فصل: مسألة له ثلاثة أعبد فأوصى بهم لرجل:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: البيان والتحصيل والشرح والتوجيه والتعليل لمسائل المستخرجة



.مسألة أوصى لرجل بمائة دينار مبدأة ولقوم بوصايا:

ومن كتاب العرية:
وقال مالك في رجل أوصى لرجل بمائة دينار مبدأة، ولقوم بوصايا ثم قال بعد ذلك: ولصاحب المائة المبدأة ألف دينار. قال: يحاص لصاحب المائة المبدأة بألف، فما صار له في المحاصة بالألف أعطيه، إلا أن يكون الذي صار له في المحاصة بالألف أقل من مائة فيعطى المائة المبدأة وإنما ينظر إلى أي ذلك أكثر المائة المبدأة أو ما يصير له في المحاصة بالألف فيعطى الأكثر؟ قلت لابن القاسم: فإن قال: زيدوا صاحب المائة المبدأة، قال يحاص أهل الوصايا بالألف ويأخذ الوصيتين جميعا.
قال محمد بن رشد: هذه مسألة صحيحة بينة أيضا كالمسألة التي قبلها على أصل ابن القاسم وروايته عن مالك، في أن من أوصي له بوصيتين من نوع واحد، له الأكثر منهما، كانت الأولى أو الآخرة وبالله التوفيق.

.مسألة يقول في وصيته نصف عبدي حر:

وسألته عن الرجل يقول في وصيته: نصف عبدي حر، قال: يعتق نصف قيمتهما بالسهم. قلت له: فإن قال: أحد عبدي حر، قال: كذلك أيضا يعتق نصف قيمتهما بالسهم.
قال محمد بن رشد: هذا صحيح على مذهب ابن القاسم وروايته عن مالك. ومذهب ابن كنانة، ومطرف، وابن الماجشون، أن القرعة تكون في الموصى بعتقهم. وفي المبتلين في المرض إذا سمى منهم عددا أو جزءا أو جميعهم ولا يحملهم الثلث. والأصل في ذلك ما جاء في حديث الموطأ: من «أن رجلا أعتق عبيدا له ستة عند موته، فأسهم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بينهم، فأعتق ثلث تلك الرقيق». قال مالك: وبلغني أنه لم يكن لذلك الرجل مال غيرهم. وهو كما بلغه والله أعلم. إذ لو كان مال غيرهم، لعتق منهم ما حمل الثلث بالقرعة، على ما ذهب إليه مالك، خلاف ما ذهب إليه ابن نافع، من أن القرعة لا تكون إلا حيث السنة في الذي يعتق عبيده عند موته، ولا مال له سواهم. وذهب أشهب إلى أن القرعة إنما تكون في الموصى لهم بالعتق دون المبتلين في المرض. فإذا قال الرجل في وصيته: أحد عبدي هذين حر أو نصفهما حر، أعتق نصف قيمتهما بالسهم، كما قال على قول جميعهم. ووجه العمل في ذلك، أن يقوم كل واحد منهما على حده، ثم يضرب عليهما بالسهام، فإن كان قيمة أحدهما في التمثيل عشرين، وقسمة الثاني أربعين، فخرج سهم الذي قيمته عشرون، عتق جميعه، وعتق من الآخر الذي قيمته أربعون ربعه، وبقي ثلاثة أرباعه رقيقا، وإن خرج سهم الذي قيمته أربعون، عتق منه ثلاثة أرباعه، ورق ربعه ورق جميع الآخر الذي أخطأه السهم؛ لأن نصف قيمتهما ثلاثون، على ما نزلناه.
ولو قال. أنصاف عبدي أو نصفا عبدي لعتق من كل واحد منهما نصفه، على ما قاله في العتق من المدونة، وبالله التوفيق.

.مسألة يوصي لرجل بعبد فيموت العبد عن مال:

وسألته عن رجل يوصي لرجل بعبد بعينه، فيموت العبد عن مال قبل أن ينظر في مال الميت. قال مالك: المال للموصى له بالعبد.
قلت: فمن أين يخرج؟ من ثلث ما بقي بعد موت العبد، أو من قيمة العبد؟. قال: بل من ثلث ما بقي بعد موت العبد، ويكون العبد كأنه لم يكن في مال.
قال محمد بن رشد: قد مضى اختلاف قول مالك في مال العبد الموصى به، هل يكون تبعا له أو لورثة الموصي؟ في رسم البر من سماع ابن القاسم، وذكرنا هناك تحصيل الاختلاف فيه ووجهه فلا معنى لإعادته. وقوله ها هنا: إن المال للموصى له بالعبد، خلاف قوله في رسم الوصايا من سماع أشهب. والقولان جميعا في رسم البر من سماع ابن القاسم كما ذكرناه وبالله التوفيق.

.مسألة قال في وصية في عبد كان يملكه إنه حر:

وسئل عن رجل قال في وصية في عبد كان يملكه: إنه حر من من أصله، وإنما اغتصبته نفسه، ولم يكن لي عبد قط قال: إن كان يورث كلالة فلا يقبل قوله، ولا يعتق من ثلث ولا غيره، وإن كان وارثه ولدا فإني أرى أن يعتق من رأس المال، وذلك لأن مالكا سئل عن رجل قال عند موته: فلانة لجارية له، هي أم ولدي، وقد ولدت مني، ولم يذكر ذلك قبل ذلك، ولا يعرف أحد ما قال، فقال: إن كان وارثه ولدا فإني أرى أن تعتق من رأس ماله، وإن كان يورث كلالة، فلا تعتق في رأس مال ولا ثلث، فمسألتك مثلها. ورواه أصبغ.
قال محمد بن رشد: قياسه للمسألة التي سئل عنها على ما قاله مالك في الذي يقر في مرضه عند موته لجارية له أنها أم ولد ولا ولد معها صحيح، إذ لا فرق بين المسألتين في المعنى، فيدخل فيها من الاختلاف ما في مسألة مالك. وتحصيله: أن فيها إن كان يورث بولد، ثلاثة أقوال: أحدها: قوله في هذه الرواية، وفي المدونة إنها تعتق من رأس المال. والثاني: إنها لا تعتق من رأس المال. ولا من الثلث، وهو قول ابن القاسم وغيره في كتاب أمهات الأولاد من المدونة. والثالث: يتخرج بالمعنى على ما في كتاب المكاتب من المدونة. وهو أنها تعتق من الثلث. وإن كان يورث كلالة، ففيها ثلاثة أقوال أيضا: أحدها: أنها لا تعتق في رأس مال ولا ثلث. وهو قوله في هذه الرواية وفي المدونة. والقول الثاني: أنها تعتق من الثلث، وهو قول ابن القاسم في كتاب المكاتب من المدونة. والثالث: أنها تعتق من رأس المال، وهو الذي يأتي في كتاب الكفالة والحوالة من المدونة في بعض الروايات من أن إقرار المريض لمن لا يتهم عليه بدين جائز، كان يورث بكلالة أو ولد، وفي مجموع المسألة خمسة أقوال: أحدها: أنها لا تعتق من رأس المال ولا من الثلث، كأن يورث بولد أو كلالة، وهو أحد قولي ابن القاسم في كتاب أمهات الأولاد من المدونة، والثاني: أنها تعتق من رأس المال كان يورث بكلالة أو بولد، وهو الذي يأتي على ما في بعض الروايات من كتاب الكفالة والثالث: بكلالة أو بولد، فإن ورث بولد عتقت من رأس المال وإن ورث بكلالة لم يعتق من رأس المال ولا من الثلث. والرابع: أنه إن ورث بولد عتقت من رأس المال، وإن ورث بكلالة عتقت من الثلث. والخامس: إن كان يورث بولد عتقت من الثلث، وإن كان يورث بكلالة، لم تعتق من رأس المال ولا من الثلث وفي آخر سماع أبي زيد مسألة من هذا المعنى فيها إشكال سنتكلم عليها إذا وصلنا إليها إن شاء الله، وبالله التوفيق.

.مسألة له ثلاثة أعبد فأوصى بهم لرجل:

وسئل عن رجل له ثلاثة أعبد، فأوصى بهم لرجل ونصهم بأسمائهم، وليس له من الأعبد غيرهم، ثم أوصى بعبد منهم بعد ذلك لرجل وسماه باسمه، ولم يذكر انتزاعا. قال: إن حملهم ثلاثتهم الثلث، كان الاثنان لهذا خالصا، ورجع، فقاسم هذا الذي سمي له العبد بعد ذلك، فكان له نصفه وللآخر نصفه، وهو بمنزلة رجل ليس له إلا عبد واحد، فأوصى به لرجل، ثم أوصى به بعد ذلك لرجل آخر، ولم يذكر انتزاعا، فإن مالكا قال فيما أظن يكون بينهما نصفين، فهذا حين أوصى له بالثلاثة الأعبد، ثم أوصى بواحد منهم بعد ذلك، كان قد أوصى بهذا العبد لهما جميعا. قلت: فإن لم يحملهم الثلث، قال: يحاص بهم ثلاثتهم، فإن خرج من كل رأس من الثلاثة ثلثاه، كان ما خرج في العبدين لهذا خالصا، ورجع فأخذ ثلث هذا العبد الآخر، وأخذ الآخر ثلثه، فعلى حساب هذا يكون. قال أصبغ: ويجعل ما أصاب العبد في العبدين خاصة، خالصا له وحده، شريكا للورثة، ولا يضرب صاحب العبد المنفرد في الثلاثة، فإن قطع الثلث لهما، فإنما يجعل وصية كل واحد منهما فيما سمى له وأوصى له به. وتفسير ذلك: أن يكون لا مال له غيرهم، ويكون ثمن كل واحد منهم ثلاثين دينارا، والثلث ثلاثين، فللموصى له بالعبدين الخالصين ثلث كل واحد منهما، وباقيهما للورثة، وثلث العبد الذي اجتمعت فيه الوصيتان بينهما، لكل واحد منهما خمسة، وهو سدسه، فذلك ثلث جميع مال الميت.
قال محمد بن رشد: هذه مسألة بينة على أصل ابن القاسم في أن من أوصى لرجل بشيء ثم أوصى به بعد ذلك لغيره، لا يكون إيصاؤه به لغيره رجوعا منه عن وصيته به للأول، ويكون بينهما، فلا إشكال فيها من قول ابن القاسم يحتاج إلى تفسير. وكلام أصبغ أيضا بين صحيح مثل قول ابن القاسم في معناه، وإن خالف لفظه. وبالله التوفيق.

.مسألة له على رجلين مائتا دينار فأوصى لهذا بما على هذا وأوصى لهذا بما على هذا:

وعن رجل له على رجلين مائتا دينار، فأوصى لهذا بما على هذا وأوصى لهذا بما على هذا، وكان أحدهما مفلسا ولم يترك من المال إلا المائتين، ومائة أخرى فأبى أن يجيز الورثة. قال: يقطع لهما الورثة بثلث النقد وثلث الدين، ثم يتحاصان، يحاص المفلس بقيمة ما على الغني، ويحاص الغني بقيمة ما على المفلس، فما صار له في المحاصة عليه اتبعه الورثة فيه، والغني بما صار له على المفلس، فيحاصون فيه جميعا.
قال محمد بن رشد: هذه مسألة صحيحة، إلا أنها ناقصة تفتقر إلى تتميم بيان وجه العمل فيها إذا أجاز الورثة، وإذا لم يجيزوا، فأما إذا أجازوا فيؤخذ من الغني ما عليه للمفلس، فيتحاص فيه الغني مع سائر غرماء المفلس، يضرب فيه الغني بحقه، وهو مائة والغرماء بمبلغ ديونهم ويتبعونه ببقية حقوقهم، فكلما أفاد شيئا يحاص فيه الغني وسائر الغرماء بما بقي من حقوقهم حتى، يستوفوها. وأما إذا لم يجيزوا وقطعوا لهما بالثلث شائعا في النقد والدين، فوجه العمل في ذلك أن يقال: كم قيمة ثلث الدين الذي على المفلس وهو ثلاثة وثلاثون وثلث؟ بأن يعرف ما يسوى بعرض، ثم يعرف ما يسوى العرض، فإن كان ذلك في التمثيل عشرة، قيل: كم قيمة ثلث الدين الذي على الغني وهو ثلاثة وثلاثون وثلث؟ بأن يعرف أيضا ما يسوى بعرض، ثم يعرف ما يسوى العرض، فإن كان ذلك في التمثيل ثلاثين، تحاصا جميعا في ثلث النقد فكان بينهما أرباعا؛ لأنه يضرب فيه المفلس بثلاثين، قيمة ثلث ما على الغني، ويضرب فيه الغني بعشرة، قيمة ثلث ما على المفلس، فما ناب الغني من ذلك أخذه، وما ناب المفلس أخذه منه، فيحاص فيه الورثة. والغني يضرب فيه الورثة بما لهم عليه، وهو ستة وستون وثلثان، والغني بماله عليه، وهو ثلاثة وثلاثون وثلث، ويؤخذ من الغني للمفلس ثلث المائة التي عليه، فيتحاص في ذلك الورثة، والغني الموصى له يضرب في ذلك الغني بجميع حقه الذي له عليه، وذلك ثلاثة وثلاثون وثلث، ويضرب فيه الورثة بما بقي لهم عليه من حقوقهم، وذلك أنه كان لهم عليه ستة وستون وثلثان إذ سلموا الثلث من المائة التي كانت لهم عليهم للوصية فصار إليهم من الستة والستين والثلثين ما وجب لهم في المحاصة من ثلث الناض إذا تحاصوا فيه مع الغني الموصى له بما على المفلس، حسبما ذكرناه، ويأخذ الورثة. من الغني ثلثي الدين الذي كان لهم عليه، إذ قد أسلموا الدين للوصية، ويتبع الغني المفلس بما بقي له قبله من ثلث الدين، إذ قد قبض مع ذلك ما وجب له في المحاصة من ثلث الناض حسبما بيناه، ويتبعه الورثة بما بقي لهم قبله من ثلثي الدين إذ قد قبضوا من ذلك ما صار لهم في المحاصة مما وجب لهم من الثلث الناض، وما صار لهم في المحاصة مما وجب له بالوصية على الغني، حسبما وصفناه وبيناه. وقد ذكر ابن المواز في هذه المسألة أن قول مالك وأصحابه إنه لا يقدم الدين الموصى به، وإنما يحسب عدده. ومذهب المغيرة وابن وهب تقديم الدين وهو الأظهر؛ لأن الدين حكمه حكم العرض. قال ابن المواز: إنما ذلك عند ضيق الثلث، ولو كان الثلث يخرج منه المائتان لكان لكل واحد منهما مائة بعينها. وقد ذكر بعض أهل العلم، أنه يأخذ كل واحد منهما ثلث ما على صاحبه، ويتحاصان في ثلث الناض يضرب كل واحد منهما فيه بقدر وصيته. وقول ابن القاسم هو الصحيح في النظر؛ لأن الوصايا إذا تجاوزت الثلث فردت إليه صارت شائعة في جميع المال. وقد قيل: إنه من أوصى له بشيء بعينه فلم يحمله الثلث، يجعل له مبلغ الثلث فيما أوصى له به، ولا يكون شائعا في جملة المال. وهو أحد قولي مالك في المدونة. فعلى هذا يجعل للغني ما وجب له من جميع الثلث فيما على المفلس، وللمفلس ما وجب له من جميع الثلث فيما على الغني، وهو قول ثالث في المسألة. وقد روي عن سحنون أن الدين لا يقطع له قيمة، بخلاف العرض. وسيأتي في رسم النسمة مسألة من هذا المعنى يدخلها ما دخل هذه، وبالله التوفيق.

.مسألة تحضره الوفاة فيوصي أن تباع جاريته ممن أحبت:

وسئل عن رجل تحضره الوفاة، فيوصي أن تباع جاريته ممن أحبت، ويوصي لرجل بعشرة دنانير، فيحمل ماله الجارية فقط، فأبى الورثة أن يجيزوا أو أجازوا. قال ابن القاسم: يقال للورثة: إما أجزتم الوصية فتبيعونها ممن تحب بوضع ثلث ثمنها وأعطيتم هذا عشرة، وإما أعتقتم ثلثها وتسقط العشرة.
قال محمد بن رشد: قوله هذا في إيجاب العتق للجارية إذا أبى الورثة من إجازة الوصية، هو مثل ما تقدم في رسم استأذن من هذا السماع، خلاف ما تقدم في رسم الوصايا ورسم الطلاق من سماع أشهب. وقد مضى الكلام على ذلك هنالك مستوفى، وبالله التوفيق.

.مسألة أوصى لرجل بسكنى دار له ما عاش:

وسألته عن رجل أوصى لرجل بسكنى دار له ما عاش، وأوصى بوصايا، فضاق الثلث عن الوصايا، فيتحاصون في الثلث:
هذا بقية سكنى الدار حياته، وأهل الوصايا بوصاياهم، فأخذ كل ذي حق حقه، فعاش الذي أوصى له بالسكنى أكثر مما عمر، هل يرجع على أهل الوصايا بشيء؟ وإن مات هو قبل الأجل الذي عمر إليه، هل يرجع أهل الوصايا فيأخذون ما بقي؟. قال ابن القاسم: إذا ضاق الثلث عن وصايا أهل الوصايا فيتحاصون في الثلث، فإن من أخذ شيئا كان ذلك الشيء له بتلا وهو حكم يقع ويمضي، ولا يرجع أهل الوصايا على ما في يديه بشيء إذا مات قبل الأجل الذي عمر إليه؛ لأنه حكم قد مضى، وكذلك لو أوصى أن ينفق على رجل ما عاش فعمر ولم يحمل الثلث نفقة تعميره، إنه إن لم يجزه الورثة، كان ما صار له من الثلث بتلا يدفع إليه، وليس للورثة أن يرجعوا عليه بشيء وإن مات بعد ذلك بيوم؛ لأنهم قد خيروا في أن ينفذوا وصية صاحبهم، وفي أن يقطعوا له بالثلث بتلا، فاختاروا القطع له بالثلث بتلا ولو كانوا أنفذوا وصية صاحبهم ثم مات، رجعوا فأخذوا ما بقي من النفقة، وكذلك أيضا لو حمل الثلث النفقة، وفضل في أيدي الورثة من الثلث فضلة، فعمر فوقف له من الثلث قدر نفقة تعميره، إنه إن مات قبل أن يستنجز النفقة، رجع على الورثة أيضا فأخذ منهم نفقة ما بقي من عمره مما بقي في أيديهم من بقية الثلث.
قال محمد بن رشد: قوله: إن الثلث إذا ضاق عن وصايا أهل الوصايا فيتحاصون فيه، لم يرجع بعضهم على بعض بشيء، لا المعمر إذا عاش أكثر مما عمر على أهل الوصايا، ولا أهل الوصايا على ما بقي في يد المعمر إن مات قبل الأجل الذي عمر إليه؛ لأنه حكم قد مضى هو خلاف ما مضى في رسم الأقضية الثاني من سماع أشهب؛ لأنه قال فيه: إن المعمرين لا يرجعون على أهل الوصايا إن عاشوا أكثر مما عمروا، وإن أهل الوصايا يرجعون عليهم فيما فضل مما وقف لهم إن لم يستنفذوه بموتهم قبل الأجل الذي عمروا إليه. وقد قيل: إنهم يرجعون على أهل الوصايا إن عاشوا أكثر مما عمروا فيعمرون ثانية، كما يرجع أهل الوصايا عليهم فيما فضل مما وقف لهم إن ماتوا قبل أن يستنفذوه، وهو اختيار أشهب، والثلاثة الأقوال في آخر الرسم الأول من سماع أصبغ. وكذلك إن لم يكن ثم وصايا مع الموصى له بالنفقة أو بالسكنى حياته، فلم يحمل الثلث نفقة تعميره أو قيمة السكنى حياته، فلم يجز ذلك الورثة وقطعوا له بالثلث، قيل: إنه يكون له ما صار له من الثلث، لا يرجع عليه فيه الورثة، وإن مات بعد يوم أو يومين، وهو قوله في هذه الرواية، وقيل: إنهم يرجعون في الفضل، فيكون لهم إن مات قبل الأجل الذي عمر إليه. ولو أجاز الورثة الوصية أو حملها الثلث لارتفع الخلاف من المسألة، ولوجب إن لم يبلغوا الأجل الذي عمروا إليه، أن يرجع ما فضل مما وقف لهم إلى الورثة إن عاشوا أكثر مما عمروا أن يرجعوا على الورثة فيما بقي بأيديهم من بقية الثلث إن كانت الوصية أقل من الثلث، أو في بقية مال الميت إن كانت أكثر من الثلث فأجازوها، ولم يكن لهم على الوصايا رجوع بحال. وقوله في أول المسألة الذي أوصى له بسكنى الدار فعاش يحاص أهل الوصايا بقيمة سكنى الدار حياته ليس بخلاف لما في المدونة من أن من أوصي له بخدمة عبد أو سكنى دار، إنما يقوم في الثلث رقبة العبد والدار، لا قيمة الخدمة والسكنى لأن المعنى في ذلك إنما هو من حق الورثة إن لم يحمل الثلث رقبة العبد والدار، ألا يجيزوا الوصية، وأن يقطعوا للموصى له بالخدمة أو السكنى بالثلث من جميع ما ترك الميت، وإن كان الثلث يحمل قيمة الخدمة والسكنى، إذ قد يموتون قبل أن ترجع إليهم الرقبة، فيكون الميت كأنه قد أوصى بالرقبة ولا يحملها الثلث. وهذا هو معنى قول مالك في المدونة لأني لو أقمت الخدمة والسكنى، لكنت قد حبست العبد عن أربابه، والدار عن أربابها، وهم يحتاجون إلى بيع ذلك، فهذا لا يستقيم، وأما إذا لم يحمل الثلث رقبة الدار واحتيج في ذلك إلى المحاصة مع الوصايا فلا يحاص إلا بقيمة السكنى على غيره؛ لأنه هو الذي أوصى له به، لا الرقبة، ولو كان الثلث لا يحمل الرقبة والوصايا، وهو أكثر من قيمة السكنى والوصايا، لوجب إذا عاش أكثر مما عمر إليه أن يكون أحق بما فضل من الثلث، فيستوفي منه السكنى بقية حياته، كما أوصي له به؛ لأن أهل الوصايا قد أخذوا وصاياهم، فلا كلام لهم، والموصى له بالسكنى أحق بقيمة الثلث من الورثة.

.مسألة له عبد قيمته مائة دينار وللعبد مائتين فيقول للعبد أعطني المائتين وأعتقك:

وسألته عن الرجل يمرض وله عبد قيمته مائة دينار، وللعبد مائتا دينار، فيقول للعبد: أعطني المائتين، وأعتقك فأخذها وأعتقه. قال: عتقه جائز. قلت كيف يجوز لهذا وهو مريض؟ وهو لو قال في ذلك هو حر بتلا أو أوصى بعتقه، لم يعتق منه إلا ثلثها رقبة، وأقر ماله في يديه، ولم يحاص في عتقه بشيء من ماله إذا لم يترك إلا العبد وماله، فقال: أرأيت لو قال: خذوا من عبدي ماله وأعتقوه، وليس له مال غيره، فوجدوا العبد ثلث ماله أليس قد كان يعتق؟ قلت: لا أدري قال: نعم، إذا قال: خذوا ماله وأعتقوه، جاز عتقه إذا كان هو ثلث ماله.
قال محمد بن رشد: هذا بين على ما قال إن عتقه جائز؛ لأنه قد كان له أن يأخذ ماله ولا يعتقه، فإذا أخذ المائتين منه وأعتقه، وقيمته مائة، فذلك بين الجواز؛ لأنه أعتقه، وثلث ماله يحمله، إذ قد صار المال له بانتزاعه إياه منه، وإنما قال له أعطني المائتين، وأعتقك التماس رضاه بذلك، خشية أن يكون كارها للعتق إذا لم يكن له مال، لا من أجل أن له أن يمتنع من ذلك. وقد قال بعض أهل النظر: إنما جاز ذلك؛ لأنه نفذ عتقه في حياته على عوض وهو ثلثه. والوجه في جواز ذلك هو ما ذكرته، لا ما سواه. وبالله التوفيق.

.مسألة يقول أحد عبيدي لفلان وله ثلاثة أعبد قيمتهم سواء:

وسألت ابن القاسم عن الرجل يقول: أحد عبيدي لفلان، وله ثلاثة أعبد قيمتهم سواء، وليس له مال غيرهم، ثم يقول بعد ذلك: عبدي فلان لفلان، رجل آخر، والعبد من تلك الثلاثة الأعبد، قال: إذا كان قيمتهم سواء، أسهم بينهم بثلاثتهم للذي قال: أحد عبيدي لفلان، حتى يعلم في أي عبد يقطع له فيه وصيته، فإن خرج سهمه في الذي أوصى به للرجل الآخر كان نصفه له، ونصفه للآخر، وإن خرج سهمه في آخر كان له نصفه، وللورثة نصفه، وكان لهذا الآخر نصف العبد الذي له به، فعلى هذا فقس أمرها إذا اختلفت قيمتهم أو اتفقت على هذا، وإن كان مع العبيد مال غيرهم، إلا أن العبيد أقل من الثلث، فإن الذي أوصى له بالعبد بعينه يحاص صاحبه بقيمة العبد الذي سمي له ويحاص الآخر بثلث قيمتهم ثلاثتهم.
قال محمد بن رشد: قوله: إذا لم يكن له مال سواهم، وكانت قيمتهم سواء، إنه يسهم بينهم للذي قال: أحد عبيدي لفلان، فإن خرج السهم منهم على الذي أوصى به للآخر، كان بينهما نصفين، وإن خرج على غيره، كان له نصفه، وللورثة نصفه، وكان للآخر العبد الذي أوصى له به، بين لا إشكال فيه، إذ ليس له أن يوصي بأكثر من ثلث ماله، وثلث ماله هو عبد من الأعبد الثلاثة إذا لم يكن له مال- سواهم. وقوله: فقس أمرها إذا اختلفت قيمتهم، أو اتفقت على هذا، يريد أنه إذا اختلفت قيمتهم يسهم أيضا بينهم ثلاثتهم، للذي قال: أحد عبيدي لفلان فإن خرج السهم على العبد الذي أوصى به للآخر، وقيمته الثلث فأقل، كان بينهما بنصفين، وإن كانت قيمته أكثر من الثلث، كان بينهما بنصفين ما حمل الثلث منه، وكانا شريكين فيتبع الورثة بالزائد على الثلث، وإن خرج السهم على عبد من العبدين الآخرين، وقيمتهما جميعا الثلث فأقل، أخذ العبد الذي خرج له في السهم، وأخذ الآخر العبد الذي أوصي له. به، وإن كانت قيمتهما أكثر من الثلث، مثل أن تكون قيمة أحد العبيد عشرة، والثاني عشرين، والثالث ثلاثين، فيوصي للرجل بالعبد الذي قيمته عشرة، ويخرج للآخر بالسهم العبد الذي قيمته عشرون، كان الثلث من العبيد إذا قطع به الورثة لهما، ولم يجيزوا الوصية بينهما على قدر وصاياهما؛ لأن الوصايا إذا لم يحملها الثلث حالت ورجعت إلى الإشاعة في الثلث. وهذا على القول بأن من أوصي له بعبد من جملة عبيده يعطى واحدا من عددهم بالقرعة، وأما على القول بأن من أوصي له بعبد من جملة عبيد، يكون له ثلثهم بالقيمة، إن كانوا ثلاثة، وربعهم إن كانوا أربعة، يخرج لهم في ذلك بالقرعة من عددهم ما خرج، والقولان قائمان من المدونة، فالحكم في ذلك أن يخرج ثلثهم بالسهم للذي أوصي له بالعبد من الأعبد الثلاثة، فإن حمل الثلث الوصيتين جميعا، افترقت في العبيد أو اجتمعت في العبد الموصى بعينه لأحدهم أو كان في ذلك فضل عنه بعد ذلك، وانفرد بالفضل الموصى له بالعبد من الأعبد. وإن لم يحمل الثلث الوصيتين جميعا، ولا أجاز ذلك الورثة، فقطعوا لهما بالثلث، تحاصا فيه على قدر وصاياهما. وفي المسألة قول ثالث، وهو أن من أوصي له بعبد من جملة عبيد، يكون شريكا مع الورثة في كل عبد بالثلث، إن كان العبيد ثلاثة، أو بالربع إن كانوا أربعة فالحكم في مسألتنا على قياس هذا القول أن يكون للموصى له بالعبد بعينه ثلثا العبد الذي أوصي له به، ويكون ثلثه بينه وبين الموصى له الآخر لأن وصاياهما قد اجتمعت في ثلثه، ويكون للموصى له الآخر، ثلث كل عبد من العبدين الآخرين أيضا. هذا إن حمل ذلك الثلث، وأما إن لم يحمله الثلث، ولا أجاز ذلك الورثة، فقطعوا لهما بالثلث، تحاصوا فيه على قدر وصاياهما. وأما قوله: وإن كان مع العبيد مال غيرهم، إلا أن العبيد أقل من الثلث إلى آخر قوله، فلا يستقيم، إلا أن يعدل بالكلام عن ظاهره من العموم، فيقال: معناه: إذا كان العبيد أقل من الثلث، ووصاياهما جميعا إذا اجتمعت أكثر من قيمة العبيد، مثل أن تكون قيمة أحدهم تسعين، وقيمة الثاني عشرين، وقيمة الثالث عشرة، فيوصي لرجل بعبد منهم غير معين، وللآخر بالعبد الذي قيمته تسعون؛ لأن جميع قيمة العبيد على هذا مائة وعشرون، ووصاياهما جميعا مائة وثلاثون؛ لأن الذي أوصى له بعبد غير معين له ثلث قيمتهم بأربعين، فيتحاصان جميعا في جميع العبيد الموصى له بالعبد المعين بتسعين، والموصى له بالعبد من الأعبد بأربعين؛ لأن المحاصة إنما تكون عند ضيق المال عن حقوق أهله، وأما إذا كانت وصاياهما إذا اجتمعت، مثل قيمة العبيد أو أقل، فيأخذ كل منها وصيته كاملة، ولا يحتاج في ذلك إلى التحاص. وبالله التوفيق.

.مسألة يوصي بأن يحج عنه بثمن جارية له فولدت الجارية:

وسئل عن الرجل يوصي بأن يحج عنه بثمن جارية له، ثم إنها ولدت بعد موت الموصي قبل أن تباع، فهل تباع بولدها؟ أو يكون أوصى لرجل بجارية فلم ينظر في وصيته حتى ولدت هل تكون هي وولدها للذي أوصي له بها مع ولدها؟ أو تكون ماتت وبقي ولدها، هل ترى ولدها للموصى له؟ أو يكون قال جاريتي حرة إن دخلت دار فلان، أو كلمت فلانا، ثم إنها ولدت أولادا قبل أن يدخل الدار، وقبل أن يكلمه، ثم كلمه، هل يعتقون معها أم لا؟ قال ابن القاسم: أما الذي أوصى بالحج عنه بثمن جارية له، فأرى الوصية في الجارية وولدها إن ولدت بعد موت الموصي، وأما الذي أوصى بجارية له لرجل فولدت، فإنها إن كانت ولدت بعد وفاة الموصي، فولدها أيضا للموصى له، بقيت الأمة أو هلكت، وإن كانت ولدت والموصي حي، ثم هلك بعد، فلا حق للموصى له في ولدها.
وأما الذي قال: إن دخلت هذه الدار فجاريتي حرة، فولدت قبل أن تدخلها، ثم دخلها ولها ولد، فإنها تعتق بولدها. كذلك قال لي مالك على الاستقلال للعتق.
قال محمد بن رشد: هذا كما قال إن ما ولدت الجارية الموصى بها لرجل أو الموصى بعتقها، والموصى بالحج بثمنها بعد موت الموصى فولدها تبع لها، أن الوصية قد وجبت بموت الموصي وقد قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كل ذات رحم فولدها بمنزلتها» وأما ما ولدت الجارية المحلوف بعتقها ألا يفعل فعلا، فالقياس ألا يعتق ولدها بعتقها؛ لأنه فيها على بر، وله أن يطلق ويبيع، إلا أن قول مالك قد اختلف في ذلك، مرة كان يقول: تعتق بولدها، ومرة كان يقول: تعتق بغير ولدها، ولكن الذي ثبت عليه من ذلك واستحسن على ذكره، أن تعتق هي وولدها على ما قاله في هذه الرواية، في رسم بع ولا نقصان عليك، من سماع عيسى من كتاب العتق، وفي رسم المدبر والعتق من سماع أصبغ منه، وفي رسم باع غلاما من سماع عيسى عن ابن القاسم، وأما اليمين التي يكون فيها على حنث مثل أن يحلف بعتقها ليفعلن فعلا ولا يضرب لذلك أجلا فالقياس أن يعتق ولدها بعتقها، وهو المشهور من قول مالك. وقد روي عن مالك أن ولدها لا يدخل في اليمين، وهو قول المغيرة المخزومي. وإن ضرب ليمينه بعتقها ليفعلن فعلا أجلا فهو أخف. وفي دخول ولدها في اليمين اختلاف؛ لأن مالكا إذا رأى في أحد قوليه أن الولد يدخل في اليمين التي يكون فيها على بر، وله أن يطأ ويبيع، فأحرى أن يرى ذلك في هذه اليمين التي يمنع فيها من البيع، ويختلف في جواز الوطء له، وبالله التوفيق.

.مسألة قال عند موته قد كنت أعتقت غلامي فلانا فأنفذوا ذلك وأوصى بوصايا:

ومن كتاب أمهات الأولاد:
قال ابن القاسم: إذا قال الرجل عند موته: قد كنت أعتقت غلامي فلانا أو كنت تصدقت على فلان بكذا وكذا، وقد كنت جعلت كذا وكذا في سبيل الله، فأنفذوا ذلك، وأوصى بوصايا فإن ذلك يكون في الثلث بمنزلة الوصايا يصنع فيها ما يصنع في الوصايا حين قال: أنفذوا ذلك إن كان عتقا بعينه يبدأ، فإن كانت رقبة ليست بعينها هكذا أو غير ذلك من الوصايا مما يشبه حص بين ذلك كله، ووقعت فيه المحاصة، وإن كان قال ذلك، قد كنت فعلت كذا وسكت ولم يقل فأنفذوا ذلك فليس ذلك شيء لا في الثلث ولا في رأس المال، وهو ميراث، ولا يدخل فيه الوصايا ويدخل في ثلث ما بعده، وإن لم يقل شيئا وسكت، ولم يذكر رأسا، إلا أنه قد فعله في الصحة، ولم يزل في يديه حتى مات، ولم يخرج من يديه، فإن الوصايا تدخل فيه، وإن كان على أصل ذلك بينة، ثبت العتق من رأس المال، وردت الصدقات والنخل، وجرت فيه الوصايا؛ لأنه لم يذكرها، ولم يقل أنفذوها وقاله أصبغ كله.
قال محمد بن رشد: أما إذا قال في مرضه هذه الأشياء: قد كنت فعلت ذلك في صحتي فأنفذوا ذلك، فلا اختلاف في أنها تنفذ من ثلثه على سبيل الوصية، فتبدأ على ما هي أوكد منها، ويحاص بينها وبين ما كان في منزلتها. وأما إذا قال: قد كنت فعلت ذلك في صحتي ولم يقل فأنفذوه، فأما العتق، فيتخرج على الاختلاف الذي ذكرناه في رسم العرية في الذي يقر في مرضه عند موته في جارية أنها أم ولده. وأما ما ذكره في مرضه من أنه كان تصدق به في صحته، أو جعله في السبيل، فلا اختلاف في أنه لا ينفذ إن مات من مرضه في رأس مال ولا ثلث، وإنما يدخل الاختلاف في، العتق، بخلاف الصدقة وما أقر أنه جعله في السبيل من أجل أن العتق لا يفتقر إلى حيازة، بخلاف الصدقة، وما كان في معناها، ولا تدخل الوصايا في شيء من ذلك، وإنما تكون في ثلث ما بقي بعدها، ولا اختلاف أحفظه في هذا. وأما إذا تصدق في صحته ولم تحز الصدقة عنه حتى توفي، فاختلف هل تدخل فيها الوصايا أم لا على قولين: أحدهما: أنها تدخل فيه، وهو قوله في هذه الرواية. ووجه ذلك أنه لما أمسكه ولم يحوزه حمل عليه أنه أراد إبطاله، فوجب أن تدخل فيه الوصايا. والقول الثاني: أنه لا تدخل فيه الوصايا. وهو قول مالك في الموطأ رواية يحيى ورواه ابن وهب عنه أيضا وهو قول ابن كنانة قال: لأنها صدقة للمتصدق عليه بها حتى مات، وإنما ردها القاضي بعد الموت بالحكم للتهمة، وقد كان من أدركنا من الشيوخ يقولون في مسألة رسم القضاء المحض من سماع أصبغ، من كتاب الصدقات والهبات إنها خلاف هذه الرواية، مثل قول مالك في الموطأ ورواية ابن وهب عنه. وقول ابن كنانة، وليس ذلك بصحيح؛ لأنها مسألة أخرى، لا اختلاف فيها حسبما بيناه هنالك، من الفرق بين المسألتين. والذي قلته عن الذي قال في مرضه: قد كنت أعتقت عبدي في صحتي، يتخرج على الاختلاف الذي ذكرناه في رسم العرية في الذي يقر في مرضه عند موته بجارية أنها أم ولده، يؤيده ما حكاه ابن المواز عن مالك في القائل في مرضه: كنت أعتقت فلانا في صحتي، وتصدقت على فلان بكذا، إنه يعتق العبد من ثلثه، وتبطل الصدقة، إذ لو ثبتت بالبينة لبطلت، ولو قامت بالعتق بينة كان من رأس المال.
قال محمد وهذه الرواية غلط ويبطل ذلك كله، وليست بغلط كما قال محمد؛ لأنه اختلاف معلوم من قول مالك، وهو كتاب المكاتب من المدونة فقف على ذلك كله وتدبره تصب إن شاء الله، وبه التوفيق.