فصل: تفسير الآية رقم (124):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور (نسخة منقحة)



.تفسير الآية رقم (124):

{وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا (124)}
أخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مسروق قال: لما نزلت {ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب...} [ النساء: 123] الآية. قال أهل الكتاب: نحن وأنتم سواء. فنزلت هذه الآية {ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن} ففجلوا عليهم.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن السدي في قوله: {ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن} قال: أبى أن يقبل الإيمان إلا بالعمل الصالح.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس أن ابن عمر لقيه فسأله عن هذه الآية {ومن يعمل من الصالحات} قال: الفرائض.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله: {ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن} قال: قد يعمل اليهودي والنصراني والمشرك الخير، فلا ينفعهم في الدنيا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن} قال: إنما يتقبل الله من العمل ما كان في الإيمان.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد قال: النقير هي النكتة التي تكون في ظهر النواة.
وأخرج عبد بن حميد عن الكلبي قال: (القطمير) القشرة التي تكون على النواة والفتيل الذي يكون في بطنها و(النقير) النقطة البيضاء التي في وسط النواة.

.تفسير الآيات (125- 126):

{وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا (125) وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطًا (126)}
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: قال أهل الإسلام: لا دين إلا الإسلام، كتابنا نسخ كل كتاب، ونبينا خاتم النبيين، وديننا خير الأديان. فقال الله تعالى {ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن}.
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله اصطفى موسى بالكلام، وإبراهيم بالخلة».
وأخرج ابن جرير والطبراني في السنة عن ابن عباس قال: إن الله اصطفى إبراهيم بالخلة، واصطفى موسى بالكلام، واصطفى محمداً بالرؤية.
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري وابن الضريس عن معاذ بن جبل. أنه لما قدم اليمن صلى بهم الصبح فقرأ {واتخذ الله إبراهيم خليلاً} فقال رجل من القوم: لقد قرت عين أم إبراهيم.
وأخرج الحاكم وصححه عن جندب: أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول قبل أن يتوفى: «إن الله اتخذني خليلاً كما اتخذ إبراهيم خليلاً».
وأخرج الطبراني وابن عساكر عن ابن مسعود قال: إن الله اتخذ إبراهيم خليلاً، وإن صاحبكم خليل الله، وإن محمداً سيد بني آدم يوم القيامة. ثم قرأ {عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً} [ الإسراء: 79].
وأخرج الطبراني عن سمرة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الأنبياء يوم القيامة كل اثنين منهم خليلان دون سائرهم. قال فخليلي منهم يومئذ خليل الله إبراهيم».
وأخرج الطبراني والبزار عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن في الجنة قصراً من درة لا صدع فيه ولا وهن، أعده الله لخليله إبراهيم عليه السلام نزلاً».
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس قال: أتعجبون أن تكون الخلة لإبراهيم، والكلام لموسى، والرؤية لمحمد صلى الله عليه وسلم؟!.
وأخرج الترمذي وابن مردويه عن ابن عباس قال: «جلس ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ينتظرونه، فخرج حتى إذا دنا منهم سمعهم يتذاكرون فسمع حديثهم، وإذا بعضهم يقول: إن الله اتخذ من خلقه خليلاً فإبراهيم خليله. وقال آخر: ماذا بأعجب من أن كلم الله موسى تكليماً. وقال آخر: فعيسى روح الله وكلمته. وقال آخر: آدم اصطفاه الله. فخرج عليهم فسلم فقال: قد سمعت كلامكم وعجبكم ان إبراهيم خليل الله وهو كذلك، وموسى كليمه، وعيسى روحه وكلمته، وآدم اصطفاه الله ربه كذلك، ألا وإني حبيب الله ولا فخر، وأنا أول شافع، وأول مشفع ولا فخر، وأنا أول من يحرك حلق الجنة فيفتحها الله، فيدخلنيها ومعي فقراء المؤمنين ولا فخر، وأنا أكرم الأولين والآخرين يوم القيامة ولا فخر».
وأخرج الزبير بن بكار في الموفقيات قال: أوحى الله إلى إبراهيم: أتدري لم اتخذتك خليلاً؟ قال: لا يا رب. قال: لأني اطلعت إلى قلبك فوجدتك تحب أن ترزأ ولا ترزأ.
وأخرج ابن المنذر عن ابن أبزى قال: دخل إبراهيم عليه السلام منزله، فجاءه ملك الموت في صورة شاب لا يعرفه، فقال له إبراهيم: بإذن من دخلت؟ قال: بإذن رب المنزل. فعرفه إبراهيم فقال له ملك الموت: إن ربك اتخذ من عباده خليلاً. قال إبراهيم: ونحن ذلك! قال: وما تصنع به؟ قال: أكون خادماً له حتى أموت. قال: فإنه أنت. وبأي شيء اتخذني خليلاً؟ قال: بأنك تحب أن تعطي ولا تأخذ.
وأخرج البيهقي في الشعب عن عبدالله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا جبريل لم اتخذ الله إبراهيم خليلاً؟ قال: لإطعامه الطعام يا محمد».
وأخرج الديلمي بسند واهٍ عن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للعباس: «يا عم أتدري لم اتخذ الله إبراهيم خليلاً؟ هبط إليه جبريل فقال: أيها الخليل هل تدري بم استوجبت الخلة؟ فقال: لا أدري يا جبريل! قال: لأنك تعطي ولا تأخذ».
وأخرج الحافظ أبو القاسم حمزة بن يوسف السهمي في فضائل العباس عن واثلة بن الأسقع قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله اصطفى من ولد آدم إبراهيم اتخذه خليلاً، واصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل، ثم اصطفى من ولد إسماعيل نزاراً، ثم اصطفى من ولد نزار مضر، ثم اصطفى من مضر كنانة، ثم اصطفى من كنانة قريشاً، ثم اصطفى من قريش بني هاشم، ثم اصطفى من بني هاشم بني عبد المطلب، ثم اصطفاني من بني عبد المطلب».
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول والبيهقي في شعب الإيمان وضعفه وابن عساكر والديلمي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «{اتخذ الله إبراهيم خليلاً} وموسى نجياً، واتخذني حبيباً، ثم قال: وعزتي لأوثرن حبيبي على خليلي ونجيِّي».
وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات عن علي بن أبي طالب قال: أوّل من يكسى يوم القيامة إبراهيم قبطيتين والنبي صلى الله عليه وسلم حلة حبرة وهو عن يمين العرش. والله أعلم.

.تفسير الآية رقم (127):

{وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَانِ وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِهِ عَلِيمًا (127)}
أخرج ابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه عن ابن عباس في قوله: {ويستفتونك في النساء...} الآية. قال كان أهل الجاهلية لا يورثون المولود حتى يكبر، ولا يورثون المرأة. فلما كان الإسلام قال: {ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب} في أوّل السورة في الفرائض.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن سعيد بن جبير قال: كان لا يرث إلا الرجل الذي قد بلغ أن يقوم في المال ويعمل فيه، ولا يرث الصغير ولا المرأة شيئاً، فلما نزلت المواريث في سورة النساء شق ذلك على الناس، وقالوا: أيرث الصغير الذي لا يقوم في المال، والمرأة التي هي كذلك، فيرثان كما يرث الرجل؟ فرجوا أن يأتي في ذلك حدث من السماء، فانتظروا فلما رأوا أنه لا يأتي حدث قالوا: لئن تم هذا إنه لواجب ما عنه بد، ثم قالوا: سلوا... فسألوا النبي صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله: {ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب} في أول السورة، في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن وترغبون أن تنكحوهن. قال سعيد ابن جبير: وكان الولي إذا كانت المرأة ذات جمال ومال رغب فيها ونكحها واستأثر بها، وإذا لم تكن ذات جمال ومال أنكحها ولم ينكحها.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في الآية قال: كان أهل الجاهلية لا يورثون النساء ولا الصبيان شيئاً، كانوا يقولون: لا يغزون ولا يغنمون خيراً، ففرض الله لهن الميراث حقاً واجباً.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن إبراهيم في الآية قال: كانوا إذا كانت الجارية يتيمة دميمة لم يعطوها ميراثها، وحبسوها من التزويج حتى تموت فيرثوها، فأنزل الله هذا.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في الآية قال: كانت اليتيمة تكون في حجر الرجل فيرغب أن ينكحها ولا يعطيها مالها رجاء أن تموت فيرثها، وإن مات لها حميم لم تعط من الميراث شيئاً، وكان ذلك في الجاهلية، فبين الله لهم ذلك، وكانوا لا يورثون الصغير والضعيف شيئاً، فأمر الله أن يعطى نصيبه من الميراث.
وأخرج ابن جرير عن السدي في الآية قال: كان جابر بن عبدالله له ابنة عم عمياء، وكانت دميمة، وكانت قد ورثت من أبيها مالاً، فكان جابر يرغب عن نكاحها ولا ينكحها رهبة أن يذهب الزوج بمالها، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، وكان ناس في حجورهم جوار أيضاً مثل ذلك، فأنزل الله فيهم هذا.
وأخرج ابن أبي شيبة من طريق السدي عن أبي مالك في قوله: {وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهم ما كتب لهم وترغبون أن تنكحوهن} قال: كانت المرأة إذا كانت عند ولي يرغب عن حسنها لم يتزوّجها ولم يترك أحداً يتزوّجها {والمستضعفين من الولدان} قال: كانوا لا يورثون إلا الأكبر فالأكبر.
وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير في قوله: {وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء} قال: ما يتلى عليكم في أول السورة من المواريث، وكانوا لا يورثون امرأة ولا صبياً حتى يحتلم.
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم والنسائي وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في سننه عن عائشة في قوله: {ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن} إلى قوله: {وترغبون أن تنكحوهن} قالت: هو الرجل تكون عنده اليتيمة هو وليها ووراثها قد شركته في ماله حتى في العذق، فيرغب أن ينكحها، ويكره أن يزوّجها رجلاً فيشركه في ماله بما شركته فيعضلها، فنزلت هذه الآية.
وأخرج البخاري ومسلم وابن جرير وابن أبي حاتم عن عائشة قالت: ثم إن الناس استفتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هذه الآية فيهن، فأنزل الله: {ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء} قالت: والذي ذكر الله أنه يتلى عليكم في الكتاب، الآية الأولى التي قال الله: {وإن خفتم أن لا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء} قالت: وقول الله: {وترغبون أن تنكحوهن} رغبة أحدكم عن يتيمته التي تكون في حجره حين تكون قليلة المال والجمال، فنهوا أن ينكحوا ما رغبوا في مالها وجمالها من يتامى النساء إلا بالقسط من أجل رغبتهم عنهن.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس قال: كان الرجل في الجاهلية تكون عنده اليتيمة فيلقي عليها ثوبه، فإذا فعل ذلك لم يقدر أحد أن يتزوّجها أبداً، فإن كانت جميلة وهويها تزوّجها وأكل مالها، وإن كانت دميمة منعها الرجال أبداً حتى تموت، فإذا ماتت ورثها فحرم الله ذلك ونهى عنه، وكانوا لا يورثون الصغار ولا البنات وذلك قوله: {لا تؤتونهن ما كتب لهن} فنهى الله عنه، وبيَّن لكل ذي سهم سهمه، صغيراً كان أو كبيراً.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في الآية قال: كانت اليتيمة تكون في حجر الرجل فيها دمامة، فيرغب عنها أن ينكحها، ولا ينكحها رغبة في مالها.
وأخرج القاضي إسماعيل في أحكام القرآن عن عبد الملك بن محمد بن حزم. أن عمرة بنت حزم كانت تحت سعد بن الربيع فقتل عنها بأحد، وكان له منها ابنة، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم تطلب ميراث ابنتها، ففيها نزلت {ويستفتونك في النساء...} الآية.
وأخرج ابن المنذر من طريق ابن عون عن الحسن وابن سيرين في هذه الآية قال أحدهما: ترغبون فيهن، وقال الآخر: ترغبون عنهن.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن الحسن في قوله: {وترغبون أن تنكحوهن} قال: ترعبون عنهن.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن عبيدة {وترغبون أن تنكحوهن} قال: ترغبون عنهن.