاسم أن التقصير بالأسنان له هذا الشأن وأجمعوا أن سنة المرأة التقصير لا الحلاق وقد روى الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لا تحلق المرأة رأسها وقال الحسن حلق رأسها مثله فرأى القاسم الأخذ بالجلمين للمقصر لأنه المعروف بالتقصير كما أن المعروف بالحج الحلاق بالموسي في الحج وكان مالك يقول الحلق بالموسي في غير الحج مثله وقال غيره لما كان الحلق بالموسي نسكا في الحج كان في غير الحج حسنا وفي أخذ بن عمر من آخر لحيته في الحج دليل على جواز الأخذ من اللحية في غير الحج لأنه لو كان غير جائز ما جاز في الحج لأنهم أمروا أن يحلقوا أو يقصروا إذا حلوا محل حجهم ما نهوا عنه في حجهم وبن عمر روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أعفوا اللحا وهو أعلم بمعنى ما روى فكان المعنى عنده وعند جمهور العلماء الأخذ من اللحية ما تطاير والله أعلم وروي عن علي ‏(‏رضي الله عنه‏)‏ أنه كان يأخذ من لحيته ما يلي وجهه وقال إبراهيم كانوا يأخذون من عوارض لحاهم وكان إبراهيم يأخذ من عارض لحيته وعن أبي هريرة أنه كان يأخذ من اللحية ما فضل عن القبضة وعن بن عمر مثل ذلك وعن الحسن مثله وقال قتادة ما كانوا يأخذون من طولها إلا في حج أو عمرة كانوا يأخذون من العارضين كل ذلك من كتاب بن أبي شيبة بالأسانيد أخبرنا عبد الوارث قال حدثني قاسم قال حدثني الخشني قال حدثني محمد بن أبي عمر العدني قال حدثني سفيان قال حدثني بن أبي نجيح عن مجاهد قال رأيت بن عمر قبض على لحيته يوم النحر ثم قال للحجام خذ ما تحت القبضة‏.‏

857- مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه لقي رجلا من أهله يقال له المجبر قد أفاض ولم يحلق ولم يقصر جهل ذلك فأمره عبد الله أن يرجع فيحلق أو يقصر ثم يرجع إلى البيت فيفيض قال أبو عمر القول في معنى الحديث قبله يعني عن القول فيه‏.‏

858- مالك أنه بلغه أن سالم بن عبد الله كان إذا أراد أن يحرم دعا بالجلمين فقص شاربه وأخذ من لحيته قبل أن يركب وقبل أن يهل محرما قال أبو عمر هذا أحسن لأنه معلوم أن الشعر يطول ويسمح ويثقل فتأهب لذلك وقد فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وطائفة من أصحابه في الطيب قبل الإحرام ما يدفع عنهم ريح عرق أبدانهم هذا واضح والقول فيه تكلف لوضوحه وفيه أنه جائز أن يأخذ الرجل من لحيته وذلك إن شاء الله كما قال مالك يؤخذ ما تطاير منها وطال وقبح وسيأتي القول في معنى قوله عليه السلام أحفوا الشوارب وأعفوا اللحا في موضعه من كتاب الجامع إن شاء الله‏.‏

باب التلبيد

859- مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن عمر بن الخطاب قال من ضفر رأسه فليحلق ولا تشبهوا بالتلبيد قال أبو عمر قد روي مثل قول بن عمر هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجه حسن ويروى في هذا الحديث تشبهوا وتشبهوا بضم التاء وفتحها وهو الصحيح بمعنى تتشبه ومن روى ‏(‏تشبهوا‏)‏ أراد لا تشبهوا عليها فتفعلوا أفعالا تشبه التلبيد الذي من سنة فاعله أن يحلق‏.‏

860- مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب قال من عقص رأسه أو ضفر أو لبد فقد وجب عليه الحلاق روى بن جريج عن عطاء بن عمر قال من عقد أو لبد أو ضفر أو عقص فليحلق وقال بن عباس نواه وروى بن عيينة عن عمرو بن دينار عن عطاء عن بن عباس قال من ضفر رأسه أو عقص أو لبد فهو ما نوى قال وقال بن عمر من عقص رأسه أو ضفر أو لبد فقد وجب عليه الحلاق وسفيان عن أيوب بن موسى عن نافع عن بن عمر مثله إلا أنه قال فليحلق وبه قال مالك والثوري والشافعي وأحمد وإسحاق قال أبو عمر قول بن عباس ‏(‏هو ما نواه‏)‏ يريد من حلق أو قصر في حين عقصه أو ضفره أو تلبيده وقد قالت به فرقة‏.‏

وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد إن قصر الملبد لرأسه بالمقراض أو بالمقص أجزأه قال أبو عمر التلبيد سنة الحلق وذلك أنه من لبد رأسه بالخطمي وما أشبهه مما يمنع وصول التراب إلى أصول الشعر وقاية لنفسه والذي عليه العلماء أن لا تقصير دون الحلاق مع أنه سنة لقوله عليه السلام لبدت رأسي ثم حلق صلى الله عليه وسلم ولم يقصر في حجته ومعنى التلبيد أن يجعل الصمغ في الغسول ثم يلطخ به رأسه إذا أراد أن يحرم ليمنعه ذلك من الشعث ولما ذكرنا والعقص أن يجمع شعره في قفاه وهذا لا يمكن إلا في قليل الشعر فرأى عمر بن الخطاب ‏(‏رضي الله عنه‏)‏ فيمن فعل شيئا من ذلك أن الحلاق عليه واجب وهذا عند العلماء وجوب بسنة ومعنى قوله ‏(‏لا تشبهوا بالتلبيد‏)‏ أي لا تفعلوا أفعالا حكمها حكم التلبيد من العقص والضفر ونحوه ثم تقصرون ولا تحلقون وتقولون لم نلبد يقول فمن عقص أو ضفر فهو ملبد وعليه ما على الملبد من الحلاق‏.‏

باب الصلاة في البيت وقصر الصلاة وتعجيل الخطبة بعرفة

861- مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل الكعبة هو وأسامة بن زيد وبلال بن رباح وعثمان بن طلحة الحجبي فأغلقها عليه ومكث فيها قال عبد الله فسألت بلالا حين خرج ما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال جعل عمودا عن يمينه وعمودين عن يساره وثلاثة أعمدة وراءه وكان البيت يومئذ على ستة أعمدة ثم صلى هكذا روى هذا الحديث جماعة من رواة مالك في الموطأ انتهوا فيه إلى قوله ثم صلى وزاد فيه بن القاسم وجعل بينه وبين الجدار ثلاثة أذرع ولم يقولوا نحو ذلك وقد ذكرنا اختلاف ألفاظ أصحاب نافع في التمهيد أيضا بالأسانيد وفي هذا الحديث رواية الصاحب عن الصاحب وقد روى بن عباس عن أسامة بن زيد قال دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم الكعبة فسبح وكبر في نواحيها ولم يصل فيها ثم خرج فصلى خلف المقام قبل الكعبة ركعتين ثم قال هذه القبلة وروى مجاهد عن بن عمر عن بلال أنه قال له أصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الكعبة قال نعم قلت أين صلى قال بين الأسطوانين ركعتين ثم خرج فصلى ركعتين في وجه القبلة هكذا حديث سيف بن سليمان عن مجاهد وروى يزيد بن أبي زياد عن مجاهد عن عبد الله بن صفوان قال قلت لعمر بن الخطاب كيف صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين دخل الكعبة قال صلى ركعتين قال أبو عمر وهما حديثان وقد ذكرنا أسانيد هذه الأحاديث وغيرها في التمهيد وفيها ما يرد قول من زعم أنه صلى في حديث بلال معناه أنه دعا ورواية بن عمر عن بلال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى في الكعبة ركعتين أولى من رواية بن عباس عن أسامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يصل فيها لأن من نفى شيئا وأثبته غيره لم يعد شاهدا وإنما الشاهد المثبت لا النافي وهذا أصل من أصول الفقه في الشهادات إذا تعارضت مثل هذا واختلف الفقهاء في الصلاة في الكعبة الفريضة والنافلة فقال مالك لا يصلي فيها الفرض ولا الوتر ولا ركعتي الفجر ولا ركعتي الطواف ويصلي فيها التطوع وقد ذكرنا اختلاف قوله وقول أصحابه فيمن صلى فيها أو على ظهرها الفريضة في كتاب اختلافهم والأشهر عنه أنهم يعيدون في الوقت‏.‏

وقال الشافعي وأبو حنيفة والثوري يصلى في الكعبة الفريضة والنافلة قال الشافعي إن صلى في جوفها مستقبلا حائطا من حيطانها فصلاته جائزة أو صلى عند الباب والباب مفتوح فصلاته جائزة أو صلى عند الباب والباب مفتوح فصلاته باطلة لانه لم يستقبل شيئا منها قال ومن صلى على ظهرها فصلاته باطلة لأنه لم يستقبل شيئا منها‏.‏

وقال أبو حنيفة من صلى على ظهر الكعبة فلا شيء عليه واختلف أهل الظاهر فيمن صلى في الكعبة فقال بعضهم صلاته جائزة لأنه قد استقبل بعضها وقال بعضهم لا صلاة له نافلة ولا فريضة لأنه قد استدبر بعضها وقد نهى عن ذلك حين أمر أن يستقبلها واحتج قائل هذه المقالة بقول بن عباس أمر الناس أن يصلوا إلى الكعبة ولم يؤمروا أن يصلوا فيها وقد أوضحنا هذه المسألة في التمهيد إن شاء الله وبالله التوفيق‏.‏

باب تعجيل الصلاة بعرفة وتعجيل الوقوف بها

862- مالك عن بن شهاب عن سالم بن عبد الله أنه قال كتب عبد الملك بن مروان إلى الحجاج بن يوسف أن لا تخالف عبد الله بن عمر في شيء من أمر الحج قال فلما كان يوم عرفة جاءه عبد الله بن عمر حين زالت الشمس وأنا معه فصاح به عند سرادقه أين هذا فخرج عليه الحجاج وعليه ملحفة معصفرة فقال ما لك يا أبا عبد الرحمن فقال الرواح إن كنت تريد السنة فقال أهذه الساعة قال نعم قال فأنظرني حتى أفيض علي ماء ثم أخرج فنزل عبد الله حتى خرج الحجاج فسار بيني وبين أبي فقلت له إن كنت تريد أن تصيب السنة اليوم فاقصر الخطبة وعجل الصلاة قال فجعل ينظر إلى عبد الله بن عمر كيما يسمع ذلك منه فلما رأى ذلك عبد الله قال صدق سالم قال أبو عمر هذا الحديث يخرج من المسند لقول عبد الله بن عمر للحجاج الرواح إن كنت تريد السنة وكذلك قول سالم له إن كنت تريد أن تصيب السنة فاقصر الخطبة وعجل الصلاة وقول بن عمر صدق وقد ذكرنا رواية معمر وغيره عن الزهري لهذا الحديث ومن قال أن الزهري شهد هذه القصة معهم وصحح سماع الزهري من بن عمر يومئذ وبينا ذلك في كتاب التمهيد وفي هذا الحديث فقه وأدب وعلم كثير من أمور الحج فمن ذلك أن إقامة الحج إلى الخلفاء ومن جعلوا ذلك إليه وأمروه عليه وفيه أيضا أنه يجب أن يضم إلى الأمير على الموسم من هو أعلم منه بالكتاب والسنة وطرق الفقه وفيه الصلاة خلف الفاجر من السلاطين ما كان إليهم إقامته من الصلوات ومثل الحج والأعياد والجمعات ولا خلاف بين العلماء أن الحج يقيمه السلطان للناس ويستخلف عليه من يقيمه لهم على شرائعه وسننه فيصلون خلفه برا كان أو فاجرا أو مبتدعا ما لم تخرجه بدعته عن الإسلام وفيه أن الرجل الفاضل لا نقيصة عليه في مشيه مع السلطان الجائر فيما يحتاج إليه وفيه أن رواح الإمام من موضع نزوله من عرفة إلى مسجدها حين تزول الشمس للجمع بين الظهر والعصر في المسجد في أول وقت الظهر وكذلك فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ويلزم ذلك كله من بعد عن المسجد بعرفة أو قرب أن لا يكون موضع نزوله متصلا بالصفوف فإن لم يفعل وصلى بصلاة الإمام فلا حرج وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نزل بعرفة عند الصخرات قريبا من منزل الأمراء اليوم وروي عنه أنه نزل بنمرة من عرفة وحيث ما نزل بعرفة فجائز وكذلك وقوفه منها حيث شاء ما وقف إلا بطن عرنة وقد ذكرنا ما يلزم من وقف ببطن عرنة وما للعلماء في ذلك فإذا زاغت الشمس وراح إلى المسجد بعرفة فيصلي بها الظهر والعصر جميعا مع الإمام في أول وقت الظهر أخبرنا عبد الله بن محمد قال حدثني محمد بن بكر قال حدثني أبو داود قال حدثني أحمد بن حنبل قال حدثني وكيع قال حدثني نافع بن عمر عن سعيد بن حسان عن بن عمر قال لما قتل الحجاج بن الزبير أرسل إلى بن عمر أية ساعة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يروح في هذا اليوم قال إذا كان ذلك رحنا فلما أراد بن عمر أن يروح قال أزاغت الشمس قالوا لم تزغ الشمس وقال أزاغت الشمس قالوا لم تزغ ثم قال أزاغت فلما قالوا قد زاغت ارتحل وفي حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم لما زاغت الشمس أمر بالقصواء فرحلت له وأتى الوادي وخطب الناس ثم أذن بلال ثم أقام فصلى الظهر ثم أقام فصلى العصر ولم يصل بينهما شيئا ثم راح إلى الموقف قال أبو عمر هذا كله لا خلاف بين العلماء المسلمين فيه واختلف الفقهاء في وقت أذان المؤذن بعرفة في الظهر والعصر وفي جلوس الإمام للخطبة قبلها فقال مالك يخطب الإمام طويلا ثم يؤذن المؤذن وهو يخطب ثم يصلي وهذا معناه أن يخطب الإمام صدرا من خطبته ثم يؤذن المؤذن فيكون فراغه مع فراغ الإمام من الخطبة ثم ينزل فيقيم وحكى عنه بن نافع أنه قال الأذان إذا قام بعرفة بعد جلوس الإمام للخطبة‏.‏

وقال الشافعي يأخذ المؤذن في الأذان إذا قام الإمام للخطبة الثانية فيكون فراغه من الأذان بفراغ الإمام من الخطبة ثم ينزل فيصلي الظهر ثم يقيم المؤذن الصلاة للعصر‏.‏

وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد إذا صعد الإمام المنبر أخذ المؤذن في الأذان فإذا فرغ الإمام قام المؤذن فخطب ثم ينزل ويقيم المؤذن الصلاة وبه قال أبو ثور وسئل مالك عن الإمام إذا صعد المنبر يوم عرفة أيجلس قبل أن يخطب قال نعم ثم يقوم فيخطب طويلا ثم يؤذن المؤذن وهو يخطب ثم يصلي ذكره بن وهب عنه قال‏.‏

وقال مالك يخطب خطبتين وهو قول أبي حنيفة وأصحابه ما قدمنا ما يدل على أن الإمام يجلس فإذا فرغ المؤذن قام يخطب‏.‏

وقال الشافعي إذا أتى الإمام المسجد خطب الخطبة الأولى ولم يذكر جلوسا عند صعود المنبر فإذا فرغ من الأولى جلس جلسة خفيفة قدر قراءة ‏(‏قل هو الله أحد‏)‏ ‏[‏الإخلاص 1‏]‏‏.‏

ثم يقوم فيخطب خطبة أخرى وأجمع العلماء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما صلى بعرفة صلاة المسافر لا صلاة جمعة ولم يجهر بالقراءة وكذلك أجمعوا أن الجمع بين الظهر والعصر يوم عرفة مع الإمام سنة مجتمع عليها واختلفوا فيمن فاتته الصلاة يوم عرفة مع الإمام هل له أن يجمع بينهما أم لا فقال مالك يجمع بين الظهر والعصر إذا فاته ذلك مع الإمام وكذلك المغرب والعشاء يجمع بينهما بالمزدلفة إذا فاتته مع الإمام وقال الثوري صل مع الإمام بعرفة الصلاتين إن استطعت وإن صليت في ذلك فصل كل صلاة لوقتها وكذلك قال أبو حنيفة لا يجمع بينهما إلا من صلاهما مع الإمام‏.‏

وأما من صلى وحده فلا يصلي كل صلاة منهما إلا لوقتها وهو قول إبراهيم‏.‏

وقال الشافعي وأبو يوسف ومحمد وأبو ثور وأحمد وإسحاق جائز أن يجمع بينهما من المسافرين من صلى مع الإمام ومن صلى وحده إذا كان مسافرا وحجتهم أن جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما كان من أجل السفر ولكل مسافر الجمع بينهما كذلك واختلف العلماء في الأذان للجمع بين الصلاتين بعرفة فقال مالك يصليهما بأذانين وإقامتين‏.‏

وقال الشافعي والثوري وأبو حنيفة وأصحابه وأبو ثور وأبو عبيد والطبري يجمع بينهما بأذان واحد وإقامتين بإقامة لكل صلاة وقد روي عن مالك مثل ذلك والمشهور عنه وتحصيل مذهبه ما قدمنا ذكره ‏(‏من قوله في صلاتي المزدلفة والحجة له قد تقدمت هناك‏)‏ واختلف عن أحمد بن حنبل فروي عنه وعن إسحاق بن راهويه أنه يجمع بينهما بإقامة إقامة دون أذان رواه الكوسج عنهما وروى عنه أحمد الأثرم من فاتته الصلاة مع الإمام فإن شاء جمع بينهما بأذان واحد وإقامتين وإن شاء بإقامة إقامة وحجة مالك ومن قال بقوله في ذلك ما رواه إسرائيل عن سماك بن حرب عن النعمان بن حميد أبي قدامة أنه صلى مع عمر بن الخطاب الصلاتين بأذانين وإقامتين وعن بن مسعود مثل ذلك بالمزدلفة ومنهم من ذكر عنه ذلك في حديث عرفة والمزدلفة وقال فيه المحاربي لا أعلمه إلا عن النبي صلى الله عليه وسلم والحجة للشافعي ومن قال بأذان واحد وإقامتين حديث جابر الحديث الطويل في الحج ورواه جماعة من الثقات عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر وساقوا الحديث بطوله وفيه فلما أتى عرفة خطب فلما فرغ بالخطبة أذن بلال ثم أقام فصلى الظهر ثم أقام فصلى العصر لم يصل بينهما شيئا الحديث وفي لبس الحاج المعصفر وترك بن عمر الإنكار عليه مع أمر عبد الملك إياه أن لا يخالف عبد الله بن عمر في شيء من أمر الحج دليل على أنه مباح عنده وإن كان جماعة من أهل العلم يكرهونه وكان مالك ‏(‏رحمه الله‏)‏ يكره المصبغات للرجال والنساء وخالف في ذلك أسماء بنت أبي بكر وروي عن عائشة مثل قول مالك رواه الثوري عن الأعمش عن إبراهيم عن عائشة كانت تكره المثرد بالعصفر ومن كان يكره لبس المصبغات بالعصفر ثم في الإحرام الثوري وأبو حنيفة وأصحابه وأبو ثور ورخص فيه الشافعي وجماعة لأنه ليس بطيب وفي الحديث من الفقه ما يدل على أن تأخير الصلاة بعرفة بعد الزوال قليلا لعمل يكون من أعمال الصلاة مثل الغسل والوضوء وما أشبه ذلك أنه لا بأس بذلك وفيه الغسل للوقوف بعرفة لأن قول الحجاج لعبد الله بن عمر أنظرني حتى أفيض علي ماء كذلك كان وهو مذهب عبد الله بن عمر وأهل العلم يستحبونه وفيه إباحة فتوى الصغير بين يدي الكبير ألا ترى أن سالما علم الحاج قصر الخطبة وتعجيل الصلاة وأبوه بن عمر إلى جنبه وقصر الصلاة في ذلك الموضع وفي غيره سنة وتعجيل الصلاة في ذلك الموضع سنة مجتمع عليها في أول وقت الظهر ثم يصلى العصر بإثر السلام من الظهر وأجمع العلماء على أن الإمام لو صلى بعرفة يوم عرفة بغير خطبة أن صلاته جائزة وأنه يقصر الصلاة إذا كان مسافرا وإن لم يخطب ويسر القراءة فيهما لأنهما ظهر وعصر قصرتا من اجل السفر وأجمعوا أن الخطبة قبل الصلاة يوم عرفة وأم قوله ‏(‏عجل الصلاة‏)‏ فكذلك رواه يحيى وبن القاسم وبن وهب ومطرف وقال فيه القعنبي وأشهب إن كنت تريد أن تصيب السنة فأقصر الخطبة وعجل الوقوف مكان عجل الصلاة وهو غلط لأن أكثر الرواة عن مالك على خلافه وتعجيل الصلاة بعرفة سنة وقد يحتمل قول القعنبي أيضا لأن تعجيل الوقوف بعد تعجيل الصلاة والفراغ منها سنة أيضا ومعلوم أنه من عجل الصلاة عجل الوقوف لأنه بإثرها متصل بها‏.‏

باب الصلاة بمنى يوم التروية والجمعة بمنى وعرفة

863- مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يصلي الظهر والعصر والمغرب والعشاء والصبح بمنى ثم يغدو إذا طلعت الشمس إلى عرفة قال أبو عمر أما صلاته يوم التروية بمنى الظهر والعصر والمغرب والعشاء والصبح فكذلك فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي سنة معمول بها عند الجميع مستحبة ولا شيء عندهم على تاركها إذا شهد عرفة في وقتها أما غدوه منها إلى عرفة حين تطلع الشمس فحسن وليس في ذلك عند أهل العلم حد وحسب الحاج البائت بمنى ليلة عرفة ألا تزول له الشمس يوم عرفة إلا بعرفة قال مالك والأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا أن الإمام لا يجهر بالقرآن في الظهر يوم عرفة وإنه يخطب الناس يوم عرفة وأن الصلاة يوم عرفة إنما هي ظهر وأن وافقت الجمعة فإنما هي ظهر ولكنها قصرت من أجل السفر قال مالك في إمام الحاج إذا وافق يوم الجمعة يوم عرفة أو يوم النحر أو بعض أيام التشريق إنه لا يجمع في شيء من تلك الأيام قال أبو عمر أجمعوا على أنه لا يجهر الإمام بالقراءة في الصلاة بعرفة يوم عرفة وأجمعوا على أن الإمام لو صلى بعرفة يوم عرفة بغير خطبة أن صلاته جائزة واختلفوا في وجوب الجمعة بعرفة ومنى فقال مالك لا تجب الجمعة بعرفة ولا بمنى أيام الحج لا على أهل مكة ولا على غيرهم إلا أن يكون الإمام من أهل عرفة فيجمع بعرفة‏.‏

وقال الشافعي لا تجب الجمعة بعرفة إلا أن يكون فيها من أهلها أربعون رجلا فيجوز حينئذ أن يصلي بهم الإمام الجمعة يعني إن كان من أهلها أو كان مكيا‏.‏

وقال أبو حنيفة وأبو يوسف إذا كان الإمام أمير الحاج ممن لا يقضي الصلاة بمنى ولا بعرفة فعليه أن يصلي بهم الجمعة بمنى وبعرفة في يوم الجمعة وقال محمد بن الحسن لا جمعة بمنى ولا بعرفات‏.‏

وقال أبو ثور إذا كان الإمام من أهل مكة جمع يوم الجمعة بعرفة‏.‏

وقال أحمد بن حنبل إذا كان والي مكة بمكة جمع بها وقال عطاء يجمع بمكة إمامهم ويخطب وذكر عبد الرزاق قال أخبرنا بن جريج عن عطاء قال لا يرفع الصوت بالقراءة يوم عرفة إلا أن يوافق يوم جمعة فيرفع صوته قال‏.‏

وأخبرنا معمر قال قيل للزهري إنه وافق يوم جمعة يوم عرفة فلم يدر هشام بن عبد الملك أيجهر بالقراءة أم لا فقال الزهري أما كان أحد يخبرهم أنه ليس ثم جمعة وإنما هم سفر قال‏.‏

وأخبرنا بن جريج قال حضرت يوم عرفة وذلك يوم جمعة فصلى له إبراهيم بن هشام فجهر بالقراءة فسبح سالم بن عبد الله من ورائه فنظر إليه إبراهيم فأومأ إليه سالم أن اسكت فسكت قال أبو عمر حجة من قال لا جمعة بعرفة ولا بمنى أنهما ليستا بمصر وإنما الجمعة على أهل الأمصار وحجة من قال بقول مالك أن أهل مكة لما كان عليهم أن يقصروا بمنى وعرفة عنده كانوا بمنزلة المسافرين ولا جمعة على مسافر لا في يوم النحر ولا في غيره وهذا إنما يخرج على إمام قادم مكة من غيرها مسافر فإن كان من أهلها فكما قال عطاء وبالله التوفيق‏.‏

باب صلاة المزدلفة

864- مالك عن بن شهاب عن سالم بن عبد الله عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى المغرب والعشاء بالمزدلفة جميعا‏.‏

865- مالك عن موسى بن عقبة عن كريب مولى بن عباس عن أسامة بن زيد أنه سمعه يقول دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم من عرفة حتى إذا كان بالشعب نزل فبال فتوضأ فلم يسبغ الوضوء فقلت له الصلاة يا رسول الله فقال الصلاة أمامك فركب فلما جاء المزدلفة نزل فتوضأ فأسبغ الوضوء ثم أقيمت الصلاة فصلى المغرب ثم أناخ كل إنسان بعيره في منزله ثم أقيمت الصلاة فصلى العشاء فصلاها ولم يصل بينهما شيئا‏.‏

866- مالك عن يحيى بن سعيد عن عدي بن ثابت الأنصاري أن عبد الله بن يزيد الخطمي أخبره أن أبا أيوب الأنصاري أخبره أنه صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع المغرب والعشاء بالمزدلفة جميعا‏.‏

867- مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يصلي المغرب والعشاء بالمزدلفة جميعا قال أبو عمر أجمع العلماء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دفع من عرفة في حجته بعد ما غربت الشمس يوم عرفة أخر صلاة المغرب ذلك الوقت فلم يصلها حتى أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء جمع بينهما بعد ما غاب الشفق وأجمعوا أن ذلك من سنة الحاج كلهم في ذلك الموضع واختلفوا في كيفية الأذان والإقامة لتلك الصلاتين بها فقال مالك يجمع بينهما ويؤذن ويقيم لكل واحدة منهما وقال الثوري يصليهما بإقامة واحدة لا يفصل بينهما‏.‏

وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد يصلي المغرب بأذان وإقامة ويصلي العشاء بإقامة وبه قال أبو ثور‏.‏

وقال الشافعي يصليهما بإقامة إقامة وقال بن القاسم قال لي مالك كل صلاة إلى الأئمة فلكل صلاة أذان وإقامة قال أبو عمر لا أعلم الحجة لمالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل الصلاتين بالمزدلفة وقتا واحدا سن ذلك لهما وإذا كان وقتهما واحدا لم تكن واحدة منهما أولى بالأذان والإقامة من صاحبتها لأن كل واحدة منهما تصلى في وقتها وقد أجمعوا أن الصلاة إذا صليت في جماعة لوقتها أن من سنتها الأذان لها كما تقدم حدثني عبد الرحمن بن يحيى قال حدثني أحمد بن سعيد قال سمعت أحمد بن خالد يعجب من مالك في هذا الباب إذ أخذ بحديث بن مسعود ولم يروه وترك الأحاديث التي روى قال أبو عمر لا أعلم مالكا روى في ذلك حديثا فيه ذكر أذان ولا إقامة وأعجب منه ما عجب منه أحمد أن أبا حنيفة وأصحابه لا يعدلون بابن مسعود واحدا وخالفوه في هذه المسألة وأخذوا بحديث جابر وهو حديث مديني لم يرووه فقالو ا به وتركوا أحاديث أهل الكوفة في ذلك وحجة من قال بقول الثوري أنهما تصليان جميعا بإقامة واحدة ما رواه شعبة عن الحكم بن عتيبة وسلمة بن كهيل قالا صلى بنا سعيد بن جبير بالمزدلفة المغرب ثلاثا بإقامة فلما سلم صلى ركعتين ثم حدث عن بن عمر أنه صنع في ذلك المكان بمثل ذلك‏.‏

وحدث بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صنع بهم في ذلك المكان مثل ذلك وروى الثوري عن سلمة بن كهيل عن سعيد بن جبير عن بن عمر قال جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بجمع فصلى المغرب ثلاثا والعشاء ركعتين بإقامة واحدة والثوري وشعبة أيضا عن أبي إسحاق عن عبد الله بن مالك قال صليت مع بن عمر المغرب ثلاثا والعشاء ركعتين بالمزدلفة بإقامة واحدة قال فقلت ما هذه الصلاة يا أبا عبد الرحمن قال صليتهما مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا المكان بإقامة واحدة وفي هذا آثار كثيرة قد ذكرناها في التمهيد روي مثل ذلك من حديث أبي أيوب الأنصاري ومن حديث البراء عن النبي صلى الله عليه وسلم وحجة من قال بقول أبي حنيفة أنهما تصليان بأذانين وإقامتين حديث جعفر بن محمد بن علي عن أبيه عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاهما كذلك قالوا وإن كان قصر بعض من نقل حديث جابر هذا بالمزدلفة فلم تختلف الآثار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الصلاتين بعرفة بأذان واحد وإقامتين والقياس أن تكونا كذلك بالمزدلفة عند الاختلاف في ذلك ومن حجة من قال بقول الشافعي أنهما تصليان بالمزدلفة بإقامتين إقامة لكل واحدة منهما حديث بن شهاب عن سالم عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بالمزدلفة المغرب ثلاثا والعشاء ركعتين بإقامة لكل واحدة منهما ولم يصل بينهما شيئا هكذا رواه جماعة عن بن شهاب منهم الليث بن سعد وبن أبي ذئب ولم يحفظ ذلك معمر حدثني عبد الوارث بن سفيان قال حدثني قاسم بن أصبغ قال حدثني بكر بن حماد قال حدثني مسدد قال حدثني يحيى بن سعيد عن بن أبي ذئب عن الزهري عن سالم عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بجمع بإقامة إقامة لم يسبح بينهما ولا على إثر واحدة منهما قال أبو عمر هذا أصح عندي عن بن عمر في هذا الباب والله أعلم وبه قال سالم والقاسم وإليه ذهب إسحاق بن راهويه وكان أحمد يقول في ذلك بحديث جابر أذان وإقامتين ثم رجع إلى هذا وفي هذه المسألة قول حسن قالت به طائفة من أهل العلم قالوا يصلي الصلاتين بالمزدلفة بأذان واحد وإقامة واحدة واحتجوا برواية هشيم عن يونس بن عبيد عن سعيد بن جبير عن بن عمر أنه جمع بين المغرب والعشاء بجمع بأذان واحد وإقامة واحدة ولم يجعل بينهما شيئا وقال مثله مرفوعا عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث خزيمة بن ثابت وليس بالقوي وتحمل هؤلاء وغيرهم ممن ذهب مذهب الكوفيين في هذا الباب فيما روي عن عمر بن الخطاب أنه صلى المغرب والعشاء بالمزدلفة بأذانين وإقامتين وعن بن مسعود مثل ذلك قالوا إنما أمر عمر ‏(‏رضي الله عنه‏)‏ بالأذان في الثانية بعد أن صلى الأولى بأذان وإقامة لأن الناس كانوا قد تفرقوا لعشائهم فأذن ليجمعوهم ثم أقام قالوا وكذلك نقول إذا تفرق الناس عن الإمام لعشائهم أو غيره أمر الإمام المؤذنين فأذنوا ليجتمع الناس قالوا وهو معنى ما روي عن بن مسعود واختلفوا فيمن صلى الصلاتين المذكورتين قبل أن يصل إلى المزدلفة فقال مالك لا يصليهما أحد قبل جمع إلا من عذر فإن صلاهما من غير عذر لم يجمع بينهما حتى يغيب الشفق وقال الثوري لا يصليهما حتى يأتي جمعا وله السعة في ذلك إلى نصف الليل فإن صلاهما دون جمع عاد واحتج بقوله صلى الله عليه وسلم حين قيل له الصلاة قال الصلاة أمامك يعني بالمزدلفة ومذهب أبي حنيفة في ذلك نحو قول الثوري‏.‏

وقال أبو حنيفة إن صلاهما قبل أن يأتي المزدلفة فعليه الإعادة وسواء صلاهما قبل مغيب الشفق أو بعده عليه أن يعيدهما إذا أتى المزدلفة وروي عن جابر بن عبد الله لا صلاة إلا بجمع واختلف عن أبي يوسف وأحمد فروي عنهما مثل ذلك وروي عنهما أن من صلاهما بعرفات أجزاه قال أبو عمر قاس من قال بهذا صلاة جمع على صلاة عرفة لأنهما تصليان في أول وقت الأولى منهما وعلى قول الشافعي لا ينبغي أن يصليهما قبل جمع فإن فعل أجزاه وبه قال أبو ثور وأحمد وإسحاق وروي ذلك عن عطاء وعروة وسالم وسعيد بن جبير‏.‏

وأما حديث موسى بن عقبة عن كريب في هذا الباب فقد ذكرنا الاختلاف في إسناده على مالك وعلى موسى بن عقبة وعلى إبراهيم بن عقبة أيضا في التمهيد وهو مع ذلك حديث صحيح عند جميعهم وفيه من الفقه الوقوف بعرفة على ما ذكرناه من سنته فيما تقدم من كتابنا هذا والدفع منها بعد غروب الشمس على ما وصفنا أيضا‏.‏

وأما قوله فيه فنزل فبال فتوضأ فلم يسبغ الوضوء فقيل إنه استنجى بالماء ولم يتوضأ للصلاة وقيل إنه توضأ وضوءا خفيفا ليس بالبالغ وقيل إنه توضأ على بعض أعضاء الوضوء كوضوء بن عمر عند النوم والذي تعضده الأصول أنه استنجى ولم يتوضأ لأنه محال أن يشتغل في ذلك الوقت بما لا معنى له في شريعته ويدع العمل في نهوضه إلى منسك من مناسكه ألا ترى أنه لما حانت الصلاة في موضعها نزل فأسبغ الوضوء لها وقد ذكرنا في التمهيد حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم بال فأتبعه عمر بكوز من ماء فلم يتوضأ به للصلاة وقال لم أومر أن أتوضأ كلما بلت وذكرنا حديث بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج من الغائط فقيل له ألا تتوضأ فقال ما أصلي فأتوضأ ‏!‏ ‏!‏ وروي سفيان عن بن أبي نجيح قال سمعت عكرمة اتخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم مبالا واتخذتموه مصلى ‏!‏ يعني الشعب وفي هذا الحديث من الفقه أن الإمام إذا دفع بالحاج والناس معه لا يصلون المغرب في تلك الليلة إلا مع العشاء بعد مغيب الشفق وقد ذكرنا ما للعلماء في ذلك كله فيما تقدم من كتابنا والحمد لله‏.‏

باب صلاة منى

868- قال مالك في أهل مكة إنهم يصلون بمنى إذا حجوا ركعتين ركعتين حتى ينصرفوا إلى مكة قال أبو عمر اختلف العلماء في قصر الإمام إذا كان مكيا بمنى وعرفات أو من أهل منى بعرفات أو من أهل عرفات بمنى أو بالمزدلفة فقال مالك في الموطأ وسئل عن أهل مكة كيف صلاتهم بعرفة أركعتان أم أربع وكيف بأمير الحج إن كان من أهل مكة أيصلي الظهر والعصر بعرفة أربع ركعات أو ركعتين وكيف صلاة أهل مكة بمنى في إقامتهم فقال مالك يصلي أهل مكة بعرفة ومنى ما أقاموا بهما ركعتين ركعتين يقصرون الصلاة حتى يرجعوا إلى مكة قال وأمير الحاج أيضا إذا كان من أهل مكة قصر الصلاة بعرفة وأيام منى وإن كان أحد ساكنا بمنى مقيما بها فإن ذلك يتم الصلاة بمنى وإن كان أحد ساكنا بعرفة مقيما بها فإن ذلك يتم الصلاة بمنى وأن كان أحد ساكنا بعرفة مقيما بها فإن ذلك يتم الصلاة بها أيضا واحتج مالك لمذهبه في هذا الباب بما رواه‏.‏

869- عن هشام بن عروة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الصلاة الرباعية بمنى ركعتين وأن أبا بكر صلاها بمنى ركعتين وأن عمر بن الخطاب صلاها بمنى ركعتين شطر إمارته ثم أتمها بعد‏.‏

870- وبما رواه أيضا في هذا الباب عن بن شهاب عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب لما قدم مكة صلى بهم ركعتين ثم انصرف فقال يا أهل مكة أتموا صلاتكم فإنا قوم سفر ثم صلى عمر بن الخطاب ركعتين بمنى ولم يبلغنا أنه قال لهم شيئا‏.‏

871- وعن زيد بن أسلم عن أبيه أن عمر بن الخطاب صلى للناس بمكة ركعتين فلما انصرف قال يا أهل مكة أتموا صلاتكم فإنا قوم سفر ثم صلى عمر ركعتين بمنى ولم يبلغنا أنه قال لهم شيئا قال أبو عمر وبما ذهب إليه مالك في هذا الباب قال الأوزاعي ومن حجتهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه لم يصلوا في تلك المساجد كلها إلا ركعتين وسائر الأمراء يصلون هناك إلا ركعتين فعلم أن ذلك سنة الموضع لأن من الأمراء مكيا وغير مكي وأن عبد الله بن عمر كان إذا جاوز بمكة أتم فإذا خرج إلى منى قصر وبه قال القاسم وسالم وإسحاق بن راهويه واحتجوا أيضا بما رواه يزيد بن عياض عن بن أبي نجيح أن النبي صلى الله عليه وسلم استعمل عتاب بن أسيد على مكة وأمره أن يصلي بأهل مكة ركعتين وهذا خبر عند أهل العلم بالحديث منكر لا تقوم به حجة لضعفه ونكارته‏.‏

وقال أبو حنيفة والثوري وأصحابهما وأبو ثور وأحمد وإسحاق وداود والطبري من كان من أهل مكة صلى بمنى وعرفة أربعا لا يجوز له غير ذلك وحجتهم أن من كان مقيما لا يجوز له أن يصلي ركعتين وكذلك من لم يكن سفره سفرا تقصر في مثله الصلاة فحكمه حكم المقيم وقد ذكرنا في كتاب الصلاة في مذاهب العلماء في المسافة التي تقصر فيها الصلاة عندهم وذكرنا مذاهبهم أيضا في قصر الصلاة هل هو فرض أم سنة وذكرنا وجوه إتمام عائشة وعثمان ‏(‏رضي الله عنهما‏)‏ في كتاب الصلاة والحمد لله‏.‏

باب صلاة المقيم بمكة ومنى

وأما قوله في آخر الباب قال مالك‏.‏

872- من قدم مكة لهلال ذي الحجة فأهل بالحج فإنه يتم الصلاة حتى يخرج من مكة لمنى فيقصر وذلك أنه قد أجمع على مقام أكثر من أربع ليال وهذا قد تقدم القول فيه في كتاب الصلاة‏.‏

باب تكبير أيام التشريق

873- مالك عن يحيى بن سعيد أنه بلغه أن عمر بن الخطاب خرج الغد من يوم النحر حين ارتفع النهار شيئا فكبر فكبر الناس بتكبيره ثم خرج الثانية من يومه ذلك بعد ارتفاع النهار فكبر فكبر الناس بتكبيره ثم خرج الثالثة حين زاغت الشمس فكبر فكبر الناس بتكبيره حتى يتصل التكبير ويبلغ البيت فيعلم أن عمر قد خرج يرمي قال مالك الأمر عندنا أن التكبير في أيام التشريق دبر الصلوات وأول ذلك تكبير الإمام والناس معه دبر صلاة الظهر من يوم النحر وآخر ذلك تكبير الإمام والناس معه دبر صلاة الصبح من آخر أيام التشريق ثم يقطع التكبير قال مالك والتكبير في أيام التشريق على الرجال والنساء من كان في جماعة أو وحده بمنى أو بالآفاق كلها واجب يعني وجوب سنة وإنما يأتم الناس في ذلك بإمام الحاج وبالناس بمنى يعني أنهم يأتمون بهم في رمي الجمار والتكبير لأنهم إذا رجعوا وانقضى الإحرام ائتموا بهم حتى يكونوا مثلهم في الحل فأما من لم يكن حاجا فإنه لا يأتم بهم إلا في تكبير أيام التشريق يريد من أهل الآفاق كلهم ومن فاته الحج وأقام بمكة أيام منى قال أبو عمر تكبير عمر ‏(‏رضي الله عنه‏)‏ المذكور هو تكبيره عند رمي الجمار يوم النحر وأيام التشريق‏.‏

وأما التكبير دبر الصلوات فقد ذكرناه في بابه من صلاة العيدين في كتاب الصلاة وذكرنا اختلاف الفقهاء في ذلك والمأثور فيه عن عمر ما ذكره عبد الرزاق قال أخبرنا بن التيمي وهشيم عن الحجاج عن عطاء عن عبيد بن عمير عن عمر أنه كان يكبر من صلاة الغداة يوم عرفة إلى صلاة الظهر من آخر أيام التشريق قال‏.‏

وأخبرنا بن عيينة عن عمرو بن دينار قال سمعت عبيد بن عمير يقول كان عمر يكبر في قبته بمنى فكبر أهل المسجد ويكبر أهل الأسواق فيملأون منى تكبيرا قال أبو عمر هذا عندهم من معنى قول الله تعالى ‏(‏ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون‏)‏ ‏[‏البقرة 185‏]‏‏.‏

عبد الرزاق قال أخبرنا بن أبي رواد عن نافع عن بن عمر أنه كان يكبر ثلاثا وراء الصلوات بمنى ويقول لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير قال‏.‏

وأخبرنا الثوري عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي وعن أبي إسحاق عن الأسود عن بن مسعود أنهما كانا يكبران من صلاة الغداة يوم عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق‏.‏

وأخبرنا معمر عن الزهري‏.‏

وأخبرنا معمر عن عبد الكريم الجزري عن سعيد بن جبير قالا التكبير من صلاة الظهر يوم عرفة إلى صلاة العصر آخر أيام التشريق وعن بن عباس وزيد بن ثابت مثله قال‏.‏

وأخبرنا معمر عمن سمع الحسن يقول التكبير من صلاة الظهر يوم النحر إلى صلاة الظهر يوم النفر الأول وقد ذكرنا أقاويل الفقهاء أئمة الفتوى بالأمصار بالتكبير في أيام التشريق في موضعه من كتاب الصلاة في العيدين‏.‏

وأما كيفية التكبير فالذي صح عن عمر وبن عمر وعلي وبن مسعود أنه ثلاث ثلاث الله أكبر الله أكبر الله أكبر وقد ذكرنا اختلاف الفقهاء في ذلك أيضا وكل ذلك واسع ومسائل التكبير خلف الصلاة المكتوبة وغيرها للرجال والنساء والمسافر والمقيم كل ذلك مذكور في باب العيدين من كتاب الصلاة بما للعلماء فيه من المذاهب والحمد لله‏.‏

وأما قول مالك في آخر هذا الباب الأيام المعدودات أيام التشريق فذلك إجماع لا خلاف فيه وكذلك لا خلاف أنها ثلاثة أيام بعد يوم النحر وإنما اختلفوا في المعلومات أيام الذبح وسيأتي ذلك في موضع من كتاب الضحايا إن شاء الله وللأيام المعدودات ثلاثة أسماء هي أيام منى وهي الأيام المعدودات وهي أيام التشريق وفي المعنى الذي سميت له أيام التشريق ثلاثة أقوال أحدها أنها سميت بذلك لأن الذبح فيها يكون بعد شروق الشمس وهذا يشبه مذهب من لم يجز الذبح بالليل منهم مالك ‏(‏رحمه الله‏)‏ وسيأتي الاختلاف في ذلك في كتاب الضحايا إن شاء الله والثاني أنها سميت بذلك لأنهم كانوا يشرقون فيها لحوم الضحايا والهدايا المتطوع بها إذا قددت وهذا قول جماعة منهم قتادة والثالث أنها سميت كذلك لأنهم كانوا يشرقون فيها للشمس في غير بيوت ولا أبنية للحج هذا قول أبي جعفر محمد بن علي وجماعة أيضا وقد مضى القول أن لفظ التشريق مأخوذ من قولهم أشرق ثبير كيما نغير وهذا إنما يعرفه أهل العلم من السلف العالمين باللسان وليس له معنى يصح عند أهل الفهم والعلم بهذا الشأن ولا خلاف أن أيام منى ثلاثة أيام وروي ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم حدثني سعيد بن نصر قال حدثني قاسم بن أصبغ قال حدثني محمد بن إسماعيل قال حدثني الحميدي‏.‏

وحدثني عبد الوارث قال حدثني قاسم قال حدثني الخشني قال حدثني بن أبي عمر قالا حدثني سفيان قال حدثني الثوري وكان أجود حديث يرويه هذا قال سمعت بكير بن عطاء الليثي يقول سمعت عبد الرحمن بن يعمر الديلي يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الحج عرفات من أدرك عرفة قبل أن يطلع الفجر فقد أدرك الحج أيام منى ثلاثة فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه هذا حديث أشرف ولا أحسن من هذا رواه بن عيينة عن الثوري‏.‏

باب صلاة المعرس والمحصب

874- مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أناخ بالبطحاء التي بذي الحليفة فصلى بها قال نافع وكان عبد الله بن عمر يفعل ذلك قال أبو عمر رواه عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان يتركون الأبطح وروى معمر عن الزهري عن سالم أن أبا بكر وعمر وبن عمر كانوا ينزلون الأبطح وعن الزهري عن عروة عن عائشة أنها لم تكن تفعل ذلك وقالت إنما نزله رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه كان منزلا أسمح لخروجه وروى بن عيينة عن صالح بن كيسان عن سليمان بن يسار عن أبي رافع قال لم يأمرني النبي صلى الله عليه وسلم أن أنزل الأبطح ولكن أتيته فضربت به قبة فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فنزل الأبطح فنزلت قال أبو عمر هذا عند مالك وجماعة من أهل العلم مستحب إلا أنه عند مالك والحجازيين أؤكد منه عند الكوفيين والكل يجمع على أنه ليس من مناسك الحج وانه ليس على تاركه فدية ولا دم وهذه البطحة المذكورة في هذا الحديث هي المعروفة عند أهل المدينة وغيرهم بالمعرس قال مالك في الموطأ بعد ذكره حديث بن عمر المذكور في هذا الباب لا ينبغي لأحد أن يجاوز المعرس إذا قفل حتى يصلي فيه وإن مر به في غير وقت صلاة فليقم حتى تحل الصلاة ثم صلى ما بدا له لأنه بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عرس به وأن عبد الله بن عمر أناخ به واستحبه الشافعي ولم يأمر به قال‏.‏

وقال أبو حنيفة من مر من المعرس من ذي الحليفة راجعا من مكة فإن أحب أن يعرس به حتى يصلي فعل وليس ذلك عليه وقال محمد بن الحسن هو عندنا من المنازل التي نزلها رسول الله صلى الله عليه وسلم في طريق مكة وبلغنا أن بن عمر كان يتبع آثاره وكذلك ينزل بالمعرس لأنه كان يراه واجبا ولا سنة على الناس قال ولو كان واجبا أو سنة من سنن الحج لكان سائر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقفون به وينزلون ويصلون ولم يكن بن عمر ينفرد بذلك دونهم وقال إسماعيل بن إسحاق ليس نزوله صلى الله عليه وسلم بالمعرس كسائر منازل طرق مكة لأنه كان يصلي الفريضة حيث أمكنه والمعرس إنما كان صلى فيه نافلة قال ولا وجه لتزهيد الناس في الخير قال ولو كان المعرس كسائر المنازل ما أنكر بن عمر على نافع تأخره عنه وذكر حديث موسى بن عقبة عن نافع أن بن عمر سبقه إلى المعرس فأبطأ عليه فقال له ما حبسك فذكر عذرا قال ظننت أنك أخرت الطريق ولو فعلت لأوجعتك ضربا وذكر حديث موسى أيضا عن سالم عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى المعرس من ذي الحليفة في بطن الوادي فقيل له إنك في بطحاء مباركة قال أبو عمر‏.‏

وأما المحصب فهو موضع بين مكة ومنى وهو أقرب إلى منى نزله رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرف بالمحصب ويعرف أيضا بالبطحاء وهو خيف بني كنانة المذكور في حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال حين أراد أن ينفذ من منى نحن نازلون غدا أن شاء الله بخيف بني كنانة يعني المحصب وذلك أن بني كنانة تقاسموا على بني هاشم وبني عبد المطلب وذكر الحديث وفي حديث أسامة بن زيد عن النبي صلى الله عليه وسلم نحن نازلون بخيف بني كنانة حيث تقاسمت قريش على الكفر يعني المحصب‏.‏

875- وروى مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يصلي الظهر والعصر والمغرب والعشاء بالمحصب ثم يدخل مكة من الليل فيطوف بالبيت ورواه أيوب عن نافع عن بن عمر مرفوعا أيضا وأيوب أيضا وحميد الطويل عن بكر بن عبد الله المزني عن بن عمر مرفوعا وآثار هذا الباب كلها مذكورة في التمهيد وروى الثوري قال أخبرني واصل الأحدب قال سمعت المعرور بن سويد يقول سمعت عمر بن الخطاب يقول حصبوا يعني المحصب وبن عيينة عن عمرو بن دينار عن عطاء عن بن عباس أنه كان لا يرى المحصب شيئا ويقول إنما هو منزل نزله رسول الله صلى الله عليه وسلم عن معمر وعن الزهري وهشام بن عروة عن أبيه أنه كان لا يحصب وعن هشام عن فاطمة عن أسماء أنها كانت لا تحصب والثوري عن منصور عن إبرهيم أنه كان يستحب أن ينام بالمحصب يومه فقيل لإبراهيم إن سعيد بن جبير لا يفعله قال قد كان يفعله ثم بدا له والدليل أيضا على أن المحصب هو خيف منى والخيف الوادي في قول الشافعي ‏(‏رحمه الله‏)‏ وهو مكي عالم بمكة وأجوارها ومنى وأقطارها شعر‏:‏

يا راكبا قف بالمحصب من منى *** وانهض بباطن خيفها والباهم

وقال عمر بن أبي ربيعة ‏(‏نظرت إليها بالمحصب من منى‏.‏‏.‏‏.‏ ولي نظر لولا التحرج عارم وقال الفرزدق‏:‏

هموا اسمعوا يوم المحصب من منى *** ندائي إذا التفت رفاق المواسم