فصل: تفسير سورة طه:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الجواهر الحسان في تفسير القرآن المشهور بـ «تفسير الثعالبي»



.تفسير الآيات (97- 98):

{فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا (97) وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا (98)}
وقوله تعالى: {فَإِنَّمَا يسرناه بِلِسَانِكَ} أَيْ: القرآن {لِتُبَشِّرَ بِهِ المتقين} أيْ: بالجنة، والنَّعِيم الدائم، والعِزّ في الدنيا.
و{قَوْماً لُّدّاً} هم: قريشٌ، ومعناه: مُجَادِلِينَ مُخَاصِمِينَ، والأَلَدُّ: المُخَاصِمُ المبالِغُ في ذلك، ثم مثَّل لهم بإهلاَكِ مَنْ قبلهم إذْ كانوا أَشَدَّ مِنْهُم، وأَلَدَّ وأَعْظَم قدْراً، والركز: الصَّوْتُ الخَفِيّ.

.تفسير سورة طه:

وهي مكية.
بسم الله الرحمن الرحيم

.تفسير الآيات (1- 8):

{طه (1) مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ لِتَشْقَى (2) إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى (3) تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَا (4) الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (5) لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى (6) وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى (7) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى (8)}
قولُه سبحانه وتعالَى: {طه * مَآ أَنَزَلْنَا عَلَيْكَ القرآن لتشقى} قيل: طه: اسْمٌ من أَسْمَاءِ نَبِيِّنَا محمّدٍ صلى الله عليه وسلم وقِيلَ: معناه: يا رَجُلُ؛ بالسُّرْيَانِيّة، وقِيلَ: بغيرها مِنْ لُغَاتِ العَجَمِ.
قال البخاريُّ: قال ابن جُبَيْرٍ: {طه}: يا رجلُ، بالنَّبطِيَّة. انتهى.
وقيل: إنها لغةٌ يَمَانِيةٌ في عَكَّ؛ وأَنشد الطبريُّ في ذلك: [الطويل]
دَعَوْتُ ب طَه فِي الْقِتَالِ فَلَمْ يُجِب ** فَخِفْتُ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ مُوَائِلاَ

وقال آخرُ: [البسيط]
إنَّ السَّفَاهَةِ طه مِنْ خَلاَئِقِكُم ** لاَ بَارَكَ اللّهُ فِي الْقَوْمِ المَلاَعِينِ

وقالت فِرْقَةٌ من العُلَمَاءِ: سَبَبُ نزولِ هذه الآية أَن قريشاً لما نظرت إلى عيش النبي صلى الله عليه وسلم وشَظَفِه وكَثْرة عِبَادَته؛ قالت: إن محمداً مع ربِّه في شقاءٍ فنزلت الآيةُ؛ رادَّةً عليهم.
وأسند عِيَاضٌ في الشفا من طريق أَبِي ذَرٍّ الهروي، عن الرَّبِيعِ بن أَنَسٍ قال: كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم إذَا صَلَّى، قَامَ عَلَى رِجْلٍ وَرَفَعَ الأخرى، فأنْزَل اللّه؛ {طه} يعني: طَإ الأَرْضَ يَا محمدُ، {مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْءَانَ لتشقى} ولاَ خَفاءَ بمَا في هذا كله من الإكْرام له صلى الله عليه وسلم وحُسْن المعاملة. انتهى.
قال * ص *: {لتشقى * إِلاَّ تَذْكِرَةً} عِلَّتانِ لِقَوْلِه: {مَا أَنزَلْنَا}. انتهى.
وقد تقدم القولُ في مَسْأَلَةِ الاسْتِوَاء، وباقي الآية بيّن.
قال ابنُ هِشَام: قوله تعالى: {وَإِن تَجْهَرْ بالقول} أيْ: فاعلم أَنه غَنِيٌّ عن جهرك؛ {فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السر وَأَخْفَى}، فالجوابُ مَحذُوفٌ. انتهى.

.تفسير الآيات (9- 14):

{وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى (9) إِذْ رَأَى نَارًا فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آَنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آَتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى (10) فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَا مُوسَى (11) إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى (12) وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى (13) إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي (14)}
وقوله سبحانه: {وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ موسى * إِذْ رَأَى نَاراً فَقَالَ لأَهْلِهِ امكثوا إني آنَسْتُ نَاراً لعلي آتِيكُمْ مِّنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النار هُدىً} هذا الاِسْتفهام توقيفٌ مضمنه: تَنْبِيه النفس إلى استماع ما يورد عليها، وهذا كما تبدَأُ الرجل إذا أَردْتَ إخْبَارَه بأَمْرٍ غَرِيبٍ؛ فتقول: أعلمْتَ كذا، وكذا، ثم تبدأ تخبره.
وكان من قصّة موسى- عليه السلام- أنه رحل من مَدْيَن بأهله بِنْت شُعَيْب- عليه السلام- وهو يريدُ أَرض مِصْر، وقد طالت مُدَّة جِنَايته هُنَالِكَ، فَرَجَا خَفَاءَ أمْره، وكان فيما يزعمون رَجُلاً غَيُوراً، فكان يَسِيرُ الليلَ بأهْلِهِ، وَلاَ يَسِيرُ بالنهار مخافةَ كشفة الناسِ، فَضَلَّ عن طريقه في لَيْلَةٍ مُظْلمة، فبينما هو هو كذلك، وقد قَدَحَ بزنده، فلم يُورِ شَيْئاً {إِذْ رَأَى نَاراً فَقَالَ لأَهْلِهِ امكثوا}، أيْ: أقِيموا، وذهب هو إلى النار، فإذا هي مُضْطَرِمةٌ في شَجَرةٍ خَضْرَاءَ يانِعةٍ، قيل: كانت من عُنَّابٍ، وقِيلَ: من عَوْسَج، وقِيلَ: من عُلَّيْقٍ، فكلَّما دَنَا مِنْها، تباعَدَتْ منه، ومَشَتْ فإذا رجع عنها اتَّبعَتْهُ، فلما رأَى ذَلِكَ أَيقنَ أَنَّ هذا مِنْ أُمُورِ اللّه الخَارِقَةِ للعادة، ونُودِي، وانقضى أَمْرُه كُلّه في تلك الليلة؛ هذا قول الجُمْهُورِ، وهو الحقُّ، وما حُكِيَ عن ابنِ عباسٍ: أنَّه قال: أَقامَ في ذلك الأَمْرِ حَوْلاً، فغيرُ صَحِيحٍ عن ابن عباس.
وآنَسْتُ: معناه: أَحْسَسْتُ، والقَبَسُ: الجذْوةُ من النار، تكون على رَأْس العُودِ.
والهُدَى: أراد هُدَى الطريقِ، أَيْ: لعلي أَجِدُ مرشداً لي، أوْ دليلاً.
وفي قِصَّة موسى بأسْرها في هذه السورة تسْلِيةٌ للنبي صلى الله عليه وسلم عما لَقِيَ في تَبْلِيغه من المَشَقَّاتِ صلى الله عليه وسلم والضميرُ في قوله: {أتَاهَا}: عائِدٌ على النار.
وقوله: {نُودي}: كنايةٌ عن تَكْلِيم اللّه تعالى له عليه السلام.
وقرأَ نَافِعٌ وغيرُه: إنِّي بكسر الهمزة على الابْتداءِ، وقرأَ أَبُو عَمْرو، وابن كَثِير: {أَنِّي} بفتحها على معنى: لأَجل أَنِّي أَنا رَبُّك، فَاخْلَعْ نعليك.
واخْتُلِفَ في السبب الذي مِنْ أَجْله أُمِرَ بخلْعِ النعلين: فقالتْ فِرْقَةٌ: كَانَتَا من جِلْد حَمِارٍ مَيِّتٍ، فأُمِرَ بِطَرْحِ النَّجَاسَةِ.
وقالت فرقةٌ: بل كَانَتْ نَعْلاَهُ مِنْ جِلْدِ بقَرَةٍ ذَكِيّ؛ لكن أُمِر بخلعهما لينَالَ بركَةَ الوَادِي المُقدَّسِ، وتمَسَّ قَدَماهُ تُرْبَةَ الوَادِي.
قال * ع *: وتحتمل الآيةُ مَعْنًى آخَرَ، هو الأَليقُ بها عِنْدِي؛ وهو: أَن اللّه تعالى أمرِه أنْ يتأدَّبَ، ويتَوَاضَعَ؛ لعظم الحَالِ الَّتي حَصَلَ فيها، والعُرْف عِنْد المُلُوكِ: أَنْ تُخلَعَ النَّعْلاَنِ، ويبلغُ الإنْسان إلَى غاية تَوَاضُعِهِ، فكأَنَّ موسى- عليه السلام- أُمِر بذلك عَلَى هذا الوجه، وَلاَ نُبَالِي كيفَ كَانَتْ نَعْلاَهُ من ميتة أوْ غيرها.
و{المقدس}: معناه المطهَّرُ، و{طُوىً}: معناه مَرَّتَيْنِ.
فقالت فرقةٌ: معناه قُدِّسَ مرتيْنِ، وقالت فِرْقةٌ: معناه طُوِيَتْ لك الأَرْضُ مَرَّتَيْنِ من ظنك.
قال الفَخْرُ: وقِيلَ: إنَّ طُوًى اسم وادٍ بالشام، وهو عند الطُّورِ الذي أَقْسم اللّه به في القرآن.
وقيل: إنَّ {طُوىً} بمعنى: يَا رَجُلُ، بالعَبْرَانِيَّةِ، كأنه قِيلَ: يا رجل اذهب إلَى فِرْعون. انتهى.
من تفسيره لسورة والنازعات.
قال * ع *: وحدثني أَبِي- رحمه اللّه- قال: سمعت أَبا الفضل بْنَ الجوهري- رحمه اللّه تعالى- يقول: لما قِيل لموسى: استمع لما يوحى، وقف على حَجَرٍ، واستند إلَى حَجَرٍ، ووضع يَمِينه عَلَى شِمَالِه وأَلْقى ذَقَنَهُ على صَدْرِه، ووقف يستمع، وكان كُلُّ لباسه صُوفاً.
وقوله تعالى: {وَأَقِمِ الصلاة لِذِكْرِي}: يحتمل أن يريدَ: لِتَذْكُرَنِي فيها، أوْ يريد: لأَذْكركَ في عِلِّيَينَ بها، فالمصدرُ محتمل الإضافة إلى الفَاعِل، أَوِ المفعول.
وقالت فِرْقةٌ: معنى قولهِ {لِذِكْرِي} أيْ: عند ذِكْرى، أَيْ: إذا ذكرتني، وأمري لك بها.
* ت *: وفي الحديث عَنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: «مَنْ نَسِيَ صَلاَةً، فَلُيصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا؛ فَإنَّ ذَلِكَ وَقْتَهَا؛ قَالَ اللّهُ تَعَالَى: {أقِمِ الصلاة لِذِكْرَي}» انتهى.
فقد بيَّن له صلى الله عليه وسلم ما تحتمله الآيةُ، واللّهُ الموفِّقُ بفضله؛ وهكذا استدل ابنُ العربي هنا بالحديثِ، ولفظه: وقد رَوَى مَالَكٌ وغيرُه: أَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ نَامَ عَنْ صَلاَةٍ أوْ نسِيَهَا، فَلْيُصَلِّها إذَا ذَكَرَهَا؛ فَإنَّ اللّهَ تعالى يَقُولُ: أَقِمِ الصلاة لِذِكْرَي» انتهى.
من الأحكام. وقرأت فرقةٌ: {للذكرى}، وقرأتْ فرقةٌ: {لِلذِّكْرِ}، وقرأتْ فرقةٌ: {لِذِكْرَى} بغيرِ تعرِيف.

.تفسير الآيات (15- 36):

{إِنَّ السَّاعَةَ آَتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى (15) فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى (16) وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى (17) قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآَرِبُ أُخْرَى (18) قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَى (19) فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى (20) قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى (21) وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آَيَةً أُخْرَى (22) لِنُرِيَكَ مِنْ آَيَاتِنَا الْكُبْرَى (23) اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (24) قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي (25) وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي (26) وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي (27) يَفْقَهُوا قَوْلِي (28) وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي (29) هَارُونَ أَخِي (30) اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (31) وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي (32) كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا (33) وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا (34) إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيرًا (35) قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى (36)}
وقولُه تعالى: {إِنَّ الساعة}: يريدُ: القيامةَ آتيةٌ، فيه تحذيرٌ وَوَعِيدٌ.
وقرأ ابنُ كَثِير، وعاصِمٌ: {أَكَاد أَخفيها}- بفتح الهمزة- بمعنى: أظْهرها، أيْ: إنها من تيقُّن وقُوعِهَا تَكاد تَظْهَرُ، لكن تَنْحَجِبُ إلى الأَجل المعلومِ، والعربُ تقولُ: خَفَيْتُ الشَّيْءَ بمعنى: أَظْهَرْتُهُ.
وقرأ الجمْهورُ: {أُخْفِيهَا}- بضم الهمزة- فقيل: معناه: أظهرها، وزعموا: أَنَّ أَخْفَيْتُ من الأَضْدَادِ.
وقالت فرقةٌ: {أَكَادُ} بمعنى أُرِيدُ، أيْ: أرِيدُ إخْفَاءَها عنكم؛ لتجزى كل نفس بما تسعى، واسْتَشْهَدُوا بقول الشاعر: [الكامل]
كَادَتْ وَكِدْتَ وَتِلْكَ خَيْرُ إرَادَةٍ

وقالت فرقةٌ: أَكاد: على بَابها بمعنى: بأَنها مقاربة ما لم يَقَعْ لكن الكلام جَارٍ على استعارة العَرَبِ، ومَجَازِهَا، فلما كانت الآيةُ عبارةٌ عن شِدَّةِ خَفَاءِ أَمْرِ القيامة ووقْتِها، وكان القَطْعُ بإتْيَانِها مع جَهْلِ الوَقْتِ أَهْيَبُ على النفوسِ؛ بالغ سُبْحَانَه في إبْهَامِ وقْتِها، فقال: {أَكَادُ أُخْفِيهَا}؛ حتَّى لاَ تظهرُ ألْبتةَ، ولكن ذلك لا يقعُ، ولابد مِنْ ظُهُورِهَا، وهذا التَّأْوِيلُ هو الأقوى عندي.
وقوله سبحانه: {فَلاَ يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا}: أيْ: عن الإيمانِ بالسَّاعَةِ، ويحتمل عودُ الضمير على الصَّلاَةِ.
وقوله: {فتردى}: معناه فتَهْلك، والردى: الهلاكُ، وهذا الخطابُ كلَّه لموسى عليه السلام، وكذلك ما بعده.
وقال النقاشُ: الخطابُ ب {لاَ يَصُدَّنَّكَ}: لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم وهذا بَعِيدٌ.
وقوله سبحانه: {وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ ياموسى} تقريرٌ مضمنه التَّنْبِيهُ، وجمعُ النفْسِ؛ لتلقى ما يورد عليها، وإلاَّ فقد علم سُبْحَانه مَا هِيَ في الأزَل.
قال ابنُ العَرَبِيُّ في أحكامه: وأجابَ مُوسَى عليه السلام بقوله: {هِيَ عَصَايَ...} الآية بأَكْثَرَ مما وقَعَ السؤالُ عنه؛ وهذا كقوله صلى الله عليه وسلم: «هو الطَّهُورُ مَاؤهُ، الحِلُّ مَيْتَتُهُ» لمن سَأَلهُ عن طَهُوريَّةِ ماء البَحْر. انتهى.
* ت *: والمُسْتَحْسَنُ من الجواب: أَنْ يكون مُطَابِقاً للسؤال، أو أَعَمَّ منه؛ كما في الآية، والحديث، أَمَّا كونُه أَخَصَّ منه، فَلاَ. انتهى.
{وأَهُشَّ}: معناه: أخْبِطُ بِها الشَّجَر؛ حتى ينتشر الوَرَقُ لِلْغَنم، وعَصَا مُوسَى عليه السلام هي الَّتي كان أَخَذَها من بَيْتِ عِصِيِّ الأَنْبِيَاءِ عليهم السلام الَّذِي كان عند شُعَيْب عليه السلام حين اتَّفَقَا عَلَى الرَّعْيِ، وكانت عَصَا آدم عليه السلام، هبط بها من الجَنَّةِ، وكانت من العير الَّذِي في وَرَقه الرَّيْحَانِ، وهو الجِسْم المُسْتَطيل في وسطها، ولما أَراد اللّهُ سبحانه تَدْرِيب موسى في تلقي النبوءة، وتَكَالِيفها، أمره بإلْقَاءِ العَصَا، فألْقَاهَا، فإذا هي حَيَّةً تَسْعَى، أيْ تَنْتَقِلُ، وتَمْشِي، وكانت عَصاً ذَاتَ شُعْبَتَيْنِ، فصارت الشُّعْبَتَانِ فماً يلتقِمُ الحِجَارَةَ، فلما رآها مُوسَى رأى عِبْرةً؛ فولَّى مُدْبِراً ولم يُعَقِّبْ؛ فقال اللّهُ تعالى له: {خُذْهَا وَلاَ تَخَفْ} فأَخذَها بيده، فصارت عَصاً كما كانت أَوَّل مرةٍ؛ وهي سِيرَتُها الأُولَى، {واضمم يَدَكَ إلى جَنَاحِكَ}، أَيْ: جَنْبِك.
قال * ع *: وكُلُّ مَرْعُوبٍ من ظُلْمَةٍ ونحوها فإنه إذا ضَمَّ يده إلَى جناحه، فَتَر رُعْبُهُ، وربط جَأْشه، فجمع اللّه سبحانه لموسى عليه السلام تَفتِير الرُّعْبِ مع الآيةِ في اليَدِ.
ورُوِي أَنَّ يدَ مُوسَى خرجت بَيْضَاءَ تَشفّ وتُضِيء؛ كأَنَّها شَمْسٌ من غيرِ سُوءٍ، أَيْ: من غير بَرَصٍ، ولا مثله، بل هو أمْر ينحسر، ويَعُود بحكم الحَاجَةِ إليه، ولما أَمَرُه اللَّه تعالى بالذَّهَابِ إلَى فِرْعَون، علم أنها الرسالة، وفهم قدر التَّكْلِيف؛ فدعا اللَّهَ في المَعُونة؛ إذْ لاَ حَوْلَ له إلاَّ به.
و{اشرح لِي صَدْرِي} معناه: لفهم ما يرد عَلَيّ مِنَ الأُمور، والعُقْدة التي دَعَا في حَلِّها هي التي اعترته بالجَمْرةِ في فِيهِ، حين جَرَّبه فرعون، وروي في ذلك: أَنَّ فِرْعون أراد قَتْلَ مُوسَى، وهو طِفْل حينَ مَدَّ يَدَهُ عليه السلام إلَى لِحْيَةِ فرعون، فقالت له امرأته: إنه لا يَعْقِلُ، فقال: بل هو يَعْقِلُ، وهو عَدُوِّي، فقالت له: نجرِّبُه، فقال لها: أَفْعَلُ، فدَعا بجمَراتٍ من النَّارِ، وبطبقٍ فيه يَاقُوتٌ، فقالا: إنْ أَخذ الياقُوتَ، علِمْنَا أنه يعقِلُ، وإنْ أخذ النارَ، عَذَرْنَاهُ، فمدَّ مُوسَى يده إلى جمرة فأَخذها، فلم تعد على يده، فجعلها فِي فِيهِ، فأَحْرَقَتْهُ، وأوْرثت لِسَانَهُ عُقْدَةٌ، وموسى عليه السلام إنما طلب مِنْ حَلِّ العُقْدَة قدراً يُفْقَهُ معه قولُه، فجائز أَنْ تكون تِلْكَ العقدةُ قد زَالَتْ كُلُّها، وجائِزٌ أَن يكون قَدْ بَقِيَ منها القَلِيلُ، فيجتمع أن يؤتى هو سُؤْلَةٌ، وأنْ يقولَ فِرْعَون: {وَلاَ يَكَادُ يُبِينُ} [الزخرف: 52].
ولو فرضنا زوالَ العُقْدة جملة، لكانَ قولُ فِرْعَون سَبّاً لمُوسَى بحالته القَدِيمةَ.
وَالوَزِير: المُعِين القَائِمُ بوزر الأُمورِ وهو ثِقَلها فيحتمل الكَلاَمُ أَنَّ طلبَ الوَزِير من أَهْلِهِ على الجملة أَبْدَل هارون من الوزير المَطْلُوب، ويحتمل أنْ يريدَ: واجعل هارون وَزِيراً، فيكون مفعولاً أَوّلاً ل {اجعل}، وكان هارون عليه السلام أكْبر من موسى عليه السلام بأرْبع سنين، والأَزْرُ: الظهرُ؛ قاله أَبُو عُبَيْدةَ.
وقوله: {كَثِيراً} نعتٌ لمصدرٍ مَحْذُوفٍ، أيْ: تسبيحاً كثيراً.

.تفسير الآيات (37- 46):

{وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرَى (37) إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى (38) أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي (39) إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَنْ يَكْفُلُهُ فَرَجَعْنَاكَ إِلَى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَقَتَلْتَ نَفْسًا فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ الْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى (40) وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي (41) اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآَيَاتِي وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي (42) اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (43) فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى (44) قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى (45) قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى (46)}
وقوله سبحانه: {وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أخرى * إِذْ أَوْحَيْنَآ إلى أُمِّكَ مَا يوحى} قيل: هو وَحْي إلهام، وقِيلَ: بملك، وقِيلَ: برؤْيَا رَأَتْهَا، وكان مِنْ قصة موسى عليه السلام فيما رُوي أن فرعون ذُكرَ له أَنَّ خرابَ مُلْكِه يكونُ عَلَى يد غُلاَمٍ من بَنِي إسرائيل؛ فأَمر بِقَتْلِ كُلِّ مَوْلُودٍ يولَدُ لبني إسرائيل، ثم إنه رَأَى مع أَهْل مملكته: أَنَّ فناء بني إسرائيل يعودُ على القِبْطِ بالضَرَرِ؛ إذْ هم كانوا عَمَلَةَ الأَرْضِ، والصناع، ونحو هذا؛ فعزم على أَنْ يقتُلَ الوِلْدَانَ سنةً، ويَسْتَحْيِيَهُم سنةً، فولد هارون عليه السلام في سَنَةِ الاِسْتِحْيَاءِ، ثم ولد موسى عليه السلام في العام الرابع سَنَةَ القَتْلِ، فخافت عليه أُمُّه؛ فأوحى اللَّه إلَيْها: {أنْ اقذفيه فِي التابوت} فأخذَت تابُوتاً فقذفَتْ فيه موسى راقِداً في فِرَاشٍ، ثم قذفتْهُ في يَمِّ النيل، وكان فرعون جَالِساً في مَوْضِع يُشْرِفُ منه على النِّيلِ إذْ رَأَى التَّابُوتَ فأمَر به، فسِيقَ إليه، وامرأته معه، ففُتِحَ فرأَوْهُ فَرَحِمتْهُ امرأته؛ وطلبتْهُ لتتَّخذَهُ ابنا، فأباح لها ذلك، ثم إنَّها عرضَتْهُ للرِّضَاعِ، فلم يقبلِ امرأة فجعلت تنادي عليه في المدينة ويُطافُ به يُعْرَضُ للمَرَاضِعِ فكلما عُرِضَتْ عليه امرأةٌ أَباهَا، وكانت أمه قالَتْ لأُخْتِه: {قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ} [القصص: 11] وفهمت أمره، فقالت لهم: أنا أدلُّكم على أهْل بيت يَكْفلُونه لَكُمْ، وهم له نَاصِحُون، فتعلَّقُوا بِهَا، وقالوا: أنْتِ تَعْرِفينَ هذا الصبيَّ، فأنْكَرتْ، وقَالَتْ: لاَ، غَيْرَ أَني أَعْلم مِنْ أهْل البيْتِ الحِرْصَ على التقرُّبِ إلى المملكةِ، والجدّ في خِدْمتها، ورِضَاهَا، فتَرَكُوها وسَأَلُوها الدَّلاَلة، فجاءت بِأُمِّ مُوسَى، فلما قَرَّبَتْهُ، شَرِبَ ثَدْيَهَا، فسُرّت بذلك آسِيَةُ امرأة فِرْعون رضي اللَّه عنها وقالت لها: كُونِي مَعِي في القَصْرِ، فقالت لها: ما كُنْتُ لأَدَعَ بيتي وَوَلَدِي، ولكنه يِكُون عِنْدِي، فقالت: نعم، فأَحسنت إلى أَهْل ذلك البيت غَايَةَ الإحْسَانِ، واعتزَّ بنو إسْرَائِيل بهذا الرِّضاعِ، والسبب من المَمْلَكَةِ وأقام موسى عليه السلام حتى كَمَلَ رضاعُه، فأرْسَلت إليها آسية: أنْ جِيئِني بولدي لِيَوْمِ كذا، وأمَرتْ خَدَمَها، ومَنْ مَعَها أنْ يلقينه بالتحَفِ، والهَدَايا، واللّباس؛ فوصل إليها على ذلك، وهو بخيرِ حَالٍ وأجْمَل شباب، فسُرّت بِهِ، ودخَلتْ به عَلَى فِرْعَوْن؟ ليراه ويهبه فرآه وأعْجَبه، وقرَّبَهُ فأخذ موسى عليه السلام بلِحْيَةِ فرعون، وجَبَذَهَا، فاسْتَشَاطَ فرعونُ، وقال: هذا عَدُوٌّ لي، وأمَر بذبْحِهِ، فَنَاشَدَتْهُ فيه امرأته، وقالَتْ: إنه لاَ يَعْقِلُ، فقال فِرْعَونُ: بل يَعْقِلُ، فاتَّفَقَا عَلَى تَجْرِيبه بالجمْرَةِ والياقُوتِ؛ حَسَبَ ما تقدَّمَ، فنجاه اللَّهُ من فرعون ورَجَعَ إلى أُمِّه، فَشَبَّ عندها، فاعتز به إسْرَائِيل إلى أن تَرَعْرَعَ، وكان فَتًى جَلداً فَاضِلاً كَامِلاً، فاعتزت به بنو إسرائيل بظاهر ذلك الرِّضاع، وكان يحميهم، ويكون ضِلعَهُ مَعهم، وهو يَعْلَمُ مِنْ نفسه أنه مِنْهُم، ومِنْ صَمِيمِهم، فكانت بصيرته في حمايتهم أكِيدة، وكان يَعْرِفُ ذلك أَعيانُ بني إسْرَائِيل، ثم وقعت له قِصَّةُ القِبْطِيِّ المتقاتل مع الإسرائيلي على ما سيأتي إنْ شَاءَ اللَّه تَعَالى، وعدد اللَه سبحانه على موسى في هذه الآية ما تضمنته هذه القِصَّة: مِنْ لُطْفه سُبْحَانه به في كُلِّ فَصْل، وتخليصه من قِصَّةٍ إلَى أخرى، وهذه الفُتُون التي فتنه بها، أيْ: اختبره بها، وخلَّصَهُ حتى صلح لِلنّبوّةِ، وسلم لها.
وقوله {مَا يوحى} إبهامٌ يتضمن عِظَمَ الأَمْر وَجَلالَتِه وهذا كَقَوْلِهِ تعالى: {إِذْ يغشى السدرة مَا يغشى} [النجم: 16] {فأوحى إلى عَبْدِهِ مَا أوحى} [النجم: 10]. وهو كثيرٌ في القرآن، والكلام الفصيح.
وقوله: {فَلْيُلْقِهِ اليم بالساحل} خبرٌ خرج في صِيغَةِ الأَمر مُبالغةً؛ ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: «قُومُوا فَلأُصَلِّ لَكُمْ» فأخرج الخبر في صِيغَة الأمْرِ لنفسه، مُبَالغةً، وهذا كَثِيرٌ، والمرادُ بالعدُوِّ في الآية: فرعونُ ثم أخبر تعالى مُوسَى عليه السلام أَنه ألْقى عليه مَحَبَّةً منه.
قالت فِرقةٌ: أَرَادَ القَبُولَ الذي يضعه اللَّهُ في الأرضِ لِخَيارِ عِبَادِه، وكان حَظُّ موسى منه في غاية الوَفْرِ؛ وهذا أقوى ما قِيلَ هنا مِنَ الأقوال.
وقرأَ الجُمْهورُ: {ولِتُصْنَعَ} بكسر اللام، وضم التاء؛ على معنى: ولِتُغْذى، وتُطْعم، وتربى.
وقوله: {على عَيْنِي} معناه: بمرأى مِنِّي.
وقوله: {على قَدَرٍ} أيْ: لميقاتٍ محدُودٍ للنبوَّءة التي قد أرادها اللَّهُ تعالى، {واصطنعتك}: معناه جعلْتُك مَوْضِعَ الصَّنِيعة ومقر الإجْمال والإحْسَان.
وقوله: {لِنَفْسِي} إضَافة تَشْرِيف؛ وهذا كما تقولُ: بيتُ اللَّهِ، ونحوه: والصِّيَامُ لِي وعبَّر بالنَّفْسِ عن شِدَّة القرب وقوة الاخْتِصَاص.
وقوله تعالى {وَلاَ تَنِيَا فِي ذِكْرِي} معناه: لا تُبْطِئَا وتضعفاً؛ تقولُ: وَنَى فلانٌ في كذا، إذا تَبَاطَأَ فيه عن ضَعْفٍ، والوَنْيُ: الكَلاَلُ، والفَشَلُ في البَهَائِم والإنْسِ.
وفي مُصْحَفِ ابن مَسْعُودٍ: {ولاَ تَهِنَا فِي ذِكْرَي} معناه: لاَ تَلِينَا؛ مِنْ قَوْلِك: هَيِّنٌ لَيِّنٌ. {فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَيِّناً} أيْ: حَسِّنا لَهُ الكلمة معه إكْمَالِ الدَّعْوة.
قال ابن العَرَبِي في أحْكَامِهِ: وفي الآية دَلِيلٌ على جواز الأَمْر بالمعرُوفِ، والنهي عن المنكر بالليِّن لمن معه القُوَّة، وفي الإسرائيليات: أَنَّ مُوسَى عليه السلام أَقامَ بباب فِرْعَوْن سنةً لا يجد مَنْ يبلغ كَلاَمَهُ حَتَّى لقيه حِينَ خَرَج، فجرى له ما قَصَّ اللَّهُ تعالى عَلَيْنَا من خَبَرِه؛ وكان ذلك تَسْلِيةً لمن جاء بعده مِنَ المؤْمِنِينَ في سِيرَتهم مع الظَّالِمِينَ. انتهى.
وقولهما: {إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفْرُطَ} معناه: يعجل، ويتسرع إلينا بمكروه.
وقوله عز وجل {إنَّنِي مَعَكُمَا} أيْ بالنَّصْر والمعُونَةِ.