فصل: تفسير الآيات (31- 33):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور (نسخة منقحة)



.تفسير الآيات (31- 33):

{وَعَلَّمَ آَدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (31) قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (32) قَالَ يَا آَدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (33)}
أخرج الفريابي وابن سعد جرير وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس قال: إنما سمي آدم لأنه خلق من أديم الأرض، الحمرة. والبياض، والسواد، وكذلك ألوان الناس مختلفتة فيها الأحمر، والأبيض، والأسود، والطيب، والخبيث.
وأخرج عبد بن حميد عن أبن عباس قال: خلق الله آدم من أديم الأرض. من طينة حمراء، وبيضاء، وسوداء.
وأخرج ابن سعد وعبد بن حميد وابن جرير عن سعيد بن جبير قال: أتدرون لم سمي آدم؟ لأنه خلق من أديم الأرض.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {وعلم آدم الأسماء كلها} قال: علمه اسم الصفحة، والقدر، وكل شيء، حتى الفسوة والفسية.
وأخرج وكيع وابن جرير عن ابن عباس في قوله: {وعلم آدم الأسماء كلها} قال: علمه اسم كل شيء. حتى علمه القصعة والقصيعة، والفسوة والفسية.
وأخرج وكيع وابن جرير عن سعيد بن جبير في قوله: {وعلم آدم الأسماء كلها} قال: علمه اسم كل شيء، حتى البعير، والبقرة والشاة.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {وعلم آدم الأسماء كلها} قال: ما خلق الله.
وأخرج الديلمي عن أبي رافع قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مثلت لي أمتي في الماء والطين، وعلمت الأسماء كما علم آدم الأسماء كلها».
وأخرج وكيع في تاريخه وابن عساكر والديلمي عن عطية بن يسر مرفوعاً. في قوله: {وعلم آدم الأسماء كلها} قال: «علم الله في تلك الأسماء ألف حرفة من الحرف وقال له: قل لولديك وذريتك يا آدم إن لم تصبروا عن الدنيا فاطلبوا الدنيا بهذه الحرف، ولا تطلبوها بالدين فإن الدين لي وحدي خالصاً. ويل لمن طلب الدنيا بالدين ويل له».
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله: {وعلم آدم الأسماء كلها} قال: أسماء ذريته أجمعين {ثم عرضهم} قال: أخذهم من ظهره.
وأخرج ابن جرير عن الربيع بن أنس في قوله: {وعلم آدم الأسماء} قال: أسماء الملائكة.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة {وعلم آدم الأسماء كلها} قال: علم آدم من الأسماء أسماء خلقه، ثم قال ما لم تعلم الملائكة فسمى كل شيء باسمه، وألجأ كل شيء إلى جنسه.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله: {وعلم آدم الأسماء} قال: علم الله آدم الأسماء كلها، وهي هذه الأسماء التي يتعارف بها الناس. انسان، ودابة، وأرض وبحر، وسهل، وجبل، وحمار، وأشباه ذلك من الأمم وغيرها {ثم عرضهم على الملائكة} يعني عرض أسماء جميع الأشياء التي علمها آدم من أصناف الخلق {فقال أنبئوني} يقول: أخبروني {بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين} إن كنتم تعلمون أني لم أجعل في الأرض خليفة {قالوا سبحانك} تنزيهاً لله من أن يكون يعلم الغيب أحد غيره تبنا إليك {لا علم لنا} تبرياً منهم من علم الغيب {إلا ما علمتنا} كما علمت آدم.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله: {ثم عرضهم} قال: عرض أصحاب الأسماء على الملائكة.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد عن ابن عباس قال: إن الله لما أخذ في خلق آدم قالت الملائكة: ما الله خالق خلقاً أكرم عليه منا، ولا أعلم منا. فابتلوا بخلق آدم.
وأخرج ابن جرير عن قتادة والحسن قالا: لما أخذ الله في خلق آدم همست الملائكة فيما بينهما فقالوا: لن يخلق الله خلقاً إلا كنا أعلم منه وأكرم عليه منه. فلما خلقه أمرهم أن يسجدوا له لما قالوا.. ففضله عليهم، فعلموا أنهم ليسوا بخير منه فقالوا: إن لم نكن خيراً منه فنحن أعلم منه لأنا كنا قبله {فعلم آدم الأسماء كلها} فعلم اسم كل شيء. جعل يسمي كل شيء باسمه، وعرضوا عليه أمة {ثم عرضهم على الملائكة فقال انبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين} ففزعوا إلى التوبة فقالوا {سبحانك لا علم لنا....} الآية.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله: {إنك أنت العليم الحكيم} قال: العلم الذي قد كمل في علمه {والحكيم} الذي قد كمل في حكمه.
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود وناس من الصحابة في قوله: {إن كنتم صادقين} قال: إن بني آدم يفسدون في الأرض ويسفكون الدماء. وفي قوله: {وأعلم ما تبدون} قال: قولهم {أتجعل فيها من يفسد فيها...،.... وما كنتم تكتمون} يعني ما أسر إبليس في نفسه من الكبر.
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد في قوله: {وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون} قال: ما أسر إبليس من الكفر في السجود.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله: {وأعلم ما تبدون} قال: ما تظهرون {وما كنتم تكتمون} يقول: اعلم السر كما أعلم العلانية.
وأخرج ابن جرير عن قتادة والحسن في قوله: {ما تبدون} يعني قولهم {أتجعل فيها من يفسد فيها} {وما كنتم تكتمون} يعني قول بعضهم لبعض: نحن خير منه وأعلم.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مهدي بن ميمون قال: سمعت الحسن. وسأله الحسن بن دينار فقال: يا أبا سعيد أرأيت قول الله للملائكة {وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون} ما الذي كتمت الملائكة؟ قال: إن الله لما خلق آدم رأت الملائكة خلقاً عجباً فكأنهم دخلهم من ذلك شيء قال: ثم أقبل بعضهم على بعض فأسروا ذلك بينهم فقال بعضهم لبعض: ما الذي يهمكم من هذا الخلق؟ إن الله لا يخلق خلقاً إلا كنا أكرم عليه منه. فذلك الذي كتمت.

.تفسير الآية رقم (34):

{وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (34)}
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {اسجدوا لآدم} قال: كانت السجدة لآدم، والطاعة لله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في الآية قال: أمرهم أن يسجدوا فسجدوا له كرامة من الله أكرم بها آدم.
وأخرج ابن عساكر عن أبي إبراهيم المزني أنه سئل عن سجود الملائكة لآدم فقال: إن الله جعل آدم كالكعبة.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن محمد بن عباد بن جعفر المخزومي قال: كان سجود الملائكة لآدم إيماء.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ضمرة قال: سمعت من يذكر أن أول الملائكة خرَّ ساجداً لله حين أمرت الملائكة بالسجود لآدم اسرافيل، فأثابه الله بذلك أن كتب القرآن في حبهته.
وأخرج ابن عساكر عن عمر بن عبد العزيز قال: لما أمر الله الملائكة بالسجود لآدم كان أول من سجد له إسرافيل، فأثابه الله أن كتب القرآن في جبهته.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم} قال: كانت السجدة لآدم، والطاعة لله، وحسد عدو الله إبليس آدم على ما أعطاه الله من الكرامة فقال: أنا ناريٌّ وهذا طينيٌّ. فكان بدء الذنوب الكبر. استكبر عدوّ الله أن يسجد لآدم.
وأخرج ابن أبي الدنيا في مكايد الشيطان وابن أبي حاتم وابن الأنباري في كتاب الأضداد والبيهقي في الشعب عن ابن عباس قال: كان إبليس اسمه عزازيل، وكان من أشرف الملائكة من ذوي الأجنحة الأربعة، ثم أبلس بعد.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن الأنباري عن ابن عباس قال: إنما سُمي إبليس لأن الله أبلسه من الخير كله، آيسه منه.
وأخرج ابن إسحاق في المبتدأ وابن جرير وابن الأنباري عن ابن عباس قال: كان إبليس قبل أن يركب المعصية من الملائكة اسمه عزازيل، وكان من سكان الأرض، وكان من أشد الملائكة اجتهاداً، وأكثرهم علماً. فذلك دعاه إلى الكبر، وكان من حي يُسمون جنا.
وأخرج ابن جرير عن السدي قال: كان اسم إبليس الحرث.
وأخرج وكيع وابن المنذر والبيهقي في الشعب عن ابن عباس قال: كان إبليس من خزان الجنة، وكان يدبر أمر السماء الدنيا.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن سعيد بن المسيب قال: كان إبليس رئيس ملائكة سماء الدنيا.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس قال: كان إبليس من أشرف الملائكة من أكبرهم قبيلة، وكان من خازن الجنان، وكان له سلطان سماء الدنيا، وسلطان الأرض. فرأى أن لذلك له عظمة وسلطاناً على أهل السموات، فاضمر في قلبه من ذلك كبراً لم يعلمه إلا الله، فلما أمر الله الملائكة بالسجود لآدم خرج كبره الذي كان يسر.
وأخرج ابن جرير وابن الأنباري عن ابن عباس قال: إن الله خلق خلقاً فقال: {اسجدوا لآدم} فقالوا: لا نفعل فبعث ناراً فأحرقهم، ثم خلق هؤلاء فقال: {اسجدوا لآدم} فقالوا: نعم. وكان إبليس من أولئك الذين أبوا أن يسجدوا لآدم.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس قال: لما خلق الله الملائكة قال: {إني خالق بشراً من طين} [ ص: 71] فإذا أنا خلقته فاسجدوا له فقالوا: لا نفعل. فارسل عليهم ناراً فأحرقتهم. وخلق ملائكة أخرى فقال: {إني خالق بشراً من طين} فإذا أنا خلقته فاسجدوا له. فأبوا فأرسل عليهم ناراً فأحرقتهم، ثم خلق ملائكة أخرى فقال: {إني خالق بشراً من طين} فإذا أنا خلقته فاسجدوا له. فقالوا: سمعنا وأطعنا إلا إبليس كان من الكافرين الأولين.
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن عامر المكي قال: خلق الله الملائكة من نور، وخلق الجان من نار، وخلق البهائم من ماء، وخلق آدم من طين، فجعل الطاعة في الملائكة، وجعل المعصية في الجن والإِنس.
وأخرج محمد بن نصر عن أنس قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله أمر آدم بالسجود فسجد فقال: لك الجنة ولمن سجد من ذريتك، وأمر إبليس بالسجود فأبى أن يسجد فقال: لك النار ولمن أبى من ولدك أن يسجد».
وأخرج ابن أبي الدنيا في مكايد الشيطان عن ابن عمر قال: لقي إبليس موسى فقال: يا موسى أنت الذي اصطفاك الله برسالاته وكلمك تكلماً إذ تبت؟ وأنا أريد أن أتوب فاشفع لي إلى ربي أن يتوب عليّ قال موسى: نعم. فدعا موسى ربه فقيل «يا موسى قد قضيت حاجتك» فلقي موسى إبليس قال: قد أمرت أن تسجد لقبر آدم ويتاب عليك. فاستكبر وغضب وقال: لم أسجد له حيًّا أسجد له ميتاً؟ ثم قال إبليس: يا موسى إن لك عليّ حقاً بما شفعت لي إلى ربك فاذكرني عند ثلاث لا أهلكك فيهن. اذكرني حين تغضب فإني أجري منك مجرى الدم، واذكرني حين تلقى الزحف فإني آتي ابن آدم حين يلقى الزحف. فاذكره ولده وزجته حتى يولي، وإياك أن تجالس امرأة ليست بذات محرم فإني رسولها ورسولك إليها.
وأخرج ابن المنذر عن أنس قال: إن نوحاً لما ركب السفينة أتاه إبليس فقال له نوح: من أنت؟ قال: أنا إبليس قال: فما جاء بك؟ قال: جئت تسأل لي ربي هل لي من توبة؟ فأوحى الله إليه: أن توبته أن يأتي قبر آدم فيسجد له قال: أما أنا لم أسجد له حياً أسجد له ميتاً؟ قال: فاستكبر وكان من الكافرين.
وأخرج ابن المنذر من طريق مجاهد عن جنادة بن أبي أمية قال: كان أول خطيئة كانت الحسد. حسد إبليس آدم أن يسجد له حين أمر، فحمله الحسد على المعصية.
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب القرظي قال: ابتدأ الله خلق إبليس على الكفر والضلالة، وعمل بعمل الملائكة، فصيره إلى ما بدئ إليه خلقه من الكفر قال الله: {وكان من الكافرين}.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله: {وكان من الكافرين} قال: جعله الله كافراً لا يستطيع أن يؤمن.

.تفسير الآية رقم (35):

{وَقُلْنَا يَا آَدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ (35)}
أخرج الطبراني وأبو الشيخ في العظمة وابن مردويه عن أبي ذر قال: «قلت يا رسول الله أرأيت آدم أنبياً كان؟ قال: نعم. كان نبياً رسولاً كلمه الله قبلاً، قال له {يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة}».
وأخرج ابن أبي شيبة والطبراني عن أبي ذر قلت «يا رسول الله من أول الأنبياء؟ قال: آدم. قلت: نبي كان؟ قال: نعم مكلم. قلت: ثم من؟ قال: نوح وبينهما عشرة آباء».
وأخرج أحمد والبخاري في تاريخه والبزار والبيهقي في الشعب عن أبي ذر قال: «قلت: يا رسول الله أي الأنبياء كان أول؟ قال: آدم قلت: يا رسول الله ونبي كان؟ قال: نعم. نبي مكلم. قلت: كم كان المرسلون يا رسول الله؟ قال: ثلثمائة وخمسة عشر. جماً عفيراً».
وأخرج عبد بن حميد والآجري في الأربعين عن أبي ذر قال: «قلت يا رسول الله من كان أولهم؟ يعني الرسل قال: آدم قلت: يا رسول الله أنبي مرسل؟ قال: نعم. خلقه الله بيده، ونفخ فيه من روحه، وسوّاء قبلاً».
وأخرج ابن أبي حاتم وابن حبان والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي أمامة الباهلي «أن رجلاً قال: يا رسول الله أنبي كان آدم؟ قال: نعم. مكلم. قال: كم بينه وبين نوح؟ قال: عشرة قرون قال: كم بين نوح وبين ابراهيم؟ قال: عشرة قرون قال: يا رسول الله كم الأنبياء؟ قال: مائة ألف وأربعة وعشرون ألفاً. قال: يا رسول الله كم كانت الرسل من ذلك؟ قال: ثلثمائة وخمسة عشر. جماً غفيراً».
وأخرج أحمد وابن المنذر والطبراني وابن مردويه عن أبي أمامة «أن أبا ذر قال: يا نبي الله أي الأنبياء كان أوّل؟ قال: آدم. قال: أو نبي كان آدم؟ قال: نعم. نبي مكلم، خلقه الله بيده، ثم نفخ فيه من روحه، ثم قال له يا آدم قبلاً. قلت: يا رسول الله كم وفى عدة الأنبياء؟ قال: مائة ألف وأربعة وعشرون ألفاً. الرسل من ذلك ثلثمائة وخمسة عشر. جماً غفيراً».
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب الشكر والحكيم والترمذي في نوادر الأصول والبيهقي في الشعب وابن عساكر في تاريخه عن الحسن قال: قال موسى يا رب كيف يستطيع آدم أن يؤدي شكر ما صنعته إليه، خلقته بيدك، ونفخت فيه من روحك، وأسكنته جنتك، وأمرت الملائكة فسجدوا له؟ فقال: يا موسى علم أن ذلك مني فحمدني عليه، فكان ذلك شكراً لما صنعت إليه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية قال: خلق الله آدم يوم الجمعة، وأدخله الجنة يوم الجمعة، فجعله في حنات الفردوس.
وأخرج عبد بن حميد والحاكم وصححه عن ابن عباس قال: ما سكن آدم الجنة إلا ما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس.
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات وابن عساكر عن ابن عباس قال: خلق الله آدم من أديم الأرض يوم الجمعة بعد العصر فسماه آدم، ثم عهد إليه فنسي فسماه الإِنسان قال ابن عباس: فتالله ما غابت الشّمس من ذلك اليوم حتى أهبط من الجنة إلى الأرض.
وأخرج الفريابي وأحمد في الزهد وعبد بن حميد وابن المنذر عن الحسن قال: لبث آدم في الجنة ساعة من نهار. تلك الساعة مائة وثلاثون سنة من أيام الدنيا.
وأخرج أحمد في الزهد عن سعيد بن جبير قال: ما كان آدم عليه السلام في الجنة إلا مقدار ما بين الظهر والعصر.
وأخرج عبد الله في زوائده عن موسى بن عقبة قال: مكث آدم في الجنة ربع النهار، وذلك ساعتان ونصف، وذلك مائتا سنة وخمسون سنة، فبكى على الجنة مائة سنة.
أما قوله تعالى: {وزوجك}.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات وابن عساكر من طريق السدي عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن ابن مسعود وناس من الصحابة قالوا: لما سكن آدم الجنة كان يمشي فيها وحشاً ليس له زوج يسكن إليها، فنام نومة فاستيقظ فإذا عند رأسه امرأة قاعدة خلقها الله من ضلعه، فسألها ما أنت؟ قالت: امرأة قال: ولم خلقت؟ قالت لتسكن إليّ قالت له الملائكة ينظرون ما يبلغ علمه: ما اسمها يا آدم؟ قال: حواء. لم سميت حوّاء؟ قال: لأنها خلقت من حي فقال الله: {يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة}.
وأخرج سفيان بن عيينة عن مجاهد قال: نام آدم فخلقت حواء من قصيراه، فاستيقظ فرآها فقال: من أنت؟ فقالت: أنا أسا. يعني امرأة بالسريانية.
وأخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: استوصوا بالنساء خيراً فإن المرأة خلقت من ضلع، وأن أعوج شيء من الضلع رأسه، وإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته تركته وفيه عوج. فاستوصوا بالنساء خيراً».
وأخرج ابن سعد وابن عساكر عن ابن عباس قال: إنما سميت حواء لأنها أم كل شيء حي.
وأخرج أبو الشيخ وابن عساكر من وجه آخر عن ابن عباس قال: إنما سميت المرأة مرأة لأنها خلقت من المرء، وسميت حواء لأنها أم كل حي.
وأخرج إسحاق بن بشر وابن عساكر عن عطاء قال: لما سجدت الملائكة لآدم نفر إبليس نفرة ثم ولى مدبراً وهو يلتفت أحياناً ينظر هل عصى ربه أحد غيره. فعصمهم الله ثم قال الله لآدم: قم يا آدم فسلم عليهم.
فقام فسلم عليهم وردوا عليه، ثم عرض الأسماء على الملائكة فقال الله لملائكته: زعمتم أنكم أعلم منه {انبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين، قالوا سبحانك} إن العلم منك ولك، ولا علم لنا إلا ماعلمتنا، فلما أقروا بذلك {قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم} فقال آدم: هذه ناقة، جمل، بقرة، نعجة، شاة، فرس، وهو من خلق ربي. فكل شيء سمي آدم فهو اسمه إلى يوم القيامة، وجعل يدعو كل شيء باسمه حين يمر بين يديه حتى بقي الحمار وهو أخر شيء مر عليه. فجاء الحمار من وراء ظهره فدعا آدم: أقبل يا حمار. فعلمت الملائكة أنه أكرم على الله وأعلم منهم، ثم قال له ربه: يا آدم ادخل الجنة تحيا وتكرم، فدخل الجنة فنهاه عن الشجرة قبل أن يخلق حواء. فكان آدم لا يستأنس إلى خلق في الجنة، ولا يسكن إليه، ولم يكن في الجنة شيء يشبهه، فالقى الله عليه النوم وهو أوّل نوم كان، فانتزعت من ضلعه الصغرى من جانبه الأيسر، فخلقت حواء منه، فلما استيقظ آدم فجلس، فنظر إلى حواء تشبهه من أحسن البشر، ولكل امرأة فضل على الرجل بضلع، وكان الله علم آدم اسم كل شيء، فجاءته الملائكة فهنوه وسلموا عليه فقالوا: يا آدم ما هذه؟ قال: هذه مرأة قيل له: فما اسمها؟ قال: حواء فقيل له: لم سميتها حواء؟ قال: لأنها خلقت من حي. فنفخ بينهما من روح الله فما كان من شيء يتراحم الناس به من فضل رحمتها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أشعث الحداني قال: كانت حواء من نساء الجنة، وكان الولد يرى في بطنها إذا حملت ذكر أم أنثى من صفاتها.
وأخرج ابن عدي وابن عساكر عن إبراهيم النخعي قال: لما خلق الله آدم وخلق له زوجته، بعث إليه ملكاً، وأمرة بالجماع ففعل، فلما فرغ قالت له حواء: يا آدم هذه طيب زدنا منه.
أما قوله تعالى: {وكلا منها رغداً}.
أخرج ابن جرير وابن عساكر عن ابن مسعود وناس من الصحابة قال: {الرغد} الهنيّ.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: {الرغد} سعة المعيشة.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {وكلا منها رغداً حيث شئتما} قال: لا حساب عليكم.
أما قوله تعالى: {ولا تقربا هذه الشجرة}.
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن عساكر من طرق عن ابن عباس قال: الشجرة التي نهى الله عنها آدم السنبلة. وفي لفظ البر.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن وهب بن منبه قال: الشجرة التي نهى الله عنها آدم البر، ولكن الحبة منه في الجنة كمكلي البقر، ألين من الزبد، وأحلى من العسل.
وأخرج وكيع وعبد بن حميد وابن جرير وأبو الشيخ عن أبي مالك الغفاري في قوله: {ولا تقربا هذه الشجرة} قال: هي السنبلة.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من وجه آخر عن ابن عباس قال: الشجرة التي نهى عنها آدم. الكرم.
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود. مثله.
وأخرج وكيع وابن سعد وابن جرير وأبو الشيخ عن جعدة بن هبيرة قال: الشجرة التي افتتن بها آدم الكرم، وجعلت فتنة لولده من بعده، والتي أكل منها آدم العنب.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال: هي اللوز. قلت: كذا في النسخة وهي قديمة، وعندي أنها تصحفت من الكرم.
وأخرج أبو الشيخ عن مجاهد في قوله: {ولا تقربا هذه الشجرة} قال: بلغني أنها التينة.
وأخرج ابن جرير عن بعض الصحابة قال: هي تينة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال: هي التين.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي مالك في قوله: {ولا تقربا هذه الشجرة} قال: هي النخلة.
وأخرج أبو الشيخ عن يزيد بن عبد الله بن قسيط قال: هي الأترج.
وأخرج أحمد في الزهد عن شعيب الحيائي قال: كانت الشجرة التي نهى الله عنها آدم وزوجته شبه البر. تسمى الرعة، وكان لباسهم النور.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي العالية قال: كانت الشجرة من أكل منها أحدث ولا ينبغي أن يكون في الجنة حدث.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {ولا تقربا هذه الشجرة} قال: ابتلى الله آدم كما ابتلى الملائكة قبله، وكل شيء خلق مبتلى، ولم يدع الله شيئاً من خلقه إلا ابتلاه بالطاعة، فما زال البلاء بآدم حتى وقع فيما نهي عنه.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة قال: ابتلى الله آدم فأسكنه الجنة يأكل منها رغداً حيث شاء، ونهاه عن شجرة واحدة أن يأكل منها، وقدم إليه فيها. فما زال به البلاء حتى وقع بما نهي عنه، فبدت له سوءته عند ذلك، وكان لا يراها فأهبط من الجنة.