فصل: الحديث الثَّانِي بعد الْعشْرين:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: البدر المنير في تخريج الأحاديث والآثار الواقعة في الشرح الكبير



.الحديث الثَّامِن عشر:

«إِن السّعر غلا عَلَى عهد رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: يَا رَسُول الله، سعر لنا. فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الله هُوَ المسعر الْقَابِض الباسط، وَإِنِّي لأرجو أَن ألْقَى رَبِّي وَلَيْسَ أحد مِنْكُم يطلبني بمظلمة بِدَم وَلَا مَال».
هَذَا الحَدِيث صَحِيح وَله طرق:
أَحدهَا: من حَدِيث أنس رَضي اللهُ عَنهُ «أَن السّعر غلا...» الحَدِيث، كَمَا ذكره الرَّافِعِيّ رَوَاهُ أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه وَقَالَ التِّرْمِذِيّ: حسن صَحِيح. وَقَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين فِي آخر الاقتراح: إِسْنَاده عَلَى شَرط مُسلم. وَرَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه بِلَفْظ عَن أنس «غلا السّعر عَلَى عهد رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: يَا رَسُول الله، غلا السّعر فسعر لنا سعرًا. فَقَالَ: إِن الله هُوَ الْخَالِق الْقَابِض الباسط الرازق، وَإِنِّي لأرجو أَن لَا ألْقَى الله بمظلمة طلبَهَا أحد مِنْكُم فِي أهل وَلَا مَال».
ثَانِيهَا: من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضي اللهُ عَنهُ «أَن رجلا جَاءَ فَقَالَ: يَا رَسُول الله، سعر. فَقَالَ: بل أَدْعُو، ثمَّ جَاءَهُ آخر فَقَالَ: يَا رَسُول الله، سعر. فَقَالَ: بل الله يخْفض وَيرْفَع، وَإِنِّي لأرجو أَن ألْقَى الله وَلَيْسَ لأحد عِنْدِي مظْلمَة». رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي سنَنه بِإِسْنَاد حسن، وَرَوَاهُ أَحْمد فِي مُسْنده بِلَفْظ: «جَاءَ رجل فَقَالَ: سعر. فَقَالَ: إِن الله يخْفض وَيرْفَع، وَلَكِنِّي أَرْجُو أَن ألْقَى الله وَلَيْسَ لأحد عِنْدِي مظْلمَة».
ثَالِثهَا: من حَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: «غلا السّعر عَلَى عهد رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: لَو قومت، يَا رَسُول الله. قَالَ: إِنِّي لأرجو أَن أفارقكم وَلَا يطلبني أحد مِنْكُم بمظلمة ظلمته» رَوَاهُ ابْن مَاجَه فِي سنَنه بِإِسْنَاد جيد، وَله طَرِيق آخر من حَدِيث عَلّي- كرم الله وَجهه- قَالَ: «غلا السّعر بِالْمَدِينَةِ فَذهب أَصْحَاب رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: يَا رَسُول الله، غلا السّعر فسعر لنا. فَقَالَ: إِن الله هُوَ الْمُعْطِي وَهُوَ الْمَانِع، وَإِن لله ملكا اسْمه عمَارَة عَلَى فرس من حِجَارَة الْيَاقُوت، طوله مد بَصَره يَدُور فِي الْأَمْصَار، وَيقف فِي الْأَسْوَاق يُنَادي: أَلا ليغلو كَذَا وَكَذَا، أَلا ليرخص كَذَا وَكَذَا». وَهَذِه الطَّرِيقَة ضَعِيفَة وَذكرهَا ابْن الْجَوْزِيّ فِي مَوْضُوعَاته وَقَالَ: إِنَّه حَدِيث لَا يَصح. ثمَّ بَين وَجهه، ثمَّ رَوَاهُ بِنَحْوِهِ من حَدِيث أنس من طرق أَرْبَعَة إِلَيْهِ وضعفها كلهَا.

.الحديث التَّاسِع عشر:

عَن جَابر رَضي اللهُ عَنهُ أَن رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: «لَا يبع حَاضر لباد».
هَذَا صَحِيح رَوَاهُ مُسلم فِي صَحِيحه من حَدِيث زُهَيْر بن مُعَاوِيَة، عَن أبي الزبير، عَن جَابر مَرْفُوعا بِهِ وَزَاد: «دعوا النَّاس يرْزق الله بَعضهم من بعض» قَالَ مُسلم: غير أَن رِوَايَة يَحْيَى «يُرزق» يَعْنِي بِضَم الْيَاء وَالْأُخْرَى بِالْفَتْح، وَأعله ابْن الْقطَّان بعنعنة أبي الزبير.

.الحديث العشْرُونَ:

عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا مثله.
هَذَا الحَدِيث صَحِيح أخرجه الشَّيْخَانِ فِي صَحِيحَيْهِمَا من هَذَا الْوَجْه، واتفقا أَيْضا عَلَى إِخْرَاجه من حَدِيث أنس وَابْن عَبَّاس وَانْفَرَدَ بِهِ البُخَارِيّ من حَدِيث ابْن عمر، وَمُسلم من حَدِيث جَابر كَمَا سلف.

.الحديث الحَادِي بعد الْعشْرين:

أنَّه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فِي بعض الرِّوَايَات فِي آخر الْخَبَر: «دعوا النَّاس يرْزق الله بَعضهم من بعض».
هَذَا صَحِيح وَقد سلف من حَدِيث جَابر عَن صَحِيح مُسلم.

.الحديث الثَّانِي بعد الْعشْرين:

أنَّه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: «لَا تلقوا الركْبَان للْبيع».
هَذَا الحَدِيث ذكره الشَّافِعِي فِي الْمُخْتَصر بِغَيْر إِسْنَاد، فَقَالَ: وَقَالَ النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم: «لَا تتلقوا الركْبَان للْبيع» ثمَّ قَالَ: وَسمعت فِي هَذَا الحَدِيث: «فَمن تلقاها فَصَاحب السّلْعَة بِالْخِيَارِ بعد أَن يقدم السُّوق» وَله طرق:
أَحدهَا: من حَدِيث أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم: «لَا يتَلَقَّى الركْبَان للْبيع» أخرجه مُسلم كَذَلِك وَفِي رِوَايَة لَهُ: «نهَى رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يتَلَقَّى الجلب» وَأخرجه البُخَارِيّ بِلَفْظ: «لَا تتلقوا الركْبَان» وبلفظ: «نهَى رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن التلقي».
ثَانِيهَا: عَن ابْن عمر أَن رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: «لَا تتلقوا السّلع حَتَّى يهْبط بهَا الْأَسْوَاق» أخرجه البُخَارِيّ كَذَلِك وَمُسلم بِلَفْظ: «نهَى أَن تتلقى السّلع حَتَّى تبلغ الْأَسْوَاق».
ثَالِثهَا: عَن ابْن مَسْعُود رَضي اللهُ عَنهُ «نهَى عَن تلقي الْبيُوع» أَخْرجَاهُ أَيْضا.
رَابِعهَا: عَن ابْن عَبَّاس «نهَى رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يتَلَقَّى الركْبَان» أَخْرجَاهُ أَيْضا، قَالَ الرَّافِعِيّ: وَرُوِيَ فِي بعض الرِّوَايَات أَنه قَالَ: «فَمن تلقاها فَصَاحب السّلْعَة بِالْخِيَارِ بعد أَن يقدم السُّوق». قلت: هَذِه الرِّوَايَة ذكرهَا الشَّافِعِي فِي الْمُخْتَصر كَمَا أسلفته لَك، وَرَوَاهَا مُسلم فِي صَحِيحه من حَدِيث أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: «لَا تلقوا الجلب، فَمن تَلقاهُ فَاشْتَرَى مِنْهُ، فَإِذا أَتَى سَيّده السُّوق فَهُوَ بِالْخِيَارِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِلَفْظ: «نهَى عَن تلقي الجلب، فَإِن تَلقاهُ متلق فَاشْتَرَاهُ فَصَاحب السّلْعَة بِالْخِيَارِ إِذا ورد السُّوق» ثمَّ قَالَ: وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيّ بِلَفْظ: «نهَى أَن يتَلَقَّى الجلب، فَإِن تَلقاهُ إِنْسَان فابتاعه فَصَاحب السّلْعَة فِيهَا بِالْخِيَارِ إِذا ورد السُّوق» ثمَّ قَالَ: حسن غَرِيب. وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ بِلَفْظ مُسلم، وَفِي علل ابْن أبي حَاتِم: سَأَلت أبي عَن هَذِه الزِّيَادَة الْوَارِدَة فِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة هَذَا: «فَإِن صَاحب السّلْعَة بِالْخِيَارِ إِذا دخل الْمصر مَا بَينه وَبَين نصف النَّهَار» فَقَالَ: لَيْسَ فِي متن الحَدِيث هَذِه الزِّيَادَة.

.الحديث الثَّالِث بعد الْعشْرين:

عَن أبي هُرَيْرَة رَضي اللهُ عَنهُ أَن رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: «لَا يسوم الرجل عَلَى سوم أَخِيه».
هَذَا الحَدِيث صَحِيح أخرجه الشَّيْخَانِ فِي صَحِيحَيْهِمَا كَذَلِك وَلمُسلم «أَنه عَلَيْهِ السَّلَام نهَى أَن يستام الرجل عَلَى سوم أَخِيه».

.الحديث الرَّابِع بعد الْعشْرين:

عَن ابْن عمر مَرْفُوعا مثله.
هَذَا الحَدِيث أخرجه الدَّارَقُطْنِيّ فِي سنَنه من هَذَا الْوَجْه وهم بعض من حَدِيث طَوِيل وَنقل الْبَيْهَقِيّ عَن الشَّافِعِي أَنه قَالَ فِي كتاب الرسَالَة: قد رُوِيَ عَن النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: «لايسوم أحدكُم عَلَى سوم أَخِيه» فَإِن كَانَ ثَابتا، وَلست أحفظه ثَابتا، فَهُوَ مثل «لَا يخْطب أحدكُم عَلَى خطْبَة أَخِيه، وَلَا يسوم عَلَى سومه» إِذا رَضِي البَائِع وَأذن بِأَن يُبَاع قبل البيع حَتَّى لَو بيع لزمَه، قَالَ: «وَرَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم بَاعَ فِيمَن يزِيد» وَبيع من يزِيد سَوْمُ رجلٍ عَلَى سَوْمِ أَخِيه، وَلَكِن البَائِع لم يرْض السوْم الأول حَتَّى طلب الزِّيَادَة. قَالَ الْبَيْهَقِيّ: وَحَدِيث السّوم قد ثَبت من أوجه سَاقهَا بأسانيده، وَفِي رِوَايَة ضَعِيفَة لِابْنِ أبي شيبَة من حَدِيث عَلّي «نهَى رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن السّوم قبل طُلُوع الشَّمْس» قَالَ الزّجاج: لِأَنَّهُ وَقت ذكر الله.

.الحديث الخَامِس بعد الْعشْرين:

«أنَّه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم نَادَى عَلَى قدح وحلس لبَعض أَصْحَابه، فَقَالَ رجل: هما عليَّ بدرهم. ثمَّ قَالَ آخر: هما عليَّ بِدِرْهَمَيْنِ. فَقَالَ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم: هما لَك بِدِرْهَمَيْنِ».
هَذَا الحَدِيث أَشَارَ إِلَيْهِ الشَّافِعِي فِي الرسَالَة كَمَا نَقَلْنَاهُ عَنهُ آنِفا، وَرَوَاهُ أَحْمد فِي مُسْنده من حَدِيث الْأَخْضَر بن عجلَان، قَالَ: حَدَّثَني أَبُو بكر الْحَنَفِيّ، عَن أنس بن مَالك «أَن رجلا من الْأَنْصَار أَتَى النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم فَشَكا إِلَيْهِ الْحَاجة، فَقَالَ لَهُ: مَا عنْدك شَيْء؟ فَأَتَاهُ بقدح وحلس، فَقَالَ النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم: من يَشْتَرِي هَذَا؟ فَقَالَ رجل: أَنا آخذهما بدرهم، قَالَ: من يزِيد عَلَى دِرْهَم؟ فَسكت الْقَوْم، فَقَالَ: من يزِيد عَلَى دِرْهَم؟ فَقَالَ رجل: أَنا آخذهما بِدِرْهَمَيْنِ. فَقَالَ: هما لَك. ثمَّ قَالَ: إِن الْمَسْأَلَة لَا تحل إِلَّا لأحد ثَلَاث: لذِي دم موجع أَو غرم مفظع، أَو فقر مدقع». وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي كتاب الزَّكَاة من سنَنه من هَذَا الْوَجْه عَن أنس «أَن رجلا من الْأَنْصَار أَتَى رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم يسْأَله، قَالَ: أما فِي بَيْتك شَيْء؟ فَقَالَ: بلَى حلْس نلبس بعضه ونبسط بعضه، وَقَعْب نشرب فِيهِ من المَاء. قَالَ: ائْتِنِي بهما. فَأَتَاهُ بهما فَأَخذهُمَا رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم بِيَدِهِ، وَقَالَ: من يَشْتَرِي هذَيْن؟ قَالَ رجل: أَنا آخذهما بدرهم. قَالَ: من يزِيد عَلَى دِرْهَم؟ مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا، قَالَ رجل: آخذها بِدِرْهَمَيْنِ. فَأَعْطَاهُمَا إِيَّاه» ثمَّ سَاق الْبَاقِي أبسط مِمَّا تقدم، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ فِي الْبيُوع من هَذَا الْوَجْه مُخْتَصرا بِقصَّة البيع، وَكَذَا النَّسَائِيّ، نعم ذكره ابْن عبد الْبر فِي كناه وَلم ينْسبهُ، وَنقل عَن البُخَارِيّ أَنه قَالَ: لم يَصح حَدِيثه. وَرَوَاهُ ابْن مَاجَه فِي أَبْوَاب التِّجَارَات من سنَنه مطولا بِنَحْوِ لفظ أبي دَاوُد، قَالَ التِّرْمِذِيّ: هَذَا حَدِيث حسن لَا نعرفه إِلَّا من حَدِيث الْأَخْضَر بن عجلَان. قلت: هُوَ من غَرَائِبه، وَقد وَثَّقَهُ ابْن معِين، وَقَالَ الإِمَام أَحْمد: لَا أرَى بِهِ بَأْسا. وَقَالَ أَبُو حَاتِم: يكْتب حَدِيثه. قَالَ عبد الْحق فِي أَحْكَامه: وَأَبُو بكر رَاوِيه عَن أنس لم أجد أحدا ينْسبهُ، قلت: قد قَالَ التِّرْمِذِيّ فِي جامعه إِنَّه عبد الله الْحَنَفِيّ، قَالَ ابْن الْقطَّان: وَعبد الله لَا أعرف أحدا نقل عَدَالَته وَهُوَ علّة الْخَبَر وَلذَلِك حسنه التِّرْمِذِيّ. وَتبع الذَّهَبِيّ ابْن الْقطَّان فَقَالَ فِي الْمُغنِي:
إِنَّه تَابِعِيّ مَجْهُول. نعم ذكره ابْن عبد الْبر فِي كناه وَلم ينْسبهُ، وَنقل عَن البُخَارِيّ أَنه قَالَ: لم يَصح حَدِيثه. ثمَّ أعلّه ابْن الْقطَّان بِأَمْر آخر، فَقَالَ: رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ فِي علله من حَدِيث مُعْتَمر بن سُلَيْمَان، عَن الْأَخْضَر، عَن أبي بكر الْحَنَفِيّ، عَن أنس بن مَالك، عَن رجل من الْأَنْصَار «أَنه عَلَيْهِ السَّلَام بَاعَ حلسًا وَقَدحًا فِيمَن يزِيد» ثمَّ قَالَ التِّرْمِذِيّ: كَذَا قَالَ مُعْتَمر عَن الْأَخْضَر. قَالَ ابْن الْقطَّان: كَأَن أنسا لم يُشَاهد الْقِصَّة ولم يسمع مَا فِيهَا عَن رَسُول الله فَيكون مَا عَداهَا مُرْسل.
فَائِدَة: الحِلَْس بِكَسْر الْحَاء الْمُهْملَة وَإِسْكَان اللَّام وَفتحهَا. حَكَاهَا أَبُو عبيد قَالَ: وإحلاس الْبَيْت مَا يبسط فِيهِ تَحت الثِّيَاب، وَقد قيل: هُوَ المُرَاد من هَذَا الحَدِيث. قلت: وَقد قيل فِيهِ غير هَذَا كَمَا أوضحته فِي تخريجي أَحَادِيث الْمُهَذّب فَليُرَاجع مِنْهُ، والجوهري فسره بكساءٍ رَقِيق يكون تَحت برذعة الْبَعِير. قَالَ: وَيُقَال أَيْضا: حَلَس بِفَتْح الْحَاء وَاللَّام.

.الحديث السَّادِس بعد الْعشْرين:

عَن ابْن عمر رَضي اللهُ عَنهما أَن رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: «لَا يبع بَعْضكُم عَلَى بيع بعض».
هَذَا الحَدِيث صَحِيح أخرجه الشَّيْخَانِ فِي صَحِيحَيْهِمَا كَذَلِك، وَفِي رِوَايَة للْبُخَارِيّ: «نهَى رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يَبِيع الرجل عَلَى بيع أَخِيه، أَو يخْطب عَلَى خطْبَة أَخِيه» وَفِي رِوَايَة للنسائي: «لَا يَبِيع الرجل عَلَى بيع أَخِيه حَتَّى يبْتَاع أَو يذر» وَزَاد الدَّارَقُطْنِيّ: «إِلَّا الْغَنَائِم والمواريث» وَفِي رِوَايَة لأبي دَاوُد: «لَا يبع بَعْضكُم عَلَى بيع بعض، وَلَا تلقوا السّلع حَتَّى تهبط الْأَسْوَاق» وَأخرجه الشَّيْخَانِ أَيْضا من حَدِيث أبي هُرَيْرَة «نهَى رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يَبِيع الرجل عَلَى بيع أَخِيه» وَأخرجه مُسلم من حَدِيث عقبَة بن عَامر.

.الحديث السَّابِع بعد الْعشْرين:

عَن ابْن عمر رَضي اللهُ عَنهما «أَن النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم نهَى عَن النجش».
هَذَا الحَدِيث صَحِيح أخرجه الشَّيْخَانِ من هَذَا الْوَجْه، زَاد مَالك فِي الْمُوَطَّأ: «والنجش أَن تعطيه بسلعته أَكثر من ثمنهَا، وَلَيْسَ فِي نَفسك اشتراؤها فيقتدي بك غَيْرك» وَأخرجه الشَّيْخَانِ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة أَيْضا بِلَفْظ: «لَا تناجشوا» وَأخرجه أَحْمد من حَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضي اللهُ عَنهم.

.الحديث الثَّامِن بعد الْعشْرين:

رُوِيَ أنَّه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: «لَا تُولَهُ وَالِدَة بِوَلَدِهَا».
هَذَا الحَدِيث ذكره صَاحب الْمُهَذّب أَيْضا وَلم يعزه النَّوَوِيّ فِي شَرحه لَهُ، وَقَالَ ابْن الصّلاح فِي كَلَامه عَلَى الْوَسِيط: إِنَّه يرْوَى، عَن أبي سعيد وَهُوَ غير مَعْرُوف قَالَ: وَفِي ثُبُوته نظر. قلت: وظفرت لَهُ أَنا بطرق أُخْرَى أَحدهَا: من حَدِيث أبي بكر رَضي اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم: «لَا تُولَهُ وَالِدَة عَلَى وَلَدهَا» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه فِي أَبْوَاب الْحَضَانَة فِي بَاب الْأُم تزوج فَتسقط حَقّهَا من حضَانَة الْوَلَد وينتقل إِلَى جدته، وَفِي إِسْنَاده ابْن لَهِيعَة وحاله مَعْلُومَة سلفت.
ثَانِيهَا: من حَدِيث حجاج بن أَرْطَاة، عَن الزُّهْرِيّ، يرفعهُ «لَا تُولَهُ وَالِدَة عَن وَلَدهَا، وَلَا تُوطأ حَامِل حَتَّى تضع، وَلَا حَائِل حَتَّى تستبرأ بِحَيْضَة» رَوَاهُ أَبُو عبيد فِي غَرِيبه من حَدِيث حجاج بن أَرْطَاة، عَن الزُّهْرِيّ كَذَلِك مُرْسلا، وحجاج قد عرفت حَاله فِيمَا مَضَى.
ثَالِثهَا: من حَدِيث عَطاء بن نقادة، نَا عُيَيْنَة بن عَاصِم بن سعد بن نقادة قَالَ: حَدَّثَني أبي، عَن أَبِيه، عَن نقادة مَرْفُوعا: «لَا توله ذَات ولد فِي وَلَدهَا» رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي أكبر معاجمه، والْحَدِيث فِيهِ طول اختصرت هَذَا مِنْهُ، وَعَطَاء هَذَا مَجْهُول، وَوَقع فِي أقضية ابْن الصّلاح وصف هَذَا الحَدِيث بالثبوت، فَقَالَ: فِي الحَدِيث الثَّابِت أنَّه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: «لَا تُولَهُ وَالِدَة عَلَى وَلَدهَا» فَلَعَلَّهُ ظفر لَهُ بطرِيق صَحِيحَة، والوله: شدَّة الْحزن.

.الحديث التَّاسِع بعد الْعشْرين:

عَن أبي أَيُّوب رَضي اللهُ عَنهُ أَن رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: «من فرق بَين وَالِدَة وَوَلدهَا فرق الله بَينه وَبَين أحبته يَوْم الْقِيَامَة».
هَذَا الحَدِيث صَحِيح رَوَاهُ أَحْمد فِي مُسْنده وَالتِّرْمِذِيّ فِي جامعه وَالدَّارَقُطْنِيّ فِي سنَنه وَالْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه من هَذَا الْوَجْه وباللفظ الْمَذْكُور، قَالَ التِّرْمِذِيّ: حَدِيث حسن غَرِيب. وَقَالَ الْحَاكِم: هَذَا حَدِيث صَحِيح عَلَى شَرط مُسلم. قلت: وَفِي إِسْنَاده حييّ بن عبد الله الْمعَافِرِي وَلم يخرج لَهُ مُسلم، وَقَالَ البُخَارِيّ: فِيهِ نظر. وَقَالَ أَحْمد: أَحَادِيثه مَنَاكِير، نعم قَالَ ابْن معِين: لَيْسَ بِهِ بَأْس. وَقَالَ ابْن عدي: لَا بَأْس بِهِ إِذا رَوَى عَنهُ ثِقَة. قلت: قد رَوَى هَذَا الحَدِيث عَنهُ عبد الله بن وهب، قَالَ ابْن الْقطَّان: ولهذه العلّة لم يُصَحِّحهُ التِّرْمِذِيّ. قلت: وَله متابع مَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ من حَدِيث أبي عتبَة، نَا بَقِيَّة، نَا خَالِد بن حميد، عَن الْعَلَاء بن كثير، عَن أبي أَيُّوب، قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: «من فرق بَين الْوَلَد وَأمه فرق الله بَينه وَبَين أحبته يَوْم الْقِيَامَة» أَبُو عتبَة أَحْمد بن الْفرج مَحَله الصدْق كَمَا قَالَه أَبُو حَاتِم، وَتكلم فِيهِ غَيره، وَقد صرح بَقِيَّة بِالتَّحْدِيثِ، وخَالِد بن حميد وَثَّقَهُ ابْن حبَان والْعَلَاء صَدُوق لكنه لم يسمع من أبي أَيُّوب، فَيكون الحَدِيث مُنْقَطِعًا.

.الحديث الثَّلَاثُونَ:

عَن عبَادَة بن الصَّامِت رَضي اللهُ عَنهُ أَن رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: «لَا يفرق بَين الْأُم وَوَلدهَا. قيل: إِلَى مَتى؟ قَالَ: حَتَّى يبلغ الْغُلَام وتحيض الْجَارِيَة».
هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ فِي سنَنه من حَدِيث عبد الله بن عَمْرو بن حسان، نَا سعيد بن عبد الْعَزِيز، قَالَ: سَمِعت مَكْحُولًا يَقُول: نَا نَافِع بن مَحْمُود بن الرّبيع، عَن أَبِيه أَنه سمع عبَادَة بن الصَّامِت يَقُول: «نهَى رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يفرق بَين الْأُم وَوَلدهَا، فَقيل: يَا رَسُول الله، إِلَى مَتى؟ قَالَ: حَتَّى يبلغ الْغُلَام وتحيض الْجَارِيَة» ثمَّ قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: عبد الله بن عَمْرو هَذَا هُوَ الواقعي- أَي بِالْعينِ الْمُهْملَة- قَالَ: وَهُوَ ضَعِيف الحَدِيث، رَمَاه عَلّي بن الْمَدِينِيّ بِالْكَذِبِ، وَلم يروه عَن سعيد بن عبد الْعَزِيز غَيره. قلت: وَضَعفه أَيْضا عبد الْحق فِي أَحْكَامه بِعَبْد الله هَذَا، وَقَالَ: إِنَّه ضَعِيف الحَدِيث. وَخَالف الْحَاكِم فَأخْرجهُ فِي مُسْتَدْركه بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور ثمَّ قَالَ: هَذَا حَدِيث صَحِيح الْإِسْنَاد. وَفِيه النّظر الْمَذْكُور.

.الحديث الحَادِي بعد الثَّلَاثِينَ:

عَن عَلّي رَضي اللهُ عَنهُ «أَنه فرق بَين جَارِيَة وَوَلدهَا فَنَهَاهُ النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم ورد البيع».
هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي سنَنه من حَدِيث مَيْمُون بن أبي شبيب عَن عَلّي فَذكره. ثمَّ قَالَ: مَيْمُون لم يدْرك عليًّا. وَذكر الْخطابِيّ أَن إِسْنَاده غير مُتَّصِل كَمَا ذكره أَبُو دَاوُد. وَرَوَاهُ الْحَاكِم وَقَالَ: إِسْنَاده صَحِيح. قَالَ الْبَيْهَقِيّ: وَهُوَ أولَى أَن يكون مَحْفُوظًا لِكَثْرَة شواهده.
تَنْبِيه: ورد مثل ذَلِكَ فِي الْأَخَوَيْنِ، رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه من حَدِيث الْحجَّاج بن أَرْطَاة، عَن الحكم، عَن مَيْمُون بن أبي شبيب عَن عَلّي قَالَ: «وهب لي رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم غلامين أَخَوَيْنِ فَبِعْت أَحدهمَا فَقَالَ لي رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا عَلّي، مَا فعل غلامك؟ فَأَخْبَرته، فَقَالَ: رده، رده». قَالَ التِّرْمِذِيّ: حَدِيث حسن غَرِيب، وَفِيه نظر، فَإِن مَدَاره عَلَى الْحجَّاج هَذَا وَهُوَ ضَعِيف لَا جرم. قَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه: الْحجَّاج لَا يحْتَج بِهِ. قلت: وَلِأَنَّهُ مُرْسل فَإِن ميمونًا لم يدْرك عليًّا كَمَا سلف، وَرَوَاهُ أَحْمد فِي مُسْنده وَالدَّارَقُطْنِيّ فِي سنَنه وَالْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه من حَدِيث الحكم، عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي لَيْلَى، عَن عَلّي قَالَ: «قُدم عَلَى النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم بسبي فَأمرنِي بِبيع أَخَوَيْنِ فبعتهما وَفرقت بَينهمَا، ثمَّ أتيت النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَخْبَرته فَقَالَ: أدركهما فارتجعهما وبعهما جَمِيعًا وَلَا تفرق بَينهمَا» قَالَ الْحَاكِم: هَذَا حَدِيث غَرِيب صَحِيح عَلَى شَرط الشَّيْخَيْنِ وَقَالَ ابْن الْقطَّان فِي علله: إِنَّهَا أول مَا اعْتمد عَلَيْهَا فِي هَذَا الْبَاب، وَرُوَاته كلهم ثِقَات. وَهُوَ كَمَا قَالَ، وَرَوَاهُ أَحْمد، عَن سعيد بن أبي عرُوبَة، عَن الحكم، وَسَعِيد هَذَا لم يسمع من الحكم شَيْئا كَمَا قَالَه أَحْمد وَالنَّسَائِيّ وَغَيرهمَا، وَرَوَاهُ أَحْمد مرّة عَن سعيد عَن رجل عَن الحكم. وَقَالَ ابْن أبي حَاتِم فِي علله: سَأَلت أبي عَن هَذَا الحَدِيث من هَذِه الطَّرِيق، أَي من طَرِيق الحكم، عَن ابْن أبي لَيْلَى، عَن عَلّي فَقَالَ: إِنَّمَا هُوَ الحكم، عَن مَيْمُون، عَن عَلّي مَرْفُوعا، فَأَشَارَ أَبُو حَاتِم إِلَى خطأ هَذِه الرِّوَايَة. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ فِي علله: هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ سعيد بن أبي عرُوبَة، عَن الحكم بن عتيبة، عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي لَيْلَى، وَسَعِيد لم يسمع من الحكم شَيْئا، وَقد أسلفنا هَذَا، وَرَوَاهُ الْخفاف، عَن سعيد بن أبي عرُوبَة، عَن رجل، عَن الحكم بِهِ وَهَذَا أسلفناه أَيْضا وَرَوَاهُ جماعات عَن الحكم عَن مَيْمُون بن أبي شبيب عَن عَلّي، قَالَ: وَلَا يمْتَنع أَن يكون الحكم سَمعه مِنْهُمَا جَمِيعًا، فَرَوَاهُ مرّة عَن هَذَا وَمرَّة عَن هَذَا، وَرَوَاهُ ابْن أبي لَيْلَى، عَن الحكم مُرْسلا، عَن عَلّي. ثمَّ سَاقه، وَرَوَاهُ ابْن أبي عَاصِم، عَن مُحَمَّد بن عَلّي بن مَيْمُون، عَن سُلَيْمَان بن عبيد الله عَن عبيد الله بن عَمْرو، عَن زيد بن أبي أنيسَة، عَن الحكم، وَهَذَا إِسْنَاد جيد، وَسليمَان صدقه أَبُو حَاتِم، وَقَالَ عبد الْحق: وَقد رُوِيَ عَن عَلّي أَيْضا بِإِسْنَاد آخر وَلَا يَصح؛ لِأَنَّهُ من طَرِيق سعيد بن أبي عرُوبَة، عَن الحكم، وَلم يسمع من الحكم، وَهَذَا قد أسلفناه غير مرّة من طَرِيق مُحَمَّد بن عبيد الله، عَن الحكم وَهُوَ ضَعِيف جدًّا، وَقد رُوِيَ عَن شُعْبَة، عَن الحكم قَالَ: وَالْمَحْفُوظ حَدِيث سعيد بن أبي عرُوبَة، عَن الحكم، عَن ابْن أبي لَيْلَى، عَن عَلّي.

.الحديث الثَّانِي بعد الثَّلَاثِينَ:

رُوِيَ «أنَّه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم نهَى عَن بيع المجر».
هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه من حَدِيث ابْن عمر رَضي اللهُ عَنهما بِاللَّفْظِ الْمَذْكُور، ثمَّ قَالَ: وَهَذَا الحَدِيث بِهَذَا اللَّفْظ يتفرد بِهِ مُوسَى بن عُبَيْدَة. قَالَ يَحْيَى بن معِين: فَأنْكر عَلَى مُوسَى هَذَا، وَكَانَ من أَسبَاب تَضْعِيفه. قَالَ الْبَيْهَقِيّ: وَقد رَوَاهُ مُحَمَّد بن إِسْحَاق بن يسَار، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر مَرْفُوعا، عَن النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم «سَمعه ينْهَى عَن بيع المجر» فَعَاد الحَدِيث إِلَى رِوَايَة نَافِع، وَكَأن ابْن إِسْحَاق أَدَّاهُ عَلَى الْمَعْنى. قَالَ الْعقيلِيّ: لَا يُتَابع عَلَيْهِ إِلَّا من جِهَة فِيهَا ضعف.
فَائِدَة: المجر بِفَتْح الْمِيم وَإِسْكَان الْجِيم، قَالَ الْبَيْهَقِيّ نقلا عَن أبي عبيد، عَن أبي زيد: المجر أَن يُبَاع الْبَعِير أَو غَيره بِمَا فِي بطن النَّاقة. وَذكر الرَّافِعِيّ فِيهِ ثَلَاثَة أَقْوَال: أَنه مَا فِي الرَّحِم، أَنه مَا فِي الرِّبَا، أَنه المحاقلة والمزابنة. قَالَ النَّوَوِيّ فِي تهذيبه: الْمَشْهُور فِي كتب اللُّغَة أَنه اشْتِرَاء مَا فِي بطن النَّاقة خَاصَّة.

.الحديث الثَّالِث بعد الثَّلَاثِينَ:

رُوِيَ «أنَّه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم نهَى عَن بيع العربان. وَيُقَال لَهُ: العربون».
هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ مَالك فِي الْمُوَطَّأ قَالَ: أَخْبرنِي الثِّقَة، عَن عَمْرو بن شُعَيْب، عَن أَبِيه، عَن جده «أَنه عَلَيْهِ السَّلَام نهَى عَن بيع العربان» هَكَذَا هُوَ فِي الْمُوَطَّأ عَن يَحْيَى بن يَحْيَى وَأبي مُصعب الزُّهْرِيّ، وَمثل هَذَا لَا يحْتَج بِهِ أَصْحَابنَا وَلَا الْجُمْهُور، وَيُقَال: إِن الثِّقَة هَذَا هُوَ ابْن لَهِيعَة، حَكَاهُ ابْن عدي، وَقد رَوَاهُ ابْن وهب، عَن ابْن لَهِيعَة، عَن عَمْرو بِهِ. وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْن مَاجَه فِي سُنَنهمَا، عَن مَالك أَنه بلغه، عَن عَمْرو، وَهَذَا أَيْضا مُنْقَطع لَا يحْتَج بِهِ، قَالَ أَبُو عَمْرو: رَوَاهُ التنيسِي وَغَيره كَذَلِك، عَن مَالك. وَرَوَاهُ ابْن مَاجَه أَيْضا، عَن الْفضل بن يَعْقُوب وَهُوَ الرخامي الثِّقَة الْحَافِظ، عَن حبيب بن أبي حبيب كَاتب الإِمَام مَالك، عَن عبد الله بن عَامر الْأَسْلَمِيّ، عَن عَمْرو بن شُعَيْب بِهِ، وحبِيب بن أبي حبيب هَذَا وَعبد الله بن عَامر الْأَسْلَمِيّ ضعيفان بِاتِّفَاق الْمُحدثين، وَذكر الْبَيْهَقِيّ رِوَايَة مَالك السالفة الَّتِي رَوَاهَا أَبُو دَاوُد وَابْن مَاجَه، ثمَّ قَالَ: هَكَذَا رَوَى مَالك هَذَا الحَدِيث فِي الْمُوَطَّأ فَلم يسم رَاوِيه الَّذِي رَوَاهُ عَنهُ، قَالَ: وَرَوَاهُ حبيب، عَن مَالك، عَن عبد الله بن عَامر، عَن عَمْرو بن شُعَيْب. وَقيل: إِنَّمَا رَوَاهُ مَالك، عَن ابْن لَهِيعَة، عَن عَمْرو قَالَه ابْن عدي، قَالَ ابْن عدي والْحَدِيث عَن ابْن لَهِيعَة، عَن عَمْرو بن شُعَيْب مَشْهُور. قَالَ الْبَيْهَقِيّ: وَقد رُوِيَ هَذَا الحَدِيث عَن الْحَارِث بن عبد الرَّحْمَن، عَن عَمْرو بن شُعَيْب. ثمَّ رَوَاهُ بِإِسْنَادِهِ، عَن عَاصِم بن عبد الْعَزِيز، عَن الْحَارِث، عَن عَمْرو، قَالَ: وَعَاصِم هَذَا فِيهِ نظر، وحبِيب ضَعِيف، وَعبد الله بن عَامر وَابْن لَهِيعَة لَا يحْتَج بهما، وَالْأَصْل فِي هَذَا الحَدِيث مُرْسل مَالك. هَذَا آخر كَلَامه فِي سنَنه وَقَالَ فِي مَعْرفَته: بَلغنِي أَن مَالِكًا أَخذه عَن عبد الله بن عَامر، وَقيل: عَن ابْن لَهِيعَة، وَقيل: عَن الْحَارِث بن عبد الرَّحْمَن، عَن عَمْرو بن شُعَيْب، قَالَ: وَفِي الْجَمِيع ضعف. قلت: قد قَالَ سُفْيَان بن عُيَيْنَة: إِن مَالِكًا لم يكن يبلغ من الحَدِيث إِلَّا صَحِيحا، وَرَوَاهُ الْخَطِيب فِي كتاب من رَوَى عَن مَالك من حَدِيث الْهَيْثَم بن الْيَمَان، عَن مَالك، عَن عَمْرو بن الْحَارِث، عَن عَمْرو بن شُعَيْب بِهِ.
وَأما حَدِيث عبد الرَّزَّاق فِي مُصَنفه أبنا الْأَسْلَمِيّ عَن زيد بن أسلم: «سُئِلَ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن العربان فِي البيع فأحلَّه، قلت لزيد: مَا العربان؟ قَالَ: هُوَ الرجل يَشْتَرِي السّلْعَة فَيَقُول: إِن أَخَذتهَا بهَا وَإِلَّا رَددتهَا ورددت مَعهَا درهما» فَفِي إِسْنَاده مَعَ الْأَسْلَمِيّ الْإِرْسَال.

.الحديث الرَّابِع بعد الثَّلَاثِينَ:

«أنَّه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم نهَى عَن بيع السنين».
هَذَا الحَدِيث صَحِيح رَوَاهُ مُسلم فِي صَحِيحه من حَدِيث جَابر رَضي اللهُ عَنهُ، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَاد الصَّحِيح بِذكر «السنين» و«المعاومة» وَلَفظ «المعاومة» فِي التِّرْمِذِيّ أَيْضا وَقَالَ: حسن صَحِيح. وَفِي رِوَايَة للنسائي: «نهَى عَن بيع الثَّمر سِنِين» وَهُوَ مُعْتَبر لسبع سِنِين. وَبيع المعاومة. قَالَ ابْن الْأَثِير: المعاومة بيع النّخل وَالشَّجر المثمر سنتَيْن أَو ثَلَاثًا.

.الحديث الخَامِس بعد الثَّلَاثِينَ:

«أنَّه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم نهَى عَن بيع وَسلف».
هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ مَالك فِي الْمُوَطَّأ هَكَذَا بلاغًا.
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ من حَدِيث عَمْرو بن شُعَيْب، عَن أَبِيه، عَن جده «أَن النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث عتاب بن أسيد فَنَهَاهُ عَن شرطين فِي بيع وَعَن سلف وَبيع...» الحَدِيث، وَقد سلف فِي الْبَاب مطولا، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ من حَدِيث ابْن عَبَّاس مَرْفُوعا مطولا وَضَعفه.