فصل: باب ما جاء في الإحصان

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الاستذكار لمذاهب علماء الأمصار فيما تضمنه الموطأ من معاني الرأي والآثار ***


باب ما جاء في كراهية إصابة الأختين بملك اليمين والمرأة وابنتها

1090- مالك عن بن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن أبيه أن عمر بن الخطاب سئل عن المرأة وابنتها من ملك اليمين توطأ إحداهما بعد الأخرى فقال عمر ما أحب أن أخبرهما جميعا ونهى عن ذلك قال أبو عمر معنى قوله إن أخبرهما يريد أطأهما جميعا بملك يمين ومنه قيل للحراث الخبير ومنه قيل للمزارعة مخابرة وقال الله عز وجل ‏(‏نساؤكم حرث لكم‏)‏ ‏[‏البقرة 223‏]‏‏.‏

وقد روي عن بن عباس نحو قول عمر ذكره سنيد قال حدثني أبو الأحوص عن طارق بن عبد الرحمن عن قيس قال قلت لابن عباس أيقع الرجل على المرأة وابنتها مملوكتين له قال أحلتهما آية وحرمتهما آية ولم أكن لأفعله قال أبو عمر لا خلاف بين العلماء أنه لا يحل لأحد أن يطأ امرأة وابنتها من ملك اليمين لأن الله - تبارك وتعالى - حرم ذلك في النكاح لقوله تعالى ‏(‏وأمهات نسائكم وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم‏)‏ ‏[‏النساء 23‏]‏‏.‏

وملك اليمين عندهم تبع النكاح إلا ما روي عن عمر وبن عباس في ذلك وليس عليه أحد من أئمة الفتوى ولا من تبعهم‏.‏

1091- مالك عن بن شهاب عن قبيصة بن ذؤيب أن رجلا سأل عثمان بن عفان عن الأختين من ملك اليمين هل يجمع بينهما فقال عثمان أحلتهما آية وحرمتهما آية فأما أنا فلا أحب أن أصنع ذلك قال فخرج من عنده فلقي رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله عن ذلك فقال لو كان لي من الأمر شيء ثم وجدت أحدا فعل ذلك لجعلته نكالا قال بن شهاب أراه علي بن أبي طالب‏.‏

1092- مالك أنه بلغه عن الزبير بن العوام مثل ذلك قال أبو عمر‏.‏

وأما قوله أحلتهما آية وحرمتهما آية فإنه يريد تحليل الوطء بملك اليمين مطلقا في غير ما آية من كتابه‏.‏

وأما قوله وحرمتهما آية فإنه أراد عموم قوله - عز وجل ‏(‏وأمهات نسائكم وربائبكم‏)‏ ‏[‏النساء 23‏]‏‏.‏

وقوله ‏(‏وإن تجمعوا بين الأختين‏)‏ ‏[‏النساء 23‏]‏‏.‏

ولم يخص وطئا بنكاح ولا ملك يمين فلا يحل الجمع بين المرأة وابنتها ولا بين الأختين بملك اليمين وقد روي مثل قول عثمان عن طائفة من السلف منهم بن عباس ولكن اختلف عليهم ولا يلتفت إلى ذلك أحد من فقهاء الأمصار بالحجاز ولا بالعراق وما وراءهما من المشرق ولا بالشام ولا المغرب إلا من شذ عن جماعتهم لاتباع الظاهر وبقي القياس وقد ترك من تعمد ذلك ظاهرا مجتمعا عليه وجماعة الفقهاء متفقون أنه لا يحل الجمع بين الأختين بملك اليمين في الوطء كما لا يحل ذلك في النكاح وقد أجمع المسلمون على أن معنى قول الله عز وجل ‏(‏حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة‏)‏ ‏[‏النساء 23‏]‏‏.‏

إن النكاح وملك اليمين في هؤلاء كلهن سواء فكذلك يجب أن يكون قياسا ونظرا الجمع بين الأختين والأمهات والربائب فكذلك هو عند الجمهور وهم الحجة المحجوج بها على من خالفهم وشذ عنهم والحمد لله‏.‏

وأما كناية قبيصة بن ذؤيب عن علي برجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فلصحبته عبد الملك بن مروان واشتغال بني أمية للسماع بذكره ولا سيما فيما خالف فيه عثمان رضوان الله عليهما‏.‏

وأما قول علي لو أن الأمر إلي لجعلته نكالا ولم يقل لحددته حد الزاني فلان من تأول آية أو سنة ولم يطأ عند نفسه حراما فليس بزان بإجماع وإن كان مخطئا إلا أن يدعي في ذلك ما لا يعذر بجهله وقول بعض السلف في الجمع بين الأختين بملك اليمين أحلتهما آية وحرمتهما آية معلوم محفوظ فكيف يحد حد الزاني من فعل ما فيه مثل هذا من الشبهة القوية وبالله التوفيق حدثني خلف بن أحمد أن أحمد بن مطرف حدثهم قال حدثني أيوب بن سليمان ومحمد بن عمر بن لبابة قالا حدثني أبو زيد عبد الرحمن بن إبراهيم قال حدثني أبو عبد الرحمن المقرئ عن موسى بن أيوب الغافقي قال حدثني عمي إياس بن عامر قال سألت علي بن أبي طالب - رضي الله عنه فقلت له إن لي أختين مما ملكت يميني أتخذت إحداهما سرية فولدت لي أولادا ثم رغبت في الأخرى فما أصنع فقال علي تعتق التي كنت تطأها ثم تطأ الأخرى قلت فإن ناسا يقولون ثم تزوجها ثم تطأ الأخرى فقال علي أرأيت إن طلقها زوجها أو مات عنها أليست ترجع إليك لأن تعتقها اسلم لك ثم أخذ علي بيدي فقال لي إنه يحرم عليك مما ملكت يمينك ما يحرم عليك في كتاب الله من الحرائر إلا العدد أو قال الأربع ويحرم عليك من الرضاعة مثل ما يحرم عليك في كتاب الله من النسب قال أبو عمر في هذا الحديث رحلة لو لم يصب الراجل من أقصى المغرب إلى المشرق إلى مكة غيره لما خابت رحلته وروى أحمد بن حنبل قال حدثني محمد بن مسلمة عن هشام عن بن سيرين عن بن مسعود قال يحرم من الإماء ما يحرم من الحرائر إلا العدد وعن بن سيرين والشعبي مثل ذلك قال مالك في الأمة تكون عند الرجل فيصيبها ثم يريد أن يصيب أختها إنها لا تحل له حتى يحرم عليه فرج أختها بنكاح أو عتاقة أو كتابة أو ما أشبه ذلك يزوجها عبده أو غير عبده قال أبو عمر أما إذا حرم فرجها ببيع أو عتق فلا خلاف أنه يطأ الأخرى لأن العتق لا يتصرف فيه بحال والبيع لا يرجع إليه إلا بفعله‏.‏

وأما الكتابة فقد تعجز فترجع إليه بغير فعله وكذلك في التزويج ترجع إليه بفعل غيره وهو الطلاق لا بفعله وقول مالك حسن لأنه تحريم صحيح في الحال ولا تلزم مراعاة المال وحسبه إذا حرم فرجها عليه ببيع أو بتزويج لأنه في التزويج قد ملك فرجها غيره وحرمت عليه في الحال‏.‏

وأما قول الثوري والكوفيين في ذلك فقال الثوري إن وطىء إحدى أمتيه لم يطأ الأخرى فإن باع الأولى أو زوجها ثم رجعت إليه أمسك عن الأخرى وهو قول أبي حنيفة‏.‏

وقال أبو حنيفة وأصحابه يجوز أن يتزوج أخت أم ولده ولا يطأ التي يتزوج حتى يحرم فرج أم ولده ويملكه غيره فإن زوجها ثم عادت إليه بفرقة زوجها لها وطىء الزوجة ما دامت أختها في العدة فأما بعد انقضاء العدة فلا يطأ امرأته حتى يملك فرج أم الولد وغيره‏.‏

وقال مالك من كانت عنده جارية يطأها فاشترى أختها فله أن يقيم على وطء الأولى ولا يطأ الثانية حتى تحرم الأولى وكذلك لو ملك الأختين معا وطىء إحداهما ثم لم يطأ الأخرى حتى يحرم فرج التي كان يطأ‏.‏

وقال مالك إن تزوج أخت أم ولده لم يعجبني ولم أفرق بينهما ولكنه لا يطأ واحدة منهما حتى يحرم أيتهما شاء قال مالك لو كانت له أمة يطأها فباعها ثم تزوج أختها فلم يدخل بها حتى اشترى أختها التي كان يطأها فباعها فإن له أن يطأ امرأته لأن هذا ملك ثان قال أبو عمر لا يطأها في قول الكوفيين وهو معنى ما روي عن علي - رضي الله عنه - قالوا لأن الملك الذي منع وطء الزوجة في الابتداء موجود فلا فرق بين عودتها إليه وبين بقائها بدءا في ملكه قال مالك إذا زوج أم ولده ثم اشترى أختها فإن له أن يطأها فإن رجعت إليه أم ولده فله أن يطأ الأمة التي عنده ويمسك عن أم ولده وقال الأوزاعي إذا وطىء جارية له بملك اليمين لم يجز له أن يتزوج أختها‏.‏

وقال الشافعي ملك اليمين لا يمنع نكاح الأخت قال أبو عمر لم يختلفوا فيمن كانت له أمة له يطأها بملك يمينه أن له أن يشتري أختها فيطأها حتى تحرم التي كان يطأ واختلفوا في عقدة النكاح على أخت الجارية التي توطأ بملك اليمين فمن جعل عقد النكاح كالشراء أجازه ومن جعله كالوطء لم يجزه وقد أجمعوا أنه لا يجوز العقد على أخت الزوجة لقول الله - عز وجل ‏(‏وأن تجمعوا بين الأختين‏)‏ ‏[‏النساء 23‏]‏‏.‏

يعني الزوجتين بعقد النكاح فقف على ما أجمعوا عليه واختلفوا فيه من هذا الباب بين لك الصواب إن شاء الله‏.‏

باب النهي عن أن يصيب الرجل أمة كانت لأبيه

1093- مالك أنه بلغه أن عمر بن الخطاب وهب لابنه جارية فقال لا تمسها فإني قد كاشفتها مالك عن عبد الرحمن بن المجبر أنه قال وهب سالم بن عبد الله لابنه جارية فقال لا تقربها فإني قد أردتها فلم أنشط إليها‏.‏

1094- وعن يحيى بن سعيد أن أبا نهشل بن الأسود قال للقاسم بن محمد إنتي رأيت جارية لي منكشفا عنها وهي في القمر فجلست منها مجلس الرجل من امرأته فقالت إني حائض فقمت فلم أقربها بعد أفأهبها لابني يطؤها فنهاه القاسم عن ذلك‏.‏

1095- مالك عن إبراهيم بن أبي عبلة عن عبد الملك بن مروان أنه وهب لصاحب له جارية ثم سأله عنها فقال قد هممت أن أهبها لابني فيفعل بها كذا وكذا فقال عبد الملك لمروان كان أورع منك وهب لأبنه جارية ثم قال لاتقربها فإني قد رأيت ساقها منكشفة قال أبو عمر أعلى ما في هذا المعنى ما أخبرنا به أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد المؤمن قال حدثني عبد المؤمن بن محمد بن عثمان بن ثابت قال حدثني إسماعيل بن إسحاق قال حدثني علي بن المديني قال حدثني بن عيينة قال حدثني يزيد بن يزيد بن جابر عن مكحول أن عمر جرد جارية فنظر إليها ثم نهى ولده أن يقربها وذكر عبد الرزاق عن بن عيينة عن يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد عن عبد الله وعبد الرحمن ابني عامر بن ربيعة ان عامر بن ربيعة - وكان بدريا - نهاهما عن جارية له أن يقرباها قالا وما علمناه كان منه إليها شيء إلا أن يكون أطلع منها مطلعا كره أن يطلعه أحدهما وعن الثوري عن بن أبي ليلى عن الحكم أن مسروقا قال في جارية له إني لم أصب منها إلا ما حرم علي ولدي من اللمس والنظر وعن الثوري عن معمر عن عاصم بن سليمان عن الشعبي عن مسروق أنه قال لبنيه في أمة له قد نظرت منها منظرا وقعدت منها مقعدا لا أحب أن تقعدوا منها مقعدي ولا تنظروا منظري وعن مجاهد وإبراهيم والقاسم التحريم باللمس والقبل ووضع اليد على الفرج والنظر إليه وعن معمر عن قتادة والحسن قالا لا يحرمها إلا الوطء قال أبو عمر قد اختلف عن قتادة في ذلك ولم يختلف عن الحسن فيما علمت والله أعلم ذكر بن أبي شيبة قال حدثني محمد بن يزيد عن أبي العلاء وقتادة وأبي هاشم قالا في الرجل يقبل أم امرأته أو ابنتها حرمت عليه امرأته قال‏.‏

وحدثني عبد الأعلى عن هشام عن الحسن في الرجل يقبل المرأة أو يلمسها أو يأتيها في غير فرجها إن شاء تزوجها وتزوج أمها إن شاء وإن شاء ابنتها واتفق مالك والثوري وأبو حنيفة والأوزاعي والليث أن اللمس لشهوة يحرم الأم والابنة فيحرمها على الأب والابن وهو أحد قولي الشافعي وهو الأكثر عنه وله قول آخر أنه لا يحرمها إلا الوطء وبه قال داود واختاره المزني من قولي الشافعي واختلفوا في النظر فقال مالك إذا نظر إلى شعر جاريته أو صدرها أو ساقها أو شيء من محاسنها تلذذا حرمت عليه أمها وقال بن أبي ليلى والشافعي لا تحرم بالنظر حتى يلمس‏.‏

وقال أبو حنيفة وأصحابه إذا نظر في الفرج بشهوة كان بمنزلة اللمس بشهوة وقال الثوري إذا نظر إلى فرجها متعمدا ولم يذكر الشهوة قال أبو عمر حرم الله - عز وجل - على الأباء حلائل أبنائهم وحرم على الابناء ما نكح آباؤهم من النساء وحرم أمهات النساء والربائب المدخول بأمهاتهن وأجمعوا أن ذلك كله أريد به الوطأ مع العقد في الزوجات واختلفوا في العقد دون الوطء وفي الوطء دون العقد على ما قد ذكرناه والحمد لله وملك اليمين في ذلك كله تبع للنكاح وجاء عن جمهور السلف انهم كرهوا من اللمس والقبل والكشف ونحو ذلك ما كرهوا من الوطء ورعا ودينا ومن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه ومن رعى حول الحمى لم يؤمن عليه أن يرتع فيه‏.‏

باب النهي عن نكاح إماء أهل الكتاب

قال مالك لا يحل نكاح أمة يهودية ولا نصرانية لأن الله تبارك وتعالى يقول في كتابه ‏(‏والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم‏)‏ ‏[‏المائدة 5‏]‏‏.‏

فهن الحرائر من اليهوديات والنصرانيات وقال الله تبارك وتعالى ‏(‏ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم‏)‏ ‏[‏النساء 25‏]‏‏.‏

فهن المؤمنات قال مالك فإنما أحل الله فيما نرى نكاح الإماء المؤمنات ولم يحلل نكاح إماء أهل الكتاب اليهودية والنصرانية قال مالك والأمة اليهودية والنصرانية تحل لسيدها بملك اليمين ولا يحل وطء أمة مجوسية بملك اليمين قال أبو عمر قد أوضح به - مالك رحمه الله - في هذا الكتاب بما احتج به نصوص الكتاب وعلى ما ذهب إليه من ذلك جمهور أهل العلم وقد ذكرنا أنه تفسير بن عباس من رواية علي بن أبي طلحة وغيره عنه قال بن عباس من لم يكن له سعة أن ينكح الحرائر فلينكح من إماء المؤمنين وكذلك قال بن أبي نجيح عن مجاهد من لم يستطع أن ينكح المرأة المؤمنة فلينكح الأمة المؤمنة وقال لا ينبغي للحر المسلم أن ينكح المملوكة من إماء أهل الكتاب لأن الله تعالى يقول ‏(‏من فتياتكم المؤمنات‏)‏ ‏[‏النساء 25‏]‏‏.‏

وقال يزيد بن ذريع عن يونس عن الحسن إنما رخص الله في الأمة المؤمنة قال الله عز وجل ‏(‏من فتياتكم المؤمنات‏)‏ لمن لم يجد طولا وهذا قول بن شهاب الزهري ومكحول وسفيان الثوري والأوزاعي ومالك والليث وأحمد وإسحاق إلا أن الثوري قال لا أكره الأمة الكتابية ولا أحرمه‏.‏

وأما مالك والشافعي والليث والأوزاعي فقالوا لا يجوز لحر ولا لعبد مسلم نكاح أمة كتابية‏.‏

وقال أبو حنيفة وأصحابه لا بأس بنكاح إماء أهل الكتاب لأن الله تعالى قد أحل الحرائر منهن والإماء تبع لهن وروي عن أبي يوسف أنه قال أكره نكاح الأمة الكتابية إذا كان مولاها كافرا والنكاح جائز وقال محمد بن الحسن يجوز نكاحها للعبد قال أبو عمر لا أعلم لهم سلفا في قولهم هذا إلا أبا ميسرة عمرو بن شرحبيل فإنه قال إماء أهل الكتاب بمنزلة الحرائر منهن ولهم في ذلك أحتجاجات من المقايسات عليهم مثلها سوى ظاهر النص وبالله التوفيق‏.‏

وأما قوله الأمة اليهودية والنصرانية تحل لسيدها بملك اليمين فعلى هذا جمهور أهل العلم على عموم قول الله - عز وجل ‏(‏أو ما ملكت أيمانكم‏)‏ النساء وجاء عن الحسن البصري أنه كره وطء الأمة اليهودية والنصرانية بملك اليمين وهذا شذوذ عن الجماعة التي هي الحجة على من خالفها‏.‏

وأما قوله ولا يحل وطء أمة مجوسية بملك اليمين فهذا أيضا قول جمهور أهل العلم ولم يختلف فيه فقهاء أهل الأمصار من أهل الرأي والآثار وروي عن مجاهد وطاوس في ذلك رخصة وهو قول شاذ مهجور وقد روى وكيع وغيره عن الثوري عن قيس بن مسلم عن الحسن بن محمد بن علي قال كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مجوس هجر يعرض عليهم الإسلام فمن أسلم قبل منه ومن أبى ضربت عليه الجزية على أن لا تؤكل لهم ذبيحة ولا تنكح لهم امرأة وروى سفيان الثوري عن حماد قال سألت سعيد بن جبير عن نكاح اليهودية والنصرانية فقال لا بأس به فقلت فإن الله تعالى يقول ‏(‏ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن‏)‏ ‏[‏البقرة 221‏]‏‏.‏

قال أهل الأوثان والمجوس وذكر سنيد قال حدثني جرير عن موسى بن أبي عائشة قال سألت سعيد بن جبير ومرة الهمداني قلت أناس يشترون المجوسيات فيقع أحدهم عليها قبل أن تسلم فقال مرة ما يصلح هذا وقال سعيد ما يجوز منهن إذا فعلوا ذلك فكان سعيد أشدهما قولا قال‏.‏

وحدثني جرير عن مغيرة عن حماد عن إبراهيم قال إذا سبيت اليهوديات والنصرانيات أجبرن على الإسلام فإن أسلمن وطئن واستخدمن إن لم يسلمن استخدمن وإذا سبيت المجوسيات وعبدة الأوثان يجبرن على الإسلام فإن أسلمن وطئن واستخدمن وإن لم يسلمن استخدمن وإن لم يوطأن وقال هشيم عن مغيرة عن إبراهيم قال إذا سبيت المجوسية والوثنية فلا توطأ حتى تسلم وإن أبين أكرهن وقال الأوزاعي سألت الزهري عن الرجل يشتري المجوسية أيطأها فقال إذا شهدت أن لا إله إلا الله وطئها وروى شريك عن سماك بن حرب عن أبي سلمة بن أبي عبد الرحمن قال لا يطأها حتى تسلم وقال الليث بن يونس عن بن شهاب قال لا يحل له أن يطأها حتى تسلم قال أبو عمر قد أجمعوا أنه لا يجوز لمسلم نكاح مجوسية ولا وثنية ولا خلاف بين العلماء في ذلك وإذا كان حراما بإجماع نكاحها فكذلك وطؤها بملك اليمين قياسا ونظرا فإن قيل إنكم تجيزون وطء الأمة الكتابية بملك اليمين ولا تجيزون نكاحها قيل إن الله تعالى نص على الفتيات المؤمنات عند عدم الطول إلى المحصنات فماذا بعد قول الله تعالى قال أبو عمر قول بن شهاب - وهو أعلم الناس بالمغازي والسير - دليل على فساد قول من زعم أن سبي أوطاس وطئن ولم يسلمن وروي ذلك عن طائفة منهم عطاء وعمرو بن دينار قال لا بأس بوطء الأمة المجوسية وهذا لم يلتفت إليه أحد من الفقهاء بالأمصار وقد جاء عن الحسن البصري - وهو ممن لم يكن غزوه ولا غزو أهل ناحيته إلا الفرس وما ورائهم من خرسان ولم يكن أحد منهم أهل كتاب - ما يبين لك كيف كانت السيرة في نسائهم إذا سبين أخبرنا عبد الله بن محمد بن أسد قال حدثني إبراهيم بن أحمد بن فراس قال حدثني علي بن عبد العزيز قال حدثني أبو عبيد قال حدثني هشيم عن يونس عن الحسن قال قال له رجل يا أبا سعيد ‏!‏ كيف كنتم تصنعون إذا سبيتموهن قال كنا نوجهها إلى القبلة ونأمرها أن تسلم وتشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ثم نأمرها أن تغتسل فإذا أراد صاحبها أن يصيبها لم يصبها حتى يستبرئها وعلى هذا تأويل جماعة العلماء في قول الله - عز وجل ‏(‏ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن‏)‏ ‏[‏البقرة 221‏]‏‏.‏

إنهن الوثنيات والمجوسيات لأن الله تعالى قد أحل الكتابيات بقوله تعالى ‏(‏والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم‏)‏ ‏[‏المائدة 5‏]‏‏.‏

يعني العفائف لا من شهر زناها من المسلمات ومنهم من كره نكاحها ووطئها بملك اليمين ما لم يكن منهن توبة لما في ذلك من إفساد النسب وسيأتي ذكر نكاح الزانية في موضعه إن شاء الله - عز وجل وقد كان بن عمر يكره نكاح الكتابيات ويحمل قوله تعالى ‏(‏ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن‏)‏ ‏[‏البقرة 221‏]‏‏.‏

على كل كافرة ويقول لا أعلم شركا أكبر من قولهن المسيح بن الله وعزير بن الله وهذا قول شذ فيه بن عمر عن جماعة الصحابة - رضوان الله عليهم - وخالف ظاهر قول الله - عز وجل ‏(‏اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم‏)‏ ‏[‏المائدة 5‏]‏‏.‏

ولم يلتفت أحد من علماء الأمصار - قديما وحديثا - إلى قوله ذلك لأن إحدى الآيتين ليست بأولى بالاستعمال من الأخرى ولا سبيل إلى نسخ إحداهما بالأخرى ما كان إلى استعمالهما سبيل فآية سورة البقرة عند العلماء في الوثنيات والمجوسيات وآية المائدة في الكتابيات وقد تزوج عثمان بن عفان نائلة بنت الفرافصة الكلبية نصرانية وتزوج طلحة بن عبد الله يهودية وتزوج حذيفة يهودية وعنده حرتان مسلمتان عربيتان ولا أعلم خلافا في نكاح الكتابيات الحرائر بعد ما ذكرنا إذا لم تكن من نساء أهل الحرب فإن كن حربيات فأكثر أهل العلم على كراهية نكاحهن لأن المقام له ولذريته بدار الحرب حرام عليه ومن تزوج بدار الحرب فقد رضي المقام بها أخبرنا أحمد بن قاسم وأحمد بن محمد قالا حدثنا محمد بن نصر قال حدثنا علي بن عبد العزيز قال حدثنا أبو عبيد قال حدثنا حجاج عن المسعودي عن الحكم بن عتبة قال قلت لإبراهيم أتعلم شيئا من نساء أهل الكتاب حراما قال لا قال الحكم وقد كنت سمعت من أبي عياض أن نساء أهل الكتاب محرم نكاحهن في بلادهن فذكرت ذلك لإبراهيم فصدق به وأعجبه قال أبو عمر أبو عياض هذا من كبار التابعين وفقهائهم أدرك عمر بن الخطاب فكان يروي عن أبي هريرة وبن عباس ويفتي في حياتهما ويستفتى في خلافة معاوية قيل أسمه قيس بن ثعلبة واتفق مالك وأبو حنيفة والشافعي إن نكاح الحربيات في دار الحرب حلال إلا أنهم يكرهون ذلك من أجل الولد والنساء وقال سعيد بن المسيب وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود وعروة بن الزبير في المرأة من أهل الكتاب حربية تدخل أرض العرب لا تنكح إلا أن تظهر السكنى بأرض العرب قبل أن تخطب وبالله التوفيق وهو حسبي ونعم الوكيل‏.‏

باب ما جاء في الإحصان

قال أبو عمر هكذا ترجمة هذا الباب في جميع الموطآت فيما علمت ونذكر هنا من الإحصان ما فيه كفاية ونزيده بيانا في الحدود - إن شاء الله تعالى‏.‏

1096- مالك عن بن شهاب عن سعيد بن المسيب أنه قال المحصنات من النساء هن أولات الأزواج ويرجع ذلك إلى أن الله حرم الزنى قال أبو عمر للعلماء في تأويل هذه الآية ثلاثة أقوال أحدها أن المحصنات في الآية ذوات الأزواج من السبايا خاصة وإن هذه الآية نزلت في السبايا اللاتي لهن أزواج في بلادهن سبين معهم أو دونهم وأكثر العلماء على أن السبي يقطع العصمة بينهم روي ذلك عن علي وبن عباس وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وبن مسعود وأبي سعيد الخدري - رضوان الله عليهم وروي ذلك عن أبي سعيد الخدري سندا ذكره بن أبي شيبة قال حدثني عبد الأعلى عن سعيد عن قتادة أن أبا علقمة الهاشمي حدثه أن أبا سعيد الخدري حدثهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث يوم حنين سرية فأصابوا حيا من العرب يوم أوطاس فهزموهم وقتلوهم وأصابوا لهم نساء لهن أزواج وكان أناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم تأثموا من غشيانهن من أجل أزواجهن فأنزل الله تعالى ‏(‏والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم‏)‏ ‏[‏النساء 24‏]‏‏.‏

يعني منهن فحلال لكم فاقتصرت طائفة من السلف والخلف في تأويل هذه الآية على السبايا ذوات الأزواج خاصة اللائي فيهن نزلت الآية وقالوا ليس بيع الأمة طلاقها لأن الآية في السبايا خاصة وبه قال مالك وأبو حنيفة وأصحابه والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور وهو الصواب والحق إن شاء الله تعالى وفي الحديث ‏(‏قول أول‏)‏ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خبرها ولو كان بيع الأمة طلاقها ما خبرت والقول الثاني أن المحصنات في الآية كل أمة ذات زوج وسبيها طلاق لها وتحل فليشتريها بملك اليمين على ظاهر قول الله - عز وجل ‏(‏والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم‏)‏ ‏[‏النساء 24‏]‏‏.‏

قالوا فكل من ملك أمة فهي له حلال على ظاهر الكتاب ذات زوج كانت أو غير ذات زوج وإن كان ذلك كذلك فلا بد وأن يكون بيع الأمة طلاقا لها لأن الفرج يحرم على اثنين في حال واحدة على اتفاق من علماء المسلمين ويجتمع في هذا القول من قال بالقول الأول ومن قال إن بيع الأمة طلاقها وممن قال بذلك بن مسعود ومالك وبن عباس وإسحاق وأبي بن كعب - رضي الله عنهم ذكر أبو بكر قال حدثني أبو معاوية وأبو أسامة عن الأعمش عن إبراهيم قال عبد الله بيع الأمة طلاقها قال‏.‏

وحدثني أبو أسامة عن الأشعث عن الحسن وعن سعيد عن قتادة عن بن عباس وجابر وأنس قالوا بيع الأمة طلاقها وهو قول سعيد بن المسيب والحسن بن أبي الحسن ومجاهد وعكرمة وستأتي هذه المسألة في كتاب البيوع - إن شاء الله عز وجل وروى الثوري عن حماد عن إبراهيم قال قال بن مسعود في قوله تعالى ‏(‏والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم‏)‏ ‏[‏النساء 24‏]‏‏.‏

قال ذوات الأزواج من المسلمين والمشركين وقال علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - ذوات الأزواج من المشركين والقول الثالث أن المحصنات في الآية وإن كن ذوات الأزواج فإنه يدخل في ذلك كل محصنة عفيفة ذات زوج وغير ذات زوج وهو معنى قول سعيد بن المسيب ويرجع ذلك إلى أن الله تعالى حرم الزنى وكان هؤلاء قد جعلوا النكاح وملك اليمين سواء ومعنى قوله تعالى في الآية عندهم ‏(‏إلا ما ملكت أيمانكم‏)‏ ‏[‏النساء 24‏]‏‏.‏

يعني تملكون عصمتهن بالنكاح وتملكون الرقبة بالشراء فكأنهن كلهن ملك يمين وما عدا ذلك فزنا وروى معمر عن أيوب عن بن سيرين عن عبيدة قال أحل الله تعالى أربعا في أول السورة وحرم نكاح المحصنة بعد الأربع إلا ما ملكت يمينك بالنكاح وبالشراء وروى معمر عن بن طاوس عن أبيه في قوله تعالى ‏(‏والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم‏)‏ ‏[‏النساء 24‏]‏‏.‏

قال زوجتك مما ملكت يمينك ويقول حرم الله الزنى فلا يحل لك أن تطأ امرأة إلا ما ملكت يمينك وروي مثله عن جابر بن زيد وعكرمة ومجاهد وعطاء والشعبي‏.‏

1097- مالك عن بن شهاب وبلغه عن القاسم بن محمد أنهما كانا يقولان إذا نكح الحر الأمة فمسها فقد أحصنت قال مالك وكل من أدركت كان يقول ذلك تحصن الأمة الحر إذا نكحها فمسها فقد أحصنته قال مالك يحصن العبد الحرة إذا مسها بنكاح ولا تحصن الحرة العبد إلا أن يعتق وهو زوجها فيمسها بعد عتقه فإن فارقها قبل أن يعتق فليس بمحصن حتى يتزوج بعد عتقه ويمس امرأته قال مالك والأمة إذا كانت تحت الحر ثم فارقها قبل أن تعتق فإنه لا يحصنها نكاحه إياها وهي أمة حتى تنكح بعد عتقها ويصيبها زوجها فذلك إحصانها والأمة إذا كانت تحت الحر فتعتق وهي تحته قبل أن يفارقها فإنه يحصنها إذا عتقت وهي عنده إذا هو أصابها بعد أن تعتق‏.‏

وقال مالك والحرة النصرانية واليهودية والأمة المسلمة يحصن الحر المسلم إذا نكح إحداهن فأصابها قال أبو عمر مذهب مالك وأصله في هذا الباب أن كل حر جامع جماعا مباحا بنكاح وكان بالغا فهو يحصن وسواء كانت زوجته مسلمة أو ذمية حرة أو أمة وكذلك كل حرة مسلمة بالغ جومعت بنكاح صحيح نكاحا مباحا فهي تحصنه وزوجها كان زوجها حرا أو عبدا ولا يقع الإحصان ولا يثبت لكافر ولا لعبد ذكر ولا أنثى وليس نكاح الحر للأمة إحصانا للأمة ولا نكاح الذمي للذمية إحصانا عنده وسيأتي ذكر مذهبه ومذهب غيره في رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم اليهوديين في كتاب الحدود - إن شاء الله تعالى والوطء المحظور والنكاح الفاسد لا يقع به إحصان والصغيرة تحصن الكبير عنده والأمة تحصن الحر والذمية تحصن المسلم ولا يحصن الكبير الصغيرة ولا الحر الأمة ولا المسلم الكافرة ولا يقع الإحصان إلا بتمام الإيلاج في الفرج أقله مجاوزة الختان الختان فهذا مذهب مالك وأصحابه وحد الحصانة التي توجب الرجم في مذهبه أن يكون الزاني حرا مسلما بالغا عاقلا قد وطىء وطئا مباحا في عقد صحيح ولا خلاف بين العلماء أن عقد النكاح لا يثبت به إحصان حتى يجامعهم الوطء الموجب الغسل والحد‏.‏

وقال مالك إذا تزوجت المرأة خصيا ولم يعلم بوطئها ثم علمت أنه خصي فلها أن تختار فراقه ولا يكون ذلك الوطء إحصانها وقال الثوري لا يحصن الحر المسلم بأمة ولا بكافرة‏.‏

وقال الشافعي إذا دخل بامرأته وهما حران بالغان فهما يحصنان وسواء كانوا مسلمين أو كافرين‏.‏

وقال أبو حنيفة وأصحابه الإحصان أن يكونا مسلمين حرين بالغين قد جامعها جماعا يوجب الحد والغسل هذا تحصيل مذهبهم وقد روي عن أبي يوسف في ‏(‏‏(‏الإملاء‏)‏‏)‏ أن المسلم يحصن النصرانية ولا تحصنه وروي عنه - أيضا - أن النصراني إذا دخل بامرأته النصرانية وهما حران بالغان ثم أسلما أنهما محصنان وروى بشر بن الوليد عن أبي يوسف قال بن أبي ليلى إذا زنى اليهودي والنصراني بعد ما أحصن فعليهم الرجم قال أبو يوسف وبه نأخذ وقال الحسن بن حي لا يكون الحر المسلم محصنا بالكافرة ولا بالأمة ولا يحصن إلا بالأمة المسلمة قال ويحصن المسلم الكافر ويحصن الكافران كل واحد منهما صاحبة وقال الليث في الزوجين المملوكين يكونان محصنين حتى يدخل بها بعد إسلامهما قال فإن تزوج امرأة في عدتها فوطئها ثم فرق بينهما فهذا إحصان وقال الأوزاعي في العبد تحته حره إذا زنى فعليه الرجم قال ولو كانت تحته أمة فأعتق ثم زنى لم يكن عليه رجم حتى ينكح غيرها وقال في الجارية التي لم تحصن أنها تحصن الرجل والغلام الذي لم يحتلم لا يحصن المرأة قال ولو تزوج امرأة فإذا هي أخته من الرضاعة فهذا إحصان قال أبو عمر قول الأوزاعي أن المملوك يكون محصنا بالحرة والمملوكة تكون محصنة بالحر وليس بشيء إن الله - عز وجل - يقول ‏(‏فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب‏)‏ ‏[‏النساء 25‏]‏‏.‏

وبيان هذه المسألة في كتاب الحدود عند ذكر حديث أبي هريرة وزيد بن خالد في الأمة إذا زنت - إن شاء الله تعالى قال أبو عمر روي مثل قول مالك في أن الأمة تحصن الحر وإن العبد يحصن الحرة وإن الكافرة تحصن الحر عن سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار وبن شهاب وروى معمر عن الزهري قال سأل عبد الملك بن مروان عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أتحصن الأمة الحر قال نعم قال عمن قال أدركنا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون ذلك وروى عن جابر بن زيد والحسن وسعيد بن جبير مثل ذلك وروي مثل قول الكوفيين عن إبراهيم النخعي وعكرمة والشعبي قالوا لا يحصن الحر المسلم بيهودية ولا نصرانية ولا بأمة وقد روي عن إبراهيم أن اليهودية والنصرانية والأمة لا تحصن المسلم وهو يحصنهن وقد روي عن الحسن أن الأمة لا تحصن الحر وأن الكافرة تحصن المسلم خالف بين الكافرة والأمة وقال مجاهد وطائفة إذا نكح العبد الحرة أحصنته وإذا نكح الحر الأمة أحصنها وقال عطاء بن أبي رباح نكاح الكتابية إحصان وليس نكاح الأمة بإحصان قال أبو عمر عن التابعين في هذا الباب ضروب من الأضطراب وفي احتجاج أتباع الفقهاء لمذاهبهم في هذا الباب تشعيب وسنذكر عيونا في كتاب الحدود فهو أولى - إن شاء الله تعالى وهو الموفق‏.‏

باب نكاح المتعة

1098- مالك عن بن شهاب عن عبد الله والحسن ابني محمد بن علي بن أبي طالب عن أبيهما عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن متعة النساء يوم خيبر وعن أكل لحوم الحمر الإنسانية قال أبو عمر هكذا قال مالك في هذا الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن متعة النساء يوم خيبر وتابعه على ذلك أكثر أصحاب بن شهاب منهم معمر ويونس وخالفهم بن عيينة وغيره عن بن شهاب بإسناده في هذا الحديث فقالوا فيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن نكاح المتعة وعن لحوم الحمر الأهلية يوم خيبر وجاز في روايتهم إخراج نكاح المتعة عن يوم خيبر وردوا النهي عن أكل لحوم الحمر الأهلية خاصة إلى يوم خيبر ولا يمكن مثل ذلك في رواية مالك وإنما جاء ذلك من قبل بن شهاب ولا خلاف بين أهل السير وأهل العلم بالأثر أن نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لحوم الحمر الأهلية إنما كان يوم خيبر‏.‏

وأما نهيه صلى الله عليه وسلم عن نكاح المتعة ففيه اختلاف واضطراب كثير فمن ذلك أن إسحاق بن راشد روى هذا الحديث عن الزهري عن عبد الله بن محمد بن علي عن أبيه عن علي قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك عن نكاح المتعة ولم يتابع إسحاق بن راشد على هذه الرواية عن بن شهاب وقد تابعه يونس على إسقاط الحسن بن محمد من الإسناد وعند الزهري في هذا الحديث أيضا إسناد آخر رواه عنه جماعة من أصحابه قال أخبرني الربيع بن سبرة عن أبيه قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نكاح المتعة يوم الفتح رواه بن عيينة عن الزهري بهذا الإسناد عنده في الإسناد الأول وقد رواه حماد بن زيد عن أيوب عن الزهري عن الربيع بن سبرة عن أبيه وأسانيد أحاديث هذا الباب كلها في ‏(‏‏(‏التمهيد‏)‏‏)‏ وقال آخرون إنما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نكاح المتعة عام حجة الوداع ذكر أبو داود قال حدثني مسدد قال حدثني عبد الرزاق عن إسماعيل بن أمية عن الزهري قال كنا عند عمر بن عبد العزيز فتذاكرنا متعة النساء فقال رجل يقال له ربيع بن سبرة - أشهد على أبي أنه حدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهى عنها في حجة الوداع وذهب أبو داود إلى أن هذا أصح ما روي في ذلك وذكر عبد الرزاق هذا الحديث عن معمر عن الزهري عن الربيع بن سبرة عن أبيه أن رسول الله حرم متعة النساء لم يزد على هذا ولم يذكر وقتا ولا زمنا ورواه عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز عن الربيع بن سبرة بأتم ألفاظ وذكر فيه أن ذلك كان في حجة الوداع وقد ذكرنا عنه بإسناده وتمام ألفاظه في ‏(‏‏(‏التمهيد‏)‏‏)‏ من طرق عن عبد العزيز بن عمر بإسناده هذا عن الربيع بن سبرة عن أبيه قال خرجنا حجاجا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع فذكر الحديث قال فلما طفنا بالبيت وبين الصفا والمروة وحللنا قلنا يا رسول الله ‏!‏ إن العزبة قد شقت علينا فقال النبي صلى الله عليه وسلم ‏(‏‏(‏تمتعوا من هذه النسوان‏)‏‏)‏‏.‏

قال والاستمتاع عندنا التزويج قال فأتيناهن فأبين أن ينكحننا إلا أن نجعل بيننا وبينهن أجلا فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ‏(‏‏(‏اجعلوا بينكم وبينهن أجلا‏)‏‏)‏ فخرجت أنا وصاحب لي بن عم وكان أسن مني وأنا أشب منه وعلي بردة وبرده أمثل من بردي قال فأتينا امرأة من بني عامر فعرضنا عليها النكاح فنظرت إلي وإليه وقالت ببرد كبرد والشباب أحب إلي قال فتزوجتها فكان الأجل بيني وبينها عشرا وبعض رواة هذا الحديث يقول فيه فتزوجتها ثلاثا ببردي ثم انقضوا قال فبت معها تلك الليلة ثم غدوت إلى المسجد فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قائم بين الركن والمقام يخطب فسمعته يقول ‏(‏‏(‏إنا كنا أذنا لكم في الاستمتاع من هذه النساء فمن كان تزوج امرأة إلى أجل فليخل سبيلها وليعطها ما سمى لها فإن الله - عز وجل - قد حرمها عليكم إلى يوم القيامة‏)‏‏)‏ وكان الحسن البصري يقول هذه القصة كانت في عمرة القضاء ذكره عبد الرزاق عن معمر عن عمرو عن الحسن قال ما حلت المتعة قط إلا ثلاثا في عمرة القضاء ما حلت قبلها ولا بعدها وهذ ا المعنى إنما يوجد من حديث بن لهيعة عن الربيع بن سبرة عن أبيه وقد روي في المتعة والنهي عنها من حديث سهل بن سعد وسلمة بن الأكوع وبن مسعود وغيرهم ففي حديث سهل بن سعد قال إنما رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم لغربة كانت بالناس شديدة ثم نهى النبي صلى الله عليه وسلم وفي حديث سلمة بن الأكوع قال رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم عام أوطاس في المتعة ثلاثا ثم نهى عنها وفي حديث بن مسعود رواه بن أبي شيبة قال حدثني وكيع عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن بن مسعود قال رخص لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن شباب أن ننكح المرأة بالثوب إلى أجل ثم نهانا عنها - يعني عن المتعة يوم خيبر وعن لحوم الحمر الأهلية فهذا ما في هذا الباب من ‏(‏‏(‏المسند‏)‏‏)‏ وقد ذكرنا أسانيد هذه الأحاديث وسائر أحاديث هذا الباب في ‏(‏‏(‏التمهيد‏)‏‏)‏ والحمد لله‏.‏

وأما الصحابة فإن الأكثر منهم على النهي عنها وتحريمها روى مالك بن أنس وغيره عن نافع عن بن عمر قال عمر متعتان كانتا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا أنهى عنهما وأعاقب عليهما متعة النساء ومتعة الحج قال أبو عمر متعة النساء معلومة وقد أوضحنا معنى قوله ومتعة الحج في كتاب الحج ومعنى قوله كانتا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني ثم نهى عنهما رسول الله صلى الله عليه وسلم وروى بن جريج وعمرو بن دينار عن عطاء قال سمعت جابر بن عبد الله يقول تمتعنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر ونصف خلافة عمر ثم نهى عمر الناس عنها في شأن عمرو بن حريث هذا اللفظ حديث بن جريج وحديث عمرو بمعناه قال بن جريج‏.‏

وأخبرني عطاء أن بن عباس كان يراها حلالا حتى الأن ويقول فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى فآتوهن أجورهن قال وقال بن عباس في حرف أي إلى أجل مسمى وقال عطاء واستمتع معاوية وعمرو بن حريث فنهاهما عمر قال عطاء وسمعت بن عباس يقول يرحم الله عمر ما كانت المتعة إلا رحمة من الله رحم الله بها أمة محمد صلى الله عليه وسلم ولولا نهى عمر عنها ما احتاج إلى الزنى إلا شقي قال أبو عمر أصحاب بن عباس من أهل مكة واليمن كلهم يرون المتعة حلالا على مذهب بن عباس وحرمها سائر الناس وقد ذكرنا الآثار عمن أجازها في ‏(‏‏(‏التمهيد‏)‏‏)‏‏.‏

قال معمر قال الزهري ازداد الناس لها مقتا حين قال الشاعر يا صاح هل لك في فتيا بن عباس قال أبو عمر هما بيتان‏:‏

قال المحدث لما طال مجلسه *** يا صاح هل لك في فتيا بن عباس

في بضة رخصته الأطراف آنسة *** تكون مثواك حتى مرجع الناس

وروى الليث بن سعد عن بكير بن الأشج عن عمار - مولى الشريد - قال سألت بن عباس عن المتعة أسفاح هي أم نكاح قال لا سفاح هي ولا نكاح قلت فما هي قال المتعة كما قال الله تعالى قلت هل عليها عدة قال نعم حيضة قلت يتوارثان قال لا قال أبو عمر لم يختلف العلماء من السلف والخلف أن المتعة نكاح إلى أجل لا ميراث فيه والفرقة تقع عند انقضاء الأجل من غير طلاق وليس هذا من حكم الزوجة عند أحد من المسلمين وقد حرم الله - عز وجل - الفروج إلا بنكاح صحيح أو ملك يمين وليست المتعة نكاحا صحيحا ولا ملك يمين وقد نزعت عائشة والقاسم بن محمد وغيرهما في تحريمها ونسخها لقوله تعالى ‏(‏والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون‏)‏ المؤمنون‏.‏

5- 7‏.‏

وأما قوله تعالى ‏(‏فما استمتعتم به منهن فأتوهن أجورهن فريضة‏)‏ ‏[‏النساء 24‏]‏‏.‏

فروى عن علي - رضي الله عنه قال نسخ صوم شهر رمضان كل صوم ونسخت الزكاة كل صدقة ونسخ الطلاق والعدة والميراث المتعة ونسخت الضحية كل ذبح وعن بن مسعود قال المتعة منسوخة نسخها الطلاق والعدة والميراث وروي من حديث أبي هريرة عن النبي -عليه السلام- مثله وروى الثوري عن داود بن أبي هند عن سعيد بن المسيب قال نسخها الميراث وفي تأويل ‏(‏فما استمتعتم به منهن‏)‏ ‏[‏النساء 24‏]‏‏.‏

قول ثان روي معناه عن جماعة منهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه والحسن بن أبي الحسن - رحمه الله - قال هو النكاح الحلال فإذا عقد النكاح ولم يدخل فقد استمتع بالعقدة فإن طلقها قبل أن يدخل بها فلها نصف الصداق وإن دخل بها فلها الصداق كله لأنه قد استمتع بها المتعة الكاملة قالوا وقوله تعالى ‏(‏ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة‏)‏ ‏[‏النساء 24‏]‏‏.‏

مثل قوله تعالى ‏(‏فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا‏)‏ ‏[‏النساء 4‏]‏‏.‏

ومثل قوله تعالى ‏(‏إلا أن يعفون أو يعفوا الذي بيده عقدة النكاح‏)‏ ‏[‏البقرة 237‏]‏‏.‏

وهو أن تترك المرأة - أو يترك لها وقد روي عن بن عباس أنه انصرف عن المتعة وأنه قال نسخ المتعة ‏(‏يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن‏)‏ ‏[‏الطلاق 1‏]‏‏.‏

وروي أنه قال الاستمتاع هو النكاح وهي كلها آثار كلها ضعيفة لم ينقلها أحد يحتج به والآثار عنه بإجازة المتعة أصح ولكن العلماء خالفوه فيها قديما وحديثا حتى قال بن الزبير لو متع بن عباس لرجمته وقال بن أبي ذئب سمعت بن الزبير يخطب فقال في خطبته إن الذئب يكنى أبا جعدة آلا وإن المتعة هي الزنى وقال هشام بن الغاز سمعت مكحولا يقول في الرجل يتزوج المرأة إلى أجل قال هو الزنى وعبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر أنه سئل عن المتعة فقال حرام فقيل له إن بن عباس يفتي بها فقال فهلا تزمزم بها في زمن عمر ذكره أبو بكر قال حدثني عبده عن عبيد الله قال‏.‏

وحدثني أبن عيينة عن الزهري عن سالم عن أبيه أنه قال في المتعة لا نعلمها إلا السفاح وروى الحجاج بن أرطأة عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير قال قلت لأبن عباس هل ترى ما صنعت وبما أفتيت سارت بفتياك الركبان وقالت فيها الشعراء فقال إنا لله وإنا إليه راجعون لا والله ما أحللت منها إلا ما أحل الله من الميتة والدم ولحم الخنزير يعني عند الاضطرار والله أعلم قال أبو عمر اتفق أئمة علماء الأمصار من أهل الرأي والآثار منهم مالك وأصحابه من أهل المدينة وسفيان وأبو حنيفة من أهل الكوفة والشافعي ومن سلك سبيله من أهل الحديث والفقه والنظر والليث بن سعد في أهل مصر والمغرب والأوزاعي في أهل الشام وأحمد وإسحاق وأبو ثور وأبو عبيد وداود والطبري على تحريم نكاح المتعة لصحة نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عندهم عنها واختلفوا في معنى منها وهو الرجل يتزوج المرأة عشرة أيام أو شهرا أو أياما معلومات وأجلا معلوما فقال مالك والثوري وأبو حنيفة والشافعي والأوزاعي هذا نكاح المتعة وهو باطل يفسخ قبل الدخول وبعده وقال زفر إن تزوجها عشرة أيام أو نحوها أو شهرا فالنكاح ثابت والشرط باطل وقالوا كلهم - إلا الأوزاعي إذا نكح المرأة نكاحا صحيحا ولكنه نوى في حين عقده عليها ألا يمكث معها إلا شهرا أو مدة معلومة فإنه لا بأس به ولا تضره في ذلك نيته إذا لم يكن شرط ذلك في نكاحه قال مالك وليس على الرجل إذا نكح أن ينوي حبس امرأته إن وافقته وألا يطلقها وقال الأوزاعي لو تزوجها بغير شرط ولكنه نوى أن لا يحبسها إلا شهرا أو نحوه فيطلقها فهي متعة ولا خير فيه قال أبو عمر في حديث بن مسعود بيان أن المتعة نكاح إلى أجل وهذا يقتضي الشرط الظاهر وإذا سلم العقد منه صح وبالله التوفيق‏.‏

وأما الحمر الأهلية فلا خلاف اليوم بين علماء المسلمين أنه لا يجوز أكلها لنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها وعلى ذلك جماعة السلف إلا بن عباس وعائشة فيما روي عنهما أنهما كانا لا يريان بأكلها بأسا ويتأولان قول الله عز وجل ‏(‏قل لا أجد فيما أوحى إلى محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير‏)‏ ‏[‏الأنعام 145‏]‏‏.‏

وهذه الآية قد أوضحنا فيما تقدم من كتابنا ما للعلماء في تأويلها وأنها آية مكية نزل بعدها قرآن كثير بتحريم وتحليل وبين ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم فنهى عن أكل لحوم الحمر والسباع وقد مضى القول في أكل السباع في بابه من هذا الكتاب والحمد لله وقد روي عن بن عباس عن النبي عليه السلام من رواية الثقات النهي عن أكل لحوم الحمر والسباع وكل ذي مخلب من الطير رواه الثوري عن الأعمش عن مجاهد عن بن عباس ورواه سعيد بن أبي عروبة عن علي بن الحكم عن ميمون بن مهران عن سعيد بن جبير عن بن عباس عن النبي عليه السلام وهو الذي تحمل إضافته إلى بن عباس لموافقته جماعة الناس في لحوم الحمر وليس أحد بحجة على السنة لأن على الكل فيها الطاعة والاتباع وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عن أكل لحوم الحمر الأهلية من وجوه كثيرة صحاح من حديث علي بن أبي طالب وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عمرو وجابر بن عبد الله والبراء بن عازب وعبد الله بن أبي أوفى وأنس بن مالك وزاهر الأسلمي - رضي الله عنهم وقد ذكرناها بأسانيدها في ‏(‏‏(‏التمهيد‏)‏‏)‏ وفي حديث أنس أن منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم نادى يوم خيبر أن الله ورسوله ينهاكم عن لحوم الحمر الأهلية وفي حديث جابر قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر عن لحوم الحمر وأذن في لحوم الخيل قال أبو عمر في هذا الحديث أوضح الدليل على أن النهى عن أكل الحمر الأهلية عبادة وشريعة لا لعلة الحاجة إليها لأنه معلوم أن الحاجة إلى الخيل في العرف أوكد وأشد وأن الخيل أرفع حالا وأكثر جمالا فكيف يؤذن للضرورة في أكلها وينهى عن الحمر هذا من المحال الذي لا يستقيم وقد ذكرنا اختلاف الفقهاء في أكل لحوم الخيل ومن كرهها منهم ومن أباحها فيما تقدم من كتاب الذبائح والصيد والحمد لله‏.‏

وأما حديث‏.‏

1099- مالك عن بن شهاب عن عروة بن الزبير أن خولة بنت حكيم دخلت على عمر بن الخطاب فقالت إن ربيعة بن أمية استمتع بامرأة فحملت منه فخرج عمر بن الخطاب فزعا يجر رداءه فقال هذه المتعة ولو كنت تقدمت فيها لرجمت يحيى فإنه كان هذا القول منه قبل نهيه عنها على أنه يحتمل قوله هذا وجهين أحدهما أن يكون تغليظا على نحو ما ذكرنا من قوله في نكاح السر ليرتدع الناس وينزجروا عن سوء مذاهبهم وقبيح تأويلاتهم والآخر أن يكون تقدمه بإقامة الحجة من الكتاب والسنة على تحريم نكاح المتعة لأنه لا ميراث فيه ولا طلاق ولا عدة وأنه ليس بنكاح وهو سفاح فإذا قامت حجة بذلك على من أقامها عليه ثم واقع ذلك رجمه كما يرجم الزاني وهذا وجه ضعيف لا يصح إلا على من وطىء حراما عنده لا لم يتأول فيه سنة ولا قرآنا والله أعلم‏.‏

وأما ربيعة بن أمية هذا فهو أخو صفوان بن أمية الجمحي جلده عمر بن الخطاب في الخمر فلحق بالروم فتنصر فلما ولي عثمان بن عفان بعث إليه أبا الأعور السلمي يقول له راجع الإسلام فإنه يغسل ما قبله وقرابتك من رسول الله صلى الله عليه وسلم فما راجعه إلا بقول النابغة‏:‏

حياك ود فإننا لا يحل لنا *** لهو النساء وإن الدين قد عزم

ذكر هذا الخبر مصعب الزبيري والزبير بن بكار والعدوي وغيرهم أخبرنا عبد الله بن محمد بن عبد المؤمن قال حدثنا محمد بن عثمان بن ثابت قال حدثني إسماعيل بن إسحاق قال حدثني علي بن المديني قال ربيعه الذي جلده عمر في الخمر هو بن أمية بن خلف الجمحي وهو الذي كان ينادي بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على ناقته في خطبته في حجة الوداع إذا قال النبي - عليه السلام أي يوم هذا نادى بأي يوم هذا وكان رجلا صيتا ثم إن عمر حده بعد في الخمر قال أبو عمر الخبر من رواية عمر منقطع وقد رويناه متصلا حدثناه أحمد بن عبد الله عن أبيه عن عبد الله بن يونس عن بقي بن مخلد عن بن إدريس عن يحيى بن سعيد عن نافع عن بن عمر قال قال عمر لو تقدمت فيها لرجمت يعني المتعه 1‏.‏

9- باب نكاح العبيد‏.‏

1100- مالك أنه سمع ربيعه بن أبي عبد الرحمن يقول ينكح العبد أربع نسوة قال مالك وهذا أحسن ما سمعت في ذلك قال أبو عمر استحسان مالك لما قاله ربيعة في هذا الباب وأنه أحسن ما سمع عنده بيان أنه قد سمع الاختلاف فيه فيما يوافق قول ربيعة وقول مالك في هذا الباب ما رواه بن وهب عن بن لهيعة عن خالد بن أبي عمران قال سالت سالما والقاسم عن العبد كم يتزوج قال أربعا وذكر بن أبي شيبة قال حدثني بن عيينة عن ربيعة عن مجاهد قال يتزوج العبد أربعا وقال عطاء اثنتين وذكر عبد الرزاق عن معمر عن الزهري قال ينكح العبد أربعا قال‏.‏

وحدثني بن جريج قال قلت لعطاء أينكح العبد أربعا بإذن سيده فكأنه لم يكره ذلك قال‏.‏

وحدثني بن عيينة عن بن أبي نجيح عن عطاء قال يتزوج العبد اثنتين قال وقال مجاهد يتزوج أربعا قال أبو عمر من أجاز للعبد إن يتزوج أربعا وحجته ظاهر قول الله - عز وجل ‏(‏ فانكحوا ما طاب لكم من النساء‏)‏ ‏[‏النساء 3‏]‏‏.‏

يعني ما حل لكم ‏(‏مثنى وثلاث ورباع‏)‏ ‏[‏النساء 3‏]‏‏.‏

ولم يخص عبدا من حر وهو قول داود وهو المشهور عن مالك وتحصيل مذهبه على ما في ‏(‏‏(‏موطئه‏)‏‏)‏ وكذلك روى عنه بن القاسم وأشهب إلا أن أشهب قال عنه إنا لنقول ذلك وما ندري ما هو وذكر بن المواز أن بن وهب روى ذلك عن مالك إن العبد لا يتزوج إلا اثنتين قال وهو قول الليث قال الشافعي وأبو حنيفة وأصحابهما والثوري والليث بن سعد لا يتزوج العبد أكثر من اثنتين وبه قال أحمد وإسحاق وروي عن عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وعبد الرحمن بن عوف في العبد لا ينكح أكثر من اثنتين ولا أعلم لهم مخالفا من ا لصحابة ذكر عبد الرزاق عن بن عيينة عن محمد بن عبد الرحمن - مولى أبي طلحة - عن سليمان بن يسار عن عبد الله بن عتبة عن عمر بن الخطاب قال ينكح العبد اثنتين وروي مثل ذلك عن عمر من وجوه ذكر عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن بن سيرين أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - سأل الناس كم يحل للعبد أن ينكح فقال عبد الرحمن بن عوف اثنتان فصمت عمر قال وقال بعضهم فقال له عمر وافقت الذي في نفسي وذكر بن أبي شيبة قال حدثني بن أبي زائدة عن بن عوف عن محمد بن سيرين قال قال عمر من يعلم ما يحل للمملوك من النساء فقال رجل أنا قال كم قال امرأتان فسكت عمر قال‏.‏

وحدثني حاتم بن إسماعيل عن جعفر بن محمد عن أبيه أن عليا كان يقول لا ينكح العبد فوق اثنتين قال‏.‏

وحدثني المحاربي عن ليث عن الحكم قال أجمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن المملوك لا يجمع من النساء أربعا قال أبو عمر وهو قول الشعبي وعطاء وبن سيرين والحسن والحكم وإبراهيم وقتادة والحجة لهذا القول القياس الصحيح على طلاقه وحدوده وكل من قال حده نصف حد الحر وطلاقه تطليقتان وإيلاؤه شهران ونحو ذلك من أحكامه فغير بعيد أن يقال تناقض في قوله ينكح أربعا والله أعلم قال مالك والعبد مخالف للمحلل إن أذن له سيده ثبث نكاحه وإن لم يأذن له سيده فرق بينهما والمحلل يفرق بينهما على كل حال إذا أريد بالنكاح التحليل قال أبو عمر‏.‏

وأما نكاح المحلل فقد مضى القول بما للعلماء فيه من الاختلاف ومعاني أقوالهم فيما تقدم في هذا الكتاب‏.‏

وأما نكاح العبد بغير إذن سيدة فجملة مذهب مالك وأصحابه فيه أنه نكاح موقوف على إجازة السيد فإن شاء أجازه وإن شاء فسخه وهو قول ليث والكوفيين إلا أنهم اختلفوا من ذلك فيما نذكره عنهم هنا إن شاء الله قال مالك إن أجاز المولى نكاح عبده جاز وإن طلقها العبد قبل أن يجيز مولاه نكاحه ذلك ثلاثا لم تحل له إلا بعد زوج قال وكل عبد ينكح بغير إذن سيده فالطلاق بإذن السيد فإن نكح بإذن سيده فالطلاق إليه ليس إلى سيده منه شيء قال ولو أن عبدا نكح بغير إذن سيده وعلم السيد بذلك فأنكره ثم قال قد أجزته في نكاحه ذلك كان جائزا قال ولو كان بيعا فقد أجزت بعد أن أنكر لم يلزم البيع قال‏.‏

وقال مالك في الأمة تتزوج بغير إذن ‏(‏مولاها‏)‏ نكاحها باطل أجازه مولاها أو لم يجزه لأن العبد يعقد على نفسه إذا أذن له سيده والأمة لا تلي عقد النكاح على نفسها ولا على غيرها‏.‏

وقال أبو حنيفة وأصحابه إذا بلغ السيد نكاح عبده وأجازه جاز وإن طلقها العبد قبل أن يجيز المولى لم يقع طلاقه وكانت مشاركة للنكاح وقال الثوري يجوز نكاح العبد إذا أجازه المولى قال وأحب إلي أن يستأنف وحكاه عن إبراهيم‏.‏

وقال الشافعي والأوزاعي وداود بن علي لا تجوز إجازة المولى ولم يجزه لأن العقدة الفاسدة لا يصح إجازتها فإن أراد النكاح استأنفه على سنته وقد أجمع العلماء على أنه لا يجوز نكاح العبد بغير إذن سيده وقد كان بن عمر يعد العبد بذلك زانيا ويحده وذكر عبد الرزاق عن بن عمر عن نافع عن بن عمر وعن معمر عن أيوب عن نافع عن بن عمر أنه أخذ عبدا له نكح بغير إذنه فضربه الحد وفرق بينهما وأبطل صداقه قال‏.‏

وأخبرنا بن جريج عن موسى بن عقبة أنه أخبره عن نافع عن بن عمر انه كان يرى نكاح العبد بغير إذن سيده زنا ويرى عليه الحد ويعاقب الذين أنكحوهما قال‏.‏

وأخبرنا بن جريج عن عبد الله بن محمد بن عقيل قال سمعت جابر بن عبد الله يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏(‏‏(‏أيما عبد نكح بغير إذن سيده فهو عاهر‏)‏‏)‏ وعن عمر بن الخطاب هو نكاح حرام فإن نكح بغير إذن سيده فالطلاق بيد من يستحل الفرج قال أبو عمر على هذا مذهب جماعة الفقهاء بالأمصار بالحجاز والعراق ولكن الاختلاف بين السلف في ذلك فالجمهور على أن السيد إذا أذن للعبد في النكاح فالطلاق بيد العبد روي ذلك عن عمر من وجوه وعن علي وعبد الرحمن بن عوف وعطاء وطاوس ومجاهد والحسن وبن سيرين وسعيد بن المسيب وعروة بن الزبير وبن شهاب ومكحول وشريح وسعيد بن جبير وغيرهم ولم يختلف عن بن عباس أن الطلاق بيد السيد وتابعة على ذلك جابر بن زيد وفرقة وهو عند العلماء شذوذ لا يعول عليه وأظن بن عباس تأول في ذلك قول الله - عز وجل - ‏(‏ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شيء‏)‏ ‏[‏النحل 75‏]‏‏.‏

قال أبو عمر قد روي عن جماعة من السلف أن للسيد أن يجيز نكاح عبده المنعقد بغير إذنه ولم يذكروا قربا ولا بعدا وروى وكيع عن سفيان عن هشام عن الحسن وعن مغيرة عن إبراهيم قال إذا تزوج العبد بغير إذن سيده ثم أذن المولى فهو جائز وشعبة عن إبراهيم والحسن مثله وشعبة عن الحكم قال إن أجازه المولى جاز قال وقال حماد يستأنف النكاح ومعمر عن قتادة عن الحسن قال إن شاء السيد فرق بينهما وإن شاء أقرهما على نكاحهما وذكر أبو بكر قال حدثني عبدة بن سليمان عن سعيد عن قتادة عن سعيد بن المسيب والحسن في العبد يتزوج بغير إذن سيده قالا إن شاء سيده أجاز النكاح وإن شاء رده وفي هذا الباب قال مالك في العبد إذا ملكته امرأته والزوج يملك امرأته إن ملك كل واحد منهما صاحبه يكون فسخا بغير طلاق وإن تراجعا بنكاح بعد لم تكن تلك الفرقة طلاقا قال مالك والعبد إذا أعتقته امرأته إذا ملكته وهي في عدة منه لم يتراجعا إلا بنكاح جديد قال أبو عمر أما المسألة الأولى في المرأة تملك زوجها فقال الشافعي وأبو حنيفة والثوري في ذلك كقول مالك إن ملكها له يبطل النكاح بينهما وليس ذلك بطلاق ومعنى قولهم ليس ذلك بطلاق وإنما هو فسخ النكاح فإنهم يؤيدون ذلك أنه إذا نكحها وهو حر أو عبد لغيرها فإنها تكون عنده على عصمة مبتدأة كاملة ولا تحرم عليه إلا بثلاث تطليقات كسائر المبتدآت بالنكاح وقال الأوزاعي إذا وجبت الفرقة بينهما بملكها له فهو طلاق وقالت به فرقة منهم قتادة فعلى قول الأوزاعي يكون عنده على طلقتين إن طلقها طلقتين حرمت عليه وقال الليث بن سعد إذا ملكت المرأة زوجها فإنه يباع عليها ولا يترك مملوكا لها وقد كان يطأها قبل ذلك قال أبو عمر أجمع علماء المسلمين من الصحابة والتابعين ولم يختلف في ذلك من بعدهم من الفقهاء أن المرأة لا يحل لها أن يطأها من تملكه وأنها غير داخلة في قول الله - عز وجل ‏(‏والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين‏)‏ ‏[‏المؤمنون 5‏]‏‏.‏

6 وان هذه الآية عني بها الرجال دون النساء ولكنها لو أعتقته بعد ملكها له جاز له أن يتزوجها كما يجوز لغيره عند الجمهور وقد روي عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة والشعبي والنخعي أنها لو أعتقته حين ملكته كانا على نكاحهما ولا يقول بهذا أحد من فقهاء الأمصار وأنها أيضا بملكها له يفسد نكاحهما على ما تقدم والذي عليه العمل عندهم ما قاله مالك أنها لو أعتقته بعد ملكها له لم يتراجعا إلا بنكاح جديد واضح ولو كانت في عدة منه حدثنا عبد الرزاق قال أخبرني بن جريج قال حدثني أبو الزبير عن جابر أنه سمعه يقول جاءت امرأة إلى عمر بن الخطاب ونحن بالجابية نكحت عبدها فانتهرها وهم أن يرجمها وقال لا يحل لك مسلم بعده وعن معمر عن قتادة قال تسرت امرأة غلامها فذكر ذلك لعمر فسألها ما حملها على ذلك فقالت كنت أراه يحل لي بملك يميني كما تحل للرجل المرأة بملك اليمين فاستشار عمر في رجمها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا تأولت كتاب الله - عز وجل - على غير تأويله لا رجم عليها فقال عمر لا جرم والله لا أحلك لحر بعده أبدا عاقبها بذلك ودرأ الحد عنها وأمر العبد ألا يقربها وعن أبي بكر بن عبد الله أنه سمع أباه يقول حضرت عمر بن عبد العزيز جاءته امرأة من الأعراب بغلام لها رومي فقالت إني استسررته فمنعني بنو عمي عن ذلك وإنما أنا بمنزله الرجل تكون له الوليدة فيطؤها فإنه عنى بني عمي فقال عمر أتزوجت قبله قالت نعم قال عمر أما والله لولا منزلتك من الجهالة لرجمتك بالحجارة ولكن اذهبوا به فبيعوه ممن يخرج به إلى غير بلدها قال أبو عمر‏.‏

وأما الزوج يملك امرأته فلا خلاف بين العلماء في بطلان نكاحها على ما تقدم من اختلافهم هل ذلك فسخ نكاح أو طلاق ولكنه يطؤها بملك يمينه ولا يحتاج إلى استبرائها من مائه عند جميعهم فإن أعتقها بعد ابتياعه لها لم تحل له إلا بنكاح وصداق ولو ورث أو اشترى بعضها فإن معمرا روى عن الزهري قال حرمت عليه حتى يستخلصها فإن أصابها فحملت فهي من أمهات أولاده وتقوم لشركائه قال معمر وقال قتادة لم تزدد منه إلا قربا وتكون عنده على حالها قال أبو عمر قول بن شهاب هو قول مالك لأنه لما ملك بعضها انفسخ نكاحهما ولم يحل له وطؤها لأنه لا يملك جميعها فإن وطئها لحقه ولدها وقومت عليه لشركائه‏.‏

وأما قول قتادة فإنه يقول إنه لا ينفسخ النكاح إلا بملك جميعها ويطؤها بنكاحه ولا يزيد ملك اليمين منها إلا قوة قال أبو عمر ولو أن عبدا تزوج بإذن مولاه على صداق معلوم فضمنه السيد ثم إنه دفع فيه عنده في ذلك إلى زوجته فملكته بمهرها كان النكاح مفسوخا فإن كان دخل بها فلا شيء على السيد وإن كان لم يدخل بها فلا شيء لها عند مالك والشافعي وأبي حنيفة وقال الثوري والليث لها نصف المهر‏.‏

باب نكاح المشرك إذا أسلمت زوجته قبله

1101- مالك عن بن شهاب أنه بلغه أن نساء كن في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلمن بأرضهن وهن غير مهاجرات وأزواجهن حين أسلمن كفار منهن بنت الوليد بن المغيرة وكانت تحت صفوان بن أمية فأسلمت يوم الفتح وهرب زوجها صفوان بن أمية من الإسلام فبعث إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بن عمه وهب بن عمير برداء رسول الله صلى الله عليه وسلم آمانا لصفوان بن أمية ودعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام وأن يقدم عليه فإن رضي أمرا قبله وإلا سيره شهرين فلما قدم صفوان على رسول الله صلى الله عليه وسلم بردائه ناداه على رؤوس الناس فقال يا محمد ‏!‏ إن هذا وهب بن عمير جاءني بردائك وزعم أنك دعوتني إلى القدوم عليك فإن رضيت أمرا قبلته وإلا سيرتني شهرين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏(‏‏(‏انزل أبا وهب‏)‏‏)‏ فقال لا والله لا أنزل حتى تبين لي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏(‏‏(‏بل لك تسير أربعة أشهر‏)‏‏)‏ فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل هوازن بحنين فأرسل إلى صفوان بن أمية يستعيره أداة وسلاحا عنده فقال صفوان أطوعا أم كرها فقال ‏(‏‏(‏بل طوعا‏)‏‏)‏ فأعاره الأداة والسلاح التي عنده ثم خرج صفوان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو كافر فشهد حنينا والطائف وهو كافر وامرأته مسلمة ولم يفرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين امرأته حتى أسلم صفوان واستقرت عنده امرأته بذلك النكاح‏.‏

1102- وعن بن شهاب أنه قال كان بين إسلام صفوان وبين إسلام امرأته نحو من شهر قال بن شهاب ولم يبلغنا أن امرأة هاجرت إلى الله ورسوله وزوجها كافر مقيم بدار الكفر إلا فرقت هجرتها بينها وبين زوجها إلا أن يقدم زوجها مهاجرا قبل أن تنقضي عدتها‏.‏

1103- وعن بن شهاب أن أم حكيم بنت الحارث بن هشام وكانت تحت عكرمة بن أبي جهل فأسلمت يوم الفتح وهرب زوجها عكرمة بن أبي جهل من الإسلام حتى قدم اليمن فارتحلت أم حكيم حتى قدمت عليه باليمن فدعته إلى الإسلام فأسلم وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم وثب إليه فرحا وما عليه رداء حتى بايعه فثبتا على نكاحهما ذلك قال مالك وإذا أسلم الرجل قبل امرأته وقعت الفرقة بينهما إذا عرض عليها الإسلام فلم تسلم لأن الله تبارك وتعالى يقول في كتابه ‏(‏ولا تمسكوا بعصم الكوافر‏)‏ ‏[‏الممتحنة 10‏]‏‏.‏

قال أبو عمر قد تكلمنا على هذين الحديثين وعلى حسب ألفاظهما في ‏(‏‏(‏التمهيد‏)‏‏)‏ وهي تنصرف في أبواب من هذا الكتاب‏.‏

وأما مسألة الكافر والوثني والكتابي تسلم امرأته قبله أو يسلم قبلها ومسألة الحربية تخرج إلينا مسلمة فأما الكافر تسلم امرأته ففي حديث بن شهاب في هذا الباب بيان السنة في ذلك وأنه أحق بامرأته ما كانت في عدة منه وإليه ذهب مالك والشافعي وأصحابهما في الوثني تسلم زوجته الوثنية أنه إن أسلم في عدتها فهو أحق بها كما كان صفوان بن أمية وعكرمة بن أبي جهل أحق بزوجتيهما لما أسلما في عدتهما على حديث مالك عن بن شهاب المذكور في هذا الباب وكذلك رواه معمر عن الزهري كما رواه عنه مالك سواء بمعنى واحد وروى معمر أيضا عن أيوب عن عكرمة بن خالد أن عكرمة بن أبي جهل فر يوم الفتح فركبت إليه امرأته فردته فأسلم وكانت قد أسلمت قبل ذلك فأقرهما النبي صلى الله عليه وسلم على نكاحهما واختلف مالك والشافعي في الوثنيين يسلم الرجل منهما قبل امرأته فذهب مالك إلى ما ذكره في هذا الباب من موطئه أنه تقع بإسلامه الفرقة بينه وبين امرأته إذا عرض عليها الإسلام ولم تسلم في الوقت واحتج بقوله - عز وجل ‏(‏ولا تمسكوا بعصم الكوافر‏)‏ ‏[‏الممتحنة 10‏]‏‏.‏

وقال الشافعي سواء أسلم المجوسي أو الوثني قبل امرأته الوثنية أو أسلمت قبله إذا اجتمع إسلامهما في العدة فهما على نكاحهما واحتج بأن أبا سفيان بن حرب أسلم قبل هند بنت عتبة امرأته وكان إسلامه بمر الظهران ثم رجع إلى مكة وهند بها كافرة مقيمة على كفرها فأخذت بلحيته وقالت اقتلوا الشيخ الضال ثم أسلمت بعده بأيام فاستقرا على نكاحهما لأن عدتها لم تكن انقضت قال ومثله حكيم بن حزام أسلم قبل امرأته ثم أسلمت بعده فكانا على نكاحهما قال ولا حجة فيما احتج به مالك وقوله ‏(‏ولا تمسكوا بعصم الكوافر‏)‏ ‏[‏الممتحنة 10‏]‏‏.‏

لأن نساء المؤمنين محرمات على الكفار كما أن المسلمين لا تحل لهم الكوافر والوثنيات ولا المجوسيات لقوله عز وجل ‏(‏لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن‏)‏ ‏[‏الممتحنة 10‏]‏‏.‏

ثم بينت السنة أن مراد الله عز وجل من قوله هذا أنهم لا يحل بعضهم لبعض إلا أن يسلم الثاني منهما في العدة واحتج بقصة زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أبو عمر أما قصة زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه قد اختلف فيها ذكر أبو داود قال حدثني عبد الله بن محمد النفيلي قال حدثني محمد بن سلمة قال أبو داود‏.‏

وحدثني محمد بن عمرو الرازي قال حدثني سلمة بن الفضل قال أبو داود‏.‏

وحدثني الحسن بن علي قال حدثني يزيد كلهم عن بن إسحاق عن داود بن الحصين عن عكرمة عن بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رد ابنته زينب على أبي العاص بن الربيع بالنكاح الأول ولم يحدث شيئا قال محمد بن عمر في حديثة بعد ست سنين وقال الحسن بن علي بعد سنتين فإن صح هذا فلا يخلو من أحد الوجهين إما أنها لم تحض ثلاث حيض حتى أسلم زوجها وإما الأمر فيها منسوخ بقول الله عز وجل ‏(‏وبعولتهن أحق بردهن في ذلك‏)‏ ‏[‏البقرة 228‏]‏‏.‏

يعني في عدتهن وهذا ما لا خلاف فيه بين العلماء انه عني به العدة وقال بن شهاب الزهري رحمه الله في قصة زينب هذه كان هذا قبل أن تنزل الفرائض وقال قتادة كان هذا قبل أن تنزل سورة براءة بقطع العهود بين المسلمين والمشركين قال أبو عمر قد روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم رد ابنته زينب - رضي الله عنها - إلى أبي العاص بن الربيع بنكاح جديد وإذا كان هذا سقط القول في قصة زينب والحمد لله وكذلك قال الشعبي - مع علمه بالمغازي - أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرد زينب ابنته إلى أبي العاص إلا بنكاح جديد ولا خلاف بين العلماء في الكافرة تسلم ويأبى زوجها من الإسلام حتى تنقضي عدتها إنه لا سبيل له عليها إلا بنكاح جديد وهذا كله يبين به أن قول بن عباس رد رسول الله صلى الله عليه وسلم ردا ابنته زينب إلى أبي العاص على النكاح الأول أنه أراد به على مثل الصداق الأول إن صح وحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عندنا صحيح والله أعلم وقد ذكر عبد الرزاق عن بن جريج عن رجل عن بن شهاب قال أسلمت زينب ابنة النبي صلى الله عليه وسلم وهاجرت بعد النبي -عليه السلام- في الهجرة الأولى وزوجها أبو العاص بن الربيع بمكة مشرك ثم شهد أبو العاص بدرا مشركا فأسر ففدي وكان موسرا ثم شهد أحدا مشركا ورجع إلى مكة ومكث بها ما شاء الله ثم خرج إلى الشام تاجرا فأسر بأرض الشام أسره نفر من الأنصار فدخلت زينب على النبي -عليه السلام- فقالت إن المسلمين يجير عليهم أدناهم فقال ‏(‏‏(‏وما ذاك يا زينب‏)‏‏)‏ فقالت أجرت أبا العاص فقال ‏(‏‏(‏أجزت جوارك‏)‏‏)‏ ثم لم يجز جوار امرأة بعدها ثم أسلم فكان على نكاحهما وكان عمر بن الخطاب خطبها إلى النبي -عليه السلام- فذكر لها النبي -عليه السلام- ذلك فقالت أبو العاص يا رسول الله ‏!‏ حيث علمت وقد كان نعم الصهر فإن رأيت أن ننتظره فسكت النبي صلى الله عليه وسلم عند ذلك قال بن شهاب وأسلم أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب بالروحاء مقفل النبي -عليه السلام- من الفتح فقدم على جمانة بنت أبي طالب مشركة فأسلمت فأقاما على نكاحهما قال بن شهاب وأسلم مخرمة بن نوفل وأبو سفيان بن حرب وحكيم بن حزام بمر الظهران وقدموا على نسائهم مشركات فأسلمن فأقاموا على نكاحهم وكانت امرأة مخرمة بن نوفل الشفا بنت عوف أخت عبد الرحمن بن عوف وامرأة حكيم بن حزام زينب ابنة العوام فامرأة أبي سفيان هند بنت عتبة بن ربيعة قال بن شهاب وكان عند صفوان بن أميه مع عاتكة بنت الوليد بن المغيرة آمنة بنت أبي سفيان بن حرب فأسلمت أيضا مع عاتكة يوم الفتح بعد صفوان بن أمية فأقاما على نكاحهما قال أبو عمر فهذه الأخبار كلها حجة للشافعي في الموضع الذي خالف فيه مالكا ‏(‏وقد ذكرنا حجة مالك فإن قيل أن بن جريج روى عن بن شهاب أنها إذا أسلمت قبله خير زوجها فإن أسلم فهي امرأته وإلا فرق الإسلام بينهما قيل له لم يختلف قول بن شهاب ولا اختلفت آثاره التي ذكرنا أن الرجل إذا أسلمت زوجته قبله كان أحق بها ما كان إسلامه في عدتها وهذا يبين لك أن قوله يخير ما دام في العدة لا في وقت إسلامه فقط وقد روى إسرائيل وغيره عن سماك بن حرب عن عكرمة عن بن عباس قال أسلمت امرأة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهاجرت وتزوجت وكان زوجها قد أسلم فجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال يا رسول الله ‏!‏ إني قد أسلمت معها وعلمت بإسلامي فانتزعها رسول الله صلى الله عليه وسلم من زوجها الآخر وردها إلى زوجها الأول وقد ذكرنا هذا الحديث من طرق في ‏(‏‏(‏التمهيد‏)‏‏)‏ وفيه دليل على إن الإسلام منها لا يحرمها على زوجها الكافر إذا أسلم بعدها ما لم تنقض عدتها قال أبو عمر‏.‏

وأما الكوفيون سفيان وأبو حنيفة وأصحابهما فإنهم قالوا في الكافرين الذميين إذا أسلمت المرأة عرض على الزوج الإسلام فإن أسلم وإلا فرق بينهما قالوا ولو كانا حربيين كانت امرأته حتى تحيض ثلاث حيض فإن لم يسلم في العدة وقعت الفرقة وقالوا لو كانت المرأة مجوسية فأسلم الزوج ولم يدخل بها ولم تسلم حتى انقضت عدتها فلها نصف الصداق وإن أسلمت قبل انقضاء عدتها فهما على نكاحهما قال أبو عمر فرقوا بين الحربيين والذميين لاختلاف الدارين عندهم وقالوا في الآثار التي ذكرها بن شهاب أن قريشا المذكورين ونساءهم كانوا حربيين قال أبو عمر لا فرق بين الدارين في الكتاب ولا في السنة ولا في القياس وإنما المراعاة في ذلك كله في الديانات فباختلافهما يقع الحكم والله المستعان وقال الأوزاعي إذا أسلمت المرأة وأسلم هو في العدة فهي امرأته وإن أسلم بعد العدة فهي تطليقة وهو خاطب قال والمجوسية والوثنية والكتابية في ذلك سواء قال أبو عمر يعني أنه أحق بها ما كان إسلامه في العدة على ما جاء الخبر به عن صفوان وعكرمة وغيرهما ممن تقدم ذكره في هذا الباب وعن الحسن بن حي روايتان إحداهما مثل قول الأوزاعي والشافعي في اعتبار العدة والأخرى مثل قول الثوري وأبي حنيفة في عرض الإسلام على الزوج في الوقت فإن أبى وقعت الفرقة ولم يفرق بين الحربيين والذميين وفي المسألة قول رابع في المجوسيين عن بن شهاب أيهما أسلم وقعت الفرقة بينهما ساعة الإسلام إلا أن يسلما معا روي ذلك عن بن عباس وعكرمة وطاوس وعطاء ومجاهد وسعيد بن جبير والحسن والحكم‏.‏

وأما اختلافهم في الصداق في هذا الباب فقال الثوري إن أسلمت وأبى فلها المهر إن كان دخل بها ونصفه إن لم يدخل وإن أسلم وأبت وهي مجوسية فلا مهر إن لم يدخل بها قال أبو عمر لا خلاف أنه إذا دخل في وجوب المهر‏.‏

وأما اشتراطه المجوسية في تقدم إسلامه ولم يتقدم شرط ذلك في الكتابية لأن إسلامه لا يحرم عليه الكتابية ويحرم المجوسية وهذا أيضا صحيح لا خلاف فيه ولا مهر لها لأنه فسخ ليس بطلاق وفي سماع بن أبي أويس عن مالك أنه قال الأمر عندنا في المرأة تسلم وزوجها كافر قبل أن يدخل بها أنه لا صداق لها سمى لها أو لم يسم وليس لزوجها عليها رجعة لأنه لا عدة عليها قال ولو دخل بها كان له عليها الرجعة إن أسلم في عدتها وكان لها صداقها كاملا فإن بقي لها عليه شيء من مهرها فلها بقيته أسلم في عدتها أو لم يسلم قال‏.‏

وقال مالك في المجوسية يتزوجها المجوسي ثم يسلم أحدهما ولم يدخل بها - فرض لها أو لم يفرض لها إنه لا صداق لها إن أسلمت قبله وأبى هو أن يسلم أو أسلم قبلها وأبت هي أن تسلم في الوجهين جميعا قال أبو عمر قول مالك ليس عليها رجعة إن لم يسلم في عدتها بذلك إن أهل العلم ينزلون إسلامه أو إسلامها منزلة الطلاق يراعون في رجعته إلى الإسلام الدخول وإنما اختلفوا هل فيه فسخ أو طلاق واختلفوا في الوثنيين يسلم الزوج منهما قبل الدخول ويعرض عليها الإسلام فتأبى أنه لا شيء لها من المهر‏.‏

وقال الشافعي في المزني فإذا أسلم الزوج قبل الدخول فلها نصف المهر إن كانت مجوسية أو وثنية وإن أسلمت هي قبله فلا صداق لها لأن الفسخ جاء من قبلها قال أبو عمر لأنه لا عدة فيمن لم يدخل بها ينتظر إليها‏.‏

وقال أبو حنيفة وأصحابه إذا عرض الإسلام على الذي لم يسلم من الزوجين وأبى فرق بينهما إلا أن تكون الزوجة كتابية فيسلم الرجل وتأبى امرأته فإنه يقيم على نكاحه معها فإن كان الزوج هو الذي أبى قبل الدخول كان عليه نصف الصداق وإن كانت المرأة هي التي أبت فلا شيء لها وهو قول الثوري وقال بن شبرمة في المجوسي تسلم امرأته ولم يدخل بها فقد انقطعت العصمة بينهما ولا صداق لها وإن أسلم هو ولم يدخل ثم لم تسلم هي حتى انقضت عدتها فلها نصف الصداق وإن أسلمت قبل أن تنقضي العدة فهما على النكاح قال أبو عمر اختلاف التابعين في هذه المسائل على حسب ما ذكرنا عن أئمة الفتوى فلم أر لذكرهم وجها‏.‏

وأما من لم ير نصف الصداق واجبا للمرأة إذا أسلمت قبل زوجها ولم يسلم ولم يدخل بها فلأن الفسخ جاء من قبلها فلم يكن لها شيء من الصداق ومن رأى لها نصف الصداق زعم أنها فعلت فعلا مباحا لها يرضاه الله - عز وجل - منها فلما أبى زوجها أن يسلم كان كالمفارق المطلق لها فوجب عليه نصف الصداق‏.‏

وأما إسلام الزوج قبل امرأته ولم يدخل بها فإن كانت كتابية أقام عليها وإن كانت مجوسية أو وثنية فوجه من قال لها نصف الصداق إن أبت من الإسلام لأنه المفارق لها بإسلامه وقد كانا عقدا نكاحهما على دينهما ومن قال لا شيء لها فعله وقوله نحو ما تقدم ذكره لأنه فعل ما له فعله فلو أسلمت قرت معه فلما أبت كانت هي المفارقة وإنما جاءت الفرقة من قبلها فلا شيء لها من الصداق قال أبو عمر زعم بعض الناس أن عمر بن عبد العزيز كان يذهب إلى أن الفرقة تقع بينهما بلا غرض إسلام ولا انتظار عدة وذكر ذلك عنه بن جريج وذكر سليمان التيمي عن الحسن وعمر بن عبد العزيز إذا أسلمت قبله خلعها منه الإسلام كما تخلع الأمة من العبد إذا عتقت وهذا جهل لأن الأمة تحت العبد لا تبين بعتقها منه إلا بعد التخيير لها ما لم يمسها وهذا يدل على أنها لم تبن منه وكذلك الكافرة إذا أسلمت لم تبن من زوجها ولو بانت ما عرض الإسلام عليه في الوقت ولا انتظر به في تخييره وعرض الإسلام عليه مضي العدة وهذا مع وضوحه قد روي منصوصا عن عمر بن عبد العزيز ذكره عبد الرزاق عن الثوري عن عمرو بن ميمون بن مهران أن عمر بن عبد العزيز قال إذا أسلم وهي في العدة فهو أحق بها وفي المسألة قول شاذ خامس روي عن عمر وعلي وبه قال إبراهيم والشعبي إذا أسلمت الذمية لم تنتزع من زوجها لأن له عهدا وهذا لا يقول به أحد من فقهاء الأمصار وأهل الآثار‏.‏