فصل: أما الْأَحَادِيث:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: البدر المنير في تخريج الأحاديث والآثار الواقعة في الشرح الكبير



.الحديث الثَّامِن:

«أَن رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم تسابق هُوَ وَعَائِشَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها».
هَذَا الحَدِيث صَحِيح رَوَاهُ الشَّافِعِي فِي السّنَن المأثورة عَنهُ عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن هِشَام بن عُرْوَة، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها قَالَت: «سابقت رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم فسبقته، فَلَمَّا حملت اللَّحْم سابقته فَسَبَقَنِي، فَقَالَ: هَذِه بِتِلْكَ». وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيّ من حَدِيث أَبَى إِسْحَاق الْفَزارِيّ عَن هِشَام بن عُرْوَة، عَن أَبِيه، وَعَن أَبَى سَلمَة عَن عَائِشَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها «أَنَّهَا كَانَت مَعَ النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سفر فسابقني فسبقته عَلَى رجْلي، فَلَمَّا حملت اللَّحْم سابقته فَسَبَقَنِي، فَقَالَ: هَذِه بِتِلْكَ السبقة».
وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ فِي سنَنه من حَدِيث الْفَزارِيّ عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبَى سَلمَة عَنْهَا «أَنَّهَا كَانَت مَعَ النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سفر وَهِي جَارِيَة، فَقَالَ لأَصْحَابه: تقدمُوا. فتقدموا، ثمَّ قَالَ: تعالي أسابقك. فسابقته فسبقته عَلَى رجْلي، فَلَمَّا كَانَ بعد خرجت مَعَه فِي سفر فَقَالَ لأَصْحَابه: تقدمُوا. ثمَّ قَالَ: تعالي أسابقك. ونسيت الَّذِي كَانَ، وَقد حملت اللَّحْم فَقلت: كَيفَ أسابقك يَا رَسُول الله وَأَنا عَلَى هَذِه الْحَال؟! فَقَالَ: لتفعلن. فسابقته فَسَبَقَنِي، فَقَالَ: هَذِه بِتِلْكَ السبقة». وَرَوَاهُ أَيْضا من رِوَايَة هِشَام بن عُرْوَة، عَن رجل غير مُسَمَّى، عَن أبي سَلمَة، عَن عَائِشَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها وَرَوَاهُ ابْن مَاجَه من حَدِيث سُفْيَان، عَن هِشَام بن عُرْوَة، عَن أَبِيه، عَنْهَا قَالَت: «سابقني رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم فسبقته».
وَرَوَاهُ أَبُو حَاتِم بن حبَان فِي صَحِيحه أَيْضا من رِوَايَة هِشَام بن عُرْوَة، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها قَالَت: «سابقني النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم فسبقته، فلبثنا حَتَّى إِذا أرهقني اللَّحْم سابقني فَسَبَقَنِي، فَقَالَ: هَذِه بِتِلْكَ». وَفِي علل ابْن أبي حَاتِم عَن أبي زرْعَة أَنه قَالَ: رَوَى هَذَا الحَدِيث هِشَام بن عُرْوَة، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة، وَرَوَاهُ هِشَام، عَن رجل، عَن أبي سَلمَة، عَن عَائِشَة مَرْفُوعا قَالَ أَبُو زرْعَة: وَهَذَا أصح. وَأخرجه الْبَيْهَقِيّ من حَدِيث أبي إِسْحَاق الْفَزارِيّ، عَن هِشَام، عَن أَبِيه وَأبي سَلمَة، عَن عَائِشَة، قَالَ: وَرَوَاهُ أَبُو أُسَامَة، عَن هِشَام، عَن رجل، عَن أبي سَلمَة، عَن عَائِشَة، وَرَوَاهُ جرير، عَن هِشَام، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة.
قلت: وَكَذَا أخرجه الْأَئِمَّة: أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه، كَمَا تقدم، وَيَنْبَغِي أَن يكون هَذَا هُوَ الصَّوَاب؛ لِاجْتِمَاع عدَّة من الروَاة عَلَيْهِ لَا كَمَا قَالَ أَبُو زرْعَة، وَيحْتَمل أَنه سمع الحَدِيث من أَبِيه وَمن أبي سَلمَة.

.الحديث التَّاسِع:

«أَن رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم صارع ركَانَة عَلَى شِيَاه».
هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ فِي كتاب اللبَاس من سُنَنهمَا عَن قُتَيْبَة بن سعيد، عَن مُحَمَّد بن ربيعَة، عَن أبي الْحسن الْعَسْقَلَانِي، عَن أبي جَعْفَر بن مُحَمَّد بن ركَانَة، عَن أَبِيه «أَن ركَانَة صارع النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم فصرعه، قَالَ ركَانَة: وَسمعت النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: فرق مَا بَيْننَا وَبَين الْمُشْركين العمائم عَلَى القلانس» قَالَ التِّرْمِذِيّ: هَذَا حَدِيث غَرِيب، وَلَيْسَ إِسْنَاده بالقائم، وَلَا نَعْرِف أَبَا الْحسن وَلَا ابْن ركَانَة.
وَقَالَ النَّوَوِيّ: مُرْسل. وَقَالَ الذَّهَبِيّ فِي الكاشف: لَا يَصح. قَالَ الْحَافِظ جمال الدَّين الْمزي فِي الْأَطْرَاف: هَكَذَا رَوَاهُ أَبُو الْحسن بن العَبْد، وَغير وَاحِد عَن أبي دَاوُد بِمثل رِوَايَة التِّرْمِذِيّ، وَذكر أَبُو الْقَاسِم- يَعْنِي: ابْن عَسَاكِر- أَن أَبَا دَاوُد قَالَه عَن أبي جَعْفَر بن مُحَمَّد بن ركَانَة قَالَ: وَرَوَاهُ أَبُو الْحُسَيْن بن قَانِع فِي مُعْجَمه عَن أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن بن بشار النَّسَائِيّ، ومُوسَى بن هَارُون، عَن قُتَيْبَة، عَن مُحَمَّد بن ربيعَة، عَن أبي الْحسن، عَن مُحَمَّد بن يزِيد بن ركَانَة، عَن أَبِيه «أَن ركَانَة صارع رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم...» وَلم يذكر أَبَا جَعْفَر. هَذَا آخر كَلَام الْحَافِظ، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي مراسيله عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل عَن حَمَّاد بن سَلمَة عَن عَمْرو بن دِينَار عَن سعيد بن جُبَير «أَن رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ بالبطحاء فَأَتَى عَلَيْهِ يزِيد بن ركَانَة- أَو ركَانَة بن يزِيد- وَمَعَهُ أعنز لَهُ، فَقَالَ لَهُ: يَا مُحَمَّد، هَل لَك أَن تصارعني؟ فَقَالَ: مَا تسبقني؟ قَالَ: شَاة من غنمي. فصارعه النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم فصرعه، فَأخذ شَاة، فَقَالَ ركَانَة: هَل لَك فِي الْعود؟ قَالَ: مَا تسبقني. قَالَ: أُخْرَى. ذكر ذَلِك مرَارًا فَقَالَ: يَا مُحَمَّد، وَالله مَا وضع أحد جَنْبي إِلَى الأَرْض وَمَا أَنْت الَّذِي تصرعني! يَعْنِي: فَأسلم، فَرد عَلَيْهِ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم غنمه» قَالَ الْبَيْهَقِيّ: هَذَا مُرْسل قَالَ: وَقد رُوِيَ بِإِسْنَاد آخر مَوْصُولا إِلَّا أَنه ضَعِيف.
وَلَعَلَّه أَشَارَ إِلَى رِوَايَة أبي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ الَّتِي قدمناها أَو إِلَى رِوَايَة أبي بكر الشَّافِعِي؛ فَإِنَّهُ رَوَاهُ من رِوَايَة ابْن عَبَّاس قَالَ: «جَاءَ زيد بن ركَانَة إِلَى النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَعَهُ ثَلَاثمِائَة من الْغنم، فَقَالَ: يَا مُحَمَّد، هَل لَك أَن تصارعني قَالَ وَمَا تجْعَل لي إِن صرعتك؟ قَالَ: مائَة من غنمي. قَالَ: فصارعه النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم فصرعه، ثمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّد، هَل لَك فِي الْعود؟ قَالَ: وَمَا تجْعَل لي إِن صرعتك؟ قَالَ: مائَة أُخْرَى. قَالَ فصارعه فصرعه، ثمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّد، هَل لَك فِي الْعود؟ قَالَ: وَمَا تجْعَل لي؟ قَالَ: مائَة من الْغنم. قَالَ: فصارعه فصرعه، قَالَ: يَا مُحَمَّد، وَمَا وضع ظَهْري أحد عَلَى الأَرْض فَتلك، وَمَا كَانَ أحد أبْغض إِلَيّ مِنْك؛ فَأَنا أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَنَّك رَسُول الله. فَقَامَ عَنهُ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم ورد عَلَيْهِ غنمه». وَأخرجه أَبُو نعيم فِي كِتَابه معرفَة الصَّحَابَة من حَدِيث الْقَاسِم عَن أبي أُمَامَة مطولا وَفِيه: أَن واديه أجم يُقَال لَهُ: إضم، وَأَنه صارعه عَلَى عشرَة فصرعه، ثمَّ مثلهَا فصرعه. ثمَّ مثلهَا فصرعه. وَفِيه: أَنه دَعَا الشَّجَرَة ثمَّ ردهَا... وَفِي آخِره «فَقَالَ النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنِّي دَعَوْت رَبِّي فَأَعَانَنِي عَلَيْهِ، وَإِن رَبِّي أعانني عَلَيْهِ ببضع عشرَة وبقوة عشرَة».
فَائِدَتَانِ: أَحدهمَا: ركَانَة- بتَخْفِيف الْكَاف وَضم الرَّاء وبالنون- هُوَ ابْن عبد يزِيد بن هَاشم بن الْمطلب بن عبد منَاف بن قصي قرشي حجازي مكي مدنِي، أسلم يَوْم فتح مَكَّة هَذَا الَّذِي نعرفه، وَإِن كَانَ ظَاهر رِوَايَة أبي دَاوُد وَأبي بكر الشَّافِعِي يُخَالف ذَلِك، لَا جرم قَالَ الْحَافِظ شرف الدَّين الدمياطي فِي كتاب الْخَيل بعد أَن سَاق مثل رِوَايَة أبي دَاوُد عَن العسكري وَالصَّحِيح أَنه من مسلمة الْفَتْح-: وَلَيْسَ فِي الْأَسْمَاء ركَانَة غَيره. هَكَذَا قَالَه البُخَارِيّ وَابْن أبي حَاتِم وَغَيرهمَا، قَالَ الْحَافِظ عبد الْغَنِيّ: وَهَذَا الحَدِيث أمثل مَا رُوِيَ فِي مصارعة النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَما مَا رُوِيَ فِي مصارعته أَبَا جهل فَلَا أصل لَهُ، وركانة هَذَا هُوَ الَّذِي طلق امْرَأَته سهيمة أَلْبَتَّة، وَلَا أعرف لَهُ غير هذَيْن الْحَدِيثين.
الثَّانِيَة: وَقع فِي الْمُهَذّب للشَّيْخ أبي إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ فِي هَذَا الْبَاب «أنَّه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم صارع يزِيد بن ركَانَة» وَهُوَ مُوَافق لرِوَايَة أبي بكر السالفة، وَكَذَا رِوَايَة أبي دَاوُد، فَإِن فِيهَا يزِيد بن ركَانَة- أَو ركَانَة بن يزِيد- بِالشَّكِّ، لَكِن ركَانَة بن يزِيد هُوَ الْمَشْهُور؛ فَاشْتَدَّ إِنْكَار النَّوَوِيّ عَلَيْهِ فَقَالَ فِي التَّهْذِيب: إِن هَذَا مِنْهُ غلط لَا شكّ فِيهِ. وَلم يطلع عَلَى رِوَايَة أبي دَاوُد الَّتِي ذكرهَا فِي الْمَرَاسِيل.
فَائِدَة ثَالِثَة: هَذَا الحَدِيث يسْتَدلّ بِهِ من يجوز الْمُسَابقَة بالمصارعة بعوض، وَالْأَظْهَر عدم جَوَاز هَذَا لحَدِيث أبي هُرَيْرَة الْمُتَقَدّم، قَالَ الرَّافِعِيّ: وَيُجَاب عَن الحَدِيث بِأَنَّهُ كَانَ الْغَرَض فِي الْقِصَّة أَن يرِيه شدته ليسلم، فَلَمَّا أسلم رد عَلَيْهِ غنمه.

.الحديث العَاشِر:

عَن أبي هُرَيْرَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْه أَن رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: «من أَدخل فرسا بَين فرسين وَقد أَمن أَن يسبقهما فَهُوَ قمار، وَإِن لم يُؤمن أَن يسبقهما فَلَيْسَ بقمار».
هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَن مَحْمُود بن خَالِد، عَن الْوَلِيد بن مُسلم، عَن سعيد بن بشير، عَن الزُّهْرِيّ، عَن سعيد بن الْمسيب، عَن أبي هُرَيْرَة. وَعَن مُسَدّد، عَن حُصَيْن بن نمير، وَعَن عَلّي بن مُسلم، عَن عباد بن الْعَوام، عَن سُفْيَان بن حُسَيْن، عَن الزُّهْرِيّ، عَن سعيد، عَن أبي هُرَيْرَة. وَرَوَاهُ ابْن مَاجَه عَن أبي بكر بن أبي شيبَة وَمُحَمّد بن يَحْيَى، كِلَاهُمَا عَن يزِيد بن هَارُون عَن سُفْيَان بِهِ، وَرَوَاهُ أَحْمد عَن يزِيد ثَنَا سُفْيَان بِهِ، وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي أَصْغَر معاجمه عَن سعيد بن أَوْس الدِّمَشْقِي الإسكاف، عَن هِشَام بن خَالِد الْأَزْرَق، عَن الْوَلِيد بن مُسلم، عَن سعيد بن بشير، عَن قَتَادَة، عَن سعيد، عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا كَمَا سلف، ثمَّ قَالَ: لم يروه عَن قَتَادَة إِلَّا سعيد، وَلَا عَنهُ إِلَّا الْوَلِيد، تفرد بِهِ هِشَام بن خَالِد.
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ من طريقي أبي دَاوُد ثمَّ قَالَ: تفرد بِهِ سُفْيَان بن حُسَيْن وَسَعِيد بن بشير.
وَرَوَاهُ شَيْخه الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه ثمَّ قَالَ: هَذَا حَدِيث صَحِيح الْإِسْنَاد، فَإِن خَ وم وَإِن لم يخرجَا حَدِيث سعيد بن بشير وسُفْيَان بن حُسَيْن فهما إمامان بِالشَّام وَالْعراق، وَمِمَّنْ يجمع حَدِيثهمَا. قَالَ: وَالَّذِي عِنْدِي أَنَّهُمَا اعتمدا حَدِيث معمر عَلَى الْإِرْسَال؛ فَإِنَّهُ أرْسلهُ عَن الزُّهْرِيّ.
وَأقر الْبَيْهَقِيّ فِي خلافياته مقَالَة الْحَاكِم فِي أَنه حَدِيث صَحِيح الْإِسْنَاد، وَسَعِيد بن بشير حَافظ وَثَّقَهُ شُعْبَة ودحيم وسُفْيَان بن عُيَيْنَة، تكلم فِيهِ غَيره، وسُفْيَان بن حُسَيْن صَدُوق تكلم فِيهِ وَاسْتشْهدَ بِهِ خَ وَذكره م فِي مُقَدّمَة صَحِيحه وَصحح التِّرْمِذِيّ حَدِيثه عَن يُونُس بن عبيد عَن عَطاء عَن جَابر «أَنه عَلَيْهِ السَّلَام نهَى عَن المحاقلة والمزابنة وَالْمُخَابَرَة والثُّنْيَا إِلَّا أَن تعلم» وَقَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين فِي الْإِلْمَام بعد أَن رَوَاهُ: سُفْيَان هَذَا ثِقَة أخرج لَهُ مُسلم، إِلَّا أَنه قد استضعف فِي حَدِيث الزُّهْرِيّ. وَقَالَ أَبُو دَاوُد فِي سنَنه رَوَى هَذَا الحَدِيث: معمر وَشُعَيْب وَعقيل، عَن الزُّهْرِيّ، عَن رجال من أهل الْعلم. ثمَّ قَالَ أَبُو دَاوُد: وَهَذَا أصح عندنَا.
قَالَ ابْن الْقطَّان: هَذَا الَّذِي قَالَه أَبُو دَاوُد من أَن وقف هَذَا الحَدِيث هُوَ الْأَصَح عِنْده لَيْسَ بعلة فِي الْحَقِيقَة لَو كَانَ سُفْيَان وَسَعِيد رافعاه ثقتين؛ إِذْ لَا بعد أَن يكون فِي الْخَبَر عِنْد الزُّهْرِيّ عَن ابْن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا، وَعَن رجال من أهل الْعلم ذَهَبُوا إِلَيْهِ ورأوه رَأيا لأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا الشَّأْن فِي سُفْيَان وَسَعِيد. وَصَححهُ أَيْضا أَبُو مُحَمَّد بن حزم كَمَا صَححهُ الْحَاكِم وَأعله جماعات بِالْوَقْفِ، قَالَ ابْن أبي حَاتِم فِي علله: سَأَلت أبي عَنهُ فَقَالَ: هَذَا خطأ لم يعْمل سُفْيَان بن حُسَيْن شَيْئا لاشتبه أَن يكون عَن رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأحسن أَحْوَاله أَن يكون عَن سعيد بن الْمسيب قَوْله، وَقد رَوَاهُ يَحْيَى بن سعيد- يَعْنِي: الْأنْصَارِيّ- عَن سعيد قَوْله. وَقَالَ أَبُو عبيد الْقَاسِم بن سَلام: هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ سُفْيَان مَرْفُوعا وَغَيره لَا يرفعهُ. وَقَالَ ابْن أبي خَيْثَمَة: سَأَلت ابْن معِين فَقَالَ: بَاطِل. وَخط عَلَى أبي هُرَيْرَة، وَرجح ابْن عبد الْبر أَيْضا وَقفه عَلَى سعيد، وَرَوَاهُ أَبُو نعيم فِي الْحِلْية مُخْتَصرا من طَرِيق أبي دَاوُد الأولَى، لكنه قَالَ بدل «سعيد بن بشير»: «سعيد بن عبد الْعَزِيز» عَن الزُّهْرِيّ بِهِ. ثمَّ قَالَ: غَرِيب من حَدِيث سعيد تفرد بِهِ الْوَلِيد.

.الحديث الحَادِي عشر:

«رُوِيَ أنَّه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم سَابق بَين الْخَيل، وَجعل بَينهمَا سبقًا».
هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ أَبُو حَاتِم بن حبَان فِي صَحِيحه عَن الْحسن بن سُفْيَان، ثَنَا إِبْرَاهِيم بن الْمُنْذر الْحزَامِي، ثَنَا عبد الله بن نَافِع، عَن عَاصِم بن عمر، عَن عبد الله بن دِينَار، عَن ابْن عمر «أَن رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم سَابق بَين الْخَيل وَجعل بَينهمَا سبقا وَجعل بَينهمَا محللاً وَقَالَ: لَا سبق إِلَّا فِي حافر أَو نصل» وَعَاصِم هَذَا قد صحّح ابْن حبَان حَدِيثه كَمَا ترَى، وَذكره فِي ثقاته وَقَالَ: يُخطئ وَيُخَالف.
وَذكره فِي الضُّعَفَاء وَقَالَ: لَا يجوز الِاحْتِجَاج بِهِ.
فَخَالف كَلَامه فِي ثقاته وَقَالَ: يُخطئ وَيُخَالف. وَذكره الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين فِي الْإِلْمَام وَلم يعقبه بِتَضْعِيف، وَقَالَ القَاضِي أَبُو بكر أَحْمد بن عَمْرو بن أبي عَاصِم النَّبِيل فِي كتاب الْجِهَاد فَقَالَ: ثَنَا عبد الله بن كاسب، ثَنَا عبد الله بن نَافِع، عَن عَاصِم بن عمر، عَن عبد الله بن دِينَار، عَن ابْن عمر «أَن النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم سبق بَين الْخَيل، وَجعل بَينهمَا محللاً» وَقَالَ قبيله: ثَنَا يَعْقُوب بن حميد، ثَنَا عبد الله بن نَافِع، عَن عَاصِم بن عمر، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر «أَنه عَلَيْهِ السَّلَام سَابق بَين الْخَيل، وَجعل بَينهمَا سبقًا» قَالَ أَبُو مُوسَى: عَن معمر، عَن ابْن الْمُبَارك، عَن عبيد الله، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر «أَن النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم سبق بَين الْخَيل وراهن» وَرَوَاهُ الْجَلِيّ فِي كتاب فرق الفروسية من حَدِيث عبد الله بن دِينَار أَيْضا عَن ابْن عمر «أَن رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم سَابق بَين الْخَيل وَجعل بَينهمَا محللاً، وَقَالَ: لَا سبق إِلَّا فِي خف أَو نصل» وَرَوَى فِيهِ أَيْضا من حَدِيث عبد الله، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر «أَنه عَلَيْهِ السَّلَام سَابق بَين الْخَيل...» فَذكره بِمثلِهِ، وَرَوَى فِيهِ أَيْضا بِهَذَا السَّنَد «أَنه عَلَيْهِ السَّلَام سَابق بَين الْخَيل وراهن» وَهَذَا أخرجه أَحْمد فِي مُسْنده.

.الحديث الثَّانِي عشر:

قَالَ الرَّافِعِيّ: إِذا سبق أحرز مَا أخرج وَلَا شَيْء لَهُ عَلَى الآخر، وَإِن سبق الآخر أَخذ مَا أخرج الأول جَازَ؛ لما رُوِيَ «أَن النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم مر بحزبين من الْأَنْصَار يتناضلون وَقد سبق أَحدهمَا الآخر، فأقرهما عَلَى ذَلِك» وَعَن مَالك أَنه لَا يجوز، لِأَنَّهُ قمار، وَأجَاب الْأَصْحَاب بِأَن الْقمَار أَن يكون كل وَاحِد مِنْهُمَا مترددًا بَين أَن يغنم وَيغرم، وليسا أَولا أحد مِنْهُمَا كَذَلِك، أما الْمخْرج فَإِنَّهُ يتَرَدَّد بَين أَن يغرم وَبَين أَن لَا يغرم وَلَا يغنم بِحَال وَأما الآخر فمتردد بَين أَن يغنم وَبَين أَن لَا يغنم وَلَا يغرم بِحَال. هَذَا آخر كَلَام الرَّافِعِيّ.
وَهَذَا الحَدِيث لَا أعلم من خرجه وَلَا دلَالَة فِيهِ للْمُدَّعِي.

.الحديث الثَّالِث عشر:

قَالَ الرَّافِعِيّ- رَحِمَهُ اللَّهُ- وَإِن ذكرا غَايَة لَا يصبهَا السهْم بَطَل العقد، وَإِن كَانَت الْإِصَابَة فِيهَا نادرة فَفِيهِ الْوَجْهَانِ وَالْقَوْلَان فِي الشُّرُوط النادرة، وَقدر الْأَصْحَاب الْمسَافَة الَّتِي تقرب بِموضع الْإِصَابَة فِيهَا بمائتين وَخمسين ذِرَاعا، وَقد رُوِيَ عَن بعض أَصْحَاب النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قيل لَهُ: كَيفَ كُنْتُم تقاتلون الْعَدو؟ فَقَالَ: إِذا كَانُوا عَلَى مِائَتَيْنِ وَخمسين ذِرَاعا قاتلناهم بِالْحِجَارَةِ، وَإِذا كَانُوا عَلَى أقل من ذَلِك قاتلناهم بِالسَّيْفِ. قَالَ: وقدروا الْمسَافَة الَّتِي يتَعَذَّر فِيهِ الْإِصَابَة بِمَا زَاد عَلَى ثَلَاثمِائَة وَخمسين، وَرووا أَنه لم يرم إِلَى أَرْبَعمِائَة إِلَّا عقبَة بن عَامر الْجُهَنِيّ، وَجعلُوا مَا بَين المقدارين فِي حد النَّادِر. هَذَا كَلَام الرَّافِعِيّ.
وَأخرج الحَدِيث الْمَذْكُور بِنَحْوِهِ وَالطَّبَرَانِيّ فِي أكبر معاجمه عَن أَحْمد بن مابهرام الإيذجي ثَنَا إِسْحَاق بن زيد الْقطَّان الْأَيْلِي، ثَنَا يَعْقُوب بن محمدٍ ثَنَا عَاصِم بن سُوَيْد، ثَنَا مُحَمَّد بن الْحجَّاج، عَن حُسَيْن بن السَّائِب بن أبي لبَابَة، ثَنَا أبي، عَن أَبِيه قَالَ: «قَالَ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم بدر: كَيفَ تقاتلون الْقَوْم إِذا لقيتموهم؟ فَقَامَ عَاصِم بن ثَابت فَقَالَ: يَا رَسُول الله، إِذا كَانَ الْقَوْم منا حَيْثُ ينالهم النبل كَانَت المراماة بِالنَّبلِ، فَإِذا اقتربوا حَتَّى ينالنا وإياهم الْحِجَارَة كَانَت المراضخة بِالْحِجَارَةِ فَأخذ ثَلَاثَة أَحْجَار: حجرا فِي يَده، وحجرين فِي حجزته، فَإِذا اقتربوا حَتَّى ينالنا وإياهم الرماح كَانَت المداعسة بِالرِّمَاحِ فَإِذا انْقَضتْ الرماح كَانَت الجلاد بِالسُّيُوفِ. فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم: بِهَذَا أنزلت الْحَرْب، من قَاتل فَيُقَاتل قتال عَاصِم».
قلت: وَعَاصِم بن ثَابت هَذَا هُوَ ابْن أبي الأقلح- بِالْقَافِ لَا بِالْفَاءِ- كَمَا ورد فِي معرفَة الصَّحَابَة لأبي نعيم، فَإِنَّهُ سَاقه كَذَلِك، وَهَذَا سياقته: ثَنَا أَبُو عَمْرو بن حمدَان، ثَنَا الْحسن بن سُفْيَان، ثَنَا مُحَمَّد بن الصَّباح، ثَنَا عَاصِم بن سُوَيْد، حَدثنِي رِفَاعَة بن الْحجَّاج الْأنْصَارِيّ، عَن أَبِيه، عَن حُسَيْن بن السَّائِب قَالَ: «لما كَانَ لَيْلَة الْعقبَة- أَو لَيْلَة الْبَدْر- قَالَ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم لمن مَعَه: كَيفَ تقاتلون؟ فَقَامَ عَاصِم بن ثَابت بن الأقلح، فَأخذ الْقوس وَأخذ النبل فَقَالَ: أَي رَسُول الله، إِذا كَانَ الْقَوْم قَرِيبا من مِائَتي ذِرَاع أَو نَحْو ذَلِك كَانَ الرَّمْي بالقسي، وَإِذا دنا الْقَوْم حَتَّى تنالنا وتنالهم الْحِجَارَة كَانَت المراضخة بِالْحِجَارَةِ، فَإِذا دنا الْقَوْم حَتَّى تنالنا وتنالهم الرماح كَانَت المداعسة بِالرِّمَاحِ حَتَّى تتقصف فَإِذا تقصفت وَضعنَا وَأخذ السَّيْف فتقلد واستُل السَّيْف، وَكَانَت السلَّة والمجالدة بِالسُّيُوفِ. قَالَ: فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم: بِهَذَا أنزلت الْحَرْب، من قَاتل فليقاتل قتال عَاصِم».

.الحديث الرَّابِع عشر:

رُوِيَ أنَّه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: «مَا بَين الهدفين رَوْضَة من رياض الْجنَّة».
هَذَا الحَدِيث غَرِيب بِاللَّفْظِ الْمَذْكُور وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ عَن أبي الزبير، عَن جَابر بن عبد الله أَن النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: «وَجَبت محبتي عَلَى من سَعَى بَين الغرضين بقوسي لَا بقوس كسْرَى». وَرَوَاهُ أَيْضا من رِوَايَة عَطاء بن أبي رَبَاح قَالَ: «رَأَيْت جَابر بن عبد الله وَجَابِر بن عُمَيْر الأنصاريين يرميان فملَّ أَحدهمَا فَجَلَسَ، فَقَالَ لَهُ صَاحبه! أجلست أما سَمِعت رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: كل شَيْء لَيْسَ من ذكر الله فَهُوَ سَهْو وَلَهو إِلَّا أَربع: مشي الرجل بَين الغرضين، وتأديبه فرسه، وتعلمه السباحة، وملاعبته أَهله».

.الحديث الخَامِس عشر:

«أنَّه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم مر بحزبين من الْأَنْصَار يتناضلون، فَقَالَ: أَنا من الحزب الَّذِي فِيهِ ابْن الأدرع».
هَذَا الحَدِيث بِعَيْنِه مَرْوِيّ من طَرِيقين فِي أَحدهمَا عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: «خرج رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقوم من أسلم يرْمونَ، فَقَالَ: ارموا بني أسلم فَإِن أَبَاكُم كَانَ راميًا، ارموا وَأَنا مَعَ ابْن الأدرع. فَأمْسك الْقَوْم رميهم فَقَالُوا: يَا رَسُول الله، من كنت مَعَه غلب. قَالَ: ارموا وَأَنا مَعَ كلكُمْ». رَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه، وَالْحَاكِم وَقَالَ: إِنَّه صَحِيح عَلَى شَرط مُسلم. وَفِي الطَّرِيق الثَّانِي عَن مُحَمَّد بن إِيَاس بن سَلمَة بن الْأَكْوَع، عَن أَبِيه عَن جده «أَن رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم مر عَلَى نَاس من أسلم يتناضلون، فَقَالَ: حسن هَذَا اللَّهْو- مرَّتَيْنِ- ارموا فَإِنَّهُ كَانَ لكم أَب يَرْمِي، ارموا وَأَنا مَعَ ابْن الأدرع. فَأمْسك الْقَوْم أَيْديهم، فَقَالَ: مَا لكم؟ فَقَالُوا: لَا وَالله لَا نرمي وَأَنت مَعَه يَا رَسُول الله، إِذا ينضلنا. فَقَالَ رَسُول الله: ارموا وَأَنا مَعكُمْ جَمِيعًا. قَالَ: فرموا عَامَّة يومهم، ثمَّ تفَرقُوا عَلَى السوَاء مَا نضل بَعضهم بَعْضًا». رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ وَالْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد. وَرَوَاهُ بِنَحْوِهِ أَبُو حَاتِم بن حبَان فِي صَحِيحه من طَرِيقين، وَلم أر فِي طَرِيق من طرق هَذَا الحَدِيث وَلَا غَيره «أَنه عَلَيْهِ السَّلَام مر بحزبين من الْأَنْصَار» وَإِنَّمَا فِيهَا «أَنه مر بِقوم من أسلم» وَفِي بَعْضهَا «بِنَفر من أسلم» وَابْن الأدرع صَحَابِيّ نزل الْبَصْرَة واختط مَسْجِدهَا، واسْمه: محجن وَاسم الأدرع: سَلمَة بن ذكْوَان، والأدرع بِفَتْح الْهمزَة، وَإِسْكَان الدَّال وَفتح الرَّاء وبالعين المهملات.

.الحديث السَّادِس عشر:

أنَّه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: «لَا جلب وَلَا جنب فِي الرِّهَان».
هَذَا الحَدِيث تقدم بَيَانه وَاضحا فِي بَاب أَدَاء الزَّكَاة وتعجيلها وَهُوَ الحَدِيث الْخَامِس مِنْهُ وَمِمَّا لم يقدمهُ هُنَاكَ أَن الْحَافِظ إِبْرَاهِيم بن يَعْقُوب الْجوزجَاني رَوَى هَذَا الحَدِيث من رِوَايَة أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: «لَا جلب وَلَا جنب وَإِذا لم يدْخل المراهنان فرسا يَسْتَبِقَانِ عَلَى السهْم فِيهِ فَهُوَ حرَام» وَفِي إِسْنَاده مَجْهُول وَرَوَاهُ القَاضِي أَبُو بكر أَحْمد بن عَمْرو بن أبي عَاصِم النَّبِيل عَن رجل من ولد الْحَارِث بن هِشَام عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا «لَا جنب وَلَا جلب وَإِذا أَدخل المرتهنان فرسا يَسْتَبِقَانِ عَلَى سَيْفه فَهُوَ حرَام».

.الحديث السَّابِع عشر:

رُوِيَ أنَّه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: «من أجلب عَلَى الْخَيل يَوْم الرِّهَان فَلَيْسَ منا».
هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي أكبر معاجمه من حَدِيث ضرار بن صرد- وَهُوَ أَبُو نعيم- ثَنَا عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد، عَن ثَوْر بن زيد، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم «من جلب عَلَى الْخَيل يَوْم الرِّهَان فَلَيْسَ منا» وَضِرَار هَذَا كذبه ابْن معِين وَقَالَ البُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ: مَتْرُوك. وَقَالَ أَبُو حَاتِم: صَدُوق صَاحب قُرْآن وفرائض وَلَا يحْتَج بِهِ، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ وَغَيره: ضَعِيف. وَرَوَاهُ ابْن أبي عَاصِم السالف عَن أبي شُعَيْب صَالح بن دِينَار السُّوسِي، ثَنَا مُوسَى بن دَاوُد، ثَنَا عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد عَن ثَوْر بن زيد الديلِي عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم: «من أجلب عَلَى الْخَيل يَوْم الرِّهَان فَلَيْسَ منا». انْتَهَى الْكَلَام عَلَى أَحَادِيث الْبَاب.

.وَأما آثاره:

عَن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه أَنه قَالَ: «علمُوا أَوْلَادكُم الرَّمْي وَالْمَشْي بَين الغرضين».
وَلَا أعلم من رَوَاهُ عَنهُ هَكَذَا، وَالَّذِي رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ عَنهُ أَنه كتب إِلَى أبي عُبَيْدَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما: «أَن علمُوا غِلْمَانكُمْ العوم، ومقاتلتكم الرَّمْي. قَالَ: وَكَانُوا يَخْتَلِفُونَ بَين الْأَغْرَاض، فجَاء سهم غرب فَأصَاب غُلَاما فَقتله» وَهَكَذَا هُوَ فِي مُسْند أَحْمد، وَرَوَى الْبَيْهَقِيّ من رِوَايَة عِيسَى بن إِبْرَاهِيم، عَن الزُّهْرِيّ، عَن أبي سُلَيْمَان مولَى أبي رَافع، عَن أبي رَافع قَالَ: «قلت: يَا رَسُول الله أللولد علينا حق كحقنا عَلَيْهِم؟ قَالَ: نعم، حق الْوَلَد عَلَى الْوَالِد، أَن يُعلمهُ الْكِتَابَة والسباحة وَالرَّمْي وَأَن يورثه طيبا» قَالَ الْبَيْهَقِيّ: هَذَا حَدِيث ضَعِيف، عِيسَى بن إِبْرَاهِيم الْهَاشِمِي هَذَا من شُيُوخ بَقِيَّة، مُنكر الحَدِيث ضعفه يَحْيَى بن معِين وَالْبُخَارِيّ وَغَيرهمَا.
قَالَ الرَّافِعِيّ: وَيروَى «الرَّمْي بَين الغرضين» عَن عقبَة وَابْن عمر وَأنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهم.
قلت: أثر عقبَة أخرجه مُسلم فِي أَفْرَاده من حَدِيث الْحَارِث بن يَعْقُوب، عَن عبد الرَّحْمَن بن شماسَة أَن فقيمًا اللَّخْمِيّ قَالَ لعقبة بن عَامر: تخْتَلف بَين هذَيْن الغرضين وَأَنت كَبِير يشق عَلَيْك ذَلِك! فَقَالَ عقبَة: لَوْلَا كَلَام سمعته من رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم لم أَعَانَهُ. قَالَ الْحَارِث: فَقلت لِابْنِ شماسَة: وَمَا ذَلِك قَالَ: إِنَّه قَالَ «من علم الرَّمْي ثمَّ تَركه فَلَيْسَ منا- أَو قد عَصَانِي» وَفِي الطَّبَرَانِيّ الْكَبِير بِسَنَد جيد عَن مُجَاهِد قَالَ: «رَأَيْت ابْن عمر يشْتَد بَين الغرضين وَيَقُول: إِنِّي بهَا» ثمَّ أخرج بِسَنَدِهِ عَن أبي الدَّرْدَاء مَرْفُوعا: «من مَشَى بَين الغرضين كَانَ لَهُ بِكُل خطْوَة حَسَنَة» وَفِي النَّسَائِيّ فِي عشرَة النِّسَاء من حَدِيث عَطاء بن أبي رَبَاح قَالَ: رَأَيْت جَابر بن عبد الله وَجَابِر بن عُمَيْر الْأنْصَارِيّ يرميان، فمل أَحدهمَا فَجَلَسَ، فَقَالَ الآخر: كسلت!: سَمِعت رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: «كل شَيْء لَيْسَ من ذكر الله فَهُوَ لَغْو وسهو إِلَّا أَربع خِصَال: مشي الرجل بَين الغرضين، وتأديب فرسه، وملاعبته أَهله، وَتَعْلِيم السباحة».

.كتاب الْأَيْمَان:

كتاب الْأَيْمَان:
ذكر فِيهِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَحَادِيث وآثارًا:

.أما الْأَحَادِيث:

فستة وَعِشْرُونَ حَدِيثا:

.الحديث الأول:

أنَّه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: «وَالله لأغزون قُريْشًا» وَفِي رِوَايَة «قَالَ ذَلِك» وَفِي رِوَايَة «قَالَ ذَلِك ثَلَاثًا»- ثمَّ قَالَ فِي الثَّالِثَة: «إِن شَاءَ الله».
هَذَا الحَدِيث كَرَّرَه الرَّافِعِيّ فِي الْبَاب، وَهُوَ حَدِيث صَحِيح رَوَاهُ أَبُو دَاوُد من رِوَايَة عِكْرِمَة أَن رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: «وَالله لأغزون قُريْشًا قَالَهَا ثَلَاثًا، ثمَّ قَالَ إِن شَاءَ الله» وَذكر أَبُو دَاوُد فِي سنَنه وَابْن حبَان فِي غير صَحِيحه أَنه أسْندهُ غير وَاحِد عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس، وَأخرجه فِي صَحِيحه من حَدِيث معمر عَن سماك، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس رَفعه... فَذكره بِمثلِهِ سَوَاء إِلَّا أَنه قَالَ فِي آخِره: «ثمَّ سكت فَقَالَ: إِن شَاءَ الله» وَفِي رِوَايَة لأبي دَاوُد عَن عِكْرِمَة- يرفعهُ- أَنه قَالَ: «وَالله لأغزون قُريْشًا. ثمَّ قَالَ: إِن شَاءَ الله ثمَّ قَالَ: وَالله لأغزون قُريْشًا إِن شَاءَ الله. ثمَّ قَالَ: وَالله لأغزون قُريْشًا. ثمَّ سكت، ثمَّ قَالَ: إِن شَاءَ الله» زَاد فِيهِ بعض الروَاة: «ثمَّ لم يغزهم» وَذكره الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه من هَذِه الطّرق، وَقَالَ ابْن أبي حَاتِم فِي: علله: سَأَلت أبي عَنهُ فَقَالَ: الْأَشْبَه إرْسَاله.
وَكَذَا قَالَ عبد الْحق: الصَّحِيح أَنه مُرْسل وَأَن الرِّوَايَة الموصولة ضَعِيفَة؛ لِأَن فِيهَا عبد الْوَاحِد بن صَفْوَان عَن عِكْرِمَة، وَهُوَ لَيْسَ حَدِيثه بِشَيْء.
قَالَ الْبَيْهَقِيّ: يحْتَمل أَن يكون النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن صَحَّ هَذَا عَنهُ- يَعْنِي حَدِيث عِكْرِمَة الْأَخير- لم يقْصد رد الِاسْتِثْنَاء إِلَى الْيَمين، وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِك امتثالاً لكتابه. وَأخرجه ابْن حبَان فِي تَارِيخه الضُّعَفَاء من حَدِيث مُحَمَّد بن إِسْحَاق الْبَلْخِي، ثَنَا سُفْيَان، عَن أَيُّوب، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر- رَفعه- وَقَالَ فِي الثَّالِثَة: «إِن شَاءَ الله» ثمَّ قَالَ: مُحَمَّد بن إِسْحَاق الْبَلْخِي يروي المقلوبات عَن الثِّقَات بِمَا لَا يشبه حَدِيث الْأَثْبَات كَأَنَّهُ كالمتعمد، لَا يكْتب حَدِيثه إِلَّا للاعتبار. وَقَالَ: لَيْسَ هُوَ من حَدِيث ابْن عُيَيْنَة، وَهَذَا شَيْء رَوَاهُ مسعر وَشريك عَن سماك، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس، أَرْسلَاهُ مرّة ورفعا أُخْرَى. وَقَالَ الْخَطِيب الْبَغْدَادِيّ: مُحَمَّد هَذَا لم يكن يوثق فِي علمه، كَانَ قُتَيْبَة يذكرهُ بِأَسْوَأ الذّكر وَيَقُول: حدثت أَنه شتم أَمِير الْمُؤمنِينَ بِالْكُوفَةِ فَطلب فهرب.

.الحديث الثَّانِي:

عَن ابْن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما «أَن النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ كثيرا مَا يحلف فَيَقُول: لَا ومقلب الْقُلُوب».
هَذَا الحَدِيث صَحِيح رَوَاهُ البُخَارِيّ وَلَفظه: «أَكثر مَا كَانَ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم يحلف: لَا ومقلب الْقُلُوب» وأرسله مَالك قَالَ: بَلغنِي أَن رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول: «لَا ومقلب الْقُلُوب» وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ مُسْندًا، وَلَفظه الْأَوَّلين «كثيرا مَا كَانَ يحلف بِهَذِهِ الْيَمين: لَا ومقلب الْقُلُوب» وَفِي رِوَايَة لأبي دَاوُد: «أَكثر مَا كَانَ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم يحلف بِهَذِهِ الْيَمين: لَا ومقلب الْقُلُوب». وَلَفظ النَّسَائِيّ «كَانَت يَمِين يحلف عَلَيْهَا رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا ومقلب الْقُلُوب» وَفِي رِوَايَة لَهُ «كَانَت يَمِين رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم الَّتِي يحلف بهَا لَا ومصرف الْقُلُوب». وَفِي رِوَايَة لِابْنِ مَاجَه «كَانَت أَكثر أَيْمَان النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا ومصرف الْقُلُوب».