فصل: أَحدهَا:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: البدر المنير في تخريج الأحاديث والآثار الواقعة في الشرح الكبير



.الحديث الثَّامِن:

«أَن امْرَأَة أَتَت النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَت: يَا رَسُول الله، وهبت نَفسِي لَك. وَقَامَت قيَاما طَويلا فَقَامَ رجل، فَقَالَ: يَا رَسُول الله زوجنيها إِن لم يكن لَك بهَا حَاجَة. فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم: هَل عنْدك من شَيْء تصدقها إِيَّاه؟ فَقَالَ: مَا عِنْدِي إِلَّا إزَارِي هَذَا. فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن أعطيتهَا إزارك جَلَست ولَا إِزَار لَك التمس وَلَو خَاتمًا من حَدِيد. فَلم يجد شَيْئا، فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم: هَل مَعَك من الْقُرْآن شَيْء. قَالَ: نعم سُورَة كَذَا وَكَذَا لسور سَمَّاهَا. فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم: زوجتكها بِمَا مَعَك من الْقُرْآن».
هَذَا الحَدِيث صَحِيح أخرجه الشَّيْخَانِ فِي صَحِيحَيْهِمَا من حَدِيث أبي سعيد سهل بن سعد السَّاعِدِيّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه وَأما حَدِيث سعيد بن مَنْصُور، ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة، ثَنَا أَبُو عرْفجَة الفائشي، عَن أبي النُّعْمَان الْأَزْدِيّ، قَالَ: «زوَّج رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم امْرَأَة عَلَى سُورَة من الْقُرْآن، ثمَّ قَالَ: لَا يكون مهْرا لأحد من بعْدك» وَهَذَا مَعَ إرْسَاله فِيهِ مَجْهُولَانِ: أَبُو عرْفجَة، وَأَبُو النُّعْمَان، كَمَا نبه عَلَيْهِ عبد الْحق.
هَذَا آخر الْكَلَام عَلَى أَحَادِيث الْبَاب.

.وَأما آثاره:

فسبعة:

.أَحدهَا:

عَن ابْن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه أَنه قَالَ: «فلهَا عقر نسائها» وَهَذَا الْأَثر ذكره الرَّافِعِيّ دَلِيلا عَلَى أَن الْعقر اسْم من أَسمَاء الصَدَاق.

.الْأَثر الثَّانِي وَالثَّالِث:

عَن ابْن مَسْعُود، وَابْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما «أَنَّهُمَا قَالَا فِيمَن خلا بِامْرَأَة وَلم يحصل وَطْء: لَهَا نصف الصَدَاق».
وَهَذَانِ الأثران أخرجهُمَا الْبَيْهَقِيّ.
أما الأول: فَمن حَدِيث الشّعبِيّ عَنهُ أَنه قَالَ: «لَهَا نصف الصَدَاق وَإِن جلس بَين رِجْلَيْهَا» ثمَّ قَالَ: فِيهِ انْقِطَاع بَين الشّعبِيّ وَابْن مَسْعُود.
وَأما الثَّانِي: فَمن حَدِيث الشَّافِعِي، عَن مُسلم بن خَالِد، عَن ابْن جريج، عَن لَيْث، عَن طَاوس عَنهُ أَنه قَالَ فِي الرجل يُزَوّج الْمَرْأَة يَخْلُو بهَا وَلَا يَمَسهَا ثمَّ يطلقهَا: لَيْسَ لَهَا إِلَّا نصف الصَدَاق لِأَن الله تَعَالَى يَقُول: {وَإِن طَّلقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْل أَن تَمسُّوهُنَّ وَقد فَرَضَّتُمْ لَهُنَّ فَرِيضةً فَنصف مَا فرضتم} وَلَيْثُ هَذَا هُوَ ابْن أَبي سُلَيْم، وَرَوَاهُ سعيد بن مَنْصُور من هَذَا الْوَجْه بِلَفْظ: «لَا يجب الصَدَاق وافيًا حَتَّى يُجَامِعهَا». وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق عَلّي بن أبي طَلْحَة عَنهُ، وَهُوَ ضَعِيف مُنْقَطع.

.الْأَثر الرَّابِع وَالْخَامِس:

عَن عمر، وَعلي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما أَنَّهُمَا قَالَا: «إِذا أغلق بَابا وأرخى سترا فلهَا الصَدَاق كَامِلا، وَعَلَيْهَا الْعدة».
وَهَذَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ من رِوَايَة الْأَحْنَف بن قيس عَنْهُمَا، ثمَّ قَالَ: وَهَذَا مُنْقَطع فَإِنَّهُ لم يدركهما. وَفِي الْمُوَطَّأ عَن يَحْيَى بن سعيد، عَن ابْن الْمسيب «أَن عمر قَالَ فِي الْمَرْأَة يَتَزَوَّجهَا الرجل أَنَّهَا إِذا أرخت الستور فقد وَجب الصَدَاق».
وَرَوَى عبد الرَّزَّاق فِي مُصَنفه عَن يَحْيَى بن أبي كثير، عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف، عَن أبي هُرَيْرَة، قَالَ: قَالَ عمر بن الْخطاب «إِذا أرخيت الستور وغلقت الْأَبْوَاب؛ فقد وَجب الصَدَاق».
وَرَوَى أَبُو عبيد الْقَاسِم بن سَلام، عَن إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم، عَن عَوْف بن أبي جميلَة، عَن زُرَارَة بن أَوْفَى قَالَ: «قَضَى الْخُلَفَاء الراشدون المهديون أَنه إِذا أغلق الْبَاب وأرخى السّتْر فقد وَجب الصَدَاق».
وَرَوَى أَبُو عبيد أَيْضا من حَدِيث وَكِيع، عَن مُوسَى بن عُبَيْدَة، عَن نَافِع بن جُبَير، قَالَ: «كَانَ أَصْحَاب رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُولُونَ: إِذا أَرْخَى السّتْر وأغلق الْبَاب فقد وَجب الصَدَاق».

.الْأَثر السَّادِس:

عَن ابْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما «أَن المُرَاد بقوله تَعَالَى {أَو يعْفُو الذي بِيَدِهِ عقده النِّكَاح} أَنه الْوَلِيّ».
وَهَذَا الْأَثر رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ من حَدِيث بن أبي مَرْيَم، ثَنَا مُحَمَّد بن مُسلم الطَّائِفِي، ثَنَا عَمْرو بن دِينَار عَنهُ فِي الَّذِي ذكر الله أَوْ يَعْفُوَ الذي بَيَدِه عُقْدَةُ النِّكَاَح قَالَ: ذَلِكَ أَبوهَا.
وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ من حَدِيث وَرْقَاء بن عمر، عَن عَمْرو بن دِينَار، عَن عِكْرِمَة عَنهُ «فِي قَوْله: {إلاَّ أَن يعفون} قَالَ: أَن تعفوا الْمَرْأَة {أَوْ يَعْفُوَ الذي بَيَدِه عُقْدَةُ النِّكَاَح} الْوَلِيّ».
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ أَيْضا من حَدِيث عبد الله بن صَالح، عَن مُعَاوِيَة بن أبي صَالح، عَن عَلّي بن أبي طَلْحَة، عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِلَّا أَن يعفون} قَالَ: «هِيَ الْمَرْأَة الثّيّب أَو الْبكر زَوجهَا غير أَبِيهَا، فَجعل الله الْعَفو إلَيْهِنَّ إِن شئن تركن، وَإِن شئن أخذن نصف الصَدَاق، ثمَّ قَالَ: {أَو يعْفُو الذي بِيَدِهِ عقدَة النِّكَاح} وَهُوَ أَبُو الْجَارِيَة الَّتِي جعل الله الْعَفو إِلَيْهِ ليبين لَهَا مَعَه أَمر إِذا مَا طلقت كَانَت فِي حجره».
قلت: وَقد رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس خلاف ذَلِك، فروَى الْبَيْهَقِيّ من حَدِيث حَمَّاد بن سَلمَة، عَن عَلّي بن زيد، عَن عمار بن أبي عمار، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: «الَّذِي بِيَدِهِ عقدَة النِّكَاح هُوَ الزَّوْج».
وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيّ: حَدِيث إِسْرَائِيل، عَن خصيف، عَن مُجَاهِد، عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: «هُوَ الزَّوْج».

.الْأَثر السَّابِع:

عَن عَلّي رَضِيَ اللَّهُ عَنْه «أَنه كَانَ يَقُول: الذي بِيَدِهِ عقدَة النِّكَاح هُوَ الزَّوْج».
وَهَذَا الْأَثر رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ، ثمَّ الْبَيْهَقِيّ، ورويا مثله من حَدِيث عَمْرو بن شُعَيْب، عَن أَبِيه، عَن جده مَرْفُوعا إِلَى رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم لَكِن فِي إِسْنَاده: ابْن لَهِيعَة، وحالته مَعْلُومَة.

.باب الْمُتْعَة:

ذكر فِيهِ ثَلَاثَة آثَار:

.أَحدهَا:

عَن ابْن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما أَنه قَالَ: «لكل مُطلقَة مُتْعَة إِلَّا الَّتِي فرض لَهَا وَلم يدْخل بهَا، فحسبها نصف الْمهْر».
وَهَذَا الْأَثر صَحِيح، رَوَاهُ الشَّافِعِي بإسنادٍ ثَابت، عَن مَالك، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر أَنه كَانَ يَقُول: «لكل مُطلقَة مُتْعَة إِلَّا الَّتِي تطلق وَقد فرض لَهَا الصَدَاق وَلم تمس، فحسبها نصف مَا فرض لَهَا».
قَالَ الْبَيْهَقِيّ: وروينَا هَذَا القَوْل عَن جمَاعَة من التَّابِعين، عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد وَمُجاهد وَالشعْبِيّ.
فَائِدَة: حسبها- بِسُكُون السِّين الْمُهْملَة- مَعْنَاهُ: يكفيها، وَمن ذَلِك قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: «بِحَسب امرء من الشَّرّ أَن يحقر أَخَاهُ الْمُسلم» وَهَذِه الْبَاء الجارة زَائِدَة وَهِي مُبْتَدأ، وَأَن الْفِعْل الَّذِي بعْدهَا فِي مَوضِع الْخَبَر.

.الْأَثر الثَّانِي وَالثَّالِث:

عَن ابْن عمر وَابْن عَبَّاس «أَنَّهُمَا قَالَا فِي الْمُتْعَة هِيَ ثَلَاثُونَ درهما».
أما أثر ابْن عمر فَذكره الشَّافِعِي فِي الْقَدِيم كَمَا نَقله الْبَيْهَقِيّ وَهَذَا نَصه لَا أعرف فِي الْمُتْعَة يَعْنِي قدرا مؤقتًا إِلَّا أَنِّي أستحسن ثَلَاثِينَ درهما، كَمَا رُوي عَن ابْن عمر.
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ من حَدِيث مُوسَى بن عقبَة، عَن نَافِع أَن رجلا أَتَى ابْن عمر فَذكر أَنه فَارق امْرَأَته فَقَالَ: أعْطهَا واكسها كَذَا، فحسبنا ذَلِك فَإِذا نَحْو من ثَلَاثِينَ درهما. قلت لنافع: كَيفَ كَانَ هَذَا الرجل؟ قَالَ: كَانَ متسددًا.
وَأما أثر ابْن عَبَّاس فتبع فِي إِيرَاده ابْن الصّباغ، فَإِنَّهُ قَالَ فِي شامله: أَن الشَّافِعِي قَالَ: يمتعها بخادم؛ فَإِن لم يجد فمِقْنَعَة، فَإِن لم يجد فَثَلاثين درهما، وَالدَّلِيل عَلَى هَذَا: مَا يُرْوى عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ: «أَكثر الْمُتْعَة: خَادِم، وأقلها: ثَلَاثُونَ درهما».
وَفِي الْمَاوَرْدِيّ: أَن الشَّافِعِي فِي موضعٍ من الْقَدِيم اسْتحْسنَ أَن تكون بِقدر خَادِم، وَحَكَاهُ عَن ابْن عَبَّاس.
وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ: روينَا عَن ابْن عَبَّاس: «عَلَى قَدْر يُسْره وعُسْره؛ فَإِن كَانَ مُوسِرًا مَتَّعَهَا بخادم أَو نَحْو ذَلِك، وَإِن كَانَ مُعسرا فَثَلَاثَة أَثوَاب أَو نَحْو ذَلِك». قَالَ: وروينا عَن عبد الرَّحْمَن: «أَنه مَتَّعَ بِجَاريةٍ سَوْدَاء».
وَعَن الْحسن بن عليّ: «أَنه مَتَّعَ بِعشْرَة آلَاف دِرْهَم».
قلت: وَقيل: «إِن زَوْجَة الْحسن لمَّا دفع إِلَيْهَا ذَلِك قَالَت: مَتَاع قَلِيل من حبيبٍ مفارق، فَكَانَت عَادَته إِذا طلَّق لَا يَرْتَجِعُ، فلمَّا بلغه قَوْلهَا قَالَ: لَو كنتُ أرتجع امْرَأَة طلقتُها؟ أَو كَمَا قَالَ: لارْتَجَعْتُهَا».
وَفِي صَحِيح البُخَارِيّ: «أَنه عَلَيْهِ السَّلَام مَتَّعَ المستعيذة بثوبين». كَمَا قدَّمْتُه فِي الخصائص.
وَهُوَ يُعَكر عَلَى قَول من قَالَ: إِنَّه لَا يتَوَقَّف فِيهَا من جِهَة الشَّرْع وَلَا تَقْدِير، وَلم أر أحدا قَالَ من أَصْحَابنَا: إِنَّه يمتعها بثوبين.

.بَاب: الْوَلِيمَة والنثر:

ذكر فِيهِ أَحَادِيث، ثَمَانِيَة عشر حَدِيثا:

.الحديث الأول:

«أنَّه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم أَوْلَمَ عَلَى صَفِيَّة بسويقٍ وتمرٍ».
هَذَا الحَدِيث صَحِيح، رَوَاهُ أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَابْن مَاجَه وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ من رِوَايَة أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قَالَ التِّرْمِذِيّ: حسن غَرِيب.
قلت: وصحيحٌ فقد أخرجه ابْن حبَان فِي صَحِيحه أَيْضا، وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي أكبر معاجمه من حَدِيث سهل بن سعد رَضِيَ اللَّهُ عَنْه.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ من حَدِيث أنس فِي قصَّة صَفِيَّة: «أَنه عَلَيْهِ السَّلَام جَعَلَ وليمتها: السّمن، وَالتَّمْر والأقط».
وَفِي مُسْتَدْرك الْحَاكِم من حَدِيث أنس أَيْضا: «أطْعم رسولُ الله عَلَى صَفِيَّة خُبْزًا وَلَحْمًا». ثمَّ قَالَ: صَحِيح.
قلت: بل غلط؛ ذِي زَيْنَب.

.الحديث الثَّانِي:

«أنَّه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لعبد الرَّحْمَن بن عَوْف، وَقد تزوَّج امْرَأَة: أَوْلِمْ، وَلَو بِشَاة».
هَذَا الحَدِيث صَحِيح، كَمَا سلف بَيَانه فِي أوَّل: الصَدَاق.

.الحديث الثَّالِث وَالرَّابِع:

عَن ابْن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما أَن النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: «من دعِي إِلَى الْوَلِيمَة فليأتها ويُرْوى: من دُعِي فَلم يُجِبْ، فقد عَصَى الله وَرَسُوله».
هَذَانِ حديثان جَمعهمَا الرَّافِعِيّ لِاجْتِمَاع لَفْظهمَا عَلَى مدلولٍ وَاحِد.
أما الأول: فَأخْرجهُ الشَّيْخَانِ فِي صَحِيحَيْهِمَا من الْوَجْه الْمَذْكُور، بِلَفْظ: «إِذا دُعي أحدكُم إِلَى الْوَلِيمَة فليأتها».
وَأما الثَّانِي: فأخرجاه أَيْضا من حَدِيث أبي هُرَيْرَة، لَكِن مَوْقُوفا عَلَيْهِ، وَمُسلم أخرجه مَرْفُوعا، وَلَفظه: «وَمن لم يجب الدعْوَة؛ فقد عَصَى الله وَرَسُوله».
وَلَفظه من الْمَوْقُوف: «ومَنْ لم يأتِ الدعْوَة....» إِلَى آخِره.
وَلَفظ البُخَارِيّ: «ومَنْ ترك الدعْوَة...» إِلَى آخِره، وَهُوَ بعض من حَدِيث طَوِيل ستعرف أَوله عَلَى الإثر.

.الحديث الخَامِس:

أنَّه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: «شَرُّ الولائم: وليمةُ العُرْس؛ يُدْعى لَهَا الْأَغْنِيَاء، ويُتْرَكُ الْفُقَرَاء».
هَذَا الحَدِيث صَحِيح، وَهُوَ بعض من الحَدِيث الثَّالِث، وَلَفظ مُسلم الْمَرْفُوع الَّذِي سلف بعضه: «شَرُّ الطَّعَام: طَعَام الْوَلِيمَة، يُمْنَعُهَا مَنْ يَأْتِيهَا، ويدعى إِلَيْهَا مَنْ يأباها، ومَنْ لم يجب الدعْوَة فقد عَصَى الله وَرَسُوله».
وَلَفظ الصَّحِيحَيْنِ فِي الْمَوْقُوف: «شَرُّ الطَّعَام: طَعَام الْوَلِيمَة؛ يُدْعى إِلَيْهَا الْأَغْنِيَاء، ويُتْرك الْفُقَرَاء، ومَنْ لم يُجِبْ فقد عَصَى الله وَرَسُوله».
فَائِدَة: فِي الطَّبَرَانِيّ فِي أكبر معاجمه من حَدِيث عمرَان الْقطَّان عَن قَتَادَة، عَن أبي الْعَالِيَة، عَن ابْن عَبَّاس رَفعه: «شَرُّ الطَّعَام: طَعَام الْوَلِيمَة؛ يُدْعى إِلَيْهَا الشَّبْعَان، ويُحْبَسُ عَنْهَا الجائع».
وَفِي كَامِل ابْن عدي من حَدِيث أبي هُرَيْرَة: «من لم يجب الدعْوَة فقد عَصَى الله وَرَسُوله، وَأَنت بِالْخِيَارِ فِي الخرس وَفِي العذار».
وَفِي إسنادها يَحْيَى بن عُثْمَان الْأنْصَارِيّ قَالَ البُخَارِيّ: مُنكر الحَدِيث، وَنقل عبد الْحق عَن ابْن عدى: أَنه قَالَ فِيهِ: هَذَا حَدِيث غير مَحْفُوظ وَتعقبه ابْن الْقطَّان فِي ذَلِك، وَقَالَ: الْمَوْجُود فِيهِ مَا سلف.

.الحَدِيث السَّادِس:

رُوي أنَّه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: «الْوَلِيمَة فِي الْيَوْم الأوَّل حَقٌّ، وَفِي الثَّانِي معروفٌ، وَفِي الثَّالِث: رِيَاء وسُمْعة».
هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي سنَنه من رِوَايَة همام، عَن قَتَادَة، عَن الْحسن، عَن عبد الله بن عُثْمَان الثَّقَفِيّ، عَن رجل من ثَقِيف،- يُقَال: إِن لَهُ مَعْرُوفا، أَي: يثنى عَلَيْهِ خير، قَالَ قَتَادَة: إِن لم يكن اسْمه: زُهَيْر، فَلَا أَدْرِي مَا اسْمه- أَن النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: «الْوَلِيمَة أوَّل يَوْم حق، وَالثَّانِي مَعْرُوف، وَالثَّالِث سمعة ورياء».
ورَوَاهُ أَحْمد فِي مُسْنده عَن عبد الرَّحْمَن بن مهْدي ثَنَا همام، عَن قَتَادَة بِهِ سَوَاء، لكنه قَالَ: عنْ رجل يُقَال لَهُ مَعْرُوف، وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ مُسْندًا ومرسلًا، قَالَ أَبُو الْقَاسِم الْبَغَوِيّ: لَا أعلم لزهير بن عُثْمَان غَيْرَ هَذَا، وَقَالَ البُخَارِيّ كَمَا نَقله الْبَيْهَقِيّ، وَعبد الْحق: هَذَا الحَدِيث لَا يَصح إِسْنَاده، وَلَا يعلم لَهُ صُحْبَة. وَقَالَ ابْن عبد الْبر: فِي إِسْنَاده نظر؛ يُقَال: إِنَّه مُرْسل، وَلَيْسَ لَهُ غَيره. وَقَالَ الْمُنْذِرِيّ: ذكر البُخَارِيّ هَذَا الحديثَ فِيمَن لَهُ صُحْبَة.
قلت: وَذكره أَيْضا الحافظُ أَبُو موسي فِي معرفَة الصَّحَابَة فِي تَرْجَمَة عبد الله بن عُثْمَان الثَّقَفِيّ وَقَالَ ابْن الْجَوْزِيّ فِي جَامع المسانيد فِي مُسْند مَعْرُوف الثَّقَفِيّ: كَذَا رُوي قَالَ: وَلَا يُعْرف غَيره فِي الصَّحَابَة مَنْ اسْمه «مَعْرُوف» ثمَّ أخرج الحَدِيث من مُسْند أَحْمد.
قلت: وَلِهَذَا الحَدِيث طرق أُخْرَى:
أَحدهَا: من حَدِيث أبي هُرَيْرَة، رَوَاهُ ابْن مَاجَه فِي سنَنه من حَدِيث أبي حَازِم عَنهُ مَرْفُوعا بِلَفْظ أبي دَاوُد، وَفِي إِسْنَاده: عبد الْملك بن حُسَيْن النَّخعِيّ الوَاسِطِيّ، قَالَ فِيهِ يَحْيَى بْنُ معِين: لَيْسَ بِشَيْء. وَقَالَ البُخَارِيّ: لَيْسَ بالقويّ عِنْدهم. وضعَّفه جماعاتٌ غيرُهم، ونَسَبَهُ الأزديُّ إِلَى التّرْك، وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ: رُوي ذَلِك عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا وَلَيْسَ بِشَيْء.
ثَانِيهَا: من حَدِيث عبد الله بن مَسْعُود، رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ بِإِسْنَادِهِ إِلَيْهِ مَرْفُوعا: «طَعَام أوَّل يَوْم حق، وَطَعَام يَوْم الثَّانِي: سُنَّة، وَطَعَام يَوْم الثَّالِث سُمعة وَمن سمع سمع الله بِهِ» ثمَّ قَالَ: هَذَا حَدِيث لَا نعرفه مَرْفُوعا إِلَّا من حَدِيث زِيَاد بن عبد الله، وَهُوَ كثير الغرائب والمناكير، قَالَ: وسمعتُ البخاريَّ يذكر عَن مُحَمَّد بن عقبَة قَالَ: وَقَالَ وَكِيع: زِيَاد بن عبد الله مَعَ شرفه لَا يكذب فِي الحَدِيث.
وَحَكَى البُخَارِيّ وَغَيره، عَن وَكِيع أَنه قَالَ: إِنَّه أشرف من أَن يكذب. وَقَالَ أَحْمد فِي رِوَايَة: هُوَ ثِقَة. وَقَالَ أَبُو زرْعَة: صَدُوق. وَقَالَ ابْن عديُّ: مَا أرَى بروايته بَأْسا. وتكلَّم فِيهِ غيرُ واحدٍ، وَأخرج لَهُ خَ م قَالَ الْمُنْذِرِيّ فِي موافقاته:
تكلم فِيهِ يَحْيَى بْنُ معِين وغَيْرُه، وَأَثْنَى عَلَيْهِ غَيْرُ واحدٍ، وَاسْتشْهدَ بِهِ خَ وَاحْتج بِهِ مُسلم، وَقَالَ الذَّهَبِيّ فِي مِيزَانه: رَوَى لَهُ خَ حَدِيثا وَاحِدًا مَقْرُونا بآخَرٍ، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: تفردَّ بِهِ زِيَاد بن عبد الله، عَن عَطاء بن السَّائِب، عَن أبي عبد الرَّحْمَن وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه: حَدِيث زِيَاد هَذَا لَيْسَ بالقويّ. وَأعله عبد الْحق بِزِيَاد، قَالَ ابْن الْقطَّان: أعرض عَن إعلاله بعطاء، وَهُوَ مُخْتَلف فِيهِ.
ثَالِثهَا: من حَدِيث أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْه مَرْفُوعا: «الدعْوَة أوَّل يَوْم حق، وَالثَّانِي مَعْرُوف، وَمَا زَاد فَهُوَ رِيَاء». ذكره ابْن أبي حَاتِم فِي علله من حَدِيث الْحسن عَنهُ بِهِ، ثمَّ قَالَ: سألتُ أبي عَنهُ فَقَالَ: إِنَّمَا هُوَ الْحسن، عَن النَّبِي مُرْسل. وَكَذَا قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ فِي علله: إِن الْمُرْسل أصح.
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ من حَدِيث بكر بن خُنَيْس، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي سُفْيَان، عَن أنس: «أَن رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم لمَّا تزوَّج أُمَّ سَلمَة أَمر بالنَّطع فَبُسِطَ، ثمَّ ألْقَى عَلَيْهِ تَمرا وسويقًا، فَدَعَا النَّاس فَأَكَلُوا، وَقَالَ: الْوَلِيمَة فِي أوَّل يَوْم حق، وَالثَّانِي مَعْرُوف، وَالثَّالِث رِيَاء وسُمْعة». ثمَّ قَالَ: لَيْسَ بالقويّ، فِيهِ «بكر بن خُنَيْس» تكلَّموا فِيهِ.
قلت: اخْتلف قَول ابْن معِين فِيهِ، وضعَّفه النَّسَائِيّ وَالدَّارَقُطْنِيّ وغيرُهما، وحسَّن لَهُ الترمذيُّ حديثَ: «عَلَيْكُم بِقِيَام اللَّيْل».
رَابِعهَا: من حَدِيث وَحشِي بن حَرْب بن وَحشِي، عَن أَبِيه، عَن جِدِّه: «أَن رجلا قَالَ: يَا رَسُول الله، الْوَلِيمَة قَالَ: الْوَلِيمَة حق، وَالثَّانيَِة مَعْرُوف، وَالثَّالِثَة رِيَاء وَسُمْعَة».
رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه من حَدِيث مُحَمَّد بن سُلَيْمَان، حَدثنَا وَحشِي... فَذكره.
خَامِسهَا: من حَدِيث ابْن عَبَّاس رَفعه: «طَعَام فِي العُرْس يَوْم سنة، وَطَعَام يَوْمَيْنِ فضْل، وَطَعَام ثَلَاثَة أَيَّام رِيَاء وَسُمْعَة».
رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ أَيْضا فِي مُعْجَمه من حَدِيث مُحَمَّد بن عبيد الله الْعَرْزَمِي، عَن عَطاء، عَن ابْن عَبَّاس مَرْفُوعا بِهِ.

.الحديث السَّابِع:

أنَّه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: «إِذا اجْتمع داعيان فأجب أقربهما إِلَيْك بَابا؛ فَإِن أقربهما إِلَيْك بَابا أقربهما إِلَيْك جِوَارًا، وَإِن سبق أَحدهمَا فأجب الَّذِي سبق».
هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي سنَنه من حَدِيث أبي خَالِد الدالاني، عَن أبي الْعَلَاء الأودي، عَن حميد بن عبد الرَّحْمَن الحِمْيَرِىِّ، عَن رجلٍ من أَصْحَاب النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: «إِن اجْتمع الداعيان فأجِبْ أقربهما بَابًا، فَإِن أقربهما بَابا أقربهما جِوَارًا؛ فَإِن سبق أحدُهما فأجب الذي سبق».
رَوَاهُ أَحْمد كَذَلِك أَيْضا، وَرَوَاهُ أَبُو نُعيم فِي معرفَة الصَّحَابَة فِي تَرْجَمَة حميد بن عبد الرَّحْمَن، عَن أَبِيه مَرْفُوعا: «إِذا دعَاك الداعيان فأجب أقربهما بَابا؛ فَإِن أقربهما بَابا أقدمهما جِوَارًا».
وَأَبُو خَالِد هَذَا: قد عرف حالُه فِي بَاب أَسبَاب الْحَدث.

.الحديث الثَّامِن:

أنَّه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: «مَنْ كَانَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر فَلَا يقعدنَّ عَلَى مائدة يُدَارُ عَلَيْهَا الْخمر».
هَذَا الحَدِيث مَرْوِيّ من طرق:
أَحدهَا: من حَدِيث جَابر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه عَن النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: «مَنْ كَانَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر فَلَا يُدْخِل حليلته الحمَّام، ومَنْ كَانَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر فَلَا يَدْخل الحمَّام إِلَّا بمئزر، وَمن كَانَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر فَلَا يجلس عَلَى مائدةٍ يُدارُ عَلَيْهَا الْخمر».
رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ فِي جامعه وَقَالَ: حسن غَرِيب. وَالْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه وَقَالَ: حديثٌ صَحِيح عَلَى شَرط مُسلم.
وَرَوَاهُ أَحْمد من حَدِيث ابْن لَهِيعَة، عَن أبي الزبير، عَن جَابر رَفعه: «مَنْ كَانَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر فَلَا يُدْخل حليلته الحمَّام، ومَنْ كَانَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر فَلَا يقْعد عَلَى مائدةٍ يُشْرَبُ عَلَيْهَا الْخمر، ومَنْ كَانَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر فَلَا يَخلُوَنَّ بامرأةٍ لَيْسَ مَعهَا ذُو مَحْرم؛ فَإِن ثالثهما الشَّيْطَان».
الطَّرِيق الثَّانِي: من حَدِيث ابْن عُمر «أَن النبى نَهَى، عَن مطْعمين: عَن الْجُلُوس عَلَى مائدةٍ يُشْرب عَلَيْهَا الْخمر، وَأَن يَأْكُل الرجلُ وَهُوَ منبطح عَلَى بَطْنه».
رَوَاهُ أَبُو دَاوُد من حَدِيث جَعْفَر بن برْقَان، عَن الزُّهْرِيّ، عَن سَالم، عَن أَبِيه، ثمَّ قَالَ: هَذَا حَدِيث مُنكر؛ لم يسمعهُ جَعْفَر من الزهريِّ. وَذكر مَا يدل عَلَى ذَلِك، وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ أَيْضا فِي سنَنه وَذكر مَا يدل عَلَى أَن جَعْفَر لم يسمعهُ من الزُّهْرِيّ، قَالَ ابْن أبي حَاتِم فِي علله سَأَلت أبي عَنهُ، فَقَالَ: إِنَّه خطأ، يرويهِ جَعْفَر، عَن رجل، عَن الزُّهْرِيّ، وَلَيْسَ هَذَا من صحيحِ حديثِ الزُّهْرِيّ.
وَرَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه من هَذَا الْوَجْه وَقَالَ: إِنَّه صَحِيح عَلَى شَرط مُسلم. وَرَوَاهُ أَحْمد وَالنَّسَائِيّ من حَدِيث ابْن عُمر أَيْضا، إِلَّا أَنه لم يذكر لَفْظَة: «يدار»، وَزَاد: «وَمن كَانَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر فَلَا يَدْخل الْحمام».
الطَّرِيق الثَّالِث: من حَدِيث الْقَاسِم بن أبي الْقَاسِم السبائي، عَن قاص الأجْناد بِالْقُسْطَنْطِينِيَّةِ أَنه سَمعه يحدِّث أَن عمر بن الْخطاب قَالَ: يَا أَيهَا النَّاس، إِنِّي سمعتُ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: «مَنْ كَانَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر فَلَا يقعدن عَلَى مائدة يدار عَلَيْهَا الْخمر، وَمن كَانَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر فَلَا يدْخل الحمَّام إِلَّا بإزار، ومَنْ كَانَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر فَلَا يدْخل الحمَّام».
وَفِي إِسْنَاده هَذَا الْمَجْهُول كَمَا ترَى.
الطَّرِيق الرَّابِع: من حَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ، رَوَاهُ الْبَزَّار، وَفِيه ضعف.
الطَّرِيق الْخَامِس: من حَدِيث عَطاء، عَن ابْن عَبَّاس مَرْفُوعا: «مَنْ كَانَ يُؤمن بِاللَّه فَلَا يجلس عَلَى مائدة يُشْرَبُ عَلَيْهَا الْخمر» وَسَنَده ضَعِيف بِسَبَب يَحْيَى بن أبي سُلَيْمَان الْمدنِي، قَالَ البُخَارِيّ: مُنكر الحَدِيث.

.الحديث التَّاسِع:

عَن عَائِشَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها «أَن النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ، وَقد سترت عَلَى صفة لَهَا سترا فِيهِ الْخَيل ذَوَات الأجنحة، فَأمر بنزعها». وَفِي رِوَايَة: «قَطعنَا مِنْهُ وسَادَة- أَو وسادتين- وَكَانَ النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم يرتفق بهَا».
هَذَا الحَدِيث صَحِيح، أخرجه الشَّيْخَانِ فِي صَحِيحَيْهِمَا من هَذَا الْوَجْه بِأَلْفَاظ، مِنْهَا: «أَنه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَامُ قَدِمَ من سَفَرٍ، وَقد سترت سهوة لي بقرام فِيهِ تماثيل، فلمَّا رَآهُ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم هتكه فتلوَّن وَجهه، وَقَالَ: يَا عَائِشَة، أَشد النَّاس عذَابا يَوْم الْقِيَامَة الَّذين يباهون خلق الله! قَالَت عَائِشَة: فقطعناه، فَجعلنَا مِنْهُ وسَادَة- أَو وسادتين».
وَفِي لفظ: «أَنَّهَا نصبتْ سترا فِيهِ تصاوير، فَدخل رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم فَنَزَعَهُ قَالَ: فَقَطعه وسادتين».
وَفَى لفظ: «دخل عَلَيْهِ السَّلَام عليَّ وَفِي الْبَيْت قرامٌ فِيهِ صور، فتلوَّن وَجهه، ثمَّ تنَاول السِّتْر فهتكه، وَقَالَ: أَشد النَّاس عذَابا يَوْم الْقِيَامَة الَّذين يصورون هَذِه الصُّور!».
وَفِي لفظ لمُسلم: «خرج رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي غزاةٍ، فَأخذت نمطًا فَسترته عَلَى الْبَاب، فلمَّا قَدِمَ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم رَأَى ذَلِك النمط، فرأيتُ الْكَرَاهَة فِي وَجهه، فَجَذَبَهُ حَتَّى هتكه- أَو فقطَّعه- وَقَالَ: إِن الله لم يَأْمُرنَا أَن نكسوا الْحِجَارَة والطين. قَالَت: فقطعنا مِنْهُ وسادتين، وحشوتهما ليفًا، فَلم يَعِبْ ذَلِك عليَّ». وَله أَيْضا: فِي النمرقة التي فِيهَا التصاوير، «فأخذتها فجعلتها مرفقتين، فَكَانَ عَلَيْهِ السَّلَام يرتفق بهما فِي الْبَيْت».
وَفِي رِوَايَة للْبُخَارِيّ فِي بَاب: التِّجَارَة فِيمَا يُكره لبسه، من كتاب البيع، عَن عَائِشَة أَيْضا: «أَنَّهَا أخْبرته أَنَّهَا اشترت نمرقة فِيهَا تصاوير، فلمَّا رَآهَا رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم قَامَ عَلَى الْبَاب، فَلم يدْخلهُ فَعرفت فِي وَجهه الْكَرَاهَة، فَقلت: يَا رَسُول الله: أَتُوب إِلَى الله وَإِلَى رَسُوله مَاذَا أذنبتُ، فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا بَال هَذِه النمرقة؟ قلت اشْتَرَيْتهَا لكَ لتقعدَ عَلَيْهَا وتوسدها، فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: إِن أَصْحَاب هَذِه الصُّور يَوْم الْقِيَامَة يُعذَّبون، فَيُقَال لَهُم: أحْيُوا مَا خلقْتُم، وَقَالَ: إِن الْبَيْت الَّذِي فِيهِ الصُّور لَا تدخله الْمَلَائِكَة».