فصل: تفسير الآيات (9- 11):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور (نسخة منقحة)



.تفسير الآيات (9- 11):

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (9) وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ (10) وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (11)}
أخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما «عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: {يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله} قال: هم عباد من أمتي الصالحون منهم لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله، وعن الصلاة المفروضة الخمس».
وأخرج عبد بن حميد والترمذي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:من كان له مال يبلغه حج بيت ربه أو تجب عليه فيه الزكاة فلم يفعل سأل الرجعة عند الموت. فقال له رجل: يا ابن عباس اتق الله، فإنما يسأل الرجعة الكفار، فقال: سأتلو عليكم بذلك قرآناً {يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله} إلى آخر السورة».
وأخرج ابن جرير من وجه آخر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله} الآية قال: هو الرجل المؤمن إذا نزل به الموت وله مال لم يزكه، ولم يحج منه، ولم يعط حق الله منه يسأل الرجعة عند الموت ليتصدق من ماله ويزكي، قال الله: {ولن يؤخر الله نفساً إذا جاء أجلها}.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن الضحاك في قوله: {لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله} قال: عن الصلوات الخمس وفي قوله: {وانفقوا مما رزقناكم} قال: يعني الزكاة والنفقة في الحج.
وأخرج ابن المنذر والبيهقي في شعب الإِيمان عن عطاء في قوله: {لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله} قال: الصلاة المفروضة.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {فأصدق} قال: أزكي {وأكون من الصالحين} قال: أحج.
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن عن عاصم أنه قرأ {فأصدق وأكون من الصالحين} قال: أحج.
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن عن عاصم أنه قرأ {فاصدق وأكون من الصالحن} بالواو.
وأخرج ابن الأنباري في المصاحف عن زيد بن ثابت قال: القراءة سنة من السنن فاقرؤوا القرآن كما اقرئتموه {إن هذان لساحران} [ طه: 63] {فأصدق وأكن من الصالحين}.

.سورة التغابن:

.تفسير الآيات (1- 6):

{يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1) هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (2) خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (3) يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (4) أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ فَذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (5) ذَلِكَ بِأَنَّهُ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوْا وَاسْتَغْنَى اللَّهُ وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (6)}
أخرج ابن حبان في الضعفاء والطبراني وابن مردويه وابن عساكر عن عبدالله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما من مولود يولد إلا وإنه مكتوب في تشبيك رأسه خمس آيات من فاتحة سورة التغابن».
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا مكث المني في الرحم أربعين ليلة أتاه ملك النفوس فعرج به إلى الرب فيقول: يا رب أذكر أم أنثى؟ فيقضي الله ما هو قاض، فيقول أشقي أم سعيد؟ فيكتب ما هو لاق» وقرأ أبو ذر من فاتحة التغابن خمس آيات إلى قوله: {وصوّركم فأحسن صوركم وإليه المصير}.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «العبد يولد مؤمناً ويعيش مؤمناً ويموت مؤمناً، والعبد يولد كافراً ويعيش كافراً ويموت كافراً، وإن العبد يعمل برهة من الزمان بالشقاوة، ثم يدركه الموت بما كتب له، فيموت شقياً، وإن العبد يعمل برهة من دهره بالشقاوة ثم يدركه ما كتب له فيموت سعيداً».

.تفسير الآيات (7- 14):

{زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (7) فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (8) يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (9) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ خَالِدِينَ فِيهَا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (10) مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (11) وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (12) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (13) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (14)}
أخرج ابن أبي شيبة وابن مردويه عن ابن مسعود أنه قيل له: ما سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول في (زعموا) قال: سمعته يقول: «بئس مطية الرجل».
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن عبد الله بن مسعود أنه كره: زعموا.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد أنه كره زعموا لقول الله: {زعم الذين كفروا}.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن هانئ بن عروة أنه قال لابنه: هب لي اثنتين: زعموا وسوف لا يكونان في حديثك.
وأخرج ابن جرير عن ابن عمر قال: زعم كنية الكذب.
وأخرج ابن سعد وابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن شريح قال: زعم كنية الكذب.
وأخرج ابن أبي شيبة قال: زعموا زاملة الكذب.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله: {يوم يجمعكم ليوم الجمع} قال: هو يوم القيامة وذلك {يوم التغابن} غبن أهل الجنة أهل النار.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس {يوم التغابن} من أسماء يوم القيامة.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن ابن عباس في قوله: {ذلك يوم التغابن} قال: غبن أهل الجنة أهل النار.
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد {ذلك يوم التغابن} قال: غابن أهل الجنة أهل النار، والله أعلم.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر والبيهقي في شعب الإِيمان عن علقمة في قوله: {ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهد قلبه} قال: هو الرجل تصيبه المصيبة فيعلم أنها من عند الله فيسلم الأمر لله ويرضى بذلك.
وأخرج سعيد بن منصور عن ابن مسعود رضي الله عنه في الآية قال: هي المصيبات تصيب الرجل فيعلم أنها من عند الله فيسلم لها ويرضى.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {ومن يؤمن بالله يهد قلبه} يعني يهد قلبه لليقين، فيعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه.
وأخرج ابن المنذر عن جريج رضي الله عنه في قوله: {ومن يؤمن بالله يهد قلبه} قال: من أصاب من الإِيمان ما يعرف به الله فهو مهتدي القلب.
قوله تعالى: {الله لا إله إلا هو وعلى الله فليتوكل المؤمنون}.
أخرج ابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «شعار المؤمنون يوم يبعثون من قبورهم لا إله إلا الله، وعلى الله فليتوكل المؤمنون».
أخرج الفريابي وعبد بن حميد والترمذي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: نزلت هذه الآية {يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدوّاً لكم فاحذروهم} في قوم من أهل مكة أسلموا وأرادوا أن يأتوا النبي صلى الله عليه وسلم، فأبى أزواجهم وأولادهم أن يدعوهم، فلما أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأوا الناس قد فقهوا في الدين هموا أن يعاقبوهم، فأنزل الله: {يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدوّاً لكم فاحذروهم، وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم}.
وأخرج عبد بن حميد وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في الآية قال: كان الرجل يريد الهجرة فتحبسه امرأته وولده، فيقول: إنا والله لئن جمع الله بيني وبينكم في دار الهجرة لأفعلن ولأفعلن، فجمع الله بينهم في دار الهجرة، فأنزل الله: {وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا}.
وأخرج عبد حميد عن مجاهد رضي الله عنه {إن من أزواجكم وأولادكم عدوّاً لكم فاحذروهم} قال: منهم من لا يأمر بطاعة ولا ينهى عن معصية، وكفى بذلك عداوة للمرء أن يكون صاحبه لا يأمر بطاعة، ولا ينهى عن معصية، وكانوا يثبطون عن الجهاد والهجرة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

.تفسير الآيات (15- 18):

{إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (15) فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (16) إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ (17) عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (18)}
أخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {إنما أموالكم وأولادكم فتنة} قال: بلاء {والله عنده أجر عظيم} قال: الجنة.
وأخرج ابن المنذر والطبراني عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: لا يقولن أحدكم: اللهم إني أعوذ بك من الفتنة، فإنه ليس أحد منكم إلا وهو مشتمل على فتنة، فإن الله يقول: {إنما أموالكم وأولادكم فتنة} ولكن من استعاذ فليستعذ من مضلاتها.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي الضحى قال: قال رجل، وهو عند عمر: اللهم إني أعوذ بك من الفتنة أو الفتن، فقال عمر: أتحب أن لا يرزقك الله مالاً ولا ولداً، أيكم استعاذ من الفتن فليستعذ من مضلاتها.
وأخرج ابن مردويه عن كعب بن عياض رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن لكل أمة فتنة، وإن فتنة أمتي المال».
وأخرج ابن مردويه عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: «لكل أمة فتنة وفتنة أمتي المال».
وأخرج ابن مردويه عن عبدالله بن أبي أوفى رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لكل أمة فتنة وفتنة أمتي المال».
وأخرج وكيع في الغرر عن محمد بن سيرين رضي الله عنه قال: قال ابن عمر لرجل: إنك تحب الفتنة. قال: أنا؟ قال: نعم فلما رأى ابن عمر ما داخل الرجل من ذاك، قال: تحب المال والولد.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة والحاكم وابن مردويه عن بريدة رضي الله عنه قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب فأقبل الحسن والحسين رضي الله عنهما عليهما قميصان أحمران، يمشيان ويعثران، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم من المنبر فحملهما واحداً من ذا الشق، وواحداً من ذا الشق، ثم صعد المنبر فقال: صدق الله، قال: {إنما أموالكم وأولادكم فتنة} إني لما نظرت إلى هذين الغلامين يمشيان ويعثران لم أصبر أن قطعت كلامي ونزلت إليهما».
وأخرج ابن مردويه عن عبدالله بن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بينما هو يخطب الناس على المنبر خرج الحسين بن علي رضي الله عنه فوطئ في ثوب كان عليه فسقط، فبكى، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المنبر، فلما رأى الناس أسرعوا إلى الحسين رضي الله عنه يتعاطونه، يعطيه بعضهم بعضاً حتى وقع في يد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «قاتل الله الشيطان، إن الولد لفتنة، والذي نفسي بيده ما دريت أني نزلت عن منبري».
وأخرج ابن المنذر عن يحيى بن أبي كثير رضي الله عنه قال: «سمع النبي صلى الله عليه وسلم بكاء حسن أو حسين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: الولد فتنة، لقد قمت إليه وما أعقل»والله تعالى أعلم.
قوله تعالى: {فاتقوا الله ما استطعتم}.
أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال: لما نزلت {اتقوا الله حق تقاته} [ آل عمران: 102] اشتد على القوم العمل فقاموا حتى ورمت عراقيبهم وتقرحت جباههم، فأنزل الله تحفيفاً على المسلمين {فاتقوا الله ما استطعتم} فنسخت الآية الأولى.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن الربيع بن أنس {فاتقوا الله ما استطعتم} قال: جهدكم.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة {فاتقوا الله ما استطعتم} قال: هي رخصة من الله، كان الله قد أنزل في سورة آل عمران {اتقوا الله حق تقاته} [ آل عمران: 102] وحق تقاته أن يطاع فلا يعصى، ثم خفف عن عباده، فأنزل الرخصة {فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا وأطيعوا} قال: السمع والطاعة فيما استطعت يا ابن آدم عليها، بايع النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه على السمع والطاعة فيما استطاعوا.
وأخرج ابن سعد وأحمد وأبو داود عن الحكم بن حزن الكلفي قال: وفدنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلبثنا أياماً شهدنا فيها الجمعة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقام متوكئاً على قوس، فحمد الله، وأثنى عليه كلمات طيبات خفيفات مباركات، ثم قال: «أيها الناس إنكم لن تطيقوا كل ما أمرتم به فسددوا وابشروا».
وأخرج عبد بن حميد عن عطاء رضي الله عنه {ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون} قال: في النفقة.
وأخرج عبد بن حميد عن حبيب بن شهاب العنبري أنه سمع أخاه يقول: لقيت ابن عمر يوم عرفة، فأردت أن أقتدي من سيرته، وأسمع من قوله، فسمعته أكثر ما يقول: اللهم إني أعوذ بك من الشح الفاحش، حتى أفاض، ثم بات بجمع، فسمعته أيضاً يقول ذلك، فلما أردت أن أفارقه قلت يا عبدالله: إني أردت أن أقتدي بسيرتك فسمعتك أكثر ما تقول أن تعوذ من الشح الفاحش قال: وما أبغي أفضل من أن أكون من المفلحين؟ قال الله: {ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون}.
قوله تعالى: {إن تقرضوا الله} الآية.
أخرج الحاكم وصححه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يقول الله استقرضت عبدي فأبى أن يقرضني، وشتمني عبدي، وهو لا يدري، يقول وادهراه وادهراه، وأنا الدهر»ثم تلا أبو هريرة {إن تقرضوا الله قرضاً حسناً يضاعفه لكم}.
وأخرج عبد بن حميد عن أبي حيان عن أبيه عن شيخ لهم أنه كان يقول إذا سمع السائل يقول: من يقرض الله قرضاً حسناً، قال سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر هذا القرض الحسن.