فصل: تفسير الآية رقم (3):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور (نسخة منقحة)



.تفسير الآية رقم (3):

{الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3)}
أخرج جرير عن قتادة {هدى للمتقين} قال: نعتهم ووصفهم بقوله: {الذين يؤمنون بالغيب} الآية.
وأخرج ابن إسحاق وابن جرير عن ابن عباس في قوله: {الذين يؤمنون} قال: يصدقون {بالغيب} قال: بما جاء منه، يعني من الله.
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود في قوله: {الذين يؤمنون بالغيب} قال: هم المؤمنون من العرب قال: و {الإِيمان} التصديق و {الغيب} ما غاب عن العباد من أمر الجنة والنار، وما ذكر الله في القرآن لم يكن تصديقهم بذلك من قبل أصحاب الكتاب، أو علم كان عندهم {يؤمنون بما أنزل إليك} هم المؤمنون من أهل الكتاب، ثم جمع الفريقين فقال: {أولئك على هدى} الآية.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله: {الذين يؤمنون بالغيب} قال: بالله وملائكته، ورسله، واليوم الآخر، وجنته وناره، ولقائه، والحياة بعد الموت.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله: {الذين يؤمنون بالغيب} قال: آمنوا بالبعث بعد الموت، والحساب، والجنة والنار، وصدقوا بموعود الله الذي وعد في هذا القرآن.
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله عز وجل {الذين يؤمنون بالغيب} قال: ما غاب عنهم أمر الجنة والنار قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم أما سمعت أبا سفيان بن الحرث يقول:
وبالغيب آمنا وقد كان قومنا ** يصلون للأوثان قبل محمد

وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني وابن منده وأبو نعيم كلاهما في معرفة الصحابة عن تويلة بنت أسلم قالت: «صليت الظهر أو العصر في مسجد بني حارثة، فاستقبلنا مسجد ايلياء فصلينا سجدتين ثم جاءنا من يخبرنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد استقبل البيت الحرام، فتحوّل الرجال مكان النساء، والنساء مكان الرجال، فصلينا السجدتين الباقيتين، ونحن مستقبلو البيت الحرام. فبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك فقال» أولئك قوم آمنوا بالغيب «».
وأخرج سفيان بن عيينة وسعيد بن منصور وأحمد بن منيع في مسنده وابن أبي حاتم وابن الأنباري في المصاحف والحاكم وصححه وابن مردويه عن الحرث بن قيس أنه قال لابن مسعود: عند الله يحتسب ما سبقتمونا به يا أصحاب محمد من رؤية رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال ابن مسعود: عند الله يحتسب إيمانكم بمحمد صلى الله عليه وسلم ولم تروه! إن أمر محمد كان بيِّناً لمن رآه. والذي لا إله غيره. من آمن أحد أفضل من إيمان بغيب. ثم قرأ {الم ذلك الكتاب لا ريب فيه} [ البقرة: 12] إلى قوله: {المفلحون} [ البقرة: 5].
وأخرج البزار وأبو يعلي والمرهبي في فضل العلم والحاكم وصححه عن عمر بن الخطاب قال: كنت جالساً مع النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «انبئوني بأفضل أهل الإِيمان إيماناً؟ قالوا: يا رسول الله الملائكة...؟ قال: هم كذلك، ويحق لهم، وما يمنعهم وقد أنزلهم الله المنزلة التي أنزلهم بها قالوا: يا رسول الله الأنبياء الذين أكرمهم الله برسالاته والنّبوة! قال: هم كذلك، ويحق لهم، وما يمنعهم وقد أنزلهم الله المنزلة التي أنزلهم بها قالوا: يا رسول الله الشهداء الذين استشهدوا مع الأنبياء... ! قال: هم كذلك، ويحق لهم، وما يمنعهم وقد أكرمهم الله بالشهادة مع الأنبياء. بل غيرهم قالوا: فمن يا رسول الله؟! قال: أقوام في أصلاب الرجال، يأتون من بعدي، يؤمنون بي ولم يروني، ويصدقوني ولم يروني، يجدون الورق المعلق فيعملون بما فيه، فهؤلاء أفضل أهل الإيمان إيماناً».
وأخرج الحسن بن عروة في حزبه المشهور والبيهقي في الدلائل والأصبهاني في الترغيب عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أي الخلق أعجب إليكم إيماناً؟ قالوا: الملائكة... قال: وما لهم لا يؤمنون، وهم عند ربهم. قالوا: فالأنبياء... قال: فما لهم لا يؤمنون، والوحي ينزل عليهم. قالوا: فنحن... قال: وما لكم لا تؤمنون وأنا بين أظهركم، ألا إن أعجب الخلق إلي إيماناً، لقوم يكونون من بعدكم يجدون صحفاً فيها كتاب يؤمنون بما فيه».
وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال: أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً فقال: «ما من ماء ما من ماء؟ قالوا: لا. قال: فهل من شن؟ فجاؤوا بالشن، فوضع بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووضع يده عليه ثم فرق أصابعه، فنبع الماء مثل عصا موسى من بين أصابع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا بلال اهتف بالناس بالوضوء، فأقبلوا يتوضأون من بين أصابع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت همة ابن مسعود الشرب، فلما توضأوا صلى بهم الصبح، ثم قعد للناس فقال: يا أيها الناس من أعجب الخلق إيماناً؟ قالوا: الملائكة. قال: وكيف لا تؤمن الملائكة وهم يعاينون الأمر! قالوا: فالنبيون يا رسول الله. قال: وكيف لا يؤمن النبيون والوحي ينزل عليهم من السماء! قالوا: فأصحابك يا رسول الله فقال: وكيف لا تؤمن أصحابي وهم يرون ما يرون، ولكن أعجب الناس إيماناً، قوم يجيئون بعدي يؤمنون بي ولم يروني، ويصدقوني ولم يروني أولئك اخواني».
وأخرج الإسماعيلي في معجمه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أي شيء أعجب إيماناً؟ قيل: الملائكة... فقال كيف وهم في السماء يرون من الله ما لا ترون! قيل: فالأنبياء... قال: كيف وهم يأتيهم الوحي؟ قالوا: فنحن... قال: كيف وأنتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله! ولكن قوم يأتون من بعدي، يؤمنون بي ولم يروني، أولئك أعجب إيماناً، وأولئك إخواني، وأنتم أصحابي».
وأخرج البزار عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أي الخلق أعجب إيماناً؟ قالوا الملائكة.. قال: الملائكة... كيف لا يؤمنون؟ قالوا: النبيون... قال: النبيون يوحى إليهم فكيف لا يؤمنون؟ ولكن أعجب الناس إيماناً، قوم يجيئون من بعدكم، فيجدون كتاباً من الوحي، فيؤمنون به ويتبعونه. فهؤلاء أعجب الناس إيماناً».
وأخرج ابن أبي شيبة في مسنده عن عوف بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا ليتني قد لقيت إخواني؟ قالوا يا رسول الله ألسنا إخوانك وأصحابك: قال: بلى. ولكن قوماً يجيئون من بعدكم، يؤمنون بي إيمانكم، ويصدقوني تصديقكم، وينصروني نصركم. فيا ليتني قد لقيت إخواني».
وأخرج ابن عساكر في الأربعين السباعية من طريق أبي هدبة وهو كذاب عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليتني قد لقيت إخواني؟ فقال له رجل من أصحابه: أولسنا إخوانك؟ قال: بلى أنتم أصحابي، وإخواني قوم يأتون من بعدي، يؤمنون بي ولم يروني، ثم قرأ {الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة}».
وأخرج أحمد والدارمي والباوردي وابن قانع معاً في معجم الصحابة والبخاري في تاريخه والطبراني والحاكم عن أبي جمعة الأنصاري قال: «قلنا يا رسول الله هل من قوم أعظم من أجراً؟ آمنا بك، واتبعناك. قال: ما يمنعكم من ذلك ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهركم، يأتيكم الوحي من السماء! بل قوم يأتون من بعدي، يأتيهم كتاب بين لوحين، فيؤمنون به، ويعملون بما فيه، أولئك أعظم أجراً».
وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي عمر وأحمد والحاكم عن أبي عبد الرحمن الجهني قال: «بينا نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ طلع راكبان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كنديان، أو مذحجيان، حتى أتيا فإذا رجلان من مذحج فدنا أحدهما ليبايعه، فلما أخذ بيده قال: يا رسول الله أرأيت من آمن بك واتبعك وصدقك، فماذا له؟ قال: طوبى له، فمسح على يده وانصرف. ثم جاء الآخر حتى أخذ على يده ليبايعه فقال: يا رسول الله أرأيت من آمن بك وصدقك واتبعك ولم يرك؟ قال: طوبى له. ثم مسح على يده وانصرف».
وأخرج الطيالسي وأحمد والبخاري في تاريخه والطبراني والحاكم عن أبي أمامة الباهلي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «طوبى لمن رآني وآمن بي، وطوبى لمن آمن بي ولم يراني سبع مرات».
وأخرج أحمد وابن حبان عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم «أن رجلاً قال: يارسول الله طوبى لمن رآك وآمن بك. قال: طوبى لمن رآني وآمن بي، وطوبى ثم طوبى ثم طوبى لمن آمن بي ولم يرني».
وأخرج الطيالسي وعبد بن حميد عن نافع قال: جاء رجل إلى ابن عمر فقال: يا أبا عبد الرحمن رأيتم رسول الله صلى الله عليه وسلم بأعينكم هذه؟ قال: نعم قال: طوبى لكم. فقال ابن عمر: ألا أخبرك بشيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: بلى. قال: سمعته يقول: «قال طوبى لمن رآني وآمن بي، وطوبى لمن آمن بي ولم يرني ثلاث مرات».
وأخرج أحمد وأبو يعلي والطبراني عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «طوبى لمن رآني وآمن بي، وطوبى لمن آمن بي ولم يرني سبع مرات».
وأخرج الحاكم عن أبي هريرة مرفوعاً: «أن ناساً من أمتي يأتون بعدي، يودّ أحدهم لو اشترى رؤيتي بأهله وماله».
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن إسحاق عن ابن عباس في قوله: {ويقيمون الصلاة} قال: الصلوات الخمس {ومما رزقناهم ينفقون} قال: زكاة أموالهم.
وأخرج ابن إسحاق وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {ويقيمون الصلاة} قال: يقيمونها بفروضها {ومما رزقناهم ينفقون} قال: يؤدّون الزكاة احتساباً لها.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال: إقامة الصلاة إتمام الركوع، والسجود، والتلاوة، والخشوع، والإِقبال، عليها فيها.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله: {يقيمون الصلاة} قال: إقامة الصلاة المحافظة على مواقيتها، ووضوئها، وركوعها، وسجودها {ومما رزقناهم ينفقون} قال: انفقوا في فرائض الله التي افترض الله عليهم، في طاعته وسبيله.
وأخرج ابن المنذر عن سعيد بن جبير في قوله: {ومما رزقناهم ينفقون} قال: إنما يعني الزكاة خصة، دون سائر النفقات. لا يذكر الصلاة إلا ذكر معها الزكاة، فإذا لم يسم الزكاة قال في أثر ذكر الصلاة {ومما رزقناهم ينفقون}.
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود في قوله: {ومما رزقناهم ينفقون} قال: هي نفقة الرجل على أهله.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك في قوله: {ومما رزقناهم ينفقون} قال: كانت النفقات قرباناً يتقربون بها إلى الله على قدر ميسورهم وجهدهم، حتى نزلت فرائض الصدقات في سورة براءة. هن الناسخات المبينات.

.تفسير الآيات (4- 5):

{وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4) أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (5)}
أخرج ابن إسحاق وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك} أي يصدقونك بما جئت به من الله، وما جاء به من قبلك من المرسلين، لا يفرقون بينهم ولا يجحدون ما جاؤوهم به من ربهم {وبالآخرة هم يوقنون} أي بالبعث، والقيامة، والجنة، والنار، والحساب، والميزان، أي لا هؤلاء الذين يزعمون أنهم آمنوا بما كان قبلك ويكفرون بما جاءك من ربك.
واخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله: {والذين يؤمنون بما أنزل إليك} قال: هو الفرقان الذي فرق الله به بين الحق والباطل {وما أنزل من قبلك} أي الكتب التي قد خلت قبله {أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون} قال: استحقوا الهدى والفلاح بحق، فأحقه الله لهم، وهذا نعت أهل الإِيمان، ثم نعت المشركين فقال: {إن الذين كفروا سواء عليهم} [ البقرة: 6] الآيتين.
وأخرج عبد الله بن أحمد بن حنبل في زوائد المسند والحاكم والبيهقي في الدعوات عن أبيّ بن كعب قال: «كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فجاء اعرابي فقال: يا نبي الله إن لي أخاً وبه وجع قال: وما وجعه؟ قال: به لمم قال: فائتني به. فوضعه بين يديه فعوّذه النبي صلى الله عليه وسلم بفاتحة الكتاب، وأربع آيات من أوّل سورة البقرة، وهاتين الآيتين {وإلهكم إله واحد} [ البقرة: 163] وآية الكرسي، وثلاث آيات من آخر سورة البقرة، وآية من آل عمران {شهد الله أنه لا إله إلا هو} [ آل عمران: 18] وآية من الأعراف {إن ربكم الله} [ الآعراف: 54] وآخر سورة المؤمنين {فتعالى الله الملك الحق} [ المؤمنون: 116] وآية من سورة الجن {وأنه تعالى جدُّ ربنا} [ الجن: 3] وعشر آيات من أوّل الصافات، وثلاث آيات من آخر سورة الحشر، و {قل هو الله أحد} و(المعوّذتين) فقام الرجل كأنه لم يشك قط».
وأخرج ابن السني في عمل اليوم والليلة من طريق عبد الرحمن بن أبي ليلى عن رجل عن أبيه. مثله سواء.
وأخرج الدارمي وابن الضريس عن ابن مسعود قال: من قرأ أربع آيات من أول سورة البقرة، وآية الكرسي، وآيتين بعد آية الكرسي، وثلاثاً من آخر سورة البقرة، لم يقربه ولا أهله يومئذ شيطان، ولا شيء يكرهه في أهله ولا ماله، ولا يقرأن على مجنون إلاَّ أفاق.
وأخرج الدارمي وابن المنذر والطبراني عن ابن مسعود قال: من قرأ عشر آيات من سورة البقرة في ليلة لم يدخل ذلك البيت شيطان تلك الليلة حتى يصبح. أربع من أولها، وآية الكرسي، وآيتان بعدها، وثلاث خواتيمها. أولها {لله ما في السماوات} [ البقرة: 284].
وأخرج سعيد بن منصور والدارمي والبيهقي في شعب الإِيمان عن المغيرة بن سبيع وكان من أصحاب عبد الله قال: من قرأ عشر آيات من البقرة عند منامه لم ينس القرآن. أربع آيات من أوّلها، وآية الكرسي، وآيتان بعدها، وثلاث من آخرها.
وأخرج الطبراني والبيهقي في الشعب عن ابن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا مات أحدكم فلا تحبسوه وأسرعوا به إلى قبره، وليقرأ عند رأسه بفاتحة البقرة، وعند رجليه بخاتمة سورة البقرة، في قبره».
وأخرج الطبراني في الكبير عن عبد الرحمن بن العلاء بن اللجلاج قال: قال لي أبي: يا بني إذا وضعتني في لحدي فقل: بسم الله، وعلى ملة رسول الله. ثم سن علي التراب سناً، ثم اقرأ عند رأسي بفاتحة البقرة وخاتمتها. فأني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك.
وأخرج ابن النجار في تاريخه من طريق محمد بن علي المطلبي عن خطاب بن سنان عن قيس بن الربيع عن ثابت بن ميمون عن محمد بن سيرين قال: نزلنا يسيري فأتانا أهل ذلك المنزل فقالوا: ارحلوا فانه لم ينزل عندنا هذا المنزل أحد إلا اتخذ متاعه فرحل أصحابي وتخلفت للحديث الذي حدثني ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من قرأ في ليلة ثلاثاً وثلاثين آية لم يضره في تلك الليلة سبع ضار، ولا لص طار، وعوفي في نفسه، وأهله، وماله حتى يصبح».
فلما أمسينا لم أنم حتى رأيتهم قد جاءوا أكثر من ثلاثين مرة، مخترطين سيوفهم فما يصلون إلي، فلما أصبحت رحلت فلقيني شيخ منهم فقال: يا هذا إنسي أم جني؟ قلت: بل إنسي! قال: فما بالك.. ! لقد أتيناك أكثر من سبعين مرة كل ذلك يحال بيننا وبينك بسور من حديد.
فذكرت له الحديث، والثلاث وثلاثون آية، أربع آيات من أول البقرة إلى قوله: {المفلحون} وآية الكرسي، وآيتان بعدها إلى سورة قوله: {خالدون} [ البقرة: 257] والثلاث آيات من آخر البقرة {لله ما في السماوات وما في الأرض} [ البقرة: 284] إلى آخرها وثلاث آيات من الأعراف {إن ربكم الله} إلى قوله: {من المحسنين} [ الأعراف: 5457] وآخر بني إسرائيل {قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن} [ الإِسراء: 110] إلى آخرها، وعشر آيات من أوّل الصافات إلى قوله: {لازب} وآيتان من الرحمن {يا معشر الجن والإِنس} إلى قوله: {فلا تنتصران} [ الرحمن: 3334] ومن آخر الحشر {لو أنزلنا هذا القرآن على جبل} [ الحشر: 21] إلى آخر السورة، وآيتان من {قل أوحي} إلى {وأنه تعالى جد ربنا ما اتخذ صاحبة} إلى قوله: {شططاً} [ الجن: 14].
فذكرت هذا الحديث لشعيب بن حرب فقال لي: كنا نسميها آيات الحرب، ويقال: إن فيها شفاء من كل داء. فعدّ عليّ الجنون، والجذام، والبرص، وغير ذلك. قال محمد بن علي: فقرأتها على شيخ لنا قد فلج حتح أذهب الله عنه ذلك.
وأخرج البيهقي في شعب الإِيمان عن ابن مسعود قال: من قرأ عشر آيات من سورة البقرة أوّل النهار لا يقربه شيطان حتى يمسي، وإن قرأها حين يمسي لم يقربه حتى يصبح، ولا يرى شيئاً يكرهه في أهله وماله، وإن قرأها على مجنون أفاق. أربع آيات من أوّلها، وآية الكرسي، وآيتان بعدها، وثلاث آيات من آخرها.