فصل: تفسير الآية رقم (144):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور (نسخة منقحة)



.تفسير الآية رقم (136):

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا آَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا (136)}
أخرج الثعلبي عن ابن عباس، أن عبد الله بن سلام، وأسداً وأسيدا ابنَيْ كعب، وثعلبة بن قيس، وسلاماً ابن أخت عبد الله بن سلام، وسلمة ابن أخيه، ويامين بن يامين، أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: يا رسول الله إنا نؤمن بكتابك وموسى والتوراة وعزير، ونكفر بما سواه من الكتب والرسل. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بل آمنوا بالله ورسوله محمد، وكتابه القرآن، وبكل كتاب كان قبله، فقالوا: لا نفعل. فنزلت {يا أيها الذين آمنوا آمِنوا بالله ورسوله والكتاب الذي نزل على رسوله والكتاب الذي أنزل من قبل} قال: فآمنوا كلهم».
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك في قوله: {يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله...} الآية. قال: يعني بذلك أهل الكتاب، كان الله قد أخذ ميثاقهم في التوراة والإنجيل، وأقروا على أنفسهم بأن يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم، فلما بعث الله رسوله، دعاهم إلى أن يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم والقرآن، وذكرهم الذي أخذ عليهم من الميثاق، فمنهم من صدق النبي واتبعه، ومنهم من كفر.

.تفسير الآيات (137- 139):

{إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آَمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا (137) بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (138) الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا (139)}
أخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في الآية قال: هم اليهود والنصارى، آمنت اليهود بالتوراة ثم كفرت، وآمنت النصارى بالإنجيل ثم كفرت.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله: {إن الذين آمنوا ثم كفروا} قال: هؤلاء اليهود، آمنوا بالتوراة ثم كفروا، ثم ذكر النصارى فقال: {ثم آمنوا ثم كفروا} يقول: آمنوا بالإنجيل ثم كفروا به {ثم ازدادوا كفراً} بمحمد صلى الله عليه وسلم {ولا ليهديهم سبيلاً} قال: طريق هدى وقد كفروا بآيات الله.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في الآية قال: هؤلاء المنافقون آمنوا مرتين وكفروا مرتين {ثم ازدادوا كفراً}.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد في الآية قال: هم المنافقون.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن علي أنه قال في المرتد: إن كنت لمستتيبه ثلاثاً، ثم قرأ هذه الآية {إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازداودا كفراً}.
وأخرج ابن المنذر والبيهقي في سننه عن فضالة بن عبيد. أنه أتي برجل من المسلمين قد فر إلى العدوّ فأقاله الإسلام، فأسلم ثم فر الثانية، فأتي به فأقاله الإسلام، ثم فر الثالثة، فأتي به فنزع بهذه الآية {إن الذين آمنوا ثم كفروا} إلى {سبيلاً} ثم ضرب عنقه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {ازدادوا كفراً} قال: تموا على كفرهم حتى ماتوا.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن مجاهد. مثله.
وأخرج الحاكم في التاريخ والديلمي وابن عساكر عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله يقول كل يوم: أنا ربكم العزيز، فمن أراد عز الدارين فليطع العزيز».

.تفسير الآيات (140- 141):

{وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آَيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا (140) الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا (141)}
أخرج ابن المنذر وابن جرير عن أبي وائل قال: إن الرجل ليتكلم في المجلس بالكلمة الكذب يُضْحِكُ بها جلساءه فيسخط الله عليهم جميعاً، فذكر ذلك لإبراهيم النخعي فقال: صدق أبو وائل، أو ليس ذلك في كتاب الله {فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره}.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد قال: أنزل في سورة الأنعام {حتى يخوضوا في حديث غيره} [ الأنعام: 68] ثم نزل التشديد في سورة النساء {إنكم إذاً مثلهم}.
وأخرج ابن المنذر عن السدي في الآية قال: كان المشركون إذا جالسوا المؤمنين وقعوا في رسول الله والقرآن، فشتموه واستهزؤوا به، فأمر الله أن لا يقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره.
وأخرج عن سعيد بن جبير أن الله جامع المنافقين من أهل المدينة، والمشركين من أهل مكة الذين خاضوا واستهزؤوا بالقرآن في جهنم جميعاً.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن مجاهد {الذين يتربصون بكم} قال: هم المنافقون يتربصون بالمؤمنين، {فإن كان لكم فتح من الله} إن أصاب المسلمون من عدوّهم غنيمة قال المنافقون {ألم نكن معكم} قد كنا معكم فأعطونا من الغنيمة مثل ما تأخذون {وإن كان للكافرين نصيب} يصيبونه من المسلمين قال المنافقون للكفار {ألم نستحوذ عليكم} ألم نبين لكم أنا على ما أنتم عليه قد نثبطهم عنكم.
وأخرج ابن جرير عن السدي {ألم نستحوذ عليكم} قال: نغلب عليكم.
أخرج عبد الرزاق والفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه عن علي. أنه قيل له: أرأيت هذه الآية {ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً} وهم يقاتلونا فيظهرون ويقتلون؟ فقال: ادنه ادنه، ثم قال: فالله يحكم بينكم يوم القيامة {ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً}.
واخرج ابن جرير عن علي {ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً} قال في الآخرة.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس {ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً} قال: ذاك يوم القيامة.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس {ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً} قال: ذاك يوم القيامة.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن أبي مالك. مثله.
وأخرج ابن جرير عن السدي {سبيلاً} قال: حجة.

.تفسير الآية رقم (142):

{إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا (142)}
أخرج ابن جرير وابن المنذر عن الحسن في الآية قال: يلقى على كل مؤمن ومنافق نور يمشون به يوم القيامة، حتى إذا انتهوا إلى الصراط طفئ نور المنافقين ومضى المؤمنون بنورهم، فتلك خديعة الله إياهم.
وأخرج ابن جرير عن السدي في قوله: {وهو خادعهم} قال: يعطيهم يوم القيامة نوراً يمشون فيه مع المسلمين كما كانوا معه في الدنيا، ثم يسلبهم ذلك النور فيطفئه، فيقومون في ظلمتهم.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد وسعيد بن جبير. نحوه.
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج في الآية قال: نزلت في عبد الله بن أبي، وأبي عامر بن النعمان.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن أبي الدنيا في الصمت عن ابن عباس. أنه كان يكره أن يقول الرجل: إني كسلان ويتأوّل هذه الآية.
وأخرج أبو يعلى عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من حسن الصلاة حيث يراه الناس وأساءها حيث يخلو فتلك استهانة استهان بها ربه».
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة {يراؤون الناس} قال: والله لولا الناس ما صلى المنافق، ولا يصلي إلا رياء وسمعة.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في شعب الإيمان عن الحسن {ولا يذكرون الله إلا قليلاً} قال: إنما لأنه كان لغير الله.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة {ولا يذكرون الله إلا قليلاً} قال: إنما قل ذكر المنافق لأن الله لم يقبله، وكل ما رد الله قليل، وكل ما قبل الله كثير.
وأخرج ابن المنذر عن علي قال: لا يقل عمل مع تقوى، وكيف يقل ما يتقبل؟.
وأخرج مسلم وأبو داود والبيهقي في سننه عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تلك صلاة المنافق، يجلس يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرني شيطان قام فنقر أربعاً لا يذكر الله فيها إلا قليلاً».

.تفسير الآية رقم (143):

{مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا (143)}
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال: مثل المؤمن والمنافق والكافر مثل ثلاثة نفر انتهوا إلى واد، فوقع أحدهم فعبر حتى أتى، ثم وقع أحدهم حتى أتى على نصف الوادي ناداه الذي على شفير الوادي: ويلك أين تذهب إلى الهلكة، ارجع عودك على بدئك؟! وناداه الذي عبر: هلم النجاة. فجعل ينتظر إلى هذا مرة وإلى هذا مرة قال: فجاءه سيل فأغرقه، فالذي عبر المؤمن، والذي غرق المنافق، مذبذب بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، والذي مكث الكافر.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن قتادة في الآية {مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء} يقول: ليسوا بمؤمنين مخلصين ولا مشركين مصرحين بالشرك. قال: «وذكر لنا: أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يضرب مثلاً للمؤمن والكافر والمنافق كمثل رهط ثلاثة دفعوا إلى نهر، فوقع المؤمن فقطع، ثم وقع المنافق حتى كاد يصل إلى المؤمن، ناداه الكافر: أن هلم إليّ فإني أخشى عليك، وناداه المؤمن أن هلم إليّ فإن عندي وعندي يحض يحصي له ما عنده، فما زال المنافق يتردد بينهما حتى أتى عليه الماء فغرقه، وإن المنافق لم يزل في شك وشبهة حتى أتى عليه الموت وهو كذلك».
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله: {مذبذبين بين ذلك} قال: هم المنافقون {لا إلى هؤلاء} يقول: لا إلى أصحاب محمد، ولا إلى هؤلاء اليهود.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد {مذبذبين بين ذلك} قال: بين الإسلام والكفر.
وأخرج عبد بن حميد والبخاري في تاريخه ومسلم وابن جرير وابن المنذر عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَثَل المنافق مَثَل الشاة العائرة بين الغنمين، تعير إلى هذه مرة وإلى هذه مرة، لا تدري أيها تتبع».
وأخرج أحمد والبيهقي عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أن مثل المنافق يوم القيامة كالشاة بين الغنمين، إن أتت هؤلاء نطحتها وإن أتت هؤلاء نطحتها».

.تفسير الآية رقم (144):

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا (144)}
أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله: {أتريدون أن تجعلوا لله عليكم سلطاناً مبيناً} قال: إن لله السلطان على خلقه، ولكنه يقول: عذراً مبيناً.
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس قال: كل سلطان في القرآن فهو حجة.

.تفسير الآيات (145- 147):

{إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا (145) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا (146) مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآَمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا (147)}
أخرج الفريابي وابن أبي شيبة وهناد وابن أبي الدنيا وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم في صفة النار عن ابن مسعود {إن المنافقين في الدرك الأسفل} قال: في توابيت من حديد مقفلة عليهم، وفي لفظ: مبهمة عليهم، أي مقفلة لا يهتدون لمكان فتحها.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن أبي هريرة {إن المنافقين في الدرك الأسفل} قال: الدرك الأسفل. بيوت من حديد لها أبواب تطبق عليها، فيوقد من تحتهم ومن فوقهم.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن أبي هريرة {إن المنافقين في الدرك} قال: في توابيت ترتج عليهم.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس {في الدرك الأسفل} يعني في أسفل النار.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن عبد الله بن كثير قال: سمعت أن جهنم أدراك منازل، بعضها فوق بعض.
وأخرج ابن أبي الدنيا في صفة النار عن أبي الأحوص قال: قال ابن مسعود: أي أهل النار أشد عذاباً؟ قال رجل: المنافقون. قال: صدقت، فهل تدري كيف يعذبون؟ قال: لا. قال: يجعلون في توابيت من حديد تصمد عليهم، ثم يجعلون في الدرك الأسفل، في تنانير أضيق من زج، يقال له: جب الحزن يطبق على أقوام بأعمالهم آخر الأبد.
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب الإخلاص وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن معاذ بن جبل. أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين بعثه إلى اليمن: أوصني. قال: «أخلص دينك يكفك القليل من العمل».
وأخرج ابن أبي الدنيا في الإخلاص والبيهقي في الشعب عن ثوبان «سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: طوبى للمخلصين أولئك مصابيح الهدى، تنجلي عنهم كل فتنة ظلماء».
وأخرج البيهقي عن أبي فراس رجل من أسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سلوني عما شئتم. فنادى رجل: يا رسول الله ما الإسلام؟ قال: إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، قال: فما الإيمان؟ قال: الإخلاص. قال: فما اليقين؟ قال: التصديق بالقيامة».
وأخرج البزار بسند حسن عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في حجة الوداع: «نصر الله أمرأ سمع مقالتي فوعاها، فرب حامل فقه ليس بفقيه، ثلاث لا يغل عليهن قلب امرئ مؤمن. إخلاص العمل لله، والمناصحة لأئمة المسلمين، ولزوم جماعتهم، فإن دعاءهم يحيط من ورائهم».
وأخرج النسائي عن مصعب بن سعد عن أبيه، أنه ظن أن له فضلاً على من دونه من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إنما ينصر الله هذه الأمة بضعيفها، بدعوتهم وصلاتهم وإخلاصهم».
وأخرج ابن أبي شيبة والمروزي في زوائد الزهد وأبو الشيخ بن حبان عن مكحول قال: بلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما أخلص عبد لله أربعين صباحاً إلا ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه».
وأخرج أحمد والبيهقي عن أبي ذر. أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «قد أفلح من أخلص قلبه للإيمان، وجعل قلبه سليماً، ولسانه صادقاً، ونفسه مطمئنة، وخليقته مستقيمة، وأذنه مستمعة، وعينه ناظرة، فأما الأذن فقمع، والعين مقرة لما يوعي القلب، وقد أفلح من جعل قلبه واعياً».
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن زيد بن أرقم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قال لا إله إلا الله مخلصاً دخل الجنة، قيل: يا رسول الله وما إخلاصها؟ قال: أن تحجزه عن المحارم».
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد والحكيم والترمذي وابن أبي حاتم عن أبي ثمامة قال: قال الحواريون لعيسى عليه السلام: يا روح الله من المخلص لله؟ قال: الذي يعمل لله لا يحب أن يحمده الناس عليه.
وأخرج ابن عساكر عن أبي إدريس قال: لا يبلغ عبد حقيقة الإخلاص حتى لا يحب أن يحمده أحد على شيء من عمل الله عز وجل.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في قوله: {ما يفعل الله بعذابكم...} الآية. قال: إن الله لا يعذب شاكراً ولا مؤمناً.