فصل: باب نكاح الرقيق

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: البحر الرائق شرح كنز الدقائق ***


باب نكاح الرقيق

ذكره بعد نكاح الأحرار المسلمين مقدما على نكاح الكفار لأن الإسلام فيهم غالب، والرقيق في اللغة‏:‏ العبد، ويقال للعبيد كذا في المغرب، والمراد به هنا‏:‏ المملوك من الآدمي لأنهم قالوا‏:‏ إن الكافر إذا أسر في دار الحرب فهو رقيق لا مملوك وإذا أخرج فهو مملوك أيضا فعلى هذا فكل مملوك من الآدمي رقيق لا عكسه‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ لم يجز نكاح العبد، والأمة و المكاتب، والمدبر وأم الولد إلا بإذن السيد‏)‏ أي لا ينفذ فالمراد بعدم الجواز عدم النفاذ لا عدم الصحة بقرينة سابقه في فصل الوكالة بالنكاح حيث صرح بأنه موقوف كعقد الفضولي لقوله عليه السلام‏:‏ «أيما عبد تزوج بغير إذن مولاه فهو عاهر» حسنه الترمذي، والعهر الزنا وهو محمول على ما إذا وطئ بمجرد العقد وهو زنا شرعي لا فقهي فلم يلزم منه وجوب الحد لأنه مترتب على الزنا الفقهي كما سيأتي ولأن في تنفيذ نكاحهما تعييبهما إذ النكاح عيب فيهما فلا يملكانه بدون إذن مولاهما وكذلك المكاتب لأن الكتابة أوجبت فك الحجر في حق الكسب فبقي في حق النكاح على حكم الرق ولهذا لا يملك المكاتب تزويج عبده ويملك تزويج أمته لأنه من باب الاكتساب وكذا المكاتبة لا تملك تزويج نفسها بدون إذن المولى وتملك تزويج أمتها لما قلنا وكذا المدبر وأم الولد لأن الملك فيهما قائم ودخل في المكاتب معتق البعض لا يجوز نكاحه عند أبي حنيفة وعندهما يجوز لأنه حر مديون ودخل في أم الولد ابنها أي ابنها من غير مولاها كما إذا زوج أم ولده من غيره فجاءت بولد من زوجها فحكمه حكم أمه وأما ولدها من مولاها فحر ويستثنى من قولهم ابن أم الولد من غير المولى كأمه مسألة ذكرها في المبسوط من باب الاستيلاد لو اشترى ابن أم ولد له من غيره بأن استولد جارية بالنكاح ثم فارقها فزوجها المولى من غيره فولدت ثم اشترى الجارية مع الولدين فالجارية تكون أم ولد له وولده حر وولدها من غيره له بيعه ا هـ‏.‏ إلا أن يقال إنها حين ولدته لم تكن أم ولد له فلا استثناء‏.‏ وأطلق في نكاحه فشمل ما إذا تزوج بنفسه وما إذا زوجه غيره وقيد بالنكاح لأن التسري للعبد و المكاتب، والمدبر حرام مطلقا كذا في شرح الطحاوي وقال في فتح القدير فرع مهم للتجار ربما يدفع لعبده جارية ليتسرى بها ولا يجوز للعبد أن يتسرى أصلا أذن له مولاه أو لم يأذن لأن حل الوطء لا يثبت شرعا إلا بملك اليمين أو عقد النكاح وليس للعبد ملك يمين فانحصر حل وطئه في عقد النكاح ا هـ‏.‏ وشمل السيد الشريكين فلا يجوز نكاح المشترك إلا بإذن الكل لما في الظهيرية لو زوج أحد الموليين أمته ودخل بها الزوج فللآخر النقض فإن نقض فله نصف مهر المثل وللزوج الأقل من نصف مهر المثل ومن نصف المسمى ا هـ‏.‏ وشمل ورثة سيد المكاتب لما في التجنيس إذا أذن الورثة للمكاتب بالنكاح جاز لأنهم لم يملكوا رقبته لأنه صار كالحر ولكن الولاء لهم ا هـ‏.‏ وبهذا علم أن السيد هنا من له ولاية تزويج الرقيق ولو غير مالك له ولهذا كان للأب، والجد، والقاضي، والوصي تزويج أمة اليتيم وليس لهم تزويج العبد لما فيه من عدم المصلحة، وملك المكاتب، والمفاوض تزويج الأمة ولا يملكان تزويج العبد لما ذكرنا فخرج العبد المأذون، والمضارب وشريك العنان فإنهم لا يملكون تزويج الأمة أيضا خلافا لأبي يوسف وفي جامع الفصولين‏:‏ القاضي لا يملك تزويج أمة الغائب وقنه، وإن لم يكن له مال ويملك أن يكاتبهما وأن يبيعهما ا هـ‏.‏ وفي الظهيرية‏:‏ الوصي لو زوج أمة اليتيم من عبده لا يجوز، والأب إذا زوج جارية ابنه من عبد ابنه جاز عند أبي يوسف خلافا لزفر ا هـ‏.‏ وهذا يستثنى من قولهم‏:‏ لا يجوز للأب تزويج عبد الابن بأن يقال إلا من جارية الابن لكن في المبسوط لا يجوز في ظاهر الرواية فلا استثناء ثم اعلم أن نكاح العبد حالة التوقف سبب للحال متأخر حكمه إلى وقت الإجازة فبالإجازة ظهر الحل من وقت العقد كالبيع الموقوف سبب للحال فإذا زال المانع من ثبوت الحكم بوجود الإجازة ظهر أثره من وقت وجوده، وقد ملك الزوائد بخلاف تفويض الطلاق الموقوف لا يثبت حكمه إلا من وقت الإجازة ولا يستند لأنه مما يقبل التعليق فجعل الموجود من الفضولي متعلقا بالإجازة فعندها يثبت للحال بخلاف الأولين لعدم صحة تعليقهما وهذا هو الضابط فيما يستند وما يقتصر من الموقوف‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ فلو نكح عبد بإذنه بيع في مهرها‏)‏ أي بإذن السيد لأنه دين وجب في رقبة العبد لوجود سببه من أهله، وقد ظهر في حق المولى لصدور الإذن من جهته فيتعلق برقبته دفعا للمضرة عن أصحاب الديون كما في دين التجارة فيباع فيه إلا إذا فداه المولى لحصول المقصود وهو دفع المضرة عن صاحب الدين وأفاد المصنف باقتصاره على البيع المنصرف إلى مرة واحدة أنه لو بيع فلم يف ثمنه بالمهر لا يباع ثانيا ويطالب بالباقي بعد العتق وفي دين النفقة يباع مرة بعد أخرى لأنه تجب شيئا فشيئا وفي المبسوط فإذا اجتمع عليه من النفقة ما يعجز عن أدائه يباع فيه ثم إذا اجتمع عليه النفقة مرة أخرى يباع فيه أيضا وليس في شيء من ديون العبد ما يباع فيه مرة بعد أخرى إلا النفقة لأنه يتجدد وجوبها بمضي الزمان وذلك في حكم دين حادث ا هـ‏.‏ وهو يفيد أنه لو اجتمع عليه مثلا مائتان فبيع بمائة لا يباع ثانيا للنفقة المتجمدة وإنما يباع لما سيأتي وستزداد وضوحا في النفقات إن شاء الله تعالى وعلل في معراج الدراية لعدم تكرار بيعه في المهر بأنه بيع في جميع المهر فيفيد أنه لو بيع في مهرها المعجل ثم حل الأجل يباع مرة أخرى لأنه إنما بيع في بعضه وظاهر كلامهم في المأذون المديون أنه يباع لأجل الدين القليل فكذلك يباع لأجل المهر القليل حيث لم يفده وأشار بالبيع إلى أنه لو مات العبد سقط المهر، والنفقة ذكره التمرتاشي وأطلقه فشمل ما إذا دخل العبد بها أولا وقيد بالإذن لأنه لو نكح بغير إذن فإن لم يدخل فلا حكم له، وإن دخل فلا يخلو إما أن يفرق بينهما المولى بعده أو يجيز النكاح فإن فرق بينهما فلا مهر لها عليه حتى يعتق لأنه دين لم يظهر في حق المولى فصار كدين أقر به العبد، وإن أجازه المولى بعده فالقياس أن يجب مهران مهر بالدخول ومهر بالإجازة كما في النكاح الفاسد إذا جدده صحيحا وفي الاستحسان لا يلزمه إلا المسمى لأن مهر المثل لو وجب لوجب باعتبار العقد وحينئذ يجب بعقد واحد مهران وأنه ممتنع كذا في المحيط وغيره ودل كلامه أن السيد لو زوجه بنفسه فإنه يباع بالأولى وفي القنية باع عبده بعدما زوجه امرأة فالمهر في رقبة الغلام يدور معه أينما دار هو الصحيح كدين الاستهلاك وقيل المهر في الثمن ا هـ‏.‏ وكل من القولين مشكل لأنهم جعلوا المهر كدين التجارة، وقد نقلوا في باب المأذون أن السيد إذا باع المديون بغير رضا أصحاب الديون ردوا البيع وأخذوه، وإن كان المشتري عيب العبد فهم بالخيار إن شاءوا ضمنوا السيد قيمته أو ضمنوا المشتري قيمته أو أجازوا البيع وأخذوا الثمن فكذلك هنا وليس دين الاستهلاك مخالفا لدين التجارة فإنه يباع في الكل وفي القنية أيضا‏:‏ زوج عبده حرة ثم أعتقه تخير في تضمين المولى أو العبد ثم رقم آخر أن المولى يضمن الأقل من قيمته ومن مهرها ا هـ‏.‏ وفي فتاوى قاضي خان زوج عبده امرأة بألف درهم ثم باعه منها بتسعمائة درهم بعدما دخل العبد بها فإنها تأخذ التسعمائة بمهرها ويبطل النكاح ولا ترجع المرأة بالمائة الباقية على العبد، وإن عتق ولو كان على العبد لرجل آخر دين ألف درهم فأجاز الغريم بيع العبد من المرأة كان التسعمائة بين الغريم، والمرأة يضرب الغريم فيها بألف درهم، والمرأة بألف درهم ولا تتبعه المرأة بعد ذلك ويتبعه الغريم بما بقي من دينه إذا عتق ا هـ‏.‏ واعلم أنهم قالوا في كتاب المأذون لو أعتق المولى المديون خير الغريم بين تضمين المولى القيمة أو اتباع العبد بجميع الدين ولا فرق بين الإعتاق بإذن الغريم أو بغير إذنه ولو دبره فإن شاء ضمن المولى قيمته، وإن شاء استسعى العبد في جميع دينه ولو باعه فقد كتبناه ولو وهبه بغير إذن الغريم فله نقضها وبإذنه ففيه روايتان وعلى رواية الجواز فللغريم بيعه وأخذه من الموهوب له لأنه انتقل إليه بدينه ولو كان دين العبد مؤجلا فباعه أو وهبه مولاه جاز فإذا حل ضمن المولى قيمته فإذا رهنه أو أجره قبل حلوله جاز فإذا حل ضمن المولى قيمته في الرهن دون الإجارة وللغريم فسخها وللقاضي بيع المديون للوفاء إذا امتنع سيده لكن بحضرته فإن أراد المولى أن يؤدي قدر ثمنه فله ذلك ولا يباع الكل من المحيط وحيث علمت أن المهر كدين التجارة فهذه الأحكام أيضا للمهر وذكر الحاكم في الكافي أن العبد المأذون المديون للغريم منع المولى من استخدامه ورهنه وإجارته، والسفر به إذا كان الدين حالا، وإن كان مؤجلا فله ذلك قبل حلوله ا هـ‏.‏ ومقتضاه ثبوت هذه الأحكام أيضا في العبد المديون بمهر امرأته فإن كان المهر حالا لا يجوز للمولى وإلا جاز وفي الكافي إذا بيع في الدين فاشتراه المولى ودفع الثمن للغرماء ولم يوفهم ثم أذن له مولاه في التجارة فلحقه دين يباع ويشترك فيه الأولون فيما بقي لهم، والآخرون ومقتضاه لو بيع في مهرها فاشتراه المولى فلم يوف ثم وجب بيعه للنفقة أن تأخذ المرأة ما بقي لها من المهر مع النفقة وكل هذه من باب التخريج وفي الخانية لو قال المولى‏:‏ لا أرضى ولا أجيز كان ردا فلو قال لا أرضى ولكن رضيت متصلا جاز استحسانا ا هـ‏.‏ وأشار بالبيع إلى أن مستحق المهر غير سيده فلو زوج أمته من عبده اختلفوا فقيل يجب المهر ثم يسقط لأن وجوبه حق الشرع ومنهم من قال‏:‏ لا يجب وهذا أصح لأن الوجوب، وإن كان حقا لله تعالى فإنما يجب للمولى ولو جاز وجوبه للمولى ساعة لجاز وجوبه أكثر من ساعة كذا في الولوالجية ولم أر من ذكر ثمرة لهذا الاختلاف ويمكن أن يقال إنها تظهر فيما لو زوج الأب أمة الصغير من عبده فعلى قول من قال يجب ثم يسقط قال بالصحة وهو قول أبي يوسف ومن قال بعدم الوجوب أصلا بعدمها، وهو قوله‏:‏ أما وقد جزم بعدمها في الولوالجية من المأذون معللا بأنه نكاح للأمة بغير مهر لعدم وجوبه على العبد في كسبه للحال فلو اختلفت المرأة، والعبد في الإذن وعدمه قال في الظهيرية عبد تزوج حرة ثم قال العبد‏:‏ لم يأذن لي المولى، وقد نقض النكاح هو وقالت المرأة قد أذن يفرق بينهما لإقراره أن النكاح فاسد فيلزمه كمال المهر إن كان قد دخل بها وينصف المهر إن لم يدخل بها ولها نفقة العدة ا هـ‏.‏ وينبغي أن المولى إن صدقها فالمهر في رقبته كلا ونصفا وإلا ففي ذمته ولو تزوج عبد حرتين ثم دخل بإحداهما ثم تزوج أمة ثم أمة فأجاز المولى نكاحهن قال أبو حنيفة يجوز نكاح الحرتين لأنه ليس له أن يتزوج أمة في عدة حرة وقالا يجوز نكاح الأمة الأخيرة لأن عندهما له أن يتزوج الأمة في عدة الحرة لو تزوج أمتين في عقدة ودخل بإحداهما ثم تزوج حرتين في عقدة ودخل بإحداهما ثم أجاز المولى نكاح أحد الفريقين لم يجز نكاح شيء منهن ولو تزوج حرة وأمة ثم حرة وأمة فأجاز المولى الكل جاز نكاح الحرتين، وإن دخل بهن فنكاحهن فاسد الكل من الظهيرية ولم يبين المصنف مهر الأمة وفي البدائع ثم كل ما وجب من مهر الأمة فهو للمولى سواء وجب بالعقد أو بالدخول وسواء كان المهر مسمى أو مهر المثل وسواء كانت الأمة قنة أو مدبرة أو أم ولد إلا المكاتبة، والمعتق بعضها فإن المهر لها ا هـ‏.‏ وفي فتح القدير إن مهر الأمة يثبت لها ثم ينتقل إلى المولى حتى لو كان عليها دين قضي من المهر ا هـ‏.‏ وفي القنية‏:‏ اشترى جارية تحت زوج قبل الدخول ثم دخل بها في ملك المشتري فالمهر للبائع وفي المحيط مسلم أذن لعبده النصراني في التزوج فأقامت المرأة شهودا نصارى أنه تزوجها تقبل لأن المشهود عليه نصراني ولو كان العبد مسلما، والمولى نصرانيا لا تقبل لما عرف ا هـ‏.‏ وفي الظهيرية رجلان شهدا على رجل آخر أنه أعتق جاريته هذه وهو يجحد فقضى القاضي بالعتق ثم رجعا عن شهادتهما ثم تزوجها أحدهما قال أبو يوسف إن تزوجت قبل القضاء بالقيمة عليهما يفرق بينهما وبعد القضاء جاز نكاحه ا هـ‏.‏ كأنه لما في زعم الشاهد أنها أمة فلم يجز نكاحه وبعد القضاء خرجت عن ملك صاحبها لأخذه العوض فجاز نكاحه وفي المحيط لو قال لعبده‏:‏ تزوج على رقبتك فتزوج على رقبته أمة أو مدبرة أو أم ولد أذن مولاها جاز لأن الملك في رقبته يثبت لمولاها فلا يمنع الجواز ولو تزوج حرة أو مكاتبة فالنكاح فاسد لأنه لو صح يثبت الملك للمنكوحة في رقبته مقارنا للعقد وأنه مفسد له إذا طرأ فإذا قارن أولى أن يمنع جوازه فلو كان العبد مكاتبا أو مدبرا صح النكاح لأنهما لا يحتملان النقل من ملك مولاهما ويكون المهر القيمة ا هـ‏.‏ وفي تلخيص الجامع ولو خالع على رقبتها فإن كان حرا لا يصح لقران المنافي وتبين لأن المال زائد فكان أولى بالرد من الطلاق، وكذا القنة لو طلقها على رقبتها وتقع رجعية لأنه صريح ولو كان رقيقا صح بالمسمى لما مر ولم أر حكم إذن المولى السفيه عبده بالتزوج على قولهما من الحجر عليه، وقد علل في الهداية لصحة نكاح السفيه بأنه من الحوائج الأصلية فظاهره أنه لا يملك نكاح عبده، وإن قلنا بصحته لأنه تحصين للعبد فيجب أن لا يلزم في مهره ما زاد على مهر مثلها لأنه حكم نكاح المولى السفيه فعبده الأولى‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وسعى المدبر، والمكاتب‏)‏ أي في المهر ولم يباعا فيه لأنهما لا يقبلانه مع بقائهما فيؤدى من كسبهما لا من أنفسهما وكذا معتق البعض وابن أم الولد قيدنا بكونه مع بقائهما لأن المكاتب إذا عجز ورد في الرق صار المهر في رقبته يباع فيه إلا إذا أدى المهر مولاه واستخلصه كما في القن وقياسه أن المدبر إذا عاد إلى الرق بحكم الشافعي ببيعه أنه يصير المهر في رقبته أيضا قيد بإذن المولى لأن المدبر، والمكاتب إذا تزوجا بغير إذن فحكمهما كالقن إن كان قبل الدخول فلا حكم له، وإن كان بعده ولم يجز المولى تأخر إلى ما بعد العتق، وإن كانت جناية المكاتب في كسبه للحال لأن المهر حكم العقد وهو قول لا فعل، وإن أجاز المولى فكما إذا أجاز قبله فيسعيان فيه وفي القنية‏:‏ زوج مدبره امرأة ثم مات المولى فالمهر في رقبة العبد يؤخذ به إذا عتق ا هـ‏.‏ وفيه نظر لأن حكمه السعاية قبل العتق لا التأخر إلى ما بعد العتق وحاصل مسألة مهر الرقيق أنه لا يخلو إما أن يكون ذكرا أو أنثى وكل منهما إما بإذن المولى أو لا وكل من الأربعة إما قبل الدخول أو بعده وكل من الثمانية إما أن يقبل البيع أو لا فهي ستة عشر‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وطلقها رجعية إجازة للنكاح الموقوف لا طلقها أو فارقها‏)‏ لأن الطلاق الرجعي لا يكون إلا بعد النكاح الصحيح فكان الأمر به إجازة اقتضاء بخلاف قول المولى تزوج أربعا أو كفر عن يمينك بالمال حيث لا تثبت الحرية اقتضاء لأن شرائط الأهلية لا يمكن إثباتها اقتضاء بخلاف النكاح لأن العبد أهل له لأنه من خصائص الآدمية، وإنما لا يكون قول المولى له طلقها أو فارقها إجازة لاحتماله الإجازة، والرد فحمل على الرد لأنه أدنى لأن الدفع أسهل من الرفع أو لأنه أليق بحال العبد المتمرد على مولاه فكانت الحقيقة متروكة بقرينة الحال كذا في العناية قيد بقوله‏:‏ رجعية لأنه لو قال له طلقها بائنا لا يكون إجازة لأن الطلاق البائن يحتمل المتاركة كما في الطلاق في النكاح الفاسد، والموقوف ويحتمل الإجازة فحمل على الأدنى كما في المحيط وقيد بقوله لا طلقها لأنه لو قال أوقع عليها الطلاق كان إجازة لأنه لا يقال للمتاركة كما في فتح القدير وكذا إذا قال‏:‏ طلقها تطليقة يقع عليها كما في التبيين، والألف واللام في قوله للنكاح الموقوف للعهد الذكري أي نكاح العبد بغير إذن سيده احترازا عن نكاح الفضولي فإن قول الزوج للفضولي طلقها يكون إجازة لأنه يملك التطليق بالإجازة فيملك الأمر به بخلاف المولى ولأن فعل الفضولي إعانة كالوكيل، والإعانة تنتهض سببا لإمضاء تصرفه بالإجازة وعدم الغاية بخلاف المتمرد على مولاه وهو مختار صاحب المحيط ومختار الصدر الشهيد ونجم الدين النسفي أنه ليس بإجازة فلا فرق بينهما فلذا عمم في المختصر في النكاح الموقوف لكن الأول أوجه كما في فتح القدير‏.‏ والحاصل أن الطلاق يستدعي سبق النكاح هذا هو الأصل وخرج عن الأصل مسألة العبد لما ذكرناه فلذا كان تطليق المدعى عليه نكاح بعد إنكاره إقرارا بالنكاح إلا إذا قال‏:‏ ما أنت لي بزوجة وأنت طالق كما في البزازية وقول المرأة لرجل طلقني إقرار بالنكاح الصحيح النافذ وتطليق واحدة من إحدى الفريقين إجازة لذلك الفريق فيما إذا زوجه فضولي أربعا في عقدة ثم زوجه ثلاثا في عقدة فبلغه فطلق إحدى الأربع أو إحدى الثلاث بغير عينها كذا في التبيين وعلى هذا الاختلاف إذا طلقها الزوج في نكاح الفضولي قيل يكون إجازة، وقيل‏:‏ لا وفي جامع الفصولين أن هذا الاختلاف في الطلقة الواحدة أما لو طلقها ثلاثا فهي إجازة وفاقا وقبل الاختلاف فيما لو طلقها قبل أن يبلغه الخبر أما لو بلغه الخبر فقال‏:‏ طلقها يكون إجازة وفاقا أقول‏:‏ على تقدير أنه إجازة ينبغي أن تحرم عليه لو طلقها ثلاثا لأنه يصير كأنه أجاز أولا ثم طلق ا هـ‏.‏ وقد صرح به الزيلعي فقال‏:‏ لأن كلام الزوج لا يصح إلا إذا حمل على وقوع الطلاق فيكون إجازة تصحيحا لكلامه ا هـ‏.‏ وقد علم مما قررناه أن قوله ‏"‏ طلقها أو فارقها ‏"‏، وإن لم يكن إجازة فهو رد فينفسخ به نكاح العبد حتى لا تلحقه الإجازة بعده وفي الخانية‏:‏ لو قال المولى لا أرضى ولا أجيز كان ردا ولو قال‏:‏ لا أرضى ولكن رضيت متصلا جاز استحسانا ا هـ‏.‏ وفي الولوالجية مكاتب أو عبد تزوج بغير إذن المولى ثم طلق كان ذلك ردا منه لأن الطلاق يقطع النكاح النافذ فلأن يقطع النكاح الموقوف أولى فإن أجازه المولى بعد الطلقات الثلاث لم يجز النكاح لأنه أجاز بعد الفسخ ولو أذن له أن يتزوجها بعدما طلقها ثلاثا أو أجاز المولى النكاح بعد الطلقات كره له أن يتزوجها وقد طلقها ثلاثا ولو تزوجها لم يفرق بينهما في قول أبي حنيفة ومحمد وقال أبو يوسف‏:‏ لا يكره أبو يوسف يقول بأن إجازة المولى لما كانت باطلة كان عدما ولو لم يجز المولى كان له أن يتزوجها ثانيا أذنه من غير كراهة بالإجماع فكذا هنا وهما يقولان الإجازة في الانتهاء كالإذن في الابتداء، والإذن في الابتداء لو كان ها هنا موجودا صارت محرمة حقيقة فإذا وجدت صورة الإجازة في الانتهاء يجب أن يثبت به نوع كراهية ا هـ‏.‏ وفي الذخيرة‏:‏ ولو تزوجت أمة بغير إذن المولى فوطئها لم يكن نقضا للنكاح عند محمد وعن أبي يوسف أنه ينفسخ النكاح ا هـ‏.‏ وإذا تزوج العبد بغير إذن مولاه فهل للمرأة فسخه قبل إجازة المولى صرح في الذخيرة بأن لها الفسخ في نظيره وهي ما إذا زوجت نفسها من صبي بغير إذن وليه وبه علم أنه كما للمولى فسخه لكل من العاقدين فسخه وأشار المصنف إلى أن الإجازة تثبت بالدلالة كما تثبت بالصريح فإن قول المولى طلقها رجعية إجازة دلالة وحاصله كما في البدائع أنها تثبت بالصريح وبالدلالة وبالضرورة فمن الصريح أجزت أو رضيت أو أذنت ونحوه وأما الدلالة فهي قول أو فعل يدل على الإجازة كقول المولى بعد بلوغه الخبر حسن أو صواب أو لا بأس به أو يسوق إلى المرأة أو شيئا منه في نكاح العبد وأما الضرورة فنحو أن يعتق العبد أو الأمة فيكون الإعتاق إجازة، وفي تلخيص الجامع قال المولى‏:‏ أجزت إن زدت لي المهر فأبى فهو موقوف على حاله لأنه جواب على الزيادة فيقتصر الرد عليها وكذا لو قال‏:‏ لا أجيز حتى تزيد إذ المغيا التوقف لأنه هو الذي يمتد وينتهي لا الرد وكذا لو قال إلا بزيادة لأنه تكلم بالباقي فإن قبل نفذ، والزيادة كمهر المثل حتى تسقط بالطلاق قبل الدخول ولو قال‏:‏ لا أجيز لكن زدني أو أجيز إن زدتني بطل العقد لأنه مقرر للنفي وكأنه قال‏:‏ لا أجيز وسكت ولو أذن له بالنكاح لم يكن إجازة فإن أجازه العبد جاز ولو مات المولى قبل الإجازة فإن كانت أمة فإن ورثها من يحل له وطؤها بطل النكاح الموقوف وإن ورثها من لا يحل له وطؤها بأن كان الوارث ابن الميت، وقد وطئها أو كانت الأمة أخته من الرضاع أو ورثها جماعة فللوارث الإجازة ولو أجاز البعض دون البعض لم يجز النكاح كما في المحيط وفيه‏:‏ لو تزوج المولى امرأة على رقبتها بطل النكاح الموقوف لأنه ملكها للمرأة ا هـ‏.‏ وفيه نظر بل ينبغي أن يتوقف على إجازة المرأة كما لو باعها المولى من امرأة فإنهم قالوا إذا باعها المولى قبل الإجازة فهو على التفصيل الذي ذكرنا في الوارث، ولو باعها ممن لا تحل له فلم يجز حتى باعها ممن تحل له فأجاز لم يجز كذا في المحيط، وفي الذخيرة ولو باعها على أنه بالخيار يفسخ النكاح لأنه ينفذ بالسكوت إذا مضت المدة ا هـ‏.‏ ومراده باعها ممن تحل له وعلى هذا قالوا‏:‏ فيمن تزوج جارية غيره بغير إذنه ووطئها ثم باعها المولى من رجل أن للمشتري الإجازة لأن الزوج يمنع حل الوطء للمشتري ورده شمس الأئمة السرخسي بأن ما في الكتاب من أنه ليس له الإجازة صحيح لأن وجوب العدة إنما يكون بعد التفريق، وأما قبل التفريق فهي ليست بمعتدة فاعتراض الملك الثاني يبطل النكاح الموقوف، وإن كان هو ممنوعا عن غشيانها، وجعل هذا قياس المنع بسبب الاسترداد لا يمنع بطلان النكاح الموقوف فهذا مثله، وجعل عدم صحة الإجازة في المحيط ظاهر الرواية وأن القول بالإجازة رواية ابن سماعة بناء على أن العدة غير واجبة في النكاح الموقوف في ظاهر الرواية، وإن كان عبدا فمات المولى أو باعه قبل الإجازة فللوارث، والمشتري الإجازة، وفي جامع الفصولين‏:‏ زوجها الغاصب ثم اشتراها فإن كان الزوج دخل بها صحت الإجازة وإلا بطل النكاح، ولو ضمنها لا رواية فيه وينبغي أن يبطل النكاح لأن الملك بالضمان ضروري فلا يكفي لجواز النكاح كما لو حرر غاصب ثم ضمنه فإن قلت‏:‏ قد ذكروا في الإجازة الصريحة لفظ أذنت وقالوا‏:‏ لو أذن له بالنكاح بعدما تزوج لا يكون إجازة فهل بينهما تناقض قلت‏:‏ يحمل الأول على ما إذا علم بالنكاح، فقال بعده‏:‏ أذنت، والثاني على ما إذا لم يعلم به ولم أر من صرح به ثم رأيت في المعراج إن أذنت من ألفاظ الإذن ا هـ‏.‏ يعني لا من ألفاظ الإجازة فلا إشكال وفي القنية‏:‏ سكوت المولى عند العقد ليس برضا، وفي الخلاصة‏:‏ أذن لعبده أن يتزوج بدينار فتزوج بدينارين لا يجوز النكاح، وفي مجموع النوازل‏:‏ عبد طلب من مولاه أن يزوجه معتقة فأبى فتشفع أن يأذن له بالتزوج فأذن له فتزوج هذه المعتقة يجوز‏.‏ ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ والإذن في النكاح يتناول الفاسد أيضا‏)‏ أي كما يتناول الصحيح، وهذا عند أبي حنيفة وقالا لا يتناول إلا الصحيح لأن المقصود من النكاح في المستقبل الإعفاف، والتحصين وذلك بالجائز وله أن اللفظ مطلق فيجري على إطلاقه، وبعض المقاصد في النكاح الفاسد حاصل كالنسب ووجوب المهر، والعدة على اعتبار وجود الوطء وفائدة الخلاف تظهر في حق لزوم المهر فيما إذا تزوج امرأة نكاحا فاسدا ودخل بها لأنه يباع في المهر عنده وعندهما لا يطالب إلا بعد العتق، وفي حق انتهاء الإذن بالعقد فينتهي به عنده فليس له التزوج بعده صحيحا لا منها ولا من غيرها، وعندهما لا ينتهي به فله ذلك بعده قيد بالإذن لأن التوكيل بالنكاح لا يتناول الفاسد فلا ينتهي به اتفاقا وعليه الفتوى كما في المصفى لأن مطلوب الآمر فيه ثبوت الحل، والوكيل بنكاح فاسد لا يملك النكاح الصحيح بخلاف الوكيل بالبيع الفاسد يملك الصحيح، كذا في الظهيرية، واليمين في النكاح لا يتناول الفاسد كما إذا حلف لا يتزوج فإنه لا يحنث إلا بالصحيح وأما إذا حلف أنه ما تزوج في الماضي فإنه يتناول الصحيح، والفاسد أيضا لأن المراد في المستقبل الإعفاف، وفي الماضي وقوع العقد ذكره في المبسوط ولو نوى الصحيح صدق ديانة وقضاء، وإن كان فيه تخفيف رعاية لجانب الحقيقة كذا في التلخيص وأشار المصنف إلى أن الإذن بالبيع وهو التوكيل به يتناول الفاسد بالأولى اتفاقا لأن الفاسد فيه يفيد الملك بالقبض وأطلقه فشمل ما إذا أذن له في نكاح حرة أو أمة وما إذا كانت معينة أو غير معينة فما في الهداية من التقييد بالأمة، والمعينة اتفاقي، وقيد بكونه أذنه في النكاح ولم يقيده لأنه لو قيده بأن أذن له في النكاح الفاسد فإنه يتقيد به اتفاقا وقال في البدائع‏:‏ ولو أذن له في النكاح الفاسد نصا ودخل بها يلزمه المهر في قولهم جميعا أما على أصل أبي حنيفة فظاهر وأما على أصلهما فلأن الصرف إلى الصحيح لضرب دلالة أوجبت المصير إليه فإذا جاء النص بخلافه بطلت الدلالة ا هـ‏.‏ ومقتضاه أنه لو قيد بالصحيح فإنه يتقيد به اتفاقا وأنه لو تزوج صحيحا في صورة التقييد بالفاسد فإنه لا يصح اتفاقا وحاصل المسألة أنه إما أن يطلق المولى الوصف أو يقيده فإن أطلق فهو محل الاختلاف، وإن قيد فإما أن يوافق أو يخالف، وقد علمت الأحكام اعلم أن الإذن في النكاح، والبيع، والتوكيل في البيع يتناول الفاسد، والتوكيل بالنكاح لا يتناول، واليمين في النكاح إن كانت على المضي تناولته، وإن كانت على المستقبل لا تتناوله، واليمين على الصلاة كاليمين على النكاح كما في الظهيرية وكذا اليمين على الحج، والصوم كما في الظهيرية، واليمين على البيع كذلك كما في المحيط ولو حلف لا يصلي اليوم لا يتقيد بالصحيحة قياسا وتقيد استحسانا لأنه عقد يمينه على المستقبل كذا في المحيط ومثله لا يتزوج اليوم، وفي المحيط‏:‏ صلى ركعتين بغير وضوء اليوم ثم قال إن كنت صليت اليوم ركعتين فعبدي حر يعتق ولو قال‏:‏ إن لم أكن صليت اليوم ركعتين فعبدي حر لا يعتق، واليمين على الشراء لا تتقيد بالصحيح، وقد علم مما قررناه أنه لو أذنه بالتزوج فإنه لا يملكه إلا مرة واحدة وكذا لو قال له‏:‏ تزوج فإنه لا يتزوج إلا مرة واحدة لأن الأمر لا يقتضي التكرار وكذا إذا قال‏:‏ تزوج امرأة لأن قوله ‏"‏ امرأة ‏"‏ اسم لواحدة من هذا الجنس كذا في البدائع، وفي شرح المغني للهندي لو قال لعبده‏:‏ تزوج ونوى مرة بعد أخرى لم يصح لأنه عدد محض ولو نوى ثنتين يصح لأن ذلك كل نكاح العبد إذ العبد لا يملك التزوج بأكثر من ثنتين وكذا التوكيل بالنكاح بأن قال‏:‏ تزوج لي امرأة لا يملك أن يزوجه إلا امرأة واحدة ولو نوى الموكل الأربع ينبغي أن يجوز على قياس ما ذكرنا لأنه كل جنس النكاح في حقه ولكني ما ظفرت بالنقل ا هـ‏.‏ ذكره في بحث الأمر من الأصول وفي المحيط أذن لعبده في النكاح فتزوج ثنتين في عقدة واحدة لم يجز واحدة منهما إلا إذا قال المولى عنيت امرأتين، وفي البدائع هذا إذا خص وأما إذا عم بأن قال‏:‏ تزوج ما شئت من النساء جاز له أن يتزوج ثنتين فقط وقيد بالفاسد لأنه لا ينتهي بالموقوف اتفاقا كالتوكيل حتى جاز لهما أن يجدد العقد ثانيا عليها أو على غيرها كذا في التبيين وقيد بالانتهاء للاحتراز عن لزوم المهر فإن العبد المأذون له في النكاح إذا تزوج امرأة بفضولي ثم أجازت فإن المهر في رقبته يباع فيه فتناول الإذن الموقوف في حق هذا الحكم، وإن كان لا يتناوله في حق انتهاء الإذن به ولم أره صريحا‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ولو زوج عبدا مأذونا له امرأة صح وهي أسوة الغرماء في مهرها‏)‏ أما الصحة فإنها تنبني على ملك الرقبة، وهو باق بعد الدين كما هو قبله فلما صح لزم المهر لأن وجوبه حكم من أحكام النكاح فقد وجب بسبب لا مرد له فشابه دين الاستهلاك، وصار كالمريض المديون إذا تزوج امرأة فلمهر مثلها أسوة الغرماء أراد بالأسوة المساواة في طلب الحق بأن تضرب هي في ثمن العبد بمهرها، ويضرب الغرماء فيه على قدر ديونهم وأشار بقوله في مهرها دون أن يقول في المهر إلى أن مساواتها لهم إنما هو فيما إذا كان المسمى قدر مهر المثل أو أقل أما إذا كان أكثر من مهر المثل فإنها تساويهم في قدره، والزائد عليه يطالب به بعد استيفاء الغرماء كدين الصحة مع دين المرض، وقد علم من كتاب المأذون أن الديون تتعلق بما في يده ورقبته فتوفى الديون منهما ومنه يعلم حكم حادثة وهي أن المأذون إذا مات، وفي يده كسبه وعليه مهر زوجته فظاهر كلامهم أن المهر يوفى من كسبه بعد موته كما يقضى الديون منه بعد موته وليس للمولى الاختصاص به كما صرح به في المحيط في مسألة الديون ولم يصرح بالمهر، وقد علم هنا أنه منها فلا فرق، وقد أجبت بذلك فما قدمناه عن التمرتاشي من أن المهر، والنفقة يسقطان بموت العبد محمول في المهر على العبد المحجور عليه أو المأذون الذي لم يترك كسبا كما لا يخفى، وفي تلخيص الجامع‏:‏ لو تزوج المأذون على رقبته بإذن المولى صح، والمرأة أسوة الغرماء قال الشارح‏:‏ يضرب مولاها معهم بقدر قيمة العبد بخلاف الخلع على رقبة المأذونة المديونة فإنه إن لم يفضل من ثمنها شيء تتبع به بعد العتق كما لو قتل عمدا فصالح المولى على رقبته ففي الخلع، والصلح عن دم العمد لا مشاركة للغرماء، وأما الجناية خطأ فإن فداه المولى أو الغريم فهو متطوع، وإن اتفقا على دفعه ملكه ولي الجناية مشغولا بدينه وللغرماء بيعه وأخذ ثمنه فلو فقأ مأذون مديون عين مثله فاختاروا دفعه انتقل نصف دين المفقوء إلى الفاقئ لكن إذا بيع الفاقئ للغرماء بدئ بدينه فإن فضل من ثمنه شيء قضي به نصف الدين المنتقل إليه من المفقوء وتمامه في التلخيص‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ومن زوج أمته لا يجب عليه تبوئتها فتخدمه ويطؤها الزوج إن ظفر‏)‏ لأن حق المولى في الاستخدام باق، والتبوئة إبطال له فلما لم تلزمه يقال للزوج استوف منافع البضع إذا قدرت لأن حقه ثابت فيها، وفي المحيط متى وجد فرصة وفراغها عن خدمة المولى ليلا أو نهارا يستمتع بها ا هـ‏.‏ وظاهره أنه لو وجدها مشغولة بخدمة المولى في مكان خال ليس له وطؤها وإنما يجوز له إذا لم تكن مشغولة بخدمة المولى ولم أره صريحا أطلق الأمة فشمل القنة، والمدبرة وأم الولد فالكل في هذا الحكم سواء ولا تدخل المكاتبة بقرينة قوله فتخدمه أي المولى لأن المكاتبة لا يملك المولى استخدامها فلذا تجب النفقة لها بدون التبوئة بخلاف غيرها فإنه إن بوأها منزلا مع الزوج وجبت النفقة وإلا فلا لأنها جزاء الاحتباس وأشار بإطلاق عدم وجوبها إلى أنه لو بوأها معه منزلا ثم بدا له أن يستخدمها له ذلك لأن الحق باق لبقاء الملك فلا يسقط بالتبوئة كما لا يسقط بالنكاح وإلى أنه لو شرط تبوئتها للزوج وقت العقد كان الشرط باطلا لا يمنعه من أن يستخدمها لأن المستحق للزوج ملك الحل لا غير لأن الشرط لو صح لا يخلو من أحد الأمرين إما أن يكون بطريق الإجارة أو الإعارة فلا يصح الأول لجهالة المدة وكذا الثاني لأن الإعارة لا يتعلق بها اللزوم فإن قلت‏:‏ ما الفرق بين هذا وبين أن يشترط الحر المتزوج بأمة رجل حرية أولاده حيث يلزم الشرط في هذه وتثبت حرية ما يأتي من الأولاد وهذا أيضا شرط لا يقتضيه نكاح الأمة فالجواب أن قبول المولى الشرط، والتزويج على اعتباره هو معنى تعليق الحرية بالولادة وتعليق ذلك صحيح وعند وجود التعليق فيما يصح يمتنع الرجوع عن مقتضاه فتثبت الحرية عند الولادة جبرا من غير اختيار بخلاف اشتراط التبوئة فإن بتعليقها لا تقع هي عند ثبوت الشرط بل يتوقف وجودها على فعل حسي اختياري من فاعل مختار فإذا امتنع لم يوجد فالحاصل أن المعلق هنا وعد يجب الإيفاء به غير أنه إن لم يف به لا يثبت متعلقه أعني نفس الموعود به كذا في فتح القدير ومقتضاه أن السيد لو مات قبل وضع الجارية المشترط حرية أولادها لا يكون الولد حرا وأن السيد لو باع هذه الجارية قبل الوضع يصح لأن المعلق قبل وجود شرطه عدم‏.‏ وقد ذكر هذين الحكمين في المبسوط في مسألة التعليق صريحا بقوله‏:‏ كل ولد تلدينه فهو حر فقال لو مات المولى وهي حبلى لم يعتق ما تلده لفقد الملك لانتقالها للورثة ولو باعها المولى وهي حبلى جاز بيعه فإن ولدت بعده لم يعتق ذكره في باب عتق ما في البطن إلا أن يفرق بين التعليق صريحا، والتعليق معنى ولم يظهر لي الآن وذكره في المحيط في باب عتق ما تلده الأمة وقال بعده‏:‏ ولو قال لعبد يملكه أو لا يملكه كل ولد يولد لك فهو حر فإن ولد له من أمة يملكها الحالف يوم حلف عتق إن ولدت في ملكه وإلا بطلت اليمين ا هـ‏.‏ وهذا أشبه بمسألتنا وقيد بالتبوئة لأن المولى إذا استوفى صداقها أمر أن يدخلها على زوجها، وإن لم يلزمه أن يبوئها كذا في المبسوط ولذا قال في المحيط لو باعها بحيث لا يقدر الزوج عليها سقط مهرها كما سيأتي في مسألة ما إذا قتلها، والتبوئة مصدر بوأته منزلا وبوأته له إذا أسكنته إياه‏.‏ وفي الاصطلاح على ما ذكره الخصاف‏:‏ أن يخلي المولى بين الأمة وزوجها ويدفعها إليه ولا يستخدمها أما إذا كانت هي تذهب وتجيء وتخدم مولاها لا تكون تبوئة وسيأتي تمامه في النفقات إن شاء الله تعالى‏.‏ وأن التحقيق أن العبرة لكونها في بيت الزوج ليلا ولا يضر الاستخدام نهارا وأشار المصنف إلى أن للمولى أن يسافر بها وليس للزوج منعه كما في الظهيرية‏.‏