فصل: الثَّانِي تَغْطِيَةُ الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة (نسخة منقحة)



.النَّوْعُ الْأَوَّلُ لُبْسُ الْمَخِيطِ:

وَلَيْسَ الْمُرَادُ خُصُوصَ الْمَخِيطِ بَلْ مَا أَوْجَبَ رَفَاهِيَةً لِلْجَسَدِ كَانَ مخيطا أَو محيطا كَالطَّيْرِ أَوْ جِلْدِ حَيَوَانٍ يُسْلَخُ فَيُلْبَسُ وَقَدْ لَا يُمْنَعُ الْمَخِيطُ إِذَا اسْتُعْمِلَ اسْتِعْمَالَ غَيْرِ الْمَخِيطِ كَوَضْعِ الْقَمِيصِ عَلَى الظَّهْرِ أَوْ مَا يُؤْتَزَرُ بِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْإِحْرَامِ سُؤَاله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمَّا يلبس الْمحرم وَمَا نبه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ بِذِكْرِ كُلِّ نَوْعٍ عَلَى جِنْسِهِ وَفِقْهُ ذَلِكَ كُلُّهُ وَنُبَيِّنُ هُنَا مَا يَحْرُمُ مِمَّا لَا يَحْرُمُ.
تَفْرِيعَانِ:
الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ يُكْرَهُ إِدْخَالُ الْمَنْكِبَيْنِ فِي الْقَبَاءِ وَالْيَدَيْنِ فِي كُمَّيْهِ لِأَنَّهُمُ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الطَّرْحَ عَلَى الظَّهْرِ لَا شَيْءَ فِيهِ وَوَافَقَنَا ش وَابْنُ حَنْبَلٍ فِي ادخال الْمَنْكِبَيْنِ وسواهما ح بِالطَّرْحِ عَلَى الظَّهْرِ لَنَا أَنَّ لُبْسَهُ بِالْمَنْكِبَيْنِ فِي الْعَادَةِ يُوجِبُ الْفِدْيَةَ قَالَ وَلَهُ طَرْحُ قَمِيصِهِ عَلَى ظَهْرِهِ وَارْتِدَاؤُهُ بِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ لُبْسًا لَهُ عَادَةً وَلَا يُزَرِّرُ الطَّيْلَسَانَ عَلَيْهِ وَلَا يُجَلِّلُ كِسَاءَهُ فَإِنْ طَالَ ذَلِكَ حَتَّى انْتَفَعَ بِهِ افْتَدَى لِأَنَّ الْعُقَدَ كَالْخِيَاطَةِ كَمَا تَجِبُ الْفِدْيَةُ فِي الْعِمَامَةِ قَالَ وَيَجُوزُ لِلْمُحْرِمَةِ وَغَيْرِ الْمُحْرِمَةِ مِنَ النِّسَاءِ لُبْسَ الْحَرِيرِ وَالْحُلِيِّ وَالسَّرَاوِيلِ وَيُكْرَهُ لَهُنَّ الْقَبَاءُ لِأَنَّهُ يَصِفُ قَالَ سَنَدٌ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي تَحْرِيمِ الزِّينَةِ فِيهَا كالكحل والحلي النِّسَاء قِيَاسًا عَلَى الطِّيبِ وَكَرَاهَتِهَا لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ لَهَا تَحْرِيم وَتَحْلِيل فَلَا تَحْرِيم الزِّينَةُ فِيهَا كَالصَّلَاةِ أَوْ يُفَرَّقُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ بَيْنَ مَا ظَهَرَ كَالْكُحْلِ وَمَا بَطَنَ كَالْحُلِيِّ قَالَ وَالْأَصْلُ حِلُّ الزِّينَةِ لِعَدَمِ مَنْعِ السُّنَّةِ إِيَّاهَا بَلْ هِيَ كَلُبْسِ الْمَرْقُومَاتِ وَأَجْنَاسِ الْمُلَوَّنَاتِ وَالْخَاتَمُ يَلْحَقُ بِالْقَلَنْسُوَةِ لِإِحَاطَتِهِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَالْإِجْمَاعُ عَلَى الرُّخْصَةِ لِلْمَرْأَةِ فِي الْخُفَّيْنِ وَالسَّرَاوِيلِ وَوَافَقَنَا ش وَابْنُ حَنْبَلٍ فِي مَنْعِهَا مِنَ القفازين خلافًا ل ح لنا نَهْيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاهُنَّ فِي إِحْرَامِهِنَّ عَنِ الْقُفَّازَيْنِ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى الْوَجْهِ وَخَالَفَ ابْنُ حَبِيبٍ فِي افْتِدَائِهَا لَهُمَا وَالْأَصْلُ فِي أَنَّ اللُّبْسَ الْيَسِيرَ لَا يُوجِبُ فِدْيَةً مَا فِي الصِّحَاحِ أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بِالْجِعْرَانَةِ وَهُوَ مُصَفِّرٌّ لِحْيَتَهُ وَرَأْسَهُ وَعَلَيْهِ حَبَّة فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَحْرَمْتُ بِعُمْرَةٍ وَأَنَا كَمَا ترى فَقَالَ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْزِعْ عَنْكَ الْجُبَّةَ وَاغْسِلْ عَنْكَ الصُّفْرَةَ وَمَا كنت صانعا فِي حجرك فَاصْنَعْهُ فِي عُمْرَتِكَ قَالَ وَالْمُعْتَبَرُ فِي الطُّولِ دَفْعُ مَضَرَّةٍ أَوْ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ طَالَ أَوْ قَصُرَ فَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ دَفْعَ ضَرَرٍ فَكَالْيَوْمِ لِحُصُولِ التَّرَفُّهِ قَالَ ش لَا فِدْيَةَ عَلَى النَّاسِي وَالْجَاهِلِ بِخِلَافِ الْعَامِدِ طَالَ الزَّمَنُ أَوْ قَصُرَ وَقَالَ ح الِاعْتِبَارُ بِيَوْمٍ كَامِلٍ أَو لَيْلَة لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا قِيلَ لَهُ مَاذَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ إِنَّمَا سُئِلَ عَن اللُّبْسِ الْمُعْتَادِ وَقِلَّةُ ذَلِكَ عَادَةً يَوْمٌ أَوْ لَيْلَةٌ لَنَا عَلَى ش أَنَّ الْفِدْيَةَ جَابِرَةٌ لِمَا وَقَعَ مِنْ خَلَلِ الْإِحْرَامِ وَالْجَابِرُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَصْدِ كَقِيَمِ الْمُتْلَفَاتِ وَإِنَّمَا يُؤَثِّرُ الْعَمْدُ فِي الْإِثْمِ وَعَلَى ح أَنَّ اللُّبْسَ يَصْدُقُ لُغَةً عَلَى اللَّحْظَةِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنَ الْعَادَةِ عُرْفٌ فِعْلِيٌّ لَا قَوْلِيٌّ فَلَا يَقْضِي عَلَى الْأَقْوَالِ بِالتَّخْصِيصِ أَوِ التَّقْيِيدِ كَمَا لَوْ حَلَفَ الْمَالِكُ أَنْ لَا يَدْخُلَ بَيْتًا فَدَخَلَ بُيُوتَ الْعَامَّةِ حَنِثَ وَإِنْ كَانَتْ عَادَتُهُ الْقُصُورَ وَالْقِلَاعَ نَعَمْ إِذَا غَلَبَ اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ فِي شَيْءٍ قُضِيَ عَلَيْهِ بِهِ لِأَنَّهُ يَنْسَخُ وَضْعَهُ الْأَوَّلَ وَيَصِيرُ مَوْضُوعًا لِلثَّانِي فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ وَفَرْقٌ بَيْنَ غَلَبَةِ اسْتِعْمَالِ اللَّفْظِ وَبَيْنَ غَلَبَةِ مُبَاشَرَةِ بعض أَنْوَاع مُسَمَّاهُ وَلَا خلاف فِي دُخُول تَحْتَ السَّقْفِ وَالْخَيْمَةِ وَاخْتُلِفَ فِي تَظَلُّلِهِ بِالْجَمَلِ أَجَازَهُ مَالِكٌ وَالْجُمْهُورُ وَمَنَعَهُ سَحْنُونٌ وَاخْتُلِفَ فِي استظلاله إِذا نزل فِي بِثَوْبٍ عَلَى شَجَرَةٍ فَمَنَعَهُ مَالِكٌ لِمَا فِيهِ مِنَ التَّرَفُّهِ وَجَوَّزَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ قِيَاسًا عَلَى الْخَيْمَةِ وَأَمَّا الرَّاكِبُ فَلَا يُخْتَلَفُ فِي مَنْعِهِ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ رَاكِبٌ عِنْدَنَا وَعِنْدَ ابْنِ حَنْبَلٍ لِمَا رُوِيَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا رَأَى رجلا جعل على رجله عودا لَهُ شعبتان وَجَعَلَ عَلَيْهِ ثَوْبًا يَسْتَظِلُّ بِهِ وَهُوَ مُحْرِمٌ فَقَالَ لَهُ اضْحَ لِلَّذِي أَحْرَمْتَ لَهُ أَيْ ابرز للشمس وَجوزهُ ش وح فِي الْمَحْمَلِ وَعَلَى الْأَرْضِ لِمَا رَوَتْ أُمُّ الْحصين فَقَالَت حَجَجْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَأَيْت أُسَامَة وبلال أَحدهمَا آخذ بزمام نَاقَته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْآخَرُ رَافِعٌ ثَوْبَهُ مِنَ الْحَرِّ يَسْتُرُهُ حَتَّى يَرْمِيَ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ وَجَوَابُهُ أَنَّ هَذَا يَسِيرُ وَإِنَّمَا النِّزَاعُ فِي الْكَثِيرِ وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ الرِّيَاشِيُّ رَأَيْتُ أَحْمَدَ بْنَ الْمُعَدَّلِ الْفَقِيهُ فِي يَوْمٍ شَدِيدِ الْحَرِّ ضَاحِيًا لِلشَّمْسِ فَقُلْتُ لَهُ يَا أَبَا الْفَضْلِ هَذَا أَمْرٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ فَلَوْ أَخَذْتَ بِالتَّوْسِعَةِ فَأَنْشَأَ يَقُولُ:
ضَحَّيْتُ لَهُ كَيْ أَسْتَظِلَّ بِظِلِّهِ **إِذَا الظِّلُّ أَمْسَى فِي الْقِيَامَةِ قَالِصًا

فَيَا أَسَفَا إِنْ كَانَ سَعْيُكَ بَاطِلًا ** وَيَا حَسْرَتَا إِنْ كَانَ حَجُّكَ نَاقِصًا

وَقَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يُعَادِلُ الْمَرْأَةَ فِي الْمَحْمَلِ لَا يَجْعَلُ عَلَيْهَا ظِلًّا وَعَسَى أَنَّهُ يَكُونُ خَفِيفًا وَرَوَى أَشْهَبُ تَسْتَظِلُّ هِيَ دُونَهُ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ لَمْ يَكْشِفِ الْمَحَارَةَ افْتَدَى وَلَا يَسْتَظِلُّ تحتهَا أَن كَانَ نازلا فَأن فعل اقْتدى وَلَا بَأْسَ أَنْ يَكُونَ فِي ظِلِّهَا خَارِجًا عَنْهَا وَلَا يَمْشِي تَحْتَهَا وَاخْتُلِفَ إِذَا فَعَلَ هَذَا وَفِي جَوَازِ الْخَاتَمِ قَوْلَانِ.
الثَّانِي:
فِي الْكِتَابِ إِذَا شَدَّ مِنْطَقَتَهُ فَوْقَ إِزَارِهِ افْتَدَى وَأما من تَحْتِهِ فَلَا وَرُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا كَانَتْ تَشُدُّ الْهِمْيَانَ عَلَى وَسَطِهَا لِضَرُورَةِ حِفْظِ النَّفَقَةِ وَلَا يَحْتَزِمُ بِحَبْلٍ إِذَا لَمْ يُرِدِ الْعَمَلَ فَإِنْ فَعَلَ افْتَدَى لِمَا فِيهِ مِنَ الرَّفَاهِيَةِ بِضَمِّ الْقُمَاشِ لِلْجَسَدِ وَيُكْرَهُ جَعْلُ النَّفَقَةِ فِي الْعَضُدِ أَوِ الْفَخْذِ أَوِ السَّاقِ مِنْ غَيْرِ فِدْيَةٍ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْمُعْتَادِ فَإِنْ جَعَلَ نَفَقَةَ غَيْرِهِ افْتَدَى فَإِنْ شَدَّ نَفَقَتَهُ ثُمَّ أَوْدَعَ نَفَقَتَهُ فَضَمَّهَا إِلَيْهَا أَوِ الْتَجَأَ لِتَقْلِيدِ السَّيْفِ فَلَا فِدْيَةَ وَإِنَّ شَدَّ جِرَاحَهُ بِخِرْقٍ أَوْ عَصَبَ رَأْسَهُ مِنْ صُدَاعٍ أَوْ وَضَعَ عَلَى صُدْغَيْهِ لِلصُّدَاعِ افْتَدَى فَإِنْ أَلْصَقَ عَلَى الْقُرُوحِ خِرْقًا صِغَارًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَالَ سَنَدٌ قَالَ أَصْبَغُ فِي شَدِّ النَّفَقَةِ عَلَى الْعَضُدِ الْفِدْيَةُ وَيُعْفَى عَنِ السَّيْفِ لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ صَالَحَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهِلَ الْحُدَيْبِيَةِ عَلَى أَنْ لَا يَدْخُلُوا إِلَّا بِجُلُبَّانِ السِّلَاحِ يَعْنِي الْقِرَابَ بِمَا فِيهِ فَإِنْ حَمَلَهُ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ قَالَ مَالِكٌ لَا فِدْيَةَ فِيهِ لِأَنَّهُ لَا يَصِيرُ كَالشَّدِّ وَقَالَ أَصْبَغُ فِيهِ الْفِدْيَةُ لِمَا فِيهِ مِنْ لُبْسِ الْمَخِيطِ وَلَوْ شَدَّ فَوْقَ مِئْزَرِهِ مِئْزَرًا قَالَ مُحَمَّدٌ يَفْتَدِي إِلَّا أَنْ يَبْسُطَهُمَا وَيَتَّزِرَ بِهِمَا وَاخْتلف قَول مَالك فِي الاسْتِغْفَار عِنْدَ الرُّكُوبِ وَالنُّزُولِ بِالْكَرَاهِيَةِ وَالْجَوَازِ وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ لَا فِدْيَةَ فِي عَصَائِبِ الْجِرَاحِ فِي غَيْرِ الرَّأْسِ لِأَنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْ تَغْطِيَةِ غَيْرِ الرَّأْسِ إِلَّا الْمَخِيطَ وَخَرَّجَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنَّا ذَلِكَ عَلَى قَوْلٍ فِي الْجُرْحِ الْيَسِيرِ وَالْفَرْقُ عَلَى الْمَشْهُورِ بَيْنَ الْمِنْطَقَةِ وَالْحَمْلِ عَلَى الرَّأْسِ لِلضَّرُورَةِ وَبَيْنَ شَدِّ الْجِرَاحِ أَن الْأَوَّلين ببضرورة فِيهَا عَامَّةٌ فَيَجُوزُ مُطْلَقًا كَالْقَصْرِ فِي السَّفَرِ وَالْمَشَقَّةِ فِي الْجِرَاحِ خَاصَّةً فَلَا تُبَاحُ مُطْلَقًا كَأَكْلِ الْمَيْتَةِ لَا تُبَاحُ إِلَّا لِلْمُضْطَرِّ وَقَدْ تقدم فِي الْإِحْرَام بعض هَذِه الْفُرُوع الْفَرْعُ.

.الثَّانِي تَغْطِيَةُ الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ:

وَفِي الْكِتَابِ إِذَا غَطَّى الْمُحْرِمُ رَأْسَهُ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا وَنَزَعَهُ مَكَانَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنِ انْتَفَعَ بِهِ افْتَدَى وَالْمُحْرِمَةُ فِي تَغْطِيَةِ وَجْهِهَا كَالرَّجُلِ وَلَهَا شَدُّ رِدَائِهَا مِنْ فَوْقِ رَأْسِهَا عَلَى وَجْهِهَا لِلسَّتْرِ وَإِلَّا فَلَا لِحَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ الله عَنْهَا كَانَ الراكبان يَمُرُّونَ بِنَا وَنَحْنُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحْرِمَاتٌ فَإِذَا حَاذَوْنَا سَدَلَتْ إِحْدَانَا مِنْ رَأْسِهَا عَلَى وَجْهِهَا فَإِذَا جَاوَزُونَا كَشَفْنَاهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَا عَلِمْتُ مَالِكًا يَأْمُرُهَا بِتَجَافِيهِ عَنْ وَجْهِهَا وَإِنْ رَفَعَتْهُ مِنْ أَسْفَلِ وَجْهِهَا افْتَدَتْ لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ حَتَّى تَغْرِزَهُ بِخِلَافِ السَّدْلِ وَتَفْتَدِي فِي الرَّفْعِ وَالْقُفَّازَيْنِ قَالَ سَنَدٌ إِذَا لَطَّخَ رَأْسَهُ بِالطِّينِ افْتَدَى كَالْعِمَامَةِ وَسَوَاءٌ غَطَّى جَمِيعَ رَأْسِهِ أَوْ بَعْضَهُ خِلَافًا لِ ح فِي قَوْلِهِ لَا يُوجِبُ الْفِدْيَةَ إِلَّا عُضْوٌ كَامِلٌ لِأَنَّ الِانْتِفَاعَ يَحْصُلُ فِي الْبَعْضِ فَتَجِبُ الْفِدْيَةُ وَلَوْ نَقَضَ رَأَسَهُ بِمِنْدِيلٍ أَوْ مَسَّهُ بِيَدِهِ مِنَ الْحَرِّ أَوْ وَضَعَ عَلَى رَأْسِهِ أَوْ سَتَرَ وَجْهَهُ بِيَدِهِ مِنَ الشَّمْسِ أَوْ وَارَى بَعْضَ وَجْهِهِ بِثَوْبِهِ قَالَ مَالِكٌ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَدُومُ وَكَرِهَ مَالِكٌ كَبَّ الْوَجْهِ عَلَى الْوِسَادَةِ بِخِلَافِ الْخَدِّ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا جَرَّ الْمُحْرِمُ لِحَافَهُ عَلَى وَجْهِهِ وَهُوَ نَائِمٌ فَانْتَبَهَ فَنَزَعَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ طَالَ بِخِلَافِ الْمُسْتَيْقِظِ لِأَنَّ الرَّفَاهِيَةَ مَشْرُوطَةٌ بِالْإِدْرَاكِ عَادَةً وَهُوَ غير مدرك فَإِن غطى رَأْسَهُ أَوْ وَجْهَهُ أَوْ طَيَّبَهُ أَوْ حَلَقَ رَأْسَهُ فَانْتَبَهَ فَلْيَنْزِعْ ذَلِكَ وَالْفِدْيَةُ عَلَى الْفَاعِلِ دون النَّائِم لجنايته على الْإِحْرَام فليزم مُوجِبُ الْجِنَايَةِ وَلَوْ قَتَلَ صَيْدًا فَكَالنُّقْصَانِ لِتَحَقُّقِ الْجِنَايَةِ مِنْهُ بِخِلَافِ التَّرَفُّهِ قَالَ سَنَدٌ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْوَاطِئِ فِي رَمَضَانَ كَرْهًا لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهَا وَلَا عَلَيْهِ عَنْهَا لَا فديَة هَا هُنَا وَإِذا قُلْنَا بالفدية فيرعى بَقَاء ذَلِك مدى تَحْصِيلِ الِانْتِفَاعِ فِيهَا فَلَوْ طَيَّبَ مُحْرِمٌ مُحْرِمًا فَفِدْيَةٌ عِنْدَ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَفِدْيَتَانِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لَيْسَ لِتَرَفُّهِ الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ وَلَوْ سَقَطَ عَلَيْهِ طِيبٌ أَوْ تَدَحْرَجَ ثُمَّ اسْتَيْقَظَ فَنَزَعَهُ فَإِنِ اسْتَدَامَ افْتَدَى وَلَوْ تَقَلَّبَ فِي نَوْرَةٍ أَوْ وَقَعَتْ عَلَى رَأْسِهِ فَحَلَقَتْهُ افْتَدَى لِبَقَاءِ ذَلِكَ بَعْدَ الْيَقَظَةِ وَفِي الْكِتَابِ لِلرَّجُلِ أَنْ يَحْمِلَ عَلَى رَأْسِهِ مَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ كالخرج والجراب فَإِنَّهُ حَمَلَهُ لِغَيْرِهِ بِأَجْرٍ أَوْ بِغَيْرِ أَجْرٍ فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ لِدَفْعِ الْحَرِّ عَنْهُ وَالْبَرْدِ بِذَلِكَ وَخُرُوجِهِ عَن مَوضِع الرُّخْصَة وَقَالَهُ ح ش وَلَا يحمل على رَأسه تِجَارَة لَهُ لِعَدَمِ الضَّرُورَةِ وَإِذَا جَعَلَ فِي أُذُنَيْهِ قُطْنًا لِأَمْرٍ وَجَدَهُ فِيهِمَا افْتَدَى لِأَنَّهُمَا مِنَ الرَّأْسِ فَلَا يُغَطَّيَانِ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا غَطَّى الْمُحْرِمُ وَجْهَهُ فَلَا فِدْيَةَ وَرُوِيَ عَنْهُ الْفِدْيَةُ بِنَاءً عَلَى كَرَاهَةِ التَّغْطِيَةِ وَتَحْرِيمِهَا.

.النَّوْعُ الثَّالِثُ لُبْسُ الْخُفَّيْنِ والشمشكين:

مَعَ الْقُدْرَة على النَّعْلَيْنِ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ فَرُوعُهَا فِي الْإِحْرَامِ.

.النَّوْعُ الرَّابِعُ حلق الشّعْر:

وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} الْبَقَرَة 196 تَقْدِيرُهُ فَحَلَقَ فَفِدْيَةٌ وَالْمَرَضُ الْقُرُوحُ وَالْأَذَى الْقُمَّلُ وَأَلْحَقَ الْفُقَهَاءُ بِالرَّأْسِ الشَّارِبَ وَالْإِبِطَ وَالْعَانَةَ وَإِزَالَةَ سَائِرِ الشَّعَثِ وَخَصَّصَهُ أَهْلُ الظَّاهِرِ بِالرَّأْسِ لَنَا أَنَّ إِمَاطَةَ الْأَذَى فِي الْعَانَةِ وَالْإِبِطِ أَكْثَرُ فَيَكُونُ مِثْلَ قَوْلِهِ تَعَالَى {فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} الْإِسْرَاء 23 مِنْ بَابِ التَّنْبِيهِ بِالْأَدْنَى عَلَى الأعلى والفدية عندنَا مُتَعَلقَة بِإِزَالَة الْأَذَى فِيهِ فَمَا لَا إِطْعَامَ وَقَالَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ تَجِبُ الْفِدْيَةُ كَامِلَةً بِثَلَاثِ شَعَرَاتٍ لِأَنَّ تَقْدِيرَ الْآيَةِ لَا تحلقوا شعر رؤوسكم حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ وَالشَّعْرُ جَمْعٌ وَأَقَلُّهُ ثَلَاثَةٌ وَقَالَ ح يَجِبُ فِي رُبْعِ الرَّأْسِ عَلَى أَصْلِهِ فِي الْوُضُوءِ وَجَوَابُهُمْ أَنَّ اسْمَ الْجِنْس إِذا أضيف عَم كَقَوْلِه مَا لي صَدَقَةٌ فَتَكُونُ الْفِدْيَةُ مُرَتَّبَةً عَلَى حَقِّ الْجَمِيعِ أَوْ مَا هُوَ فِي مَعْنَاهُ فِي تَحْصِيلِ الرَّفَاهِيَةِ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ تَفْرِيعٌ فِي الْكِتَابِ إِنْ حَلَقَ الْمُحْرِمُ رَأْسَ حَلَالٍ افْتَدَى قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ بَلْ يَتَصَدَّقُ بِشَيْءٍ مِنْ طَعَامٍ فَإِنْ حَلَقَ مَوْضِعَ الْمَحَاجِمِ فَإِنْ تَيَقَّنَ عَدَمَ قَتْلِ الدَّوَابِّ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَمَنَعَ ح حَلْقَ الْحَرَامِ شَعَرَ الْحَلَالِ وَلَوْ أَمِنَ قَتْلَ الدَّوَابِّ بِأَنْ يَحْلِقَ سَاقَهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَحْلِقُوا رؤسكم} الْبَقَرَة 196 وَمَعْنَاهُ لَا يحلق بَعْضكُم رُؤُوس بَعْضٍ وَجَوَّزَهُ ش مُطْلَقًا قِيَاسًا عَلَى شَعْرِ الْبَهِيمَةِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْآيَةَ خِطَابٌ للمحرمين فَلَا تتَنَاوَل مَحل النزاع وَعَن الثَّانِيَة الْفَرْقُ بِأَنَّ الْحَلْقَ فِي صُورَةِ النِّزَاعِ يُؤَدِّي إِلَى مَحْظُور وَهُوَ قتل الدَّوَابّ فَيكون وَهُوَ مَحْظُورًا قَالَ سَنَدٌ إِذَا حَلَقَ شَعْرَ حَلَالٍ أَوْ قَصَّهُ أَوْ نَتَفَ إِبِطَهُ وَلَمْ يَقْتُلْ دَوَابَّ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ عَلَى الْمَعْرُوفِ مِنَ الْمَذْهَبِ فَإِنْ قَتَلَ دَوَابَّ يَسِيرَةً أَطْعَمَ شَيْئًا مِنْ طَعَامٍ أَوْ كُسْوَةٍ أَوْ شَكَّ افْتَدَى عِنْدَ مَالِكٍ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُطْعِمُ وَاخْتُلِفَ فِي تَعْلِيل الْفِدْيَة فَقَالَ بعض البغدادين هِيَ عَلَى الْحِلَاقِ وَقَالَ عَبْدُ الْحَقِّ لِلدَّوَابِّ قَالَ وَهُوَ الْأَظْهر لقَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لكعب بن عجْرَة أتوذيك هَوَامُّ رَأْسِكَ قَالَ نَعَمْ قَالَ احْلِقْ وَانُسُكْ بِشَاةٍ أَوْ صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَوْ أَطْعِمْ... الْحَدِيثَ وَرَاعَى ابْنُ الْقَاسِمِ مَا يُقَابِلُ الْهَوَامَّ وَهُوَ غَيْرُ مُتَقَوَّمٍ فَيَجِبُ شَيْءٌ مِنْ طَعَامٍ قَالَ مَالِكٌ وَلَا يَحْلِقُ شَارِبَ حَلَالٍ وَلَا حَرَامٍ بِخِلَافِ الدَّابَّةِ إِذَا أَمِنَ الْفَوَادَ لِمَا فِيهِ مِنَ الرَّفَاهِيَةِ وَفِي الْكِتَابِ يَجُوزُ لَهُ حلق مَوضِع محاجم محرم أخر ويحجمه إِذا أَمن قَتْلِ الدَّوَابِّ وَالْفِدْيَةُ عَلَى الْمَفْعُولِ بِهِ إِنْ دعت لذَلِك ضَرُورَة وَإِلَّا فَلَا وأصل أخر الْحجامَة مَا فِي الصِّحَاح أَنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْتجم بطرق مَكَّةَ وَهُوَ مُحْرِمٌ وَسَطَ رَأْسِهِ وَأَجَازَهُ الْأَئِمَّةُ فِي غَيْرِ ضَرُورَةٍ وَمَنَعَهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ إِلَّا لِضَرُورَةٍ لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ الله عَنْهُمَا كَانَ يَقُول لَا يحجم الْمُحْرِمُ إِلَّا أَنْ يُضْطَرَ إِلَيْهِ وَلِأَنَّ فِيهِ شدّ المحاجم وَهُوَ مَمْنُوع مِنْهُ قَالَ سَنَدٌ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ لَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ فِي الْحِجَامَةِ مَا لَمْ يُحْلَقْ لَهَا شَعْرٌ لِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا مَنِ احْتَجَمَ لِضَرُورَةٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلِأَنَّهَا لَوْ وَجَبَتِ الْفِدْيَةُ مِنْ ضَرُورَةٍ لَوَجَبَتْ مَعَ عَدَمِ الضَّرُورَةِ كَالْعَصَائِبِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْعَصَائِبِ وَالْجَبَائِرِ أَنَّهَا لَا تَدُومُ بِخِلَافِ الْجَبَائِرِ وَلَا تُكْرَهُ الْفِصَادَةُ بِشَدِّ الْعِصَابَةِ وَتَجِبُ بِهَا الْفِدْيَة قَالَ مَالك وَله أَن يبطء جرحه وَيحك رَأسه حك رَفِيقًا وَإِذَا دَعَاهُ مُحْرِمٌ لِحَلْقِ رَأْسِهِ أَوْ مَوضِع المحاجم من غير ضَرُورَة فَلَا يجِيبه لِأَنَّهُ إِعَانَةٌ عَلَى مُنْكَرٍ فَإِنْ فَعَلَ وَكَانَ مُحْرِمًا وَأَمِنَ قَتْلَ الدَّوَابِّ فَفِي الْكِتَابِ الْفِدْيَةُ عَلَى الْمَفْعُولِ بِهِ وَقَالَهُ ش وَقَالَ ح عَلَى الْحَالِقِ صَدَقَةٌ كَشَعْرِ الصَّيْدِ وَالْحُكْمُ فِي الْأَصْلِ مَمْنُوعٌ وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا إِذَا أَمَرَهُ بِقَتْلِ صَيْدٍ فَإِنَّ الْجَزَاءَ عَلَى الْقَاتِلِ دُونَ الْآمِرِ أَنَّ الشَّعْرَ تَحْتَ يَدِ صَاحِبِهِ فَهُوَ كَالْمُسْتَعِيرِ وَالْمُودَعِ إِذَا تَلِفَ فِي يَده بِأَمْر ضمنه وَفِي الصَّيْدِ لَيْسَ تَحْتَ يَدِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَتَغْلِبُ الْمُبَاشَرَةُ عَلَى التَّسَبُّبِ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا خَلَّلَ لِحْيَتَهُ فِي وُضُوئِهِ أَوْ غُسْلِهِ فَسَقَطَ بَعْضُ شَعْرِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَتَكْمُلُ الْفِدْيَةُ بِحَلْقِ مَا يَتَرَفَّهُ بِهِ وَيَزُولُ مَعَهُ الْأَذَى وَإِلَّا أطْعم شَيْء مِنْ طَعَامٍ وَإِنْ نَتَفَ مَا يُخَفِّفُ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ أَذًى وَإِنْ قَلَّ افْتَدَى قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَا يُحِدُّ مَالِكٌ فِيمَا دُونَ الإماطة أقل من حفْنَة بيدا وَاحِدَةٍ وَكَذَلِكَ فِي قَمْلَةٍ أَوْ قَمَلَاتٍ وَالنِّسْيَانُ لَا يَكُونُ عُذْرًا فِي الْحَلْقِ وَإِنْ أَكْرَهَ حَلَالٌ حَرَامًا فَالْفِدْيَةُ عَلَى الْحَلَالِ وَإِنْ حَلَقَ مُحْرِمٌ رَأْسَ حَلَالٍ قَالَ مَالِكٌ يَفْتَدِي وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُجْزِئُهُ شَيْءٌ مِنَ الطَّعَامِ لِمَكَانِ الدَّوَابِّ وَفِي الْكِتَابِ إِنْ نَتَفَ شَعْرَةً أَوْ شَعَرَاتٍ يَسِيرَةً أَطْعَمَ شَيْئًا مِنْ طَعَامٍ وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا أَوْ نَاسِيًا فَإِنْ نَتَفَ مَا أَمَاطَ بِهِ أَذًى افْتَدَى وَلَا شَيْءَ فِيمَا أَزَالَهُ الشَّرَجُ أَوِ الْإِكَافُ مِنْ سَاقِهِ لِعُمُومِ الْبَلْوَى.

.النَّوْعُ الْخَامِسُ الطِّيبُ:

وَفِي الْكِتَابِ يُكْرَهُ لَهُ شَمُّ الطِّيبِ وَالتِّجَارَةُ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يَمَسَّهُ وَالْمُرُورُ فِي الْعَطَّارِينَ وَمَوَاضِعِ الرَّيَاحِينِ مِنْ غير فديَة وَقَالَهُ ش وح لِقُصُورِهِ عَلَى مَحَلِّ الْإِجْمَاعِ الَّذِي هُوَ مَسُّ الطِّيبِ وَمَنْ مَسَّ الطِّيبَ بِيَدِهِ افْتَدَى لَصِقَ بِهِ أَمْ لَا لِحَدِيثِ الْأَعْرَابِيِّ الْمُتَقَدِّمِ وَلَا شَيْءَ فِيمَا لَصِقَ بِهِ مِنْ خَلُوقِ الْكَعْبَةِ لِعُمُومِ إِصَابَةِ النَّاسِ وَلَا تُخَلَّقُ الْكَعْبَةُ أَيَّامَ الْحَجِّ وَيُقَامُ الْعَطَّارُونَ مِنْ بَيْنِ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ أَيَّامَ الْحَجِّ وَيُكْرَهُ الْغُسْلُ بِالْأُشْنَانِ الْمُطَيَّبِ بِالرَّيْحَانِ مِنْ غَيْرِ فِدْيَةٍ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مُطَيَّبًا بِالطِّيبِ فَيَفْتَدِي قَالَ سَنَدٌ الطِّيبُ مُؤَنَّثٌ كَالْمِسْكِ وَالْوَرْسِ فَفِيهِ الْفِدْيَةُ عِنْدَ الْجَمِيعِ وَمُذَكَّرٌ يَنْقَسِمُ إِلَى مَا يُوضَعُ فِي الدُّهْنِ كَالْوَرْدِ وَإِلَى مَا لَا يوضع كالريحان والمردوش وَالْكل يخْتَلف فِيهِ فَعِنْدَ مَالك وح لَا فِدْيَةَ وَعِنْدَ ش الْفِدْيَةُ لِأَنَّ جَابِرًا سُئِلَ أَيَشُمُّ الْمُحْرِمُ الرَّيْحَانَ فَقَالَ لَا لَنَا أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سُئِلَ عَنِ الْمُحْرِمِ أَيَدْخُلُ الْبُسْتَانَ قَالَ نَعَمْ وَيَشُمُّ الرَّيْحَانَ وَالْقِيَاسُ عَلَى الْعُصْفُرِ وَالتُّفَّاحِ وَالْفَوَاكِهِ وَأَمَّا الْحَشَائِشُ كَالزَّنْجَبِيلِ وَالشِّيحِ وَالْإِذْخِرِ وَنَحْوِهِ فَلَا فِدْيَةَ عِنْدَ الْجَمِيعِ وَهُوَ كَالتُّفَّاحِ وَالْأُتْرُجِّ وَلَا فَرْقَ فِي الْفِدْيَةِ بَيْنَ عُضْوٍ أَوْ دُونَهُ وَقَالَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ ح لَا بُدَّ مِنْ عُضْوٍ كَامِلٍ كَالرَّأْسِ وَالْفَخِذِ وَالشَّارِبِ لِأَنَّهُ الْمَعْدُود تطبيا عَادَةً وَهُوَ مَمْنُوعٌ وَفِي الْكِتَابِ يُكْرَهُ لِلْمُحْرِمِ وَالْحَلَالِ شُرْبُ مَا فِيهِ كَافُورٌ لِلتَّرَفِ فَإِنْ شَرِبَ الْمُحْرِمُ دَوَاءً فِيهِ طِيبٌ وَأَكَلَ طَعَامًا فِيهِ طِيبٌ افْتَدَى وَإِنْ كَانَ طَعَامًا مَسَّتْهُ النَّارُ قَالَ سَنَدٌ أَمَّا السَّرَفُ فِي الْكَافُورِ فِي الْمَاءِ فَمَحْمُولٌ عَلَى كَوْنِهِ عَلَى الثَّمَنِ وَإِلَّا فَتَطْيِيبُ الْمَاءِ مِنْ أَغْرَاضِ الْعُقَلَاءِ وَقد كَانَ المَاء يستعذب لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ بُيُوتِ السُّقْيَا وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَدِينَةِ يَوْمَانِ وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّ الطَّبْخَ يُبْطِلُ حُكْمَ الطِّيبِ وَإِن بقيت رائيحته وَقَالَهُ ح وَاشْترط ابْن حبيب وش ذَهَابَ الرِّيحِ وَعَدَمَ عُلُوقِهِ بِالْيَدِ وَالْفَمِ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي التَّعْلِيلِ فَقَالَ الْأَبْهَرِيُّ لِأَنَّ النَّارَ غَيَّرَتْ فِعْلَ الطِّيبِ وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ بِالطَّبْخِ خرج من كَوْنِهِ طِيبًا وَلَحِقَ بِالطَّعَامِ فَعَلَى قَوْلِ الْأَبْهَرِيِّ يُؤَثِّرُ الطَّبْخُ بِانْفِرَادِهِ وَعَلَى قَوْلِ الْقَاضِي لَا بُد من عَلَيْهِ الِامْتِزَاج وَأَمَّا إِذَا خُلِطَ بِطَعَامٍ أَوْ شَرَابٍ فَإِنِ اسْتُهْلِكَ فَلَا أَثَرَ لَهُ عِنْدَ الْجَمِيعِ وَإِنْ لَمْ يُسْتَهْلَكْ فَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ لَا شَيْء عَلَيْهِ وَقَالَ ح وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا حَمَلَ قَرُورَةَ مِسْكٍ مَشْدُودَةَ الرَّأْسِ فَلَا فِدْيَةَ وَيُوجِبُ الطِّيبُ الْفِدْيَةَ عَمْدًا وَسَهْوًا وَجَهْلًا وَاضْطِرَارًا وَمَنْ طَيَّبَ نَائِمًا فليزله إِذا انتبه فَإِن خرج افْتَدَى وَعَلَى فَاعِلِهِ بِهِ الْفِدْيَةُ بِالنُّسُكِ أَوِ الطَّعَامِ دُونَ الصِّيَامِ لِتَعَذُّرِ النِّيَابَةِ فِيهِ فَإِنْ كَانَ مُعْدِمًا افْتَدَى الْمُحْرِمُ وَرَجَعَ عَلَى الْفَاعِلِ إِذا أيسر بِالْأَقَلِّ مِنْ ثَمَنِ الطَّعَامِ أَوْ ثَمَنِ النُّسُكِ وَإِنْ صَامَ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ.