فصل: الرُّكْن الثَّالِث صفة الْقِسْمَة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة (نسخة منقحة)



.الرُّكْن الثَّالِث صفة الْقِسْمَة:

قَالَ صَاحب الْمُقدمَات الْقسم أما إِن يتبع فِي رِقَاب أَو مَنَافِع وَقسم رِقَاب أَمْوَال ثَلَاثَةٌ قُرْعَةٌ بَعْدَ التَّقْوِيمِ وَتَعْدِيلٌ وَمُرَاضَاةٌ بَعْدَ تَعْدِيلٍ وَتَقْوِيمٍ وَمُرَاضَاةٌ بِغَيْر تَقْوِيمٍ وَلَا تَعْدِيلٍ وَلِكُلِّ صِفَةٍ أَحْكَامٌ تَخُصُّهَا فَيَخُصُّ الْأَوَّلَ إِجْبَارُ الْمُمْتَنِعِ عَنْهَا عَلَيْهَا وَتَخْتَصُّ بِالْجِنْسِ الْوَاحِدِ مِنَ الْعَقَارِ أَوِ الْحَيَوَانِ أَوِ الْعُرُوضِ لِئَلَّا يَعْظُمَ الْغَرَرُ بِالْقُرْعَةِ فِي الْمُخْتَلِفَاتِ دُونَ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ وَلَا يُجْمَعُ سَهْمُ اثْنَيْنِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَوَقُّعِ تَكَرُّرِ الْقُرْعَةِ وَزِيَادَةِ الْغرَر وَيرجع فِيهَا بِالْعينِ لِعَدَمِ الدُّخُولِ عَلَى التَّفَاوُتِ وَلَا تَدَخُلْ فِي الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ لِإِمْكَانِ قَسْمِهِ بِغَيْر غَرَرِ الْقُرْعَةِ بِالْمِكْيَالِ وَالْمِيزَانِ وَيَخُصُّ الثَّانِيَةَ جَوَازُهَا فِي الْأَجْنَاسِ وَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ لِعَدَمِ الْقُرْعَةِ إِلَّا فِي صِنْفٍ يَمْتَنِعُ التَّفَاضُلُ فِيهِ فَإِنَّ الرِّضَا فِيهِ بِغَيْر الْمُمَاثِلِ حَرَامٌ وَيَرْجِعُ فِيهَا بِالْغَبْنِ لِمَا تَقَدَّمَ وَتَخْتَصُّ الثَّالِثَةُ بِعَدَمِ الرُّجُوعِ بِالْغَبْنِ مَعَ جَوَازِهَا فِي مَوَارِدِ الثَّانِيَةِ لِأَنَّ الْتِزَامَ عَدَمِ التَّعْدِيلِ رضَا بالتفاوت وَهِي بيع اتِّفَاقًا ويجكم فِيهَا بِحُكْمِ الْبَيْعِ فِي الِاسْتِحْقَاقِ وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَسَائِرِ الْأَحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْبَيْعِ وَاخْتُلِفَ فِي الْأَوَّلَيْنِ فَالْمَشْهُور إنَّهُمَا بيع وَقَالَهُ ش وح لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يُعَوَّضُ عَنِ الشَّافِعِ فِيمَا أَخَذَهُ شَرِيكُهُ الشَّافِعُ مِمَّا أَخَذَهُ لِشَرِيكِهِ وَهَذَا هُوَ حَقِيقَةُ الْبَيْعِ وَقَال سَحْنُون وَابْنُ حَنْبَلٍ تَمْيِيزُ حَقٍّ قَال صَاحِب التَّنْبِيهَات وَهُوَ الصَّحِيحُ من مَذْهَبنَا واقوال أئتمنا وَإِن كَانَ وَمَالك اطلق عَلَيْهِمَا بيع واضطراب فِيهَا رَأْيُ ابْنِ الْقَاسِمِ لِقَسْمِ الصَّحَابَةِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ الْبَقَرَ وَالْإِبِلَ الْمَذْبُوحَةَ عَنْ سَبْعٍ وَبَيْعُ لُحُومِ الْقُرَبِ حَرَامٌ وَلِأَنَّ الْقُرْعَةَ وَالْإِجْبَارَ يُنَافِيَانِ الْبَيْعَ لِاشْتِرَاطِ الرِّضَا فِيهِ وَلِأَنَّ تَعْوِيضَ الْمُعَيَّنِ عَنِ الشَّائِعِ لَوْ كَانَ بَيْعًا لَكَانَ قَبْضُ طَعَامِ السَّلَمِ وَالدُّيُونِ بَيْعًا فَيَلْزَمُ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَبَيْعُ الْمُؤَجَّلِ فِي الذِّمَمِ بِالْمُعَجَّلِ وَصَرْفُ مَا فِي الذِّمَمِ قَبْلَ حُلُولِهِ بِجَوَاز تَعْجِيلِ الدَّيْنِ قَبْلَ أَجَلِهِ بَلْ هَذَا أَوْلَى بِالْبَيْعِ فَإِنْ عَيَّنَ مَا أَخَذَ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهِ مِلْكٌ وَالْمُقَاسِمُ كَانَ يَمْلِكُ فِيمَا أَخَذَ نَصِيبًا وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ مُسْتَثْنًى مِنَ الْقَسْمِ لِلضَّرُورَةِ وَتَوْسِعَةٍ عَلَى النَّاسِ فِي التَّقْرِيب وَالْجَوَاب عَن الثإني إِن الرِّضَا قَول يُشْتَرَطُ فِيهِ الْبَيْعُ لِدَفْعِ الضَّرَرِ كَالْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ وَبَيْعِ مَالِ الْمُفْلِسِ.
تَنْبِيهٌ:
لَا يُمْكِنُ الْقَوْل بِأَنَّهَا بَيْعٌ مُطْلَقًا فَإِنْ عَيَّنَ مَا أَخَذَ لَهُ فِيهِ حِصَّةٌ قَبْلَ الْقَسْمِ وَهِيَ الْآنَ بَاقِيَةٌ لَهُ فَلَمْ يُعَاوِضْ فِيهَا نَظَائِرُ قَال الْعَبْدِيُّ يُجْبَرُ الْإِنْسَانُ عَلَى بَيْعِ مَالِهِ فِي سَبْعِ مَسَائِلَ الْمَاءُ لِلْعَطْشَانِ فَإِنْ تَعَذَّرَ الثَّمَنُ أُجْبِرَ بِغَيْر ثَمَنٍ وَمَنِ انْهَارَتْ بِئْرُهُ وَخَافَ عَلَى زَرْعِهِ الْهَلَاكَ يُجْبَرُ جَارُهُ عَلَى سَقْيِهِ بِغَيْر ثمن وَقيل بِالثّمن والمحتكر يجْبر على بيع طَعَامه وجار الطَّرِيق إِذا أفسدها السَّيْل وَكَذَلِكَ السَّاقِيَةُ إِذَا أَفْسَدَهَا السَّيْلُ يُؤْخَذُ مَكَانَهَا بِالْقِيمَةِ مِنْ جَارِ السَّاقِيَةِ وَإِذَا ضَاقَ الْمَسْجِدُ يُجْبَرُ مَنْ قَارَبَهُ عَلَى الْبَيْعِ لِيُوَسِّعَ لِلنَّاسِ وَصَاحِب الْفَدَّانِ فِي فَدَنِ الْجَبَلِ إِذَا احْتَاجَ النَّاسُ إِلَيْهِ لِيُخَلِّصَهُمْ لِأَجْلِ وَعْرِهِ وَصَاحِب الْفَرَسِ أَو الْجَارِيَة يُبْطِلهَا السُّلْطَانُ فَإِنْ لَمْ يَدْفَعْهَا إِلَيْهِ جُبِرَ النَّاسُ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ هُوَ تَغْلِيبًا لِأَحَدِ الضَّرَرَيْنِ وَالْإِنْسَانُ مُضْطَرٌّ لِلْخَلَاصِ مِنْ سُوءِ الشَّرِكَةِ وَالِاسْتِقْلَالِ بِمِلْكِهِ من غير مُزَاحم فَتعين الْإِجْبَارُ وَإِنْ كَانَ الْقَسْمُ بَيْعًا وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّ الْمُسْتَحَقَّ فِي السَّلَمِ وَالدُّيُونِ حَقِيقَةٌ مُطْلَقَةٌ تَجِبُ عَلَى الْمَدْيُونِ بِعَيْنِهَا فِي مُعَيَّنٍ لِيَحْصُلَ الْإِقْبَاضُ وَهَذِهِ الْحَقِيقَةُ لَمْ يُنْتَقَلْ عَنْهَا إِلَى غَيْرهَا فَمَا وَجَدَ مَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ وَفِي الْقَسْمِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ نِصْفَيِ الدَّارِ لِزَيْدٍ فِيهِ حق شَائِع عَاوَضَ عَنْ أَحَدِ الشَّائِعَيْنِ بِالْآخَرِ فَتَقَرَّرَ مَعْنَى الْمَبِيع قَالَ وَالْأَظْهَر أَن الأولى تميز بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ وَدَلِيلُ الْقُرْعَةِ قَوْله تَعَالَى {فَسَاهَمَ فَكَانَ من المدحضين} وقَوْله تَعَالَى {وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أقلامهم أَيهمْ يكفل مَرْيَم} وَفِي مُسْلِمٍ أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ سِتَّةَ أَعْبُدٍ بِمَوْتِهِ فاسهم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَينهم فاعتق ثلثهم وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الْأَوَّلِ ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلَّا أَن يستهموا لاستهموا وَإِنَّمَا وَقَعَتِ الْقُرْعَةُ فِي تِلْكَ الصُّوَرِ تَطْيِيبًا للقلوب وإقراراً لحق الْوَرَثَةِ عَنِ الْمُعْتِقِ وَهَذَا مُتَحَقِّقٌ فِي الْقَسْمِ وَمَا يُوجِبهُ الحكم التَّرَاضِي عَلَيْهِ مِنْ غَيْر حُكْمٍ.
فرع:
قَال الْمَكِيلُ وَالْمَوْزُونُ يُجْبَرُ فِيهِ عَلَى التَّعْدِيلِ بِالْكَيْلِ وَالْوَزْن لَا بِمِكْيَال مَعْلُوم أَو بصحفة مَجْهُولَةٍ كَانَ رِبَوِيًّا أَمْ لَا اتِّفَاقًا كَمَا يَمْتَنِعُ اتِّفَاقًا تَحَرِّيًا أَوْ جُزَافًا لِلْمُخَاطَرَةِ وَيَدْخُلُهُ عَدَمُ الْمُمَاثَلَةِ فِي الرِّبَوِيِّ هَذَا فِي الْمَكِيلِ بِخِلَافِ الْمَوْزُونِ يَجُوزُ تَحَرِّيًا وَفِيهِ خِلَافٌ هَذَا إِذَا كَانَ صُبْرَةً فَإِنْ كَانَ صُبْرَتَيْنِ رِبَوِيًّا كَقَمْحٍ وَشَعِيرٍ وَنَقِيٍّ وَمَغْلُوثٍ فَلَا يَجُوزُ إِلَّا الِاعْتِدَالُ بِالْمِكْيَالِ الْمَعْلُومِ أَوِ الصَّنْجَةِ الْمَعْرُوفَةِ فِي الْمَوْزُونِ لِأَنَّهَا مُبَادَلَةٌ بِالْمِكْيَالِ الْمَجْهُولِ لِأَنَّ آخِذَ الشَّعِيرِ يَقُولُ لَوْ عَلِمْتُ وُصُولَ الشَّعِيرِ لِهَذِهِ الْغَايَةِ لَمْ آخُذْهُ وَلَوِ اقْتَسَمَا الْقَمْحَ عَلَى حِدَةٍ وَالشَّعِيرَ عَلَى حِدَةٍ جَازَ بِالْمَجْهُولِ وَالْمَعْلُومِ وَغَيْر الرِّبَوِيِّ بِالْحِنَّاءِ يَجُوزُ مُتَفَاضِلًا بِالْمَعْلُومِ دُونَ الْمَجْهُولِ مِنَ الْكَيْلِ وَالصَّنْجَةِ لِلْخَطَرِ وَجَازَ قَسْمُ الصُّبْرَة الْوَاحِدَة بالمعلوم والمجهول لِأَن قسمهما لَيْسَ بَيْعًا بَلْ تَمْيِيزُ حَقٍّ.
فرع:
قَال وَأَمَّا الْمَنَافِعُ فَلَا تَجُوزُ الْقُرْعَةُ فِيهَا عِنْدَ أبن الْقَاسِم وَلَا يجْبر مَنْ أَبَاهَا لِأَنَّ الْمَنَافِعَ مَعْدُومَةٌ فَقَدْ لَا تحصل فيغظم الْغَرَرُ بِالْقُرْعَةِ بَلْ يَتَرَاضَيَانِ بِاسْتِغْلَالِ الْعَبْدِ أَوِ الدَّابَّة مُدَّة وَالْآخر مثلهَا وَكَذَلِكَ الإستخدام والروكوب أَوِ السُّكْنَى أَوْ يُزْرَعُ هَذَا مَرَّةً وَالْآخَرُ أُخْرَى وَقَالَهُ ش وح وَيُمْتَنَعُ الِاغْتِلَالُ فِي الْمُدَّةِ الْكَثِيرَةِ اتِّفَاقًا وَجَوَّزَهُ مَالِك فِي الْيَوْمِ وَمَنَعَ الِاسْتِخْدَامَ فِيمَا زَادَ عَلَى الشَّهْرِ قَال ابْنُ الْقَاسِمِ وَيَجُوزُ أَكْثَرَ مِنَ الشَّهْرِ وَخَصَّصَهُ مُحَمَّدٌ بِمِثْلِ خَمْسَةِ أَيَّامٍ وَكُلُّ ذَلِكَ تَحْوِيمٌ عَلَى الْغَلَّةِ وَالْمَنْعُ فِي الْكَثْرَةِ مُلَاحَظَةٌ لِلْغَرَرِ فِي الْحَيَوَانِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الِاسْتِغْلَالِ أَنَّ الِاسْتِغْلَالَ فِي مَعْنَى بَيْعِ مَا لَا يَمْلِكُ مِنَ الْغَلَّةِ لِأَنَّهُ بَيْعُ أَعْيَانٍ مَجْهُولَةٍ وَالِاسْتِخْدَامُ بَيْعُ مَنَافِعَ وَهِيَ جَائِزَةٌ فِي الْمَعْدُوم بِدَلِيل الاجارة هَذَا فِي التهايوء فِي الْعَيْنِ الْوَاحِدَةِ أَمَّا فِي الْعَيْنَيْنِ بِأَنْ يَقْبَلَ هَذَا عَبْدًا وَهَذَا عَبْدًا أَوْ دَارًا وَدَارًا أَوْ أَرْضًا وَأَرْضًا يَزْرَعُهَا وَالْأُخْرَى أَرْضٌ يَزْرَعُهَا فَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ يَجُوزُ فِي السُّكْنَى وَالزِّرَاعَةِ دُونَ الْغَلَّةِ وَالْكِرَاءِ وَهُوَ عَلَى قِيَاسِ التهايئ فِي الْأَزْمَانِ يَجُوزُ فِي الْيَوْمِ الْوَاحِدِ عَلَى قَوْل مَالِك وَيُمْنَعُ فِي الْأَكْثَرِ لِلْغَرَرِ وَاسْتِخْدَامُ الْعَبِيدِ وَالدَّوَابِّ يَجْرِي عَلَى الْخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ فِي تهايئ الْأَزْمَانِ فِي الْعَيْنِ الْوَاحِدَةِ وَجَوَّزَ ح الْإِجْبَارُ عَلَى قَسْمِ الْمَنَافِعِ فِي سُكْنَى الدَّار ولباس الثَّوْب واستخدام الْبَلَد لِمَا رُوِيَ فِي مُسْلِمٍ أَنَّ امْرَأَةً وَهَبَتْ نَفسهَا للنَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ رجل زوجنيها إِن لم يكنلك بهَا حَاجَة فَطلب مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَدَاق فَقَالَ لَا اجد إِلَّا ازراي هَذَا لَهَا نصفه فَقَالَ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا تصنع بازراك إِنْ لَبِسَتْهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا مِنْهُ شَيْءٌ وَإِنْ لَبِسْتَهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْكَ مِنْهُ شَيْءٌ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ لِبْسَهُ حَالَةَ اسْتِحْقَاقِهِ وَهُوَ عَيْنُ الْقَسْمِ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْحَدِيثَ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْإِجْبَارِ وَإِنَّمَا النِّزَاعُ فِيهِ لَا فِي تَوْزِيعِ اللِّبْسِ.
فرع:
فِي الْكِتَابِ إِذا اقْتَسمَا ارضاً على إِن لَا طَرِيقَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ وَلَا طَرِيقَ إِلَّا عَلَيْهِ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ قَسْمِ الْمُسْلِمِينَ.
فرع:
فِي الْكِتَابِ لَا تُقَسَّمُ الْمُخْتَلَفَاتُ بِالْقُرْعَةِ كَالدُّورِ وَالْأَرَضِينَ أَوِ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَتَجُوزُ فِي دَارَيْنِ فِي مَوْضِعِ جَدِيدَةٍ وَرَثَّةٍ أَوْ دَارٍ بَعْضُهَا جَدِيدٌ وَبَعْضُهَا رَثٌّ لِأَنَّهُ صِنْفٌ وَاحِدٌ كَالرَّقِيقِ فِيهِ الْعَلِيُّ وَالدَّنِيُّ فَإِنْ كَانَ الصِّنْفُ الْوَاحِدُ لَا يَحْمِلُ الْقَسْمَ بِيعَ عَلَى الْجَمِيعِ إِلَّا أَنْ يَتَرَاضَوْا بِغَيْر قُرْعَةٍ وَإِنْ كَانَ مَتَاعٌ وَحُلِيٌّ قُسِّمَ الْمَتَاعُ بِالْقِيمَةِ وَالْحُلِيُّ بِالْوَزْنِ إِلَّا أَن يكون فِيهِ جَوَاهِر لَا تقارنه وَالْفِضَّةُ أَوِ الذَّهَبُ قَدْرَ الثُّلْثِ فَأَدْنَى أَوْ كَانَتْ سُيُوفًا مُحَلَّاةً حِلْيَةُ كُلُّ سَيْفٍ الثُّلْثُ قسم بِالْقيمَةِ تغلبياً لِلْعُرُوضِ كَالْبَيْعِ وَإِلَّا فَلَا.
فرع:
فِي الْكِتَابِ يُمْتَنَعُ فِي قَسْمِ التَّمْرِ تَفْضِيلُ أَحَدٍ فِي الْكَيْلِ لِرَدَاءَةِ حَظِّهِ أَوِ المساواه فِي الْمِقْدَار وَلَا يُؤَدِّي آخِذُ الْجَيِّدِ ثَمَنًا لِأَنَّهُ بَيْعُ طَعَامٍ غَيْر مُتَمَاثِلٍ فَإِنْ أَخَذَ أَحَدُهُمَا جُمْلَةَ الدَّرَاهِمِ وَثُلُثَ الطَّعَام وَالْآخر ثُلُثَاهُ وَهِي سمرا وَمَحْمُولَةٌ أَوْ نَقِيٌّ وَمَغْلُوثٌ امْتَنَعَ لِمَا تَقَدَّمَ أَوْ مُتَسَاوِي النَّقَاءِ وَالْجَوْدَةِ وَالْجِنْسِ أَوْ مِنْ صبرَة ينْفق أَعْلَاهَا وَأَسْفَلُهَا جَازَ بِخِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ لِأَنَّ هَاهُنَا لَمْ يَأْتِ أَحَدُهُمَا بِطَعَامٍ وَالْآخَرُ بِطَعَامٍ وَدَرَاهِمَ وَلَوْ أَخَذَ ثُلُثَيِ الْقَمْحِ وَثُلُثَ الشَّعِيرِ وَالْآخَرُ ثُلُثَيِ الشَّعِيرِ وَثُلُثَ الْقَمْحِ جَازَ لِأَنَّهُمَا جِنْسٌ وَإِنْ أَخَذَ الْقَمْحَ وَالْآخَرُ الْقُطْنِيَّةَ يَدًا بِيَدٍ جَازَ كَالْبَيْعِ وَلَوْ كَانَا زَرْعًا امْتَنَعَ إِلَّا عَلَى الْحَصْدِ مَكَانَهُمَا خَشْيَةَ النَّسَاءِ وَلَوْ كَانَ الزَّرْعُ صِنْفًا وَاحِدًا امْتَنَعَ الْقَسْمُ حَتَّى يُدْرَسَ فَيُقَسَّمَ كَيْلًا خَشْيَةَ التَّفَاضُلِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا اقْتَسَمَا صُبْرَةَ قَمْحٍ وَصُبْرَةَ شَعِيرٍ وَالْقَمْحُ أَكْثَرُ بِأَمْرٍ بَيِّنٍ فَأَخَذَهُ أَحَدُهُمَا وَالْآخَرُ الشَّعِيرَ امْتَنَعَ لِلتَّفَاضُلِ وَإِنْ تَرَكَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ مِنَ الْقَمْحِ وَاقْتَسَمَا الشَّعِيرَ جُزَافًا أمتنع لعد تَحْقِيقِ التَّمَاثُلِ وَكَأَنَّهُ خَاطَرَهُ بِمَا تَرَكَ مِنَ الْقَمْح وَيجوز كَيْلا قَالَ أَشهب إِذا اخذا الشّعير والقمح أَوْ ثُلُثَيْهِ جَازَ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ قَال مُحَمَّدٌ وَكُلُّ مَا يُكَالُ مِنْ طَعَامٍ أَوْ غَيْرهِ لاقسم تَحَرِّيًا نَفْيًا لِلْغَرَرِ وَمَا يَتَعَذَّرُ فِيهِ غَيْر الْوَزْنِ كَالْقَمْحِ يُقَسَّمُ وَيُبَاعُ تَحَرِّيًا قَال ابْنُ الْقَاسِمِ ذَلِكَ فِي الْقَلِيلِ وَذَكَرَ ابْنُ حَبِيب الْبَيْضَ فِي هَذَا وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْوَزْنِ وَالْكَيْلِ عَدَمُ تَعَذُّرِ الْكَيْلِ وَلَوْ بِالْحَفْنَةِ وَالْوَزْنُ يَتَعَذَّرُ فَسُومِحَ فِيهِ وَأَمَّا مَا يَجُوزُ فِيهِ التَّفَاضُلُ فَيَجُوزُ التَّحَرِّي عَلَى التَّمَاثُلِ وَالتَّفَاضُلِ كَالْبَيْعِ وَيَمْتَنِعُ عَلَى الشَّكِّ فِي التَّعْدِيلِ قَالهُ مَالِك لِأَنَّهُ بَيْعُ مَجْهُولٍ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يُقَسَّمُ مَا يَجُوزُ فِيهِ التَّفَاضُلُ تَحَرِّيًا إِلَّا عَلَى التَّفَاضُلِ حَذَرًا مِنَ الْغَبْنِ.
فرع:
فِي الْكِتَابِ دَارٌ بَيْنَهُمَا وَلِأَحَدِهِمَا دَارٌ تَلَاصُقُهَا فَأَرَادَ فَتْحَ بَاب فِي الْمُشْتَرَكَةِ لِلْآخَرِ مَنْعُهُ لِحَقِّهِ فِي مَوْضِعِ الْفَتْحِ وَإِنْ أَرَادَ فِي الْقَسْمِ جَعْلَ نَصِيبِهِ إِلَى جِهَةِ دَارِهِ حَتَّى يَفْتَحَ الْبَابَ مُنِعَ بَلْ حَيْثُ وَقَعَ سَهْمُهُ أَخَذَهُ فَإِنِ اشْتَرَى أَحَدَ النَّصِيبَيْنِ مَنْ لَهُ دَارٌ تُلَاصِقُهُ فَلَا يَفْتَحُ بَابَهُ إِلَى طَرِيقِ هَذَا لِيَصِيرَ هُوَ وَمَنِ اكترى مِنْهَا وَليكن مَعَهُ إِنْ أَرَادَ رِفْقًا إِلَّا أَنْ يَجْعَلَ ذَلِكَ سِكَّةً نَافِذَةً لِمَمَرِّ النَّاسِ يَدْخُلُونَ مِنْ بَابِ دَارِهِ وَيَخْرُجُونَ كَالزُّقَاقِ فَلَا لِلضَّرَرِ قَال ابْنُ يُونُسَ قَال مُحَمَّدٌ صَوَابُهُ مَا لَمْ يُفْتَحْ مِنْ حَائِطِ الشَّرِكَةِ.
فرع:
فِي الْكِتَابِ يجوز التَّفَاضُل فِي الْقسم التَّرَاضِي وَزِيَادَةُ أَحَدِهِمَا الْآخَرَ عُرُوضًا نَقْدًا أَوْ مَوْصُوفًا إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ أَوْ عَيْنًا نَقْدًا أَوْ مُؤَجَّلًا أَوْ عَلَى أَنْ يَتَصَدَّقَ عَلَيْهِ صَاحِبهُ أَوْ يَهَبَهُ هِبَةً مَعْلُومَةً كَالْبَيْعِ.
فرع:
فِي الْكِتَابِ يَجُوزُ قَسْمُ الدَّارِ الْمُسْتَوِيَةِ مُذَارَعَةً بِالْقُرْعَةِ وَإِنْ كَانَ بَعْضُهَا أَجْوَدَ أَوْ كُلُّهَا سَوَاءً وَجُعِلَا فِي نَاحِيَةٍ أَكْثَرَ إِلَّا إِنْ تَرَاضَيَا نَفْيًا لَغَرَرِ الْقُرْعَةِ وَيُقَسَّمُ الْبِنَاءُ بِالْقِيمَةِ.
فرع:
فِي الْكِتَابِ إِذَا طَلَبَ بَعْضُهُمْ قَسْمَ الْبِنَاءِ وَالسَّاحَةِ مَعًا فَإِنْ كَانَ يَصِيرُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ السَّاحَةِ مَا يَنْتَفِعُ بِهِ فِي مَدْخَلِهِ وَمَخْرَجِهِ وَمَرْبِطِ دَابَّتِهِ وَغَيْر ذَلِكَ أُجِيبَ وَإِنْ كَانَ يَصِيرُ لِأَقَلِّهِمْ نَصِيبًا مَا لَا يَنْتَفِعُ بِهِ إِلَّا فِي دُخُولِهِ وَخُرُوجِهِ فَقَطْ قسم الْبِنَاءُ وَحْدَهُ وَتُرِكَتِ السَّاحَةُ لِانْتِفَاعِهِمْ نَفْيًا لِلضَّرَرِ ويتنفع الْأَقَلُّ مِثْلَ الْأَكْثَرِ نَصِيبًا سَكَنَ أَمْ لَا وَلَهُمْ مَنْعُ مَنْ يَبْنِي فِي السَّاحَةِ مِنْهُمْ لِئَلَّا يُضَيِّقَ عَلَى غَيْرهِ قَال صَاحِب الْمُقَدِّمَات إِذَا احْتَمَلَتْ سَاحَةُ الدَّارِ وَبُيُوتُهَا الْقَسْمَ قُسِّمَتْ كُلُّهَا قَسْمًا وَاحِدًا وَجُعِلَ لِكُلِّ نَصِيبٍ مِنَ الْبُيُوتِ مَا يُقَابِلُهُ مِنَ السَّاحَةِ وَعَدْلُ ذَلِكَ بِالْقِيمَةِ ثُمَّ أُسْهِمَ عَلَيْهَا وَإِنِ احْتَمَلَتِ الْبُيُوتُ فَقَط قسمت واقرت الساحة يتفرقون بِهَا كَالْفِنَاءِ إِلَّا أَنْ يَتَّفِقُوا عَلَى قَسْمِهَا وَإِنِ احْتَمَلَتِ السَّاحَةُ فَقَطْ فَاللَّائِقُ بِمَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا تُقَسَّمُ إِلَّا بِالتَّرَاضِي لِأَنَّ جَمْعَهَا فِي الْقُرْعَةِ يُخْرِجُ سَهْمَ بَعْضِهِمْ فِي الْبُيُوتِ وَالْآخَرِ فِي السَّاحَةِ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ كَالصِّنْفَيْنِ وَقَال ابْنُ حَبِيب يُضَمَّانِ وَإِنْ وَقَعَ سَهْمُ أَحَدِهِمَا فِي الْبُيُوتِ فَقَطْ لِأَنَّهُمَا كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ قَال وَهُوَ بَعِيدٌ لِأَنَّ فِيهِ جَمْعَ الصِّنْفَيْنِ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ مَعَ تَرَاضِيهِمْ فَيَتَخَرَّجَ عَلَى مَذْهَبِ أَشْهَب فِي جَمْعِهِمَا وَعَلَى قَوْل ابْنِ الْقَاسِمِ فِي مَسْأَلَةِ النَّخْلَةِ وَالزَّيْتُونَةِ وَقِيلَ إِنَّ السَّاحَةَ لَا تُقَسَّمُ وَإِنْ صَارَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مَا يَنْتَفِعُ بِهِ قَالهُ مُطَرِّفٌ وَتَأَوَّلَ قَوْل مَالِك عَلَى سَاحَةِ الْبِنَاءِ أَوْ عَلَى سَاحَةِ الدَّارِ إِذَا بَنَوْهَا وَقَسَّمُوا الْبُيُوتَ وَقَال سَحْنُون إِنْ كَانَ عَلَى الْبُيُوتِ حِجْرٌ لَمْ تُقَسَّمِ السَّاحَةُ وَإِلَّا قُسِّمَتْ فَجَعَلَهَا إِذَا كَانَتْ لِلْبُيُوتِ حِجْرًا كَالْفِنَاءِ لَا يُقَسَّمُ إِلَّا بِالتَّرَاضِي وَالْأَفْنِيَةُ تَنْقَسِمُ إِلَى مَا يَكُونُ أَمَامَ دُورِ الْقَوْمِ إِلَى جَانِبِ الطَّرِيقِ فَلَا يُقَسَّمُ وَإِنِ اجْتَمَعُوا عَلَى قسمه لحق عَامَّة النَّاس فِيهِ عِنْدَ الزِّحَامِ وَغَيْرهِ فَإِنْ قُسِّمَ رُدَّ الْقَسْمُ وَقَال أَصْبَغُ يُمْنَعُ ابْتِدَاءً وَلَا يُنْقَضُ لِأَنَّ حَقَّ الْمَالِك أَقْوَى وَإِلَى مَا يَكُونُ بَيْنَ دُورِ الْقَوْمِ فَيَجُوزُ قَسْمُهُ بِالتَّرَاضِي قَال ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى مَا تَرَاضَوْا عَلَيْهِ كَالْبَيْعِ وَعَنْ مَالِك عَلَى حَالِ مَنَازِلِهِمْ فَإِنِ امْتَنَعَ بَعْضُهُمْ لَمْ يُحْكَمْ بِالْقَسْمِ وَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي الْأَنَادِرِ وَالْمَسَارِحِ هَلْ تُقَسَّمُ أَمْ لَا وَهِيَ كَالْفِنَاءِ بَيْنَ دُورِ الْقَوْمِ وَفِي النَّوَادِرِ تُقَسَّمُ السَّاحَةُ الْوَاسِعَةُ إِنْ أَرَادُوا أَنْ يَتَّخِذُوا حِجْرًا عَلَى بُيُوتِهِمْ وَإِنَّمَا لَا تُقَسَّمُ الْعَرْصَةُ الَّتِي لِبُيُوتِهَا حِجْرٌ فَتَبْقَى مِرْفَقًا قَال أَشْهَب تُتْرَكُ إِن ضَاقَتْ بِالْقَسْمِ وَإِذَا كَانَتْ وَاسِعَةً فَأَرَادَ أَحَدُهُمْ بَيْعَ نَصِيبِهِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إِلَّا مَعَ نَصِيبِهِ من الْبُيُوتِ أَوْ بِإِذْنِ الشُّرَكَاءِ مَتَى اجْتَمَعُوا عَلَى قَسْمِ الْعَرْصَةِ الْوَاسِعَةِ أَوِ الضَّيِّقَةِ قَبْلَ الْقَسْمِ أَوْ بَعْدَهُ قَال مُحَمَّدٌ يَجُوزُ وَإِنْ ضَاقَ الْبُنْيَانُ عَنِ الْقَسْمِ وَاتَّسَعَتِ السَّاحَةُ قُسِّمَا بِالِاجْتِهَادِ وَلَيْسَ عَلَى أَنْ تَقَعَ السِّهَامُ كُلُّهَا فِي الْبُنْيَانِ إِنْ ضَاقَ عَنْهَا لَكِنْ يُجْتَهَدُ فَتَضُمُّ الساحة حصصاً مِنْهَا وَإِنْ حَمَلَ الْبُنْيَانُ وَضَاقَتِ السَّاحَةُ قُسِّمَ الْبُنْيَانُ وَتُرِكَتْ مِرْفَقًا.
فرع:
فِي الْكِتَابِ دَارٌ فِيهَا بُيُوتٌ وَسَاحَةٌ وَلَهَا غُرَفٌ وَسُطُوحٌ بَيْنَ يَدَيْهَا قُسِّمَ الْبِنَاءُ عَلَى الْقِيمَةِ وَأَبْقَوُا السَّاحَةَ فالسطح يقوم مَعَ الْبناء تقوم الْغُرْفَةُ بِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا مِنَ الْمُرْتَفَقِ وَلِصَاحِب الْعُلُوّ الارتفاق بِسَاحَة السّفل كارتفاق صَاحب السّفل فِي سَطْحِ الْأَعْلَى إِذْ لَيْسَ مِنَ الْأَفْنِيَةِ وَيُضِيفُ الْقَاسِمُ قِيمَةَ خَشَبِ السَّطْحِ وَالْغُرَفِ مَعَ قِيمَةِ الْبُيُوتِ الَّتِي تَحْتَ ذَلِكَ وَمَا رَثَّ مِنْ خَشَبِ الْعُلُوِّ الَّذِي هُوَ أَرْضُ الْغُرَفِ وَالسَّطْحِ فَإِصْلَاحُهُ عَلَى رَبِّ السُّفْلِ وَلَهُ مُلْكُهُ كَمَا عَلَيْهِ إِصْلَاحُ جُدْرَانِ الْأَسْفَلِ وَإِذَا سَقَطَ الْعُلُوُّ عَلَى الْأَسْفَلِ فَهَدَمَهُ جُبِرَ صَاحِب السُّفْلِ عَلَى بِنَائِهِ أَوْ بَيْعِهِ مِمَّنْ يَبْنِي حَتَّى يبْنى على رَبِّ الْعُلُوِّ عُلُوُّهُ لِالْتِزَامِ صَاحِب السُّفْلِ تَمْكِينَ الْأَعْلَى مِنَ الِانْتِفَاعِ فَإِنْ بَاعَهُ مِمَّنْ يَبْنِيهِ فَامْتَنَعَ جُبِرَ الْمُبْتَاعُ عَلَى الْبِنَاءِ أَوِ الْبَيْعِ مِمَّنْ يَبْنِي تَوْفِيَةً بِالشَّرْطِ قَال ابْنُ يُونُسَ قَال ابْنُ شَعْبَانَ إِذَا خِيفَ سُقُوطُ السُّفْلِ فَقِيلَ إِنَّ تَعْلِيقَ الْأَعْلَى عَلَى صَاحِب الْأَعْلَى لِأَنَّ عَلَيْهِ حِفْظَ مِلْكِهِ وَقِيلَ عَلَى صَاحِب السّفل لِأَن عليع حَمْلَهُ بِالْبِنَاءِ قَال وَبِالْأَوَّلِ أَقُولُ إِلَّا أَنْ يهدمه من غير حَاجَة وَقَوله قبل هَذَا يُجْبَرُ صَاحِب السُّفْلِ عَلَى الْبِنَاءِ أَوِ الْبَيْعِ مِمَّنْ يَبْنِي إِذَا سَقَطَ الْأَعْلَى عَلَى الْأَسْفَلِ إِنَّمَا ذَلِكَ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْر الْقَاعَةِ فَلَا يَقْدِرُ عَلَى أَكْثَرَ من بيعهَا عَلَيْهِ وَأَمَّا إِذَا كَانَ لَهُ مَالٌ جُبِرَ عَلَى الْبِنَاءِ لِأَنَّ عَلَى صَاحِب الْعُلُوِّ فِي انْتِظَارِ الْبَيْعِ ضَرَرًا وَلَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ امْتَنَعَ الْبَيْعُ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ قَالهُ سَحْنُون وَقَالَ وَكَذَلِكَ يَحْرُمُ بِإِذْنِ سَيِّدِهَا ثُمَّ يَطَؤُهَا عَلَيْهِ أَنْ يَحْجُبَهَا فَإِنْ فَلَسَ بِيعَتْ عَلَيْهِ مِمَّنْ يَحْجُبُهَا لِضَرُورَةِ التَّفْلِيسِ وَكَذَلِكَ الْأَمَةُ لَهَا وَلَدٌ صَغِير يعْتق السَّيِّد أَحدهمَا لَا يُبَاع الرقيف مِنْهَا إِلَّا لِفَلَسٍ أَوْ ضَرُورَةٍ فَيُبَاعُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَيَشْتَرِطُ عَلَى الْمُشْتَرِي عَدَمَ التَّفْرِيقِ بَيْنَهُمَا قَال الْلَخْمِيّ لِصَاحِب الْعُلُوِّ الِانْتِفَاعُ بِسَاحَةِ السُّفْلِ لِأَنَّهَا الْعَادَةُ وَالْعَادَةُ اخْتِصَاصُ صَاحِب السُّفْلِ بِالسَّاحَةِ وَعَلَى ذَلِكَ تُقَوَّمُ وَخَشَبُ الْأَجْنِحَةِ لِصَاحِب الْعُلُوِّ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَمْدُودًا إِلَى سَقْفِ صَاحِب السُّفْلِ فَيَنْتَفِعَ بِهَا كَأَخْذِ خَشَبِهِ فَمَا خَرَجَ مِنْهَا لِصَاحِب الْعُلُوِّ وَمَا دَخَلَ لِصَاحِب السُّفْلِ وهذ إِذَا كَانَ الْمِلْكُ وَاحِدًا فَيَبِيعُ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ لِدُخُولِ الْمُشْتَرِي عَلَى ذَلِكَ وَمَا نَقَلَ الْعَقْدَ إِلَّا ذَلِكَ وَأَمَّا إِنْ أَحْدَثَ الْمُشْتَرِي ذَلِكَ الْخَشَبَ فَإِنَّ جَمِيعَهَا لَهُ وَإِنْ كَانَ لِصَاحِب الْعُلُوِّ خَشَبٌ يَصْعَدُ عَلَيْهَا لِلْعُلُوِّ وَيَبْنِي عَلَيْهَا دَرَجًا أَوْ كَانَ سَطْحًا لَهُ فَخَشَبُهَا لَهُ وَإِذَا تَهَدَّمَتِ الدَّارُ فَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ يُجْبَرُ صَاحِب السُّفْلِ عَلَى بِنَائِهِ أَوِ الْبَيْعِ مِمَّنْ يَبْنِي وَقَال سَحْنُون إِنَّمَا يَجُوزُ الْبَيْعُ عَلَى هَذَا إِذَا كَانَ لَا مَالَ لَهُ وَقَال ابْنُ الْقَصَّارِ يُجْبَرُ صَاحِب السُّفْلِ عَلَى الْبناء إِلَّا إِن يخنار صَاحِب الْعُلُوِّ بِنَاءَهُ مِنْ مَالِهِ وَيُمْنَعُ صَاحِب السُّفْلِ مِنَ الِانْتِفَاعِ حَتَّى يُعْطِيَهُ مَا أَنْفَقَ قَال وَأَرَى أَنْ يُخَيَّرَ صَاحِب السُّفْلِ بَيْنَ الْبِنَاءِ أَوِ الْبَيْعِ مِمَّنْ يَبْنِي أَوْ تَمْكِينِ صَاحِب الْعُلُوِّ مِنَ الْبِنَاءِ إِذَا رَضِيَ بِذَلِكَ ثُمَّ يَكُونَانِ شَرِيكَيْنِ فِي السُّفْلِ هَذَا بِقِيمَةِ كِرَاءِ الْقَاعَةِ وَالْآخَرُ بِقِيمَةِ كِرَاءِ الْبِنَاءِ إِلَّا أَنْ يُعْطِيَهُ بَعْدَ ذَلِكَ قِيمَةَ الْبِنَاءِ يَوْمَ يَأْخُذُهُ قَائِمًا فَإِنْ كَانَ سَبَبُ الِانْهِدَامِ ضَعْفَ الْعُلُوِّ وَصَاحِب السُّفْلِ حَاضِرٌ عَالِمٌ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَى ذَلِكَ لَمْ يَضْمَنْهُ وَإِنْ كَانَ صَاحِب السُّفْلِ غَائِبًا وَوَهَى الْعُلُوُّ مِمَّا لَا يَخْفَى سُقُوطُهُ فَهَلْ يَضْمَنُ أَمْ لَا لِأَنَّهُ لَمْ يَتَقَدَّمْ إِلَيْهِ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ وَإِنْ تَقَدَّمَ إِلَيْهِ وَلَمْ يَفْعَلْ ضَمِنَ قَوْلا وَاحِدًا وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَ سَبَبُ الِانْهِدَامِ وِهَاءَ السُّفْلِ وَصَاحِب الْعُلُوِّ حَاضِرٌ أَوْ لَمْ يَقْدَمْ إِنْ كَانَ غَائِبًا وَاخْتُلِفَ إِذَا وَهَى السُّفْلُ هَلْ تَعْلِيقُهُ عَلَى الْأَعْلَى أَوِ الْأَسْفَلِ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ لِأَنَّ الْبَيْعَ فِيمَا كَانَ عَلَى السَّلَامَةِ وَعَلَى أَنَّ الْحَمْلَ على بِنَاء بِعَيْنِه والمالكان لَا يعلمإن مَا تُؤَدِّيه الْأَحْكَامُ عِنْدَ فَسَادِ الْبِنَاءِ فَإِذَا رَثَّ ذَلِكَ الْمُعَيَّنُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَنْ يَحْمِلَهُ عَلَى خَشَبٍ وَإِنَّمَا عَلَيْهِ أَنْ يُعَلِّقَهُ حَتَّى يَحْمِلَ عَلَيْهِ وَوَافَقْنَا ش فِي قَسْمِ الْعُلُوِّ وَالسُّفْلِ بِالْقِيمَةِ وَقَال ح يُقَسَّمُ كُلُّ ذِرَاعٍ مِنَ السُّفْلِ بِذِرَاعَيْنِ مِنَ الْعُلُوِّ لِأَنَّ صَاحِب الْعُلُوِّ لَا يَنْتَفِعُ بِالْهَوَاءِ وَصَاحِب السُّفْلِ يَنْتَفِعُ بِالْقَرَارِ بِالْحَفْرِ وَالْحَمْلِ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْقِيمَةَ تَأْتِي عَلَى جَمِيعِ الْأَغْرَاضِ فَلَا حَاجَةَ لِهَذَا التَّحَكُّمِ.
فرع:
لِرَجُلٍ خَمْسَةُ أَمْدَادِ تَمْرٍ وَلِآخَرَ ثَلَاثَةٌ فَمَرَّ بِهِمَا آخَرُ فَأَكَلُوا كُلُّهُمْ سَوَاءً فَلَمَّا فَرَغَ الْمَارُّ دَفَعَ ثَمَانِيَةَ دَرَاهِمَ فَقَال اقْتَسِمَاهَا عَلَى قَدْرِ مَا أَكَلْتُ لَكُمَا قَال صَاحِب الثَّلَاثَةِ آخُذُ نِصْفَهَا لِأَنَّهُ أَكَلَ مِنْ تَمْرِي مِثْلَ مَا أَكَلَ مِنْ تَمْرِكَ وَقَال الْآخَرُ بَلْ لَكَ ثَلَاثَةٌ تَوْزِيعًا لِلْأَكْلِ عَلَى الْمِلْكِ فَحَلَفَ صَاحب الثَّلَاثَة إِن لَا يَأْخُذَ إِلَّا مَا حَكَمَ بِهِ الشَّرْعُ فَتَرَافَعَا لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَضَى لِصَاحِب الثَّلَاثَةِ بِدِرْهَمٍ فَقَطْ وَتَقْرِيرُهُ أَنَّهُمْ أَكَلُوا بِالسَّوِيَّةِ فَأَكَلَ وَأحد من الثَّمَانِية ثَلَاثَة إِلَّا ثلث لكل صَاحب الثَّلَاثَة من ثلاثته ثَلَاثَة إِلَّا ثلث فَبَقِيَ لَهُ ثُلُثٌ أَكَلَهُ الْوَارِدُ عَلَيْهِمْ وَأَكَلَ صَاحب الْخَمْسَة ثَلَاثَة إِلَّا ثلث تبقى لَهُ اثْنَانِ وَثُلُثٌ هِيَ سَبْعَةُ أَثْلَاثٍ أَكَلَهَا الْوَارِدُ عَلَيْهِمْ فَلَا جَرَمَ أَخَذَ سَبْعَةً وَأَخَذَ صَاحِب الثَّلَاثَةِ دِرْهَمًا وَالثَّمَانِيَةُ هِيَ ثَلَاثَةٌ إِلَّا ثُلُثَ الَّتِي أَكَلَهَا الْوَارِدُ عَلَيْهِمْ فَصَحَّتِ الْقِسْمَةُ عَلَى مَا أَكَلَ وَهُوَ الْحَقُّ.
فرع:
فِي الْكِتَابِ إِذَا أَخَذَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ الْعُرُوضَ وَالْآخَرُ الدُّيُونَ إِنْ كَانَ الْغُرَمَاءُ حُضُورًا وَجُمِعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ جَازَ وَإِلَّا فَلَا لِامْتِنَاعِ بَيْعِ دَيْنٍ على غَائِب وَيمْتَنع الدَّيْنُ بِالْغُرَمَاءِ لِأَنَّهُ بَيْعُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ بَلْ يُقَسَّمُ مَا عَلَى كُلِّ رَجُلٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ هَذَا فِي الرُّكْنِ الثَّانِي.
فرع:
فِي الْكِتَابِ دَارٌ لِثَلَاثَةٍ رَضُوا بِأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُهُمْ بَيْتًا مِنْهَا وَالْآخَرَانِ بَقِيَّتَهَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَإِنَّمَا يَمْتَنِعُ جَمْعُ رَجُلَيْنِ فِي الْقَسْمِ بِالسَّهْمِ لِأَنَّ قَسْمَ السَّهْمِ غَرَرٌ وَالْجَمْعَ تَكْثِيرٌ لَهُ.
فرع:
فِي الْكِتَابِ يَجُوزُ قَسْمُ الدَّار على إِن الطَّرِيق لأَحَدهمَا وَلآخر فِي الْمَمَرُّ أَوْ لِأَحَدِهِمَا الْغُرَفُ وَلِلْآخَرِ السُّفْلُ وَيَلْزَمُهُمَا ذَلِك لِأَنَّهُ بيع وَيجوز شِرَاء تمر فِي دَارٍ دُونَ بَقِيَّتِهَا قَال صَاحِب النُّكَتِ إِنَّمَا يجوز إِذا كَانَ فضل مِنَ الْمَمَرِّ إِلَى مَوْضِعٍ لَهُ أَوْ يَنْتَفِعُ بِهِ وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّهُ أَكْلُ مَالٍ بِالْبَاطِلِ فَإِن كَانَ يصل إِلَى دَار لَهُ اسْتحقَّت دَارُهُ فَيَبْقَى الْمَمَرُّ بِلَا مَنْفَعَةٍ قِيلَ لَا يتنقض الْبَيْعُ لِوُقُوعِهِ جَائِزًا وَلَوِ اشْتَرَى طَرِيقَ الْمَمَرِّ جَازَ مُطلقًا لِأَنَّهُ لما ملك الْمرْفق يقدر يغرسها شَجرا وَينْتَفع بهَا وَفرض الْكِتَابُ إِذَا لَمْ يَشْتَرِ الرَّقَبَةَ قَال صَاحِب التَّنْبِيهَات قيل إِنَّمَا يجوز قسم السّفل والعلو عِنْد الْملك مُرَاضَاةً دُونَ الْقُرْعَةِ لِأَنَّهُ كَصِنْفَيْنِ إِذْ لَا سَاحَةَ لِلْعُلُوِّ وَجَوَّزَهُ الْأَكْثَرُونَ بِالسَّهْمِ وَالْمُرَاضَاةِ لِأَنَّ الدَّارَ وَاحِدَةٌ وَتَجْوِيزُهُ الْقَسْمَ عَلَى أَنْ لَيْسَ لأَحَدهمَا حَمَلَهُ سَحْنُون عَلَى الْمُرَاضَاةِ دُونَ الْقُرْعَةِ لِأَنَّهُ يجب عَلَيْهِ قبل الْقسم اخراج الطَّرِيق وتأولها أَبُو عمر ابْن الْمَكْوِيِّ عَلَى الْقُرْعَةِ وَالْمُرَاضَاةِ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَحْتَاجُ إِلَى إِخْرَاجِ الطَّرِيقِ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ لِكَوْنِ الطَّرِيقِ مُحِيطًا فَحَيْثُ أَخْرَجَ نَصِيبَهُ أَخْرَجَ بَابَهُ مِنَ الْمَحَجَّةِ وَقَدْ يُضْطَرُّ إِلَى الْخُرُوجِ مِنْ بَابِ الدَّارِ وَلَا يُقَسِّمُ الْبَابَ.
فرع:
فِي الْكِتَابِ إِذَا أَرَادَ أَحَدُهُمَا جَمْعَ الدُّورِ أَوِ الْحَوَائِطِ أَوِ الْأَقْرِحَةِ فِي الْقَسْمِ ليجتمع لَهُ حَظه فِي مَوضِع وأبى الْآخرَانِ اسْتَوَتِ الرَّغَبَاتُ فِي ذَلِكَ وَقَرُبَتْ مَوَاضِعُهَا جُمِعَتْ وَإِلَّا فَلَا نفيا للغرر فَإِنِ اتَّفَقَتِ الرَّغَبَاتُ فِي بَعْضِهَا جُمِعَ الْمُتَّفِقُ فِي الْقَسْمِ وَيُقَسَّمُ غَيْرهُ كُلُّ مُبَايِنٍ عَلَى حِدة وإنذاران بِنَاحِيَتَيْنِ مِنَ الْمِصْرِ إِنِ اسْتَوَتِ الرَّغَبَاتُ فِيهِمَا جُمِعَتَا وَإِنِ اخْتَلَفَتِ الرَّغَبَاتُ وَبَيْنَهُمَا يَوْمٌ لَمْ يجمعا نفيا للغرر وَإِذَا أَرَادَ الْوَرَثَةُ قَسْمَ دَارٍ كَانُوا يُسْكُنُونَهَا وَلِلْمَيِّتِ دُورٍ بِالْبَلَدِ مُسْتَوِيَةُ الرَّغَبَاتِ فِي غَيْر مَوْضِعِ هَذِهِ الدَّارِ قُسِّمَتْ هَذِهِ وَحْدَهَا وَجُمِعَتْ تِلْكَ فِي الْقسم وَتجمع الْقرى والأرضون وَالْحَوَائِطُ الْمُتَقَارِبَةُ الْمَوْضِعِ وَالرَّغَبَاتِ وَالْمَيْلُ قَرِيبٌ وَإِنْ تَبَاعَدَتْ نَحْوَ الْيَوْمِ لَمْ تُجْمَعْ.
فَائِدَةٌ:
قَال صَاحِب التَّنْبِيهَات الْأَقْرِحَةُ الْفَدَادِينُ وَاحِدُهَا قَرَاحٌ بِالْفَتْحِ كزمان وازمنة وَذَلِكَ فِي الْكِتَابِ وَاحِدُهَا قَرِيحٌ كَقَفِيزٍ وَأَقْفِزَةٍ وَبَعِيرٍ وَأَبْعِرَةٍ قَال الْخَلِيلُ الْقَرَاحُ مِنَ الْأَرْضِ كُلُّ قِطْعَةٍ عَلَى حِيَالِهَا مِنْ مَنَابِتِ النَّخْلِ وَغَيْرهِ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ مَا خَلُصَ طِينُه مِنَ السَّبْخِ وَغَيْرهِ وَأَصْلُهُ الْخَالِصُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ قُلْتُ وَمِنْهُ الْمَاءُ الْقَرَاحِ أَيْ لَمْ يُخَالِطْهُ شَيْءٌ وَاللَّفْظَةُ بِالْقَافِ وَالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِذَا تَرَكَ دُورًا غَيْر دُورِ السُّكْنَى فِي الْقُرْبِ قُسِّمَتْ تِلْكَ وَحْدَهَا وَعَمَلَ فِي غَيْرهَا مَا يَنْبَغِي فِي الْقَسْمِ وَقَال ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ ظَاهِرُ الْكِتَابِ إِنَّ دَارَ السُّكْنَى لَيْسَ لَهُ مَعَهَا غَيْرهَا فِي رَبَضٍ وَاحِدٍ وَلَوْ كَانَتْ لَجُمِعَتْ وَلَا كَلَامَ لِلْوَرَثَةِ بِخِلَافِ قَوْل ابْنِ حَبِيب قَال أَشْهَب تُجْمَعُ الدَّارَانِ فِي نَمَطٍ وَاحِدٍ وَإِنْ كَانَ بعضهما أَعْمَرَ كَمَا تُجْمَعُ الْأَرَضُونَ وَبَعْضُهَا أَكْرَمَ قَال سَحْنُون لَيْسَتِ الدُّورُ كَالْأَرْضِينَ فَقَدْ تَكُونُ الدَّارُ فِي نَمَطٍ وَاحِدٍ وَالرَّغْبَةُ مُخْتَلِفَةٌ وَأَمَّا الْأَرْضُونَ فِي نَمَطٍ فَتُجْمَعُ كَالْحَوَائِطِ فِيهَا أَلْوَانُ الثَّمَرِ وَقَال أَشْهَب إِنْ كَانَتِ الْأَرْضُ مُتَقَارِبَةً وَبَعْضُهَا أَكْرَمَ جُمِعَتْ لِلْقُرْبِ وَإِنْ طَلَبَ بَعْضُهُمْ جَمْعَ نَصِيبِهِ فِي مَوْضِعٍ وَقَال غَيْرهُ يُقَسَّمُ فِي كُلِّ أَرْضٍ جُعِلَ نَصِيبُ مُرِيدِي التَّفْرِقَةِ وَمُرِيدِي الْجمع بَينهمَا وَيَضْرِبُ بِالسِّهَامِ عَلَى أَنَّ الْأَرْضَ مَجْمُوعَةٌ فَإِنْ خَرَجَ سَهْمُ مُرِيدِي التَّفْرِقَةِ جَمَعَ إِلَيْهِمْ حُقُوقَهُمْ فَصَارَ كَأَنَّهُ حَقُّ رَجُلٍ وَاحِدٍ ثُمَّ تُقَسَّمُ كُلُّ أَرْضٍ مِمَّا طَابَ لَهُمْ بَيْنَهُمْ عَلَى حِدَتِهَا وَجَمَعَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ مُرِيدِي الْجَمْعِ حَقَّهُ حَيْثُ خَرَجَ وَإِنْ كَانَتِ الْأَرْضُ مُتَبَاعِدَةً لَا يُجْمَعُ فِي الْقَسْمِ جَعَلَ نَصِيبَ مُرِيدِي الْجَمْعِ سَهْمًا وَاحِدًا وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ مُرِيدِي التَّفْرِقَةِ سَهْمٌ ثُمَّ يَضْرِبُ بِالسِّهَامِ بَيْنَهُمْ فِي كُلِّ أَرْضٍ عَلَى حِدَتِهَا فَإِنْ خَرَجَ سَهْمُ مُرِيدِي الْجَمْعِ جَمَعَ لَهُمْ حُقُوقَهُمْ كَأَنَّهُمْ رَجُلٌ وَاحِدٌ فِي تِلْكَ الْأَرْضِ عَلَى حِدَتِهَا وَأُعْطِيَ مُرِيدُو التَّفْرِقَةِ كُلُّ وَاحِدٍ نَصِيبَهُ حَيْثُ طَابَ لَهُ ثُمَّ تُعْمَلُ كُلُّ أَرْضٍ كَذَلِكَ ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى مُرِيدِي الْجَمْعِ فَيَجْمَعُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُم مِمَّا طَابَ لَهُم من إنصابهم مِنْ تِلْكَ الْأَرْضِ الْمُفْتَرِقَةِ تَعْدِلُ بَيْنَهُمْ بِالْقِيمَةِ قَال الْلَخْمِيّ إِنْ كَانَتِ الدُّورُ مُتَقَارِبَةً جُمِعَتْ كَانَتْ فِي وَسَطِ الْبَلَدِ أَوْ طَرَفِهِ فَإِنْ كَانَتْ إِحْدَاهُمَا فِي وَسَطِ الْبَلَدِ وَالْأُخْرَى فِي طَرَفِهِ أَوْ هُمَا فِي طَرَفَيْهِ لَمْ يُجْمَعَا وَإِذا اخْتَلَفَ الْوَرَثَةُ فِي دَارِ سُكْنَى الْمَيِّتِ هَلْ تُجْمَعُ مَعَ غَيْرهَا بِالْقُرْعَةِ إِنْ كَانَ الْجَمِيعُ مَحَلَّةٍ وَاحِدَةٍ جُمِعَتْ وَإِلَّا فَلَا وَقُسِّمَتْ مُفْتَرِقَةً إِنْ حَمَلَهَا الْقَسْمُ وَإِلَّا تَبَايَعُوهَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَرَثَةُ عَصَبَةً وَلَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُمْ سُكْنَى فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ بِسَكَنِ الْمَيِّتِ شَرَفٌ فَتِلْكَ الدُّورُ وَغَيْرهَا سَوَاءٌ وَالْمُعْتَبَرُ أَبَدًا فِي الدُّورِ وَجْهَانِ مَوْضِعُهَا وَصِفَتُهَا فَإِنْ كَانَ فِيهَا الْجَدِيدُ وَالرَّثُّ وَهِيَ ذَاتُ عَدَدٍ قُسِّمَ الْجَدِيدُ عَلَى حِدَةٍ وَالرَّثُّ عَلَى حِدَةٍ كَانَت جَدِيدَة قديمَة جُمِعَتَا فِي الْقُرْعَةِ لِلضَّرُورَةِ بِخِلَافِ الْأَرْضِ الْوَاحِدَةِ بَعْضهَا كريم دون غَيره تقسم قَسْمًا وَاحِدًا كَمَا قَال فِي الْكِتَابِ فِي الْوَصَايَا إِذَا حَصَلَ لِأَحَدِهِمَا قَدْرُ قَفِيزٍ وَلِلْآخَرِ عَشَرَةُ أَقْفِزَةٍ لِكَرَمِ الْأَرْضِ وَدَنَاءَتِهَا قُسِّمَتْ بِالْقُرْعَةِ وَكَذَلِكَ الدُّورُ وَالِاخْتِلَافُ الْيَسِيرُ بَيْنَ الدُّورِ كَقِيمَةِ أَحدهمَا مائَة وَالْأُخْرَى تسعين لَا تمْتَنع الْقُرْعَةُ عَلَى أَنَّ مَنْ صَارَتْ لَهُ دَارُ الْمِائَة اعطى خَمْسَة لِأَنَّهُ لابد مِنْهُ فِي الْقسم لتعذر التَّسَاوِي مُطلقًا غَالِبا وَتجمع الْحَوَانِيتُ فِي سُوقٍ أَوْ سُوقَيْنِ مُتَقَارِبِي الرَّغَبَاتِ وَإِلَّا فَلَا نفيا لمزيد الْغرَر فِي الْقُرْعَةِ وَلَا تُجْمَعُ الدُّورُ إِلَى الْحَوَانِيتِ وَلَا إِلَى الْفَنَادِقِ وَلَا إِلَى الْحَمَّامَاتِ وَتُجْمَعُ الْفَنَادِقُ وَالْحَمَّامُ إِنْ قَال أَهْلُ الْعُرْفِ بِاكْتِسَابِ الرِّبَاعِ هِيَ مُتَقَارِبَةٌ لِأَنَّهَا مُسْتَقِلَّاتٌ كُلُّهَا وَإِلَّا فَلَا وَلَا تُجْمَعُ الْحَوَانِيتُ إِلَى الْفَنَادِقِ لِقُوَّةِ التَّبَايُنِ وَقَدْ تُسْتَحَقُّ الْحَوَانِيتُ مَعَ دِيَارِ الْغَلَّةِ إِذَا قِيلَ التَّفَاوُتُ يَسِيرٌ قَال التُّونِسِيُّ قَال سَحْنُون إِذَا كَانَتْ إِحْدَى الدَّارَيْنِ قَاعَةً لَمْ يُجْمَعَا فِي الْقَسْمِ قَالهُ سَحْنُون لِأَنَّ عَدَمَ الْبِنَاءِ فِي أَحَدِهِمَا يُصَيِّرُهَا أَرْضًا وَالدُّورُ وَالْأَرَضُونَ لَا تُجْمَعُ وَأَمَّا السُّفْلُ مَعَ الْعُلُوِّ فَقَدْ يُقَال إِنَّ سَقْفَ الْعُلُوِّ كَالْقَاعَةِ إِذِ الْغَرَضُ بِالْقَاعَةِ الِاسْتِقْرَارُ وَفَوَاتُ يَسِيرِ مَنَافِعِ الْقَاعَةِ لَا يَمْنَعُ الْجَمْعَ وَلَكِنْ كَثْرَةُ الْبِنَاءِ فِي إِحْدَى الدَّارَيْنِ يَزِيدُ فِي ثَمَنِهَا عَلَى الْقَلِيلَةِ الْبِنَاءِ فَيَصِيرُ عِوَضُ كَثْرَةِ الْبِنَاءِ قَاعَةً مِنَ الْأُخْرَى وَكَذَلِكَ الْجَدِيدَةُ مَعَ الرَّثَّةِ عِوَضٌ عَنِ الْجِدَّةِ قَاعَةً فَإِنْ قِيلَ جُوِّزَ هَذَا لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نَابَهُ قَاعَةٌ فَأَشْبَهَ الْحَائِطَ فِيهِ أَنْوَاع مُخْتَلفَة لَا يقدر على الْقسم كُلِّ نَوْعٍ مِنْهَا فَإِنَّهُ يُجْمَعُ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَحْصُلُ لَهُ بَعْضُ تِلْكَ الْأَصْنَافِ وَإِنْ قَلَّ وَلَوْ كَانَتْ نَخْلَةً وَزَيْتُونَةً امْتَنَعَ قُلْنَا الْفَرْقُ أَنَّ الْعُلُوَّ حَصَلَ لَهُ مَا يُشْبِهُ الْقَاعَةَ وَصَاحِب النَّخْلَةِ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ شِبْهُ الزَّيْتُونَةِ قَال ابْنُ الْقَاسِمِ لَا تُقَسَّمُ ذَاتُ الْعين مَعَ النَّضْح وَلَا الْبَعْلُ مَعَ السَّقْيِ وَإِنْ تَقَارَبَتِ الْحَوَائِطُ إِلَّا بِالتَّرَاضِي نَفْيًا لِلْغَرَرِ فِي الْقُرْعَةِ لِأَنَّ أَصْلَهَا غَرَرٌ اغْتُفِرَ لِتَطْيِيبِ الْقُلُوبِ فَلَا يَتَعَدَّى الْمُتَمَاثِلَاتِ وَرَوَى ابْنُ وَهْب يُقَسَّمُ الْبَعْلُ مَعَ الْعُيُونِ إِذَا اسْتَوَتْ فِي الْفَضْلِ إِذْ هُوَ الْمَقْصُودُ وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ الْمَنْعُ لِتَبَايُنِ نَوْعِ الْمَنْفَعَةِ قَال الْلَخْمِيّ قَال مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ يُقَسَّمُ الْبَعْلُ مَعَ الْعُيُونِ دُونَ الْبَعْلِ مَعَ النَّضْحِ إِلَّا أَنْ يَرْضَى أَهْلُهُ وَلَا وَجْهَ لَهُ بَلِ الْبَعْلُ مَعَ النَّضْحِ أَقْرَبُ وَإِذَا كَانَتِ الْأَرَاضِي مُتَقَارِبَةً مُخْتَلِفَةً لَمْ يَجْمَعْهَا ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْقَسْمِ لِتَفَاوُتِهَا وَكَذَلِكَ إِنْ تَبَاعَدَتْ مَوَاضِعُهَا كَالْيَوْمِ وَتَقَارَبَتْ صِفَاتُهَا لِبُعْدِ الْمَوَاضِعِ وَجَمَعَهَا أَشْهَب لِمَنْ طَلَبَ حِصَّتَهُ فِي مَكَانٍ إِذَا كَانَتْ فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ وَنَمَطٍ وَاحِدٍ وَبَعْضُهَا أكرم أَو بَعْضُ الدُّورِ أَعْمَرُ إِلَّا أَنْ تَكْثُرَ حِصَّتُهُ مِنْ دَارٍ أَوْ أَرْضٍ فَتُجْمَعُ لَهُ فِي دَارٍ أَوْ أَرْضٍ أُخْرَى ثُمَّ يَقْسِمُ الَّذِينَ أَرَادُوا التَّفْرِقَةَ عَلَى مَا تَرَاضَوْا عَلَيْهِ فَإِنْ تَبَاعَدت الدّور قسم مريدوا التَّفْرِقَةِ حَظَّهُمْ مِنْ كُلِّ دَارٍ أَوْ أَرْضٍ ثمَّ يقسم مريدوا الْجمع ان شاؤا وَمُرَادُهُ إِذَا كَانَتْ مُتَقَارِبَةً يُبْدَأُ بِالْقَسْمِ لِمُرِيدِي الْجَمْعِ لِأَنَّ ذَلِكَ الْحُكْمُ وَتَسْقُطُ مَقَالةُ الْآخَرِينَ فَإِن كَانَ مريدوا الْجمع وَاحِدًا كتبت اسماء الدَّار وضبطت فَأَيُّهَا خَرَجَ أَوَّلًا فَهُوَ لَهُ ثُمَّ يُقْسَمُ للآخرين كل دَار أَو أَرض عَلَى سِهَامِهِمْ بِالْقُرْعَةِ فَإِذَا أَخَذُوا ذَلِكَ بَقِيَ بَقِيَّةُ تِلْكَ الدَّارِ وَالْأَرْضِ عَلَى مَا كَانَتِ الشَّرِكَةُ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ هَذَا نَصِيبَهُ ثُمَّ يَجْمَعُ الْبَاقُونَ بِالتَّرَاضِي لِأَنَّ مِنْ أَصِلِهِ أَنْ يَجُوزَ فِي مِثْلِ هَذَا التَّرَاضِي بِالْقُرْعَةِ وَأَخَذَ سَحْنُون بِقَوْل أَشْهَب فِي الْأَرْضِ دُونَ الدُّورِ لِأَنَّ الدِّيَارَ فِي لفظ وَاحِدٍ وَهِيَ مُخْتَلِفَةُ النَّفَاقِ وَقَال الْأَئِمَّةُ لَا تقسم دَارٌ مَعَ دَارٍ وَإِنْ تَقَارَبَتْ كَمَا تَكُونُ الشُّفْعَةُ فِيهَا دُونَ غَيْرهَا تُقَسَّمُ وَحْدَهَا وَلِأَنَّ فِي الْجَمْعِ زِيَادَةَ غَرَرٍ فِي الْقُرْعَةِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَزُولُ مِلْكُهُ عَنْ جُمْلَةِ إِحْدَى الدَّارَيْنِ بِغَيْر رِضَاهُ وَالْجَوَاب عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الشَّرِكَةَ إِذَا عَمَّتْ فِيهِمَا وَالْبَيْعَ عَمَّتِ الشُّفْعَةُ فَنَقِيسُ الْقَسْمَ عَلَى الشُّفْعَةِ فَيَنْقَلِبُ الدَّلِيلُ وَلِأَنَّ اسْتِقْلَال كل وَاحِد باحداها اتم فِي الِانْتِفَاع من الإنتفاع بِبَعْض دَاره وَالْجَوَاب عَن الثَّانِي الْمُعَاوضَة وَالنَّقْص بِالِاخْتِلَافِ فِي الدَّارِ الْوَاحِدَةِ بَلْ هَاهُنَا أَوْلَى لانا انما نجمع المتقارب وَفِي هذاك نَجْمَعُ الْمُخْتَلِفَ جِدًّا.
فرع:
قَرْيَةٌ ذَاتُ دُورٍ وَأَرْضٍ بَيْضَاءَ وَشَجَرٍ تُقَسَّمُ الدُّورُ وَالْأَرْضُ كَمَا تَقَدَّمَ وَالْأَشْجَارُ الْمُخْتَلِفَةُ كَالتُّفَّاحِ وَالرُّمَّانِ فِي جَنْيَةٍ وَاحِدَةٍ تُقَسَّمُ مُجْتَمِعَةً بِالْقِيمَةِ كَالْحَائِطِ فِيهِ أَصْنَافُ الثَّمَرِ الْمُخْتَلِفَةِ وَيُجْمَعُ لِكُلِّ وَاحِدٍ حَظُّهُ مِنَ الْحَائِطِ فِي مَوْضِعٍ أَوْ فِي جَنْيَتَيْنِ قُسِّمَتْ كُلُّ جَنْيَةٍ وَحْدَهَا بِالْقِيمَةِ إِنِ انْقَسَمَتْ فِي النُّكَتِ قَال ابْنُ عَبْدُوسٍ الْحَائِطُ فِيهِ أَصْنَافُ الثَّمَرِ إِنَّمَا يُقَسِّمُهُ من هُوَ اهل معرفَة ذَلِك الْموضع فَيقوم نَخْلَةً نَخْلَةً عَلَى مَا عَرَفَ مِنْ حَمْلِهَا لِأَنَّ الشَّجَرَةَ الْحَسَنَةَ الْمَنْظَرِ قَدْ يَقِلُّ ثَمَرُهَا وَبِالْعَكْسِ فَإِذَا فَرَغَ مِنَ الْقِيمَةِ جَمَعَهَا وَقَسَّمَهَا عَلَى قَدْرِ السِّهَامِ فَيَعْرِفُ مَا يَنُوبُ كُلَّ سَهْمٍ ثُمَّ يُقْرِعُ عَلَى أَيِّ الطَّرَفَيْنِ يَبْدَأُ فاذا عرفه كتب اسماء الِاشْتِرَاك كُلَّ وَاحِدٍ فِي رُقْعَةٍ ثُمَّ يَخْلِطُهَا فِي ويعطيها نصِيبهَا من النَّاحِيَة الَّتِي أَقرع الله عَلَيْهَا أعطَاهُ شَجَرَة شَجَرَة حَتَّى يكمل لَهُ مَا يَحْصُلُ لَهُ فِي الْقِيمَةِ وَأَعْطَى الثَّانِي كَذَلِكَ وَالثَّالِثَ حَتَّى يَنْقَضِيَ الْحَائِطُ فَإِنْ بَقِيَ لِلْأَوَّلِ بَعْضُ شَجَرَةٍ اشْتَرَكَ مَعَ الثَّانِي فِيهَا بِحِصَّتَيْهِمَا كَذَا تُقَسَّمُ النَّخْلُ وَإِنْ فَضَلَ بَعْضُهَا إِلَّا بمتباين جِدًّا فَيُقَسَّمُ كُلٌّ عَلَى حِدَتِهِ نَفْيًا لِلْغَرَرِ قَال الْأَبْهَرِيُّ يُقَسَّمُ النَّخْلُ وَالْعِنَبُ بِالْخَرْصِ بِخِلَافِ غَيرهمَا من الثِّمَار دون غَيْرهِمَا لَا يَخْرُصُ فِي الْعَادَةِ فَيُعْرَفُ بِالْخَرْصِ وَلِتَمْيِيزِ ثَمَرَةِ النَّخْلِ وَالْعِنَبِ عَنْ أَصْلَيْهِمَا فَيُعَايَنُ بِخِلَافِ غَيْرهِمَا قَال التُّونِسِيُّ أَجَازَ فِي الْكِتَابِ قَسْمَ الْأَرْضِ الْوَاحِدَةِ وَإِنِ اخْتَلَفَتْ نَفْيًا لِلضَّرَرِ وَكَذَلِكَ الشَّجَرِ فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ بَعْضُهَا أَكْرَمُ مِنْ بَعْضٍ قَال الْلَخْمِيّ النَّخْلُ وَالْأَعْنَابُ وَالزَّيْتُونُ وَالْفَوَاكِهُ لَا تُجْمَعُ لِتَفَاوُتِ الْغَرَضِ فَيَكْثُرُ غَرَرُ الْقُرْعَةِ فَإِنْ تَرَاضَوْا بِالْقُرْعَةِ مَنَعَ ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّ الرِّضَا بِالْغَرَرِ حَرَامٌ وَأَجَازَ أَشْهَب لِأَنَّ الرِّضَا مِمَّا يُسْقِطُ الْحَقَّ وَأَجَازَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَرَّةً فِي نَخْلَةٍ وَزَيْتُونَةٍ يُعْدَلَانِ وَيُقَسَّمَانِ بِالتَّرَاضِي وَإِنْ لَمْ يَعْتَدِلَا تَقَاوَمَاهُمَا أَوْ بَاعَاهُمَا فَجَوَّزَهُ لِلضَّرُورَةِ فِيمَا قَلَّ كَمَا جَوَّزَهُ فِي الْأَرْضِ الْوَاحِدَةِ بِخِلَافِ الْأَرَاضِي وَالشَّجَرِ وَالنَّخْلِ كُلُّ صِنْفٍ وَاحِدٍ يُجْمَعُ وَيُسْتَحْسَنُ إِذَا كَانَ الْجَيِّدُ نَاحِيَةً وَكِلَاهُمَا يَحْمِلُ الْقَسْمَ أَنْ يُقَسَّمَ مُفْرَدًا وَالزَّيْتُونُ صِنْفٌ وَإِنِ اخْتَلَفَ وَكَذَلِكَ الْعِنَبُ وَاسْتَحْسَنَ إِفْرَادَ الْمُخَالِفِ إِذَا حَمَلَ الْقَسْمَ وَجَعَلَ ابْنُ عَبْدُوسٍ تَبَايُنَهُمَا فِي الْأَرْضِ كَتَبَايُنِ الْأَرْضِ فِي الْكَرَمِ وَقَدْ يُحْمَلُ قَوْلهُ عَلَى الِاسْتِحْسَانِ وَجَعَلَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ الْفَوَاكِهَ كَالتُّفَّاحِ وَالرُّمَّان والخوخ وَنَحْوهمَا صِنْفًا وَقَال عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ كَانَتْ مُتَسَاوِيَةً جمعت لعدم الْمرجع أَوْ صُنِّفَ أَكْثَرُهَا قُسِّمَ ذَلِكَ الصِّنْفُ عَلَى السِّهَامِ وَقُسِّمَ غَيْرهُ مُخْتَلِطًا وَحَكَاهُ عَنْ مَالِك.
فرع:
فِي الْكِتَابِ الْأَرْضُ فِيهَا الشَّجَرُ الْمُفْتَرِقُ تُقَسَّمُ مَعَ الشَّجَرِ لِئَلَّا يَحْصُلَ شَجَرُ أَحَدِهِمْ فِي أَرْضِ غَيْرهِ وَتُقَسَّمُ الْأَرْضُ بَيْنَ الْوَرَثَةِ دُونَ مَجْرَى مَائِهَا وَتَبْقَى بَيْنَهُمْ عَلَى مَوَارِيثِهِمْ وَإِذَا بَاعَ أَحَدُهُمْ نَصِيبَهُ مِنْهَا فَشُرَكَاؤُهُ دِنْيَةً أَحَقُّ بِالشُّفْعَةِ مِنْ شُرَكَائِهِ فِي الْمَاءِ وَالدِّنْيَةُ اهل وراثة وَإِنِ اقْتَسَمُوا الْأَرْضَ خَاصَّةً فَبَاعَ أَحَدُهُمْ حِصَّتَهُ مِنَ الْمَاءِ فَلَا شُفْعَةَ لِأَنَّهَا فِيمَا يُقَسَّمُ خَاصَّةً.
فَائِدَةٌ:
فِي التَّنْبِيهَات دِنْيَةٌ بِكَسْرِ الدَّالِّ وَسُكُونِ النُّونِ وَبِضَمِّ الدَّالِّ وَكَسْرِهَا مَقْصُورٌ بِغَيْر هَاءٍ وَظَاهِرُ قَوْلهِ أَنَّ الشَّرِكَةَ فِي الْقِلْدِ وَإِنِ اقْتَسَمُوا الْأَرْضَ وَمَذْهَبُهُ هُنَا وَفِي كِتَابِ الشُّفْعَةِ أَنَّ مَنْ بَاعَ أَرْضًا أَوْ قَاسَمَ وَبَقِيَ بِئْرُهَا لَا شُفْعَةَ لَهُ فِي الْبِئْرِ وَفِي الْعُتْبِيَّةِ لَهُ الشُّفْعَةُ وَأَكْثَرُهُمْ عَلَى أَنَّهُ خِلَافٌ وَقِيلَ لَا بَلْ عَدَمُ الشُّفْعَةِ فِي الْبِئْرِ الْمُفْرَدَةِ الَّتِي لَا أَرْضَ لَهَا وَلَا حَرِيمَ وَالشُّفْعَةُ فِي الْمُحْتَمِلَةِ لِلْقَسْمِ عَلَى مَذْهَبِ سَحْنُون أَوْ فِيمَا تَعَلَّقَتْ بِهِ الْأَرْضُ حَرِيمًا لَهَا وَفِيهَا قَالهُ ابْنُ لُبَابَةَ قَال سَحْنُون وَمَسْأَلَةُ الْقِلْدِ هَاهُنَا الْمَاءُ مُشْتَرَكٌ لِقَوْمٍ شُرَكَاءَ فِي الارض وَلَوْلَا ذَلِك لم تكن لَهُمْ شُفْعَةٌ لِأَنَّهَا بِئْرٌ وَاحِدَةٌ وَتَكُونُ الْأَرْضُ بَيْنَ طَوَائِفَ لِكُلٍّ حِصَّةٌ مُشْتَرَكَةٌ وَالْمَاءُ بَيْنَ الْجَمِيعِ فَتَكُونُ الشُّفْعَةُ بَيْنَ أَشْرَاكِ الْأَرْضِ وَهُمْ أَهْلُ قِلْدٍ وَاحِدٍ وَالْآخَرُونَ أَهْلُ قِلْدٍ آخَرَ وَلَا شَرِكَةَ لَهُمْ مَعَهُمْ بَلْ هُمْ شُرَكَاءُ فِي أرْض أُخْرَى قَال الْقَاضِي وَقَدْ يُحْمَلُ كَلَامُهُ فِي الْكِتَابِ عَلَى هَذَا أَوْ يَكُونُ الْأَشْرَاكُ قَدِ اقْتَسَمُوا ثُمَّ مَاتَ مَنْ لَهُ بَعْضُ شِرْكٍ فِي ذَلِكَ فَبَاعَ بَعْضُ وَرَثَتِهِ نَصِيبَهُ مِنَ الْمَاءِ فَأَهْلُ مُورِثِهِ أَحَقُّ لِأَنَّهُمْ شُرَكَاءُ مَعَهُ فِي أَرْضِهِمْ وَقِلْدِهِمْ.
فرع:
قَال الْلَخْمِيّ أَجَازَ ابْن الْقَاسِم ان تقتسم الدَّارُ الْغَائِبَةُ عَلَى الصِّفَةِ كَالْبَيْعِ عَلَى الصِّفَةِ وَمَنَعَ سَحْنُون لِلْغَرَرِ قَال وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ إِنْ كَانَ الْبَابُ لَا يَتَغَيَّرُ وَإِنْ كَانَ يُفْتَحُ لِحَارَةٍ أُخْرَى امْتَنَعَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْقَاسِمُ عَالما بِقِيمَة الديار الْمحلة الْأُخْرَى لِاخْتِلَافِ قِيَمِ الدُّورِ بِاخْتِلَافِ الْمَحَلَّاتِ وَاشْتَرَطَ ابْنُ عَبْدُوسٍ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِقِيمَةِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ.
فرع:
فِي الْكِتَابِ لَا تقسم الثِّمَار مَعَ الأَصْل وان كَانَ التَّمْر بَلَحًا أَوْ طَعَامًا وَلَا الزَّرْعَ مَعَ الْأَرْضِ بَلْ تُقَسَّمُ الْأَرْضُ وَالْأُصُولُ وَيُتْرَكُ الثَّمَرُ وَالزَّرْعُ حَتَّى يَحِلَّ بَيْعُهَا فَيَقْتَسِمَانِ عَيْنَهُمَا أَوْ ثَمَنَهُمَا حَذَرًا مِنْ طَعَامٍ وَأَرْضٍ بِطَعَامٍ وَأَرْضٍ.
قَاعِدَةٌ:
إِذا اتخذ جِنْسُ الرِّبَا مِنَ الطَّرَفَيْنِ وَكَانَ مَعَهُمَا أَوْ مَعَ أَحَدِهِمَا عَيْنٌ أُخْرَى رِبَوِيٌّ أَمْ لَا امْتَنَعَ الْبَيْعُ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ التَّمَاثُلِ بِإِمْكَانِ التَّوْزِيعِ عَلَى وَجْهٍ يُنَافِيهِ وَالْقَسْمُ بَيْعٌ فَرُوعِيَ حَالَةُ كَمَالِ الزَّرْعِ قَال وَلَا يُقَسَّمُ الزَّرْعُ فَدَادِينَ وَلَا مُزَارَعَةً وَلَا قَتًّا وَلَكِنْ كَيْلًا وَإِنَّمَا يَجُوزُ بَيْعُ الزَّرْعِ مَعَ الْأَصْلِ بِعَيْنٍ أَوْ عَرَضٍ كَانَ الزَّرْعُ أَقَلَّ مِنْ ثُلُثِ قِيمَةِ الْأَرْضِ أَمْ لَا فَإِذَا حَلَّ بَيْعُ ثَمَرِ النَّخْلِ وَالْعِنَبِ جَازَ فِي الْقَسْمِ كَيْلًا لَا خَرْصًا تَحْقِيقًا لِلتَّمَاثُلِ إِلَّا أَنْ تَخْتَلِفَ حَاجَتُهُمْ فَيُرِيدُ أَحَدُهُمُ الْأَكْلَ وَالْآخَرُ التَّجْفِيفَ فَيَجُوزُ الْخَرْصُ مِمَّنْ يَعْرِفُهُ وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ سَقْيُ نَخْلِهِ وَإِنْ كَانَ ثَمَرُهَا لِغَيْرهِ إِذَا كَانُوا قَدِ اقْتَسَمُوا الْأَصْلَ قَبْلَ الثَّمَرِ لِأَنَّ عَلَى صَاحِب الْأَرْضِ سَقْيَهُ إِذَا بَاعَ ثَمَرَتَهُ وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ ثَمَرَ النَّخْلِ وَالْعِنَبِ لَا يُقَسَّمُ بِالْخَرْصِ بَلْ يُجَذُّ وَيُقَسَّمُ كَيْلًا تَحْقِيقًا لِلتَّمَاثُلِ وَلَا يُقَسَّمُ الْبَقْلُ بِالْخَرْصِ وَلَا فَوَاكِهُ الشَّجَرِ وَإِنِ اخْتلفت لعدم الانضباط فِيهَا بالخرض.
فَائِدَةٌ:
فِي التَّنْبِيهَات الْقَتُّ بِفَتْحِ الْقَافِ الْحَزْمُ وَالْقَبْضُ وَأَصْلُهُ الْجَمْعُ وَكُلُّ مَا جَمَعْتَهُ فَقَدْ قَتَتَّهُ وَالْخَرْصُ بِالْفَتْحِ اسْمُ الْفِعْلِ وَالْمَصْدَرُ وَبِالْكَسْرِ اسْمُ الْمَخْرُوصِ وَقَال حَمَلَ سَحْنُون مَنْعَهُ قَسْمَ الزَّرْعِ وَالْبَلَحِ خَرْصًا مُطْلَقًا وَأَنْكَرَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ وَقَال إِنَّمَا مَنَعَهُ عَلَى التَّأْخِيرِ دُونَ الْجَذِّ لِقَوْلهِ يَجُوزُ بَيْعُهُ بِالْخَرْصِ عَلَى الْجِذَاذِ وَفِي النُّكَتِ الْبَقْلُ الْقَائِمُ وَالزَّرْعُ الْقَائِمُ وَالْبَلَحُ الصَّغِيرُ أَلْفَاظُ الْكِتَابِ فِيهَا مُخْتَلِفَةٌ وَهِيَ سَوَاءٌ تَنْقَسِمُ على التَّفْصِيل الْبَين جذاذ بَينهم فِي قَسْمِ الثَّمَرَةِ بِالْخَرْصِ وَهِيَ مُزْهِيَةٌ أَوْ بَلَحٌ كَبِير دون غَيره تحصيلاً لمصلحته فِي تَمْيِيز حَقه والا أقدم طَالِبَ الْبَقَاءِ وَلَا يُقَسَّمُ بِالْخَرْصِ إِلَّا عِنْدَ التَّرَاضِي وَالْفَرْقُ أَنَّ طَالِبَ الْبَقَاءِ فِي الْمُزْهِيَةِ يقدر عَلَيْهِ بعد الْبَقَاءِ إِلَى الْكَمَالِ يُفْسِدُ الْقَسْمَ قَالهُ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ وَلَوِ اقْتَسَمَا الْبَلَحَ الصَّغِيرَ ثُمَّ أَكَلَ أَحدهمَا حِصَّته أَو بعضهما وازهى نصيب الاخرى انتقضت الْقِسْمَة وَيُرِيد الْأَوَّلُ قِيمَةَ مَا قَبَضَ عَلَى الْجَذِّ لَا عَلَى الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ بِخِلَافِ مَنِ اشْتَرَى بَلَحًا عَلَى أَنْ يَتْرُكَهُ حَتَّى يَطِيبَ وَكَانَ الْبَيْعُ فَاسِدًا ثُمَّ جَذَّهُ هَذَا عَلَيْهِ قِيمَتُهُ عَلَى الرَّجَاء وَالْخَوْف لِأَنَّهُ عَليّ التّرْك دخل وَالقَاسِم دَخَلَ عَلَى الْجَذِّ وَإِنِ اقْتَسَمَا الْبَلَحَ الصَّغِيرَ ثمَّ تركاه حَتَّى يكبر فَفِي الْكِتَابِ إِنِ اقْتَسَمَاهُ عَلَى تَفَاضُلٍ أَوْ كَانَ إِذَا كَبُرَ تَفَاضَلَ فَسَدَ الْقَسْمُ لِأَنَّهُ بَيْعُ طَعَامٍ بِطَعَامٍ مُتَفَاضِلًا وَلَوِ اقْتَسَمَا الْبَلَحَ الصَّغِيرَ وَأَكَلَ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ وَبَقِيَ نَصِيبُ الْآخَرِ حَتَّى صَارَ كَبِيرًا لَا يَنْتَقِضُ الْقَسْمُ لِأَنَّ الْبَلَحَ الصَّغِيرَ وَالْكَبِيرَ مُتَفَاضِلًا جَائِزٌ اقْتَسَمَا عَلَى تُفَاضِلٍ أَمْ لَا بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ تَرَكَاهُ جَمِيعًا حَتَّى صَارَ بَلَحًا كَبِيرًا فَآلَ الْأَمْرُ إِلَى كَوْنِهِ بَلَحًا كَبِيرًا وَهُوَ لَا يَجُوزُ التَّفَاضُلُ فِيهِ يَفْسَدُ الْقَسْمُ إِذَا اقْتَسَمَا أَوَّلًا عَلَى التَّفَاضُلِ أَوْ كَانَ إِذَا كَبُرَ تَفَاضَلَ قَال التُّونِسِيُّ عَنْ مَالِك تُقَسَّمُ الثِّمَارُ كُلُّهَا بِالْخَرْصِ إِذَا وُجِدَ مَنْ يَعْرِفُ ذَلِكَ وَطَابَ وَحَلَّ بَيْعُهُ وَاخْتَلَفَتِ الْحَاجَةُ وَمَنَعَ ابْنُ عَبْدُوسٍ قِسْمَةَ الثَّمَرِ بِالْخَرْصِ لِتَوَقُّعِ الرِّبَا وَقَال عَبْدُ الْمَلِكِ أَجَازَ أَصْحَابُنَا قَسْمَ الثِّمَارِ الَّتِي يَسْتَعْجِلُهَا أَهْلُهَا بِالْخَرْصِ وَكُرِهَ قِسْمَةُ الثِّمَارِ الْكَثِيرَةِ لِعَدَمِ الضَّرُورَةِ وَأَنْكَرَ سَحْنُون قَسْمَ الْبَلَحِ الْكَبِيرِ خَرْصًا إِذَا أَرَادَ أَحَدُهُمْ بَيْعَهُ وَالْآخَرُ أَكْلَهُ وَلَمْ يَرَهُ اخْتِلَافَ حَاجَةٍ لَان الَّذِي يَبِيع يجذ فقد اجْتَمَعنَا عَلَى الْجَذِّ لِأَنَّ تَرْكَهُ يُبْطِلُ الْقَسْمَ وَخَالَفَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَب قَال التُّونِسِيُّ يَجُوزُ قَسْمُ الْبَلَحِ الْكَبِيرِ بِالتَّرَاضِي مَعَ اخْتِلَافِ الْحَاجَةِ بِخِلَافِ الرُّطَبِ لِأَنَّ الرُّطَبَ يُتْرَكُ حَتَّى يُثْمِرَ فَلَا فَسَادَ فِي ذَلِكَ وَالْبَلَحُ لَا يَقْدِرُ مَنْ لَمْ يُرِدِ الْأَكْلَ أَنْ يَتْرُكَهُ حَتَّى يُيَبِّسَهُ فَكَانَ ذَلِكَ فَسَادًا فَلَمْ يُلْزَمْ مَنْ أَبَى الْقَسْمَ بِذَلِكَ وَأَجَازَ التَّرَاضِي فِي ذَلِكَ وَهُوَ طَعَامٌ بِطَعَامٍ لِلضَّرُورَةِ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ تَمْيِيزُ حَقٍّ لَمْ يُنْقَضِ الْقَسْمُ بِالزَّهْوِ وَقَدْ نُقِضَ إِذَا أُزْهِيَ وَانْظُرْ هَلْ فِيهِ جَائِحَةٌ لَوْ أُجِيحَ نَصِيبُ أَحَدِهِمَا نَقَلَهَا عَبْدُ الْمَلِكِ وَمَالِك ابْن الْقَاسِمِ سَلَكَا بِالْقَسْمِ تَارَةً الْبَيْعَ وَتَارَةً التَّمْيِيزَ فَأَجَازَا قَسْمَ النَّخْلِ دُونَ زَهْوِهَا وَفِيهَا ثَمَرَةٌ لَمْ تُؤَبَّرْ وَلَوْ كَانَ بَيْعًا امْتَنَعَ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ بَاعَ نِصْفَهُ بِنِصْفِ صَاحِبهِ عَلَى أَنِ اسْتَثْنَى ثَمَرَتَهُ الَّتِي لَمْ تُؤَبَّرْ وَقَال فِي الْبَلَحِ الْكِبَارِ يَنْتَقِضُ قَسْمُهُ بِالْإِزْهَاءِ وَكَذَلِكَ الصَّغِيرُ وَلَوْ كَانَ تَمْيِيزَ حَقٍّ لَمَا انْتَقَضَ لَان كل انسان أَخذ ملكه يفتصل بِهِ وَأَجَازَ قَسْمَ الْبَلَحِ الصَّغِيرِ بِالتَّحَرِّي لِتَعَذُّرِ كَيْلِهِ وَهُوَ مِمَّا أَصْلُهُ الْخَرْصُ فَإِذَا خَرَجَ مِنْ حَدِّ الْخِطَارِ جَازَ وَإِنْ فَضَّلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبهُ بِالْأَمْرِ الْبَيِّنِ جَازَ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِطَعَامٍ وَلَا يَبْقَى حَتَّى يَصِيرَ طَعَامًا قَال ابْنُ يُونُسَ إِذَا اقْتَسَمَا الثَّمَرَةَ كَمَا تَقَدَّمَ لَا بَعْدَ قَسْمِ الْأُصُولِ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ سَقْيُ نَخْلِهِ وَإِنْ كَانَ ثَمَرُهَا لِغَيْرهِ وَقَال سَحْنُون السَّقْي على رَبِّ الثَّمَرَةِ لِأَنَّ الْقَسْمَ تَمْيِيزُ حَقٍّ لَا كَالْبَيْعِ فَكَانَ مَا طَابَ لَهَا هُوَ نَصِيبُهُ وَإِنَّمَا كَانَ السَّقْيُ فِي بَيْعِ الثَّمَرَةِ عَلَى الْبَائِعِ لِأَنَّهُ بَاعَهَا عَلَى حَيَاتِهَا مِنَ الْمَاءِ وَلِأَنَّهُ يَسْقِي نَخْلَهُ وَأَمَّا مَنْ قَاسَمَ أَصْلَ حَائِطِهِ دُونَ شِرْبِهِ فَالسَّقْيُ عَلَى الْبَائِعِ لِأَنَّ الْمُبْتَاعَ لَا يُسَلَّمُ لَهُ الْأَصْلُ حَتَّى يَجُذَّ الْبَائِعُ ثَمَرَتَهُ قَالهُ مَالِك وَقَال الْمَخْزُومِيُّ عَلَى المُشْتَرِي للْأَصْل لانع يَسْقِي نَخْلَهُ فَتَشْرَبُ ثَمَرَةُ هَذَا قَال ابْنُ حَبِيب تُقَسَّمُ الثِّمَارُ كُلُّهَا بِالْخَرْصِ إِذَا بَدَا صَلَاحهَا إِذا اخْتَلَفَتِ الْحَاجَةُ إِلَيْهَا وَإِنْ لَمْ تَخْتَلِفْ أَوْ يَبِسَتْ فِي شَجَرِهَا فَلَا تُقَسَّمُ إِلَّا كَيْلًا قَالهُ مَالِك وَأَصْحَابُهُ إِلَّا ابْنَ الْقَاسِمِ لَمْ يُجِزِ الْخَرْصَ إِلَّا فِي النَّخْلِ وَالْكَرْمِ وَإِنَّمَا كَرِهَ مَالِك قَسْمَ مَا لَا يُدَّخَرُ مِنَ الْفَوَاكِهِ خَرْصًا فِي شَجَرِهِ لِعَدَمِ التَّقَابُضِ فِي الْوَقْتِ فَيُجْمَعُ هَذَا الْيَوْمَ وَهَذَا غَدًا فَيَلْزَمُ غَدًا رِبَا النَّسْأِ فَلَوْ جَذَّاهُ جَمِيعًا قَبْلَ التَّرَاضِي جَازَ بِالتَّحَرِّي فِي شَجَرِهِ بِالتَّعْدِيلِ وَالتَّفَاضُلِ لِجَوَازِ التَّفَاضُلِ فِيهِ وَلِذَلِكَ مَنَعَ مِنْ قَسْمِ الْبَقْلِ قَبْلَ الْجَذِّ خَرْصًا لِعَدَمِ الْقَبْضِ فَيَصِيرُ طَعَامًا بِطَعَامٍ لَا يَدًا بِيَدٍ فَلَوْ جَذَّاهُ قَبْلَ التَّفَرُّقِ جَازَ وَقَالهُ سَحْنُون لِقَوْلهِ فِي قَسْمِ الزَّرْعِ الْأَخْضَرِ وَبَيْعُ فَدَّانِ كُرَّاثٍ بِفَدَّانَيْنِ قَال ابْنُ حَبِيب إِلَّا الْبَصَلَ وَالثَّومَ لِأَنَّهُمَا يدخران فَيمْنَع فِيهَا التَّفَاضُلُ فَلَا يُقَسَّمَانِ تَحَرِّيًا أَخْضَرَيْنِ وَلَا يَابِسَيْنِ وَيُقَسَّمَانِ يَابِسَيْنِ عَدَدًا وَكَيْلًا قَال ابْنُ يُونُسَ لَيْسَ قَسْمُهُ عَدَدًا يَدْخُلُهُ التَّفَاضُلُ وَالصَّوَابُ قَسْمُهُ وَزْنًا قَال ابْنُ حَبِيب إِنِ اخْتَلَفَتْ حَاجَاتُهُمْ إِلَيْهِ وَهُوَ أَخْضَرُ قَائِمٌ بَلَغَ الِانْتِفَاعَ قُسِّمَ خَرْصًا كمدخر الثَّوَاب قَالَ الْلَخْمِيّ يَجُوزُ الْقَسْمُ عَلَى التَّعْدِيلِ فِي الثِّمَارِ والتفاضل على وَجه المكارمة فيذكر أَحَدُهُمَا خَمْسَةَ أَوْسُقٍ وَالْآخَرُ عَشَرَةً كَمَا يَأْخُذُ أَحَدُهُمَا مِنْ صُبْرَتِهِمَا سِتِّينَ وَالْآخَرُ أَرْبَعِينَ إِلَّا ان يكون فَضْلُ الْكَيْلِ لِمَكَانِ الزِّيَادَةِ وَجَعَلَ مَالِك الْبَلَحَ الصَّغِيرَ كَالْعَلَفِ فَيَجُوزُ مُتَفَاضِلًا وَجَعَلَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ كالبقل قَالَ وَأرى اعْتِبَار الْعدَد فِي ذَلِك الْموضع ان كَانَ الْعلف والاكل قَلِيلا فَهُوَ كالعروض أَو للاكل غَيره نَادرا وَكِلَاهُمَا كثير فكالطعام واذا كَانَ كالحلف جَازَتِ الْمُقَاسَمَةُ وَإِنْ لَمْ تَخْتَلِفِ الْحَاجَةُ أَوْ لِلطَّعَامِ فَلَا إِلَّا أَنْ يُجَذَّا مَعًا وَيَجُوزُ مُتَسَاوِيًا وَمُتَفَاضِلًا إِلَّا أَنْ تَخْتَلِفَ الْحَاجَةُ فَيُجَذُّ إِحْدَاهمَا دُونَ الْآخَرِ وَالِاخْتِلَافُ فِي قَسْمِ الْفَوَاكِهِ بِالْخَرْصِ اخْتِلَاف فِي عَادَة لافقه فَمَتَى كَانَ قَوْمٌ لَهُمْ عَادَةٌ بِخَرْصِهَا جَازَ وَإِلَّا فَلَا وَمَنَعَ ابْنُ الْقَاسِمِ قَسْمَ الْبَقْلِ إِذَا اخْتَلَفَتِ الْحَاجَةُ فِيهِ كَمَنْعِ مَالِك الْخَرْصَ فِيمَا يَجُوزُ فِيهِ التَّفَاضُلُ كَالتُّفَّاحِ وَأَجَازَهُ أَشْهَب إِذَا بَدَا صَلَاحُهُ وَلَيْسَ مِثْلَ الزَّرْعِ لِدُخُولِ التَّفَاضُلِ فِيهِ وَلَا يُحَاطُ بِهِ فَمَنَعَهُ ابْنُ قَاسم إِذَا لَمْ يُعْرَفِ الْخَرْصُ وَأَجَازَهُ أَشْهَب إِذَا تبَاين الْفضل وخرجا من حد الْخطر وَهُوَ قَول ابْن قَاسم فِي قَسْمِ اللَّبَنِ يَحْلُبُ كُلُّ وَاحِدٌ غَنَمًا نَاحِيَةً إِذَا فَضَّلَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ وَمَنَعَ سَحْنُون لِأَنَّهُ بَيْعُ طَعَامٍ بِطَعَامٍ وَلَيْسَ يدا بيد وَلَو طلباه قَبْلَ التَّفَرُّقِ جَازَ وَالْأَوَّلُ الصَّحِيحُ لِأَنَّ الْمَعْرُوفَ يُسْقِطُ الرِّبَا كَالْقَرْضِ فِي النَّقْدَيْنِ إِلَى أَجَلٍ إِجْمَاعًا قَال مَالِك كُلُّ مَا يُحْرُمُ فِيهِ التَّفَاضُلُ لَا يُقَسَّمُ بِالتَّحَرِّي رَطْبًا وَلَا يَابِسًا حَذَرًا مِنَ الرِّبَا وَمِنْهُ السَّمْنُ وَالْعَسَلُ وَالْبَيْضُ لِأَن التَّحَرِّي يُحِيطُ بِهِ وَكُلُّ مَا يَجُوزُ فِيهِ التَّفَاضُلُ يَجُوزُ تَحَرِّيهِ فِي شَجَرِهِ وَعَلَى الْأَرْضِ وَقَال أَشْهَب يَجُوزُ التَّحَرِّي فِي كُلِّ مَا يُوزَنُ كَالْخُبْزِ وَاللَّحْمِ لِأَنَّ الْمِكْيَالَ لَا يُفْقَدُ غَالِبًا وَلَوْ بِالْأَكُفِّ وَلَا يَصِحُّ قَوْلهُ لِأَنَّهُ لَوْ بَاعَ عَشْرَ حَفْنَاتٍ بِكَذَا امْتَنَعَ وَقَسْمُهُ جُزَافًا أَقَلُّ ضَرَرًا مِنَ الْحَفْنَاتِ وَمَتَى كَانْتِ الثِّمَارُ غَيْر مَأْبُورَةٍ لَمْ يَجُزِ الْقَسْمُ بِحَالٍ لِأَنَّ اطلاقه يدْخل الثِّمَار وَهِي تؤل إِلَى الطَّعَامِ وَيَمْتَنِعُ اسْتِثْنَاؤُهَا عَلَى الْبَقَاءِ بِالْإِبَّارِ لِأَنَّ اسْتِثْنَاءَ مَا لَمْ يُؤَبَّرْ فِي الْبَيْعِ لَا يَجُوزُ وَإِنْ كَانَتْ مَأْبُورَةً أَوْ بَلَحًا صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا أَوْ زَهْوًا فَإِطْلَاقُ الْقَسْمِ عَلَى الْجَوَازِ لِعَدَمِ دُخُولِهَا وَبَقَائِهَا عَلَى الشَّرِكَةِ وَيمْتَنع اشْتِرَاط دُخُولهَا لِأَنَّهَا تؤل إِلَى الطَّعَامِ فَهِيَ طَعَامٌ بِطَعَامٍ نَسِيئَةً وَمَعَ التَّفَاضُل البلح الْكَبِيرُ فَإِنِ اسْتُثْنِيَ أَحَدُهُمَا وَالْآخَرُ بَلَحٌ صَغِيرٌ أَو كَبِير أَو زهواً أَو أَحدهمَا بلح كَبِير والاخرى زَهْوٌ فَإِطْلَاقُ الْقَسْمِ عَلَى الْجَوَازِ وَالثِّمَارُ غَيْر دَاخِلَةٍ فِي الْقَسْمِ فَإِنِ اشْتَرَطَ دُخُولَهَا فِي الْقسم امْتنع وَإِن اشْترط إِحْدَاهُمَا وَبَقِيَتِ الْأُخْرَى عَلَى الشَّرِكَةِ جَازَ وَإِنْ كَانَتْ إِحْدَاهُمَا مَأْبُورَةً وَالْأُخْرَى غَيْر مَأْبُورَةٍ لِأَنَّ إِطْلَاقَ الْقَسْمِ عَلَى الْجَوَازِ وَغَيْر الْمَأْبُورَةِ دَاخِلَةٌ فِي الْقَسْمِ لِمَنْ هِيَ فِي نَخْلِهِ وَالْمَأْبُورَةُ مبقاة على الشّركَة وان اسْتثِْنَاء مَا لَمْ يُؤَبَّرْ وَلَمْ يُدْخِلَاهَا فِي الْقَسْمِ امْتَنَعَ وَإِنِ اشْتُرِطَتِ الْمُؤَبَّرَةُ وَأَدْخَلَاهَا فِي الْقَسْمِ امْتَنَعَ هَذَا كُلُّهُ عِنْدَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقِيلَ يَجُوزُ جَمِيعُ ذَلِكَ وَهُوَ أَحْسَنُ إِذَا لَمْ تَبْلُغْ إِلَى حَدِّ تَحْرِيمِ التَّفَاضُلِ كَالْبَلَحِ الْكَبِيرِ وَالزَّهْوِ.
فرع:
فِي الْكِتَابِ يَجُوزُ قَسْمُ الزَّرْعِ قبل بَدو صَلَاحه تحرياً على جُزْء مَكَانِهِ إِنْ أَمْكَنَ الْعَدْلُ فِي التَّحَرِّي وَكَذَلِكَ الْقَصَبُ وَالتِّبْنُ فَإِنْ تَرَكَ الزَّرْعَ حَتَّى صَارَ حَبًّا انْتَقَضَ الْقَسْمُ وَاقْتَسَمَاهُ كَيْلًا فَإِنْ حَصَدَ أحدهما حِصَّته وَترك الآخر حَتَّى تححبب انتفض لِامْتِنَاعِ بَيْعِ ذَلِكَ عَلَى التَّرْكِ إِلَى الطِّيبِ وَيَرُدُّ الْحَاصِدُ قِيمَةَ مَا حَصَدَ فَيُجْعَلَ مَعَ الزَّرْعِ الْقَائِمِ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ الْقَسْمَ هَاهُنَا بَيْعٌ والبلح الْكَبِير ان اخْتلفت حاجاتهم إِلَيْهِ بِأَنْ يَبِيعَ أَحَدُهُمَا وَيَأْكُلَ الْآخَرُ قُسِّمَ تَحَرِّيًا وَمَنْ عَرَفَ مَا حَصَلَ لَهُ فَهُوَ قبض وان لم يجده مَا لَمْ يَتْرُكْهُ حَتَّى يُزْهِيَ فَإِنْ تَرَكَ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ أَوْ تَرَكَاهُ جَمِيعًا حَتَّى أَزْهَى بَطَلَ الْقَسْمُ لِامْتِنَاعِ بَيْعِهِ عَلَى التَّرْكِ حَتَّى يُزْهِيَ بِخِلَافِ الرُّطَبِ لِجَوَازِ بَيْعِهِ عَلَى التَّرْكِ قَال ابْنُ يُونُسَ قَوْلهُ يَرُدُّ الْحَاضِرُ قِيمَةَ مَا حصد قَالَ أَشهب يَوْم اخذه لَا عَلَى الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ وَلَوْ أَكَلَ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ وَالْآخَرُ نِصْفَ حِصَّتِهِ وَبَقِيَ نِصْفُهَا حَتَّى أَزْهَى بَطَلَ الْقَسْمُ فِيمَا أَزْهَى وَرَدَّ الْآكِلُ جَمِيعَ حِصَّتِهِ نِصْفَ قِيمَةِ مَا صَارَ لَهُ قَالَ أَشهب يَوْم جذه لَا على الرَّجَاء وَالْخَوْفِ فَيَقْسِمَانِ ذَلِكَ مَعَ مَا أَزْهَى بِخِلَافِ مَنِ اشْتَرَى نَخْلًا عَلَى أَنْ يَتْرُكَهُ حَتَّى يَطِيبَ فَيَجُذُّهُ بَعْدَ إِزْهَائِهِ فَهَذَا بَيْعٌ فَاسِدٌ يُرَدُّ عَلَى الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ لِدُخُولِهِ عَلَى التَّرْكِ وَدُخُولِ الْقَاسِمِ عَلَى الْجَذِّ.
فرع:
قَال الْلَخْمِيّ قَسْمُ الْأَرْضِ بِمَا فِيهَا من بذر وَزرع يَمْتَنِعُ عِنْدَ مَالِك وَابْنِ الْقَاسِمِ سَوَاءٌ خَرَجَ مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَا إِلَّا أَنْ يَبْلُغَ حد الْإِطْعَام وَعَلَى قَوْل ابْنِ مَسْلَمَةَ يَجُوزُ وَيَخْتَلِفُ إِذَا قُسِّمَ عَلَى اسْتِثْنَاءِ مَا غَابَ بِهَا جَعَلَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ كَالَّذِي لَمْ يُؤَبَّرْ إِنْ لَمْ يَبْرُزْ مِنَ الْأَرْضِ وَكَالْمُؤَبَّرِ إِنْ بَرَزَ وَجَعَلَهُ مُحَمَّدٌ كَغَيْر الْمُؤَبَّرِ وَإِنْ خَرَجَ مَا لَمْ يسْتَقلّ كالشجرة والزهو وَقَالَ عبد وهاب كَالْمُؤَبَّرِ وَإِنْ لَمْ يَبْرُزْ لِأَنَّهُ حَبٌّ كَامِلٌ فِي نَفْسِهِ وَلَاحَظَ الْأَوَّلُ أَنَّ الْأَرْضَ كَالشَّجَرِ وَالزَّهْوِ فَعَلَى قَوْل ابْنِ الْقَاسِمِ يَمْتَنِعُ الْقَسْمُ قَبْلَ الْبُرُوزِ لِامْتِنَاعِ اسْتِثْنَائِهِ وَلَا يَدْخُلُ فِي الْمُقَاسَمَةِ وَلَا يَجُوزُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ إِنْ لَمْ يسبل وَسَوَاء اسْتثْنى أَو دخل فِي الْمُقَاسَمَةِ فَإِنْ أَسْبَلَ جَازَ اسْتِثْنَاؤُهُ وَامْتَنَعَ إِدْخَالُهُ فِي الْقَسْمِ لِاسْتِقْلَالِهِ وَعَلَى قَوْل عَبْدِ الْوَهَّابِ يَجُوزُ اسْتِثْنَاؤُهُ وَإِنْ لَمْ يَبْرُزْ لِأَنَّهُ عين مُجَاوَرِهِ وَيَخْتَلِفْ إِذَا اقْتَسَمَا وَلَمْ يَشْتَرِطَا فِي الْبَذْرِ وَلَا فِي الزَّرْعِ فَعَلَى هَذَا الْقَوْل يُحْمَلُ الْقَسْمُ عَلَى الْجَوَازِ وَعَلَى أَنَّ الْبَذْرَ بَاقٍ عَلَى الشَّرِكَةِ وَإِنْ لَمْ يَبْرُزْ وَعَلَى قَوْل مُحَمَّدٍ يَكُونُ مَحْمَلُهَا قَبْلَ الْبُرُوزِ عَلَى الْفَسَادِ وَبَعْدَ الْبُرُوزِ عَلَى الْجَوَازِ وَعَلَى أَنَّهُ بَاقٍ عَلَى الشَّرِكَةِ وَإِنْ لَمْ يَبْرُزْ وَعَلَى قَوْل مُحَمَّدٍ مَحْمَلُهَا عَلَى الْفَسَادِ وَإِنْ بَرَزَ وَلَمْ يَسْبُلْ قَال وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ لِأَنَّ الْبُذُورَ كالسلعة أُودِعَتْ فِي الْأَرْضِ فَيُحْمَلُ الْقَسْمُ عَلَى الْأَرْضِ دُونَ مَا فِيهَا فَإِنْ كَانَتْ أَرْضَانِ وَبَرَزَ زَرْعُ أَحَدِهِمَا دُونَ الْأُخْرَى لِأَنَّ مُطْلَقَ الْبَيْعِ عَلَى الْجَوَازِ وَيَكُونُ مَا لَمْ يَبْرُزْ لِمَنْ صَارَت لَهُ تِلْكَ الأَرْض وَمَا يبرز عَلَى الشَّرِكَةِ فَإِنِ اسْتَثْنَى مَا بَرَزَ مِمَّا فِي أَرْضِهِ ذَلِكَ الزَّرْعُ أَوْ نَصِيبَهُ مَا لَمْ يَبْرُزِ امْتَنَعَ الْقَسْمُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ.
فرع:
فِي الْكِتَابِ يُقَسَّمُ الْبُسْرُ أَوِ الرُّطَبُ بَعْدَ الْجِذَاذِ كَيْلًا وَإِنْ كَانَ يَخْتَلِفُ نُقْصَانُهُ عِنْدَ يَبَسِهِ لِجَوَازِ بَيْعِهِ كَذَلِكَ.
فرع:
فِي الْكتاب يقسم الصُّوف على الظّهْر ان جزاه إِلَى أَيَّامٍ قَرِيبَةٍ يَجُوزُ بَيْعُهُ إِلَيْهَا وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّهُ بَيْعُ مَجْهُولٍ.
فرع:
فِي الْكِتَابِ يُجْمَعُ الْبَزُّ كُلُّهُ الدِّيبَاجُ وَثِيَابُ الْكِتَّانِ وَالْقُطْنِ وَالْحَرِيرِ وَالصُّوفِ وَالْأَفْرِيَةِ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي كل صنف مَا يحمل الْقسم مُفردا وَلَا يقسم مُفْرَدًا نَفْيًا لِلْغَرَرِ وَقَال أَيْضًا يُجْعَلُ الْجَمِيعُ نوعا وَاحِدًا وَيقسم بِالْقيمَةِ كَمَا يقسم الْعَبِيدُ وَفِيهَا الْعَلِيُّ وَالدَّنِيُّ وَالذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَكَذَلِكَ الابل وَالْبَقر وَتجمع الْقَصَص والجبات وَالْأَرْدِيَةُ وَالسَّرَاوِيلَاتُ فِي الْقَسْمِ وَلَا تُضَمُّ الْبُسُطُ وَالْوَسَائِدُ مَعَ الْأَمْتِعَةِ وَالثِّيَابِ وَلَا تُجْمَعُ الْخَيْلُ وَالْبَرَاذِينُ وَالْحَمِيرُ وَالْبِغَالُ فِي الْقَسْمِ بِالسَّهْمِ بَلْ كُلُّ صِنْفٍ عَلَى حِدَةٍ وَالْخَيْلُ وَالْبَرَاذِينُ صِنْفٌ وَالْبِغَالُ صِنْفٌ وَالْحَمِيرُ صِنْفٌ فِي التَّنْبِيهَات اخْتُلِفَ فِي تَأْوِيلِ كَلَامِهِ فَقِيلَ اخْتِلَافٌ قَال يُقَسَّمُ كل صنف وَحده ان حمل الْقسم كَانَا ثِيَابًا أَوْ عَبِيدًا أَوْ حَيَوَانًا فَتَكُونُ التَّفْرِقَةُ عَلَى هَذَا اسْتِحْسَانًا وَمَذْهَبُهُ الْآخَرُ يُجْمَعُ الْجِنْسُ كُلُّهُ فِي الْقَسْمِ وَإِنِ احْتَمَلَ كَمَا قَال فِي الثِّيَابِ وَالْعَبِيدِ وَمَذْهَبُهُ الثَّالِثُ لَا يُجْمَعُ شَيْءٌ إِلَى غَيْرهِ وَإِنْ لَمْ يَحْتَمِلِ الْقَسْمَ كَانَ ثيابًا أَو دَوَاب وَرَاعَى أَشْهَب فِي الْجَمِيعِ مَا يَمْتَنِعُ سَلَمُ بَعْضِهِ فِي بَعْضٍ وَرَاعَى ابْنُ حَبِيب التَّشَابُهَ فِي الْأَصْلِ وَالصَّفْقَةِ كَالْكَتَّانِ مَعَ الْقُطْنِ وَالصُّوفِ مَعَ الْمعز وَالْحَرِير مَعَ الْخَزّ لَان الْقرعَة غرر فَتبقى بِحَسْبِ الْإِمْكَانِ فَتُجْعَلُ فِي الْمُتَقَارِبِ دُونَ الْمُتَبَاعِدِ قَال ابْنُ يُونُسَ لَا يُجْمَعُ اللُّؤْلُؤُ مَعَ الْيَاقُوتِ وَالزَّبَرْجَدُ مَعَ الْيَاقُوتِ إِلَّا بِالتَّرَاضِي وَقَال ابْنُ حَبِيب الْحَرِيرُ صِنْفٌ وَلَا يقسم الديباج مَعَ الْحَرِير والخز وفراء الخراف لَا تجمع كالفراء القلينات لِتَبَايُنِهَا وَلَا فِرَاءٌ مَعْمُولَةٌ إِلَى غَيْر مَعْمُولَةٍ قَال الْلَخْمِيّ اتَّفَقَ الْمَذْهَبُ عَلَى قَسْمِ الدِّيَارِ وَالْأَرْضِ بِالْقُرْعَةِ وَاخْتَلَفَ فِي غَيْرهَا مِنَ الْحَيَوَانِ وَالْعُرُوضِ وَمَنَعَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَقَال يُبَاعُ وَيُقَسَّمُ ثمنه لَان الأَصْل منع الْقُرْعَةِ لِتَضَمُّنِهَا نَقْلَ مِلْكِ الْإِنْسَانِ بِغَيْر رِضَاهُ وَلِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَدْ يَكُونُ غَرَضُهُ فِيمَا صَارَ لِشَرِيكِهِ وَيَرْجُو حُصُولَهُ وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمْ يَرْضَ وَالضَّرَرُ فِي خُرُوجِ الْعَقَارِ عَنِ الْمِلْكِ بِالْبَيْعِ لَيْسَ كَغَيْرهِ يَجُوزُ قَسْمُهُ بِالْقُرْعَةِ وَلِذَلِكَ أَجَزْنَا لَهُ الشُّفْعَةَ دُونَ غَيْرهِ وَقَال ش يُجْبَرُ عَلَى الْقَسْمِ فِي الْمِثْلِيَّاتِ وَالْأَرْضِ لِقِلَّةِ الْغَرَرِ بِخِلَافِ الدَّارَيْنِ وَالْحَانُوتَيْنِ الْمُخْتَلِفَيْنِ وَيُجْبَرُ فِي الْعَبِيدِ وَالدَّوَابِّ الْمُسْتَوِيَةِ الْقِيمَةِ خِلَافًا لِ ح وَلَا يُجْبَرُ فِي الْمُخْتَلِفَاتِ كَالتُّرْكِيِّ مَعَ الزنْجِي والعلو مَعَ الاسفل لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ هَذَا مَذْهَبُ ش قَال الْلَخْمِيّ وَجَعَلَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْخَيْلَ وَالْبَرَاذِينَ صِنْفًا وَالْبِغَالَ وَالْحمير صنفين وَمنع أَشهب الْخَيل والبراوين صنفا لإسلام بَعْضهَا ي بَعْضٍ فَإِنْ كَانَ كُلُّ قَسْمٍ لَا يَحْمِلُ الْقَسْمُ مُفْرَدًا بِيعَ إِلَّا أَنْ يَتَرَاضَوْا فَيَجُوزُ وان كَانَ بِالْقُرْعَةِ وَكَذَلِكَ الْخَيل إِذا كَانَ فرسا سَابِقًا لَا يجمع قَوْلهُ بِالْقُرْعَةِ جَبْرًا وَقَال ابْنُ الْقَاسِمِ الْبِغَالُ وَالْحَمِيرُ صِنْفٌ لَا يُسَلَّمُ بَعْضُهَا فِي بَعْضٍ وَإِذَا امْتَنَعَ السَّلْمُ فَالْقَسْمُ أَوْلَى بِالْجَمْعِ لِأَنَّهُ جَمْعٌ فِي السَّهْمِ مَا يُسَلَّمُ بَعْضُهُ فِي بَعْضٍ وَتُجْمَعُ الْإِبِلُ فِي الْقَسْمِ إِذَا تَقَارَبَتْ صفاتها يجوز اسلام بَعْضهَا بَعْضٍ وَيَخْتَلِفُ إِذَا تَبَايَنَتْ فَعَلَى أَحَدِ قَوْليِ ابْنِ الْقَاسِمِ يَجُوزُ اخْتِيَارًا وَإِنْ كَانَ الْجَيِّدُ يَحْمِلُ الْقَسْمَ مُفْرَدًا وَعَلَى قَوْلهِ الْآخَرِ يَمْتَنِعُ الا ان لَا يَحْمِلَ كُلُّ صِنْفٍ الْقَسْمَ مُفْرَدًا وَعَلَى قَوْل أَشْهَب يَمْتَنِعُ جَبْرًا وَإِنْ لَمْ يَحْمِلِ الْقَسْمَ مُفردا قَالَ صَاحب الْمُقدمَات اخْتلف فِيمَا يجمع فِي الْقَسْمِ مَجْرَى الْبَيْعِ فَمَا جَازَ إِسْلَامُ بَعْضِهِ فِي بَعْضٍ امْتَنَعَ جَمْعُهُ فِي الْقُرْعَةِ وَمَا امْتَنَعَ إِسْلَامُ بَعْضِهِ فِي بَعْضِ جَازَ جمعه وَابْن الْقَاسِم لم يجز جَعْلَ الْقَسْمِ تَارَةً بَيْعًا وَتَارَةً أَخَفَّ مِنَ الْبَيْعِ فَجَمَعَ مَا يَمْتَنِعُ إِسْلَامُ بَعْضِهِ فِي بَعْضٍ كَجَمْعِهِ الْبَزَّ وَهُوَ أَصْنَافٌ فِي الْبَيْعِ وَتَارَةً أَشَدُّ مِنَ الْبَيْعِ كَمَنْعِهِ مِنْ جَمْعِ الْخَيْلِ وَالْبَرَاذِينِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ إِلَّا أَنْ يَتَأَوَّلَ أَنَّهُ أَرَادَ إِذَا كَانَ فِي كُلِّ صِنْفٍ مَا يَحْمِلُ الْقَسْمَ وَهُوَ أَوْلَى مَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ قَوْلهُ فَتَحَصَّلَ مِنْ مَذْهَبِهِ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ تُجْمَعُ الْخَيْلُ وَالْبَرَاذِينُ وَالْبِغَالُ وَالْحَمِيرُ إِنْ كَانَ فِي كُلِّ صِنْفٍ مَا يَحْمِلُ الْقَسْمَ وَلَا تُجْمَعُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ كُلُّ صِنْفٍ مِنْهَا لَا يَحْمِلُ الْقَسْمَ وَلَا تُجْمَعُ مُطْلَقًا وَكَذَلِكَ الْبَزُّ وَالثِّيَابُ عَلَى هَذَا الْقِيَاسِ يَكُونُ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ وَأَجَازَ أَشْهَب جَمْعَ الصِّنْفَيْنِ تَرَاضِيًا وَمِثْلُهُ مَوْجُودٌ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ فِي النَّخْلَةِ وَالزَّيْتُونَةِ وَهُوَ مُشكل لِأَنَّهُ ان كَانَ غرراً امْتنع من الرِّضَا بِهِ وَإِلَّا لَزِمَ الْجَبْرُ فِيهِ وَمَدَارُ الْعُلَمَاءِ فِي هَذَا الْبَابِ كُلِّهِ عَلَى التَّقَارُبِ وَنَفْيِ الْغَرَرِ وَفِي الْجَوَاهِر قَال مُطَرِّفٌ الْبَزُّ صُنُوفٌ لَا يُقْرَعُ إِلَّا فِي صِنْفٍ مُتَشَابِهٍ وَإِنْ عُدِلَ بِالْقِيمَةِ فَالْحَرِيرُ أَوِ الْخَزُّ أَوِ الصُّوف أَو المرعز لَا يضم مَعَ التِّبْن وَالْكَتَّانِ وَلَا مَعَ الْبَزِّ وَلَا مَعَ الدِّيبَاجِ وَقَال عَبْدُ الْمَلِكِ الْقُطْنُ وَالْكَتَّانُ مِنَ الْبَيَاضِ صنف وان كَانَت قُمُصًا وَأَرْدِيَةً وَعَمَائِمَ وَجَبَايَا.
فرع:
فِي الْكِتَابِ يُقَوِّمُ الْمُقَوِّمُ قِيمَةَ الْعَدْلِ ثُمَّ يُسْهِمُ عَلَيْهِ وَمَا خَرَجَ لَزِمَ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ لِأَنَّ الْقَاسِمَ حَاكِمٌ أَوْ لِأَنَّهُمْ تَرَاضَوْا بِهِ فَهُوَ كَالرِّضَا بِالْبَيْعِ يُلْزِمُ وَيُقَسِّمُ عَلَى أَقَلِّ السِّهَامِ لِأَنَّهُ يُغْنِي عَنْ إِعَادَةِ الْقَسْمِ فَمن خرج سَهْمُهُ جَمَعَ لَهُ تَمَامَ نَصِيبِهِ وَلَا يُفَرِّقُ لِأَنَّهُ ضَرَرٌ فَإِنْ تَشَاحُّوا فِي الْبِدَايَةِ بِأَيِّ الطَّرَفَيْنِ أَسْهَمَ عَلَيْهَا ثُمَّ مَا خَرَجَ أَسْهَمَ بَعْدَ ذَلِكَ فَمَنْ خَرَجَ جَعَلَ مِنْ تِلْكَ الْجِهَاتِ وَضَمَّ إِلَيْهِ فِيهَا سِهَامَهُ ثُمَّ يَضْرِبُ الْبَيْضَاء بِالسِّهَامِ لِلْبَاقِينَ فَإِنْ تَشَاحُّوا فِي أَيِّ الطَّرَفَيْنِ يَبْدَأُ فَكَمَا تَقَدَّمَ فَإِنْ بَقِيَ اثْنَانِ فَتَشَاحَّا فِي الطَّرَفَيْنِ لَمْ يُنْظَرْ إِلَى قَوْلهِمَا وَضَرَبَ على أَي الْجِهَات شَاءَ الْقَاسِم فَإِذا تَكُ امْرَأَتَهُ وَابْنًا أَوْ عَصَبَةً لَمْ يُسْهِمْ لِلْمَرْأَةِ إِلَّا عَلَى أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ لَا فِي الْوَسَطِ فَتَأْخُذُ أَحَدَ الطَّرَفَيْنِ وَالْبَاقِي لِلْوَلَدِ أَوِ الْعَصَبَةِ وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَ الْوَلَدُ أَوِ الْعَصَبَةُ عَدَدًا وَلَا يُسهم رَجُلَيْنِ فِي الْقَسْمِ وَإِنْ رَأَى ذَلِكَ الْبَاقُونَ إِلَّا فِي مِثْلِ هَذَا لِأَنَّ فِي الْجَمْعِ زِيَادَة عذر فِي الْقُرْعَةِ وَقَال صَاحِب التَّنْبِيهَات فَأَوَّلَ ابْنُ الْقَاسِمِ قَوْل مَالِك نَصِيبُ اثْنَيْنِ فِي الْقَسْمِ اخْتَلَفَا أَوِ اتَّفَقَا رَضِيَا أَوْ كَرِهَا جَمَعَهُمْ سهم أَو فرقهم وَغَيره يرى جمع كُلِّ سَهْمٍ فِي سَهْمٍ وَاحِدٍ رَضُوا أَوْ كَرهُوا فَإِن شاؤا بقوا شُرَكَاء تَقَاسَمُوا وَقَوْلهُ يُسْهَمُ لِلزَّوْجَةِ قَال ابْنُ كِنَانَةَ مَذْهَبُهُ فِي الزَّوْجَةِ وَغَيْرهَا يُبْدَأُ بِالسَّهْمِ لِصَاحِب السَّهْمِ الْقَلِيلِ وَيُجْعَلُ فِي طَرَفٍ وَقَال الْمُغِيرَةُ يُسهم للزَّوْجَة حَيْثُ خرج بَينهمَا لِأَنَّ الْأَغْرَاضَ تَتَعَلَّقُ بِالْجِهَاتِ لِمَصَالِحَ تَتَعَلَّقُ بِهَا مِنْ قُرْبِ الْمَاءِ وَغَيْرهِ وَلَيْسَ إِجَابَةُ مَنْ غَرَضُهُ فِي المشَّرْقِ أَوْلَى مِمَّنْ غَرَضُهُ فِي الغرب وَلَا مَعْنَى لِقَوْل ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالطَّرَفَيْنِ السِّهَامُ لِأَنَّ السِّهَامَ إِنِ اخْتَلَفَتْ فَالْمُعْتَبَرُ الْأَقَلُّ أَوِ اسْتَوَتْ فَالضَّرْبُ لِأَحَدِهِمْ ضَرْبٌ لِلْجَمِيعِ قَال الْلَخْمِيّ إِنْ كَانَ مَعَ الزَّوْجَةِ ابْنٌ وَاحِدٌ فَكَمَا قَال فِي الْكِتَابِ فَإِنْ كَثُرَ الْأَوْلَادُ فَهُمْ كَالْوَاحِدِ يُسْهَمُ لَهُمْ سَهْمٌ يَقْتَسِمُونَ ان شاؤا وَعَنْهُ كُلُّ وَاحِدٍ صَاحِب سَهْمٍ وَقَال ابْنُ الْقَاسِمِ يَتَرَاضَوْنَ وَيُسْهَمُ لَهُمْ سَهْمٌ وَاحِدٌ لِلْخِلَافِ فِي ذَلِكَ وَالْخِلَافُ فِي الْأَخِ وَابْنِ الْعَمِّ مَعَ الزَّوْجَةِ كَمَا تَقَدَّمَ وَإِنْ كَانَ أَرْبَعُ زَوْجَاتٍ ضُرِبَ لَهُنَّ سَهْمٌ وَاحِدٌ اتِّفَاقًا فَإِنِ اجْتَمَعَ زَوْجَاتٌ وَجَدَّاتٌ وَبَنَاتٌ وَعَصَبَةٌ قُسِمَ عَلَى سهم العاصب لِأَن اقلهم جُزْء مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ وَاسْتُحْسِنَ إِذَا كَانَتْ تَنْقَسِمُ أَثْلَاثًا وَالثُّلُثُ لَا يَقْبَلُ الْقَسْمَ أَنْ يُقَسَّمَ فَتَأْخُذُ الْبَنَاتُ نَصِيبَهُنَّ وَيُشْتَرَكُ فِي الْبَاقِي بِخِلَافِ إِذَا كَانَ الْقَسْمُ عَلَى جَمِيعِهِمْ إِلَّا الْعَاصِبَ يَقُولُ كُلُّ وَاحِدٍ يَبْقَى الْعَاصِبُ مَعَ غَيْري فَتَبْقَى الشَّرِكَةُ عَلَى حَالِهَا لِعَدَمِ الْمُرَجَّحِ إِلَّا أَنْ يَرْضَى أَحَدُهُمْ بِضَمِّهِ إِلَيْهِ وَلَا يُقْرَعَ عَلَى مَنْ يُضَمُّ إِلَيْهِ لِئَلَّا تَتَعَدَّى الْقَرْعَةُ مَحَلَّ مَشْرُوعِيَّتِهَا فَإِنِ اجْتَمَعَ لِأَحَدِهِمْ سَهْمٌ مِنْ مِيرَاثٍ بَعْدَ مِيرَاثٍ أَوْ مِيرَاثٍ وَشِرَاءٍ مِنْ وَارِث أَو من مَالك مُتَقَدِّمٍ عَلَى الْإِرْثِ أَوْ مِيرَاثٍ وَهِبَةٍ جُمِعَ ذَلِكَ كُلُّهُ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ وَيُضْرَبُ لَهُ عَلَيْهَا بِالسَّهْمِ وَفِي الْقَسْمِ بَيْنَ الْوَرَثَةِ بِقَدْرِ السِّهَام لَا على عدد الرؤس فَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ أَهْلِ سَهْمٍ فِي الْقَسْمِ وَيُقَسَّمُ لِأَهْلِ كُلِّ سَهْمٍ نَصِيبُهُمْ فِي حَيِّزٍ ثمَّ يقتسمونه قسْمَة ثَانِيَة ان شاؤوا أَوْ يَتْرُكُونَهُ وَفِي النَّوَادِرِ إِنْ طَلَبَ أَحَدُ الْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ إِفْرَادَ نَصِيبِهِ فِي الْقَسْمِ لَا يُجَابُ إِلَى ذَلِكَ حَتَّى يُقْسَمَ لِإِخْوَتِهِ قَسْمًا وَاحِدًا لِأَنَّ شُفْعَتَهُ لِأَهْلِ سَهْمِهِ فَيُفْرَدُوا بِالْقَسْمِ فِي حَيِّزٍ وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِالْقَسْمِ إِنَّمَا هُوَ إِخْرَاجُ السِّهَامِ وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ كَلَامِ الْلَخْمِيّ أَنَّ الْقِسْمَةَ تَقَعُ مَعَ الْجَدَّاتِ وَالْبَنَاتِ وَالزَّوْجَاتِ أَوْ عَاصِبٍ قُسِّمَ عَلَى سَهْمِ الْعَاصِبِ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ فَقَدْ أُفْرِدَتْ كُلُّ زَوْجَةٍ وَكُلُّ جَدَّةٍ فَهُوَ مُخَالِفٌ لِقَوْل ابْنِ الْجَلَّابِ مَعَ أَنَّ قَوْلهُ مَنْقُولٌ فِي الدَّوَاوِينِ وَالظَّاهِرُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إِذا انْفَرد ذووا الْفَرَائِضِ دُونَ عَاصِبٍ يَقْتَضِي التَّوْزِيعَ عَلَى أَقَلَّ مِنْ تِلْكَ السِّهَامِ وَفِي الْجَوَاهِر صِفَةُ الْقُرْعَةِ تُكْتَبُ أَسْمَاءُ الشُّرَكَاءِ فِي رِقَاعٍ وَتُجْعَلُ فِي بناديق طين أَو غَيره وترمى كل بندقة فَمن حصل سَهْمه فِي سَهْمه أَخَذَ حَقَّهُ مُتَّصِلًا فِي تِلْكَ الْجِهَةِ وَقِيلَ تُكْتَبُ الْأَسْمَاءُ وَالْجِهَاتُ ثُمَّ تُخْرَجُ الْبُنْدُقَةُ مِنَ الْأَسْمَاءِ ثُمَّ أَوَّلُ بُنْدُقَةٍ مِنَ الْجِهَاتِ فَيُعْطَى من خرج سَهْمه فِي تِلْكَ الْجِهَةِ وَفِي النَّوَادِرِ تَرَكَ ابْنًا وَثَلَاث بَنَات ودارين ووهبت احداهن لأَخِيهَا مِيرَاثهَا لأختها مِنْ إِحْدَى الدَّارَيْنِ قَال سَحْنُون تُقَسَّمُ الدَّارُ خَمْسَةَ أَجْزَاءٍ فَإِذَا خَرَجَ سَهْمُ الْغُلَامِ جُمِعَ لَهُ سَهْمَان فَإِن خَرَجَ سَهْمُ إِحْدَاهُنَّ أُخِذَ الثَّالِثُ ثُمَّ يُسْهَمُ فَيَأْخُذ للثَّانِيَة الْخُمُسُ الرَّابِعُ ثُمَّ الْبَاقِي لِلثَّالِثَةِ فَإِنْ خَرَجَ أَوَّلًا لِإِحْدَاهُنَّ خَرَجْنَ قَبْلَهُ فَلَهُ الْبَاقِي فَإِنْ وَقع سهم الواهبة فِي الدوار الْمَوْهُوبَة فسهمها للْمَوْهُوب أَو فِي الدَّار الخرى بطلت بَينهمَا فَإِن اخْتلفت الداران مَبْنِيَّة وقاعة قُسِّمَتَا مُفْرَدَتَيْنِ فَإِنْ كَانَتِ الْهِبَةُ فِي الْمَبْنِيَّةِ جمع للموهوبة فِيهَا سَهْمَانِ مِنْ خَمْسَةٍ بِالْقِيمَةِ أَوْ فِي الْقَاعَةِ فَكَذَلِكَ وَمَتَى كَانَتِ الدَّارَانِ لَا يَجْتَمِعَانِ فِي الْقسم جمع للموهبة سَهْمَانِ فِي مَوْضِعٍ إِلَّا أَنْ يَقْتَسِمُوا الَّتِي لَيْسَتِ الْهِبَةُ فِيهَا.
فرع:
قَال صَاحِب التَّنْبِيهَات يُقَسَّمُ الْمَاءُ بِالْقِلْدِ.
فَائِدَةٌ:
قَال الْقِلْدُ بِكَسْرِ الْقَافِ وَسُكُونِ اللَّامِ وَهُوَ الْقِدْرُ الَّتِي يُقَسَّمُ بِهَا الْمَاءُ قَالهُ جَمَاعَةٌ وَقَال ابْنُ دُرَيْدٍ هُوَ الْحَظ من المَاء يُقَال سقينا أَرْضنَا بِقِلْدِنَا أَيْ بِحَظِّنَا وَقَال ابْنُ قُتَيْبَةَ هُوَ سَقْيُ الزَّرْعِ وَقْتَ حَاجَتِهِ.
تَمْهِيدٌ:
قَال صَاحِب التَّنْبِيهَات اخْتَلَفَ الْأَصْحَابُ فِي ضَبْطِ الْقِلْدِ فَذَكَرُوا صِفَاتٍ وَأَوْرَدَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ أَسْئِلَةً كَثِيرَةً وَقَدْ جَمَعْتُ ذَلِكَ مُحَرَّرًا فَقَال عَبْدُ الْمَلِكِ وَأَصْبَغُ وَغَيْرهُمَا يُثْقَبُ أَسْفَلَ قِدْرٍ بِمِثْقَبٍ يَمْسِكُهُ الأمنيان عِنْدَهُمَا وَتُعَلَّقُ عَلَى قَصْرِيَّةٍ وَيُصَبُّ الْمَاءُ فِيهَا مَعَ الْفَجْرِ وَكُلَّمَا قَرُبَ فَرَاغُهُ صُبَّ إِلَى الْفجْر من الْغَد وَيُقَسَّمُ الْمَاءُ الْمُجْتَمِعُ عَلَى أَقَلِّهِمْ سَهْمًا أَوْ كَيْلًا أَوْ وَزْنًا ثُمَّ يُجْعَلُ لِكُلِّ شَرِيكٍ قِدْرٌ يَحْمِلُ سَهْمَهُ وَيُثْقَبُ بِالْمِثْقَبِ الْأَوَّلِ وَيُعَلَّقُ بِمَائِهِ وَيُصَرَّفُ الْمَاءُ كُلُّهُ إِلَيْهِ فَيَسْقِي مَا دَامَ الْمَاءُ يَسِيلُ مِنَ الْقِدْرِ فَإِنْ تَشَاحُّوا فِي التَّبْدِئَةِ اسْتَهَمُوا وَقِيلَ هَذَا فَاسِدٌ إِذَا كَانَ بَعْضُهُمْ أَكْثَرَ سَهْمًا لِأَنَّ كِبَرَ الْقِدْرِ يُوجِبُ الثِّقَلُ وَشِدَّةُ الْجَرْيَةِ أَمْثَالَ غَيْرهِ بِضَغْطِ الْمَاءِ فَيُعِينُ صَاحِبهُ وَإِنَّمَا يَصِحُّ مِنْ تَسَاوِي الأنضباء بَلْ تُجْعَلُ الْقُدُورُ مُسْتَوِيَةً وَيُأْخَذُ السَّهْمُ الْكَثِيرُ عددا من الْقُدُور وَأَيْضًا قَوْلهم بصب الْمَاءِ عِنْدَ الْفَرَاغِ بَاطِلٌ لِأَنَّ جَرْيَةَ الْمَاءِ عِنْدَ امْتِلَاءِ الْقِدْرِ أَشَدُّ بَلْ يَنْبَغِي صَبُّ المَاء عِنْد أول النَّقْص وايضاً يقْضِي اللَّيْل وَالنَّهَار فِي الْقُدُور المتفرقة قَبْلَ تَمَامِ الْمَاءِ فِي الْقِدْرِ الْوَاحِدَةِ وَيَزِيدَانِ مَعَ الْقُدُورِ لِأَجْلِ ثِقَلِ الْمَاءِ فِي الْوَاحِدَةِ فَيَفْضُلُ مَعَ الْقُدُورِ مِنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ فَضْلٌ وَمِنَ الْأَشْرَاكِ مَنْ لَمْ يَسْقِ وَقَال ابْنُ الْعَطَّارِ بَلْ يَكْفِي نَصِيبُ الْأَقَلِّ فِي الْقِلْدِ وَيَسْقِي إِلَى أَنْ يَذْهَبَ فَيُلْقَى فِيهِ مَكِيلَةٌ لِلْآخَرِ كَذَلِكَ حَتَّى يَنْقَضِيَ الْيَوْمُ وَاللَّيْلُ وَالسُّؤَالُ الْأَخِيرُ وَارِدٌ عَلَى ابْنِ الْعَطَّارِ فَيَأْخُذُ صَاحِب الْمَاءِ الْقَلِيلِ أَكْثَرَ مِنْ حَقِّهِ لِضَعْفِ جَرْيَةِ مِائَهِ وَيَفْضُلُ مِنَ الزَّمَانِ وَالْأَشْرَاكِ كَمَا تَقَدَّمَ وَقَال غَيْر ابْنِ الْعَطَّارِ مِنَ الصِّقَلِّيِّينَ لَا يلْتَزم اللَّيْلَة وَالْيَوْمَ بَلْ يَبْتَدِئُ أَيَّ وَقْتٍ شَاءَ أَوْ يُقْرِعُوا إِذَا فَرَغَتْ نُوَبُهُمْ وَإِنْ زَادَ عَلَى الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ وَقَالهُ ابْنُ يُونُسَ فَسَلَمَ مِنَ السُّؤَالِ الْأَخِيرِ وَمِنْ سُؤَالٍ آخَرَ سَيَأْتِي فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لِدَوَرَانِ النُّوَبِ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ فَمَنْ سَقَى بِاللَّيْلِ مَرَّةً سَقَى بِالنَّهَارِ أُخْرَى وَقَال ابْنُ لُبَابَةَ تُؤْخَذُ قِدْرٌ مُسْتَوِيَةٌ يُثْقَبُ فِي جَانِبِهَا ثُقْب بِقَدْرِ الْأَنْصِبَاءِ لِكُلِّ قِسْطٍ ثُقْبٌ بِقَدْرِ مَبْلَغِ مَاءِ الْقِسْطِ الْأَوَّلِ فِي جَانبهَا ويثقب لِلثَّالِثِ آخِرَ الثَّانِي هَكَذَا فَمَنْ خَرَجَ سَهْمُهُ أُلْقِيَ مَاؤُهُ فِي الْقِلْدِ فَإِنْ أَخْرَجَتِ الْقَرْعَةُ من لَهُ ثَلَاثَة اقساط فنح الثُّقْبُ الْأَوَّلُ فَإِذَا انْقَضَى الْقِسْطُ الَّذِي فَوْقَ فُتِحَ الثَّانِي ثُمَّ كَذَلِكَ الثَّالِثُ فَإِذَا تَمَّ انْقَضَى سَهْمُهُ وَيُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّ خُرُوجَ قِسْطِ مَاءٍ مِنْ ثُقْبٍ تَحْتَهُ فِي جَانِبِ الْقَدْرِ لَيْسَ كَقُوَّةِ خُرُوجِهِ أَوَّلًا مِنْ أَسْفَلِ الْقِلْدِ وَهُوَ مملوؤ وَقَال ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ بَلْ يُثْقَبُ لِصَاحِب الثُّلُثِ ثُقْبٌ فِي ثُلُثِ الْقِدْرِ وَلِصَاحِب النِّصْفِ فِي نصفهَا على قدر سِهَامهمْ وَيرد على الْوَارِدِ عَلَى ابْنِ لُبَابَةَ قَال الْقَاضِي وَالَّذِي يَظْهَرُ لِي مَا يَسْلَمُ مِنْ هَذِهِ الْأَسْئِلَةِ وَهُوَ أَقَلُّ عَمَلًا وَأَوَانِي وَهُوَ أَنْ يَنْصَبَّ مَعَ الْفَجْرِ وَلَا يَتْرُكَهُ يَنْقُصُ ثُمَّ يُقْسَمُ مَاءُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ أَوْ تُجْعَلُ أَوَانِي تَحْتَهُ عَرَفْنَا وَزْنَهَا أَوْ كَيْلَهَا كُلَّمَا امْتَلَأَتْ أَزَلْنَاهَا وَنَصَبْنَا أُخْرَى مِثْلَهَا وَأَرَقْنَا الْأَوَّلَ وَأَدْرَكْنَا بِهَا نَقْصَ الْقِلْدِ ثُمَّ هَكَذَا يُتَنَاوَلُ بَيْنَ اثْنَيْنِ حَتَّى يَمْضِيَ النَّهَارُ وَاللَّيْلُ وَقَدْ عَرَفْنَا عَدَدَ مَا مَلَأْنَاهُ مِنَ الْأَوَانِي وتستغني بذلك من أَعْدَادِ الْمَاءِ فِي الْجَرَّارِ لِلسَّكْبِ فِي الْقِلْدِ وَعَنْ إعْدَادِ الْقَصَارِي لِجَمْعِ الْمَاءِ ثُمَّ نُقَسِّمُ ذَلِكَ وَعَرَفْنَا مَا يَقَعُ لِكُلِّ سَهْمٍ بِتِلْكَ الْإِثْنَيْنِ ويحفظها ثمَّ يعلق الْقِلْدُ مَمْلُوءًا كَمَا فَعَلْنَا أَوَّلًا وَنَصَبْنَا تَحْتَهُ الْآنِيَةَ مَعَ الْفَجْرِ وَبَدَأْنَا بِالْأَوَّلِ كَمَا تَقَدَّمَ وفتحنا الثقب وَكلما نقص مِنْهَا شَيْءٌ عَوَّضْنَاهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ حَتَّى يَعْتَدِلَ عِنْد السَّقْي كَمَا اعتدلت هَذِهِ الْآنِيَةُ فَمَنْ كَانَتْ قِدْرُ نَصِيبِهِ حَوْلَ الْمَاءِ وَجُعِلَتِ الْأُخْرَى لِغَيْرهِ وَأُرِيقَتْ هَذِهِ وَاسْتُدْرِكَتْ مِنْهَا مَا تصب من مَاء القلد وَمن لَهُ اثْنَان أَبَدًا وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى غَيْرهِمَا وَيَتَعَاهَدُ الْقِدْرَ فِي كُلِّ ذَلِكَ فَتَذْهَبُ الِاعْتِرَاضَاتُ كُلُّهَا إِلَّا وَاحِدًا وَهُوَ أَنَّ السَّقْيَ بِاللَّيْلِ قَدْ يُرْغَبُ فِيهِ لِكَثْرَةِ الْمَاءِ فِيهِ وَسُرْعَةِ جَرْيَتِهِ لِغَلَبَةِ الرُّطُوبَةِ عَلَى الْأَرْضِ وَالْهَوَاءِ لَيْلًا وَالرَّاحَةِ مِنْ حَرِّ الشَّمْسِ وَأَنَّهُ أَحْسَنُ لِلشَّجَرِ وَالنَّبَاتِ وَقَدْ يُرْغَبُ فِي النَّهَارِ لِقِلَّةِ مُؤْنَتِهِ وَالرَّاحَةِ مِنَ الظَّلَامِ وَالسَّهَرِ وَلَا يَصِحُّ جَمْعُهُمَا فِي قُرْعَةٍ لِلِاخْتِلَافِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُفَرَّقَ الْقِلْدُ فَيُجْعَلَ سَهْمُ اللَّيْلِ وَحْدَهُ وَالنَّهَارِ وَحْدَهُ إِلَّا أَنْ يُقَال ان هَذَا تدعوا اليه الضَّرُورَة كقسم الدَّار فِيهَا بِنَا آن عَتِيقٌ وَجَدِيدٌ وَالْأَرْضُ فِيهَا خَسِيسٌ وَنَفِيسٌ وَقَال ابْنُ لُبَابَةَ أَحَبُّ إِلَيَّ قَسْمُ مَاءِ كُلِّ لَيْلَة وَفِي كل يَوْمٍ عَلَى شُهُورِ الْعَجَمِ لِاخْتِلَافِ اللَّيَالِي وَالْأَيَّامِ قَال الْقَاضِي وَهَذَا شَاقُّ لِاحْتِيَاجِ كُلِّ لَيْلَةٍ أَوْ يَوْمٍ لِمِقْيَاسٍ أَوْ نِصْفِ السَّنَةِ وَيُلْحَقُ بِهِ النِّصْفُ الْآخَرُ قَال ابْنُ الْعَطَّارِ يُنْظَرُ إِلَى بَعِيدِ الْأَرْضِ وَقَرِيبِهَا إِنْ كَانَ أَصْلُ اشْتِرَاكِهِمَا بِمِيرَاثٍ أَوْ غَيْرهِ ثُمَّ تَقَاسَمُوا اسْتَوَى الْقَرِيبُ وَالْبَعِيدُ وَلَيْسَ لِلْبَعِيدِ أَنْ يَقُولَ لَا يُحْسَبُ عَلَيَّ الْمَاءُ حَتَّى يَدْخُلَ أَرْضِي لِأَنَّ أَرْضَهُ عِنْدَ الْقَسْمِ قُوِّمَتْ بِبُعْدِهَا عَنِ الْقِلْدِ بِقِيمَةٍ أَقَلَّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْأَرَضِينَ قَسْمٌ وَلَا اشْتِرَاكٌ وَلَا كَيْفَ مَلَكَهَا إِلَّا أَنَّهُمْ شُرَكَاء وَفِي الْمَاءِ فَلَا يُحْسَبُ عَلَى الْبَعِيدِ حَتَّى يَدْخُلَ ارضه وَعَن عَبْدِ الْمَلِكِ فِي الْقَوْمِ يَرِثُونَ الْأَرْضَ عَلَيْهَا مَاءٌ مَأْمُونٌ كَثِيرٌ يَقْتَسِمُونَ الْأَرْضَ وَبَعْضُهُمْ أَقْرَبُ للعين فَقيل الْمَاءُ فَيَصِيرُ يُقَوَّمُ بِالْقَرِيبِ دُونَ الْبَعِيدِ فَأَرَادُوا إِعَادَةَ الْقَسْمِ فَيُمْضَى قَسْمُ الْأَرْضِ وَيُعَادُ قَسْمُ الْمَاءِ فَيُزَادُ لِلْبَعِيدِ عَلَى الْقَرِيبِ حَتَّى يَسْتَوُوا فِيهِ فَيعْطى الْبعيد اكثر كَمَا لَو قسكت بِالْمَاءِ أَوَّلًا قَال الْقَاضِي وَعَلَى هَذَا لَا يَصِحُّ قَسْمُ مَاءِ الْقِلْدِ وَلَا قِيَاسُهُ وَلَا جَمْعُ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ حَتَّى يُطْلَقَ أَوَّلًا المَاء الى الأَرْض وَمَاء ثقب الْقِلْدِ يَجْرِي حِينَئِذٍ فِي الْأَرْضِ مُرَاقًا غَيْر مَجْمُوعٍ وَلَا مَحْسُوبٍ فَإِذَا وَرَدَ أَرْضَهُ أَشْهَدَ الشُّهُودَ بِبُلُوغِهِ بِصَوْتٍ أَوْ ضَرَبَ بِشَيْءٍ يَبْلُغُهُمْ صَوْتُهُ لِوَقْتِهِ فَيَبْتَدِرُونَ بِجَمْعِ الْمَاءِ فِي الْآنِيَةِ وَحِسَابِهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ قَال الْقَاضِي وَهَذَا يجمع فِي أَمْرِ الْقِلْدِ لَا يَكَادُ يُوجَدُ فِي كِتَابٍ مَجْمُوعًا هَكَذَا.