فصل: الحديث الثَّانِي بعد الْعشْرين:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: البدر المنير في تخريج الأحاديث والآثار الواقعة في الشرح الكبير



.الحديث السَّادِس:

عَن جَابر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قَالَ: «كل إنسية توحشت فذكاتها ذَكَاة الوحشية».
هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ من حَدِيث حرَام، عَن عبد الرَّحْمَن وَمُحَمّد ابْني جَابر، عَن أَبِيهِمَا أَنه قَالَ: «ندت علينا بقرة ممتنعة نافرة، وَلَا تمر عَلَى أحد إِلَّا نطحته، وندت عَلَيْهِ فخرجنا نكدها حَتَّى بلغنَا الصماء، ومعنا غُلَام قبْطِي لبني حرَام وَمَعَهُ مُشْتَمل، فشدت عَلَيْهِ لتنطحه فضربها أَسْفَل من المنحر وَفَوق مرجع الْكَتف، فركبت ردعها فَلم يدْرك لَهَا ذَكَاة. قَالَ جَابر: فَأخْبرت رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم بشأنها فَقَالَ: إِذا استوحشت الإنسية وتمنعت فَإِنَّهُ يحلهَا مَا يحل الوحشية، ارْجعُوا إِلَى بقرتكم فكلوها. فرجعنا إِلَيْهَا فاجتزرناها». وَرَوَاهُ ابْن عدي من حَدِيث إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش، عَن حرَام بن عُثْمَان أَيْضا، عَن أبي عَتيق، عَن جَابر مَرْفُوعا بِاللَّفْظِ الَّذِي ذكره الرَّافِعِيّ سَوَاء، وَهَذَا حَدِيث ضَعِيف بِسَبَب حرَام بن عُثْمَان وَهُوَ واهٍ.
قَالَ الشَّافِعِي- فِيمَا نَقله ابْن غَانِم فِي فضائله-: حَدِيث حرَام حرَام والرياحي ريَاح، ومجالد يخالد.، وَمن رَوَى عَن جَابر البياضي بيض الله عينه، وَالشعْبِيّ بالعراق مثل عرق بِالْمَدِينَةِ.
وَقَالَ الإِمَام أَحْمد وَغَيره: ترك النَّاس حَدِيثه. وَقَالَ البُخَارِيّ: هُوَ مُنكر الحَدِيث. وَقَالَ يَحْيَى وَالسَّعْدِي: مُنكر الحَدِيث، يقلب الْأَسَانِيد، وَيرْفَع الْمَرَاسِيل. وَنقل ابْن الْجَوْزِيّ فِي ضُعَفَائِهِ عَن الشَّافِعِي مثل هَذِه الْعبارَة فِيهِ أَيْضا. وَقَالَ عبد الْحق: هُوَ عِنْد أهل الحَدِيث كَمَا قَالَ فِيهِ الشَّافِعِي. وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه فِي الِاسْتِظْهَار: ضَعِيف لَا تقوم بِمثلِهِ الْحجَّة. وَقَالَ الذَّهَبِيّ: مَتْرُوك بِاتِّفَاق مِنْهُم. قلت: وَأَبُو عَتيق لَا يعرف من هُوَ كَمَا قَالَ ابْن الْقطَّان فِي حَقه.

.الحديث السَّابِع:

عَن عدي بن حَاتِم رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قَالَ: «قلت: يَا رَسُول الله، أَرَأَيْت أَحَدنَا صَاد صيدا وَلَيْسَ مَعَه سكين، أيذبح بالمروة؟ فَقَالَ: أَمر الدَّم بِمَا شِئْت، وَاذْكُر اسْم الله».
هَذَا الحَدِيث صَحِيح أخرجه أَبُو دَاوُد عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل- وَهُوَ التَّبُوذَكِي الْحَافِظ- عَن حَمَّاد- وَهُوَ ابْن سَلمَة بن دِينَار- عَن سماك بن حَرْب، عَن مُري بن قطري، عَن عدي بن حَاتِم قَالَ: «قلت: يَا رَسُول الله، أَرَأَيْت إِن أَحَدنَا أصَاب صيدا وَلَيْسَ مَعَه سكي، ن أيذبح بالمروة وشقة الْعَصَا؟ فَقَالَ: أمرر الدَّم بِمَا شِئْت، وَاذْكُر اسْم الله» وَهَذَا إِسْنَاد كل رِجَاله فِي الصَّحِيح خلا مُري بن قطري فَإِن ابْن حبَان وَثَّقَهُ والتَّبُوذَكِي من رجال الصَّحِيحَيْنِ. وَحَمَّاد بن سَلمَة وَسماك من رجال مُسلم وَإِن تكلم فِي سماك، وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ عَن مُحَمَّد بن عبد الْأَعْلَى وَإِسْمَاعِيل بن مَسْعُود، عَن خَالِد، عَن شُعْبَة، عَن سماك قَالَ:
سَمِعت مري بن قطري عَن عدي بن حَاتِم يَقُول: «قلت: يَا رَسُول الله، إِنِّي أرسل كَلْبِي فآخذ الصَّيْد فَلَا أجد مَا أذكيه بِهِ فأذبحه بالمروة وبالعصا فَقَالَ: أهرق الدَّم بِمَا شِئْت وَاذْكُر اسْم الله عَلَيْهِ».
وَرَوَاهُ ابْن مَاجَه عَن مُحَمَّد بن بشار- وَهُوَ الْحَافِظ أخرج لَهُ أَصْحَاب الْكتب السِّتَّة- عَن عبد الرَّحْمَن بن مهْدي، عَن سُفْيَان- وناهيك بهما- عَن سماك بن حَرْب، عَن مري بن قَطَري، عَن عدي بن حَاتِم قَالَ: «قلت: يَا رَسُول الله، إِنَّا نصيد الصَّيْد فَلَا نجد سكينًا إِلَّا الظرار وشقة الْعَصَا. فَقَالَ: أمرر الدَّم بِمَا شِئْت وَاذْكُر اسْم الله- عَزَّ وَجَلَّ» وَرَوَاهُ الْحَاكِم بِاللَّفْظِ الْمَذْكُور والسند الْمَذْكُور، ثمَّ قَالَ: هَذَا حَدِيث صَحِيح عَلَى شَرط مُسلم.
وَرَوَاهُ أَبُو حَاتِم بن حبَان فِي صَحِيحه عَن أَحْمد بن عَلّي بن الْمثنى، ثَنَا عَلّي بن الْجَعْد الْجَوْهَرِي، أبنا شُعْبَة، عَن سماك بن حَرْب قَالَ: سَمِعت مري بن قطري يحدث عَن عدي بن حَاتِم قَالَ: «قلت: يَا رَسُول الله، إِنِّي أرسل كَلْبا فَيَأْخُذ صيدا وَلَا آخذ مَا أذبح بِهِ إِلَّا الْمَرْوَة أَو الْعَصَا. قَالَ: أَمر الدَّم بِمَا شِئْت وَاذْكُر اسْم الله». رَوَاهُ أَحْمد فِي مُسْنده من هَذِه الطَّرِيق وَلَفظه: «إِنِّي أرمي الصَّيْد وَلَا أجد مَا أذكيه بِهِ إِلَّا الْمَرْوَة والعصا. قَالَ: أَمر الدَّم بِمَا شِئْت وَاذْكُر اسْم الله. قلت: طَعَام مَا أَدَعهُ إِلَّا تحرجًا. قَالَ: وَمَا ضارعت فِيهِ نَصْرَانِيَّة فَلَا تَدعه». وَأما ابْن حزم فقد قَالَ فِي محلاه: فَإِن ذكرُوا مَا رَوَيْنَاهُ عَن شُعْبَة، عَن سماك بن حَرْب، عَن مري بن قطري، عَن عدي بن حَاتِم، عَن رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم: «أنهر الدَّم بِمَا شِئْت وَاذْكُر اسْم الله» قُلْنَا: هَذَا خبر سَاقِط؛ لِأَنَّهُ عَن سماك بن حَرْب وَهُوَ يقبل التَّلْقِين، عَن مري بن قطري وَهُوَ مَجْهُول. انْتَهَى. وَقد رَوَاهُ عَن سماك: شُعْبَة وسُفْيَان الثَّوْريّ وَحَمَّاد بن سَلمَة، وَصَححهُ الْحَاكِم من حَدِيث الثَّوْريّ- كَمَا تقدم- وَسماك يكفينا احتجاج مُسلم بِهِ، وَقد تقدم أَن ابْن حبَان وثق مري بن قطري وَصحح الحَدِيث من جِهَته وَكَذَا الْحَاكِم فَزَالَتْ الْجَهَالَة.
فَائِدَة: «شقة الْعَصَا»- بِكَسْر الشين الْمُعْجَمَة- أَي: بِمَا يشق مِنْهَا وَيكون محددًا. و«أمرر» براءين أَي: اجْعَل الدَّم يمر أَي يذهب. وَهَذِه الرِّوَايَة تؤيد رِوَايَة «أَمر» الْوَاقِعَة فِي إِحْدَى روايتى ابْن مَاجَه بتَشْديد الرَّاء غلط، وَذكر الْخطابِيّ فِي كِتَابه تصاحيف الروَاة أَن هَذِه الرِّوَايَة «أَمر» بتَشْديد الرَّاء غلط، وَذكر غَيره أَنه لَيْسَ كَذَلِك فَإِنَّهُ يكون قد أدغم، وَالصَّوَاب عِنْد الْخطابِيّ رِوَايَة من رَوَاهُ «أَمر الدَّم» سَاكِنة الْمِيم خَفِيفَة الرَّاء، وَمَعْنى ذَلِك أسِلْهُ وأجره. قَالَ الْهَرَوِيّ: والظرار وَاحِدهَا ظرر وَهُوَ حجر محدد صلبِ.

.الحديث الثَّامِن:

عَن رَافع بن خديج قَالَ: «قلت: يَا رَسُول الله، إِنَّا لاقو الْعَدو غَدا وَلَيْسَ مَعنا مدى. فَقَالَ: مَا أنهر الدَّم وَذكر اسْم الله عَلَيْهِ فَكل، لَيْسَ السن وَالظفر، وسأحدثك؛ أما السن فَعظم، وَأما الظفر فمدى الْحَبَشَة».
هَذَا الحَدِيث صَحِيح رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم، وَقد تقدم بِطُولِهِ وفوائده فِي أَوَائِل الْبَاب، وَهُوَ الحَدِيث الرَّابِع مِنْهُ.

.الحديث التَّاسِع:

عَن عدي بن حَاتِم رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قَالَ: «سَأَلت رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن صيد المعراض، فَقَالَ: إِن قتل بحده فَكل، وَإِن قتل بنصله فَلَا تَأْكُل» وَرَوَى: «إِذا أصبت بحده فَكل، وَإِذا أصبت بعرضه فَلَا تَأْكُل فَإِنَّهُ وقيذ».
هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ بِاللَّفْظِ الثَّانِي البُخَارِيّ وَمُسلم كَمَا تقدم فِي أول الْبَاب، وَأما الرِّوَايَة الأولَى فروياها أَيْضا إِلَّا أَنَّهُمَا لم يذكرَا: «وَإِن قتل بنصله فَلَا تَأْكُل» وَلم أرها أَيْضا فِي رِوَايَة غَيرهمَا.

.الحديث العَاشِر:

عَن عدي بن حَاتِم رَضِيَ اللَّهُ عَنْه أَن رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: «مَا علمت من كلب أَو باز ثمَّ أرْسلت وَذكرت اسْم الله تَعَالَى فَكل مَا أمسك عَلَيْك».
هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ أَبُو دَاوُد- كَمَا تقدم فِي أول الْبَاب- وَكَذَلِكَ الْبَيْهَقِيّ من رِوَايَة مجَالد عَن الشّعبِيّ عَن عدي، وَلكنه حَدِيث ضَعِيف قَالَ: مجَالد لَيْسَ بِشَيْء. وَقَالَ يَحْيَى مرّة وَالنَّسَائِيّ وَالدَّارَقُطْنِيّ: ضَعِيف. وَقَالَ يَحْيَى مرّة: لَا يحْتَج بحَديثه. وَقَالَ مرّة: صَالح. وَقَالَ ابْن حبَان: يقلب الْأَسَانِيد فيرفع الْمَرَاسِيل لَا يجوز الِاحْتِجَاج بِهِ. قَالَ الْبَيْهَقِيّ: ذكر «الْبَازِي» فِي هَذِه الرِّوَايَة لم يَأْتِ بِهِ الْحفاظ عَن الشّعبِيّ وَإِنَّمَا أَتَى بِهِ مجَالد. وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيّ مُخْتَصرا ثمَّ قَالَ: هَذَا حَدِيث غَرِيب، لَا نعرفه إِلَّا وَمن حَدِيث مجَالد.

.الحديث الحَادِي عشر:

عَن أبي ثَعْلَبَة الْخُشَنِي رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قَالَ: «قلت: يَا رَسُول الله، إِنِّي أصيد بكلبي الْمعلم وكلبي الَّذِي لَيْسَ بمعلم. فَقَالَ: مَا صدت بكلبك الْمعلم فاذكر اسْم الله عَلَيْهِ وكل، وَمَا صدت بكلبك الَّذِي لَيْسَ بمعلم فأدركت ذَكَاته فَكل».
هَذَا الحَدِيث صَحِيح أخرجه الشَّيْخَانِ فِي صَحِيحَيْهِمَا بِاللَّفْظِ الْمَذْكُور وَزِيَادَة، وَهَذَا سياقهما عَن أبي ثَعْلَبَة قَالَ: «أتيت النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت: يَا رَسُول الله، إِنَّا بِأَرْض قومِ أهل كتاب أفنأكل فِي آنيتهم وَفِي أَرض صيد أصيد بقوسي وبكلبي الَّذِي لَيْسَ بمعلم وبكلبي الْمعلم، فَمَا يصلح لي؟ قَالَ: أما مَا ذكر- يَعْنِي من آنِية أهل الْكتاب- فَإِن وجدْتُم غَيرهَا فَلَا تَأْكُلُوا فِيهَا، وَإِن لم تَجدوا فاغسلوها وكلوا فِيهَا، وَمَا صدت بقوسك فَذكرت اسْم الله فَكل، وَمَا صدت بكلبك الْمعلم فَذكرت اسْم الله فَكل، وَمَا صدت بكلبك غير معلم فأدركت ذَكَاته فَكل».

.الحديث الثَّانِي عشر:

فِي الْخَبَر «فَإِن أكل فَلَا تَأْكُل فَإِنَّمَا أمسك عَلَى نَفسه».
هَذَا الحَدِيث هُوَ بعض من حَدِيث عدي، وَقد تقدم فِي أول الْبَاب بِطُولِهِ.

.الحديث الثَّالِث عشر:

عَن أبي ثَعْلَبَة الْخُشَنِي رَضِيَ اللَّهُ عَنْه أَن النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: «إِذا أرْسلت كلبك الْمعلم وَذكرت اسْم الله فَكل. قَالَ: وَإِن قتل؟ قَالَ: وَإِن قتل. قَالَ: وَإِن أكل؟ قَالَ: وَإِن أكل».
هَذَا الحَدِيث الثَّالِث الْمَذْكُور فِي أول الْبَاب وَقد سلف قَرِيبا وَاضحا.

.الحديث الرَّابِع عشر:

عَن عدي بن حَاتِم أَن النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: «إِذا أرْسلت كلبك وَسميت وَأمْسك وَقتل فَكل، وَإِن أكل فَلَا تَأْكُل فَإِنَّمَا أمسك عَلَى نَفسه».
هَذَا الحَدِيث صَحِيح أخرجه الشَّيْخَانِ فِي صَحِيحَيْهِمَا وَقد سلف وَاضحا فِي أول الْبَاب.

.الحديث الخَامِس عشر:

حَدِيث عدي الَّذِي فِيهِ ذكر الْبَازِي. وَقد تقدم بَيَانه قَرِيبا.

.الحديث السَّادِس عشر:

أنَّه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: «كل مَا رد عَلَيْك قوسك».
هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ أَبُو دَاوُد من حَدِيث أبي إِدْرِيس الْخَولَانِيّ قَالَ: حَدثنِي أَبُو ثَعْلَبَة الْخُشَنِي قَالَ: قَالَ لي رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم: «يَا أَبَا ثَعْلَبَة، كل مَا ردَّتْ عَلَيْك قوسك وكلبك الْمعلم ويدك ذكي وَغير ذكي» فِي إِسْنَاده بَقِيَّة عَن الزبيدِيّ، وَهُوَ مُحَمَّد بن الْوَلِيد الْحِمصِي القَاضِي ثِقَة من رجال الصَّحِيح، وَقد أسلفنا فِيمَا مَضَى عَن جماعات الِاحْتِجَاج بِبَقِيَّة إِذا رَوَى عَن ثِقَة، فَيكون هَذَا الحَدِيث صَحِيحا إِذن لَوْلَا مَا عرف من عنعنته. وَفِي علل الدَّارَقُطْنِيّ وَقد سُئِلَ عَن حَدِيث سعيد بن الْمسيب عَن أبي ثَعْلَبَة مَرْفُوعا: «كل مَا ردَّتْ عَلَيْك قوسك» فَقَالَ: يرويهِ الْأَوْزَاعِيّ، وَاخْتلف عَنهُ فَرَوَاهُ ضَمرَة بن ربيعَة عَنهُ، عَن يَحْيَى بن سعيد، عَن سعيد بِهِ. وَغَيره يرويهِ عَن الْأَوْزَاعِيّ، عَن يَحْيَى بن سعيد، عَن أبي ثَعْلَبَة مُرْسلا، والمرسل أصح.
قلت: وَلِهَذَا الحَدِيث طَرِيق آخر قَالَ أَحْمد فِي مُسْنده: ثَنَا حسن، ثَنَا ابْن لَهِيعَة، ثَنَا عَمْرو بن الْحَارِث، عَن عَمْرو ابْن شُعَيْب أَنه حَدثهُ أَن مولَى شُرَحْبِيل بن حَسَنَة حَدثهُ أَنه سمع عقبَة بن عَامر وَحُذَيْفَة بن الْيَمَان يَقُولَانِ: قَالَ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم: «كل مَا ردَّتْ عَلَيْك قوسك».

.الحديث السَّابِع عشر:

عَن أبي ثَعْلَبَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْه عَن النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: «إِذا رميت بسهمك فَغَاب عَنْك فَأَدْرَكته فكله مَا لم ينتن».
هَذَا الحَدِيث صَحِيح أخرجه مُسلم فِي صَحِيحه بِاللَّفْظِ الْمَذْكُور، وَفِي رِوَايَة لَهُ قَالَ «فِي الَّذِي يدْرك صَيْده بعد ثَلَاث: فكله مَا لم ينتن». وَفِي رِوَايَة لأبي دَاوُد: «إِذا رميت الصَّيْد فَأَدْرَكته بعد ثَلَاث لَيَال وسهمك فِيهِ فَكل مَا لم ينتن». قَالَ الْبَيْهَقِيّ: وأصحابنا النَّهْي عَن أكله إِذا أنتن للتنزيه لَا التَّحْرِيم. ثمَّ قَالَ الْبَيْهَقِيّ: وَقد رُوِيَ «أَنه عَلَيْهِ السَّلَام أكل إهالة سنخة» وَهِي الْمُتَغَيّر الرّيح.
قلت: وَأما أَبُو مُحَمَّد بن حزم فَقَالَ: وَسَوَاء أنتن أَو لم ينتن. قَالَ: وَلَا يَصح الْأَثر الَّذِي فِيهِ الَّذِي يدْرك صَيْده بعد ثَلَاث: «فكله مَا لم ينتن» لِأَنَّهُ من طَرِيق مُعَاوِيَة بن صَالح. هَذَا كَلَامه، وَقَالَ فِي مَوضِع آخر: مُعَاوِيَة بن صَالح لَيْسَ بِالْقَوِيّ.
قلت: مُعَاوِيَة هَذَا قَاضِي الأندلس. قَالَ أَحْمد وَابْن سعد وَالْعجلِي وَأَبُو زرْعَة: ثِقَة. وَكَانَ عبد الرَّحْمَن بن مهْدي يوثقه، وَكَانَ يَحْيَى بن سعيد لَا يرضاه. وَأخرج مُسلم الحَدِيث من جِهَته- كَمَا مَرَّ- وَكَذَا أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ.

.الحديث الثَّامِن عشر:

عَن عدي بن حَاتِم رَضِيَ اللَّهُ عَنْه عَن النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم مَعْنَى حَدِيث أبي ثَعْلَبَة الَّذِي قبله، وَقَالَ: «كُله إِلَّا أَن تَجدهُ وَقع فِي مَاء»
هَذَا الحَدِيث صَحِيح أخرجه الشَّيْخَانِ فِي صَحِيحَيْهِمَا وَقد تقدم أول الْبَاب، لَا جرم قَالَ الرَّافِعِيّ فِيهِ وَفِي الحَدِيث قبله: هما حديثان.

.الحديث التَّاسِع عشر:

عَن عدي بن حَاتِم رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قَالَ: «قلت: يَا رَسُول الله، إِنَّا أهل صيد، وَإِن أَحَدنَا يَرْمِي الصَّيْد فيغيب عَنهُ الليلتين وَالثَّلَاث فيجده مَيتا. فَقَالَ: إِذا وجدت فِيهِ أثر سهمك وَلم يكن فِيهِ سبع وَعلمت أَن سهمك قَتله فَكل».
هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ بِنَحْوِهِ، وَقد تقدم لَفْظهمَا فِي الحَدِيث الأول من أَحَادِيث الْبَاب.
قَالَ الرَّافِعِيّ: وَعَن ابْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما أَنه قَالَ: «كل مَا أصميت ودع مَا أنميت». وَهَذَا الْأَثر رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ بِإِسْنَاد فِيهِ رجل مَسْتُور أَو مَجْهُول عَن مَيْمُون بن مهْرَان قَالَ: «أَتَى أَعْرَابِي عبد الله بن عَبَّاس وَأَنا عِنْده فَقَالَ: أصلحك الله، إِنِّي أرمي الصَّيْد فأصمي وأنمي. فَقَالَ ابْن عَبَّاس: كل مَا أصميت ودع مَا أنميت»، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ أَيْضا من حَدِيث عبد الله بن أبي الْهُذيْل قَالَ: «أَمرنِي نَاس من أَهلِي أَن أسأَل لَهُم عبد الله بن عَبَّاس عَن أَشْيَاء، فكتبتها فِي صحيفَة فَأتيت لأسأله فَإِذا عِنْده نَاس يسألونه فَسَأَلُوهُ حَتَّى سَأَلُوهُ عَمَّا فِي صحيفتي، وَمَا سَأَلته عَن شَيْء، فَجَاءَهُ رجل أَعْرَابِي فَسَأَلَهُ فَقَالَ: إنى مَمْلُوك أكون فِي إبل أَهلِي فيأتيني الرجل يستسقيني أفأسقيه؟ قَالَ: لَا. قَالَ: فَإِن خشيت أَن يهْلك قَالَ: فاسقه مَا يبلغهُ ثمَّ أخبر بِهِ أهلك. قَالَ: فَإِنِّي رجل أرمي فأصمي وأنمي. قَالَ: مَا أصميت فَكل، وَمَا أنميت فَلَا تَأْكُل. قلت للْحكم: مَا الإصماء؟ قَالَ: الإقعاص. قلت: فَمَا الإنماء؟ قَالَ مَا توارى عَنْك».
قَالَ الْبَيْهَقِيّ: وَقد رُوِيَ هَذَا من وَجه آخر عَن ابْن عَبَّاس مَرْفُوعا: «كل مَا أصميت ودع مَا أنميت» وَهُوَ ضَعِيف.
قَالَ فِي خلافياته: فِيهِ عُثْمَان الوقاصي وَهُوَ ضَعِيف الحَدِيث لَا يحْتَج بروايته. قَالَ: وَالْمَشْهُور وَقفه عَلَى ابْن عَبَّاس.
قلت: وَرَوَاهُ الْحَافِظ أَبُو نعيم الْأَصْبَهَانِيّ فِي معرفَة الصَّحَابَة مَرْفُوعا أَيْضا من حَدِيث عَمْرو بن تَمِيم، عَن أَبِيه عَن جده قَالَ: «قلت: يَا رَسُول الله، إِنَّا أهل بَدو. قَالَ: إِذا رميت الصَّيْد فَكل مَا أصميت، وَلَا تَأْكُل مَا أنميت» وَفِيه مُحَمَّد بن سُلَيْمَان ابْن مسمول وَقد ضَعَّفُوهُ.
قَالَ الرّبيع: قَالَ الشَّافِعِي: «مَا أصميت» مَا قتلته الْكلاب وَأَنت ترَاهُ، و«مَا أنميت» مَا غَابَ عَنْك مَقْتَله.

.الحديث العشْرُونَ:

عَن عَائِشَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها «أَن قوما حَدِيث عهد بجاهلية يأْتونَ بلحمان لَا نَدْرِي أذكروا اسْم الله عَلَيْهَا أم لم يذكرُوا، أنأكل مِنْهَا أم لَا؟
فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم: اذْكروا اسْم الله وكلوا»
.
هَذَا الحَدِيث صَحِيح رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي صَحِيحه وَأَبُو دَاوُد- بِإِسْنَاد عَلَى شَرط البُخَارِيّ- وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه بِإِسْنَاد عَلَى شَرط الشَّيْخَيْنِ، وَهُوَ عمدتنا فِي أَن مَتْرُوك التَّسْمِيَة حَلَال، وَرُوِيَ مُرْسلا وموصولاً، وَقد علمت أَن الْوَصْل مقدم، وانتصر ابْن عبد الْبر وَابْن الْجَوْزِيّ لمذهبهما فَقَالَ ابْن عبد الْبر فِي تمهيده: فِي هَذَا الحَدِيث أَن مَا ذبحه الْمُسلم وَلم يعرف اسْم الله عَلَيْهِ أم لَا أَنه لَا بَأْس بِأَكْلِهِ، وَهُوَ مَحْمُول عَلَى أَنه قد سَمّى وَالْمُؤمن لَا يظنّ بِهِ إِلَّا الْخَيْر، وذبيحته وصيده أبدا مَحْمُول عَلَى السَّلامَة حَتَّى يَصح فِيهِ غير ذَلِك من تعمد ترك التَّسْمِيَة وَنَحْوه.
وَقَالَ ابْن الْجَوْزِيّ فِي مُشكل الصَّحِيحَيْنِ: الظَّاهِر من الْمُسلم والكتابي أَنه يُسَمِّي، فَيحْتَمل أمره عَلَى سَائِر أَحْوَاله، وَلَا يلْزمنَا سُؤَاله عَلَى هَذَا. وَقَوله: «سموا أَنْتُم وكلوا» لَيْسَ بِمَعْنى أَنه يُجزئ عَمَّا لم يسم عَلَيْهِ وَلَكِن لِأَن التَّسْمِيَة عَلَى الطَّعَام سنة. هَذَا آخر كَلَامهمَا وَلَا يخْفَى مَا فِيهِ.

.الحديث الحَادِي بعد الْعشْرين:

عَن الْبَراء بن عَازِب رَضِيَ اللَّهُ عَنْه أَن النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: «الْمُسلم يذبح عَلَى اسْم الله سَمّى أَو لم يسم».
هَذَا الحَدِيث لَا أعلم من رَوَاهُ من هَذَا الْوَجْه بعد الْبَحْث عَنهُ، وَأغْرب الْغَزالِيّ فِي الْإِحْيَاء فَقَالَ: حَدِيث الْبَراء صَحِيح. وَلَا أعلمهُ مرويًّا من هَذَا الْوَجْه عوضا عَن كَونه صَحِيحا، وَالَّذِي يحضرني رِوَايَته من حَدِيث ثَوْر بن يزِيد عَن الصَّلْت قَالَ: قَالَ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم: «ذَبِيحَة الْمُسلم حَلَال ذكر اسْم الله أَو لم يذكر؛ لِأَنَّهُ إِن ذكر لم يذكر إِلَّا اسْم الله» رَوَاهُ كَذَلِك أَبُو دَاوُد فِي مراسيله قَالَ عبد الْحق: هَذَا مُرْسل وَضَعِيف، وَقد أسْندهُ الدَّارَقُطْنِيّ من حَدِيث ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: «الْمُسلم يَكْفِيهِ اسْمه، فَإِن نسي أَن يُسَمِّي حِين يذبح فليسم، وليذكر اسْم الله عَلَيْهِ ثمَّ ليَأْكُل» وَعَن أبي هُرَيْرَة فِيمَن نسي التَّسْمِيَة أَيْضا قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم: «اسْم الله عَلَى فَم كل مُسلم» وكلا الْحَدِيثين ضَعِيف. وَلم يبين سَبَب ذَلِك، وَبَينه ابْن الْقطَّان فِي كَلَامه عَلَيْهِ فَقَالَ: سَبَب الضعْف فِي الأول هُوَ أَن الصَّلْت لَا يعرف لَهُ حَال، وَلَا يعرف بِغَيْر هَذَا، وَلَا رَوَى عَنهُ إِلَّا ثَوْر بن يزِيد.
قلت: لَكِن ذكره ابْن حبَان فِي ثقاته وَأما سَبَب الضعْف فِي الثَّانِي- فَلَيْسَ فِي إِسْنَاده عَلَى أصل عبد الْحق إِلَّا ثِقَة- مُحَمَّد بن يزِيد وَهُوَ ابْن سِنَان الرهاوي، وَقد رَوَى عَنهُ النَّاس مِنْهُم أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ وَمُحَمّد بن مُسلم بن وارة، وَقَالَ أَبُو حَاتِم: لَيْسَ بالمتين، هُوَ أَشد غَفلَة من أَبِيه مَعَ أَنه كَانَ رجلا صَالحا صَدُوقًا لم يكن من أحلاس الحَدِيث وَكَانَ يرجع إِلَى ستر وَصَلَاح وَكَانَ النُّفَيْلِي يرضاه. وَقَالَ أَبُو أَحْمد: لَهُ أَحَادِيث لَا يُتَابع عَلَيْهَا. قَالَ: وَأما معقل بن عبيد الله الْمَذْكُور فِي إِسْنَاده فَإِنَّهُ وَإِن كَانَ يضعف فَإِن عبد الْحق يقبله.
قلت: وَأما ابْن الْجَوْزِيّ فَإِنَّهُ أعله فِي تَحْقِيقه بِهِ وَأغْرب فَقَالَ: إِنَّه مَجْهُول. وَهُوَ عجب؛ فَإِنَّهُ معقل بن عبيد الله الْجَزرِي الْحَرَّانِي، كَمَا صرح بِهِ الْبَيْهَقِيّ وَابْن الْقطَّان، وَهُوَ من رجال مُسلم. وَقَالَ ابْن معِين وَغَيره: لَيْسَ بِهِ بَأْس. وَقَالَ ابْن معِين فِي رِوَايَة الكوسج: ثِقَة. وَقَالَ فِي رِوَايَة مُحَمَّد بن صَالح: ضَعِيف. والغريب مِنْهُ أَنه ذكره فِي كتاب الضُّعَفَاء وَاقْتصر فِيهِ عَلَى هَذِه القولة الثَّالِثَة فَكيف يكون مَجْهُولا إِذن؟! وَأما سَبَب الضعْف فِي الثَّالِثَة فَهُوَ أَن فِيهِ مَرْوَان بن سَالم الْغِفَارِيّ، وَلَيْسَ بِثِقَة بل هُوَ ضَعِيف، وَلَيْسَ بِمَرْوَان بن سَالم الْمَكِّيّ.
قَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي حَدِيث ابْن عَبَّاس: إِن الْمَحْفُوظ وَقفه عَلَيْهِ.
قلت: وَقد أخرجه ابْن السكن فِي سنَنه الصِّحَاح المأثورة كَذَلِك، وَعنهُ أَنه قَالَ فِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة: إِنَّه حَدِيث مُنكر.

.الحديث الثَّانِي بعد الْعشْرين:

«أَن النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه مروا بِظَبْيٍ حَاقِف، فهم أَصْحَابه بِأَخْذِهِ فَقَالَ النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم: دَعوه حَتَّى يَجِيء صَاحبه».
هَذَا الحَدِيث صَحِيح رَوَاهُ مَالك فِي الْمُوَطَّأ وَالنَّسَائِيّ فِي سنَنه وَأَبُو حَاتِم بن حبَان وَالْحَاكِم فِي صَحِيحَيْهِمَا من حَدِيث الضمرِي عَن الْبَهْزِي واسْمه زيد بن كَعْب- عَلَى مَا قَالَه الْخَطِيب فِي مبهماته وَغَيره- «أَن رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم خرج يُرِيد مَكَّة وَهُوَ محرم حَتَّى إِذا كَانَ بِالرَّوْحَاءِ إِذا حمَار وَحشِي عقير، فَذكر ذَلِك لرَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ رَسُول الله: دَعوه فَإِنَّهُ يُوشك أَن يَأْتِي صَاحبه. فجَاء الْبَهْزِي- وَهُوَ صَاحبه- إِلَى رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله، شَأْنكُمْ بِهَذَا الْحمار. فَأمر رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم أَبَا بكر فَقَسمهُ بَين الرفاق، ثمَّ مَضَى حَتَّى إِذا كَانَ بالأثاية بَين الرُّوَيْثَة وَالْعَرج إِذا ظَبْي حَاقِف وَفِيه سهم، فَزعم أَن رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمر رجلا يقف عِنْده لَا يرِيبهُ أحد من النَّاس حَتَّى يُجَاوِزهُ». وَرَوَاهُ أَحْمد فِي مُسْنده بِنَحْوِهِ.
فَوَائِد:
الأولَى: قَالَ الْخَطِيب فِي مبهماته: الرجل الْمَأْمُور بِالْإِقَامَةِ عَلَيْهِ ليحفظه هُوَ أَبُو بكر الصّديق رَضِيَ اللَّهُ عَنْه.
قلت: وَوَقع فِي سنَن ابْن مَاجَه من حَدِيث عِيسَى بن طَلْحَة بن عبيد الله، عَن أَبِيه طَلْحَة «أَن النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم أعطَاهُ حمَار وَحش وَأمره أَن يفرقه فِي الرفاق» قَالَ الْحَافِظ جمال الدَّين الْمزي فِي أَطْرَافه: قَالَ يَعْقُوب بن شيبَة: هَذَا الحَدِيث لَا أعلم رَوَاهُ هَكَذَا غير ابْن عُيَيْنَة، وَأَحْسبهُ أَرَادَ أَن يختصره فَأَخْطَأَ فِيهِ، وَقد خَالفه النَّاس فِي هَذَا الحَدِيث، رَوَاهُ مَالك وجماعات من حَدِيث عِيسَى بن طَلْحَة، عَن عُمَيْر بن سَلمَة، عَن رجل من بهز، عَن النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالُوا جَمِيعًا فِي حَدِيثهمْ: «فَأمر رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم أَبَا بكر أَن يقسمهُ فِي الرفاق وهم محرمون» وَلَعَلَّ ابْن عُيَيْنَة حِين اخْتَصَرَهُ لحقه الْوَهم؛ لِأَن فِي إِسْنَاد الحَدِيث عِيسَى بن طَلْحَة فَقَالَ: عَن أَبِيه. والبهزي يُقَال إِن اسْمه زيد بن كَعْب وَهُوَ من بني سليم، وَهُوَ صَاحب الظبي الحاقف.
قلت: وَقد رَوَاهُ كَمَا رَوَاهُ النَّاس أَحْمد فِي مُسْنده وَالْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه فِي آخر كتاب المناقب فِي تَرْجَمَة عُمَيْر بن سَلمَة الضمرِي قَالَ: «بَينا نَحن نسير مَعَ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ محرم إِذا نَحن بِحِمَار وَحش معقور فَذَكرته للنَّبِي فَقَالَ: دَعوه. فَأَتَاهُ الَّذِي عقره وَهُوَ رجل من بهز...» الحَدِيث كَمَا سلف، وَإِسْنَاده صَحِيح. ثمَّ اعْلَم أَنه وَقع فِي الْمُهَذّب للشَّيْخ أبي إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ تَغْيِير فِي اسْم رَاوِي هَذَا الحديث الذِي أوردناه فَقَالَ: رجل من فهر بهاء مَكْسُورَة وَرَاء.
قَالَ النَّوَوِيّ فِي تهذيبه: وَكَذَا نَقله بعض الْأَئِمَّة الْفُضَلَاء عَن خطّ المُصَنّف وَهُوَ غلط وتصحيف، وَالصَّوَاب: رجل من بهز. بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وبالزاي.
الْفَائِدَة الثَّانِيَة:
«الروحاء» مَمْدُود: قَرْيَة جَامِعَة لمزينة عَلَى لَيْلَتَيْنِ من الْمَدِينَة بَينهمَا أحد وَأَرْبَعُونَ ميلًا. قَالَه أَبُو عبيد الْبكْرِيّ. وَقَالَ الْمُحب فِي أَحْكَامه: الروحاء منهل مَعْرُوف قَرِيبا من الْمَدِينَة.
الْفَائِدَة الثَّالِثَة:
مَعْنَى «عقير»: معقور، كَمَا فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى.
الرَّابِعَة:
فِي ضَبطه أَسمَاء الْأَمَاكِن الْوَاقِعَة فِيهِ: «الأُثاية» بِضَم أَولهَا ثمَّ مُثَلّثَة وبهاء فِي الْآخِرَة قبلهَا يَاء مثناة تَحت. كَذَا ضَبطهَا الْبكْرِيّ فِي مُعْجَمه بِضَم أَولهَا. وَقَالَ الْحَازِمِي فِي المؤتلف والمختلف: أثاية رَوَاهُ قوم أَثَاثَة وأثانة بالثاء الْمُثَلَّثَة وبالنون، وَالصَّحِيح هُوَ الأول بِفَتْح همزته وكسرتها مَوضِع فِي طَرِيق الْجحْفَة، بَينهَا وَبَين الْمَدِينَة خَمْسَة وَعِشْرُونَ فرسخًا. وَعبارَة الْمُحب فِي أَحْكَامه أَنه مَوضِع مَعْرُوف بغرب مَكَّة، وَهِي مقَالَة بِالضَّمِّ وَبَعْضهمْ يكسرها. والرويثة اسْم مَوضِع قريب مِنْهَا. و«العرج» بِفَتْح الْعين وَسُكُون الرَّاء، كَذَا ضَبطه الْحَازِمِي فِي أَسمَاء الْأَمَاكِن: عقبَة بَين مَكَّة وَالْمَدينَة عَلَى جادة الْحَاج.
وَقَالَ الْبكْرِيّ فِي مُعْجَمه: هِيَ عقبَة بَينهَا وَبَين الرُّوَيْثَة أَرْبَعَة وعشر ميلًا، وَبَين الرُّوَيْثَة وَالْمَدينَة أحد وَعِشْرُونَ فرسخًا، وَمن العرج إِلَى السقيا سَبْعَة عشر ميلًا، وَالْعَرج من بِلَاد أسلم. قَالَ كثير: إِنَّمَا سمي العرج لتعريجه. وَعبارَة الْمُحب فِي أَحْكَامه: «العرج»- بِإِسْكَان الرَّاء ثمَّ جِيم- قَرْيَة جَامِعَة من عمل الْفَرْع عَلَى إِمَام الْمَدِينَة و«العرج» أَيْضا مَوضِع بِالطَّائِف، وَإِلَيْهِ ينْسب العرجي من ولد عُثْمَان بن عَفَّان لشكاية من أجل مَال كَانَ لَهُ فِيهِ، وَهُوَ الْقَائِل: أضاعوني... الْبَيْت.
الْفَائِدَة الْخَامِسَة:
«الحاقف» هُوَ المنحني الْعَاجِز عَن الِامْتِنَاع. قَالَه الرَّافِعِيّ فِي الْكتاب، وَعبارَة الْمُحب فِي أَحْكَامه: حَاقِف أَي: منحني كَأَنَّهُ قَائِم قد انحنى فِي نَومه لَا يرِيبهُ وَلَا يزعجه وَلَا يتَعَرَّض إِلَيْهِ.
هَذَا آخر الْكَلَام عَلَى أَحَادِيث الْبَاب.
وَذكر فِيهِ من الْآثَار أثرا وَاحِدًا وَقد سلف فِي أثْنَاء الحَدِيث التَّاسِع عشر.

.كتاب الضَّحَايَا:

كتاب الضَّحَايَا:
ذكر فِيهِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَحَادِيث وآثارًا: