فصل: الباب الثَّانِي فِي أَحْكَامِ اللَّقِيطِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة (نسخة منقحة)



.النَّظَرُ الثَّانِي فِي قِيَامِ اللُّقَطَةِ وَفَوَاتِهَا:

وَفِي الْكِتَابِ إِذَا بِيعَتْ بَعْدَ السَّنَةِ لَمْ يَفْسَخْ صَاحِبُهَا الْبَيْعَ وَإِنْ بِيعَتْ بِغَيْرِ أَمْرِ الْإِمَامِ لِتَقَدُّمِ إِذْنِ الشَّرْعِ فِي ذَلِكَ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَشَأْنُكَ بِهَا وَلَهُ الثَّمَنُ مِمَّنْ قَبَضَهُ لِأَنَّهُ بذل قَالَ التُّونِسِيُّ قَالَ أَشْهَبُ لَهُ فِي الدَّابَّةِ نقص الْبَيْعِ إِذَا بِيعَتْ بِغَيْرِ أَمْرِ السُّلْطَانِ فَإِنْ مَاتَت فَالثَّمَنُ إِنْ بِيعَتْ خَوْفَ الضَّيَاعِ فَأَمَّا إِنْ بَاعَ الثِّيَابَ فَلَهُ تَضْمِينُهُ الْقِيمَةَ وَلَهُ إِجَازَةُ الْبَيْعِ لِعَدَمِ الضَّرَرِ فِي بَقَائِهَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ بِأَمْرِ الْإِمَامِ فَلَيْسَ لَهُ إِلَّا الثَّمَنُ فَلَمْ يَجْعَلْ أَشْهَبُ الْبَيْعَ لَهُ إِلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ ثُمَّ فَرَّقَ فِي الثِّيَابِ وَغَيْرِهَا وَلَمْ يَذْكُرْ تَضْمِينَ الْمُشْتَرِي فَإِنْ كَانَ تَعَدِّيًا جَازَ أَنْ يَضْمَنَ الْمُشْتَرِي قِيمَتَهَا يَوْمَ لَبِسَهَا وَجعل ابْن الْقَاسِم شُبْهَة تمنع نقص الْبَيْعِ وَوُجُودُهُ غَيْرُ شَبِيهٍ يَمْنَعُ التَّضْمِينَ فَإِنْ أَكَلَهَا الْمَسَاكِينُ ضَمِنَ قِيمَتَهَا وَلَمْ يَضْمَنِ الْمَسَاكِينُ شَيْئًا وَقَالَ أَشْهَبُ إِنْ تَصَدَّقَ بِهَا عَنْ رَبِّهَا أَخَذَهَا مِنَ الْمَسَاكِينِ كَقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَإِنْ نَقَصَتْ فَلَهُ أَخْذُهَا نَاقِصَةً أَوْ قِيمَتُهَا مِنَ الْمُتَصَدِّقِ بِهَا ثُمَّ يَرْجِعُ الْمُتَصَدِّقُ فَيَأْخُذُهَا من الْمَسَاكِين فلك تضمنهم مِثْلَهَا أَوْ قِيمَتَهَا عَنْ مُلْتَقِطِهَا يَوْمَ التَّصَدُّقِ لِأَنَّ تَعْرِيفَهُ بَعْدَ السَّنَةِ مَشْرُوطٌ بِضَمَانِ الْبَدَلِ فَجَعَلَ أَشْهَبُ صَدَقَتَهُ بِهَا عَنْ نَفْسِهِ كَغَاصِبٍ وَهَبَ وَمِنْ مَذْهَبِهِ رُجُوعُ الْمُسْتَحِقِّ عَلَى أَيِّهِمَا شَاءَ فَمَنْ رَجَعَ عَلَيْهِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْآخَرِ فَإِنْ تَصَدَّقَ بِهَا فَالْإِشْكَالُ هَلْ يغرم الْمِسْكِين أم لَا قَالَ ابْن الْقَاسِم لَو وجدهَا بيد من اتباعها مِنَ الْمَسَاكِينِ أَخَذَهَا وَيَرْجِعُ الْمُبْتَاعُ الَّذِي تَصَدَّقَ بِهَا عَلَيْهِمْ وَكَذَلِكَ لَوْ مَاتَتْ وَقَالَ غَيْرُهُ يَرْجِعُ بِالْأَقَلِّ مِنَ الثَّمَنِ الَّذِي دَفَعَ لِلْمَسَاكِينِ أَوْ قِيمَتِهَا يَوْمَ تَصَدَّقَ الْمُلْتَقِطُ إِنْ كَانَ الثَّمَنُ أَكْثَرَ ثُمَّ تَرْجِعُ بِالْقِيمَةِ عَلَى الْمَسَاكِينِ فَجَعَلَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَكَ أَخْذُهَا مِنَ الْمُشْتَرِي وَلَوْ بَاعَهَا الْمُلْتَقِطُ نُقِضَ بَيْعُهُ وَلَمْ يَجْعَلِ الْمَسَاكِينَ كَالْوُكَلَاءِ عَلَى الْبَيْعِ فَيَمْضِي بَيْعُهُمْ وَيَغْرَمُ الْمُلْتَقط الْقيمَة قَالَ وَفِيه نظر إِذا وَجَبَ أَخْذُهَا مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي كَانَ الرُّجُوعُ بِالْقِيمَةِ يَوْمَ الصَّدَقَةِ عَلَى الْمُلْتَقَطِ أَوْلَى مِنَ الرُّجُوعِ عَلَى الْمَسَاكِينِ وَهُمْ أَخَذُوهُ عَلَى بَابِ الْمِلْكِ وَمِلْكُهُمْ عَلَيْهِ مَنْ لَهُ شُبْهَةٌ وَهُمْ لَوْ أَكَلُوا اللُّقَطَةَ مَا ضَمِنُوا وَفِي الْجَوَاهِرِ مَتَى وَجَدَهَا قَائِمَةً أَخَذَهَا مِنْ يَدِ الْمُلْتَقِطِ نَوَى تَمْلِيكَهَا أَمْ لَا وَكَذَلِكَ بِيَدِ الْمَسَاكِينِ تَصَدَّقَ عَنْ نَفْسِهِ أَوْ عَنْكَ وَكَذَلِكَ بِيَدِ الْمُبْتَاعِ مِنَ الْمَسَاكِينِ وَفِي يَدِ الْمُبْتَاعِ مِنَ الْمُلْتَقِطِ بِخِلَافِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ الْمُتَقَدِّمِ وَإِنْ وَجَدَهَا بِيَدِ الْمَسَاكِينِ نَاقِصَةً وَقَدْ تَصَدَّقَ بِهَا عَنْكَ خُيِّرْتَ فِي أَخْذِهَا وَلَا شَيْءَ لَكَ عَلَيْهِ أَوْ قِيمَتِهَا مِنْهُ وَيَأْخُذُهَا الْمُلْتَقِطُ مِنَ الْمَسَاكِينِ وَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَيْهِمْ فِي نَقْصِهَا لِأَنَّهُ سَلَّطَهُمْ وَمَتَى عَيَّنَهَا وَالْمُلْتَقِطُ أَكَلَهَا أَوْ أَتْلَفَهَا فَالْقِيمَةُ يَوْمَ الْأَكْلِ أَوِ التَّصَدُّقِ لِأَنَّ يَدَ السَّابِقَةِ لَهُ أَمَانَةٌ إِنْ أَكَلَهَا الْمَسَاكِينُ تصدق بهَا عَنْك أَو عَنهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ إِنْ تَصَدَّقَ بِهَا عَنْهُ فَأَكَلَهَا الْمَسَاكِينُ فَلَكَ تَضْمِينُهُمُ الْمِثْلَ وَالْقِيمَةَ.

.كِتَابُ اللَّقِيطِ:

وَهُوَ مِنَ اللَّقْطِ فَقِيلَ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ مِثْلُ جَرِيحٍ وَمَجْرُوحٍ وَقَتِيلٍ بِمَعْنَى مَقْتُولٍ لَا بِمَعْنى رَحِيم بِمَعْنى رَاحِم وَعَلَيْهِم بِمَعْنَى عَالَمٍ وَشَأْنُ فَعِيلٍ أَبَدًا أَنْ يَرِدَ بَيْنَ فَاعِلٍ وَمَفْعُولٍ وَإِنَّمَا يُعَيِّنُ أَحَدُهُمَا خُصُوصَ الْمَادَّة الَّتِي فِيهَا السِّيَاق الشَّيْء بِمَا يؤول فِيهِ مجَازًا كَقَوْلِه تَعَالَى {وَسَيِّدًا وَحَصُورًا} و{إِنِّي أَرَانِي أعصر خمرًا} وَهُوَ كَثِيرٌ فِي الْقُرْآنِ وَلِسَانِ الْعَرَبِ وَفِيهِ بَابَانِ:

.الباب الْأَوَّلُ فِي الِالْتِقَاطِ وَحُكْمِهِ:

وَأَصْلُهُ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ فَأَدْلَى دلوه قَالَ يَا بشراى هَذَا غُلامٌ وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يعْملُونَ} وَقَوله تَعَالَى {وتعاونوا على الْبر وَالتَّقوى} وَيُرْوَى أَنَّ عُنَيَنًا بِضَمِّ الْعَيْنِ بِلَا نَقْطٍ وَفَتْحِ النُّونِ وَالْيَاءِ وَالنُّونِ قَالَ أَخَذْتُ مَنْبُوذًا عَلَى عَهْدِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَذَكَرَهُ عَرِيفِي لِعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَأَرْسَلَ إِلَيَّ فَدَعَانِي وَالْعَرِيفُ عِنْدَهُ فَلَمَّا رَآنِي قَالَ عَسَى الْغُوَيْرُ أَبْؤُسًا الْغُوَيْرُ تَصْغِيرُ غَارٍ وَأَبْؤُسًا بِضَمِّ الْهَمْزَةِ فِي الْوَاوِ وَالْأَبْؤُسُ جَمْعُ الْبَأْسِ قَالَ عريفي أَنه لَا يهتم فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ قُلْتُ وَجَدْتُ نَفْسًا بِمَضْيَعَةٍ فَأَحْبَبْتُ أَنْ يَأْجُرَنِيَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ فَقَالَ هُوَ حُرٌّ وَوَلَاؤُهُ لَكَ وَعَلَيْنَا إِرْضَاعُهُ.
فَائِدَةٌ:
أَصْلُ هَذَا الْمَثَلِ غَارٌ فِيهِ نَاسٌ فنهار عَلَيْهِمْ وَقِيلَ جَاءَهُمْ فِيهِ عَدُوٌّ فَقَتَلَهُمْ فَصَارَ مَثَلًا لِكُلِّ شَيْءٍ يُخَافُ أَنْ يَأْتِيَ مِنْهُ شَيْنٌ وَقِيلَ الْغُوَيْرُ مَاءٌ لِكَلْبٍ وَهَذَا الْمَثَلُ تَكَلَّمت بِهِ الزباء بِالزَّايِ الْمُعْجَمَةِ وَالْبَاءِ بِوَاحِدَةٍ مِنْ تَحْتِهَا مَقْصُورٌ فِي قِصَّتِهَا مَعَ قَصِيرِ اللَّخْمِيِّ حِينَ أَخَذَ فِي غَيْرِ الطَّرِيقِ فَأَتَى عَلَى الْغُوَيْرِ وَمَقْصُودُ عمر رَضِي الله عَنهُ فِي هَذَا الْمَثَلِ أَنْ يَقُولَ لِلرَّجُلِ لَعَلَّكَ صَاحِبُ هَذَا الْمَنْبُوذِ حَتَّى أَثْنَى عَلَيْهِ عَرِيفُهُ جَيِّدًا وَنَصَبَ أَبْؤُسًا عَلَى أَصْلِ خَبَرِ عَسَى فَإِنَّ أَصْلَ خَبَرِهَا أَنْ يَكُونَ مِثْلَ خَبَرِ كَانَ فَلَمَّا جَعَلُوهُ فِعْلًا بِمَعْنَى الِاسْمِ رَاجَعُوا الْأَصْلَ فِي قَوْلِهِمْ كَذَبَ أُبَيًّا وَعَسَى الْغُوَيْرُ أَبْؤُسًا وَفِي الْجَوَاهِرِ الْتِقَاطُ الْمَنْبُوذِ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَة وَقَالَ الْأَئِمَّةُ قِيَاسًا عَلَى إِنْقَاذِ الْغَرِيقِ وَالطَّعَامِ وَالْمُضْطَرِّ وَهُوَ مُنْدَرِجٌ فِي قَاعِدَةِ حِفْظِ النُّفُوسِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهَا فِي سَائِرِ الْمِلَلِ وَالْكُتُبِ الْمُنَزَّلَةِ فَمَتَى خِفْتَ عَلَيْهِ الْهَلَاكَ وَجَبَ عَلَيْكَ الْأَخْذُ وَإِنْ أَخَذْتَهُ بِنِيَّةِ تَرْبِيَتِهِ حَرُمَ عَلَيْكَ رَدُّهُ وَإِنْ أَخَذْتَهُ لِتَرْفَعَهُ لِلْإِمَامِ فَلَمْ يَقْبَلْهُ مِنْكَ جَازَ رَدُّهُ لِمَوْضِعِ أَخْذِهِ قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ وَمَعْنَى ذَلِك عِنْدِي أَن يُؤمن عَلَيْهِ اهلاك بِمُسَارَعَةِ النَّاسِ لِأَخْذِهِ بَعْدَ رَدِّهِ وَمَنْ أَخَذَ لَقِيطًا فَلْيُشْهِدْ عَلَيْهِ خَوْفَ الِاسْتِرْقَاقِ وَوَلَاءُ اللَّقِيطِ لجَماعَة الْمُسلمين لايختص بهَا اللَّقِيط إِلَّا بِتَخْصِيصِ الْإِمَامِ وَمَا فِي أَثَرِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ النَّاسُ عَلَى خِلَافِ عُمُومِهِ بَلْ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى وِلَايَةِ الْإِرْضَاعِ وَالتَّرْبِيَةِ دُونَ الْمِيرَاثِ وَالنِّكَاحِ أَوْ يَكُونُ مِنْ بَابِ التَّصَرُّف فالإمامة فَعَلَى هَذَا مَتَى خَصَّصَ الْإِمَامُ مُلْتَقَطًا بِذَلِكَ ثَبَتَ لَهُ وَلَيْسَ لِلْعَبْدِ وَلَا لِلْمُكَاتَبِ الْتِقَاطٌ بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهِ لِمَا فِيهِ مِنَ الِاشْتِغَالِ عَنْ مَصَالِحِ السَّيِّدِ وَلِأَنَّ الْحَضَانَةَ تَبَرُّعٌ فَإِنْ فَعَلَا لَمْ يَكُنْ لَهُمَا ذَلِكَ وَيُنْزَعُ اللَّقِيطُ مِنَ الذِّمِّيِّ لِئَلَّا يُنَصِّرَهُ قَالَ سَحْنُونٌ فَإِنْ رَبَّتْ نَصْرَانِيَّةٌ صَبِيَّةً حَتَّى بَلَغَتْ عَلَى دِينِهَا أَن ثبتَتْ لقطَة ردَّتْ على لِلْإِسْلَامِ وَهِيَ حُرَّةٌ وَوَافَقْنَا ش فِي الْعَبْدِ وَالْكَافِرِ وَنَصَّ عَلَى الْفَاسِقِ لَا يُقِرُّ اللَّقِيطُ بِيَدِهِ خَشْيَةَ أَنْ يَسْتَرِقَهُ وَأُلْحِقَ بِالْفَاسِقِ الْغَرِيبُ الْمَجْهُولُ الْأَمَانَةِ وَلَهُمْ فِي الْفَقِيرِ وَجْهَانِ لَا يلتقط لِئَلَّا يضر باللقيط فقره ويلتقط اعْتِمَاد عَلَى لُطْفِ اللَّهِ تَعَالَى وَوَافَقَ ابْنُ حَنْبَلٍ فِي الْكَافِرِ وَالْفَاسِقِ وَالْعَبْدِ وَإِذَا ازْدَحَمَ اثْنَانِ كِلَاهُمَا أَهْلٌ قُدِّمَ السَّابِقُ وَإِلَّا أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا وَقَالَ ش يَنْظُرُ فِي ذَلِكَ الْإِمَامُ فَيُقِرُّهُ فِي يَد أَحدهمَا وَفِي يَد غَيرهمَا وَيلْزم الْمُلْتَقِط الْحَضَانَة وَلَا يُلْزِمُهُ النَّفَقَةَ إِنْ وَجَدَ من ينْفق على الصَّبِي لِأَن عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَإِنْ عَجَزَ عَنِ الْحَضَانَةِ سَلَّمَهُ لِلْقَاضِي وَإِنْ تَبَرَّمَ مَعَ الْقُدْرَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ تَرْكُهُ إِنْ أَخَذَهُ لِيَحْضُنَهُ كَمَا تَقَدَّمَ وَنَفَقَةُ اللَّقِيطِ فِي مَالِهِ وَهُوَ مَا وَقَفَ عَلَى اللَّقْطِ أَوْ رَتَّبَ لَهُمْ أَوْ أَوْصَى لَهُمْ بِهِ أَوْ وُجِدَ تَحْتَ يَدِ اللَّقِيطِ عِنْدَ الْتِقَاطِهِ مَلْفُوفًا عَلَيْهِ أَوْ فِي النُّسْخَةِ مَوْضُوعًا عَلَيْهِ أَوْ تَحْتَهُ أَوْ فِرَاشٌ أَوْ ثَوْبٌ أَوْ دَابَّةٌ أَوْ مَعَهُ كيس أَو مَا هُوَ مَدْفُونٌ فِي الْأَرْضِ تَحْتَهُ فَلَيْسَ لَهُ إِلَّا أَنْ يُؤْخَذَ مَعَهُ رُقْعَةٌ فَإِنَّهُ لَهُ وَمَا هُوَ قَرِيبٌ مِنْهُ مَوْضُوعٌ أَوْ دَابَّةٌ مَشْدُودَةٌ فَهُوَ لُقَطَةٌ لِأَنَّهُ حُرٌّ فَمَا فِي يَدِهِ فَهُوَ لَهُ وَمَا خَرَجَ عَنْ يَدِهِ فَلَيْسَ مِلْكَهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْبَالِغِ الْقَرِيبِ مِنْهُ فِي يَدِهِ وَمِلْكِهِ وَبَيْنَهُ أَنَّ الْبَالِغَ يَدَّعِي مَتَاعَهُ بِالْقُرْبِ بِخِلَافِ الطِّفْلِ وَوَافَقْنَا الْأَئِمَّةَ عَلَى هَذِهِ الْجُمْلَةِ فِيمَا يُنْسَبُ لِلطِّفْلِ فَإِنْ عُدِمَتْ هَذِهِ الْجِهَاتُ وَلَمْ يَتَبَرَّعْ أَحَدٌ بِالنَّفَقَةِ فَفِي بَيت المَال وَقَالَهُ الْأَئِمَّة لِأَن أَخْذُ أَطْفَالِ الْمُسْلِمِينَ فَإِنْ تَعَذَّرَ بَيْتُ الْمَالِ فروى فِي الموازنة عَلَى الْمُلْتَقِطِ نَفَقَتُهُ حَتَّى يَبْلُغَ وَيَسْتَغْنِيَ وَلَيْسَ لَهُ طَرْحُهُ لِأَنَّهُ بِالِالْتِقَاطِ لَزِمَهُ أَمْرُهُ كُلُّهُ ثُمَّ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَأَنْفَقَ أَحَدٌ عَلَيْهِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَيْهِ لِأَنَّ إِشْغَالَ ذِمَّتِهِ بِالدَّيْنِ لَا سَبِيلَ إِلَيْهِ إِلَّا أَنْ يُثْبِتَ أَنَّهُ ابْنُ زَيْدٍ فَيُتْبِعُ زَيْدًا لِأَنَّهُ قَامَ عَنْهُ بِوَاجِبٍ إِنْ كَانَ طَرْحُهُ مُتَعَمِّدًا إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ أَنْفَقَ عَلَيْهِ حِسْبَةً فَلَا رُجُوعَ لَهُ بِحَالٍ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا رُجُوعَ عَلَى الْأَبِ بِحَالٍ لِأَنَّ الْمُنْفِقَ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِالْأَبِ فَهُوَ مُتَبَرِّعٌ وَقَالَ سَحْنُونٌ إِنْ أَنْفَقَ لِيَتْبَعَهُ فَطَرَأَ لَهُ أَبٌ تَعَمَّدَ طَرْحَهُ اتَّبَعَهُ أَوْ حِسْبَةً لَمْ يَرْجِعْ وَلَوْ ضِدَّ صَبِيٍّ فَأَنْفَقْتَ عَلَيْهِ لَمْ تَتْبَعْ أَبَاهُ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الِاحْتِسَابِ وَحَيْثُ أُشْكِلَ الْأَمْرُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْفِقِ مَعَ يَمِينِهِ فِي أَنَّهُ أَنْفَقَ لِيُرْجِعَ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّبَرُّعِ وَعِصْمَةُ الْأَمْوَالِ عَنِ الضَّيَاعِ وَعِنْدَ ش مَتَى أَخذ اللَّقِيطُ وَغَلَبَ ظَنُّهُ أَنَّ ثَمَّ مَنْ يَحْفَظُهُ جَازَ لَهُ رَدُّهُ لَنَا قَوْله تَعَالَى {وَلَا تُبْطِلُوا أَعمالكُم} وَهَذَا عمل لظَاهِر قَول عمر رَضِي الله عَنهُ عَلَيْك إرضاعه وَصِيغَة عَلَيْك للْوُجُوب واللزوم.

.الباب الثَّانِي فِي أَحْكَامِ اللَّقِيطِ:

وَهِيَ أَرْبَعَةٌ:

.الْحُكْمُ الْأَوَّلُ إِسْلَامُهُ:

وَفِي الْجَوَاهِرِ الْإِسْلَامُ يَحْصُلُ اسْتِقْلَالًا بِمُبَاشَرَةِ الْبَالِغِ وَكَذَلِكَ الْمُمَيِّزُ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَيُجْبَرُ عَلَيْهِ إِنْ رَجَعَ عَنْهُ حَتَّى لَوْ بَلَغَ وَأَقَامَ عَلَى رُجُوعِهِ فَهُوَ مُرْتَد لِأَن الْإِيمَان قد وَجب مِنْهُ حَقِيقَة فَيقبل للردته وَقَالَهُ ح وردة الصَّغِير تصح عِنْد ابْن الْقَاسِمِ وَلَا تُؤْكَلُ ذَبِيحَتُهُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْخِطَابِ بِالْأَسْبَابِ كَالْإِتْلَافِ لَا من بَاب التَّكْلِيف وَمنع سَحْنُون وش الصِّحَّةَ وَأَبَاحَ ذَبِيحَتَهُ وَالصَّلَاةَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَا يحرم عَلَيْهِ عَلَيْهِ الْكُفْرُ فَهُوَ كَغَيْرِهِ فِي حَقِّهِ وَلَا يُقْتَلُ بِرِدَّتِهِ اتِّفَاقًا وَهُوَ صَبِيٌّ وَقِيلَ لَا يَصِيرُ مُسْلِمًا إِلَّا بَعْدَ الْبُلُوغِ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ الْوَاجِبَ لَا يُتَصَوَّرُ مِنْهُ لِعَدَمِ أَهْلِيَّةِ التَّكْلِيفِ وَالْإِيمَانُ لَا يَقَعُ نَفْلًا فَلَا يُعْتَبَرُ إِيمَانُهُ مُطْلَقًا وَغَيْرُ الْمُمَيِّزِ وَالْمَجْنُونُ لَا يُتَصَوَّرُ إِسْلَامُهُمَا إِلَّا تَبَعًا وَلِلتَّبَعِيَّةِ ثَلَاثُ جِهَاتٍ الْأُولَى إِسْلَامُ الْأَبِ فَيَتْبَعُهُ دُونَ أُمِّهِ لِأَنَّ الدِّينَ بِالنُّصْرَةِ وَالْأَب ذكر مظنتها دون الْأُم وَقَالَ ابْن وهب وش مَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمَا تَغْلِيبًا لِلْإِسْلَامِ لَنَا أَنَّهُ إِسْلَامٌ لِغَيْرِ مَنْ دَخَلَ فِي عُهْدَةٍ فَلَمْ يَتْبَعْهُ كَالْحَالِ وَلِأَنَّ الْأُمَّ مُسَاوِيَةٌ لَهُ فِي الدُّخُولِ تَحْتَ عُهْدَةِ الْأَبِ فَلَا يَتْبَعُهَا كَأَخِيهِ وَلِأَنَّ الْأَبَ هُوَ الْمُتَبَرِّعُ فِي عَقْدِ الذِّمَّةِ فَيَكُونُ هُوَ الْمُتَبَرِّعَ فِي الْإِسْلَامِ كَعَقْدِ الذِّمَّةِ وَحَيْثُ قُلْنَا بِالتَّبَعِيَّةِ فَبَلَغَ وَاعْتَرَفَ عَنْ نَفْسِهِ بِالْكُفْرِ فَهُوَ مُرْتَدٌّ الْجِهَةُ الثَّانِيَةُ تَبَعِيَّةُ الدَّارِ فَكُلُّ لَقِيطٍ وُجِدَ فِي قُرَى الْإِسْلَامِ وَمَوَاضِعِهِمْ فَهُوَ مُسْلِمٌ أَوْ فِي قُرَى الْكُفْرِ وَمَوَاضِعِهِمْ فَهُوَ كَافِرٌ وَلَا يَعْرِضُ لَهُ إِلَّا أَنْ يَلْتَقِطَهُ مُسْلِمٌ فَيَجْعَلُهُ عَلَى دِينِهِ وَقَالَ أَشْهَبُ حُكْمُهُ أَيْضًا فِي هَذِهِ الْإِسْلَامُ الْتَقَطَهُ مُسْلِمٌ أَو ذِمِّيٌّ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ لِمَنْ فِيهَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ كَمَا أَجْعَلُهُ حُرًّا وَإِنْ جُهِلَتْ حُرِّيَّتُهُ لِاحْتِمَالِ الْحُرِّيَّةِ لِأَنَّ الشَّرْعَ رَجَّحَ جَانِبَهَا وَعِنْدَ ش وَابْنِ حَنْبَلٍ مَتَى كَانَ فِي الْبَلَدِ مُسلمُونَ أَو مشركون أقوى كَذَا بِالْحُرِّيَّةِ وَفِيهِ مُسْلِمٌ وَاحِدٌ فَاللَّقِيطُ مُسْلِمٌ لِجَرَيَانِ حُكْمِ الْإِسْلَامِ عَلَى الدَّارِ وَإِسْلَامُ مَنْ فِيهِ وَإِنْ كَانَ جَمِيعُهُمْ كَافِرًا وَإِنْ صَالَحَهُمُ الْإِمَامُ فَهُوَ كَافِرٌ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ وَلَدُهُمْ وَإِنْ كَانَ فِي بلد الْكفْر الأَصْل كَالتُّرْكِ وَغَيْرِهِمْ وَلَيْسَ فِيهِمْ مُسْلِمٌ فَكَافِرٌ وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ مُسْلِمٌ فَوَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ كَافِرٌ تَغْلِيبًا لِحُكْمِ الْكُفَّارِ.

.الحكم الثَّانِي نَسَبُ اللَّقِيطِ:

وَفِي الْجَوَاهِرِ إِنِ اسْتَلْحَقَهُ الْمُلْتَقِطُ وَغَيْرُهُ لَا يُلْحَقُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ أَوْ يَكُونُ لِدَعْوَاهُ وَجْهٌ كمن عرفه أَنه لَا يعِيش لَهُ ولد فَزعم أسر كَذَا ماه لِأَنَّهُ سَمِعَ أَنَّهُ إِذَا طُرِحَ عَاشَ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى صِدْقِهِ وَقِيلَ لَا بُدَّ مِنَ الْبَيِّنَةِ مُطْلَقًا لِأَنَّ غَيْرَهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَدَّعِيَهُ وَقَالَ أَشْهَبُ يَلْحَقُ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى لِعَدَمِ الْمُنَازِعِ وَهُوَ أَمْرٌ بَاطِلٌ يَخْفَى إِلَّا أَن يطهر كذبه قَالَ الشَّيْخ أَبُو اسحاق هُوَ الْمُخْتَارُ وَرُبَّمَا طَرَحَ النَّاسُ أَوْلَادَهُمْ مِنَ الْإِمْلَاقِ وَغَيْرِهِ وَإِذَا اسْتَلْحَقَ الذِّمِّيُّ لَقِيطًا بِبَيِّنَةٍ لَحِقَهُ وَكَانَ على دينه إِلَّا أَن يسلم وغين اسْتَلْحَقَتْهُ امْرَأَةٌ وَوَلَدُهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا تُقْبَلُ مِنْهَا وَإِنْ جَاءَتْ بِمَا يُشْبِهُ مِنَ الْعَدَدِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ لِأَنَّ إِقَامَتَهَا لِبَيِّنَةٍ عَلَى ولدتها مُمْكِنٌ بِخِلَافِ الزَّوْجِ لِأَنَّ الْوَطْءَ حَالَةُ تَسَتُّرٍ وَلِأَنَّهَا إِنْ أَلْحَقَتْهُ بِزَوْجِهَا فَلَيْسَ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يُلْحِقَ النَّسَبَ بِغَيْرِهِ وَلِذَلِكَ إِذَا اسْتَلْحَقَ الزَّوْجُ لَا يُلْحَقُ بِالْمَرْأَةِ وَإِنِ ادَّعَتْهُ مِنْ وَطْءِ شُبْهَة أَو زنا كَانَ ذَلِكَ ضَرَرًا عَلَيْهِ أَمَّا الزَّوْجُ فَيُمْكِنُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِامْرَأَةٍ أُخْرَى وَالْمَرْأَةُ لَا تَتَزَوَّجُ بِرَجُلٍ آخَرَ وَقَالَ أَشْهَبُ يُقْبَلُ قَوْلُهَا لِأَنَّهَا إِحْدَى الْأَبَوَيْنِ وَإِنْ قَالَتْ مِنْ زِنًا حَتَّى يُعْلَمَ كَذِبُهَا لِمَا فِي الْبُخَارِيِّ عَنْ سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّ الذِّئْبَ عَدَا عَلَى صَبِيٍّ لِامْرَأَةٍ فَادَّعَتْ أَنَّ ابْنَ الْمَرْأَةِ الَّتِي مَعَهَا ابْنهَا فتداعياه لِسُلَيْمَان فَأمر أَن يقسم بَينهمَا يسكن فَقَالَتْ أُمُّهُ لَا تَفْعَلُ سَلَّمَتُ لَهَا فَقَضَى بِهِ لِلْمَانِعَةِ مِنْ قِسْمَتِهِ لِأَنَّ الشَّفَقَةَ عَلَيْهِ وُجِدَتْ مِنْهَا دُونَ الْأُخْرَى وَكَانَ دَاوُود عَلَيْهِ السَّلَامُ قَضَى بِهِ قَبْلَهُ لِلْأُخْرَى فَلَوْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَرْأَةِ الِاسْتِلْحَاقُ لَمَا قُضِيَ بِالصَّبِيِّ لِمُدَّعِيَتِهِ مِنْهُمَا أَوْ لِلْأُولَى وَأَخَّرَ الْأُخْرَى وَقَالَ مُحَمَّدٌ تُصَدَّقُ فِي الزِّنَى وَتُحَدُّ وَأَمَّا مَنْ لَهَا زَوْجٌ فَلَا إِلَّا أَنْ تَدْعِيَهُ فَيُلْحَقُ بهَا وَقَالَ صَاحِبُ الْإشْرَافِ وَالْمُسْلِمُ وَالذِّمِّيُّ سَوَاءٌ فِي دَعْوَى نَسَبِ اللَّقِيطِ وَقَالَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ ح يُقَدَّمُ الْمُسْلِمُ عَلَى الذِّمِّيِّ وَالْحُرُّ عَلَى الْعَبْدِ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ تَنَازَعَا فِي الْحَضَانَةِ لَمَا عَلَى اللَّقِيطِ فِي ذَلِكَ مِنَ الْغَرَرِ فَكَانَ إِلْحَاقُهُ بِالْمُسْلِمِ وَالْحُرِّ أَوْلَى وَجَوَابُهُ الْفَرْقُ أَنَّ الْحَضَانَةَ وِلَايَةٌ يُخْشَى عَلَى اللَّقِيطِ فِيهَا مِنْ تَعْيِينِ الدِّينِ وَسُوءِ الْحَالِ بِخِلَافِ النِّسَبِ وَأَمَّا أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَوِ انْفَرَدَ صَحَّتْ دَعْوَاهُ فَإِذَا اجْتَمَعَا اسْتَوَيَا كَالْأَحْرَارِ الْمُسْلِمِينَ وَلِأَنَّهُ سَاوَى الْمُسْلِمَ فِي لُحُوقِ النَّسَبِ فَيُسَاوِيهِ فِي الْمُنَازَعَةِ قِيَاسًا لِلْفَرْعِ الَّذِي هُوَ الْمُنَازَعَةُ عَلَى الْأَصْلِ الَّذِي هُوَ النَّسَبُ.

.الحكم الثَّالِثُ حُرِّيَّتُهُ:

وَفِي الْجَوَاهِرِ هُوَ عَلَى الْحُرِّيَّةِ لَا يُقْبَلُ فِيهِ دَعْوَى الرِّقِّ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ وَلَا يُقْبَلُ إِقْرَارُهُ هُوَ عَلَى نَفْسِهِ بِالرِّقِّ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرِقَّ نَفْسَهُ لَمْ يَخْتَلِفْ فِي ذَلِكَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ وَقَالَهُ الْأَئِمَّة أَن الْأَصْلَ فِي النَّاسِ الْحَرِيَّةُ وَإِنَّمَا يَطْرَأُ عَلَيْهِمُ الرِّقُّ بِجَرِيرَةِ الْكُفْرِ وَقَالَهُ عُمَرُ وَقَالَهُ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَتَلَا قَوْله تَعَالَى {وَشَرَوْهُ بِثمن بخس دَرَاهِم مَعْدُودَة} وَجْهُ الْحُجَّةِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ رَقِيقًا لِمُلْتَقِطِهِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ لَمَا احْتَاجُوا إِلَى شِرَائِهِ وَلِأَنَّهُ إِنْ كَانَ ابْنَ أَمَةٍ فَهُوَ لِسَيِّدِهَا أَو ابْن أم ولد أز ابْنَ حُرَّيْنِ فَهُوَ حُرٌّ فَلَا مَعْنَى لِقَوْلِهِ هُوَ رَقِيقٌ لِمُلْتَقِطِهِ بِغَيْرِ سَبَبِ مِلْكٍ وَالِالْتِقَاطُ إِنَّمَا هُوَ لِلْحِفْظِ دُونَ نَقْلِ الْأَمْلَاكِ.

.الحكم الرَّابِع جِنَايَته:

وَفِي الْجَوَاهِر أرش خطأه فِي بَيْتِ الْمَالِ لِأَنَّ مِيرَاثَهُ لَهُ وَإِنْ جُنِيَ عَلَيْهِ فَالْأَرْشُ كَسَائِرِ الْأَحْرَارِ وَبِذَلِكَ قَالَ الْأَئِمَّة.

.كتاب الْوَدِيعَة:

وَفِيهِ مُقَدِّمَةٌ وَأَرْبَعَةُ أَرْكَانٍ.