فصل: الثاني في الأقارير المجملة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة في فروع المالكية ***


كتاب الإقرار

وهذه المادة، وهي الإقرار والقرار والقر والقارورة ونحو ذلك من السكون والثبوت؛ لأن الإقرار يثبت الحق، والمقر أثبت الحق على نفسه، والقرار السكون، والقبر البرد، وهو يسكن الدماء والأعضاء، والقارورة يستقر فيها المائع، وأصلها من الكتاب والسنة وإجماع الأمة، أما الكتاب فقوله تعالى‏:‏‏{‏وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيناكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال آقررتم وأخذتم على ذلكم إصرى قالوا أقررنا‏}‏‏.‏ وقوله تعالى‏:‏‏{‏وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذرياتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى‏}‏‏.‏ وهو كثير، وأما السنة فما في الصحيحين‏.‏

الأول في الأركان

وهي أربعة‏.‏

الركن الأول المقر، وفي الجواهر‏:‏ ينقسم إلى مطلق ومجبور، فالمطلق ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ لم يجز إقراره ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ لتعذر الإشهاد عليه، وأبطله ‏(‏ش‏)‏، وقال صاحب الإشراف وهو القاضي عبد الوهاب‏:‏ لا يصح إقرار المراهق لقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ رفع القلم عن ثلاثة عن الصبي حتى يبلغ وفي بعضه حتى يحتلم‏.‏ وزمن إقراره كان القلم مرفوعا عنه، وقياسا على الشهادة أو على غير المأذون، واتفق الجميع على قبوله في الاحتلام في زمان الإمكان، وأما السكران ففيه خلاف تقدم في الطلاق، وقال ‏(‏ش‏)‏ وابن حنبل‏:‏ إن كان سكره بسبب مباح كمن شرب دوات للتداوي أو أكره على السكر فهو كالمجنون وإلا فهو كالصاحي، وهو عند ‏(‏ح‏)‏ كالصاحي، ومنع ‏(‏ح‏)‏ إقرار المريض لابن العم مع البنت، ونحوهما وبالعكس، وعند ‏(‏ش‏)‏ قولان في جواز الصورتين، والصحيح عنده الإمضاء ووافقنا ابن حنبل وأصل المسألة أن المرض، هل يؤثر في الإقرار أم لا‏.‏

لنا أن الإقرار إخبار عن ثبوت الحق فيبطل مع الظلمة، وكذا ويصح مع عدمه كالشهادة، وهذا بخلاف قول من قال إنها حالة الإنابة وحسن الحالة والبعد عن الذنوب فلا يقدح في الإقرار؛ لأنه يبطل بالشهادة، ولأنه ممنوع من أن يهب للوارث

شيئا من خالص ماله، وهو الثلث لأجل الحجر، والحجر يمنع صحة الإقرار كالجنون، احتجوا بقوله تعالى‏:‏‏{‏يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم‏}‏‏.‏ وشهادة الإنسان على نفسه إنما هي بالإقرار، ولأنه يصح إقراره بوارث، أو يقال‏:‏ صح إقراره ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ فيصبح للوارث للصحيح أو المرض، يعني يمتنع التبرع فيه لحق الورثة، فلا يمنع الإقرار بحق الورثة كالزائد على الثلث في حق الأجنبي، أو معنى يعلم به وجوب الحق، فيستوي فيه المريض والصحيح والوارث والأجنبي كالبينة‏.‏

الجواب عن الأول ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ كل ما وجب إظهاره وجب قبوله كالفاسق يجب عليه إظهاره ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ من الشهادة، ولا يلزم العمل بها والسفيه، والعبد يجب عليها الإقرار بما عليهما ولا يلزم قبوله‏.‏

عن الثاني أنه لا يتهم في إلحاق النسب بخلاف الإقرار للوارث ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ بينهما يثبت منها، وما يثبت ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ وهو الجواب عن الثالث وعن الرابع أن الزائد على الثلث حق الوارث فيمكنه إجازته والإقرار إذا ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ لزم الوارث غرماءه وجب‏.‏

تفريع‏.‏

في الكتاب‏:‏ إذا أقر ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ وما أخذ به الصحيح أنه فعله أخذ به ما لم يمرض المقر أو يموت فيبطل، فإن قامت به بينة إلا العتق والكفالة؛ لأنه دين يثبت في ماله في الصحة، وإذا أقر المريض أنه فعله في صحته من عتق أو كفالة أو صدقة أو غيرها لوارث أم لا بطل من الثلث وغيره فيكون ميراثا‏.‏

قال صاحب التنبيهات‏:‏ أكثر المختصرين كابن أبي زيد وغيره قد سووا بين الكفالة والصدقة في البطلان، وحملوا الكتاب عليه، وبعضهم فرق بين الكفالة

فتلزم لأنها دين، وغيرها فلا يلزم، قاله أبو عمران وغيره، وقال‏:‏ إنما يبطل منها ما هو لوارث، ومن لا يصح إقراره له في المرض، وفرق بعضهم فقال‏:‏ إن أقر في مرضه أنه تكفل في صحته في أصل عقد البيع أو قرض فيلزم؛ لأنه دين لا معروف؛ لأنه أخرج به الملك من يد مالكه أو بعد العقد فهو معروف، وقوله في العتق لا يلزم في ثلث ولا غيره هو كذلك إلا أن يقول أنفذوا هذه الأشياء فيخرج من الثلث ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ أن العتق فيما إذا لم يأمره بتنفيذه يخرج من الثلث؛ لأنه لو ثبت خرج من رأس المال بخلاف الصدقة والحبس، إذ لو ثبت لعدم الحوز، قال محمد‏:‏ هذا غلط ويبطل ذلك كله‏.‏

وفي الجواهر‏:‏ لو أقر أنه وهب لوارث في الصحة لم يقبل، وحمل على الوصية للتهمة، ولو أقر بدين مستغرق ومات فأقر وارثه بدين مستغرق ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ لقدم إقرار الوارث لوقوع إقرار الوارث بعد الجحد، ولو أقر بعين ما في يديه لشخص ثم أقر بدين مستغرق سلم العين للأول ولا شيء للثاني؛ لأنه مات مفلسا‏.‏

فروع عشرة‏:‏

الأول قال الطرطوشي‏:‏ إذا أقر المريض لأجانب لا يتهم عليهم وأقر لبعضهم في الصحة ولبعضهم في المرض، وضاقت التركة، استووا في المحاصة، وقاله ‏(‏ش‏)‏، وقال ‏(‏ح‏)‏‏:‏ يقدم غرماء الصحة ولا خلاف أن من تقدم إقراره في المرض لشخص ثم أقر لآخر أنهما سواء، وإن كان للتقديم والتأخير أثر في التبرعات، وقال‏:‏ لو حابى ثم ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ قدمت المحاباة ولو عكس تساويا، وأصل المسألة أن المرض لا يؤثر في الإقرار عند ‏(‏ش‏)‏ ويؤثر عند ‏(‏ح‏)‏، وعندنا يؤثر في محل تقوى فيه التهمة‏.‏

لنا قوله تعالى‏:‏‏{‏كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم‏}‏‏.‏

وشهادة الإنسان على نفسه إقرار، وقال صلى الله عليه وسلم‏:‏ قولوا الحق ولو على أنفسكم‏.‏ ولأنه دين ثبت في المرض فساوى الثابت في الصحة، كما إذا ثبت بالبينة في المرض، أو كدينين ثبتا في الصحة وتساويا، ويؤكده أنه لو أقر بزوجية امرأة وأنه لم يدفع الصداق أو بظن بيع معين وأنه لم يدفعه فإنه يساوي ديون الصحة؛ لأن المرض لا يحدث حجرا في الإقرار في حق الأجانب لأحد الوارث ‏(‏كذا‏)‏ وأحدثه في التبرعات مع كون حق الوارث أقوى اتفاقا، وإذا أحدثنا الحجر في التبرعات فلا يؤثر فيها دون الإقرار ثم كالوقف ‏(‏كذا‏)‏ حجرا في الإقرار بالعقوبات فلا يؤثر فيها ما أحدثه في المال فأثر فيه فلا فرق في الصحة والمرض كالتبرع في الصحة ورد بعضها في المرض، وذلك لا يوجب فرقا في الأقارير عنه لانتفاء التهمة؛ لأن الأقارير ولا ردة على الذمة، والذمة لا تختلف في الصحة والمرض، والدين الأول ما تعاقد بالصحة، أو نقول‏:‏ كل حق لو ثبت بالبينة في حال المرض ساوى ما ثبت بالبينة في حال الصحة، وكذلك ما ثبت بالإقرار ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ كان الوارث المقر به يرث المال كالمقر به في الصحة وأما مهر الزوجة ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ خوف أن لا يفصل لو ثبت في مقر الأجنبي على بعده ‏(‏كذا‏)‏ فعلى الوارث إن كان المرض لابنا ‏(‏كذا‏)‏ في صحة الإقرار، بل يوجب تعلق الحقوق بالمال، ولا يمنع من المزاحمة فيه، فكذا إذا أقر السيد بجناية العبد المرهون‏.‏

والجواب عن الأول أن العبد الأصل فيه الحجر والإطلاق على شروطهما ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏

عن الثاني لا نسلم أنه أقوى؛ لأن الإقرارين إخبار عن الحق، وأما الكفن فإنه لا يقبل التأخير؛ لأنه لا يحتاج إليه في نفسه ككسوته مؤنته في الحياة، كما تقدم الغريم على الوارث؛ لأن الدين موجب لحقه فهو مشعر بالحاجة، وحق الوارث أنهما يتعلق بالفاضل، وهذا لا يوجب فرقا في الأقارير‏.‏

عن الثالث أنه يبطل في الصحة ويوقف في المرض، فإن التهمة في الإقرار الثاني إذا أقر بزوجية امرأة وأنه لم يدفع الصداق وبثمن مبيع وأنه لم يدفع الثمن‏.‏

عن الرابع لا نسلم تعلق الحقوق بالمال، بل الإقرار يصادف الذمة كالمال‏.‏

الثاني قال صاحب الإشراف‏:‏ إذا أقر في المرض بقبض دينه ممن لا يتهم في حقه قبل إقراره وبرئ من كان عليه الدين سواء أداين في الصحة أو في المرض، وقال ‏(‏ح‏)‏‏:‏ يقبل إقراره فيما أدانه في الصحة دون المرض‏.‏

لنا قياس أحدهما على الآخر بجامع إقرار البالغ العاقل مع نفي التهمة، أو كما إذا باع دارا وأقر بقبض ثمنها‏.‏

الثالث قال الطرطوشي‏:‏ إذا أقر بعض الورثة بدين على الميت لزمه بقدر حصته قاله مالك، وقال ابن حبيب‏:‏ أصحاب مالك كلهم يرون هذا القول وهما من مالك؛ لأنه لا ميراث إلا بعد قضاء الدين جميع الدين في ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ والصواب قول مالك وهو قول ابن القاسم وأحد قولي ‏(‏ش‏)‏، والقول الآخر هو قول ‏(‏ح‏)‏، وأصل المسألة أنه إقرار على البت شائع في التركة أو هو إقرار على نفسه بما في يده عند ‏(‏ح‏)‏‏.‏

لنا أنه متعلق بمال التركة، فتكون بالحصة كالإقرار بالرهن والجناية في عبد مشترك ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ والشريك الآخر منكر، وكما لو صدقه باقي الورثة، ولأنه لو أقر لواحد بألف، والتركة ألف، ثم أقر لآخر بطل الثاني فدل على أن الإقرار على

التركات لا يلزمه حصته، كما لو أقر بعين سماها لم يلزمه إلا محاصته، أو يقول معنى يثبت به الدين في التركة فأثبته شائعا في الدار ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ على الجميع كالبينة، ولأنه اجتمع إقرار معتبر وإنكار معتبر بدليل تحليف المنكر، والإنكار يختص بحالة المنكر فيتعذر إثبات الحق على المنكر‏.‏

احتجوا بقوله تعالى‏:‏‏{‏من بعد وصية يوصي بها أو دين‏}‏‏.‏ فقدم الدين على الميراث فلا يتسلم المقر شيئا إلا بعد قضاء الدين، ولأن الدين يتعلق بالتركة وبكل جزء من أجزائها، والمنكر كالغاصب، فيتعلق الدين بالباقي كما إذا أقر الموروث بغصب حقه ‏(‏كذا‏)‏ بعض ماله‏.‏

والجواب عن الأول أن الله تعالى كما ذكر الدين ذكر الوصية، ولو أقر بالوصية أجحدها أخاه ‏(‏كذا‏)‏ لم يلزمه في نصيبه إلا بحصته، وكذلك في الدين ثم إن الدين إنما يقدم إذا ثبت، ولم يثبت عندنا إلا بقدر حصته فقط‏.‏

عن الثاني أن إقراره إنما أثبت حصته من الدين، أما جميعه فلا، بخلاف إقرار الموروث‏.‏

الرابع قال صاحب البيان‏:‏ إذا أقر أحد الزوجين لصاحبه بدين في المرض، فأربعة أحوال‏:‏ فإن أقر لوارث، والمقر له وغيره من الورثة في منزلة واحدة في القرب، فيبطل اتفاقا، إذا الدين دليل على صدقه، وإن لم يكن قاطعا بأن يكون المقر له عاقا فالإقرار بهذا لا يجوز كالزوجة إذا أقر لها وهي عادتها ببعضه وببعضها ‏(‏كذا‏)‏، وقيل‏:‏ تبطل بخلاف الزوجة ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ إذا كان بعض من لا يقر له ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ وبعضهم ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ على قولين نظرا لأحد القسمين فيمتنع، أو إلى الآخر فيجوز لعدم الثلاثة، فإن أقر بمن لا يعرف فهو ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ بولد جاز من رأس المال أوصى أن يتصدق به عنه أو يوقف له، واختلف إذا كان يورث كلالة فقيل‏:‏ إن وافق أن يوقف حتى يأتي لذلك طالب جار من رأس المال أو

يتصدق به لم يقبل من رأس المال، ولا من الغلة وقيل‏:‏ يجوز من الثلث كالوصية، وقيل‏:‏ ليس من رأس المال، ويبطل القسم مطلقا، وقال مالك‏:‏ إن أقرت المرأة عند الموت أنها قبضت صداقها من زوجها إن كان له أولاد، وقد يكون بينها وبينه شنآن فيجوز لعدم التهمة، ولو لم يكن لها ولد ومثلها يتهم يبطل‏.‏

الخامس قال‏:‏ قال ابن القاسم‏:‏ إذا أردت تحليفه فقال‏:‏ أخرني إلى سنة وأنا أقر لك، يحرم؛ لأنه سلف جر منفعة، فإن وقع لا يلزم الإقرار وتبقى الخصومة كما كانت؛ لأنه إنما رضي بالإقرار لتأخير وقتها‏.‏

السادس قال‏:‏ قال ابن القاسم‏:‏ إذا فلس المقارض بديون عليه فأقر في بعض ما في يديه أنه مال القراض لا يصدق عليه، وقيل‏:‏ يقبل؛ لأنه أمر لا يعلم إلا من قبله، وقيل‏:‏ الفرق بين أن يكون على أصل القراض سنة أم لا، قاله ابن القاسم أيضا، وقيل‏:‏ وإن لم يكن على أصل القراض بقية لا ما إذا كان فلا اختلاف أنه جائز، ويتأول النص المتقدم، فإن معناه أنه أقر على ما في يديه من غير متجر القراض أنه من القراض لئلا يباع عليه كمسلط يتجر في الحنطة فيقول‏:‏ هذا من القراض فلا يصدق‏.‏

السابع قال‏:‏ قال ابن القاسم‏:‏ لكما مال ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ بوكالة في قبضته، فقال الوكيل‏:‏ قبضت حقك دون حق صاحبك، والغريم ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ أنه كان بينكما، فهو بينكما؛ لأن الدين شائع فالمقبوض شائع، ولا خلاف فيه إذا اشتركا في الدين، ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ لم يمض لهما ميراث أو جناية؛ لأن سحنون يفرق بين الوجهين فيشركهما في الطوع فقط، وفي المدونة‏:‏ إذا أسلف الرجل له أجنبيا من نصيبه جاز، فإن ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ شريك، فقيل‏:‏ خلاف، وقيل‏:‏ لا؛ لأنه إنما لم يأخذ من شريكه نصيبه مما أخذ بسبب الإقالة لئلا يكون كل واحد منهما قد أقاله من بعض حقه فيصير بيعا وسلفا وبيع طعام قبل أن يستوفي، وإذا لم يكن

حقهما في هذه المسألة مجتمعا صدق الوكيل، قاله ابن القاسم، وعنه أن المقبوض بينكما، وإن اختلفا فقال الغريم‏:‏ قبضت حق فلان، وقال الوكيل‏:‏ بل حق الآخر، وكذلك على هذه الرواية لو اتفقا على أنه إنما اقتضى حق أحدهما؛ لأن الوكيل لا يصدق إذا كان الغريم عديما؛ لأنه يتهم على محاباته لأحدهما، قال‏:‏ والأظهر أن القول قوله ولا يتهم‏.‏

الثامن، في الكتاب‏:‏ ما فهم عن الأخرس من سائر الحقوق لزمه، وقاله ‏(‏ش‏)‏، وعند ‏(‏ح‏)‏ كذلك في المال والقصاص دون الحدود، لاختصاصها عنده بالإقرار ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ وهو متعذر منه، ولأن الحدود تدرأ بالشبهات، ولعل في نفسه شبهة تعذر عليه إظهارها بالإشارة، فقال‏:‏ ولا يقام عليه الحد بالبينة أيضا لتعذر إبداء الشبهة‏.‏

لنا أن مقصود ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ الإطلاع على ما في النفس بأي شيء دل على ما في النفس قام مقام ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏

التاسع قال ‏(‏ش‏)‏ وابن حنبل‏:‏ المكره لا يجوز إقراره، وهو مذهبنا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه‏.‏

العاشر في إقرار الأمين على من أمن عليه، وفي الجواهر‏:‏ الوكيل بالخصومة لا يقر على موكله، فلو قال له‏:‏ أقر عني، فهو بهذا القول كالمقر وفي الكتاب‏:‏ للوصي أن يسلف لليتيم ويأخذ من ماله؛ لأنه من وجوه المصلحة التي تعرض ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ على ذمة اليتيم؛ لأنه إنما ولي على المال ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ وأن المال له ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ له مال أخذت له ذلك؛ لأنه إلزام للذمة وعند

ح‏:‏ إذا أقر الوكيل ببيع الموكل عليه صدق؛ لأنه يملك إنشاءه بغير بينة بخلاف النكاح لا يملك إنشاءه إلا ببينة، فبينة الإنشاء تغني عن الإقرار، وهذا لا ينبغي أن يختلف فيه؛ لأن من ملك الإنشاء بغير بينة قبل إقراره‏.‏

الركن الثاني المقر له، وفي الجواهر‏:‏ له شرطان‏.‏

الشرط الأول أن يكون أهلا للاستحقاق، فلو قال لهذا الحجر ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ بطل قوله، وكذلك بهذا ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏؛ لأن عند القبول يكذب الإقرار، وقاله الأئمة، ولو أقر لعبد صح؛ لأنه يملك، وعند ‏(‏ش‏)‏ لا يملك وعنده أن إقراره بنكاح أو قصاص أو تغريم صح؛ لأنه يملكها أو ملكه سيده ذلك المال صح، وكان العبد على أحد قوليهم أنه يملك، وعلى القول الآخر يكون المال لسيده يثبت بتصديقه ويبطل برده، قياسا على اكتساب العبد عنه، ولو أقر لصبي لا يعقل أو لمجنون بشيء لزمه لقبوله للملك، وقاله الأئمة، ولو قال‏:‏ اشتريت منه هذا العبد أو استأجرته، أو وهبه لي، كان إقراره بالعبد وما نسبه إليه من الفعل باطلا لعدم قبوله لذلك الفعل، ولحمل فلانة على ألف من هبة أو صدقة قبل أن وضعت لستة أشهر من يوم الإقرار لتبين حصول مقارنة لوجود الجنين أو تقدمه على الإقرار أو لأكثر من ستة أشهر، وزوجها مرسل عليها، لم يلزمه ما ذكر من هبة أو وصية أو صدقة لعدم تيقن المقارنة، ومتى شككنا في الشرط الذي هو السيد القابل للملك لم يثبت الملك، فإن كان معزولا عنها فقيل بجواز الإقرار إذا وضعت لأربع سنين فدونها؛ لأن القرائن تقتضي أن الحمل لم يحدد‏.‏

تنبيه قول الفقهاء في وضع الجنين لستة أشهر ولد إذا كان، وأما الجنين ‏(‏كذا‏)‏؛ لأنه لم يتم أقل من ستة أشهر، وقد تقدم، لو كان ذلك لكان ابن ثمان لا يعيش، وابن السبعة يعيش، وتفصيل ذلك وتعليله وفي لحوق الولد بالفدا ‏(‏كذا‏)‏ وأما متى وضع ناقصا فإنه يلحق إذا كانت المدة نسبتها إلى ذلك النقص كنسبة الستة الأشهر إلى التام، وقول صاحب الجواهر هاهنا‏:‏ إذا كان معزولا عنها

ينبغي أن يحمل على أنها وضعته لما ذكر من المدة، ويكون أولها آخر يوم كان مرسلا عليها، ويكون ذلك الإقرار قد وقع في ذلك أو بعده لتيقن المقارنة، أو يقدم الحمل، وأما قبل ذلك فالشك حاصل، قال‏:‏ فإن وضعت توأمين كان المقر بينهما تسعين؛ لأنه ليس أحدهما أولى من الآخر، ولو كان أحدهما ميتا كان الحي معهما منها ‏(‏كذا‏)‏ لعدم تيقن المقارنة في حق الميت، ولو ولدت ولدا ميتا بطل الإقرار‏.‏

قاعدة كل مشكوك فيه ملغي إجماعا، فمتى شككنا في السبب لا نرتب الحكم، كما إذا شككنا في الزوال لا نوجب الظهر، أو في الشرط لا نرتب المشروط، كما إذا شككنا في الطهارة لا نقضي بصحة الصلاة، أو شككنا في المانع انتفى الحكم، بل يثبت إن وجد سببه، كما إذا شككنا في الردة أثبتنا الميراث، وهذه القاعدة مجمع عليها وإنما اختلف العلماء إذا تعينت المخالفة، ‏(‏كذا‏)‏ هذه القاعدة بالسبب أو التفريط فإن الوجهين اختلاف، وقد تقدم بسط ذلك في الطهارة‏:‏ إذا تيقن الطهارة وشك في الحديث، فكذلك هاهنا إذا شككنا في الشك وهو الفعل القابل للملك لا يثبت الملك لهذه القاعدة، ووافقنا الأئمة في الإقرار للجنين إذا ذكر شيئا يمكن أن يملك به الجنين كما تقدم، بخلاف لو قال‏:‏ بعته منه أو وهبني لتعذر ذلك من الجنين، وخرج الشافعية الخلاف فيما إذا وصل إقراره بما يفسده، وصرح الحنفيه بإبطاله الأئمة في اشتراط يتأتى فيها مقارنة المحل للإقرار‏.‏

تنبيه الإنشاآت في الأملاك يشترط فيها مقارنة المشروط، والإقرار يتم سببا بل هو دليل تقدم سبب الاستحقاق، وكذلك ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ الغالب منها ثمنا؛ لأن التصرف محمول على الغالب، ولو أقر بدينار وفي البلد نقد غالب لعمل الغالب؛ لأن الإقرار دليل سبب الاستحقاق، ولعل السبب وقع في بلد آخر وزمان متقدم على طريان هذا الغائب، فلتعين هذا الغالب ‏(‏كذا‏)‏ فيقبل تفسيره للدينار وإن كان

على خلاف الغالب المشترك، ومقتضى هذه القاعدة أن يشترط المقارنة إذا أوصى للجنين أو ملكه ويشترط للتقدم فيها إذا إقرار ‏(‏كذا‏)‏ فإن السبب مقدم على الإقرار قطعا‏.‏

قال صاحب الجواهر‏:‏ فلو أطلق ولم يذكر الجهة لزم أيضا، فإذا قيل له‏:‏ مماذا‏؟‏ قال‏:‏ أقر ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ فهذا متعذر ويعد ندما، ولو قال‏:‏ أنا وصي ابنه عليه وترك مائة وألفا ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ كلمة المائة دينا عليه؛ لأن الضمير مؤنث يعود على المائة لا على الألف، وإن وصفت ذكرا وأنثى فالمال بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين، وإن كانت ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ المال زوجة فلها الثمن من ذلك؛ لأنه أقر أنه تركه له الجد فيقسم على الفرائض، وإن ولدت ميتا فالمال لعصبة الميت لتعذر ميراث الجنين إذا لم يستهل بالوضع فينتقل لوارث الأب، وقاله ‏(‏ح‏)‏، وكذلك إذا كان المقر به وصية رجع لورثة الموصي، وقال أيضا‏:‏ إن جاءت بولدين ذكر وأنثى ففي الوصية‏:‏ المال بينهما نصفان، وفي الميراث للذكر مثل حظ الأنثيين؛ لأن قول المقر في بيان السبب مقبول، ولا ينبغي أن يخالفه في هذا التفصيل؛ لأنه لو أوصى لرجل وأمرأة، أو أقر لهما استويا، فكذلك الجنين‏.‏

الشرط الثاني أن لا يلزمها المقر، في الجواهر‏:‏ إن كذبه لم يسلم إليه؛ لأن تكذيبه اعتراف بسقوط حقه، ويترك في يد المقر، فإن رجع المقر فله ذلك؛ لأن الذكر قد يطرأ بعد النسيان، ولا رجوع للمقر له بعد ذلك إلا أن يعيد المقر إلى الإقرار، فيكون للمقر له حينئذ التصديق والأخذ، ووافقنا الأئمة في أن تكذيب المقر له للمقر أنه يبطل الإقرار، وأنه يبقى للمقر لبطلان الإقرار‏.‏

الركن الثالث المقر به، وفي الجواهر‏:‏ لا يشترط أن يكون معلوما بل يصح في المجهول ووافقنا الأئمة في صحة الإقرار بالمجهول، والرجوع في تفسيره إلى المقر، والفرق بينه وبين الدعوى بالمجهول، لا يصح أن المدعي له داعية تدعوه إلى تحرير دعواه بخلاف المقر، فلو لم يقبل منه ضاع الحق، فإن امتنع

من التفسير عند مالك لا عند ‏(‏ش‏)‏ يقال للمقر له‏:‏ بين، فإن بين وصدقه المقر ثبت، أو كذبه قلنا له بين وإلا حلفنا المقر له وأخذ، وعند ابن حنبل يحبس حتى يبين، ومتى فسر بما لا يتمول كقشر الجوز الحقير أو الجير لم يقبل، وعند الأئمة أو إنما يقول قبل ‏(‏كذا‏)‏، وقال ‏(‏ش‏)‏ وابن حنبل‏:‏ إذا قال‏:‏ قبضت منه شيئا أي فسر له بغير المتمول قبل؛ لأن الغصب يقع عليه، وقال ‏(‏ح‏)‏‏:‏ لا تفسير له بغير المكيل والموزون؛ لأن غيرهما لا يثبت في الذمم عنه‏.‏

وفي الجواهر‏:‏ يشترط أن يكون المقر به في يد المقر حالة الإقرار أو قبله؛ لأن شأن الإقرار لا يقبل إلا على المقر وما ليس في يديه ليس الإقرار به عليه، ولو أقر بعبد في زيد أنه لعمرو لم يقبل على زيد، لكن إنْ كان خرج من يد المقر قيل له‏:‏ خلصه للمقر له، فإن تعذر عليه ذلك دفع له قيمته؛ لأنه أتلفه عليه إخراجه من يده، وقد اعترف أنه لغيره، فإن كان لم يدخله تحت يده لم يلزمه شيء ولو أقر زيد بعبد في يد غيره ثم أقدم على شرائه بعد ذلك صح الشرط ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ لأجل قول صاحب السيد ثم يعتق في ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ له بإقراره، فقال عبد الملك‏:‏ لا يعتقه عليه لسقوط إقراره لمولاه، قال‏:‏ المذهب إن تمادى على إقراره به ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ الإقرار المعتبر وإلا فلا، وقال المغيرة‏:‏ يعتق إن كان يشهد بحريته، وردد شهادته لانفراده ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ لجرحة لبطلان الشهادة في نفسه، وحيث قلنا‏:‏ يعتق على أحد هذه الأقوال فلا يكون ولاؤه له، بل أعتقه من أخذ له بإقراره‏.‏

الركن الرابع البينة، وفي الجواهر‏:‏ إذا قال‏:‏ لفلان علي أو عندي له أو أخذت منه أو أعطاني فهو إقرار؛ لأنه المفهوم لغة وعرفا من هذه الألفاظ، ولو قال‏:‏ لي عليك ألف، فقال له‏:‏ خذ أو حتى يأتي وكيلي يزن لك، لم يكن إقرارا إن حلف، وقال الأئمة‏:‏ لأنه يحتمل خذ الجواب مني أو اتزنه، قال ابن عبد الحكم‏:‏ كذلك إذا قال‏:‏ اجلس فانتقدها أو اتزنها؛ لأنه لم ينسب ذلك إلى أنه هو الذي يدفع إليه، وقال الأئمة‏:‏ هو إقرار؛ لأن الضمير لم أذكره ‏(‏كذا‏)‏ تعين عوده

على المتقدم الدعوى به، بخلاف إذا لم يأت بالضمير، وقال‏:‏ اتزن لغيرها، وقال‏:‏ أتزنها مني أو ساهلني فيها، لزمته؛ لأنه نسب ذلك إلى نفسه، وفي كتاب ابن سحنون‏:‏ وإذا قال‏:‏ اقض العشرة التي عليك، فقال‏:‏ أتزنها، أو تنقدها أو اقعد فاقبضها، هو إقرار، وكذلك‏:‏ اتزن أو انتقده، ولو قال‏:‏ اتزن أو اتزنها، ما أبعد من ذلك أو من ‏(‏كذا‏)‏ أو قرب تأخذها ما أبعدك من ذلك فليس بإقرار، ولو قال‏:‏ لي عليك عشرة، فقال‏:‏ بلى أو أجل أو نعم أو صدقه، أو أنا مقر بها، أو لست منكرا لها، فهو إقرار، ولأن هذه الكلمات وضعت للتصديق، ولو قال‏:‏ ليست ميسرة، أو أرسل رسولك يقبضها أو أنظرني بها فهو إقرار بذلك له، ذلك عادة ‏(‏كذا‏)‏ على التصديق، ولو قال‏:‏ أليس لي عليك‏؟‏ فقال‏:‏ حق، لزمه، وكذلك لو قال‏:‏ اشتر مني هذا العبد، فقال‏:‏ نعم، فهو إقرار بالعبد، وقاله ‏(‏ش‏)‏ وهذه الصيغ منها صريح، نحو‏:‏ علي فإنها للإيجاب واللزوم، كقوله تعالى‏:‏‏{‏ولله على الناس حج البيت‏}‏‏.‏ وأنا مقر، ونحو‏:‏ نعم وبلى، لأنها أجوبة لما يستقبل، فيتعين ذكر السواك ‏(‏كذا‏)‏ معها، تقديره نعم، نقر لك علي وعندي يحتمل الأمانات والضمانات من غير رجحان لكن لما كان التسليم واجبا في الجميع ألزمناه التسليم، والكناية نحو لا أذكر يحتمل ولا أقر؛ لأن الساكت كذلك، ونحو‏:‏ اتزن واتزنها، ونحو ذلك ففيها احتمالات إلا أن الرجحان في احتمال وجوب التسليم، ووافقنا الأئمة في نعم ونحوه، وعند ‏(‏ش‏)‏ كان ذلك أو بررت أو هو كما أخبرت، أو قد ثبت من ذلك أو لا أعود إلى مثلها، أو ليتني ما فعلت، أو هي التوبة، إقرار، وعنده لو قال‏:‏ اقترضت في مائة، فقال‏:‏ ما اقترضت من أحد سواك، أو ما اقترضت من أحد قبلك، ليس بإقرار؛ لأنه معناه إذا لم أفعل ذلك مع غيرك فكيف أفعله معك، وعنده أصل عندي أو عسى أو أحسب أو أظن أو أقدر ليس بإقرار لعدم الجزم، وله علي في علمي عنده إقرار للجزم، ووجدت في حسابي أو في كتاب لك ‏(‏كذا‏)‏ ليس بإقرار عنده؛ لأنه لم يجزم بصحته ما وجده، وقاله ‏(‏ح‏)‏ وإذا قال‏:‏ أتقضي المائة التي لي عليك، فقال‏:‏ أفعل وابعث رسولك، أو إذا جاءت الغلة، أو أنا في ذلك، أو أرفق علي أو كم تقتضي، أو كم تمن علي بالإنظار، وله علي ألف إن شاء الله ليس بإقرار للجهل بالمسألة، وكذلك عنده إن شاء المطالب لي، أو زيد، أو شئت أنا؛ لأن الإقرار إخبار عن المحقق والمحقق لا يعلق على الشروط فليس بإقرار، وإن بعدت المشيئة عقيب قوله، وكذلك عنده إن جاء رأس الشهر فله علي دينار أوله علي دينار إن جاء رأس الشهر، وأكثر أصحابه في الثاني إذا أخر الشرط أنه إقرار؛ لأن قوله له علي إقرار، ويحمل مجيء الشهر على الحلول، بخلاف تقديم الشرط فإنه تعليق للإقرار، وعلي ألف إن شهد شاهدان فعنده ليس بإقرار تقدم الشرط أو تأخر؛ لأن الواقع لا يقبل التعليق، وكذلك عنده إن شهد فلان صدقته؛ لأن وعد وقد يصدق من ليس بصادق، وإن قال‏:‏ أشهد علي بما في الورقة، فهو عنده إقرار بها؛ لأنه العرف وإن كان اللفظ إنما تناول الكتابة دون المكتوب؛ لأنه ليس في الورقة، وكذلك إن قال‏:‏ أخبروا فلانا أن له علي ألفا؛ لأنه توكيل في الإقرار، وكان له علي ألف، فيه وجهان عندهم نظرا إلى أن الأصل البقاء، أو كان يدل على العدم في الحال، وبكونه إقرارا، قال ابن حنبل‏:‏ وهو أحد قولي ‏(‏ش‏)‏، وإقرار العجمي بالعجمية يصح كالشهادة بالعجمية، وإن أقر عجمي بالعربية أو بالعكس وعلم منه معرفته لذلك اللسان لزم، والقول قوله، ويقام عليه الحد في الزنى خلافا ل ‏(‏ح‏)‏ في الزنى والقتل محتجا بأن الإشارة إلى الزنى أو القتل قد يكون مع الشبهة ولا يتميز في القتل العمد من الخطأ، وهو ينتقض بذلك بالطلاق، وبأنه إذا كان يكتب ويميز لا يقام عليه الحد مع انتقاء المانع، وهذا جميعه هو نقل مذهب ‏(‏ش‏)‏ ووافقه ‏(‏ح‏)‏ وابن حنبل في أكثر ذلك وعند الحنفية‏:‏ قبلي ألف درهم لزيد إقرار بالدين لا بالعين؛ لأنه الغالب إلا أن يبين موصولا أنه وديعة؛ لأن حكم الكلام يتقرر بالسكوت كما في التعليق والاستثناء، وعند ‏(‏ش‏)‏ يقبل المنفصل لصلاحية اللفظ للدين والوديعة، وكل لفظ صالح لأمرين على

السواء، يجوز تأخير التفسير، وإنما يشترط الاتصال في المختص، نحو علي، بخلاف قبلي، وعند الحنفية عندي ومعي وفي يدي إقرار بالوديعة، وفي ما بجوفي دراهم هذا إقرار بالوديعة إن كان متميزا، وإلا فإقرار بالشركة؛ لأنه جعل ماله طرفا لذمته ‏(‏كذا‏)‏، وله من مالي ألف درهم هو هبة لا تملك إلا بالتسليم؛ لأن من للتبعيض والتميز بخلاف في ما لي، فإنه للشركة لأجل الشياع، وعدم ما يدل على التمييز، وله من مالي ألف، لا حق لي فيها، إقرار بالدين؛ لأن الهبة بقي للواهب فيها حق على أصولهم أن الهبة لا تملك إلا بالقبض، خلافا لنا، وأصالحك من حقك إقرار، بخلاف من دعواك؛ لأن الدعوى قد تكون باطلة، وأخرج من هذه الدار بألف، وأبرأ منها بألف، أو سلمها بألف، إقرار بالملك عندهم؛ لأن هذه الألفاظ إذا قرنت بالبدل دلت عادة على اعتقاد الملك، وإن عرت عن البدل لا يكون إقرارا؛ لأنه قد يطلب تسليم مالك نفسه ولو اصطلحا على أن يسلم أحدهما دارا والآخر عبدا ليس بإقرار؛ لأن لفظ الصلح يستعمل لفض الخصومة لا لطلب التمليك، وكتب لفلان علي حكما بألف إقرار؛ لأنه لا يكتب في العادة إلا ما وجب، وأصل الصك الضرب، ومنه قوله تعالى‏:‏‏{‏فصكت وجهها‏}‏‏.‏ والورق يضرب بالكتب، وعندهم ما لفلان علي شيء فلا تخبره به بأن له علي ألفا ليس بإقرار، بخلاف أن يقال ابتداء‏:‏ لا تخبره بأن له علي ألفا هو إقرار؛ لأن النهي عن الشيء عندهم يقتضي أن يكون المنهي عنه حتى يستقيم المنع، والخبر المتقدم للنهي يمنع من التكون لضرورة تصديقه في الخبر عن النفي، وعندهم لو قال المدعي‏:‏ لي عليك ألف درهم، فقال الآخر‏:‏ ولي عليك ألف درهم، ليس بإقرار؛ لأن العطف على الكلام لا يقتضي صحته، نحو‏:‏ أنت تقول الباطل وأنا أقول الحق، ولو قال‏:‏ لي عليك مثلها هو إقرار؛ لأن المثلية تقتضي التساوي، وعندهم كل ما يوجد بخط فلان فقد التزمته، ليس بإقرار؛ لأنه وعد بالإلتزام ولي عليك ألف فيقول‏:‏ ما

أبعدك من هذا، ليس بإقرار، بخلاف ما أبعدك من الثريا، هو إقرار؛ لأنه أضاف البعد إلى الثريا دون الألف، ومعناه ما أبعد هذا الدين من الثريا وهو معترف به، ولي عليك ألف، فقال‏:‏ أما خمسمائة فلا، إقرار عندهم بخمسمائة؛ لأن نفي بعض المدعى به يدل على ثبوت الباقي، وأعطني الألف التي عليك، فيقول‏:‏ اصبر وسوف تأخذها، ليس بإقرار عندهم؛ لأنه قد يقول ذلك استهزاء، ولو قال‏:‏ هذا القميص من خياطة فلان، أو هذه الدار من بنائه، ليس بإقرار، وكذلك جميع الأعمال بخلاف هذا الطعام من زرع فلان؛ لأن العادة هاهنا قصد الملك دون ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ فكذلك هذا التمر من نخل فلان، أو من أرضه، أو بستانه، أو هذا الجبن من غنمه، وكذلك هذا الحيوان عندهم بخلاف هذا الولد من جاريته؛ لأن هذا نسب على غيره وهي الأم، ولو قلت‏:‏ لي عليك ألف درهم، فقال‏:‏ مع مائة، فعندهم قولان، لا يكون إقرارا؛ لأنه أضاف المائة إلى ما لم يجب فلا يجب، وقيل‏:‏ إقرارا بالمدعى وزيادة المائة، ولو قال‏:‏ جميع ما أملكه بعته من فلان، فالبيع فاسد عندهم، ولو قال‏:‏ لفلان ثلاث دراهم، هذه كانت هبة، وثلث هذه الدراهم إقرار، والفرق أن قوله دراهم يقتضي ملكه لجميعها، ولو قلت‏:‏ لي عليك ألفا، فقال‏:‏ الحق أو حقا فهو إقرار؛ لأن هذا اللفظ يستعمل للتصديق رفعت أو نصبت، فكذلك الحق الحق أو الحق الحق تقديره قلت‏:‏ الحق الحق أو ما يقوله الحق الحق والتكرار للتأكيد، ولو قال‏:‏ الحق حق ليس بإقرار عندهم؛ لأن هذا كلام مستقل، لا يتعلق بالأول، بل هو مبتدأ وخبر، كما لو قال‏:‏ فلانة طالق ثلاثا وفلانة طالق، لم تطلق الثانية الأولى هذه لاستقلال الكلام بنفسه، والفرق بينه وبين الحق الحق مع الابتداء والخبر فيه أن كون الثاني ذكره ترجيح الابتداء والخبر، والتساوي في التعريف يرجح النعت؛ لأنه شأن النعت والتذكير شأن الخبر، وأن الحق حق لا يستعمل تصديقا عرفا بخلاف الآخر، ولو قال‏:‏ الصلاح البر لم يكن إقرارا؛ لأنه لا

يستعمل تصديقا، بل يحتمل عليك الصلاح والبر أي نهيتك عن الكذب علي، بخلاف الحق البر، أو اليقين البر، أو الصدق البر؛ لأن قرينة الحق والصدق تدل على التصديق، فكأنه قال‏:‏ صدقت وبررت؛ لأن الشيء لا يستعمل مع غيره تبعا إلا إذا كان في معناه نحو جائع قاطع، أو صائر حائر، ولو قال‏:‏ الحق الصلاح أو البر الصلاح لم يكن إقرارا عندهم؛ لأن قدر البر والحق بما ‏(‏كذا‏)‏، لا يكون تصديقا؛ لأن الصلاح لا يستعمل للتصديق عرفا، فلا يقال‏:‏ صدقت وصلحت، ومعناه‏:‏ عليك الحق والصلاح، فهو رد ونهي، وإذا كتبت البسملة والدعاء، وقال‏:‏ لما فكر فلك على ‏(‏كذا‏)‏ جازت شهادة علي بذلك عندهم؛ لأن الكتابة تقوم مقام اللفظ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم وجب عليه التبليغ وبلغ البعض بالكتابة، وفي العرف يعجز عن مخاطبة الغائبين فيكتب إليهم ويشترط عندهم في ذلك الكتابة على بياض دون الحدقة واللوح، ويشترط أن يكتب مرسوما على الورق مستثبتا؛ لأنه العادة، وإلا احتمل أن يكون تجربة لقلم، ولو كتب على الشروط المذكورة وخرقه جازت الشهادة عليه عندهم؛ لأن التقطيع كالرجوع عن الإقرار، ولا يشهد واجد الصك إلا أن يشهدهم؛ لأن الصكوك قد تكتب قبل القبض بخلاف الرسالة عندهم، ومنعوا من الشهادة عليه، وإن سمعوه الشهود بين ‏(‏كذا‏)‏ بالبيع والشراء في أداء الصك، قالوا‏:‏ لأنه قد يقول ذلك في الصكوك فيك قبل تمام المعاملة حتى يقول‏:‏ اشهدوا علي، ولو قال‏:‏ أشهدوا على ما فيه لم يجز حتى تقرأ عليهم أو يعاينوا الخط؛ لأن الإشهاد هو الإعلام، ولم يعلمهم، وقد نقل مذهبا لـ ‏(‏ش‏)‏ في الخط ولا يعتبر عند الحنفية كتابة البسملة؛ لأنه لا يقوم مقام الخطاب، بل للتذكرة، فبقيت العبرة بالكتابة، وهي تحتمل تجربة القلم وغيرها مما لا يجزمه، ففرقوا بين الرسالة والحساب والصك، فهذا جميعه منقول من كتب الحنفية، وعند الحنابلة ألفاظ اختصوا بنقلها، أنا ذاكرها إن شاء الله تعالى، قالوا‏:‏ إذا قلت‏:‏ لي مائة، فقال‏:‏ قضيتك منها خمسين، ليس بإقرار؛ لأن الخمسين التي ذكر في كلامه ما يمنعها وهو قوله قضيتها، وغير المذكورة لم يذكرها، وقوله منها يحتمل مما يدعيه أو مما علي فلا يلزمه

شيء بالشك، وإذا أقر بدراهم في بلد أوزانهم ناقصة أو مغشوشة لزمه دراهم البلد كالبيع والأثمان، وقيل‏:‏ إن الموزنة الجيدة، والفرق أن البيع إنشاء في ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ فيغلب بعادة البلد، والإقرار إخبار عن أمر سابق لا يدري كيف كان، وكذلك القول إذا فسر بغير سكة البلد، وسكة البلد أجود، وبالقبول قال ‏(‏ش‏)‏‏:‏ وله علي درهم كبير، لزمه درهم إسلامي؛ لأنه كبير في العرف، ودريهم كدرهم؛ لأن التصغير قد يكون في الذات دون الوزن والاحتقار عنده، وإن قال‏:‏ له علي درهم ثم قال درهم لزمه درهم عندهم، وقاله ‏(‏ش‏)‏؛ لأن الله تعالى كرر الخبر عن الأنبياء عليهم السلام، والمخبر عنه واحد، وقال ‏(‏ح‏)‏‏:‏ يلزمه درهمان؛ لأن الأصل عدم التأكيد والترادف، وقال القاضي في الإشراف‏:‏ يغرمه درهم واحد، كان في مجلس أو مجالس، في يوم أو أيام وحكى ‏(‏ح‏)‏ الأصل في المجلس الواحد، وفي المجالس يلزمه درهمان، قالوا‏:‏ فإن وصف أحدهما وأطلق الآخر فكذلك؛ لأن المطلق يحمل على المقيد، فإن وصفه أولا بصفة، وثانية بأخرى، فإن قال‏:‏ من ثمن مبيع، وقال في الأخرى‏:‏ من قرض أو في الأولى من ثمن عبد، وفي الثانية من ثمن شماذرها ‏(‏كذا‏)‏ لتعذر اجتماع الصفتين، وله علي درهم ودرهم أو درهم بدرهم لزمه درهمان، وقاله ‏(‏ح‏)‏، وقال ‏(‏ش‏)‏ يلزمه درهم إذا قال بدرهم تقديره فدرهم لازم لي، ووافقه في الواو وثم ووافقه في أنت طلاق تلزمه طلقتان، وله علي درهم بل درهمان أو درهم لكن درهمان لزمه درهمان، وقاله ‏(‏ش‏)‏؛ لأنه نفي الاقتصار على واحد، وقال‏:‏ هي ثلاثة؛ لأن الإضراب رجوع عن الإقرار، فلا يقبل، وله علي درهم بل درهم أو لا درهم، يلزمه درهم، وقاله ‏(‏ش‏)‏؛ لأنه أقر بدرهم مرتين كما لو أقر بدرهم فأنكره، ثم قال‏:‏ بل علي درهم، وقيل‏:‏ درهمان؛ لأن الإضراب لا يقبل؛ لأنه رجوع وإقراره بالثاني يلزم، كما لو قال‏:‏ درهم بل دينار فيلزمه الأمران إجماعا؛ لأن الأول لا يمكن أن يكون الثاني ولا بعضه وله علي درهمان بل درهم أو

عشرة بل تسعة، لزمه الأكثر عندهم؛ لأنه بقي ما أقر به بخلاف الاستثناء؛ لأنه تكلم بالباقي عنده، فليس نفيا وله علي درهم، فله درهم، أو بعده درهم، لزمه درهمان، وإن قال‏:‏ قبله درهم وبعده درهم لزمه ثلاثة، وله علي درهم فوق درهم أو تحت درهم أو مع درهم أو معه درهم لزمه درهم واحد، وهو أحد قولي ‏(‏ش‏)‏؛ لأنه يحتمل درهم في الجودة أو فوق درهم لي، وقيل‏:‏ درهمان وقاله ‏(‏ح‏)‏ في قبله فوقه درهم؛ لأن فوق تقتضي الزيادة وفي قبله تحت يلزمه درهم، وكذلك له درهم قبله دينار، أو بعده قفيز حنطة، وفوقه أو تحته كما تقدم في الدرهم سواء، وله علي ما بين ستة وعشرة لزمه ثمانية، ومن درهم إلى عشرة فعندهم أقوال يلزمه تسعة، وقاله ‏(‏ح‏)‏؛ لأن من لابتداء الغاية منها، وإلى لانتهائها، فلا يدخل فيها كقوله تعالى‏:‏‏{‏ثم أتموا الصيام إلى الليل‏}‏‏.‏ وثمانية؛ لأن الحدين لا يدخلان وعشرة؛ لأن العاشر أحد الطرفين، فيدخل الأول كما لو قال‏:‏ قرأت القرآن من أوله إلى آخره، فإن قال‏:‏ أردت نقول مجموع الأعداد أي الواحد والاثنان كذلك عندي عشرة لزمه خمسة وخمسون، وله علي دراهم يلزمه ثلاثة وحكاه صاحب الإشراف عن مالك على الخلاف في أقل الجمع، ووافق ‏(‏ش‏)‏ مالكا، قالوا‏:‏ ودراهم كثيرة أو وافرة أو عظيمة لزمه ثلاثة، وقاله ‏(‏ش‏)‏ لأنها عظيمة و‏(‏ح‏)‏ لا يقبل تفسيره بدون العشرة لأنها أقل جمع الكثرة، وقال أبو يوسف‏:‏ لا يقبل أقل من المائتين لأنها نصف الزكاة، وله درهمان في عشرة، وقال‏:‏ أردت الحساب، لزمه عشرون أو قال‏:‏ أردت مع عشرة ولم يكن يعرف الحساب، اثنا عشر لأنها عبارة العوام، أو قال‏:‏ أدرت درهمين في عشرة لي لزمه درهمان في دينار، وقال‏:‏ أردت العطف وكفى، لزمه إلا ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ أسلمتها في دينار، وصدقة المقر له، بطل إقراره؛ لأن إسلام أحد ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ الآخر لا يصح، وإن كذبه لم يقبل منه؛ لأنه وصل إقراره‏.‏

بما يبطله، وله علي درهم أو دينار فهو مقر بما بعدهما؛ لأن أو وإما في الخبر للشك، ويرجع إلى تفسيره، وإن قال‏:‏ إما درهم وإما درهمان، فهو إقرار بدرهم، والثاني مشكوك فيه لا يلزمه، وله تسعة وتسعون درهما أو ألف وثلاثة دراهم، فالجميع دراهم أو ألف ومائة درهم فكذلك قوله تعالى‏:‏‏{‏إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة‏}‏‏.‏ وكذلك ألف ودرهم أو ألف وثوب أو ألف درهم وعشرة أو ألف ثوب وعشرون، والمجمل عن جنس المفسر، وقيل‏:‏ يرجع في تفسير المجمل إليه لقوله تعالى‏:‏‏{‏يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا‏}‏‏.‏ فالشيء قد يعطف على غير جنسه، وقال ‏(‏ح‏)‏‏:‏ إن العطف على المبهم مكيلا أو موزونا فهو تفسير له، أو مذروعا ومعدودا لم يفسره؛ لأن علي لفظ يقتضي الإيجاب في الذمة، وإذا عطف عليه ما يثبته في الذمة كان تفسيرا، حجته الأولى أن العرب تكتفي بتفسير أحد الكمالين عن تفسير الآخر، كقوله تعالى‏:‏ ولبثوا في كهفهم ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعا‏{‏‏.‏ و‏}‏ عن اليمين وعن الشمال قعيد ‏.‏ وهذا جميعه منقول من كتب الحنابلة، وإنما نقلت ما في كتب الفرق من الألفاظ؛ لأن في ذلك عونا للفقيه على التخريج، وأخذه منها ما يوافق قواعد مذهبه فيقيمه على مذهبه، واطلاعا على أسرار مدارك العلماء‏.‏

فرع‏:‏

في الجواهر‏:‏ له علي درهم أو درهم بدرهم لزمه درهم، وللطالب تحليفه أنه ما أراد درهمين؛ لأن لفظه دائر بين التأكيد والإنشاء، وقوله بدرهم يحتمل بسبب فرض درهم فلا يلزمه شيء بالشك وله درهم ودرهم أو ثم درهم يلزمه درهمان؛ لأن العطف يقتضي التغاير ودرهم مع درهم أو تحت درهم أو فوق

درهم لزمه درهمان؛ لأن المعية والفوقية والتحتية تقتضي التعدد، وكذلك درهم على درهم، وقيل‏:‏ درهم واحد؛ لأن علي يحتمل علي درهم أخذه ودرهم قبل درهم أو بعد درهم لزمه درهمان لما تقدم في فوق وتحت ودرهم بل درهمان يلزمه درهمان؛ لأن بل للإضراب فقد أضرب عن الاقتصار على الواحد ودرهم لا بل ديناران، وقال ابن سحنون يلزمه ديناران و‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ الدرهم؛ لأن بل للإضراب وقد تقدم كلام العلماء في هذه الفروع‏.‏

فرع‏:‏

قال الطرطوشي‏:‏ إذا قال‏:‏ له علي ألف ودرهم المسألة المتقدمة، لزمه درهم، ويرجع في تفسير الألف إليه، ألف جوزة أو حنطة، أو غير ذلك، يقبل مع يمينه، وكذلك ألف مد حنطة أو قربين ‏(‏كذا‏)‏ وقاله ‏(‏ش‏)‏ وقد تقدم مذهب ‏(‏ح‏)‏ ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ هذا بالنظر‏.‏

لنا القياس على قوله له علي ألف وثوب؛ لأنه ذكر ما زيادته على القدر ولم يكن تفسيرا لم يكن زائد عليه ألف، وقولنا‏:‏ كان زائد الآن ما لم يكن تفسيرا، ولأن شأن التفسير النصب، وهذا غير منصوب فهو إقرار؛ لأن شأن الإقرار الرفع، ولأن العطف يقع على غير الجنس، نحو‏:‏ رأيت رجلا وثوبا فلم ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ التفسير، فيرجع إليه فيما يقوله‏.‏

احتجوا بأن قوله مائة خمسون درهما مفسر وهو معطوف فكذلك هاهنا، ولأن العطف يقتضي التسوية فيستوي الجنسان في القياس على قوله علي درهم ونصف‏.‏

والجواب عن الأول قال القاضي أبو الحسن‏:‏ لا نص في هذه المسألة فنمنعها أو نسلم ونقول‏:‏ مبهم عطف على مبهم، فاستويا في التفسير لتجانسهما والخمسون ليست مفسرة، بل الدرهم مفسر لهما‏.‏

والجواب عن الثاني أن العطف يقتضي التسوية فحاصل المعنى الذي سيق الكلام ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ هاهنا دون توابعه، فلذلك قال النحاة‏:‏ مررت بزيد ضاحكا ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ ولا يلزم فيه المرور، نعم وضاحكا بل يستويان في أصل المرور، ثم ينتقض بقوله علي ألف وثوب‏.‏

عن الثالث أنه إذا أقر بمفسر وعطف عليه جزءا أنه جزء من الجملة، ومسألتنا ذكر مبهما وعطف عليه مفسرا فلم يتقدر أصل بني عليه، وفي الجواهر‏:‏ وقع في كتاب ابن سحنون له علي عشرة ونصف درهم وثوبين، العشرة تلزمه عشرة دراهم ونصف، كذلك مائة ودينار إذا ادعى ذلك الطالب مع يمينه، وعلى المذهب إذا قلنا يصدق في التفسير فمات قبل أن يسأل صدق الوارث مع يمينه‏.‏

فرع‏:‏

قال القاضي صاحب الإشراف‏:‏ إذا قال‏:‏ له علي ألف في كيس أو تمر في منديل أو تبر في جراب إقرار بالمظروف دون الظرف، وقاله ‏(‏ش‏)‏ وابن حنبل، وقال ‏(‏ح‏)‏ الجميع مقر به؛ لأن قوله في جراب إخبار عن المقر به له مقر به أيضا فلم يتعرض له فلا يلزمه‏.‏

احتجوا بالقياس على قوله عسل في زق بأن الزق يلزمه، ولأن قوله في كيس صفة للألف فيكون إقرارا بالكيس، كما لو قال‏:‏ عبد تركي فإن الصفة تلزمه‏.‏

والجواب عن الأول قال القاضي‏:‏ الفرق أن العسل لا ينفك عن زقه، فلذلك يلزمه بخلاف الكيس‏.‏

عن الثاني أن فلزمت بخلاف ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ ووافقونا على قوله علي عندي دابة في إصطبل أو نخل في بستان أن الظرف يلزمه وفي كتب الشافعية‏:‏ له

عندي جرة فيها زيت أو غرارة فيها تبن، أو عش فيه ‏(‏كذا‏)‏، وخاتم فيه فص إنه إقرار بالظرف دون المظروف، لما تقدم، وله عندي خاتم يلزمه الخاتم والفص؛ لأنه الجميع، وله ثوب مطرز يلزمه الجميع، ودار مفروشة تلزمه الدار دون الفراش؛ لأنه يجوز أن تكون مفروشة بفرش الغير، وفرس عليه سرج، لزمه الفرس دون السرج، وعبد عليه ثوب أو عمامة، يلزمه الجميع؛ لأن العبد له يد على الثوب بخلاف الدابة، وثوب بجرابه أو ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ بطعامها أو سرج بفرسه يلزمه الجميع؛ لأن أو للمصاحبة وإلا لصادق ‏(‏كذا‏)‏ بخلاف لفظ في ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ بينه وبينه درهم مع درهم في أنه لا يلزمه إلا درهم؛ لأن ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ الثاني ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ مضاف الأول المنسوب إليه، وقلة زيت وجرة خل وخامة نخل ونحو ذلك مما يشترك فيه الظرف والمال، ويطلق على كل واحد منهما يرجع إليه ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ عندهم، وفي الجواهر‏:‏ له عندي زيت في جرة، يلزمه الزيت والجرة، وثوب في صندوق أو ثوب في منديل، قال ابن عبد الحكم‏:‏ يلزمه الثوب دون الوعاء، وقال سحنون‏:‏ بل مع الوعاء، وله عندي خاتم، وقال‏:‏ أردت دون الفص، لم يقبل منه إلا أن يكون كلاما نسقا، وكذلك الجبة مع بطانتها، ومع بابها، وهذه الأمة تلزمه وولدها ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏

فرع‏:‏

قال صاحب الإشراف‏:‏ لو شهد عليه رجل أنه أقر بألف وشهد آخر أنه أقر له بألفين نسبها إلى جهة واحدة أم لا أو نسبها إلى أحدهما وأطلق الآخر، فإن الألف تثبت له بشهادتهما، ويحلف على الأخرى مع شاهده، وقال ‏(‏ح‏)‏‏:‏ لا يثبت له بهذه الشهادة شيء‏.‏

لنا أن شهادتهما التقت على قدر من المال لفظا ومعنى، فيحكم به كما إذا شهد أحدهما أنه أقر بمال والآخر بألفين‏.‏

فرع‏:‏

قال القاضي في المعونة‏:‏ له علي دراهم كثيرة، تلزمه ثلاثة لأنها أقل الجمع، وهي كثيرة بالنسبة إلى اثنين، أو عنده لأنه بخيل، وقاله ‏(‏ش‏)‏ وقيل‏:‏ تسعة؛ لأن كثرتها تضربها في نفسها فتصير تسعة، وقيل‏:‏ مائتا درهم؛ لأنه نصاب الزكاة كلها لأصحابنا، وفي الجواهر‏:‏ أربعة، وعن ‏(‏ح‏)‏ عشرة؛ لأنه نصاب السرقة عنده، وله درهم ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ ثلاثة؛ لأن قلتها بالنسبة إلى العشرة أو في هبة المقر، وله درهم لا قليل ولا كثير، قال ابن عبد الحكم‏:‏ تلزمه أربعة؛ لأن نفي القلة يقتضي حصول الكثرة، فيثبت أقل مراتبها وهو واحد، قال القاضي‏:‏ ويحتمل أن تلزمه الزيادة ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ على الثلاثة ويرجع إلى تفسيره على القول بلزوم الزيادة على الثلاثة إذا قال‏:‏ دراهم كثيرة، يرجع إلى تفسيره قال‏:‏ وهو أولى؛ لأن القصد خروج الدراهم المقر بها عن اسم القلة، وله علي دريهمات هو كدارهم؛ لأن التصغير قد يكون بالنسبة إلى همته وقد يكون لغير التحقير، نحو قوله تعالى‏:‏‏{‏يا بني اركب معنا‏}‏‏.‏ وكقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ يا أبا عمير ما فعل النغير‏.‏

فرع‏:‏

قال‏:‏ إذا قال له علي بضعة عشر فهو ثلاثة عشر؛ لأن البضع من الثلاثة إلى التسعة فيلزم الأقل؛ لأن الأصل براءة الذمة‏.‏

فرع‏:‏

قال‏:‏ إذا قال لفلان علي ألف درهم، ولفلان أو فلان، فنصف الألف للمقر له أولا، والنصف الباقي للمشكوك فيهما؛ لأن الشركة بين اثنين تقتضي النصف، ووقع الشك فيمن يكون شريكا له فيكون الباقي بينهما‏.‏

فرع‏:‏

قال‏:‏ إذا قال لفلان علي ألف وإلا فعبدي حر، لزمه الألف؛ لأن تقديره وإن لم يكن له علي ألف فعبدي حر، فعلق العتق على كذبه فأكد صدقه فيلزمه الألف‏.‏

فرع‏:‏

قال‏:‏ إذا قال له علي دينار ولم يقل جيد ولا ردئ ولا وازن ولا ناقص ومات لزمه جيد وازن بنقد البلد كالبيع والإجارة، فإن اختلف نقد البلد قال ابن عبد الحكم‏:‏ يلزمه من أي الأصناف شاء، ويحلف إن حلفه المقر له، وقال الأبهري‏:‏ يلزمه الورثة، وسقط النقد عدلا بين الفئتين، وفي الجواهر‏:‏ له علي درهم عشرة منه تعادل تسعة مثاقيل، وهي دراهم الإسلام، فإن فسر بالناقص قبل منه وإلا فلا، إلا أن يكون التعامل به غالبا وكذلك مغشوش وتقبل الفلوس‏.‏

تنبيه ليس الدرهم والمثقال نصا في النقدين بل هما وزنان معروفان، والموزون قد يكون نقدا أو طيبا أو غيرهما وكذلك الدينار ليس نصا في الوزن المخصوص، بل يصدق على الصغير والكبير لغة، كما أن المثقال يصدق على الذهب وغيره، فاعلم ذلك وقد تقدم، خالف ‏(‏ش‏)‏ وغيره في الحمل على السكة المعروفة، وفرقا بأن البيع سبب ينزل على ما قارنه، والإقرار دليل سبب متقدم معه، وقع في بلد آخر لا يعلم حاله، فيقبل تفسيره، وهو الأنظر‏.‏

فرع‏:‏

قال‏:‏ إذا أقر على غير وجه الإقرار، بل على وجه الشكر كذكر إنسان قد مات بأنه كان ينصف ويقرض، فيقول رحمه الله لقد سألته مائتان ‏(‏كذا‏)‏ يقرضني ففعل، فروايتان أحدهما أنه إقرار؛ لأنه الموضوع اللغوي والأصل عدم البراءة منه، والأخرى ليس بإقرار لعدم قصد الإقرار، والقصد في الإقرار شرط، قال وهذه الرواية أحسن لأنها مقتضى العادة وأن الأولى أقيس‏.‏

فرع‏:‏

قال‏:‏ فرق ابن عبد الحكم بين أن يقر أن هذا سرج دابة زيد ولجامها وبين هذا باب داره هذا إقرار دون الأول فيكون الباب لصاحب الدار؛ لأن الباب جواز الدار، والدار لزيد، فالباب له، والسرج ليس حق الفرس، وعنه التسوية فيضعا في الإقرار؛ لأنه أضاف الجميع إلى ملك زيد فيكون له‏.‏

فرع‏:‏

قال صاحب البيان‏:‏ إذا قال ما كان لي على قرابتي حق فهو لهم عند الموت فهلك وله عند أحدهم قراض، قال ابن القاسم‏:‏ القراض له، قال‏:‏ وفيه نظر؛ لأن القراض إنما يصير عليه إذا استهلكه وهو قد قال‏:‏ ما كان لي على قرابتي فلا يتناوله اللفظ ووجه اللازون ‏(‏كذا‏)‏ أن عليه التسليم وقد وهب التسليم فيبقى والقراض له‏.‏

فرع‏:‏

قال‏:‏ قال ابن القاسم‏:‏ إذا قال عند موته‏:‏ زيد مصدق فيما يدعيه، وأقر له بأربعين دينارا فادعى خمسين دينارا، يحلف على تحقيق دعواه ويأخذها، قال ابن دحون‏:‏ إنما يلزمه اليمين؛ لأن كل من اقتضى دينا من مال ميت أو فلس لزمه الحلف، ولا تنفعه بينة إلا أن يسقط ذلك الورثة أو الغرماء؛ لأن احتمال القضاء من الميت والمفلس قائم والحق لغيرهما وهو الوارث والغريم، ولو طرأ غريم غائب له أن يحلف من لم يحلف ويحلف هو أيضا، وليس بمستقيم؛ لأن هذه اليمين لا بد منها ولا اختلاف فيها، واليمين على تحقيق دعواه في الخمسين فيها خلاف، عن ابن القاسم فعليه أن يحلف أن له عليه خمسين دينارا ما قبضتها ولا أسقطتها وإنها لباقية إلى حين بينه، وعنه يحلف ما قبض الخمسين التي صدقه المتوفى فيها ولا أسقطها وأنها لباقية إلى حين ببينته، والخلاف المذكور في تحقيق دعواه جار على الخلاف في يمين التهم؛ لأن الوارث يتهمه، ولو حقق

عليه الدعوى حلف قولا واحدا، إلا أن يقول في وصيته فلان لا يحلف، وعن ابن القاسم أوصى عند موته كان بيني وبين فلان معاملة فأعطوه ما أدعى وهو مصدق، ويعطى ما يشبه معاملة مثله لمثله من رأس المال، وإن ادعى ما لا يشبه لا يعطاه من رأس المال ولا من الثلث، ويختلف في اليمين كما تقدم، ولو قال‏:‏ أعطوه ما ادعى واحسبوه من ثلثي، أعطي ما ادعى وإن لم يشبه ما لم يجاوز الثلث‏.‏

فرع‏:‏

قال‏:‏ قال مالك‏:‏ قال عند موته‏:‏ ينظر في كتبي فما فيه قبض من حق قبل، فوجد فيها ذكر حق بأربعة عشر على فلان، وفيه قبض ثمانية لا يحلف ويأخذ ما بقي بغير يمين؛ لأن خطه كلفظه‏.‏

فرع‏:‏

قال قال مالك‏:‏ إذا قال له علي دينار، دينار من بقية حساب عليه ديناران؛ لأن الشيء لا يعطف على نفسه‏.‏

فرع‏:‏

في الجواهر‏:‏ له علي من واحد إلى عشرة لزمته عشرة، قاله سحنون بناء على دخول الحد في المحدود، وقال أيضا‏:‏ تلزمه تسعة، بناء على دخول الغاية والابتداء بمن على دخول الغاية دون الدرهم الأقل؛ لأن من تقتضي الخروج، وإلى تقتضي دخول الغاية، وقال سحنون أيضا‏:‏ تلزمه عشرة بناء على أن الحدين يدخلان في المحدود، وقال أيضا‏:‏ تلزمه ثمانية بناء على أن الحدين لا يدخلان، وهي قاعدة مختلف فيها في الأصول والنحو، وقد تقدم تردد العلماء في هذه الفروع عند نقل مذهب الأئمة‏.‏

فرع‏:‏

قال‏:‏ إذا قال له علي عشرة في عشرة، وفسره بقرض عشرة في عشرة أو بيع عشرة بعشرة لزمته عشرة مع يمينه، وقال سحنون‏:‏ يؤاخذ بمائة درهم لأنها المضروبة من عشرة في عشرة، ولو قال عشرة دراهم في عشرة؛ لأنه يقول أعطاها فيها وقد تقدم أيضا تردد العلماء في هذا‏.‏

فرع‏:‏

قال‏:‏ إذا قال يوم السبت‏:‏ علي ألف وأعاده يوم الأحد لم يلزمه إلا الألف إلا أن يضيفه إلى سبتين مختلفين؛ لأن الأصل براءة الذمة، واللفظ ظاهر في الإعادة عادة، ولو شهد له في ذكر حق بمائة وفي آخر بمائة لزمه مائتان؛ لأن العادة إعادة الإخبار على الشيء بخلاف كتابته، واختلف قول مالك في هذا، وآخر قوله يحلف المقر بأنهما إلا واحد ولا يلزمه إلا مائة ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ ولو أقر في موضع بمائة وفي آخر بمائتين لزمه ثلاثمائة؛ لأن التباين دليل التعدد، وعن‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ مقدم الأقل صدقه في التداخل‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ زيادة وإلا لزمه الدلان ‏(‏كذا‏)‏؛ لأن الأصل مع التباين عدم التكرار‏.‏

الثاني في الأقارير المجملة

وهي ثمانية

اللفظ الأول في الجواهر‏:‏ لفلان علي شيء، يقبل تفسيره بأقل ما يتمول لاحتماله لذلك، وفي كتاب ابن سحنون‏:‏ إذا قال غصبته شيئا، ثم قال‏:‏ ‏(‏كذا‏)‏، وقال الطالب هو ‏(‏كذا‏)‏ صدق الغاصب مع يمينه؛ لأن الأصل براءة ذمته، فإن نكل صدق الطالب مع يمينه، فإن امتنع المقر من البيان أجبر عليه؛ لأنه فعله ظاهرا، ولا يسجن حتى يذكر شيئا ويحلف عليه، ووافقنا على قبول الإقرار المجهول والرجوع إلى تفسيره، والفرق بينه وبين الدعوى بالمجهول أن الدعوى على وفق داعية يدعيها، فنتأكد من ربها؛ لأنه أقر به لقلة النزاع والإقرار على خلاف الداعية، فإن لم يقبل خشي الرجوع فيضيع الحق، ولأنه لا ضرر على المدعي إذا ردت دعواه المجهولة؛ لأنه يمكنه بيانها، والضرر على المقر له إذا رددنا الإقرار للمجهول فيضيع حقه، ويحبس عند ابن حنبل إذا امتنع لتوجه حق التفسير عليه كسائر الحقوق، عند ‏(‏ش‏)‏ ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ ترد اليمين على المدعي؛ لأنه كالساكت، وقال الحنفية‏:‏ إن قال‏:‏ غصبته شيئا، وفسر بجنس من المال، وكذبه المقر له مدعيا جنسا آخر بطل إقراره ويصدق المقر في براءته مطلقا؛ لأن الإقرار بطل، فبقيت الدعوى مجردة فيصدق في نفيها، وإن بين ما ليس بمال ولا يقصد بالغصب عادة كحبة حنطة وكذبه المقر له لا يصدق؛

لأن هذا لا يقصد بالغصب عادة، فهو راجع عن إقراره، وإن بين ما ليس بمال، ولكنه يقصد غصبه كالمرأة والولد الصغير لا يصح بيانه ويجبر على البيان بمال متقدر؛ لأن الغصب في الغالب إنما يكون في الأموال، هذا إذا قال‏:‏ غصبت له شيئا، وإن قال‏:‏ له علي شيء فلا بد أن يبين ما له قيمة؛ لأن كلمة علي للإيجاب في الذمة ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ يراد بالدين، ولذلك فسره بحق الإسلام ونحوه لا يقبل، وقال الشافعية‏:‏ إن فسره بجنس فلا أرد عليه أقل منه قل أو كثر، ولو حبة من ألف دينار قبل منه؛ لأن اسم الشيء يقع على القليل والكثير فإن صدقه، وقال‏:‏ هذا هو مراده، ولكن ادعى تمام ما ادعيته صدق المقر في نفي الزائد مع يمينه؛ لأن الأصل براءته، وإن قال‏:‏ لم يرد هذا بالقول صدق في إرادة نفيه، وحلف يمينا واحدة أنه لا يستحق الألف، وأن ذلك مراده، وإن فسره بما يتمول من غير جنس المدعي ولو خردلة أو حنطة وصدقه، أخذ ما وقع به التفسير، وصدق المقر في نفي الدعوى، وإن كذبه حلف يمينا واحدة أنه لا يستحق الألف، وإن ذلك مراده كما تقدم، وإن فسر بما لا يتمول عادة كقمع تمرة لم يقبل منه؛ لأن علي تقتضي إيجاب مال عادي في الذمة، وهذا لا يكتب في الذمة، وإن قال‏:‏ غصب شيئا قبل التفسير بالخمر والخنزير ونحوه؛ لأنه يسمى شيئا وهو غير المشهور عند الأئمة، ومثل مشهورهم عند الشافية، قال الشافعية‏:‏ وإن فسره بنحو شفعة قبل؛ لأنه حق يؤول إلى مال، وكذلك حق القذف؛ لأنه حق، أو برد السلام لم يقبل؛ لأنه لا يثبت حقا عليه، وإن كان واجبا فإنه يفوت في ذمته، أو يستحيل نحو الشمس والقمر لم يقبل وطلب التفسير، وقال الحنابلة‏:‏ ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ الجنس ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ التفسير، وكذبه المقر له بطل الإقرار كما قاله الحنفية، وإن فسر بما لا يتمول عادة أو لا يتمول شرعا كـ ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ ويقبل حدا لقذف والشفعة دون رد السلام ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ في الغصب تفسيره بما ليس مالا لا يقبل؛ لأن إسم الغصب ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏

اللفظ الثاني في الجواهر‏:‏ له في هذه الدار حق، وفسره بجزء قبل تفسيره، إلا أن يدعي المقر له أكثر فيحلف المقر على معنى الزيادة، فإن امتنع من الإقرار يسجن أبدا حتى يضطر بالسجن إلى الإقرار، ولو قال شائعا أو معينا؛ لأنه حق ولو فسره بذلك كالجذع، أو هذا الباب أو ثوب في الدار أو طعام فيها أو سكنى هذا البيت قال سحنون مرة‏:‏ يقبل تفسيره؛ لأنه حق في الدار، ورجع لعدم القبول؛ لأنه أقر له بحق في الأصل، وهذا من الأصل وكذلك الخلاف لسحنون في تفسيره بثمرة هذه النخلة من الحائط أو بأنه هبة زراعة الأرض سنة، ولو فسر بنخلة في الحائط بأرضها لقبل؛ لأنه من الأصل، ولو قال‏:‏ وهبتها لغير أرض فقولان قال ابن عبد الحكم‏:‏ إذا فسر سكنى بيت من الدار، وقال‏:‏ اكتريت منه أو أسكنته إياه سنة، قبل سنة مع يمينه، قال‏:‏ وكذلك إذا قال في الثوب‏:‏ أجرته منه أو أعرته شهرا صدق مع يمينه؛ لأنه يصدق عليه إنه حق، أما لو قال‏:‏ له حق في هذه الدار، أو في هذه الدنانير أو في هذا الطعام، حمل على عين الشيء، وقال الحنفية‏:‏ إذا قال له حق في الدار أو الأرضين لا يسمع منه التفسير بالباب والسكنى والجذع ولا في الأرض للبناء لغير أرض أو الزراعة أو السكنى إلا إذا أصل كلامه ‏(‏كذا‏)‏ بما تقدم لسحنون، قالوا‏:‏ وله التفسير بأي معنى شاء كما تقدم في لفظ الشيء يحلف على نفي الزائد، فإن لم يبين قالوا‏:‏ يقول له القاضي‏:‏ انصفاه ‏(‏كذا‏)‏ ثالث حتى يصل إلى حد لا يملك أقل منه عادة، ولذلك لا يصدق عندهم في ثمن نخلة بقي أصلها في البستان، كما تقدم لنا بأرضها يصدق‏.‏

اللفظ الثالث في الجواهر‏:‏ له علي مال ولم يذكر مبلغه لم يذكر عن مالك فيه نص، وقال الشيخ أبو بكر‏:‏ يقبل تفسيره ولو حبة ويحلف، وقال ابن المواز‏:‏ لا يقبل منه أقل من نصاب الزكاة لقوله تعالى‏:‏‏{‏خذ من أموالهم صدقة‏}‏‏.‏ وهي إنما تؤخذ من النصاب، وقال القاضي أبو الحسن‏:‏ الذي يأتي

على مذهب مالك في ربع دينار، وإن كان من أهل الورق فثلاثة دراهم، لقوله تعالى‏:‏‏{‏أن تبتغوا بأموالكم‏}‏ والصداق ربع دينار، ويقبل قوله بالكلم ‏(‏كذا‏)‏، وجلد الميتة والمستولدة لأنها تضمن بالمال في حال، والأولى قال الأئمة‏:‏ غير أن الشافعية قالوا إن فسر ما لا يتمول في العادة كالقطمير وقمع الثمرة لا يقبل لعدم صدق المال عليه في العادة، وكذلك الكلب والخمر والسرجين؛ لأنه لا يتمول شرعا، بخلاف الإقرار بشيء عندهم لاحتماله ما يتمول وغيره على خلاف عندهم، وإن فسره بما لا يستحيل بثبوته في الذمة عادة نحو ملء الأرض، أوزنة الجبال ذهبا فهو كذب، قال القاضي في المعونة عن ابن المواز‏:‏ إن كان من أهل الذهب لزمه عشرون دينارا أو من أهل الورق لزمه مائتا درهم أو من أهل البقر أو الإبل أو الغنم يأتي على مذهبه أن يلزمه نصاب منها، قال صاحب البيان‏:‏ قال ابن القاسم‏:‏ إذا قال له في هذا الكيس مال، يعطى عشرين دينارا؛ لأنه نصاب الزكاة، وفي‏:‏ إن في الكيس دراهم، قال‏:‏ يعطاها بعد أن يحلف، وكذلك إذا قال له علي ما فيه مال كذا‏.‏

اللفظ الرابع في الجواهر‏:‏ له مال عظيم علي قال الشيخ أبو بكر‏:‏ هو بمنزلة مال؛ لأن المبهم أمر نسبي، يختلف بحسب المالكين والبخل والسخاء، فرجع إلى تفسيره وقيل‏:‏ يلزمه ثلاثة دراهم أو ربع دينار؛ لأن الله عظمه حيث أباح به الفرج والقطع، وقال القاضي أبو الحسن‏:‏ يلزمه مائتا درهم إن كان من أهل الورق وعشرون دينارا إن كان من أهل الذهب، قال القاضي في المعونة‏:‏ اختلف أصحابنا هل يلحق بمال من غير وصفه أم لا، ويحتمل عندي ألف دينار قدر الدية؛ لأنه أعظم مال قدر في الشرع ويحتمل الزيادة على نصاب الزكاة؛ لأن نصاب الزكاة استحق اسم المال بما تقدم، فيزاد عليه، واختار ‏(‏ش‏)‏ وابن حنبل مطلق المال، و‏(‏ح‏)‏ نصاب الزكاة، وهو مال عظيم وخطير وعظيم جدا أو عظيم عظيم‏.‏

اللفظ الخامس في الجواهر‏:‏ له علي أكثر مما لفلان فيما يشهد به الشهود على فلان، فقيل تفسيره فيما زاد عليه ووقع عند ‏(‏ش‏)‏ هذا اللفظ بمعنى آخر قال‏:‏ إذا قال له علي أكثر من مال فلان أو من المال الذي بيد فلان، فهو كقوله علي مال له تفسيره بالقليل قال علم فلان أو لم يعلمه؛ لأنه يحتمل أكثر منه عددا، أو تركه لكونه حلالا أو يقال‏:‏ كونه في ذمته لا يطرأ عليه التلف والآخر حين يتلف، فإن قال‏:‏ أكثر عددا، وأقر أنه يعرف ذلك المال ألزم العدد ورجع في الزائد إلى تفسيره، وإن قال‏:‏ مال فلان دينار، وعلي أكثر عددا، وأراد من الفلوس أو حب القمح قبل منه عنده لم يقر بالجنس بل بالعدد، وإن قال‏:‏ ماله ألف دينار، ولك على أكثر منه ذهبا لزمه الجميع ذهبا، ورجع في الزيادة إلى تفسيره‏.‏

اللفظ السادس وفي الجواهر‏:‏ له علي ‏(‏كذا‏)‏ فهو كالشيء‏.‏

قاعدة قال الزمخشري في المفصل‏:‏ ألفاظ الكناية أربعة كم وكذا وكيت وديت فكم وكذا كنايتان عن العدد على سبيل الإبهام، وكيت وديت كنايتان عن الحديث، ووافقه صاحب الصحاح والزجاج وغيرهما إذا تقرر هذا فلا يعتقد أحد أن كذا جار ومجرور من كاف التشبيه مع ذا الذي هو اسم الإشارة، بل الجميع اسم مفرد كناية عن العدد إذا تقرر هذا فاعلم أن كذا يستعمل كذا مفردا وتارة نقول كذا درهما بالنصب والرفع والخفض والسكون، فهذه خمس صور، وتارة يكرر فنقول كذا كذا من غير ذكر جنس، وتارة يذكر مرفوعا لا منصوبا أو مخفوضا وموقوفا فهذه خمس صور، وتارة يدخل بينهما حرف العطف فيصير جنسا آخر، وتارة يدخل بينهما حرف بل فنقول كذا بل كذا فتصير جنسا أخرى فهذه عشرون صورة، وتارة يكون المميز مجردا وتارة يكون مجموعا أو مبنيا ومرده على الأحوال كلها فتصير نحو أربعين يظهر مقتضاها وإعرابها في أثناء البحث، وأنقل منها ما وجدت في المذهب، وما لم أجده فيه ووجدته في مذاهب الأئمة نقلته ليوقف عليه، فإن كلامهم نور رضي الله عنهم، فتمسك به في التخريج على أصل مذهب مالك إن

احتجت إليه، ووافقنا ‏(‏ش‏)‏ على أن كذا مفرد من غير تمييز بمعنى الشيء، وهو مشكل؛ لأنه إذا كان كذا وكذا كناية عن العدد وجب أن يلزمه أقل مراتب العدد وهو اثنان من أي جنس، فسره ولا يخرج هذا على الخلاف في أقل الجمع؛ لأن الخلاف في الجمع ليس في العدد، فإنها ألفاظ متباينة فأبنية الجميع غير صيغة العدد، وما علمت خلافا أن مبتدأ العدد اثنان‏.‏

فرع‏:‏

في الجواهر‏:‏ له علي كذا درهما بالنصب، قال ابن عبد الحكم‏:‏ يلزمه عشرون ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ أول عدد ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ مميز الواحد المنصوب، فإن من أحد عشر إلى تسعة عشر مركبات من لفظين، والعشرون من لفظ مفرد، وليس في العدد ما يميز بالمفرد المنصوب إلا من أحد عشر إلى تسعين، فأحد عشر أول المركبات، والعشرون أول المفردات، فلتكن هذه القاعدة مقررة حتى يخرج عليها بعد هذا إن شاء الله، وخالفنا في هذا الفرع الأئمة، وقالوا‏:‏ يلزمه درهم؛ لأن كذا عندهم كناية عن شيء مبهم والدرهم المنصوب بعده على التمييز أو مفعول بفعل مضمر تقديره له شيء درهما أو أعني درهما، وقد تقدم النقل في أنه لعدد الشيء فيحتاجون أن ينقلوا ما ذكروه عن اللغة مع أن أصحابنا قد نقضوا أصولهم ووافقهم في‏:‏ له كذا وكذا درهما لزمه أحد عشر درهما؛ لأنه أول عدد يميز بالواحد المنصوب، وعند ‏(‏ش‏)‏ وابن حنبل يلزمه درهم؛ لأن كذا اسم لشيء مبهم عندهم، فقد كرر الشيء ثم فسر بالتمييز فيلزم ما ميز به، وهو درهم ليس إلا‏.‏

فرع‏:‏

في الجواهر له علي كذا وكذا درهما، لزمه أحد وعشرون درهما؛ لأنه أول عدد عطف وتميز بالمفرد المنصوب، وقال سحنون‏:‏ ما أعرف هذا فإن كان هو

اللغة فكذلك وكان يقول‏:‏ يصدق المقر مع يمينه، ووافقنا محمد بن الحسن في هذه الفروع الثلاثة، وقال ‏(‏ش‏)‏ في هذا الفرع‏:‏ يلزمه درهمان بناء على أن كذا اسم لشيء مبهم، والعطف يقتضي التغاير، ويأبى التأكيد، وقد فسر الشيء بالدرهم وكأنه قال‏:‏ علي درهم ودرهم فيلزمه درهمان، ووافقنا الحنابلة‏.‏

فرع‏:‏

في الجواهر‏:‏ له علي كذا وكذا دينارا أو درهما، نظر إلى أقل ما فوق كذا وكذا من العدد فيكون عليه نصفه دنانير ونصفه دراهم؛ لأن صيغة أو اقتضت التردد بين النوعين، وليس أحدهم أولى من الآخر، فلزمه من كل واحد نصفه كمسألة الخنثى، ومسألة الترامي، وعلى قول سحنون‏:‏ يصدق المقر مع يمينه‏.‏

فرع‏:‏

قال القاضي ابن مغيث في وثائقه‏:‏ إذا قال علي كذا وكذا دراهم بجمع دراهم لزمته ثلاثة دراهم؛ لأنه أقل عدد يميز بالجمع، فإنك تقول‏:‏ درهم درهمان من غير تمييز ثلاثة دراهم، فدراهم هنا تميز إلى عشرة دراهم، ثم تركب العدد فتقول‏:‏ أحد عشر درهما إلى تسعة عشر درهما، فتميزه بالمفرد المنصوب ثم تزيل التركيب، فتقول‏:‏ عشرون درهما إلى تسعين درهما، فتميزه بالمفرد المنصوب ثم تذكر المائة فتميزها بالمفرد المخفوض، وكذا ألف فهذا جميع مراتب الأعداد وتميزاتها‏.‏

فرع‏:‏

قال‏:‏ علي كذا درهم بالخفض، يلزمه مائة لما تقدم، وقال الشافعية والحنابلة‏:‏ يلزمه بعض درهم؛ لأن كذا عندهم لا يختص بالعدد، بل معناه وبعض الدرهم شيء يمكن إضافته إلى الدرهم، فما قال‏:‏ إنه للعدد إلا ‏(‏ح‏)‏ ومحمد بمن الحسن والزجاج وغيره من النحاة وافقنا غير أننا نحن نقضنا أصولنا إذا لم يميز أصلا ووافقناهم، وقد تقدم تقريره ولم يوجد عن ‏(‏ح‏)‏ في المسائل نقل‏.‏

فرع‏:‏

قال الشافعية والحنابلة‏:‏ إذا قال‏:‏ له علي ‏(‏كذا‏)‏ درهم بالوقف في ميم درهم من غير إعراب يقبل تفسيره بأي جزء من أجزاء الدرهم؛ لأن المجرور يصح أن يوقف عليه بالسكون، والأصل براءة الذمة من غيره‏.‏

فرع‏:‏

قال الشافعية‏:‏ إذا قال كذا وكذا وأطلق من غير تمييز قبل منه أقل ما يقول؛ لأن معناه شيء شيء وكرره للتأكيد‏.‏

فرع‏:‏

قالوا‏:‏ فلو قال له كذا وكذا ولم يفسره فقد أقر بمعين، فيرجع إلى تفسيره فيهما؛ لأن العطف يقتضي التغاير فلا بد أن يفسرهما بمتمولين عادة وشرعا‏.‏

فرع‏:‏

قال الشافعية والحنابلة‏:‏ إذا قال علي كذا وكذا درهم بالعطف والرفع في درهم يلزمه درهم؛ لأنه ذكر شيئين مبهمين وأبطل منهما الدراهم، فيكون هذا اللازم أو يكون خبر مبتدأ مضمر تقديره هما مضمر‏.‏

فرع‏:‏

قال الشافعية‏:‏ إذا قال له علي كذا من الدراهم لزمه ثلاثة دراهم كما لو قال له شيء، وفسره بدراهم لم يقبل منه أقل من ذلك، وهكذا بناء منهم على أن من لبيان الجنس كأنه قال‏:‏ من جنس الدراهم أما لو كانت للتبعيض للزمه أقل الأخرى؛ لأنه بعض الدراهم ويلزمه أن لا يفتوا إلا بهذا على التقديرين؛ لأن من لفظ مشترك والأصل براءة الذمة مع التردد‏.‏

فرع‏:‏

قال الحنابلة‏:‏ له كذا درهم بالرفع، يلزمه، ودرهم مرفوع على البدل من كذا أو خبر ابتداء مضمر تقديره‏:‏ هو درهم‏.‏

فرع‏:‏

قالوا‏:‏ إذا قال كذا وكذا درهم بخفض درهم لزمه بعض درهم؛ لأن تقديره خمس عشر درهم أو نحوه فله تفسيره، أنت تعلم من هذه الفروع تخريج ما يرد منهما على أصولنا وعلى أصولهم، وهي كلها دائرة على قاعدتين مجمع عليها، وهي أن الأصل براءة الذمة من المشكوك فيه، ومختلف فيها وهي كذا اسم للعدد المبهم أو لشيء مبهم، وبهاتين القاعدتين لا يخفى عليك شيء من فروع هذا اللفظ‏.‏

اللفظ السابع في الجواهر‏:‏ له علي عشرة دراهم ونيف، فله تفسير النيف بأقل من درهم ولو دانق؛ لأن النيف هو الزائد من الواحد إلى الخمسة، وكذلك نيف وخمس، وقيل‏:‏ إذا أقر بعشرين ونصف إلى النيف ثلثها وكذلك مائة ونيف أو درهم ونيف أنه مائة وثلثها، ودرهم وثلثه، واختار الشيخ أبو إسحاق أن القول قول المقر مع يمينه‏.‏

فائدة في الصحاح أن النيف الزيادة تخفف وتشدد،،، يقال‏:‏ عشرة ونيف ومائة ونيف وكلما زاد على العقد فهو نيف حتى يبلغ العقد الثاني‏.‏

الفظ الثامن في الجواهر‏:‏ له علي بعض المائة أو قربها أو أكثرها أو نحوها أو مائة إلا قليلا أو مائة إلا شيئا، يلزمه من ثلثي المائة إلى أكثر بقدر ما يرى الحاكم عند أكثر الأصحاب، وقيل‏:‏ ثلث المائة؛ لأن الثلث في حيز الكثرة وقيل‏:‏ ثلثها؛ لأنه الأكثر وإلا فالعشرون منها كثير وليست أكثرها وقيل‏:‏ النصف وشيء، وذلك أحد وخمسون؛ لأن بالواحد صارت الخمسين أكثر المائة‏.‏

اللفظ التاسع قال القاضي ابن مغيث في وثائقه‏:‏ له علي دراهم فأقل لزمه في حكم العربية درهمان، قال‏:‏ لأنه أقر له بجمع وأقل الجمع اثنان‏.‏