فصل: الحديث الثَّانِي بعد الْأَرْبَعين:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: البدر المنير في تخريج الأحاديث والآثار الواقعة في الشرح الكبير



.الحديث الثَّلَاثُونَ:

أَنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ: «تسحرُوا فَإِن فِي السّحُور بركَة».
هَذَا الحَدِيث صَحِيح أخرجه الشَّيْخَانِ من حَدِيث أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْه كَذَلِك، وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ فِي سنَنه وأَبُو زرْعَة فِي صَحِيحه أَيْضا من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْه وَابْن مَسْعُود، وَرَوَاهُ أَبُو عوَانَة فِي صَحِيحه.
أَيْضا من حَدِيث ابْن أبي لَيْلَى، عَن أَخِيه، عَن أَبِيه، عَن أبي لَيْلَى، عَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بِمثلِهِ.
فَائِدَة: فِي سنَن ابْن مَاجَه ومُسْتَدْرك الْحَاكِم عَن ابْن عَبَّاس مَرْفُوعا: «اسْتَعِينُوا بِطَعَام السحر عَلَى صِيَام النَّهَار، وبقيلولة النَّهَار عَلَى قيام اللَّيْل». قَالَ الْحَاكِم: هَذَا من عَزِيز الحَدِيث فِي هَذَا الْبَاب، وَذكره ابْن أبي حَاتِم فِي علله من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْه مَرْفُوعا: «اسْتَعِينُوا بالقيلولة عَلَى الْقيام، وبالسحور عَلَى الصّيام». ثمَّ قَالَ:
سَأَلت أبي عَنهُ، فَقَالَ: إِسْنَاده مَجْهُول.

.الحديث الحَادِي بعد الثَّلَاثِينَ:

رُوِيَ «أَنه كَانَ بَين تسحر رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مَعَ زيد بن ثَابت ودخوله فِي الصَّلَاة قدر مَا يقْرَأ الرجل خمسين آيَة».
هَذَا الحَدِيث صَحِيح أخرجه الشَّيْخَانِ فِي صَحِيحَيْهِمَا من حَدِيث قَتَادَة، عَن أنس، عَن زيد بن ثَابت رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قَالَ: «تسحرنا مَعَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ثمَّ قمنا إِلَى الصَّلَاة. قَالَ أنس: فَقلت: كم كَانَ قدر مَا بَينهمَا؟ قَالَ: خمسين آيَة» وَفِي رِوَايَة للْبُخَارِيّ فِي بَاب وَقت الْفجْر: «خمسين أَو سِتِّينَ» وَفِي رِوَايَة لِلتِّرْمِذِي: «قدر قِرَاءَة خمسين آيَة» وَفِي رِوَايَة للنسائي: «قدر مَا يقْرَأ الرجل خمسين آيَة». وَفِي رِوَايَة للْبُخَارِيّ عَن أنس «أَن نَبِي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَزيد بن ثَابت تسحرا، فَلَمَّا فرغا من سحورهما قَامَ نَبِي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إِلَى الصَّلَاة فَصَلى. قَالَ: قُلْنَا لأنس: كم كَانَ بَين فراغهما من سحورهما ودخولهما فِي الصَّلَاة؟ قَالَ: قدر مَا يقْرَأ الرجل خمسين آيَة».

.الحديث الثَّانِي بعد الثَّلَاثِينَ:

عَن ابْن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما «أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ نهَى عَن الْوِصَال فَقيل: يَا رَسُول الله، إِنَّك تواصل! فَقَالَ: إِنِّي لست مثلكُمْ، إِنِّي أطْعم وأسقى».
هَذَا الحَدِيث صَحِيح أخرجه الشَّيْخَانِ من هَذَا الْوَجْه «أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ نهَى عَن الْوِصَال، قَالُوا: إِنَّك تواصل! قَالَ: إِنِّي لست كهيئتكم إِنِّي أطْعم وأسقى» وَأَخْرَجَاهُ أَيْضا من حَدِيث أبي هُرَيْرَة، وَعَائِشَة،
وَأنس، وَانْفَرَدَ بِهِ البُخَارِيّ من حَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ، وَقد ذكرتها فِي تخريجي لأحاديث الْوَسِيط فَرَاجعهَا مِنْهُ.

.الحديث الثَّالِث بعد الثَّلَاثِينَ:

قَالَ الرَّافِعِيّ: وكراهية الْوِصَال كَرَاهِيَة تَحْرِيم؛ لظَاهِر النَّهْي ولمبالغة النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فِي منع من وَاصل.
هُوَ كَمَا قَالَ؛ فَفِي الصَّحِيحَيْنِ من حَدِيث أنس: «وَاصل رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فِي آخر شهر رَمَضَان، فواصل نَاس من الْمُسلمين، فَبَلغهُ ذَلِك فَقَالَ: لَو مد لنا الشَّهْر لواصلنا وصالاً يدع المتعمقون تعمقهم، إِنَّكُم لَسْتُم مثلي- أَو قَالَ: إِنِّي لست مثلكُمْ- إِنِّي أظل يطعمني رَبِّي ويسقيني». وفيهمَا من حَدِيث أبي هُرَيْرَة أَنه لما نهَى عَن الْوِصَال، فَلَمَّا أَبَوا أَن ينْتَهوا عَنهُ وَاصل بهم يَوْمًا ثمَّ يَوْمًا ثمَّ رَأَوْا الْهلَال فَقَالَ: «لَو تَأَخّر الْهلَال لزدتكم كالمنكل لَهُم حِين أَبَوا أَن ينْتَهوا». وَفِي بعض طرق البُخَارِيّ: «كالمنكر» بالراء.

.الحديث الرَّابِع بعد الثَّلَاثِينَ:

«أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ كَانَ أَجود النَّاس بِالْخَيرِ، وَكَانَ أَجود مَا يكون فِي رَمَضَان».
هَذَا الحَدِيث صَحِيح أخرجه الشَّيْخَانِ من حَدِيث ابْن عَبَّاس بِاللَّفْظِ الْمَذْكُور وَزِيَادَة فِي آخِره: «حِين يلقاه جِبْرِيل لله وَكَانَ جِبْرِيل لله يلقاه كل لَيْلَة فِي رَمَضَان حَتَّى يَنْسَلِخ، يعرض عَلَيْهِ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ الْقُرْآن فَإِذا لقِيه جِبْرِيل كَانَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَجود بِالْخَيرِ من الرّيح الْمُرْسلَة».
فَائِدَة: «أَجود» رُوِيَ «وَكَانَ أجودُ» بِرَفْع الدَّال ونصبها، وَالرَّفْع أَجود وَقَالَ الْمُحب فِي أَحْكَامه: قَالَ شَيخنَا أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن أبي الْفضل السّلمِيّ الْمُفَسّر الْمُحدث الْفَقِيه الأصولي النَّحْوِيّ: هُوَ بِالرَّفْع وَلَا يجوز نَصبه؛ لِأَن «مَا» مَصْدَرِيَّة مُضَافَة إِلَى «أَجود» وَتَقْدِير الْكَلَام: وَكَانَ جوده الْكثير فِي رَمَضَان. وَإِذا قيل: وَكَانَ جوده فِي رَمَضَان بِالنّصب عَلَى الْخَبَر لم يجز ذَلِك إِلَّا اتساعاً وَهُوَ قَبِيح وَلَو قَدرنَا «مَا» نكرَة مُضَافَة لدخل فِي ذَلِك من يتَصَوَّر مِنْهُ الْجُود وَمن لَا يتَصَوَّر، وَذَلِكَ غير شَائِع فِي اللِّسَان. قَالَ الْمُحب: وَيُمكن أَن يُقَال: يخص النكرَة باقتران الْجُود بهَا فَلَا يدْخل فِيهَا إِلَّا من يتَصَوَّر مِنْهُ الْجُود وَحِينَئِذٍ يجوز النصب. قَالَ أَبُو عبد الله: وَالرَّفْع من ثَلَاثَة أوجه: أَحدهَا: أَن تكون بَدَلا من الْمُضمر بدل اشْتِمَال كَقَوْلِك: نَفَعَنِي زيد علمه الغزير. وَالثَّانِي: أَن يكون مُبْتَدأ و«فِي رَمَضَان»
خَبره، وَالْجُمْلَة خبر اسْم كَانَ الْمُضمر. وَالثَّالِث: أَن يكون هُوَ نَفسه اسْم كَانَ، وَالْخَبَر «فِي رَمَضَان».
وَقَوله: كَالرِّيحِ الْمُرْسلَة: يَعْنِي فِي الْإِسْرَاع والعموم، قد جَاءَ فِي مُسْند أَحْمد «وَهُوَ أَجود من الرّيح الْمُرْسلَة لَا يسْأَل عَن شَيْء إِلَّا أعطَاهُ، فَلَمَّا كَانَ فِي الشَّهْر الَّذِي هلك بعده عرضه عَلَيْهِ عرضتين»
وَحَكَى صَاحب الْمطلب فِي آخر قسم الصَّدقَات فِي ذَلِك وَجْهَيْن:
أَحدهمَا: أَنه أسْرع إِلَى الْخَيْر من الرّيح تهب. وَثَانِيهمَا: أَنه أَعم بِالْخَيرِ من غَيره؛ فخيره يعم الْبر والفاجر وكل أحدٍ، كَالرِّيحِ تهب عَلَى كل صعُود وهبوط، وخبيث وَطيب، وَرطب ويابس.

.الحديث الخَامِس بعد الثَّلَاثِينَ:

«أَن جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ يلقى النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فِي كل لَيْلَة من رَمَضَان فيتدراسان الْقُرْآن».
هَذَا الحَدِيث صَحِيح وَهُوَ بعض من الحَدِيث الَّذِي قبله كَمَا ترَاهُ.

.الحديث السَّادِس بعد الثَّلَاثِينَ:

«أَنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ كَانَ يعْتَكف الْعشْر الْأَوَاخِر من رَمَضَان ويواظب عَلَيْهِ».
هَذَا الحَدِيث صَحِيح أخرجه الشَّيْخَانِ من حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا «أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ كَانَ يعْتَكف الْعشْر الْأَوَاخِر من رَمَضَان حَتَّى توفاه الله عَزَّ وَجَلَّ ثمَّ اعْتكف أَزوَاجه من بعده». وَأَخْرَجَاهُ أَيْضا من حَدِيث ابْن عمر: «كَانَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يعْتَكف فِي الْعشْر الْأَوَاخِر من رَمَضَان»
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ «أَنه عَلَيْهِ السَّلَام اعْتكف الْعشْر الْأَوْسَط مَعَه».

.الحديث السَّابِع بعد الثَّلَاثِينَ:

عَن أبي هُرَيْرَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْه أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ: «من لم يدع قَول الزُّور وَالْعَمَل بِهِ فَلَيْسَ لله حَاجَة فِي أَن يدع طَعَامه وَشَرَابه». هَذَا الحَدِيث صَحِيح رَوَاهُ البُخَارِيّ كَذَلِك مُنْفَردا بِهِ، وَزَاد بعد: «وَالْعَمَل بِهِ»: «وَالْجهل». خرجه هُنَا، وَفِي الْأَدَب من صَحِيحه، وَرَوَاهُ أَيْضا أَصْحَاب السّنَن الْأَرْبَعَة. وَقَالَ ابْن تَيْمِية فِي المُنْتَقَى: لم يروه النَّسَائِيّ وَهُوَ غَرِيب. وَمِمَّنْ عزاهُ إِلَى النَّسَائِيّ ابْن عَسَاكِر فِي أَطْرَافه.

.الحديث الثَّامِن بعد الثَّلَاثِينَ:

عَن أبي هُرَيْرَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْه أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ: «الصّيام جُنة، فَإِذا كَانَ أحدكُم صَائِما فَلَا يرْفث وَلَا يجهل، فَإِن امْرُؤ شاتمه أَو قَاتله فَلْيقل إِنِّي صَائِم».
هَذَا الحَدِيث صَحِيح أخرجه الشَّيْخَانِ فِي صَحِيحَيْهِمَا مُخْتَصرا بِلَفْظ: «إِذا أصبح أحدكُم يَوْمًا صَائِما فَلَا يرْفث، وَلَا يجهل، فَإِن امْرُؤ شاتمه أَو قَاتله فَلْيقل: إِنِّي صَائِم» وَأَخْرَجَاهُ أَيْضا فِي أثْنَاء حَدِيث طَوِيل قَالَ: قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «قَالَ الله: كل عمل ابْن آدم لَهُ إِلَّا الصّيام فَإِنَّهُ لي وَأَنا أجزي بِهِ. وَالصِّيَام جنَّة، فَإِذا كَانَ يَوْم صَوْم أحدكُم فَلَا يرْفث يَوْمئِذٍ وَلَا يصخب، فَإِن سابه أحد أَو قَاتله فَلْيقل: إِنِّي امْرُؤ صَائِم، إِنِّي صَائِم. وَالَّذِي نَفْس مُحَمَّد بِيَدِهِ لخلوف فَم الصَّائِم أطيب عِنْد الله عَزَّ وَجَلَّ»- زَاد مُسلم: «يَوْم الْقِيَامَة من ريح الْمسك، وللصائم فرحتان يفرحهما إِذا أفطر فَرح بفطره، وَإِذا لَقِي الله- تبَارك وَتَعَالَى- فَرح بصومه».
فَائِدَة: قَوْله: «الصّيام جنَّة» أَي: ستر من النَّار ومانع. و«الرَّفَث»:
الْكَلَام الْقَبِيح. و«الصخب»: الصياح. و«لَا يجهل»: وَلَا يقل قَول أهل الْجَهْل من رفث الْكَلَام وَشبهه. وَمَعْنى «شاتمه»: شَتمه متعارضاً بمشاتمته. وَاخْتلفُوا فِي قَوْله: «فَلْيقل إِنِّي صَائِم»: هَل يَقُوله بِلِسَانِهِ أَو بِقَلْبِه، أَو يجمع بَينهمَا، أَو يفرق بَين الْفَرْض والتطوع؟ عَلَى آراء، وَقد ذكرتها فِي شرح الْمِنْهَاج وَغَيره، فَرَاجعهَا مِنْهُ إِن شِئْت. وَجزم بِالثَّانِي ابْن حبَان فِي صَحِيحه مستدلاًّ بِمَا أخرجه من حَدِيث أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا: «لَا تسابَّ وَأَنت صَائِم وَإِن سَابَّك أحَدٌ فَقل: إِنِّي صَائِم، وَإِن كنت قَائِما فاجلس».

.الحديث التَّاسِع بعد الثَّلَاثِينَ:

عَن خباب رَضِيَ اللَّهُ عَنْه أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ: «إِذا صمتم فاستاكوا بِالْغَدَاةِ، وَلَا تستاكوا بالْعَشي، فَإِنَّهُ لَيْسَ من صَائِم تيبس شفتاه بالْعَشي إِلَّا كَانَتَا نورا بَين عَيْنَيْهِ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة».
هَذَا الحَدِيث ضَعِيف رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ ثمَّ الْبَيْهَقِيّ كَذَلِك وضعفاه بِسَبَب كيسَان أبي عمر الْقصار رَاوِيه عَن عَمْرو بن عبد الرَّحْمَن، عَن خباب وَقَالا: إِنَّه لَيْسَ بِالْقَوِيّ. وَقَالَ يَحْيَى: ضَعِيف الحَدِيث. وَضَعفه أَيْضا السَّاجِي فِي كِتَابه وروياه عَن عَلّي مَوْقُوفا كَذَلِك وَفِي إِسْنَاده كيسَان الْمَذْكُور، عَن يزِيد بن بِلَال، عَن عَلّي. قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: وكيسان لَيْسَ بِالْقَوِيّ، وَمن بَينه وَبَين عَلّي غير مَعْرُوف- يَعْنِي يزِيد بن بِلَال. وَقد وهاه الْأَزْدِيّ وَابْن حبَان وَقَالا: إِنَّه مُنكر الحَدِيث.
قَالَ ابْن حبَان: يروي عَن عَلّي مَا لَا يشبه حَدِيثه، لَا يجوز الِاحْتِجَاج بِهِ إِذا انْفَرد، وَإِن اعْتبر بِهِ مُعْتَبر فِيمَا وَافق الثِّقَات من غير أَن يحْتَج بِهِ لم أر بِهِ بَأْسا.

.الحديث الأَرْبَعُونَ:

«أَنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ كَانَ يصبح جنبا من جماع أَهله ثمَّ يَصُوم».
هَذَا الحَدِيث صَحِيح أخرجه الشَّيْخَانِ من حَدِيث عَائِشَة وَأم سَلمَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما «أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ كَانَ يصبح جنبا من جماع غير احْتِلَام ثمَّ يَصُوم فِي رَمَضَان» وَمن حَدِيث أم سَلمَة أَيْضا قَالَ: «كَانَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يصبح جنبا من جماع لَا حلم ثمَّ لَا يفْطر» زَاد مُسلم: «وَلَا يقْضِي» وَفِي رِوَايَة لِابْنِ حبَان من حَدِيث عَائِشَة: «كَانَ يصبح جنبا من طروقه ثمَّ يَصُوم».

.الحديث الحَادِي بعد الْأَرْبَعين:

أَنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ: «من أصبح جنبا فَلَا صَوْم لَهُ».
هَذَا الحَدِيث صَحِيح أخرجه الشَّيْخَانِ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْه وَهُوَ مذْهبه ثمَّ رَجَعَ عَن ذَلِك لما أخبر عَن عَائِشَة وَأم سَلمَة بِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَام «كَانَ يصبح جنبا من غير حلم ثمَّ يَصُوم». وَقَالَ: سَمِعت ذَلِك من الْفضل وَلم أسمعهُ من النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ. وَكَذَا قَالَ الْبَيْهَقِيّ: روينَا عَن ابْن الْمُنْذر أَنه قَالَ: أحسن مَا سَمِعت فِي هَذَا الحَدِيث أَنه مَنْسُوخ؛
لِأَن الْجِمَاع فِي أول الْإِسْلَام كَانَ محرما عَلَى الصَّائِم فِي اللَّيْل بعد النّوم كالطعام وَالشرَاب، فَلَمَّا أَبَاحَ الله- تَعَالَى- الْجِمَاع إِلَى طُلُوع الْفجْر جَازَ للْجنب إِذا أصبح قبل الِاغْتِسَال أَن يَصُوم، وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَة يُفْتِي بِمَا سَمعه من الْفضل بن عَبَّاس، عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عَلَى الْأَمر الأول، وَلم يعلم النّسخ، فَلَمَّا سمع خبر عَائِشَة وَأم سَلمَة رَجَعَ إِلَيْهِ، وَأجَاب الرَّافِعِيّ فِي الْكتاب وَغَيره بِأَنَّهُ مَحْمُول عِنْد الْأَئِمَّة عَلَى مَا إِذا أصبح مجامعاً واستدامه مَعَ علمه بِالْفَجْرِ. وَأجَاب ابْن الْجَوْزِيّ فِي إِعْلَامه بِحمْلِهِ عَلَى من أجنب من الْجِمَاع بعد طُلُوع الْفجْر، وَفِيه بعد.

.الحديث الثَّانِي بعد الْأَرْبَعين:

عَن معَاذ: «كَانَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إِذا أفطر قَالَ: اللَّهُمَّ لَك صمت وَعَلَى رزقك أفطرت».
هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي سنَنه بِهَذَا اللَّفْظ عَن مُسَدّد، نَا هشيم، عَن حُصَيْن، عَن معَاذ بن زهرَة أَنه بلغه «أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ كَانَ إِذا أفطر قَالَ...» فَذكره وَهَذَا إِسْنَاد حسن لكنه مُرْسل؛ معَاذ بن زهرَة لم يدْرك النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، وَأخرجه الْبَغَوِيّ فِي شرح السّنة كَذَلِك وَلم يذكر فِيهِ أَنه بلغه، وَقد رُوِيَ هَذَا الحَدِيث مُتَّصِلا أَيْضا، رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ فِي سنَنه من حَدِيث ابْن عَبَّاس مَرْفُوعا وَقَالَ: «صمنا وأفطرنا» بدل:
«صمت وَأَفْطَرت» وَزَاد فِي آخِره: «فَتقبل منا إِنَّك أَنْت السَّمِيع الْعَلِيم».
وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي أكبر معاجمه بِلَفْظ: «كَانَ عَلَيْهِ السَّلَام إِذا أفطر قَالَ: لَك صمت وَعَلَى رزقك أفطرت» وَفِي إسنادهما عبد الْملك بن هَارُون، وَقد ضَعَّفُوهُ. قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: هُوَ وَأَبوهُ ضعيفان. وَقَالَ يَحْيَى: عبد الْملك كَذَّاب. زَاد السَّعْدِيّ: دجال. وَقَالَ ابْن حبَان:
وَضاع. قَالَ: وَهُوَ الَّذِي يُقَال لَهُ: عبد الْملك بن أبي عَمْرو حَتَّى لَا يعرف. وَذكره صَاحب الْمُهَذّب من حَدِيث أبي هُرَيْرَة، ثمَّ بيض لَهُ الْمُنْذِرِيّ، واستغربه النَّوَوِيّ وَقَالَ: إِنَّه لَيْسَ بِمَعْرُوف. وَقد ذكرته فِي تخريجي لأحاديثه مُسْندًا فاستفده مِنْهُ.
فَائِدَة: فِي سنَن أبي دَاوُد، وَالنَّسَائِيّ، والطَّبَرَانِيّ الْكَبِير ومُسْتَدْرك الْحَاكِم، وسنَن الدَّارَقُطْنِيّ من حَدِيث ابْن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما قَالَ: «كَانَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إِذا أفطر قَالَ: ذهب الظمأ وابتلت الْعُرُوق، وَثَبت الْأجر إِن شَاءَ الله- تَعَالَى» قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ:
إِسْنَاده حسن. وَقَالَ الْحَاكِم: صَحِيح عَلَى شَرط الشَّيْخَيْنِ.

.الحديث الثَّالِث بعد الْأَرْبَعين:

عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ: «إِن الله وضع عَن الْمُسَافِر الصَّوْم وَشطر الصَّلَاة».
هَذَا الحَدِيث مَرْوِيّ من طَرِيقين: إِحْدَاهمَا: عَن عَمْرو بن أُميَّة الضمرِي رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قَالَ: «قدمت عَلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَقَالَ لي: أَلا تنْتَظر الْغَدَاء يَا أَبَا أُميَّة؟ قلت: إِنِّي صَائِم ثمَّ قَالَ: تعال أخْبرك عَن الْمُسَافِر، إِن الله وضع عَنهُ يَعْنِي: الصّيام وَنصف الصَّلَاة» رَوَاهُ النَّسَائِيّ.
ثَانِيهمَا: عَن أنس بن مَالك الكعبي رَضِيَ اللَّهُ عَنْه مَرْفُوعا: «إِن الله وضع شطر الصَّلَاة عَن الْمُسَافِر، وأرخص لَهُ فِي الْإِفْطَار، وأرخص فِيهِ للمرضع والحبلى إِذا خافتا عَلَى ولديهما» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَهَذَا لَفظه، وَفِي آخر لَهُ: «إِن الله وضع شطر الصَّلَاة عَن الْمُسَافِر، وَوضع عَنهُ الصَّوْم، وَوضع عَن الْحَامِل والمرضع الصّيام». وَالله لقد قالهما رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ كليهمَا، أَو أَحدهمَا وَالتِّرْمِذِيّ، وَلَفظه: «إِن الله وضع عَن الْمُسَافِر الصَّوْم وشطر الصَّلَاة، وَعَن الْحَامِل أَو الْمُرْضع الصَّوْم أَو الصّيام». وَالنَّسَائِيّ وَلَفظه كَمَا فِي الرَّافِعِيّ سَوَاء، وَفِي آخر لَهُ: «إِن الله وضع عَن الْمُسَافِر الصَّوْم وَنصف الصَّلَاة وَرخّص للحبلى والمرضع». وَفِي آخر لَهُ: «إِن الله وضع عَن الْمُسَافِر الصَّلَاة- يَعْنِي نصفهَا- وَالصَّوْم وَعَن الحبلى والمرضع» وَابْن مَاجَه وَلَفظه: «إِن الله وضع عَن الْمُسَافِر شطر الصَّلَاة، وَعَن الْمُسَافِر وَالْحَامِل والمرضع الصَّوْم، أَو الصّيام». وَالله لقد قالهما النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ كلتاهما أَو إِحْدَاهمَا وَرَوَاهُ أَحْمد فِي مُسْنده بِلَفْظ الْكتاب وَزِيَادَة: «وَعَن الحبلى أَو الْمُرْضع» وَالْبَيْهَقِيّ وَلَفظه كَلَفْظِ النَّسَائِيّ الثَّانِي إِلَّا أَنه قَالَ: «شطر» بدل «نصف». وَرَوَاهُ فِي خلافياته بِلَفْظ: «إِن الله وضع عَن الْمُسَافِر وَالْحَامِل والمرضع الصَّوْم وَشطر الصَّلَاة» قَالَ التِّرْمِذِيّ: هَذَا حَدِيث حسن، وَلَا نَعْرِف لأنس هَذَا عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ غير هَذَا الحَدِيث.
وَقَالَ عبد الْحق: فِي إِسْنَاد هَذَا الحَدِيث اخْتِلَاف كثير. قلت: سنداً ومتناً. وَقَالَ الْحَافِظ أَبُو مُوسَى الْأَصْبَهَانِيّ فِي معرفَة الصَّحَابَة: اخْتلف فِي إِسْنَاد هَذَا الحَدِيث اخْتِلَاف كثير، وَفِي اسْم رَاوِيه. وَقَالَ ابْن أبي حَاتِم فِي علله: سَأَلت أبي عَن هَذَا الحَدِيث فَقَالَ: اخْتلف فِيهِ، وَالصَّحِيح أنس بن مَالك الْقشيرِي.

.الحديث الرَّابِع بعد الْأَرْبَعين:

«أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ خرج عَام الْفَتْح إِلَى مَكَّة فِي رَمَضَان فصَام حَتَّى بلغ كرَاع الغميم فصَام النَّاس، ثمَّ دَعَا بقدح من مَاء فرفعه حَتَّى نظر النَّاس ثمَّ شرب، فَقيل لَهُ بعد ذَلِك: إِن بعض النَّاس قد صَامَ. فَقَالَ: أُولَئِكَ العصاة، أُولَئِكَ العصاة».
هَذَا الحَدِيث صَحِيح رَوَاهُ مُسلم فِي صَحِيحه من حَدِيث جَابر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه كَمَا سقته لَك، وَفِي رِوَايَة لَهُ: «فَقيل: إِن النَّاس قد شقّ عَلَيْهِم الصّيام، وَإِنَّمَا ينظرُونَ فِيمَا فعلت. فَدَعَا بقدح من مَاء بعد الْعَصْر».
والرافعي ذكره بعد مُخْتَصرا؛ فَإِنَّهُ قَالَ: وَاحْتج الْمُزنِيّ بِجَوَاز الْفطر للْمُسَافِر بعد أَن أصبح صَائِما مُقيما بِأَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم «صَامَ فِي مخرجه إِلَى مَكَّة فِي رَمَضَان حَتَّى بلغ كرَاع الغميم ثمَّ أفطر» وَبَنَى هَذَا الِاحْتِجَاج عَلَى ظَنّه أَن ذَلِك كَانَ فِي يَوْم وَاحِد. قَالَ الْأَصْحَاب: وَهُوَ وهم؛ فَإِن بَين الْمَدِينَة وكراع الغميم ثَمَانِيَة أَيَّام، وَالْمرَاد من الحَدِيث أَنه صَامَ أَيَّامًا فِي سَفَره، ثمَّ أفطر. وَقيل: إِن الْمُزنِيّ تبين لَهُ ذَلِك فَرجع عَن هَذَا الِاحْتِجَاج وَإِن لم يرجع عَن مذْهبه. هَذَا لَفظه، وَذكر غَيره أَن كرَاع الغميم عِنْد عسفان، وَأَن بَينه وَبَين الْمَدِينَة نَحْو سَبْعَة أَيَّام، أَو ثَمَانِيَة.
وَعبارَة بَعضهم أَنه وادٍ أَمَام عُسفان بِثمَانِيَة أَمْيَال، وَعبارَة الْبكْرِيّ فِي مُعْجَمه: كُراع- بِضَم أَوله وبعين مُهْملَة فِي آخِره- منزل من منَازِل بني عبس. وَقَالَ فِي رسم العقيق: الغميم: وادٍ، والكراع: جبل أسود عَن يسَار الطَّرِيق شَبيه بِالْكُرَاعِ. وَقَالَ صَاحب الْمطَالع: كرَاع الغميم:
بِفَتْح الْغَيْن وَكسر الْمِيم، وبضم الْغَيْن أَيْضا وَفتح الْمِيم. وَفرق الْحَازِمِي بَينهمَا فِي أَسمَاء الْأَمَاكِن، فَقَالَ: هُوَ بِفَتْح الْغَيْن، مَوضِع بَين مَكَّة وَالْمَدينَة، لَهُ ذكر فِي الحَدِيث والمغازي، وَبِضَمِّهَا وبفتح الْمِيم: وادٍ فِي ديار حَنْظَلَة من بني تَمِيم. وَهَذَا الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث ابْن عَبَّاس «أَنه عَلَيْهِ السَّلَام خرج إِلَى مَكَّة فِي رَمَضَان فصَام حَتَّى بلغ الكديد أفطر فَأفْطر النَّاس». قَالَ أَبُو عبد الله: الكديد مَاء بَين عسفان وقديد. وَفِي رِوَايَة لَهُ: «خرج من الْمَدِينَة إِلَى مَكَّة فصَام حَتَّى بلغ عُسفان، ثمَّ دَعَا بِمَا فرفعه إِلَى فِيهِ يرِيه النَّاس فَأفْطر حَتَّى قدم مَكَّة، وَذَلِكَ فِي رَمَضَان، وَكَانَ ابْن عَبَّاس يَقُول: قد صَامَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَأفْطر، فَمن شَاءَ صَامَ، وَمن شَاءَ أفطر».
فَائِدَة: هَذَا الَّذِي وَقع للمزني رَأَيْته فِي الْبُوَيْطِيّ أَيْضا، وَهَذَا لَفظه: «من أصبح فِي حضر صَائِما ثمَّ سَافر فَلَيْسَ لَهُ أَن يفْطر» إِلَّا أَن يثبت حَدِيث النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ «أَنه أفطر يَوْم الكديد» انْتَهَى. وَهُوَ وكراع الغميم متقاربان.

.الحديث الخَامِس بعد الْأَرْبَعين:

«أَنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أفطر بعد الْعَصْر بكراع الغميم بقدح مَاء لما قيل: إِن النَّاس شقّ عَلَيْهِم الصّيام».
هَذَا الحَدِيث صَحِيح كَمَا سقناه أَيْضا من حَدِيث جَابر.

.الحديث السَّادِس بعد الْأَرْبَعين:

عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قَالَ: «غزونا مَعَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لست عشرَة مَضَت من رَمَضَان، فمنا من صَامَ، وَمنا من أفطر، فَلم يعب الصَّائِم عَلَى الْمُفطر، وَلَا الْمُفطر عَلَى الصَّائِم»
هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ مُسلم فِي صَحِيحه كَذَلِك، وَفِي رِوَايَة لَهُ.
«يرَوْنَ أَن من وجد قُوَّة فصَام إِن ذَلِك حسن، ويرون أَن من وجد ضَعفاً فَأفْطر، فَإِن ذَلِك حسن» وَفِي رِوَايَة لَهُ: «لثمان عشرَة خلت» وَفِي أُخْرَى لَهُ: «فِي ثِنْتَيْ عشرَة»، وَفِي أُخْرَى لَهُ: «لسبع عشرَة أَو تسع عشرَة».

.الحديث السَّابِع بعد الْأَرْبَعين:

أَنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ لِحَمْزَة بن عَمْرو الْأَسْلَمِيّ: «إِن شِئْت فَصم، وَإِن شِئْت فَأفْطر».
هَذَا الحَدِيث صَحِيح أخرجه الشَّيْخَانِ من حَدِيث عَائِشَة أَن حَمْزَة بن عَمْرو الْأَسْلَمِيّ سَأَلَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «أَصوم فِي السّفر؟- وَكَانَ كثير الصّيام- فَقَالَ: إِن شِئْت فَصم، وَإِن شِئْت فَأفْطر». وَفِي رِوَايَة: «إِنِّي أسرد الصَّوْم» وَفِي رِوَايَة: «سَأَلَهُ عَن صَوْم السّفر». وَادَّعَى ابْن حزم أَنه إِنَّمَا سَأَلَهُ عَن التَّطَوُّع لرِوَايَة «إِنِّي أسرد الصَّوْم» وَلَيْسَ كَمَا ذكره فَفِي سنَن أبي دَاوُد أَنه سَأَلَهُ عَن الْفَرْض، وأعلها ابْن حزم بِمَا رددت عَلَيْهِ فِي تحفة الْمُحْتَاج إِلَى أَدِلَّة الْمِنْهَاج فراجع ذَلِك مِنْهُ.

.الحديث الثَّامِن بعد الْأَرْبَعين:

عَن جَابر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قَالَ: «كُنَّا مَعَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ زمَان غَزْوَة تَبُوك فَمر بِرَجُل فِي ظلّ شجر يرش المَاء عَلَيْهِ، فَقَالَ: مَا بَال هَذَا؟ فَقَالُوا: صَائِم. فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: لَيْسَ من الْبر الصّيام فِي السّفر».
هَذَا الحَدِيث صَحِيح أخرجه الشَّيْخَانِ فِي صَحِيحَيْهِمَا من هَذَا الْوَجْه، وَلَفظ البُخَارِيّ، عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: «كَانَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فِي سفر فَرَأَى زحاماً ورجلا قد ظُلِّلَ عَلَيْهِ فَقَالَ: مَا هَذَا؟ فَقَالُوا: صَائِم. قَالَ: لَيْسَ من الْبر الصَّوْم فِي السّفر». وَلَفظ مُسلم: «فَرَأَى رجلا قد اجْتمع عَلَيْهِ النَّاس، وَقد ظُلِّلَ عَلَيْهِ فَقَالَ: مَا لَهُ؟ قَالُوا:
رجل صَائِم. فَقَالَ لله: لَيْسَ من الْبر أَن تَصُومُوا فِي السّفر»
وَرَوَاهُ أَبُو حَاتِم بن حبَان من حَدِيث عمَارَة بن غزيَّة، عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن زُرارة، عَن جَابر، قَالَ: «خرجنَا مَعَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فِي تَبُوك وكَانَت تُدعَى غَزْوَة الْعسرَة فَبَيْنَمَا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يسير بَعْدَمَا أَضْحَى النَّهَار فَإِذا هُوَ بِرَجُل تَحت ظلّ شَجَرَة، فَقَالُوا: يَا رَسُول الله رجل صَامَ فجهده الصَّوْم. فَقَالَ لله: لَيْسَ من الْبر أَن تَصُومُوا فِي السّفر».
وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ فِي سنَنه من حَدِيث الْأَوْزَاعِيّ، حَدثنِي يَحْيَى ابْن أبي كثير، قَالَ: أَخْبرنِي مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن قَالَ: أَخْبرنِي جَابر بن عبد الله «أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مر بِرَجُل فِي ظلّ شَجَرَة يرش عَلَيْهِ المَاء، فَقَالَ: مَا بَال صَاحبكُم؟ قَالُوا: يَا رَسُول الله، صَائِم. قَالَ: إِنَّه لَيْسَ من الْبر أَن تَصُومُوا فِي السّفر، وَعَلَيْكُم بِرُخْصَة الله الَّتِي رخص لكم فاقبلوها».
قَالَ ابْن الْقطَّان: وإسنادها صَحِيح مُتَّصِل. قلت:
وَمُحَمّد هَذَا الْوَاقِع فِي رِوَايَة النَّسَائِيّ هُوَ ابْن ثَوْبَان. كَذَا ذكرُوا هَذَا الحَدِيث فِي تَرْجَمته. وَقَالَ النَّسَائِيّ: لم يسمعهُ من جَابر، وَوَقع فِي صَحِيح ابْن حبَان: ابْن زُرَارَة، كَمَا سلف وَهُوَ مُمكن؛ لِأَنَّهُ فِي الطَّبَقَة.
وَفِي مُسلم قَالَ شُعْبَة: وَكَانَ يبلغنِي عَن يَحْيَى بن أبي كثير أَنه كَانَ يزِيد فِي هَذَا الحَدِيث أَنه قَالَ: «عَلَيْكُم بِرُخْصَة الله الَّتِي رخص لكم».
قَالَ: فَلَمَّا سَأَلته لم يحفظه. قلت: وَهَذَا الْبَلَاغ قَدمته من رِوَايَة النَّسَائِيّ مُسْندًا من غير طَرِيق شُعْبَة، عَن يَحْيَى فاستفدها.
فَائِدَة: فِي مُسْند أَحْمد ومُعْجم الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث كَعْب ابْن عَاصِم مَرْفُوعا: «لَيْسَ من امبر امصيام فِي امسفر».