فصل: مسألة قال أنفقوا على أمهات أولادي وأوصى بخادم تخدمهن فعلى من نفقة الخادم:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: البيان والتحصيل والشرح والتوجيه والتعليل لمسائل المستخرجة



.مسألة يوصي لمكاتبه بوضع نجم من نجومه:

ومن كتاب يوصي لمكاتبه بوضع نجم من نجومه:
وسألته عن رجل هلك وترك ولدا وترك ثلاثة أعبد، وليس مع الولد وارث غيره، فقال: هذا العبد أوصى أبي بعتقه، ثم قال بعد ذلك: لا ليس هو هذا، ولكن هو هذا، ثم قال بل هو هذا، حتى ينصهم بثلاثتهم. قال يُقوَّمون ثلاثتهم ثم ينظر إلى قيمتهم ثلاثتهم فيعتق في كل واحد ثلث قيمتهم ثلاثتهم سواء أعتقوا ثلاثتهم، وإن كانت قيمتهم مختلفة فمن كانت قيمته منهم ثلث قيمتهم ثلاثتهم، عتق كله. ومن كانت قيمته أكثر من ثلث قيمتهم عتق منه ما حمل الثلث من قيمتهم. فعلى هذا يعتقون.
قال محمد بن رشد: المعنى في هذه المسألة إن لم يكن له مال غيرهم، ولذلك قال: إنه يعتق في كل واحد منهم ثلث قيمتهم ثلاثتهم؛ لأنه قد أقر لكل واحد منهم أنه هو المعتق، فوجب أن يعتق إن كانت قيمته ثلث قيمتهم ثلاثتهم فأقل، مثال ذلك أن تكون قيمة أحدهم عشرة، وقيمة الثاني عشرون، وقيمة الثالث ثلاثون، فالذي قيمته عشرة، يقول له: قد أقررت لي أني أنا هو الذي أوصى أبوك بعتقه، فأعتقني؛ لأن قيمتي أقل من الثلث، والذي قيمته عشرون يقول له: قد أقررت لي أنا هو الذي أوصى أبوك بعتقه، فأعتقني؛ لأن قيمتي الثلث. والذي قيمته ثلاثون يقول له: قد أقررت لي أني أنا هو الذي أوصى أبوك بعتقه، فأعتق مني ثلث قيمة العبيد؛ إذ لم يترك أبوك مالا غيرهم، فهو عشرون، فيعتق منه ثلثاه، ولو ترك من المال سوى العبيد ثلاثين دينارا لعتق جميع العبد الذي قيمته ثلاثون أيضا لحمل الثلث له، فالأصل في هذا أن يعتق كل واحد منهم إن كان يحمله ثلث مال الميت، ومن لم يحمله منهم ثلث الميت، عتق ما حمل الثلث منه. وبالله التوفيق.

.مسألة يأتيه الخبر أن غلامه هلك فيوصي بوصايا فيأتي خبر أن ذلك الغلام حي:

وسألته عن الرجل يأتيه الخبر، أن غلامه هلك، وأن سفينته غرقت، وأن فرسه مات، أو نحو ذلك من الأمور، فتحضره الوفاة فيوصي بوصايا، ثم يموت، فيأتي خبر أن ذلك الغلام حي، والفرس حي، والسفينة لم تغرق، قال ابن القاسم: إن كانت قامت عنده البينة، وشهد قوم عنده قبل الوصية أو بعدها أن العبد مات، والسفينة غرقت، والفرس مات، أو بلغه ذلك فطال زمانه، ويئس منه، ثم جاء خبر بعد موته أنه لم يذهب منه شيء، فلا يدخل فيه شيء من الوصايا، وهو كَمَالٍ طارئ لم يعلم به، وإن كان ذلك شيء بلغه، فلم يلبث إلا يسيرا حتى مات، ولم يشهد عنده أحد بهلاكه، إلا خبر بلغه، فإن الوصايا تدخل فيه.
قلت فالعبد يأبق؟ قال: تدخل فيه الوصايا متى ما رجع.
قال محمد بن رشد: قد تقدمت هذه المسألة والقول فيها في أول سماع أشهب، فلا معنى لإعادته وبالله التوفيق.

.مسألة قال أنفقوا على أمهات أولادي وأوصى بخادم تخدمهن فعلى من نفقة الخادم:

ومن كتاب أوصى أن ينفق على أمهات أولاده:
سمعت عبد الرحمن بن القاسم، وسئل عمن أوصى فقال: أنفقوا على أمهات أولادي ثلاث سنين، وأوصى بخادم تخدمهن حياتهن، على من نفقة الخادم؟ قال: نفقتها في الثلاث سنين من مال الميت، فإذا انقضت فنفقتها عليهن، قيل: فإن قال: أنفقوا عليهن كلهن ثلاث سنين، في كل سنة عشرة دنانير، أيكون للخادم نفقة من مال الميت في ثلاث سنين؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال لمكان التسمية؛ لأنه قد سمى ما ينفق عليهن، فليس يزدن عليه.
قال محمد بن رشد: قوله: وأوصى بخادم تخدمهن حياتهن، يدل على أنه إن لو لم يوص لهن بذلك، لم يفرض لهن في الثلاث سنين خدمة في جملة النفقة، وهو قول ابن الماجشون؛ لأنه لا يفرض للموصى له بالنفقة للخدمة إلا بوصية. وقد مضى هذا وما يدخله من الخلاف في رسم الأقضية الثاني من سماع أشهب. وأما إذا سمى ما ينفق عليهن في كل سنة من الدنانير، فلا إشكال في أنهن لا يزدن على ذلك شيئا في إخدام ولا في نفقة من أوصى بخدمتهن؛ إذ لا يصح أن يزدن على ما أوصى به لهن، والله الموفق.

.مسألة أوصى فقال أنفقوا على أم ولدي ما دامت مقيمة على ابنها:

قيل: فرجل أوصى فقال: أنفقوا على أم ولدي ما دامت مقيمة على ابنها ما لم تنكح ما عاشت، فمات الابن، وقالت: لا أنكح وطلبت النفقة. قال: لا أرى ذلك لها ولا أرى أن ينفق عليها.
قال محمد بن رشد: هذا كما قال لأنه إنما أوصى بالنفقة ما لم تنكح بشرط قيامها على ابنها؛ إذ لا غرض للموصي في ترك نكاحها إلا ما لابنه من المنفعة في ذلك بحسن قيامها عليه، فإذا مات الولد، ذهب الذي من أجله أوصى لها بالنفقة، فوجب أن تسقط. وبالله التوفيق.

.مسألة قال أنفقوا على أم ولدي ما عاشت ما لم تنكح:

قيل له: فرجل قال: أنفقوا على أم ولدي ما عاشت ما لم تنكح، فصالحها الورثة من النفقة التي لها حياتها بشيء يدفعونه إليها، قال: لا بأس به. قيل له: فأرادت النكاح. ألهم أن يرجعوا في الصلح؟ قال: لا. قيل: أفتمنع من النكاح؟ قال: لا أرى أن تمنع من النكاح. قال عيسى: وإن ماتت بعد اليوم أو اليومين لم تتبع بشيء.
قال محمد بن رشد: قد تقدمت هذه المسألة والقول فيها في آخر رسم البيوع الأول من سماع أشهب، فلا معنى لإعادته.

.مسألة أوصى فقال لفلان مثل نصيب أحد ولدي وليس له ولد:

وسئل عمن أوصى، فقال: لفلان مثل نصيب أحد ولدي وليس له ولد، وجعل يطلب الولد، فقدر أن مات ولم يولد له. قال: ليس للموصى له شيء؛ لأنه لم يثبت له شيء، واحتج في ذلك بمسألة مالك في الذي قال: اكتبوا ما بقي من ثلثي لفلان، حتى أنظر لمن أوصي فمات قبل أن يوصي بشيء غير ذلك. قال مالك: ليس للموصى له ببقية الثلث شيء.
قال محمد بن رشد: هذا كما قال: لأنه لا شيء للموصى له بمثل نصيب أحد ولده إذا مات قبل أن يكون له ولد؛ لأن المعنى فيما أوصى به إن له مثل نصيب أحد ولده إن كان له ولد، فإذا لم يكن له ولد بطلت الوصية. ولا اختلاف أحفظه في هذا.
وأما المسألة التي احتج بها في قول مالك، فأشهب يخالف فيها، ويرى له الثلث كله، ووجه ما ذهب إليه أنه لما جعل له ما بقي من ثلثه، ثم لم يوص بعد بشيء، تبين أنه أراد أن يبقى له جميع الثلث. ووجه قول مالك: أنه كان مجمعا على أن يوصي ولا يدري لو أوصى هل كان يفضل من الثلث شيء أم لا؟ ولا تكون الوصايا بالشك، كما لا يكون الميراث به، فلكلا القولين وجه من النظر. وقد وقع في سماع محمد بن خالد بعد هذا من قول أشهب في بعض الروايات، أن له ثلث الثلث، مكان ثلث الميت، فقيل: إنه غلط في الرواية، وتصحيف فيها، وقيل إنه اختلاف من قول أشهب، وإنه قول ثالث في المسألة. وعلى ذلك حمله ابن حارث في كتاب الاتفاق والاختلاف له وهو بعيد لا وجه له في النظر. ولو قيل: إن له نصف الثلث، لكان قولا له وجه؛ لأنه يقول: لي الثلث كله، ويقول الورثة: لا شيء لك منه، فيقسم بينهما بنصفين. وقول مالك هذا هو قوله في رسم بع ولا نقصان عليك، ورسم أسلم بعد هذا من هذا السماع، وبالله التوفيق.

.مسألة أوصى الرجل أن ربع عبده حر:

قال مالك: وإذا أوصى الرجل أن ربع عبده حر، لم يقوم على العبد ما بقي منه؛ لأن السيد هو المعتق، وإذا أوصى لعبده بربع نفسه، عتق وقوم على العبد ما بقي منه. قال مالك: لأنه لو كان بين اثنين فأعتق أحدهما مصابته قُوِّم عليه، فالعبد إذا ملك بعض نفسه أحرى أن يُقَوَّم عليه ما بقي منه؛ لأنه ما ملك من نفسه عتق. قال ابن القاسم، فإن أوصى لعبده بربعه وثلث ما بقي من ثلثه، لعتق عن نفسه فيما أوصى له به.
قال محمد بن رشد: لا اختلاف إذا أوصى الرجل بعتق بعض عبده أنه لا يقوم على العبد بقيته إذا لم يعتق عليه شيء منه، وإنما اختلف إذا أوصى له بثلثه، أو بثلث ماله فعتق ثلثه عليه؛ إذ لا يصح له ملك نفسه، هل يُقَوَّم عليه باقيه في مال إن كان له، أو فيما بقي من ثلث سيده إن كان أوصى له بثلث ماله، على ما مضى القول فيه في رسم أخذ يشرب خمرا من سماع ابن القاسم، وما يأتي في رسم أسلم ورسم الرهون من هذا السماع، وفي سماع أبي زيد، وبالله التوفيق.

.مسألة قال لفلان مالي ولفلان سدس مالي:

وقال: لو قال لفلان: مالي ولفلان سدس مالي فإن الثلث يقوم بينهما على سبعة أجزاء لهذا ستة، ولهذا جزء.
قال محمد بن رشد: هذا مثل ما في المدونة وهو مما لا اختلاف فيه أحفظه في المذهب، وسواء كان المال على السدس، أو السدس على المال، وسواء كان ذلك في نسق واحد، أو لم يكن في نسق واحد، أو كان في وقتين؛ لأن الوصية بالمال أو جزء منه، أو بالجزئين من المال في وقت واحد، أو في وقتين، لا تدخل إحدى الوصيتين على الأخرى، ولكل واحد منهما وصيته التي أوصي له بها، يحاص بها أهل الوصايا إن ضاق الثلث عنها، بخلاف العبد يوصي به لرجل بجزء منه الآخر إنهما يشتركان في الجزء الذي أوصى به منه، وإن كان ثم مع العبد وصايا يضيق الثلث من جميعها، ضربا جميعا بقيمة العبد في الثلث، ولم يضرب هذا فيه بقيمة العبد، وهذا بالجزء الذي أوصى له به، كما لو أوصى لرجلين، واحد بعد واحد، لم يضربا جميعا إلا بقيمة العبد، بخلاف إذا أوصى بجميع ماله، أو بثلثه لرجل، ثم أوصى بعد ذلك لرجل آخر بمثل ذلك، إن كان واحدا مما يضرب بوصيتة كاملة. وبالله التوفيق.

.مسألة نعجة أوصي لرجل بصوفها وللآخر بجلدها:

قال وسمعت ابن القاسم وسئل عن نعجة أوصي لرجل بصوفها وللآخر بجلدها، فاستؤني بها حتى ولدت أولادا قال: أما صاحب الصوف فليس له من ولدها قليل ولا كثير، وأما صاحب الجلد فله قيمة الجلد، ولا شيء له في الولد.
واحتج بقول مالك في البعير الذي بيع على أن ينحر واستثني جلده واستحيي إنما له قيمة الجلد، وقال في النعجة: إنما شأنها ووجه الوصية فيها على الموت أن تذبح فاستحييت، فله قيمة جلدها، أو لم يكن على الموت، فلا يكون له في الولد شيء، وإنما هو أحد هذين الوجهين وإنما هو على الموت، فليس له إلا قيمة جلدها.
قال محمد بن رشد: قوله في صاحب الصوف إنه ليس له من ولدها قليل ولا كثير بين، إذ ليس لصاحب الصوف من رقبة النعجة شيء، ولا من أولادها، وإن استحياها صاحب الجلد وصاحب اللحم، فأبقياها بينهما على الاشتراك. وأما قوله في صاحب الجلد: إن له قيمة الجلد ولا شيء له، في الولد ففيه نظر؛ لأن القياس في هذه النعجة الموصى لأحد الرجلين بجلدها، وللآخر بلحمها، أن يكونا شريكين فيها. هذا بقيمة الجلد، وهذا بقيمة اللحم، ولا يكون لصاحب اللحم أن يعطى صاحب الجلد قيمته، ولا شراؤه، كما لو اشترى أحدهما جلد الشاة، والآخر لحمها. وقد قال ذلك ابن حبيب في الواضحة إذا اشترى أحدهما الرأس والآخر البقية: إنه ليس للذي اشترى بقيتها أن يعطي صاحب الرأس شرواه ولا قيمته ويستحييها ولكن يكونان شريكين جميعا على قدر الأثمان. وإنما قال مالك في الذي يبيع الشاه ويستثني جلدها أن للمبتاع أن يعطى البائع شروى الجلد أو قيمته على القول بأن المستثنى مبقى على ملك البائع استحسانا؛ مراعاة لقول من يرى المستثنى بمنزلة المشترى لأن من اشترى جلد الشاة قبل أن تذبح، على القول بجواز الشراء للبائع أن يعطي المشتري شروى الجلد أو قيمته، ويستحي الشاة، وليس للمبتاع أن يمتنع من ذلك، لقول النبي عَلَيْهِ السَّلَامُ: «لا ضرر ولا ضرار» قياسا على من وجب له بقض عرصة، فأراد أن يهدمه ويأخذه، إن لرب العرصة أن يأخذه بقيمته منقوضا وما أشبه ذلك، فقول ابن القاسم في هذه المسألة: إن للموصى له بلحم الشاة أن يعطي الموصى له بجلدها قيمته ويستحييها هو مثل ما روي عنه فيمن وهب لرجل لحم شاته والآخر جلدها وأكارعها أن للذي وهب له لحمها أن يعطي للذي وهب له جلدها وأكارعها مثل ذلك، أو قيمتها ويسحييها، وذلك استحسان، لا يحمله القياس ولو كان ذلك من حقه بوجه القياس، لما وجب أن يكون الولد له، إلا إذا حدث بعد أن استخلص الشاة، بإعطاء صاحب الجلد قيمة جلده، وأما إذا غفل عن ذلك حتى ولدت أولادا فلا يصح في وجه النظر، والقياس. أن يكون الأولاد له، وإنما الواجب أن يكون الولد بينهما كما كانت تكون المصيبة فيها منهما جميعا لو هلكت. وهذا بين. والحمد لله.

.مسألة وصى في مرضه فقال مسح الشعير أعطوه فلانا فهل يأخذه بالطعام:

وسئل عن رجل حضرته الوفاة وفي بيته حس ومسح مملؤين طعاما فقال مسح الشعير أعطوه فلانا، هل يأخذه بالطعام أو بغير الطعام؟ قال: بل بالطعام. قيل فلو قال: الخريطة الحمراء أعطوها فلانا، والخريطة مملوءة دنانير. قال: تكون له الخريطة وما فيها.
قال محمد بن رشد: وقعت هذه المسألة في رسم بع ولا نقصان عليك من هذا السماع من كتاب المديان والتفليس، ووصل بها قال: ابن القاسم في الذي يقول: أعطوا فلانا زقا كذا وكذا فيوجد الزق مليئا عسلا قال: يعطاه بالعسل، قيل: فلو كان مليئا دراهم، قال: إذا لا يكون له إلا الزق إلا أن يكون عرف أن فيه دراهم، فهو له. والوجه في ذلك أنه إذا كان الطرف الذي أوصى به للرجل مملؤا مما جرت العادة أنه يجعل فيه حملت وصيته على أنه أراد أن يعطاه بما فيه، وإن كان مملوءا بغير ما جرت العادة أن يجعل فيه، لم يكن له مما فيه، إلا أن يقول: أعطوه إياه بما فيه، أو يعلم أنه عرف يوم أوصى أنه كان فيه ما وجد بعد موته فيه، إذ لا يصح أن يعطى بالوصية إلا ما يرى أن الموصي أراده، وبالله التوفيق.

.مسألة أراد أن يوصي وأحضر شهودا فأوصى لأقوام:

ومن كتاب أوله بع ولا نقصان عليك:
وسئل عن رجل أراد أن يوصي وأحضر شهودا فأوصى لأقوام أو لم يوص بشيء، فقال: إني أريد أن أؤخر وصيتي إلى غد، فأوصي، ولكن ما بقي من ثلثي فلفلان، فيموت قبل أن يوصي قال: قال مالك: لا شيء له، إذا أخر وصيته فمات قبل أن يوصي؛ لأنه لا يرث أحد أحدا بالشك، فكذلك الذي يعلم أنه إنما أوصى لرجل ببقية الثلث، وهو يريد أن يقدم قبله وصايا، فلم يقدمها وفات بنفسه، ولم يعلم أنه ترك الوصية لهم، فلا وصية لهم؛ لأنه لا يدري أكان يفضل له شيء أم لا؟؛ لأنه كان مجمعا على أن يقدم قبله وصايا؛ لأنه على ذلك أشهد وإنما جعل له ما فضل بعد تلك الوصايا فلا يعلم الذي له، فلا شيء له.
قال محمد بن رشد: قد تقدمت هذه المسألة والقول فيها في الرسم الذي قبل هذا. فلا معنى لإعادته وبالله التوفيق.

.مسألة قال جزء من مالي أو سهم من مالي لفلان:

قال ابن القاسم في رجل قال: جزء من مالي أو سهم من مالي لفلان، فمات، قال: أرى أن ينظر من حيث يقوم أصل فريضتهم، فيعطى منها سهما إن كانت من ستة أسهم، وإن كانت اثني عشر فسهم من اثني عشر وإن كانت من أربعة وعشرين فسهم من أربع وعشرين، وإن كانت ورثته أولادا فقط، فإن كان رجلا وابنة أعطى سهما من ثلاثة، وإن كان رجلا وامرأتين فسهم من أربعة، وإن كانا رجلين وامرأتين، فسهم من ستة أسهم، فعلى هذا فاحسب، قلوا أو كثروا، وإن لم يكن إلا ولدا واحدا، فله سهم من ستة؛ لأنه أدنى ما يقوم منه سهم أهل الفرائض. قال أشهب: له سهم من ثمانية. لأني لم أجد أحدا ممن فرض الله له سهما أقل من الثمن. قلت: فإن كانت الفريضة أصلها من ستة، وهي تربوا حتى تنتهي عشرة، فمن عشرة يعطى سهما أم من ستة؟ قال: من عشرة.
قال محمد بن رشد: إنما جعل ابن القاسم السدس إذا لم يكن له ورثة، فيعطيه سهما من سهام فريضتهم التي تنقسم عليها مواريثهم؛ لأن السدس أقل سهم مفروض لأهل النسب من الورثة، فأعطي الموصى له أقل سهم فرضه الله لمن يرث الميت من أهل نسبه. وإنما أراد أشهب له الثمن لأنه أقل سهم فرضه الله لمن يرث الميت من أهل نسبه وهو الأظهر؛ لأن هذا إنما يرجع فيه إلى ما يرى أن الميت أراده وقصده، وإذا احتمل أن يريد الموصي السدس للمعنى الذي رآه ابن القاسم، واحتمل أن يريد الثمن للمعنى الذي رآه أشهب، وجب أن لا يكون له إلا الأقل، ويسقط الزائد للشك فيه. وبالله التوفيق.

.مسألة أوصى لأربعة نفر بوصايا مختلفة:

وقال أشهب في رجل أوصى لأربعة نفر بوصايا مختلفة أوصى لواحد بعشرة دنانير، ولآخر بعشرين، ولآخر بثلاثين، ولآخر بأربعين، فكلم في رجل، فقال: والله ما بقي شيء، ولكن هو شريك معهم، فمات، قال: يعطى نصف وصية كل واحد مما أوصى لهم له، ليس من بقية الثلث بعد وصايا هؤلاء، ولكن من وصاياهم، قيل له: فإنه قال: هو شريك معهم بالسوية، قال: يعطى ربع كل وصية إذا كانوا أربعة، وإن كانوا خمسا فخمسها، فعلى هذا يعطى، ينظر إلى عدد الذين أوصى لهم، فإن كانوا ثلاثة، كان رابعا أعطى ثلث ما أوصى به لكل واحد منهم، وإن كانوا أربعة، فربع كل إنسان، وإن كانوا خمسة فخمس كل إنسان على هذا بحسب إذا قال شريك بالسواء، فإن كانوا ثلاثة كان رابعهم، وإن كانوا خمسة كان سادسهم، وإن كانوا ستة، كان سابعهم، فعلى هذا يحسب. قد قال ابن القاسم في غير هذا الكتاب وهو كتاب العشور من سماع عيسى بن دينار، في رجل أوصى لرجل بمائة، ولآخر بمائتين. ولآخر بثلاثمائة، فكلم في آخر، فقال له مثله، قال: له ثلث وصية كل رجل منهم، وكذلك لو كثروا حتى يكونوا خمسة أو عشرة، فله خمس كل وصية أو عشرها. قال: ولقد قال مالك: ونزلت في رجل قال: لفلان مثل نصيب أحد ورثتي وهم عشرة أولاد ذكور وإناث، فقال: له عشر المال، وكذلك لو كانوا كلهم ذكورا له عشر المال، ولقد حدثني ابن دينار عن أبي الزناد مثله وإن ناسا ليقولون: يجعل حادي عشر سهما من كل من يرثه من ولد ذكرا أو أنثى. فقيل ذلك لمالك فأنكره أشد الإنكار، قال: وأهل العراق يقولون: يقاسمهم ويكون كرجل من ولده.
قال محمد بن رشد: قوله في الذي أوصى لنفر بوصايا مختلفة، ثم كلم في آخر فقال: هو شريك معهم بالسوية: إنه يعطى ربع كل وصية إن كانوا أربعة، أو خمسها إن كانوا خمسة، معناه: إن كانوا أربعة به، وخمسة به، وقوله عقب ذلك: ينظر إلى عدد الذين أوصى لهم، فإن كانوا ثلاثا كان رابعا أعطي ثلث ما أوصى به لكل واحد منهم، هو كلام وقع على غير تحصيل؛ لأنه إنما يعطى ثلث ما أوصى به لكل واحد منهم إذا كانوا اثنين، فكان هو ثالثهم، وقوله بعد ذلك. فإن كانوا أربعة فربع كل إنسان، معناه: أربعة له، على ما تقدم، وكذلك قوله: إن كانوا خمسة فخمس كل إنسان، معناه أيضا خمسة به على ما قال بعد ذلك: إنهم إن كانوا ثلاثة، كان رابعهم، يريد فيأخذ ربع ما بيد كل واحد منهم وإن كانوا خمسة، كان سادسهم، يريد: فيأخذ سبع ما بيد كل واحد منهم.
وقد مضى الكلام على هذه المسألة مستوفى في رسم نقدَها نقْدها فلا معنى لإعادته. والمسألة التي ذكر من كتاب العشور في رجل أوصى لرجل بمائة ولآخر بمائتين ولآخر بثلاثمائة، فكلم في آخر، فقال: له مثله. هي مسألة أخرى إذ لا شرك للذي قال فيه: له مثله في شيء من وصايا الأولين، وإنما له مثل وصية أحدهم من بقية الثلث إن كانت وصاياهم متفقة، وإن كانت مختلفة، كما ذكر، وكانوا ثلاثة، فله مثل ثلث وصية كل وأحد منهم من بقية الثلث، وإن كانوا أربعة، فله مثل ربع كل واحد منهم من بقية الثلث، وكذلك إن كانوا خمسة أو عشرة فله مثل خمس وصية كل واحد منهم أو مثل عشر وصية كل واحد منهم من بقية الثلث، وهو الذي ذكرته بيِّن في سماع أصبغ في أول رسم منه وإن لم يحمل ذلك الثلث تحاصا معهم، فيه بقدر ما أوصى به له ولهم مثال ذلك أن يكون أوصى لرجل بمائة، ولآخر بمائتين، ولآخر بثلاثمائة، وثلث ستمائة، ويقول في آخر: له مثله، فيجب له ثلث وصية كل واحد منهم، وذلك مائتان فيتحاصان معهم في الثلث وهو ستمائة، يضرب هو فيه بمائتين، والأول بمائة، والثاني بمائتين، والثالث بثلاثمائة، وهذا مثل الذي يوصي لرجل بمثل نصيب أحد ولده، سواء. وهو على مذهبه في المدونة. في الذي يوصي لرجل بمثل نصيب أحد بنيه، وله ثلاثة بنين إنه يكون له ثلث المال والذي أنكره مالك من قول من يقول في الذي يوصي لرجل بمثل نصيب أحد ولده وهم عشرة، إنه يجعل حادي عشر يريد أنه يأخذ كل واحد منهم جزءا من أحد عشر، فيستوفي بذلك هو وهم، ويكون الذي يحصل له مثل الذي يبقى لكل واحد منهم إن كانوا ذكورا كلهم أو إناثا كلهم هو القوال الذي حكي عن أهل العراق، من أنه يقاسمهم، ويكون كرجل من ولده، وبالله التوفيق.

.مسألة يقول فلان مثل حظ أحد ولدي أو سهم واحد من ورثتي:

ومن كتاب أوله لم يدرك من صلاة الإمام إلا الجلوس:
وسألته عن رجل يقول: لفلان مثل حظ أحد ولدي أو سهم واحد من ورثتي. قال: إذا قال: مثل سهم أحد ولدي ومع ولده أهل فرائض: أبوين وزوجة أو غيرهم. وفي ولده ذكور وإناث، فإنه يقسم ماله على فرائض الله. يأخذ أهل الفرائض فرائضهم، ويقسم ما بقي بين ولده، للذكر مثل حظ الأنثى، فيعطى الموصى له من عدد جماعتهم سهما إن كان الولد خمسة، أخذ خمس ما صار لهم، وإن كانوا ستة، فسدس، وإن كان الولد كلهم ذكورا قسم الميراث على ما وصفت لك، وأعطي مثل سهم أحد ولده، بعد أخذ من شركهم بفريضة مسماة فريضة، فعلى هذا يحسب، فإذا أخذ الموصى له ما صار له أخذ ما صار بجميع البنين، ومما صار لأهل الفرائض المسماة فأخلط كله، ثم يقسم على فرائض الله، يعطى أهل الفرائض فرائضهم ويقسم الولد ما بقي بعد ذلك للذكر مثل حظ الأنثيين، وإن قال: لفلان مثل سهم أحد ورثتي وفي ورثته أم وأب وزوجة وأهل فرائض، وولد، ذكور وأناثا، أو ذكور فقط، أو إناثا فقط، فإنه يقسم جميع مال الميت، على جميع من يرثه من أم أو ولد أو زوجة أو والد، يقسم ماله على جماعهم بالسوية، فما صار لواحد منهم أعطيه الموصى له، ثم يرجعون بعد أخذ الموصى له وصيته، فيخلطون ما بقي فيقتسمون ما بقي على فرائض الله، فعلى هذا يحسب قال: ولو كان ولده كلهم إناثا إذا قال مثل حظ أحد ولدي، قسم ماله على فرائض الله، ثم كان له سهم ابنة من بناته، ثم أخلط جميع ماله، فيقسم ثانية. قال ابن القاسم: إذا أوصى له بسهم كسهم ولده وله ولد واحد فقط، لا وارث له غير ذلك، فإنه يقال له: انخلع من جميع المورث أو تعطى الثلث، وإن كان له ابنان لا وارث له غيرهما، خيرا أيضا بين أن يخرجا نصف المال أو ثلثه، إن أبيا، وإن كانوا ثلاثة، فأوصى لهم بسهم كسهم أحد ولده، قطع له بالثلث، ولم يخير الورثة في هذا. قال عيسى: وإذا قال من عدد ولدي، فإن كان ذكرا فله سهم ذكر، وإن كانت أنثى فله سهم أنثى يخلط مع الولد في العدد، فإن كان معهم أهل فرائض، أخرجت فرائضهم، ثم أخذ الموصى له كما وصفت لك مما بقي، ثم يرد أهل الفرائض ما أخذوا والولد، فيقتسمون على فرائض الله. قال: وإذا قال: وارث مع ورثتي، فإنه يعد الجماجم، فإن كانت ثلاثا كان هو رابعهم، فإن زادوا فعلى هذا الحساب.
قال محمد بن رشد: قوله في الذي يوصي لرجل بمثل حظ أحد ولده، وولده ذكور وإناث وأهل فرائض، إن ماله يقسم على فرائض الله فما وجب لأولاده منه بعد أخذ أهل الفرائض فرائضهم، قسم على عدد ولده، الذكر والأنثى شرعا سواء فيكون للموصى له مثل حظ أحدهم، ثم يجمع الباقي، فيقسم بين جميع الورثة على فرائض الله، وأنه إذا أوصى له بمثل سهم أحد ورثته، وفي ورثته أهل فرائض وأولاد ذكور وإناث؛ أن المال يقسم على عدد جماجمهم، فيأخذ الموصى له ما يصير لواحد منهم على عددهم، ثم يخلطون الباقي، فيقتسمونه بين جميع الورثة على فرائض الله، هو كله بيِّن صحيح، على قياس قوله في المدونة في الذي يوصي لرجل بمثل نصيب أحد بنيه، وله ثلاثة بنين، أو بمثل نصيب أحد ورثته، ويترك رجالا ونساء، وعلى قياس قوله في الرسم الذي قبل هذا، في الذي يوصي لرجل بمائة، ولآخر بمائتين، ولآخر بثلاثمائة، ثم يكلم في آخر فيقول: له مثله، أي مثل حظ أحدهم. وقد مضى الكلام على ذلك مستوفى، ويدخل في هذا قول أهل العراق، الذي أنكره مالك في المسألة التي قبل هذه.
ويأتي قولهم في هذه المسألة على أصلهم، مثل قول عيسى بن دينار في الذي يقول: هو من عدد ولدي أو من جملة ورثتي، وقول عيسى بن دينار: وإنه إذا قال في الموصى له: هو من عدد ولدي، أنه يضاف إلى ولده، فيعد في جملتهم، ويقسم المال على جميع الورثة على فرائض الله، مما نابه دفع إليه، وأخلط الباقي، فيقسم بين جميع الورثة على كتاب الله، صحيح لا اختلاف فيه، وكذلك قوله: إذا قال فيه: هو وارث مع ورثتي: إن المال يقسم على جماجمهم، ويكون له ما يصير لواحد منهم، ثم يخلط الباقي، ويقسم على الفرائض، صحيح أيضا بين لا اختلاف فيه بين مالك وأهل العراق، ولم يفرق في هذه الرواية بين أن يقول: من ثلثي أو يسكت عنه، وقيل: إن ذلك سواء؛ لأنه قد علم أن الوصية لا تكون إلا من الثلث، فإذا قال الرجل: أعطوا فلانا مثل نصيب أحد ولدي، فإنما معناه: أعطوه من ثلثي مثل نصيب ولدي من جميع مالي، بمنزلة إذا قال: أعطوه مثل نصيب ولدي من ثلثي، والأظهر أنه إذا قال من ثلثي، فإنما أراد أن يساويه معه، بأن يعطي من ثلثه مثل نصيبه مما بقي من ماله، بعدما أوصى به من ثلثه، على ما رواه أبو زيد عن ابن القاسم في سماعه بعد هذا، وبالله التوفيق.

.مسألة يوصي بأن يشترى من ماله رقبة وذكر أنها واجبة عليه:

وسألته عن الرجل يوصي بأن يشترى من ماله رقبة، وذكر أنها واجبة عليه، فابتاعوا رقبة قبل أن يقسم ماله، فمات العبد، أو جنى جناية تحيط برقبته قبل أن ينفذ عتقه. قال ابن القاسم: أما إذا مات فإنه يرجع أيضا في المال، فيخرج مما بقي ثمن رقبة، فتشترى، فتعتق إن حمل ثلث ما بقي بعد موت الغلام ما يكون فيه رقبة، أو ما كان ثلثه، وكذلك لو أخرج ثمنه فسقط، وأما إذا جنى، خير الورثة في أن يسلموه، ويبتاعوا من ثلث ما بقي عبدا، أو أن يفتكوه فيعتقوه، وكذلك يرجع أبدا في ثلث ما بقي ما لم ينفذ عتقه، أو يقسم المال، فإن قسم المال، وقد اشترى أو خرج ثمنه فذهب، فلا شيء على الورثة، إلا أن يكون معه في الثلث أهل وصايا قد أخذوا وصاياهم، فيؤخذ مما أخذ ما يبتاع به رقبة؛ لأنه لا تجوز وصية، وثم عتق لم ينفذ إلا أن يكون معه في الوصية من الواجب ما هو مثله، فيكون في الثلث سواء، وإن بقي في أيدي الورثة من الثلث ما يبتاع به رقبة، أخذ ذلك من أيديهم بعد القسم، وابتيع به رقبة، وأنفذ لأهل الوصايا وصاياهم، لا يكون لهم من الثلث شيء، وثم وصايا لم تنفذ.
قال محمد بن رشد: قوله: إذا مات العبد قبل أن يعتق: إنه يرجع في ثلث ما بقي بعد العبد، فيشترى به عبد آخر، فيعتق إن كان المال لم يقسم، وإن كان قد قسم لم يرجع على الورثة إلا بما بقي في أيديهم من الثلث بعد العبد الذي كان اشتري للعتق فمات، استحسان لا يحمله القياس؛ لأن الحقوق الطارئة على التركة لا يسقطها قسمة المال، وقد روى أصبغ عن ابن القاسم: أنه يرجع إلى ما بقي من المال، فيخرج ثلثه، ويكون ذلك كشيء لم يكن، لا يحسب في ثلث، ولا يفرق بين أن يكون المال قد قسم أو لم يقسم، وهو ظاهر ما في كتاب الوصايا الأول من المدونة، ومن الناس من ذهب إلى أن يفسر ما في المدونة بما وقع في هذه الرواية من الفرق بين أن يقسم المال أو لا يقسم، وهو قول أصبغ، وليس ذلك بصحيح؛ لأن الأولى أن يحمل الكلام على ظاهره مما هو القياس، ولا يعدل به عن ظاهره بالتأويل، إلى ما ليس بقياس، وإنما هو استحسان، وكذلك قوله: إنه يرجع في ثلث ما بقي ما لم ينفذ عتقه، يريد أنه إذا أنفذ عتقه، فاستحق بعد العتق، لا يرجع في ثلث ما بقي من التركة بعد قيمته، وأن يقسم المال، وإنما يرجع فيما بقي من الثلث بعد قيمته، هو استحسان أيضا على غير قياس، والذي يوجبه النظر بالقياس على الأصول، أن يرجع أيضا إذا استحق العبد بعد أن أعتق في ثلث ما بقي من التركة بعد قيمته، قسم المال أو لم يقسم، وبالله التوفيق.