فصل: باب المتفرقات

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: البحر الرائق شرح كنز الدقائق ***


باب المتفرقات

هكذا في نسخة الزيلعي وفي نسخة العيني مسائل متفرقة وعبر عنها في الهداية بمسائل منثورة والمعنى واحد، وحاصلها أن المسائل التي تشذ عن الأبواب المتقدمة فلم تذكر فيها إذا استدركت سميت بها أي متفرقة من أبواب أو منثورة عن أبوابها قوله ‏(‏صح بيع الكلب والفهد والسباع والطيور‏)‏ لما رواه أبو حنيفة رضي الله تعالى عنه‏:‏ «أنه صلى الله عليه وسلم رخص في ثمن كلب الصيد» ولأنه مال متقوم آلة الاصطياد فصح بيعه كالبازي بدليل أن الشارع أباح الانتفاع به حراسة واصطيادا فكذا بيعا وهذا على القول المفتى به من طهارة عينه بخلاف الخنزير فإنه نجس العين، وأما على رواية أنه نجس العين كالخنزير فقال في فتح القدير، ولو سلم نجاسة عينه فهي توجب حرمة أكله لا منع بيعه بل منع البيع بمنع الانتفاع شرعا ولهذا أجزنا بيع السرقين والبعر مع نجاسة عينهما لإطلاق الانتفاع بهما عندنا بخلاف العذرة لم يطلق الانتفاع بها فمنع بيعها فإن ثبت شرعا إطلاق الانتفاع بها مخلوطة بالتراب، ولو بالاستهلاك كالاستصباح بالزيت النجس كما قيل جاز بيع ذلك التراب التي هي في ضمنه وبه قال مشايخنا وإنما امتنع بيع الخمر لنص خاص في منع بيعها وهو الحديث أن «الذي حرم شربها حرم بيعها»‏.‏ ا هـ‏.‏ وفي القنية اشترى ثورا أو فرسا من خزف لاستئناس الصبي لا يصح ولا يضمن متلفه ‏(‏طب‏)‏ صح ويضمن متلفه يجوز بيع خرء الحمام إن كان كثيرا وهبته أدنى القيمة التي تشترط لجواز البيع فلسا، ولو كانت كسرة خبز لا يجوز‏.‏ ا هـ‏.‏ أطلقه فشمل المعلم وغيره العقور وغيره هكذا أطلق في الأصل فمشى القدوري على هذا الإطلاق ونص في نوادر هشام عن محمد في جواز بيع العقور وتضمين من قتله قيمته وعن أبي يوسف منع بيع العقور وذلك في المبسوط أنه لا يجوز بيع الكلب العقور الذي لا يقبل التعليم، وقال هذا هو الصحيح من المذهب قال وهكذا نقول في الأسد إذا كان يقبل التعليم ويصطاد به أنه يجوز بيعه وإن كان لا يقبل التعليم والاصطياد به لا يجوز قال والفهد والبازي يقبلان التعليم فيجوز بيعهما على كل حال‏.‏ ا هـ‏.‏ فعلى هذا لا يجوز بيع النمر بحال؛ لأنه لشراسته لا يقبل التعليم، وفي بيع القرد روايتان وجه رواية الجواز وهو الأصح كما ذكره الشارح أنه يمكن الانتفاع بجلده وهذا هو وجه إطلاق رواية بيع الكلب والسباع فإنه مبني على أن كل ما يمكن الانتفاع بجلده أو عظمه يجوز بيعه وصحح في البدائع عدم الجواز؛ لأنه لا يشترى للانتفاع بجلده عادة بل للتلهي به وهو حرام‏.‏ ا هـ‏.‏ ويجوز بيع الهرة لأنها تصطاد الفأرة والهوام المؤذية فهي منتفع بها ولا يجوز بيع هوام الأرض كالخنافس والعقارب والفأرة والنمل والوزغ والقنافذ والضب ولا هوام البحر كالضفدع والسرطان وكذا كل ما كان في البحر إلا السمك وما جاز الانتفاع بجلده أو عظمه، كذا في البدائع وفي القنية وبيع غير السمك من دواب البحر إن كان له ثمن كالسقنقور وجلود الخز ونحوها يجوز وإلا فلا، وجمل الماء قيل يجوز حيا لا ميتا والحسن أطلق الجواز وذكر أبو الليث يجوز بيع الحيات إذا كان ينتفع بها في الأدوية فإن لم ينتفع بها لا يجوز ورده في البدائع بأنه غير سديد؛ لأن المحرم شرعا لا يجوز الانتفاع به للتداوي كالخمر فلا تقع الحاجة إلى شرع البيع ويجوز بيع الدهن النجس لأنه ينتفع به للاستصباح فهو كالسرقين، أما العذرة فلا ينتفع بها إلا مخلوطة بالتراب فلا يجوز إلا تبعا ويجمع الفهد على فهود وفهد الرجل إذا أشبه الفهد في كثرة نومه وتمرده وفي الحديث‏:‏ «إن دخل فهد وإن خرج أسد» والسبع واحد السباع كذا في الصحاح وفي فتح القدير والانتفاع بالكلب للحراسة والاصطياد جائز إجماعا لكن لا ينبغي أن يتخذ في داره إلا إن خاف اللصوص أو عدوا وفي الحديث الصحيح‏:‏ «من اقتنى كلبا إلا كلب صيد أو ماشية نقص من أجره كل يوم قيراطان» وفي البدائع ويجوز بيع الفيل بالإجماع لأنه منتفع به حقيقة مباح الانتفاع به شرعا على الإطلاق فكان مالا‏.‏

قوله ‏(‏والذمي كالمسلم في بيع غير الخمر والخنزير‏)‏ لأنه مكلف محتاج فشرع في حقهم أسباب المعاملات فكل ما جاز لنا من البياعات من الصرف والسلم وغيرهما جاز له وما لا يجوز من الربا وغيره لا يجوز له إلا الخمر والخنزير فإن عقدهم فيها كعقدنا على العصير والشاة فيجوز له السلم في الخمر دون الخنزير، وفي البدائع لا يمنعون من بيع الخمر والخنزير، أما على قول بعض مشايخنا فلأنه مباح الانتفاع به شرعا لهم فكان مالا في حقهم عن البعض حرمتهما ثابتة على العموم في حق المسلم والكافر لأن الكفار مخاطبون بشرائع هي محرمات وهو الصحيح من مذهب أصحابنا فكانت الحرمة ثابتة في حقهم لكنهم لا يمنعون عن بيعها لأنهم لا يعتقدون حرمتها ويتمولونها، وقد أمرنا بتركهم وما يدينون‏.‏ ا هـ‏.‏ قيد بالخمر والخنزير لأنا لا نجيز فيما بينهم بيع الميتة والدم، وأما المنخنقة والتي قد جرحت في غير موضع الذبح وذبائح المجوس كالخنزير قال في الإصلاح فالمستثنى غير مختص بهما كما يفهم من الهداية‏.‏ ا هـ‏.‏ وفي البزازية وبيع المجوسي ذبيحته أو ما هو ذبيحة عنده كالخنق من كافر جائز عند الثاني‏.‏ ا هـ‏.‏ فظاهره أنه غير جائز عند الأول والثالث وحينئذ فالمستثنى مختص بالخمر والخنزير لا كما زعم صاحب الإصلاح وفي البزازية أيضا بيع متروك التسمية عمدا من كافر يجوز‏.‏ ا هـ‏.‏ وفي القنية من كتاب الشفعة تأخير اليهودي في السبت لاشتغاله بالسبت مبطل للشفعة وفيها من الحدود ويمنع الذمي عما يمنع المسلم إلا شرب الخمر فإن غنوا وضربوا العيدان يمنعوا كالمسلمين لأنه لم يستثن عنهم‏.‏ ا هـ‏.‏ وفي إيضاح الكرماني ولو باع ذمي من ذمي خمرا أو خنزيرا، ثم أسلما أو أسلم أحدهما قبل القبض انتقض البيع والمراد بلفظة الانتقاض إثبات حق الفسخ لتعذر القبض بالإسلام فصار كما لو أبق المبيع فإن صار خلا قبل القبض خير المشتري إن شاء نقض وإن شاء أخذ في قولهما وعند محمد العقد باطل وكذا المسلم إذا اشترى عصيرا فتخمر، ولو قبض الخمر، ثم أسلما أو أحدهما جاز البيع قبض الثمن أو لا، ولو اشترى الذمي عبدا مسلما جاز وأجبر على بيعه وكذا إذا اشترى مصحفا، ولو اشترى كافر من كافر عبدا مسلما شراء فاسدا أجبر على رده ويجبر البائع على بيعه؛ لأن دفع الفساد واجب حقا للشرع فيجبر على الرد لينعدم الفساد، ثم يجبر البائع على بيعه وإن أعتقه الذمي جاز وإن دبره جاز ويسعى في قيمته، وكذا لو كانت أمة فاستولدها ويوجع الذمي ضربا؛ لأنه وطئ مسلمة وذلك حرام فإن كاتبه جاز ولا يفترض عليه فإن عجز أجبر على بيعه، وكذا الذمي إذا ملك شقصا من مسلم فهو كالكل فإذا كان أحد المتعاقدين مسلما والآخر ذميا لم يجز بينهما إلا ما يجوز بين المسلمين، ولو أقرض النصراني نصرانيا خمرا، ثم أسلم المقرض سقط الخمر لتعذر قبضها فصار كهلاكها مستندا إلى معنى فيها وإن أسلم المستقرض فعن أبي حنيفة سقوطها وعنه أن عليه قيمتها وهو قول محمد لتعذره لمعنى من جهته‏.‏ ا هـ‏.‏ ولم أر حكم وقف الكافر مصحفا‏.‏

قوله ‏(‏ولو قال بع عبدك من زيد بألف على أني ضامن لك مائة سوى الألف فباع صح بألف وبطل الضمان وإن زاد من الثمن فالألف على زيد والمائة على الضامن‏)‏؛ لأنه في الأول يصير التزاما للمال ابتداء وهو رشوة وفي الثاني يصير زيادة في الثمن وهي جائزة من الأجنبي ولا رجوع له بها على المشتري ولا تظهر في حق الشفيع والمرابحة ولا يحبس البائع المبيع عليها، وإنما يحبسه على ألف وبرابح عليها ويأخذ الشفيع بها، ولو تقايلا البيع استردها الأجنبي، وكذا إن ردت عليه بعيب بغير قضاء وبه لا يستردها لكونه فسخا إجماعا، ولو ضمن الزيادة بأمر المشتري صارت كزيادته بنفسه فتلتحق بأصل العقد فتثبت الأحكام كلها إلا أنه لا يطالب البائع بها، وإنما يطالب من زاد كأنه وكيله، ولو رد بعيب أو تقايلا برد الزيادة على الضامن فقط لكونه أخذها منه دون المشتري، وذكر في الكافي أن الشفيع يأخذها بالألف ومائة فجعلها ظاهرة في حقه وإنما ظهرت في حقه مع أن زيادة المشتري لا تظهر في حقه لأنها في العقد فصارت من الثمن بخلافها بعد العقد قيد بقوله سوى الألف؛ لأنه لو قال بعه بألف على أني ضامن لك مائة من الثمن صار كفيلا بمائة من الثمن ولا تثبت الزيادة، فإن أدى رجع به إن كان بأمره وإلا فلا وقيد بكون الزيادة في العقد لأن الأجنبي إذا زاد بعد العقد فإنه لا يجوز إلا بإجازة المشتري أو يعطي الزيادة من عنده أو يضمنها أو يضيفها إلى نفسه وإن زاد بأمر المشتري جاز ولا يلزمه شيء والمال لازم للمشتري لكونه سفيرا ومعبرا لاحتياجه إلى إضافته للمشتري فلا يلزمه إلا بالضمان كالخلع والصلح‏.‏ وقوله بع عبدك كلام أجنبي لا تعلق له بالإيجاب والقبول فلا حاجة إلى قوله في فتح القدير إن قوله بع عبدك أمر والأمر لا يكون في البيع إيجابا؛ لأن الأمر المشار إليه إنما يكون من المشتري والقائل هنا ليس هو المشتري ولذا قال المصنف فباع أي بإيجاب وقبول‏.‏

قوله ‏(‏ووطء زوج المشتراة قبض لا عقده‏)‏ لأن الوطء من الزوج حصل بتسليط المشتري فصار منسوبا إليه كأنه فعله بنفسه وإن لم يطأها لا يكون قبضا استحسانا؛ لأنه لم يتصل بها من المشتري فعل يوجب نقصا في الذات، وإنما هو عيب من طريق الحكم ودل وضع المسألة على أن تزويج الأمة قبل قبضها جائز بخلاف بيعها؛ لأن النكاح لا يبطل بالغرر والبيع يبطل به بدليل صحة تزويج العبد الآبق دون بيعه، فلو انتقض البيع بطل النكاح في قول أبي يوسف خلافا لمحمد قال الصدر الشهيد رحمه الله تعالى والمختار قول أبي يوسف؛ لأن البيع متى انتقض قبل القبض انتقض من الأصل فصار كأن لم يكن فكان النكاح باطلا، وقيد القاضي الإمام أبو بكر بطلان النكاح ببطلان البيع قبل القبض بما إذا لم يكن بالموت حتى لو ماتت الجارية بعد النكاح قبل القبض لا يبطل النكاح وإن بطل البيع، كذا في فتح القدير قيد بعقد النكاح؛ لأن العتق والتدبير قبض وإن لم يكن فعلا حسيا؛ لأن العتق إنهاء للملك والتدبير من فروعه وقدمنا في أول البيوع قبيل خيار الشرط أنه إذا أعتق ما في بطن الجارية لا يصير قابضا لها وأن المشتري إذا قال للغلام تعال معي كان قبضا، وكذا إذا أمر البائع بطحن الحنطة فطحنها وأن المشتري إذا وطئ الجارية صار قابضا لها إن حبلت وإلا فللبائع حبسها فإن منعها البائع فماتت ماتت من ماله ولا عقر عليه، ولو أرسل العبد في حاجته صار قابضا كأمره أن يؤجر نفسه، وقوله للبائع احملني معك على الدابة فحمله إلى آخر ما ذكرته هناك‏.‏

قوله ‏(‏ومن اشترى عبدا فغاب فبرهن البائع على بيعه وغيبته معروفة لم يبع بدين البائع وإلا بيع بدينه‏)‏؛ لأنها إذا كانت معروفة يتوصل إلى حقه بدون بيعه بالذهاب إليه فلا حاجة إلى بيعه لأن فيه إبطال حق المشتري في العين وإن لم يدر مكانه أجابه القاضي إن برهن لأن البينة هنا ليست للقضاء على الغائب، وإنما هي لنفي التهمة وانكشاف الحال؛ لأن القاضي نصب لكل من عجز عن النظر ونظرهما في بيعه لأن البائع يصل به إلى حقه ويبرأ من ضمانه والمشتري أيضا تبرأ ذمته من دينه ومن تراكم نفقته، وإذا انكشف الحال عمل القاضي بموجب إقراره فلا يحتاج إلى خصم حاضر، وإنما يحتاج إليه إذا كانت البينة للقضاء وهذا لأن العبد في يده وقد أقر به للغائب على وجه يكون مشغولا بحقه فيظهر الملك للغائب على الوجه الذي أقر به ولا يقدر البائع أن يصل إلى حقه كالراهن إذا مات مفلسا والمشتري إذا مات مفلسا قبل القبض وأراد المصنف بكون المشتري غاب قبل القبض‏.‏ أما إذا غاب بعده فإن القاضي لا يجيبه؛ لأن حقه غير متعلق بماليته وإنما جاز للقاضي بيع المنقول قبل قبضه لأن البيع هنا ليس بمقصود، وإنما المقصود إحياء حقه وفي ضمنه يصح بيعه؛ لأن الشيء قد يصح ضمنا وإن لم يصح قصدا وأراد بالعبد المنقول عبدا كان أو غيره واحترز به عن العقار فلا يبيعه القاضي كما في النهاية وجامع الفصولين ولم يذكر المصنف أنه يدفع الثمن إلى البائع؛ لأن القاضي إنما يدفع له بقدر ما باعه فإن فضل شيء عن دينه أمسكه للمشتري الغائب لأنه بدل ملكه وإن لم يف بالدين وبقي شيء يتبعه البائع إذا ظفر به وقيد بالمبيع؛ لأن القاضي إذا قضى بالبينة على إنسان فغاب وله مال على الناس لا يدفع إلى المقضي له حتى يحضر الغائب إلا في نفقة المرأة والأولاد الصغار والوالدين، كذا عن محمد وكذا لو مات وله ورثة غيب ومال في المصر عند المقرين به للمقضي عليه فالقاضي لا يدفع شيئا منه حتى تحضر ورثته أو يحضر المقضي عليه لو غائبا، كذا في جامع الفصولين وأشار المصنف رحمه الله تعالى إلى أن من استأجر إبلا إلى مكة ذاهبا وجائيا ودفع الكراء ومات رب الدابة في الذهاب حتى انفسخت الإجارة، فإذا أتى مكة ورفع الأمر إلى القاضي فرأى أن يبيع الدابة ويدفع بعض الأجر إلى المستأجر جاز وللمستأجر أن يركبها إلى مكة ولا يضمن وعليه الكراء إلى مكة وإلى أن المديون، ولو رهن وغاب غيبة منقطعة فرفع المرتهن الأمر إلى القاضي حتى يبيع الرهن بدينه فإنه ينبغي أن يجوز كما في هاتين المسألتين والمسألتان في جامع الفصولين‏.‏ وفيه أيضا باع دابة ولم يوقف على المشتري فللحاكم أن يأذن له في بيعها فيأخذ ثمنه من ثمنه لو كان من جنسه، ولو أذن له أن يؤجرها ويعلفها من أجرها جاز‏.‏ ا هـ‏.‏ وبه علم أن في مسألة الكتاب للقاضي أن يأذن للبائع في بيعها كما له أن يبيعها بنفسه أو أمينه وأن له أن يأذن له في إجارتها لو كان لها أجر وظاهر كلامهم أن البائع لا يملك البيع بلا إذن القاضي فإن باع كان فضوليا وإن سلم كان متعديا والمشترى منه غاصب‏.‏

فروع ‏[‏متعلقة بالتصرف في مال الغائب‏]‏

متعلقة بالتصرف في مال الغائب منقولة من جامع الفصولين للقاضي ولاية إيداع مال غائب ومفقود وله إقراضه وبيع منقوله لو خيف تلفه ولم يعلم مكان الغائب لا لو علم إذ يمكنه البعث إليه إذا خاف التلف فيمكنه حفظ العين والمالية جميعا ولا يبيع القاضي الأمة المغصوبة إذا غاب مالكها إنما يبيع مال المفقود‏.‏ سئل نجم الدين عن أمير وهب أمة من خادمه فأخبرته أن التاجر قتل في عين فأخذت وتداولتها الأيدي حتى وقعت بيد هذا الأمير والموهوب له الآن لا يجد ورثة القتيل ويعلم أنه لو خلاها ضاعت وإن أمسكها يخاف الفتنة هل للقاضي بيعها من ذي اليد نيابة عن الغائب حتى لو ظهر المالك كان له على ذي اليد ثمنها قال نعم له ذلك القاضي لا يملك تزويج أمة الغائب والمجنون وقتهما وله أن يكاتبهما ويبيعهما لا يملك تزويج أمة الغائب، وإن لم يكن له مال للقاضي بيع قن المفقود وأمته لا لو كان غائبا غير مفقود وللقاضي ولاية بيع مال الغائب مات ولا يعلم له وارث فباع القاضي داره جاز، ولو علم بموضع الوارث جاز ويكون حفظا ألا ترى أنه لو باع الآبق يجوز وتمامه فيه‏.‏

قوله ‏(‏ولو غاب أحد المشتريين فللحاضر دفع كل الثمن وقبضه وحبسه حتى ينقد شريكه‏)‏ وهذا قول أبي حنيفة ومحمد وخالف أبو يوسف في الكل فهذه أحكام الأول في قبض جميع المبيع على تقدير إيفاء الثمن كله فعنده إذا نقد الثمن لا يأخذ إلا نصيبه لكونه أجنبيا في نصيب الغائب وهما يقولان أن الحاضر مضطر إلى أداء كل الثمن؛ لأن للبائع حق حبس كل المبيع إلى أن يستوفي كل الثمن فصار كمعير الرهن وصاحب العلو والوكيل بالشراء إذا أدى الثمن من ماله قيد بغيبته؛ لأنه لو كان حاضرا لا يقبضه اتفاقا ويكون متبرعا؛ لأنه كالوكيل عنه من وجه من حيث إن ملك الغائب ثبت بقبول الحاضر غير وكيل من وجه؛ لأن كلا منهما لا يطالب بنصيب الآخر فلشبهه بالأجنبي كان متبرعا في حضرته ولشبهه بالوكيل لم يكن متبرعا حال غيبته الثاني في حبسه عن الغائب حتى يعطيه ما دفعه عنه وهو فرع أنه ليس بمتبرع عندهما لما قدمناه ودل أن له الرجوع عليه واستفيد من قوله للحاضر الدفع أن البائع يجبر على قبول ما أداه الحاضر من نصيب الغائب كما يجبر على تسليم نصيب الغائب فهذه خمسة أحكام على الخلاف وقيد بقوله أحد المشتريين لأنه لو غاب أحد المستأجرين قبل نقد الأجرة فنقد الحاضر جميعها يكون متبرعا؛ لأنه غير مضطر في نقد حصة الغائب إذ ليس للآجر حبس الدار لاستيفاء الأجرة‏.‏

قوله ‏(‏ومن باع أمة بألف مثقال ذهب وفضة فهما نصفان‏)‏ لأنه أضاف المثقال إليهما على السواء فيجب من كل واحد خمسمائة مثقال لعدم الأولوية فيصير كأنه قال بعت بخمسمائة مثقال ذهب وخمسمائة مثقال فضة ويشترط بيان الفضة من الجودة وغيرها بخلاف ما لو قال من الدراهم والدنانير فإنه لا يحتاج إلى بيان الفضة وينصرف إلى الجياد وقيد بقوله بألف مثقال لأنه لو باعها بألف من الذهب والفضة فإنه يجب النصف من الذهب مثاقيل ومن الفضة دراهم العشرة منها وزن سبعة مثاقيل لأنه أضاف الألف إليهما فينصرف إلى الوزن المعهود من كل واحد وأشار المؤلف إلى أنه لو قال لفلان علي كر حنطة وشعير وسمسم فإنه يجب من كل جنس ثلث الكر وهكذا في المعاملات كلها كالمهر والوصية الوديعة والغصب والإجارة وبدل الخلع وغيره في الموزون والمكيل والمعدود والمذروع وفي فتح القدير في الدراهم ينصرف إلى الوزن المعهود وزن سبعة، ويجب كون هذا إذا كان المتعارف في بلد العقد في اسم الدراهم ما يوزن سبعة والمتعارف في بعض البلاد الآن كالشام والحجاز ليس ذلك بل وزن ربع وقيراط من ذلك الدرهم وأما في عرف مصر لفظ الدرهم ينصرف الآن إلى زنة أربعة دراهم بوزن سبعة من الفلوس إلا أن يقيد بالفضة فينصرف إلى درهم بوزن سبعة فإن ما دونه ثقل أو خفة يسمونه نصف فضة‏.‏ ا هـ‏.‏ وعلى هذا إذا شرط بعض الواقفين بمصر للمستحق دراهم ولم يقيدها تتصرف إلى الفلوس النحاس، وأما إذا قيدها بالنقرة كواقف الشيخونية والصرغتمشية تنصرف إلى الفضة لما في المغرب النقرة القطعة المذابة من الذهب أو الفضة ويقال نقرة فضة على الإضافة للبيان‏.‏ ا هـ‏.‏ وفي المصباح النقرة القطعة المذابة من الفضة وقبل الذوب هي تبر ا هـ‏.‏

قوله ‏(‏وإن قضي زيف عن جيد وتلف فهو قضاء‏)‏ يعني إذا كان له على آخر دراهم، جياد فدفع له زيوفا فهلكت كان قضاء وبرئ ولا رجوع عليه بشيء أطلقه فشمل ما إذا علم بكونها زيوفا أما إذا لم يعلم، وإنما قيد بالتلف ليعلم حكم ما إذا أنفقها بالأولى وهذا عندهما، وقال أبو يوسف إذا لم يعلم يرد مثل زيوفه ويرجع بالجياد؛ لأن حقه في الوصف كالقدر، وقد تعذر الرجوع بصفة الجودة فتعين رد مثل المقبوض والرجوع بالجياد ولهما أن المقبوض من جنس حقه، بدليل أنه لو تجوز بها في الصرف والسلم لجاز، ولو لم يكن من الجنس لكان استبدالا وهو حرام فلم يبق إلا الجودة ولا قيمة لها، وقد حصل الاستيفاء وذكر فخر الإسلام وغيره أن قولهما قياس وقول أبي يوسف هو الاستحسان فظاهره ترجيح قول أبي يوسف قيد يتلفها؛ لأنها لو كانت قائمة ردها وفي الجوهرة من كتاب الرهن إذا علم قبل أن ينفقها فطالبه بالجياد وأخذها كان الجياد أمانة في يده ما لم يرد الزيوف ويجدد القبض‏.‏ ا هـ‏.‏ وفي الذخيرة لو كان له عليه جياد فقضاه زيوفا، وقال أنفقها فإن لم ترج فردها علي ففعل فلم ترج فله أن يردها استحسانا فرق بين هذا وبين ما إذا اشترى عينا فوجد بها عيبا فأراد ردها فقال له البائع بعه فإن لم يشتره أحد فرده علي فعرضه على البيع فلم يشتره أحد منه ليس له أن يرده، والفرق أن المقبوض من الدراهم ليس عين حق القابض بل هو من جنس حقه لو تجوز به جاز وصار عين حقه فإذا لم يتجوز بقي على ملك الدافع فصح أمر الدافع بالتصرف فيه فهو في الابتداء تصرف للدافع وفي الانتهاء لنفسه بخلاف التصرف في العين لأنها ملكه فتصرفه لنفسه فبطل خياره‏.‏ ا هـ‏.‏ وقدمنا أن الزيوف كالجياد في خمس مسائل كما في الولوالجية، وزدنا في أول كتاب البيوع سادسا عند الكلام على الأثمان قيدنا الخلاف بعدم العلم؛ لأنه لو علم بها وأنفقها كان قضاء اتفاقا وقيد بالزيوف؛ لأنها لو كانت ستوقة أو نبهرجة فأتلفها فإنه يرد مثلها ويرجع بالجياد اتفاقا وهما فرقا بأن الزيوف من جنس حقه والستوقة والنبهرجة لا وفي المصباح زافت الدراهم تزيف زيفا من باب سار ردأت، ثم وصف بالمصدر فقيل درهم زيف مثل فلس وفلوس وربما قيل زائف على الأصل ودراهم زيف مثل راكع وركع وزيفتها تزييفا أظهرت زيفها قال بعضهم الدراهم الزيوف هي المطلية بالزئبق المعقود بمزاوجة الكبريت وكانت معروفة قبل زماننا، وقدرها مثل سنج الميزان‏.‏ ا هـ‏.‏ وفي الواقعات الحسامية من البيع تكلموا في معرفة الزيوف والنبهرجة، قال أبو النصر الزيوف دراهم مغشوشة، أما النبهرجة التي تضرب في غير دار السلطان والستوقة صفر مموه بالفضة، وقال الفقيه أبو جعفر الزيوف ما زيفه بيت المال يقال في عرفنا غطريفي لا غير النبهرجة مالا يقبله التاجر‏.‏ ا هـ‏.‏ وفي الجوهرة من الرهن من كان له على رجل درهم فأعطاه درهمين صغيرين وزنهما درهم جاز ويجبر على قبض ذلك، ولو كان له دينار فأعطاه دينارين صغيرين وزنهما دينار فأبى لم يجبر على ذلك‏.‏ ا هـ‏.‏ وفي الواقعات الحسامية من كتاب الصلح، وقال أبو يوسف‏:‏ إذا اقتضى دراهم فأنفقها، ثم ردت عليه بعيب الزيافة فإن كان حين أنفقها يعلم أنها زائفة فله أن يردها سواء قبلها بقضاء أو بغير قضاء فرق بين هذا وبين المبيع إذا قبله البائع بغير قضاء ليس له أن يرده والفرق أن هناك الرد إذا كان بغير قضاء جعل عقدا جديدا في حق الثالث وهو البائع، أما هنا لا يمكن أن يجعل بيعا جديدا لأنه لم يملك الرد على ما قدمناه، وقال أبو يوسف من أقرض كر حنطة عفنة وقبضها المستقرض واستهلكها، ثم قضاه كر حنطة جيدة فإن كان قال له الطالب لي عليك حنطة طيبة وصدقه المطلوب ثم قضاه ثم تصادقا أن الكر القرض كان عفنا فللمستقرض أن يرجع فيما قضاه ويعطيه كرا عفنا مثل القرض فإن لم يكن للطالب قال له كرى جيد لكن المستقرض قضاه جيدا من غير شرط جاز وليس له أن يرجع، قلت‏:‏ ويحتمل أن يكون جواب الوجه الأول قول أبي يوسف خاصة على ما قدمناه‏.‏ ا هـ‏.‏ وفي الذخيرة من آخر كتاب الصرف قال أبو حنيفة لا بأس ببيع المغشوش إذا بين وكان ظاهرا يرى وهو قول أبي يوسف، وقال في رجل معه فضة نحاس لا يبيعها حتى يبين ولا بأس بأن يشتري بستوقة إذا بين، وأرى أن للسلطان أن يكسرها لعلها تقع في أيدي من لا يبين وبشر في الإملاء عن أبي يوسف أكره للرجل أن يعطي الزيوف والنبهرجة والستوقة والمكحلة والبخارية وإن بين ذلك وتجوز بها عند الأخذ من قبل أن إنفاقها ضرر على العوام وما كان ضررا عاما فهو مكروه وليس بمعصية ورضا هذين الحاضرين خوفا من الوقوع في أيدي المدلسة على الجاهل ومن التاجر الذي لا يتحرج قال وكل شيء لا يجوز فإنه ينبغي أن يقطع ويعاقب صاحبه إذا أنفقه وهو يعرفه ا هـ‏.‏

قوله ‏(‏وإن أفرخ طير أو باض أو تكنس ظبي في أرض رجل فهو لمن أخذه‏)‏؛ لأنه مباح سبقت يده إليه فكان أولى به لقوله عليه السلام‏:‏ «الصيد لمن أخذه» والبيض صيد ولهذا يجب على المحرم الجزاء بكسره أطلقه وهو مقيد بقيدين الأول ذكره الشارح أن لا تكون أرضه مهيأة لذلك وإن كانت مهيأة للاصطياد فهو له؛ لأن الحكم لا يضاف إلى السبب الصالح إلا بالقصد ألا ترى أن من نصب شبكة للجفاف فتعلق بها صيد أو حفر بئرا للماء فوقع فيها صيد لا يملكه ولا يجب عليه الجزاء إن كان محرما وإن قصد به الاصطياد ملكه ووجب عليه الجزاء إن كان محرما، وعلى هذا التفصيل لو دخل صيد داره أو وقع ما نثر من الدراهم في ثيابه بخلاف معسل النحل في أرضه حيث يملكه وإن لم تكن أرضه معدة لذلك لأنه من إنزال الأرض حتى يملكه تبعا لها كالأشجار النابتة والتراب المجتمع فيها بجريان الماء وإن لم تكن معدة ولهذا يجب في العسل العشر إذا أخذ من أرض العشر الثاني في الذخيرة من كتاب الصيد وهذا إذا كان صاحب الأرض بعيدا من الصيد بحيث لا يقدر على أخذه لو مد يده، وأما إذا كان صاحب الأرض قريبا من الصيد بحيث يقدر على أخذه لو مد يده فالصيد لصاحب الأرض؛ لأنه صار آخذا له تقديرا لتمكنه من الأخذ حقيقة إن لم يكن آخذا له بأرضه‏.‏ ا هـ‏.‏ ومثله في شرح الطحاوي‏.‏ وقوله تكنس ظبي أي دخل في كناسه وهو بالكسر بيته وكنس الظبي كنوسا من باب نزل دخل كناسه، كذا في المصباح ولم يذكر تكنس وفي المغرب كنس الظبي دخل في الكناس كنوسا من باب طلب وتكنس مثله ومنه الصيد إذا تكنس في أرض رجل أي استتر ويروى تكسر وانكسر ا هـ‏.‏ وفي فتح القدير وفي بعض النسخ تكسر أي وقع فيها فتكسر ويحترز به عما لو كسره رجل فيها فإنه لذلك الرجل لا للآخذ ولا يختص بصاحب الأرض ا هـ‏.‏ ثم قال ومن جنس هذه المسائل لو اتخذ في أرضه حظيرة فدخل الماء والسمك ملكه، ولو اتخذت لحاجة أخرى فمن أخذ السمك فهو له، وكذا في حفر الحفيرة إن حفرها للصيد فهو له أو لغرض آخر فهو للآخذ وكذا صوف وضع على سطح بيت فابتل بالمطر فعصره رجل فإن كان وضعه للماء فهو لصاحبه وإلا فالماء للآخذ‏.‏ ا هـ‏.‏ وفي الذخيرة إن أغلق الباب على الصيد ولم يعلم به لم يصر آخذا مالكا له حتى لو خرج الصيد بعد ذلك فأخذه غيره ملكه وفي المنتقى رجل نصب حبالة فوقع فيها صيد فاضطرب وقطعها وانفلت فجاء آخر وأخذ الصيد فالصيد للآخذ، ولو جاء صاحب الحبالة ليأخذه فلما دنا منه بحيث يقدر على أخذه فاضطرب وانفلت فأخذه آخر فهو لصاحب الحبالة‏.‏ والفرق أن فيهما صاحب الحبالة وإن صار آخذا له إلا أنه في الأول بطل الأخذ قبل تأكده وفي الثاني بطل بعد تأكده وكذا صيد البازي والكلب إذا انفلت فهو على هذا التفصيل وفي الأصل إذا رمى صيدا فصرعه فاشتد رجل وأخذه فهو لمن رماه؛ لأن لما رماه صار آخذا له فصار ملكا، ولو رمى صيدا فأصابه وأثخنه بحيث لا يستطيع براحا فرماه آخر فقتله فالصيد للأول وإن كان يتحامل ويطير مع ما أصابه من السهم الأول فرماه الثاني فقتله فهو للثاني وفي الأصل أيضا لو أرسل كلبه على صيد فاتبعه الكلب حتى أدخله في أرض رجل أو داره كان لصاحب الكلب لأن الكلب إنما يرسل للآخذ فيعتبر بما لو أخذه بيده وكذا لو اشتد على صيد حتى أخرجه فأدخله دار إنسان فهو له؛ لأنه لما أخرجه واضطره فقد أخذه وعن أبي يوسف رجل اصطاد طائرا في دار رجل فإن اتفقا على أنه على أصل الإباحة فهو للصائد سواء كان اصطاده من الهواء أو على الشجر؛ لأن الصيد إنما يملك بالاستيلاء والإحراز وحصوله على حائط رجل أو شجرة ليس بإحراز فيكون للآخذ وإن اختلفا فقال رب الدار كنت اصطدته قبلك أو ورثته وأنكر الصائد فإن كان أخذه من الهواء فهو له لأنه لا يد لصاحب الدار على الهواء وإن أخذه من حائطه أو شجره فالقول لصاحب الدار لأخذه من محل هو في يده فإن اختلفا في أخذه من الهواء أو من الدار أو الشجرة فالقول لصاحب الدار لأن الظاهر أن ما في دار الإنسان يكون له ا هـ‏.‏

قوله ‏(‏ما يبطل بالشرط الفاسد ولا يصح تعليقه بالشرط البيع‏)‏، فإذا باع عبدا وشرط استخدامه شهرا أو دارا على أن يسكنها البائع شهرا فالبيع باطل أي فاسد كما تقدم في بابه والأصل أن ما كان مبادلة مال بمال فإنه لا يصح تعليقه بالشرط الفاسد للنهي عن بيع وشرط وما كان مبادلة مال بغير مال أو كان من التبرعات فإنه لا يبطل به؛ لأن الشروط الفاسدة من باب الربا وهو مختص بالمعاوضات المالية دون غيرها من غير المالية والتبرعات فيبطل الشرط فقط، وأصل آخر أن التعليق بالشرط المحض لا يجوز في التمليكات ويجوز فيما كان من باب الإسقاط المحض كالطلاق والعتاق وكذا ما كان من باب الإطلاقات والولايات يجوز تعليقه بالشرط الملائم، وكذا التحريضات أطلق في عدم صحة تعليقه بالشرط وهو محمول على ما إذا علقه بكلمة ‏"‏ إن ‏"‏ بأن قال بعتك هذا إن كان كذا فيفسد البيع مطلقا ضارا كان أو نافعا إلا في صورة واحدة وهو أن يقول بعت منك هذا إن رضي فلان به فإنه يجوز إذا وقته بثلاثة أيام؛ لأنه اشتراط الخيار إلى أجنبي وهو جائز وفي جامع الفصولين، ولو قال بعته بكذا إن رضي فلان جاز البيع والشرط جميعا، ولو قال بعته منك بكذا إن شئت فقال قبلت تم البيع‏.‏ ا هـ‏.‏ وإن كان الشرط بكلمة على فقد قدمنا أنه إن كان مما يقتضيه العقد أو يلائمه أو فيه أثر أو جرى التعامل فيه كشرط تسليم المبيع أو الثمن أو التأجيل أو الخيار لا يفسد ويصح الشرط وكذا إذا اشترى نعلا على أن يحذوها البائع وإن كان الشرط لا يقتضيه العقد ولا يلائمه ولا جرت العادة به فإن كان فيه منفعة لأهل الاستحقاق فسد وإلا فلا، وفي جامع الفصولين وتعليق القبول في البيع بعدما أوجب الآخر هل يصح ذكر أنه لو قال إن أديت ثمن هذا فقد بعت منك صح البيع استحسانا إن دفع الثمن إليه وقيل هذا خلاف ظاهر الرواية والصحيح أنه لا يجوز ا هـ‏.‏

قوله ‏(‏والقسمة‏)‏ بأن كان للميت دين على الناس فاقتسموا التركة من الدين والعين على أن يكون الدين لأحدهم والعين للباقين فهي فاسدة وصورة تعليقها أن يقتسموا دارا وشرطوا رضا فلان فسدت أيضا لأن القسمة فيها معنى المبادلة فهي كالبيع كذا ذكر العيني مع أن البيع يصح تعليقه برضا فلان ويكون شرط خيار إذا وقته ولكن شرط الخيار هل يدخلها‏؟‏ قال في الولوالجية من القسمة‏:‏ وأما خيار الرؤية والشرط فيثبت في قسمة لا يجبر الآبي عليها وهو القسمة في الأجناس المختلفة، وأما في كل قسمة يجبر الآبي عليها كالقسمة في ذوات الأمثال في الجنس الواحد فإنه لا يثبت‏.‏ ا هـ‏.‏ ومن صور فسادها بالشرط ما إذا اقتسم الشريكان على أن لأحدهما الصامت وللآخر العروض وقماش الحانوت والديون التي على الناس على أنه إن توى عليه شيء من الديون يرد عليه نصفه فالقسمة فاسدة وعلى الذي أخذ الصامت أن يرد على شريكه نصف ما أخذ وعلى شريكه أن يرد نصف ما أخذ أيضا ومنها أيضا ما إذا اقتسما دارا على أن يشتري أحدهما من الآخر دارا له خاصة بألف درهم فهي فاسدة وكذا كل قسمة على شرط هبة أو صدقة وإن شرط أن يزيده شيئا معلوما فهو جائز كالبيع وإن اقتسما دارا وأخذ كل واحد طائفة على أن يرد أحدهما على الآخر دراهم مسماة فهو جائز، وكذا إن كانت الدراهم إلى أجل فإن كان له حمل ومؤنة لم يسم مكان الإيفاء فعلى الخلاف المعروف في السلم الكل في الولوالجية‏.‏

قوله ‏(‏والإجارة‏)‏ أي كان أجر داره على أن يقرضه المستأجر أو يهدي إليه أو إن قدم زيد كذا ذكره العيني ومن صورها استأجر حانوتا احترق كل شهر بكذا على أن يعمره ويحتسب ما أنفقه من الأجرة؛ لأن شرط العمارة على المستأجر يفسد العقد فعليه أجر المثل وله ما أنفقه وأجر مثل قيامه عليه واشتراط تطيين الدار ومرمتها أو تعليق الباب عليها أو إدخال جذع في سقفها على المستأجر مفسد للعقد، وكذا اشتراط كرى النهر أو حفر بئر فيها أو أن يسرقنها وكذا على أن يردها مكروبة هكذا أطلقه في الكافي وفصل خواهر زاده فإن شرطه في المدة فسدت وبعد انقضائها لا والصحيح إن شرطه في المدة فسدت وإلا فإن قال أجرتك بكذا بأن تكربها بعد انقضاء المدة فتردها علي مكروبة فلا تفسد، وإن قال على أن تكربها بعدها فهي فاسدة الكل من فتاوى الولوالجية ويستثنى من إطلاق قولهم لا يصح تعليقها بالشرط ما صرحوا به في الإجارة لو قال لغاصب داره فرغها وإلا فأجر كل شهر كذا فسكت ولم يفرغها وجب المسمى مع أنه تعليق بعدم التفريغ‏.‏

قوله ‏(‏والإجازة‏)‏ بالزاي المعجمة بأن باع فضولي عبده فقال أجزته بشرط أن تقرضني أو تهدي إلي أو علقها بشرط لأنها بيع معنى كذا ذكر العيني فظاهره تخصيص إجازة البيع، فلو قال المصنف وإجازة البيع لكان أولى فإن ظاهره أن إجازة القسمة والإجارة كذلك بل كل شيء لا يصح تعليقه بالشرط إذا انعقد موقوفا لا يصح تعليق إجازته بالشرط حتى النكاح ويدل عليه ما في جامع الفصولين والبزازية وتعليق الإجازة بالشرط باطل كقوله‏:‏ إن زاد فلان في الثمن فقد أجزت، ولو زوج بنته البالغة بلا رضاها فبلغها الخبر فقالت أجزت إن رضيت أمي بطلت الإجازة إذ التعليق يبطل الإجازة اعتبارا بابتداء العقد ا هـ‏.‏

قوله ‏(‏والرجعة‏)‏ بأن قال لمطلقته الرجعية راجعتك على أن تقرضيني كذا أو إن قدم زيد؛ لأنها استدامة الملك فتكون معتبرة بابتدائه فكما لا يجوز تعليق ابتدائه لا يجوز تعليقها، كذا ذكره العيني وهو سهو ظاهر وخطأ صريح فسيأتي في الكتاب قريبا إن شاء الله تعالى أن النكاح لا يبطل بالشرط الفاسد وإن كان لا يصح تعليقه والمذكور في الظهيرية والجوهرة والبدائع والتتارخانية من الرجعة أنه لا يصح تعليقها بالشرط ولا إضافتها ولم يذكروا أنها تبطل بالشرط الفاسد وكيف يصح أن يقال به وأصل النكاح لا يبطل بالشرط الفاسد مع أن المصنف لم ينفرد بذكر الرجعة فيما يبطل بالشرط ولا يصح تعليقه بل ذكره كذلك في الخلاصة والبزازية من البيوع والعمادي في فصوله وجامع الفصولين وفتح القدير من البيوع، ولم أر أحدا نبه على هذا، وقد توقفت في تخطئة هؤلاء، ثم جزمت بها وكان يجب أن تذكر الرجعة مع النكاح في القسم الثاني ومما يدل على بطلان قول المصنف ومن وافقه ما في البدائع من كتاب الرجعة أنها تصح من الإكراه والهزل واللعب والخطأ كالنكاح‏.‏ ا هـ‏.‏ فلو كانت تبطل بالشرط الفاسد لم تصح مع الهزل؛ لأن ما يصح مع الهزل لا تبطله الشروط الفاسدة وما لا يصح مع الهزل تبطله الشروط الفاسدة هكذا ذكره الأصوليون في بحث الهزل من قسم العوارض وفي الكافي للحاكم الشهيد وتعليق الرجعة بالشرط باطل ولم يذكر أنها تبطل بالشروط الفاسدة‏.‏

قوله ‏(‏والصلح عن مال‏)‏ أي بمال بأن قال صالحتك على أن تسكنني في الدار مثلا سنة أو إن قدم زيد؛ لأنه معاوضة مال بمال فيكون بيعا كذا ذكره العيني واعلم أنه إنما يكون بيعا إذا كان البدل خلاف جنس المدعى به، أما إذا كان على جنسه وإن كان بأقل من المدعى فهو حط وإبراء وإن كان بمثله فهو قبض واستيفاء وإن كان بأكثر منه فهو فضل وربا كذا ذكره الشارح من الصلح فينبغي أن يخصص هنا وظاهر ما في البزازية الإطلاق في عدم صحة تعليقه بالشرط قال له عليه ألف صالح على مائة إلى شهر وعلي مائتين إن لم يعطه إلى شهر لا يصح لجهالة المحطوط؛ لأنه على تقدير الإعطاء تسع مائة وعلى تقدير عدمه ثمان مائة ا هـ‏.‏

قوله ‏(‏والإبراء عن الدين‏)‏ بأن قال أبرأتك عن ديني على أن تخدمني شهرا أو إن قدم فلان؛ لأنه تمليك من وجه حتى يرتد بالرد وإن كان فيه معنى الإسقاط فيكون معتبرا بالتمليكات فلا يجوز تعليقه بالشرط، كذا ذكره العيني قيد بالدين؛ لأن الإبراء عن الكفالة يصح تعليقه بشرط ملائم كقوله إن وافيت به غدا فأنت بريء فوافاه به برئ من المال وهو قول البعض واختاره في فتح القدير، وقال‏:‏ إنه الأوجه‏.‏ معللا بأنه إسقاط لا تمليك ذكره في الكفالة، وعلى هذا يحمل قول المصنف رحمه الله تعالى فيها وبطل تعليق البراءة من الكفالة بشرط على ما إذا كان غير ملائم، وفي فتاوى قاضي خان من فصل في هبة المرأة من الزوج، ولو قال الطالب لمديونه إذا مت فأنت بريء من الدين الذي لي عليك جاز وتكون وصية من الطالب للمطلوب، ولو قال إن مت فأنت بريء من ذلك الدين لا يبرأ وهو مخاطره كقوله إن دخلت الدار فأنت بريء مما لي عليك لا يبرأ‏.‏ ا هـ‏.‏ وفيها أيضا لو قالت المريضة لزوجها إن مت من مرضي هذا فمهري عليك صدقة أو أنت في حل من مهري فماتت من ذلك المرض كان مهرها على زوجها لأن هذه مخاطرة فلا تصح‏.‏ ا هـ‏.‏ وحاصله أن التعليق بموت الدائن صحيح إلا إذا كان المديون وارثا له وعلق في مرض موته فيكون مخصصا لإطلاق الكتاب وفي البزازية من الدعوى قال المديون دفعت إلى فلان فقال‏:‏ إن كنت دفعت إليه فقد أبرأتك صح؛ لأنه تعليق بأمر كائن‏.‏ ا هـ‏.‏

ومن فروع عدم صحة تعليق الإبراء ما في المبسوط لو قال الطالب للخصم إن حلفت فأنت بريء فهذا باطل؛ لأنه تعليق البراءة بخطر وهي لا تحتمل التعليق‏.‏ ا هـ‏.‏ وفي الخانية من الهبة امرأة قالت لزوجها وهبت مهري منك على أن كل امرأة تتزوجها تجعل أمرها بيدي فإن لم يقبل الزوج ذلك بطلت الهبة وإن قبل ذلك في المجلس جازت الهبة، ثم إن فعل الزوج ذلك فالهبة ماضية وإن لم يفعل فكذلك عند البعض كمن أعتق أمة على أن لا تتزوج فقبلت عتقت تزوجت أو لم تتزوج امرأة قالت لزوجها وهبت مهري إن لم تظلمني فقبل الزوج ذلك، ثم طلقها بعد ذلك قال أبو بكر الإسكاف وأبو القاسم الصفار الهبة فاسدة؛ لأنها تعليق الهبة بالشرط وهذا بخلاف ما لو قالت وهبت منك مهري على أن لا تظلمني فقبل صحت الهبة لأن هذا تعليق الهبة بالقبول، فإذا قبلت تمت الهبة فلا يعود المهر بعد ذلك وهو نظير ما لو قال لامرأته أنت طالق إن دخلت الدار لا تطلق ما لم تدخل، ولو قال أنت طالق على دخولك الدار فقالت قبلت وقع الطلاق، وقال محمد بن مقاتل في مسألة الظلم مهرها عليه على حاله إذا ظلمها؛ لأن المرأة لم ترض بالهبة إلا بهذا الشرط، فإذا فات الشرط فات الرضا، أما الطلاق فالرضا فيه ليس بشرط والدليل على هذا ما ذكر في كتاب الحج إذا تركت المرأة مهرها على الزوج على أن يحج بها فقبل الزوج ذلك ولم يحج بها كان المهر عليه على حاله والفتوى على هذا القول قال مولانا رضي الله تعالى عنه ويمكن الفرق بين مسألة الحج وبين مسألة الظلم ووجه ذلك أن في مسألة الحج لما شرطت الحج بها فقد شرطت نفقة الحج عليه فيكون هذا بمنزلة الهبة بشرط العوض، فإذا لم يحصل العوض لا تتم الهبة، أما في مسألة الظلم شرطت عليه ترك الظلم وترك الظلم لا يصلح عوضا قال مولانا رضي الله تعالى عنه، ثم ذكر في بعض النسخ إذا شرطت عليه أن لا يظلمها فقبل الزوج، ثم ضربها وأجابا كما ذكر وعندي إذا ضربها بغير حق، أما إذا ضربها لتأديب مستحق عليها لا يعود المهر؛ لأن ما كان حقا لا يكون ظلما‏.‏ امرأة وهبت مهرها من زوجها ليقطع لها في كل حول ثوبا مرتين وقبل الزوج فمضى حولان ولم يقطع قال الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل إن كان ذلك شرطا في الهبة فمهرها عليه على حاله لأن هذا بمنزلة الهبة بشرط العوض فإذا لم يحصل العوض لا تصح الهبة، وإذا لم يكن ذلك شرطا في الهبة سقط مهرها ولا يعود بعد ذلك، وكذا لو وهبت مهرها على أن يحسن إليها ولم يحسن كانت الهبة باطلة ويكون بمنزلة الهبة بشرط العوض‏.‏ رجل قال لامرأته أبرئيني من مهرك حتى أهب لك كذا فأبرأته، ثم أبى الزوج أن يهب منها ما قال كان المهر عليه كما كان‏.‏ امرأة وهبت مهرها من زوجها على أن يمسكها ولا يطلقها فقبل الزوج ذلك، ثم طلقها قال الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل إن لم يكن وقت للإمساك وقتا لا يعود مهرها على الزوج وإن وقت وقتا وطلقها قبل ذلك الوقت كان المهر عليه على حاله فقيل له إذا لم يوقت لذلك وقتا كان قصدها أن يمسكها ما عاش قال نعم إلا أن العبرة لإطلاق اللفظ فإنه ذكر في كتاب الوصايا رجل أوصى لأم ولده بثلث ماله إن لم تتزوج فقبلت ذلك، ثم تزوجت بعد انقضاء عدتها بزمان فإنها تستحق الثلث بحكم الوصية‏.‏ امرأة وهبت مهرها من زوجها على أن لا يطلقها فقبل الزوج قال خلف صحت الهبة طلقها أو لم يطلقها؛ لأن ترك الطلاق لا يكون عوضا بقيت هذه هبة بشرط فاسد والهبة لا تبطل بالشروط الفاسدة‏.‏ وذكر في النوازل إذا قالت المرأة لزوجها تركت مهري عليك على أن تجعل أمري بيدي ففعل الزوج ذلك قال مهرها عليه ما لم تطلق نفسها، ولو وهبت مهرها الذي على المطلق منه على أن يتزوجها، ثم أبى أن يتزوجها قالوا مهرها عليه على حاله تزوجها أو لم يتزوجها؛ لأنها جعلت المال على نفسها عوضا عن النكاح وفي النكاح العوض لا يكون على المرأة‏.‏ ا هـ‏.‏ ما في الخانية فإن قلت‏:‏ إن هبة الدين إبراء فكيف صح تعليقه بالشرط في بعض هذه المسائل قلت‏:‏ الإبراء يصح تعليقه بالشرط المتعارف وبهذا يجب تقييد كلام المصنف رحمه الله تعالى ومن أطلق ففي المسائل التي قدمناها التي قالوا فيها بصحة التعليق إنما هو في المتعارف وما قالوا فيها بعدمها فإنما هو في غير المتعارف ويدل على هذا التقييد أيضا ما في القنية من باب مسائل الإبراء بالطلاق من كتاب الطلاق، ولو أبرأته مطلقته بشرط الإمهار صح التعليق؛ لأنه شرط متعارف وتعليق الإبراء بشرط متعارف جائز فإن قبل الإمهار وهم بأن يمهرها فأبت ولم تزوج نفسها منه لا يبرأ لفوات الإمهار الصحيح، ولو أبرأته المبتوتة بشرط تجديد النكاح بمهر ومهر مثلها مائة، فلو جدد لها نكاحا بدينار فأبت لا يبرأ بدون الشرط قالت المسرحة لزوجها تزوجني فقال لها هبي لي المهر الذي لك علي فأتزوجك فأبرأته مطلقا غير معلق بشرط التزوج يبرأ إذا تزوجها وإلا فلا؛ لأنه إبراء معلق دلالة وقيل لا يبرأ وإن تزوجها لأن هذا الإبراء على سبيل الرشوة فلا يصح أبرأته بشرط أن يمسكها بمعروف ويحسن معاشرتها ولا يؤذيها ولا يطلقها فقبل، ثم تزوج عليها وأغار على مالها وأذاها وطلقها فالإبراء بهذا الشرط غير صحيح وساق فيها فروعا كثيرة في بعضها لا يصح التعليق وفي بعضها يصح، وفي جامع الفصولين لو قال كل حق لي عليك فقد أبرأتك لا يصح وكذا إضافة الإبراء إلى ما يجب في الزمن الثاني لا يصح، ولو قال لمديونه الدنانير العشرة التي لي عليك اعطني منها خمسة ووهبت منك الخمسة صح الإبراء سواء أعطاه الخمسة أو لا لأنه تنجيز الإبراء لا تعليقه، ولو قال أبرأتك عن الخمسة على أن تدفع الخمسة حالة فإن كانت العشرة حالة صح الإبراء؛ لأن أداء الخمسة يجب عليه حالا فلا يكون هذا تعليق الإبراء بشرط تعجيل الخمسة، ولو مؤجلة بطل الإبراء إذا لم يعطه الخمسة حالا‏.‏ ا هـ‏.‏ ثم اعلم أن الإبراء يصح تقييده بالشرط وليس هو تعليقا وعليه فروع كثيرة مذكورة في آخر كتاب الصلح وذكر الشارح هناك أن الإبراء يصح تقييده لا تعليقه، والله تعالى أعلم‏.‏ وهذا التقرير - إن شاء الله تعالى - من خواص هذا الشرح فاغتنمه واحفظ هذا التفصيل في الإبراء‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وعزل الوكيل‏)‏ بأن قال لوكيله عزلتك على أن تهدي إلي شيئا أو إن قدم فلان؛ لأنه ليس مما يحلف به فلا يجوز تعليقه بالشرط، كذا ذكر العيني وتعليله يقتضي عدم صحة تعليقه، وأما كونه يبطل بالشرط الفاسد فلا دليل عليه من هذا وعندي أن هذا خطأ أيضا وأن عزل الوكيل ليس من هذا القبيل وهو ما يبطل بالشرط الفاسد، وإنما هو من قبيل القسم الثاني وهو ما لا يصح تعليقه بالشرط لكن لا يبطل بالشرط الفاسد ولهذا اقتصر في البزازية من كتاب الوكالة على أنه لا يصح تعليقه ولم يذكر أنه يبطل بالشرط الفاسد فهو كما قدمناه في الرجعة، وقد ذكر في جامع الفصولين عزل الوكيل من قسم ما لا يصح تعليقه ويبطل بفاسده وفي البزازية وتعليق عزل الوكيل بالشرط يصح في رواية الصغرى ولا يصح في رواية الإمام السرخسي لكن قال في رواية والدليل عليه أنهم قالوا إن الذي يبطل بالشرط الفاسد ما كان من باب التمليك والعزل ليس منه وهذا هو الحق فيجب إلحاقه بالقسم الثاني، وأرجو من كرم الفتاح الظفر بالنقل في الرجعة وعزل الوكيل موافقا لما قلته وقيد بالوكيل؛ لأن في صحة تعليق عزل القاضي اختلافا ففي جامع الفصولين لو قال الأمير إذا أتاك كتابي هذا فأنت معزول ينعزل بوصوله وقيل لا‏.‏ ا هـ‏.‏ وسيأتي في الكتاب صريحا أن عزل القاضي مما لا يبطل بالشرط الفاسد، ثم اعلم أن الحجر على العبد كعزل الوكيل لا يصح تعليقه، كذا في الخانية‏.‏

قوله ‏(‏والاعتكاف‏)‏ بأن قال علي أن أعتكف إن شفى الله تعالى مريضي أو إن قدم زيد؛ لأنه ليس مما يحلف به كعزل الوكيل فلا يصح تعليقه بالشرط، كذا ذكر العيني وهذا يدل على أن المراد بالاعتكاف النذر به والتزامه ليكون قولا يمكن تعليقه وعندي أن ذكره هذا في هذا القسم خطأ من وجهين من كونه يبطل بالشروط الفاسدة ومن كونه لا يصح تعليقه، أما الثاني فقال في القنية باب الاعتكاف قال لله علي اعتكاف شهر إن دخلت الدار فدخل فعليه اعتكاف شهر عند علمائنا‏.‏ ا هـ‏.‏ فإذا صح تعليقه بالشرط لم يبطل بالشرط الفاسد لما في جامع الفصولين وما جاز تعليقه بالشرط لا تبطله الشروط الفاسدة‏.‏ ا هـ‏.‏ لكنه ذكر إيجاب الاعتكاف من جملة ما لا يصح تعليقه بشرط ويبطل بفاسده، وذكر في البزازية من هذا القسم إيجاب الاعتكاف فقال وتعليق وجوب الاعتكاف بالشرط لا يصح ولا يلزم، والعجب من المحقق ابن الهمام في فتح القدير حيث جعل إيجاب الاعتكاف مما لا يصح تعليقه وعزاه إلى الخلاصة في كتاب البيوع ولم يقل في رواية مع أنه قدم في باب الاعتكاف أن الاعتكاف الواجب هو المنذور تنجيزا أو تعليقا وهو صريح في صحة تعليقه بالشرط والعجب من العيني كيف مشى هنا على أنه لا يصح تعليقه، وقال في شرح الهداية من باب الاعتكاف والواجب أن يقول لله علي أن أعتكف يوما أو شهرا أو يعلقه بشرط فيقول‏:‏ إن شفى الله مريضي‏.‏ ا هـ‏.‏ فقد أتى بعين ما مثل به هنا وتناقض وكيف يصح أن يقال بعدم صحة تعليقه مع الإجماع على صحة تعليق المنذور من العبادات أي عبادة كانت حتى أن الوقف كما سيأتي لا يصح تعليقه بالشرط، ولو علق النذر به بشرط صح التعليق قال في الواقعات الحسامية من الفصل السابع في النذر بالصدقة رجل ذهب له شيء فقال‏:‏ إن وجدته فلله علي أن أقف أرضي على أبناء السبيل فوجده وجب عليه أن يقف؛ لأن هذا نذر والوفاء بالنذر واجب، وقال قبله لو قال إن دخلت هذه الدار فلله علي أن أتصدق بهذه المائة فدخل الدار وهو ينوي بدخوله أن يتصدق عن زكاة ماله فدخل، ثم تصدق بها لا يجزئه عن الزكاة؛ لأن الأول يمين واليمين لازم لا يملك الرجوع عنها، فإذا دخل الدار لزمه التصدق بها بجهة اليمين‏.‏ ا هـ‏.‏ فقد أفاد أن المنذور المعلق من باب اليمين وحينئذ صح التعليق وبهذا ظهر بطلان قول الشارحين أنه ليس مما يحلف به وصرح في النذر بالصوم بصحة تعليقه بالشرط وفي فتاوى قاضي خان الاعتكاف سنة مشروعة يجب بالنذر والتعليق بالشرط والشروع فيه اعتبارا بسائر العبادات‏.‏ ا هـ‏.‏ ثم قال‏:‏ ولو نذر أن يعتكف رجب فعجل شهرا قبله يجوز في قول أبي يوسف خلافا لمحمد وأجمعوا على أن النذر لو كان معلقا بأن قال إن قدم غائبي أو شفى الله مريضي فلانا فلله علي أن أعتكف شهرا فعجل شهرا قبل ذلك لم يجز‏.‏ ا هـ‏.‏ وهذه العبارة بوضعها دالة على صحة تعليقه بالإجماع؛ لأن مفهومها أن النذر صحيح وأنه يجب الوفاء به إذا وجد شرطه، وأما تعجيله قبل وجود شرطه فغير جائز وهذا هو الموضع الثالث مما أخطئوا فيه في بيان ما لا يصح تعليقه والخطأ هنا أقبح من الأولين وأفحش لكثرة الصرائح بصحة تعليقه وأنا متعجب لكونهم تداولوا هذه العبارات متونا وشروحا وفتاوى ولم يتنبهوا لما اشتملت عليه من الخطأ بتغير الأحكام، والله الموفق للصواب‏.‏ وقد يقع كثيرا أن مؤلفا يذكر شيئا خطأ في كتابه فيأتي من بعده من المشايخ فينقلون تلك العبارة من غير تغيير ولا تنبيه فيكثر الناقلون لها وأصلها لواحد مخطئ كما وقع في هذا الموضع ولا عيب بهذا على المذهب؛ لأن مولانا محمد بن الحسن ضابط المذهب لم يذكر جملة ما لا يصح تعليقه بالشرط وما يصح على هذا الوجه، وقد نبهنا على مثل ذلك في الفوائد الفقهية في قول قاضي خان وغيره أن الأمانات تنقلب مضمونة بالموت عن تجهيل إلا من ثلاث‏.‏ ثم إني تتبعت كلامهم فوجدت سبعة أخرى زائدة على الثلاثة، ثم إني نبهت على أن أصل هذه العبارة للناطقي أخطأ فيها، ثم تداولوها ويرحم الله المحقق صاحب الهداية لم يلتفت إلى جمع هذه الأشياء ووضعها في كتابه وهو دليل على كمال ضبطه وإتقانه، ولو حذفها المصنف رحمه الله تعالى لكان أسلم‏.‏

قوله ‏(‏والمزارعة‏)‏ بأن قال زارعتك أرضي على أن تقرضني كذا أو إن قدم فلان؛ لأنها إجارة فلا يصح تعليقها بالشرط كالإجارة كذا ذكره العيني وفي البزازية من المزارعة شرطا في المزارعة على المزارع أو رب الأرض ما ليس من أعمال المزارعة فسدت وما ينبت وما ينمي الخارج أو يزيد في وجود الخارج فهو من عمل المزارعة وما لا ينبت ولا ينمي ولا يزيد في الخارج فليس من أعمالها، فإذا شرط على المزارع أو ربها الحصاد أو الدياسة فسدت من أيهما كان البذر في ظاهر الرواية‏.‏ ا هـ‏.‏ ثم قال بعد تفريعات كثيرة هذا كله في الشرط النافع لأحدهما وإن شرط ألا ينفع كما لو شرط أن لا يسقي أحدهما حصته لا تفسد المزارعة وفيما إذا كان شرطا مفسدا لو أبطلاه أن الشرط في صلب العقد لا ينقلب جائزا وإلا عاد جائزا إلى آخر ما فيها‏.‏

قوله ‏(‏والمعاملة‏)‏ وهي المساقاة بأن قال ساقيتك شجري أو كرمي على أن تقرضني كذا أو إن قدم فلان لأنها إجارة أيضا، كذا ذكره العيني‏.‏

قوله ‏(‏والإقرار‏)‏ بأن قال لفلان علي كذا إن أقرضني كذا أو إن قدم فلان لأنه ليس مما يحلف به عادة فلا يصح تعليقه بالشرط بخلاف ما إذا علقه بموته أو بمجيء الوقت فإنه يجوز ويحمل على أنه فعل ذلك للاحتراز عن الجحود أو دعوى الأجل فيلزمه للحال ذكره العيني ومن فروع تعليقه ما ذكره في المبسوط والمحيط والولوالجية في كتاب الكفالة لو ادعى رجل على رجل مالا فقال له المطلوب إن لم آتك غدا فهو علي لم يلزمه إن لم يأت به غدا لأنه تعليق الإقرار بالخطر وتعليقه بالشرط باطل‏.‏ ا هـ‏.‏ وفي المبسوط من باب الإقرار بكذا وإلا فعليه كذا لو قال قد ابتعت من فلان هذا العبد بألف درهم وإلا فلفلان علي خمسمائة درهم إن أقر رب العبد ببيع العبد لزمه الألف وإن أنكر ذلك لم يلزمه شيء؛ لأنه صار رادا لإقراره حين أنكر بيع العبد منه وإقراره بالخمسمائة كان معلقا بشرط وهو باطل من أصله‏.‏ ا هـ‏.‏ وقال في باب اليمين والإقرار رجل قال لفلان علي ألف درهم إن حلف أو على أن يحلف أو إذا حلف أو متى يحلف أو حين حلف أو مع يمينه أو في يمينه أو بعد يمينه فحلف فلان على ذلك وجحد المقر المال لم يؤخذ بالمال؛ لأن هذا ليس بإقرار، وإنما هو مخاطرة ومعناه أنه علق الإقرار بشرط فيه خطر وهو بمنزلة الخصم والتعليق بالشرط يخرج كلامه من أن يكون إقرارا‏.‏ ا هـ‏.‏ فإن قلت‏:‏ هل يدخل في الإقرار الإقرار بالطلاق والعتاق كما لو قال إن دخلت الدار فأنا مقر بطلاقها أو بعتقه ويفرق بين الإقرار بهما وبين الإنشاء قلت‏:‏ ظاهر الإطلاق الدخول ولم أره صريحا ويدل على الفرق بينهما ما نقلناه في كتاب الطلاق من هذا الشرح أنه لو أكره على إنشاء الطلاق فطلق وقع، ولو أكره على الإقرار به فأقر لم يقع وفي البزازية من الإقرار ادعى مالا فقال المدعى عليه كل ما يوجد في تذكرة المدعي بخطه فقد التزمته لا يكون إقرارا؛ لأنه محفوظ عن أصحابنا أنه لو قال كل ما أقر فلان علي فأنا مقر به لا يلزمه إذا أقر به فلان وعلى هذا إذا كان بين اثنين أخذ وعطاء فقال المطلوب للطالب ما تقول فهو كذلك أو ما يكون في جريدتك فهو كذلك لا يكون إقرارا إلا إذا كان في الجريدة شيء معلوم أو ذكر المدعي شيئا معلوما فقال المدعي ما ذكرنا يكون تصديقا لأن التصديق لا يلحق بالمجهول وكذا إذا أشار للجريدة، وقال ما فيها فهو علي كذلك يصح، ولو لم يكن مشارا إليه لا يصح للجهالة‏.‏ ا هـ‏.‏ وقد حكى الشارح الاختلاف فيما إذا علق على الإقرار بشرط في كتاب الإقرار فنقل عن النهاية كما هنا أن الإقرار المعلق باطل ونقل عن المحيط أن الإقرار صحيح والشرط باطل ونقل عن المبسوط ما يشهد للمحيط فظاهره ترجيحه والحق تضعيفه لتصريحهم هنا بأن الإقرار والوقف لا يصح تعليقه بالشرط وأنه يبطل بالشرط الفاسد‏.‏

قوله ‏(‏والوقف‏)‏ بأن قال وقفت داري إن قدم فلان أو وقفت داري عليك إن أخبرتني بقدوم زيد؛ لأنه ليس مما يحلف به أيضا فلا يصح تعليقه بالشرط كذا ذكره العيني وفي جامع الفصولين والوقف في رواية فظاهره أن في صحة تعليقه روايتين وفي فتح القدير من كتاب الوقف وشرطه أن يكون منجزا غير معلق، فلو قال إن قدم ولدي فداري صدقة موقوفة على المساكين فجاء ولده لا يصير وقفا‏.‏ ا هـ‏.‏ وفي الإسعاف ولو قال إذا جاء غد، وإذا جاء رأس الشهر أو قال إذا كلمت فلانا أو إذا تزوجت فلانة وما أشبه ذلك فأرضي هذه صدقة موقوفة يكون الوقف باطلا؛ لأنه تعليق والوقف لا يحتمل التعليق بالخطر لكونه مما لا يحلف به بخلاف النذر؛ لأنه يحتمل التعليق ويحلف به، فلو قال إن برئت من مرضي هذا فأرضي صدقة موقوفة يلزمه التصدق بعينها إذا وجد الشرط، ولو قال هي صدقة موقوفة إن شئت أو أحببت أو رضيت أو هويت كان باطلا ا هـ‏.‏ ولم يذكر العيني صورة بطلانه بالشرط الفاسد وصورته ما في الإسعاف وقفها على أن له أصلها أو على لا يزول ملكه عنها أو على أن يبيع أصلها ويتصدق بثمنها كان الوقف باطلا‏.‏ ا هـ‏.‏ وقدمنا في الوقف أن شرط الاستبدال صحيح على المفتى به‏.‏

قوله ‏(‏والتحكيم‏)‏ بأن يقول المحكمان إذا أهل الشهر أو قالا لعبد أو كافر إذا أعتقت أو أسلمت فاحكم بيننا وهذا عند أبي يوسف وعند محمد يجوز تعليقه بشرط وإضافته إلى زمان كالوكالة والإمارة والقضاء وله أن التحكيم تولية صورة وصلح معنى فباعتبار أنه صلح لا يصح تعليقه ولا إضافته وباعتبار أنه تولية يصح فلا يصح بالشك والاحتمال ذكره العيني، وفي فتاوى قاضي خان من القضاء الفتوى على قول أبي يوسف، وقد فات المصنف إبطال الأجل قال في البزازية وإبطال الأجل يبطل بالشرط الفاسد بأن قال كلما حل نجم ولم تؤد فالمال حال صح وصار حالا‏.‏ ا هـ‏.‏ وعبارة الخلاصة وإبطال الأجل يبطل بالشرط الفاسد، ولو قال كلما دخل نجم فلم تؤد فالمال حال صح والمال يصير حالا‏.‏ ا هـ‏.‏ فجعلهما مسألتين وهو الصواب، وأما قوله في البزازية بأن قال تصويرا للأول فسهو ظاهر لأنه لو كان كذلك لبقي الأجل فكيف يقول صح فليتأمل وفاته أيضا تعليق الرد بالعيب فإنه باطل وله الرد كما في البزازية وليس هو من القسم الأول لأنه لا يبطل بالشرط الفاسد كما ذكره المصنف في القسم الثاني ولا يصح تعليقه فهو كالنكاح، وبهذا اعلم أن المصنف فاته بيان ما لا يصح تعليقه ولا يبطل بالشرط الفاسد كما فاته ما يجوز تعليقه‏.‏

قوله ‏(‏وما لا يبطل بالشرط الفاسد القرض‏)‏ بأن قال أقرضتك هذه المائة بشرط أن تخدمني شهرا مثلا فإنه لا يبطل بهذا الشرط وذلك؛ لأن الشروط الفاسدة من باب الربا وأنه يختص بالمبادلة المالية وهذه العقود كلها ليست بمعاوضة مالية فلا تؤثر فيها الشروط الفاسدة ذكره العيني فيقال له فكيف بطل عزل الوكيل والاعتكاف والرجعة بالشروط الفاسدة مع أنها لم تكن من المبادلة المالية وفي البزازية وتعليق القرض حرام والشرط لا يلزم‏.‏

قوله ‏(‏والهبة‏)‏ بأن قال وهبتك هذه الجارية بشرط أن يكون حملها لي قوله ‏(‏والنكاح‏)‏ بأن قال تزوجتك على أن لا يكون لك مهر يصح النكاح ويفسد الشرط ويجب مهر المثل كما عرف في موضعه ومن هذا القبيل لو قال تزوجتك على أني بالخيار ويجوز النكاح ولا يصح الخيار؛ لأنه ما علق النكاح بالشرط فيبطل الخيار، كذا في الخانية وسيأتي أن النكاح لا يجوز تعليقه بالشرط وعليه تفرع ما في الخانية تزوجتك إن أجاز أبي أو رضي فقالت قبلت لا يصح؛ لأنه تعليق والنكاح لا يقبل التعليق زاد في الظهيرية لو كان الأب حاضرا في المجلس فقبل جاز‏.‏ وفي الخانية رجل تزوج امرأة على أنه مدني، فإذا هو قروي يجوز النكاح إن كان كفؤا لا خيار لها رجل طلب من امرأة نكاحا بمحضر من الشهود فقالت المرأة لي زوج فقال الرجل ليس لك زوج فقالت المرأة إن لم يكن لي زوج فقد زوجت نفسي منك وقبل الزوج ولم يكن لها زوج قالوا يجوز هذا النكاح لأن التعليق بشرط كائن تنجيز‏.‏ ا هـ‏.‏ وفي جامع الفصولين تعليق النكاح بكائن تنجيز لو قال الأب زوجتك ابنتي إن لم أكن زوجتها فقبل صح‏.‏

قوله ‏(‏والطلاق‏)‏ بأن قال طلقتك على أن لا تتزوجي غيري قوله ‏(‏والخلع‏)‏ بأن قال خالعتك على أن يكون لي الخيار مدة سماها بطل الشرط ووقع الطلاق ووجب المال، وأما اشتراط الخلع لها فصحيح عند الإمام كما مضى‏.‏

قوله ‏(‏والعتق‏)‏ بأن قال أعتقتك على أني بالخيار قوله ‏(‏والرهن‏)‏ بأن قال رهنت عندك عبدي بشرط أن أستخدمه ومن هذا القبيل ما في رهن البزازية قال أخذ به رهنا على أنه إن ضاع ضاع بغير شيء فقال الراهن نعم صار رهنا وبطل الشرط وهلك بالدين، ثم قال قال إن أوفيتك متاعك إلى كذا وإلا فالرهن لك بمالك بطل الشرط وصح الرهن، وقال الشافعي رحمه الله يبطل الرهن أيضا ا هـ‏.‏

قوله ‏(‏والإيصاء والوصية‏)‏ بأن قال أوصيت لك بثلث مالي إن أجاز فلان ذكره العيني وفيه نظر؛ لأنه مثال تعليقها بالشرط والكلام الآن في أنها لا تبطل بالشرط الفاسد وفي البزازية وتعليقها بالشرط جائز؛ لأنها في الحقيقة إثبات الخلافة عند الموت‏.‏ ا هـ‏.‏ ومعنى صحة التعليق أن الشرط إن وجد كان للموصى له المال وإلا فلا شيء له وقدمنا عن فتاوى قاضي خان في بحث الإبراء أنه لو أوصى بثلث ماله لأم ولده إن لم تتزوج فقبلت ذلك، ثم تزوجت بعد انقضاء عدتها بزمان فإنها تستحق الثلث بحكم الوصية‏.‏ ا هـ‏.‏ مع أن الشرط لم يوجد إلا أن يكون المراد بالشرط عدم تزوجها عقب انقضاء العدة لا عدمه إلى الموت بدليل أنه قال تزوجت بعد انقضاء عدتها بزمان للاحتراز عن تزوجها عقب الانقضاء، وأما الإيصاء فقال في البزازية لك مائة درهم على أن تكون وصيا عني فهو وصي والشرط باطل والمائة له وصية ا هـ‏.‏ وكأنه من باب القلب كأنه قال جعلتك وصيا على أن يكون لك مائة ومعنى بطلان الشرط مع قوله والمائة وصية له أنها لا تكون للإيصاء فيبطل جعلها له وتبقى وصية إن قبلها كانت له وإلا فلا وفيها من البيوع وتعليق الوصية والوصاية جائز ا هـ‏.‏

قوله ‏(‏والشركة‏)‏ بأن قال شاركتك على أن تهديني كذا ومن هذا القبيل ما في شركة البزازية لو شرطا العمل على أكثرهما مالا والربح بينهما نصفين لم يجز الشرط والربح بينهما أثلاثا‏.‏ ا هـ‏.‏ وقد وقعت حادثة توهم بعض حنفية العصر أنها من هذا القبيل وليس كذلك هي تفاضلا في المال وشرطا الربح بينهما نصفين، ثم تبرع أفضلهما مالا بالعمل فأجبت بأن الشرط صحيح لعدم اشتراط العمل على أكثرهما مالا والتبرع ليس من قبيل الشرط والدليل عليه ما في بيوع الذخيرة اشترى حطبا في قرية شراء صحيحا، وقال موصولا بالشراء من غير شرط في الشراء احمله إلى منزلي لا يفسد العقد؛ لأن هذا ليس بشرط في البيع بل هو كلام مبتدأ بعد تمام البيع فلا يوجب فساده‏.‏ ا هـ‏.‏ فعلى هذا لو استأجر قرية أو أرضا للزراعة، ثم قال بعد تمامها‏:‏ إن الحرث على المستأجر لا تفسد؛ لأنه لم يكن شرطا فيها، وإنما يكون شرطا لو قال على أن الحرث عليه فليحفظ هذا فإنه يخرج عليه كثير من المسائل‏.‏

قوله ‏(‏والمضاربة‏)‏ بأن قال ضاربتك في ألف على النصف في الربح إن شاء فلان أو إن قدم زيد ذكره العيني وهو مثال لتعليقها بالشرط وهذا الذي وقع للعيني هنا دليل على كسله وعدم تصفح كلامهم فإنه لو أتى بالأمثلة التي ذكروها في الأبواب لكان أنسب وفي البزازية ولا تبطل بالشرط الفاسد، ولو شرط من الربح عشرة دراهم فسدت لا؛ لأنه شرط بل لقطع الشركة‏.‏ ا هـ‏.‏ وفيها دفع إليه ألفا على أن يدفع رب المال إلى المضارب أرضا بزرعها سنة أو دارا للسكنى بطل الشرط وجازت المضاربة، ولو شرط المضارب لرب المال أن يدفع له أرضا أو دارا سنة فسدت؛ لأنه جعل نصف الربح عوضا عن عمله وأجرة داره‏.‏ ا هـ‏.‏ ثم قال‏:‏ ولو شرط على أن تكون النفقة على المضارب إذا خرج إلى السفر بطل الشرط وجازت‏.‏ ا هـ‏.‏ وسيأتي بقية الكلام على ذلك في كتابها‏.‏

قوله ‏(‏والقضاء‏)‏ بأن قال الخليفة وليتك قضاء مكة مثلا على أن لا تعزل أبدا ويصح تعليقه بالشرط قال في البزازية لو شرط في التقليد أنه متى فسق ينعزل انعزل‏.‏ ا هـ‏.‏ وفي البزازية أيضا استخلف رجلا وشرط عليه أن لا يرتشي ولا يشرب الخمر ولا يمتثل أمر أحد صح التقليد والشرط وإن فعل شيئا من ذلك انعزل ولا يبطل قضاؤه فيما مضى قلد السلطان رجلا القضاء وشرط عليه أن لا يسمع قضية رجل بعينه يصح الشرط ولا ينفذ قضاء القاضي في هذا الرجل ويجب على السلطان أن يفصل قضية إن اعتراه قضيته ا هـ‏.‏

قوله ‏(‏والإمارة‏)‏ بأن قال الخليفة وليتك إمارة الشام مثلا على أن لا تركب فهذا الشرط فاسد ولا تبطل أمريته بهذا والإمارة مصدر كالإمرة بالكسر يقال فلان أمر وأمر عليه إذا كان واليا، وقد كان سوقه أي أنه يجرب والتأمير تولية الإمارة يقال هو أمير مؤمر وتأمر عليهم أي تسلط، كذا في الصحاح وفي صحيح البخاري‏:‏ «إنكم ستحرصون على الإمارة وستكون ندامة يوم القيامة»‏.‏

قوله ‏(‏والكفالة‏)‏ بأن قال كفلت غريمك إن أقرضتني كذا ذكره العيني وهو مثال لتعليقها بالشرط، وفي البزازية لو قال كفلت به على أنه مني طولبت به أو كلما طولبت به فلي أجل شهر صحت، فإذا طالبه به فله أجل شهر من وقت المطالبة الأولى، فإذا تم الشهر من المطالبة الأولى لزم التسليم ولا يكون للمطالبة الثانية تأجيل‏.‏ ا هـ‏.‏ ثم قال كفل على أنه بالخيار عشرة أيام أو أكثر يصح بخلاف البيع لأن مبناها على التوسع‏.‏ ا هـ‏.‏ وأما تعليقها بالشرط فسيأتي أنه يصح بشرط ملائم وفي البزازية من البيوع وتعليق الكفالة إن متعارفا كقدوم المطلوب يصح وإن شرطا محضا كأن دخل الدار أو هبت الريح لا والكفالة إلى هبوب الريح جائزة والشرط باطل ونص النسفي أن الشرط إن لم يتعارف تصح الكفالة ويبطل الشرط والحوالة كهي‏.‏

قوله ‏(‏والحوالة‏)‏ بأن قال أحلتك على فلان بشرط أن لا ترجع علي عند التواء ذكره العيني يعني تصح الحوالة ويبطل الشرط فيرجع عليه عند التواء ويصح تعليقها بالشرط ومنه اشتراط الخيار للمحتال وهو جائز كما في البزازية، ثم اعلم أن الحوالة تبطل ببعض الشروط لما في البزازية ومن صور فساد الحوالة ما إذا شرط في الحوالة أن يعطي المال المحال به المحتال عليه للمحتال من ثمن دار المحيل؛ لأنه لا يقدر على الوفاء بالملتزم بخلاف ما إذا التزم المحتال عليه الإعطاء من ثمن دار نفسه؛ لأنه قادر على بيع دار نفسه ولا يجبر على بيع داره كما إذا كان قبولها بشرط الإعطاء عند الحصاد لا يجبر على الأداء قبل الأجل‏.‏ ا هـ‏.‏ وهذه واردة على إطلاق المصنف وغيره‏.‏

قوله ‏(‏والوكالة‏)‏ بأن قال وكلتك إن أبرأتني عما لك علي ذكره العيني وهو مثال تعليقها بالشرط وفي البزازية تعليق الوكالة بالشرط جائز وتعليق العزل به باطل وتفرع على ذلك أنه لو قال كلما عزلتك فأنت وكيلي أنه صحيح؛ لأنه تعليق التوكيل بالعزل وسيأتي طريق عزله، ولو قال كلما وكلتك فأنت معزول لم يصح؛ لأنه تعليق العزل بالشرط وفي البزازية الوكالة لا تبطل بالشروط الفاسدة أي شرط كان‏.‏

قوله ‏(‏والإقالة‏)‏ بأن قال أقلتك عن هذا البيع إن أقرضتني كذا ذكره العيني وفي القنية لا يصح تعليق الإقالة بالشرط وتقدم أنهما لو تقايلا بأقل من الثمن الأول أو بجنس آخر لم تفسد ووجب الثمن الأول وهو مثال أنها لا تبطل بالشروط الفاسدة، وأما ما ذكر فمثال تعليقها وفي البزازية يجوز اشتراط الخيار فيها‏.‏

قوله ‏(‏والكتابة‏)‏ بأن قال المولى لعبده كاتبتك على ألف بشرط أن لا تخرج من البلد أو على أن لا تعامل فلانا أو على أن تعمل في نوع من التجارة فإن الكتابة على هذا الشرط تصح ويبطل الشرط فله أن يخرج من البلد ويعمل ما شاء من أنواع التجارة مع أي شخص شاء وذلك؛ لأن الشرط غير داخل في صلب العقد وأما إذا كان داخلا في صلب العقد بأن كان في نفس البدل كالكتابة على خمر ونحوها فإنها تفسد به على ما عرف في موضعه ذكره العيني وفي البزازية كاتبها وهي حامل على أن يدخل ولدها في الكتابة فسدت لأنها تبطل بالشرط الفاسد‏.‏

قوله ‏(‏وإذن العبد في التجارة‏)‏ بأن قال لعبده أذنت لك في التجارة على أن تتجر إلى شهر أو على أن تتجر في كذا فإن إذنه له يكون عاما في التجارات والأوقات ويبطل الشرط‏.‏

قوله ‏(‏ودعوة الولد‏)‏ بأن قال لأمته التي ولدت هذا الولد مني إن رضيت امرأتي بذلك‏.‏

قوله ‏(‏والصلح عن دم العمد‏)‏ بأن صالح ولي المقتول عمدا القاتل على شيء بشرط أن يقرضه أو يهدي إليه شيئا فإن الصلح صحيح والشرط فاسد ويسقط الدم؛ لأنه من الإسقاطات فلا يحتمل الشرط قوله ‏(‏وعن الجراحة‏)‏ بأن صالح عنها بشرط إقراض شيء أو إهدائه‏.‏

قوله ‏(‏وعقد الذمة‏)‏ بأن قال الإمام لحربي يطلب عقد الذمة ضربت عليك الجزية إن شاء فلان مثلا فإن عقد الذمة صحيح والشرط باطل‏.‏

قوله ‏(‏وتعليق الرد بالعيب‏)‏ بأن قال إن وجدت بالمبيع عيبا أرده عليك إن شاء فلان مثلا قوله ‏(‏وبخيار الشرط‏)‏ أي وتعليق الرد به بأن قال من له خيار الشرط في البيع رددت البيع أو قال أسقطت خياري إن شاء فلان فإنه يصح ويبطل الشرط‏.‏

قوله ‏(‏وعزل القاضي‏)‏ بأن قال الخليفة للقاضي عزلتك عن القضاء إن شاء فلان فإنه ينعزل ويبطل الشرط لما ذكرنا أن هذه الأشياء ليست بمعاوضة مالية فلا يؤثر فيها الشروط الفاسدة‏.‏

ولم يذكر المصنف رحمه الله تعالى ما يجوز تعليقه بالشرط قال الشارح رحمه الله تعالى أنه مختص بالإسقاطات المحضة التي يحلف بها كالطلاق والعتاق وبالالتزامات التي يحلف بها كالحج والصلاة والتوليات كالقضاء والإمارة‏.‏ ا هـ‏.‏ وقد فاته الإذن في التجارة فإنه يصح تعليقه بالشرط كما في الخانية لكونه من الإسقاطات لكن لا يحلف به، فلو حذف التي يحلف بها لدخل ولدخل تعليق تسليم الشفعة فإنه صحيح كما في البزازية لكونه إسقاطا لكن لا يحلف به، وقد فات المصنف الرهن فإنه مما لا يبطل بالشرط الفاسد كما في البزازية وفاته أيضا مسألة الإسلام فإنه لا يصح تعليقه بالشرط كما في فتاوى قارئ الهداية ويرد عليه أن الهبة يجوز تعليقها بالشرط الملائم نحو وهبتك على أن تقرضني كذا، كذا في جامع الفصولين وعلى هذا فما ذكره الكردري في المناقب معزيا إلى الناصحي لو قال إن اشتريت جارية فقد ملكتها منك يصح ومعناه إذا قبضه بناء على ذلك‏.‏ ا هـ‏.‏ مبني على أن الشرط ملائم وفي البزازية من البيوع وتعليق الهبة بإن باطل وبعلى أن ملائما كهبته على أن يعوضه يجوز وإن مخالفا بطل الشرط وصحت الهبة ويرد عليه أيضا تعليق دعوة الولد صحيح كقوله إن كانت جاريتي حاملا فمتى صح كذا في البزازية وليس مما ذكره وكذا يرد عليه الكفالة فإنه يصح تعليقها بشرط ملائم كما قدمناه ولم يذكر المصنف ولا الشارح ما يجوز تعليقه بالشرط الجائز وما لا يجوز وتقييده بالفاسد يخرجه وفي البزازية أن ما يتعلق بذكر الشرط الجائز يفسده الفاسد من الشرط كالبيع والإجارة والصلح على مال والقسمة وعقد لا يتعلق بالجائز، فالفاسد من الشرط لا يبطله كالنكاح والخلع والصلح عن دم العمد والعتق على مال فالأول لا يصح إلا ببدل منطوق معلوم يجري فيه التمليك والتملك والثاني يصح ببدل وبدونه وببدل مجهول وحرام وحلال وعقد يتعلق بالجائز منه والفاسد منه على نوعين نوع يفسده ونوع لا وهو الكتابة إلى آخر ما فيها، وقد ذكر المصنف رحمه الله تعالى ما يجوز إضافته إلى زمان وما لا يجوز في آخر كتاب الإجارات فإذا وصلنا إليه شرحناه بأتم مما ذكره الشارح هنا وننبه على ما فاتهما إن شاء الله تعالى، والله أعلم بالصواب‏.‏