فصل: تفسير الآية رقم (163):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور (نسخة منقحة)



.تفسير الآيات (159- 160):

{إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ (159) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (160)}
أخرج ابن إسحاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: سأل معاذ بن جبل أخو بني سلمة، وسعد بن معاذ أخو بني الأشهل، وخارجة بن زيد أخو الحرث بن الخزرج، نفراً من أحبار اليهود عن بعض ما في التوراة، فكتموهم إياه وأبوا أن يخبروهم، فأنزل الله فيهم {إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى...} الآية.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله: {إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى} قال: هم أهل الكتاب.
وأخرج ابن سعد وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله: {إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى...} الآية. قال: أولئك أهل الكتاب كتموا الإِسلام وهو دين الله، وكتموا محمداً، وهم {يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإِنحيل} [ الأعراف: 157] {ويلعنهم اللاعنون} قال: من ملائكة الله المؤمنين.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية في الآية قال: هم أهل الكتاب كتموا محمداً ونعته، وهم يجدونه مكتوباً عندهم حسداً وبغياً.
وأخرج ابن جرير عن السدي في الآية قال: زعموا أن رجلاً من اليهود كان له صديق من الأنصار يقال له ثعلبة بن غنمة، قال له: هل تجدون محمداً عندكم؟ قال: لا.
وأخرج عبد بن حميد عن عطاء في قوله: {أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون} قال: الجن والإِنس، وكل دابة.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن مجاهد في قوله: {ويلعنهم اللاعنون} قال: إذا أجدبت البهائم دعت على فجار بني آدم. فقالت: تحبس عنا الغيث بذنوبهم.
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير عن مجاهد في قوله: {ويلعنهم اللاعنون} قال: إن البهائم إذا اشتدت عليهم السنة قالت: هذا من أجل عصاة بني آدم، لعن الله عصاة بني آدم.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وأبو نعيم في الحلية والبيهقي في شعب الإِيمان عن مجاهد في قوله: {ويلعنهم اللاعنون} قال: دواب الأرض العقارب والخنافس يقولون: إنما منعنا القطر بذنوبهم فليعنونهم.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن عكرمة في قوله: {ويلعنهم اللاعنون} قال: يلعنهم كل شيء حتى الخنافس والعقارب، يقولون: منعنا القطر بذنوب بني آدم.
وأخرج عبد بن حميد عن أبي جعفر في قوله: {ويلعنهم اللاعنون} قال: كل شيء حتى الخنفساء.
وأخرج ابن ماجة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن البراء بن عازب قال: كنا في جنازة مع النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «إن الكافر يضرب ضربتين بين عينيه فيسمعه كل دابة غير الثقلين، فتلعنه كل دابة سمعت صوته، فذلك قول الله: {ويلعنهم اللاعنون} يعني دواب الأرض».
وأخرج ابن جرير عن السدي في قوله: {ويلعنهم اللاعنون} قال: قال البراء بن عازب: إن الكافر إذا وضع في قبره أتته دابة كأن عينيها قدران من نحاس معها عمود من حديد، فتضربه ضربة بين كتفيه فيصيح لا يسمع أحد صوته إلا لعنه، ولا يبقى شيء إلا سمع صوته إلا الثقلين الجن والإِنس.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك في قوله: {ويلعنهم اللاعنون} قال: الكافر إذا وضع في حفرته ضرب ضربة بمطرق، فيصيح صيحة يسمع صوته كل شيء إلا الثقلين الجن والإِنس، فلا يسمع صيحته شيء إلا لعنه.
وأخرج البيهقي في شعب الإِيمان عن عبد الوهاب بن عطاء في قوله: {إن الذين يكتمون...} الآية. قال: سمعت الكلبي يقول: هم اليهود. قال: ومن لعن شيئاً ليس هو بأهل رجعت اللعنة على يهودي، فذلك قوله: {ويلعنهم اللاعنون}.
وأخرج البيهقي في شعب الإِيمان من طريق محمد بن مروان، أخبرني الكلبي عن أبي صالح عن ابن مسعود في هذه الآية قال: هو الرجل يلعن صاحبه في أمر يرى أن قد أتى إليه، فترتفع اللعنة في السماء سريعاً، فلا تجد صاحبها التي قيلت له أهلاً، فترجع إلى الذي تكلم بها فلا تجده لها أهلاً، فتنطلق فتقع على اليهود فهو قوله: {ويلعنهم اللاعنون} فمن تاب منهم ارتفعت عنهم اللعنة، فكانت فيمن بقي من اليهود وهو قوله: {إلا الذين تابوا...} الآية.
وأخرج عبد بن حميد والترمذي وابن ماجة والحاكم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من سئل عن علم عنده فكتمه ألجمه الله بلجام من نار يوم القيامة».
وأخرج ابن ماجة عن أنس بن مالك «سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من سئل عن علم فكتمه ألجم يوم القيامة بلجام من نار».
وأخرج ابن ماجة والمرهبي في فضل العلم عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كتم علماً مما ينفع الله به الناس في أمر الدين ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار».
وأخرج ابن ماجة عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا لعن آخر هذه الأمة أولها، فمن كتم حديثاً فقد كتم ما أنزل الله».
وأخرج الطبراني عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أيما عبد آتاه الله علماً فكتمه لقي الله يوم القيامة ملجماً بلجام من نار».
واخرج أبو يعلى والطبراني بسند صحيح عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من سئل عن علم فكتمه جاء يوم القيامه ملجماً بلجام من نار».
وأخرج الطبراني من حديث ابن عمر وابن عمرو مثله.
وأخرج الطبراني في الأوسط عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «مثل الذي يتعلم العلم ثم لا يحدث به كمثل الذي يكنز الكنز فلا ينفق منه».
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد عن سلمان قال: علم لا يقال به ككنز لا ينفق منه.
وأخرج ابن سعد وعبد بن حميد والبخاري وابن ماجة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم عن أبي هريرة قال: لولا آية في كتاب الله ما حدثت أحداً بشيء أبداً، ثم تلا هذه الآية {إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى.....} الآية.
وأخرج أبو داود في ناسخه عن ابن عباس في قوله: {إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى} إلى قوله: {اللاعنون} ثم استثنى فقال: {إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا...} الآية.
وأخرج عبد بن حميد عن عطاء {إلا الذين تابوا وأصلحوا} قال: ذلك كفارة له.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة {إلا الذين تابوا وأصلحوا} قال: أصلحوا ما بينهم وبين الله {وبينوا} الذي جاءهم من الله ولم يكتموه ولم يجحدوا به.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله: {أتوب عليهم} يعني أتجاوز عنهم.
أما قوله تعالى: {وأنا التوّاب}.
أخرج سعيد بن منصور وابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية عن أبي زرعة عمرو بن جرير قال: إن أول شيء كتب أنا التواب أتوب على من تاب.

.تفسير الآيات (161- 162):

{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (161) خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ (162)}
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي العالية قال: إن الكافر يوقف يوم القيامة فيلعنه الله، ثم تلعنه الملائكة، ثم يلعنه الناس أجمعون.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله: {أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين} قال: يعني بالناس أجمعين المؤمنين.
وأخرج ابن جرير عن السدي في الآية قال: لا يتلاعن إثنان مؤمنان ولا كافران فيقول أحدهما: لعن الله الظالم إلا رجعت تلك اللعنة على الكافر لأنه ظالم، فكل أحد من الخلق يلعنه.
وأخرج عبد بن حميد عن جرير بن حازم قال: سمعت الحسن يقرأها {أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعون}.
وأخرج ابن جرير عن أبي العالية في قوله: {خالدين فيها} يقول: خالدين في جهنم في اللعنة. وفي قوله: {ولا هم ينظرون} ويقول: لا ينظرون فيعتذرون.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {ولا هم ينظرون} قال: لا يؤخرون.

.تفسير الآية رقم (163):

{وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (163)}
أخرج ابن أبي شيبة وأحمد والدارمي وأبو داود والترمذي وصححه وابن ماجة وأبو مسلم الكجي في السنن وابن الضريس وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإِيمان عن أسماء بنت يزيد بن السكن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «اسم الله الأعظم في هاتين الآيتين {وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم} و {الم، الله لا إله إلا هو الحي القيوم} [ آل عمران: 1- 2]».
وأخرج الديلمي عن أنس «أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليس شيء أشد على مردة الجن من هؤلاء الآيات التي في سورة البقرة {وإلهكم إله واحد...} الآيتين».
وأخرج ابن عساكر عن إبراهيم بن وثمة قال: الآيات التي يدفع الله بهن من اللمم من لزمهن في كل يوم ذهب عنه ما يجد {وإلهكم إله واحد...} الآية. وآية الكرسي، وخاتمة البقرة، و {إن ربكم الله} [ الأعراف: 54] إلى المحسنين، وآخر الحشر، بلغنا إنهن مكتوبات في زوايا العرش، وكان يقول: اكتبوهن لصبيانكم من الفزع واللمم.

.تفسير الآية رقم (164):

{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (164)}
أخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس قال: قالت قريش للنبي صلى الله عليه وسلم: «ادع الله أن يجعل لنا الصفا ذهباً نتقوّى به على عدوّنا، فأوحى الله إليه: إني معطيهم فأجعل لهم الصفا ذهباً، ولكن إن كفروا بعد ذلك عذبتهم عذاباً لا أعذبه أحداً من العالمين. فقال: رب دعني وقومي فادعوهم يوماً بيوم، فأنزل الله هذه الآية {إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر} وكيف يسألونك الصفا وهم يرون من الآيات ما هو أعظم من الصفا».
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن سعيد بن جبير قال: سألت قريش اليهود فقالوا: حدثونا عما جاءكم به موسى من الآيات، فأخبروهم أنه كان يبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى بإذن الله. فقالت قريش عند ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم «ادع الله أن يجعل لنا الصفا ذهباً فنزداد به يقيناً ونتقوّى به على عدونا، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم ربه. فأوحى الله إليه: إني معطيكم ذلك، ولكن إن كذبوا بعد عذبتهم عذاباً لا أعذبه أحداً من العالمين. فقال: ذرني وقومي فأدعوهم يوماً بيوم، فأنزل الله عليه {إن في خلق السماوات والأرض...} الآية. فخلق السموات والأرض، واختلاف الليل والنهار أعظم من أن أجعل الصفا ذهباً».
وأخرج وكيع والفريابي وآدم بن أبي أياس وسعيد بن منصور وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة والبيهقي في شعب الإِيمان عن أبي الضحى قال: لما نزلت {وإلهكم إله واحد} [البقرة: 163] عجب المشركون، وقالوا: إن محمداً يقول: وإلهكم إله واحد فليأتنا بآية إن كان من الصادقين! فأنزل الله: {إن في خلق السماوات والأرض...} الآية يقول: إن في هذه الآيات {لآيات لقوم يعقلون}.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عطاء قال: نزل على النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة {وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم} [ البقرة: 163] فقال كفار قريش بمكة: كيف يسع الناس إله واحد؟! فأنزل الله: {إن في خلق السماوات والأرض} إلى قوله: {لقوم يعقلون} فبهذا يعلمون أنه إله واحد، وأنه إله كل شيء، وخالق كل شيء.
أما قوله تعالى: {واختلاف الليل والنهار}.
أخرج أبو الشيخ في العظمة عن سلمان قال: الليل موكل به ملك يقال له شراهبل، فإذا حان وقت الليل أخذ خرزة سوداء فدلاها من قبل المغرب، فإذا نظرت إليها الشمس وجبت في أسرع من طرفة عين، وقد أمرت الشمس أن لا تغرب حتى ترى الخرزة، فإذا غربت جاء الليل، فلا تزال الخرزة معلقة حتى يجيء ملك آخر يقال له هراهيل بخرزة بيضاء فيعلقها من قبل المطلع، فإذا رآها شراهيل مد إليه خرزته وترى الشمس الخرزة البيضاء فتطلع، وقد أمرت أن لا تطلع حتى تراها، فإذا طلعت جاء النهار.
أما قوله تعالى: {والفلك التي تجري في البحر}.
أخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك في قوله: {والفلك} قال: السفينة.
أما قوله تعالى: {وبث فيها من كل دابة}.
أخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله: {وبث فيها من كل دابة} قال: بث خلق.
وأخرج الحاكم وصححه عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أقلوا الخروج إذا هدأت الرجل، إن الله يبث من خلقه بالليل ما شاء».
أما قوله تعالى: {وتصريف الرياح}.
أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {وتصريف الرياح} قال: إذا شاء جعلها رحمة للسحاب ونشراً بين يدي رحمته، وإذا شاء جعلها عذاباً ريحاً عقيماً لا تلقح.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي بن كعب قال: كل شيء في القرآن من الرياح فهي رحمة، وكل شيء في القرآن من الريح فهو عذاب.
وأخرج ابن أبي شيبة والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإِيمان عن أبي بن كعب قال: لا تسبوا الريح فإنها من نفس الرحمن. قوله: {وتصريف الرياح والسحاب المسخر} ولكن قولوا: اللهم أن نسألك من خير هذه الريح وخير ما فيها وخير ما أرسلت به، ونعوذ بك من شرها وشر ما أرسلت به.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الله بن شداد بن الهاد قال: الريح من روح الله، فإذا رأيتموها فاسألوا الله من خيرها وتعوذوا بالله من شرها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبدة عن أبيها قال: إن من الرياح رحمة ومنها رياح عذاب، فإذا سمعتم الرياح فقولوا: اللهم اجعلها رياح رحمة ولا تجعلها رياح عذاب.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس قال: الماء والريح جندان من جنود الله، والريح جند الله الأعظم.
وأخرج أبو الشيخ عن مجاهد قال: الريح لها جناحان وذنب.
وأخرج أبو عبيد وابن أبي الدنيا في كتاب المطر وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن ابن عمرو قال: الرياح ثمان: أربع منها رحمة، وأربع عذاب، فأما الرحمة فالناشرات، والمبشرات، والمرسلات، والذاريات. وأما العذاب فالعقيم، والصرصر وهما في البر، والعاصف، والقاصف، وهما في البحر.
وأخرج ابن أبي الدنيا وأبو الشيخ عن ابن عباس قال: الريح ثمان: أربع رحمة، وأربع عذاب. الرحمة المنتشرات، والمبشرات، والمرسلات، والرخاء. والعذاب العاصف، والقاصف، وهما في البحر، والعقيم، والصرصر وهما في البر.
وأخرج أبو الشيخ عن عيسى ابن أبي عيسى الخياط قال: بلغنا أن الرياح سبع: الصبا، والدبور، والجنوب، والشمال، والخروق، والنكباء، وريح القائم.
فأما الصبا فتجيء من المشرق، وأما الدبور فتجيء من المغرب، وأما الجنوب فيجيء عن يسار القبلة، وأما الشمال فتجيء عن يمين القبلة، وأما النكباء فبين الصبا والجنوب، وأما الخروق فبين الشمال والدبور، وأما ريح القائم فأنفاس الخلق.
وأخرج أبو الشيخ عن الحسن قال: جعلت الرياح على الكعبة، فإذا أردت أن تعلم ذلك فاسند ظهرك إلى باب الكعبة، فإن الشمال عن شمالك وهي مما يلي الحجر، والجنوب عن يمينك وهو مما يلي الحجر الأسود، والصبا مقابلك وهي مستقبل باب الكعبة، والدبور من دبر الكعبة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن حسين بن علي الجعفي قال: سألت إسرائيل بن يونس عن أي شيء سميت الريح؟ قال: على القبلة. شماله الشمال، وجنوبه الجنوب، والصبا ما جاء من قبل وجهها، والدبور ما جاء من خلفها.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ضمرة بن حبيب قال: الدبور والريح الغريبة، والقبول الشرقية، والشمال الجنوبية، واليمان القبلية، والنكباء تأتي من الجوانب الأربع.
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس قال: الشمال ما بين الجدي، والدبور ما بين مغرب الشمس إلى سهيل.
وأخرج أبو الشيخ عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الجنوب من ريح الجنة».
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب السحاب، وابن جرير وأبو الشيخ وابن مردويه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ريح الجنوب من الجنة وهي من اللواقح وفيها منافع للناس، والشمال من النار تخرج فتمر بالجنة، فتصيبها نفحة من الجنة فبردها من ذلك».
وأخرج ابن أبي شيبة وإسحق بن راهويه في مسنديهما والبخاري في تاريخه والبزار وأبو الشيخ عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله خلق في الجنة ريحاً بعد الريح بسبع سنين من دونها باب مغلق، وإنما يأتيكم الروح من خلل ذلك الباب، ولو فتح ذلك الباب لأذرت ما بين السماء والأرض، وهي عند الله الأزيب وعندكم الجنوب».
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس قال: الجنوب سيدة الأرواح واسمها عند الله الأزيب، ومن دونها سبعة أبواب، وإنما يأتيكم منها ما يأتيكم من خللها، ولو فتح منها باب واحد لأذرت ما بين السماء والأرض.
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس قال: الشمال ملح الأرض، ولولا الشمال لأنتنت الأرض.
وأخرج عبد الله بن أحمد بن حنبل في زوائد الزهد وأبو الشيخ في العظمة عن كعب قال: لو احتبست الريح عن الناس ثلاثة أيام لأنتن ما بين السماء والأرض.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الله بن المبارك قال: إن للريح جناحاً، وأن القمر يأوي إلى غلاف من الماء.
وأخرج أبو الشيخ عن عثمان الأعرج قال: إن مساكن الرياح تحت أجنحة الكروبيين حملة العرش، فتهيج فتقع بعجلة الشمس فتعين الملائكة على جرها، ثم تهيج من عجلة الشمس فتقع في البحر، ثم تهيج في البحر فتقع برؤوس الجبال، ثم تهيج من رؤوس الجبال فتقع في البر، فأما الشمال فإنها تمر بجنة عدن فتأخذ من عرف طيبها، ثم تأتي الشمال وحدها من كرسي بنات نعش إلى مغرب الشمس، وتأتي الدبور وحدها من مغرب الشمس إلى مطلع الشمس إلى كرسي بنات نعش، فلا تدخل هذه ولا هذه في حد هذه.
وأخرج الشافعي وابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجة والبيهقي في سننه عن أبي هريرة قال: أخذت لنا الريح بطريق مكة، وعمر حاج، فاشتدت فقال عمر لمن حوله: ما بلغكم في الريح؟ فقلت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «الريح من روح الله تأتي بالرحمة وبالعذاب، فلا تسبوها وسلوا الله من خيرها، وعوذوا بالله من شرها».
وأخرج الشافعي عن صفوان بن سليم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تسبوا الريح، وعوذوا بالله من شرها».
وأخرج البيهقي في شعب الإِيمان عن ابن عباس «أن رجلاً لعن الريح فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: لا تلعن الريح فإنها مأمورة، وأنه من لعن شيئاً ليس له بأهل رجعت اللعنة عليه».
وأخرج الشافعي وأبو الشيخ والبيهقي في المعرفة عن ابن عباس قال: «ما هبت ريح قط إلا جثا النبي صلى الله عليه وسلم على ركبتيه، وقال: اللهم اجعلها رحمة ولا تجعلها عذاباً، اللهم اجعلها رياحاً ولا تجعلها ريحاً» قال ابن عباس: والله إن تفسير ذلك في كتاب الله {أرسلنا عليهم ريحاً صرصراً} [ القمر: 19]. {أرسلنا عليهم الريح العقيم} [ النازعات: 41] وقال: {وأرسلنا الرياح لواقح} [ الحجر: 22]. {أن يرسل الرياح مبشرات} [ الروم: 46].
وأخرج الترمذي والنسائي وعبد الله بن أحمد في زوائد المسند عن أبي بن كعب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تسبوا الريح فإنها من روح الله تعالى، وسلوا الله خيرها وخير ما فيها وخير ما أرسلت به، وتعوذوا بالله من شرها وشر ما فيها وشر ما أرسلت به».
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد قال: هاجت ريح فسبوها. فقال ابن عباس: لا تسبوها فإنها تجيء بالرحمة وتجيء بالعذاب، ولكن قولوا: اللهم اجعلها رحمة ولا تجعلها عذاباً.
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو الشيخ عن عمر. أنه كان إذا عصفت الريح فدارت يقول: شدوا التكبير فإنها مذهبة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تسبوا الليل والنهار ولا الشمس ولا القمر ولا الريح، فأنها تبعث عذاباً على قوم ورحمة على آخرين».
أما قوله تعالى: {والسحاب المسخر بين السماء والأرض}.
أخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة والبيهقي في الأسماء والصفات وابن عساكر عن معاذ بن عبد الله بن حبيب الجهني قال: رأيت ابن عبّاس سأل تبيعا ابن امرأة كعب هل سمعت كعباً يقول في السحاب شيئاً؟ قال: نعم، سمعته يقول: إن السحاب غربال المطر، ولولا السحاب حين ينزل الماء من السماء لأفسد ما يقع عليه من الأرض. قال: وسمعت كعباً يذكر أن الأرض تنبت العام وتنبت نباتاً عاماً قابلاً غيره. وسمعته يقول: إن البذر ينزل من السماء مع المطر فيخرج في الأرض. قال ابن عباس: صدقت، وأنا قد سمعت ذلك من كعب.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عطاء قال: السحاب تخرج من الأرض.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن خالد بن معدان قال: أن في الجنة شجرة تثمر السحاب، فالسوداء منها الثمرة التي قد نضجت التي تحمل المطر، والبيضاء الثمرة التي لا تنضج لا تحمل المطر.
أخرج أبو الشيخ عن ابن عباس عن أبي المثنى أن الأرض قالت: رب أروني من الماء، ولا تنزله علي منهمراً كما أنزلته علي يوم الطوفان. قال: سأجعل لك السحاب غربالاً.
وأخرج أحمد وابن أبي الدنيا في كتاب المطر وأبو الشيخ عن الغفاري «سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ينشئ السّحاب فتنطق أحسن المنطق، وتضحك أحسن الضحك».
وأخرج أبو الشيخ عن عائشة «سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا أنشأت بحرية ثم تشامت فتلك عين، أو عام غديقة يعني مطراً كثيراً».
وأخرج الطبراني في الأوسط عن علي رضي الله عنه قال: أشد خلق ربك عشرة: الجبال، والحديد ينحت الجبال، النار تأكل الحديد، والماء يطفئ النار، والسحاب المسخر بين السماء والأرض يحمل الماء، والريح تنقل السحاب، والإِنسان يتقي الريح بيده ويذهب فيها لحاجته، والسكر يغلب الإِنسان، والنوم يغلب السكر، والهم يمنع النوم، فأشد خلق ربك الهم.
أخرج أبو الشيخ عن الحسن. أنه كان إذا نظر إلى السحاب قال فيه: والله رزقكم ولكنكم تحرمونه بذنوبكم.
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود والنسائي وابن ماجة عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى سحاباً ثقيلاً من أفق من آفاق ترك ما هو فيه وإن كان في صلاة حتى يستقبله، فيقول: «اللهم إنا نعوذ بك من شر ما أرسل به» فإن أمطر. قال: «اللهم سيبان نافعاً مرتين أو ثلاثاً»، وإن كشفه الله ولم يمطر حمد الله على ذلك.