فصل: مسألة له على رجل دينار ونصف إلى أجل فيريد الذي عليه الحق أن يخرج إلى سفر:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: البيان والتحصيل والشرح والتوجيه والتعليل لمسائل المستخرجة



.مسألة يشتري الدراهم ألفا بكذا وكذا فيوزن له الألف ثم يريد أن يوزن ألف أخرى:

وقال في الرجل يشتري الدراهم ألفا بكذا وكذا، فيوزن له الألف ثم يريد أن يوزن ألف أخرى بعد ذلك، أو ألفان، ثم يرجع إليه جميع دنانيره والدنانير معه وهو جالس يزن له. فكره ذلك إلا أن يقضيه كلما وزن له ألفا صرفها.
قال محمد بن رشد: وهذا كما قال إنه يكره إذا صرف منه ألفا فوزنها أن يقول له زن لي ألفا أخرى قبل أن يزن له صرف الأولى وإن كان ذلك كله بالحضرة لما فيه من التراخي، ولو صرف منه ألفين فوزن له ألفا ثم وزن له الألف الأخرى قبل أن يزن صرف الألف الأولى لم يكره ذلك، والله أعلم.

.مسألة النقري تكون من الفضة فيشتريها وزنا على أن فيها مائة درهم بعشرة دنانير:

وسئل: عن النقرى تكون من الفضة فيشتريها وزنا على أن فيها مائة درهم بعشرة دنانير، ولا يسمى لكل دينار شيئا، أو يسمى لكل دينار عشرة دراهم أو أحب أن يشتريها جزافا ولا يعرف لها وزنا ثم يجد في النقرة مسمار نحاس. قال: ينتقض في ذلك صرف دينار ذلك كله سواء..
قال محمد بن رشد: هذا بين على ما قال، وهو مما لا اختلاف فيه؛ لأنه إن اشتراها على أنها مائة درهم بعشرة دنانير، فقد علم أن لكل دينار عشرة دراهم، فسواء ذكر ذلك أو سكت عنه في حكم ما يوجد فيها من النحاس؛ وأما إن اشتراها كلها جزافا بكذا وكذا، أو ما بلغت إن كانت سواء كل كذا وكذا درهم بدينار، فذلك جائز وهو سواء أيضا في حكم ما يوجد فيها من النحاس؛ لأن الفض يكون فيها إذا اشتراها كلها بكذا وكذا على الوزن لا على القيمة. وأما إن لم تكن متساوية فلا يجوز أن يشتريها ما بلغت كل كذا وكذا درهم بدينار، فإن اشتراها كلها بكذا وكذا وهي مختلفة، ثم وجد في بعضها نحاسا انتقض الكل، ولو وجد من الدراهم درهمين أيضا، انتقض من كل نقرة بحسابه بخلاف الحلي المختلف حسبما ذكرناه في رسم نقدها نقدها من سماع عيسى.

.مسألة النقرة تشترى جزافا ثم يوجد فيها مسمار نحاس:

وسئل: عن النقرة تشترى جزافا ثم يوجد فيها مسمار نحاس، قال: إن كان الذي وجد أقل من دينار، انتقض صرف دينار وليس ينتقض أقل من دينار، كيف يكون ذلك؟ أيكون شريكا بعشرة دنانير؟ قال: لا، ولكن ينتقض صرف دينار، وإذا كان اشترى جزافا فهو صرف، سمى الصرف أو لم يسمه.
قال محمد بن رشد: وهذا أيضا بين على ما تقدم، لا وجه للقول فيه ولا كلام.

.مسألة الخلاخيل والأسورة الكثيرة يشترين جزافا:

قلت له: فالحلي الكثير الخلاخيل والأسورة الكثيرة يشترين جزافا، ثم يوجد في خلخال منها مسمار نحاس، قال: ليس هو بمنزلة النقرة، ينتقض منه أكثر مما ينتقض من النقرة.
قلت: وما تفسير ينتقض منه أكثر مما ينتقض من النقرة؟ قال: ينتقض ما في الخلخالين بما فيهما.
قال محمد بن رشد: قوله الخلاخيل والأسورة يريد الخلاخيل أو الأسورة؛ لأنه إن اشترى الخلاخيل والأسورة معا، ثم وجد في شيء منها نحاسا، فلابد من انتقاض الجميع، وإنما ينتقض ما في الخلخالين بما فيهما، ولا ينتقض الكل إن كانت الخلاخيل كلها متساوية كالدنانير لا تختلف الأغراض فيها. وأما إن كانت مختلفة فينتقض الجميع على ما مضى في رسم استأذن من سماع عيسى.

.مسألة يكون له على الرجل دينار فيتقاضاه:

وقال في رجل يكون له على الرجل دينار فيتقاضاه فيعطيه عشرة دراهم على وجه القضاء على غير صرف، ثم يعلم بمكروه ذلك، فيريد أن يحاسبه ويأخذ منه بقية ديناره، قال: لا خير فيه ولكن يرد الدراهم؛ قيل: لا يجد دراهم يردها، قال: إذا فسخ الأمر بينهم الذي صنعاه حتى تكون له العشرة قبله دينا، فلا بأس أن يصارفه ساعتئذ ويحاسبه بها وإن لم يقبضها.
قال محمد بن رشد: قد تقدمت هذه المسألة قبل هذا في هذا السماع والقول فيها، فلا معنى لإعادة ذلك.

.مسألة يشتري نصف النقرة ويقبضها كلها أيكون قد قبض صرفه:

وسئل: عن الرجل يشتري نصف النقرة ويقبضها كلها، أيكون قد قبض صرفه؟ قال: لا خير فيه. وكذلك الذي يشتري نصف الدينار بدراهم ويقبض الدينار كله، قال: لا خير فيه.
قال محمد بن رشد: هذا جائز عند أشهب في النقرة والدينار، قاله في المدونة وغيرها أنه يتناجز مع مصارفه، وتبقى الشركة بينه وبين من لم يصارفه؛ وأما إذا كانت النقرة أو الدينار لرجل، فلا يجوز أن يبيع بعضها من غير شريكه وإن قبضها كلها عندهما جميعا، لبقاء الشركة بينه وبين مصارفه فيما وقعت فيه المصارفة بينهما.

.مسألة اشترى تبرا أو قراضة أو سبيكة بدراهم:

ومن اشترى تبرا أو قراضة أو سبيكة بدراهم، فوجد في الدراهم درهما زائفا رد من ذلك بقدر ما يصيب الدرهم، ينظر إلى الذهب فيقسم على عدة الدراهم ثم يرد بقدر ما أصاب الدرهم.
قال محمد بن رشد: هذا بين على ما قال، لا خلاف فيه ولا موضع للقول، وبالله التوفيق.

.مسألة اشترى ذهبا يعني التبر والقراضة والذهب وزنا بدراهم:

ومن اشترى ذهبا يعني التبر والقراضة والذهب وزنا بدراهم إذا كانت الدراهم تعدو- الذهب، توزن مجموعة كانت أو غير مجموعة ثم وجد في الدراهم درهما زائفا انتقض منها وزن دينار.
قال محمد بن رشد: هذه مسألة فيها نظر، إذ لا يجوز أن يشترى التبر والقراضة والذهب المسكوك في صفقة واحدة وَزْنًا بدراهم دون أن يعلم وزن كل صنف من ذلك على حدته، فالمعنى في المسألة أنه أراد فيها بقوله يعني التبر والقراضة والذهب، أي يعني التبر أو القراضة أو الذهب.
وقوله إنه إذا وجد فيها درهما زائفا انتقض منها وزن دينار، إنما يعود على شراء الذهب المسكوك وحده بالدراهم. وأما إذا اشترى تبرا أو قراضة بدراهم فوجد فيها درهما زائفا فإنما ينتقض من التبر أو القراضة ما يجب للدرهم لا أكثر، وهذا ما لا إشكال فيه.

.مسألة اشترى خلخالين أو سوارين يعني المصوغ من ذلك وما أشبهه بدراهم:

ومن اشترى خلخالين أو سوارين يعني المصوغ من ذلك وما أشبهه بدراهم، فوجد في الدراهم درهما زائفا، انتقض ذلك كله أوله وآخره.
قال محمد بن رشد: وهذا كما قال، وهو مما لا اختلاف فيه؛ لأن ما ينوب الدرهم شائع في الجميع، فلابد بمن انتقاضه كله، وقد مضى ذلك في غير ما موضع.

.مسألة دفع إلى صائغ عشرين درهما يعمل له بها سوارين فمطله فاسترد دراهمه:

وسئل: عمن دفع إلى صائغ عشرين درهما يعمل له بها سوارين، فمطله فاسترد دراهمه، فقال: ما عندي ولكن خذ عشرة وَأَنْظِرْنِي بالعشرة الأخرى شهرا ففعل، فلم يجد عنده إلا ثمانية دراهم، فأعطاه بالدرهمين الباقيين تبرا قليلا. قال: إن كان بعد الإيجاب وكان ذلك صلحا، وجب ومضى حتى لو أراد أن يرجع فيه لم يكن له، فلا بأس به.
قال محمد بن رشد: قد مضت هذه المسألة متكررة والقول فيها في رسم نقدها من سماع عيسى فلا معنى لإعادته.

.مسألة يشتري من الرجل دنانير بدنانير مراطلة فنقصت إحدى الذهبين:

وعن الرجل يشتري من الرجل دنانير بدنانير مراطلة، فنقصت إحدى الذهبين، قال ابن القاسم: إنما كره مالك من ذلك أن يجعل قراضة أو ذهبا هي أدنى من النقص مع التبر الجيد ليتخير بها ما زاد الجياد في وجوهها؛ فأما لو أن رجلا أتى بمائة دينار عين سليمانية، وأتى الآخر بخمسين أو ستين كوفية مقطعة ليست في عيون العتق، فجعلت معها ذهب قراضة أو ذهبا ليس بجيد، وراطل بها العتق الجياد لم يكن بذلك بأس. وأما الذي لا يجيزه مالك، أن يأتي رجل بمائة دينار عتق سليمانية، يجعل معها قراضة أو ذهبا ليس بجيد، ويأتي آخر بعشرين ومائة دينار كوفية مقطعة وتجعل مع العتق الجياد عشرين قراضة أو تبرا من تبر العمل، ليس ذلك عند الناس في نفاقه وجودته كالذهب النقص الكوفية، وإنما أدخلها معها الفضل عيون العتق فلا خير فيه، وهذا تفسير قول مالك.
وسئل: عن الرجل يراطل التبر بالتبر مع أحد التبرين دنانير؟ قال ابن القاسم: إن كان التبران سواء فلا بأس به، وإن كانت الدنانير مع أوضعهما تبرا فلا خير فيه.
قال محمد بن رشد: هذه مسألة صحيحة بينة، ومضى تحصيل القول فيها في رسم البيع والصرف من سماع أصبغ، وفي أول هذا السماع أيضا وفي غيره من المواضع.

.مسألة يشتري الرجل بدرهم كيل فتجمع له قطع:

وقال: لا بأس أن يشتري الرجل بدرهم كيل فتجمع له قطع، ولقد كنت أكرهه؛ لأنه لا يكون درهما مجموعا، فأجزته لما رأيت من حاجة الناس إليه.
قال محمد بن رشد: كره لمن اشترى بدرهم كيل ولم يشترط قائما أن يقضي مقطعا بالميزان وخشي أن يكون البائع قد اقتضى مجموعا من قائم فترك فضل العين لزيادة العدد، ثم خففه إذ لم يشترط قائما ولا كان العرف أن من باع بدرهم إنما يبيع بقائم، ولو اشترط قائما لم يجز أن يأخذ مقطعا مجموعا باتفاق، ولو اشترط مقطوعا أو كان العرف بذلك صحيحا لجاز باتفاق، والله أعلم.

.مسألة يشتري دراهم وثوبا بدينار ثم يجد درهما زائفا:

وسئل: عن الذي يشتري دراهم وثوبا بدينار، ثم يجد درهما زائفا؟ قال: ينتقض البيع والصرف.
قال محمد بن رشد: قوله دراهم وثوبا، ظاهره ثلاثة دراهم فأكثر، فليس ذلك بخلاف لما في رسم أخذ يشرب خمرا من سماع ابن القاسم من إجازته البدل لمن اشترى ثوبا بدينار إلا درهمين، فوجد أحد الدرهمين زائفا، وقد مضى القول على ذلك هناك.

.مسألة يبتاع دراهم عددا:

وسئل: عن رجل ابتاع دراهم عددا، قال: لا خير فيه إلا أن لا يختلف وزنها، قال: فإن كانت كذلك، فلا بأس به. قيل له: فإن كانت الدراهم في بلد لا ميزان فيه، أترى أن تباع عددا؟ قال: لا.
قال محمد بن رشد: هذا بين على ما قال: إن الدراهم لا تباع عددا إلا أن لا يختلف وزنها، فإن كانت يختلف وزنها لم يجز أن تباع عددا وإن كان ذلك في بلد لا ميزان فيه؛ لأن ذلك غرر، وقد «نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن بيع الغرر».

.مسألة رجل كان له على رجل دينار فقضاه نصفين وازنين:

وسئل: عن رجل كان له على رجل دينار فقضاه نصفين وازنين، قال: لا خير فيه إلا أن يكون للدينار جريان معيار عنده.
قال محمد بن رشد: يعني بقوله جريان أن يكون للدينار عنده وزن معلوم فيأخذ نصفين وازنين بمثل وزنهما أو أفضل من وزنهما، فيكون إذا فعل ذلك قد أخذ أكثر عددا أو أكثر وزنا أو مثل وزنه، فجاز لكون الفضل من جهة واحدة؛ ومعنى ذلك إذا لم يكن لعين الدينار فضل على عين النصفين الوازنين، وأما إن كان له فضل في العين على عين النصفين، فلا يجوز؛ لأنه ترك فضل العين لزيادة العدد، أو لزيادة العدد والوزن إن كان أكثر وزنا من زنة الدينار الذي كان له، وفي آخر رسم القبلة من سماع ابن القاسم بيان هذا، فتدبره وقف عليه.

.مسألة دفع إلى رجل تبرا يبيعه له ودفع إليه آخر دنانير يشتري له بها تبرا:

وسئل: عن رجل دفع إلى رجل تبرا يبيعه له ودفع إليه آخر دنانير يشتري له بها تبرا، فأراد أن يشتري لهذا ويبيع لهذا من نفسه، فذهب إلى الصراف فاشترى بالدنانير دراهم ثم باع التبر من نفسه بتلك الدراهم من ذلك الصراف الذي اشترى منه الدراهم بدنانير، قال: لا يصلح، ولا يصلح أيضا أن يعطيك رجل تبرا تبيعه له ويعطيك آخر دنانير تشتري له بها تبرا تشتري لهذا من نفسك، وتبيع لهذا من نفسك، إلا أن تحضر دراهم صاحب الدينار عند صاحب التبر، فيقول له أخذ هذه الدراهم بهذا التبر.
قال محمد بن رشد: قوله بتلك الدراهم من ذلك الصراف، يريد بتلك الدراهم الذي أخذ من ذلك الصراف؛ لأنه إنما تكلم على أنه اشترى التبر من نفسه للذي أمره أن يشتري له تبرا، فاشترى تبر هذا لهذا بدراهمه التي باع بها ذهبه ولم يحضر واحد منهما فلم يجز ذلك ابن القاسم هاهنا حتى يحضر أحدهما، وحكى ذلك ابن المواز عنه أيضا، وله في رسم إن خرجت من سماع عيسى من كتاب البضائع والوكالات إجازة ذلك، وهو قول مالك في كتاب ابن المواز، وحكى عنه أنه قال: جائز أن يدفع إليك رجل دنانير وآخر دراهم للصرف، فتصرف لهذا من هذا؛ وقد أجاز مالك في أحد قوليه حسبما ذكرناه في رسم البيوع من سماع أشهب لمن وكل على الصرف أن يصرف له من نفسه وهو أشد من هذا.
قال ابن دحون: وإنما كرهه لأن الصرف يحتاج إلى دافع ومدفوع إليه هاء وهاء، وليس في هذا إلا واحد هو الدافع وهو المدفوع إليه، فخرج عن حد هاء، وهاء، وليست هذه عندي بعلة صحيحة؛ لأن المعنى في هاء وهاء، إنما هو المناجزة وإن لم يكن دفع ولا قبض، ألا ترى أنه يجوز أن يتقاضى الرجلان بالدنانير والدراهم إذا حلت وإن لم يكن في ذلك دفع ولا قبض ولا دافع ولا مدفوع إليه، وهاهنا قبض ودفع ودافع ومدفوع إليه؛ لأنه وكيل لكل واحد منهما فقبض لهذا ودفع عن هذا، إذ يرى الوكيل كيد موكله، وقد أجازوا أن يخرج الرجل وليته من نفسه فيكون هو الزوج وهو الولي مع قول النبي عَلَيْهِ السَّلَامُ: «لا نكاح إلا بولي».
وإنما المعنى في كراهة ذلك عندي أن كل واحد منهما إنما وكله على أن يبذل له مجهوده في المكايسة، وأن يفعل له في ذلك ما يفعل لنفسه، فإذا صرف من هذا لهذا، فقد ترك المكايسة التي أرادها كل واحد منهم منه وتوخى السداد فيما بينهما، فصار هذا معنى يشبه أن يكون لكل واحد منهما الخيار في فعله، كما إذا صرف لأحدهما من نفسه، وبالله التوفيق.

.مسألة أسلف رجلا درهما فيه نصف فجاء الذي تسلف بدرهم فأعطاه إياه:

وسئل: عن رجل أسلف رجلا درهما فيه نصف، فجاء الذي تسلف بدرهم فأعطاه إياه، وقال له فيه نصف قضاء لك فاعطني بالنصف الباقي تمرا، قال: لا خير فيه.
قال محمد بن رشد: هذه مسألة قد تكلمنا عليها في رسم سلف من سماع ابن القاسم، وذكرنا أنها تتخرج على قولين، فلا معنى لإعادة ذكر ذلك.

.مسألة كان له على رجل دينار فطلبه فقال ما عندي إلا ثلاثة أرباع دينار قراضة:

وسئل: عن رجل كان له على رجل دينار، فجاءه يتقاضاه، فقال: ما عندي إلا ثلاثة أرباع دينار قراضة، فقال: آخذها بالدينار الذي لي عليك، قال: لا خير في ذلك. قال أبو زيد: إلا أن يكون دينارا عينا فيه ثلاثة أرباع دينار، فهذا إذا تجاوزه عنه فلا بأس به.
قال محمد بن رشد: إنما لم يجز أن تأخذ من دينار ثلاثة أرباع دينار قراضة؛ لأنه اقتضاء مجموع من قائم فلم يجز؛ لأنه اغتفر الوزن والعين لعدد القراضة؛ لأنها كالمجموع المقطوع، فإذا أخذ ثلاثة أرباع دينار عينا مثل عينه أو أدنى جاز؛ لأنه اقتضاء أقل من وزنه لغير شيء اعتراه فجاز.

.مسألة له على رجل دينار ونصف إلى أجل فيريد الذي عليه الحق أن يخرج إلى سفر:

وعن رجل له على رجل دينار ونصف إلى أجل، فيريد الذي عليه الحق أن يخرج إلى سفر، فأتاه صاحب الحق يتقاضاه، فقضاه دينارا ونصف دينار بصرف يوم قضاء، أيجوز ذلك أم لا؟
قال: قال مالك: لا خير فيه أن يعطيه نصف دينار دراهم، ولا خير في أن يعطيه دينارا ويأخذ منه نصف دينار، ولا بأس أن يعطي دينارا ويأخذ بالنصف الباقي عرضا.
قال محمد بن رشد: قول ابن القاسم ولا بأس أن يعطى دينارا ويأخذ بالنصف الباقي عرضا مثل ما تقدم له في أثناء هذا السماع، ومثل قول مالك في أوله وخلاف قوله هناك، وقد أتينا من القول على ذلك هنالك بما فيه مقنع، وبالله التوفيق.

.مسألة يشتري الثوب بدينار ودرهمين فينقد الدرهمين ويؤخر الدينار:

وعن الرجل يشتري الثوب بدينار ودرهمين فينقد الدرهمين ويؤخر الدينار، هل بذلك بأس أم لا؟
قال: لا بأس بذلك. وأما إن اشترى ثوبا بدينار إلا درهمين، قال مالك: لا خير في أن ينقد الدينار ويؤخر الدرهمين، أو ينقد الدرهمين ويؤخر الدينار، ولا بأس أن يكون الدينار والدرهمان معا إذا انتقد الدينار دفع الدرهمين، وإن تأخر الثوب وانتقد الدينار ودفع الدرهمين فلا خير فيه.
قال محمد بن رشد: هذا مثل قول ابن القاسم وروايته عن مالك في المدونة، وأجاز أشهب أن يتعجل الدينار والدرهم وتتأخر السلعة. وأجاز ابن عبد الحكم أن يتأخر الدرهمان ويتعجل الدينار، ومضى مثله لأشهب في آخر رسم البيع والصرف من سماع أصبغ، وقد مضى القول على ذلك هناك مستوفى، فلا معنى لإعادته، وبالله التوفيق.
تم كتاب الصرف والحمد لله.

.كتاب السلم والآجال الأول:

.رجل وكل على بيع طعام لغيره فجاءه رجل قد كان البائع يسأله طعاما سلفه فيه:

من سماع ابن القاسم من كتاب الرطب باليابس قال سحنون: أخبرني ابن القاسم عن مالك أنه قال في رجل وكل على بيع طعام لغيره، فجاءه رجل قد كان البائع يسأله طعاما سلفه فيه، فقال له: بعني من هذا الطعام بنقد أو إلى أجل لأقضيك، أو أرسل رسولا، فاشترى له منه، ثم جاءه فقضاه، فقال: أما قوله بعني أقضيك فلا خير فيه، وأما إن بعث رسولا فاشترى له، والمقتضي لا يعلم فلا بأس به، ولكني أكرهه للذي يقضي، قال ابن القاسم: سمعته منه فيما أعلم.
قال محمد بن رشد: إنما قال لا خير في أن يبيع الوكيل الطعام الذي وكل على بيعه ممن له عليه طعام من سلم، على أن يقضيه إياه، يريد لا بمثل الثمن ولا بأقل ولا بأكثر، نقدا ولا إلى أجل؛ لأنه إذا باعه الطعام على أن يقضيه إياه فقضاه، فكان قضاؤه إياه بيعا له قبل استيفائه بما شرط على نفسه من قضائه قبل أن يشتريه، إذ لا يجوز لمن عليه طعام من سلم أن يقضيه من طعام اشتراه قبل أن يستوفيه، هذا إذا أجاز صاحب الطعام للوكيل أن يبيعه ممن له عليه طعام على أن يقضيه إياه؛ لأن من حقه أن لا يجيز ذلك؛ لأنه يقول: سامحه في البيع ليقضيه إياه، فالحكم في ذلك إذا أجاز البيع أن يجوز البيع ويفسخ الشرط؛ لأنه شرط فاسد لا تأثير له في الثمن، فوجب أن يفسخ، ويجوز البيع كما قالوا فيمن باع ثمرة واشترط البراءة من الجائحة على حديث بريرة في قوله عَلَيْهِ السَّلَامُ فيه: «من اشترط شرطا ليس في كتاب الله، فهو باطل وإن كان مائة شرط...» الحديث. فلا يحكم عليه أن يقضيه إياه بالشرط، ولا يجوز له هو أن يتعجل ذلك وإن اكتاله؛ لأن اكتياله لغو لا معنى له من أجل الشرط، وإن قضاه رد إليه واتبعه بطعامه على وجهه، ولو كان الطعام الذي للوكيل عليه من قرض، لجاز البيع والشرط لأنه جائز، فوجب أن يجوز على حديث جابر.
وأما إذا لم يجز صاحب الطعام البيع، فالحكم في ذلك أن يأخذ طعامه إن أدركه بعينه بيد المشتري أو يد الوكيل بعد إن رده إليه، ويفسخ البيع ويطلب الوكيل المبتاع بطعامه الذي له عليه؛ وإن لم يدرك طعامه بعينه وكان قد فات في يد الوكيل، رجع على الوكيل بمثله ونفذ البيع بين الوكيل والمشتري، يأخذ منه لنفسه الثمن الذي باعه به منه وفسخ القضاء في الطعام، فرد إليه مثله واتبعه بطعامه الذي كان له عليه؛ لأنه إن ترك الوكيل على ما كان قضاه إياه، دخل ذلك بيع الطعام قبل أن يستوفى؛ لأنا إن ألغينا بيع الوكيل للطعام من أجل أنه قد رجع إليه طعامه بما اشترط، كان الوكيل قد باع الطعام الذي كان له على المشتري بالثمن الذي أخذ منه في الطعام، وإن لم يلغه كان المبتاع قد قضى الطعام الذي ابتاع في الطعام الذي كان عليه من السلم قبل أن يستوفيه بما شرط على نفسه من أن يقضيه إياه؛ وأما إذا باعه من رسول لم يعلم أنه اشترى للذي كان له عليه الطعام، فجائز له أن يقضيه منه كما قال، ولا حجة لصاحب الطعام في ذلك، وإنما كره ذلك للذي يقضي مخافة أن يكون المقتضي قد علم أن الرسول له، ولو تحقق أنه لم يعلم أن الشراء له لم يكن في ذلك وجه من الكراهة، ولو كان الطعام للبائع فباعه ممن له عليه طعام من قرض على أن يقضيه إياه جاز إن كان ينقد، ولم يجز إن كان إلى أجل؛ لأن الطعام قد رجع إليه فآل الأمر إلى أن أخذ منه في الطعام الذي كان له عليه من القرض الثمن الذي باع به منه الطعام، فإن كان نقدا جاز، وإن كان إلى أجل لم يجز؛ لأنه فسخ الطعام في ذلك الثمن إلى ذلك الأجل، على ما قال بعد هذا في رسم القبلة؛ ولو باعه منه بثمن إلى أجل على غير شرط أن يقضيه إياه ولا رأي ولا عادة ولا رجاء، فلما تم شراؤه قضاه إياه لم يجز أيضا، وفسخ من باب الحكم بالذرائع، لا من أجل أنه حرام عليه فيما بينه وبين خالقه إن صح عمله فيه على غير شرط ولا عادة ولا رجاء، ولو اشتراه له منه رسول بثمن إلى أجل ولم يعلم أنه رسول له، لجاز أن يقتضيه منه، ولكره ذلك للذي يقضي، للوجه الذي ذكرناه في المسألة التي قبل هذه؛ ولو كان الطعام للبائع لم يجز له أن يبيعه ممن له عليه طعام من بيع قبل أن يقضيه إياه إلا بمثل الثمن الذي أسلم إليه في الطعام نقدا؛ لأنه إن كان بأقل أو بأكثر نقدا صار بيع الطعام قبل أن يستوفى؛ لأن طعامه رجع إليه، فكان لغوا وصار إلى أن أخذ منه فيما كان له عليه من الطعام الثمن الذي باع به منه الطعام وإن كان إلى أجل، دخله مع بيع الطعام قبل أن يستوفي فسخ الدين في الدين، وأما إن كان باعه منه بمثل الثمن الذي أسلم إليه فيه نقدا فهو جائز؛ لأن الأمر آل بينهما فيه إلى الإقالة، ولو باعه منه بثمن إلى أجل، أو بأقل، أو بأكثر من الثمن الذي أسلم له فيه على غير شرط أن يقضيه إياه ولا رأي ولا عادة ولا رجاء رجاه، فلما تم شراؤه قضاه إياه لم يجز أيضا، وفسخ من باب الحكم بالذرائع على ما ذكرناه في مسألة السلف؛ ولو اشتراه له منه رسول لم يعلم أنه له رسول، لجاز أن يقضيه منه؛ وإن كان اشتراه منه بثمن إلى أجل أو نقدا بأقل أو بأكثر من الثمن الذي كان أسلم إليه فيه على ما ذكرناه في مسألة السلف أيضا، وستأتي هذه المسألة في رسم إن أمكنتني من سماع عيسى، وإنما ذكرتها هاهنا لتعلقها بهذه المسألة ومشابهتها لها.

.مسألة اشترى طعاما إلى أجل ونقد ثمنه:

وقال مالك في رجل اشترى طعاما إلى أجل ونقد ثمنه، ثم إنه تصدق به على رجل آخر أو وهبه له، أو قضاه إياه من طعام كان تسلفه منه أو أسلفه رجلا جاء يستسلفه طعاما وذلك قبل أن يستوفيه المشتري، فأراد بعض من صار إليه الطعام على بعض هذه الوجوه أن يبيعه قبل أن يقبضه. قال: ما أحب أن يباع ذلك الطعام قبل أن يستوفى.
قال محمد بن رشد: من صار إليه الطعام المشترى بأي وجه كان من هبة أو صدقة أو قرض أو اقتضاء من قراض أو ميراث يحل محل المشتري الذي صار إليه الطعام من قبله في أنه لا يجوز له بيعه قبل استيفائه على معنى ما في المدونة وغيرها، وحكى ابن حبيب في الواضحة عن مالك أنه خفف ذلك في الهبة والصدقة، وقد وقع لأشهب في كتاب ابن المواز أن للرجل بيع ما وهب له أو تصدق به عليه أو ورثه من الطعام قبل قبضه، وقاله عمر بن عبد العزيز في الميراث، ومعنى ذلك عندي فيما وهب له أو تصدق به عليه أو ورثه من الطعام الذي كان للموروث أن يبيعه قبل قبضه؛ وأما من اشترى طعاما فمات عنه قبل أن يقبضه، فلا اختلاف في أن الوارث يحل محله في أنه لا يجوز له بيعه قبل قبضه، وكذلك من أقرضه أو اقتضاه من قرض كان له، ويحتمل أن يدخل ذلك من الاختلاف ما دخل فيمن وهب له أو تصدق به عليه على ما حكاه ابن حبيب عن مالك.