فصل: تفسير الآية رقم (17):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور (نسخة منقحة)



.تفسير الآية رقم (16):

{تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (16)}
أخرج الترمذي وصححه وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه ومحمد بن نصر في كتاب الصلاة عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن هذه الآية {تتجافى جنوبهم عن المضاجع} نزلت في انتظار الصلاة التي تدعى العتمة.
وأخرج الفريابي وابن أبي حاتم وابن مردويه عن أنس بن مالك رضي الله عنه في قوله: {تتجافى جنوبهم عن المضاجع} قال: كانوا لا ينامون حتى يصلوا العشاء.
وأخرج البخاري في تاريخه وابن مردويه عن أنس رضي الله عنه قال نزلت {تتجافى جنوبهم عن المضاجع} في صلاة العشاء.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أنس رضي الله عنه قال: كنا نجتنب الفرش قبل صلاة العشاء.
وأخرج محمد بن نصر وابن جرير عن أبي سلمة رضي الله عنه في قوله: {تتجافى جنوبهم عن المضاجع} في صلاة العتمة.
وأخرج عبد الرزاق في المصنف وابن مردويه عن أنس رضي الله عنه قال: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم راقداً قبل العشاء ولا متحدثاً بعدها فإن هذه الآية نزلت في ذلك {تتجافى جنوبهم عن المضاجع}.
وأخرج ابن مردويه عن أنس رضي الله عنه قال: نزلت فينا معاشر الأنصار كنا نصلي المغرب فلا نرجع إلى رحالنا حتى نصلي العشاء مع النبي صلى الله عليه وسلم، فنزلت فينا {تتجافى جنوبهم عن المضاجع...}.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما «أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {تتجافى جنوبهم عن المضاجع} قال: هم الذي لا ينامون قبل العشاء، فأثنى عليهم، فلما ذكر ذلك جعل الرجل يعتزل فراشه مخافة أن تغلبه عينه، فوقتها قبل أن ينام الصغير ويكسل الكبير».
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {تتجافى جنوبهم عن المضاجع} قال: أنزلت في صلاة العشاء الآخرة، كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينامون حتى يصلوها.
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود ومحمد بن نصر وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في سننه عن أنس رضي الله عنه في قوله: {تتجافى جنوبهم عن المضاجع} قال: كانوا ينتظرون ما بين المغرب والعشاء يصلون.
وأخرج عبدالله بن أحمد بن حنبل في زوائد الزهد وابن عدي وابن مردويه عن مالك بن دينار رضي الله عنه قال: سألت أنس بن مالك رضي الله عنه عن هذه الآية {تتجافى جنوبهم عن المضاجع} قال: كان قوم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من المهاجرين الأولين يصلون المغرب ويصلون بعدها إلى عشاء الآخرة، فنزلت هذه الآية فيهم.
وأخرج البزار وابن مردويه عن بلال رضي الله عنه قال: كنا نجلس في المجلس وناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلون المغرب إلى العشاء، فنزلت {تتجافى جنوبهم عن المضاجع}.
وأخرج محمد بن نصر والبيهقي في سننه عن ابن المنكدر وأبي حازم في قوله: {تتجافى جنوبهم عن المضاجع} قالا: هي ما بين المغرب والعشاء صلاة الأوابين.
وأخرج محمد بن نصر عن عبد الله بن عيسى رضي الله عنه قال: كان ناس من الأنصار يصلون ما بين المغرب والعشاء، فنزلت فيهم {تتجافى جنوبهم عن المضاجع}.
وأخرج أحمد وابن جرير وابن مردويه عن معاذ بن جبل رضي الله عنه «عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: {تتجافى جنوبهم عن المضاجع} قال قيام العبد من الليل».
وأخرج أحمد والترمذي وصححه والنسائي وابن ماجة وابن نصر في كتاب الصلاة وابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في شعب الإِيمان عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: «كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر، فاصبحت يوماً قريباً منه ونحن نسير، فقلت: يا نبي الله اخبرني بعمل يدخلني الجنة، ويباعدني عن النار قال لقد سألت عن عظيم وانه اليسير على من يسره الله عليه. تعبد الله ولا تشرك به شيئاً، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت، ثم قال: ألا أدلك على أبواب الخير؟ الصوم جنة، والصدقة تطفئ الخطيئة، وصلاة الرجل في جوف الليل، ثم قرأ {تتجافى جنوبهم عن المضاجع} حتى بلغ {يعملون}، ثم قال: ألا أخبرك برأس الأمر، وعموده، وذروة سنامه؟ فقلت: بلى يا رسول الله قال: رأس الأمر الإِسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد، ثم قال ألا أخبرك بملاك ذلك كله؟ فقلت: بلى يا نبي الله، فأخذ بلسانه فقال: كف عنك هذا، فقلت: يا رسول الله وانا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال: ثكلتك أمك يا معاذ! وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم».
وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه قال: ذكر لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قيام الليل ففاضت عيناه حتى تحادرت دموعه، فقال: {تتجافى جنوبهم عن المضاجع}.
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً قال «يا رسول الله أخبرني بعمل أهل الجنة قال: قد سألت عن عظيم، وإنه ليسير على من يسره الله عليه. تعبد الله لا تشرك به شيئاً، وتؤدي الصلاة المكتوبة- ولا أدري ذكر الزكاة أم لا- وإن شئت أنبأتك، برأس هذا الأمر، وعموده، وذروة سنامه، رأسه الإِسلام من أسلم سلم، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله، والصيام جنة، والصدقة تمحو الخطيئة، وصلاة الرجل في جوف الليل، ثم تلا هذه الآية {تتجافى جنوبهم عن المضاجع}».
وأخرج ابن مردويه عن أنس رضي الله عنه في قوله: {تتجافى جنوبهم عن المضاجع} لا تمر عليهم ليلة إلا أخذوا منها بحظ.
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة ومحمد بن نصر وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله: {تتجافى جنوبهم عن المضاجع} قال: يقومون فيصلون بالليل.
وأخرج ابن نصر وابن جرير عن الحسن رضي الله عنه في قوله: {تتجافى جنوبهم عن المضاجع} قال: قيام الليل.
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد من طريق أبي عبد الله الجدلي عن عبادة بن الصامت عن كعب رضي الله عنه قال: إذا حشر الناس نادى مناد: هذا يوم الفصل أين الذين {تتجافى جنوبهم عن المضاجع؟} أين الذين {يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم؟} [ آل عمران: 191] ثم يخرج عنق من النار فيقول: أمرت بثلاث: بمن جعل مع الله إلهاً آخر. وبكل جبار عنيد. وبكل معتد، لأنا أعرف بالرجل من الوالد بولده، والمولود بوالده، ويؤمر بفقراء المسلمين إلى الجنة فيحسبون فيقولون: تحسبونا ما كان لنا أموال ولا كنا أمراء.
وأخرج محمد بن نصر وابن جرير عن الضحاك رضي الله عنه في قوله: {تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفاً وطمعاً} قال: هم قوم لا يزالوان يذكرون الله، إما في الصلاة، وإما قياماً، واما قعوداً، وإما إذا استيقظوا من منامهم. هم قوم لا يزالون يذكرون الله تعالى.
وأخرج البيهقي في شعب الإِيمان عن ربيعة الجرشي رضي الله عنه قال: يجمع الله الخلائق يوم القيامة في صعيد واحد، فيكونون ما شاء الله أن يكونوا، فينادي مناد: سيعلم أهل الجمع لمن العز اليوم والكرم، ليقم الذين {تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفاً وطمعاً} فيقومون وفيهم قلة، ثم يلبث ما شاء الله أن يلبث، ثم يعود فينادي سيعلم أهل الجمع لمن العز والكرم، ليقم الذين {لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله} [ النور: 37] فيقومون وهم أكثر من الأولين، ثم يلبث ما شاء الله أن يلبث، ثم يعود وينادي: سيعلم أهل الجمع لمن العز اليوم والكرم، ليقم الحمادون لله على كل حال، فيقومون وهم أكثر من الأولين.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما {تتجافى جنوبهم عن المضاجع} يقول: تتجافى لذكر الله كلما استيقظوا ذكروا الله. اما في الصلاة، وإما في قيام أو قعود، أو على جنوبهم، فهم لا يزالون يذكرون الله.

.تفسير الآية رقم (17):

{فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (17)}
أخرج الحاكم وصححه وابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين}.
وأخرج أبو عبيد في فضائله وسعيد بن منصور وابن أبي حاتم وابن الأنباري في المصاحف عن أبي هريرة رضي الله عنه {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين}.
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير ومحمد بن نصر وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والحاكم وصححه والبيهقي في البعث عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان عرش الله على الماء، فاتخذ جنة لنفسه، ثم اتخذ دونها أخرى، ثم أطبقهما لؤلؤة واحدة، ثم قال: ومن دونهما جنتان لم يعلم الخلق ما فيهما، وهي التي قال الله: {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون} يأتيهم فيها كل يوم تحفة.
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: إنه لمكتوب في التوراة «لقد أعد الله للذين تتجافى جنوبهم عن المضاجع ما لم ترَ عين، ولم تسمع أذن، ولم يخطر على قلب بشر، ولا يعلم ملك مقرب، ولا نبي مرسل، وإنه لفي القرآن {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين}».
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وهناد كلاهما في الزهد والبخاري ومسلم والترمذي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه وابن الأنباري عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «قال الله تعالى: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، قال أبو هريرة رضي الله عنه: اقرأوا إن شئتم {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين}».
وأخرج ابن أبي حاتم عن عامر بن عبد الواحد رضي الله عنه قال: بلغني أن الرجل من أهل الجنة يمكث في مكانه سبعين سنة، ثم يلتفت فإذا هو بامرأة أحسن مما كان فيه فتقول له: قد آن لك أن يكون لنا منك نصيب. فيقول: من أنت؟ فتقول: أنا مزيد، فيمكث معها سبعين سنة، ويلتفت فإذا هو بامرأة أحسن مما كان فيه فتقول: قد آن لك أن يكون لنا منك نصيب فيقول: من أنت؟ فتقول: أنا التي قال الله: {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين}.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عمر رضي الله عنه قال: إن الرجل من أهل الجنة ليجيء فيشرف عليه النساء فيقلن: يا فلان بن فلان ما أنت حين خرجت من عندنا بأولى بك منا فيقول: من أنتن؟! فيقلن: نحن من اللاتي قال الله: {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون}.
وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال: يدخلون عليهم على مقدار كل يوم من أيام الدنيا ثلاث مرات، معهم التحف من الله من جنات عدن مما ليس في جناتهم. وذلك قوله: {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن كعب قال: سأصف لكم منزل الرجل من أهل الجنة كان يطلب في الدنيا حلالاً، ويأكل حلالاً، حتى لقي الله على ذلك، فإنه يعطى يوم القيامة قصراً من لؤلؤة واحدة ليس فيها صدع ولا وصل، فيها سبعون ألف غرفة، وأسفل الغرف سبعون ألف بيت، في كل بيت سقفه صفائح الذهب والفضة ليس بموصول، ولولا أن الله سخر له النظر إليه لذهب بصره من نوره، عرض الحائط اثنا عشر ميلاً، وطوله في السماء سبعون ميلاً، في كل بيت سبعون ألف باب يدخل عليه، في كل بيت من كل باب سبعون ألف خادم لا يراهم من في هذا البيت، ولا من في هذا البيت، فإذا خرج في قصره صار في ملكه مثل عمر الدنيا، يسير في ملكه عن يمينه وعن يساره ومن ورائه، وأزواجه معه وليس معه ذكر غيره، ومن بين يديه ملائكة قد سخروا له بينه وبين أزواجه ستر، وبين يديه ستر ووصفاء ووصائف قد أفهموا ما يشتهي وما يشتهي أزواجه، ولا يموت هو ولا أزواجه ولا خدامه أبداً، نعيمهم يزداد كل يوم من غير أن يبلى الأول، وقرة عين لا تنقطع أبداً، لا يدخل عليه فيه روعة أبداً.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «والذي نفسي بيده لو أن آخر أهل الجنة رجلاً أضاف آدم فمن دونه، ووضع لهم طعاماً وشراباً حتى يخرجوا من عنده لا ينقصه ذلك مما أعطاه الله».
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد ومسلم والطبراني وابن جرير والحاكم وصححه وابن مردويه ومحمد بن نصر في كتاب الصلاة من طريق أبي صخر عن أبي حازم عن سهل بن سعد قال: «بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصف الجنة حتى انتهى، ثم قال» فيهما ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر «، ثم قرأ {تتجافى جنوبهم عن المضاجع...} قال أبو صخر: فذكرته للقرظي فقال: إنهم أخفوا عملاً، وأخفى الله لهم ثواباً، فقدموا على الله فقرت تلك الأعين».
وأخرج ابن جرير عن أبي اليمان الهذلي قال: الجنة مائة درجة، أولها درجة فضة، وأرضها فضة، وآنيتها فضة، وترابها المسك. والثانية ذهب، ومساكنها ذهب، وآنيتها ذهب، وترابها المسك. والثالثة لؤلؤ، وأرضها لؤلؤ، ومساكنها لؤلؤ، وآنيتها لؤلؤ، وترابها المسك. وسبع وتسعون بعد ذلك ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، وتلا هذه الآية {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين..}.
وأخرج ابن جرير والطبراني والحاكم وابن مردويه والبيهقي في شعب الإِيمان من طريق الحاكم بن أبان عن الغطريف عن جابر بن زيد عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم عن الروح الأمين قال: «يؤتى بحسنات العبد وسيئاته، فيقتص بعضها من بعض، فإن بقيت حسنة واحدة أدخله الله الجنة» قال: فدخلت على يزدان فحدث بمثل هذا فقلت: فإن ذهبت الحسنة؟ قال: {أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم} [ الأحقاف: 16] قلت: أفرأيت قوله: {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين} قال: هو العبد يعمل سراً أسره إلى الله لم يعلم به الناس، فأسر الله له يوم القيامة {قرة أعين}.
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن أدنى أهل الجنة حظاً قوم يخرجهم الله من النار برحمته بعد أن يحترقوا، يرتاح لهم الرب أنهم كانوا لا يشركون بالله شيئاً، فينبذون بالعراء فينبتون كما ينبت البقل حتى إذا رجعت الأرواح إلى أجسادها قالوا: ربنا كالذي أخرجتنا من النار ورجعت الأرواح إلى أجسادنا فاصرف وجوهنا عن النار، فيصرف وجوههم عن النار، ويضرب لهم شجرة ذات ظل وفيء فيقولون: ربنا كالذي أخرجتنا من النار فانقلنا إلى ظل هذه الشجرة، فينقلهم إليها، فيرون أبواب الجنة فيقولن: ربنا كالذي أخرجتنا من النار فانقلنا إلى أبواب الجنة، فيفعل فإذا نظروا إلى ما فيها من الخيرات والبركات قال: وقرأ أبو هريرة رضي الله عنه {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين} قالوا: ربنا كالذي أخرجتنا من النار فادخلنا الجنة قال: فيدخلون الجنة، ثم يقال لهم: تمنوا فيقولون: يا رب اعطنا حتى إذا قالوا: يا ربنا حسبنا قال: هذا لكم وعشرة أمثاله».
وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم والترمذي وابن جرير والطبراني وأبو الشيخ في العظمة وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم «أن موسى عليه السلام سأل ربه فقال: رب أي أهل الجنة أدنى منزلة؟ فقال: رجل يجيء بعدما دخل أهل الجنة الجنة فيقال له: ادخل. فيقول: كيف ادخل وقد نزلوا منازلهم، وأخذوا أخذاتهم؟ فيقال له: اترضى أن يكون لك مثل ما كان لملك من ملوك الدنيا؟ فيقول: نعم. أي رب قد رضيت فيقال له: فإن لك هذا وعشرة أمثاله معه فيقول: أي رب رضيت فيقال له: فإن لك من هذا ما اشتهت نفسك، ولذت عينك، فقال موسى عليه السلام: أي رب فأي أهل الجنة ارفع منزله؟ قال: إياها أردت وسأحدثك عنهم إني غرست كرامتهم بيدي، وختمت عليها فلا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، قال: ومصداق ذلك في كتاب الله تعالى {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين}».