فصل: الباب الثَّانِي فِي الْأَحْكَامِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة (نسخة منقحة)



.الباب الثَّانِي فِي الْأَحْكَامِ:

وَهِيَ سِتَّةٌ:
الْأَوَّلُ:
قَالَ اللَّخْمِيُّ: عَقْدُ الشَّرِكَةِ قَدْ يَلْزَمُ وَقَدْ لَا يَلْزَمُ إِنْ أَخْرَجَا دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ لِيَشْتَرِيَا مُعَيَّنًا لَا يَسْتَقِلُّ بِهِ أَحَدُهُمَا لَزِمَتْ لِأَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ حَقًّا فِي هَذَا الْعَقْدِ وَإِنْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى شِرَائِهِ وَحْدَهُ وَإِنْ كَانَ شِرَاءُ الْكُلِّ أَرْخَصَ فَكَذَلِكَ وَإِنِ اسْتَوَى الشِّرَاءُ جُمْلَةً وَانْفِرَادًا فَعَلَى الْقَوْلَيْنِ فَيمَنْ شَرَطَ مَا لَا يُفِيدُ هَلْ يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ أَمْ لَا وَإِنِ اشْتَرَكَا لِيَتَّجِرَا فِي غَيْرِ مُعَيَّنٍ وَمَا لَا أَمَدَ لِانْقِضَائِهِ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ الرُّجُوعُ وَلَكِنَّ لَهُ عَيْنَ دَنَانِيرِهِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا رَضِيَ بِالصَّرْفِ لِأَجْلِ الشَّرِكَةِ وَيَتَخَرَّجُ فِيهِ قَوْلٌ بِلُزُومِ الصَّفْقَةِ الْأُولَى كَقَوْلِ مَالِكٍ فِي الْإِجَارَةِ مُشَاهَرَةً يَلْزَمُهُ الشَّهْرُ الْأَوَّلُ وَإِنْ كَانَتِ الشَّرِكَةُ فِي سِلَعٍ أَخْرَجَ كُلُّ وَاحِدٍ سِلْعَةً فَثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ: إِنْ قُصد بَيْعُ نِصْفِ أَحَدِهِمَا بِنِصْفِ الآخر لَا أَكثر من ذَلِك لَزِمت أوالتربص بِهَا لِمَا يُرجى مِنْ حَوَالَةِ الْأَسْوَاقِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ دَعَا إِلَى تَأْخِيرِ الْمُفَاصَلَةِ إِلَى وَقْتٍ اعْتِيدَ فِيهِ حَوَالَةُ السُّوقِ كَالْقَرْضِ لَا يُمْكِنُ أَحَدُهُمَا الْبَيْعَ قَبْلَ الْأَوَانِ إِلَّا أَنْ يَنْقَسِمَ مِنْ غَيْرِ نَقْصٍ وَلَا مَضَرَّةٍ فَيُقَسَّمُ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ أَوِ الْقَصْدُ تَمَادِي التَّجْرِ بِأَثْمَانِهِمَا يُقدَّم من دَعَا إِلَى ترك التَّدجر فِي الْمُسْتَقْبَلِ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْ مَالِكٍ فِي الْكِرَاءِ وَلِمَنْ أَحَبَّ التَّمَادِيَ الْخِيَارُ فِي نَقْضِ الشَّرِكَةِ فِي الْعَرْضَيْنِ لِأَنَّهُ يَقُولُ لَمْ أَقْصِدْ إِلَّا التَّجر فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَإِذَا لَمْ أُمكن لَمْ أَسْتَمِرَّ وَلَا مَقَالَ لِمُرِيدِ عَدَمِ التَّمَادِي لِأَنَّ الْآخَرَ قَدْ مَلَكَ عَلَيْهِ نِصْفَ عَرْضِهِ ومكَّنه مِنَ الْوَجْهِ الَّذِي قَصَدَ الشَّرِكَةَ لِأَجْلِهِ وَلَو اخرجنا دَنَانِيرَ ثُمَّ سَافَرَ أَحَدُهُمَا بِالْمَالِ لَزِمَتِ الشَّرِكَةُ وَلَا يوكِّل الْحَاضِرُ مَنْ يَأْخُذُهَا مِنَ الْغَائِبِ لِحَقِّ الْغَائِبِ بِغَيْبَتِهِ وَلَيْسَ لِلْغَائِبِ التَّرْكُ وَيُوقَفُ لَهُ مَالُهُ هُنَاكَ لِأَنَّهُ تعريضٌ لِلْمَالِ لِلتَّلَفِ وَإِن سافرا لِأَجْلِ التَّعَاوُنِ بِمَا لَا يَقْدِرُ أَحَدُهُمَا أَنْ يَتَّجِرَ فِيهِ عَلَى الِانْفِرَادِ لَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ من دعما إِلَى التَّمَادِي لِأَوَّلِ نَضّة وَاخْتُلِفَ فِي شَرِكَةِ الْحَرْثِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَحَدِهِمَا النُّزُوعُ قَبْلَ الْحَرْثِ وَقَالَ سَحْنُونٌ لَيْسَ ذَلِكَ لَهُ وَإِنْ كَانَا قَدْ بَذَرَا لَمْ يَكُنْ لِوَاحِدٍ النُّزُوعُ اتِّفَاقًا لِتَعَذُّرِ قِسْمَةِ الْبَذْرِ فِي الْأَرْضِ وَإِنْ لم يبرز وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: إِنْ ذَهَبَ السَّيْلُ بِذَلِكَ الزَّرْعِ لَمْ يُجْبَرْ أَحَدُهُمَا عَلَى أَنْ يُعِيدَ بَذْرًا آخَرَ وَإِنْ هَلَكَ ثَوْرُ أَحَدِهِمَا أَوْ غُلَامُهُ أَوْ بَعْضُ أَدَاتِهِ خُيِّر الْآخَرُ لِأَنَّ الْبَذْرَ بِالْمَالِ فَتَجِبُ الْمُعَاوَنَةُ قَبْلَ عَدَمِهِ دُونَ عَدَمِهِ هَذَا إِذَا اشْتَرَكَا لِيَعْمَلَا بَطْنًا وَاحِدًا فَإِنْ كَانَ لِيَعْمَلَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَلَمْ يُسميا لَزِمَ أَوَّلُ بَطْنٍ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ: الشَّرِكَةُ عَقْدٌ جَائِزٌ مِنَ الطَّرَفَيْنِ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ الِانْفِصَالُ مَتَى شَاءَ وَلِهَذَا لَمْ تجُز إِلَّا عَلَى التَّكَافُؤِ فَمَتَى فَضَلَ أَحَدُهُمَا فِي قِيمَةِ مَا أَخْرَجَهُ فَإِنَّمَا جَعَلَهُ لِيَبْقَى مَعَهُ عَلَى الشَّرِكَةِ فَتَصِيرُ غَرَرًا وَجَازَ فِي الْمُزَارِعَةِ إِخْرَاجُ أَحَدِهِمَا أَكْثَرَ قِيمَةً عِنْدَ سَحْنُونٍ وَابْنُ الْقَاسِمِ لِلُزُومِ الْعَقْدِ وَيَمْتَنِعُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِم فِي الْمُدَوَّنَة لعدم لُزُوم العقد عل هَذَا الْقَوْلِ مَا لَمْ يَبْذُرْ وَعِنْدَ ابْنِ كِنَانَةَ لَا تَلْزَمُ بِالشُّرُوعِ وَلَا بِالْعَمَلِ وَإِنَّمَا اخْتلف فِي الْمُزَارعَة لِأَنَّهَا شركَة وَإِجَارَة أَلْزَمَ وَأَجَازَ التَّفَاضُلَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: مَا لَمْ يَتَفَاحَشْ بِمَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِمِثْلِهِ فِي الْبُيُوعِ وَجَوَّزَ سَحْنُونٌ التَّفَاحُشَ فِي الْعِوَضِ أَمَّا مُفْرَدًا فَلَا قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ: الشَّرِكَةُ عَقْدٌ لَازِمٌ كَالْمُعَاوَضَاتِ وَعِنْدَ غَيْرِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يَلْزَمُ إِلَّا بِالْخَلْطِ تَنْبِيهٌ: انْظُرْ هَذَا الِاخْتِلَافَ الشَّدِيدَ أَحَدُهُمْ يَحْكِي اللُّزُومَ مُطْلَقًا وَالْآخِرُ الْجَوَازَ مُطْلَقًا وَالْآخَرُ يُفَصِّلُ.
نَظَائِر:
الْأَوَّلُ: قَالَ أَبُو عِمْرَانَ: الْعُقُودُ الْجَائِزَةُ خَمْسَةٌ الْقِرَاضُ وَالتَّحْكِيمُ مَا لَمْ يَشْرَعَا فِي الْحُكُومَةِ وَالْوَكَالَةِ وَالْجَعَالَةِ وَالْمُغَارَسَةِ وَهَذَا يُؤَيِّدُ قَوْلَ الْقَاضِي عِيَاضٍ بِاللُّزُومِ لِأَنَّ أَبَا عِمْرَانَ قَصَدَ الْحَصْرَ وَمَا عدَّ الشّركَة.
الثَّانِي: فِي الْجَوَاهِرِ: تَوْزِيعُ الرِّبْحِ عَلَى قَدْرِ الْأَمْوَالِ وَكَذَلِكَ الْعَمَلُ وَإِلَّا فَسَدَتْ لِأَنَّهُ أَكْلُ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ وَفِي الْكِتَابِ: إِنْ تَسَاوَيَا فِي الْمَالِ وَالرِّبْحِ عَلَى أَنْ يُمْسِكَ أَحَدُهُمَا رَأْسَ الْمَالِ مَعَهُ فَإِنْ كَانَ الْمُتَوَلِّي التِّجَارَةَ دُونَ الْآخَرِ امْتَنَعَ أَوْ يَتَوَلَّيَانِهَا جَازَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ: لِأَحَدِهِمْ عَشَرَةٌ وَلِلْآخَرِ خَمْسَةٌ وَالثَّالِثُ لَا مَالَ لَهُ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ أَثْلَاثٌ فَسَدَ وَالرِّبْحُ وَالْوَضِيعَةُ عَلَى صَاحِبَيِ الْمَالِ وَلِلثَّالِثِ أُجْرَةُ عَمَلِهِ عَلَى الْمَالَيْنِ وَلِلْقَلِيلِ الْمَالِ أُجرته فِيمَا عمل فِي الْخَمْسَة الفاصلة مِثَالُهُ عَمِلُوا سَوَاءً فَتَحَصَّلَ تِسْعَةٌ تُقَسَّمُ سِتَّةً وَثَلَاثَةً عَلَى الْمَالَيْنِ فَيَأْخُذُ الثَّالِثُ مِنْهُمَا ثَلَاثَةً من صَاحب الْعشْرَة دِرْهَمَانِ وَيَقُولُ صَاحِبُ الْقَلِيلِ لِصَاحِبِ الْعَشَرَةِ عَمِلَ فِي الْخَمْسَةِ الْفَاضِلَةِ نَحْنُ الثَّلَاثَةُ عَلَى ثُلُثِ رِبْحِهَا وَهُوَ دِرْهَمٌ فَيَحْصُلُ لَهُ ثَلَاثَةٌ وَبِيَدِ الْكَثِيرِ ثَلَاثَةٌ وَبِيَدِ الَّذِي لَا مَالَ لَهُ ثَلَاثَةٌ وَهَذَا هُوَ الْفِقْه فِي العتيبة والعدم واللدد كَذَا أَمَّا لَوْ حَضَرُوا وَصَاحِبَا الْمَالِ مليَّان مُفْرَدَانِ لقُوّمت إِجَارَاتُهُمْ فِي الْمَالِ وَإِذَا كَانَتْ سِتَّةً قُسِّمَتْ أَثْلَاثًا ثُمَّ قُسِّمَ مَا بَقِيَ مِنَ المَال أَثلَاثًا بِي صَاحِبَيِ الْمَالِ كَمَا لَوِ اسْتَأْجَرُوا عَلَى الْعَمَلِ ثَلَاثَةً غَيْرَهُمْ فَإِنَّهُمْ يُقَسِّمُونَ الْفَاضِلَ بَعْدَ إِخْرَاجِ الْأُجْرَةِ وَهَذَا الضَّابِطُ يطَّرِد فِي جَمِيعِ الْوُجُوهِ قَالَ مُحَمَّد: وَلَو أَخْرَجَ كُلُّ وَاحِدٍ مِائَةً فَخَرَجَ اثْنَانِ بِالْمَالِ فَاخْتَصَمَا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ فَاقْتَسَمَا الْمَالَ نِصْفَيْنِ فَتَجَرَا فربح أَحدهمَا وخسر الآخر لَا تنفُذُ مقايمتُهما عَلَى الثَّالِثِ الْمُقِيمِ بَلْ عَلَى أَنْفُسِهِمَا فَيَضُمُّ المَال حَتَّى يصير للْغَائِب ثُلة كُلُّهُ مُشَاعًا بِرِبْحِهِ وَخَسَارَتِهِ ثُمَّ يَتَرَادَّ الْمُقْتَسِمَانِ فَيحصل لهَذَا بَقِيَّة ربحه وَلِهَذَا بَقِيَّة ربحه وَكَذَلِكَ الخسارة يُرِيد مُحَمَّد أَن يَكُونُ لَهُ ثُلُثُ رِبْحِ أَحَدِهِمَا وَعَلَيْهِ ثُلُثُ خسارة الآخر قَالَ مُحَمَّد لِأَنَّهُ قدد رَضِيَ بِالْمُقَاسَمَةِ وَفِي الْمُسْتَخْرَجَةِ إِنْ كَانَ نَهَاهُمَا عَنِ الْقِسْمَةِ لَا يَلْزَمُهُ مِنَ الْخَسَارَةِ شَيْءٌ وَلَهُ نِصْفُ الرِّبْحِ لِأَنَّهُ لَمَّا نُهِيَ عَنِ الْقَسْمِ لَمْ يَلْزَمْ شَرِيكَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ متعدٍّ بِالْمُقَاسَمَةِ وَلِأَنَّهُ لَوْ وَجَدَ الْخَاسِرَ مَعَهُ مَا رَجَعَ على الآخر وَقيل الرِّبْح بَينهمَا الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ نَظَرًا لِأَصْلِ الْمَالِ وَقَالَ بَعْضُهُمُ الْأَشْبَه أَنَّهُمَا مُتَعَدِّيَانِ وَإِنْ لَمْ يُتَّهَمَا وَيَكُونُ الرِّبْحُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الرَّابِحِ أَثْلَاثًا لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ فِي يَدَيْهِ إِلَّا خَمْسُونَ وَالْقَوْلُ بِأَنَّ الرِّبْحَ نِصْفَانِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ يَقُولُ تِلْكَ الْقِسْمَةُ لَا تَلْزَمُنِي وَجَمِيعُ مَا بِيَدِكَ بَيْنَنَا فَكَذَلِكَ الرِّبْحُ.
فرع:
فِي الْكِتَابِ إِذَا صَحَّ عَقْدُ الْمُتَفَاضِلَيْنَ فِي الْمَالِ فَتَطَوَّعَ ذُو الْقَلِيلِ فِي الْجَمِيعِ جَازَ لِأَنَّهُ حَقُّهُ فَلَهُ إِسْقَاطُهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا سَافَرَ أَحَدُهُمَا فَلَمَّا بَلَغَ الْبَلَدَ قَسَّمَ وَاشْتَرَى لِنَفْسِهِ وَشَرِيكِهِ عَلَى الِانْفِرَادِ فَهَلَكَ أَحَدُ الْمَالَيْنِ أَوْ سَلَّمَا أَوِ اخْتَلَفَ الرِّبْحُ فَلِلْمُقِيمِ أَفْضَلُ ذَلِكَ وَلَهُ أَخْذُ السَّالِمِ وَالرِّبْحُ إِنْ وَقَعَا فِيمَا جَعَلَهُ الشَّرِيكُ لِنَفْسِهِ لِأَنَّهُ لَا يُجِيزُ الْقِسْمَةَ وَإِنْ كَانَا فِي نَصِيبِ الْمُقِيمِ وَالسَّالِمِ فربحُه بَيْنَهُمَا وَلَا يَضْمَنُ الْمُقِيمُ شَيْئًا لِأَنَّهُ لَمْ يتعدَّ إِلَّا فِي النِّيَّةِ خَاصَّةً وَالنِّيَّةُ لَا تُضْمَنُ وَإِنَّمَا يَضْمَنُ إِذَا وَضَعَ يَدَهُ عَلَى نَصِيبِ صَاحِبِهِ لَوْ جَعَلَ يَد غَيره عَلَيْهِ.
الثَّالِث:
قَالَ الطَّرْطُوشِيُّ: تَجُوزُ الْمُفَاوَضَةُ وَهِيَ أَنْ يُفوِّض كل وَاحِد التَّصَرُّف فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالضَّمَانِ وَالْكَفَالَةِ وَالتَّوْكِيلِ وَالْقِرَاضِ وَمَا فَعَلَهُ لَزِمَ الْآخَرَ إِنْ كَانَ عَائِدًا إِلَى تِجَارَتِهِمَا وَلَا يَكُونَانِ شَرِيكَيْنِ إِلَّا فِيمَا يَعْقِدَانِ عَلَيْهِ الشَّرِكَةَ مِنْ أَمْوَالِهِمَا دُونَ مَا يَنْفَرِدُ بِهِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ مَالِهِ سواءٌ اشْتَرَكَا فِي كُلِّ مَا يَمْلِكَانِهِ أَوْ بَعْضِهِ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ مُتَفَاضِلًا أَمْ لَا إِذَا كَانَ الرِّبْحُ وَالْعَمَلُ عَلَى قَدْرِ ذَلِكَ وجوَّزها (ح) وخالَفَنا فِي أَنَّهَا لَا تَصِحُّ إِلَّا بالنقدين والفلوس الرائجة ولابد أَنْ يُخرج عِنْدَهُ كُلُّ وَاحِدٍ جَمِيعَ مَا يَمْلِكُهُ مِنْ ذَلِكَ وَمَنَعَ تُفَاضُلَ رَأْسِ الْمَالِ وَلَا تَصِحُّ إِلَّا مِنْ مُسْلِمَيْنِ حُرَّيْنِ أَوْ مُكَاتَبَيْنِ وَلَا تَصِحُّ مِنْ حرٍّ وَمَكَاتَبٍ وَلَا مسلمٍ وَكَافِرٍ وَلَا صَبِيٍّ وَبَالِغٍ وَاشْتُرِطَ التَّسَاوِي فِي الرِّبْحِ وَالْخُسْرَانِ وَفِيمَا يَحْصُلُ لِأَحَدِهِمَا مُنْفَرِدًا كَأُجْرَةِ خِيَاطَةٍ وَيَلْزَمُهُ مَا يَلْزَمُ الْآخَرَ مِنْ ضَمَانٍ أَوْ غَصْبٍ أَوْ سَرِقَةٍ أَوْ عَقْدٍ فَاسِدٍ وَفِيمَا يَشْتَرِيهِ الْآخَرُ بِخَالِصِ مَالِهِ يُشَارِكُهُ الْآخَرُ فِيهِ دُونَ مَا يَرِثُهُ وَيُوهَبُ لَهُ مِمَّا لَا تَصِحُّ فِيهِ الشَّرِكَةُ كَالْعُرُوضِ وَالْحَيَوَانِ عِنْدَهُ فَخَالَفَنَا فِي هَذِهِ الْأَحْكَامِ وَقَالَ (ش) شَرِكَةُ الْمُفَاوَضَةِ فَاسِدَةٌ وَإِنَّمَا تَجُوزُ شَرِكَةُ العِنان بِأَرْبَعَةِ شُرُوطٍ: الْأَوَّلُ اسْتِوَاءُ الْمَالَيْنِ فِي الْجِنْس وَالصّفة وَالثَّانِي خلطُها وَالثَّالِثُ إِذْنُ كُلِّ وَاحِدٍ فِي التَّصَرُّفِ وَالرَّابِعُ اتِّفَاقُهُمَا عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ وَالْخُسْرَانَ عَلَى قَدْرِ المَال ومنشأ الْخلاف اشتمالهما عَلَى المُفسد والمُصحح فَنَحْنُ غَلَّبنا المصحِّح وَهُوَ غلَّب المُفسد حَتَّى قَالَ هِيَ أشدُّ مِنَ الْقِمَارِ وَلَا يَبْقَى شَيْءٌ فاسدٌ إِذَا أُجيزت لنا قَوْله تعال {أَوْفوا بِالْعُقُودِ} وَقَوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ ورُوي إِذَا تَفَاوَضْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْمُفَاوَضَةَ ورُوي تَفَاوَضُوا فَإِنَّ الْمُفَاوَضَةَ أَعْظَمُ اليُمن واعظم الْبركَة وَهُوَ غير مَعْرُوف الصِّحَّة وباللقياس عَلَى شَرِكَةِ الْعِنَانِ وَلِأَنَّهَا وَكَالَةٌ وَكَفَالَةٌ فَيَصِحَّانِ مُجْتَمعين كَمَا صحّا منفردين أَو تَقول: الضَّمَانُ يُوجِبُ ثُبُوتَ الْمَالِ فِي الذِّمَّةِ فَيَثْبُتُ مَعَ الشَّرِكَةِ كَالْبَيْعِ وَيُؤَكِّدُهُ أَنَّ الشَّرِكَةَ مُنْعَقِدَةٌ على الرِّبْح وَهُوَ غرزٌ لَا يُدري حُصُولُهُ وَضَمَانُ أَحَدِهِمَا وَكَفَالَتُهُ لَيْسَ بِمَعْقُودٍ عَلَيْهِ فَإِذَا لَمْ يَمْنَعِ الْغَرَرَ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ أَوْلَى أَلَّا يَمْتَنِعَ فِي غَيْرِ الْمَعْقُود عَلَيْهِ الَّذِي يَأْتِي بِالْفَرْضِ وَلِأَنَّ الرِّبْحَ يَكُونُ قُبَالَةَ الْمَالِ كَشَرِكَةِ الْعِنَانِ وَقُبَالَةَ الْعَمَلِ كَالْقِرَاضِ فَيَصِحُّ اجتماعُهما فِي الْمُفَاوَضَةِ احْتج بنهيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْغَرَرِ وَهَذَا غَرَرٌ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا رُبَّمَا ضمن مَا يَأْتِي على الْمَالَيْنِ وَبِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كُلُّ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ وَإِنْ كَانَ مِائَةَ شَرْطٍ وَهَذِهِ لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ أَوْ لِأَنَّهَا تَضَمَّنَتْ أَخْذَ ربح مَا لَا نفرد بِهِ أَحَدُهُمَا فَتَمْتَنِعُ كَمَا إِذَا انْفَرَدَ جَمَعُ الْمَالَيْنِ أَوْ نَقُولُ: تَضَمَّنَتْ أَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مَا اسْتَفَادَهُ الْآخَرُ فَتَبْطُلُ كَمَا لَوِ اشْتَرَطَ مَا يَرِثُهُ الْآخَرُ فَهُوَ لَهُ.
وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْغَرَرَ الْغَالِبَ عَلَيْهِ عَدَمُ الْحُصُولِ وَالْغَالِبُ عَلَى الشَّرِكَةِ السَّلَامَةُ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ هَذِهِ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنمتم مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لله خُمسة} وقَوْله تَعَالَى: {إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُم} وَهَذِهِ تِجَارَةٌ وَغَنِيمَةٌ وَعَنِ الثَّالِثِ مَنْعُ الْحُكْمِ فِي الْأَصْلِ ثُمَّ الْفَرْقُ حُصُولُ الرِّفْقِ هَاهُنَا وَإِنَّمَا يَأْخُذُ أَحَدُهُمَا رِبْحَهُ لَهُ مِلْكُهُ وَحُصُولُ رِبْحِ الْمِلْكِ جَائِزٌ بِخِلَافِ رِبْحٍ بِغَيْرِ مِلْكٍ وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّهُ يُنْتَقَضُ بِشَرِكَةِ الْعِنَانِ ثُمَّ الْفَرْقُ بِرِفْقِ التَّعَاوُنِ هَاهُنَا بِخِلَافِ الْمَقِيسِ عَلَيْهِ وَاحْتَجَّ (ح) بِأَنَّ الْمُفَاوَضَةَ مَأْخُوذَةٌ مِنَ الْمُسَاوَاةِ لقَوْل الشَّاعِر:
لايصلحُ النَّاسُ فَوضي لَا سراةَ لَهُمْ ** وَلَا سَرَاةَ إِذَا جُهَّالُهُم سَادُوا

فَيَسْتَوِيَانِ فِي جَمِيعِ الْوُجُوهِ قُلْنَا بجملة الْمُسَاوَاة فِيمَا يحصل الرِّفْقُ وَلَا ضَرُورَةَ إِلَى تَكْثِيرِ الْغَرَرِ وَاعْلَمْ أَن مَذْهَبنَا متوسط فالشافعي مَنَعَ غَرَرَهَا جُمْلَةً وَ (ح) جَوَّزَهُ جُمْلَةً وَنَحْنُ أَجَزْنَا مَا تَدْعُو إِلَيْهِ حَاجَةُ الِارْتِفَاقِ وَالْغَرَرُ لَا تَكَادُ تُعَرَّى عَنْهُ الْبِيَاعَاتُ فَكَيْفَ الشَّرِكَةُ الَّتِي خَالَفَتِ الصَّرْفَ وَالْبَيْعَ فِي عَدَمِ الْمُنَاجَزَةِ وَالتَّسْلِيمِ لِبَقَاءِ يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى مَا شَارَكَ بِهِ تَفْرِيعٌ فِي الْجَوَاهِرِ: إِنْ كَانَ الْعَمَل مِنْهُمَا جَمِيعًا وَلَا يستد بِهِ أَحَدُهُمَا سُمِّيَ عِنَانًا وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا يَجُوزُ لَهُ الِاسْتِبْدَادُ فِي جَمِيعِ التَّصَرُّفَاتِ حَضَرَ الآخر أَو غَابَ وَيلْزمهُ تصرفه فِي الْمُفَاوضَة قَالَ فِي الْكتاب: لَا أعرف الشّركَة لبعدين مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ وَلَا غَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الْحجاز فَائِدَة: اشتقاقهما قَالَ الطرطوشي: لِأَنَّهُمَا يَسْتَوِيَانِ فِي التَّصَرُّفِ وَالْأَرْبَاحِ كَالْفَارِسَيْنِ إِذَا اسْتَوَيَا فِي السَّيْرِ فَإِنَّ عِنَانَيْهِمَا يَكُونَانِ سَوَاءً وَقيل من عَن الشَّيْء إِذا اعْترض عنت لِي حَاجَةٌ إِذَا اعْتَرَضَتْ وَمِنْهُ عَنَانُ السَّمَاءِ - بِفَتْحِ الْعَيْنِ - جَمْعُ عَنَانَةَ وَهِيَ السَّحَابَةُ الْمُعْتَرِضَةُ بَيْنَ السَّمَاءِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنَّ لَهُ أَنْ يُشَارِكَ صَاحِبَهُ أَوْ لِأَنَّهَا شَرِكَةٌ ظَاهِرَةٌ عَنَّ الشَّجَرِ إِذَا ظَهَرَ وَلَيْسَ فِي الشَّرِكَاتِ مَا يَثْبُتُ فِي أَمْرٍ ظَاهِرٍ إِلَّا هِيَ لِأَنَّهَا فِي مَالَيْنِ ظَاهِرَيْنِ مَوْجُودَيْنِ وَالْمُفَاوَضَةُ تَكُونُ فِيمَا لَمْ يَظْهَرْ وَكَذَلِكَ الْأَبْدَانُ وَالْوُجُوهُ أَوْ لِأَنَّ الْفَارِسَ يُمْسِكُ بِأَحَدِ يَدَيْهِ عِنَانَ الْفَرَسِ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى يَتَصَرَّفُ فِيهَا كَيْفَ شَاءَ وَهُوَ هَا هُنَا تَنْفِيذٌ فِي مَالِ الشَّرِكَةِ وَيَتَصَرَّفُ فِي مَالِهِ كَيفَ أحب فِي الْمُفَاوضَة لَيْسَ لأَحَدهمَا الِانْفِرَاد أَو من المعاينة يُقَال عَايَنت فُلَانًا إِذَا عَارَضْتُهُ بِمِثْلِ مَالِهِ وَهَاهُنَا عَارَضَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ بِمِثْلِ مَالِهِ وَهِيَ لَفْظَةٌ عَرَبِيَّةٌ لِقَوْلِ الشَّاعِرِ:
وَشَارَكْنَا قُرَيْشًا فِي عُلَاهَا ** وَفِي أَحْسَابِهَا شِرْكَ الْعِنَانِ

وَالْمُفَاوَضَةُ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ: مِنَ التَّفْوِيضِ لِتَفْوِيضِ كُلِّ وَاحِدٍ الْأَمْوَالَ لِصَاحِبِهِ كَقَوْلِه تَعَالَى: {وأفوض أَمْرِي إِلَى الله} وَقِيلَ مِنَ التَّسَاوِي كَقَوْلِهِ تَفَاوَضْنَا فِي الْحَدِيثِ وَشَرِكَةُ الْعِنَانِ مُتَّفَقٌ عَلَى جَوَازِهَا وَلَمْ يُعْرَفْ مَالِكٌ مَرَّةً اسْمُهَا أَوْ تَخْصِيصُهَا بِالْجَوَازِ وَيُقَالُ عِنَانٌ - بِكَسْرِ الْعَيْنِ - وَهُوَ الْأَكْثَرُ لِمَنِ اشْتَقَّهُ مِنْ عِنَانِ الدَّابَّةِ وَبِالْفَتْحِ إِذَا أُخِذَ مِنْ عَنَّ لِي الشَّيْءُ إِذَا اعْتَرَضَ وَفِي الْكِتَابِ: إِذَا قَامَتِ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ مُفَاوِضُكُمَا عَلَى الثُّلُثِ أَوِ الثُّلُثَيْنِ صَحَّ وَيَتَفَاوَضَانِ لِأَحَدِهِمَا عينٌ أَوْ عَرْضٌ دُونَ الْآخَرِ وَإِنْ قَامَتْ أَنَّهُ مُفَاوِضُكَ فَلَا يَخْتَصُّ أَحَدُهُمَا وَجَمِيعُ مَا بِأَيْدِيكُمَا بَيْنَكُمَا إِلَّا بِبَيِّنَةٍ تخصُّه وَمَا ابْتَاعَ أَحَدُكُمَا بَيْعًا صَحِيحًا أَوْ فَاسِدًا لَزِمَ الْآخَرَ وَيَتْبَعُ الْبَائِعُ بِالثَّمَنِ أَوِ الْقِيمَةِ أَيَّكُمَا شَاءَ وَلِأَحَدِكُمَا قَضَاءُ مَا يَخْتَصُّ بِالْآخَرِ مِنْ دَيْنٍ وَلِلْمَأْذُونِ مُفَاوَضَةُ الحُّر قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِنَّمَا يَكُونُ جَمِيعُ مَا بأيديهما بَينهمَا إِذا أنكر المشهودُ عَلَيْهِ الفاوضة فَلَوْ أَقَرَّ وَقَالَ الثُّلُثَ وَالثُّلُثَيْنِ اقْتَسَمَا السُّدُسَ نِصْفَيْنِ عَلَى أَصْلِهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَوْمٌ لَا يَتَفَاوَضُونَ إِلَّا سَوَاءً وَلَوْ قَامَتِ الْبَيِّنَةُ على أَن شَرِيكه لم يفض بِالشَّرِكَةِ فِي جَمِيعِ أَمْلَاكِهِمَا لَصَدَق الِاسْمُ عَلَى بَعْضِ الْمَالِ وَلَوْ أقرَّ إِنِّي شَرِيكُ فُلَانٍ فِي الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ فَكَالْمُتَفَاوِضَيْنِ وَلَا يُقبل إِقْرَارُ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ بِدَيْنٍ وَلَا وَدِيعَةٍ وَإِذَا تَقَارَرَا بِالشَّرِكَةِ فَمَا فِي أَيْدِيهِمَا مِنَ التِّجَارَةِ بَيْنَهُمَا دُونَ مَسْكَنٍ وَخَادِمٍ وَطَعَامٍ وَإِذَا قَالَ أَحَدُهُمَا هَذَا لَيْسَ مِنَ الشَّرِكَةِ بَلْ وِرَاثَةٌ أَوْ هِبَةٌ أَوْ بِضَاعَةٌ لِرَجُلٍ أَوْ وَدِيعَةٌ صُدِّق مَعَ يَمِينِهِ إِلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ أَوْ كَانَ فِي يَدِهِ يَوْمَ أَقَرَّ.
فرع:
فِي الْكِتَابِ: تَجُوزُ الْمُفَاوَضَةُ إِمَّا فِي جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ أَوْ فِي نَوْعٍ كَالرَّقِيقِ أكرَهُ أَنْ يُخرِجا مَالًا يَتَّجِرَانِ بِهِ وَبِالدَّيْنِ مُفَاوَضَةً فَإِنْ فَعَلَا فَمَا اشْتَرَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيْنَهُمَا وَإِنْ جَاوَزَ رَأْسَ مَالَيْهِمَا وَلَوْ تَفَاوَضَا وَلَمْ يَذْكُرَا فِي الْعَقْدِ الدَّين فَبَاعَ أحدُهما بِهِ جَازَ عَلَى شَرِيكِهِ لِأَنَّهُ مِمَّا يَعْرِضُ فِي الْمُفَاوَضَةِ وَلَوْ تَفَاوَضَا بِأَمْوَالِهِمَا فِي جَمِيعِ التِّجَارَاتِ وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا مَالٌ يَخُصُّهُ فَاشْتَرَى أَحَدَهُمَا مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ جَارِيَةً لِنَفْسِهِ وَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ خُيِّر شَرِيكُهُ فِي إِجَازَتِهَا وردِّها لِلشَّرِكَةِ لِأَنَّهُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: يُرِيدُ يُخَّير مَا لَمْ يَطَأْهَا بِخِلَافِ الْغَاصِبِ والمتعدي فِي وَدِيعَةٍ ابْتَاعَ بِهَا سِلْعَةً لَا يدفعُ إِلَّا مِثْلَ الدَّنَانِيرِ لِأَنَّ الشَّرِيكَ مأذونٌ لَهُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَخْتَصَّ بِالرِّبْحِ بَلْ هُوَ كَمِبْضَعٍ مَعَهُ بِشِرَاءِ سلعةٍ أَوْ مُفَاوِضٍ أَوْ وَكِيلٍ يُخِّير رَبُّ الْمَالِ فِي الْأَخْذِ لِأَنَّهُمْ مَأْذُونٌ لَهُمْ فِي عَيْنِ ذَلِكَ.
فرع:
فِي الْكِتَابِ: لَا خَيْرَ فِي أَحَدِ الْمُتَفَاوِضَيْنِ يَبْتَاعُ الْأَمَةَ فَيَطَؤُهَا وَيَرُدُّ ثَمَنَهَا فِي رَأْسِ الْمَالِ ويتقاومانها فَمَنْ صَارَتْ لَهُ فَهِيَ لَهُ وَحَلَّ لَهُ وَطْؤُهَا قَالَهُ مَالِكٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَكَ إِبْقَاؤُهَا لِلْوَاطِئِ بِالَّذِي اشْتَرَاهَا بِهِ وَإِذَا لَمْ يُسَلِّمْهَا لَيْسَ لَهُ الِامْتِنَاعُ مِنَ الْمُقَاوَاةِ وَرَدِّهَا للشَّرِكَة وَقَالَ غَيره: ذَلِك لَهُ وَفِي النكث: إِن اشْتَرَاهَا لِلتِّجَارَةِ فَوَطِئَهَا فَهَاهُنَا يُخَيَّرُ الشَّرِيكُ بَيْنَ مُطَالَبَتِهِ بِالْقِيمَةِ وَتَرْكِهَا بَيْنَهُمَا أَوِ اشْتَرَاهَا لِنَفْسِهِ لِيَطَأَهَا وَعَلَى أَنَّ الْخَسَارَةَ فِيهَا وَالرِّبْحَ عَلَى الْمَالِ فَهِيَ مَسْأَلَةُ الْكِتَابِ الَّتِي فِيهَا الْمُقَاوَاةُ وَلَوِ اشْتَرَاهَا بِإِذْنِ شَرِيكِهِ عَلَى أَنْ يَضْمَنَهَا إِن حبس وَلَو رِبْحُهَا فَهُوَ كَسَلَفٍ أَسْلَفَهُ شَرِيكُهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: إِنَّمَا يَتَقَاوَيَانِ إِذَا أَرَادَ الْوَطْءَ قَبْلَ الْوَطْءِ أَمَّا بَعْدَهُ فَتَلْزَمُ الْقِيمَةُ إِنْ شَاءَ شَرِيكُهُ وَبَعْدَ الْحَمْلِ فَتُعَيَّنُ الْقِيمَةُ شَاءَ شَرِيكُهُ أَمْ لَا لِأَنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ قَالَهُ مُحَمَّدٌ قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ قَوْلُهُ لَزِمَتِ الْقِيمَةُ إِنْ شَاءَ شَرِيكُهُ فَيَجِبُ إِنْ كَانَ تَكَلَّمَ عَلَى إِذن وَاحِدٍ لِصَاحِبِهِ فَتَجِبُ الْقِيمَةُ شَاءَ شَرِيكُهُ أَمْ لَا لِأَنَّهُ تَحْلِيلٌ لِمَا أَذِنَ فِيهِ كُلُّ وَاحِدٍ لِصَاحِبِهِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ حَلَّلَهَا لَهُ فَفَاتَتْ بِالْوَطْءِ فَلَا خِيَارَ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ مِنْ عَارِيَةِ الْفُرُوجِ فَأَمَّا بِغَيْرِ إِذَنٍ فَهُوَ مُتَعَدٍّ إِنْ شَاءَ أَمْضَاهَا لَهُ لِأَنَّهُ اشْتَرَاهَا لِنَفْسِهِ أَوْ قَاوَاهُ بَعْدَ الْوَطْءِ وَإِنَّمَا لَمْ يُبْقِهَا ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى الشَّرِكَةِ لِأَنَّهُ خَشِيَ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ مَأْمُونٍ عَلَى بَقَائِهَا عِنْدَهُ بِخِلَاف لأمة بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ إِذْ هَذَا الشَّرِيكُ يَغِيبُ عَلَى مَا اشتُري وَيَتَصَرَّفُ فِي الْجَمِيعِ فَخَالَفَ مَنْ شَاركهُ فِي أمةٍ فَقَط وَغَيره أجازردها للشَّرِكَة لِأَنَّهَا كالأمة بَينهمَا وَإِذا لم يُومَن عَلَيْهَا مُنع مِنَ الْخَلْوَةِ بِهَا قَالَ اللَّخْمِيُّ: لَا يَجُوزُ لِأَحَدِهِمَا وَطْءُ جَارِيَةٍ مِنَ الشَّرِكَةِ وَلَا أَنْ يَشْتَرِيَ مِنَ الْمَالِ لِيَطَأَ أَذِنَ الشَّرِيكُ أَمْ لَا لِأَنَّ حِلَّ الْوَطْءِ يُشترط فِيهِ الْمِلْكُ الْمَحْضُ قَالَ وَأَرَى إِنْ كَانَ الواطء جَاهِلًا جَازَ بَقَاؤُهَا تَحْتَ أَيْدِيهِمَا أَوْ عَالِمًا لَمْ تَبْقَ وَيَحُوزُهَا عَنْهُ الشَّرِيكُ الْآخَرُ إِنْ كَانَ مَأْمُونًا وَلَهُ أَهْلٌ وَإِلَّا فَعَلَى يَدِ عَدْلٍ حَتَّى تُباع وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إِذَا وَطِئَ أُخْتَهُ مِنَ الرَّضَاعَةِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ تُباع عَلَيْهِ إِن كَانَ عَالما بالترحيم وَإِلَّا فَلَا يومن عَلَيْهِ الْعَوْدَةُ وَإِنِ اشْتَرَاهَا لِلتِّجَارَةِ وَلِيُصِيبَهَا وَشِرَاءُ مثلهَا للتِّجَارَة حُسن النّظر وَعلم بذك قَبْلَ الْإِصَابَةِ لَا يَضْمَنُ الثَّمَنَ وَتَبْقَى شَرِكَةٌ وَلَوْ وَطِئَ بِإِذْنِ الشَّرِيكِ لَزِمَتِ الْقِيمَةُ حَمَلَتْ أَمْ لَا لِأَنَّهُ تَحْلِيلٌ وَمَتَى فَعَلَ أَحَدُهُمَا ذَلِكَ فحكمُه حُكْمُ فِعْلِ أَحَدِهِمَا فِي الْوَطْءِ أَو غَيره.
فرع:
فِي الْكتاب: إِذا وَخَّز أَحَدُهُمَا غَرِيمًا بِدَيْنٍ أَوْ وَضَعَ لَهُ مِنْهُ اسْتِلَافًا لِيُعَامِلَهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ جَازَ كَالْوَكِيلِ الْمُفَوَّضِ بِخِلَافِ الْمَعْرُوفِ يَخْتَصُّ بِحِصَّتِهِ وَيَرُدُّ مِنَ الْآخِذِ مِنَ الْوَكِيلِ إِلَّا أَنْ يَهْلِكَ فَيَضْمَنَ الْوَكِيلُ فِي النكث: لَيْسَ الدّفع للاستيلاف سلفا لنفع لِأَنَّهُ قَدْ لَا يُعَامِلُهُ بَلْ يَفْعَلُ ذَلِكَ لِحسن السُّمْعَةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا أخَّر الْغَرِيمُ فَالتَّأْخِيرُ فِي نَصِيبِهِ إِنْ لَمْ يَكُنْ فِي قِسْمَةِ الدَّيْنِ ضررٌ وَإِلَّا فَإِنْ قَالَ مَنْ أخَّر الْغَرِيمُ فَالتَّأْخِيرُ فِي نَصِيبِهِ إِنْ لَمْ يَكُنْ فِي قِسْمَةِ الدَّيْنِ ضَرَرٌ وَإِلَّا فَإِنْ قَالَ مَنْ أخَّر لَمْ أظنَّ أَنَّ ذَلِكَ يُفسد شَيْئًا مِنَ الشَّرِكَةِ رَدَّ جَمِيعَ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يُؤخره حَتَّى حَلَّ الْأَجَلُ سَقَطَ الرُّجُوعُ لِعَدَمِ الْمَفْسَدَةِ فَإِنْ لَمْ يَجِدِ الْغَرِيمُ بَعْدَ التَّأْخِيرِ ضَمِنَ لِشَرِيكِهِ نَصِيبَهُ وَإِنْ كَانَ التَّأْخِير استيلافاً لم يضمن الموخِّر وَإِن أغر الْغَرِيمُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْغَرِيمُ مِمَّنْ يُخشى عَدَمُهُ عِنْدَ الْأَدَاءِ فيُرد فِي التَّأْخِيرِ وَيُعَجِّلُ جَمِيع الْحق وَإِن لم يرد حَتَّى أغر ضَمِنَ الشَّرِيكُ إِذَا كَانَ عَالِمًا بِذَلِكَ وَقِيلَ يمْتَنع التَّأْخِير وَإِرَادَة الاستيلاف لِأَنَّهُ سَلَفٌ بِزِيَادَةٍ وَإِنْ وَضع أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فَعَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي التَّأْخِيرِ وَيَجُوزُ عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ ثُمَّ يُنظر هَلْ يَمضي نَصِيبُ الْوَاضِع وَتجوز إِن أَرَادَ الاستيلاف إِلَّا أَنْ يَكْثُرَ فَيَرُدَّ الزَّائِدَ عَلَى مَا يُرَاد بِهِ الاستيلاف.
فرع:
فِي الْكِتَابِ: إِذَا أَبْضَعَ أَحَدُهُمَا مَعَ رَجُلٍ فَعَلِمَ الرَّجُلُ بِمَوْتِ الْبَاعِثِ أَوْ بِمَوْتِ شَرِيكِهِ وَأَنَّ مَا مَعَهُ مِنَ الشَّرِكَةِ لَمْ يُشتَرَ وردَّه عِلّة الحيِّ مِنْهُمَا وَالْوَرَثَة إِن بلغَة اقترافهما لِأَنَّ الْوَارِثَ لَمْ يَأْذَنْ فِي الشِّرَاءِ وَقَدِ انْتَقَلَ الْمَالُ إِلَيْهِ أَوْ بَعْضُهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ: فَإِن علم الَّذِي أبضع مَعَه باقترافهما مِنْ غَيْرِ مَوْتٍ فَلَهُ الشِّرَاءُ بِخِلَافِ الْمَوْتِ وَإِنْ عَلِمَ فِي الْمَوْتِ أَنَّ الْمَالَ مِنْ غَيْرِ الْمُفَاوَضَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ الشِّرَاءُ إِذَا مَاتَ المُبضع مَعَهُ وَإِنْ مَاتَ مَنْ لَمْ يُبضع فَلَهُ الشِّرَاءُ وَإِنْ شَكَّ هَلْ هُوَ مِنَ الْمُفَاوَضَةِ لَمْ يَشْتَرِ لِعَدَمِ تَعَيُّنِ سَبَبُ الْإِقْدَامِ.
فرع:
فِي الْكِتَابِ: لِأَحَدِ الْمُتَفَاوِضَيْنِ أَنْ يُبْضِعَ ويُقارض دُونَ إِذْنِ الْآخَرِ وَإِنْ أودَع بِغَيْرِ عُذْرٍ ضَمِنَ وَإِلَّا فَلَا كَالْمُودِعِ وَإِنْ رَدَّهَا الْمُودَعُ إِلَى غَيْرِ المودِع بَرِئَ إِنْ صدَّقه الْقَابِضُ وَإِلَّا فَلَا يَبْرَأُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتَمِنْهُ وَكَذَلِكَ دفعُك ثَمَنَ مَا ابْتَعْتَهُ مِنْ أَحَدِهِمَا وَإِنْ أَوْدَعَكَ أَحَدُهُمَا فَأَوْدَعْتَ شَرِيكَهُ ضَمِنَ لِعَدَمِ الْإِذْنِ فِي ذَلِكَ إِلَّا أَن يكون لعورة مِنْ هَزْلٍ أَوْ سفرٍ فَإِنْ أُودِعَتْ أَحَدَهَمَا فَهِيَ بِيَدِهِ دُونَ صَاحِبِهِ لِأَنَّكَ لَمْ تَأْمَنْ صَاحِبَهُ فَإِنْ مَاتَ وَلَمْ تَعْرِفْ بِعَيْنِهَا فَهِيَ دَيْنٌ فِي حِصَّتِهِ دُونَ حِصَّةِ شَرِيكِهِ لِأَنَّهَا مِنْ غَيْرِ التِّجَارَةِ وَإِنْ عَمِلَ بِوَدِيعَتِكَ تَعَدِّيًا وَعَلِمَ شَرِيكُهُ بِالْعُدْوَانِ وَرَضِيَ بِالتِّجَارَةِ فَلَهُمَا الرِّبْحُ وَعَلَيْهِمَا الضَّمَانُ لِرِضَاهُ وَإِلَّا فَالرِّبْحُ لِلْمُتَعَدِّي وَعَلَيْهِ الضَّمَانُ خَاصَّةً لِعَدَمِ الْمُشَارَكَةِ وَقَالَ غَيْرُهِ: إِنْ رَضِيَ وَعَمِلَ فَإِنَّمَا لَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ فِيمَا أَعَانَ لِأَنَّهُ لَمْ يَغْصِبْ بَلْ عَمِلَ فِي الْمَغْصُوبِ وَإِنْ رَضِيَ وَلَمْ يَعْمَلْ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَلَا ضَمَان عله قَالَ ابْنُ يُونُسَ: لَا يُقَارِضُ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ أَحَدًا إِلَّا بِإِذْنِ شَرِيكِهِ لِأَنَّهُ وَضْعُ يدٍ عَلَى الْمَالِ لَمْ يَرْضَهَا وَيَجُوزُ فِي سِلْعَةٍ بِعَينهَا كالبضاعة قَالَ اللَّخْمِيّ: لَو تجر فِيهَا أُودع عِنْدَهُ وَنَوَى أَنْ يَكُونَ تَجْرُهُ فِيهَا لَهما فلشركة نَصِيبُهُ مِنَ الرِّبْحِ دُونَ الْخَسَارَةِ لِأَنَّهُ يَخْتَارُ الْإِجَارَةَ فِي الرِّبْحِ فَقَطْ إِذَا أَخَذَ أَحَدُهُمَا قِرَاضًا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَهُ الرِّبْحُ وَحْدَهُ لِعَدَمِ انْدِرَاجِهِ فِي الْعَقْدِ وَقَالَ أَشْهَبُ: بَيْنَهُمَا نَظَرًا لِلْمُفَاوَضَةِ فَإِنْ أَجَّرَ نَفْسَهُ أَوْ تَسَلَّفَ مَالًا فَهُوَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهَا إِنَّمَا سُميت مُفَاوَضَةً لِتَفْوِيضِ كُلِّ وَاحِدٍ النَّظَرَ فِيمَا يجرُّ نَفْعًا وَقَالَ أَصْبَغُ: الرِّبْحُ لَهُ وَلِلْآخَرِ الْأُجْرَةُ إِذَا حَلَفَ لَمْ يَعْمَلْ مُتَطَوِّعًا قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِنْ عَمِلَ فِي وَقْتٍ لَمْ يَتَوَجَّهْ عَلَيْهِ فِيهِ عَمَلٌ اخْتَصَّ بِالرِّبْحِ وَإِنِ احْتِيجَ قِيَامُهُ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَعَمِلَ صَاحِبُهُ فَلِصَاحِبِهِ الْأَكْثَرُ مِنَ الْأُجْرَة فِيمَا عمل أونصف مَا أَخَذَ فِي الْقِرَاضِ وَإِنِ اسْتَأْجَرَ مَكَانَهُ رَجَعَ عَلَيْهِ بِتِلْكَ الْأُجْرَةِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمِ الشَّرِيكُ الْآخَرُ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ غَائِبًا فَفَسَدَ شَيْء رَجَعَ عَلَيْهِ بِمَا ينويه مِمَّا فَسَدَ وَكَذَلِكَ لَوْ نَزَلَ سُوقُهُ.
فرع:
فِي الْكِتَابِ: إِنِ اسْتَعَارَ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ بِغَيْرِ إِذا صَاحِبِهِ مَا يَحْمِلُ عَلَيْهِ لِنَفْسِهِ أَو لمَال الشّركَة فَتلف فضمنانه مِنَ الْمُسْتَعِيرِ فَقَطْ لِأَنَّ شَرِيكَهُ يَقُولُ كُنْتَ تَسْتَأْجِرُ وَقَالَ غَيْرُهُ: يَضْمَنُ فِي التَّعَدِّي دُونَ الْعَارِيَةِ لِأَنَّهَا مِنْ جِدَّةِ الْمَنْظَرِ وَإِنِ اسْتَعَارَا جَمِيعًا فَتَعَدَّى عَلَيْهَا أَحَدُهُمَا اخْتَصَّ بِالضَّمَانِ وَإِنِ اسْتَعَارَهَا أَحَدُهُمَا لِلشَّرِكَةِ فَعَمِلَ عَلَيْهَا الْآخَرُ ذَلِكَ بِعَيْنِه فعطبت لم يضمن لِأَنَّهُ الْمَأْذُونُ فِيهِ وَشَرِيكُهُ كَوَكِيلِهِ وَإِنِ اسْتَعَرْتَ دَابَّةً لِتَحْمِلَ عَلَيْهَا فَحَمَلَ عَلَيْهَا غَيْرُكَ ضَمِنَ لِعَدَمِ إِذن رَبهَا لَهُ وَلَا وكًّلته وَفِي النكث قَالَ الشيح أَو الْحَسَنِ: إِذَا اسْتَعَارَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ بِغَيْرِ إِذْنِ شَرِيكِهِ إِنَّهُ يَضْمَنُ الدَّابَّةَ وَحْدَهُ مَعْنَاهُ إِنْ قَضَى بِهَا قاضٍ لِأَنَّ أَصْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْحَيَوَانَ مِمَّا لَا يُغاب عَلَيْهِ فَلَا يَضْمَنُ قَالَ اللَّخْمِيُّ: يُحْمَلُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي ذِكْرِ الدَّابَّةِ تَقْرِيرًا لِلْقِيمَةِ لِأَنَّهَا مَضْمُونَةٌ وَقَدْ يَكُونُ مَذْهَبُ الْحَاكِمِ فِي الْمَوْضِعِ تَضْمِينَ العواري وَإِن لم يُغَب عَلَيْهَا ففإن كَانَ الْحَاكِمُ لَا يَرَى ذَلِكَ فعُزل قَبْلَ النَّظَرِ فِي ذَلِكَ لَكَانَ الضَّمَانُ عَلَيْهِمَا وَقِيلَ يَضْمَنُهُ وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَ الْأَوَّلُ يَضْمَنُ وَالْمُسْتَعِيرُ يَجْهَلُ ذَلِكَ عَلَى اخْتِلَافٍ فِيهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَيْسَ كُلُّ النَّاسِ فُقَهَاءَ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي تضمين الْوَكِيل إِذا اجْتهد فَأَخْطَأَ وَهَذَا عُذْرٌ وَالْغَالِبُ عَلَى النَّاسِ الرَّغْبَةُ فِي الْعَارِيَةِ تَوْفِيرًا لِلْأُجْرَةِ وَالْغَالِبُ السَّلَامَةُ قَالَ: فَأَرَى الضَّمَانَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ كَانَتْ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ.
فرع:
فِي الْكِتَابِ: عبدُ أَحَدِ الْمُتَفَاوِضَيْنِ لَا يَأْذَنُ لَهُ أَحَدُهُمَا فِي تِجَارَةٍ وَلَا يُعتقه عَلَى مَالٍ يتعجَّله مِنْهُ وَلَا يُكاتبه بِغَيْرِ إِذْنِ شَرِيكِهِ إِلَّا أَنْ يَأْخُذَ مَالًا مِنْ أَجْنَبِيٍّ عَلَى عِتْقِهِ مِثْلَ قِيمَتِهِ فَأَكْثَرَ فَيَجُوزُ وَهُوَ كَبَيْعِهِ فِي النكث لِأَنَّ الْعَبْدَ قَدْ يَلْحَقُهُ دينٌ فَيَصِيرُ عَيْبًا وَلِأَنَّ الْإِذْنَ لَهُ تفويضٌ وَلَيْسَ لَهُ الْمُفَاوَضَةُ بِغَيْرِ إِذْنِ شَرِيكِهِ وَهُوَ بِخِلَافٍ إِذَا قَارَضَ أَحَدَ الشَّرِيكَيْنِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ.
فرع:
فِي الْكِتَابِ: لَا يَلْزَمُ أَحَدَهُمَا كَفَالَةُ الْآخَرِ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ وَمَا جنى أَحدهمَا أَو غصب أَو استهلكت أَوْ أَصْدَقَ أَوْ آجَرَ فِيهِ نَفْسَهُ لَا يلْزم شَرِيكه فِيهِ شَيْء لِأَنَّهُ غيُ مُقْتَضَى عَقْدِ الشَّرِكَةِ.
فرع:
قَالَ: ويُرد بِالْعَيْبِ على البَائِع مِنْهُمَا إِن كَانَ حَاضرا أَو إِن كَانَ غَائِبًا كَالْيَوْمِ ويُنتظر لَعَلَّ لَهُ حُجَّةً فَإِنْ بَعُد وَأَقَامَ الْمُشْتَرِي الْبَيِّنَةَ بِبَيْعِ الْإِسْلَامِ وَعَهده رُدَّ عَلَى الشَّرِيكِ الْآخَرِ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ وَإِنِ احْتَمَلَ الْحُدُوثَ فَعَلَى الْمُشْتَرِي الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ حَادِثٌ عِنْدَ الْبَائِعِ إِلَّا إِذَا حَلَفَ الشَّرِيكُ مَا عَلِمَ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُبْتَاعُ وَرَدَّ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: فَلَوْ حَضَرَ الْغَائِبُ حَلَفَ عَلَى الْبَتِّ فِي الظَّاهِرِ وَعَلَى الْعِلْمِ فِي الْخَفِيِّ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَإِنْ نَكَلَ قَالَ أَبُو مُحَمَّد: يحلف الْمُبْتَاع على الْبَتّ وَفِي الْكتاب مُحَمَّدٍ إِنَّمَا يَحْلِفُ كَمَا يَحْلِفُ بَائِعُهُ عَلَى الْبَتِّ فِي الظَّاهِرِ وَفِي الْخَفِيِّ عَلَى الْعِلْمِ فَلَوْ جَاءَ الْغَائِبُ وَأَقَرَّ أَنَّهُ كَانَ عَالِمًا لَزِمَ الشَّرِيكَ وَلِلْحَالِفِ الرَّدُّ وَإِنْ أَنْكَرَ الْغَائِبُ فَإِن نكل فَهَل يردّ عَلَيْهِ جَمِيعًا أونصفه ليمين شركه وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ لِأَنَّ نُكُولَهُ كَإِقْرَارِهِ لِأَنَّهُ الْمُعَامِلُ وَلَا يَضُرُّهُ يَمِينُ الشَّرِيكِ الْحَاضِرِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا حَلَفَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ فَلَوْ نَكَلَ الشَّرِيكُ الَّذِي لم يبع فَحلف الْمُبْتَاع وردهَا قُم قَالَ الْغَائِبُ لَمَّا قَدِمَ أَنَا أَحْلِفُ وَأَنْقُضُ الرَّدَّ فَالْأَظْهَرُ أَنَّ ذَلِكَ لَهُ لِأَنَّ تَوَقُّفَ صَاحِبِهِ لِعَدَمِ عِلْمِهِ وَهَذَا عَلِمَ وَقَدْ يُقَالُ لَهُ فِي ذَلِكَ نِصْفُهُ وَيَقَعُ الرَّدُّ فِي النِّصْفِ الْآخَرِ لِنُكُولِهِ ومتولِّي الْبَيْعِ كَوَكِيلِهِ وَالْيَمِينُ عَلَى الْوَكِيلُ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا حَضَرَ الْبَائِعُ بُدئ بِالْخُصُومَةِ لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِمَا عَقَدَ عَلَيْهِ فَإِنْ عَجَزَ الْبَائِعُ فَلِلْمُشْتَرِي تحليفُهما جَمِيعًا إِذَا أَشْبَهَ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ الْآخَرِ عِلْمٌ وَإِذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ اشْتَرَى عَلَى عُهْدَةِ الْإِسْلَامِ أَخَذَ الثَّمَنَ مِنَ الْحَاضِرِ وَإِنْ لَمْ يُقم بَيِّنَةً وَاخْتَلَفَتِ الْعَادَةُ حَلَفَ أَنَّهُ اشْتَرَى عَلَى الْعُهْدَةِ وَإِنْ شُكَّ فِي قِدَم الْعَيْبِ وَكَانَ شِرَاءُ الْبَائِعِ لِذَلِكَ فِي غَيْبَةِ الْحَاضِرِ أَوْ فِي حُضُورِهِ وَبَاعَهُ بِالْحَضْرَةِ قَبْلَ عِلْمِ الْآخَرِ لَمْ يَحْلِفِ الْحَاضِرُ وَلَوْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا وَنَكَلَ الْآخَرُ رُدَّ جَمِيعُهُ وَعِنْدَ أَشْهَبَ الْيَمِينُ عَلَى الْعِلْمِ فِي الْجَلِيِّ وَالْخَفِيِّ لِأَنَّ الْعُيُوبَ شَأْنُهَا الْخَفَاءُ.
فرع:
قَالَ اللَّخْمِيُّ: لَوْ وَجَدَ أَحَدُهُمَا عَيْبًا فَرَدَّ بِهِ أَوْ قَبِله وَخَالَفَهُ الْآخَرُ فَالْحُكْمُ لِلسَّابِقِ مِنْهُمَا وَيُخَيَّرُ الْبَائِعُ فِيمَا أَرَادَهُ الْآخَرُ فَإِنْ سَبَقَ أَحَدُهُمَا بِقَبُولِهِ ثُمَّ رَدَّ الْآخَرُ سَقَطَ الْقِيَامُ بِالْعَيْبِ وخُيّر الْبَائِعُ فِي الرَّدِّ وَإِنْ سَبَقَ أَحَدُهُمَا بِالرَّدِّ ثَبَتَ الرَّدُّ وخُيّر الْبَائِعُ إِنْ قَبِلَهَا لَمْ يَكُنْ لِلْآخَرِ رَدُّهَا وَإِنِ اخْتَارَ الرَّدَّ لَمْ يَكُنْ لِمَنْ سَبَقَ بِالرَّدِّ الِامْتِنَاعُ إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ الَّذِي فَعَلَهُ أَحَدُهُمَا فِيهِ ضَرَرٌ فَيَمْضِي ذَلِكَ فِي نَصِيبِ مَنْ رَضِيَ وَحْدَهُ.
فرع:
فِي الْكِتَابِ: إِذَا ابْتَعْتَ مِنْ أَحَدِهِمَا فَأَقْبَضْتَ الثَّمَنَ بَعْدَ افْتِرَاقِهِمَا لِلْبَائِعِ أَوْ شَرِيكِهِ وَلَمْ تعلم افتراقهما فَلَا شَيْءَ عَلَيْكَ لِأَنَّهُ مِمَّا يَخْفَى عَلَيْكَ وَإِنْ عَلِمْتَ ضَمِنْتَ حِصَّةَ الْآخَرِ بِخِلَافِ قَضَاءِ الْوَكِيلِ الْمُفَوَّضِ إِذَا أُشْهِدَ عَلَى الْخُلْعِ وَلَا يَبْرَأُ مَنْ دُفِعَ إِلَيْهِ ثَمَنُ مَا بَاعَ أَوْ غَيْرِهِ قَالَ غَيْرُهُ: إِنْ لَمْ يَعْلَمِ الْوَكِيلُ وَلَا الْغَرِيمُ بِالْحِجْرِ بَرِئَ الْغَرِيمُ لِأَنَّ عِلْمَ ذَلِكَ قَدْ يَخْفَى وَإِنْ عَلِمَ بِذَلِكَ أَحَدُهُمَا وَالْآخَرُ عَالِمٌ أَمْ لَا لَمْ يَبْرَأِ الْغَرِيم قَالَ فِي النكث: الْفَرْقُ أَنَّ الشَّرِكَةَ بَاقِيَةٌ فِي الدَّيْنِ بَعْدَ الِافْتِرَاقِ وَالْعَزْلُ يَرْفَعُ يَدَ الْوَكِيلِ مُطْلَقًا وَقَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ قَوْلُ الْغَيْرِ إِذَا خَلَعَهُ وَقَبَضَ وَقَدْ عَلِمَ أَحَدُهُمَا بِالدَّفْعِ يَضْمَنُ الدَّافِعُ يُرِيدُ لِأَنَّ الْغَرِيمَ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَالْوَكِيلُ لَمَّا عَلِمَ بِالْخُلْعِ تَعَدَّى فِي الْقَبْضِ فَهُوَ ضَامِنٌ لما أتلف فَيَرْجِعُ الدَّافِعُ عَلَيْهِ وَلَا ضَرَرَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ الْأَشْبَهُ أَلَّا يَضْمَنَ الْغَرِيمُ كَمَا فِي الشَّرِيكَيْنِ يَفْتَرِقَانِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَكِيلُ صَاحِبِهِ عَلَى الْقَبْضِ وَقَدْ فرًّطا إِذْ لم يعلمَا وَقَول الْغَيْر فِي إِلْزَامِ الْغَرِيمِ بِعِلْمِ الْوَكِيلِ مُشْكَلٌ وَفِي الْمُوَازِيَةِ: لَوْ عَلِمَ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ بِبَيِّنَةٍ فَحُكِمَ عَلَيْهِ بِالدَّفْعِ لِلْوَكِيلِ بَرِئَ لِأَنَّهُ مكره.
فرع:
فِي الْكِتَابِ: يَجُوزُ شِرَاءُ أَحَدِهِمَا مِنَ الْآخَرِ سِلْعَةً لِنَفْسِهِ أَوْ لِلتِّجَارَةِ كَالْمُقَاسَمَةِ.
فرع:
قَالَ: يَلْزَمُ إِقَالَةُ أَحَدِهِمَا فِيمَا بَاعَهُ هُوَ أَوْ شَرِيكُهُ وَتَوَلِيَتُهُ إِلَّا بِمُحَابَاةٍ فَهُوَ حِينَئِذٍ كَالْمَعْرُوفِ لَا يَلْزَمُ إِلَّا أَنْ يَجِدَ نَقْصًا لِلتِّجَارَةِ وَإِلَّا لَزِمَهُ قَدْرُ حِصَّتِهِ مِنْهُ.
فرع:
قَالَ: إِقْرَارُ أَحَدِهِمَا بِدَيْنٍ مِنْ شَرِكَتِهِمَا لِأَبِيهِ أَوْ وَلَدِهِ أَوْ جَدِّهِ أَوْ جَدَّتِهِ أَوْ زَوجته أَو صديقه الملاطف أَو من يُتّهم عَلَيْهِ لَا يَلْزَمُ شَرِيكَهُ لِلتُّهْمَةِ بِخِلَافِ مَنْ لَا يُتهم عَلَيْهِ وَلَوْ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا فِي دَارٍ أَوْ غَيْرِهَا مِنَ الْعُرُوضِ أَنَّ نِصْفَهَا لِأَجْنَبِيٍّ حَلَفَ الْمُدَّعِي مَعَهُ وَاسْتَحَقَّ لِأَنَّهُ شَاهِدٌ كَإِقْرَارِ وَارِثٍ بَدَيْنٍ عَلَى الْمَيِّتِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: كَذَلِكَ كُلُّ مَنْ يُدخل الضَّرَرَ بِإِقْرَارِهِ عَلَى غَيْرِهِ يَمْتَنِعُ إِقْرَارُهُ لِمَنْ يُتًّهم عَلَيْهِ كَالْعَبْدِ الْمَأْذُونِ وَالْمَرِيضِ وَاخْتُلِفَ فِيمَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ فَإِنْ جَوَّزْنَا قُلْنَا بَقِيَّةُ الدَّيْنِ فِي ذِمَّتِهِ فَلَمْ يُتهم وَإِنْ مَنَعْنَا قُلْنَا لِإِضْرَارِهِ بِالْغُرَمَاءِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: يَجْرِي فِي إِقْرَارِهِ بِالتُّهَمِ النقوذ كَإِقْرَارِ مَنْ تَبَيَّنَ فَلَسُهُ لِمَنْ يُتهم عَلَيْهِ وَفِيهِ قَوْلَانِ وَهَاهُنَا أَوْلَى لِانْتِزَاعِ مَالِ الْمُفْلِسِ ويقي مُحْتَاجًا فَيُوَزَّعُ مَا يَعِيشُ بِهِ وَلَا حَاجَةَ هَاهُنَا لِدَيْنٍ فِي الذِّمَّةِ وَإِقْرَارُ أَحَدِهِمَا عِنْدَ إِرَادَةِ الِافْتِرَاقِ جَائِزٌ فَإِنِ افْتَرَقَا ثُمَّ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا لَمْ يُقْبَلْ إِقْرَارُهُ إِذَا طَالَ الِافْتِرَاقُ فَإِنْ قَرُبَ وَادَّعَى أَنَّهُ نَسِيَ فَخِلَافٌ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي عَامِلِ الْقِرَاضِ يَدَّعي بَعْدَ الْمُقَاسَمَةِ أَنَّهُ أَنْفَقَ وَنَسِيَ الْمُحَاسَبَةَ بِذَلِكَ مَنَعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ مَالِكٌ يَحْلِفُ وَلَهُ ذَلِكَ وَالشَّرِيكُ مِثْلُهُ فَإِنْ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا بَعْدَ مَوْتِ الْآخَرِ فَجَعَلَهُ فِي الْكِتَابِ شَاهِدًا وَلَمْ يَقْبَلْ قَوْلَهُ وَقَالَ سَحْنُونٌ يُصَدَّقُ الشَّرِيكُ وَيَلْزَمُ الْوَرَثَةَ وَهُوَ أَصْوَبُ لِأَنَّ الْمَوْتَ لَيْسَ بِافْتِرَاقٍ لِعَدَمِ الْمُحَاسَبَةِ وَصَوْنًا لِأَمْوَالِ النَّاسِ واختُلف فِي الْعَبْدِ يُحْجَرُ عَلَيْهِ بَعْدَ الْإِذْنِ وَالْمَكَاتَبِ يَعْجِزُ وَالْقَبُولُ أَوْلَى لِأَنَّ تَصَرُّفَاتِهِمَا لَا تُعلم إِلَّا مِنْ قبَلهما وَلَيْسَ الْعَادَةُ الْإِشْهَادَ فِي كُلِّ شَيْءٍ وَإِنَّمَا أَجَازَ فِي الْكِتَابِ شَهَادَتَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَرَ عَلَيْهِ بَعْدَ النُّكُولِ إِلَّا نِصْفَ الْحَقِّ فَلَمْ تجب شَهَادَته نَفْعًا وَلَا دَفَعَتْ ضَرَرًا وَكَذَلِكَ اخْتُلِفَ فِي شَهَادَةِ الْحَمِيلِ عَلَى مَنْ تحمَّل عَنْهُ وَالْجَوَازُ أَحْسَنُ وَإِذَا كَانَا شَرِيكَيْنِ فِي شَيْءٍ بِعَيْنِهِ امْتَنَعَ إِقْرَارُ أَحَدِهِمَا عَلَى صَاحِبِهِ.
فرع:
فِي الْكِتَابِ: إِذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا لَا يُحدث الْآخَرُ فِي الْمَالِ وَلَا فِي السِّلْعَةِ شَيْئًا إِلَّا برضى الْوَرَثَةِ لِانْقِطَاعِ الشَّرِكَةِ فَإِنْ أَقَامَ أَجْنَبِيٌّ بَيِّنَةً أَنَّ مِائَةَ دِينَارٍ مِنَ الشَّرِكَةِ كَانَتْ عِنْدَ الْمَيِّتِ فَلَمْ تُوجَدْ وَلَا عَلِمَ مَصْرِفَهَا وَمَوْتُهُ قَرِيبٌ مِنْ أَخْذِهَا ويُظن أَنَّهُ لَمْ يَشْغَلْهَا فَهِيَ فِي حِصَّتِهِ وَإِنْ تَطَاوُلَ وَقْتُهُ لَمْ يَلْزَمْهُ لِأَنَّ شَأْنَ الشَّرِيكِ الْحَوْزُ وَالتَّصَرُّفُ فَلَا يَضْمَنُ لِعَدَمِ تَعَيُّنِ الْعُدْوَانِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ: إِنْ أَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ بِأَخْذِ الْمِائَةِ لَمْ يَبْرَأْ إِلَّا بِشَاهِدَيْنِ عَلَى الرَّدِّ طَالَ أَمْ لَا لِأَنَّ قَرِينَةَ الْإِشْهَادِ تَقْتَضِي الِالْتِزَامَ وَأَمَّا الْإِقْرَارُ مِنْ غَيْرِ قَصْدِ إِشْهَادٍ فَمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الرَّابِعُ فِي إِلْغَاءِ الْكَلَفِ فِي الْكِتَابِ إِذَا كَانَ مَالُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ كثيرا وهما فِي بلدين على أَن يجوز كل وَاحِد على صَاحبه ويلغيان نَفَقَتَهُمَا كَانَا فِي بَلَدٍ أَوْ بَلَدَيْنٍ وَإِنِ اخْتلف سعراهما كَانَا ذَوي عِيَال أَولا عِيَالَ لَهُمَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ الْعَادَةُ وَهُوَ مَعْلُومٌ مُتَقَارَبٌ فَإِنْ كَانَ الْعِيَالُ لِأَحَدِهِمَا حَسَبَ كُلُّ وَاحِدٍ مَا أَنْفَقَ وَمَا اشْتَرَاهُ لِعِيَالِهِ وَلِلْبَائِعِ ابْتِيَاعُ أَيِّهِمَا شَاءَ بِثَمَنِ مَا يَبِيعُ لِذَلِكَ مِنْ كُسْوَةٍ لَهُمَا أَوْ لِعِيَالِهِمَا مِمَّا يُلْغَى وَهِيَ مِنْ مَالِ التِّجَارَةِ إِلَّا كُسْوَةً لَا يَتَبَدَّلُ مِثْلُهَا فَلَا تُلْغَى وَمَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا أَوْ كُسْوَةً لَهُ أَوْ لِعِيَالِهِ لَمْ يَدْخُلْ فِيهِ الْآخَرُ إِذْ لَا بُدَّ لَهُمَا مِنْ ذَلِكَ وَعَلَيْهِ عَقَدَا قَالَ اللَّخْمِيُّ: الْقِيَاسُ إِذَا كَانَ الْبَلَدُ قَرَارًا لَهُمَا أَنْ يُحَاسَبَ مَنْ فِي الْبَلَد الغالي بَيْنَ السِّعْرَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فِي قَرَارِهِ فَلَا يُحَاسَبُ بِمَا بَيْنَ السِّعْرَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا فِي قَرَارِهِ وَهُوَ أَغْلَاهُمَا حُوسِبَ بِمَا بَيْنَ السِّعْرَيْنِ أَوِ الْآخَرُ أَغْلَاهُمَا لَمْ يُحَاسَبْ بِذَلِكَ الْفَضْلِ لِأَنَّهُ خَرَجَ مِنْ سَبَبِ الْمَالِ وَلَهُ مَنْدُوحَةٌ عَنْ ذَلِكَ الْغَلَاءِ وَإِنْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ فِي قَرَارِهِ أَوْ أَغْلَاهُمَا فِي قَرَارِهِ حَاسَبَ أَقَلَّهُمَا سِعْرًا لِأَنَّ الْأَصْلَ نَفَقَةُ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى نَفْسِهِ وَمَا سِوَى ذَلِكَ فَهُوَ عَلَى الْعَادَةِ وَإِنْ كَانَتِ الْعَادَةُ الْإِنْفَاقَ مِنَ الْوَسَطِ جَازَ عَلَى مَا تَجُوزُ عَلَيْهِ الشَّرِكَةُ مِنَ الْمُسَاوَاةِ فِي الِانْتِقَالِ وَأَنْ يكون الرِّبْح على قدر رُؤُوس الْأَمْوَالِ وَكُلُّ مَوْضِعٍ تُلْغَى فِيهِ النَّفَقَةُ تُلْغَى فِيهِ الْكُسْوَةُ وَإِنْ تَسَاوَى الْعِيَالُ فِي الْعَدَدِ دُونَ السِّنِّ تَحَاسَبَا بِذَلِكَ كَاخْتِلَافِ الْعَدَدِ وَالْكُسْوَةُ الَّتِي لَا تبتدل رِبْحُهَا لَهُمَا وَخَسَارَتُهَا عَلَى مُشْتَرِيهَا وَيُحَاسَبُ بِمَا وَزَنَ فِيهَا وَإِنْ عَلِمَ بِذَلِكَ قَبْلَ دَفْعِ الثَّمَنِ خُيِّرَ الشَّرِيكُ الْآخَرُ فِي رَدِّهَا لِلشَّرِكَةِ أَوْ يُمْضِيهَا لَهُ خَاصَّةً وَيَمْنَعُهُ مِنْ وَزْنِ ثَمَنِهَا مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ إِلَّا أَنْ يُسْقِطَ مِنْ نَصِيبِهِ مِنَ الْمَالِ قَدْرَهَا وَإِنْ غَابَ الْمُشْتَرِي وَطَالَبَ الْبَائِعُ الشَّرِيكَ الْآخَرَ بِالثَّمَنِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُ وَإِنْ قَالَ مُشْتَرِيهَا اشْتَرَيْتُهَا عَلَى غَيْرِ مَالِ الشَّرِكَةِ لِاسْتِقْرَاضِ الثَّمَنِ أَوْ لِأَخْذِهِ مِنَ الشَّرِكَةِ وَتَسْقُطُ الشَّرِكَةُ فِيمَا يَنُوبُ ثَمَنُهَا فَلَهُ ذَلِكَ وَرِبْحُهَا لَهُ وَإِنِ اخْتَلَفَ رَأْسُ الْمَالِ وَتَسَاوَى الْعِيَالُ أَنْفَقَ صَاحِبَ الْقَلِيلِ بِقَدْرِ مَالِهِ لَا بِقَدْرِ عِيَالِهِ لِيُحَاسَبَ بِذَلِكَ فِي الْمُسْتَقْبل لَيْلًا يَأْخُذَ مِنَ الْمَالِ أَكْثَرَ مِمَّا يَأْخُذُ صَاحِبَهُ الْخَامِسُ فِي الْجَوَاهِرِ: يَدُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الشَّرِيكَيْنِ يَدُ أَمَانَةٍ فِيمَا يَدَّعِيهِ مِنْ تَلَفٍ أَوْ خُسْرَانٍ مَا لَمْ يَظْهَرْ كَذِبُهُ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ وَكِيلٌ لِلْآخَرِ فَإِنِ اتُّهِمَ اسْتُحْلِفَ وَإِنْ قَالَ ابْتَعْتُ سِلْعَةً وَهَلَكَتْ صُدِّقَ وَيُصَدَّقُ فِي أَنَّهُ اشْتَرَى لِنَفْسِهِ خَاصَّةً أَوْ لِلشَّرِكَةِ فَإِن هَذَا الْمَالُ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ حَصَلَ لِي بِالْقِسْمَةِ صُدِّقَ شَرِيكُهُ فِي إِنْكَارِ الْقِسْمَةِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهَا.
فرع:
إِذَا كَانَا شَرِيكَيْنِ فِي حَيَوَانٍ مَثَلًا بِمِيرَاثِ أَوْ غَيْرِهِ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ إِلَّا بِإِذْنِ شَرِيكِهِ فَلَوْ بَاعَ نَصِيبَهُ وَسَلَّمَ الْجَمِيعُ لِلْمُشْتَرِي بِغَيْرِ إِذَنْ شَرِيكِهِ فَمُقْتَضَى الْقَوَاعِدِ أَنَّ الشَّرِيكَ يَضْمَنُ وَبِهِ أَفْتَى شُيُوخُنَا وَالشَّافِعِيَّةُ لِأَنَّ أَحْسَنَ أَحْوَالِهِ أَنْ يَكُونَ فِي الْأَمَانَةِ كَالْمُودَعِ عِنْدَهُ وَالْمُودِعِ إِذَا وَضَعَ يَدُ الْأَجْنَبِيِّ ضَمِنَ بِتَعَدِّيهِ فَإِنْ قِيلَ: يَلْزَمُ عَدَمُ صِحَّةِ الْبَيْعِ لِعَدَمِ قُدْرَتِهِ عَلَى التَّسْلِيمِ شَرْعًا قُلْنَا: إِنْ كَانَ شَرِيكُهُ حَاضِرًا سَلَّمَ الْمَبِيعَ لَهُ وَتَقَعُ الْحُكُومَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُشْتَرِي أَوْ غَائِبًا رَفَعَ أَمْرَهُ إِلَى الْحَاكِمِ يَأْذَنُ لَهُ فِي الْبَيْعِ مِمَّنْ شَأْنُ الْحَاكِمِ وَضْعُ مَالِ الْغَائِبِ تَحْتَ يَدِهِ وَيَصِحُّ الْبَيْعُ وَلَمْ أَرَ فِي ذَلِكَ نَقْلًا غَيْرَ أَنَّهُ مُقْتَضَى الْقَوَاعِدِ مَعَ أَنَّ الشَّيْخَ أَبَا عَمْرِو بْنِ الْحَاجِبِ قَالَ فِي مُخْتَصَرِهِ فِي كِتَابِ الرَّهْنَ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يَفْتَقِرُ فِي رَهْنِ الْمُشَاعِ إِلَى إِذْنِ الشَّرِيكِ وَلَهُ أَنْ يُقَسِّمَ وَيَبِيعَ وَيُسَلِّمَ وَعَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ قَوْلَانِ لِتَأْخِيرِ التَّسْلِيم السَّادِسُ فِي الْعُهْدَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ: مَا يُقْضَى فِيهِ بِالشَّرِكَةِ كَأَهْلِ الْأَسْوَاقِ فَالْعُهْدَةُ عَلَى الْبَائِعِ وَكَذَلِكَ إِنْ أَشْرَكَهُ بَعْدَ تَمَامِ الْبَيْعِ بِحَضْرَةِ ذَلِكَ وَلَوِ اشْتَرَطَهُ أَمْ لَا إِنْ بَاعَهُ بَيْعًا بِحَضْرَةِ الْبَيْعِ فَعَلَى الْبَائِعِ الثَّانِي إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ عَلَى الْأَوَّلِ إِلَّا أَنْ يَبْقَى وَقْتُ الْبَيْعِ الْأَوَّلِ فَلَا يَلْزَمُ هَذَا الشَّرْطُ وَالْعُهْدَةُ عَلَى الثَّانِي وَحَدُّ ذَلِكَ الِافْتِرَاقُ مِنَ الْأَوَّلِ افْتِرَاقًا بَيِّنًا وَانْقِطَاعُ مُذَاكَرَةِ الْبَيْعِ الَّذِي كَانَا فِيهِ ثُمَّ يُبَاعُ الثَّانِي فَلَا يُنْتَفَعُ بِاشْتِرَاطِهِ عَلَى الْأَوَّلِ قَالَ مُحَمَّدٌ: هَذَا فِيمَا يُشْتَرَى بِعَيْنِهِ أَمَّا مَا يُسَلَّمُ فِيهِ فَعُهَدَتُهُ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ إِذَا بِيعَ قَبْلَ قَبْضِهِ مِمَّا يَجُوزُ بَيْعُهُ.