فصل: الرُّكْن الثَّانِي الْعِوَض:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة (نسخة منقحة)



.كتاب الْكِتَابَة:

وَفِي التَّنْبِيهَاتِ هِيَ مُشْتَقَّةٌ مِنَ الْأَجَلِ الْمَضْرُوبِ وَالْكِتَابَةُ الْأَجَلُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كتب على الَّذين من قبلكُمْ} أَيِ الْتَزَمْتُمُ الصِّيَامَ كَمَا الْتَزَمَهُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ و{كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} وَالْعَبْدُ أَلْزَمَ نَفْسَهُ الْمَالَ أَوْ مِنَ الْكِتَابَةِ لَا يَقع بِمَكْتُوبٍ وَيُقَالُ فِي الْمَصْدَرِ كِتَابٌ وَكِتَابَةٌ وَكُتُبٌ وَمُكَاتَبَةٌ وَقَالَ غَيْرُهُ مِنَ الضَّمِّ وَمِنْهُ سُمِّي الْجَيْشُ كَتِيبَةً لِضَمِّ بَعْضِهِ لِبَعْضٍ وَالنُّجُومُ يُضَمُّ بَعْضُهَا لِبَعْضٍ وَكَانَتِ الْعَرَبُ لَا تُعَانِي الْحِسَابَ وَتَعْرِفُ الْأَوْقَاتَ بِطُلُوعِ النُّجُومِ فَسُمِّيَتِ الْأَوْقَاتُ نُجُومًا وَكَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَأَقَرَّهَا الْإِسْلَامُ وَأَصْلُ جَوَازِهَا الْكِتَابُ وَالسَّنَةُ وَالْإِجْمَاعُ فَالْكِتَابُ قَوْله تَعَالَى {وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ علمْتُم فيهم خيرا} وَالْخَيْرُ قِيلَ الدِّينُ لِيَتَخَلَّصُوا لِطَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَقِيلَ الْمَالُ لِيَتِمَّ الْعَقْدُ وَالسُّنَّةُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ دِرْهَم وأجمعت الْأمة على جَوَازهَا.

.النَّظَرُ فِي أَرْكَانِهَا وَأَحْكَامِهَا:

النَّظَرُ الْأَوَّلُ فِي الْأَرْكَانِ: وَهِيَ أَرْبَعَةٌ:

.الرُّكْنُ الْأَوَّلُ الصِّيغَةُ:

وَفِيهِ سِتَّةُ فُرُوعٍ:
الْأَوَّلُ:
فِي الْجَوَاهِرِ هِيَ أَنْ تَقُولَ كَاتَبْتُكَ عَلَى خَمْسِينَ فِي نَجْمٍ أَوْ نَجْمَيْنِ فَصَاعِدًا كُلُّ نَجْمٍ كَذَا وَإِنْ لَمْ يقبل أَن أدّيت حرَّة قَالَ ش لَا يجوز إِلَّا عَلَى نَجْمَيْنِ وَلَا يَجُوزُ نَجْمٌ وَلَا الْحَالَّةُ لِمَا رُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ أَنه غضب على عَبده فَقَالَ لَا عاقبتك وَلَا كاتبتك عَلَى نَجْمَيْنِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ اقل من ذَلِك وَلَا يُعَاقِبهُ بِالتَّضْيِيقِ بِهِ وَعَنْ عَلَيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنه قَالَ الْكِتَابَة على نجمين والإتيان مِنَ الثَّانِي وَوَافَقَهُ ابْنُ حَنْبَلٍ عَلَى مَنْعِ الْحَال ووافقنا ح احْتَجُّوا بالأثر السَّابِق وَلِأَنَّهُ يَعْجَزُ عَنْ أَدَائِهِ فَيَنْفَسِخُ الْعَقْدُ وَيَبْطُلُ الْمَقْصُودُ فَيَمْتَنِعُ كَالسَّمَكِ فِي الْمَاءِ وَالطَّيْرِ فِي الْهَوَاءِ بِخِلَافِ بَيْعِهِ مِنْ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ لَا يَنْفَسِخُ بِالْعَجْزِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَثَرَيْنِ أَمَّا أَثَرُ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ تَضْيِيقٌ عَلَى ذَلِكَ الْعَبْدِ لِقُصُورِ قُدْرَتِهِ عَلَى الْحُلُولِ وَأَمَّا أَثَرُ عَلَيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَهُوَ إِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ الْحُلُولِ بِمَفْهُومِهِ لَا بِمَنْطُوقِهِ وَهُوَ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ فَلَا مَفْهُومَ لَهُ وَأَمَّا التَّعْجِيزُ فَذَلِكَ غَيْرُ لَازِمٍ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ فَلَا تَحْصُلُ هَذِهِ الدَّعْوَى مِنْ هَذَا الدَّلِيلِ وَيُؤَكِّدُ مَا قُلْنَا الْقِيَاسُ عَلَى الْبَيْعِ وَسَائِرِ الْمُعَاوَضَاتِ وَبِالْقِيَاسِ على مَا أدّى قَالَ أَنْتَ حُرٌّ عَلَى مَالٍ وَقَالَ ش كَاتَبْتُكَ عَلَى كَذَا لَيْسَ صَرِيحًا فَلَا يُعْتَقُ بِالْأَدَاءِ حَتَّى يَقُولَ السَّيِّدُ نَوَيْتُ إِنْ أَدَّى فَهُوَ حُرٌّ لِدَوَرَانِ كَاتَبْتُكَ بَيْنَ الْكِتَابَةِ وَمُخَارَجَةِ العَبْد وَالْكِتَابَة بالقلم فَلَا تَنْصَرِف لأَحَدهمَا إِلَّا بِالنِّيَّةِ وَوَافَقَنَا ح وَالْجَوَابُ أَنَّهُ مُشْتَهِرٌ فِي الْعُرْفِ فِي الْكِتَابَةِ الْمَخْصُوصَةِ فَتَنْصَرِفُ إِلَيْهِ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ كَالْمُخَالَعَةِ تَحْتَمِلُ خَلْعَ الثِّيَابِ وَغَيْرِهَا وَهِيَ تَنْصَرِفُ لِزَوَالِ الْعِصْمَةِ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ إِذَا دَفَعْتِ الْعِوَضَ فَأَنْتِ طَالِقٌ.
الثَّانِي:
فِي الْجَوَاهِرِ أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَلْفٍ قِيلَ يُعْتَقُ فِي الْحَالِ وَالْأَلْفُ فِي ذِمَّتِهِ لِأَنَّ لَهُ انْتِزَاعَ مَالِهِ وَعِتْقَهُ وَلَوْ بَاعَهُ مِنْ نَفْسِهِ صَحَّ وَلَهُ الْوَلَاءُ وَكَذَلِكَ إِنَّ دَسَّ مَنِ اشْتَرَاهُ أَوِ اشْتَرَطَ أَنْ يُوَالِيَ مَنْ شَاءَ لِأَنَّ السَّيِّدَ هُوَ الْمُعْتِقُ فَلَهُ أَخْذُ مَالِهِ مِنْ غَيْرِ بَيْعٍ.
الثَّالِثُ:
فِي الْكِتَابِ إِنِ اشْتَرَطَ أَنَّهُ إِنْ عَجَزَ عَنْ نَجْمٍ رق وَإِن لَمْ يُؤَدِّ نُجُومَهُ إِلَى أَجَلِ كَذَا فَلَا كِتَابَةَ لَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ تَعْجِيزُهُ بِمَا شرطت ويعجز السُّلْطَانُ بَعْدَ أَنْ يَجْتَهِدَ لَهُ فِي التَّلَوُّمِ بعد الْأَجَل فَإِن رجاه وَإِلَّا لِأَنَّك تتهم فِي تعجيزه والغطاعة كَذَلِك قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ بَعْضُ فُقَهَائِنَا إِنْ شَرَطْتَ عَلَيْهِ إِنْ شُرْبَ خَمْرًا أَوْ نَحْوَهُ فَهُوَ مَرْدُود للرق فَفعل لَا يردهُ فِي الرِّقِّ بِخِلَافِ الْعِتْقِ إِلَى أَجَلٍ فَيَشْتَرِطُ عَلَيْهِ إِنْ أَبَقَ فَلَا حُرِّيَّةَ لَهُ وَالْفَرْقُ أَنَّ الثَّانِي ضَرَرٌ عَلَيْكَ.
الرَّابِعُ:
إِنْ شَرَطْتَ وَطئهَا مُدَّةَ الْكِتَابَةِ بَطَلَ الشَّرْطُ دُونَ الْكِتَابَةِ كَمَا لَوْ أَعْتَقَهَا إِلَى أَجَلٍ عَلَى أَنْ يَطَأَهَا وَقَالَ ش وح الْكِتَابَة فَاسِدَة لمناقضته لَهُ لِأَنَّ شَأْنَ الْكِتَابَةِ حَوْزُ النَّفْسِ وَجَوَابُهُ أَنَّ ذَلِكَ اشْتَرَطُ مَنْفَعَةٍ مِنْ مَنَافِعِهَا وَذَلِكَ لَا يُنَاقِضُ الْعَقْدَ كَمَا لَوْ شَرَطَ أَنْ يُزَوِّجَهَا من غلامها ويستخدمها أو شَرط ايما وَلَدَتْ فِي كِتَابَتِهَا رُقَّ لَكَ لِأَنَّهَا لَا تَنْفَسِخُ بِالْغَرَرِ كَمَا تَنْفَسِخُ بِالْبَيْعِ إِذَا شَرَطَ وطئا قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَيَكُونُ الْوَلَدُ الْمُشْتَرَطُ تَبَعًا لِأُمِّهِ وَلَا يَجُوزُ اسْتِثْنَاءُ مَا فِي بَطْنِهَا وَيَبِيعُهَا وَعَنْ مَالِكٍ فِي هَذَا كُلِّهِ تُفْسَخُ الْكِتَابَةُ إِلَّا أَنْ يَرْضَى السَّيِّدُ بِإِسْقَاطِ الشَّرْطِ وَقَالَ أَشْهَبُ تَنْفَسِخُ وَلَوْ بَقِيَ مِنْهَا دِرْهَمٌ إِلَّا أَن يَرْضَى السَّيِّدُ بِإِسْقَاطِ الشَّرْطِ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهَا حَتَّى أَدَّى الْمُكَاتِبُ تَبِعَهَا الْوَلَدُ وَقَالَ مُحَمَّد ة إِذَا أَدَّى وَلَوْ نَجْمًا بَطَلَ الشَّرْطُ وَصَحَّتِ الْكِتَابَة وَقيل ذَلِكَ يُخَيَّرُ السَّيِّدُ بَيْنَ إِبْطَالِ الشَّرْطِ وَالْكِتَابَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ لَوْ كَانَ الشَّرْطُ من الْمكَاتب إِن مَاتَ لَهُ زَوجته وَهِي امة السَّيِّد وَهُوَ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ فَذَلِكَ جَائِزٌ فَإِنْ بَاعَهَا السَّيِّدُ أَوْ وَهَبَهَا لَمْ يَدْخُلْ مَا تَلِدُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابَةِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَإِنْ كَاتَبَ السَّيِّدُ امْرَأَتَهُ عَلَى حَدَثٍ سَقَطَ شَرْطُ الزَّوْجِ فِي وَلَدِهَا الْمَوْلُودِ بَعْدَ كِتَابَتِهَا وَيُعْتَقُ الْوَلَدُ مَعَ أَوَّلِهِمَا عِتْقًا وَيَسْعَى مَعَهُمَا مَعُونَةً لَهُمَا وَيَرِثُ مَنْ مَاتَ مِنْ أَبَوَيْهِ قَبْلَ الْعِتْقِ وَإِذَا أُعْتِقَ مَعَ أَوَّلِهِمَا لَمْ يَبْقَ لَهُ مَعَ الثَّانِي سِعَايَةٌ وَلَا مُوَارَثَةٌ وَمَا وَلَدَتْهُ بَعْدَ إِسْقَاطِ الشَّرْطِ فَفِي كِتَابَتِهَا خَاصَّةً.
الْخَامِس:
فِي الْكتاب إِن كَاتبه عَلَى خِيَارِ أَحَدِكُمَا شَهْرًا أَوْ يَوْمًا كَانَ كَالْبَيْعِ وَبِالْأَولى لِأَنَّهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْمُسَامَحَةِ وَمَا وَلَدَتْ فِي الْخِيَارِ دَخَلَ فِي كِتَابَتِهَا إِنْ أَمْضَاهَا مَنْ لَهُ الْخِيَارُ وَإِنْ كَرِهَتْ يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ مَا وَلَدَتِ الْمَبِيعَةُ فِي الْخِيَارِ وَوَلَدُ الْمُكَاتَبَةِ فِي الْخِيَارِ أَبْيَنُ وَقَالَ غَيْرُهُ لَا تدخل لِأَنَّهُ لَمْ تَتِمَّ الْكِتَابَةُ إِلَّا بَعْدَ الْوِلَادَةِ وَكَذَلِكَ الْوَلَدُ فِي الْبَيْعِ لِلْبَائِعِ وَلَا يَنْبَغِي لِلْمُبْتَاعِ أَنْ يَخْتَارَ الشِّرَاءَ لِلتَّفْرِقَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ الْوَلَدُ لِلسَّيِّدِ وَلَا يُدْخِلُ فِي الْكِتَابَةِ وَكَذَلِكَ أَرْشُ جِنَايَتِهَا وَمَا وُهِبَ لَهَا وَالْوَلَدُ فِي بَيْعِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ وَلَا يَنْبَغِي لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَخْتَارَ الْبَيْعَ لِلتَّفْرِقَةِ فَإِنْ فَعَلَ فَإِمَّا أَنْ يَضُمَّ الْمُشْتَرِي الْوَلَدَ إِلَى أُمِّهِ أَوْ يَأْخُذَ الْبَائِعُ الْأُمَّ فَيُجْمَعَانِ فِي حَوْزِ أَحَدِهِمَا وَإِلَّا نَقَضْتَ الْبَيْعَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ بِخِلَاف الْوَلَد وَهُوَ رُجُوع لأَشْهَب يَرَى فِي الْخِيَارِ أَنَّ الْعَقْدَ يَوْمَ وَقَعَ الِاخْتِيَارُ وَابْنُ الْقَاسِمِ يَرَى أَنَّ الِاخْتِيَارَ مَضَى لِلْعَقْدِ الْأَوَّلِ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ مُنْعَقِدًا وَالْفَرْقُ عِنْدَهُ بَيْنَ الْهِبَةِ وَالْوَلَدِ أَنَّ مَالَ الْعَبْدِ لِلْبَائِعِ فَحُمِلَ مَا طَرَأَ لَهُ لِلْبَائِعِ وَالْوَلَدُ لَمْ يَكُنْ لَهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَرْشُ مَا جنى عَلَيْهِمَا فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ وَفِي عُهْدَةِ الثَّلَاثِ لِلْبَائِعِ لِأَنَّهَا فِي ضَمَانِهِ وَعَلَيْهِ نَفَقَتُهَا قَالَ اللَّخْمِيُّ يَجُوزُ الْخِيَارُ وَإِنْ بَعُدَ وَهُوَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ لِأَنَّ الْخَوْفَ فِي الْبَيْعِ مِنْ بَيْعٍ مُعَيَّنٍ فَتَأَخَّرَ ضَمَانُهُ عَلَى الْبَائِعِ فَيَزِيدُ فِي الثَّمَنِ لِمَكَانِ الضَّمَانِ وَفِي الْكِتَابَةِ الضَّمَانُ مِنَ السَّيِّدِ قَبْلَ الْكِتَابَةِ وَبَعْدَهَا وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ انْتِزَاعُ مَالِهِ فِي زمن الْخِيَار بل الْخِيَار فِي الْعقل وَالْمَالِ أَرْبَعَةٌ مُتَقَدَّمٌ لَا يُنْزَعُ إِلَّا أَنْ يُرِيد الْكِتَابَة أو حدث من خراجه محمل يَده فينتن أو حدث من غلَّة ثَالِث بحبلته أَوْ عَبِيدِهِ فَلَا يَنْتَزِعُهُ وَاخْتُلِفَ فِي الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ قَالَ وَأَرَاهُمَا لِلسَّيِّدِ إِلَّا أَنْ يَقْصِدَ الدَّافِعُ الْعَوْنَ فِي الْكِتَابَةِ وَإِنْ لَمْ يَمْضِ الْكِتَابَةَ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ فَلِلْوَاهِبِ وَالْمُتَصَدِّقِ رَدُّهُ.
السَّادِس:
فِي الْمُنْتَقى إِذا شَرط عَلَيْهِ أَن لَا يُسَافِرَ صَحَّ الْعَقْدُ وَالشَّرْطُ وَأَبْطَلَ ح الشَّرْطَ دُونَ الْعَقْدِ وَجَعَلَ لَهُ السَّفَرَ وَعِنْدَنَا يُمْنَعُ مِنْ سَفَرٍ بَعِيدٍ يَحِلُّ فِيهِ نَجْمٌ إِلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ وَهُوَ سَوَّى بَيْنَ السَّفَرَيْنِ وَعِنْدَ ش فِي السَّفَرِ وَالشَّرْطِ قَوْلَانِ لَنَا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَالْعَبْدُ لَا يُسَافر إِلَّا بِإِذن سَيّده وَالتَّقوى قَبْلَ الْكِتَابَةِ عَلَى ذَلِكَ وَالْأَصْلُ بَقَاؤُهُ وَلِأَنَّ السَّفَرَ غَرَرٌ وَخَطَرٌ وَرُبَّمَا أَتْلَفَ أَمْوَالَهُ فِيهِ أَوْ حَلَّتِ الْكِتَابَةُ لَهُ احْتَجُّوا بِأَنَّهُ مَالِكُ التَّصَرُّفِ فِيمَا يَتَوَصَّلُ بِهِ إِلَى الْأَدَاءِ وَمِنْهُ السّفر وَجَوَابه أَن الْملك السَّيِّد وَالْغَالِب أَنه لَا يَمْلِكْهُ الْخَطَرُ بِشَهَادَةِ الْعَادَةِ.

تَفْرِيعٌ:
إِنْ شَرَطَ أَن لَا يُسَافِرَ وَلَا يَنْكِحَ وَلَا يَخْرُجَ مِنْ أَرْضِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَإِنْ فَعَلَ فَلَهُ إِبْطَالُ كِتَابَتِهِ قَالَ مَالك إِبْطَالهَا إِن فعل وَيَرْفَعهُ لِلسُّلْطَانِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ إِلَّا بإذنك شَرطه عَلَيْهِ أَمْ لَا لِأَنَّهُ قَدْ يَضِيعُ مَالُهُ فِي الصَدَاق وَغَيره وَكَذَلِكَ لَو شرطت وَلَاؤُه لِغَيْرِكَ بَطَلَ الشَّرْطُ دُونَ الْعَقْدِ وَالرَّفْعُ لِلسُّلْطَانِ لِيَنْظُرَ هَلْ لَكَ مَنْعُهُ مِنْ ذَلِكَ أَمْ لَا لَا تَنْفَسِخُ الْكِتَابَةُ وَلَا يَتَزَوَّجُ الْمُكَاتَبُ إِلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ وَقَالَهُ ش وَلَكَ إِجَازَتُهُ وَفَسْخُهُ كَالْقِنِّ وَالزَّوْجَةِ بَعْدَ الدُّخُولِ بِمَا اسْتَحَلَّ بِهِ وَهُوَ ربع دِينَارٍ فَإِنْ أُدِّيَتْ لَهُ وَمَعَهُ غَيْرُهُ فِي الْكِتَابَةِ قَالَ أَشْهَبُ لَيْسَ لَكَ إِجَازَةُ ذَلِكَ إِلَّا بِإِجَازَةِ مَنْ مَعَهُ إِلَّا أَنْ يَكُونُوا صِغَارًا فَيُفْسَخُ بِكُلِّ حَالٍ.

.الرُّكْن الثَّانِي الْعِوَض:

وَفِي الْجَوَاهِرِ شَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ دَيْنًا مُنَجَّمًا وَمُؤَجَّلًا قَالَ ابْنَ الْقَصَّارِ فِي تَعْلِيقِهِ التَّأْجِيلُ والتنجيم ظَاهر قَوْلَ مَالِكٍ وَشُيُوخِنَا وَقَالَ الْقَاضِي فِي الْإِشْرَافِ لَيْسَ عَنْ مَالِكٍ نَصٌّ صَرِيحٌ فِي الْحَالَةِ وَأَصْحَابُهُ يُجِيزُونَهَا وَهُوَ وَأَصْحَابُنَا جَوَّزُوا الْحَالَةَ وَقَالَهُ ح وَقَالَ ش لابد من نجمين وَتقدم الْبَحْث فِي الرُّكْنِ الْأَوَّلِ.

وَفِي الرُّكْنِ سَبْعَةُ فُرُوعٍ:
الْأَوَّلُ:
فِي الْكِتَابِ يَجُوزُ عَلَى وَصْفِ حُمْرَانِ أَوْ سُودَانِ مِنْ غَيْرِ وَصْفِهِمْ وَلَهُ الْوَسَطُ مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ كَالنِّكَاحِ وَوَافَقَنَا ح وَابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ ش لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ أَوْصَافِ السَّلَمِ لَنَا أَنَّ الْعِتْقَ مَعْنًى لَا يَلْحَقُهُ الْفَسْخُ فَجَازَ أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ الْمُطْلَقُ عرضا كَالْغُرَّةِ احْتَجُّوا بِالْقِيَاسِ عَلَى الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَجَوَابُهُ الْفَرْقُ بِأَنَّ الْكِتَابَةَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْمُسَامَحَةِ لِأَنَّهُ بِيعَ مَالُهُ بِمَالِهِ وَمَقْصُودُهَا الْمُهِمُّ الْعِتْقُ فَلَا يُضَرُّ الْغَرَرُ فِي الْمَالِيَّةِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ مَقْصُودُهُ الْمَالِيَّةُ وَالْمُكَايَسَةُ وَفِي الْكِتَابِ إِنْ أَوْصَى أَنْ يُكَاتَبَ عَبْدٌ كُوتِبَ بِكِتَابَةِ مِثْلِهِ فِي أَدَائِهِ وَإِنْ كَاتَبَهُ عَلَى قِيمَتِهِ جَازَ وَيُنَجَّمُ عَلَيْهِ الْوَسَطُ مِنْ قِيمَتِهِ وَمَنَعَهُ ح لِلْجَهَالَةِ لَنَا الْقِيَاسُ عَلَى الْوَصْفِ أَوْ لِأَنَّهَا مَعْلُومَةٌ غَالِبًا وَيَجُوزُ عَلَى عَبْدِ فُلَانٍ بِخِلَافِ النِّكَاحِ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ خُلُوُّهُ عَنِ الْعِوَضِ بِخِلَافِ الْعِتْقِ وَيَمْتَنِعُ عَلَى لُؤْلُؤٍ غَيْرِ مَوْصُوفٍ لِتَفَاوُتِ الْإِحَاطَةِ بِصفتِهِ فِي التَّنْبِيهَات قيل قَوْله فِي الؤلؤا مُخَالِفٌ لِجَوَازِ السَّلَمِ فِيهِ وَالْفَرْقُ أَنَّهُ فِي السَّلَمِ يُوصَفُ وَهَاهُنَا غَيْرُ مَوْصُوفٍ فَيَتَعَذَّرُ ضَبْطُ وَسَطِهِ لِاخْتِلَافِ أَجْنَاسِ وَسَطِهِ وَأَيْسَرُ تَفَاوُتِهِ عَظِيمٌ بِخِلَاف الْوَصْف أو سوى غَيْرُهُ بَيْنَهُمَا وَاتَّفَقَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ إِذَا لَمْ يسم عدد اللُّؤْلُؤِ أَوْ وَزْنُ جُمْلَتِهِ امْتَنَعَتِ الْكِتَابَةُ وَاخْتَلَفُوا إِذَا لَمْ يُسَمَّ عَدَدُ الْوَصْفِ فَقِيلَ تُمْتَنَعُ الْكِتَابَةُ وَقِيلَ تَجُوزُ وَلَهُ كِتَابَةُ مِثْلِهِ وَصْفًا قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِنْ لَمْ يَصِفِ الْجِنْسَ وَفِي الْبَلَدِ سُودَانُ وَحُمْرَانُ مِنْ غَيْرِ غَلَبَةِ أَحَدِهِمَا أَعْطَى النِّصْفَ مِنْ كُلِّ جِنْسٍ كَالنِّكَاحِ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إِذَا لَمْ يَذْكُرْ عِدَّةَ الْوَصْفِ فَلَهُ عَلَيْهِ كِتَابَةُ مِثْلِهِ وَصْفًا مَا لَمْ يَنْقُصْ عَنْ وَصْفَيْنِ وَكَذَلِكَ قَوْلُ غَيْرِهِ فِي اللُّؤْلُؤِ مَا لَمْ يَنْقُصْ عَنْ لُؤْلُؤَتَيْنِ وَجعله مثل إِذَا أَوْصَى أَنْ يُكَاتِبَ وَلَمْ يُسَمَّ مَا يُكَاتِبُ بِهِ وَقِيلَ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي الصِّحَّةِ وَيَجُوزُ فِي الْوَصِيَّةِ لِتَعَذُّرِ مُرَاجَعَةِ الْمَيِّتِ فِي إِرَادَتِهِ وَفِي الْكِتَابِ إِنْ كَاتَبَهُ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَلَمْ يَذْكُرْ أَجَلًا نُجِّمَتْ عَلَيْهِ وَشَأْنُ الْكِتَابَةِ التَّأْجِيلُ وَكَذَلِكَ إِنْ أَوْصَى أَنْ يُكَاتَبَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَلَمْ يَضْرِبْ أَجَلًا وَمِنْ هَاهُنَا قِيلَ إِنَّ ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ مَنَعُ الْكِتَابَةِ الْحَالَّةِ قَالَ سَحْنُونٌ وَإِنْ كَاتَبَهُ عَلَى عَبْدِ فُلَانٍ وَلَمْ يَصِلْ إِلَيْهِ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ وَمَنَعَهُ أَشْهَبُ لِلْخَطَرِ وَتَفَسُّخِ الْكِتَابَةِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَإِنْ لم يشْتَرط ودى قِيمَتَهُ وَلَا يُفْسَخُ وَقَالَ ابْنُ مُيَسَّرٍ لَا يَتِمُّ لَهُ شَيْءٌ إِلَّا بِعَبْدِ فُلَانٍ كَمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا كَاتَبَهُ عَلَى عَبْدٍ آبِقٍ أَوْ بَعِيرٍ شَارِدٍ وَلَمْ يَأْتِ بِهِ فَقَدْ عَجَزَ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَكَرِهَ أَشْهَبُ الْبَعِيرَ الشَّارِدَ وَنَحْوَهُ وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَحْسَنُ لِأَنَّ لَهُ انْتِزَاعُ ذَلِكَ مِنْهُ بِغَيْرِ عِتْقٍ فَإِذَا أَعْتَقَهُ عَلَيْهِ فَقَدْ تَفَضَّلَ عَلَيْهِ وَجَوَّزَهَا ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى إِتْيَانِهِ بِعَبْدِهِ الْآبِقِ لِأَنَّ لَهُ إِجْبَارَهُ عَلَى طَلَبِهِ وَيَجُوزُ عَلَى أَنْ يَغْرِسَ أَرْضَهُ وِدِّيًّا فَإِذَا بَلَغَتْ فَهُوَ حُرٌّ وَاخْتُلِفَ فِي هَذَا الْأَصْلِ هَلْ هِيَ كِتَابَةٌ فَتَثْبُتُ عِنْدَ الْفَلَسِ وَالْمَوْتِ أَوْ عِدَّةٌ فَتَبْطُلُ قَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِم وَمِنْه تربية الْبَقر حَتَّى يصير عَدَدَ كَذَا وَإِذَا كَاتَبَهُ بِقِيمَتِهِ قُوِّمَ بِالْحَالِّ لِأَنَّهُ أَصْلُ الْقِيَمِ ثُمَّ يُنَجَّمُ وَإِنْ سَمَّى النُّجُوم وَلم يسلم مَا يُؤَدِّي فِيهَا جُعِلَ عَلَيْهِ مَا يَسْتَطِيعُهُ.
الثَّانِي:
فِي الْكِتَابِ إِنْ أَعْتَقَ بِأَدَاءِ الْعَبْدِ الْمَوْصُوفِ فَوُجِدَ مَعِيبًا رَدَّهُ وَاتَّبَعَهُ بِمِثْلِهِ وَلَا يُرَدُّ الْعِتْقُ وَكَذَلِكَ النِّكَاحُ لِأَنَّ الْعَبْدَ فِي الذِّمَّةِ وَإِنْ كَاتَبَهُ عَلَى طَعَامٍ مُؤَجَّلٍ فَلَهُ مُصَالَحَتُهُ عَلَى دَرَاهِمَ مُعَجَّلَةٍ وَلَا يَبِيعُهُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ لِأَنَّهُ بِيعَ الطَّعَامُ قَبْلَ قَبْضِهِ وَيَجُوزُ فَسْخُ الْعَيْنِ أَوِ الْعَرَضِ حَلَّ أَمْ لَا فِي عَرَضٍ نَقْدًا أَوْ مُؤَجَّلًا مُخَالِفًا لِلْعَرَضِ الَّذِي عَلَيْهِ أَوْ مِنْ صِنْفِهِ بِخِلَافِ الْبُيُوعِ لِأَنَّهُ فَسَخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ وَلَا تَبِعْهُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ إِلَّا بِثَمَنٍ مُعَجَّلٍ وَيجوز أَن يضع عَنهُ ويتعجل أو يُؤَخر وَيَزِيدَكَ وَتُفْسَخُ الدَّنَانِيرُ فِي دَرَاهِمَ إِلَى أَجَلٍ وَيُعَجَّلُ عِتْقُهُ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِدَيْنٍ ثَابِتٍ لِأَنَّهُ لَا يُحَاصُّ بِهَا فِي الْفَلَسِ وَلَا الْمَوْتِ إِنَّمَا هِيَ كَمَنْ قَالَ إِنْ جِئْتَنِي بِكَذَا فَأَنْتَ حُرٌّ ثُمَّ قَالَ إِنْ جِئْتَنِي بِأَقَلَّ فَأَنْتَ حُرٌّ وَلَكَ مُقَاطَعَتُهُ بِمَا عَلَيْهِ فِي عَمَلٍ يَعْمَلُهُ أَوْ حَفْرِ بِئْرٍ طُولُهَا كَذَا.
فَائِدَةٌ:
فِي التَّنْبِيهَاتِ الْقَطَاعَةُ بِفَتْحِ الْقَافِ وَكَسْرِهَا لِأَنَّهُ قَطَعَ طَلَبَ سَيِّدِهِ عَنْهُ بِمَا أَعْطَاهُ أو قطع لَهُ بِتمَام حُرِّيَّته بِذَلِكَ أَوْ قَطَعَ بَعْضَ مَا كَانَ لَهُ عِنْدَهُ وَجَوَّزَهَا مَالِكٌ بِمَا يَجُوزُ بَيْنَكَ وَبَيْنَ غَرِيمِكَ عَجَّلْتَ الْعِتْقَ بِذَلِكَ الْقَبْضِ أَوْ أَخَّرْتَهُ بِتَأْخِيرِ بَعْضِهِ عَجَّلَ قَبْضَ مَا قَاطَعَ عَلَيْهِ أَوْ أَخَّرَهُ وَمَنَعَهَا سَحْنُونٌ إِلَّا مَا يَجُوزُ بَيْنَكَ وَبَيْنَ غَرِيمِكَ الْأَجْنَبِيِّ وَقَالَهُ ش قِيَاسًا عَلَى الْبَيْعِ.
فَائِدَةٌ:
الْفَعَالَةُ بِفَتْحِ الْفَاءِ السَّجَايَا الخلقية كالشجاعة وألفسالة وَالنَّجَابَةِ وَبِكَسْرِهَا الصَّنَائِعُ كَالنِّجَارَةِ وَالْخِيَاطَةِ وَالصِّيَاغَةِ وَبِضَمِّهَا لما يطْرَح كالنخالة وألفصالة والنحالة والزبالة وَهَذِه الإستعمالات لُغَة لكثرته غَيْرُ مُطَّرِدَةٍ وَالْقِطَاعَةُ هِيَ بَيْعُ الْكِتَابَةِ بِشَيْءٍ آخَرَ فَهِيَ نَحْوٌ مَنِ الصِّنَاعَةِ وَالتِّجَارَةِ فَالْكَسْرُ فِيهَا أَنْسَبُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا كَانَتِ الْقِطَاعَةُ يَعْمَلُهَا سَيِّدُهُ امْتَنَعَ لِأَنَّ كُلَّ خِدْمَةٍ تَبْقَى بَعْدَ عِتْقِهِ فَهِيَ سَاقِطَةٌ وَإِنْ كَانَتْ عَلَيْهِ دَيْنًا عَاشَ أَوْ مَاتَ جَازَت تعجل الْعِتْقُ وَإِلَّا امْتَنَعَ وَكَانَ دَيْنًا بِدَيْنٍ وَقَدْ كَرِهَ مَالِكٌ الرِّبَا بَيْنَ الْعَبْدِ وَسَيِّدِهِ قَالَ ابْن الْقَاسِم وَإِذا احل لَك مُكَاتِبُكَ بِالْكِتَابَةِ عَلَى مُكَاتِبٍ لَهُ وَلَهُ عَلَيْهِ مثل مَا على الأعلى امْتنع إِلَّا أَن يثبت اخت عتق الأعلى فَإِنْ عَجَزَ الْأَسْفَلُ كَانَ رِقًّا لَكَ وَلَا يرجع على الْمكَاتب الأعلى بِشَيْءٍ لِأَنَّ الْحَوَالَةَ كَالْبَيْعِ وَقَدْ تَمَّتْ حُرْمَتُهُ وَمَنَعَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْحَمَالَةَ بِالْكِتَابَةِ إِلَّا عَلَى تَعْجِيلِ الْعِتْقِ وَأَمَّا الْحَوَالَةُ عَلَى مَنْ لَا دين لَهُ قبله فَيمْتَنع لِأَنَّهَا حَمَالَةٌ أَوْ عَلَى مَنْ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنُ حَالَّ أَوْ لَمْ يَحِلَّ جَازَ إِنْ حَلَّتِ الْكِتَابَةُ وَيُعْتَقُ مَكَانَهُ وَكَذَلِكَ إِنْ حَلَّ عَلَيْهِ نَجْمٌ وَيَبْرَأُ مِنْ ذَلِكَ النَّجْمِ وَإِنْ كَانَ آخِرَ نُجُومِهِ عَتَقَ مَكَانَهُ وَإِنْ لَمْ يَحِلَّ النَّجْمُ لَمْ يَحِلَّ امْتَنَعَتِ الْحَوَالَةُ وَإِنْ حَلَّ الدَّيْنُ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ لَمْ يَحِلَّ فِي دَيْنٍ حَالَّ أَوْ لَمْ يَحِلَّ وَكَرِهَ مَالِكٌ بَيْعَ الْكِتَابَةِ مِنْ أَجْنَبِيٍّ بِعَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ إِلَى أَجَلٍ لِأَنَّهُ دَيْنٌ بِدَيْنٍ وَوَسَّعَ فِيهِ بَيْنَكَ وَبَيْنَ مُكَاتَبِكَ وَجَوَّزَ أَشْهَبُ الْحَوَالَةَ وَإِنْ لَمْ تَحِلَّ الْكِتَابَةُ وَيُعْتَقْ مَكَانَهُ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِدَيْنٍ ثَابِتٍ وَكَأَنَّهُ عَجَّلَ عِتْقَهُ عَلَى دَرَاهِمَ نَقْدٍ وَمُؤَجَّلَةٍ وَالْكِتَابَةُ دَنَانِيرُ لَمْ تَحِلَّ فَمن قَالَ إِنْ جِئْتَنِي بِدَرَاهِمَ فَأَنْتَ حُرٌّ ثُمَّ قَالَ إِنْ جِئْتَنِي بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ فَأَنْتَ حُرٌّ وَإِنَّمَا كرهه ابْن الْقَاسِم فِيمَا لَا تعْتق بِهِ كُلُّهُ مَكَانَهُ.
الثَّالِثُ:
فِي الْكِتَابِ إِنْ كَاتَبَهُ عَلَى خِدْمَةِ شَهْرٍ جَازَ عِنْدَ أَشْهَبَ وَلَا يُعْتَقُ حَتَّى يَخْدِمَ شَهْرًا لِأَنَّهُ ظَاهِرُ الشَّرْطِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ عَجَّلَ عِتْقَهُ عَلَى خِدْمَةِ شَهْرٍ بَعْدَ الْعِتْقِ بَطَلَتِ الْخِدْمَةُ وَهُوَ حُرٌّ لِأَنَّهُ اسْتَثْنَى مِنَ الْحُرِّيَّةِ الْخِدْمَةَ وَالْحُرِّيَّةُ لَا يُسْتَثْنَى مِنْهَا وَكَمَا لَوْ قَالَ عَلَى أَنْ أَطَالَ وَإِنْ أَعْتَقَهُ بَعْدَ الْخِدْمَةِ لَزِمَتِ الْعَبْدَ الْخِدْمَةُ لِوُقُوعِهَا فِي زَمَنِ الرِّقِّ وَكُلُّ خِدْمَةٍ اشْتَرَطَهَا بَعْدَ أَدَاءِ الْكِتَابَةِ بَطَلَتْ أَوْ فِي كِتَابَةٍ فَأَدَّى الْكِتَابَةَ قَبْلَ تَمَامِهَا سَقَطت فِي النُّكَتِ قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا إِذَا كَاتَبَهُ عَلَى خِدْمَةِ شَهْرٍ لَا يَخْتَلِفُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ إِلَّا فِي وَجْهٍ وَاحِدٍ إِذَا عَجَّلَ قِيمَةَ الْخِدْمَةِ فَيُتَعَجَّلُ عِتْقُهُ عِنْدَ أَشْهَبَ كَتَعْجِيلِ الْكِتَابَة وَلَا يُتَعَجَّلُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا وَالْمُكَاتَبُ إِلَى مُدَّةٍ يَخْدِمُهَا مَعْلُومَةٍ لَهُ حُكْمُ الْمكَاتب لِأَن الْمُعْتق إِلَى اجل لإشعار لفظ الْكِتَابَة بِإِرَادَة السَّيِّد لذَلِك فيحوز مَاله وَينْفق عَلَيْهِ نَفْسِهِ وَقَوْلُهُ إِذَا عَجَّلَ الْكِتَابَةَ سَقَطَتِ الْخِدْمَةُ إِنَّمَا يَصِحُّ فِي الْخِدْمَةِ الْيَسِيرَةِ لِأَنَّهَا فِي حَيِّزِ التَّبَعِ فَإِنْ كَانَ الْأَقَلَّ مَالًا وَالْأَكْثَرَ خِدْمَةً فَلَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا ادَّانَ لَهُ حكم الْمكَاتب لَا الْمُعْتق إِلَى أجل يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهُ التَّعْجِيلُ قِيمَةَ الْخِدْمَةِ وَإِنَّمَا يُمْتَنَعُ إِذَا قَالَ اخْدُمْنِي شَهْرًا وَأَنْتَ حُرٌّ لِأَنَّهُ مُعْتَقٌ إِلَى أَجَلٍ قَالَ مَالِكٌ وَإِنْ كَاتَبَهُ وَشَرَطَ عَلَيْهِ أَسْفَارًا وَضَحَايَا فَأَدَّى الْكِتَابَةَ وَعَجَّلَ الضَّحَايَا عَتَقَ وَسَقَطَتِ الْأَسْفَارُ وَعَنْهُ إِذَا لَمْ تَحِلَّ الضَّحَايَا وَعَجَّلَ قِيمَتَهَا عَتَقَ وَالْقِيمَةُ عَلَى أَنَّهَا حَالَةٌ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِنْ شَرَطَ عَلَيْهِ خِدْمَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ كُلَّ أُسْبُوعِ مُدَّةَ الْكِتَابَةِ فَقَطْ وَالْأُضْحِيَةُ مَا عَاشَ لَزِمَهُ فَإِنْ أَدَّى الْكِتَابَةَ قَبْلَ مَحَلِّهَا أَوْ بعده سَقَطت الْخدمَة ويعمر الْمكَاتب وَتُؤَدِّي قِيمَةَ الضَّحَايَا فِي تَعْمِيرِهِ مُعَجَّلَةً وَلَا يُعْتَقُ حَتَّى يُؤَدِّيَهَا قَالَهُ مَالِكٌ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُؤَدِّي الْقِيمَةَ حَالَّةً إِلَى أَجْلِهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِم وَإِن شَرط أَن لَا يَخْرُجَ مِنْ خِدْمَتِهِ حَتَّى يُؤَدِّيَ لَا يُفْسَخُ بِذَلِكَ وَلَزِمَ الشَّرْطُ قَالَ مُحَمَّدٌ سَقَطَتِ الْخِدْمَةُ إِذَا بَقِيَتْ بَعْدَ الْأَسْفَارِ لِأَنَّهَا بَقِيَتْ مِنَ الرِّقِّ وَقَدْ أَمَرَ الشَّرْعُ بِتَكْمِيلِ الْعِتْقِ عَلَى مُعْتَقِ بَعْضِهِ حَتَّى لَا يَبْقَى فِيهِ شَيْءٌ مِنَ الرِّقِّ إِلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ الْعِتْقُ بَعْدَ أَدَاءِ الْخِدْمَةِ وَالْأَسْفَارِ فَيَلْزَمُهُ وَلَا يُعْتَقُ حَتَّى يَفْعَلَ ذَلِكَ أَوْ يُعَجَّلَ قِيمَتُهُ وَعَنْ مَالِكٍ ابْنِ لِي هَذِهِ الدَّارَ وَأَنْتَ حُرٌّ فَمَرِضَ فَلَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِمَنْ يَبْنِي وَإِنْ كَرِهَ السَّيِّد قَالَ احْمَد ابْن مُيَسَّرٍ هَذَا فِي الْعَمَلِ الْمَفْهُومِ كَالْبِنَاءِ بِخِلَافِ الْخِدْمَةِ إِلَّا أَنْ يَرْضَى السَّيِّدُ لِأَنَّهُ مُعْتَقٌ إِلَى أَجَلٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ التَّفْرِقَةُ الَّتِي فِي الثُّلُثِ بَيْنَ الْخِدْمَةِ الْيَسِيرَةِ وَغَيْرِهَا مُخَالِفَةٌ للتَّعْلِيل محمل بِبَقَاء الرّقّ فَإِن الرّقّ يكمل حُرِّيَّتُهُ وَإِنْ بَقِيَ الْأَكْثَرُ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ كَاتَبَهُ عَلَى خِدْمَةِ هَذَا الشَّهْرِ فَمَرِضَ أَوْ أَبَقَ لَمْ يُعْتَقْ بِخِلَافِ الْمُعَتَقِ إِلَى أَجَلٍ لِأَنَّهُ مُكَاتَبٌ لَمْ يُؤَدِّ مَا عَلَيْهِ فَإِنْ أَعْطَى قِيمَةَ ذَلِكَ الشَّهْرِ عَتَقَ اسْتِحْسَانًا وَإِنْ قَالَ عَلَى خِدْمَةِ شَهْرٍ فَمَرِضَ بَعْدَ الْعَقْدِ شَهْرًا عَلَى سَنَةِ الْكِتَابَةِ فَإِنِ اعْتَرَفَ أَنَّهُ أَرَادَ تَعْجِيلَ الْعِتْقِ عَتَقَ وَسَقَطَتِ الْخِدْمَةُ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ إِذَا اشْتَرَطَ مَعَ الْمَالِ أَسْفَارًا فَأَدَّى لَا يُعْطِيهِ مَكَانَ الْأَسْفَارِ شَيْئًا وَعَلَى هَذَا يُعْطِيهِ قِيمَةَ الْخِدْمَةِ.
الرَّابِعُ:
فِي الْكِتَابِ إِنْ كَاتَبَ عَلَى أَلْفٍ عَلَى أَنَّهُ إِذَا أَدَّى وَعَتَقَ فَعَلَيْهِ مِائَةٌ جَازَ كَمَنْ أَعْتَقَهُ عَلَى أَنَّ عَلَيْهِ مِائَةٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّد وَسعه بِالْمَالِ وَلَا يُحَاصُّ بِهِ الْغُرَمَاءُ قَالَ سَحْنُونٌ قَوْلُ مَالِكٍ أَنْتَ حُرٌّ وَعَلَيْكَ أَوْ أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَنَّ عَلَيْكَ سَوَاءٌ وَهُوَ حُرٌّ وَعَلَيْهِ مَا سُمِّيَ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُخَيَّرُ الْعَبْدُ فِي عَلَى أَنَّ عَلَيْكَ فِي الْعِتْقِ وَالِاتِّبَاعِ بِذَلِكَ أَوْ يَبْقَى رِقًّا.
الْخَامِسُ:
فِي الْمُقَدِّمَاتِ يَمْتَنِعُ بِالْغَرَرِ وَالْمَجْهُولِ إِلَّا أَنْ يَسْتَخِفَّ فَإِن كَانَ حَقِّهِمَا أَوْ حَقِّ السَّيِّدِ نَحْوَ الْكِتَابَةِ إِلَى مَوْتِ فُلَانٍ بِكَذَا أَوْ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ بِالشَّارِدِ وَالْآبِقِ أَوْ جَنِينٍ فِي بَطْنِ أُمِّهِ لِفُلَانٍ فَيُمْتَنَعُ اتِّفَاقًا أَوْ فِي حَقِّ الْمُكَاتِبِ خَاصَّةً كَالْمُكَاتَبَةِ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ عَلَى عَبْدِ فُلَانٍ أَوْ يَأْتِيهِ بِعَبْدِهِ الْآبِقِ أَوْ إِنْ بَلَغَتِ الْبَقَرَاتُ كَذَا إِلَى أَجَلِ كَذَا فَقَوْلَانِ الْجَوَازُ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَالْمَنْعُ لِأَشْهَبَ وَأَمَّا إِنْ كَانَ الْآبِقُ لِلْعَبْدِ وَبَدَأَ إِلَيْهِ مِنْهُ الْآنَ فَهُوَ حُرٌّ وَالْآبِقُ لِلسَّيِّدِ وَجَدَهُ أَمْ لَا لِأَنَّهُ أَعْتَقَهُ وَانْتَزَعَهُ مِنْهُ.
السَّادِسُ:
قَالَ الْبَصْرِيُّ فِي تَعْلِيقِهِ إِذَا كَاتَبَهُ عَلَى مَيْتَةٍ أَوْ مَوْقُوذَةٍ وَدَفَعَ الْعَبْدُ ذَلِكَ رَجَعَ السَّيِّدُ عَلَيْهِ بِالْقيمَةِ كَمَا يَقُوله فِي الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ وَقَالَهُ ش قِيَاسًا عَلَى الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ وَكَالْخُلْعِ وَالنِّكَاحِ وَقَالَ ح لَا يَرْجِعُ فِي الْمَيْتَةِ لِأَنَّهَا شَرْطٌ لَا عِوَضٌ لعدم قبُولهَا للعوض بِخِلَاف الْميتَة وَالْخِنْزِير لَهُ مَاله عِنْد الذِّمَّةِ.
السَّابِعُ:
قَالَ إِذَا وَجَدَ الْعِوَضَ مَعِيبًا وَلَيْسَ مَعَه مَاله رُدَّ عِتْقُهُ وَقَالَهُ ش وَقَالَ ح لَا يُرَدُّ لَنَا أَنَّ الْعِوَضَ لَمْ يَحْصُلْ فَلَا يُعْتَقُ كَمَا إِذَا كَاتَبَهُ عَلَى عِوَضٍ فَلَمْ يُؤَدِّهِ احْتَجُّوا بِأَنَّا قَدْ حَكَمْنَا بِالْعِوَضِ فَلَا يُرَدُّ جَوَابُهُ حُكْمُنَا بِهِ ظَاهِرًا لَا بَاطِنًا فَيُرَدُّ كَمَا لَوْ حكمنَا ثمَّ ظهر كذب الْبَيِّنَة فِي الْجَوَاهِرِ إِنْ كَاتَبَهُ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ شَيْئًا بِنِصْفِ الْكِتَابَةِ لَمْ يَلْزَمْهُ الشِّرَاءُ وَإِنْ كَاتبه وَبَاعَ شَيْئًا عَلَى عِوَضٍ وَاحِدٍ دُفْعَةً وَاحِدَةً صَحَّ وَلَزِمَ الْبَيْعُ وَالْكِتَابَةُ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَازَةِ.