فصل: باب صلاة الخوف

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الاستذكار لمذاهب علماء الأمصار فيما تضمنه الموطأ من معاني الرأي والآثار ***


باب الأمر بالصلاة قبل الخطبة في العيدين

399- مالك عن بن شهاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي يوم الفطر ويوم الأضحى قبل الخطبة‏.‏

400- مالك وأنه بلغه أن أبا بكر وعمر كانا يفعلان ذلك‏.‏

401- وعن بن شهاب عن أبي عبيد مولى بن أزهر قال شهدنا العيد مع عمر بن الخطاب فصلى ثم انصرف فخطب الناس فقال إن هذين يومان نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيامهما يوم فطركم من صيامكم والآخر يوم تأكلون فيه من نسككم وفيه عن عثمان وعلي أن كلا منهما صلى ثم انصرف فخطب ورواه معمر عن بن شهاب عن أبي عبيد أنه شهد العيد مع عمر بن الخطاب فصلى قبل أن يخطب بلا أذان ولا إقامة ثم خطب وذكر الحديث ولم يذكر مالك في هذا الحديث بلا أذان ولا إقامة وقد أوضحنا في التمهيد معاني هذا الحديث فأما حديث بن شهاب المرسل فيتصل معناه ويستند من وجوه من حديث بن عباس وحديث جابر بن عبد الله وحديث بن عمر وحديث البراء وحديث جندب بن عبد الله كلهم رووا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي ثم يخطب في العيدين وقد ذكرناها في الحديث الصحيح والأسانيد في التمهيد حدثنا أحمد بن عبد الله بن محمد بن علي قال حدثني أبي قال حدثنا عبد الله بن يونس قال حدثنا بقي قال حدثنا أبو بكر قال حدثنا عبدة بن سليمان وأبو أسامة عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر كانوا يصلون العيدين قبل الخطبة قال‏.‏

وحدثنا وكيع عن سفيان عن بن جريج عن الحسن بن مسلم عن طاوس عن بن عباس قال شهدت العيد مع النبي صلى الله عليه وسلم ومع أبي بكر وعمر فبدأوا بالصلاة قبل الخطبة قال‏.‏

وحدثنا بن عيينة عن الزهري عن أبي عبيد مولى بن أزهر قال شهدت العيد مع عمر بن الخطاب فبدأ بالصلاة قبل الخطبة قال ثم شهدنا العيد مع عثمان فبدأ بالصلاة قبل الخطبة قال وشهدت العيد مع علي فبدأ بالصلاة قبل الخطبة قال‏.‏

وحدثنا بن إدريس عن حصين عن ميسرة بن جميلة قال شهدت العيد مع علي فلما صلى خطب قال وكان عثمان يفعله قال‏.‏

وحدثنا أبو خالد الأحمر عن حميد عن أنس قال كانت الصلاة في العيدين قبل الخطبة فهذا هو الصحيح الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن الخلفاء الراشدين المهديين بعده أنهم كانوا يصلون قبل الخطبة في العيدين بلا أذان ولا إقامة وعلى هذا فتوى جماعة الفقهاء بالحجاز والعراق وهو مذهب مالك والشافعي وأبي حنيفة وأصحابهم والثوري والأوزاعي والحسن بن حي وعبيد الله بن الحسن وعثمان البتي واحمد بن حنبل وإسحاق وأبي ثور وأبي عبيدة وداود والطبري كلهم لا يرون في صلاة العيدين أذانا ولا إقامة ويصلون قبل الخطبة قال أبو عمر قد اختلف في أول من خطب قبل الصلاة فقيل عثمان بن عفان وهو الصحيح إن شاء الله عن عثمان لما حدثنا عبد الوارث قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا الخشني قال حدثنا بن أبي عمر قال حدثنا سفيان عن يحيى بن سعيد عن يوسف بن عبد الله بن سلام قال كانت الصلاة يوم العيد قبل الخطبة فلما كان عثمان بن عفان كثر الناس فقدم الخطبة قبل الصلاة وأراد ألا يفترق الناس وأن يجتمعوا فإن قيل قد روى مالك وغيره عن بن شهاب عن أبي عبيد مولى بن أزهر أنه قال شهدت العيد مع عثمان بن عفان فجاء فصلى ثم انصرف فخطب فقال إن اجتمع لكم في هذا اليوم عيدان الحديث قيل له الحديثان صحيحان ويصحح معناهما أن عثمان صلى ست سنين أو سبعا كما في رواية مالك ثم قدم الخطبة على ما في حديث يحيى بن سعيد وكذلك فعل في إتمام الصلاة في السفر بعد قصرها ومن الرواية عن عثمان أنه أول من قدم الخطبة قبل الصلاة ما رواه حماد بن سلمة عن حميد عن أنس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر يصلون يوم العيد ثم يخطبون فلما كان عثمان ورأى الناس يجيئون بعد الصلاة قال لو حبسناهم بالخطبة فخطب ثم صلى وذكر عبد الرزاق عن بن عيينة عن يحيى بن سعيد عن يوسف بن عبد الله بن سلام قال أول من بدأ بالخطبة قبل الصلاة عثمان بن عفان قال عبد الرزاق‏.‏

وأخبرنا بن جريج قال قال بن شهاب أول من بدأ بالخطبة قبل الصلاة معاوية قال عبد الرزاق‏.‏

وأخبرنا معمر بلغني أن أول من خطب ثم صلى معاوية وقد بلغني أيضا أن عثمان فعل ذلك وكان لا يدرك عامتهم الصلاة فبدأ بالخطبة حتى يجتمع الناس قال أبو عمر قد روى بن نافع عن مالك أنه قال أول من قدم الخطبة في العيدين قبل الصلاة عثمان بن عفان قال مالك والسنة أن تقدم الصلاة قبل الخطبة وبذلك عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان صدرا من خلافته قال أبو عمر أما قول من قال أول من قدم الخطبة مروان فإنما أراد بالمدينة وهو عامل عليها لمعاوية ويدل على ذلك قول مروان لأبي سعيد الخدري إذ أنكر ذلك عليه قد ترك ما هنالك يا أبا سعيد وقد ذكرنا الآثار بذلك كله في التمهيد وذكرنا هناك اسم أبو عبيد ومن قال فيه مولى بن أزهر ومن قال فيه مولى عبد الرحمن بن عوف والصحيح في الأذان في العيدين قول سعيد بن المسيب وبن شهاب وهما من أعلم الناس بالفقه وإماما الناس معاوية أول من فعل ذلك وإنما مروان وزياد من أمرائه وقول محمد بن سيرين إن أول من فعل ذلك زياد يعني عندهم بالبصرة كقول من قال أول من فعل ذلك مروان يعني بالمدينة وروى الليث قال حدثني هشام عن سعد عن عياض بن عبد الله بن سعد أنه حدثه أنه سمع أبا سعيد الخدري يقول خرجت مع مروان يوما إلى المصلى ويده في يدي فأراد أن يرقى المنبر قبل أن يصلي فجذبت بيده فقلت صله قبل الخطبة فقال مروان هذا أمر قد ترك يا أبا سعيد إنا لو فعلنا ما تقول ذهب الناس وتركونا وقد ترك ما تعلم فقلت إذا لا تجدون خيرا مما أعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يبدأ بالصلاة في هذا اليوم‏.‏

وأما قول بن عمر في حديث مالك عن بن شهاب عن أبي عبيد في هذا الباب أن هذين يومان نهى رسول الله عن صومهما يوم فطركم من صياتكم والآخر يوم تأكلون فيه من نسككم فلا خلاف بين العلماء في أن صيام يوم الفطر ويوم الأضحى لا يجوز لهذا الحديث وما كان مثله لا لناذر صومهما ولا لمتطوع ولا لقاض فيهما أياما من رمضان وإنما اختلف العلماء في صيام أيام التشريق للمتمتع إذا لم يجد هديا ولم يصم قبل يوم عرفة على ما نذكره عنهم في موضعه من كتاب الحج وكتاب الصيام إن شاء الله وفيه دليل على أن الضحايا نسك وأن الأكل مباح مندوب إليه وكذلك هدي التطوع إذا بلغ محله قال الله عز وجل ‏(‏فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير‏)‏ ‏[‏الحج 28‏]‏‏.‏

و‏(‏القانع والمعتر‏)‏ الحج 36‏.‏

وأما قول عثمان في هذا الحديث قد اجتمع لكم في يومكم هذا عيدان يعني الجمعة والعيد فمن أحب من أهل العالية أن ينتظر الجمعة فلينتظرها ومن أحب أن يرجع فقد أذنت له وقد روي عن علي بن أبي طالب معنى ما روي عن عثمان في ذلك ذكر علي بن المديني عن يحيى بن سعيد عن جعفر بن محمد عن أبيه أن عيدين اجتمعا على عهد علي فخطبهم وقال إن هذا يوم اجتمع فيه عيدان ونحن نصليهما جميعا ولكم رخصة أيها الناس فمن شاء جاء ومن شاء قعد وذكر علي بن المديني وبن أبي شيبة جميعا عن حفص بن غياث قال حدثنا جعفر بن محمد عن أبيه قال اجتمع عيدان على عهد علي رضي الله عنه فصلى بهم العيد ثم قال إنا مجمعون من شاء أن يشهد فليشهد اللفظ لابن أبي شيبة وذكر عبد الرزاق عن الثوري عن عبد الأعلى عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي أنه قال في يوم جمعة وعيد من أراد أن يجمع فليجمع ومن أراد أن يجلس فليجلس قال أبو عمر ذهب مالك رحمه الله في إذن عثمان رضي الله عنه فيما ذهب لأهل العوالي إلى أنه عنده غيره معمول به ذكر بن القاسم عنه أنه قال ليس عليه العمل وذلك أنه كان لا يري الجمعة لازمة لمن كان من المدينة على ثلاثة أميال والعوالي عندهم أكثرها كذلك فمن هنا لم ير العمل على إذن عثمان ورأى أنه جائز له خلافه باجتهاده إلى رؤى الجماعة العاملين بالمدينة بما ذهب إليه في ذلك وقال الثوري وأبو حنيفة والشافعي وأكثر أهل العلم إن إذن عثمان كان لمن لا تلزمه الجمعة من أهل العوالي لأن الجمعة لا تجب إلا على أهل المصر عند الكوفيين‏.‏

وأما الشافعي فتجب عنده على من سمع النداء من خارج المصر ولا يختلف العلماء في وجوب الجمعة على من كان بالمصر بالغا من الرجال الأحرار سمع النداء أو لم يسمعه قال أبو عمر وقد روي في هذا الباب عن بن الزبير وعطاء قول منكر أنكره فقهاء الأمصار ولم يقل به أحد منهم وذلك أن عبد الرزاق روى عن بن جريج قال قال عطاء إن اجتمع يوم الجمعة ويوم الفطر في يوم واحد فليجمعهما يصلي ركعتين فقط ولا يصلي بعدها حتى العصر قال بن جريج ثم أخبرنا عند ذلك قال اجتمع يوم فطر ويوم جمعة في يوم واحد في زمن بن الزبير فقال بن الزبير عيدان اجتمعا في يوم واحد فجمعهما جميعا صلى ركعتين بكرة صلاة الفطر ثم لم يزد عليها حتى صلى العصر وروى سعيد بن المسيب عن قتادة قال سمعت عطاء يقول اجتمع عيدان على عهد بن الزبير فصلى العيد ثم لم يخرج إلى العصر قال أبو عمر أما فعل بن الزبير وما نقله عطاء من ذلك وأفتى به على أنه قد اختلف عنه فلا وجه فيه عند جماعة الفقهاء وهو عندهم خطأ إن كان على ظاهره لأن الفرض من صلاة الجمعة لا يسقط بإقامة السنة في العيد عند أحد من أهل العلم وقد روى فيه قوم أن صلاته التي صلاها لجماعة ضحى يوم العيد نوى بها صلاة الجمعة على مذهب من رأى أن وقت صلاة العيد ووقت الجمعة واحد وقد أوضحنا فساد قول من ذهب إلى ذلك في باب المواقيت وتأول آخرون أنه لم يخرج إليهم لأن صلاها في أهله ظهرا أربعا وهذا لا دليل فيه في الخبر الوارد بهذه القصة عنه وعلى أي حال كان فهو عند جماعة العلماء خطأ وليس على الأصل المأخوذ به والأصل في ذلك ما ذكره علي بن المديني قال حدثني يحيى بن سعيد قال حدثنا سفيان سمع عبد العزيز بن رفيع قال حدثني ذكوان أبو صالح أن عيدين اجتمعا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بهم صلاة العيد وقال إنكم قد أصبتم ذكرا وخبرا ونحن مجمعون إن شاء الله فمن شاء منكم أن يجمع فليجمع ومن شاء أن يجلس فليجلس وقد روي حدث عبد العزيز بن رفيع مسندا وإن كان بن المديني قال إن المرسل فيه عن عبد العزيز حديث شريف فالمسند ذكره أبو داود قال أبو عمر قال حدثنا محمد بن المصلي وعمرو بن حفص قالا حدثنا بقية قال حدثنا شعبة عن المغيرة الضبي عن عبد العزيز بن رفيع عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال قد اجتمع في يومكم هذا عيدان فمن شاء اجزأه من الجمعة وإنا مجمعون وأسنده أيضا زياد بن عبد الله عن عبد العزيز بن رفيع حدثناه عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا إبراهيم بن إسحاق النيسابوري قال حدثنا إبراهيم بن دينار قال حدثنا زياد بن عبد الله بن الطفيل عن أبي هريرة قال حدثنا عبد العزيز بن رفيع عن أبي صالح عن أبي هريرة قال اجتمعنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم عيد ويوم جمعة فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا يوم قد اجتمع لكم فيه عيدان عيدكم هذا والجمعة وإني مجمع فمن أحب أن يشهد الجمعة منكم فليشهدها فلما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع بالناس‏.‏

وحدثنا عبد الله بن محمد قال حدثنا محمد بن بكر قال حدثنا أبو داود قال حدثنا محمد بن كثير قال حدثنا إسرائيل قال حدثنا عثمان بن المغيرة عن إياس بن أبي رملة الشامي قال شهدت معاوية وهو يسأل زيد بن أرقم هل شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عيدين اجتمعا في يوم واحد قال نعم قال فكيف صنع قال صلى العيد ثم رخص في الجمعة فقال من شاء أن يصلي فليصل وقال علي بن المديني في هذا الباب غير ما حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم بإسناد جيد وذكر هذا الحديث عن أبي داود الطيالسي عن إسرائيل بإسناده مثله قال أبو عمر ليس في شيء من آثار هذا الباب ما ذكرناه منها وما سكتنا عنه أن صلاة الجمعة لم يقمها الأئمة في ذلك اليوم وإنما فيها أنهم أقاموها بعد إذنهم المذكور عنهم وذلك عندنا لمن قصد العيدين غير أهل المصر والله أعلم ذكر بن المديني عن جرير بن عبد الحميد أنه حدثه عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر عن أبيه عن حبيب بن سالم عن النعمان بن بشير قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في العيدين وفي الجمعة بسبح اسم ربك الأعلى وهل أتاك حديث الغاشية وإذا اجتمع الجمعة والعيد قرأ بهما في الصلاتين جميعا قال أبو عمر هذه الآثار كلها مرسلها ومسندها ليس في شيء منها أنه لم يصل بعد صلاة العيد شيئا إلا صلاة العصر وقد روي عن جماعة من التابعين منهم أبو البحتري الطائي والشعبي والنخعي وأبو ميسرة عمرو بن شرحبيل والحسن البصري وأبو إدريس الخولاني وهذه مسألة مثبتة عند الفقهاء على أصولهم فيمن تجب عليه الجمعة من الأحرار البالغين فقال بن عمر وأبو هريرة وأنس بن مالك والحسن البصري ونافع مولى بن عمر تجب الجمعة على كل من كان بالمصر وخارجا عنه ممن إذا شهد الجمعة أمكنه الانصراف إلى أهله فآواه الليل إلى أهله وبهذا قال الحكم بن عيينة وعطاء بن أبي رباح والأوزاعي وأبو ثور وروي معنى هذا القول عن معاذ قال ما كتبناه بإسناده في التمهيد ومثله عن معاوية بن أبي سفيان أنه كان يأمر به وقال ربيعة ومحمد بن المنكدر وإنما تجب الجمعة على من كان على أربعة أميال وذكر معمر عن هشام بن عروة بن عائشة بنت سعد بن أبي وقاص قالت كان أبي من المدينة على ستة أميال أو ثمانية فربما شهد الجمعة وربما لم يشهدها وقال الزهري ينزل إليها من ستة أميال وروي عن ربيعة أيضا أنه قال إنما تجب الجمعة على من إذا سمع النداء وخرج من بيته أدرك الصلاة‏.‏

وقال مالك والليث تجب الجمعة على أهل المصر على من كان منه على ثلاثة أميال‏.‏

وقال الشافعي تجب الجمعة على من كان بالمصر وكذلك كل من يسمع النداء ممن كان خارج المصر وبه قال أحمد وداود وهو قول عبد الله بن عمرو بن العاص وبن المسيب‏.‏

وقال أبو حنيفة على كل من كان بالمصر وليست على من كان خارج المصر يسمع النداء أو لم يسمعه وقد روي عن علي أنه لا جمعة ولا شريق يعني العيد إلا في المصر الجامع‏.‏

وقال أحمد بن حنبل هو غير صحيح عن علي قال أبو عمر هذا قول مالك والشافعي في هذا الباب بمعنى واحد لأن الصوت الندي قد يسمع من ثلاثة أميال وقد ذكره بن عبدوس عن علي بن زياد عن مالك قال عزيمة الجمعة على من كان بموضع يسمع منه النداء وذلك ثلاثة أميال ومن كان أبعد فهو في سعة إلا أن يرغب في شهودها وهذا أحسن الأقاويل في هذه المسألة وأصحها والله أعلم‏.‏

وأما قول بن عبيد ثم شهدت العيد مع علي بن أبي طالب وعثمان محصور فجاء يصلي ثم انصرف فخطب فإن العيد إذا كان من السنة أن تقام الصلاة فيه دون إمام فالجمعة أحرى بذلك لأن صلاة الجمعة وصلاة العيد مما يقيمه السلطان للعامة وقد اختلف العلماء في إقامة الجمعة بغير سلطان قال مالك رحمه الله لله عز وجل في أرضه على عباده فرائض لا يسقطها موت الوالي يعني الجمعة وهو قول الطبري إن الجمعة تجب إقامتها بغير سلطان كسائر صلوات الجماعة‏.‏

وقال أبو حنيفة وزفر وأبو يوسف ومحمد لا تجزئ الجمعة إذا لم يكن سلطان وهو قول الأوزاعي في رواية عنه والجمعة عند هؤلاء كالحدود لا يقيمها إلا السلطان وقد روي عن محمد بن الحسن أن أهل مصر لو مات واليهم لجاز لهم أن يقدموا رجلا يصلي بهم الجمعة حتى يقدم عليهم وال‏.‏

وقال أحمد بن حنبل يصلون بإذن الوالي وقال دواد الجمعة لا تفتقر إلى وال ولا إلى إمام ولا إلى خطبة ولا إلى مكان ويجوز للمنفرد عنده إذا لم يجد من يجمع معه أن يصلي ركعتين وتكون جمعة قال ولا يصلي لعيد إلا ركعتين في وقت الظهر يوم الجمعة وقول داود هذا خلاف قول جميع فقهاء الأمصار لأنهم أجمعوا أن من شرط الجمعة الإمام إلا فيما يفجأهم موت الإمام فيه وأن من شرطها الجماعة عند جمهورهم وجمهورهم أيضا يقول لا تكون إلا بخطبة واختلافهم في الوالي والمكان اختلاف كثير والله المستعان قال أبو عمر لم يختلفوا أن الجمعة يقيمها السلطان وأن ذلك إليه سنة مسنونة وإنما اختلفوا عند نزول ما ذكرنا من موت الإمام أو قتله أو عزله والجمعة قد حانت فذهب أبو حنيفة وأصحابه والأوزاعي إلى أنهم يصلون ظهرا أربعا‏.‏

وقال مالك والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور يصلي بهم بعضهم بخطبة ويجزئهم وذكر أبو بكر الأثرم قال حدثنا العباس بن عبد العظيم أنه سأل أبا عبد الله أحمد بن حنبل قال قلت فإن لم يكن إمام أترى أن يصلي وراء من جمع بالناس وصلى ركعتين فقال أليس قد صلى علي بن أبي طالب وعثمان محصورا ‏!‏ ‏!‏ وقد ذكرنا في التمهيد من طرق أبي قتادة وعبيد الله بن عدي بن الخيار لعثمان رضي الله عنه وهو محصور أنت إمام العامة ويصلي بنا إمام فتنة قال صليا خلفه فإن الصلاة أحسن ما صنع الناس فإذا أحسنوا فأحسن معهم وإن أساؤوا فاجتنب إساءتهم وكان بن وضاح يقول إن الذي عنى به إمام فتنة هو عبد الرحمن بن عديس البلوي وهو الذي اختلف على عثمان بأهل مصر وكان ممن شهد بيعة الرضوان تحت الشجرة بالحديبية والوجه عندي في قوله إمام فتنة أي إمام في فتنة لأن الجماعات والأعياد نظامها وتمامها الإقامة وقد صلى بالناس في حين حصار عثمان جماعة من الفضلاء الجلة منهم أبو أيوب الأنصاري وطلحة وسهل بن حنيف وأبو أمامة بن سهل وغيرهم وصلى بهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه صلاة العيد فقط وقال يحيى بن آدم صلى بهم رجل بعد رجل وذكر الحسن الخولاني قال حدثنا أبو حسن المسيب بن واضح قال سمعت بن المبارك يقول ما صلى علي بالناس حين حوصر عثمان إلا صلاة العيد وحدها فقط وفي التمهيد من هذا المعنى زيادات وبالله التوفيق وذكر الخطيب البغدادي في تاريخه الكبير أخبرنا به شيخنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد المؤمن عنه سماعا منه قال حدثنا الحسن بن علي قال حدثنا إسماعيل بن عيسى قال حدثنا إسحاق بن بشر قال حدثنا الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن ثعلبة بن يزيد الحماني قال لم يزل طلحة يصلي بالناس وعثمان محصور أربعين ليلة حتى إذا كان يوم النحر صلى علي بالناس والله أعلم‏.‏

باب الأمر بالأكل قبل الغدو في العيد

402- ذكر فيه مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه كان يأكل يوم الفطر قبل أن يغدو‏.‏

403- وعن بن شهاب عن سعيد بن المسيب أنه قال كان الناس يؤمرون بالأكل يوم الفطر قبل الغدو قال مالك لا أرى ذلك على الناس في الأضحى قال أبو عمر قول مالك لا أرى ذلك على الناس في الأضحى يدل على أن الأكل في الفطر عنده مؤكد يجري مجرى السنن المندوب إليها التي يحمل الناس عليها وأنه في الأضحى من شاء فعله ومن شاء لم يفعله وليس بسنة في الأضحى ولا بدعة وغيره يستحب أن لا يأكل يوم الأضحى حتى يأكل من أضحيته ولو من كبدها حدثنا سعيد قال حدثنا قاسم قال حدثنا محمد قال حدثنا أبو بكر قال حدثنا أحمد بن عبد الملك بن واقد عن عبيد الله بن عمر عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يأكل يوم الفطر قبل أن يخرج إلى المصلى حدثنا سعيد بن نصر قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا بن وضاح قال حدثنا أبو بكر قال حدثنا هشيم قال حدثنا محمد بن إسحاق عن حفص بن عبيد الله بن أنس عن أنس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر يوم الفطر على تمرات ثم يغدو وذكر في المصنف قال حدثنا أبو الأحوص عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي قال أطعم يوم الفطر قبل أن تخرج إلى المصلى قال‏.‏

وحدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن حجاج عن عطاء عن بن عباس قال إن من السنة أن لا تخرج يوم الفطر حتى تطعم وأن تخرج صدقة الفطر قبل الصلاة قال‏.‏

وحدثنا بن إدريس عن الأعمش عن المنهار عن عبد الله بن الحارث عن بن عباس قال كل ولو تمرة قال‏.‏

وحدثنا معاوية بن هشام قال حدثنا بن أبي ذئب عن يوسف عن السائب بن يزيد قال مضت السنة أن يأكل قبل أن يغدو يوم الفطر قال‏.‏

وأخبرنا هشيم قال أخبرنا مغيرة عن الشعبي قال إن من السنة أن تطعم يوم الفطر قبل أن تغدو وأن تؤخر الطعام يوم النحر حتى ترجع وذكر فيه عن معاوية بن سويد بن مقرن وصفوان بن محرز وبن سيرين وعروة بن الزبير وعبد الله بن شداد والشعبي وبن أبي ليلى والأسود بن يزيد وأم الدرداء وعمر بن عبد العزيز ومجاهد وتميم بن سلمة وإبراهيم وأبي مجلز أنهم كانوا يأكلون ويأمرون بالأكل يوم الفطر قبل الغدو إلى المصلى ويندبون إلى ذلك ولو تمرة أو لعقة عسل ونحو هذا ولم يذكر فيه عن أحد رخصة إلا عن بن عمر وعن إبراهيم إن شاء أكل وإن شاء لم يأكل وحسبك بقول سعيد بن المسيب كان الناس يؤمرون بالأكل يوم الفطر قبل الغدو إلى المصلى حدثنا خلف بن قاسم قال حدثنا عبد الله بن جعفر بن الورد قال حدثنا أبو علاقة هذا محمد بن عمرو بن خالد بن فروخ التميمي قال حدثنا أبي قال حدثنا زهير بن معاوية قال حدثنا أبو إسحاق عن الحارث عن علي قال من السنة أن يمشي الرجل إلى المصلى وأن يطعم يوم الفطر قبل أن يغدو إلى المصلى حدثنا عبد الوارث قال حدثنا قاسم قال حدثنا الخشني قال حدثنا بن أبي عمر قال حدثنا سفيان عن بن جريج عن عطاء قال سمعت بن عباس يقول لا يغدو أحد يوم الفطر حتى يطعم قال عطاء إني لآكل من طرف الرقاقة من قبل أن أغدو وذكر الشافعي قال حدثنا إبراهيم بن سعد عن بن شهاب عن بن المسيب قال كان المسلمون يأكلون يوم الفطر قبل المصلى ولا يفعلون ذلك يوم النحر قال الشافعي فإن لم يطعم أمرناه بذلك في طريقه إلى المصلى إن أمكنه فإن لم يفعل فلا شيء عليه قال ولا نأمره بذلك يوم الأضحى فإن فعل فلا بأس وذكر أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا إسماعيل بن علية عن يحيى بن أبي إسحاق عن أبي إسحاق قال أتيت صفوان بن محرز يوم فطر فقعدت على بابه حتى خرج إلي فقال لي كالمعتذر إنه كان يؤمر في هذا اليوم أن يصيب الرجل من غذائه قبل أن يغدو وإني أصبت شيئا فذلك الذي حبسني‏.‏

وأما الأضحى فإنه لا يأخذ غذاءه حتى يرجع قال‏.‏

وحدثنا وكيع عن عمران عن أبي مجلز قال أصب شيئا قبل أن تغدو قال‏.‏

وحدثنا وكيع عن شعبة عن الحكم عن عبد الله بن شداد أنه مر على بقال يوم عيد فأخذ منه فأكلها قال‏.‏

وحدثنا هشيم عن مغيرة عن إبراهيم قال بلغه أن تميم بن سلمة خرج يوم فطر ومعه صاحب له فقال لصاحبه هل طعمت شيئا فقال لا فمشى تميم إلى بقال فسأله تمرة فأعطاها صاحبه فأكلها فقال إبراهيم ممشاه إلى رجل يسأله أشد علي من تركه الطعام لو تركه وذكر عبد الرزاق عن بن جريج قال أخبرني عطاء أنه سمع عبد الله بن عباس يقول إن استطعتم ألا يغدو أحدكم يوم الفطر حتى يطعم فليفعل قال عطاء فلم أدع ذلك منذ سمعته من بن عباس قال قلت لعطاء من أين أخذه بن عباس قال أظن سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم وعن معمر قال كان الزهري يأكل يوم الفطر قبل أن يغدو ولا يأكل يوم النحر وعن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم قال كانوا يستحبون أن يأكلوا يوم الفطر قبل أن يخرجوا إلى المصلى قال أبو عمر على هذا جماعة الفقهاء‏.‏

باب ما جاء في التكبير والقراءة في صلاة العيدين

404- مالك عن ضمرة بن سعيد عن عبيد الله بن عبد الله بن عيينة أن عمر بن الخطاب سأل أبا واقد الليثي ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ به في الأضحى والفطر فقال كان يقرأ ب ‏(‏ق والقرآن المجيد‏)‏ ‏[‏ق 1‏]‏‏.‏

و‏(‏اقتربت الساعة وانشق القمر‏)‏ ‏[‏القمر 1‏]‏‏.‏

قد تكلمنا على إسناد هذا الحديث في التمهيد وقد يجوز أن يكون سؤال عمر لأبي واقد ليعلم إن كان حفظ ذلك أم لا ومعلوم أن شهادة عمر للنبي صلى الله عليه وسلم وملازمته له وأنه كان من يلونه في الصلاة ويلازمونه في الحضر والسفر ويستحيل أن لا يعلم ما كان رسول اله صلى الله عليه وسلم يقرأ به في العيد ومعلوم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في العيد بسور شتى لا يفضل في قراءته في ذلك سورة تعمد إليها لا يتعداها وأكثر ما روي وتواترت به طرق الأحاديث كان يقرأ في العيدين ب ‏(‏سبح اسم ربك‏)‏ و‏(‏ هل أتك حديث الغشية‏)‏ روي هذا عنه من حديث النعمان بن بشير وحديث سمرة بن جندب وحديث بن عباس وحديث أنس وهي كلها عند بن أبي شيبة وعبد الرزاق وقد ذكرتها في التمهيد وما أعلم أنه روي عنه أنه قرأ فيها ب ق واقتربت في حديث مالك هذا إلا ما رواه بن عيينة عن بن طاوس وإبراهيم بن ميسرة عن طاوس مرسلا بذلك وقد روى بن عيينة حديث ضمرة بن سعيد عن ضمرة كما رواه مالك سواء وليس عند الفقهاء في القراءة شيء لا يتعدي وكلهم يستحب ما روي وأكثرهم على استحباب قراءة ‏(‏سبح اسم ربك الأعلى ‏)‏ و‏(‏هل أتك حديث الغشية‏)‏ لتواتر الروايات بذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد ذكر بن أبي شيبة قال حدثنا هشيم وبن إدريس عن أشعث عن كردوس عن عبد الله بن مسعود أن الوليد بن عقبة أرسل إليه ما يقرأ به في العيدين فقال تقرأ بفاتحة الكتاب وسورة من المفصل زاد فيه هشيم ليس من قصارها ولا من طوالها قال‏.‏

وحدثنا معتمر عن محمد عن أنس أن أبا بكر قرأ في يوم عيد بالبقرة حتى رأيت الشيخ يميل من طول القيام قال‏.‏

وحدثنا حسين بن علي عن زائدة عن عبد الملك بن عمير قال حدثت عن عمر أنه كان يقرأ في العيد ب ‏(‏سبح اسم ربك الأعلى ‏)‏ و‏(‏هل أتك حديث الغشية‏)‏ قال أبو عمر هذا المستحب عند جمهور العلماء ولا يوقتون في ذلك شيئا وبالله التوفيق‏.‏

405- مالك عن نافع مولى بن عمر أنه قال شهدت الأضحى والفطر مع أبي هريرة فكبر في الركعة الأولى بسبع تكبيرات قبل القراءات وفي الآخرة خمسا قبل القراءات قال مالك وهو الأمر عندنا قال أبو عمر معلوم أن هذا وما كان مثله لا يكون رأيا لأنه لا فرق من جهة الرأي والاجتهاد بين سبع في هذا وأربع ولا يكون إلا توقيفا ممن يجب التسليم له وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كبر في صلاة العيدين سبعا في الركعة الأولى وخمسا في الثانية من طرق كثيرة حسان منها حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رواه عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ومن حديث جابر بن عبد الله رواه بن لهيعة عن أبي الزبير عن جابر ومن حديث عائشة رواه أبو الأسود محمد بن عبد الرحمن عن عروة عن عائشة ورواه عقيل وعبد الرحمن بن مسافر عن بن شهاب عن عروة عن عائشة ومن حديث عمرو بن عوف المزني رواه كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف عن أبيه عن جده ومن حديث بن عمر رواه عبد الله بن عامر الأسلمي عن نافع عن بن عمر وحديث أبي واقد الليثي كلها عن النبي صلى الله عليه وسلم وفي حديث عبد الله بن عمر وقال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم التكبير في الفطر سبع في الأولى وخمس في الآخرة والقراءة بعدها في كلتيهما وبهذا قال مالك والشافعي وأصحابهما والليث بن سعد إلا أن مالكا قال سبعا في الأولى بتكبيرة الإحرام على ظاهر الحديث سبعا في الأولى ولو لم تكن تكبيرة الافتتاح في السبع لقيل كبر ثمانيا وستا والله أعلم‏.‏

وقال الشافعي سوى تكبيرة الإحرام جعل القصد في الحديث إلى تكبير العيد دون شيء من التكبير المعهود في الصلاة لأن تكبير الصلاة معلوم أنه لم يقصد إليه في هذا الحديث وقد روي أيضا ما قاله الشافعي في حديث نافع هذا رواه عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي قال حدثنا أيوب عن نافع قال كان أبو هريرة يكبر في العيدين ثنتي عشرة تكبيرة في الأولى وخمسا في الآخرة سوى تكبيرة الإحرام وتكبيرة الركوع وكان يكبر إذا ركع وإذا رفع واتفقا على أن الخمس تكبيرات في الركعة الثانية غير تكبيرة القيام‏.‏

وقال أحمد بن حنبل وأبو ثور كقول مالك سبع بتكبيرة الإحرام في الأولى وخمس في الثانية سوى تكبيرة القيام إلا أن أحمد لا يوالي بين التكبير ويجعل بين كل تكبيرتين ثناء على الله وصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وقول أبي ثور في القراءات كقول مالك والشافعي سواء بعد التكبير فيهما وقال الثوري وأبو حنيفة وأصحابه التكبير في العيدين خمس في الأولى وأربع في الثانية بتكبيرة الافتتاح والركوع فهي ثلاث تكبيرات سوى تكبيرة الافتتاح والركوع في الأولى وثلاث تكبيرات في الثانية سوى تكبيرة القيام وتكبيرة الركوع يحرم في الأولى ويستفتح ثم يكبر ثلاث تكبيرات يرفع فيها يديه ثم يقرأ أم القرآن وسورة ثم يكبر ولا يرفع يديه ويسجد فإذا قام الثانية كبر ولم يرفع يديه وقرأ بفاتحة الكتاب وسورة ثم كبر ثلاث تكبيرات يرفع فيها يديه ثم يكبر أخرى يركع بها ولا يرفع يديه فيها ويوالي بين القراءتين قال أبو عمر لم يأت عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب إلا ما ذهب إليه مالك والشافعي في السبع والخمس وجاء عن الصحابة في ذلك اختلاف كثير وروي عن بن عباس ثلاث عشرة تكبيرة سبع في الأولى وست في الثانية وروي عنه أنه قال إن شئت كبر تسعا وإن شئت إحدى عشرة وإن شئت ثلاث عشرة ومذهب الكوفيين ثابت عن بن مسعود أنه كان يعلمهم التكبير في العيدين تسع تكبيرات خمس في الأولى وأربع في الثانية ويوالي بين القراءتين وعن حذيفة وأبي موسى مثله وروي عن علي رضي الله عنه أنه كبر في الفطر إحدى عشرة ستا في الأولى وخمسا في الآخرة وهذا يشبه مذهب مالك في ذلك وكبر في الأضحى خمسا ثلاثا في الأولى واثنتين في الثانية ويوالي بين القراءتين وروي عن أبي موسى وحذيفة التكبير في العيدين أربعا كتكبير الجنازة وبعضهم يرفع حديث أبي موسى إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال الكوفيون هذا كقولنا إلا أن الأربع كانت سوى تكبيرة الافتتاح ذكر أبو بكر قال حدثنا هشيم عن بن عون عن مكحول قال أخبرني من شهد سعيد بن العاص أرسل إلى أربعة من أصحاب الشجرة فسألهم عن التكبير في العيدين فقالوا ثماني تكبيرات قال بن عون فذكرت ذلك لابن سيرين فقال صدق ولكنه أغفل تكبير فاتحة الصلاة قال أبو عمر قول مالك وأهل المدينة في هذا الباب روي عن جماعة سلف أهل الحجاز وحسبك بقول مالك هذا لا من عندنا وروي قول الثوري وأبي حنيفة عن جماعة من سلف أهل العراق من الصحابة والتابعين ولم يرو عن أحد منهم أنه فرق بين تكبير الفطر والأضحى إلا عن علي وحده رضي الله عنه وليس الإسناد عنه بالقوي والذي أقول في هذا الباب أن الاختلاف في الأذان وأنه كله مباح لا حرج في شيء منه وكل أخذه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما أخذوا الوضوء واحدة واثنتين وثلاثا والقراءات في الصلوات وعدد ركعات قيام الليل الاختلاف عنه صلى الله عليه وسلم في ذلك اختلاف إباحة وتوسعة والذي أختاره في ذلك قول مالك والشافعي وبالله التوفيق‏.‏

وأما قول مالك في هذا الباب في رجل وجد الناس يوم العيد قد انصرفوا من الصلاة أنه لا يرى عليه صلاة في المصلى ولا في بيته فإن صلى فحسن ويكبر سبعا وخمسا قبل القراءات فإنما قال ذلك لأن سنة العيد أن تكون في جماعة ومن فاتته لم يقضها لأن القضاء لا يجب إلا في المكتوبات وقال في غير الموطأ من سماع أشهب وبن وهب إن أدركهم في تشهد العيد أحرم وجلس ثم قام إذا سلم الإمام يقضي صلاة العيد كما صلاها الإمام وإن أدرك أحد الركعين قضى الأخرى يكبر فيها سبعا كما فاته وإن صلوا قبل أن يصل إليهم أتى الخطبة فاستمعها قال وليس قضاء صلاة العيد بواجب لمن فاتته إلا أن يشاء وقول الأوزاعي في ذلك كله كقول مالك إلا أنه قال يكبر خمسا لأنها آخر صلاته‏.‏

وقال الشافعي من فاتته صلاة العيد ووجد الإمام يخطب جلس فإذا فرغ الإمام صلى صلاة العيد كما صلاها الإمام حيث أمكنه قال ومن تركها كرهت له ذلك ولا شيء عليه وقول أبي ثور مثله‏.‏

وقال أبو حنيفة وأصحابه من فاتته صلاة الإمام فإن شاء صلى وإن شاء لم يصل ومن صلى فعل كفعل الإمام على ما وصفنا عنهم‏.‏

وقال أبو حنيفة أيضا والثوري من فاتته صلاة العيد صلى ركعتين أو أربعا ليس فيهن تكبير وأربع أحب إلي فإن لم يصل فلا بأس ومن فاتته ركعة كبر فيها ما كبر إمامه عند الثوري وقول الليث في هذا الباب كقول مالك وهو قول عبيد الله بن الحسن‏.‏

باب ترك الصلاة قبل العيدين وبعدهم

406- مالك عن نافع عن بن عمر أنه لم يكن يصلي يوم الفطر قبل الصلاة ولا بعدها قال أبو عمر يعني في المصلى‏.‏

407- وذكر مالك فيه عن سعيد بن المسيب ما نذكره في باب الغدو إلى المصلى وانتظار الخطبة‏.‏

وذكر في باب الرخصة في الصلاة قبل العيدين وبعدهم

408- عن عبد الرحمن بن القاسم إن أباه كان يصلي قبل أن يغدو إلى المصلى أربع تكبيرات‏.‏

409- وعن هشام بن عروة عن أبيه أنه كان يصلي يوم الفطر قبل الصلاة في المسجد فترجم الباب الأول بترك الصلاة والثاني بالرخصة وليست الرخصة في الباب الثاني من الباب الأول في شيء لأن الصلاة في المسجد قبل الغدو إلى المصلى ليست من باب الصلاة في المصلى وإنما اختلفوا في الصلاة في المصلى فذهب أهل المدينة إلى أن لا يصلي أحد في المصلى قبل صلاة العيد ولا بعدها وأحمعوا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يصل في المصلى قبل صلاة العيد ولا بعدها فسائر الناس كذلك وذهب الكوفيون والأوزاعي إلى أن لا يصلي أحد في المصلى قبل الصلاة ويصلي بعدها إن شاء وقال الثوري يصلي بعدها أربعا لا يفصل بينهن وذهب البصريون إلى إباحة الصلاة في المصلى قبل الصلاة وبعدها وهو قول الشافعي قال يصلي قبل الجمعة وبعدها وبه قال داود ولكل واحد منهم سلف فيها ذهب إليه من الصحابة والتابعين وروى أشهب وبن وهب عن مالك إذا صلوا صلاة العيد في المطر في المسجد أو عذر فلا بأس أن يتنفل بعدها ولا ينتفل قبلها وروى بن القاسم عن مالك أن التنفل في المسجد قبلها وبعدها جائز قال أبو عمر الصلاة فعل خير فلا يجب المنع منها إلا بدليل لا معارض له فيه وقد أجمعوا أن يوم العيد كغيره في الأوقات المنهي عن الصلاة فيها فالواجب أن يكون كغيره في الإباحة وبالله التوفيق والركوع والسجود في المسجد ليس بواجب فكيف في المصلى ومن فعله فقد أحسن وقد مضى هذا المعنى مجودا في هذا الكتاب والحمد لله‏.‏

باب غدو الإمام في العيدين وانتظار الخطبة

قوله في هذا الباب وقول غيره من فقهاء الأمصار سواء كله متقارب المعنى وزاد الشافعي ليس الإمام في ذلك كالناس أما الناس فأحب أن يتقدموا حين ينصرفوا من الصبح‏.‏

وأما الإمام فيغدو إلى العيد قدر ما يرى في المصلى وقد برزت الشمس قال ويؤخر الفطر ويعجل الأضحى ومن صلى قبل طلوع الشمس أعاد وهذا كله مروي معناه عن مالك وهو قول سائر العلماء‏.‏

409- م ذكر مالك في الباب قبل هذا أنه بلغه أن سعيد بن المسيب كان يغدو إلى المصلى بعد أن يصلي الصبح قبل طلوع الشمس وذكر أبو بكر قال حدثنا بن علية عن أيوب عن نافع قال كان بن عمر يصلي الصبح في المسجد ثم يغدو كما هو إلى المصلى قال أبو عمر فعل بن عمر وسعيد بن المسيب خلاف فعل القاسم وعروة لأنهما كانا يركعان في المسجد ثم يغدوان إلى المصلى والركوع لا يكون حتى تبيض الشمس لا يكون بأثر صلاة الصبح وذكر أبو بكر قال حدثنا حاتم بن إسماعيل عن عبد الرحمن بن حرملة أنه كان ينصرف مع سعيد بن المسيب من الصبح حتى يسلم الإمام في يوم عيد حتى يأتي المصلي عند دار كثير بن الصلت فيجلس عند المصراعين وعن أبي عبد الرحمن السلمي وعبد الله بن معقل وإبراهيم النخعي وأبي مجلز مثل فعل سعيد بن المسيب وعن أبي جعفر محمد بن علي وعطاء بن أبي رباح والشعبي وإبراهيم أيضا في رواية مثل فعل القاسم وعروة وعن رافع بن خديج مثله وكل ذلك مباح لا حرج في شيء منه ولكل وجه وفضل‏.‏

وأما قول مالك في آخر هذا الباب فيمن صلى مع الإمام صلاة العيد أنه لا ينصرف حتى يسمع الخطبة فعليه جماعة الفقهاء كما ذكرنا عنهم فيما مضى من تقديم الصلاة على الخطبة والحمد لله‏.‏

كتاب صلاة الخوف

باب صلاة الخوف

410- ذكر فيه مالك عن زيد بن رومان عن صالح بن خوات عمن صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم ذات الرقاع صلاة الخوف أن طائفة صفت معه وصفت طائفة وجاه العدو فصلى بالتى معه ركعة ثم ثبت قائما وأتموا لأنفسهم ثم انصرفوا فصفوا وجاه العدو وجاءت الطائفة الأخرى فصلى بهم الركعة التي بقيت من صلاته ثم ثبت جالسا وأتموا لأنفسهم ثم سلم بهم‏.‏

411- وحديثه عن يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد عن صالح بن خوات الأنصاري عن سهل بن أبي حثمة بمعنى واحد في صلاة الخوف إلا أن في حديث يزيد بن رومان وجاءت الطائفة الأخرى فصلى بهم الركعة التي بقيت من صلاته ثم ثبت جالسا وأتموا لأنفسهم ثم سلم وفي حديث يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد ثم يقبل الآخرون الذين لم يصلوا فيكبرون وراء الإمام فيركع بهم ويسجد ثم يسلم فيقومون فيركعون لأنفسهم الركعة الباقية ثم يسلمون وهذا ما بين الحديثين من الاختلاف وكان مالك يقول بحديثه عن يزيد بن رومان أن الإمام ينتظر تمام الطائفة الثانية ويسلم بهم وهو قول الشافعي واختياره ثم رجع مالك عن ذلك إلى حديث يحيى بن سعيد عن القاسم أن الإمام يسلم إذا أكمل صلاته ويقوم من وراءه فيأتون بركعة ويسلمون وقد زاد بن القاسم في الموطأ في آخر حديث يحيى بن سعيد‏.‏

وقال مالك هذا الحديث أحب إلي قال أحمد بن خالد وبه قال جماعة أصحاب مالك إلا أشهب فإنه أخذ بحديث بن عمر في صلاة الخوف ومن حجة مالك في اختياره حديث القاسم بن محمد القياس على سائر الصلوات في أن الإمام ليس له أن ينتظر أحدا سبقه بشيء وأن السنة المجتمع عليها أن يقضي المأمومون ما سبقوا به بعد سلام الإمام وقول أبي ثور في ذلك كقول مالك سواء لحديث القاسم عن صالح بن خوات عن سهل بن أبي حثمة‏.‏

وقال الشافعي حديث يزيد بن رومان عن صالح بن خوات مسند والمصير إليه أولى من حديث القاسم لأنه موقوف قال وهو أشبه الأحاديث في صلاة الخوف بظاهر كتاب الله عز وجل ومن حجته أن الله عز وجل ذكر استفتاح الإمام ببعضهم لقوله ‏(‏فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم‏)‏ ‏[‏النساء 102‏]‏‏.‏

وذكر انصراف الطائفتين والإمام من الصلاة معا بقوله ‏(‏فإذا قضيتم الصلوة‏)‏ ‏[‏النساء 103‏]‏‏.‏

ذلك للجميع لا للبعض ولم يذكر أن على واحد منهم قضاء قال وفي الآية دليل على أن الطائفة الثانية لا تدخل في الصلاة إلا بانصراف الأولى لقوله ‏(‏ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا ‏[‏النساء 102‏]‏‏.‏

وفي قوله فليصلوا معك دليل على أن الطائفة الثانية تنصرف ولم يبق عليها من الصلاة شيء يفعله بعد الإمام هذا كله نزع به بعض أصحاب الشافعي بالاحتجاج له على الكوفيين وغيرهم ولم يختلف قول مالك والشافعي وأبي ثور أن الإمام إذا قرأ في الركعة الثانية بأم القرآن وسورة قبل أن تأتي الطائفة الأخرى ثم أتته فركع بها حين دخلت معه قبل أن يقرأ شيئا أنه يجزئهم إلا أن الشافعي قال إن أدركوا معهم ما يمكنهم فيه قراءة فاتحة الكتاب فلا يجزئهم إلا أن يقرؤها وقول أحمد بن حنبل في صلاة الخوف كقول الشافعي سواء على حديث سهل بن أبي حثمة ورواية يزيد بن رومان هو المختار عند أحمد وكان لا يعيب من فعل شيئا من الأوجه المروية في صلاة الخوف قال ولكني أختار حديث سهل بن أبي حثمة لأنه أنكى للعدو وقال الأثرم قلت له حديث سهل بن أبي حثمة تستعمله والعدو مستقبل القبلة وغير مستقبلها قال نعم هذا أنكى لهم لأنه يصلي بطائفة ثم يذهبون ثم يصلي بأخرى ثم يذهبون واختار داود بن علي وأصحابه أيضا حديث سهل بن أبي حثمة من رواية يزيد بن رومان وغيره عن صالح بن خوات عن سهل بن أبي حثمة كذلك رواه شعبة عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن صالح بن خوات عنه سهل بن أبي حثمة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل حديث يزيد بن رومان عن صالح بن خوات وكذلك رواه معاذ بن معاذ عن شعبة‏.‏

وأما أبو حنيفة وأصحابه إلا أبا يوسف فإنهم ذهبوا إلى ما رواه الثوري وشريك وزائدة وبن فضيل عن خصيف عن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه قال صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف بطائفة وطائفة مستقبلوا العدو صلى بالذين وراءه ركعة وسجدتين وانصرفوا ولم يسلموا فوقفوا بإزاء العدو ثم جاء الآخرون فقاموا مقامهم فصلى بهم ركعة ثم سلم فقام هؤلاء فصلوا لأنفسهم ركعة ثم سلموا وذهبوا فقاموا مقام أولئك مستقبلي القبلة ورجع أولئك إلى مقامهم فصلوا لأنفسهم ركعة ثم سلموا وروى أبو الأسود عن عروة بن الزبير عن مروان عن أبي هريرة قال صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف فذكر مثل حديث بن مسعود سواء واضطرب قول الثوري في هذا الباب على حسب ما ذكرته عنه في التمهيد‏.‏

412- وأما حديث مالك في هذا الباب عن نافع أن عبد الله بن عمر كان إذا سئل عن صلاة الخوف قال يتقدم الإمام وطائفة من الناس فيصلي بهم ركعة وتكون طائفة منهم بينه وبين العدو ولم يصلوا فإذا صلى الذين معه ركعة استأخروا مكان الذين لم يصلوا ولا يسلمون ويتقدم الذين لم يصلوا فيصلون معه ركعة ثم ينصرف الإمام وقد صلى ركعتين فتقوم كل واحدة من الطائفتين فيصلون لأنفسهم ركعة بعد أن ينصرف الإمام فتكون كل واحدة من الطائفتين قد صلوا ركعتين فإن كان خوفا أشد من ذلك صلوا رجالا قياما على أقدامهم أو ركبانا مستقبلي القبلة أو غير مستقبلهما قال مالك قال نافع لا أرى عبد الله بن عمر حدثه إلا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم هكذا روى مالك هذا الحديث عن نافع على الشك في رفعه ورواه عن نافع جماعة لم يشكوا في رفعه وممن رواه مرفوعا عن نافع عن بن عمر عن النبي من غير شك بن أبي ذئب وموسى بن عقبة وأيوب بن موسى وكذلك رواه الزهري عن سالم عن بن عمر عن النبي وكذلك رواه خالد بن معدان عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد ذكرنا أحاديثهم عنه بالأسانيد من طرق في التمهيد وذكرنا من روى مثل ذلك في صلاة الخوف عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث بن عباس وأبي موسى وأبي هريرة في التمهيد أيضا وقال بحديث بن عمر هذا ومن كان مثله من الفقهاء جماعة منهم الأوزاعي وإليه ذهب أشهب بن عبد العزيز صاحب مالك وكان أحمد بن حنبل ومحمد بن جرير الطبري وطائفة من أصحاب الشافعي يذهبون إلى جواز العمل بكل ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الخوف وهي ستة أوجه قد ذكرناها كلها من طرق في التمهيد وذكرنا من ذهب إليها من العلماء أحدها حديث بن عمر ومن تابعه والثاني حديث سهل بن أبي حثمة ومن تابعه والثالث حديث بن مسعود ومن تابعه وقد ذكرنا ها هنا القائلين بها من الفقهاء مثله على حسب ما ذكرناه في التمهيد ومن القائلين به بن أبي ليلى والثوري أيضا في تخييره وقال به غيرهما من الفقهاء من أصحابنا وأصحاب الشافعي إذا كان العدو في القبلة والخامس حديث حذيفة وما كان مثله على ما هو مذكور في التمهيد وهو أحد الأوجه الثلاثة التي خير الثوري فيها رحمه الله السادس من حديث أبي بكرة وحديث جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى بكل طائفة من الطائفتين ركعتين فكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم أربعا ولأصحابه ركعتين ركعتين وكذلك كان يفتي الحسن البصري وهو قول يجيزه كل من أجاز اختلاف نية المأموم والإمام في الصلاة وأجاز لمن صلى في بيته أن يؤم في تلك الصلاة وهو مذهب الأوزاعي والشافعي وبن علية وأحمد بن حنبل وداود ولا معنى لقول من قال إن حديث أبي بكرة وحديث جابر كان في الحضر لأن فيه سلامه في كل ركعتين منها وقد ذكرناهما بأحسن أسانيدهما في التمهيد وهما ثابتان من جهة النقل عند أهل العلم به وغيره محفوظ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى صلاة الخوف في الحضر ومعلوم أن صلاة الخوف إنما وضعت على أخف ما يمكن وأحوطه للمسلمين وهذا من أحوط وجوه صلاة الخوف وقد حكى المزني عن الشافعي قال ولو صلى بكل طائفة ركعتين ثم سلم وصلى بالطائفة الأخرى ركعتين وسلم كان جائزا قال وهكذا صلى النبي صلى الله عليه وسلم ببطن نخل واختار هذا الوجه بعض أصحاب داود قال أبو عمر الحجة لمن قال بحديث بن عمر في هذا الباب أنه حديث ورد بنقل أئمة أهل المدينة وهم الحجة في النقل على من خالفهم ولأنه أشبه بالأصول لأن الطائفة الأولى والثانية لم يقصوا الركعة إلا بعد خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصلاة وهو المعروف من سنته المجتمع عليها من سائر الصلوات‏.‏

وأما صلاة الطائفة الأولى ركعتهما قبل أن يصليهما إمامها فهو مخالف للسنة المجتمع عليها في سائر الصلوات وخلاف لقوله إنما جعل الإمام ليؤتم به وقد روى الثقات حديث صالح بن خوات على معنى حديث بن عمر فصار حديث سهل بن أبي حثمة مختلفا فيه ولم يختلف في حديث بن عمر إلا بما جاء من شك مالك في رفعه وشكه في ذلك مردود إلى يقين سائر من رواه بغير شك والشك لا يلتفت إليه واليقين معمول عليه والرواية التي رويت في حديث سهل بن أبي حثمة بمعنى حديث بن عمر رواها يحيى القطان عن شعبة عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن صالح بن خوات عن سهل بن أبي حثمة أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهم صلاة الخوف فذكر مثل حديث بن عمر وقد ذكرناه بإسناده في التمهيد وقالت طائفة من أهل العلم منهم أبو يوسف وبن علية لا تصلى صلاة الخوف بعد النبي صلى الله عليه وسلم بإمام واحد وإنما تصلى بعده بإمامين يصلى كل واحد منهما بطائفة ركعتين واحتجوا بقول الله عز وجل ‏(‏وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلوة فلتقم طائفة منهم معك‏)‏ ‏[‏النساء 102‏]‏‏.‏

قالوا فإذا لم يكن فيهم النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن ذلك لهم لأنه صلى الله عليه وسلم ليس كغيره في ذلك ولم يكن من أصحابه من يؤثر بنصيبه فيه غيره وكلهم كان يحب أن يأتم به ويصلي خلفه وليس أحد بعده يقوم بالفضل مقامه والناس بعده تستوي أحوال أهل الفضل منهم أو تتقارب وليس بالناس حاجة إلى إمام واحد عند الخوف بل يصلي بطائفة من شاؤوا وتحترس الأخرى فإذا فرغت صلى بالناس منهم من يقدمونه كذلك هذه جملة من احتج به من ذهب مذهب أبي يوسف في ذلك ومن الحجة عليه لسائر العلماء إجماعهم على أن قول الله عز وجل ‏(‏خذ من أموالهم صدقة تطهرهم‏)‏ ‏[‏التوبة 103‏]‏‏.‏

ينوب فيها منابه ويقوم فيها مقامه الخلفاء والأمراء بعده وكذلك قوله تعالى ‏(‏وإذا كنت فيهم‏)‏ ‏[‏النساء 102‏]‏‏.‏

ومن الدليل على أن ما خوطب به النبي صلى الله عليه وسلم دخلت فيه أمته قول الله عز وجل ‏(‏فلما قضى زيد منها وطرا زوجنكها لكى لا يكون على المؤمنين حرج في أزوج أدعيائهم‏)‏ ‏[‏الأحزاب 37‏]‏‏.‏

ومثله ‏(‏وإذا رأيت الذين يخوضون في ءايتنا فأعرض عنهم‏)‏ ‏[‏الأنعام 68‏]‏‏.‏

هو المخاطب صلى الله عليه وسلم وأمته داخلة في ذلك ومثله كثير‏.‏

وأما مراعاة القبلة للخائف في الصلاة فساقطة عند أهل المدينة والشافعي إذا اشتد خوفه كما يسقط عنه النزول إلى الأرض لقوله عز وجل ‏(‏فإن خفتم فرجالا أو ركبانا‏)‏ ‏[‏البقرة 239‏]‏‏.‏

قال بن عمر مستقبل القبلة وغير مستقبلها وهذا لا يجوز لمصلي الفرض في غير الخوف قال قول بن عمر هذا ذهب جماعة من أهل الفقه منهم مالك والشافعي قالا يصلي المسافر الخائف على قدر طاقته مستقبل القبلة وغيره مستقبلها وبذلك قال أهل الظاهر لعموم قوله ‏(‏فإن خفتم‏)‏ وقال بن أبي ليلى وأبو حنيفة وأصحابه لا يصلي الخائف إلا إلى القبلة ولا يصلي أحد في حال المسابقة وقول الثوري في هذه المسألة نحو قول مالك ومن قول مالك والثوري أنه إن لم يقدر على الركوع والسجود فإنه يصلي قائما ويومئ إيماء يجعل السجود أخفض من الركوع وقال الأوزاعي إذا كان القوم مواجهي العدو وصلى بهم إمامهم صلاة الخوف فإن شغلهم القتال صلوا فرادى فإن اشتد القتال صلوا رجالا وركبانا إيماء حيث كانت وجوههم فإن لم يقدروا تركوا الصلاة حتى يأمنوا وقد زدنا هذا الباب إيضاحا بالمسائل عن العلماء في التمهيد وأحسن الناس صفة لحال الخوف الذي لا يجوز فيه الصلاة إلا بالأرض إلى القبلة وتحرس أحد الطائفتين فيه الأخرى ولحال شدة الخوف الذي يجوز فيه الصلاة راكبا وراجلا مستقبل القبلة وغير مستقبلها الشافعي رحمه الله في كتابه فإنه قد وصف الحالتين صفة بينة واضحة وقد أوردنا ذلك عنه وعن غيره في التمهيد والحمد لله‏.‏

413- وأما حديث مالك في هذا الباب عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أنه قال ما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر والعصر يوم الخندق حتى غربت الشمس فقد احتج بهذا من ذهب إلى أن صلاة الخوف تؤخر إذا لم يستطع عليها على وجهها إلى وقت الأمن والاستطاعة وهذا قول جماعة من فقهاء أهل الشام شذوا عن الجمهور الذين هم الحجة على من خالفهم وقد بان فساد ما ذهبوا إليه بالحديث الثابت أن يوم الخندق قبل صلاة الخوف وقبل نزول الآية فيه حدثنا أحمد بن عبد الله بن محمد قال حدثنا الميمون بن حمزة قال حدثنا أحمد بن محمد بن سلامة قال حدثنا إسماعيل بن يحيى المدني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا أحمد بن إسماعيل بن أبي فديك عن بن أبي ذئب‏.‏

وحدثنا عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا إبراهيم بن عبد الرحيم قال حدثنا عمار بن عبد الجبار الخرساني قال أخبرنا بن أبي ذئب عن سعيد المقبري عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبيه قال حبسنا يوم الخندق عن الصلاة حتى كان هوي من الليل حتى كفينا وذلك قول الله عز وجل ‏(‏وكفى الله المؤمنين القتال وكان الله قويا عزيزا‏)‏ ‏[‏الأحزاب 25‏]‏‏.‏

قال فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالا فأقام فصلى الظهر كما كان يصليها في وقتها ثم أقام العصر فصلاها كذلك ثم أقام المغرب فصلاها كذلك ثم أقام العشاء فصلاها كذلك أيضا وذلك قبل أن ينزل في صلاة الخوف ‏(‏فرجالا أو ركبانا‏)‏ ‏[‏البقرة 239‏]‏‏.‏

ومعنى الحديثين سواء‏.‏

وأخبرنا محمد بن إبراهيم قال حدثنا محمد بن معاوية قال حدثنا أحمد بن شعيب قال حدثنا هناد بن السري عن هشيم عن أبي الزبير عن نافع بن جبير بن مطعم عن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود قال قال عبد الله إن المشركين شغلوا النبي صلى الله عليه وسلم عن أربع صلوات في الخندق فأمر بلالا فأذن ثم أقام فصلى الظهر ثم أقام فصلى العصر ثم أقام فصلى المغرب ثم أقام فصلى العشاء هكذا قال هشيم في هذا الحديث فأذن ثم أقام فصلى الظهر فذكر الأذان للظهر وحدها وكذلك رواه أبو بكر بن أبي شيبة عن هشيم سواء وخالفه هشام الدستوائي فرواه عن أبي الزبير بإسناده وقال فيه فأمر بلالا فأقام فصلى الظهر ولم يذكر أذانا للظهر ولا لغيرها وإنما ذكر الإقامة فيها وحدها ومعلوم أن الظهر والعصر والمغرب فوائت وأن العشاء صليت في وقتها وقد مضى القول في صدر هذا الكتاب في هذه المسألة وذكرنا اختلاف العلماء في الأذان للفوائت من الصلاة هناك فلا معنى لإعادته هنا وروى هشام الدستوائي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سليمة عن جابر قال جعل عمر بن الخطاب يسب كفار قريش يوم الخندق ويقول يا رسول الله والله ما صليت العصر حتى غربت الشمس أو كادت تغيب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم والله ما صليتها فنزلنا معه إلى بطحان فتوضأ للصلاة وتوضأنا معه فصلى العصر بعد ما غربت الشمس ثم صلى بعدها المغرب ففي هذا الحديث حديث جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما شغل يؤمئذ عن صلاة العصر وفي حديث أبي سعيد وبن مسعود أنه شغل يومئذ عن أربع صلوات الظهر والعصر والمغرب والعشاء وفي مرسل سعيد بن المسيب أنه شغل يومئذ عن الظهر والعصر فالله أعلم أن ذلك كان وقد يحتمل أن يكون ذلك كله صحيحا لأنهم حوصروا في الخندق وشغلوا بالأحزاب أياما ومثل حديث جابر في ذلك حديث علي وهو حديث ثابت من طرق عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر حتى غربت الشمس ملأ الله بطونهم وقلوبهم أو بيوتهم نارا وممن رواه عن علي يحيى بن الخزاز وشيتر بن شكل وزر بن حبيش والحارث الهمداني وقد ذكرناه من طرق في باب زيد بن أسلم من التمهيد‏.‏

كتاب صلاة الكسوف

باب العمل في صلاة الكسوف

414- ذكر فيه مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت خسفت الشمس في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس فقام فأطال القيام ثم ركع فأطال الركوع ثم قام فأطال القيام وهو دون القيام الأول ثم ركع فأطال الركوع وهو دون الركوع الأول ثم رفع فسجد ثم فعل في الركعة الآخرة مثل ذلك ثم انصرف وقد تجلت الشمس فخطب الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله وكبروا وتصدقوا ثم قال يا أمة محمد ‏!‏ والله ‏!‏ ما من أحد أغير من الله أن يزني عبده أو تزني أمته يا أمة محمد ‏!‏ والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا‏.‏

415- وكذلك حديثه عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن عبد الله بن عباس أنه قال خسفت الشمس فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس معه فقام قياما طويلا نحوا من سورة البقرة قال ثم ركع ركوعا طويلا ثم رفع فقام قياما طويلا وهو دون القيام الأول ثم ركع ركوعا طويلا وهو دون الركوع الأول ثم سجد ثم قام قياما طويلا وهو دون القيام الأول ثم ركع ركوعا طويلا وهو دون الركوع الأول ثم رفع فقام قياما طويلا وهو دون القيام الأول ثم ركع ركوعا طويلا وهو دون الركوع الأول ثم سجد ثم انصرف وقد تجلت الشمس فقال إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتم ذلك فاذكروا الله قالوا يا رسول الله ‏!‏ رأيناك تناولت شيئا في مقامك هذا ثم رأيناك تكعكعت فقال إني رأيت الجنة فتناولت منها عنقودا ولو أخذته لأكلتم منه ما بقيت الدنيا ورأيت النار فلم أر كاليوم منظرا قط أفظع ورأيت أكثر أهلما النساء قالوا لم يا رسول الله قال لكفرهن قيل أيكفرن بالله قال ويكفرن العشير ويكفرن الإحسان لو أحسنت إلى إحداهن الدهر كله ثم رأت منك شيئا قالت ما رأيت منك خيرا قط‏.‏

416- وعن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن يهودية جاءت تسألها فقالت أعاذك الله من عذاب القبر فسألت عائشة رسول الله صلى الله عليه وسلم أيعذب الناس في قبورهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عائذا بالله من ذلك ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات غداة مركبا فخسفت الشمس فرجع ضحى فمر بين ظهراني الحجر ثم قام يصلي وقام الناس وراءه فقام قياما طويلا ثم ركع ركوعا طويلا ثم رفع فقام قياما طويلا وهو دون القيام الأول ثم ركع ركوعا طويلا وهو دون الركوع الأول ثم رفع فسجد ثم قام قياما طويلا وهو دون القيام الأول ثم ركع ركوعا طويلا وهو دون الركوع الأول ثم رفع فقام قياما طويلا وهو دون القيام الأول ثم ركع ركوعا طويلا وهو دون الركوع الأول ثم رفع ثم سجد ثم انصرف فقال ما شاء الله أن يقول ثم أمرهم أن يتعوذوا من عذاب القبر وكذلك رواه بن شهاب عن عمرة عن عائشة وهذه الأحاديث من أصح ما يروى في صلاة الكسوف عن النبي صلى الله عليه وسلم وإن كانت الآثار في صلاة الكسوف عنه كثيرة مختلفة وقد ذكرنا كثيرا منها في التمهيد فأما أحاديث مالك في هذا الباب فعلى ما ذكرنا تضمنت ركعتين في كل ركعة ركوعان وبذلك يقول مالك والشافعي وأصحابهما وجمهور أهل الحجاز وبه قال الليث بن سعد وأحمد بن حنبل وأبو ثور وقوله في الحديث وهو دون القيام الأول في القيام الثاني من الركعة الأولى فليس فيه ما يحتاج إلى تفسير وكذلك الركوع الثاني في الركعة الأولى دون الركوع الأول فيها ليس في ذلك ما يحتمل تأويلا‏.‏

وأما قوله في قيام الركعة الثانية وهو دون القيام الأول فيحتمل أن يكون أراد دون الأول في الركعة الأولى فتكون الركعة الأولى قيامها وحده أطول من قيام سائر الصلوات وكذلك ركوعها الأول يحتمل أن يكون دون الأول فيها وكذلك ركوعها الثاني دون الركوع الأول فيها وأي ذلك كان فلا حرج فيه إن شاء الله وقد زدنا هذا المعنى بيانا في التمهيد وفيما ذكرنا بعد في القراءة عن مالك والشافعي ما يبين مذهبهما في ذلك‏.‏

وقال مالك لم أسمع أن السجود يطول في صلاة الكسوف وهو مذهب الشافعي ورأت فرقة من أهل الحديث تطويل السجود ورواية عن بن عمر وقال الكوفيون منهم أبو حنيفة والثوري والحسن بن حي صلاة الكسوف كهيئة صلاتنا ركعتان نحو صلاة الصبح ثم الدعاء حتى ينجلي وهو قول إبراهيم النخعي وروى محمد قول الكوفيين في صلاة الكسوف عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أبي بكرة وسمرة بن جندب وعبد الله بن عمر والنعمان بن بشير وقبيصة الهلالي وعبد الرحمن بن سمرة وقد ذكرنا بعضها في التمهيد وهي آثار مشهورة صحاح إلا أن المصير إلى زيادة من حفظ أولى فإن قيل إنه قد روي في صلاة الكسوف عشر ركعات في ركعة وثماني ركعات في ركعة وست ركعات في ركعة وأربع ركعات في ركعة فهلا صرت إلى زيادة من زاد في ذلك قيل له تلك آثار معلولة ضعيفة قد ذكرنا عللها في التمهيد ومن أحسن حديث ذهب إليه الكوفيون حديث أبي قلابة عن النعمان بن بشير قال صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الكسوف نحو صلاتكم يركع ويسجد ركعتين ركعتين ويسأل حتى تجلت رواه أيوب السختياني وعاصم الأحول عن أبي قلابة وقال قبيصة الهلالي عن النبي صلى الله عليه وسلم إذا انكسفت الشمس أو القمر فصلوا كأحدث صلاة صليتموها مكتوبة وقد ذكرنا الأسانيد بذلك في التمهيد وإنما يصير كل عالم إلى ما روى عن شيوخه ورأى عليه أهل بلده وقد يجوز أن يكون ذلك اختلافا بإباحة وتوسعة فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى صلاة الكسوف مرارا فحكى كل ما رأى كل صادق قد جعلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم كالنجوم فكلهم في النقل من اقتدى به اهتدى وقد تكلمنا على معنى هذا الحديث في كتاب بيان العلم بما فيه بيان إن شاء الله‏.‏

وأما ظن من ظن من الكوفيين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن ركوعه ركوعتين في ركعة إلا لرفعه رأسه إلى السماء ليعلم هل تجلت الشمس أم لا فليس ذلك بشيء لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يصل صلاة الكسوف في صحراء قط فيما علمت وإنما صلاها في المسجد وذلك معلوم منصوص عليه في الآثار الصحاح وقد ذكر بن أبي شيبة قال حدثنا حميد بن عبد الرحمن الرؤاسي عن حسن بن صالح عن عيسى بن أبي عروة قال كسفت الشمس أو القمر فقال الشعبي عليكم بالمسجد فإنه من السنة وأجمع العلماء على أن صلاة الكسوف ليس فيها أذان ولا إقامة إلا أن الشافعي قال لو نادى مناد لصلاة ليخرج الناس إلى المسجد لم يكن بذلك بأس واختلفوا في القراءة في صلاة الكسوف فقال مالك والشافعي وأبو حنيفة والليث بن سعد القراءة فيها سرا وفي حديث بن عباس في هذا الباب قوله نحو من سورة البقرة دليل على أن القراءة كانت سرا وروى سمرة بن جندب عن النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الكسوف قال فقام لنا كأطول ما قام بنا قط لا نسمع له صوتا وروى محمد بن إسحاق عن هشام بن عروة وعبد الله بن أبي سلمة عن عروة عن عائشة قالت كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج فصلى بالناس فقام فأطال القيام فحزرت أنه قرأ سورة البقرة وساق الحديث قال وسجد سجدتين ثم قام فحزرت قراءته أنه قرأ سورة آل عمران وقد روي عن بن عباس أنه قال في صلاة الكسوف كنت جنب رسول الله صلى الله عليه وسلم فما سمعت منه حرفا وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال صلاة النهار عجماء وقد روي عن علي رضي الله عنه أنهم حزروا قراءته بالروم ويسن أو العنكبوت والذي استحب مالك والشافعي أن يقرأ في الأولى بالبقرة وفي الثانية بآل عمران وفي الثالثة بقدر مائة وخمسين آية من البقرة وفي الرابعة بقدر خمسين آية من البقرة وفي كل واحدة أم القرآن وقال أبو يوسف ومحمد بن الحسن يجهر بالقراءة في صلاة الكسوف ورووا عن علي بن أبي طالب أنه جهر ذكره وكيع قال حدثنا سفيان عن الشيباني عن الحكم عن حنش الكناني أن عليا جهر بالقراءة في الكسوف قال وكيع‏.‏

وحدثنا يزيد بن إبراهيم عن الحسن أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في كسوف ركعتين فقرأ في إحداهما بالنجم قال وكيع‏.‏

وحدثنا إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع عن الماجشون قال سمعت أبان بن عثمان قرأ في الكسوف ‏(‏سأل سائل‏)‏ ‏[‏المعارج 1‏]‏‏.‏

قال أبو بكر حدثنا حميد بن عبد الرحمن عن حسن بن صالح عن عبد الله بن عيسى قال صلى بنا عبد الرحمن بن أبي ليلى حين انكسف القمر مثل صلاتنا هذه في رمضان فقرأ في أول ركعة ب يس ورووا عن زيد بن أرقم والبراء بن عازب وعبد الله بن يزيد الخطمي أنهم جهروا بالقراءة في الكسوف وبه قال أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه واحتجا بحديث سفيان بن حسين عن الزهري عن عروة عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم جهر بالقراءة في صلاة كسوف الشمس وسفيان بن حسين ليس بالقوى وقد تابعه على ذلك عن الزهري عبد الرحمن بن نمر وسليمان بن كثير وكلهم لين الحديث في الزهري وقد تقدم حديث بن إسحاق عن هشام بن عروة وعبد الله بن أبي سلمة عن عروة عن عائشة بما يعارض حديث سفيان بن حسين ومن تابعه ويدفعه ومن حجة من قال بالجهر في صلاة الكسوف إجماع العلماء على أن كل صلاة سنتها أن تصلى في جماعة من الصلوات المسنونات فسنتها الجهر كالعيدين والاستسقاء قالوا فكذلك الكسوف قال الطبري إن شاء جهر في صلاة الكسوف وإن شاء أسر وإن شاء قرأ في كل ركعة مرتين وركع فيها ركوعين وإن شاء أربع قراءات وركع أربع ركعات وإن شاء ثلاث ركعات في كل ركعة وإن شاء ركعتين كصلاة النافلة قال أبو عمر أحسن أبو جعفر رحمه الله واختلف الفقهاء أيضا في وقت صلاة الكسوف وهل تصلى في كل النهار أم لا فروى بن وهب عن مالك قال لا تصلى الكسوف إلا في حين تجوز فيه الصلاة النافلة فإن كسفت في غير حين صلاة لم يصلوا فإن جاز وقت الصلاة ولم تنجل صلوا فإن تجلت قبل ذلك لم يصلوا وروى بن القاسم عنه قال لا أرى أن تصلى الكسوف بعد الزوال وإنما سنتها أن تصلى ضحى إلى الزوال وقال الليث بن سعد تصلى الكسوف نصف النهار لأن نصف النهار لا يكاد يثبت لسرعة الشمس قال الليث حججت سنة ثلاث عشرة ومائة وعلى الموسم سليمان بن هشام وبمكة عطاء بن أبي رباح وبن أبي مليكة وبن شهاب وعكرمة بن خالد وعمرو بن شعيب وقتادة وأيوب بن موسى وإسماعيل بن أمية فكسفت الشمس بعد العصر فقاموا قياما يدعون الله في المسجد فقلت لأيوب بن موسى ما لهم لا يصلون فقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم في الكسوف فقال النهي جاء في الصلاة بعد العصر فلذلك لا يصلون والنهي يقطع الأمر‏.‏

وقال أبو حنيفة وأصحابه والطبري لا تصلى صلاة الكسوف في الأوقات المنهي عنها‏.‏

وقال الشافعي تصلى صلاة الكسوف في كل وقت نصف النهار وبعد العصر وهو قول أبي ثور وحجتهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم ينه عن الصلاة بعد العصر والصبح إلا عن النافلة المبتدأة لا عن المكتوبات ولا عن الصلوات المسنونات وقد تقدم هذا المعنى واضحا في باب الأوقات وقال إسحاق تصلى صلاة الكسوف في كل وقت إلا في حين طلوع الشمس وغروبها وقال إسحاق في صلاة الكسوف إن شاء أربع ركعات في ركعتين وإن شاء ست ركعات في ركعتين كل ذلك مؤتلف يصدق بعضه بعضا لأنه إنما كان يزيد في الركوع إذا لم ير الشمس قد تجلت فإذا تجلت سجد قال ولا يزاد على هذه الركعات لأنه لم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم أكثر من ذلك واختلفوا أيضا في صلاة كسوف القمر فقال مالك وأبو حنيفة وأصحابهما لا يجمع في صلاة كسوف القمر ولكن يصلي الناس أفرادا ركعتين ركعتين كسائر الصلوات والحجة لهم قوله صلى الله عليه وسلم صلاة المرء في بيته أفضل إلا المكتوبة وخص صلاة كسوف الشمس بالجمع لها ولم يفعل ذلك في صلاة القمر فخرجت صلاة كسوف الشمس بدليلها وما ورد من التوقيت فيها وبقيت صلاة القمر على أصل ما عليه النوافل وقال الليث بن سعد لا يجمع في صلاة القمر ولكن الصلاة فيها كهيئة الصلاة في كسوف الشمس وهو قول عبد العزيز بن أبي سلمة ذكره بن وهب عنه وقال ذلك لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا رأيتم ذلك فادعوا إلى الصلاة‏.‏

وقال الشافعي أصحابه وأحمد وإسحاق وأبو ثور وداود والطبري وسائر أهل الحديث في كسوف القمر كهي في كسوف الشمس سواء وهو قول الحسن وإبراهيم وعطاء وحجتهم في ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتم ذلك فاذكروا الله عز وجل قال الشافعي رحمه الله فكان الذكر الذي فزع إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم عند كسوف الشمس هي الصلاة المذكورة فكذلك خسوف القمر تجمع الصلاة لخسوفه كهي عند كسوف الشمس لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد جمع بينهما في الذكر وقال صلى الله عليه وسلم إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتم ذلك فصلوا وادعوا وفي حديث آخر فصلوا حتى يكشف ما بكم وفي حديث آخر فافزعوا إلى الصلاة وقد عرفنا كيف الصلاة عند إحداهما فكان دليلا على الصلاة عند الأخرى قال أبو عمر روي عن عثمان بن عفان وبن عباس أنهما صليا في خسوف القمر جماعة ركعتين في كل ركعة ركوعان مثل قول الشافعي واختلفوا أيضا في الخطبة بعد صلاة الكسوف فقال الشافعي ومن اتبعه وهو قول إسحاق والطبري يخطب بعد الصلاة في الكسوف كالعيدين والاستسقاء واحتج الشافعي بحديث مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة في حديث الكسوف وفيه ثم انصرف وقد تجلت الشمس فخطب الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته الحديث وبه احتج كل من رأى الخطبة في الكسوف‏.‏

وقال مالك وأبو حنيفة وأصحابهما لا خطبة في كسوف الشمس واحتج بعضهم في ذلك بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما خطب الناس لأنهم قالوا إن الشمس كسفت لموت إبراهيم بن النبي صلى الله عليه وسلم فلذلك خطبهم يعرفهم أن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته وكان مالك والشافعي لا يريان الصلاة عند الزلزلة ولا عند الظلمة والريح الشديد ورآها جماعة من أهل العلم منهم أحمد وإسحاق وأبو ثور وروي عن بن عباس أنه صلى في الزلزلة وقال بن مسعود إذا سمعتم هادا من السماء فافزعوا إلى الصلاة‏.‏

وقال أبو حنيفة من فعل فقد أحسن ومن لا فلا حرج قال أبو عمر لم يأت عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجه صحيح أن الزلزلة كانت في عصره ولا صحت عنه فيها سنة وقد كانت أول ما كانت في الإسلام على عهد عمر فأنكرها وقال أحدثتم والله لئن عادت لأخرجن من بين أظهركم رواه بن عيينة عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن صفية قالت زلزلت المدينة على عهد عمر حتى اصطكت السور فقام فحمد الله وأثنى عليه ثم قال ما أسرع ما أحدثتم والله لئن عادت لأخرجن من بين أظهركم وروى حماد بن سلمة عن عبد الله بن الحارث قال زلزلت الأرض بالبصرة فقال بن عباس والله ما أدري أزلزلت الأرض أم بي أرض فقام بالناس فصلى مثل صلاة الكسوف‏.‏

وأما قوله صلى الله عليه وسلم في حديث مالك رأيناك تكعكعت فمعناه عند أهل اللغة احتبست وتأخرت وقال الفقهاء معناه تقهقرت والمعنى واحد متقارب وقال متمم بن نويرة ‏(‏ولكنني أمضي على ذاك مقدما‏.‏‏.‏‏.‏ إذا بعض من لاقى الرجال تكعكعا‏.‏

وأما قوله صلى الله عليه وسلم إني رأيت الجنة ورأيت النار فإن الآثار في رؤيته لهما كثيرة وقد رآهما مرارا على ما جاءت عنه الآثار عنه صلى الله عليه وسلم وعند الله علم كيفية رؤيته لهما فيمكن أن يتمثلا له فينظر إليهما بعيني وجهه كما مثل له بيت المقدس حين كذبه الكفار في الإسراء فنظر إليه وجعل يخبرهم عنه وممكن أن يكون ذلك برؤية القلب قال الله عز وجل ‏(‏وكذلك نرى إبراهيم ملكوت السموت والأرض وليكون من الموقنين‏)‏ ‏[‏الأنعام 75‏]‏‏.‏

واختلف أهل التفسير في تأويل ذلك فقال مجاهد فرجت له السماوات فنظر إلى ما فيهن حتى انتهى بصره إلى العرش وفرجت له الأرضون السبع فنظر إلى ما فيهن ذكره حجاج عن بن جريج قال أخبرني القاسم بن أبي بزة عن مجاهد وذكر معمر عن قتادة قال ملكوت السماوات الشمس والقمر والنجوم وملكوت الأرض الجبال والشجر والبحار والظاهر في حديث مالك في هذا الباب أنه رأى الجنة والنار رؤية عين والله أعلم وتناول من الجنة عنقودا على حسب ما جاء في الحديث ويؤيد ذلك قوله فلم أر كاليوم منظرا قط وحق النظر إذا أطلقوا الرؤية إلا أن يتعدى بهما رؤية العين إلا بدليل لا يحتمل تأويلا وفي ذلك دليل أيضا على أن الجنة والنار مخلوقتان وقد أوردنا في التمهيد من الآثار الدالة على ذلك الشاهدة به ما فيه كفاية‏.‏

وأما قوله اطلعت في الجنة فرأيت أكثر أهلها المساكين واطلعت في النار فرأيت أكثر أهلها النساء فإنه قد روي عنه صلى الله عليه وسلم هذا المعنى من وجوه شتى متواترة منها حديث أسامة بن زيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قمت على باب الجنة فإذا عامة من دخلها المساكين وإذا أصحاب الجد محبوسون إلا أصحاب النار فقد أمر بهم إلى النار وقمت على باب النار فإذا عامة من دخلها النساء وهذا أثبت ما يروى من الآثار وقد ذكرنا إسناده في التمهيد‏.‏

وأما قوله قالوا لم يا رسول الله قال بكفرهن قيل أيكفرن بالله قال ويكفرن العشير ويكفرن الإحسان فهكذا رواية يحيى ويكفرن العشير بالواو والمحفوظ فيه عن مالك من رواية بن القاسم والقعنبي وبن وهب وعامة رواة الموطأ قال يكفرن العشير بغير واو وهو الصحيح في الرواية والظاهر من المعنى‏.‏

وأما رواية يحيى فالوجه فيها والله أعلم أن يكون السائل لما قال أيكفرن بالله لم يجبه على قوله ذلك جوابا مكشوفا لإحاطة العلم أن من النساء من يكفرن بالله كما من الرجال من يكفر بالله فكأنه قال ومع إيمانهن بالله يكفرن العشير والإحسان ولم يجاوبه عن كفرهن بالله لأنه قصد إلى غير ذلك ألا ترى قوله للنساء تصدقن فإني رأيتكن أكثر أهل النار وقد ذكرنا الحديث بذلك في التمهيد‏.‏

وأما قوله يكفرن العشير ويكفرن الإحسان فالعشير في هذا الموضع عند أهل العلم الزوج والمعنى عندهم في ذلك كفر النساء لحسن معاشرة الزوج ثم عطف على ذلك كفرهن بالإحسان جملة في الزوج وغيره وقال أهل اللغة الخليط من المعاشرة والمخالطة ومنه قول الله عز وجل ‏(‏لبئس المولى ولبئس العشير‏)‏ ‏[‏الحج 13‏]‏‏.‏

قال الشاعر‏:‏

فتلك التي لم يشكها في خليفة *** عشير وهل يشكو الكريم عشير

وقال آخر‏:‏

سلا هل قلاني من عشير صحبته *** وهل ذم رحلي في الرفاق دخيل

وقد ذكرنا في التمهيد من طرق قوله صلى الله عليه وسلم لا ينظر الله عز وجل إلى امرأة لا تعرف حق زوجها ولا شكره وهي لا تستغني عنه والأحاديث في هذا المعنى كثيرة‏.‏

وأما قوله صلى الله عليه وسلم في حديث يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة عائذا بالله من عذاب القبر فكثيرا ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعيذ من عذاب الله ومن فتنة القبر وأهل السنة والجماعة مصدقون بفتنة القبر وعذاب القبر لتوافر الأخبار بذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد أثبتنا منها في التمهيد بما فيه شفاء والحمد لله‏.‏

وأما قوله خسفت الشمس فالخسوف عند أهل اللغة ذهاب لونها‏.‏

وأما الكسوف فتغير لونها قالوا يقال بئر خسيف إذا ذهب ماؤها وفلان كاسف اللون أي متغير اللون إلى الصفرة وقد قيل الكسوف والخسوف بمعنى واحد‏.‏