فصل: تفسير الآية رقم (148):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور (نسخة منقحة)



.تفسير الآية رقم (145):

{وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آَيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُمْ بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ (145)}
أخرج ابن جرير عن السدي في قوله: {وما بعضهم بتابع قبلة بعض} يقول: لا اليهود بتابعي قبلة النصارى ولا النصارى بتابعي قبلة اليهود.

.تفسير الآية رقم (146):

{الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (146)}
أخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله: {الذين آتيناهم الكتاب} قال: اليهود والنصارى {يعرفونه} أي يعرفون رسول الله في كتابهم {كما يعرفون أبناءهم}.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله: {الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم} قال: يعرفون أن البيت الحرام هو القبلة.
وأخرج ابن جرير عن الربيع في قوله: {الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم} قال: يعرفون أن البيت الحرام هو القبلة التي أمروا بها {وإن فريقاً منهم ليكتمون الحق} يعني القبلة.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله: {وإن فريقاً منهم} قال: أهل الكتاب {ليكتمون الحق وهم يعلمون} قال: يكتمون محمداً وهم يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإِنجيل.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج في قوله: {الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه} قال: زعموا أن بعض أهل المدينة من أهل الكتاب ممن أسلم قال: والله لنحن أعرف به منا بأبنائنا من الصفة والنعت الذي نجده في كتابنا، وأما ابناؤنا فلا ندري ما أحدث النساء.
وأخرج الثعلبي من طريق السدي الصغير عن الكلبي عن ابن عباس قال: «لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة قال عمر بن الخطاب لعبد الله بن سلام: قد أنزل الله على نبيه {الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم} فكيف يا عبد الله هذه المعرفة؟ فقال عبد الله بن سلام: يا عمر لقد عرفته حين رأيته كما أعرف ابني إذا رأيته مع الصبيان، وأنا أشد معرفة بمحمد مني بإبني. فقال عمر: كيف ذلك؟ قال: إنه رسول الله حق من الله، وقد نعته الله في كتابنا ولا أدري ما تصنع النساء. فقال له عمر: وفقك الله يا ابن سلام».
وأخرج الطبراني عن سلمان الفارسي قال: خرجت أبتغي الدين، فوقعت في الرهبان بقايا أهل الكتاب، قال الله تعالى {يعرفونه كما يعرفون أبناءهم} فكانوا يقولون: هذا زمان نبي قد أظل يخرج من أرض العرب له علامات، من ذلك شامة مدوّرة بين كتفيه خاتم النبوّة.

.تفسير الآية رقم (147):

{الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (147)}
أخرج أبو داود في ناسخه وابن جرير عن أبي العالية قال: قال الله لنبيه {الحق من ربك فلا تكونن من الممترين} يقول: لا تكونن في شك يا محمد أن الكعبة هي قبلتك، وكانت قبلة لأنبياء قبلك.

.تفسير الآية رقم (148):

{وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (148)}
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {ولكل وجهة} يعني بذلك أهل الأديان. يقول: لكل قبلة يرضونها ووجه الله حيث توجه المؤمنون.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس أنه قرأ {ولكل وجهة هو موليها} مضاف قال: مواجهها قال: صلوا نحو بيت المقدس مرة ونحو الكعبة قبله.
وأخرج أبو داود في ناسخه عن قتادة {ولكل وجهة هو موليها} قال: هي صلاتهم إلى بيت المقدس وصلاتهم إلى الكعبة.
وأخرج ابن جرير وابن أبي داود في المصاحف عن منصور قال: نحن نقرأها {ولكل جعلنا قبلة يرضونها}.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله: {ولكل وجهة هو موليها} قال: لكل صاحب ملة قبلة وهو مستقبلها.
وأخرج أبو داود في ناسخة عن أبي العالية {ولكل وجهة هو موليها} قال: لليهود وجهة هو موليها، وللنصارى وجهة هو موليها فهداكم الله أنتم ايتها الأمة القبلة التي هي القبلة.
وأخرج ابن الأنباري في المصاحف عن ابن عباس أنه كان يقرأ {ولكل وجهة هو مولاها}.
وأما قوله تعالى: {فاستبقوا الخيرات} الآية.
أخرج ابن جرير عن قتادة في قوله: {فاستبقوا الخيرات} يقول: لا تغلبن على قبلتكم.
وأخرج ابن جرير عن أبي زيد في قوله: {فاستبقوا الخيرات} قال: فسارعوا في الخيرات {أينما تكونوا يأت بكم الله جميعاً} قال: يوم القيامة.
وأخرج البخاري والنسائي والبيهقي في سننه عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من صلى صلاتنا، واستقبل قبلتنا، وأكل ذبيحتنا، فذلك المسلم له ذمة الله وذمة رسوله، فلا تخفروا الله في ذمته».

.تفسير الآيات (149- 150):

{وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (149) وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (150)}
أخرج ابن جرير من طريق السدي عن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود وناس من الصحابة قالوا: لما صرف النبي صلى الله عليه وسلم نحو الكعبة بعد صلاته إلى بيت المقدس قال المشركون من أهل مكة: تحير محمد دينه فتوجه بقبلته إليكم، وعلم أنكم اهدى منه سبيلاً، ويوشك أن يدخل في دينكم. فأنزل الله: {لئلا يكون للناس عليكم حجة إلا الذين ظلموا منهم فلا تخشوهم واخشوني}.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله: {لئلا يكون للناس عليكم حجة} قال: يعني بذلك أهل الكتاب، قالوا حين صرف نبي الله إلى الكعبة البيت الحرام: اشتاق الرجل إلى بيت أبيه ودين قومه.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله: {لئلا يكون للناس عليكم حجة} قال: حجتهم قولهم: قد راجعت قبلتنا.
وأخرج أبو داود في ناسخه وابن جرير وابن المنذر عن قتادة ومجاهد في قوله: {إلا الذين ظلموا منهم} قال: هم مشركو العرب، قالوا حين صرفت القبلة إلى الكعبة: قد رجع إلى قبلتكم فيوشك أن يرجع إلى دينكم.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله: {إلا الذين ظلموا منهم} قال: الذين ظلموا منهم مشركو قريش، إنهم سيحتجون بذلك عليكم، واحتجوا على نبي الله بانصرافه إلى البيت الحرام، وقالوا: سيرجع محمد إلى ديننا كما رجع إلى قبلتنا، فأنزل الله في ذلك كله {يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين} [ البقرة: 153].
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله: {لئلا يكون للناس عليكم حجة} قال: يعني بذلك أهل الكتاب {إلا الذين ظلموا منهم} بمعنى مشركي قريش.

.تفسير الآية رقم (151):

{كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آَيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (151)}
أخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله: {كما أرسلنا فيكم رسولاً منكم} يقول: كما فعلت فاذكروني.

.تفسير الآية رقم (152):

{فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ (152)}
أخرج عبد بن حميد وابن جرير عن سعيد بن جبير في قوله: {فاذكروني أذكركم} قال: اذكروني بطاعتي أذكركم بمغفرتي.
وأخرج أبو الشيخ والديلمي من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {فاذكروني أذكركم} يقول: اذكروني يا معاشر العباد بطاعتي أذكركم بمغفرتي».
وأخرج ابن لال والديلمي وابن عساكر عن أبي هند الداري «عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الله: اذكروني بطاعتي أذكركم بمغفرتي، فمن ذكرني وهو مطيع فحق علي أن أذكره بمغفرتي، ومن ذكرني وهو لي عاص فحق علي أن أذكره بمقت».
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة في قوله: {اذكروني أذكركم} قال: قال ابن عباس: يقول الله «ذكري لكم خير من ذكركم لي».
وأخرج الطبراني في الأوسط وأبو نعيم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم يقول الله «يا ابن آدم إنك إذا ما ذكرتني شكرتني، وإذا ما نسيتني كفرتني».
وأخرج ابن أبي الدنيا وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإِيمان عن زيد بن أسلم. أن موسى عليه السلام قال: يا رب أخبرني كيف أشكرك؟ قال: «تذكرني ولا تنساني، فإن ذكرتني شكرتني، وإذا نسيتني فقد كفرتني».
وأخرج الطبراني وابن مردويه والبيهقي في شعب الإِيمان عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أعطى أربعاً أعطي أربعاً، وتفسير ذلك في كتاب الله من أعطي الذكر ذكره الله لأن الله يقول {اذكروني أذكركم}، ومن أعطي الدعاء أعطي الإِجابة لأن الله يقول {ادعوني أستجب لكم} [ غافر: 60]، ومن أعطي الشكر أعطي الزيادة لأن الله يقول {لئن شكرتم لأزيدنكم} [ إبراهيم: 7]، ومن أعطي الاستغفار أعطي المغفرة لأن الله يقول {استغفروا ربكم إنه كان غفاراً} [ نوح: 10]».
وأخرج ابن جرير عن السدي في قوله تعالى {فاذكروني أذكركم} قال: ليس من عبد يذكر الله إلا ذكره الله لا يذكره مؤمن إلا ذكره برحمة، ولا يذكره كافر إلا ذكره بعذاب.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف وأحمد في الزهد والبيهقي في شعب الإِيمان عن ابن عباس قال: أوحى الله إلى داود «قل للظلمة لا يذكروني فإن حقاً عليّ أذكر من ذكرني، وأن ذكري إياهم أن ألعنهم».
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن عمر. أنه قيل له: أرأيت قاتل النفس وشارب الخمر والزاني يذكر الله وقد قال الله: {فاذكروني أذكركم}؟ قال: إذا ذكر الله هذا ذكره الله بلعنته حتى يسكت.
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر والبيهقي في شعب الإِيمان عن خالد بن أبي عمران قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أطاع الله فقد ذكر الله وإن قلت صلاته وصيامه وتلاوته القرآن، ومن عصى الله فقد نسي الله وإن كثرت صلاته وصيامه وتلاوته للقرآن».
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة والبيهقي في شعب الإِيمان عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يقول الله: أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم، وإن تقرب إلي شبراً تقربت إليه ذراعاً، وإن تقرب إليّ ذراعاً تقربت إليه باعاً، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة».
وأخرج أحمد والبيهقي في الأسماء والصفات عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «قال الله عز وجل: يا ابن آدم إذا ذكرتني في نفسك ذكرتك في نفسي، وإن ذكرتني في ملأ ذكرتك في ملأ من الملائكة. أو قال: في ملأ خير منهم، وإن دنوت مني شبراً دنوت منك باعاً، وإن أتيتني تمشي أتيتك بهرولة».
وأخرج الطبراني عن معاذ بن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قال الله عز وجل ذكره: لا يذكرني أحد في نفسه إلا ذكرته في ملأ من ملائكتي، ولا يذكرني في ملأ إلا ذكرته في الرفيق الأعلى».
وأخرج ابن أبي الدنيا في الذكر والبزار والبيهقي عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «قال الله: يا ابن آدم إذا ذكرتني خالياً ذكرتك خالياً، وإذا ذكرتني في ملأ ذكرتك في ملأ خير من الذين تذكرني فيهم وأكثر».
وأخرج ابن ماجة وابن حبان والبيهقي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله عز وجل يقول: أنا مع عبدي إذا هو ذكرني وتحركت بي شفتاه».
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والترمذي وحسنه وابن ماجه وابن حبان والحاكم وصححه والبيهقي عن عبد الله بن بسر أن رجلاً قال: يا رسول الله إن شرائع الإِسلام قد كثرت علي فأخبرني بشيء أستن به، قال: «لا يزال لسانك رطباً من ذكر الله».
وأخرج ابن أبي الدنيا والبزار وابن حبان والطبراني والبيهقي عن مالك بن يخامر، أن معاذ بن جبل قال لهم «إن آخر كلام فارقت عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن قلت: أي الأعمال أحب إلى الله؟ قال: أن تموت ولسانك رطب من ذكر الله».
وأخرج ابن أبي الدنيا عن أبي المخارق قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم «مررت ليلة أسري بي برجل في نور العرش قلت: من هذا، ملك؟! قيل: لا. قلت: نبي..؟ قيل: لا. قلت: من هذا؟ قال: هذا رجل كان في الدنيا لسانه رطب من ذكر الله، وقلبه معلق بالمساجد، ولم يستسب لوالديه».
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد وابن أبي الدنيا عن سالم بن أبي الجعد قال: قيل لأبي الدرداء: إن رجلاً اعتق مائة نسمة قال: إن مائة نسمة من مال رجل لكثير، وأفضل من ذلك وأفضل إيمان ملزوم بالليل والنهار أن لا يزال لسان أحدكم رطباً من ذكر الله.
وأخرج أحمد والترمذي وابن ماجة وابن أبي الدنيا والحاكم وصححه والبيهقي عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا أنبئكم بخير أعمالكم، وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إنفاق الذهب والورق، وخير لكم من أن تلقوا اعداءكم فتضربوا أعناقهم؟ قالوا: بلى. قال: ذكر الله».
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول: «إن لكل شيء صقالة وإن صقالة القلوب ذكر الله، وما من شيء أنجى من عذاب الله من ذكر الله. قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولو أن يضرب بسيفه حتى ينقطع».
وأخرج البزار والطبراني والبيهقي عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من عجز منكم عن الليل أن يكابده، وبخل بالمال أن ينفقه، وحين غدر العدوان يجاهده فليكثر ذكر الله».
وأخرج الطبراني في الأوسط عن جابر رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما عمل آدمي عملاً أنجى له من العذاب من ذكر الله. قيل: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله إلا أن يضرب بسيفه حتى ينقطع».
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب الشكر والطبراني والبيهقي عن ابن عباس «أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أربع من أعطيهن فقد أعطي خير الدنيا والآخرة: قلب شاكر، ولسان ذاكر، وبدن على البلاء صابر، وزوجة لا تبغيه خوناً في نفسها وماله».
وأخرج ابن حبان عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ليذكرن الله أقوام في الدنيا على الفرش الممهدة، يدخلهم الله الدرجات العلى».
وأخرج البخاري ومسلم والبيهقي عن أبي موسى قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم «مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه مثل الحي والميت».
وأخرج ابن أبي الدنيا عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما من يوم وليلة إلا ولله عز وجل فيه صدقة من بها على من يشاء من عباده، وما من الله على عبد بأفضل من أن يلهمه ذكره».
وأخرج ابن أبي شيبة عن خالد بن معدان قال: إن الله يتصدق كل يوم بصدقة، فما تصدق على عبده بشيء أفضل من ذكره.
وأخرج الطبراني عن أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو أن رجلاً في حجره دراهم يقسمها وآخر يذكر الله لكان الذاكر لله أفضل».
وأخرج الطبراني والبيهقي عن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس يتحسر أهل الجنة إلا على ساعة مرت بهم لم يذكر الله تعالى فيها».
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن عائشة «أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من ساعة تمر بابن آدم لم يذكر الله فيها بخير إلا تحسر عليها يوم القيامة».
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد ومسلم والترمذي وابن ماجة والبيهقي عن أبي هريرة وأبي سعيد «أنهما شهدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا يقعد قوم يذكرون الله إلا حفتهم الملائكة، وغشيتهم الرحمة، ونزلت عليهم السكينة، وذكرهم الله فيمن عنده».
وأخرج ابن أبي الدنيا عن أبي هريرة وأبي سعيد قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن لأهل ذكر الله أربعاً. ينزل عليهم السكينة، وتغشاهم الرحمة، وتحف بهم الملائكة، ويذكرهم الرب في ملأ عنده».
وأخرج الحاكم وصححه عن أبي الدرداء «سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله يقول: أنا مع عبدي إذا هو ذكرني وتحركت بي شفتاه».
وأخرج الحاكم وصححه عن أنس مرفوعاً قال الله «عبدي أنا عند ظنك بي، وأنا معك إذا ذكرتني».
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن ابن عمر قال: ذكر الله بالغداة والعشي أعظم من حطم السيوف في سبيل الله، وإعطاء المال سخاء.
وأخرج ابن أبي شيبة عن معاذ بن جبل قال: لو أن رجلين أحدهما يحمل على الجياد في سبيل الله، والآخر يذكر الله لكان الذاكر أعظم وأفضل أجراً.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد عن سلمان الفارسي قال: لو بات رجل يعطي القناة البيض. ولفظ أحمد: يطاعن الأقران، وبات آخر يقرأ القرآن أو يذكر الله لرأيت أن ذاكر الله أفضل.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عمرو لو أن رجلين أقبل أحدهما من المشرق والآخر من المغرب، مع أحدهما ذهب لا يضع منه شيئاً إلا في حق، والآخر يذكر الله حتى يلتقيا في طريق كان الذي يذكر الله أفضلهما.
وأخرج البخاري ومسلم والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن لله ملائكة يطوفون في الطرق يلتمسون أهل الذكر، فإذا وجدوا قوماً يذكرون الله تنادوا هلموا إلى حاجتكم، فيحفونهم بأجنحتهم إلى السماء، فإذا تفرقوا عرجوا وصعدوا إلى السماء، فيسألهم ربهم- وهو يعلم- من أين جئتم؟ فيقولون: جئنا من عند عباد لك يسبحونك ويكبرونك ويحمدونك. فيقول: هل رأوني؟ فيقولون: لا. فيقول: كيف لو رأوني؟ فيقولون: لو رأوك كانوا أشد لك عبادة، وأشد لك تمجيداً، وأكثر لك تسبيحاً. فيقول: فما يسألون؟ فيقولون: يسألونك الجنة. فيقول: وهل رأوها؟ فيقولون: لا. فيقول: فكيف لو رأوها؟ فيقولون: لو أنهم رأوها كانوا أشد عليها حرصاً وأشد لها طلباً وأعظم فيها رغبة. قال: فمم يتعوّذون؟ فيقولون: يتعوّذون من النار. فيقول: وهل رأوها؟ فيقولون: لا. فيقول: فكيف لو رأوها؟ فيقولون: لو أنهم رأوها كانوا أشد منها فراراً وأشد لها مخافة. فيقول: أشهدكم أني غفرت لهم. فيقول ملك من الملائكة: فلان ليس منهم إنما جاء لحاجة. قال: هم القوم لا يشقى بهم جليسهم».
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد ومسلم والترمذي والنسائي عن معاوية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على حلقة من أصحابه فقال: «ما أجلسكم؟» قالوا: جلسنا نذكر الله ونحمده على ما هدانا للإِسلام ومن به علينا. قال «آلله ما أجلسكم إلا ذلك؟» قالوا: آلله ما أجلسنا إلا ذلك. قال: «أما إني لم أستحلفكم تهمة لكم ولكن أتاني جبريل فأخبرني أن الله يباهي بكم الملائكة».
وأخرج أحمد وأبو يعلى وابن حبان والبيهقي عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يقول الله يوم القيامة: سيعلم أهل الجمع اليوم من أهل الكرم». فقيل: ومن أهل الكرم يا رسول الله؟ «قال: أهل مجالس الذكر».
وأخرج أحمد عن أنس قال: كان عبد الله بن رواحة إذا لقي الرجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: تعال نؤمن بربنا ساعة. فقال ذات يوم لرجل فغضب الرجل، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ألا ترى إلى ابن رواحة يرغب عن إيمانك إلى إيمان ساعة؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم «يرحم الله ابن رواحة أنه يحب المجالس التي تتباهى بها الملائكة».
وأخرج أحمد والبزار وأبو يعلى والطبراني عن أنس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما من قوم اجتمعوا يذكرون الله لا يريدون بذلك إلا وجهه إلا ناداهم مناد من السماء أن قوموا مغفوراً لكم، قد بدلت سيئاتكم حسنات».
وأخرج الطبراني عن سهل بن الحنظلية قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما جلس قوم مجلساً يذكرون الله عز وجل فيه فيقومون حتى يقال لهم: قوموا قد غفرت لكم وبدلت سيئاتكم حسنات».
وأخرج البيهقي عن عبد الله بن مغفل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من قوم اجتمعوا يذكرون الله إلا ناداهم مناد من السماء: قوموا مغفوراً لكم، قد بدلت سيئاتكم حسنات، وما من قوم اجتمعوا في مجلس فتفرقوا ولم يذكروا الله إلا كان ذلك عليهم حسرة يوم القيامة».
وأخرج أحمد عن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما عمل آدمي عملاً قط أنجى له من عذاب القبر من ذكر الله» وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا أخبركم بخير أعمالكم، وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من تعاطي الذهب والفضة، ومن أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: ذكر الله».
وأخرج أحمد عن معاذ بن جبل «أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن أفضل الإِيمان؟ قال: أن تحب لله وتبغض لله، وتعمل لسانك في ذكر الله. قال: وماذا؟ قال: وأن تحب للناس ما تحب لنفسك، وتكره لهم ما تكره لنفسك، وأن تقول خيراً أو تصمت».
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن أبي برزة الأسلمي قال: لو أن رجلاً في حجره دنانير يعطيها وآخر ذاكر الله عز وجل لكان الذاكر أفضل.
وأخرج عبد الله بن أحمد عن أبي الدرداء قال: اذكر الله عند كل حجيرة وشجيرة ومدرة، واذكره في سرائك تذكر في ضرائك.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد عن أبي الدرداء قال: إن الذين لا تزال ألسنتهم رطبة بذكر الله تبارك وتعالى يدخل أحدهم الجنة وهو يضحك.
وأخرج أحمد في الزهد عن أبي الدرداء قال: لأن أكبر مائة تكبيرة أحب إلي من أن أتصدق بمائة دينار.
وأخرج عبد الله ابنه عن عبد الله بن عمرو قال: ما اجتمع ملأ يذكرون الله إلا ذكرهم الله في ملأ أعز منه وأكرم، وما تفرق قوم لم يذكروا الله في مجلسهم إلا كان حسرة عليهم يوم القيامة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عمر قال: التكبيرة خير من الدنيا وما فيها.
وأخرج ابن أبي شيبة عن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما عمل ابن آدم عملاً أنجى له من النار من ذكر الله. قالوا: يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله إلاَّ أن تضرب بسيفك حتى ينقطع، ثم تضرب بسيفك حتى ينقطع، ثم تضرب حتى ينقطع».
وأخرج ابن أبي شيبة عن معاذ بن جبل قال: لأن أذكر الله من غدوة حتى تطلع الشمس أحب إلي من أن أحمل على الجياد في سبيل الله من غدوة حتى تطلع الشمس.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبادة بن الصامت قال: لأن أكون في قوم يذكرون الله من حين يصلون الغداة إلى حين تطلع الشمس أحب إلي من أن أكون على متون الخيل أجاهد في سبيل الله إلى أن تطلع الشمس، ولأن أكون في قوم يذكرون من حين يصلون العصر حتى تغرب الشمس أحب إلي من أن أكون على متون الخيل أجاهد في سبيل الله حتى تغرب الشمس.
وأخرج ابن أبي شيبة عن سلمان قال: إذا كان العبد يحمد الله في السراء ويحمده في الرخاء فأصابه ضر دعا الله قالت الملائكة: صوت معروف من امرئ ضعيف فيشفعون له، فإذا كان العبد لا يذكر الله في السراء ولا يحمده في الرخاء فأصابه ضر فدعا الله قالت الملائكة: صوت منكر.
وأخرج ابن أبي شيبة عن جعفر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أشد الأعمال ثلاثة، ذكر الله على كل حال، والإنصاف من نفسك، والمواساة في المال».
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة قال: إن أهل السماء ليرون بيوت أهل الذكر تضيء لهم كما يضيء الكوكب لأهل الأرض.
وأخرج البزار عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن لله سيارة من الملائكة يطلبون حلق الذكر، فإذا أتوا عليهم حفوا بهم، ثم بعثوا رائدهم إلى السماء إلى رب العزة تبارك وتعالى فيقولون: ربنا أتينا على عباد من عبادك يعظمون آلاءك، ويتلون كتابك، ويصلون على نبيك محمد صلى الله عليه وسلم، ويسألونك لآخرتهم ودنياهم. فيقول تبارك وتعالى: غشوهم برحمتي، فهم الجلساء لا يشقى بهم جليسهم».
وأخرج أحمد عن ابن عمر قال: «قلت: يا رسول الله ما غنيمة مجالس الذكر؟؟ قال: غنيمة مجالس الذكر الجنة».
وأخرج ابن أبي الدنيا والبزار وأبو يعلى والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي في الدعوات عن جابر قال: «خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا أيها الناس إن لله سرايا من الملائكة تحل وتقف على مجالس الذكر، فارتعوا في رياض الجنة. قالوا: وأين رياض الجنة؟ قال: مجالس الذكر، فاغدوا وروحوا في ذكر الله وذكروه أنفسكم، من كان يحب أن يعلم منزلته عند الله فلينظر كيف منزلة الله عنده، فإن الله ينزل العبد منه حيث أنزله من نفسه».
وأخرج أحمد والترمذي وحسنه عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا». قال: وما رياض الجنة؟ قال: «حلق الذكر».
وأخرج الطبراني عن عمرو بن عبسة «سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: عن يمين الرحمن وكلتا يديه يمين رجال ليسوا بأنبياء ولا شهداء، يغشي بياض وجوههم نظر الناظرين، يغبطهم النبيون والشهداء بمقعدهم وقربهم من الله. قيل: يا رسول الله من هم؟ قال: هم جماع من نوازع القبائل، يجتمعون على ذكر الله تعالى فينتقون أطايب الكلام كما ينتقي آكل التمر أطايبه».
وأخرج الطبراني عن أبي الدرداء قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليبعثن الله أقواماً يوم القيامة في وجوههم النور على منابر اللؤلؤ يغبطهم الناس، ليسوا بأنبياء ولا شهداء. فقال أعرابي: يا رسول الله صفهم لنا نعرفهم؟ قال: هم المتحابون في الله من قبائل شتى وبلاد شتى، يجتمعون على ذكر الله يذكرونه».
وأخرج الخرائطي في الشكر عن خليد العقري قال: إن لكل بيت زينة، وزينة المساجد الرجال على ذكر الله.
وأخرج البيهقي في الدعوات عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهم: «أتحبون أيها الناس أن تجتهدوا في الدعاء؟» قالوا: نعم. قال: «قولوا: اللهم اعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك».
وأخرج أحمد في الزهد عن عمرو بن قيس قال: أوحى الله إلى داود أنك إن ذكرتني ذكرتك وإن نسيتني تركتك، واحذر أن أجدك على حال لا أنظر إليك فيه.
وأخرج عبد الله ابنه في زوائده عن معاوية بن قرة عن أبيه أنه قال له: يا بني إذا كنت في قوم يذكرون الله فبدت لك حاجة فسلم عليهم حين تقوم، فإنك لا تزال لهم شريكاً ما داموا جلوساً.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي جعفر قال: ما من شيء أحب إلى الله من الذكر والشكر.
أما قوله تعالى {واشكروا لي ولا تكفرون}.
أخرج ابن أبي الدنيا في كتاب الشكر والبيهقي في شعب الإِيمان عن ابن المنكدر قال: كان من دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم «اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك».
وأخرج أحمد وأبو داود والنسائي وابن أبي الدنيا والبيهقي عن معاذ قال: قال لي النبي صلى الله عليه وسلم «إني أحبك لا تدعن أن تقول في دبر كل صلاة: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك».
وأخرج أحمد في الزهد وابن أبي الدنيا والبيهقي عن أبي الجلد قال: قرأت في مساءلة موسى عليه السلام. أنه قال: يا رب كيف لي أن أشكرك وأصغر نعمة وأعتها عندي من نعمك لا يجازي بها عملي كله؟ فأتاه الوحي: أن يا موسى الآن شكرتني.
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن سليمان التيمي قال: إن الله عز وجل أنعم على العباد على قدره، وكلفهم الشكر على قدرهم.
وأخرج ابن أبي الدنيا عن عبد الملك بن مروان قال: ما قال عبد كلمة أحب إليه وأبلغ في الشكر عنده من أن يقول: الحمد لله الذي أنعم علينا وهدانا للإِسلام.
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن الأصبغ بن نباتة قال: كان علي رضي الله عنه إذا دخل الخلاء قال: بسم الله الحافظ من المؤذي، وإذا خرج مسح بيده على بطنه ثم قال: يا لها من نعمة لو يعلم العباد شكرها.
وأخرج ابن أبي الدنيا عن الحسن قال: إن الله ليمنع النعمة ما شاء، فإذا لم يشكر قلبها عذاباً.
وأخرج ابن أبي الدنيا والخرائطي كلاهما في كتاب الشكر والحاكم والبيهقي في شعب الإِيمان عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما أنعم الله على عبد من نعمة فعلم أنها من عند الله إلا كتب الله له شكرها قبل أن يحمده، وما علم الله من عبد ندامة على ذنب إلا غفر له ذلك قبل أن يستغفره، إن الرجل ليشتري الثوب بالدينار فيلبسه فيحمد الله فما يبلغ ركبتيه حتى يغفر له».
وأخرج البيهقي في الشعب عن علي رضي الله عنه قال: من قال حين يصبح: الحمد لله على حسن المساء، والحمد لله على حسن المبيت، والحمد لله على حسن الصباح، فقد أدى شكر ليلته ويومه.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي الدنيا والبيهقي عن عبد الله: أدى شكر ليلته ويومه.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي الدنيا والبيهقي عن عبد الله بن سلام قال: قال موسى عليه السلام: يا رب ما الشكر الذي ينبغي لك؟ قال: لا يزال لسانك رطباً من ذكري. قال: فإنا نكون من الحال على حال نجلك إن نذكرك عليها، قال: ما هي؟ قال: الغائط، واهراق الماء من الجنابة، وعلى غير وضوء. قال: كلا. قال: يا رب كيف أقول؟ قال: تقول سبحانك اللهم وبحمدك لا إله إلا أنت، فجنبني الأذى سبحانك وبحمدك لا إله إلا أنت فقني من الأذى.
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، أن رجلاً كان يأتي النبي صلى الله عليه وسلم فيسلم عليه، فيقول النبي صلى الله عليه وسلم يدعو له، فجاء يوماً فقال له النبي صلى الله عليه وسلم «كيف أنت يا فلان؟ قال: بخير إن شكرت. فسكت النبي صلى الله عليه وسلم، فقال الرجل: يا نبي الله كنت تسألني وتدعو لي، وإنك سألتني اليوم فلم تدع لي؟ قال: إني كنت أسألك فتشكر الله، وإني سألتك اليوم فشككت في الشكر».
وأخرج ابن أبي الدنيا عن أبي قلابة قال: لا تضركم دنيا إذا شكرتموها.
وأخرج ابن أبي الدنيا عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه. أنه كان يقول في دعائه: أسألك تمام النعمة في الأشياء كلها، والشكر لك عليها حتى ترضى وبعد الرضا.
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن أبي حازم، أن رجلاً قال له: ما شكر العينين؟ قال: إن رأيت بهما خيراً أعلنته، وإن رأيت بهما شراً سترته. قال: فما شكر الأذنين؟ قال: إن سمعت خيراً وعيته، وإن سمعت بهما شراً أخفيته. قال: فما شكر اليدين؟ قال: لا تأخذ بهما ما ليس لهما، ولا تمنع حقاً لله عز وجل هو فيهما. قال: فما شكر البطن؟ قال: أن يكون أسفله طعاماً، وأعلاه علماً. قال: فما شكر الفرج؟ قال: كما قال الله عز وجل {إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم} [ المؤمنون: 6] إلى قوله: {فأولئك هم العادون} قال: فما شكر الرجلين؟ قال: إن رأيت حياً غبطته بهما عملته، وإن رأيت ميتاً مقته كففتهما عن عمله وأنت شاكر لله عز وجل، فاما من شكر بلسانه ولم يشكر بجميع أعضائه فمثله كمثل رجل له كساء فأخذ بطرفه ولم يلبسه، فلم ينفعه ذلك من الحر والبرد والثلج والمطر.
وأخرج البيهقي في الشعب عن علي بن المديني قال: قيل لسفيان بن عيينة: ما حد الزهد؟ قال: أن تكون شاكراً في الرخاء صابراً في البلاء، فإذا كان كذلك فهو زاهد. قيل لسفيان: ما الشكر؟ قال: إن تجتنب ما نهى الله عنه.
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن عمر بن عبد العزيز قال: قيِّدوا نعم الله بالشكر لله عز وجل، وشكر الله ترك المعصية.
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن محمد بن لوط الأنصاري قال: كان يقال: الشكر ترك المعصية.
وأخرج ابن أبي الدنيا عن مخلد بن حسين قال: كان يقال: الشكر ترك المعاصي.
وأخرج البيهقي عن الجنيد قال: قال السري يوماً: ما الشكر؟ فقلت له: الشكرعندي أن لا يستعان على المعاصي بشيء من نعمه.
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن سفيان بن عيينة قال: قيل للزهري ما الزاهد؟ قال: من لم يغلب الحرام صبره، ولم يمنع الحلال شكره.
وأخرج ابن أبي الدنيا عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم قال: الشكر يأخذ بجرم الحمد وأصله وفرعه، فلينظر في نعم من الله في بدنه وسمعه وبصره ويديه ورجليه وغير ذلك، ليس من هذا شيء إلا وفيه نعمة من الله حق على العبد أن يعمل بالنعم اللاتي هي في يديه لله عز وجل في طاعته ونعم أخرى في الرزق، وحق عليه أن يعمل لله فيما أنعم به عليه من الرزق في طاعته، فمن عمل بهذا كان أخذ بجرم الشكر وأصله وفرعه.
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن عامر قال: الشكر نصف الإِيمان، والصبر نصف الإِيمان، واليقين الإِيمان كله. وقال البيهقي: أنبأنا أبو عبد الرحمن السلمي قال: سئل الأستاذ أبو سهل محمد بن سليمان الصعلوكي عن الشكر والصبر أيهما أفضل؟ فقال: هما في محل الاستواء، فالشكر وظيفة السراء، والصبر فريضة الضراء.
وأخرج الترمذي وحسنه وابن ماجة والبيهقي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «للطاعم الشاكر من الأجر مثل ما للصائم الصابر».
وأخرج البيهقي عن أبي الدرداء قال: من لم يعرف نعمة الله عليه إلا في مطعمه ومشربه، فقد قل عمله وحضر عذابه.
وأخرج البيهقي عن الفضيل بن عياض قال: عليكم بالشكر فإنه قل قوم كانت عليهم من الله نعمة فزالت عنهم ثم عادت إليهم.
وأخرج البيهقي عن عمارة بن حمزة قال: إذا وصلت إليكم أطراف النعم فلا تنفروا أقصاها بقلة الشكر.
وأخرج البيهقي عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من نظر في الدين إلى من فوقه وفي الدنيا إلى من تحته كتبه الله صابراً شاكراً، ومن نظر في الدين إلى من تحته ونظر في الدنيا إلى من فوقه لم يكتبه الله صابراً ولا شاكراً».
وأخرج ابن أبي الدنيا عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده «سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: خصلتان من كانتا فيه كتبه الله صابراً شاكراً، ومن لم يكونا فيه لم يكتبه الله صابراً ولا شاكراً، من نظر في دينه إلى من فوقه فاقتدى به، ومن نظر في دنياه إلى من هو دونه، ونظر إلى من هو فوقه فأسف على ما فاته لم يكتبه الله شاكراً ولا صابراً».
وأخرج مسلم والبيهقي عن صهيب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عجباً لأمر المؤمن كله خير إن أصابته سراء فشكر كان خيراً، وإن أصابته ضراء فصبر كان خيراً».
وأخرج النسائي والبيهقي عن سعد بن أبي وقاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عجبت للمؤمن أن أعطي قال: الحمد لله فشكر، وإن ابتلي قال: الحمد لله فصبر، فالمؤمن يؤجر على كل حال، حتى اللقمة يرفعها إلى فيه».
وأخرج البيهقي وضعفه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كانت فيه ثلاث أدخله الله في رحمته، وأراه محبته، وكان في كنفه: من إذا أعطي شكر، وإذا قدر غفر، وإذا غضب فتر».
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي وضعفه عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاث من كن فيه آواه الله في كنفه، وستر عليه برحمته، وأدخله في محبته. قيل: وما هن يا رسول الله؟ قال: من إذا أعطي شكر، وإذا قدر غفر، وإذا غضب فتر».
وأخرج أبو داود والنسائي وابن أبي الدنيا في الشكر والفريابي في الذكر والمعمري في عمل اليوم والليلة والطبراني في الدعاء وابن حبان والبيهقي والمستغفري كلاهما في الدعوات عن عبد الله بن غنام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قال حين يصبح: اللهم ما أصبح بي من نعمة أو بأحد من خلقك فمنك وحدك لا شريك لك فلك الحمد ولك الشكر فقد أدى شكر يومه، ومن قال مثل ذلك حين يمسي فقد أدى شكر ليلته».
وأخرج ابن أبي الدنيا عن السري بن عبد الله أنه كان على الطائف، فأصابهم مطر، فخطب الناس فقال: يا أيها الناس احمدوا الله على ما وضع لكم من رزقه، فإنه بلغني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا أنعم الله عز وجل على عبده بنعمة فحمده عندها فقد أدّى شكرها».
وأخرج ابن أبي الدنيا والخرائطي كلاهما في كتاب الشكر عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من رأى صاحب بلاء فقال: الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به وفضلني عليك وعلى جميع خلقه تفضيلاً فقد أدى شكر النعمة».
وأخرج ابن أبي الدنيا عن كعب قال: ما أنعم الله عز وجل على عبد نعمة في الدنيا فشكرها لله عز وجل وتواضع بها لله إلا أعطاه نفعها في الدنيا ورفع له بها درجة في الآخرة، وما أنعم الله على عبد من نعمة في الدنيا فلم يشكرها لله عز وجل ولم يتواضع بها لله إلا منعه الله عز وجل نفعها في الدنيا وفتح له طبقاً من النار، فعذبه إن شاء أو تجاوز عنه.
وأخرج ابن أبي الدنيا عن عائشة رضي الله عنها قالت: ما من عبد يشرب من ماء القراح فيدخل بغير أذى ويجري بغير أذى إلا وجب عليه الشكر.
وأخرج أبو داود والترمذي وحسنه وابن ماجة وابن أبي الدنيا والحاكم وصححه عن أبي بكرة «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا جاءه أمر يسره خرّ ساجداً لله عز وجل شكراً لله».
وأخرج ابن أبي الدنيا عن عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: إني لقيت جبريل عليه السلام فبشرني، وقال: «إن الله يقول لك: من صلى عليك صليت عليه، ومن سلم عليك سلمت عليه، فسجدت لله شكراً».
وأخرج الخرائطي في الشكر عن جابر «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى صاحب بلاء خرّ ساجداً».
وأخرج ابن سعد وابن أبي شيبة والخرائطي في الشكر عن شداد بن أوس «سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا كنز الناس الذهب والفضة فاكثروا هؤلاء الكلمات: اللهم إني أسألك الثبات في الأمر، والعزيمة على الرشد، وأسألك شكر نعمتك، وأسألك حسن عبادتك، وأسألك قلباً سليماً، ولساناً صادقاً، وأسألك من خير ما تعلم، وأعوذ بك من شر ما تعلم، وأستغفرك لما تعلم، إنك أنت علام الغيوب».
وأخرج الخرائطي عن جابر بن عبد الله «سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أفضل الذكر لا إلا إله إلا الله، وأفضل الشكر الحمد لله».
وأخرج الخرائطي والبيهقي في الدعوات عن منصور بن صفية قال: «مر النبي صلى الله عليه وسلم برجل وهو يقول: الحمد لله الذي هداني للإِسلام وجعلني من أمة محمد. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم» لقد شكرت عظيماً «».
وأخرج الخرائطي عن محمد بن كعب القرظي قال: يا هؤلاء احفظوا اثنتين، شكر النعمة واخلاص الإِيمان.
وأخرج الخرائطي عن أبي عمر الشيباني قال: قال موسى عليه السلام يوم الطور: يا رب إن أنا صليت فمن قبلك، وإن أنا تصدقت فمن قبلك، وإن أنا بلغت رسالاتك فمن قبلك، فكيف أشكرك؟ قال: يا موسى الآن شكرتني.
وأخرج ابن أبي الدنيا والخرائطي والبيهقي في شعب الإِيمان عن عبد الله بن قرط الأزدي وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إنما تثبت النعمة بشكر المنعم عليه للمنعم».
وأخرج الخرائطي عن جعفر بن محمد بن علي بن حسين بن علي بن أبي طالب قال: أشكر المنعم عليك، فإنه لا نفاد للنعم إذا شكرت، ولا بقاء لها إذا كفرت، والشكر زيادة في النعم، وأمان من الغير.
وأخرج الخرائطي عن خالد الربعي قال: كان يقال: إن من أجدر الأعمال أن تعجل عقوبته: الأمانة تخان، والرحم يقطع، والإِحسان يكفر.
وأخرج الخرائطي عن كعب الأحبار قال: شر الحديث التجديف قال أبو عبيد: قال الأصمعي: التجديف هو الكفر بالنعم، وقال الأموي: هو استقلال ما أعطاه الله عز وجل.