فصل: التَّابِعُ الثَّانِي: الْمُتْعَةُ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة (نسخة منقحة)



.السَّبَبُ الثَّالِثُ: الْعِتْقُ:

وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا أُعْتِقَتْ تَحْتَ عَبْدٍ فَلَهَا الْخِيَارُ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ فَإِنْ عَتَقَ بَعْضُهَا بَتْلًا أَوْ كُلُّهَا لَكِنْ بِتَدْبِيرٍ أَوْ كِتَابَةٍ أَوْ صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ فَلَا لِأَنَّ سَبَبَ خِيَارِهَا عَدَمُ اتِّصَافِهَا بِالرِّقِّ فَلَمْ يَكُنِ الْعَبْدُ كُفؤًا لَهَا وَإِنْ عَتَقَتْ تَحْتَ حُرٍّ فَلَا وَقَالَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ لِحُصُولِ الْمُسَاوَاةِ وَأَصْلُهُ مَا فِي أَبِي دَاوُدَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَيُّمَا أَمَةٍ كَانَتْ تَحْتَ عَبْدٍ فَعَتَقَتْ فَهِيَ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَطَأْهَا زَوْجُهَا وَفِي الْمُوَطَّأِ أَنْ بَرِيرَةَ عَتَقَتْ فَخَيَّرَهَا عَلَيْهِ السَّلَامُ فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا فَقَالَ لَهَا عَلَيْهِ السَّلَام لَو راجعته فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَمْرٍ مِنْكَ فَقَالَ: «لَا إِنَّمَا أَنَا شَفِيعٌ فَقَالَتْ لَا حَاجَةَ لِي بِهِ» قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ كَانَ زَوْجُهَا عَبْدًا يُقَالُ لَهُ مُغِيثٌ وَقَالَ الْأَسْوَدُ كَانَ حُرًّا قَالَ الْبُخَارِيُّ قَوْلُ الْأَسْوَدِ مُنْقَطِعٌ وَقَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ صَحِيحٌ وَقِيلَ لَهَا الْخِيَارُ مَعَ الْحُرِّ لِأَنَّ الْعِلَّةَ كَوْنُهَا مَجْبُورَةً عَلَى النِّكَاح فتختار عِنْدَ زَوَالِ الرِّقِّ فَإِنْ عَتَقَتْ مِنْ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ فَلَهَا الْخِيَارُ قَالَ وَلَوْ قِيلَ بِمَنْعِهَا مِنَ الطَّلَاقِ إِذَا قَالَ الزَّوْجُ أَنَا لَا أَرْتَجِعُ كَانَ حَسَنًا وَيَنْظُرُ السُّلْطَانُ لِلصَّغِيرَةِ فِي الْمصلحَة وَكَذَلِكَ السفيهة أَن لَا تُبَادِرَ لِاخْتِيَارِ نَفْسِهَا لِأَنَّ لَهَا عِصْمَةَ نَفْسِهَا كَالِامْتِنَاعِ مِنَ النِّكَاحِ ابْتِدَاءً وَرِضَاهَا بِالْمَقَامِ لَا يَلْزَمُهَا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا لَمْ يَكُنْ نَظَرًا لِعَدَمِ اعْتِبَارِ تَصَرُّفِهَا وَيَلْزَمُهَا عِنْدَ أَشْهَبَ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ بَابِ الْمَالِ وَالسَّفِيهُ يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ فِي الْعِبَادَاتِ وَغَيْرِهَا.
فرع:
قَالَ فَلَوْ رَفَعَهَا الزَّوْجُ عِنْدَ الْعِتْقِ وَقَالَ أما تَخْتَارِينِي أَوِ الطَّلَاقَ فَقَالَتْ أَنْظُرُ وَأَسْتَشِيرُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا وَقَالَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ ح خِيَارُهَا يَخْتَصُّ بِمَجْلِسِ الْعِلْمِ لَنَا قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَهِيَ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَطَأْهَا الْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ وَاسْتُحْسِنَ أَنْ تُؤَخَّرَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَإِنْ طَالَ ذَلِكَ وَطَلَبَتْ بِالنَّفَقَةِ عَنِ الْمَاضِي لَمْ يَكُنْ لَهَا شَيْءٌ لِمَنْعِهَا نَفْسَهَا.
فرع:
قَالَ فِي كِتَابِ التَّمْلِيكِ إِذَا قَالَ إِنْ لَمْ أَبِعْكِ إِلَى السَّنَةِ فَأَنْتِ حُرَّةٌ فَقَالَتْ إِنْ خُنْتَ فَقَدِ اخْتَرْتُ نَفْسِي قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا بُدَّ مِنَ الِاسْتِئْنَافِ لِأَنَّ التَّصَرُّفَ الْأَوَّلَ عَدَمُ وُجُودِ السَّبَبِ كَإِسْقَاطِ الشُّفْعَةِ قَبْلَ الْبَيْعِ وَالْقَسْمِ قَبْلَ التَّزْوِيجِ وَالْإِبْرَاءِ قَبْلَ مَوْتِ الْمَوْرُوثِ وَقَالَ أَصْبَغُ يَلْزَمُ وَاتَّفَقَا إِذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ إِنْ غِبْتُ عَنْكِ إِلَى سَنَةٍ فَأَمْرُكِ بِيَدِكِ فَقَالَتْ إِنْ فَعَلْتَ فَقَدِ اخْتَرْتُ أَنَّهُ لَازِمٌ.
فرع:
فِي الْجَوَاهِرِ إِذَا عَتَقَتْ ثُمَّ عَتَقَ الزَّوْجُ بَتْلًا قَبْلَ اخْتِيَارِهَا فَلَا خِيَارَ لَهَا لحُصُول الْمُسَاوَاة.
فرع:
قَالَ فَإِنِ اخْتَارَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَا صَدَاقَ لَهَا وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ وَيَرُدُّهُ السَّيِّدُ لِأَنَّ الْفَسْخَ مِنْ قِبَلِهَا فَإِنْ كَانَ مُعْدَمًا فَهَلْ يَسْقُطُ خِيَارُهَا لِأَنَّ ثُبُوتَهُ يُؤَدِّي إِلَى إِسْقَاطِهِ بِبُطْلَانِ الْعِتْقِ بِهِ مِنَ الصَّدَاقِ أَوْ يَثْبُتُ وَيُبَاع فِي الصَدَاق لوُقُوع ذَلِك تبعا إِذْ يَثْبُتُ وَلَا يُبَاعُ لِأَنَّهُ دَيْنٌ طَارِئٌ بِاخْتِيَارِهَا فَلَا يُرَدُّ الْعِتْقُ الْمُتَقَدِّمُ عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ وَلَهَا الْمُسَمَّى بَعْدَ الْبِنَاءِ وَقَالَهُ ش خِلَافَ قَوْلِهِ فِي الْعُيُوبِ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ وَيَتْبَعُهَا كَمَالِهَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ السَّيِّدُ قَبَضَهُ أَوِ اشْتَرَطَهُ.
فرع:
قَالَ وَاخْتِيَارُهَا طَلَاقٌ لَا فَسْخٌ كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَالْإِعْسَارِ بِالنَّفَقَةِ وَقَالَ الْأَئِمَّةُ فَسْخٌ كَالْبَيْعِ.
قَاعِدَةٌ:
شَرَعَ اللَّهُ تَعَالَى الْأَحْكَامَ وَشَرَعَ لِكُلِّ حُكْمٍ سَبَبًا لِثُبُوتِهِ وَسَبَبًا لِنَفْيِهِ إِذَا ثَبَتَ وَشَرَعَ فِي أَسْبَابِ الْأَمْلَاكِ الْبَيْعَ وَالْهِبَةَ وَالْوَصِيَّةَ وَغَيْرَهَا وَجَعَلَ مِنْ جُمْلَةِ أَسْبَابِهَا حَوْزَهَا مِنْ غَيْرِ أَمْرٍ زَائِدٍ فِي الْمُبَاحَاتِ الَّتِي لَمْ يَتَقَدَّمْ فِيهَا مِلْكٌ وَلَمَّا شَرَعَ حَوْزَهَا سَبَبًا لِثُبُوتِ الْمِلْكِ شَرَعَ تَرْكَهَا وَالْإِعْرَاضَ عَنْهَا سَبَبًا فِي الِانْتِفَاءِ كَالْمَطْرُوحِ مِنْ تَافِهِ الثِّمَارِ وَسَائِرِ الْمُتَمَوَّلَاتِ وَالْإِقَالَةِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا لَيْسَتْ بَيْعًا فَإِنَّهَا إِبْطَالٌ لِلْمِلْكِ بِمُجَرَّدِ الْإِعْرَاضِ وَلَمْ يُشْرَعِ الْحَوْزُ سَبَبًا مُسْتَقِلًّا فِي النِّكَاحِ لِخَطَرِهِ وَعِظَمِ رُتْبَتِهِ فَكَذَلِكَ لَا يُشْرَعُ الْإِعْرَاضُ عَنْهُ سَبَبًا لِعَدَمِهِ تَسْوِيَةً بَيْنَ الْبَابَيْنِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ سَبَبٍ شَرْعِيٍّ غَيْرِ الْإِعْرَاضِ وَهُوَ الطَّلَاقُ فَلَا يَبْطُلُ نِكَاحٌ صَحِيحٌ إِلَّا بِطَلَاقٍ لِتَحِلَّ لِلثَّانِي يَقِينًا قَالَ فَإِنْ مَضَتْ بِأَكْثَرَ مِنْ طَلْقَةٍ فَفِي لُزُومِ الزَّائِدِ لِأَنَّ الْفِرَاقَ بِيَدِهَا كَالزَّوْجِ أَوِ الِاقْتِصَارِ عَلَى الْوَاحِدَةِ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِهَا وَالْأَصْلُ عَدَمُ تَصَرُّفِهَا فِي الطَّلَاقِ رِوَايَتَانِ فِي الْكِتَابِ وَالْأَوَّلُ رَجَعَ إِلَيْهِ مَالِكٌ وَفِي الْكِتَابِ الْوَاحِدَةُ بَائِنَةٌ لِأَنَّ كُلَّ طَلَاقٍ لَا ينْدَفع الضَّرَر إِلَّا بِهِ فَهُوَ بَائِن الْإِطْلَاق الْمُعْسِرِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ وَرُوِيَ عَنْهُ إِنْ عَتَقَ لَهُ الرَّجْعَةُ كَالْمُعْسِرِ قَالَ وَفِي الْكِتَابِ يُحَالُ بَيْنَهُمَا حَتَّى تَخْتَارَ لِتَزَلْزُلِ سَبَبِ الْإِبَاحَةِ وَإِنْ قَالَتْ اخْتَرْتُ وِلَايَتَهُ لَهَا فَهِيَ طَلْقَةٌ بَائِنَةٌ لِتَعَيُّنِهَا بِتَعَيُّنِ سَبَبِهَا الَّذِي هُوَ الْعِتْقُ فَلَا تَحْتَاجُ إِلَى نِيَّةٍ وَلَوْ بَلَغَهَا الْعِتْقُ بَعْدَ زَمَانٍ وَهُوَ يَطَؤُهَا فَلَهَا الْخِيَارُ عِنْدَ الْعِلْمِ وَبَعْدَهُ مَا لَمْ يَطَأْ وَإِنْ مَنَعَتْ نَفْسَهَا سَنَةً وَقَالَتْ لَمْ أَسْكُتْ رِضًا صُدِّقَتْ بِغَيْرِ يَمِينٍ كَالتَّمْلِيكِ.
فرع:
فِي الْجَوَاهِرِ قَالَ يُؤَخَّرُ اخْتِيَارُهَا عَنْ زَمَنِ الْحَيْضِ إِنْ أُعْتِقَتْ فِيهِ لِتَحْرِيمِ الطَّلَاقِ فِيهِ فَإِنْ عَتَقَ قَبْلَ الطُّهْرِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ هِيَ عَلَى خِيَارِهَا قَالَ اللَّخْمِيُّ لَا خِيَارَ لَهَا لِحُصُولِ التَّسْوِيَةِ فَلَوِ اخْتَارَتْ فِيهِ فَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا بَائِنَةٌ يمضى الطَّلَاق وَقَالَ بعض الْمُتَأَخّرُونَ وَعَلَى الْقَوْلِ بِالرَّجْعَةِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُمْضَى لِأَنَّ حُكْمَ الرَّجْعَةِ أَنْ يُجْبَرَ الزَّوْجُ عَلَى الرَّجْعَةِ إِذَا أَوْقَعَ فِي الْحَيْضِ.
فرع:
قَالَ يبطل خِيَارهَا بالتصريح بالإسقاط أَو يفعل مَا يَدُلُّ عَلَى الْإِسْقَاطِ كَالتَّمْكِينِ مِنَ الْوَطْءِ عَالِمَةً فَإِنْ جَهِلَتِ الْحُكْمَ خَاصَّةً فَالْمَشْهُورُ سُقُوطُ خِيَارِهَا لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ وَلِأَنَّ الْأَحْكَامَ تَتْبَعُ أَسْبَابَهَا وَإِنْ جَهِلَ الْمُكَلَّفُ وَقَالَهُ ابْنُ حَنْبَلٍ وَخَالَفَ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ لِأَنَّ الْعِتْقَ سَبَبُ خِيَارِهَا فَالْأَصْلُ اسْتِصْحَابُ حُكْمِهِ.
فرع:
قَالَ إِذَا أُعْتِقَتْ وَهُوَ غَائِبٌ فَاخْتَارَتْ ثمَّ ثَبت تقدم عُنُقه فَإِنْ تَزَوَّجَتْ أَجْرَاهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ عَلَى الثَّلَاثَةِ الْأَقْوَالِ فِي امْرَأَةِ الْمَفْقُودِ.
فرع:
قَالَ فَإِنِ اخْتُلِفَ فِي الْمَسِيسِ وَأَنْكَرَتِ الْخَلْوَةَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا مَعَ يَمِينِهَا وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ عَمَلًا بِالظَّاهِرِ فَإِنْ تَصَادَقَا عَلَيْهِ وَاخْتَلَفَا فِي الْإِكْرَاهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ فَإِنْ تَصَادَقَا عَلَى الْمَسِيسِ طَوْعًا وَاخْتَلَفَا فِي الْعِلْمِ بِالْعِتْقِ صُدِّقَتْ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ قَالَ مُحَمَّدٌ بِغَيْرِ يَمِينٍ.
فرع:
قَالَ فَإِنْ عَتَقَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَلَمْ يَعْلَمْ إِلَّا بَعْدَهُ فَلَهَا الْأَكْثَرُ مِنَ الْمُسَمَّى وَصَدَاقِ الْمِثْلِ عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ وَإِنْ كَانَ الْعَقْدُ فَاسِدًا فَصَدَاقُ حُرَّةٍ قَوْلًا وَاحِدًا أَوْ صَحِيحًا وَعَلِمَتْ بِالْعِتْقِ وَالْحُكْمِ فَالْمُسَمَّى فَقَطْ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ.

.الْبَابُ الثَّالِثُ فِي التَّوَابِعِ:

وَهِيَ سِتَّةٌ:

.التَّابِعُ الْأَوَّلُ: تَمْيِيزُ الْفَسْخِ بِطَلَاقٍ:

أَوْ بِغَيْرِهِ وَفِي الْكِتَابِ أَكْثَرُ الرُّوَاةِ يَقُولُونَ كُلُّ نِكَاحٍ لِلْوَلِيِّ وَأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ أَوْ غَيْرِهِمَا إِمْضَاؤُهُ وَفَسْخُهُ يُفْسَخُ بِطَلْقَةٍ بَائِنَةٍ وَيَتَوَارَثَانِ قَبْلَ الْفَسْخِ لِقَبُولِهِ لِلصِّحَّةِ كَالْمُتَزَوِّجَةِ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا فَيُطَلِّقُهَا الزَّوْجُ أَوْ يُخَالِعُهَا قَبْلَ الْإِجَازَةِ فَيُنَفَّذُ ذَلِكَ وَيَقُولُونَ كُلُّ نِكَاحٍ كَانَا مَغْلُوبَيْنِ عَلَى فَسْخِهِ كَالشِّغَارِ وَنِكَاحِ الْمَرِيضِ وَالْمَحْرَمِ وَفَاسِدِ الصَّدَاقِ أَوْ عَدِيمِهِ وَأُدْرِكَ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَعَقْدِ الْمَرْأَةِ عَلَى نَفْسِهَا أَوْ غَيْرِهَا أَوِ الْعَبْدِ عَلَى غَيْرِهِ يُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ بِغَيْرِ طَلَاقٍ وَكُلُّ مَا فُسِخَ بَعْدَهُ لَهُمَا فَسَادُهُ فِي عَقْدِهِ فَفِيهِ الْمُسَمَّى لقَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمُتَزَوِّجَةِ بِغَيْرِ وَلِيٍّ فَإِنْ أَصَابَهَا فَلَهَا مَهْرُهَا بِمَا أَصَابَ وَكُلُّ مَا فُسِخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَا صَدَاقَ فِيهِ وَتَرُدُّهُ إِنْ قَبَضَتْهُ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْفَسْخِ رَدُّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْعِوَضَيْنِ لِصَاحِبِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ غَيْرُهُ فِي الْمُخَالَعَةِ عَلَى مَالٍ تَرُدُّهُ لِأَنَّ لِلْوَلِيِّ فَسخه كالمخالعة يطلع عَلَى عَيْبٍ يُوجِبُ الرَّدَّ تَمْضِي الْمُخَالَعَةُ وَيُرَدُّ الْمَالُ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا زُوِّجَ رَجُلٌ أَوِ امْرَأَةٌ بِغَيْرِ أَمْرِهَا وَعَلِمَ بِقُرْبِ الْعَقْدِ كَانَ بِالْخِيَارِ بِالْإِجَازَةِ وَالرَّدِّ وَيُفْسَخُ بِغَيْرِ طَلَاقٍ لِعَدَمِ الْعَقْدِ وَلَمْ يَجِدْ خِلَافًا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالرَّدُّ بِالْعَيْبِ طَلَاقٌ وَقَالَ الْأَبْهَرِيُّ تُرَدُّ الْمَجْنُونَةُ وَالْمَجْذُومَةُ بِغَيْرِ طَلَاقٍ كَقَوْلِ ش فِي الْعُيُوبِ قَالَ وَعَلَى هَذَا إِذَا كَانَ الْعَيْبُ بِالزَّوْجِ يَكُونُ بِغَيْرِ طَلَاقٍ وَإِنَّمَا زَادَ الْوَكِيلُ عَلَى مَا قَالَهُ الْمُوَكِّلُ مِنَ الصَّدَاقِ وَلَمْ يَرْضَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُفْسَخُ بِطَلَاقٍ وَقَالَ غَيْرُهُ بِغَيْرِ طَلَاقٍ قَالَ الْأَبْهَرِيُّ نِكَاحُ الْعَبْدِ يُفْسَخُ بِغَيْرِ طَلَاقٍ وَإِذَا كَانَ الْفَسَادُ فِي الْعَقْدِ قِيلَ فِيهِ صَدَاقُ الْمِثْلِ اسْتِيفَاءَ الْمَنْفَعَةِ بِغَيْرِ عَقْدٍ شَرْعِيٍّ وَفِي الْجَوَاهِرِ آخِرُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لِرِوَايَةٍ بَلَغَتْهُ عَنْ مَالك إِن مَا نَصه اللَّهُ تَعَالَى عَلَى مَنْعِهِ أَوْ رَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا يُخْتَلَفُ فِيهِ يُفْسَخُ بِغَيْرِ طَلَاقٍ وَكُلُّ مَا اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي إِجَازَتِهِ وَرَدِّهِ فُسِخَ بِطَلَاقٍ لِقَبُولِهِ الصِّحَّةَ عَلَى قَوْلٍ وَقَالَهُ فِي الْكِتَابِ وَزَادَ إِنْ طَلَّقَ قَبْلَ الْفَسْخِ لَا يَلْزَمُ وَلَا يَتَوَارَثَانِ.
فرع:
فِي الْجَوَاهِرِ وَضَابِطُ مَا يُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَقَطْ أَنَّ النِّكَاحَ إِنِ اتُّفِقَ عَلَى فَسَادِهِ وَالْمَنْعِ مِنَ الْإِقَامَةِ عَلَيْهِ فُسِخَ قَبْلُ وَبَعْدُ وَإِلَّا فَالْخَلَلُ إِنْ كَانَ فِي الْعَقْدِ فُسِخَ قَبْلُ وَفِي فَسْخِهِ بَعْدُ خِلَافٌ كَنِكَاحِ الْمُحْرِمِ وَالْمَرِيضِ أَوْ فِي الصَّدَاقِ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ قَبْلُ وَبَعْدُ وَلَا يُفْسَخُ مُطْلَقًا وَالْمَشْهُورُ قَبْلُ فَقَطْ.
فرع:
فِي الْكِتَابِ الَّذِي يُفْسَخُ مُطْلَقًا يَصِحُّ فِيهِ اللِّعَانُ وَلُحُوقُ النَّسَبِ فِيهِ دُونَ الظِّهَارِ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ إِنْ تَزَوَّجْتُكِ لِعَدَمِ الزَّوْجِيَّةِ وَيَلْزَمُ الْإِيلَاءُ إِنْ تَزَوَّجَهَا كَالْأَجْنَبِيَّةِ.
تَمْهِيدٌ:
لِلشَّرْعِ فِي هَذَا الْفَصْلِ مَطْلُوبَانِ إِبْطَالُ الْعَقْدِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ لِمَا تَضَمَّنَهُ مِنَ الْفَسَادِ فَلِذَلِكَ أُمِرَ بِالْفَسْخِ وَالْحِلُّ لِلزَّوْجِ الثَّانِي وَلِذَلِكَ شُرِعَ فِي الْفَسْخِ الطَّلَاقُ لِيَحْصُلَ الْيَقِينُ بِالْحِلِّ فَحَيْثُ يُمْكِنُ الْفَسَادُ إِمَّا بِتَنْصِيصِ الشَّارِعِ أَوْ بِالْمَنْعِ مِنِ اخْتِيَارِ الْإِمْضَاءِ أَوْ بِالْإِجْمَاعِ ظَهَرَ لِيَحِلَّ الثَّانِي بِدُونِ الطَّلَاقِ فَلَا يُشْرَعُ الطَّلَاقُ لِئَلَّا يَنْقُصَ الْمِلْكُ بِغَيْرِ فَائِدَةٍ وَحَيْثُ لَمْ يَتَمَكَّنِ الْفَسَادُ لِوُجُودِ الْخِلَافِ أَوِ التَّمَكُّنِ مِنَ الْإِمْضَاءِ تَعَيَّنَ الِاحْتِيَاطُ لِيَحِلَّ لِوُجُودِ أَمَارَةِ قَبُولِ الْعَقْدِ لِلصِّحَّةِ فَلَا يَضُرُّ نُقْصَانُ الْمِلْكِ لِأَنَّ الزَّوْجَ أَدْخَلَ ذَلِكَ عَلَى نَفْسِهِ مَعَ أَنَّ الِاحْتِيَاطَ لِلأبْضَاعِ أَوْلَى مِنَ الْأَمْلَاكِ وَكَذَلِكَ تَخْصِيصُ الْفَسْخِ قَبْلَ الدُّخُولِ نَظَرًا لِخِفَّةِ الْفَسَادِ فَتَأَكَّدَ الصِّحَّةُ بِالدُّخُولِ لِأَجْلِ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَوْرَتَيْنِ وَذَهَابِ الْحُرْمَتَيْنِ وَارْتِفَاعِ الْجَنَابَتَيْنِ مِنْ جِهَةِ الزَّوْجَيْنِ.

.التَّابِعُ الثَّانِي: الْمُتْعَةُ:

وَهِيَ عِنْدَنَا مُسْتَحَبَّةٌ وَقَالَ الْأَئِمَّةُ بِوُجُوبِهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {ومتعوهن} وَقَوْلِهِ {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ} وَظَاهِرُ الْأَمْرِ الْوُجُوبُ وَلِأَنَّهَا بَدَلٌ عَنْ نِصْفِ الصَّدَاقِ فِي غَيْرِ الْمَفْرُوضِ لَهَا وَالصَّدَاقُ وَاجِبٌ فَتجب وَالْجَوَاب على الْأَوَّلِ أَنَّ قَوْله تَعَالَى فِيهِ {حَقًا على الْمُتَّقِينَ} الْوُجُوبُ لِأَنَّ الْوَاجِبَ يَعُمُّ الْمُحْسِنَ وَغَيْرَهُ فَلَمَّا خَصَّصَهَا دَلَّ عَلَى أَنَّهَا مِنْ بَابِ الْإِحْسَانِ وَهُوَ الْجَوَابُ عَنِ الثَّانِي وَيَرِدُ عَلَيْهِمَا تَمَسُّكٌ بِالْمَفْهُومِ وَخُصُومُنَا تَمَسَّكُوا بِالْمَنْطُوقِ وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمَفْهُومِ إِجْمَاعًا وَعَنِ الثَّالِثِ لَا نُسَلِّمُ أَنَّهَا بَدَلٌ عَنِ الصَّدَاقِ بَلْ مَعْرُوفٌ مُسْتَأْنَفٌ سَلَّمْنَاهُ لَكِنَّ وُجُوبَ النِّصْفِ دُونَ انْتِفَاعٍ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ فَلَا تَكْثُرُ مُخَالَفَتُهُ.
تَفْرِيعٌ:
فِي الْجَوَاهِرِ هِيَ لِكُلِّ امْرَأَةٍ اخْتَارَ الزَّوْجُ طَلَاقَهَا وَلَا خِيَارَ لَهَا فِيهِ لِأَنَّ الْمُخْتَارَةَ لَا تَحْتَاجُ جَبْرًا وَلَيْسَتْ لِلْمُطَلَّقَةِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَقَدْ فُرِضَ لَهَا لِمُجْبِرِهَا بِنِصْفِ الصَّدَاقِ وَلَا لِمَنْ كَانَ الطَّلَاقُ بِسَبَبِهَا كَالْمُخْتَلِعَةِ وَالْمُلَاعِنَةِ لِأَنَّهُ مُضَافٌ إِلَيْهَا فَلَا تُجْبَرُ مِنْهُ فِي الْفِرَاقِ جَبْرًا لِأَنَّهُ مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ وَإِنَّمَا يُجْبِرُ الزَّوْجَ مَا كَانَ مِنْ جِهَتِهِ وَلَا لِلْمُجْبَرَةِ إِذَا اخْتَارَتْ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُنْكَسِرَةٍ وَرُوِيَ لَهَا الْمُتْعَةُ لِأَنَّ ابْتِدَاءَهُ مِنَ الزَّوْجِ وَلَا لِلرَّجْعِيَّةِ وَإِنِ ارْتُجِعَتْ لِأَنَّ الرَّجْعَةَ أَتَمُّ مِنَ الْمُتْعَةِ وَإِلَّا فَلَهَا قَالَ فَضْلُ بْنُ سَلَمَةَ وَمُقْتَضَاهُ لِأَنَّهَا لَا تمتّع حَتَّى تَنْقَضِي الْعدة وَلَو كَانَت بانيا فَرد بهَا فَلَهَا الْمُتْعَةُ لِأَنَّهَا اسْتَحَقَّتْهَا قَبْلَ الرَّدِّ وَاسْتَقَرَّ للخمي نَفيهَا.
فرع:
فِي الْجَوَاهِرِ مِقْدَارُهَا مَوْكُولٌ إِلَى اخْتِيَارِهِ لِعَدَمِ الْوُجُوبِ وَيُسْتَحَبُّ تَقْدِيرُهَا بِعُسْرِهِ وَيُسْرِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ} وَفِي الْكِتَابِ عَلَى الْعَبْدِ الْمُتْعَةُ دُونَ النَّفَقَةِ وَلَوْ خَلَا بِهَا وَاخْتَلَفَا فِي الْمَسِيسِ وَقَدْ طَلَّقَهَا صُدِّقَتْ فِي الصَّدَاقِ دُونَ الْمُتْعَةِ وَالصَّغِيرَةُ وَالْأَمَةُ وَالذِّمِّيَّةُ لَهُنَّ الْمُتْعَةُ.
فرع:
قَالَ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ وَاخْتُلِفَ فِي الْمُطَلَّقَةِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَلَمْ يُسَمَّ لَهَا وَالَّتِي طُلِّقَتْ بَعْدَ الدُّخُولِ وَقَدْ سُمِّيَ لَهَا أَمْ لَا أَيُّهُمَا آكَدُ ثَلَاثَةُ أَقْوَال قَالَ مَا لَك هُمَا فِي عَدَمِ الْوُجُوبِ سَوَاءٌ وَقِيلَ سَوَاءٌ فِي الْوُجُوبِ وَقِيلَ يَخْتَصُّ الْوُجُوبُ فِي الَّتِي لَمْ يُدْخَلْ بِهَا وَلَمْ يُسَمَّ لَهَا لِأَنَّهَا مَوْرِدُ النَّصِّ نَقَلَهُ هَكَذَا بِصِيغَةِ الْوُجُوبِ.
فرع:
قَالَ فَإِنْ بَانَتْ فَهَلْ تَجِبُ لِلْوَرَثَةِ كَسَائِرِ الْحُقُوق وَقيل لَا لِفَوَاتِ إِزَالَةِ أَلَمِ الطَّلَاقِ.

.التَّابِعُ الثَّالِثُ: الْوَلِيمَةُ وَالْمَهْرُ:

قَالَ صَاحِبُ الِاسْتِذْكَارِ الْوَلِيمَةُ فِي اللُّغَةِ طَعَامُ الْعُرْسِ وَالْإِمْلَاكِ وَالْإِعْذَارُ طَعَامُ الْخِتَانِ وَالنَّقِيعَةُ طَعَامُ الْقَادِمِ مِنَ السَّفَرِ وَالْخُرْسُ طَعَامُ النِّفَاسِ وَالْمَأْدُبَةُ طَعَامُ الدَّعْوَةِ وَالْوَكِيرَةُ بِنَاءُ الدَّارِ وَقَالَ غَيْرُهُ وَالْعَقِيقَةُ لِأَجْلِ الْوَلَدِ وَالْحَذَاقُ طَعَامُ الصَّبِيِّ عِنْدَ حَذَاقِ الْقُرْآنِ جُهْدَهُ ثَمَانِيَةُ أَسْمَاءٍ لِلْأَطْعِمَةِ فِي اللُّغَةِ وَأَصْلُهَا مَا فِي مُسْلِمٍ أَنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَثَرَ صُفْرَةٍ فَقَالَ مَا هَذَا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً عَلَى وَزْنِ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ قَالَ بَارَكَ اللَّهُ لَكَ أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ قَالَ صَاحِبُ الْقَبَسِ وَهِيَ أَقَلُّهَا مَعَ الْقُدْرَةِ وَإِلَّا فَبِحَسَبَ الِاسْتِطَاعَةِ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْلَمَ عَلَى بَعْضِ نِسَائِهِ بِالْخُبْزِ وَالتَّمْرِ وَالْأَقِطِ قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى وَهِيَ يَوْمٌ وَاحِدٌ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ سَرَفٌ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُولِمُ ذُو الْقُدْرَةِ ثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ لِمَا فِيهِ مِنْ إِظْهَارِ النِّكَاحِ وَالتَّوْسِعَةِ عَلَى النَّاسِ وَيُكْرَهُ أَنْ يَقُولَ يَتَكَرَّرُ عَلَى طَعَامِي ثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ لِأَنَّهُ مُبَاهَاةٌ وَقَالَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ تُشْرَعُ أَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ وَتَجِبُ الْإِجَابَةُ لِلْأَوَّلِ وَتُسْتَحَبُّ لِلثَّانِي دُونَ الثَّالِثِ وَفِي الْجَوَاهِرِ يَجْعَلُهَا بَعْدَ الْبِنَاءِ قَالَ اللَّخْمِيُّ هِيَ قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ وَاسِعٌ فَقَدْ أَوْلَمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى صَفِيَّةَ بَعْدَ الْبِنَاءِ وَإِتْيَانُهَا وَاجِبٌ خِيفَةَ الْعَدَاوَة وَأَن لَا يُهْدَوْنَ إِنْ لَمْ يَحْضُرْهَا مَنْ يَشْهَدُ النِّكَاحَ بِهِ وَمُبَاحٌ إِنْ حَضَرَهَا وَخَالَفَهُ صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ قَالَ وَيَجِبُ إِتْيَانُهَا عَلَى مَنْ دُعِيَ إِلَيْهَا عِنْدَ مَالِكٍ وَالْأَئِمَّةِ وَأَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ لِمَا فِي مُسْلِمٍ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إِلَى الْوَلِيمَةِ فَلْيَأْتِهَا وَصِفَةُ مَا تَجِبُ الْإِجَابَةُ أَنْ يُعَيِّنَ الرَّجُلُ الدَّعْوَةَ فَإِنْ قَالَ لِلرَّسُولِ ادْعُ مَنْ تُحِبُّ لَمْ تَجِبْ لِعَدَمِ التَّعْيِينِ وَهَلْ يَجِبُ الْأَكْلُ قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ لَمْ أَرَ لِأَصْحَابِنَا فِيهِ نَصًّا وَمَسَائِلُ الْمَذْهَبِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ وَتَقَدَّمَ الْوُجُوبُ قَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّحِيحِ إِذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ فَلْيُجِبْ فَإِنْ شَاءَ أَكَلَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ مَذْهَبُنَا اسْتِحْبَابُ الْإِجَابَةِ قَالَ وَلَا يَحْضُرُ ذُو الْهَيْئَةِ مَوْضِعَ اللَّهْوِ وَيَرْجِعُ الْمَدْعُوُّ إِنْ وَجَدَ الْمُنْكَرَ لِأَنَّ التَّحْرِيمَ يُقَدَّمُ عَلَى الْإِيجَابِ لِأَنَّ الْمَفَاسِدَ مُقَدَّمَةُ الدَّفْعِ عَلَى الْمَصَالِحِ وَقَالَهُ ش وَقَالَ ح وَابْنُ حَنْبَلٍ يَجِبُ الْحُضُورُ مَعَ الْمُنْكَرِ وَيَنْهَى عَنْهُ إِنِ اسْتَطَاعَ فَيُطِيعُ اللَّهَ طَاعَتَيْنِ وَإِلَّا سَقَطَ عَنْهُ الْخِطَابُ بِهِ وَلِأَنَّ الْحَقَّ لَا يُتْرَكُ لِأَجْلِ الْبَاطِلِ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ وَيَلْحَقُ بِالْمُنْكَرِ فَرْشُ الْحَرِيرِ أَوْ تَأَذٍّ بِحُضُورِ السِّفْلَةِ أَوِ الزِّحَامُ أَوْ غَلْقُ الْبَابِ دُونَهُ أَوْ عَلَى جِدَارِ الدَّارِ صُوَرٌ أَوْ سَاتِرٌ وَلَا بَأْسَ بِصُوَرِ الْأَشْجَارِ وَاللَّعِبِ وَاللَّهْوِ الْخَفِيفِ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ اتَّفَقَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى الدُّفِّ وَهُوَ الْغِرْبَالُ فِي الْوَلِيمَةِ وَالْعُرْسِ وَفِي الْكَبَرِ وَالْمِزْهَرِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ هُمَا كَالْغِرْبَالِ وَمَنَعَ أَصْبَغُ وَالْجَوَازُ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْكَبَرِ دُونَ الْمِزْهَرِ وَلِابْنِ كِنَانَةَ إِجَازَةُ الْبُوقِ وَالزِّمَارَةِ الَّتِي لَا تُلْهِي فِي الْعُرْسِ وَاخْتُلِفَ فِي جَوَازِ مَا أُجِيزَ مِنْ ذَلِكَ فَالْمَشْهُورُ هُوَ إِبَاحَةٌ وَقِيلَ كَرَاهَةٌ وَقِيلَ يَعُمُّ الْجَوَازُ الرِّجَالَ وَالنِّسَاءَ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَخَصَّصَهُ أَصْبَغُ بِالنِّسَاءِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ:
وَيُسْتَحَبُّ الرَّجَزُ الْخَفِيفُ كَقَوْلِ جَوَارِي الْأَنْصَارِ:
أَتَيْنَاكُمْ أَتَيْنَاكُمْ ** فَحَيُّونَا نُحَيِّيكُمْ

قَالَ وَلَا يُعْجِبُنِي التَّصْفِيقُ وَقد قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّ لَهْوٍ يَلْهُو بِهِ الْمُؤْمِنُ بَاطِلٌ إِلَّا ثَلَاثًا مُلَاعَبَةَ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ وَتَأْدِيبَهُ فَرَسَهُ وَرَمْيَهُ عَنْ قَوْسِهِ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ الدُّفُّ بِضَمِّ الدَّالِّ هُوَ الْمُدَوَّرُ بِوَجْهٍ وَاحِدٍ وَهُوَ الْغِرْبَالُ وَالْمُرَبَّعُ مِنَ الْوَجْهَيْنِ هُوَ الْمِزْهَرُ وَلَيْسَ بِعَرَبِيٍّ وَالْمِزْهَرُ عِنْدَ الْعَرَبِ عُودُ الْغِنَا.
فرع:
فِي الْجَوَاهِرِ لَا تُتْرَكُ الْإِجَابَةُ لِأَجْلِ الصَّوْمِ بَلْ يُتْرَكُ الْأَكْلُ.
فرع:
وَيُكْرَهُ نَثْرُ السُّكَّرِ وَاللَّوْزِ وَشِبْهِهِ وَقَالَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ خِلَافًا لِ ح لِأَنَّهُ يَقَعُ نَهْبًا وَفِي الْبُخَارِيِّ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَحِلُّ النُّهْبَةُ وَالْمُثْلَةُ.
فرع:
قَالَ اللَّخْمِيّ كره مَا لَك لِأَهْلِ الْفَضَائِلِ إِتْيَانَ طَعَامِ غَيْرِ الْعُرْسِ قَالَ وَأَرَادَ إِنْ كَانَ الْمَدْعُوُّ قَرِيبًا أَوْ صَدِيقًا أَوْ جَارًا كَانَ الْعُرْسُ وَغَيْرُهُ سَوَاءً وَإِلَّا كَرِهَ غَيْرَ الْعُرْسِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ يُدْعَى إِلَيْهِ الْغَنِيُّ دُونَ الْفَقِيرِ وَإِذَا أَتَى الرَّجُلُ الْعَظِيمُ فَلَا بَأْسَ بِعَدَمِ الْأَكْلِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ الشَّرِيفُ إِلَّا أَنْ يَخْشَى الْوَحْشَةَ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلْيَأْتِ وَإِنْ كَانَ مُفْطِرًا فَلْيَطْعَمْ وَإِنْ كَانَ صَائِمًا فَلْيُصَلِّ أَيْ يَدْعُ.