فصل: تفسير الآية رقم (235):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور (نسخة منقحة)



.تفسير الآية رقم (234):

{وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (234)}
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه والبيهقي في سننه عن ابن عباس في قوله: {والذين يتوفون} الآية. قال: كان الرجل إذا مات وترك امرأته اعتدت سنة في بيته ينفق عليها من ماله، ثم أنزل الله: {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشراً} فهذه عدة المتوفى عنها إلا أن تكون حاملاً فعدتها أن تضع ما في بطنها. وقال في ميراثها {ولهن الربع مما تركتم} [ النساء: 12] فبين ميراث المرأة، وترك الوصية والنفقة {فإذا بلغن أجلهن فلا جناح عليكم} يقول: إذا طلقت المرأة أو مات عنها، فإذا انقضت عدتها فلا جناح عليها أن تتزين وتتصنع وتتعرض للتزويج، فذلك المعروف.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي العالية قال: ضمت هذه الأيام العشر إلى الأربعة أشهر، لأن العشر فيه ينفخ فيه الروح.
وأخرج ابن جرير عن قتادة قال: سألت سعيد بن المسيب ما بال العشر؟ قال: فيه ينفخ الروح.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ربيعة ويحيى بن سعيد. أنهما قالا في قوله: {وعشراً} عشر ليال.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله: {فإذا بلغن أجلهن} يقول: إذا انقضت عدتها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن شهاب في قوله: {فلا جناح عليكم} يعني أولياءها.
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد والبخاري وأبو داود والنسائي وابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم والبيهقي من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشراً} قال: كانت هذه العدة تعتد عند أهل زوجها واجباً عليها، فأنزل الله: {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً وصية لأزواجهم متاعاً إلى الحول غير إخراج فإن خرجن فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن من معروف} [ البقرة: 240] قال: فجعل الله لها تمام السنة سبعة أشهر وعشرين ليلة وصية، إن شاءت سكنت في وصيتها، وإن شاءت خرجت. وهو قول الله: {غير إخراج} وقال عطاء: قال ابن عباس: نسخت هذه الآية عدتها في أهله، فتعتد حيث شاءت. وهو قول الله: {غير إخراج} قال عطاء: إن شاءت اعتدت عند أهله وسكنت في وصيتها، وإن شاءت خرجت، لقول الله: {فإن خرجن فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن} قال عطاء: ثم جاء الميراث فنسخ السكنى، فتعتد حيث شاءت ولا سكنى لها.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم عن ابن عباس. أنه كره للمتوفى عنها زوجها، الطيب والزينة. وقال: إنما قال الله: {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشراً} ولم يقل: في بيوتكم، تعتد حيث شاءت.
وأخرج مالك وعبد الرزاق وابن سعد وأبو داود والترمذي وصححه والنسائي وابن ماجة والحاكم وصححه عن الفريعة بنت مالك بن سنان وهي أخت أبي سعيد الخدري. «أنها جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تسأله أن ترجع إلى أهلها في بني خدرة، وأن زوجها خرج في طلب أعبد لها أبقوا حتى إذا تطرّف القدوم لحقهم فقتلوه. قالت: فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ارجع إلى أهلي، فإن زوجي لم يتركني في منزل يملكه ولا نفقة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم» نعم «فانصرفت حتى إذا كنت في الحجرة أو في المسجد فدعاني، أو أمر بي فدعيت فقال: كيف قلت؟ قالت: فرددت عليه القصة التي ذكرت له من شأن زوجي. فقال: امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله. قالت: فاعتددت فيه أربعة أشهر وعشراً. قالت: فلما كان عثمان بن عفان أرسل إلي فسألني عن ذلك فأخبرته، فاتبعه وقضى به».
وأخرج مالك وعبد الرزاق عن عمر بن الخطاب: أنه كان يرد المتوفى عنهن أزواجهن من البيداء يمنعهن من الحج.
وأخرج مالك وعبد الرزاق عن ابن عمر قال: لا تبيت المتوفى عنها زوجها ولا المبتوتة إلا في بيتها.
وأخرج مالك وعبد الرزاق والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي من طريق حميد بن نافع عن زينب بنت أبي سلمة. أنها أخبرته هذه الأحاديث الثلاثة قالت زينب: دخلت على أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم حين توفي أبوها سفيان بن حرب، فدعت بطيب فيه صفرة خلوق أو غيره فأدهنت به جارية، ثم مست به بطنها، ثم قالت: والله ما لي بالطيب من حاجة غير أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر «لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث ليال إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً» وقالت زينب: دخلت على زينب بنت جحش حين توفي أخوها عبد الله فمسحت منه، ثم قالت: والله ما لي بالطيب من حاجة غير أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر «لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر، أن تحد على ميت فوق ثلاث ليال، إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا» وقالت زينب: سمعت أمي أم سلمة تقول: جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، إن ابنتي توفي عنها زوجها وقد اشتكت عينها أفنكحلها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا، مرتين أو ثلاثاً كل ذلك يقول: لا، ثم قال: إنما هي أربعة أشهر وعشر وقد كانت إحداكن في الجاهلية ترمي بالبعرة عند رأس الحول قال حميد: فقلت لزينب: وما ترمي بالبعرة عند رأس الحول؟ فقالت زينب: كانت المرأة إذا توفي عنها زوجها دخلت حفشاً ولبست شَرَّ ثيابها، ولم تمس طيباً ولا شيئاً حتى تمر بها سنة، ثم تؤتى بدابة حمار أو شاة أو طائر فتقتض به، فقلما تقتض بشيء إلا مات، ثم تخرج فتعطى بعرة فترمي بها، ثم تراجع بعد ذلك ما شاءت من طيب أو غيره.
وأخرج مالك ومسلم من طريق صفية بنت أبي عبيد عن عائشة وحفصة أمي المؤمنين رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً» وقد أخرج النسائي وابن ماجة حديث صفية عن حفصة وحدها، وحديث عائشة من طريق عروة عنها.
وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة عن أم عطية قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم «لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً، فإنها لا تكتحل، ولا تلبس ثوباً مصبوغاً إلا ثوب عصب، ولا تمس طيباً إلا إذا طهرت نبذة من قسط أو اظفار».
وأخرج أبو داود والنسائي عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «المتوفى عنها زوجها لا تلبس المعصفر من الثياب، ولا الممشقة، ولا الحلي، ولا تختضب، ولا تكتحل».
وأخرج أبو داود والنسائي عن أم سلمة قالت «دخل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم حين توفي أبو سلمة وقد جعلت على عيني صبراً، قال: ما هذا يا أم سلمة؟ قلت: إنما هو صبر يا رسول الله ليس فيه طيب. قال: إنه يشب الوجه فلا تجعليه إلا بالليل، ولا تمتشطي بالطيب ولا بالحناء فإنه خضاب. قلت: بأي شيء امتشط يا رسول الله؟ قال: بالسدر تغلفين به رأسك».
وأخرج مالك عن سعيد عن المسيب وسليمان بن يسار قالا: عدة الأمة إذا توفي عنها زوجها شهران وخمس ليال.
وأخرج مالك عن ابن عمر قال: عدة أم الولد إذا هلك سيدها حيضة.
وأخرج مالك عن القاسم بن محمد قال: عدة أم الولد إذا توفي عنها سيدها حيضتان.
وأخرج مالك عن القاسم بن محمد، أن يزيد بن عبد الملك فرق بين رجال ونسائهم أمهات لأولاد رجال هلكوا، فتزوجوهن بعد حيضة أو حيضتين، ففرق بينهم حتى يعتددن أربعة أشهر وعشراً. قال القاسم بن محمد: سبحان الله! يقول الله في كتابه {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً} ما هن لهم بأزواج.
وأخرج أحمد وأبو داود وابن ماجة والحاكم وصححه عن عمرو بن العاص قال: لا تلبسوا علينا سنة نبينا في أم الولد، إذا توفي عنها سيدها عدتها أربعة أشهر وعشر.

.تفسير الآية رقم (235):

{وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ (235)}
أخرج وكيع والفريابي وعبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد والبخاري وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عباس في قوله: {ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء} قال: التعريض أن يقول إني أريد التزويج، وإني لأحب امرأة من أمرها وأمرها، وإن من شأني النساء لوددت أن الله يسر لي امرأة صالحة من غير أن ينصب لها.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في الآية قال: يعرض لها في عدتها يقول لها: إن رأيت أن لا تسبقيني بنفسك ولوددت أن الله قد هيأ بيني وبينك، ونحو هذا من الكلام فلا حرج.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس {ولا جناح عليكم فيما عرضتم} قال: يقول: إني فيك لراغب، ولوددت أني تزوجتك حتى يعلمها أنه يريد تزويجها، من غير أن يوجب عقدة أو يعاهدها على عهد.
وأخرج مالك والشافعي وابن أبي شيبة والبيهقي عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه. أنه كان يقول في قول الله: {ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء} أن يقول الرجل للمرأة وهي في عدتها: إنك علي لكريمة، وإني فيك لراغب، والله سائق إليك خيراً أو رزقاً، أو نحو هذا من القول.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن إبراهيم قال: لا بأس بالهدية في تعريض النكاح.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الحسن في قوله: {أو أكننتم} قال: أسررتم.
وأخرج عبد الرزاق عن الضحاك. مثله.
وأخرج ابن جرير عن السدي في قوله: {أو أكننتم في أنفسكم} قال: أن يدخل فيسلم ويهدي إن شاء ولا يتكلم بشيء.
وأخرج وكيع وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير عن الحسن في قوله: {علم الله أنكم ستذكرونهن} قال: بالخطبة.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن مجاهد في قوله: {علم الله أنكم ستذكرونهن} قال: ذكره إياها في نفسه.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {ولكن لا تواعدوهن سراً} قال: لا يقول لها إني عاشق وعاهديني أن لا تتزوجي غيري، ونحو هذا {إلا أن تقولوا قولاً معروفاً} وهو قوله: إن رأيت أن لا تسبقيني بنفسك.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله: {ولكن لا تواعدوهن سراً} قال: الزنا، كان الرجل يدخل من أجل الزنا وهو يعرض بالنكاح.
وأخرج عبد الرزاق عن الحسن وأبي مجلز والنخعي. مثله.
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله: {لا تواعدوهن سراً} قال: السر: الجماع. قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم، أما سمعت قول امرئ القيس:
ألا زعمت بسباسة اليوم أنني ** كبرت وأن لا يحسن السر أمثالي

وأخرج البيهقي عن مقاتل بن حيان قال: بلغنا أن معنى {لا تواعدوهن سراً} الرفث من الكلام، أي لا يواجهها الرجل في تعريض الجماع من نفسه.
وأخرج عبد الرزاق عن مجاهد في قوله: {لا تواعدوهن سراً} قال: الذي يأخذ عليها عهداً أو ميثاقاً أن تحبس نفسها ولا تنكح غيره.
وأخرج عن سعيد بن جبير. مثله.
وأخرج سفيان وابن أبي شيبة عن مجاهد في قوله: {لا تواعدوهن سراً} قال: لا يخطبها في عدتها {إلا أن تقولوا قولاً معروفاً} قال: يقول: إنك لجميلة، وإنك لفي منصب، وإنك لمرغوب فيك.
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن ابن عباس في قوله: {إلا أن تقولوا قولاً معروفاً} قال: يقول: إنك لجميلة، وإنك لإِلى خير، أو أن النساء من حاجتي.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {ولا تعزموا عقدة النكاح} قال: لا تنكحوا حتى يبلغ الكتاب أجله قال: حتى تنقضي العدة.
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة عن مجاهد. مثله.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن أبي مالك {ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله} قال: لا يواعدها في عدتها: إني أتزوّجك حين تنقضي عدتك.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة {واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه} قال: وعيد.