فصل: تفسير الآيات (86- 96):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور (نسخة منقحة)



.تفسير الآيات (86- 96):

{فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ (86) تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (87) فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ (88) فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ (89) وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (90) فَسَلَامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (91) وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ (92) فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ (93) وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ (94) إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ (95) فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (96)}
أخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {غير مدينين} قال: غير محاسبين.
وأخرج عبد حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله تعالى عنه {فلولا إن كنتم غير مدينين} قال: غير محاسبين {ترجعونها} قال: النفس.
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير رضي الله عنه والحسن وقتادة مثله.
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {غير مدينين} قال: غير موقنين.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الحسن رضي الله عنه {فلولا إن كنتم غير مدينين} قال: غير مبعوثين يوم القيامة.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد وعبد بن حميد وابن المنذر عن الربيع بن خيثم في قوله: {فأما إن كان من المقربين فروح وريحان} قال: هذا له عند الموت {وجنة نعيم} قال: تخبأ له الجنة إلى يوم يبعث {وأما إن كان من المكذبين الضالين فنزل من حميم} قال: هذا عند الموت {وتصلية جحيم} قال: تخبأ له الجحيم إلى يوم يبعث.
وأخرج أبو عبيد في فضائله وأحمد وعبد بن حميد والبخاري في تاريخه وأبو داود والترمذي وحسنه والنسائي والحكيم الترميذي في نوادر الأصول والحاكم وصححه وأبو نعيم في الحلية وابن مردويه عن عائشة أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ {فروح وريحان} برفع الراء.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر قال: «قرأت على رسو ل الله صلى الله عليه وسلم سورة الواقعة فلما بلغت {فروح وريحان} قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {فروح وريحان}».
وأخرج عبد بن حميد عن عوف عن الحسن أنه كان يقرأها {فروح وريحان} برفع الراء.
وأخرج أبو عبيد وسعيد بن منصور وابن المنذر عن قتادة أنه كان يقرأ {فروح} قال: رحمة، قال: وكان الحسن يقرأ {فروح} يقول: راحة.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {فروح} قال: راحة {وريحان} قال: استراحة.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: يعني بالريحان المستريح من الدنيا {وجنة نعيم} يقول: مغفرة ورحمة.
وأخرج مالك وأحمد وعبد بن حميد في مسنده والبخاري ومسلم والنسائي عن أبي قتادة قال: «كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مرت جنازة فقال: مستريح ومستراح منه، فقلنا يا رسول الله: ما المستريح وما المستراح منه؟ قال: العبد المؤمن يستريح من نصب الدنيا وأذاها إلى رحمة الله سبحانه وتعالى، والعبد الفاجر يستريح منه العباد والبلاد والشجر والدواب».
وأخرج القاسم بن مندة في كتاب الأحوال والإِيمان بالسؤال عن سلمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن أول ما يبشر به المؤمن عند الوفاة بروح وريحان وجنة نعيم، وإن أول ما يبشر به المؤمن في قبره أن يقال: أبشر برضا الله تعالى والجنة، قدمت خير مقدم قد غفر الله لمن شيعك إلى قبرك وصدق من شهد لك واستجاب لمن استغفر لك».
وأخرج هناد بن السري وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله: {فروح وريحان} قال: الروح الفرح، والريحان الرزق.
وأخرج ابن المنذر عن محمد بن كعب القرظي في قوله: {فروح وريحان}. قال: فرج من الغم الذي كانوا فيه، واستراحة من العمل، لا يصلون ولا يصومون.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير الضحاك قال: الروح الاستراحة، والريحان الرزق.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وأبو القاسم بن منده في كتاب السؤال عن الحسن في قوله: {فروح وريحان} قال: ذاك في الآخرة فاستفهمه بعض القوم فقال: أما والله إنهم ليسرون بذلك عند الموت.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله: {فروح وريحان} قال: الريحان الرزق.
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن قال: الروح الرحمة، والريحان هو هذا الريحان.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {فروح وريحان} قال: الروح الرحمة والريحان يتلقى به عند الموت.
وأخرج المروزي في الجنائز وابن جرير عن الحسن قال: تخرج روح المؤمن من جسده في ريحانة، ثم قرأ {فأما إن كان من المقربين فروح وريحان}.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي الدنيا في ذكر الموت وعبدالله بن أحمد في زوائد الزهد عن أبي عمران الجوني في قوله: {فأما إن كان من المقربين فروح وريحان} قال: بلغني أن المؤمن إذا نزل به الموت تلقى بضبائر الريحان من الجنة فيجعل روحه فيها.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي العالية قال: لم يكن أحد من المقربين يفارق الدنيا حتى يؤتى بغصن من ريحان الجنة فيشمه ثم يقبض.
وأخرج ابن أبي الدنيا في ذكر الموت عن بكر بن عبدالله قال: إذا أمر ملك الموت بقبض روح المؤمن أتى بريحان من الجنة، فقيل له: اقبض روحه فيه، وإذا أمر بقبض روح الكافر أتى ببجاد من النار فقيل له: أقبضه فيه.
وأخرج البزار وابن مردويه عن أبي هريرة عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «إن المؤمن إذا حضر أتته الملائكة بحريرة فيها مسك وضبائر ريحان، فتسل روحه كما تسل الشعرة من العجين، ويقال: أيتها النفس الطيبة أخرجي راضية مرضيّاً عنك إلى روح الله وكرامته، فإذا خرجت روحه وضعت على ذلك المسك والريحان وطويت عليها الحريرة وذهب به إلى عليين، وإن الكافر إذا حضر أتته الملائكة بمسح فيه جمر فتنزع روحه انتزاعاً شديداً، ويقال: أيتها النفس الخبيثة أخرجي ساخطة مسخوطاً عليك إلى هوان الله وعذابه، فإذا خرجت روحه وضعت على تلك الجمرة، فإن لها نشيشاً ويطوى عليها المسح ويذهب به إلى سجين».
وأخرج أبن أبي الدنيا في ذكر الموت عن إبراهيم النخعي قال: بلغنا أن المؤمن يستقبل عند موته بطيب من طيب الجنة، وريحان من ريحان الجنة، فتقبض روحه فتجعل في حرير الجنة، ثم ينضح بذلك الطيب، ويلف في الريحان ثم ترتقي به ملائكة الرحمة حتى يجعل في عليين.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله: {فسلام لك من أصحاب اليمين} قال: تأتيه الملائكة بالسلام من قبل الله تسلم عليه وتخبره أنه من أصحاب اليمين.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله: {فسلام لك من أصحاب اليمين} قال: سلام من عذاب الله، وسلمت عليه ملائكة الله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {وأما إن كان من المكذبين الضالين فنزل من حميم} قال: لا يخرج الكافر من دار الدنيا حتى يشرب كأساً من حميم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في الآية قال: من مات وهو يشرب الخمر شج في وجهه من جمر جهنم.
وأخرج ابن مردويه عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: «{فأما إن كان من المقربين فروح وريحان} قال: هذا في الدنيا {وأما إن كان من المكذبين الضالين فنزل من حميم وتصلية جحيم} قال: هذا في الدنيا».
وأخرج أحمد وابن المنذر وابن مردويه عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: حدثني فلان بن فلان سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ومن كره الله لقاءه، فأكب القوم يبكون فقالوا: إنا نكره الموت، قال: ليس ذاك، ولكنه إذا حضر {فأما إن كان من المقربين فروح وريحان وجنة نعيم} فإذا بشر بذلك أحب لقاء الله والله للقائه أحب {وأما إن كان من المكذبين الضالين فنزل من حميم} فإذا بشر بذلك كره لقاء الله والله للقائه أكره».
وأخرج آدم ابن أبي اياس عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: «تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآيات {فلولا إذا بلغت الحلقوم} إلى قوله: {فروح وريحان وجنة نعيم} إلى قوله: {فنزل من حميم وتصلية جحيم} ثم قال: إذا كان عند الموت قيل له هذا فإن كان من أصحاب اليمين أحب لقاء الله وأحب الله لقاءه، وإن كان من أصحاب الشمال كره لقاء الله وكره الله لقاءه».
وأخرج البخاري ومسلم والترمذي والنسائي عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه، فقالت عائشة رضي الله عنها: إنا لنكره الموت، فقال: ليس ذاك، ولكن المؤمن إذا حضر الموت بشر برضوان الله وكرامته، فليس شيء أحب إليه مما أمامه، وأحب لقاء الله، وأحب الله لقاءه، وإن الكافر إذا حضر بشر بعذاب الله وعقوبته فليس شيء أكره إليه مما أمامه وكره لقاء الله وكره الله لقاءه».
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من ميت يموت إلا وهو يعرف غاسله ويناشد حامله إن كان بخير {فروح وريحان وجنة نعيم} أن يعجله وإن كان بشر {فنزل من حميم وتصلية جحيم} أن يحبسه».
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {إن هذا لهو حق اليقين} قال: ما قصصنا عليك في هذه السورة.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {إن هذا لهو حق اليقين} قال: إن الله عز وجل ليس تاركاً أحداً من خلقه حتى يقفه على اليقين من هذا القرآن فأما المؤمن فأيقن في الدنيا فنفعه ذلك يوم القيامة، وأما الكافر فأيقن يوم القيامة حين لا ينفعه اليقين.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه {إن هذا لهو حق اليقين} قال: الخبر اليقين.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر عن مسروق رضي الله عنه قال: من أراد أن يعلم نبأ الأولين والآخرين، ونبأ الدنيا والآخرة، ونبأ الجنة والنار، فليقرأ {إذا وقعت الواقعة}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {فسبح باسم ربك العظيم} قال: فصل لربك.
وأخرج سعيد بن منصور وأحمد وأبو داود وابن ماجة وابن حبان والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في سننه عن عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه قال: «لما نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم {فسبح باسم ربك العظيم} قال: اجعلوها في ركوعكم، ولما نزلت {سبح اسم ربك الأعلى} قال: اجعلوها في سجودكم».
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «قالوا يا رسول الله كيف نقول في ركوعنا؟ فأنزل الله الآية التي في آخر سورة الواقعة {فسبح باسم ربك العظيم} فأمرنا أن نقول: سبحان ربي العظيم وتراً». قال ابن مردويه: حدثنا محمد بن عبدالله بن إبراهيم الشافعي، أنبأنا الحسين بن عبدالله بن يزيد، أنبأنا محمد بن عبدالله بن سابور، أنبأنا الحكم بن ظهير عن السدي عن أبي مالك، أو عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {إذا وقعت الواقعة} قال: الساعة ليس لوقعتها كاذبة يقول: من كذب بها في الدنيا فإنه لا يكذب بها في الآخرة إذا وقعت {خافضة رافعة} قال: القيامة خافضة، يقول: خفضت فأسمعت الأذنين، ورفعت فأسمعت الأقصى، كان القريب والبعيد فيها سواء، قال: وخفضت أقواماً قد كانوا في الدنيا مرتفعين، ورفعت أقواماً حتى جعلتهم في أعلى عليين {إذا رجت الأرض رجّاً} قال: هي الزلزلة {وبست الجبال بسّاً} {فكانت هباء منبثّاً} قال: الحكم والسدي قال: على هذا الهرج هرج الدواب الذي يحرك الغبار {وكنتم أزواجاً ثلاثة} قال: العباد يوم القيامة على ثلاثة منازل {فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة} هم: الجمهور جماعة أهل الجنة {وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة} هم أصحاب الشمال يقول: ما لهم وما أعد لهم {والسابقون السابقون} هم مثل النبيين والصديقين والشهداء بالأعمال من الأولين والآخرين {أولئك المقربون} قال: هم أقرب الناس من دار الرحمن من بطنان الجنة وبطنانها وسطها في جنات النعيم {ثلة من الأولين وقليل من الآخرين على سرر موضونة} قال: الموضونة الموصولة بالذهب المكللة بالجوهر والياقوت {متكئين عليها متقابلين} قال ابن عباس: ما ينظر الرجل منهم في قفا صاحبه، يقول: حلقاً حلقاً {يطوف عليهم ولدان مخلدون} قال: خلقهم الله في الجنة كما خلق الحور العين لا يموتون لا يشيبون ولا يهرمون {بأكواب وأباريق} والأكواب التي ليس لها آذان مثل الصواع والأباريق التي لها الخراطم والأعناق {وكأس من معين} قال: الكأس من الخمر بعينها ولا يكون كأس حتى يكون فيها الخمر، فإذا لم يكن فيها خمر فإنما هو إناء والمعين يقول: من خمر جار {لا يصدعون عنها} عن الخمر {ولا ينزفون} لا تذهب بعقولهم {وفاكهة مما يتخيرون} يقول: مما يشتهون يقول: يجيئهم الطير حتى يقع فيبسط جناحه فيأكلون منه ما اشتهوا نضجاً لم تنضجه النار، حتى إذا شبعوا منه طار فذهب كما كان {وحور عين} قال: الحور البيض، والعين العظام الأعين حسان {كأمثال اللؤلؤ} قال: كبياض اللؤلؤ التي لم تمسه الأيدي ولا الدهر المكنون الذي في الأصداف، ثم قال: {جزاء بما كانوا يعملون لا يسمعون فيها لغواً} قال: اللغو الحلف لا والله، وبلى والله {ولا تأثيماً} قال: قال لا يموتون {إلا قيلاً سلاماً سلاماً} يقول: التسليم منهم وعليهم، بعضهم على بعض قال: هؤلاء المقربون، ثم قال: {وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين} وما أعد لهم {في سدر مخضود} والمخضود الموقر الذي لا شوك فيه {وطلح منضود وظل ممدود} يقول: ظل الجنة لا ينقطع ممدود عليهم أبداً {وماء مسكوب} يقول: مصبوب {وفاكهة كثيرة لا مقطوعة ولا ممنوعة} قال: لا تنقطع حيناً وتجيء حيناً مثل فاكهة الدنيا، ولا ممنوعة كما تمنع في الدنيا إلا بثمن {وفرش مرفوعة} يقول: بعضها فوق بعض ثم قال: {إنا أنشأناهن إنشاء} قال: هؤلاء نساء أهل الجنة وهؤلاء العجز الرمص يقول: خلقهم خلقاً {فجعلناهن أبكاراً} يقول: عذارى {عرباً أتراباً} والعرب المتحببات إلى أزواجهن، والأتراب المصطحبات اللاتي لا تغرن {لأصحاب اليمين ثلة من الأولين وثلة من الآخرين} يقول: طائفة من الأولين وطائفة من الآخرين {وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال} ما لهم وما أعد لهم {في سموم} قال: فيح نار جهنم {وحميم} الماء الجار الذي قد انتهى حره، فليس فوقه حر {وظل من يحموم} قال: من دخان جهنم {لا بارد ولا كريم} إنهم كانوا قبل ذلك مترفين قال: مشركين جبارين {وكانوا يصرون} يقيمون {على الحنث العظيم} قال: على الإِثم العظيم، قال: هو الشرك {وكانوا يقولون أئذا متنا وكنا تراباً وعظاماً} إلى قوله: {أو آباؤنا الأوّلون} قال: قل يا محمد إن الأولين والآخرين لمجموعون {إلى ميقات يوم معلوم} قال: يوم القيامة {ثم إنكم أيها الضالون} قال: المشركون المكذبون {لآكلون من شجر من زقوم} قال: والزقوم إذا أكلوا منه خصبوا والزقوم شجرة {فمالئون منها البطون} قال: يملأون من الزقوم بطونهم {فشاربون عليه من الحميم} يقول: على الزقوم الحميم {فشاربون شرب الهيم} هي الرمال لو مطرت عليها السماء أبداً لم ير فيها مستنقع {هذا نزلهم يوم الدين} كرامة يوم الحساب {نحن خلقناكم فلولا تصدقون} يقول: أفلا تصدقون {أفرأيتم ما تمنون} يقول: هذا ماء الرجل {أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون} {نحن قدرنا بينكم الموت} في المتعجل والمتأخر {وما نحن بمسبوقين على أن نبدل أمثالكم} فيقول: نذهب بكم ونجيء بغيركم {وننشئكم فيما لا تعلمون} يقول: نخلقكم فيها لا تعلمون، إن نشأ خلقناكم قردة وإن نشأ خلقناكم خنازير {ولقد علمتم النشأة الأولى فلولا تذكرون} يقول: فهلا تذكرون، ثم قال: {أفرأيتم ما تحرثون} يقول: ما تزرعون {أم نحن الزارعون} يقول: أليس نحن الذي ننبته أم أنتم المنبتون {لو نشاء لجعلناه حطاماً فظلتم تفكهون} يقول: تندمون {إنا لمغرمون} يقول: إنا لمواريه {بل نحن محرومون أفرأيتم الماء الذي تشربون أأنتم أنزلتموه من المزن} يقول: من السحاب {أم نحن المنزلون لو نشاء جعلناه أجاجاً} يقول: مرّاً {فلولا تشكرون} يقول: فهلا تشكرون {أفرأيتم النار التي تورون} يقول: تقدحون {أأنتم أنشأتم} يقول: خلقتم {شجرتها أم نحن المنشئون} قال: وهي من كل شجرة إلا في العناب وتكون في الحجارة {نحن جعلناها تذكرة} يقول: يتذكر بها نار الآخرة العليا {ومتاعاً للمقوين} قال: والمقوي هو الذي لا يجد ناراً فيخرج زنده فيستنور ناره فهي متاع له {فسبح باسم ربك العظيم} يقول: فصل لربك العظيم {فلا أقسم بمواقع النجوم} قال: أتى ابن عباس علبة بن الأسود، أو نافع بن الحكم فقال له: يا ابن عباس إني أقرأ آيات من كتاب الله أخشى أن يكون قد دخلني منها شيء.
قال ابن عباس: ولم ذلك؟ قال: لأني أسمع الله يقول: {إنا أنزلناه في ليلة القدر} [ القدر: 2] ويقول: {إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين} [ الدخان: 3] ويقول في آية أخرى: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن} [ البقرة: 185] وقد نزل في الشهور كلها شوال وغيره. قال ابن عباس: ويلك إن جملة القرآن أنزل من السماء في ليلة القدر إلى {بمواقع النجوم} يقول: إلى سماء الدنيا فنزل به جبريل في ليلة منه وهي ليلة القدر المباركة، وفي رمضان، ثم نزل به على محمد صلى الله عليه وسلم في عشرين سنة الآية والآيتين والأكثر، فذلك قوله: {لا أقسم} يقول: أقسم {بمواقع النجوم} {وإنه لقسم} والقسم قسم وقوله: {لا يمسه إلا المطهرون} وهم السفرة والسفرة هم الكتبة، ثم قال: {تنزيل من رب العالمين} {أفبهذا الحديث أنتم مدهنون} يقول: تولون أهل الشرك وتجعلون رزقكم قال ابن عباس رضي الله عنهما: سافر النبي صلى الله عليه وسلم في حر، فعطش الناس عطشاً شديداً حتى كادت أعناقهم أن تنقطع من العطش، فذكر ذلك له قالوا: يا رسول الله لو دعوت الله فسقانا، قال لعلّي إن دعوت الله فسقاكم لقلتم هذا بنوء كذا وكذا قالوا: يا رسول الله ما هذا بحين أنواء، ذهبت حين الأنواء، فدعا بماء في مطهرة فتوضأ ثم ركع ركعتين، ثم دعا الله فهبت رياح وهاج سحاب، ثم أرسلت فمطروا حتى سال الوادي، فشربوا وسقوا دوابهم، ثم مر النبي صلى الله عليه وسلم برجل وهو يغترف بقعب معه من الوادي وهو يقول: نوء كذا وكذا سقطت الغداة، قال: نزلت هذه الآية {وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون فلولا إذا بلغت الحلقوم} يقول: النفس {وأنتم حينئذ تنظرون} {ونحن أقرب إليه منكم} يقول: الملائكة {ولكن لا تبصرون} يقول: لا تبصرون الملائكة {فلولا} يقول: هلا {إن كنتم غير مدينين} غير محاسبين {ترجعونها} يقول: إن ترجعوا النفس {إن كنتم صادقين فأما إن كان من المقربين} مثل النبيين والصديقين والشهداء بالأعمال {فروح} الفرح مثل قوله: {ولا تيأسوا من روح الله} [ يوسف: 87] {وريحان} الرزق قال ابن عباس: لا تخرج روح المؤمن من بدنه حتى يأكل من ثمار الجنة قبل موته {وجنة نعيم} يقول: حققت له الجنة والآخرة {وأما إن كان من أصحاب اليمين} يقول: جمهور أهل الجنة {فسلام لك من أصحاب اليمين وأما إن كان من المكذبين الضالين} وهم المشركون {فنزل من حميم} قال: ابن عباس رضي الله عنهما لا يخرج الكافر من بيته في الدنيا حتى يسقى كأساً من حميم {وتصلية جحيم} يقول: في الآخرة {إن هذا لهو حق اليقين} يقول: هذا القول الذي قصصنا عليك لهو حق اليقين يقول القرآن الصادق، والله أعلم.