فصل: تفسير الآية رقم (93):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور (نسخة منقحة)



.تفسير الآية رقم (93):

{وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا (93)}
أخرج ابن جريج وابن المنذر من طريق ابن جريج عن عكرمة أن رجلاً من الأنصار قتل أخاً مقيس بن ضبابة، فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم الدية فقبلها، ثم وثب على قاتل أخيه فقتله. قال ابن جريج، وقال غيره: ضرب النبي صلى الله عليه وسلم ديته على بني النجار، ثم بعث مقيساً، وبعث معه رجلاً من بني فهر في حاجة للنبي صلى الله عليه وسلم، فاحتمل مقيس الفهري- وكان رجلاً شديداً- فضرب به الأرض، ورضخ رأسه بين حجرين، ثم ألقى يتغنى:
قتلت به فهرا وحملت عقله ** سراة بني النجار أرباب قارع

فأخبر به النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أظنه قد أحدث حدثاً، أما والله لئن كان فعل لا أومنه في حل ولا حرم، ولا سلم ولا حرب، فقتل يوم الفتح. قال ابن جريج: وفيه نزلت هذه الآية {ومن يقتل مؤمناً متعمداً...} الآية.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله: {ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم} قال: نزلت في مقيس بن ضبابة الكناني، وذلك أنه أسلم وأخوه هشام بن ضبابة وكانا بالمدينة، فوجد مقيس أخاه هشاماً ذات يوم قتيلاً في الأنصار في بني النجار، فانطلق إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره بذلك، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً من قريش من بني فهر ومعه مقيس إلى بني النجار- ومنازلهم يومئذ بقباء- أن ادفعوا إلى مقيس قاتل أخيه إن علمتم ذلك، وإلا فادفعوا إليه الدية. فما جاءهم الرسول قالوا: السمع والطاعة لله وللرسول، والله ما نعلم له قاتلاً ولكن نؤدي إليه الدية، فدفعوا إلى مقيس مائة من الإبل دية أخيه، فلما انصرف مقيس والفهري راجعين من قباء إلى المدينة وبينهما ساعة، عمد مقيس إلى الفهري رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم فقتله، وارتد عن الإسلام وركب جملاً منها وساق معه البقية، ولحق بمكة وهو يقول: في شعر له:
قتلت به فهراً وحملت عقله ** سراة بني النجار أرباب قارع

وأدركت ثأري واضطجعت موسداً ** وكنت إلى الأوثان أول راجع

فنزلت فيه بعد قتل النفس وأخذ الدية، وارتد عن الإسلام ولحق بمكة كافراً {ومن يقتل مؤمناً متعمداً}.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس. مثله سواء.
وأخرج عبد بن حميد والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن جرير والطبراني من طريق سعيد بن جبير قال: اختلف أهل الكوفة في قتل المؤمن، فرحلت فيها إلى ابن عباس فسألته عنها؟ فقال: نزلت هذه الآية {ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم} هي آخر ما نزل، وما نسخها شيء.
وأخرج أحمد وسعيد بن منصور والنسائي وابن ماجه وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه والطبراني من طريق سالم بن أبي الجعد عن ابن عباس. أن رجلاً أتاه فقال: أرأيت رجلاً قتل رجلاً متعمداً؟ قال: {فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً} قال: لقد نزلت في آخر ما نزل ما نسخها شيء حتى قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما نزل وحي بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: أرأيت إن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى؟ قال: وأنى له بالتوبة وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ثكلته أمه، رجل قتل رجلاً متعمدا يجيء يوم القيامة آخذاً قاتله بيمينه أو بيساره، وآخذا رأسه بيمينه أو بشماله، تشخب أوداجهُ دماً في قبل العرش، يقول: يا رب سل عبدك فيم قتلني».
وأخرج الترمذي وحسنه من طريق عمرو بن دينار عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يجيء المقتول بالقاتل يوم القيامة ناصيته ورأسه بيده، وأوداجه تشخب دماً يقول: يا رب قتلني هذا حتى يدنيه من العرش قال: فذكروا لابن عباس التوبة، فتلا هذه الآية {ومن يقتل مؤمناً متعمداً} قال: ما نسخت هذه الآية ولا بدلت، وأنى له التوبة».
وأخرج عبد بن حميد والبخاري وابن جري عن سعيد بن جبير قال: قال لي عبد الرحمن بن ابزي: سل ابن عباس عن قوله: {ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم} فقال: لم ينسخها شيء، وقال في هذه الآية {والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر} [ الفرقان: 68] الآية. قال: نزلت في أهل الشرك.
وأخرج عبد الحميد والبخاري وابن جرير والحاكم وابن مردويه عن سعيد بن جبير أن عبد الرحمن بن أبزي سأله: أن يسأل ابن عباس عن هاتين الآيتين التي في النساء {ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم} إلى آخر الآية والتي في الفرقان {ومن يفعل ذلك يلق أثاماً} [ الفرقان: 68] الآية. قال: فسألته؟ فقال: إذا دخل الرجل في الإسلام وعلم شرائعه وأمره ثم قتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم لا توبة له، وأما التي في الفرقان فإنها لما أنزلت قال المشركون من أهل مكة: فقد عدلنا بالله، وقتلنا النفس التي حرم الله بغير الحق، وأتينا الفواحش، فما نفعنا الإسلام، فنزلت {إلا من تاب} [ الفرقان: 70] الآية. فهي لأولئك.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن شهر بن حوشب قال: سمعت ابن عباس يقول: نزلت هذه الآية {ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم} بعد قوله: {إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً} [ الفرقان: 70] بسنة.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال: نزلت هذه الآية {ومن يقتل مؤمناً متعمداً} بعد التي في سورة الفرقان بثماني سنين، وهي قوله: {والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر} [ الفرقان: 68] إلى قوله: {غفوراً رحيماً} [ الفرقان: 70].
وأخرج ابن جرير والنحاس والطبراني عن سعيد بن جبير قال: سألت ابن عباس هل لمن قتل مؤمناً متعمداً من توبة؟ قال: لا. فقرأت عليه الآية التي في الفرقان {والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر} [ الفرقان: 68] فقال هذه الآية مكية نسختها آية مدنية {ومن يقتل مؤمناً متعمداً} الآية.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن زيد بن ثابت قال: نزلت الشديدة بعد الهينة بستة أشهر، يعني {ومن يقتل مؤمناً متعمداً} بعد {إن الله لا يغفر أن يشرك به} [ النساء: 48].
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن زيد بن ثابت قال: نزلت الشديدة بعد الهينة بستة أشهر، قوله: {ومن يقتل مؤمناً متعمداً} بعد قوله: {والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر} [ الفرقان: 68] إلى آخر الآية.
وأخرج أبو داود وابن جرير والنحاس والطبراني وابن مردويه والبيهقي عن زيد بن ثابت قال: نزلت الآية التي في سورة النساء بعد الآيات التي في سورة الفرقان بستة أشهر.
وأخرج الطبراني وابن مردويه عن زيد بن ثابت قال: لما نزلت هذه الآية في الفرقان {والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر...} [ الفرقان: 68] الآية. عجبنا للينها، فلبثنا سبعة أشهر، ثم نزلت التي في النساء {ومن يقتل مؤمناً متعمداً...} الآية.
وأخرج عبد الرزاق عن الضحاك قال: بينهما ثماني سنين، التي في النساء بعد التي في الفرقان.
وأخرج سمويه في فوائده عن زيد بن ثابت قال: نزلت هذه التي في النساء بعد قوله: {ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} [ النساء: 48] بأربعة أشهر.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال: أكبر الكبائر الإشراك بالله، وقتل النفس التي حرم الله، لأن الله يقول {فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً}.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن ابن عباس قال: هما المبهمتان: الشرك والقتل.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن ابن مسعود في قوله: {ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم} قال: هي محكمة، ولا تزداد إلا شدة.
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن كردم. أن أبا هريرة، وابن عباس، وابن عمر، سئلوا عن الرجل يقتل مؤمناً متعمداً؟ فقالوا: هل تستطيع أن لا تموت، هل تستطيع أن تبتغي نفقاً في الأرض أو سلماً في السماء؟ أو تحييه.
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر عن سعيد بن ميناء قال: كنت جالساً بجنب أبي هريرة إذ أتاه رجل فسأله عن قاتل المؤمن هل له من توبة؟ فقال: والذي لا إله إلا هو لا يدخل الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط.
وأخرج ابن المنذر من طريق أبي رزين عن ابن عباس قال: هي مبهمة، لا يعلم له توبة.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الضحاك قال: ليس لمن قتل مؤمناً توبة لم ينسخها بشيء.
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن سعيد بن ميناء قال: كان بين صاحب لي وبين رجل من أهل السوق لجاجة، فأخذ صاحبي كرسياً فضرب به رأس الرجل فقتله، وندم وقال: إني سأخرج من مالي، ثم انطلق فاجعل نفسي حبيساً في سبيل الله. قلت: انطلق بنا إلى ابن عمر نسأله هل لك من توبة؟ فانطلقا حتى دخلنا عليه، فقصصت عليه القصة على ما كانت، قلت: هل ترى له من توبة؟ قال: كل واشرب أف قم عني. قلت: يزعم أنه لم يرد قتله؟ قال: كذب، يعمد أحدكم إلى الخشبة فيضرب بها رأس الرجل المسلم ثم يقول: لم أرد قتله، كذب، كل واشرب ما استطعت أف قم عني. فلم يزدنا على ذلك حتى قمنا.
وأخرج سعيد بن منصور عن ابن مسعود قال: قتل المؤمن معقلة.
وأخرج البخاري عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً».
وأخرج أحمد والنسائي وابن المنذر عن معاوية. سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «كل ذنب عسى الله أن يغفره إلا الرجل يموت كافراً، أو الرجل يقتل مؤمناً متعمداً».
وأخرج ابن المنذر عن أبي الدرداء. سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «كل ذنب عسى الله أن يغفره إلا من مات مشركاً، أو من قتل مؤمناً متعمداً».
وأخرج ابن المنذر عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أعان في قتل مسلم بشطر كلمة، يلقى الله يوم يلقاه مكتوب على جبهته آيس من رحمة الله».
وأخرج ابن عدي والبيهقي في البعث عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أعان على دم امرئ مسلم بشطر كلمة، كتب بين عينيه يوم القيامة آيس من رحمة الله».
وأخرج ابن المنذر عن أبي عون قال: إذا سمعت في القرآن {خلوداً} فلا توبة له.
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نازلت ربي في قاتل المؤمن، في أن يجعل له توبة فأبى عليَّ».
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني وأبو القاسم بن بشران في أماليه بسند ضعيف عن أبي هريرة «عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: {ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم} قال: هو جزاؤه إن جازاه».
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق الضحاك عن ابن عباس أنه كان يقول: جزاؤه جهنم إن جازاه، يعني للمؤمن وليس للكافر، فإن شاء عفا عن المؤمن وإن شاء عاقب.
وأخرج ابن المنذر من طريق عاصم بن أبي النجود عن ابن عباس في قوله: {فجزاؤه جهنم} قال: هي جزاؤه إن شاء عذبه، وإن شاء غفر له.
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في البعث عن أبي مجلز في قوله: {فجزاؤه جهنم} قال: هي جزاؤه، فإن شاء الله أن يتجاوز عن جزائه فعل.
وأخرج ابن المنذر عن عون بن عبد الله في قوله: {فجزاؤه جهنم} قال: إن هو جازاه.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن أبي صالح. مثله.
وأخرج ابن المنذر عن إسماعيل بن ثوبان قال: جالست الناس قبل الداء الأعظم في المسجد الأكبر، فسمعتهم يقولون {ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم} إلى {عذاباً عظيماً} قال المهاجرون والأنصار: وجبت لمن فعل هذا النار، حتى نزلت {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} [ النساء: 48] فقال المهاجرون والأنصار: ما شاء يصنع الله ما شاء، فسكت عنهم.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر والبيهقي في البعث عن هشام بن حسان قال: كنا عند محمد بن سيرين فقال له رجل {ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم} حتى ختم الآية فغضب محمد وقال: أين أنت عن هذه الآية {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} قم عني أخرج عني قال: فأخرج.
وأخرج القتبي والبيهقي في البعث عن قريش بن أنس قال: سمعت عمرو بن عبيد يقول: يؤتى بي يوم القيامة فأقام بين يدي الله فيقول لي لم قلت إن القاتل في النار؟ فأقول أنت قتلته ثم تلا هذه الآية {ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم} قلت له: وما في البيت أصغر مني أرأيت إن قال لك فإني قد قلت {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} من أين علمت أني لا أشاء أن أغفر قال: فما استطاع أن يرد علي شيئاً.
وأخرج عبد بن حميد عن أبي إسحاق قال أتى رجل عمر فقال لقاتل المؤمن توبة قال: نعم ثم قرأ {حم تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم غافر الذنب وقابل التوب}.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قاتل المؤمن قال: كان يقال: له توبة إذا ندم.
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة. مثله.
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن كردم عن ابن عباس قال: أتاه رجل فقال: ملأت حوضي أنتظر طميتي ترد علي، فلم أستيقظ إلا ورجل أشرع ناقته فتلم الحوض وسال الماء، فقمت فزعاً فضربته بالسيف فقتلته، فقال: ليس هذا مثل الذي قال، فأمره بالتوبة.
قال سفيان: كان أهل العلم إذا سئلوا؟ قالوا: لا توبة له. فإذا ابتلى رجل قالوا: كذبت.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن عبد الله بن جعفر قال: كفارة القتل، القتل.
وأخرج عبد بن حميد والنحاس عن سعد بن عبيدة أن ابن عباس كان يقول: لمن قتل مؤمناً توبة. قال: فجاءه رجل فسأله ألمن قتل مؤمناً توبة؟ قال: لا، إلا النار. فلما قام الرجل قال له جلساؤه: ما كنت هكذا تفتينا، كنت تفتينا أن لمن قتل مؤمناً توبة مقبولة، فما شأن هذا اليوم؟ قال: إني أظنه رجل يغضب يريد أن يقتل مؤمناً، فبعثوا في أثره، فوجوده كذلك.
وأخرج النحاس عن نافع وسالم. أن رجلاً سأل عبد الله بن عمر كيف ترى في رجل قتل رجلاً عمداً؟ قال: أنت قتلته؟ قال: نعم. قال: تب إلى الله يتب عليك.
وأخرج عبد بن حميد عن زيد بن أسلم قال: ليس للقاتل توبة إلا أن يقاد منه، أو يعفى عنه، أو تؤخذ منه الدية.
وأخرج عبد بن حميد عن سفيان قال: بلغنا أن الذي يقتل متعمداً فكفارته أن يقيد من نفسه، أو أن يعفى عنه، أو تؤخذ منه الدية، فإن فعل به ذلك رجونا أن تكون كفارته ويستغفر ربه، فإن لم يفعل من ذلك شيئاً فهو في مشيئة الله، إن شاء غفر له وإن شاء لم يغفر له، فقال سفيان: فإذا جاءك من لم يقتل فشدد عليه ولا ترخص له لكي يفرض، وإن كان ممن قتل فسألك فأخبره لعله يتوب ولا تؤيسه.
وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك قال: لأن أتوب من الشرك أحب إليَّ من أن أتوب من قتل المؤمن.
وأخرج أحمد عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من لقي الله لا يشرك به شيئاً، وأدّى زكاة ماله طيبة بها نفسه محتبساً، وسمع وأطاع، فله الجنة. وخمس ليس لهن كفارة: الشرك بالله، وقتل النفس بغير حق، وبهت مؤمن، والفرار من الزحف، ويمين صابرة تقتطع بها مالاً بغير حق».
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة قال: إن الرجل ليقتل يوم القيامة ألف قتلة. قال أبو زرعة: بضروب ما قتل.
وأخرج ابن شيبة والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والله للدنيا وما فيها أهون على الله من قتل مسلم بغير حق».
وأخرج النسائي والنحاس عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لزوال الدنيا أهون على الله من قتل رجل مسلم».
وأخرج ابن المنذر عن ابن عمرو قال: قتل المؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا.
وأخرج البيهقي في الشعب عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده لقتل مؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا».
وأخرج ابن عدي والبيهقي في الشعب عن بريدة عن النبي الله صلى الله عليه وسلم قال: «لقتل المؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا».
وأخرج سعيد بن منصور والبيهقي في شعب الإيمان عن عبد الله بن مسعود قال: لا يزل الرجل في فسحة من دينه ما نقيت كفه من الدم، فإذا أغمس يده في الدم الحرام نزع حياؤه.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن ابن مسعود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يجيء الرجل آخذاً بيد الرجل، فيقول: يا رب هذا قتلني. قال: لمَ قتلته؟ فيقول لتكون العزة لك. فيقول: فإنها لي. ويجيء الرجل آخذاً بيد الرجل فيقول: يا رب قتلني هذا. فيقول الله: لمَ قتلت هذا؟ فيقول: قتلته لتكون العزة لفلان. فيقول: إنها ليست له، بؤ بإثمه».
وأخرجه ابن أبي شيبة عن عمرو بن شرحبيل. موقوفاً.
وأخرج البيهقي عن أبي الدرداء قال: يجلس المقتول يوم القيامة، فإذا مر الذي قتله قام فأخذه، فينطلق فيقول: يا رب سله لمَ قتلني؟ فيقول: فيم قتلته؟ فيقول: أمرني فلان، فيعذب القاتل والآمر.
وأخرج ابن المنذر والبيهقي عن أبي سعيد وأبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لو أن أهل السماء وأهل الأرض اشتركوا في دم مؤمن لأكبَّهم الله جميعاً في النار».
وأخرج ابن عدي والبيهقي في الشعب والأصبهاني في الترغيب عن البراء بن عازب. أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لزوال الدنيا وما فيها أهون عند الله من قتل مؤمن، ولو أن أهل سماواته وأهل أرضه اشتركوا في دم مؤمن لأدخلهم الله النار».
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس قال: «قتل بالمدينة قتيل على عهد النبي صلى الله عليه وسلم لم يعلم من قتله، فصعد النبي صلى الله عليه وسلم المنبر فقال: أيها الناس قتل قتيل وأنا فيكم ولا نعلم من قتله، ولو اجتمع أهل السماء والأرض على قتل امرئ لعذبهم الله إلا أن يفعل ما يشاء».
وأخرج عبد الرزاق والبيهقي عن جندب البجلي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من استطاع منكم أن لا يحول بينه وبين الجنة ملء كف من دم امرئ مسلم، أن يهرقه كلما تعرض لباب من أبواب الجنة حال بينه وبينه».
وأخرج الأصبهاني عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يزال المؤمن معنقاً صالحاً ما لم يصب دماً حراماً، فإذا أصاب دماً حراماً بلح».
وأخرج الأصبهاني عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو أن الثقلين اجتمعوا على قتل مؤمن لأكبَّهم الله على مناخرهم في النار، وأن الله حرم الجنة على القاتل والآمر».
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن رجل من الصحابة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قسمت النار سبعين جزءاً. للآمر تسعة وستين، وللقاتل جزءاً».
وأخرج البيهقي عن محمد بن عجلان قال: كنت بالإسكندرية فحضرت رجلاً الوفاة لم نرَ من خلق الله أحداً كان أخشى لله منه، فكنا نلقنه فيقبل كلما لقناه من سبحان الله والحمد لله، فإذا جاءت لا إله إلا الله أبى، فقلنا له: ما رأينا من خلق الله أحداً كان أخشى لله منك، فنلقنك فتلقن حتى إذا جاءت لا إله إلا الله أبيت؟! قال: إنه حيل بيني وبينها، وذلك أني قتلت نفساً في شبيبتي.
وأخرج ابن ماجة وابن مردويه والبيهقي عن عقبة بن عامر. سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ما من عبد يلقى الله لا يشرك به شيئاً لم يتند بدم حرام إلا أدخل الجنة، من أي أبواب الجنة شاء».
وأخرج البيهقي عن عبد الله بن مسلم أخي الزهري قال: كنت جالساً عند سالم بن عبد الله في نفر من أهل المدينة، فقال رجل: ضرب الأمير آنفاً رجلاً أسواطاً فمات. فقال سالم: عاب الله على موسى عليه السلام في نفس كافر قتلها.
وأخرج البيهقي عن شهر بن حوشب. أن أعرابياً أتى أبا ذر فقال: إنه قتل حاج بيت الله ظالماً فهل له من مخرج؟ فقال له أبو ذر: ويحك... ! أحي والداك؟ قال: لا. قال: فأحدهما؟ قال: لا. قال: لو كانا حيين أو أحدهما لرجوت لك، وما أجد لك مخرجاً إلا في إحدى ثلاث. قال: وما هن؟ قال: هل تستطيع أن تحييه كما قتلته؟ قال: لا والله! قال: فهل تستطيع أن لا تموت؟ قال: لا والله ما من الموت بد، فما الثالثة؟ قال: هل تستطيع أن تبتغي نفقاً في الأرض أو سلماً في السماء؟ فقام الرجل وله صراخ، فلقيه أبو هريرة فسأله فقال: ويحك... ! حيان والداك؟ قال: لا. قال: لو كانا حيين أو أحدهما لرجوت لك، ولكن اغز في سبيل الله وتَعَرَّضْ للشهادة فعسى.