فصل: تفسير الآيات (19- 20):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: التيسير في التفسير أو التفسير الكبير المشهور بـ «تفسير القشيري»



.تفسير الآيات (19- 20):

{إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا (19) إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآَنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآَخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآَخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (20)}
{إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ}: يعني هذه السورة، أو هذه الآيات مَوْعِظَةٌ؛ فَمَنْ اتعظ بها سَعِدَ.
{إِنَّ رَبَّكَ} يا محمد {يَعْلَمُ أَنََّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِن ثُلُثِى الَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَآئِفَةٌ مِّنَ الَّذِينَ مَعَكَ} من المؤمنين.
{وَاللَّهُ يُقَدِّرُ الَّيْلَ وَالنَّهَارَ} فهو خالقهما {عَلِمَ أَن لَّن تُحْصُوهُ} وتطيعوه.
{فَتَابَ عَلَيْكُمْ} أي: خَفَّفَ عنكم {فَاقْرَءُواْ مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْءَانِ} من خمس آيات إلى ما زاد. ويقال: من عَشْرِ آيات إلى ما يزيد.
{عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُمْ مَّرْضَى وَءَاخَرُونَ يَضْرِبُونَ في الأَرْضِ} يسافرون، ويعلم أصحاب الأعذار، فَنَسخَ عنهم قيامَ الليل.
{وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ} المفروضة.
{وَأَقْرِضُواْ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً} مضى معناه.
{وَمَاتُقَدِّمُواْ لأَنِفُسِكُمْ مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ} أي: ما تقدِّموا من طاعة تجدوها عند الله ثواباً هو خيرٌ لكم من كلِّ متاع الدنيا.

.سورة المدثر:

.تفسير الآيات (1- 3):

{يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنْذِرْ (2) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (3)}
قوله جلّ ذكره: {يَا أَيُّهَا المُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنذِرْ}.
يا أيها المتدثر بثوبه.
وهذه السورة من أول ما أُنْزِلَ من القرآن. قيل: إنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ذَهَبَ إلى حِرَاء قبل النُّبُوة، فَبَدا له جبريلُ في الهواء، فرجع الرسول إل بيت خديجة وهو يقول «دثِّروني دثِّروني» فَدُثِّرَ بثوبٍ فنزل عليه جبريل وقال: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأنذِرْ} وقيل: أيها الطالبُ صَرْفَ الأذى عنك بالدثار اطلبْه بالإنذار.
ويقال: قُمْ بنا، وأَسْقِطْ عنك ما سوانا، وأَنذِر عبادَنا؛ فلقد أقمناك بأشرف المواقف، ووقفناك بأعلى المقامات.
ويقال: لمَّا سَكَنَ إلى قوله: {قُمِ} وقام قَطَعَ عن السُّكونِ إلى قيامِه، ومن الطمانينة في قيامه.
قوله جلّ ذكره: {وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ}.
كَبِّرُه عن كلِّ طَلَبٍ، ووَصْلٍ وفَصْلٍ، وعِلَّةٍ وخَلْقٍ.

.تفسير الآيات (4- 15):

{وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (4) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (5) وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ (6) وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ (7) فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ (8) فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ (9) عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ (10) ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا (11) وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَمْدُودًا (12) وَبَنِينَ شُهُودًا (13) وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا (14) ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ (15)}
{وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ}.
طَهِّرْ قلبك عن الخلائق أجمع، وعن كلِّ صفةٍ مذمومة.
وطَهِّرْ نَفْسَك عن الزَّلاَّت، وقلبَك عن المخالفات، وسِرَّك عن الالتفاتات.
ويقال: أَهْلَكَ طَهِّرْهم بالوعظ؛ قال تعالى: {هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ} [البقرة: 187]، فيعبر عنهن- أحياناً- بالثياب واللِّباس.
قوله جلّ ذكره: {وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ}.
أي: المعاصي. ويقال: الشيطان. ويقال: طهِّرْ قلبَك من الخطايا وأشغال الدنيا.
ويقال: مَنْ لا يَصِحُّ جِسْمُه لا يجد شهوةَ الطعام كذلك مَنْ لا يَصِحُّ قلبُه لا يجد حلاوةَ الطاعة.
{وَلاَ تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ}.
لا تُعْطِ عطاءَ تطلب به زيادةٍ على ما تعطيه.
ويقال: لا تستكثِرْ الطاعةَ من نفسك.
ويقال: لا تمنُنْ بعملك فتَسْتكثِرَ عملك، وتُعْجَبَ به.
{وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ}.
أي: أنت تُؤَذَى في اللَّهِ. فاصبرْ على مقاساةِ أذاهم.
قوله جلّ ذكره: {فَإِِذَا نُقِرَ في النَّاقُورِ فَذَلِكَ يَوْمئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ}.
يعني: إذا قامت القيامةُ، فذلك يومٌ عسيرٌ على الكافرين غيرُ هيِّنٍ.
قوله جلّ ذكره: {ذَرْنِى وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً}.
أي: لا تهتمْ بشأنهم، ولاتَحْتَفِلْ؛ فإنِّي أكفيكَ أمرَهم.
إنِّي خَلَقْتُه وحدي؛ لم يشارِكْني في خلقي إيَّاه أحدٌ.
ويحتمل: خَلَقْتُه وَحْدَه لا ناصرَ له.
قوله جلّ ذكرهُ: {وَجَعَلْتُ لَهُ مَالاً مَّمْدُوداً وَبَنِينَ شُهُوداً}.
حضوراً معه لا يحتاجون إلى السَّفَرِ.
{وَمَهَّدتُّ لَهُ تَمْهِيداً}.
أراد: تسهيلَ التصرُّف، أي: مكَّنْتُهُ من التصرُّف في الأمور.
{ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ}.
يطمع أن أزيده في النعمة.

.تفسير الآيات (16- 32):

{كَلَّا إِنَّهُ كَانَ لِآَيَاتِنَا عَنِيدًا (16) سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا (17) إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ (18) فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (19) ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (20) ثُمَّ نَظَرَ (21) ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ (22) ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ (23) فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ (24) إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ (25) سَأُصْلِيهِ سَقَرَ (26) وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ (27) لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ (28) لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ (29) عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ (30) وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آَمَنُوا إِيمَانًا وَلَا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ (31) كَلَّا وَالْقَمَرِ (32)}
{كَلآَّ إِنَّهُ كَانَ لأَيَاتِنَا عَنِيداً}.
جَحوداً.
{سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً}.
سأحمله على مشقَّةٍ من العذاب.
{إنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ}.
أي: لُعِنَ كيف فكَّر، وكيف قَدَّر، ويعني به: الوليد بن المغيرة الذي قال في النبي صلى الله عليه وسلم: إنَّه ليس بشاعرٍ ولا بمجنونٍ ولا بكذَّاب، وإنه ليس ساحر، وما يأتي به ليس إلا سحرٌ يُرْوَى: {ثُمَّ نَظَرَ ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ فَقَالَ إِنْ هَذَآ إِلاَّ سِحْرٌ يُؤْثَرُ إِنْ هَذَآ إِلاَّ قُوْلُ الْبَشَرِ سَأُصْلِيهِ سَقَرَ وَمَآ أَدْرَاكَ مَا سَقَرٌ لاَ تُبْقِى وَلاَ تَذَرُ لَوَّاحَةٌ لِّلْبََشَرِ}.
لا تُبقي لَحْماً، ولا تَذَرُ عَظْماً، تحرق بشرة الوجه وتُسَوِّها، من لاحته الشمسُ ولوَّحته.
{عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ}.
قال المشركون: نحن جَمْعٌ كثير فما يفعل بنا تسعة عشر؟! فأنزل الله سبحانه: {وَمَا جَعَلْنَآ أَصْحَابَ النَّارِ إِلاَّ مَلاَئِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ ءَامَنُواْ إِيمَاناً وَلاَ يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ}.
فيزداد المؤمنون إيماناً، ويقول هؤلاء: أي فائدة في هذا القَدْر؟ فقال تعالى: {كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِى مَن يَشَآءُ}.
ثم قال: {وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ وَمَا هي إِلاَّ ذِكْرَى لِلْبَشَرِ}.
أي: تقاصرت علومُ الخَلْقِ فلم تتعلَّقْ إلا بمقدار دون مقدار، والذي أحاط بكل شيء علماً هو الله- سبحانه.
{كَلاَّ وَالْقَمَرِ}.
كلاّ- حرفُ ردعٍ وتنبيه؛ أي:؛ ارتدعوا عما أنتم عليه، وانتبهوا لغيرِه.
واقسم بهذه الأشياء {كَلاَّ وَالْقَمَرِ}: أي بالقمر، أو بقدرته على القمر.

.تفسير الآيات (33- 46):

{وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ (33) وَالصُّبْحِ إِذَا أَسْفَرَ (34) إِنَّهَا لَإِحْدَى الْكُبَرِ (35) نَذِيرًا لِلْبَشَرِ (36) لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ (37) كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (38) إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ (39) فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ (40) عَنِ الْمُجْرِمِينَ (41) مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (43) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (44) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ (45) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (46)}
{وَالَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ} وقُرِئ ودَبَرَ أي: مضى، {وَالصُّبْحِ إِذَآ أَسْفَرَ} أي: تجلَّى.
{إِنَّهَا لإِحْدَى الْكُبَرِ}.
أي: النار لإحدى الدواهي الكُبَر.
ويقال في {كَلاَّ وَالْقَمَرِ} إشارةٌ إلى أقمار العلوم إذا أخذ هلالُها في الزياد بزيادة البراهين، فإنها تزداد، ثم إذا صارت إلى حدِّ التمام في العلم وبلغت الغاية تبدوا إعلام المعرفة، فالعلم يأخذ النقصان، وتطلع شمسُ المعرفة، فكما انه قَرُبَ القمرُ من الشمس يزداد نقصانه حتى إذا قرب من الشمس تماماً صار محاقاً- كذلك إذا ظَهَرَ سلطانُ العرفانِ تأخذ أقمارُ العلوم في النقصان لزيادة المعارف؛ كالسراج في ضوء الشمس وضياء النهار. {وَالَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ} أي إذا انكشفت ظُلَمُ البواطن، {وَالصُّبْحِ إِذَآ أَسْفَرَ} وتجلَّت أنوار الحقائق في السرائر.... إنها لإحدى العظائم! وذلك من باب التخويف من عودة الظُّلَم إلى القلوب.
{نَذِيراً لِّلْبَشَرِ}.
في هذا تحذيرٌ من الشواغل التي هي قواطع عن الحقيقة، فيحذروا المساكنةَ والملاحظةَ إلى الطاعات والموافقات.... فإنّها- في الحقيقة- لا خطرَ لها.
{لِمَن شَآءَ مِنكُمْ أَن يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ} عن الطاعات , وهذا على جهة التهديد.
قوله جلّ ذكره: {كُلُّ نَفْس بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ}.
أي: مرتهنة بما عملت، ثم استثنى: {إِلاَّ أَصْحَابَ الْيَمِينِ}.
فقال: إنهم غير مرتهنين بأعمالهم، ويقال: هم الذين قال الله تعالى في شأنهم: «هؤلاء في الجنة ولا أُبالي»!
وقيل: أَطفال المؤمنين.
{فِى جَنَّاتٍ يَتَسَآءَلُونَ عِنِ الْمُجْرِمِينَ مَا سَلَكَكُمْ في سَقَر قَالُواْ لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَآئِضِينَ وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ}.
هؤلاء يتساءلون عن المجرمين، ويقولون لأهل النار إذا حَصِلَ لهم إشرافٌ عليهم: {مَا سَلَكَكُمْ في سَقَرَ}؟ {قالوا ألم نك من المصلين} ألم نكُ نُطْعِمُ المسكين؟
وهذا يدل على أنَّ الكفارَ مُخَاطَبون بتفصيل الشرائع.
{وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَآئِضِينَ}: نشرع في الباطل، ونكذَّب بيوم الدين.

.تفسير الآيات (47- 56):

{حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ (47) فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ (48) فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ (49) كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ (50) فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ (51) بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتَى صُحُفًا مُنَشَّرَةً (52) كَلَّا بَلْ لَا يَخَافُونَ الْآَخِرَةَ (53) كَلَّا إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ (54) فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ (55) وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ (56)}
{حَتَّى أَتَانَا اليَقِينُ}.
وهو معاينة القيامة.
{فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ}.
أي: لا تنالهم شفاعةُ مَنْ يشفع.
{فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ}.
والتذكرة: القرآن: {كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُّسْتَنفِرَةٌ فَرَّتْ مِن قَسْوَرَةِ}.
كأنهم حُمُرٌ نافرة فرَّت من أَسَدٍ.
{بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ أَن يُؤْتَى صُحُفاً مُّنَشَّرَةً}.
بل يريد كلُّ منهم أن يُعْطَى كتاباً منشوراً.
{كَلاَّ بَل لاَّ يَخَافُونَ الأَخِرَةَ}.
أي: كَلاَّ لا يُعْطَوْن ما يتمنُّون لأنهم لا يخافون الآخرة.
{كَلاَّ إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ فَمَن شَآءَ ذَكَرَهُ}.
إلاَّ أَنْ يشاءَ اللَّهُ- لا أَنْ تشاؤوا.
{هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى}.
أهل لأن يُتَّقى.
{وََأهْلُ الْمَغْفِرَةِ}.
وأهلٌ لأَنْ يغفِرَ لمن يَتَّقِي- إن شاء.