فصل: تفسير الآيات (108- 110):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور (نسخة منقحة)



.تفسير الآيات (108- 110):

{أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (108) وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (109) وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (110)}
أخرج ابن اسحق وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: «قال رافع بن حريملة ووهب بن زيد لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا محمد ائتنا بكتاب تنزله علينا من السماء نقرأه، أو فجر لنا أنهاراً نتبعك ونصدقك، فأنزل الله في ذلك {أم تريدون أن تسألوا رسولكم} إلى قوله: {سواء السبيل} وكان حيي بن أخطب وأبو ياسر بن أخطب من أشد اليهود حسداً للعرب إذ خصهم الله برسوله، وكانا جاهدين في رد الناس عن الإِسلام ما استطاعا، فأنزل الله فيهما {ودّ كثير من أهل الكتاب...} الآية».
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي العالية قال: قال رجل «يا رسول الله لو كانت كفاراتنا ككفارات بني إسرائيل. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أعطيتم خير، كانت بنو إسرائيل إذا أصاب أحدهم الخطيئة وجدها مكتوبة على بابه وكفارتها، فإن كفرها كانت له خزياً في الدنيا، وإن لم يكفرها كانت له خزياً في الآخرة، وقد أعطاكم الله خيراً من ذلك قال: {ومن يعمل سوءاً أو يظلم نفسه} [ النساء: 110] الآية، والصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة كفارات لما بينهن. فأنزل الله: {أم تريدون أن تسألوا رسولكم...} الآية.».
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن السدي قال: سألت العرب محمداً صلى الله عليه وسلم أن يأتيهم بالله فيروه جهرة، فنزلت هذه الآية.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد قال: «سألت قريش محمداً صلى الله عليه وسلم أن يجعل لهم الصفا ذهباً. فقال: نعم، وهو كالمائدة لبني إسرائيل إن كفرتم، فأبوا ورجعوا. فأنزل الله: {أم تريدون أن تسألوا رسولكم كما سئل موسى من قبل} أن يريهم الله جهرة».
وأخرج ابن جرير عن أبي العالية في قوله: {ومن يتبدل الكفر بالإِيمان} يقول: يتبدل الشدة بالرخاء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله: {فقد ضل سواء السبيل} قال: عدل عن السبيل.
وأخرج أبو داود وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل عن كعب بن مالك قال: «كان المشركون واليهود من أهل المدينة حين قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤذون رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه أشد الأذى، فأمر الله رسوله والمسلمين بالصبر على ذلك والعفو عنهم، ففيهم أنزل الله: {ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيراً} [ آل عمران: 186] الآية. وفيهم أنزل الله: {ودّ كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفاراً حسداً} الآيه».
وأخرج البخاري ومسلم وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والبيهقي في الدلائل عن أسامة بن زيد قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه يعفون عن المشركين وأهل الكتاب كما أمرهم الله ويصبرون على الأذى قال الله: {ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيراً} [ آل عمران: 186] وقال: {ودّ كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفاراً حسداً من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره} وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتأوّل في العفو ما أمره الله به حتى أذن الله فيهم بقتل، فقتل الله به من قتل من صناديد قريش».
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن الزهري وقتادة في قوله: {ودّ كثير من أهل الكتاب} قالا: كعب بن الأشرف.
وأخرج ابن جرير عن الربيع بن أنس في قوله: {حسداً من عند أنفسهم} قال: من قبل أنفسهم {من بعد ما تبين لهم الحق} يقول: يتبين لهم أن محمداً رسول الله.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله: {من بعد تبين لهم الحق} قال: من بعد ما تبين لهم أن محمداً رسول الله يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإِنجيل نعته وأمره ونبوته، ومن بعد ما تبين لهم أن الإِسلام دين الله الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم {فاعفوا واصفحوا} قال: أمر الله نبيه أن يعفو عنهم ويصفح حتى يأتي الله بأمره، فأنزل الله في براءة وأمره فقال: {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله} [ التوبة: 29] الآية. فنسختها هذه الآية، وأمره الله فيها بقتال أهل الكتاب حتى يسلموا أو يقروا بالجزية.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس في قوله: {فاعفوا واصفحوا} وقوله: {وأعرض عن المشركين} [ الأنعام: 106] ونحو هذا في العفو عن المشركين قال: نسخ ذلك كله بقوله: {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله} [ التوبة: 29] وقوله: {اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} [ التوبة: 5].
وأخرج ابن جرير والنحاس في تاريخه عن السدي في قوله: {فاعفوا واصفحوا} قال: هي منسوخه نسختها {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر} [ التوبة: 29].
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله: {وما تقدموا لأنفسكم من خير} يعني من الأعمال من الخير في الدنيا.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله: {تجدوه عند الله} قال: تجدوا ثوابه.

.تفسير الآيات (111- 112):

{وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (111) بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (112)}
أخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله: {وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هوداً أو نصارى} قال: قالت اليهود: لن يدخل الجنة إلا من كان يهودياً. وقالت النصارى: لن يدخل الجنة إلا من كان نصرانياً {تلك أمانيهم} قال: أماني يتمونها على الله بغير حق {قل هاتوا برهانكم} يعني حجتكم {إن كنتم صادقين} بما تقولون أنها كما تقولون {بلى من أسلم وجهه لله} يقول: أخلص لله.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد {من أسلم وجهه لله} قال: أخلص دينه.

.تفسير الآية رقم (113):

{وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (113)}
أخرج ابن اسحق وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: «لما قدم أهل نجران من النصارى على رسول الله صلى الله عليه وسلم أتتهم أحبار اليهود، فتنازعوا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رافع بن حريملة: ما أنتم على شيء وكفر بعيسى والإِنجيل. فقال رجل من أهل نجران لليهود: ما أنتم على شيء وجحد نبوّة موسى وكفر بالتوراة، فأنزل الله في ذلك {وقالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء وهم يتلون الكتاب} أي كل يتلو في كتابه تصديق من كفر به».
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله: {وقالت اليهود ليست النصارى على شيء...} الآية. قال: هؤلاء أهل الكتاب الذين كانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله: {وقالت اليهود ليست النصارى على شيء} قال: بلى قد كانت أوائل النصارى على شيء ولكنهم ابتدعوا وتفرقوا.
واخرج ابن جرير عن ابن جريج قال: قلت لعطاء: من هؤلاء الذين لا يعلمون؟ قال: أمم كانت قبل اليهود والنصارى.
وأخرج ابن جرير عن السدي في قوله: {كذلك قال الذين لا يعلمون} قال: هم العرب قالوا: ليس محمد صلى الله عليه وسلم على شيء.

.تفسير الآية رقم (114):

{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (114)}
أخرج ابن اسحق وابن أبي حاتم عن ابن عباس. أن قريشاً منعوا النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة عند الكعبة في المسجد الحرام، فأنزل الله: {ومن أظلم ممن منع مساجد الله...} الآية.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {ومن أظلم ممن منع مساجد الله} قال: هم النصارى.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله: {ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه} قال: هم النصارى، وكانوا يطرحون في بيت المقدس الأذى، ويمنعون الناس أن يصلوا فيه.
وأخرج ابن جرير عن السدي في قوله: {ومن أظلم ممن منع مساجد الله...} الآية. قال: هم الروم، كانوا ظاهروا بختنصر على بيت المقدس. وفي قوله: {أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين} قال: فليس في الأرض رومي يدخله اليوم إلا وهو خائف أن تضرب عنقه، وقد أخيف بأداء الجزية فهو يؤديها. وفي قوله: {لهم في الدنيا خزي} قال: أما خزيهم في الدنيا فإنه إذا قام المهدي وفتحت القسطنطينية قتلهم فذلك الخزي.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في الآية قال: أولئك أعداء الله الروم، حملهم بغض اليهود على أن أعانوا بختنصر البابلي المجوسي على تخريب بيت المقدس.
وأخرج ابن أبي حاتم عن كعب قال: إن النصارى لما ظهروا على بيت المقدس حرقوه، فلما بعث الله محمداً أنزل عليه {ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها...} الآية. فليس في الأرض نصراني يدخل بيت المقدس إلا خائفاً.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في الآية قال: هؤلاء المشركون حين صدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البيت يوم الحديبية.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي صالح قال: ليس للمشركين أن يدخلوا المسجد إلا وهم خائفون.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن قتادة في قوله: {لهم في الدنيا خزي} قال: يعطون الجزية عن يدٍ وهم صاغرون.
وأخرج أحمد والبخاري في تاريخه عن بسر بن أرطاة قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها، وأجرنا من خزي الدنيا ومن عذاب الآخرة».

.تفسير الآية رقم (115):

{وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (115)}
أخرج أبو عبيد في الناسخ والمنسوخ وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في سننه عن ابن عباس قال: «أوّل ما نسخ لنا من القرآن فيما ذكر والله أعلم شأن القبلة. قال الله تعالى {ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله} فاستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى نحو بيت المقدس وترك البيت العتيق، ثم صرفه الله تعالى إلى البيت العتيق ونسخها. فقال: {ومن حيث خرجت فول وجهك} [ البقرة: 149] الآية».
وأخرج ابن المنذر عن ابن مسعود وناس من الصحابة في قوله: {ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله} قال: «كان الناس يصلون قبل بيت المقدس، فلما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة على رأس ثمانية عشر شهراً من مهاجره، وكان إذا صلى رفع رأسه إلى السماء ينظر ما يؤمر به، فنسختها قبل الكعبة».
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد ومسلم والترمذي والنسائي وابن جرير وابن المنذر والنحاس في ناسخه والطبراني والبيهقي في سننه عن ابن عمر قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي على راحلته تطوّعاً أينما توجهت به، ثم قرأ ابن عمر هذه الآية {فأينما تولوا فثم وجه الله} وقال ابن عمر: في هذا نزلت هذه الآية».
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والدارقطني والحاكم وصححه عن ابن عمر قال: أنزلت {أينما تولوا فثم وجه الله} أن تصلي حيثما توجهت بك راحلتك في التطوّع.
وأخرج البخاري والبيهقي عن جابر بن عبدالله قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة أنمار يصلي على راحلته متوجهاً قبل المشرق تطوّعاً.
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري والبيهقي عن جابر بن عبدالله «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي على راحلته قبل المشرق، فإذا أراد أن يصلي المكتوبة نزل واستقبل القبلة وصلى».
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود والبيهقي عن أنس «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سافر وأراد أن يتطوّع بالصلاة استقبل بناقته القبلة وكبر، ثم صلى حيث توجهت الناقة».
وأخرج أبو داود والطيالسي وعبد بن حميد والترمذي وضعفه وابن ماجة وابن جرير وابن أبي حاتم والعقيلي وضعفه والدارقطني وأبو نعيم في الحلية والبيهقي في سننه عن عامر بن ربيعة قال: «كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليلة سوداء مظلمة فنزلنا منزلاً، فجعل الرجل يأخذ الأحجار فيعمل مسجداً فيصلي فيه، فلما أن أصبحنا إذا نحن قد صلينا على غير القبلة، فقلنا: يا رسول الله لقد صلينا ليلتنا هذه لغير القبلة، فأنزل الله: {ولله المشرق والمغرب...} الآية. فقال مضت صلاتكم».
وأخرج الدارقطني وابن مردويه والبيهقي عن جابر بن عبدالله قال «بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية كنت فيها، فأصابتنا ظلمة فلم نعرف القبلة، فقالت طائفة منا: القبلة هاهنا قبل الشمال، فصلوا وخطوا خطاً. وقال بعضنا: القبلة هاهنا قبل الجنوب، فصلوا وخطوا خطاً. فلما أصبحوا وطلعت الشمس أصبحت تلك الخطوط لغير القبلة، فلما قفلنا من سفرنا سألنا النبي صلى الله عليه وسلم؟ فسكت، فأنزل الله: {ولله المشرق والمغرب...} الآية».
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن عطاء «أن قوماً عميت عليهم القبلة، فصلى كل إنسان منهم إلى ناحية، ثم أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكروا ذلك له، فأنزل الله: {فأينما تولوا فثم وجه الله}».
وأخرج ابن مردويه بسند ضعيف عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث سريه فأصابتهم ضبابه فلم يهتدوا إلى القبله فصلوا لغير القبله، ثم استبان لهم بعدما طلعت الشمس أنهم صلوا لغير القبله، فلما جاؤوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثوه، فأنزل الله: {ولله المشرق والمغرب...} الآية.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن أخا لكم قد مات- يعني النجاشي- فصلوا عليه «قالوا: نصلي على رجل ليس بمسلم... ! فأنزل الله: {وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله...} [ آل عمران: 199]. قالوا: فإنه كان لا يصلي إلى القبلة، فأنزل الله: {ولله المشرق والمغرب...} الآية».
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن مجاهد قال: لما نزلت {ادعوني أستجب لكم} [ غافر: 60] قالوا: إلى أين؟ فأنزلت {فأينما تولوا فثم وجه الله}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس {فأينما تولوا فثم وجه الله} قال: قبلة الله أينما توجهت شرقا أو غربا.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد والترمذي والبيهقي في سننه عن مجاهد {فثم وجه الله} قال: قبلة الله، فأينما كنتم في شرق أو غرب فاستقبلوها.
وأخرج عبد بن حميد والترمذي عن قتادة في هذه الآية قال: هي منسوخة نسخها قوله تعالى {فول وجهك شطر المسجد الحرام} [ البقرة: 149] أي تلقاءه.
وأخرج ابن أبي شيبة والترمذي وصححه وابن ماجه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما بين المشرق والمغرب قبلة».
وأخرج ابن أبي شيبة والدارقطني والبيهقي عن ابن عمر. مثله.
وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي عن عمر قال: ما بين المشرق والمغرب قبلة إذا توجهت قبل البيت.