فصل: الباب الْعَاشِرُ فِي الرُّجُوعِ عَنِ الشَّهَادَةِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة (نسخة منقحة)



.الباب الْعَاشِرُ فِي الرُّجُوعِ عَنِ الشَّهَادَةِ:

فِي الْمُغْنِي عَنْ أَبِي ذِئْبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي شَاهِدٍ شَهِدَ ثُمَّ رَجَعَ عَنْ شَهَادَتِهِ بَعْدَ أَنْ حَكَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى شَهَادَتَهُ الْأُولَى لِأَهْلِهَا وَهِيَ الشَّهَادَةُ وَالْأَخِيرَةُ بَاطِلَة وَفِي الْجَوَاهِر إِنَّ جَمِيعَ أَصْحَابِهِ يَرَوْنَ أَنْ يَغْرَمَ مَا تَلَفَ بِشَهَادَتِهِ إِذَا أَقَرَّ بِتَعَمُّدِ الزُّورِ قَالَهُ مُحَمَّدٌ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ لَمْ يُقِرَّا بِتَعَمُّدِ الزُّورِ لَمْ يَغْرَمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ إِنْ قَالَا قَبْلَ الْحُكْمِ بَلْ هُوَ هَذَا لِرَجُلٍ آخَرَ وَقَدْ وَهِمْنَا لَمْ يُقْبَلَا فِي الْأُولَى وَلَا فِي الْآخِرَةِ لِعَدَمِ الْوُثُوقِ بِهِمَا ثُمَّ النَّظَرُ فِي الْمَشْهُودِ بِهِ يَتَعَلَّقُ بِأَطْرَافٍ سِتَّةٍ:

.الطَّرَفُ الْأَوَّلُ فِي الدِّمَاءِ:

وَلِلرُّجُوعِ ثَلَاث حالات:

.الْحَالة الأولى: نقل الْقصاص:

قَالَهُ الْأَئِمَّةُ لِعَدَمِ السَّنَدِ وَلَوْ لَمْ يُصَرِّحِ الشَّاهِدُ بِالرُّجُوعِ بَلْ قَالَ لِلْحَاكِمِ تَوَقَّفْ فِي قَبُولِ شَهَادَتِي ثُمَّ عَادَ فَقَالَ اقْضِ فَقَدْ ذَهَبَ الشَّكُّ قَالَ الْمَازَرِيُّ لَا يَبْعُدُ أَنْ يَجْرِيَ الْقَوْلَانِ الْجَارِيَانِ فِي الشَّاكِّ قَبْلَ الْأَدَاءِ مَعَ أَنَّ مَالِكًا يَشْتَرِطُ فِي قَبُولِ الشَّاكِّ قَبْلَ الْأَدَاءِ إِذَا رَجَعَ البروز.

.الْحَالة الثَّانِيَة: بعد إنقضاء.الْحَالَةُ الثَّالِثَةُ بَعْدَ الِاسْتِيفَاءِ:

فَيَغْرَمَانِ الدِّيَةَ فِي الْخَطَأِ وَكَذَلِكَ الْعَمْدُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَيُقْتَصُّ مِنْهُمَا عِنْد اشهب فِي تعمد الْكَذِب اذا لم يقتلا عوقبا اذا تعمدا الزُّور وَظهر ليهما وَلَمْ يَأْتِيَا تَائِبَيْنِ وَلَوْ عَلِمَ الْقَاضِي أَنَّ الشُّهُودَ كَذَّبُوهُ وَحَكَمَ وَأَرَاقَ الدَّمَ لَكَانَ حُكْمُهُ حكمهم إِذا لم يُبَاشر الْعقل بِنَفسِهِ بل أَمر غَيره مِمَّن تلْزمهُ طلقه وَلَوْ عَلِمَ وَلِيُّ الْقِصَاصِ أَنَّ الْقَاضِيَ عَلِمَ ذَلِكَ مِنْهُمْ وَبَاشَرَ بِنَفْسِهِ لَكَانَ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ إِنِ اعْتَرَفَ وَالشَّاهِدُ مَعَهُ كَالشَّرِيكِ.
فرع:
قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ فِي الدِّيَةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ فِي مَالِ الشَّاهِدِ تَعَمَّدَ الزُّورَ أَوْ شُبِّهَ عَلَيْهِ قَالَه ابْن الْقَاسِم وح وَقَالَ أَشْهَبُ وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ الله عَنهُ وش عَلَيْهِ الْقِصَاصُ إِنْ تَعَمَّدَ وَإِنْ شُبِّهَ عَلَيْهِ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ لِأَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَحْمِلُ اعْتِرَافًا وَهَذَا فِي مَعْنَاهُ وَالثَّالِثُ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَغَيْرُهُ إِنْ تَعَمَّدَ فَفِي مَالِهِ لِأَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَحْمِلُ عَمْدًا وَلَا يُقْتَصُّ مِنْهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُلْجِئًا لِلْحَاكِمِ وَإِنْ شُبِّهَ عَلَيْهِ فَهُوَ هَدَرٌ لِأَنَّهُ أَذِنَ لَهُ فِي الشَّهَادَةِ بِحَسَبِ اعْتِقَادِهِ فَيَحْصُلُ فِي الْعَمْدِ قَوْلَانِ الْقِصَاصُ وَالدية فِي مَاله وَفِي الْبَيِّنَة ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ الدِّيَةُ فِي الْمَالِ وَعَلَى الْعَاقِلَةِ أَو هدر وَإِذا رَجَعَ الشَّاهِد أَن يَغْرَمَ الشَّاهِدُ نِصْفَ الدِّيَةِ وَإِنْ كَانُوا ثَلَاثَةً فَرَجَعَ أَحَدُهُمْ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ فَإِنْ رَجَعَ بَعْدَ ذَلِكَ آخَرُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَيْهِ وَعَلَى الْأَوَّلِ نِصْفُ الدِّيَةِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ عَلَيْهِمَا ثلث الْمَالِ نَظَرًا لِأَصْلِ عَدَدِهِمْ فَإِنْ رَجَعَ ثَلَاثَتُهُمْ فَالْمَالُ عَلَيْهِمْ أَثْلَاثًا وَلَا خِلَافَ إِذَا رَجَعُوا كُلُّهُمْ أَنَّ الْمَالَ عَلَى عَدَدِهِمْ وَأَنْ لَا شَيْء على الرَّابِع إِذَا بَقِيَ بَعْدَهُ نِصَابٌ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ إِذَا زَادُوا عَلَى النِّصَابِ فَإِنْ رَجَعَ تِسْعَةٌ مِنْ عَشَرَةٍ فَقِيلَ عَلَيْهِمْ نِصْفُ الْمَالِ لِبَقَاءِ نِصْفِ النّصاب فَإِن رَجَعَ الْعَاشِر بِالْمَالِ فَالْمَالُ عَلَيْهِمْ بِالسَّوَاءِ وَقِيلَ بَلْ عَلَيْهِمْ تِسْعَةُ أَعْشَارِهِ فَإِنْ رَجَعَ الْعَاشِرُ فَعَلَيْهِ الْعُشْرُ الْبَاقِي فَإِنْ كَانَ الِاسْتِحْقَاقُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ عَلَى الشَّاهِدِ نِصْفُ الْحَقِّ لِأَنَّ الْيَمِينَ مَقَامُ الشَّاهِدِ الْآخَرِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ جَمِيعُ الْحَقِّ لِأَنَّ الْيَمِينَ تَبَعٌ وَمَتَى كَانَ رُجُوعُهُ لِتَعَمُّدِ الْكَذِبِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ فِي الْحَالِ وَلَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَلِأَنَّهُ يُشْبَهُ عَلَيْهِ فِي الْحَالِ وَالْمُسْتَقْبَلِ قَبْلَ الْحُكْمِ أَوْ بَعْدَهُ قَالَهُ أَصْبَغُ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ لَا يُقْبَلُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ الْحُكْمُ بَعْدَ رُجُوعِهِ وَإِنْ كَانَ قَبْلُ شُبِّهَ عَلَيْهِ.
فرع:
قَالَ ابْنُ يُونُسَ تُقْطَعُ يَدُ الشَّاهِدَيْنِ بِيَدِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ خِلَافًا لِ ح وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ شَهِدَ عِنْدَهُ اثْنَانِ عَلَى رَجُلٍ بِالسَّرِقَةِ فَقَطَعَ يَدَهُ ثُمَّ أَتَيَا بِآخَرَ وَقَالَا كُنَّا وَهِمْنَا وَهَذَا هُوَ فَأَبْطَلَ شَهَادَتهمَا عَن الآخر واغرم دِيَةَ الْأَوَّلِ وَقَالَ لَوْ أَعْلَمُكُمَا تَعَمَّدْتُمَا قَطْعَهُ لَقَطَعْتُكُمَا فَأَكْثَرُ الْأَصْحَابِ عَلَى ضَمَانِ الدِّيَةِ فِي النَّفْسِ وَالْيَدِ وَالْعَمْدِ وَالْخَطَأِ وَلَوْ شَهِدَا بِقَطْعِ يَدِهِ قِصَاصًا فَحُكِمَ بِهِ ثُمَّ رَجَعَا قَالَ مُحَمَّد لَا يقْتَصّ مِنْهُ قَالَهُ سَحْنُونٌ.
فرع:
قَالَ وَإِذَا شَهِدَا عَلَى وَالِي الدَّمِ أَنَّهُ عَفَا أَوْ عَلَى الْمَجْرُوحِ أَنَّهُ عَفَا فَحُكِمَ بِإِسْقَاطِ الْقَوَدِ ثُمَّ رَجَعَا لَا يَضْمَنَانِ شَيْئًا لِأَنَّهُمَا لَمْ يُتْلِفَا مَالًا وَلَا قصاص على الْجَانِي للْحكم بسقوطه كَمَا تَقَدَّمَ مِنْ فِعْلِ الْخُلَفَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ويجلد الْقَاتِل فَإِنَّهُ وَيُحْبَسُ سَنَةً وَيُؤَدَّبُ الشَّاهِدَانِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يَغْرَمَانِ الدِّيَةَ لِأَنَّهُ كَانَ لَهُ فِي أحد قولي مَالك ان يقبل أَوْ يَأْخُذَ الدِّيَةَ قَالَ سَحْنُونٌ وَلَوْ كَانَتْ شَهَادَتُهُمَا أَنَّهُ عَفَا عَلَى مَالٍ فَلَا شَيْءَ لَو لي الْقصاص للْحكم بسقوطه ويغرمان الْجَانِي مَا خَرَجَ مِنْ يَدِهِ وَيُؤَدَّبَانِ.
فرع:
فِي النَّوَادِرِ قَالَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ أَنَّ الْعَبْدَ قَتَلَ حُرًّا وَقَالَ اثْنَانِ مِنْهُمْ أَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ قَبْلَ الْجِنَايَةِ فَقَتَلَ وَرَجَعَ الْأَرْبَعَةُ وَأَقَرُّوا بِالزُّورِ فَعَلَى الْأَرْبَعَةِ دِيَةُ حُرٍّ لِوَرَثَتِهِ الْأَحْرَارِ وَيَرْجِعُ سَيِّدُهُ وَالشَّاهِدَانِ عَلَى أَنَّهُ عَبْدٌ عَلَى شَاهِدي الْحُرِّيَّة السَّيِّد بِقِيمَةِ عَبْدِهِ مَا بَلَغَتْ لِأَنَّهُمَا مَنَعَاهُ مِنْهَا وَالشَّاهِدَانِ بِالرِّقِّ بِمَا زَادَتْ نِصْفُ الدِّيَةِ عَلَى نِصْفِ الْقِيمَةِ لِأَنَّهُ لَوْلَا شَهَادَتُهُمَا بِالْحُرِّيَّةِ لَمْ يَغْرَمَا إِلَّا نِصْفَ قِيمَةِ الْعَبْدِ قَالَ مُحَمَّدٌ الصَّوَابُ عَلَى الْأَرْبَعَةِ قِيَمَةُ الْمُقْتَصِّ مِنْهُ قِيمَةُ عَبْدٍ لِلسَّيِّدِ لِأَنَّ شَهَادَةَ الْحُرِّيَّةِ لَمْ تَتِمَّ لرجوع من شهد بِهِ وَلَوْ رَجَعَ شَاهِدَا الرِّقِّ فَقَطْ أَوْ شَاهِدَا الْحُرِّيَّةِ فَقَطْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا لِبَقَاءِ مَنْ يُكْتَفَى بِهِ إِلَّا أَنْ يَرْجِعَ الْبَاقِيَانِ بَعْدَهُمَا فَيغرم الا قِيمَةَ الْعَبْدِ لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْأَرْبَعَةِ وَلَوْ شَهِدَ اثْنَانِ بِالْقَتْلِ وَاثْنَانِ بِالْعِتْقِ دُونَ الْقَتْلِ وَرَجَعُوا جملَة فَقيمته عِنْد السَّيِّد على شَاهِدي الْقَتْل لِأَنَّهُمَا تلفاه عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ ان ابتدا بِالرُّجُوعِ شَاهد الْحُرِّيَّة فَإِن ابتدا الْآخرَانِ غرما دِيَة عدالتهما فَإِن انفذ الْحُرِّيَّة بشهادتها عَلَى شَهَادَتَيِ الْقَتْلِ لَا تَبْطُلُ الْحُرِّيَّةُ بِرُجُوعِهِمَا لِنُفُوذِ الْحُكْمِ وَيَغْرَمَانِ لِلسَّيِّدِ قِيمَةَ عَبْدٍ وَلِشَاهِدَيِ الْقَتْلِ مَنْ غَرِمَاهُ مِنْ فَضْلِ الدِّيَةِ فَإِنْ رَجَعَ أَحَدُ شَاهِدَيِ الْقَتْلِ ثُمَّ أَحَدُ شَاهِدَيِ الْحُرِّيَّةِ قَبْلَهُ أَوْ أَحَدُهُمَا فَرُجُوعُهُمَا سَوَاءٌ أَنْ تَنْفُذَ الْحُرِّيَّةُ وَمَتَى رَجَعَ أَحَدُ شَاهِدَيِ الْقَتْلِ فَعَلَيْهِ نِصْفُ قِيمَةِ الْعَبْدِ أَمَّا لَوْ أَقَرَّ السَّيِّدُ بِعِتْقِهِ قَبْلَ رُجُوعِ شَاهِدَيِ الْقَتْلِ فَعَلَيْهِمَا دِيَةُ حُرٍّ لِوَرَثَتِهِ بِشَهَادَة شَاهد فِي الْحُرِّيَّةِ دُونَ الْإِقْرَارِ فَإِنْ رَجَعَ بَعْدَ ذَلِك شَاهد الْحُرِّيَّة لم يغرما لشاهدي الْقَتْل الافضل مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ وَدِيَةِ حُرٍّ لِأَنَّ بِشَهَادَتِهِمَا غرما الدِّيَة وَلَو رَجَعَ شَاهد الْقَتْلِ بَعْدَ الْإِقْرَارِ وَرُجُوعِ الْآخَرِينَ فَعَلَيْهِمَا قِيمَةُ عَبْدٍ لِوَرَثَتِهِ لِإِقْرَارِ سَيِّدِهِ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِيهَا وَلَا يُوجِبُ إِقْرَارُهُ عَلَيْهِمَا دِيَةً.
فرع:
قَالَ اذا شهد أَنَّهُ عَفَا عَلَى دِيَةٍ خَطَأً أَوْ جُرْحٍ خَطَأً أَرْشُهُ أَقَلُّ مِنْ ثُلُثِ الدِّيَةِ وَالْجِنَايَةُ ثَابِتَة لغَيْرِهِمَا بعد الحكم ضمنا دِيَة النَّفس واسقاطهما عَن الْعَاقِلَة وَيكون عَلَيْهِمَا فِي ثَلَاث سِنِين الا ان يكون فد حَلَّتْ وَمَا دُونَ الثُّلُثِ يَضْمَنَانِهِ حَالًا لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى الْعَاقِلَةِ بِغَيْرِ تَنْجِيمٍ.
فرع:
قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا قَدِمَ الْمَشْهُودُ بِقَتْلِهِ حَيًّا لَا شَيْءَ عَلَى الْإِمَامِ وَعَاقِلَتِهِ وَلَا الطَّالِبِ وَدِيَةُ الْمَقْتُولِ فِي أَمْوَالِ الْبَيِّنَةِ إِنْ تَعَمَّدُوُا أَوْ شُبِّهَ عَلَيْهِمْ فَعَلَى عَوَاقِلِهِمْ بِخِلَافِ رُجُوعِهِمْ وَلَوْ صَالَحَ الْوَلِيُّ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ عَلَى مَالٍ رَدَّهُ وَإِنْ كَانَ عَدِيمًا لَمْ يَتْبَعِ الشُّهُودَ فَلَو شهدُوا بِالْخَطَأِ وَأُخِذَتِ الدِّيَةُ مِنَ الْعَاقِلَةِ رُدَّتْ إِلَيْهَا فَإِنْ كَانَ عَدِيمًا غَرِمَهَا الشَّاهِدَانِ بِخِلَافِ رُجُوعِهِمَا للْقطع بكذبهما هَاهُنَا وَلَوْ شَهِدَا بِالْعَمْدِ فَقُتِلَ ثُمَّ قَدِمَ حَيًّا قَالَ سَحْنُونٌ يَضْمَنَانِ الدِّيَةَ وَلَا يَرْجِعَانِ بِهَا على الْقَاتِل لِأَنَّهُمَا متعديان فاباحت الْقَتْلِ لِلْوَلِيِّ فَإِنْ كَانَا عَدِيمَيْنِ رَجَعَ عَلَى الْقَاتِلِ لِأَنَّهُ الْمُتْلِفُ وَلَا يَرْجِعُ الْقَاتِلُ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ كَمَنْ أَطْعَمَ مَالَكَ لِغَيْرِكَ لَا يعلم بتغريمه فَلَكَ طَلَبُ الْمُتَعَدِّي وَلَا تَرْجِعُ عَلَى الْآكِلِ فَإِنْ كَانَ الْمُتَعَدِّي عَدِيمًا رَجَعْتَ عَلَى الْآكِلِ وَلَا يَرْجِعُ الْآكِلُ عَلَى الْمُتَعَدِّي لِأَنَّهُ الْمُتْلِفُ وَرُوِيَ أَنَّ وَلِيَّ الدَّمِ مُخَيَّرٌ فَإِنِ اتَّبَعَ الشَّاهِدَيْنِ لَمْ يَتَحَوَّلْ عَنْهُمَا إِلَّا أَنْ يَعْدَمَا فيتحول فَإِنَّهُ لَو اخذه من الشَّاهِدين ترجعا بِهِ عَلَى الْوَلِيِّ وَإِنِ اتَّبَعَ الْقَاتِلَ لَمْ يتَحَوَّل الشُّهُودِ أُعْدِمَ أَمْ لَا وَلَوْ شَهِدُوا بِالْخَطَأِ وَقَدِمَ حَيًّا بَعْدَ أَخْذِ الدِّيَةِ مِنَ الْعَاقِلَةِ أَخَذَتْهَا الْعَاقِلَةُ مِنَ الشُّهُودِ قَالَ سَحْنُونٌ وَلَوْ شهدُوا على اقراره ولولي الْمَقْتُولِ تَضْمِينُ الْقَاتِلِ الدِّيَةَ إِلَّا أَنْ يَرْجِعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا فَكَمَا تَقَدَّمَ وَكَذَلِكَ لَا يَضْمَنَا فِي شَهَادَتِهِمَا عَلَى إِقْرَارِهِ بِالْقَتْلِ الْخَطَأِ ثُمَّ يُقْدِمُ حَيًّا وَيَرْجِعُ دَافِعُ الدِّيَةِ عَلَى قَابِضِهَا إِلَّا أَنْ يَرْجِعَا وَلَوْ شَهِدَا عَلَى شَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ فِي قَتْلِ الْخَطَأِ ثُمَّ قَدِمَ حَيًّا رجعت الْعَاقِلَة على الْقَابِض بهَا حَالَّةً دُونَ الشُّهُودِ لِأَنَّهُمْ شَهِدُوا عَلَى شَهَادَةِ غَيْرِهِمْ إِلَّا أَنْ يُقِرُّوا بِتَعَمُّدِ الْكَذِبِ فَكَمَا تَقَدَّمَ أَنَّ لِلْعَاقِلَةِ أَخْذَ الْوَلِيِّ بِالدِّيَةِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الشُّهُودِ وَإِنْ رَجَعُوا بِهَا عَلَى الشُّهُودِ كَانَ لِلْبَيِّنَةِ الرُّجُوعُ بِهَا عَلَى الْوَلِيِّ.
قَاعِدَةٌ:
أَسْبَابُ الضَّمَانِ ثَلَاثَةٌ الْإِتْلَافُ وَالتَّسَبُّبُ لِلْإِتْلَافِ كَحَفْرِ الْبِئْرِ وَوَضْعِ الْيَدِ غَيْرِ الْمُؤْمِنَةِ كَيَدِ الغاضب وَالْبَيْعُ الْفَاسِدُ.
قَاعِدَةٌ:
الْإِكْرَاهُ يُصَيِّرُ فِعْلَ الْمُكْرَهِ كَالْعَدَمِ حَيْثُ يُعْفَى عَنِ الْمُكْرَهِ كَالْإِكْرَاهِ عَلَى الْأَقْوَالِ دُونَ الْأَفْعَالِ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ الْإِكْرَاهُ يمْنَع الْمُؤَاخَذَة بالاقوال اتِّفَاقًا نَحْو كَامِله وَالطَّلَاق وَنَحْوه وَلَا يمْنَع فِي الاحوال إِذَا كَانَتْ حَقًّا لِآدَمِيِّ اتِّفَاقًا كَالْقَتْلِ وَفِي مَنْعِهِ الْمُؤَاخَذَةَ إِذَا كَانَتْ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى قَوْلَانِ الْأَظْهَرُ عَدَمُ الْمَنْعِ وَبَسْطُهُ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ وَمُقْتَضَى هَاتَيْنِ الْقَاعِدَتَيْنِ أَنْ يَجِبَ الضَّمَانُ عَلَى الْحَاكِمِ لِكَوْنِهِ مُكْرَهًا عَلَى فِعْلٍ حَرَامٍ حَقًّا لِآدَمِيٍّ أَكْرَهَهُ الشُّهُودُ بِظَاهِرِ الْعَدَالَةِ غَيْرَ أَنَّ الْحُكَّامَ مُثَابُونَ مُتَقَرِّبُونَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِتَصَرُّفِهِمْ وَإِنْ أَخْطَأُوا فَلِذَلِكَ لَمْ يُضَمَّنُوا بِخِلَافِ الْمُكْرَهِ عَلَى الْقَتْلِ حَيْثُ ضَمَّنَّاهُ وَلِأَنَّهُ لَوْ فَتَحَ بَابَ الضَّمَانِ عَلَى وُلَاةِ الْأُمُورِ لَزَهِدَ فِي الْوِلَايَاتِ وَتَمَكَّنَ شُهُودُ السِّرِّ مِنْ أَذِيَّتِهِمْ بِالتَّضْمِينِ فَتَعَطَّلَتْ مَصَالِحُ الولايات من الْقَضَاء وَغَيره وَلم يَضْمَنُوا لِذَلِكَ.

.الطَّرَفُ الثَّانِي: فِي الْحُدُودِ:

فِي الْجَوَاهِرِ إِذَا رَجَعُوا قَبْلَ الْحُكْمِ رُدَّتِ الشَّهَادَةُ وحدوا الْقَاتِل اعتفوا بتعمد حدوا وَهل يقتلُون أو ياخذ الدِّيَةُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ قَوْلَانِ لِأَشْهَبَ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِم الْمُبَاشرَة وَإِنْ لَمْ يَتَعَمَّدُوا فَالدِّيَةُ عَلَى عَوَاقِلِهِمْ.
فرع:
فِي الْجَوَاهِرِ شَهِدُوا عَلَى رَجُلٍ بِالزِّنَى فَرَجَعَ أَحَدُهُمْ قَبْلَ الْحُكْمِ حُدُّوا لِأَنَّهُمْ قَذَفَةٌ أَوْ بعد اقأمة الْحَد حد الرَّابِع بِغَيْرِ خِلَافٍ لِاعْتِرَافِهِ بِالْقَذْفِ وَهَلْ يُحَدُّ الْبَاقُونَ لَان الزِّنَى لَمْ يَثْبُتْ بِأَرْبَعَةٍ أَمْ لَا لِنُفُوذِ الْحُكْمِ بِشَهَادَتِهِمْ وَلَمْ يُكَذِّبُوا أَنْفُسَهُمْ.
فرع:
قَالَ لَوْ كَانُوا سِتَّةً فَرَجَعَ اثْنَانِ لَمْ يُحَدَّ الْبَاقُونَ لبَقَاء النّصاب وَلابْن الْقَاسِم فِي حد الرَّابِع قَوْلَانِ لِأَنَّهُمْ قَذْفَةٌ شَهِدَ بِصِدْقِهِمْ أَرْبَعَةٌ أَوْ هُمْ مُكَذِّبُونَ لِأَرْبَعَةٍ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ التَّحْقِيقُ إِنْ قَالَ الرَّاجِعَانِ كَذَبْنَا وَمَنْ شَهِدَ حُدَّا أَوْ قَالَا لَا نَعْتَقِدُ كَذِبَ مَنْ شَهِدَ مَعَنَا بَلِ الْغَالِبُ صِدْقُهُمْ لِعَدَالَتِهِمْ لم يحدا.
فرع:
قَالَ إِذَا انْكَشَفَ بَعْدَ رُجُوعِ الِاثْنَيْنِ أَنَّ أَحَدَ الْأَرْبَعَةِ عَبْدٌ فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ يُحَدُّ الرَّاجِعَانِ وَيَغْرَمَانِ رُبُعَ الدِّيَةِ لِعَدَمِ النِّصَّابِ وَلَا غَرَامَةَ عَلَى الْعَبْدِ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْجِعْ وَيُحَدُّ لِعَدَمِ النِّصَّابِ وَهُوَ قَاذِفٌ وَلَا حَدَّ عَلَى الثَّلَاثَةِ وَلَا غَرَامَةَ وَلَوْ كَانَ الْأَرْبَعَةُ أَحَدُهُمْ عَبَدٌ حُدُّوا كُلُّهُمْ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الْأَرْبَعَةِ الْأَحْرَارِ يَرْجِعُ أَحَدُهُمْ لَا يُحَدُّ الْبَاقِي أَنَّ الرَّاجِعَ اهل الشَّهَادَة فَقَدِ انْعَقَدَ النِّصَابُ فِي حَقِّ أَصْحَابِهِ وَسَقَطَتْ عَدَالَتُهُ بِرُجُوعِهِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ عَلَيْهِمْ وَالْعَبْدُ لَيْسَ أَهْلًا فَلَمْ يَنْعَقِدِ النِّصَابُ.
فرع:
قَالَ لَو رَجَعَ اثْنَان بَعْدَ إِقَامَةِ الْحَدِّ لَزِمَهُ غُرْمُ رُبُعِ الدِّيَةِ يدْخل فِيهِ مَعَه من سبقت بِالرُّجُوعِ قَلُّوا أَوْ كَثُرُوا وَيُحَدُّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ رَجَعُوا مَعًا أَوْ مُفْتَرِقِينَ فَإِنْ رَجَعَ آخَرُ أَيْضًا لَزِمَهُ رُبُعُ الدِّيَةِ يُشَارِكُهُ فِيهِ كُلُّ مَنْ رَجَعَ قَبْلَهُ وَيُشَارِكُهُمْ فِيمَا غَرِمُوا قَبْلَهُ فَيَصِيرُ نِصْفُ الدِّيَةِ بَيْنَ جَمِيعِهِمْ عَلَى عَددهمْ فَإِنْ رَجَعَ آخَرُ أَيْضًا لَزِمَهُ رُبُعُ الدِّيَةِ يُشَارِكهُ فِيهِ كل من رَجَعَ قبله وشاركهم فِيمَا غرموا قبل فَيَصِيرُ نِصْفُ الدِّيَةِ بَيْنَ جَمِيعِهِمْ عَلَى عَدَدِهِمْ فَإِنْ رَجَعَ آخَرُ لِرِيبَةٍ رَجَعَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الدِّيَةِ.
فرع:
قَالَ إِذَا رَجَعَ أَحَدُ السِّتَّةِ بعد فَمَعَ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ فِي الرَّجْمِ وَتَمَادَى الرَّجْمُ فَأَوْضَحَ مُوضِحَةً فَرَجَعَ ثَانٍ وَرَجَعَ ثَالِثٌ بَعْدَ الْمَوْتِ قَالَ مُحَمَّدٌ لَوْ لَمْ يَرْجِعِ الثَّالِثُ مَا كَانَ على من تقدم من رُجُوعَهُ شَيْءٌ وَعَلَى الْأَوَّلِ سُدْسُ دِيَةِ الْعَيْنِ وَعَلَى الثَّانِي مِثْلُ ذَلِكَ وَخُمُسُ دِيَةِ الْمُوضِحَةِ وَعَلَى الثَّالِثِ رُبُعُ دِيَةِ النَّفْسِ فَقَطْ وَقِيلَ مُضَافًا إِلَى الْخُمُسِ وَالسُّدُسِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ.
فرع:
قَالَ إِذَا شَهِدَ أَرْبَعَةٌ بِالزِّنَى وَاثْنَانِ بِالْإِحْصَانِ فَرَجَعَ الْجَمِيعُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَخْتَصُّ غُرْمُ الدِّيَةِ بِالْأَرْبَعَةِ لِأَنَّهُمْ سَبَبُ الْحَدِّ وَلَوْ شاؤا لَمْ يَشْهَدُوا وَقَالَ أَشْهَبُ الدِّيَةُ عَلَى جَمِيعِهِمْ بمركب السَّلب مِنْهُمْ وَإِذَا فَرَّعْنَا عَلَى هَذَا قَالَ أَشْهَبُ يقسم اسداسا لَان السَّلب مِنْ جَمِيعِهِمْ وَقَالَ مُحَمَّدٌ عَلَى كُلِّ فَرِيقٍ نصفهَا فعلى كل وَاحِد من الاربعة ربعهَا وعَلى كل وَاحِد من الاربعة الْآخرَانِ كَانُوا اربعة ثمنهَا لِأَنَّ الْعَدَدَ لَيْسَ مَقْصُودًا وَإِنَّمَا الْقَصْدُ إِثْبَاتُ الوضعين الزِّنَا وَالْإِحْصَانِ.
فرع:
قَالَ إِذَا أَكْذَبَا أَنْفُسَهُمَا بَعْدَ حَدِّ الْقَذْفِ قَالَ سَحْنُونٌ لَا غُرْمَ فِي ذَلِكَ بَلِ الْأَدَبُ وَكَذَلِكَ رُجُوعُهُمَا بَعْدَ قِصَاصِ الضَّرْبِ أَوِ اللَّطْمِ لِأَنَّهُمَا لَمْ يُتْلِفَا مَالًا.
فرع:
قَالَ إِذَا طَلَبْتَ إِقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِمَا أَنَّهُمَا شَهِدَا بِالزُّورِ مُكِّنْتَ فَإِنْ أَقَمْتَهَا قُضِيَ عَلَيْهِمَا بِالْمَالِ وان اقامتهما على غُرْمُ نِصْفَ الْمَالِ وَقَالَ سَحْنُونٌ تُحَلِّفُهُمَا أَنَّهُمَا مَا رَجَعَا إِذَا اتَّجَهَ وَجَبَ الْيَمِينُ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَيْسَ لَكَ تَحْلِيفُهُمَا.
فرع:
قَالَ لَو رجعا عَن الرُّجُوع وَقضى قضى الرَّاجِعِ لِأَنَّ الرُّجُوعَ لَيْسَ شَهَادَةً بَلْ إِقْرَارٌ بِمَا أُتْلِفَ بِالشَّهَادَةِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ.
فرع:
قَالَ إِذَا اطَّلَعَ بَعْدَ الرَّجْمِ عَلَى أَنَّهُ مَجْبُوبٌ فَفِي الْكِتَابِ يَغْرَمُ الشُّهُودُ الدِّيَةَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَجَعَلَهَا أَشْهَبُ عَلَى عَاقِلَةِ الْإِمَامِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا أَقَامَتْ شَاهِدَيْنِ أَنَّ زَوْجَهَا رَمَاهَا بِالزِّنَى فَأَمَرَ الْقَاضِي بِاللِّعَانِ وَفَرَّقَ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّ أَحَدَهُمَا عَبَدٌ أَوْ مَحْدُودٌ قَالَ سَحْنُونٌ تَرُدُّهَا لِزَوْجِهَا وَلَا يَكُونُ قَوْلُ الزَّوْجِ أَشْهَدُ بِاللَّهِ إِنِّي لَمِنَ الصَّادِقِينَ إِقْرَارًا لِأَنَّهُ مُقِرٌّ خَوْفَ الضَّرْبِ وَلَوْ عَلِمَ الزَّوْجَانِ كَذِبَهُمَا وَالْتَعَنَا خَوْفًا فَهِيَ حَلَالٌ لَهُ بَيْنَهُ وَبَين الله تَعَالَى وَيكرهُ لَهُ ذَلِك لَيْلًا يُعَدَّ زَانِيًا فَتُهْتَكَ حُرْمَتُهُ وَيَضِيعَ نَسَبُهُ إِنْ حملت وليلا يرْجم وَيحرم عيه نِكَاحُ أُخْتِهَا وَسَائِرُ أَحْكَامِ النِّكَاحِ بَاقِيَةٌ وَإِنْ لَمْ تَعْلَمْ هِيَ إِلَّا ظَاهِرَ الْأَمْرِ أُبِيحَ لَهَا وَلَوْ رَمَاهَا الزَّوْجُ بِالزِّنَى وَهِيَ تَعْلَمُ كذبه وحرمها على الْحَاكِمُ بِاللِّعَانِ فَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهَا هِيَ النِّكَاحُ لِأَنَّ الزَّوْجَ رَاضٍ بِحُكْمِ السُّلْطَانِ.
فرع:
قَالَ الْمَازَرِيُّ إِذَا شَهِدَ أَرْبَعَةٌ عَلَى الزِّنَى وَاثْنَانِ مِنْهُم على الاحصان وَرجع أحد الَّذين شَهِدَا بِالْإِحْصَانِ مَعَ الزِّنَى فَقَدْ أَبْطَلَ رُجُوعُهُ نِصْفَ الْإِحْصَانِ وَرَفَعَ حُجَّةَ الزِّنَى فَعَلَيْهِ مِنَ الغرابة مِثْلُ ذَلِكَ وَلَوْ شَهِدَا وَزَكَّاهُمَا اثْنَانِ وَأَمْضَاهُمَا الْحَاكِم فَرجع المزكيان فَلَا غرابة على المزكيين قَالَ سَحْنُون لثُبُوت الْحق بِعَين الْمُزَكِّيَيْنِ وَلَوْ شَاءَ الشَّاهِدَانِ بِالْحَقِّ مَا شَهِدَا قَالَ الْمَازَرِيُّ وَهَذَا يَنْقُضُ أَصْلَ شُهُودِ الْإِحْصَانِ والزنى ونفرق بَان شُهُود الاحصان اثبتوا عَيْبا مؤثرا فِي الرَّجْم بِخِلَاف الْمُزَكي انما اثبه مؤثرا فِي قبُول القَوْل فَبعد عَن الْجِنَايَة فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ اخْتِلَافٌ عِنْدَنَا وَعِنْدَ ش قَالَ وَيَلْحَقُ بِهَذَا الاسلوب من غرابة تَزْكِيَةٍ مِنْ شَاهِدَيْنِ قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا شَهِدَ اثْنَانِ بِأَنَّهُ أَعْتَقَ عَبْدَهُ وَأَرْبَعَةٌ عَلَيْهِ بِالزِّنَى فَرُجِمَ ثُمَّ رَجَعَ السِّتَّةُ غَرِمَ الِاثْنَانِ قِيمَتَهُ لِلسَّيِّدِ لِأَنَّهُمَا حَالَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ حَتَّى تَلَفَ وَيغرم الْأَرْبَعَةُ دِيَتَهُ لِوَرَثَتِهِ الْأَحْرَارِ لِأَنَّ حُرِّيَّتَهُ ثَبَتَتْ بالحكم الَّذِي لَا ينتفض بِالرُّجُوعِ فَلَمْ يَسْتَحِقَّ السَّيِّدُ قِيمَتَهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ فَإِنَّمَا لِلسَّيِّدِ الْقِيمَةُ إِنْ غَرِمَهَا شُهُودُ الْعِتْقِ رَجَعُوا بِهَا عَلَى شُهُودِ الزِّنَى لِأَنَّهُمْ أَتْلَفُوا عَيْنَهُ أَوْ غَرِمَهَا شُهُودُ الزِّنَى لَمْ يَرْجِعُوا عَلَى شُهُودِ الْعِتْقِ لِأَنَّهُمُ المتلفون فَإِن السَّيِّد كَانَ مُعْتَرِفًا بِعِتْقِهِ وَلَمْ يَرِثْهُ سِوَاهُ لَأَخَذَ الدِّيَةَ بِحُكْمِ الْوَلَاءِ.
فرع:
فِي النَّوَادِرِ وَلَوْ شَهِدَ ثَمَانِيَةٌ عَلَيْهِ بِالزِّنَى وَالْإِحْصَانِ كُلُّ أَرْبَعَةٍ عَلَى زِنًى عَلَى حِدَةٍ بِامْرَأَةٍ عَلَى حِدَةٍ فَرَجَعَ أَحَدُ الْأَرْبَعَتَيْنِ بَعْدَ الرَّجْمِ لَا حَدَّ عَلَيْهِم وَلَا غرم الان الْفَرِيقَ الْآخَرَ لَوِ انْفَرَدَ لَرُجِمَ بِهِ فَإِنْ رَجَعَ وَاحِدٌ مِنَ الْأَرْبَعَةِ الْبَاقِيَةِ حُدَّ وَحُدَّ الرَّاجِعُونَ قَبْلَهُ لِإِقْرَارِهِمْ بِقَذْفِ مَنْ لَمْ يَزْنِ وَعَلَيْهِمْ رُبُعُ الدِّيَةِ أَخْمَاسًا وَنَفَذَ الْحُكْمُ حَتَّى لَوْ قَذَفَهُ أَحَدٌ لَمْ يُحَدَّ بَلْ يُؤَدَّبُ لادائه لَهُ إِلَّا الرَّاجِعُونَ مَتَى قَذَفُوا حُدُّوا لِإِقْرَارِهِمْ أَنهم حُدَّ بِغَيْرِ حَقٍّ وَلَوْ رَجَعَ مِنْ كُلِّ أَرْبَعَةٍ وَاحِدٌ لَكَانَ عَلَيْهِمَا رُبُعُ الدِّيَةِ وَالْحَدُّ لِعَدَمِ النِّصَابِ فِي كُلِّ امْرَأَةٍ فَلَوْ رَجَعَ اثْنَان من كل طبقَة فَعَلَيْهِمْ نِصْفُ الدِّيَةِ أَرْبَاعًا مَعَ الْحَدِّ وَلَوْ رَجَعَ مَنْ كُلِّ فَرِيقٍ ثَلَاثَةٌ فَعَلَيْهِمْ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الدِّيَةِ بَيْنَ السِّتَّةِ مَعَ الْحَدِّ وَلَوْ رَجَعَ الثَّمَانِيَةُ فَعَلَيْهِمُ الدِّيَةُ وَحَدُّ الْقَذْفِ وَلَوْ رَجَعَ ثَلَاثَة وَوَاحِد من الْفَرِيق للاخر فَعَلَيْهِم ربع الدِّيَة.
فرع:
قَالَ إِذَا شَهِدَ أَرْبَعَةٌ بِعِتْقِهِ وَزِنَاهُ بَعْدَ عِتْقِهِ مُحْصَنًا فَرَجَعَ اثْنَانِ عَنِ الزِّنَى وَاثْنَانِ عَنِ الزِّنَى وَذَلِكَ بَعْدَ الرَّجْمِ لَمْ يَضْمَنِ الراجعان عَن الزِّنَى لنعا يَتِمُّ بِهِ الْعِتْقُ وَإِنْ كَانَ لِلْمَرْجُومِ وَارِثٌ بست فَلهُ نصف الدِّيَة على الراجعين على الزِّنَى لِأَنَّهُمَا أَتْلَفَاهُ وَيُحَدَّانِ لِلْقَذْفِ لِإِقْرَارِهِمَا أَنَّهُ حد بِغَيْر حق فَإِن وته سَيِّدُهُ فَقَدْ أَقَرَّ لَهُ بِنِصْفِ الدِّيَةِ لِاعْتِرَافِهِمَا بِالْحُرِّيَّةِ وإن اعْترف السَّيِّد بِالْعِتْقِ نصف الدِّيَة وان بَقِي على حجوده غرما لَهُ نصف الْقيمَة الا ان يزِيد عَلَى نِصْفِ الدِّيَةِ.
فرع:
قَالَ وَإِنْ شَهِدَا عَلَيْهِ بِسَرِقَةِ مِائَةِ دِينَارٍ فَقُطِعَ وَأُغْرِمَ الْمِائَةَ ثُمَّ رَجَعَا غَرِمَا نِصْفَ الدِّيَةِ إِلَيْهِ وَالْمِائَةَ وَإِنْ رَجَعَ أَحَدُهُمَا غَرِمَ نِصْفَ ذَلِكَ.
فرع:
قَالَ إِذَا وُجِدَ أَحَدُ الْأَرْبَعَةِ بَعْدَ الرَّجْمِ عَبْدًا حُدُّوا كُلُّهُمْ لِلْقَذْفِ وَعَلَى الْعَبْدِ نِصْفُ حَدٍّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ عَلِمَ الشُّهُودُ أَنَّهُ عَبْدٌ فَعَلَيْهِمُ الدِّيَةُ فِي أَمْوَالِهِمْ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمُوا فَعَلَى عَاقِلَةِ الْإِمَامِ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْعَبْدِ فِي الْوَجْهَيْنِ أَمَّا إِنْ وُجِدَ أَحَدُهُمْ مَسْخُوطًا فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُنْقَضُ الْحُكْمُ كَمَا لَوْ كَانَ عَبْدًا أَوْ ذِمِّيًّا وَيُحَدُّ هُوَ وَمن تبعه من مُسلم أو حد حَدَّ الْقَذْفِ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُرَدُّ الْحُكْمُ فِي الْمَسْخُوطِ وَلَا يُضْرَبُ هُوَ وَلَا مَنْ مَعَهُ وَيُنْقَضُ فِي الْعَبْدِ وَالذِّمِّيِّ.