فصل: تفسير الآية رقم (133):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور (نسخة منقحة)



.تفسير الآية رقم (128):

{رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (128)}
أخرج ابن أبي حاتم عن عبد الكريم في قوله تعالى {ربنا واجعلنا مسلمين} قال: مخلصين.
أخرج ابن أبي حاتم عن سلام بن أبي مطيع في هذه الآية قال: كانا مسلمين ولكن سألاه الثبات.
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في قوله: {ومن ذريتنا أمة مسلمة لك} يعنيان العرب.
وأما قوله تعالى: {وأرنا مناسكنا}.
أخرج سعيد بن منصور وابن أبي حاتم والأزرقي عن مجاهد قال: قال إبراهيم عليه السلام: رب أرنا مناسكنا. فاتاه جبريل فأتى به البيت فقال: ارفع القواعد. فرفع القواعد وأتم البنيان، ثم أخذ بيده فأخرجه، فانطلق به إلى الصفا قال: هذا من شعائر الله، ثم انطلق به إلى المروة فقال: وهذا من شعائر الله، ثم انطلق به نحو منى، فلما كان من العقبة إذا إبليس قائم عند الشجرة فقال: كبر وارمه. فكبر ورماه، ثم انطلق إبليس فقام عند الجمرة الوسطى، فلما حاذى به جبريل وإبراهيم قال له: كبر وارمه. فكبر ورمى، فذهب إبليس حتى أتى الجمرة القصوى، فقال له جبريل: كبر وارمه. فكبر ورمى، فذهب إبليس وكان الخبيث أراد أن يدخل في الحج شيئاً فلم يستطع، فأخذ بيد إبراهيم حتى أتى به المشعر الحرام، فقال: هذا المشعر الحرام، ثم ذهب حتى أتى به عرفات قال: قد عرفت ما أريتك؟ قالها ثلاث مرات. قال: نعم. قال: فأذن في الناس بالحج. قال: وكيف أؤذن؟ قال: قل يا أيها الناس أجيبوا ربكم ثلاث مرات، فأجاب العباد لبيك اللهم ربنا لبيك، فمن أجاب إبراهيم يومئذ من الخلق فهو حاج.
وأخرج ابن جرير من طريق ابن المسيب عن علي قال: لما فرغ إبراهيم من بناء البيت قال: قد فعلت أي رب فأرنا مناسكنا، أبرزها لنا، علمناها، فبعث الله جبريل فحج به.
وأخرج سعيد بن منصور الأزرقي عن مجاهد قال: حج إبراهيم وإسمعيل وهما ماشيان.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس قال: كان المقام في أصل الكعبة، فقام عليه إبراهيم فتفرجت عنه هذه الجبال أبو قبيس وصاحبه إلى ما بينه وبين عرفات، فأراه مناسكه حتى انتهى إليه، فقال: عرفت؟ قال: نعم. فسميت عرفات.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي مجلز في قوله: {وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل} [ البقرة: 127] قال: لما فرغ إبراهيم من البيت جاءه جبريل أراه الطواف بالبيت والصفا والمروة، ثم انطلقا إلى العقبة فعرض لهما الشيطان، فأخذ جبريل سبع حصيات وأعطى إبراهيم سبع حصيات، فرمى وكبَّر وقال لإِبراهيم: ارم وكبر مع كل رمية حتى أمَلَّ الشيطان، ثم انطلقا إلى الجمرة الوسطى فعرض لهما الشيطان، فأخذ جبريل سبع حصيات فرميا وكبرا مع كل رمية حتى املَّ الشيطان، ثم أتيا الجمرة القصوى فعرض لهما الشيطان، فأخذ جبريل سبع حصيات وأعطى إبراهيم سبع حصيات، وقال: ارم وكبر.
فرميا وكبرا مع كل رمية حتى أقل، ثم أتى به إلى منى فقال: هاهنا يحلق الناس رؤوسهم، ثم أتى به جمعاً فقال: هاهنا يجمع الناس الصلاة، ثم أتى به عرفات فقال: عرفت...؟ قال: نعم. فمن ثم سميت عرفات.
واخرج الأزرقي عن زهير بن محمد قال: لما فرغ إبراهيم من البيت الحرام قال: أي رب قد فعلت فأرنا مناسكنا، فبعث الله إليه جبريل فحج به، حتى إذا جاء يوم النحر عرض له إبليس فقال: احصب. فحصب سبع حصيات، ثم الغد ثم اليوم الثالث فملأ ما بين الجبلين، ثم علا على منبر فقال: يا عباد الله أجيبوا ربكم، فسمع دعوته من بين الأبحر ممن في قلبه مثقال ذرة من إيمان، قالوا: لبيك اللهم لبيك. قال: ولم يزل على وجه الأرض سبعة مسلمون فصاعداً، ولولا ذلك لأهلكت الأرض ومن عليها. قال: وأول من أجاب حين أذن بالحج أهل اليمن.
وأخرج الأزرقي عن مجاهد في قوله: {وأرنا مناسكنا} قال: مذابحنا.
وأخرج الجندي عن مجاهد قال: قال الله لإِبراهيم عليه السلام «قم فابن لي بيتاً. قال: أي رب أين...؟ قال: سأخبرك» فبعث الله إليه سحابة لها رأس فقالت: يا إبراهيم إن ربك يأمرك أن تخط قدر هذه السحابة. قال: فجعل إبراهيم ينظر إلى السحابة ويخط. فقالت: قد فعلت؟ قال: نعم. فارتفعت السحابة فحفر إبراهيم فأبرز عن أساس نابت من الأرض فبنى إبراهيم، فلما فرغ قال: أي رب قد فعلت فأرنا مناسكنا. فبعث الله إليه جبريل يحج به، حتى إذا جاء يوم النحر عرض له إبليس فقال له جبريل: احصب. فحصب بسبع حصيات، ثم الغد، ثم اليوم الثالث فالرابع، ثم قال: أعل ثبيراً. فعلا ثبيراً فقال: أي عباد الله أجيبوا، أي عباد الله أطيعوا الله. فسمع دعوته ما بين الأبحر ممن في قلبه مثقال ذرة من الإِيمان، قالوا: لبيك أطعناك اللهم أطعناك، وهي التي أتى الله إبراهيم في المناسك: لبيك اللهم لبيك، ولم يزل على الأرض سبعة مسلمون فصاعداً، لولا ذلك هلكت الأرض ومن عليها.
وأخرج ابن خزيمة والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإِيمان عن ابن عباس رفعه قال: لما أتى إبراهيم خليل الله المناسك عرض له الشيطان عند جمرة العقبة، فرماه بسبع حصيات حتى ساخ في الأرض، ثم عرض له عند الجمرة الثانية، فرماه بسبع حصيات حتى ساخ في الأرض، ثم عرض له عند الجمرة الثالثة، فرماه بسبع حصيات حتى ساخ في الأرض، قال ابن عباس: الشيطان ترجمون، وملة أبيكم إبراهيم تتبعون.
وأخرج الطيالسي وأحمد وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإِيمان عن ابن عباس قال: إن إبراهيم لما رأى المناسك عرض له الشيطان عند المسعى، فسابق إبراهيم فسبقه إبراهيم، ثم انطلق به جبريل حتى أراه مِنى فقال: هذا مناخ الناس.
فلما انتهى إلى جمرة العقبة فعرض له الشيطان، فرماه بسبع حصيات حتى ذهب، ثم أتى به جمرة الوسطى فعرض له الشيطان، فرماه بسبع حصيات حتى ذهب، ثم أتى به جمرة القصوى فعرض له الشيطان، فرماه بسبع حصيات حتى ذهب، فأتى به جمعاً فقال: هذا المشعر. ثم أتى به عرفة فقال: هذه عرفة. فقال له جبريل: أعرفت؟ قال: نعم. ولذلك سميت عرفة. أتدري كيف كانت التلبية؟: أن إبراهيم لما أمر أن يؤذن في الناس بالحج، أمرت الجبال فخفضت رؤوسها ورفعت له القرى، فأذن في الناس بالحج.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله: {وأرنا مناسكنا} قال: أراهما الله مناسكهما. الموقف بعرفات، والإِفاضة من جمع، ورمي الجمار والطواف بالبيت، والسعي بين الصفا والمروة.

.تفسير الآية رقم (129):

{رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (129)}
أخرج أحمد وابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن العرباض بن سارية قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إني عند الله في أم الكتاب لخاتم النبيين، وإن آدم لمنجدل في طينته، وسأنبئكم بأول ذلك دعوة أبي إبراهيم، وبشارة عيسى بي، ورؤيا أمي التي رأت، وكذلك أمهات النبيين يَرَيْن».
وأخرج أحمد وابن سعد والطبراني وابن مردويه والبيهقي عن أبي أمامة قال: قلت «يا رسول الله ما كان بدء أمرك؟ قال: دعوة إبراهيم، وبشرى عيسى، ورأت أمي أنه يخرج منها نور أضاءت له قصور الشام».
وأخرج ابن سعد في طبقاته وابن عساكر من طريق جويبر عن الضحاك «أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أنا دعوة إبراهيم. قال وهو يرفع القواعد من البيت {ربنا وابعث فيهم رسولاً منهم} حتى أتم الآيه».
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي العاليه في قوله: {ربنا وابعث فيهم رسولاً منهم} يعني أمة محمد. فقيل له: قد استجيب لك وهو كائن في آخر الزمان.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في قوله: {وابعث فيهم رسولاً منهم} قال: هو محمد صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله: {ويعلمهم الكتاب والحكمة} قال: السنة.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله: {ويعلمهم الكتاب والحكمة} قال: الحكمة السنة. قال: ففعل ذلك بهم، فبعث فيهم رسولاً منهم يعرفون اسمه ونسبه، يخرجهم من الظلمات إلى النور، ويهديهم إلى صراط مستقيم.
وأخرج أبو داود في مراسيله عن مكحول قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «آتاني الله القرآن ومن الحكمة مِثْلَيْه».
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج في قوله: {ويزكيهم} قال: يطهرهم من الشرك ويخلصهم منه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله: {العزيز الحكيم} قال: عزيز في نقمته إذا انتقم حكيم في أمره.

.تفسير الآيات (130- 131):

{وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآَخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (130) إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (131)}
أخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله: {ومن يرغب عن ملة إبراهيم} قال: رغبت اليهود والنصارى عن ملته، واتخذوا اليهودية والنصرانية بدعة ليست من الله، وتركوا ملة إبراهيم الإِسلام، وبذلك بعث الله نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم بملة إبراهيم.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة مثله.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله: {إلا من سفه نفسه} قال: إلا من أخطأ حظه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك في قوله: {ولقد اصطفيناه} قال: اخترناه.

.تفسير الآية رقم (132):

{وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (132)}
أخرج ابن أبي داود في المصاحف عن أسد بن يزيد قال: في مصحف عثمان {ووصَّى} بغير ألف.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {ووصى بها إبراهيم بنيه} قال: وصاهم بالإِسلام، ووصى يعقوب بنيه مثل ذلك.
وأخرج الثعلبي عن فضيل بن عياض في قوله: {فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون} أي محسنون بربكم الظن.
وأخرج ابن سعد عن الكلبي قال: ولد لإِبراهيم إسماعيل وهو أكبر ولده وأمه هاجر وهي قبطية، وإسحق وأمه سارة، ومدن ومدين، وبيشان وزمران، وأشبق وشوح وأمهم قنطوراء من العرب العاربة، فأما بيشان فلحق بنوه بمكة وأقام مدين بأرض مدين فسميت به، ومضى سائرهم في البلاد وقالوا لإِبراهيم: يا أبانا أنزلت إسماعيل وإسحق معك وأمرتنا أن ننزل أرض الغربة والوحشة؟ قال: بذلك أمرت. فعلمهم اسماً من أسماء الله، فكانوا يستسقون به ويستنصرون.

.تفسير الآية رقم (133):

{أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آَبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (133)}
أخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله: {أم كنتم شهداء} يعني أهل مكة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله: {أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت} الآية. قال: يقول لم تشهد اليهود ولا النصارى ولا أحد من الناس يعقوب إذ أخذ على بنيه الميثاق إذ حضره الموت ألا تعبدوا إلا إياه، فأقروا بذلك وشهد عليهم أن قد أقروا بعبادتهم، وأنهم مسلمون.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس. أنه كان يقول: الجد أب، ويتلو {قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق}.
وأخرج ابن جرير عن أبي زيد في الآية قال: يقال بدأ بإسمعيل لأنه أكبر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية في الآية قال: سمى العم أبا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب قال: الخال والد والعم والد، وتلا {قالوا نعبد إلهك وإله آبائك...} الآية.
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن أنه كان يقرأ {نعبد إلهك وإله أبيك} على معنى الواحد.

.تفسير الآية رقم (134):

{تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (134)}
أخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله: {تلك أمة قد خلت} قال: يعني إبراهيم وإسمعيل وإسحق ويعقوب والأسباط.