فصل: الرُّكْن الرَّابِع: الْوَاجِب:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة (نسخة منقحة)



.الرُّكْن الرَّابِع: الْوَاجِب:

وَفِيهِ لِلْعُلَمَاءِ ثَلَاثُ طُرُقٍ:
مِنْهُمْ مَنْ أَوْجَبَ الْمِثْلَ مُطْلَقًا مُحْتَجًّا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} فَجَعَلَ النَّعَمَ مِثْلِيًّا وَبِأَنَّ بَعْضَ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ لله أَهَدَتْ إِلَيْهِ طَعَامًا فِي قَصْعَةٍ وَهُوَ فِي بَيْتِ غَيْرِهَا فَغَارَتْ صَاحِبَةُ الْبَيْتِ فَكَسَرَتْهَا فَأَمَرَ عَلَيْهِ السَّلَام بقصعة صَاحِبَة الْبَيْت لصاحبة الْقِصَّة الْمَكْسُورَةِ وَأُجِيبَ عَنِ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الْمُرَادَ الْمِثْلُ فِي الصّفة دون الْمَالِيَّة والمقدار وَالْمَطْلُوب هَا هُنَا حِفْظُ الْمَالِيَّةِ أَلَا تَرَى أَنَّ النَّعَامَةَ يُحْكَمُ فِيهَا ببدنة وَهِي بعيدَة جدا من مَالِيَّتِهَا وَمِقْدَارِهَا وَعَنِ الثَّانِي: بِأَنَّ الْبَيْتَيْنِ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَيْسَ هَذَا مِنْ بَابِ الْمُعَاوَضَةِ بَلْ مِنْ بَابِ جَبْرِ الْقُلُوبِ وَسِيَاسَةِ الْعِيَالِ وَمِنْهُمْ مَنْ أَوْجَبَ الْقِيمَةَ مُطلقًا مُحْتَاجا بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ قُوِّمَ عَلَيْهِ قِيمَةَ الْعَدْلِ» الْحَدِيثَ وَقِيَاسًا لِلْبَعْضِ عَلَى الْبَعْضِ وَلِأَنَّ الْقِيمَةَ إِنَّمَا سُمِّيَتْ قِيمَةً لِأَنَّهَا تَقُومُ مَقَامَ الْمُقَوَّمِ وَهَذَا مَعْنًى عَامٌّ فِي سَائِرِ الصُّوَرِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ مَوْرِدَ الْحَدِيثِ فِي الْعَبْدِ وَهُوَ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ وَمِثْلُهُ مُتَعَذَّرٌ لِتَعَلُقِّ الْغَرَضِ بِخُصُوصِهِ بِخِلَافِ الْمَكِيلَاتِ وَنَحْوِهَا لَا يَتَعَلَّقُ الْغَرَضُ بِخُصُوصِهَا فَقَامَ كُلُّ فَرْدٍ مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ مَقَامَ الْآخَرِ لِأَنَّ الْأَصْلَ رَدُّ عَيْنِ الْهَالِكِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ «عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تَرُدَّهُ» تَعَذَّرَ ذَلِكَ وَالْمِثْلُ أَقْرَبُ لِلْأَصْلِ لِجَمْعِهِ بَيْنَ الْجِنْسِيَّةِ وَالْمَالِيَّةِ وَالْقِيمَةُ لَيْسَ فِيهَا إِلَّا الْمَالِيَّةُ فَكَانَ الْمِثْلُ أَوْلَى إِذَا لَمْ يُفَوِّتْ غَرَضًا وَالْقِيمَةُ أَوْلَى حَيْثُ يَتَعَلَّقُ الْغَرَضُ بِخُصُوصِ الْهَالِكِ فَالْقِيمَةُ تَأْتِي عَلَيْهِ وَتَخْلُفُهُ وَلَا يَخْلُفُهُ الْمِثْلُ وَلِأَنَّ الْمِثْلِيَّ جِنْسٌ قَطْعِيّ وَالْقيمَة ظَنِّي اجْتِهَادِيَّةٌ وَالْقَطْعُ مُقَدَّمٌ عَلَى الظَّنِّ فَكَانَ إِيجَابُ الْمِثْلِ فِي الْمِثْلِيَّاتِ وَالْقِيمَةِ فِي غَيْرِهَا أَعْدَلُ وَأجْمع للأحاديث وَافق لِلْأَصْلِ وَهِيَ طَرِيقَتُنَا مَعَ الْأَئِمَّةِ.
قَالَ صَاحِبُ التَّلْقِينِ: إِتْلَافُ مَالِ الْغَيْرِ يُوجِبُ الْبَدَلَ إِمَّا مِثْلُ الْمُتْلَفِ فِي الْخِلْقَةِ وَالصُّورَةِ وَالْجِنْسِ وَالْمِثْلِيَّاتِ وَهِيَ الْمَكِيلَاتُ وَالْمَوْزُونَاتُ وَإِمَّا قِيمَتُهُ فِيمَا عَدَاهَا مِنْ سَائِرِ الْعُرُوضِ وَالْحَيَوَانِ قَالَ صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ: وَمِنَ الْمِثْلِيِّ الْمَعْدُودِ الَّتِي اسْتَوَتْ آحَادُهُ فِي الصِّفَةِ غَالِبًا كَالْبَيْضِ وَالْجَوْزِ فَإِنْ فُقِدَ الْمِثْلُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إِلَّا هُوَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: يُرِيدُ أَنَّهُ يَصْبِرُ حَتَّى يَجِدَهُ وَقَالَ أَشْهَبُ: يُخَيَّرُ بَيْنَ الصَّبْرِ وَأَخْذِ الْقِيمَةِ الْآنَ قَالَ ابْنُ عَبْدُوسَ: اخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ كالاختلاف فِي السّلم فِي لفاكهة بعد خُرُوج الإبان وَقَالَ الأيمة تتَعَيَّن الْقيمَة مِنْ يَوْمِ الِانْقِطَاعِ وَقَالَ (ش) وَ (ح): يَوْمَ الْحُكْمِ لِأَنَّ الْحُكْمَ هُوَ الَّذِي يُقَدِّرُهَا فَلَوْ غَرِمَ الْقِيمَةَ ثُمَّ قَدَرَ عَلَى الْمِثْلِ لَمْ يَلْزَمْهُ دَفْعُهُ لِتَمَامِ الْحُكْمِ بِالْبَدَلِ وَقَالَ (ش): تَتَعَيَّنُ الْقِيمَةُ وَفِي الْجُلَّابِ: إِذَا لَمْ يُخَاصِمْ فِي الْمِثْلِيِّ حَتَّى خَرَجَ إِبَّانُهُ فَقِيمَتُهُ يَوْمَ الْغَصْبِ لِأَنَّهُ لَمَّا كَشَفَ الْغَيْبُ عَنْ تَعَذُّرِ الْمِثْلِ صَارَ كَأَنَّهُ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ وَقِيلَ: يَوْمَ الْعَقْدِ لِأَنَّ الْقِيمَةَ عِوَضٌ عَنِ الْمِثْلِ الْمُتَعَذَّرِ لَا عَنِ الْمَغْصُوبِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: لَوِ اسْتَهْلَكَ الطَّعَامَ فِي زَمَنِ الْغَلَاءِ ثُمَّ رَخُصَ يُخْتَلَفُ هَلْ تَجِبُ قِيمَتُهُ غَالِيًا لِأَنَّهُ فَوَّتَ عَلَيْهِ تِلْكَ الْقِيمَةَ عَلَى الْقَوْلِ بِمُرَاعَاةِ أَغْلَى الْقِيَمِ فِي الْمَغْصُوبِ أَوْ مِثْلِهِ لِأَنَّهُ مِثْلِيٌّ وَإِنْ كَانَ جُزَافًا وَلَمْ يَعْلَمْ كَيْلَهُ فَقِيمَتُهُ يَوْمَ غَصَبَهُ لِتَعَذُّرِ الْمِثْلِ فَإِنْ قَالَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ: أُغَرِّمُهُ مِنَ الْمَكِيلَةِ مَا لَا أَشُكُّ أَنَّهُ كَانَ فِيهِ فَالْقَوْلُ بِأَنَّ ذَلِكَ لَهُ أَحْسَنُ لِأَنَّهُ لَمْ يُغَرِّمْهُ إِلَّا مِثْلَ مَا أَخَذَ وَتَرَكَ بَقِيَّتَهُ عِنْدَهُ وَقَالَ غَيْرُهُ: الْقِيمَةُ تَتَعَيَّنُ فِي الرِّبَوِيِّ كَيْلَا يُؤَدِّيَ إِلَى التَّفَاضُلِ قَالَ مَالِكٌ: إِذَا لَمْ يَجِدْ مِثْلَ الطَّعَامِ بِمَوْضِعِ الطَّعَامِ لَزِمَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِمِثْلِهِ إِلَّا أَنْ يَتَّفِقَا عَلَى أَمْرٍ جَائِزٍ يُرِيدُ بِالْجَائِزِ أَخْذَ مِثْلِهِ بِغَيْرِ الْبَلَدِ أَوِ الثَّمَنِ الَّذِي بِيعَ بِهِ الطَّعَامُ أَمَّا الطَّعَامُ يُخَالِفُهُ فَلَا.
قَاعِدَةٌ:
فِي الْجَوَابِرِ وَالزَّوَاجِرِ فَالْجَوَابِرُ مَشْرُوعَةٌ لِجَلْبِ الْمَصَالِحِ وَالزَّوَاجِرُ لِدَرْءِ الْمَفَاسِدِ وَالْغَرَضُ مِنَ الْجَوَابِرِ جَبْرُ مَا فَاتَ مِنْ مَصَالِحِ حُقُوقِ اللَّهِ أَوْ حُقُوقِ عِبَادِهِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ مِنْ وَاجِبٍ عَلَيْهِ وَلِذَلِكَ شُرِّعَ الْجَبْرُ مَعَ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ وَالْجَهْلِ وَالْعِلْمِ وَالذِّكْرِ وَالنِّسْيَانِ وَعَلَى الْمَجَانِينِ وَالصِّبْيَانِ بِخِلَافِ الزَّوَاجِرِ فَإِنَّ مُعْظَمَهَا عَلَى الْعُصَاةِ زَجْرًا لَهُمْ عَنِ الْمَعْصِيَةِ وَقَدْ يُخْتَلَفُ فِي بَعْضِ الْكَفَّارَاتِ هَلْ هِيَ زَوَاجِرُ لِمَا فِيهَا مِنْ مَشَاقِّ تَحَمُّلِ الْأَمْوَالِ وَغَيْرِهَا أَوْ جَوَابِرُ لِأَنَّهَا عِبَادَاتٌ وَقُرُبَاتٌ لَا تَصِحُّ إِلَّا بِالنِّيَّاتِ وَلَيْسَ التَّقَرُّبُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى زَجْرًا بِخِلَافِ الْحُدُودِ وَالتَّعْزِيرَاتِ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ فِعْلًا لِلْمَزْجُورِ بَلْ يَفْعَلُهَا الْأَئِمَّةُ فِيهِ وَالْجَوَابِرُ تَقَعُ فِي الْأَمْوَالِ وَالنُّفُوسِ وَالْأَعْضَاءِ وَمَنَافِعِ الْأَعْضَاءِ وَالْجِرَاحِ وَالْعِبَادَاتِ كَالْوُضُوءِ مَعَ التَّيَمُّمِ وَالسَّهْوِ مَعَ السُّجُودِ وَالْمُصَلِّي لِجِهَةِ السَّفَرِ أَوْ لِجِهَةِ الْعَدُوِّ مَعَ الْخَوْفِ وَصَلَاةِ الْجَمَاعَةِ لِمَنْ صَلَّى وَحْدَهُ وَجَبْرِ مَا بَيْنَ السِّنِينَ بِالدَّرَاهِمِ أَوِ الذُّكُورَةِ مَعَ بِنْتِ الْمَخَاضِ وَهُوَ جَبْرٌ خَارِجٌ عَنِ الْقِيَاسِ وَالصِّيَامِ بِالْإِطْعَامِ لِمَنْ لَمْ يَصُمْ أَوْ لِتَأْخِيرِ الْقَضَاءِ ومناهي النّسك بِالدَّمِ ثمَّ الصّيام وَالصَّيْدِ الْمَمْلُوكِ لِمَالِكِهِ بِقِيمَتِهِ وَالْأَوَّلُ مُتْلَفٌ وَاحِدٌ جُبِرَ بِبَدَلَيْنِ وَاعْلَمْ أَنَّ الصَّلَاةَ لَا تُجْبَرُ إِلَّا بِعَمَلٍ بَدَنِيٍّ وَالْأَمْوَالُ لَا تُجْبَرُ إِلَّا بِالْأَمْوَالِ وَالنُّسُكَاتُ تَارَةً بِبَدَنِيٍّ وَتَارَةً بِمَالِيٍّ وَيُجْبَرُ الصَّوْمُ بِمِثْلِهِ فِي الْقَضَاءِ وَبِالْمَالِ فِي الْعَاجِزِينَ وَالْمُؤَخِّرِينَ لِقَضَائِهِ وَلَا يُجْبَرُ الْمِثْلِيُّ بِغَيْرِ مِثْلِهِ إِلَّا فِي لَبَنِ الْمُصَرَّاةِ لِحِكْمَةٍ ذُكِرَتْ فِي الْبَيْعِ وَالْمُحَرَّمَاتُ لَا تُجْبَرُ احْتِقَارًا لَهَا كَالْمَلَاهِي وَالنَّجَاسَاتِ إِلَّا مَهْرَ الْمَزْنِيِّ بِهَا كَرْهًا فَيُجْبَرُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَلَا يُجْبَرُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي اللِّوَاطِ لِأَنَّهُ لَمْ يُقَوَّمْ قَطُّ فِي عَقْدٍ صَحِيحٍ فَأَشْبَهَ الْقُبَلَ وَالْعَنَاقَ وَمَنَافِعُ الْأَبْضَاعِ تُجْبَرُ بِالْعُقُودِ الصَّحِيحَةِ وَالْفَاسِدَةِ وَلَا تُجْبَرُ فِي الْيَدِ الْعَادِيَّةِ وَسَبَبُ ذَلِكَ: أَنَّ مُجَرَّدَ إِيلَاجِ الْحَشَفَةِ يُوجِبُ مَهْرَ الْمِثْلِ وَالسَّاعَةُ الْوَاحِدَةُ تَسَعُ عَدَدًا كَثِيرًا مِنَ الْإِيلَاجَاتِ فَلَوْ ضُمِنَتْ لَكَانَ الْيَوْمُ الْوَاحِدُ يُوجِبُ اسْتِحْقَاقَ عَظَائِمِ الْأَمْوَالِ وَهُوَ بَعِيدٌ عَنْ مَقَاصِدِ الشَّرْعِ وَحِكَمِهِ وَاسْتِقْرَاءُ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ يَطُولُ فَلْنَقْتَصِرْ عَلَى هَذَا الْقَدْرِ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى فَوَائِدِهَا.
فرع:
فِي الْكِتَابِ: إِذَا تَعَدَّى عَلَى صَفْحَةٍ أَوْ عَصًا بِالْكَسْرِ أَوْ ثَوْبٍ بِالتَّحْرِيقِ وَكَثُرَ الْفَسَادُ خُيِّرْتَ فِي قِيمَةِ جَمِيعِهِ لِأَنَّ ذَهَابَ الْجُلِّ كَذَهَابِ الْكُلِّ أَوْ أَخَذَهُ وَمَا نَقَصَهُ لِأَنَّ الْبَاقِيَ عَيْنُ مَالِكِهِ أَوْ قَلَّ الْفَسَادُ فَمَا نَقَصَهُ بَعْدَ رَفْوِ الثَّوْبِ لِأَنَّ الْبَعْضَ مَضْمُونٌ كَالْكُلِّ وَقَدْ كَانَ يَقُولُ: يَضْمَنُ مَا نَقَصَ وَلَمْ يُفَصِّلْ لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنْ لَا يَتَعَدَّى الضَّمَانُ مَوْرِدَ الْإِتْلَافِ ثُمَّ رَجَعَ لِلتَّفْصِيلِ وَكَذَلِكَ الْمُتَعَدِّي عَلَى عُضْوِ حَيَوَانٍ أَمَّا إِذَا لَمْ يَبْقَ فِي الرَّقِيقِ كَبِيرُ مَنْفَعَة ضمن جمعيه وَعُتِقَ عَلَيْهِ كَمَنْ مَثَّلَ بِعَبْدِهِ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ: رَاعُوا قَطْعَ يَدِ الْعَبْدِ الصَّانِعِ فَضَمِّنُوهُ وَإِنْ بقيت مَنَافِع بِخِلَافِ قَطْعِ ذَنَبِ الدَّابَّةِ أَوْ أُذُنِهَا وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: قَلْعُ عَيْنِ الْفَرَسِ الْفَارِهِ يَضْمَنُهُ وَإِنْ بَقِيَتْ مَنَافِعُ الْحَمْلِ وَالرُّكُوبِ لِغَيْرِ ذَوِي الهيآت لِفَسَادِ غَرَضِ صَاحِبِهِ وَكَذَلِكَ إِفَسَادُ ضَرْعِ الشَّاةِ الْمُرَادَةِ لِلَّبَنِ وَإِنْ بَقِيَ اللَّحْمُ وَالنِّتَاجُ وَلَا فرق بَين الْأذن وَالْعين عِنْد ذَوي الهيآت وَفِي النُّكَتِ إِذَا كَثُرَ الْفَسَادُ وَاخْتَارَ أَخْذَهَا وَمَا نَقَصَهَا وَلَا بُدَّ مِنْ رَفْوِ الثَّوْبِ وَإِنْ قَبِلَ الرَّفْوَ أَوْ يُخَاطُ الثَّوْبُ إِنْ صَلُحَ ذَلِكَ فِيهِ وَتُشَعَّبَ الْقَصَّةُ وَنَحْوُ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ الْفَسَادُ الْيَسِيرُ وَلَا تُدَاوَى الدَّابَّةُ وَالْفَرْقُ: أَنَّ نَفَقَةَ الْمُدَاوَاةِ غَيْرُ مَعْلُومَةٍ وَعَاقِبَتُهَا غَيْرُ مَعْرُوفَةٍ بِخِلَافِ الْخِيَاطَةِ قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا: إِذَا جُنِيَ عَلَى الْعَبْدِ جِنَايَةً مُفْسِدَةً كَقَطْعِ يَدِهِ فَلِرَبِّهِ الْقِيمَةُ وَيُعْتَقُ وَمَعْنَاهُ: إِذَا طَلَبَ ذَلِكَ السَّيِّدُ وَإِلَّا فَلَهُ أَخْذُهُ وَمَا نَقَصَهُ لِأَنَّهُ مَالُهُ وَإِذَا أَعْجَفَ الْغَاصِبُ الدَّابَّةَ بِرُكُوبِهِ وَلَمْ يَخْتَرْ رَبُّهَا الْقِيمَةَ وَأَخَذَهَا لَا يُطَالِبُهُ بِمَا نَقَصَ بِخِلَافِ قَطْعِ الْعُضْوِ وَلِأَنَّ الْعَجْفَ لَيْسَ بِأَمْرٍ ثَابِتٍ لِتَوَقُّعِ زَوَالِهِ وَلِأَنَّ الْقَطْعَ فِعْلُهُ وَالْعَجْفَ أَثَرُ فِعْلِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: مَا قِيلَ فِي الْفَسَادِ الْكَثِيرِ: يَأْخُذُ مَا نَقَصَهُ بَعْدَ الرَّفْوِ خِلَافُ ظَاهِرِ قَوْلِهِمْ وَفَسَادُهُ أَنَّهُ قَدْ يَغْرَمُ فِي الرَّفْوِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ صَحِيحًا وَذَلِكَ لَا يَلْزَمُهُ أَلَا تَرَى أَشْهَبَ وَغَيْرَهُ يَقُولُونَ: لَا يُغَرِّمُهُ إِلَّا مَا نَقَصَ إِذَا كَانَ لَهُ تَغْرِيمُهُ الْقِيمَةَ وَهُوَ الْقِيَاسُ فَكَيْفَ بِتَغْرِيمِهِ النَّقْصَ بَعْدَ الرَّفْوِ وَرُبَّمَا زَادَ وَلَوْ قِيلَ فِي الْيَسِيرِ: عَلَيْهِ النَّقْصُ فَقَطْ صَحَّ لِدُخُولِ الرَّفْوِ فِيهِ كَمَا قَالُوا: إِذَا وَجَدَ آبِقًا وَذَلِكَ شَأْنُهُ لَهُ جُعْلُ مِثْلِهِ وَالنَّفَقَةُ لَهُ لِدُخُولِ النَّفَقَةِ فِي جُعْلِ الْمِثْلِ وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ فِي إِفَسَادِ الْمُتَعَدِّي الثَّوْبَ فَسَادًا يَسِيرًا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إِلَّا مَا نَقَصَهُ بَعْدَ الرَّفْوِ جنى عمد أَوْ خَطَأً وَقَوْلُ مَنْ قَالَ: الْعِتْقُ مَوْقُوفٌ عَلَى إِرَادَةِ السَّيِّدِ بِخِلَافِ ظَاهِرِ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ إِمْسَاكُهُ وَأَخْذُ مَا نَقَصَهُ وَالصَّوَابُ: الْعِتْقُ وَإِنْ كَرِهَ لِقِيَامِ قِيمَتِهِ مَقَامَهُ فَهُوَ مُضَارٌّ فِي مَنْعِهِ الْعِتْقَ إِنْ كَانَ الْفَسَادُ كَثِيرًا وَيُخَيَّرُ إِنْ كَانَ يَسِيرًا كَفَقْءِ الْعَيْنِ الْوَاحِدَةِ وَقَطْعِ الْيَدِ الْوَاحِدَةِ مَعَ بَقَاءِ كَثِيرِ الْمَنَافِعِ لِأَنَّهُ يَنْتَفِعُ بِمَا بَقِيَ فَإِنْ أَخَذَ الْقِيمَةَ عُتِقَ عَلَى الْجَانِي أَدَبًا لَهُ وَيَقَعُ الْعِتْقُ وَالْجِنَايَةُ مَعًا كَمَنْ حَلَفَ إِن بَاعَ عَبده فَهُوَ حر فَيَقَعُ الْبَيْعُ وَالْحِنْثُ مَعًا وَيَغْلِبُ الْعِتْقُ لِحُرْمَتِهِ وَإِنْ قَلَّتِ الْجِنَايَةُ جِدًّا كَجَذْعِ الْأَنْفِ وَقَطْعِ الإُصْبُعِ فَمَا نَقَصَ فَقَطْ قَالَ اللَّخْمِيُّ: التَّعَدِّي أَرْبَعَةٌ: يَسِيرٌ لَا يُبْطِلُ الْغَرَضَ الْمَقْصُودَ مِنْهُ وَيَسِيرٌ يُبْطِلُهُ وَكَذَلِكَ يُبْطِلُهُ وَلَا يُبْطِلُهُ وَالْأَوَّلُ لَا يَضْمَنُ الْعَيْنَ وَكَذَلِكَ الرَّابِعُ وَيُخَيَّرُ فِي الثَّالِثِ كَمَا تَقَدَّمَ وَعَلَى الْقَوْلِ بِتَضْمِينِهِ قِيمَتَهُ فَأَرَادَ رَبُّهُ أَخْذَهُ وَمَا نَقَصَهُ فَذَلِكَ لَهُ عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَا شَيْءَ لَهُ لِأَنَّهُ مَلَكَ أَنْ يَضْمَنَهُ فَامْتَنَعَ فَذَلِكَ رِضًا بِنَقْصِهِ وَالثَّانِي يَضْمَنُ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ مَالِكٍ وَقَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ: كَقَطْعِ ذَنَبِ حِمَارِ الْقَاضِي وَالشَّاهِدِ وَنَحْوِهِ وَتَسْتَوِي الْمَرْكُوبَاتُ وَالْمَلْبُوسَاتُ هَذَا الْمَشْهُورُ وَعَنْ مَالِكٍ: لَا يَضْمَنُ الْعَيْنَ بِذَلِكَ وَضَمَّنَ ابْنُ حَبِيبٍ بِالذَّنَبِ دُونَ الْأُذُنِ لِاخْتِلَافِ الشَّيْنِ فِيهِمَا قَالَ: وَإِذَا فَرَّعْنَا عَلَى الْمَذْهَبِ فَقَطْعُ أُنْمُلَةِ إُصْبُعِهِ فَبَطَّلَ ذَلِكَ صِنَاعَتَهُ ضَمِنَ جَمِيعَهُ أَمَّا قَطْعُ الْيَدِ أَوِ الرِّجْلِ فَيُضَمِّنُهُ الْجَمِيعُ وَإِنْ كَانَ مِنْ عَبِيدِ الْخِدْمَةِ لِذَهَابِ جُلِّ مَنَافِعِهِ وَالْعَرَجُ الْخَفِيفُ يَضْمَنُ النَّقْصَ فَقَطْ وَالْكَثِيرُ يَضْمَنُ جَمِيعَهُ وَالْخِصَاءُ يَضْمَنُ نَقْصَهُ فَإِن لم ينقصهُ وزادت قِيمَته لاشيء عَلَيْهِ وَعُوقِبَ وَقِيلَ: تُقَدَّرُ الزِّيَادَةُ نَقْصًا فَيَغَرَمُهَا لِأَنَّ الزِّيَادَةَ نَشَأَتْ عَنِ النَّقْصِ وَلَيْسَ بِالْبَيْنِ تَنْبِيهٌ: هَذَا الْفَرْعُ - وَهُوَ إِذْهَابُ جُلِّ الْمَنْفَعَةِ - مِمَّا اخْتَلَفَتْ فِيهِ الْمَذَاهِبُ وَتَشَعَّبَتْ فِيهِ الْآرَاءُ وَطُرُقُ الِاجْتِهَادِ فَقَالَ (ح) فِي الْعَبْدِ وَالثَّوْبِ كَقَوْلِنَا فِي الْأَكْثَرِ فَإِنْ ذَهَبَ النِّصْفُ أَوِ الْأَقَلُّ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ عَادَةً فَلَيْسَ لَهُ إِلَّا مَا نَقَصَ فَإِنْ قَلَعَ عَيْنَ الْبَهِيمَةِ فَرُبُعُ الْقِيمَةِ اسْتِحْسَانًا وَالْقِيَاسُ عِنْدَهُمْ: أَنْ لَا يَضْمَنَ إِلَّا النَّقْصَ وَاخْتَلَفُوا فِي تَعْلِيلِ هَذَا الْقَوْلِ فَقِيلَ: لِأَنَّهُ يَنْتَفِعُ بِالْأَكْلِ وَالرُّكُوبِ فَعَلَى هَذَا يَتَعَذَّرُ الْحُكْمُ لِلْإِبِلِ وَالْبَقَرِ دُونَ الْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: الرُّكُوبُ فَيَتَعَدَّى الْحُكْمُ لِلْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ فَيَضْمَنُ أَيْضًا بِرُبُعِ الْقِيمَةِ وَقَالَ (ش) وَابْنُ حَنْبَلٍ: لَيْسَ لَهُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ إِلَّا مَا نَقَصَ فَإِنْ قَطَعَ يَدَيِ الْعَبْدِ أَوْ رِجْلَيْهِ فَوَافَقَنَا (ح) فِي تَخْيِيرِ السَّيِّدِ فِي تَسْلِيمِ الْعَبْدِ وَأَخْذِ الْقِيمَةِ وَبَيْنَ إِمْسَاكِهِ وَلَا شَيْءَ لَهُ وَقَالَ (ش): تَتَعَيَّنُ الْقِيمَةُ كَامِلَةً وَلَا يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُ الْعَبْدِ فَتَحْصُلُ لَهُ الْقِيمَةُ وَالْعَبْدُ خِلَافُ قَوْلِهِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَالْأَصْل هَذَا الْفِقْهِ: أَنَّ الضَّمَانَ الَّذِي سَبَبُهُ عُدْوَانٌ لَا يُوجِبُ مِلْكًا لِأَنَّهُ سَبَبُ التَّغْلِيظِ لَا سَبَبُ الرِّفْقِ وَعِنْدَنَا الْمِلْكُ مُضَافٌ لِلضَّمَانِ لَا لِسَبَبِهِ وَهُوَ قَدْرٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْعُدْوَانِ وَغَيْرِهِ فَانْبَسَطَتْ مَدَارِكُ فِقْهِ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى ثُمَّ الثَّانِيَةِ أَمَّا الْأُولَى: فَلَنَا: أَنَّهُ أَتْلَفَ الْمَنْفَعَةَ الْمَقْصُودَةَ فَيَضْمَنُ كَمَا لَوْ قَتَلَهَا أَوِ الْأُولَى فَإِنَّ ذَا الْهَيْئَةِ إِذَا قَطَعَ ذَنَبَ بَغْلَتِهِ لَا يَرْكَبُهَا بَعْدُ وَالرُّكُوبُ هُوَ الْمَقْصُودُ وَأَمَّا قِيَاسُ ذَلِكَ عَلَى قَتْلِهَا فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: إِذَا قَتَلَهَا ضَمِنَهَا اتِّفَاقًا مَعَ بَقَاءِ انْتِفَاعِهِ بِإِطْعَامِهَا لِكِلَابِهِ وَبِزَّاتِهِ وَيَدْفَعُ جِلْدَهَا يُنْتَفَعُ بِهِ أَوْ بِغَيْرِ دِبَاغٍ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْمَنَافِعِ الْمَقْصُودَةِ وَلَمَّا لَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ مِنَ الضَّمَانِ عَلِمْنَا أَنَّ الضَّمَانَ مُضَافٌ لِلْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا وَهُوَ ذَهَابُ الْمَقْصُودِ فَيَسْتَوِيَانِ فِي الْحُكْمِ عَمَلًا بِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْمُوجِبِ وَلِأَنَّهُ لَوْ غَصَبَ عَسَلًا وَشَيْرَجًا وَنَشَاءً فَعَقَدَ الْجَمِيعُ فَالُوذَجًا ضَمِنَ عِنْدَهُمْ مَعَ بَقَاء مَنَافِع كَثِيرَة مَعَ الْمَالِيَّة فَكَذَلِك هَا هُنَا وَلِأَنَّهُ لَو غصب عِنْدَهُمْ مَعَ بَقَاءِ مَنَافِعَ كَثِيرَةٍ مَعَ الْمَالِيَّةِ فَكَذَلِك هَا هُنَا وَلِأَنَّهُ لَوْ غَصَبَ عَبْدًا فَأَبَقَ أَوْ حِنْطَةً فبلَّها بَللاً فَاحِشًا ضَمِنَ الدَّرْكَ عِنْدَهُمْ مَعَ بَقَاءِ التَّقَرُّبِ فِي الْعِتْقِ فِي الْأَوَّلِ وَالْمَالِيَّةِ فِي الثَّانِي لَكِنَّ جُلَّ الْمَقْصُودِ ذَهَبَ فَكَذَلِكَ فِي مَسْأَلَتِنَا وَلَا يُقَالُ فِي الْآبِقِ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ جَمِيعِ الْعَيْنِ وَفِي الْحِنْطَةِ يَتَدَاعَى الْفَسَادُ إِلَيْهِما لِأَنَّهُ فِي صُورَةِ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَقْصُودِهِ وَأَفْسَدَهُ عَلَيْهِ نَاجِزًا مَعَ إِمْكَانِ تَجْفِيفِ الْحِنْطَةِ وَعَمَلِهَا سَوِيقًا وَغَيْرَ ذَلِكَ احْتَجُّوا بِقَوْلِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتدى عَلَيْكُم} وَالِاعْتِدَاءُ حَصَلَ فِي الْبَعْضِ فَتَلْزَمُهُ قِيمَةُ الْبَعْضِ وَلِأَنَّ هَذِهِ الْجِنَايَةَ لَوْ صَدَرَتْ فِي غَيْرِ بَغْلَةِ الْأَمِيرِ لَمْ تَلْزَمْهُ الْقِيمَةُ فَكَذَلِكَ فِيهَا كَمَا لَوْ جَنَى عَلَى الْعَبْدِ وَالدَّارِ لَأَنَّ تَقْوِيمَ الْمُتْلَفَاتِ فِي غَيْرِ صُورَةِ النِّزَاعِ لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ النَّاسِ إِنَّمَا يَخْتَلِفُ بِالْبِلَادِ وَالْأَزْمَانِ وَيُؤَكِّدُهُ: أَنَّهُ لَوْ قَطَعَ ذنَب حِمَارِ التَّرَّابِ أَوْ خَرَقَ ثَوْبَ الحطَّاب لَا يَلْزَمُهُ جَمِيعُ الْقِيمَةِ مَعَ تَعَذُّرِ بَيْعِهِ مِنَ الْأَمِير وَالْقَاضِي وَلِأَنَّهُمَا لَا يَلْبَسَانِهِ بِسَبَبِ ذَلِكَ الْقَطْعِ الْيَسِيرِ وَلَوْ قَطَعَ أُذُنَ الْأَمِيرِ نَفْسِهِ أَوْ أَنْفَ الْقَاضِي لَمَا اخْتَلَفَتِ الْجِنَايَةُ فَكَيْفَ بِدَابَّتِهِ مَعَ أَنَّ شَيْنَ الْقَاضِي بِقَطْعِ أَنْفِهِ أَعْظَمُ مِنَ الْعَامَّةِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ: أَنَّهُ مَتْرُوكُ الظَّاهِرِ لِاقْتِضَائِهِ أَنْ يُعْوِرَ فَرَسَهُ مِثْلَ فِعْلِ الْجَانِي وَلَيْسَ كَذَلِكَ إِجْمَاعًا وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهَا وَرَدَتْ فِي الدِّمَاءِ لَا فِي الْأَمْوَالِ وَأَنَّ قَوْله تَعَالَى {عَلَيْكُم} إِنَّمَا يَتَنَاوَلُ نُفُوسَنَا دُونَ أَمْوَالِنَا وَعَنِ الثَّانِي: أَنَّ الدَّارَ جُلُّ مَقْصُودِهَا حَاصِلٌ بِخِلَافِ الدَّابَّةِ وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: لَا يَخْتَلِفُ التَّقْوِيمُ بِاخْتِلَافِ الْمُلَّاكِ بَلْ يَخْتَلِفُ بِأَنَّ الدَّابَّةَ الصَّالِحَةَ لِلْخَاصَّةِ وَالْعَامَّةِ كَالْقُضَاةِ والحطَّابين أَنْفَسُ قِيمَةً لِعُمُومِ الْأَغْرَاضِ وَلِتَوَقُّعِ الْمُنَافَسَةِ فِي الْمُزَايَدَةِ أَكْثَرَ مِنَ الَّتِي لَا تَصْلُحُ إِلَّا لِأَحَدِ الْفَرِيقَيْنِ وَأَمَّا أُذُنُ الْأَمِيرِ وَأَنْفُ الْقَاضِي فَلِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ مَزَايَا الرِّجَالِ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ فِي بَابِ الدِّمَاءِ وَمَزَايَا الْأَمْوَالِ مُعْتَبرَة فيأسر فَدِيَةَ أَشْجَعِ النَّاسِ وَأَعْلَمِهِمْ كَدِيَةِ أَجْبَنِ النَّاسِ وَأَجْهَلِهِمْ فَأَيْنَ أَحَدُ الْبَابَيْنِ مِنَ الْآخَرِ وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ فَأَصْلُهَا أَنَّ الْقِيمَةَ عِنْدَنَا بدلُ الْعين فيستحيل أَن يجْتَمع الْعِوَض والمعوض وَعند بدل الْيَدَيْنِ فيجتمع المعوض بِقِيمَة الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ الَّتِي لَمْ تَقَابَلْ بِعِوَضٍ لَنَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: مَا تَقَدَّمَ أَنَّ ذَهَابَ الْغَرَضِ الْمَقْصُودِ يُوجِبُ كَمَالَ الْقِيمَةِ فِي جَمِيعِ الْعَيْنِ وَلِأَنَّا إِنَّمَا نقوِّم الْعَيْنَ فَتَكُونُ الْقِيمَةُ عوضا وَلِأَن الْمَمْلُوك لاتضمن أَجْزَاؤُهُ بِالتَّلَفِ بِمَا تُضْمَنُ بِهِ جُمْلَتِهِ فِي غَيْرِ صُورَةِ النِّزَاعِ إِجْمَاعًا أَوْ نَقُولُ: لَا نُسَلِّمُ لَهُ جَمِيعَ الْقِيمَةِ مَعَ بَقَاءِ مِلْكِهِ عَلَيْهِ كَمَا لَو جنى وَلِذَلِكَ سُميت قِيمَةً فَلَوْ حَصَلَ لَهُ الْقِيمَةُ مَعَ الْعَيْنِ لَمَا قَامَتْ مَقَامَهَا وَلَكَانَ لِلشَّيْءِ قِيمَتَانِ وَهُوَ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ احْتَجُّوا بِأَنَّ دِيَةَ يَدِ الْحُرِّ والمدبِّر دِيَةٌ عَنْ يَدَيْهِ وَهِيَ مُسَاوِيَةٌ لِدِيَةِ النَّفْسِ فَكَذَلِكَ الْعَبْدُ القِن وَلِأَنَّهَا جِنَايَةٌ عَلَى مِلْكِ الْغَيْرِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْبَدَلِ تَسْلِيمُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَصْلُهُ إِذَا قَطَعَ الْيَدَ الْوَاحِدَةَ وَفِقْهُهُ: أَنَّ ضَمَانَ الْعَبْدِ ضَمَانُ الدِّمَاءِ وَخَرَاجُهُ مِنْ قِيمَتِهِ كَخَرَاجِ الْحُرِّ مِنْ دِيَتِهِ كَمَا فِي يَدَيِ الْحُرِّ دِيَةٌ كَامِلَةٌ فَفِي يَدِ الْعَبْدِ قِيمَةٌ كَامِلَةٌ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ: أَنَّ الْمُدَبَّرَ - عِنْدَنَا - لَا يَقْبَلُ انْتِقَالَ الْمِلْكِ لِمَا جَعَلَ فِيهِ مِنْ عَقْدِ الْعِتْقِ وَكَذَلِكَ الْحُرُّ لَا يَقْبَلُ الْمِلْكَ الْبَتَّةَ وَصُورَةُ النِّزَاعِ قَابِلَةٌ لِلْمِلْكِ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ بَقَاءِ الْمُدَبَّرِ لِسَيِّدِهِ مَعَ الْأَرْشِ وَإِنْ عَظُمَ بَقَاءُ الْقِنِّ وَعَنِ الثَّانِي: أَنَّ جُلَّ الْمَنْفَعَةِ لَمْ يَذْهَبْ بِالْيَدِ الْوَاحِدَةِ وَإِنْ فَرَضْتُمُوهُ كَذَلِكَ مَنَعْنَا الْحُكْمَ وَأَوْجَبْنَا كَمَالَ الْقِيمَةِ أَمَّا الْيَدَانِ: فَمَذْهَبُنَا أَنَّ لِجُلِّ الْمَنْفَعَةِ كَمَسْأَلَةِ الْحِنْطَةِ الْمَبْلُولَةِ وَالْفَالُوذَجِ وَأَمَّا مَا ذَكَرْتُمْ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ: أَنَّ الْعُدْوَانَ لَا يَكُونُ سَبَبَ الْمِلْكِ فَيَبْطُلُ بِالِاسْتِيلَاءِ الْعُدْوَانُ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ فِي جَارِيَةِ ابْنِهِ وَأَمَّا قَوْلُكُمْ: إِنَّ الْعَبْدَ نِسْبَةُ أَطْرَافِهِ إِلَى قِيمَتِهِ كَنِسْبَةِ أَطْرَافِ الْحُرِّ إِلَى دِيَتِهِ فَغَيْرُ مسلَّم بَلِ الْعَبْدُ - عِنْدَنَا - يُضْمَنُ أَطْرَافُهُ بِمَا نَقَصَ تَغْلِيبًا لِشَائِبَةِ الْمَالِيَّةِ.
فرع:
فِي الْكِتَابِ: إِذَا غَصَبَهَا فَزَادَتْ قِيمَتُهَا أَوْ نَقَصَتْ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْغَصْبِ وَهَذَا الْفَرْعُ يَرْجِعُ إِلَى أَنَّ الْغَاصِبَ يَضْمَنُ أَعلَى الْقيم وَهُوَ الْمَذْهَب الشَّافِعِي وَحَكَاهُ اللَّخْمِيُّ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا وَابْنِ حَنْبَلٍ أَوِ الْقِيمَةَ يَوْمَ الْغَصْبِ فَقَطْ وَهُوَ مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ (ح) وَعَلَى الْأَوَّلِ: لَوْ تَعَلَّمَ العَبْد صَنْعَةً ثُمَّ نَسِيَهَا ضَمِنَ الْغَاصِبُ قِيمَتَهَا لَنَا: أَنَّ وَضْعَ الْيَدِ هُوَ سَبَبُ الضَّمَانِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تَرُدَّهُ» وَتَرْتِيبُ الحكم على الْوَصْف يدل على علية ذَلِك الْوَصْفِ لِذَلِكَ الْحُكْمِ فَتَكُونُ الْيَدُ هِيَ سَبَبَ الضَّمَان فيترتب الضَّمَان عَلَيْهِ ويعد الضَّمَانُ لَا ضَمَانَ لِأَنَّهُ تَحْصِيلُ الْحَاصِلِ وَلِأَنَّ الضَّمَانَ يُصَيِّرُ الْمَضْمُونَ مِلْكَ الضَّامِنِ عَلَى مَا سَيَأْتِي وتجد يَد ضَمَانٍ فِي مِلْكِ الْإِنْسَانِ خِلَافَ الْإِجْمَاعِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {مَا على الْمُحْسِنِينَ من سَبِيل} وَالرَّادُّ لِلْمَغْصُوبِ مُحْسِنٌ بِفِعْلِهِ لِلْوَاجِبِ فَلَا يَكُونُ عَلَيْهِ سَبِيلٌ وَلِأَنَّ الْغَصْبَ لَمْ يَتَنَاوَلِ الزِّيَادَةَ فَلَا تَكُونُ مَضْمُونَةً وَقِيَاسًا عَلَى زِيَادَةِ حَوَالَةِ الْأَسْوَاقِ فَلِأَنَّهَا لَا تُضْمَنُ اتِّفَاقًا مِنْهُمْ وَقَدْ حَكَى اللَّخْمِيُّ ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَحَكَى عَنْ أَشْهَبَ وَعَبْدِ الْمَلِكِ أَخْذُ أَرْفَعِ الْقِيَمِ إِذَا حَالَ السُّوقُ وَالْفَرْقُ عِنْدَهُمْ: أَنَّ حَوَالَةَ الْأَسْوَاقِ رَغَبَاتُ النَّاسِ وَهِيَ خَارِجَةٌ عَنِ السّلْعَة فَلَا يُؤمر فِيهَا بِخِلَافِ زِيَادَةِ صِفَاتِهَا احْتَجُّوا بِأَنَّ الْغَاصِبَ فِي كُلِّ وَقْتٍ مَأْمُورٌ بِالرَّدِّ فَهُوَ مَأْمُورٌ بِرَدِّ الزِّيَادَةِ وَمَا رَدَّهَا فَيَكُونُ غَاصِبًا لَهَا فَيَضْمَنُهَا وَلِأَنَّ الزِّيَادَةَ نَشَأَتْ عَنْ مِلْكِهِ فَتَكُونُ مِلْكَهُ وَيَدُ الْعُدْوَانِ عَلَيْهَا فَتَكُونُ مَغْصُوبَةً فَتُضْمَنُ كَالْعَيْنِ الْمَغْصُوبَةِ وَالْجَوَابُ عَنْ جَمِيعِ مَا ذَكَرُوهُ: أَنَّا نُسَلِّمُ أَنَّهُ مَأْمُورٌ وَأَنَّ الزِّيَادَةَ مِلْكُهُ لَكِنْ لَا نُسَلِّمُ ضَمَانَهَا بِسَبَبِ أَنَّ أَسْبَابَ الضَّمَانِ ثَلَاثَةٌ: الْإِتْلَافُ وَالتَّسَبُّبُ لِلْإِتْلَافِ وَوَضْعُ الْيَدِ غَيْرِ الْمُؤْمَنَةِ وَلَا نُسَلِّمُ وُجُودَ وَاحِدٍ مِنْهَا أَمَّا الْأَوَّلَانِ فَظَاهِرٌ وَبِالْفَرْضِ وَأَمَّا الثَّالِثُ: فَلِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ وَضْعُ الْيَدِ إِلَّا فِي الْمَغْصُوبِ أَمَّا زِيَادَتُهُ فَلَمْ يُوجَدْ إِلَّا اسْتِصْحَابُهَا وَاسْتِصْحَابُ الشَّيْءِ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَقُومَ مَقَامَهُ بِدَلِيلِ: أَن اسْتِصْحَاب النِّكَاح لايقوم مَقَامَ الْعَقْدِ الْأَوَّلِ لِصِحَّتِهِ مَعَ الِاسْتِبْرَاءِ وَالْعَقْدُ لَا يُثْبَتُ مَعَ الِاسْتِبْرَاءِ وَكَذَلِكَ الطَّلَاقُ يُوجِبُ تَرَتُّبَ الْعِدَّةِ عُقَيْبَهُ وَاسْتِصْحَابُهُ لَا يُوجِبُ تَرَتُّبَ الْعِدَّةِ عُقَيْبَهُ وَوَضْعُ الْيَدِ عُدْوَانًا يُوجِبُ التَّفْسِيقَ وَالتَّأْثِيمَ وَلَوْ جَنَى بَعْدَ ذَلِكَ وَهِيَ تَحْتَ يَدِهِ لَمْ يُؤَثَّمْ حِينَئِذٍ وَلَمْ يُفَسَّقْ وَابْتِدَاءُ الْعِبَادَاتِ يُشْتَرَطُ فِيهَا النِّيَّاتُ وَغَيْرُهَا مِنَ التَّكْبِيرِ وَنَحْوِهِ لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ فِي اسْتِصْحَابِهَا فَعَلِمْنَا أَنَّ اسْتِصْحَابَ الشَّيْءِ لَا يَلْزَمُ أَنْ يقوم مقَامه لاسيما وَمُوجِبُ الضَّمَانِ هُوَ الْأَخْذُ عُدْوَانًا وَلَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ بَعْدَ زَمَنِ الْأَخْذِ أَنَّهُ: أَخَذَ الْآنَ إِلَّا عَلَى سَبِيلِ الْمَجَازِ فَحَقِيقَةُ الْأَخْذِ تَجْرِي مَجْرَى الْمُنَاوَلَةِ وَالْحَرَكَاتُ الْخَاصَّةُ لَا يَصْدُقُ شَيْءٌ مِنْهُ مَعَ الِاسْتِصْحَابِ فَعُلِمَ أَنَّ سَبَبَ الضَّمَانِ مَنْفِيٌّ فِي زمن الِاسْتِصْحَاب قطعا وَإِنَّمَا نُضَمِّنُهُ الْآنَ بِسَبَبِ تَقَدُّمٍ لَا بِسَبَبٍ مُقَارَنٍ فَانْدَفَعَ مَا ذَكَرُوهُ وَأَنَّ الْقِيمَةَ إِنَّمَا هِيَ يَوْمَ الْغَصْبِ زَادَتِ الْعَيْنُ أَوْ نَقَصَتْ تَفْرِيعٌ قَالَ فِي الْكِتَابِ: فَلَوْ بَاعَهَا فَلَمْ يُعْلَمْ مَوْضِعُهَا خُيِّرَتْ بَيْنَ الثَّمَنِ لِأَنَّهُ بَيْعٌ فُضُولِيٌّ لَك إِجَازَته وَبَين الْقيمَة لِأَنَّهُ غَاصِب فَإِنْ نَقَصَتْ قِيمَتُهَا يَوْمَئِذٍ عَنْ يَوْمِ الْغَصْبِ رَجَعَتْ بِالتَّمَامِ عَلَى الْغَاصِبِ لِأَنَّ الْغَصْبَ أَوْجَبَ التَّمَامَ عَلَيْهِ قَالَ التُّونُسِيُّ: وَإِذَا كَثُرَتْ قِيمَتُهَا يَوْمَ الْجِنَايَةِ وَرَجَعَتْ عَلَى الْغَاصِبِ رَجَعَ الْغَاصِبُ عَلَى الْجَانِي بِتَمَامِ الْقِيمَةِ لِأَنَّهُ بِالضَّمَانِ يَمْلِكُ بِالْجِنَايَةِ فِي الزِّيَادَةِ عَلَى مِلْكِهِ فَيَرْجِعُ بِالزِّيَادَةِ كَمَا عَلَيْهِ النَّقْصُ وَقَالَ أَشْهَبُ: الزِّيَادَةُ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ لِأَن الْغَاصِب عِنْده لَا يرجع وَيَلْزَمُ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَوْ كَانَ عَلَى الْغَاصِبِ غُرَمَاءُ لَمْ يَكُنْ أَحَقَّ بِمَا أَخَذَ مِنْ غُرَمَاءِ الْغَاصِبِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا أَخَذَ ذَلِكَ عَنِ الْغَاصِبِ مِنْ غَرِيمِ الْغَاصِبِ فَهُوَ أُسْوَةُ غُرَمَاءِ الْغَاصِبِ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ أَنْ يَنْدَفِعَ الضَّمَانُ عَنِ الْغَاصِبِ فَلَا يَتْبَعُهُ بِبَقِيَّةِ الْقِيمَةِ وَيَكُونُ أَوْلَى بِمَا أَخَذَ مِنَ الْجَانِي من غُرَمَاء الْغَاصِبِ وَإِذَا بَاعَ الْغَاصِبُ وَاسْتَهْلَكَ الْمُشْتَرِي فَأَجَازَ الْمُسْتَحِقُّ الْبَيْعَ وَأَخَذَ الثَّمَنَ مِنَ الْغَاصِبِ فَذَلِكَ لَهُ فَإِن قَالَ: آخذه من الْمُشْتَرِي عَلَى الْغَاصِبِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُ عِنْد ابْن الْقَاسِم لِأَنَّهُ إِذا جَازَ الْبَيْعَ صَارَ الْغَاصِبُ كَالْوَكِيلِ عَلَى الْبَيْعِ وَقِيلَ: لَهُ أَنْ يُغَرِّمَ الْمُشْتَرِيَ الثَّمَنَ ثَانِيَةً وَالْأَشْبَهُ الْأَوَّلُ وَإِنْ رَجَعَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِقِيمَةِ مَا اسْتَهْلَكَ وَلَهُ خَمْسُونَ وَالثَّمَنُ مِائَةٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِجَمِيعِ ثَمَنِهِ فَيَأْخُذُهُ مِنَ الْغَاصِبِ لِأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ لَمَّا أَخَذَ قِيمَةَ مِلْكِهِ يَوْمَ الِاسْتِهْلَاكِ فَكَأَنَّهُ أَخَذَ عَيْنَ شَيْئِهِ فَانْتَقَضَ الْبَيْعُ مِنَ الْمُشْتَرِي وَالْغَاصِبِ فَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِجَمِيعِ ثَمَنِهِ وَقَالَ أَشْهَبُ: يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِالْخَمْسِينَ الَّتِي أَخَذَهَا مِنْهُ الْغَاصِبُ وَيَرْجِعُ الْمُسْتَحَقُّ بِالْخَمْسِينَ الْأُخْرَى تَمَامِ الثَّمَنِ لِأَنَّ الْغَاصِبَ لَا يَرْبَحُ قَالَ مُحَمَّد: فَإِن كَانَت قِيمَته يَوْم الْغَصْب ماية وَعِشْرِينَ وَثَمَنُ الْمَبِيعِ مِائَةً وَقِيمَتُهُ يَوْمَ الْجِنَايَةِ خَمْسِينَ فَأَخَذَ الْمُسْتَحِقُّ خَمْسِينَ مِنَ الْمُشْتَرِي وَهُوَ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْجِنَايَةِ لَرَجَعَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ فَقَطْ عَلَى الْبَائِعِ وَرَجَعَ عَلَيْهِ الْمُسْتَحِقُّ بِتَمَامِ قِيمَةِ السِّلْعَةِ يَوْمَ الْغَصْبِ وَذَلِكَ سَبْعُونَ وَهَذَا أَيْضًا بَعِيدٌ فَإِنْ وَهَبَ الْغَاصِبُ الثَّوْبَ لِمَنْ أَبْلَاهُ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يَرْجِعُ الْمُسْتَحِقُّ عَلَى الْوَاهِبِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ أَوْ كَانَ عَدِيمًا فَعَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ لُبْسِهِ ثُمَّ لَا تَرَاجُعَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّا مَتَى قَدَرْنَا عَلَى إِجَازَةِ هِبَةِ الْغَاصِبِ فَعَلْنَا وَيُبْدَأُ بِهِ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ بِخِلَافِ الْمَوْهُوبِ لَهُ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ إِلَّا عِنْدَ قِيَامِ عُذْرٍ لِأَنَّهُ وَضَعَ يَدَهُ خَطَأً فَيَضْمَنُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ: يَرْجِعُ عَلَى أَيِّهِمَا شَاءَ وَعِنْدَهُ لَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ يَوْمَ اللُّبْسِ أَكْثَرَ مِنْ يَوْمِ الْغَصْبِ فَلَا تَرَاجُعَ بَيْنَهُمْ وَلَا لِلْمُسْتَحَقِّ الرُّجُوعُ عَلَى الْمَوْهُوبِ بِزِيَادَةِ الْقِيمَةِ وَعَنْ أَشهب: لَهُ الرُّجُوع وَبَدَأَ ابْن الْقَاسِم هَا هُنَا بِالْغَاصِبِ دُونَ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَقَالَ فِيمَنِ اسْتَأْجَرَ عَبْدًا لِيُبَلِّغَ لَهُ كِتَابًا إِلَى بَلَدٍ فَعَطِبَ: إِنَّهُ يَضْمَنُ وَالْفَرْقُ: أَنَّ الْأَوَّلَ وَهَبَهُ الْغَاصِبُ رَقَبَةً فَاسْتَهْلَكَهَا وَالثَّانِيَ إِنَّمَا وَضَعَ يَدَهُ عَلَى الْمَنْفَعَةِ وَالْعَبْدُ لَا يَضْمَنُ مَنَافِعَهُ لِلسَّيِّدِ لِأَنَّهُ مَالُهُ فَيَضْمَنُ مَنْ بَعَثَهُ لِأَنَّهُ وَضَعَ يَدَهُ مُخْطِئًا وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيمَنِ اكْتَرَى دَابَّةً مِنْ غَاصِبٍ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ فَهَلَكَتْ: لَا يَضْمَنُ لِأَنَّ الْغَاصِبَ ضَامِنٌ لِلدَّابَّةِ فَلَا يَضْمَنُ وَاضِعُ يَدِهِ عَلَى الْمَنَافِعِ لِوُجُودِ مَنْ يَضْمَنُ الرَّقَبَةَ وَالْعَبْدُ لَا يَضْمَنُ لِسَيِّدِهِ فَلِذَلِكَ ضَمِنَ مُسْتَأْجِرُهُ وَسَوَّى بَيْنَهُمَا مُحَمَّدٌ فَإِنْ أَعْتَقَ الْمُشْتَرِي الْعَبْدَ الْمُسْتَحَقَّ أَجَازَهُ الْبَائِعُ فَإِنْ أَجَازَهُ وَقَدْ نَكَحَ وَوَرِثَ نُفِّذَ جَمِيعُ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَمْ يَكُنْ أَصْلُ عِتْقِهِ عُدْوَانًا وَقَدْ قَالَ أَشْهَبُ فِيمَا كَانَ أَصْلُ عِتْقِهِ عُدْوَانًا كَالْمُكَاتَبِ يَعْتِقُ عَبْدًا لَهُ فَيَمُوتُ فَيُرِيدُ الْمُشْتَرِي أَنْ يُجِيزَ عِتْقَهُ وَيَرِثَهُ: ذَلِكَ لَهُ وَيَنْبَغِي عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ: لَا يُورَثُ بِالْحُرِّيَّةِ لِأَنَّ أَصْلَ عِتْقِهِ عُدْوَانٌ كَعِتْقِ الْمِدْيَانِ وَانْظُرْ لَوْ أَعْتَقَهُ الْغَاصِبُ ثُمَّ جَار بِهِ فَلَمْ يَفُتْ فَأَرَادَ إِلْزَامَهُ الْقِيمَةَ وَقَالَ الْغَاصِب: لَا يَنْبَغِي أَن لَا يَلْزَمَ ذَلِكَ الْغَاصِبَ فَإِنَّ عِتْقَهُ بَاطِلٌ لِوُقُوعِهِ فِي غَيْرِ مِلْكٍ.
فرع:
فِي الْجَوَاهِرِ: إِذَا قَدَّمَ الطَّعَامَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ بَرِئَ مِنْهُ وَكَذَلِكَ لَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى الْأَكْلِ وَقَالَ (ح): مَتَى فَعَلَ الْمَالِكُ فِي الْمَغْصُوبِ فِعْلًا لَوْ فَعَلَهُ الْغَاصِبُ ضَمِنَ سَقَطَ بِهِ ضَمَانُ الْغَصْبِ لَأَنَّ يَدَ الْمَالِكِ تُنَاقِضُ يَدَ الْغَاصِبِ عَلِمَ الْمَالِكُ أَمْ لَا كَلُبْسِ الثَّوْبِ وَرُكُوبِ الدَّابَّةِ وَأَكْلِ الطَّعَامِ وَكَذَلِكَ لَوْ أَجَّرَ الْعَبْدَ مِنَ الْغَاصِبِ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ: إِذَا قَالَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ: كُلْهُ فَإِنَّهُ طَعَامِي اسْتَقَرَّ الضَّمَانُ عَلَى الْغَاصِبِ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ بَرِئَ مِنَ الضَّمَانِ وَعِنْدَ (ش) فِي سُقُوطِ الضَّمَانِ عَنِ الْغَاصِبِ قَوْلَانِ عَلِمَ أَمْ لَا أَكْرَهَهُ أَمْ لَا لَنَا: أَنَّ إِذْنَ الْغَاصِبِ كَغُرْمِهِ فَسَقَطَ الضَّمَانُ وَلِأَنَّ الْعِلْمَ وَعَدَمَهُ فِي الضَّمَانِ وَسُقُوطِهِ لَا أَثَرَ لَهُ لِأَنَّهُ لَوْ أَكَلَ طَعَامَ الْغَيْرِ يَظُنّهُ طَعَامه ضمنه أَو طَعَامه يضنه طَعَامَ الْغَرِيمِ يَضْمَنُهُ وَكَيْفَ يَلِيقُ أَنْ يَنْتَفِعَ إِنْسَانٌ بِطَعَامِهِ وَيَضْمَنَهُ لِغَيْرِهِ أَوْ نَقُولُ: رَجَعَ الْمَغْصُوبُ إِلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ فَيَبْرَأُ الْغَاصِبُ كَمَا لَوْ بَاعَهُ مِنْهُ أَوْ وَهَبَهُ أَوْ أَعَادَهُ أَوْ أَقْبَضَهُ لِأَنَّ مَنِ اسْتَحَقَّ قَبْضَ شَيْءٍ حَصَلَ قَبْضُهُ بِهَذِهِ الْوُجُوهِ كَمَا لَوِ اسْتَحَقَّ الْمُشْتَرِي قَبْضَ الْمَبِيعِ فَوَهَبَهُ الْبَائِعُ إِيَّاهُ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ أَعَادَهُ وَلِأَنَّ صَاحِبَ الطَّعَامِ مُبَاشِرٌ للاتلاف وَالْغَاصِب سَبَب فِي التّلف الْعَادِيَّةِ وَالْمُبَاشَرَةُ مُقَدَّمَةٌ عَلَى السَّبَبِ كَحَافِرِ الْبِئْرِ وَالْمُلْقِي مُقَدَّمٌ فِي اسْتِقْرَارِ الضَّمَانِ احْتَجُّوا بِأَنَّهُ لَا يَبْرَأُ مِنَ الضَّمَانِ كَمَا لَوْ قَدَّمَ لَهُ الشَّاةَ بَعْدَ ذَبْحِهَا وَشَيِّهَا وَجَوَابُهُ: أَنَّ الشَّاة صَارَت ملكه عندنَا بِالذبْحِ فَلذَلِك استق الضَّمَان عَلَيْهِ لم يبر بِتَقْدِيمِ الشَّاةِ وَالطَّعَامُ لَمْ يَسْتَقِرَّ الضَّمَانُ فِيهِ وَهُوَ ملك الْمَغْصُوب مِنْهُ فَافْتَرقَا قالو: إِنَّمَا وَجَدَ مِنَ الْغَاصِبِ إِبَاحَةَ الْأَكْلِ وَالْإِبَاحَةُ لَيْسَتْ رَدًّا وَلَا تُزِيلُ الْيَدَ الْعَادِيَّةَ بِدَلِيلِ أَنَّ الْإِنْسَانَ إِذَا أَبَاحَ مِلْكَهُ لِلضَّيْفِ تَبْقَى يَدُهُ عَلَيْهِ يَتَصَرَّفُ فِيهِ كَيْفَ شَاءَ وَلَهُ نَزْعُهُ مِنَ الضَّيْفِ وَلَوْ بَاعَهُ لِلضَّيْفِ لَمْ يَصِحَّ وَلَوْ حَمَلَهُ إِلَى مَنْزِلِهِ لَمَنَعَهُ وَالْإِبَاحَةُ لَيْسَتْ جِهَةَ ضَمَانٍ وَجَوَابُهُ: أَنَّا نَفْرِضُهُ خَلَّاهُ وَرَاحَ وَأَكَلَهُ وَحِينَئِذٍ لَمْ يَبْقَ لِلْغَاصِبِ يَدٌ الْبَتَّةَ ثُمَّ يَنْتَقِضُ مَا ذَكَرْتُمْ بِمَا إِذَا أَعَارَهُ إِيَّاهُ وَإِذَا دَفَعَ الْجَارِيَةَ الْمَغْصُوبَةَ لَهُ وَبِمَا إِذَا دَخَلَ الْمَالِكُ دَارَ الْغَاصِبِ فَأَكَلَ بِغَيْرِ إِذْنِهِ وَبِمَا إِذَا قَالَ لَهُ: أَعْتِقْ هَذَا الْعَبْدَ وَاسْتَوْلِدْ هَذِهِ الْجَارِيَةَ فَإِنَّهُ يَبْرَأُ مِنَ الضَّمَانِ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ كُلِّهَا عَنْهُمْ.
فرع:
فِي الْكِتَابِ: إِذَا شَهِدُوا بِالْغَصْبِ مَعَ الْجَهْل بِالْقيمَةِ وَقد هَلَكت وصفتها الْبَيِّنَةُ وَتُقَوَّمُ الصِّفَةُ فَإِنْ قَالُوا: غَصَبَهَا مِنْكَ وَلَا نَدْرِي لِمَنْ هِيَ قُضِيَ بِهَا لَكَ لِأَنَّ الْيَدَ ظَاهِرَةٌ فِي الْمِلْكِ وَمَتَى ادَّعَى هَلَاكَ الْمَغْصُوبِ وَخَالَفَ فِي صِفَتِهِ صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّهُ مُدَّعًى عَلَيْهِ الْغَرَامَةُ فَإِنِ ادَّعَى مَا لَا يُشْبِهُ صُدِّقْتَ مَعَ يَمِينِكَ لِثُبُوتِ الظُّهُورِ فِي جِهَتِكَ بِالْأَشْبَهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَعَنْ أَشْهَبَ لَا يُرَاعَى الْأَشْبَهُ وَيُصَدَّقُ الْغَاصِبُ قَالَ فِي النَّوَادِرِ: مُرَاعَاةُ الْأَشْبَهِ غَلَطٌ إِنَّمَا ذَلِكَ فِي اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ وَكَثْرَةِ الثَّمَنِ وَالسِّلْعَةُ قَائِمَةٌ مَعْرُوفَةُ الْحَالِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: لَعَلَّهُ يُرِيدُ دَاخَلَهَا نَقْصٌ أَوْ حَوَالَةُ سُوقٍ فَرَاعَى الْأَشْبَه وَإِلَّا فقد قالو: لَا يُرَاعَى الْأَشْبَهُ وَيَتَحَالَفَانِ وَيَتَفَاسَخَانِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فِي قِيَامِهَا قَوْلَانِ فِي الْأَشْبَهِ وَالْقِيَاسُ مُرَاعَاتُهُ وَقَالَهُ أَشْهَبُ هَاهُنَا.
فرع:
فِي الْكِتَابِ إِذَا قَضَيْنَا عَلَى الْغَاصِبِ فِي الْقِيمَةِ ثُمَّ ظَهَرَ الْمَغْصُوبُ عِنْدَهُ فَلَكَ أَخْذُهُ إِنْ عَلِمْتَ أَنَّهُ أَخْفَاهُ وَتَرُدُّ الْقِيمَةَ لِأَنَّهُ مِلْكُكَ وَإِنْ لم تعلم فَلَا لَان الْقصر والرضى بِالْقِيمَةِ كَالْبَيْعِ إِلَّا أَنْ تَظْهَرَ أَفْضَلَ مِنَ الصِّفَةِ بِأَمْرٍ بَيِّنٍ فَلَكَ تَمَامُ الْقِيمَةِ نَفْيًا لِلظُّلَامَةِ وَكَأَنَّهُ لَزِمَتْهُ الْقِيمَةُ فَجَحَدَ بَعْضَهَا وَفِي التَّنْبِيهَاتِ: إِذَا ظَهَرَتْ مُخَالَفَةُ الصِّفَةِ فَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ يُخَيَّرُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ بَيْنَ رَدِّ مَا أَخَذَ وَيَأْخُذُ جَارِيَتَهُ أَوْ حَبْسِهَا وَتَمَامِ الْقِيمَةِ قَالَهُ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ التُّونُسِيُّ: نَفَّذَ مَالِكٌ الْحُكْمَ عَلَيْهِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْإِمْسَاكِ حَتَّى يَجِدَ الْمَغْصُوبَ وَإِذَا عَلِمْتَ أَنَّهُ غَيَّبَهُ كُنْتَ كَالْمَجْبُورِ عَلَى بَيْعِهِ فَلَا يَلْزَمُكَ وَيَنْبَغِي لَوْ أَقَرَّ بِغَيْرِ الْمَغْصُوبِ فَيَقُولُ: جَارِيَةٌ وَتَقُولُ أَنْتَ: عَبْدٌ فَيُصَدَّقُ ثُمَّ يَظْهَرُ قَوْلُكَ يَنْبَغِي الرُّجُوعُ كَالَّذِي أَخْفَى ذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ أَخْفَى الصِّفَةَ كُلَّهَا بِخِلَافِ اتِّفَاقِهِمَا عَلَى الْعَبْدِ وَاخْتِلَافِهِمَا فِي الصِّفَةِ فَالْعَيْنُ هِيَ الْمَبِيعَةُ وَانْظُرْ لَوْ قَالَ: جَارِيَةٌ سَوْدَاءُ لِلْخِدْمَةِ قِيمَتُهَا عِشْرُونَ وَقُلْتَ: بَيْضَاءُ لِلْوَطْءِ قِيمَتُهَا مِائَةٌ وَهَلْ هُوَ مُخَالِفٌ لَجَحْدِهِ بَعْضَ الصِّفَةِ أَمْ لَا؟ قَالَ ابْنُ يُونُسَ عَنْ أَشْهَبَ: يَحْلِفُ الْغَاصِبُ إِذَا لَمْ يُعْلَمْ أَنه أخفاها وَلَقَد كَانَتْ فَاتَتْ مِنْ يَدِي فَإِذَا حَلَفَ بَقِيَتْ لَهُ إِذَا كَانَتْ عَلَى الصِّفَةِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهَا وَهَذَا الْفَرْعُ هُوَ تَمْلِيكُ الْغَاصِبِ بِالتَّضْمِينِ وَيَمْلِكُ الْمُسْتَحِقُّ الْقِيمَةَ وَافَقَنَا فِيهِ (ح) إِلَّا فِي صُورَةٍ وَهِيَ: إِذَا اخْتَلَفَا فِي الْقِيمَةِ فَحَلَفَ الْغَاصِبُ وَغَرِمَ ثُمَّ وُجِدَ الْمَغْصُوبُ وَقِيمَتُهُ أَكْثَرُ فَعِنْدَنَا يَغْرَمُ تَمَامَ الْقِيمَةِ وَعِنْدَهُ يَأْخُذُهُ وَيَرُدُّ الْقِيمَةَ وَقَالَ (ش) وَابْنُ حَنْبَلٍ: الْمَغْصُوبُ عَلَى مِلْكِ الْمُسْتَحِقِّ مُطْلَقًا وَاتَّفَقَ الْجَمِيعُ عَلَى بَقَاءِ الْمِلْكِ إِذَا كَانَ الْغَاصِبُ كَتَمَهَا وَأَصْلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: هَلْ يُلَاحَظُ الْعُدْوَانُ وَهُوَ لَا يُنَاسِبُ انْتِقَالَ الْأَمْلَاكِ وَالْمِلْكُ يَنْشَأُ عَنِ التَّضْمِينِ الْمُرَتَّبِ عَلَى الْعُدْوَانِ تَارَةً وَعَلَى غَيْرِهِ أُخْرَى فَلَا مُلَازَمَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعُدْوَانِ مَعَ أَنَّ الْعُدْوَانَ قَدْ يُوجِبُ الْمِلْكَ فِي وَطْءِ الْأَبِ جَارِيَةَ ابْنِهِ فَأَحْبَلَهَا وَلِذَلِكَ نَقُولُ أَخَذَ الْبَدَلَ هَاهُنَا فَيَمْلِكُ الْمُبْدَلَ بَاذِلُ الْبَدَلِ كَالْأَبِ مَعَ ابْنِهِ فِي إِجْبَارِ الْجَارِيَةِ أَوْ بِالْقِيَاسِ عَلَى مَا إِذَا غَصَبَ عِنَبًا وَشَيْرَجًا وَنَشَاءً وَعَمِلَ الْجَمِيعَ فَالُوذَجًا فَإِنَّهُ عِنْدَ الْجَمِيعِ يَمْلِكُ الْمَغْصُوبُ وَالْمُسْتَحِقُّ الْقِيمَةَ وَلِأَنَّ الْقِيمَةَ بَدَلٌ عَنِ الْعَيْنِ لَا عَنِ الْحَيْلُولَةِ كَمَا يَقُولُهُ الشَّافِعِي إِنَّ الْعَيْنَ تُقَوَّمُ وَتُوصَفُ وَيَحْلِفَانِ عَلَيْهَا وَأَمَّا الْحَيْلُولَةُ فَلَا قِيمَةَ لَهَا وَلِأَنَّ سَبَبَ التَّمْلِيكِ الْحُكْمِيَّ أَقْوَى مِنَ الْقَوْلِيِّ بِدَلِيلِ الْإِرْثِ فَإِنَّهُ يَنْقُلُ الْمِلْكَ قَهْرًا بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ وَلِأَنَّ الْقَوْلِيَّ لَا يُوجِبُ الضَّمَانَ إِلَّا بِفِعْلٍ أَوْ تَخْلِيَةٍ وَالْحُكْمِيَّ يُوجِبُ الضَّمَانَ بِمُجَرَّدِهِ فَيَكُونُ أَقْوَى فَيَنْقُلُ الْمِلْكَ قِيَاسًا عَلَى الْقَوْلِيِّ وَبِطَرِيقِ الْأَوْلَى أَوْ نَقُولُ: بَلْ يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ رَدُّهُ فَيُمْلَكُ كَالْقَتْلِ أَو نقُول أَحَدِ الْمُقَابِلَيْنِ لِلْأَعْيَانِ فَيُوجِبُ أَنْ يَمْلِكَ الطَّرَفَيْنِ كَالثَّمَرَةِ وَالثَّمَنِ احْتَجُّوا: بِأَنَّ الْقِيمَةَ قُبَالَةُ الْحَيْلُولَةِ لَا قُبَالَةُ الْعَيْنِ لِأَنَّ الْآبِقَ مَثَلًا لَا تَصِحُّ مُقَابَلَتُهُ بِالْعِوَضِ وَلَوْ صَرَّحَا بِذَلِكَ وَيَأْخُذُ الْقِيمَةَ عَنِ الْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ وَهُمَا لَا يُقَابَلَانِ بِالْأَعْوَاضِ وَلِأَنَّ الْآبِقَ لَوْ لَمْ يَعُدْ لِلْغَاصِبِ لَمَا كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ فِي الْقِيمَةِ وَلَوْ كَانَتِ الْقِيمَةُ تُقَابِلُهُ لَرَجَعَ فِيهَا كَالثَّمَنِ إِذَا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنَ الْمُثَمَّنِ وَكَمَا إِذَا ذَهَبَ بَصَرُهُ تَجِبُ الدِّيَةُ لِلْحَيْلُولَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَصَرِهِ وَلِذَلِكَ إِذَا رَجَعَ بَصَرُهُ رَدَّ الدِّيَةَ وَاسْتَقَرَّ الْبَصَرُ لِصَاحِبِهِ وَكَذَلِكَ الشُّهُودُ إِذَا رَجَعُوا عَنِ الشَّهَادَةِ يَغْرَمُونَ مَا حَالُوا بَيْنَ الْمَالِكِ وَبَيْنَهُ وَلَا يَمْلِكُونَهُ فَإِذَا تَقَرَّرَ بِهَذِهِ النَّظَائِرِ أَنَّ الْقِيمَةَ قُبَالَةُ الْحَيْلُولَةِ وَقَدِ ارْتَفَعَتِ الْحَيْلُولَةُ فَتُرَدُّ الْقِيمَةُ أَوْ نَقُولُ: لَا يُوجِبُ هَذَا التَّضْمِينُ الْمِلْكَ فِي الْمُدَبَّرِ فَلَا يُوجِبُهُ فِي الْقِنِّ كَمَا لَوْ قَطَعَ يَدَهُ وَالْجَوَابُ عَنِ الْوَجْهَيْنِ: أَنَّ بَيْعَ الْآبِقِ يَجُوزُ عِنْدَنَا مِنَ الْغَاصِبِ وَمِنْ غَيْرِهِ بِشَرْطِ عَدَمِ النَّقْدِ وَالْتِزَامِ الْإِتْيَانِ بِهِ فِي أَجَلٍ مَعْلُوم أَو نقُول: لَا يلْزم من غدم قبُول الْملك والمعاوضة صَرِيحًا أَن لَا يُقْبَلَ ذَلِكَ ضِمْنًا كَالْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ إِذَا أَبَقَ يَمْتَنِعُ بَيْعُ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ نَصِيبَهُ مِنْ شَرِيكِهِ بِالتَّصْرِيحِ وَيَجُوزُ ضِمْنًا بِأَنْ يَعْتِقَ نَصِيبَهُ فَيَمْلِكَ نَصِيبَ صَاحِبِهِ فَيُعْتَقَ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: أَعْتِقْ عَنِّي عَبْدَكَ الْآبِقَ بِأَلْفٍ صَحَّ مَعَ امْتِنَاعِ بَيْعِهِ وَلِأَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرَ فِي حَيِّزِ الْمُتْلَفَيْنِ فَقِيمَتُهُمَا كَدِيَةِ الْحُرِّ قُبَالَتُهُ لَا قبالة الحليولة بَيْنَ الْحُرِّ وَبَيْنَ زَوْجِهِ ثُمَّ هَذِهِ الصُّوَرُ كُلُّهَا مُنْدَفِعَةٌ بِأَنْ يُشْتَرَطَ فِي صُورَةِ النِّزَاعِ قَبُولُ الْمِلْكِ وَهَذِهِ الصُّورَةُ لَا تَقْبَلُ الْمِلْكَ فَلَا مَعْنَى لِذِكْرِهَا ثُمَّ يَنْتَقِضُ مَا ذَكَرْتُمْ بِمَا إِذا تَرَاضيا بِالْقيمَةِ ثمَّ للْملك اخْتِصَاصه بِمَا يقبل الْمِلْكَ وَالدَّمَ وَالْجُزْءُ الَّذِي أَوْجَبَ عَدَمَهُ الْعَيْبُ لَا يَقْبَلُ النَّقْلَ مِنْ مِلْكٍ وَلَوْ أَعْتَقَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْمُكَاتَبَ ضَمِنَ نَصِيبَ شَرِيكِهِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَقْبَلُ الْمِلْكَ وَأَمَّا ضَوْءُ الْعَيْنِ فَلِأَنَّهُ عرض فَلَو ذهب مَا عَاد فَمَا عَاد علمنَا أَنه لم يذهبأولاً بِخِلَافِ الْعَبْدِ إِذَا رَجَعَ لَمْ يُتَبَيَّنْ أَنْ لَمْ يَأْبَقْ.
فرع:
فِي الْكِتَابِ إِذَا خَالَفَكَ الْغَاصِبُ أَوِ الْمُنْتَهِبُ فِي عَدَدِ مَا فِي الصُّرَّةِ صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّهُ غَارِمٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ أَشْهَبُ: يُصَدَّقُ الْمُنْتَهِبُ مِنْهُ مَعَ يَمِينِهِ إِنِ ادَّعَى مَا يُشْبِهُ مِثْلَهُ وَالْمُنْتَهِبُ لَمْ يَطَّلِعْ بِأَنْ أَبْقَى الصُّرَّةَ فِي مَاءٍ وَيُخْتَلَفُ فِي يَمِينِهِ كَدَعْوَاكَ عَلَى رَجُلٍ مِائَةً فَيَقُولُ: لَا أَدْرِي أَلَكَ عِنْدِي شَيْءٌ أَمْ لَا؟ فَقِيلَ: يَأْخُذُ بِغَيْرِ يَمِينٍ لِعَدَمِ تَحْقِيقِهِ بِالْمِلْكِ وَلِأَنَّ الشَّاكَّ غَيْرُ مُتَمَكِّنٍ مِنَ الْيَمِينِ قَالَ اللَّخْمِيُّ عَنْ مُطَرِّفٍ: يُصَدَّقُ الْمُنْتَهِبُ مِنْهُ مَعَ يَمِينِهِ بَعْدَ غَيْبَةِ الْغَاصِبِ عَلَيْهَا إِذَا أَعْجَزَهُ بِهَا وَادَّعَى مَعْرِفَةَ مَا وُجِدَ فِيهَا لِأَنَّ الْغَاصِبَ إِذَا فَعَلَ مِثْلَ هَذَا الْفِعْلِ لَا يُقَرُّ بِالْحَقِّ فَهُوَ كَمَنْ كَتَمَ وَلَمْ يُقِرَّ بِشَيْءٍ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ مَا لَمْ يَأْتِ بِمَا لَمْ يُشْبِهْ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَ الْغَاصِبُ فَيَقْبَلَ قَوْلَ الْمُنْتَهِبِ مِنْهُ إِذَا طَرَحَهَا الْمُنْتَهِبُ قَبْلَ مَعْرِفَةِ مَا فِيهَا لِأَنَّ رَبَّهَا يَدَّعِي التَّحْقِيقَ وَالْآخَرَ التَّخْمِينَ هَذَا إِذَا تَقَارَبَا فِي الدَّعْوَى فَإِنْ قَالَ هَذَا: مِائَةٌ وَالْآخَرُ: ثَلَاثُمِائَةٍ صُدِّقَ الْمُنْتَهِبُ وَعَلَى قَوْلِ مُطَرِّفٍ: الْمُنْتَهَبُ مِنْهُ وَإِنْ قَالَ: غَصَبَنِي هَذَا الْعَبْدَ وَقَالَ الْآخَرُ بَلْ هَذَا وَقَالَ: بَلْ هَذَا الثَّوْبَ صُدِّقَ الْغَاصِبُ وَإِنِ اتَّفَقَا أَنَّهُ غَصَبَ عَبْدًا وَاخْتَلَفَا فِي صِفَتِهِ وَقَدْ هَلَكَ صُدِّقَ الْغَاصِبُ فِيمَا يُشْبِهُ أَمَّا مَا لَا يُشْبِهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ خِلَافًا لِأَشْهَبَ نَظَرًا لِبَرَاءَةِ الذِّمَّةِ وَالْأَشْبَهِ فَتَعَارَضَ أَصْلٌ وَظَاهِرٌ ابْنُ الْقَاسِمِ: يُقَدَّمُ الظَّاهِرُ وَإِنْ أَنْكَرَ الْغَصْبَ وَشَهِدَ بِاعْتِرَافِهِ أَوْ أَنَّهُ غَصَبَ عَبْدًا وَلَمْ يُثْبِتْ صِفَةً صُدِّقَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ مَعَ يَمِينِهِ أَنَّ صِفَتَهُ كَذَا وَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ يَمِينِهِ إِلَّا الْوَسَطُ لِأَنَّهُ الْأَعْدَلُ بَيْنَ الْإِفْرَاطِ وَالتَّفْرِيطِ قَالَ: وَالْأَوَّلُ أَصْوَبُ لِأَنَّ عَلَى الْغَاصِبِ الْإِقْرَارَ بِالصِّفَةِ وَيَحْلِفُ عَلَيْهَا أَوْ يُشْكِلُ فَيَحْلِفُ الْآخَرُ وَلَوْ أَتَى بِالثَّوْبِ خَلَقًا وَقُلْتَ: كَانَ جَدِيدًا صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ فَإِنْ وَجَدْتَ بَعْدَ ذَلِكَ بَيِّنَةً أَنَّهُ غَصَبَهُ جَدِيدًا أَوِ الثَّوْبُ قَائِمٌ بِيَدِهِ أَوْ هَلَكَ أَوْ بَاعَهُ أَوْ وَهَبَهُ أَوْ كَانَ عَبْدًا فَأَعْتَقَهُ فَإِنْ كَانَ اخْتِلَافُكُمَا لِتُغَرِّمَهُ مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ رَجَعْتَ عَلَيْهِ بِمَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ مِنْ مُرَاعَاةٍ لِحَالِ الثَّوْبِ فِي هَلَاكٍ أَوْ غَيْرِهِ وَإِن كَانَ اختلافكما لتضمينه فَقَالَ الْغَاصِبُ: لَا أَضْمَنُ لِأَنَّهُ كَانَ خَلَقًا فَلَكَ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ الْغَصْبِ جَدِيدًا ثُمَّ يُنْظَرُ فِي الثَّوْبِ إِنْ كَانَ قَائِمًا رَدَّهُ وَإِنْ هَلَكَ فَمُصِيبَتُهُ مِنَ الْغَاصِبِ لِأَنَّهُ أَكْرَهَهُ عَلَى رَدِّهِ إِلَيْهِ وَالْقَوْلُ قَوْلُكُ مَعَ يَمِينِكَ أَنَّهُ هَلَكَ وَتَرْجِعُ بِالْقِيمَةِ وَإِنْ بِعْتَهُ سَلَّمْتَ الثَّمَنَ الَّذِي بِعْتَهُ لَهُ وَإِنْ لَبِسْتَهُ فَأَبْلَيْتَهُ غَرِمْتَ الْقِيمَةَ فَإِنْ وَهَبْتَهُ: قَالَ أَشْهَبُ: لَا شَيْءَ عَلَيْكَ لِأَنَّ الْغَاصِبَ أَبَاحَ لَكَ ذَلِك ظلما وعدوانا، ً وَلَكِنْ تَتْبَعُ الْمَوْهُوبَ لَهُ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا فَأَتَى بِهِ مَعِيبًا وَحَلَفَ: هَكَذَا غَصَبْتُهُ وَرَدَّهُ ثمَّ شهد بِأَنَّهُ كَانَ سليما رَجَعْتَ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ الْغَصْبِ وَكَانَتْ مُصِيبَتُهُ مِنَ الْغَاصِبِ وَإِنْ أَعْتَقَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ وَخَالَفَهُ مُحَمَّدٌ وَإِنْ أَخَذْتَ الْعَبْدَ جَاهِلًا بِعَيْبِهِ فَعَلِمْتَ بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ إِبَاقِهِ أَوْ بَيْعِهِ أَوْ عِتْقِهِ رَجَعْتَ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ فَإِنْ قُلْتَ: أَرْجِعُ بِجَمِيعِ الْقِيمَةِ لِأَنِّي لَوْ عَلِمْتُ بِالْعَيْبِ ضَمِنْتُهُ فَإِنْ كَانَ الْعَيْبُ لَا يُضْمَنُ لِأَجْلِهِ لِخِفَّتِهِ لَمْ يُوَافِقْ أَوْ مِثْلُ ذَلِكَ الْعَيْبِ لَا يَقْبَلُهُ صُدِّقْتَ وَرَجَعْتَ بِالْقِيمَةِ فَإِنْ أَشْكَلَ الْأَمْرُ حَلَفْتَ.
فرع:
فِي الْكِتَابِ: إِذَا وَلَدَتِ الْأَمَةُ بِيَدِ الْغَاصِبِ مِنْ وَطْئِهِ أَوْ مِنْ زَوْجٍ عَلَى أَنَّهَا أَمَةٌ وَلَمْ يعلم بِالْغَصْبِ أَو من زنى فَلَكَ أَخْذُهَا وَأَخْذُ وَلَدِهَا رَقِيقًا وَيُحَدُّ الْغَاصِبُ لِوَطْئِهِ وَلَا يَلْحَقُهُ الْوَلَدُ وَيَلْحَقُ بِالزَّوْجِ رَقِيقًا لِأَنَّهُ وطئ بِشُبْهَة الِاعْتِقَاد وَدخل على أَنه أَمَةٌ فَوَلَدُهُ رَقِيقٌ فَإِنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ فَعَلَيْهِ قِيمَةُ الْوَلَدِ رَقِيقًا لِنَشْأَتِهِ عَلَى الْحُرِّيَّةِ بِاعْتِقَادِهِ الْحُرِّيَّةَ وَقَالَ (ح): إِذَا وَلَدَتْ مِنَ الْغَاصِبِ فَمَاتَ الْوَلَدُ غَرِمَ أَرْشَ بَعْضِ الْوِلَادَةِ لِأَنَّهُ جُلُّ الْمَغْصُوبِ ذَهَبَ دُونَ الْوَلَدِ فَوَافَقَنَا عَلَى أَنَّ الْوَلَدَ غَيْرُ مَضْمُونٍ وَقَالَ (ش) وَابْنُ حَنْبَلٍ: عَلَى الْغَاصِبِ مَهْرُ الْمِثْلِ وَإِنْ كَانَتْ مُطَاوِعَةً لِأَنَّهُ حَقُّ السَّيِّدِ لَيْسَ لَهَا إِسْقَاطُهُ وَأَرْشُ الْبَكَارَةِ وَالْوَلَدُ حُرٌّ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْوِلَادَةِ إِنْ وُلِدَ حَيًّا اشْتَرَاهَا حَامِلًا أَوْ وَلَدَتْ عِنْدَهُ وَإِذَا اسْتَحَقَّتِ الْأَمَةُ الْمُشْتَرَاةُ غَرِمَ قِيمَةَ الْوَلَدِ وَنَقْصُ الْوِلَادَةِ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَرَجَعَ بِذَلِكَ عَلَى الْغَاصِبِ لَنَا: أَنَّ الْوَلَدَ أَمَانَةٌ شَرْعِيَّةٌ حَدَثَتْ فِي حَوْزِهِ كَالثَّوْبِ تُلْقِيهِ الرِّيحُ فِي دَارِهِ وَوَلَدُ الْعَارِيَةِ وَالْمُودَعَةِ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الضَّمَانِ إِلَّا فِيمَا أَجْمَعْنَا عَلَى ضَمَانِهِ احْتَجُّوا: بِأَنَّهُ حَدَثَ عَنْ مَضْمُونٍ فَلُوحِظَ أَصْلُهُ بِخِلَافِ الثَّوْبِ تُلْقِيهِ الرِّيحُ وَقِيَاسًا عَلَى وَلَدِ الصَّيْدِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ: أَنَّهُ لَوْ جَلَسَ فِي الطَّرِيقِ عُدْوَانًا فَأَلْقَتِ الرِّيحُ إِلَيْهِ ثَوْبًا فَتَخَرَّقَ فَلَا ضَمَانَ وَإِنْ كَانَ جُلُوسُهُ عُدْوَانًا وَعَنِ الثَّانِي: أَنَّ ولد الصَّيْد يتيعن إِطْلَاقُهُ فَحَبْسُهُ عُدْوَانٌ مَحْضٌ وَوَلَدُ الْأَمَةِ تَحْتَ حِفْظِهِ وَصَوْنِهِ عَلَى مَالِكِهِ فَفِيهِ شَائِبَةُ الْأَمَانَةِ تَفْرِيعٌ فِي الْمُقَدِّمَاتِ: مَنِ اسْتَكْرَهَ حُرَّةً أَوْ أَمَةً فَعَلَيْهِ فِي الْحُرَّةِ صَدَاقُ مِثْلِهَا وَفِي الْأَمَةِ مَا نَقَصَهَا بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا تَغْلِيبًا لِشَائِبَةِ الْمَالِيَّةِ عَلَيْهَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ فِي مهر الْمثل تَغْلِيبًا لللآدمه وَقَالَ (ح) لَا صَدَاقَ عَلَيْهِ مَعَ الْحَدِّ قَالَ اللَّخْمِيُّ: يَضْمَنُ الرَّائِعَةَ بِالْغِيبَةِ عَلَيْهَا إِذَا أَشْكَلَ الْأَمْرُ هَلْ أَصَابَهَا أَمْ لَا وَعَلَيْهِ الْقِيمَةُ بَتْلًا قَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ قَالَ: وَأَرَى إِيقَافَ الْقِيمَةِ إِنْ كَانَ السَّيِّدُ مُقِرًّا بِالْإِصَابَةِ لِإِمْكَانِ أَنْ تَكُونَ حَامِلًا مِنْهُ وَأُمُّ الْوَلَدِ لَا تُضْمَنُ بِالْغِيبَةِ عَلَيْهَا وَإِلَّا أَخَذَتِ الْقِيمَةَ إِنْ أَنْكَرَ سَيِّدُهَا الْوَطْءَ أَوْ لَمْ يَظْهَرْ حَمْلٌ إِلَّا قَدْرَ عَيْبِ الْحَمْلِ فَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّهَا غَيْرُ حَامِلٍ أَخَذَهُ وَإِنِ اغْتَصَبَ وَطْءَ أَمَةٍ دُونَ رَقَبَتِهَا وَخَاصَمَهُ قَبْلَ أَنْ تَحِيضَ ضَمَّنَهُ جَمِيعَ الرَّقَبَةِ لِأَنَّهُ بِفِعْلِهِ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا أَنْ تَكُونَ فِي آخِرِ الطُّهْرِ فَيُنْتَظُرَ الْحَيْضُ وَمَتَى وَلَدَتْ مِنَ الْغَاصِبِ مِنْهُ أَو من زنى فَسَوَاءٌ يَأْخُذُ الْأَمَةَ وَالْوَلَدَ فَإِنْ مَاتَ لَمْ يَضْمَنْهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ: عَلَيْهِ قِيمَتُهُ يَوْمَ وُلِدَ لِأَنَّهُ مَغْصُوبٌ وَمَنْ قَالَ: يَلْزَمُ الْغَاصِبَ أَعْلَى الْقِيَمِ يَغْرَمُ قِيمَتَهُ يَوْمَ مَاتَ وَإِنْ كَانَتْ أَعْلَى مِنَ الْوِلَادَةِ وَكَذَا إِنْ مَاتَتِ الْأُمُّ فَقِيمَتُهَا وَحْدَهَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِم يَوْم غصبهَا وَقِيمَته الْوَلَدِ يَوْمَ الْوِلَادَةِ مَعَ قِيمَتِهَا عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ وَإِنْ مَاتَتِ الْأُمُّ وَحْدَهَا خُيِّرَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ بَيْنَ قِيمَةِ الْأُمِّ يَوْمَ الْغَصْبِ وَلَا شَيْءَ لَهُ فِي الْوَلَدِ أَوْ يَأْخُذُ الْوَلَدَ وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ قِيمَةِ الْأُمِّ لِأَنَّ الْوَلَدَ عُضْوٌ مِنْ أَعْضَائِهَا فَذَهَابُهَا دُونَ وَلَدِهَا كَذَهَابِ بَعْضِهَا وَهُوَ يُخَيَّرُ فِي الْبَعْضِ كَذَلِكَ وَعَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ: يَأْخُذُ الْوَلَدَ وَقِيمَةَ الْأُمِّ يَوْمَ الْغَصْبِ وَالْقِيَاسُ أَخْذُ قِيمَتِهَا يَوْمَ مَاتَتْ وَأَخْذُ الْوَلَدِ فَإِنْ قُتِلَ الْوَلَدُ وَحْدَهُ خُيِّرَتْ فِي أَخْذِ الْأُمِّ وَقِيمَةِ الْوَلَدِ يَوْمَ الْقَتْلِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فَإِنْ قُتِلَتْ أَخَذَ الْوَلَدَ وَقِيمَةَ الْأُمِّ يَوْمَ قُتِلَتْ فَإِنْ قُتِلَا فَلَيْسَ لَكَ عَلَى قَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ إِلَّا قِيمَةُ الْأُمِّ يَوْمَ الْغَصْبِ وَعَلَى قَوْلِهِ فِي الدِّمْيَاطِيَّةِ يَأْخُذُ قِيمَتَهَا يَوْمَ الْقَتْلِ وَعَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ: إِذَا قُتِلَا أَوْ أَحَدُهُمَا فَسَوَاءٌ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْغَصْبِ وَإِنْ قُتِلَ الْوَلَدُ أَخَذَ الْأُمَّ وَقِيمَتَهُ يَوْمَ وُلِدَ أَوِ الْأُمُّ أَخَذَ الْوَلَدَ وَقِيمَتَهَا يَوْمَ الْغَصْبِ أَوْ قُتِلَا فَقِيمَةُ الْأُمِّ يَوْمَ الْغَصْبِ وَقِيمَةُ الْوَلَدِ يَوْمَ الْوِلَادَةِ وَعَلَى الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى عَنْهُ: يَأْخُذُهُ بِالْقِيمَةِ يَوْمَ الْقَتْلِ إِنْ كَانَتْ أَرْفَعَ الْقِيَمِ وَإِنْ قُتِلَ أَحَدُهُمَا وَمَاتَ الْآخَرُ: فَالْقِيمَةُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْأُمِّ يَوْمَ غُصِبَتْ مَاتَتْ أَوْ قُتِلَتْ وَلَا شَيْءَ لَهُ فِي الْوَلَدِ مَاتَ أَوْ قُتِلَ عَلَى أَصْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وعَلى قَوْله الآخر: قيمَة الْأُم وَيَوْم قَتْلِهَا وَلَا شَيْءَ لَهُ فِي الْوَلَدِ لِأَنَّهُ مَاتَ فَإِنْ مَاتَتِ الْأُمُّ فَالْقِيمَةُ يَوْمَ الْغَصْبِ وَلَا شَيْءَ لَهُ فِي الْوَلَدِ لِأَنَّهُ حَدَثَ بَعْدَ أَخْذِ الْقِيمَةِ وَعَلَى غَيْرِ الْمُدَوَّنَةِ: قِيمَةُ الْوَلَدِ يَوْمَ قُتِلَ وَيُعْلَمُ مِنْ هَذَا الْبَيَانِ حكم مَا إِذا ولدت من زنى عِنْدَ الْمُشْتَرِي أَوِ الْمَوْهُوبِ فَوَجَدَهُمَا أَوْ مَاتَا أَو أَحدهمَا أَو قتل أَحَدُهُمَا أَوْ قُتِلَ أَحَدُهُمَا وَمَاتَ الْآخَرُ وَكَانَ الْقَتْلُ مِنَ الْمُشْتَرِي أَوِ الْمَوْهُوبِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمَا أَوْ كَانَتْ جِنَايَةً دُونَ قَتْلٍ أَوْ دَخَلَ الْأُمَّ نَقْصٌ مِنَ الْوِلَادَةِ أَوْ غَيْرِهَا قَالَ صَاحِبُ الْخِصَالِ: إِنْ تَوَالَدَتِ الْغَنَمُ أَخَذَهَا وَأَوْلَادَهَا وَإِنْ مَاتَتْ وَبَقِيَ نَسْلُهَا خُيِّرَتْ بَيْنَ أَخْذِ نَسْلِهَا دُونَ قِيمَةِ الْأُمَّهَاتِ أَوْ قِيمَةِ الْأُمَّهَاتِ يَوْمَ الْغَصْبِ دُونَ النَّسْلِ وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَ الْغَاصِبُ اسْتَغَلَّهَا وَمَاتَتْ خُيِّرَتْ بَيْنَ الرُّجُوعِ عَلَيْهِ بِغَلَّتِهَا وَلَا شَيْءَ لَكَ فِي قِيمَتِهَا أَوْ قِيمَتُهَا يَوْمَ غَصْبِهَا وَلَا تَأْخُذُ الْغَلَّةَ وَالسَّارِقُ وَالْغَاصِبُ سَوَاءٌ.
فرع:
فِي الْكِتَابِ: إِذَا ابْتَعْتَ ثَوْبًا مِنْ غَاصِبٍ وَلَمْ تَعْلَمْ فَلَبِسْتَهُ حَتَّى أَبْلَيْتَهُ فَلِرَبِّهِ قِيمَتُهُ يَوْمَ لَبِسْتَهُ لِأَنَّهُ يَوْمُ تَعَدِّيكَ أَوْ يَضْمَنُ الْغَاصِبُ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْغَصْبِ لِأَنَّهُ يَوْمَ وَضَعَ يَدَهُ أَوْ يُجِيزُ الْبَيْعَ وَيَأْخُذُ الثَّمَنَ لِأَنَّهُ بَيْعٌ فُضُولِيٌّ وَلَوْ تَلِفَ عِنْدَكَ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ لَمْ تَضْمَنْهُ بِخِلَافِ الْغَاصِبِ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ بِوَضْعِ يَدِهِ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْكَ إِتْلَافٌ وَلَا تَسَبُّبٌ وَلَا يَدٌ عَادِيَّةٌ.
فرع:
قَالَ: إِذَا اسْتَهْلَكَ الطَّعَامَ أَوِ الْإِدَامَ فَعَلَيْهِ مِثْلُهُ بِمَوْضِعِ غَصْبِهِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ هُنَاكَ مِثْلٌ لَزِمَهُ أَنْ يَأْتِيَهُ بِمِثْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصْطَلِحَا عَلَى أَمْرٍ جَائِزٍ فَإِنْ لَقِيَهُ بِغَيْرِ الْبَلَدِ لَمْ يَقْضِ عَلَيْهِ بِمِثْلٍ وَلَا قِيمَةٍ إِنَّمَا عَلَيْهِ الْمِثْلُ بِمَوْضِعِ الْغَصْبِ لِأَنَّهُ مِثْلِيٌّ وَالْمَوَاضِعُ تَخْتَلِفُ وَعَلَيْهِ الْقِيمَةُ فِي الْعُرُوضِ وَالرَّقِيقِ وَالْحَيَوَانِ بِالْمَوْضِعِ وَغَيْرِهِ نَقَصَتِ الْقِيمَةُ بِغَيْرِ الْبَلَدِ أَوْ زَادَتْ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ: اخْتُلِفَ فِي نَقْلِ الْمَغْصُوبِ مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا: ذَلِكَ فَوْتٌ وَتُخَيَّرُ بَيْنَ أَخْذِ مَتَاعِكَ وَتَضْمِينِهِ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْغَصْبِ قَالَهُ أَشْهَبُ وَلَيْسَ بِفَوْتٍ وَلَيْسَ لَكَ إِلَّا مَتَاعُكَ قَالَهُ سُحْنُونُ لِأَنَّ اخْتِلَافَ الْبُلْدَانِ كَاخْتِلَافِ الْأَسْوَاقِ لَيْسَتْ بِفَوْتٍ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْعُرُوضِ فَتُفَوَّتُ وَيُخَيَّرُ بَيْنَ أَخْذِهَا أَوْ يُضَمِّنُهُ الْقِيمَةَ يَوْمَ الْغَصْبِ فِي البد الَّذِي غَصَبَهَا فِيهِ وَفِي الْحَيَوَانِ الْمُسْتَغْنَى عَنِ الْكِرَاءِ عَلَيْهِ كَالدَّوَابِّ وَوَخْشِ الرَّقِيقِ لَيْسَ بِفَوْتٍ فَلَيْسَ لَكَ إِلَّا أَخْذُهُ وَأَمَّا الْمُحْتَاجُ إِلَى الْكِرَاءِ مِنَ الرَّقِيقِ فَكَالْعُرُوضِ وَفِيهِمَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: قَوْلَانِ مُتَضَادَّانِ وَتَفْرِقَةٌ فَأَمَّا الطَّعَامُ: فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا: لَيْسَ لَكَ إِلَّا مِثْلُ طَعَامِكَ فِي بَلَدِ الْغَصْبِ وَثَانِيهَا: يُخير بَيْنَ أَخْذِهِ وَتَضْمِينِهِ مِثْلَهُ فِي بَلَدِ الْغَصْبِ أَوِ الْقَرِيبِ فَيُخَيَّرُ بَيْنَ أَخْذِهِ أَوْ يُضَمِّنُهُ مِثْلَهُ فِي بَلَدِ الْغَصْبِ وَقَالَ (ح): إِنْ وُجِدَ أَحَدُ النَّقْدَيْنِ فِي غَيْرِ الْبَلَدِ فَلَهُ أَخْذُهُ دُونَ قِيمَتِهِ وَإِنِ اخْتَلَفَ صرفُها حَمْلًا لَهَا عَلَى الْغَالِبِ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي النَّقْدَيْنِ عَدَمُ الِاخْتِلَافِ وَغَيْرُ النَّقْدَيْنِ إِنِ اسْتَوَتِ الْقِيمَةُ أَوْ زَادَتْ فَكَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ أونقصت خُيِّرَ بَيْنَ قِيمَتِهِ بِبَلَدِ الْغَصْبِ نَفْيًا لِظُلَامَةِ تَنَقُّصِ الْقِيمَةِ وَبَيْنَ أَخْذِهَا لِأَنَّهُ مَالُهُ أَوْ يَنْتَظِرُ أَخْذَهَا بِبَلَدِ الْغَصْبِ بِخِلَافِ نَقْصِ قِيمَتِهَا فِي بَلَدِ الْغَصْبِ لِأَنَّ النَّقْصَ لَمْ يُتَبَيَّنْ عَنْ فِعْلِ الْغَاصِبِ وَهَاهُنَا تَنْشَأُ عَنْ فِعْلِهِ وَإِن هلك الْمَغْصُوب وَقِيمَته هَا هُنَا أَقَلُّ فَلَكَ أَخْذُ الْمِثْلِ فِي الْمِثْلِيَّاتِ أَوْ قِيمَتِهِ بِبَلَدِ الْغَصْبِ أَوْ تَنْتَظِرُ أَخْذَهُ بِبَلَدِ الْغَصْبِ نَفْيًا لِظُلَامَةِ النَّقْصِ أَوْ زَادَتِ الْقِيمَةُ خُيِّرَ الْغَاصِبُ بَيْنَ دَفْعِ الْمِثْلِ فِي الْمِثْلِيِّ أَوِ الْقِيمَةِ هَاهُنَا فِي الْمُقَوَّمِ لِأَنَّهَا زِيَادَةٌ نَشْأَتْ عَنْ فِعْلِهِ فَهِيَ مَالُهُ وَإِنِ اسْتَوَتْ فَلَكَ الْمُطَالَبَةُ لِعَدَمِ الضَّرَرِ عَلَيْكُمَا وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ: إِنْ كَانَ أَحَدَ النَّقْدَيْنِ أَخَذَهُ أَوْ مِثْلِيًّا وَاسْتَوَتِ الْقِيمَةُ أَوْ نَقَصَتْ رَدَّ مِثْلَهُ نفيا لظلامة النَّقْص وَمؤنَة لحمل أَوْ زَادَتْ وَالْمُؤْنَةُ خَفِيفَةٌ فَكَذَلِكَ رَدُّ الْمِثْلِيِّ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ أَوْ مُؤْنَةٌ كَثِيرَةٌ فَلَا لِضَرَرِ الْمُؤْنَةِ فِي نَقْلِهِ إِلَى بَلَدٍ لَا يَسْتَحِقُّ تَسْلِيمَهُ فِيهِ وَيُخَيَّرُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ بَيْنَ الصَّبْرِ إِلَى أَخْذِهِ بِبَلَدِهِ وَبَيْنَ الْقِيمَةِ الْآنَ فِي بَلَدِ الْغَصْبِ لِتَعَذُّرِ رَدِّهِ وَرَدِّ مِثْلِهِ وَقَالَ (ش): أَمَّا الْمِثْلِيُّ فَإِنْ وَجَدَهُ فِي غَيْرِ الْبَلَدِ خُيِّرَ بَيْنَ أَخْذِهِ وَبَيْنَ إِلْزَامِهِ رَدَّهُ إِلَى بَلَدِ الْغَصْبِ لِأَنَّهُ عَيْنُ مَالِهِ وَلَا يَلْزَمُهُ حَمْلُهُ إِلَى بَلَدِ الْغَصْبِ فَتَرُدَّهُ لِلْغَاصِبِ وَلَهُ إِلْزَامُهُ الْقِيمَةَ هَاهُنَا لِلْحَيْلُولَةِ فَإِذَا رَدَّهُ الْغَاصِبُ رُدّت الْقِيمَةُ وَلَوْ تَلِفَ فِي الْبَلَدِ الْمَنْقُولِ إِلَيْهِ لَكَ طَلَبُهُ بِالْمِثْلِ حَيْثُ ظَفِرْتَ بِهِ وَإِنْ فُقِدَ الْمِثْلُ غَرَّمْتَهُ أَكْثَرَ قِيمَةِ الْبَلَدَيْنِ فَإِنْ تَلِفَ بِبَلَدِ الْغَصْبِ فَلَكَ الْمُطَالَبَةُ فِي الْبَلَدِ الثَّانِي بِالْمُؤْنَةِ لِنَقْلِهِ كَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَإِلَّا فَلَا بَلْ لَكَ الْقِيمَةُ بِبَلَدِ التَّلَفِ وَلَوْ أَتْلَفَهُ الْمَاءُ فِي مَفَازَةٍ فَلَقِيَهُ عَلَى شَاطِئِ النِّيلِ أَوِ الْحِلِّ فِي الصَّيْفِ فَلَقِيتَهُ فِي الشِّتَاءِ فَلَيْسَ لَكَ إِلَّا الْقِيمَةُ وَأَمَّا الْقِيَمِيُّ: فَلَكَ أَخذه حَيْثُ وجدته هَذَا كُله كَلَام الشَّافِعِي قَالَ التُّونُسِيُّ: الْأَحْسَنُ فِي الرَّقِيقِ وَالْحَيَوَانِ أَنْ يَأْخُذَهُ لِأَنَّهَا تَمْشِي بِخِلَافِ الْعُرُوضِ وَالْأَحْسَنُ أَيْضًا مِنَ الْأَقْوَالِ: قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمِثْلِيَّاتِ أَن لَا يَأْخُذَهُ بَلْ مِثْلَهُ بِبَلَدِ الْغَصْبِ لِأَنَّ مِثْلَ الطَّعَامِ يَقُومُ مَقَامَهُ فَلَا يُظْلَمُ الْغَاصِبُ مَتَى قَدَرَ عَلَى غُرْمِ الْمِثْلِ كَمَا لَوْ غَصَبَ قَمْحًا فَطَحَنَهُ فَأَعْدَلُ الْأَقْوَالِ: يَرُدُّ مِثْلَ الْقَمْحِ دُونَ الدَّقِيقِ وَقَالَ أَصْبَغُ: إِنْ كَانَ قَرِيبًا فَلِرَبِّهِ أَخْذُهُ وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَى الْغَاصِبِ فِي مُؤْنَةِ مَا حَمَلَهُ بِهِ لِلْقَرِيبِ وَإِذَا أَعْطَى مِثْلَ مَا تَعَدَّى عَلَيْهِ فِي غَيْرِ الْبَلَدِ جَازَ وَإِنْ أَعْطَاهُ مِنْ غَيْرِ صِفَتِهِ طَعَامًا لَمْ يَجُزْ كَمَنْ أَعْطَى تَمْرًا مِنْ قَمْحٍ قَبْلَ الْأَجَلِ مِنْ قَرْضٍ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا لَقِيَهُ بِغَيْرِ بَلَدِ الْغَصْبِ وَأَرَادَ إِغْرَامَهُ الْمِثْلَ أَوِ الْقِيمَةَ فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ بَلْ يَصِيرُ إِلَى بَلَدِ الْغَصْبِ فَيَغْرَمُ هُنَاكَ وَلَهُ ذَلِكَ عِنْدَ أَشْهَبَ فِي الْمِثْلِيِّ وَالْقِيمَةِ إِنِ اسْتَوَى سِعْرُ الْبَلَدَيْنِ أَوْ هُوَ هَاهُنَا أَرْخَصُ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَى الْغَاصِبِ وَلَهُ أَنْ يُغَرِّمَهُ قِيمَتَهُ الْآنَ بِالْبَلَدِ أَوْ تَعَذَّرَ وُجُودُ الْمِثْلِ وَيُرْجَى وَجُودُهُ بَعْدُ وَالْأَحْسَنُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ جميعاُ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَى الْغَاصِبِ وَلِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ مَقَالٌ فِي اسْتِعْجَالِ حَقِّهِ هَذَا إِذَا اسْتَهْلَكَهُ أَمَّا إِذَا وَجَدَهُ مَعَ الْغَاصِبِ فَالْخِلَافُ مَشْهُورٌ قَالَ: وَأَرَى أَنْ يَأْخُذَ الْمِثْلِيَّ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ: إِذَا كَانَ الْغَاصِبُ مُسْتَغْرِقَ الذِّمَّةِ لِأَنَّهُ إِنْ تَرَكَ مَتَاعَهُ حَلَالًا أَخَذَهُ حَرَامًا وَإِذَا اسْتَوَى سِعْرُ الْبَلَدَيْنِ أَوْ هُوَ هَاهُنَا أَرْخَصُ لِعَدَمِ الضَّرَرِ عَلَى الْغَاصِبِ وَلَهُ غَرَضٌ فِي أَخْذِ عَيْنِ مَالِهِ وَإِذَا قَالَ: أَنَا أَدْفَعُ الْكِرَاءَ أَوْ مَا زَادَ سُوقُهُ الْأَقَلَّ مِنْهُمَا لِانْدِفَاعِ ضَرَرِ الْغَاصِبِ بِذَلِكَ قَالَ: وَالَّذِي أَرَاهُ فِي الْجَمِيعِ: أَنَّ الْعَبْدَ وَالدَّابَّةَ وَمَا يَصِلُ بِنَفْسِهِ أَوْ حُمُولَتُهُ خَفِيفَةٌ كَالثَّوْبِ وَنَحْوِهِ فَيَأْخُذُهُ وَإِنْ كَرِهَ الْغَاصِبُ لِأَنَّهُ عَيْنُ مَالِهِ وَلِلْغَاصِبِ أَنْ يُجْبِرَهُ عَلَى قَبُولِهِ وَإِنْ كَرِهَ لِتَبْرَأَ ذِمَّتُهُ إِذَا كَانَ الطَّرِيقُ الَّتِي نَقَلَ مِنْهُ مَأْمُونًا وَإِلَّا لَمْ يُجْبَرْ عَلَى قَبُولِهِ وَضَمَّنَهُ الْقِيمَةَ وَإِنْ كَثُرَتْ مُؤْنَةُ نَقْلِهِ وَأَحَبَّ الْغَاصِبُ تَسْلِيمَهُ فَلَكَ عَدَمُ الْقَبُولِ لِأَنَّكَ قَدْ يَكُونُ غَرَضُكَ أَنْ يَكُونَ مَالُكَ بِبَلَدِكَ إِلَّا أَنْ يَقُولَ الْغَاصِبُ: أَنَا أَرُدُّهُ وَالطَّرِيقُ آمِنٌ فَإِنْ أَحْبَبْتَ أَخْذَهُ وَامْتَنَعَ الْغَاصِبُ لِأَجْلِ مَا يَتَكَلَّفُهُ مِنَ الْأُجْرَةِ فَذَلِكَ لَهُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَإِنْ دَفَعْتَ الْأُجْرَةَ سقط مقاله وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُ إِلَى مَكَانِ الْغَصْبِ وَقِيلَ: ذَلِك لَك.
فرع:
فِي الْجَوَاهِرِ: حَيْثُ حُكِمَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ بِالْمِثْلِ فِي بَلَدِ الْغَصْبِ إِمَّا لُزُومًا أَوِ اخْتِيَارًا عَلَى الْخِلَافِ فَلَا يُدْفَعُ الطَّعَامُ الْمَنْقُولُ إِلَى الْغَاصِبِ حَتَّى يَتَوَثَّقَ مِنْهُ لِأَنَّ أَقَلَّ أَحْوَالِ عَيْنِ مَالِهِ أَنْ يَكُونَ كَالرَّهْنِ قَالَ أَشْهَبُ: يُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ حَتَّى يُوَفِّيَ مَا عَلَيْهِ تَمْهِيدٌ: هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ - وَهِيَ نَقْلُ الْمَغْصُوبِ - قَدْ تَشَعَّبَتْ فِيهَا الْمَذَاهِبُ وَاضْطَرَبَتِ الْآرَاءُ وَتَبَايَنَتْ كَمَا تَرَى بِنَاءً عَلَى مُلَاحَظَةِ أُصُولٍ وَقَوَاعِدَ: أَحَدُهَا: أَنَّ الْغَاصِبَ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَغْرَمَ كُلْفَةَ النَّقْلِ لِأَنَّ مَالَهُ مَعْصُومٌ كَمَالِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَهَذَا الْأَصْلُ لَاحَظَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيمَا إِذَا وَجَدَ الْمِثْلِيَّ بِغَيْرِ الْبَلَدِ كَمَا نَقَلَهُ صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ فَيَقُولُ: لَا تَأْخُذْ هَذَا الْمَغْصُوبَ لِأَنَّ حَمْلَهُ بِأُجْرَةٍ وَلَا مِثْلُهُ هَاهُنَا إِذْ لَا فَرْقَ وَلَا الْقِيمَةُ لِأَنَّهُ مِثْلِيٌّ فَيَتَعَيَّنُ الْمِثْلُ بِبَلَدِ الْغَصْبِ وَأَشْهَبُ أَطْرَحَ هَذَا الْأَصْلَ وَخَيَّرَهُ بَيْنَ أَخْذِهِ أَوْ مِثْلِهِ لِمَكَانِ الْغَصْبِ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْجَوَاهِرِ: أَمَّا أَخْذُهُ: فَلِأَنَّهُ مَتَاعُهُ وَأَمَّا مِثْلُهُ بِبَلَدِ الْغَصْبِ فَلِأَنَّهُ قَدْ يَأْخُذُ هَذَا فَيَحْتَاجُ لَهُ كُلْفَةً فَلَاحَظَ مَصْلَحَةَ الْمُسْتَحِقِّ دُونَ الْغَاصِبِ وَتَفْرِقَةُ أَصْبَغَ بَيْنَ الْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ لِمُلَاحَظَةِ الشَّائِبَتَيْنِ فَيَحْصُلُ لَهَا ثَلَاثَةُ أُصُولٍ: مُلَاحَظَةُ مَصْلَحَةِ الْغَاصِبِ أَوْ مَصْلَحَةِ الْمُسْتَحِقِّ أَوْ يُلْغَى مَا خَفَّ دُونَ مَا عَظُمَ قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ: وَأَمَّا الْحَيَوَانُ فَيَأْخُذُهُ حَيْثُ وَجَدَهُ فَجَعَلَ هَذَا الْمَذْهَبَ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ بِنَاءً عَلَى الْأَصْلِ الْأَوَّلِ وَهُوَ ظُلَامَةُ الْغَاصِبِ لِأَنَّهَا مَنْفِيَّةٌ هَاهُنَا وَعَلَى أَصْلٍ رَابِعٍ وَهُوَ تَعَلُّقُ الْحَقِّ بِعَيْنِ الْمَالِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ وَهُوَ مَبْنِيٌّ (ش) مَعَ أَصْلٍ آخَرَ يَأْتِي قَالَ: وَأَمَّا الْبَزُّ وَالْعُرُوضُ فَيُخَيَّرُ بَيْنَ أَخْذِهِ بِنَاءً عَلَى الْأَصْلِ الرَّابِعِ وَأَخْذِ قِيمَتِهِ فِي مَوْضِعِ الْغَصْبِ أَوِ السَّرِقَةِ بِنَاءً عَلَى أَصْلٍ خَامِسٍ وَهُوَ أَنَّ الْقِيمَةَ قَدْ تَزِيدُ أَوْ تَنْقُصُ فَوَجَبَ سُقُوطُ الْقِيمَةِ بِاعْتِبَارِ هَذِهِ الْبَلْدَةِ وَاعْتَبَرْنَا الْقِيمَةَ بِبَلَدِ الْغَصْبِ وَلَهُ عَلَى الْقِيمَةِ أَخْذُ الْبَزِّ وَالْعُرُوضِ بِغَيْرِ الْبَلَدِ بِخِلَافِ الْمِثْلِيِّ وَالْفَرْقُ بِأَصْلٍ سَادِسٍ وَهُوَ: أَنَّ الْمِثْلِيَّ لَا غَرَض فِي خصوصه وكل مثل يَقُومُ مَقَامَهُ مِثْلُهُ وَهَذِهِ الْمُخْتَلِفَاتُ تَتَعَلَّقُ الْأَغْرَاضُ بِخُصُوصِهَا وَيَقَعُ الْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْحَيَوَانِ: أَنَّ الحيون يَمْشِي بِنَفْسِهِ فَلَا كُلْفَةَ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ فِي رَدِّهِ بِخِلَافِ الْعُرُوضِ وَهُوَ الْأَصْلُ السَّابِعُ وَهَاهُنَا أَيْضًا أَصْلٌ ثَامِنٌ وَهُوَ: أَنَّ النَّقْلَ يُوجِبُ اخْتِلَافَ الْقِيَمِ فَهَلْ هُوَ كَتَغْيِيرِ الصِّفَاتِ الْمُوجِبَةِ لِاخْتِلَافِ الْقِيَمِ وَاخْتِلَافُ الصِّفَاتِ يُوجِبُ التَّخْيِيرَ لِلْمُسْتَحِقِّ فَكَذَلِكَ اخْتِلَافُ الْبِقَاعِ أَوَلَيْسَ كَذَلِكَ؟ وَاخْتِلَافٌ كَحَوَالَةِ الْأَسْوَاقِ فَيَتَعَيَّنُ أَخْذُ الْعَرْضِ مِنْ غَيْرِ تَخْيِيرٍ وَلَا يُجْعَلُ ذَلِكَ فَوْتًا إِلَّا إِذَا انْضَافَ إِلَيْهِ مُؤْنَةُ الْحَمْلِ فَيَكُونُ ذَلِكَ كَفِعْلٍ فَعَلَهُ الْغَاصِبُ فِي الْعَيْنِ فَغَيَّرَهَا وَعَلِيهِ يتَخَرَّج القَوْل بالخيير فِي الْعُرُوضِ دُونَ الْحَيَوَانِ وَأَصْلٌ تَاسِعٌ وَهُوَ مُطَالَبَةُ الْغَاصِبِ بِأَعْلَى الْقِيَمِ مِنْ يَوْمِ الْغَصْبِ إِلَى يَوْمِ الْحُكْمِ وَهَذَا الْأَصْلُ الْآخَرُ الَّذِي يَنْبَنِي عَلَيْهِ مَذْهَبُ (ش) وَأَصْلٌ عَاشِرٌ وَهُوَ أَن النَّقْدَيْنِ هَل يملك خصوصهما وَلَا يتعينان وَهُوَ مَذْهَبُ (ش) وَابْنِ حَنْبَلٍ وَغَيْرِهِمَا فَيَكُونُ لَهُ أَخْذُ عَيْنِ النَّقْدِ وَلَيْسَ لِلْغَاصِبِ أَنْ يُعْطِيَهُ غَيْرَهُ قِيَاسًا لَهُمَا عَلَى سَائِرِ الْمِثْلِيَّاتِ أَولا يملك خصوصهما يَتَعَيَّنَانِ وَلِلْغَاصِبِ أَنْ يُعْطِيَ غَيْرَهُمَا مَا لَمْ يَخْتَصَّ أَحَدُهُمَا بِمَزِيَّةٍ وَهُوَ مَشْهُورُنَا وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْمِثْلِيَّاتِ: أَنَّهُمَا وَسَائِلُ وَالْمِثْلِيَّاتُ مَقَاصِدُ تُبْذَلُ فِيهَا الْأَعْرَاضُ وَهِيَ مَنَاطُ الْأَغْرَاضِ وَأَمَّا النَّقْدَانِ: فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا إِلَّا التَّوَسُّلُ لِلْمَقَاصِدِ فَلَا يَلْزَمُ مِنِ اعْتِبَارِ خُصُوصِيَّاتِ الْمَقَاصِدِ اعْتِبَارُ خُصُوصِيَّاتِ الْوَسَائِلِ فَهَذِهِ عَشَرَةُ أُصُولٍ وَقَوَاعِدَ بُنِيَ عَلَيْهَا فِقْهُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَإِذَا أَحَطْتَ بِهَا عِلْمًا خَرَّجْتَ كُلَّ مَا فِيهَا مِنَ الْخِلَافِ عَلَيْهَا.
فرع:
فِي الْكِتَابِ: يَرُدُّ الْغَاصِبُ مَا حَدَثَ عِنْدَهُ مِنْ ثَمَرَةٍ أَوْ نَسْلٍ أَوْ صُوفٍ أَوْ لَبَنٍ فَإِنْ أَكَلَهُ فَمِثْلَهُ أَوْ قِيمَتَهُ فِي غَيْرِ الْمِثْلِيِّ وَلَا نَفَقَةَ لَهُ عَلَيْكَ فِي سَقْيٍ أَوْ رَعْيٍ أَوْ غَيْرِهِ لَكِنْ يُقَاصُّ بِذَلِكَ فِيمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ غَلَّةٍ فَإِنْ عَجَزْتَ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْكَ فَإِنْ مَاتَتِ الْأُمَّهَاتُ وَبَقِيَ الْوَلَدُ أَوِ الصُّوفُ أَوِ اللَّبَنُ خُيِّرْتَ فِي قِيمَةِ الْأُمَّهَاتِ وَلَا شَيْءَ لَكَ فِيمَا بَقِيَ مِنْ وَلَدٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَا ثَمَنِهِ إِنْ بِيعَ أَوْ تَأْخُذُ الْوَلَدَ وَثَمَنَ مَا بِيعَ مِنْ صُوفٍ وَلَبَنٍ وَنَحْوِهِ وَمَا أَكَلَ أَوِ انْتَفَعَ بِهِ مِنْ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ الْمِثْلُ أَوِ الْقِيمَةُ فِي غَيْرِ الْمِثْلِيِّ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ قِبَلِ الْأُمَّهَاتِ لِأَنَّهُ لَوْ بَاعَ الْأَمَةَ فَوَلَدَتْ عِنْدَ الْمُبْتَاعِ ثُمَّ مَاتَتْ فَلَيْسَ لَكَ الْوَلَدُ وَقِيمَةُ الْأُمِّ وَإِنَّمَا لَكَ الثَّمَنُ عَلَى الْغَاصِبِ أَوْ قِيمَتُهَا يَوْمَ الْغَصْبِ وَالْوَلَدُ مِنَ الْمُبْتَاعِ وَلَا شَيْءَ لَكَ عَلَى الْغَاصِبِ مِنْ قِيمَةِ الْأُمِّ وَلَكِنْ لِلْمُبْتَاعِ الرُّجُوعُ عَلَى الْغَاصِبِ بِالثَّمَنِ وَلَا يَجْتَمِعُ عَلَى الْغَاصِبِ ثَمَنٌ وَقِيمَةٌ وَعَلَيْهِ كِرَاءُ مَا سَكَنَ وَزَرَعَ أَوِ اغْتَلَّ مِنْ رَبْعٍ أَوْ أَرْضٍ وَيَغْرَمُ مَا أَكْرَاهَا بِهِ من غير مَا لَمْ يُحَابِ وَإِنْ لَمْ يَسْكُنْ وَلَا انْتَفَعَ وَلَا اغْتَلَّ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَمَا اغْتَصَبَ أَوْ سَرَقَ مِنْ دَوَابَّ أَوْ رَقِيقٍ فَاسْتَعْمَلَهَا شَهْرًا وَطَالَ مُكْثُهَا بِيَدِهِ أَوْ أَكْرَاهَا وَقَبَضَ كِرَاءَهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ وَلَهُ مَا قَبَضَ مَنْ كِرَاءٍ وَلَيْسَ عَلَى الْغَاصِبِ كِرَاءُ مَا رَكِبَ بِخِلَافِ مَا سَكَنَ مِنَ الرَّبْعِ أَوْ زَرَعَ لِأَنَّهُ أَنْفَقَ عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ لَوْ أَنْفَقَ عَلَى الصَّغِيرِ مِنْ رَقِيقٍ أَوْ حَيَوَانٍ حَتَّى كَبِرَ فَلَكَ أَخْذُهُ بِزِيَادَةٍ وَلَا شَيْءَ لَهُ مِمَّا أَنْفَقَ أَوْ عَلَفَ أَوْ كَسَا وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ رَبْعًا أَحْدَثَ فِيهِ عَمَلًا كَانَ لَهُ مَا أَحْدَثَ فاقترقا قَالَ فِي النُّكَتِ: إِنَّمَا فُرِّقَ بَيْنَ الْأَصْوَافِ وَالْأَلْبَانِ يَرُدُّهَا وَبَيْنَ غَلَّةِ الْعَبْدِ وَالدَّابَّةِ لِأَنَّ غَلَّتَهُمَا مُتَكَوِّنَةٌ بِسَبَبِهِ وَفِعْلِهِ وَالصُّوفُ وَنَحْوُهُ تَحْدُثُ بِأَنْفُسِهَا وَلِأَنَّ الصُّوفَ وَنَحْوَهُ مُتَوَلِّدٌ عَنِ الْأَعْيَانِ فَلَهَا حُكْمُهَا وَإِنَّمَا فُرِّقَ بَيْنَ الرَّبْعِ وَالْحَيَوَانِ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْهِ لِأَنَّ الرِّبَاعَ مَأْمُونَةٌ فَلَا ضَمَانَ غَالِبًا وَلَا غَلَّةَ لَهُ وَقَالَ (ش): يَرُدُّ سِمَنَ الشَّاةِ وَلَبَنَهَا وَصُوفَهَا قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ: الْغَلَّةُ فِي كَوْنِ حُكْمِهَا حُكْمَ الْمَغْصُوبِ أَمْ لَا قَوْلَانِ وَالثَّانِي لِأَشْهَبَ فَعَلَيْهِ تَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا يَوْمَ قَبْضِهَا أَوْ أَكْثَرُ مَا انْتَهَتْ إِلَيْهِ الْقِيمَةُ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي الشَّيْءِ الْمَغْصُوبِ وَالْقَائِلُونَ بِأَنَّ حُكْمَهَا حُكْمُهُ أَجْمَعُوا إِنْ تَلْفِتْ بِبَيِّنَةٍ فَلَا ضَمَانَ فَإِنِ ادَّعَى تَلَفَهَا لَمْ ييصدق كَانَتْ يُغَابُ عَلَيْهَا أَمْ لَا وَضَبْطُ الْخِلَافِ فِي الْغَلَّةِ: أَنَّهَا ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: مُتَوَلِّدَةٌ عَنِ الْمَغْصُوب على خلفته كَالْوَلَدِ وَعَلَى غَيْرِ خِلْقَتِهِ كَالصُّوفِ وَعَلَى غَيْرِ خِلْقَتِهِ كَالْأُجْرَةِ فَالْأَوَّلُ يَرُدُّهُ اتِّفَاقًا مَعَ الْأُمَّهَاتِ فَإِنْ مَاتَتْ يُخَيَّرُ بَيْنَ قِيمَةِ الْأُمِّ وَالْوَلَدِ وَالثَّانِي فِي رَدِّهِ قَوْلَانِ وَعَلَى الرَّدِّ إِنْ تَلِفَ الْمَغْصُوبُ خُيِّرْتَ بَيْنَ تَضْمِينِهِ الْقِيمَةَ وَلَا شَيْءَ لَكَ فِي رَدِّ الْغَلَّةِ أَوْ تَأْخُذُهُ بِالْغَلَّةِ دُونَ الْقِيمَةِ وَالثَّالِثُ فِيهِ خَمْسَةُ أَقْوَالٍ: لِلْغَاصِبِ لَكَ الْفَرْقُ بَيْنَ أَنْ يُكْرِيَ فِي ذَلِكَ أَوْ يَنْتَفِعَ أَوْ يُعَطِّلَ فَلَا شَيْءَ لَكَ وَالْفَرْقُ بَيْنَ أَنْ يُكْرِيَ أَوْ يَنْتَفِعَ فَيَرُدَّ وَبَيْنَ التَّعْطِيلِ فَلَا يَرُدَّ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْحَيَوَانِ وَالْأُصُولِ وَهَذَا كُلُّهُ فِيمَا اغْتَلَّ مِنَ الْعين مَعَ بَقَائِهَا أَمَّا بِتَصْرِيفِهَا وَتَحْوِيلِ عَيْنِهَا كَالدَّنَانِيرِ فَيَتَّجِرُ فِيهَا وَالْحب يزرعه فالغلة لَهُ قولا وَاحِد فِي الْمَذْهَبِ وَأَمَّا إِنْ لَمْ يَقْصِدِ الرَّقَبَةَ بَلِ الْمَنْفَعَةَ ضَمِنَ الْغَلَّةَ الَّتِي قَصَدَ غَصْبَهَا أَكْرَى أَوِ انْتَفَعَ أَوْ عَطَّلَ وَفِي الْجَوَاهِرِ: عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ: يَضْمَنُ غَلَّةَ الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ دُونَ الْعَبِيدِ وَالدَّوَابِّ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ: الصَّحِيحُ أَنَّ الْمَنَافِعَ مَالٌ مَضْمُونٌ تَلِفَ تَحْتَ الْيَدِ الْعَادِيَّةِ أَوْ أَتْلَفَهَا الْمُتَعَدِّي فَأَمَّا مَنْفَعَةُ الْبُضْعِ: فَلَا تُضْمَنُ إِلَّا بِالتَّفْوِيتِ فَفِي الْحُرَّةِ صَدَاقُ الْمِثْلِ وَفِي الْأَمَةِ مَا نَقَصَهَا وَكَذَلِكَ مَنْفَعَةُ بَدَنِ الْحُرِّ مَا لَا تُضْمَنُ إِلَّا بِالتَّفْوِيتِ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ: الْخِلَافُ الْمَشْهُورُ فِي الْخَرَاجِ وَالِاسْتِخْدَامِ وَأَمَّا الْمُتَوَلِّدُ عَنِ الشَّيْءِ كَاللَّبَنِ وَالصُّوفِ وَالثَّمَرَةِ: فَالْمَنْصُوصُ: الرَّدُّ إِنْ كَانَ قَائِمًا أَوِ الْمِلْكِيَّةُ وَالْخَرْصُ إِنْ كَانَ فَائِتًا وَرَوَى ابْنُ الْمُعَدَّلِ عَنْ مَالِكٍ: أَنَّ الْمُتَوَلَّدَ لَا يُرَدُّ أَيْضًا وَلَمْ أَرَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ فِي كِتَابٍ وَإِنَّمَا أَخْبَرَنِي بِهَا بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَلَا خِلَافَ فِي الضَّمَانِ بِشُبْهَةِ أَنَّ الْغَلَّةَ لَهُ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي غَيْرِ الشُّبْهَةِ قَالَ التُّونُسِيُّ: لَا يُصَدَّقُ فِي دَعْوَى ضَيَاعِ الْغَلَّةِ لِأَنَّهُ غير مَأْمُون فَإِن ظهر هلاكها أخذت الرَّقَبَةُ لَمْ يَضْمَنْهَا لِأَنَّهَا غَيْرُ مَغْصُوبَةٍ وَلَوْ أَكَلَ الْغَاصِبُ الْوَلَدَ غَرِمَ قِيمَتَهُ يَوْمَ أَفَاتَهُ إِذَا أُخِذَتِ الْأُمَّهَاتُ وَإِنْ غَرِمَ قِيمَةَ الْأُمَّهَاتِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيمَا أَكَلَ مِنْ وَلَدٍ أَوْ غَلَّةٍ لِتَوَلُّدِهِ عَمَّا غَرِمَ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْغَصْب وَهَذَا هُوَ الْقيَاس أَن لَا يَضْمَنَ الْإِنْسَانُ مِلْكَهُ وَعِنْدَ أَشْهَبَ: لِلْغَلَّةِ وَالْوَلَدِ حُكْمُ الْمَغْصُوبِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ أُخِذَتِ الْغَلَّةُ وَعِنْدَهُ لَوْ أَغْرَمَهُ قِيمَةَ الْأُمَّهَاتِ لِفَوَاتِهَا لَا يُغَرِّمُهُ قِيمَةَ الْوَلَدِ إِنْ مَاتَ وَإِنْ كَانَ قَائِمًا أَخَذَهُ مَعَ قِيمَةِ الْأُمِّ وَهَلْ عَلَيْهِ السَّقْيُ وَالْعِلَاجُ الَّذِي تَنْشَأُ عَنْهُ الْغَلَّاتُ؟ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: ذَلِكَ عَلَيْكَ مَا لَمْ يَتَجَاوَزِ الثَّمَرَةَ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: لَا شَيْءَ عَلَيْكَ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ عَيْنٌ قَائِمَةٌ فَهُوَ كَخِيَاطَةِ الْغَاصِبِ الثَّوْبَ وَوَجْهُ الْأَوَّلِ كَأَنَّ الثَّمَرَةَ هِيَ السَّقْيُ فَكَأَنَّهُ بَاعَهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا فِي الْفَلَسِ وَأُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ فِي الْمَوْتِ وَكَذَلِكَ اللَّبَنُ وَالصُّوفُ وَعَلَى قَوْلِ عَبْدِ الْمَلِكِ فَهُوَ مُطَّرِدٌ فِي الشَّفِيعِ وَالْمُسْتَحِقِّ وَلَوِ اشْتَرَى دَارًا فَجَصَّصَهَا أَوْ بَيَّضَهَا أَوْ صَغِيرًا فَأَنْفَقَ عَلَيْهِ حَتَّى كَبِرَ فَلَا شَيْءَ لِعَدَمِ عَيْنٍ قَائِمَةٍ.
فَرْعٌ مُرَتَّبٌ:
عَلَى الْخِلَافِ فِي رَدِّ الْغَلَّةِ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ إِذَا حَضَنَ الدَّجَاجَةَ مِنْ بَيْضِ غَيْرِهَا أَنَّ عَلَيْكَ مَا نَقَصَتْ وَكِرَاءَ حَضَانَتِهَا وَقَالَ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ النَّقْصَ بِسَبَبِ الْحَضَانَةِ وَقَدْ أَغْرَمْتَهُ النَّقْصَ فَكَيْفَ لَكَ الْكِرَاءُ وَقَالَ إِذَا حَضَنَهَا مَنْ بَيَّضَهَا فَهُوَ مِثْلُ وِلَادَتِهَا وَلَكَ أَخْذُ الْجَمِيعِ وَإِنْ حَضَنَ بَيْضَهَا تَحْتَ غَيْرِهَا لَمْ يَكُنْ لَكَ إِلَّا مِثْلُ الْبَيْضِ كَالْقَمْحِ يُزْرَعُ وَقِيلَ تَأْخُذُ الْفِرَاخَ كَمَا إِذَا حَضَنْتَهَا.
فَرْعٌ مُرَتَّبٌ:
عَلَى الْخِلَافِ فِي رَدِّ العلاج وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَيْضًا لَا شيئ فِي السَّقْيِ وَالْعِلَاجِ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ عَيْنٌ قَائِمَةٌ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهِ وَلَا قِيمَةَ لَهُ بَعْدَ الْقَلْعِ كَمَا لَوْ غَصَبَ مَرْكِبًا خَرَابًا فَقَلْفَطَهُ وَزَفَّتَهُ وَكَمَّلَ آلَتَهُ ثُمَّ اغْتَلَّهُ فَلَكَ أَخْذُهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْكَ فِيمَا أَنْفَقَ إِلَّا مِثْلَ الصَّارِي وَالْحَبْلِ وَمَا يَتَحَقَّقُ لَهُ ثَمَنٌ فَلِلْغَاصِبِ أَخْذُهُ وَإِنْ كَانَ بِمَوْضِعٍ لَا يُسْتَغْنَى عَنْهُ إِمَّا لِعَدَمِ غَيْرِهِ أَوْ لِلْمَشَقَّةِ الْعَظِيمَةِ خُيِّرْتَ بَيْنَ قِيمَتِهِ بِمَوْضِعِهِ كَيْفَ كَانَ أَو تسلمه لَهُ.
فرع:
قَالَ: إِذَا سَقَى وَعَالَجَ بِشُبْهَةٍ كَالْمُشْتَرِي وَالْمَوْهُوبِ فَعَلَيْكَ - عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ - قِيمَةُ ذَلِكَ وَمَنَعَ عَبْدُ الْمَلِكِ.
فَرْعٌ آخَرُ مُرَتَّبٌ:
قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا قُلْنَا: يَرُدُّ الْغَلَّةَ فَغَصَبَ خَرَابًا فَأَصْلَحَهُ فَهَل يرد جَمِيع الغلى؟ قَالَهُ مُحَمَّدٌ أَوْ مَا يَنُوبُ الْأَصْلُ قَبْلَ الْإِصْلَاحِ قَالَهُ أَشْهَبُ وَالْقَوْلَانِ فِي الدَّارِ الْخَرَابِ الَّتِي لَا تُسْكَنُ وَالْمَرْكِبِ الْخَرِبِ وَلَمْ يَخْتَلِفُوا إِذَا بَنَى الْأَرْضَ ثُمَّ سَكَنَ أَوِ اسْتَغَلَّ أَنَّهُ لَا يَغْرَمُ سِوَى غَلَّةِ الْقَاعَةِ وَفِي الْجَوَاهِرِ: إِذَا أَصْلَحَ الْخَرَابَ وَسَكَنَ وَاغْتَلَّ غَلَّةً كَثِيرَةً فَلَكَ أَخْذُهَا مُصْلَحَةً وَأَخْذُ غَلَّتِهَا وَكِرَاءُ مَا سَكَنَ وَلَيْسَ عَلَيْكَ مِمَّا أَصْلَحَ شَيْءٌ إِلَّا قِيمَةَ مَا لَوْ نَزَعَهُ كَانَ لَهُ قِيمَةٌ قَالَهُ مُحَمَّدٌ.
فَرْعٌ آخَرُ مُرَتَّبٌ:
قَالَ: إِذَا قُلْنَا يَرُدُّ الْغَلَّةَ إِذَا غَصَبَ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ فَرَبِحَ فِيهَا فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ قَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ: لَا شَيْءَ لَكَ إِلَّا رَأْسُ الْمَالِ لِتَقَرُّرِ الضَّمَانِ عَلَيْهِ بِالتَّصَرُّفِ اسْتَنْفَقَهَا أَوْ تَجَرَ فِيهَا وَعَنِ ابْنِ حَبِيبٍ: إِنْ تَجَرَ فِيهَا مُوسِرًا فَلَهُ الرِّبْحُ لِقَبُولِ ذِمَّتِهِ لِلضَّمَانِ أَوْ مُعْسِرًا فَلَكَ لِعَدَمِ قَبُولِهَا فِي الْوَلِيِّ يَتَّجِرُ فِي مَالِ يَتِيمِهِ وَعَنِ ابْنِ سُحْنُونَ: لَكَ مَا كُنْتَ تَتَّجِرُ فِيهَا أَنْ لَوْ كَانَتْ فِي يَدَيْكَ قَالَ: وَأَسْتَحْسِنُ أَنْ تُقَسَّمَ الْمَسْأَلَةُ أَرْبَعَةَ أَقْسَامٍ: إِنْ كُنْتَ لَا تَتَّجِرُ فِيهَا لَوْ كَانَتْ فِي يديدك وَلَمْ يَتَّجِرْ فِيهَا الْغَاصِبُ بَلْ قَضَاهَا فِي دَيْنٍ أَوْ أَنْفَقَهَا فَرَأْسُ الْمَالِ لِعَدَمِ تَعْيِينِ تَضْيِيعِ رِبْحٍ عَلَيْكَ وَإِنْ كُنْتَ تَتَّجِرُ فِيهَا وَلَمْ يَتَّجِرِ الْغَاصِبُ: فَلَكَ مَا كُنْتَ تَرْبَحُهُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ لِأَنَّهُ حَرَمَكَ إِيَّاهُ كَمَا إِذَا أَغْلَقَ الدَّارَ إِلَّا أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ التِّجَارَةَ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ كَانَتْ غَيْرَ مُرْبِحَةٍ وَإِن كَانَت لَا تَتَّجِرُ فِيهَا وَتَجَرَ فِيهَا الْغَاصِبُ وَهُوَ مُوسر بغَيْرهَا وَلم يُعَامل لأَجلهَا لَهُ فَالرِّبْح لِتَقَرُّرِهَا فِي ذِمَّتِهِ بِالتَّصَرُّفِ وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا عُومِلَ لِأَجْلِهَا فَالرِّبْحُ لَكَ لِقُوَّةِ شُبْهَةِ تَحْصِيلِ ملك لِلرِّبْحِ كَالْوَلَدِ فِي الْحَيَوَانِ وَإِنْ كُنْتَ تَتَّجِرُ فِيهَا - وَهُوَ فَقِيرٌ - فَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ مِمَّا رَبِحَ أَوْ مَا كُنْتَ تَرْبَحُهُ.
فَرْعٌ آخَرُ مُرَتَّبٌ:
قَالَ صَاحِبُ الْخِصَالِ: إِذَا قُلْنَا: يَرُدُّ أَجْرَ الْعَقَارِ فَحَابَى فِي كِرَاءِ الْأَرْضِ أَوِ الدَّارِ فَعَلَيْهِ الْمُحَابَاةُ مَعَ الْكِرَاءِ تَنْبِيهٌ: قَدْ تَقَدَّمَ نَقْلُ الْمُقَدِّمَاتِ فِي النَّقْدَيْنِ وَأَنَّ الرِّبْحَ لَهُ اتِّفَاقًا وَهَذَا الْخِلَافُ يَأْبَى ذَلِكَ الِاتِّفَاقَ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ: إِذَا غَصَبَ ذَهَبًا فَتَجَرَ فِيهِ أَوْ عَرَضًا فَبَاعَهُ وَتَجَرَ بِثَمَنِهِ فَذَلِكَ لِلْمَالِكِ وَالْمُشْتَرَى مِنَ السِّلَعِ لَهُ أَيْضًا وَالْأَرْبَاحُ لَهُ وَقَالَ (ش) وَ (ح) الرِّبْحُ لِلْغَاصِبِ تَنْبِيهٌ: قَوْلُ صَاحِبِ الشَّرْعِ وَالْعُلَمَاءِ: الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ لَيْسَ عَلَى ظَاهِرِهِ فَإِنَّ ظَاهِرَهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْغَاصِبَ وَغَيْرَهُ يَأْخُذُ الْغَلَّةَ بِسَبَبِ أَنَّهُ ضَمِنَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ الْعَيْنَ إِذَا لَمْ تَتَغَيَّرْ رَدَّهَا وَبَرِئَ مِنْ ضَمَانِهَا وَمَعَ ذَلِكَ فَلَهُ الْغَلَّةُ وَالْعَيْنُ لَا تُضْمَنُ إِلَّا إِذَا هَلَكَتْ أَوْ تَغَيَّرَتْ وَإِلَّا فَلَا وَمَعْنَى قَوْلِنَا الْمُتَعَدِّي ضَامِنٌ أَيْ عَلَى تَقْدِيرِ التَّغَيُّرِ وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ وَهَذَا التَّقْرِيرُ هُوَ أَحَدُ أَسْبَابِ الْخِلَافِ فَإِنَّهُ لَمَّا كَانَ تَوَقُّعُ الضَّمَانِ فِي الْعَقَارِ أَبْعَدَ لَمْ تَكُنِ الْغَلَّةُ لِلْغَاصِبِ لِضِعْفِ السَّبَبِ أَوْ يُلَاحَظُ أَنَّ الْغَلَّةَ مَغْصُوبَة فَيضمن كَمَا يضمن الأَصْل بِنَاء أَنَّ الْغَصْبَ وَضْعُ الْيَدِ الْعَادِيَّةِ عَلَى مَالِ الْغَيْرِ أَوْ لَيْسَتْ مَغْصُوبَةً بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْغَصْبَ فِعْلٌ وَالْغَاصِبُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ فِعْلٌ فَلَا يَضْمَنُ وَقَالَهُ (ح) خِلَافًا لِ (ش) وَابْنُ حَنْبَلٍ وَلِظَاهِرِ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ» وَفِيهِ النَّظَرُ لِقَاعِدَةٍ أُخْرَى أُصُولِيَّةٍ وَهِيَ: أَنَّ اللَّفْظَ عَامٌّ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ فَهَلْ يُلَاحَظُ عُمُومُ اللَّفْظِ أَوْ يُلَاحَظُ خُصُوصُ السَّبَبِ؟ وَهُوَ إِنَّمَا وَرَدَ فِي الْمُشْتَرِي لِلْعَبْدِ فَوَجَدَهُ مَعِيبًا فَرَدَّهُ فَطَلَبَ الْبَائِعُ خَرَاجَ عَبْدِهِ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ذَلِكَ فَعَلَى هَذَا يَخْتَصُّ اسْتِحْقَاقُ الْخَرَاجِ بِالضَّمَانِ بِشُبْهَةٍ بِخِلَافِ الْعُدْوَانِ الصِّرْفِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ سَبَبَ الْمِلْكِ وَيُعَضِّدُهُ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «لَيْسَ لِعَرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ» وَعِرْقُ الظَّالِمِ مَا يُحْدِثُهُ فِي الْمَغْصُوبِ أَوْ يُلَاحَظُ الْفُرُوقُ الْمُتَقَدِّمَةُ فَهَذِهِ مَدَارِكُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ.
نَظَائِرُ: قَالَ ابْنُ يُونُسَ: الْغَلَّةُ لِلْمُشْتَرِي فِي خَمْسَةِ مَوَاضِعَ: الِاسْتِحْقَاقُ وَالْبَيْعُ الْفَاسِدُ وَالرَّدُّ بِالْعَيْبِ وَالْفَلَسُ وَالْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ.
فرع:
فِي الْكِتَابِ: إِذَا تَعَدَّى الْمُكْتَرِي أَوِ الْمُسْتَعِيرُ الْمَسَافَةَ تَعَدِّيًا بَعِيدًا أَوْ حَبَسَهَا أَيَّامًا كَثِيرَةً وَلَمْ يَرْكَبْهَا فَرَدَّهَا بِحَالِهَا خُيِّرْتَ فِي قِيمَتِهَا يَوْمَ التَّعَدِّي لِأَنَّهُ فَوَّتَهَا أَسْوَاقَهَا فَصَارَ كَالْمُسَيِّرِ لَهَا أَوْ أَخَذَهَا مَعَ كِرَاءِ حَبْسِهَا بَعْدَ الْمَسَافَةِ وَلَكَ فِي الْوَجْهَيْنِ الْكِرَاءُ الْأَوَّلُ وَلَيْسَ عَلَى الْغَاصِبِ وَالسَّارِقِ فِي مِثْلِ هَذَا قِيمَةٌ إِذَا رَدَّهَا بِحَالِهَا وَإِذَا تَعَدَّى الْمُسْتَعِيرُ أَوِ الْمُكْتَرِي عَلَى الْمَسَافَةِ مِيلًا أَوْ أَكْثَرَ فَعَطِبَتْ خُيِّرْتَ فِي قِيمَتِهَا يَوْمَ التَّعَدِّي دُونَ كِرَاءِ الزِّيَادَةِ لِأَنَّ بِضَمَانِهَا يَوْمَ التَّعَدِّي لَا يُضْمَنُ مَا بَعْدَهُ لِدُخُولِهَا فِي ملكه بِالضَّمَانِ أَو كِرَاء الزِّيَادَةِ وَالْكِرَاءُ الْأَوَّلُ عَلَيْهِ لَا بُدَّ مِنْهُ وَلَوْ رَدَّهَا بِحَالِهَا وَالزِّيَادَةُ يَسِيرَةٌ مِثْلَ الْبَرِيدِ أَوِ الْيَوْمَ لَمْ تَلْزَمْهُ الْقِيمَةُ بَلْ كِرَاءُ الزِّيَادَةِ فَقَطْ لِعَدَمِ مُوجِبِ ضَمَانِ الرَّقَبَةِ وَهُوَ مُطْلَقُ التَّغَيُّرِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: عَلَى قَوْلِهِ فِي الْعَبْدِ فِي الرَّهْنِ يُعِيرُهُ لَمْ يَسْتَعْمِلْهُ: لَا يَضْمَنُ إِلَّا فِي عَمَلٍ يَعْطَبُ فِي مِثْلِهِ وَلَا يَضْمَنُ الْمُسْتَعِيرُ فِي التَّعَدِّي الْيَسِيرِ قَالَ: وَالْأَرْض شِبْهُ الضَّمَانِ فِي الْكُلِّ وَقَالَهُ سُحْنُونُ فِي الْعَبْدِ الرَّهْنُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فَإِنْ أَصَابَ الدَّابَّةَ مَعَ الْمُتَعَدِّي أَوِ الْمُكْتَرِي فِي التَّعَدِّي الْكثير من الْمسَافَة عيب مُفسد فلك تضمنه قِيمَتَهَا وَإِنْ كَانَ يَسِيرًا لَمْ يَضْمَنْ إِلَّا النَّقْصَ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: يُرِيدُ مَعَ كِرَاءِ الزِّيَادَةِ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: يَنْقُصُ مِنْ كِرَاءِ الزِّيَادَةِ قَدْرُ نَقْصِهُا قَالَ: وَهُوَ حَقٌّ لِأَنَّ كِرَاء الْمثل ينْتَقض بِنَقْصِ الدَّابَّةِ وَلِأَنَّهُ ضَمِنَ ذَلِكَ لِلنَّقْصِ فَلَا يَضْمَنُ كِرَاءَهُ كَمَا لَوْ ضَمِنَ الدَّابَّةَ وَقَالَ بعض الْفُقَهَاء: إِن نقصب بِسَبَب السّير غَرِمَ النَّقْصَ فَقَطْ وَإِلَّا فَالْكِرَاءَ مَعَ النَّقْصِ وَعَلَى مَا تَقَدَّمَ ذَلِكَ سَوَاءٌ لِأَنَّ الضَّمَانَ يَوْمَ التَّعَدِّي فَقَدْ سَارَ عَلَى مَا ضَمِنَهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ النَّقْصُ بِعُدْوَانٍ بَعْدَ الرُّجُوعِ لَرَجَوْتَ النَّقْصَ بَعْدَ وُجُوبِ الْكِرَاءِ وَعَلَى التَّفْرِيقِ يَبْقَى تَخْيِيرُهُ بَيْنَ أَخْذِ النَّقْصِ أَوِ الْكِرَاءِ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ: إِذَا غَصَبَ الدَّجَاجَةَ فَحَضَنَ تَحْتَهَا بَيْضَ غَيْرِهَا عَلَيْهِ مَا نَقَصَتْ وَكِرَاءُ حَضَانَتِهَا قَالَ: وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ النَّقْصَ بِسَبَبِ الْحَضَانَةِ وَقَدْ غَرِمَ النَّقْصُ فَلَا يَغْرَمُ الْكِرَاءَ تَنْبِيهٌ: تَفْرِيقُهُ بَيْنَ الْغَاصِبِ لَا يَضْمَنُ الدَّابَّةَ إِذَا رَدَّهَا بِحَالِهَا وَبَيْنَ الْمُسْتَعِيرِ يَحْبِسُهَا أَيَّامًا ثُمَّ يَرُدُّهَا بِحَالِهَا يَضْمَنُ مُشْكِلٌ مِنْ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ: أَنَّ عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تَرُدَّهُ وَقَدْ رَدَّ مَا أَخَذَ فَلَا يَضْمَنُ الثَّانِي: سَلَّمْنَا الضَّمَانَ لَكِنَّ الْغَاصِبَ ضَامِنٌ وَالظَّالِمُ أَوْلَى أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ وَقَدْ جَعَلَهُ أَسْعَدَ مِمَّنْ لَيْسَ بِظَالِمٍ فِي أَصْلِ وَضْعِ الْيَدِ وَقَدْ قِيلَ فِي الْجَوَابِ: إِنَّ الْمُعِيرَ وَالْمُكْرِيَ أَذِنَا فِي شَيْءٍ مَخْصُوصٍ وَمَفْهُومُهُ وَلَازِمُهُ: النَّهْيُ عَمَّا زَادَ عَلَيْهِ فَيَكُونُ النَّهْيُ فِيمَا زَادَ خَاصًّا بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ وَنَهْيُ الْغَاصِبِ نَهْيٌ عَامٌّ لَا يَخْتَصُّ بِمَسَافَةٍ وَلَا بِحَالَةٍ وَالْقَاعِدَةُ: أَنَّ النَّهْيَ الْخَاصَّ بِالشَّيْءِ أَقْوَى مِمَّا يَعُمُّهُ وَيَعُمُّ غَيْرَهُ يَشْهَدُ لِذَلِكَ ثَوْبُ الْحَرِيرِ وَالنَّجِسُ أَنَّ النَّجِسَ أَقْوَى فِي الْمَنْعِ لِاخْتِصَاصِهِ بِالصَّلَاةِ وَالصَّيْدِ وَالْمَيْتَةِ وَأَن الصَّيْد أقوى منعنَا لِاخْتِصَاصِهِ بِالْإِحْرَامِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.
فرع:
فِي الْكِتَابِ: إِذَا قُلْنَا غَصَبَ جَدِيدًا وَقَالَ بَلْ خَلَقًا صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّهُ غَارِمٌ وَتُرَدُّ بَيِّنَتُكَ إِذا أتيت بهَا بعد ذَلِك الَّتِي كُنْتَ تَعْلَمُ بِهَا وَإِلَّا رَجَعْتَ بِتَمَامِ الْقِيمَةِ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ حَلَفَ عِنْدَ السُّلْطَانِ أَوْ غَيْرِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ: الْبَيِّنَةُ الْعَادِلَةُ أَوْلَى مِنَ الْيَمِينِ الْفَاجِرَةِ وَقَالَهُ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَيُخَيَّرُ بَيْنَ أَخْذِهِ وَقِيمَة يَوْمِ الْغَصْبِ وَإِنْ بِعْتَهُ بَعْدَ أَخْذِكَ إِيَّاهُ خَلَقًا فَأَصَبْتَهُ فِي الْقِيمَةِ بِالثَّمَنِ وَإِنْ وَهَبْتَهُ لَا شَيْءَ عَلَيْكَ لِأَنَّ إِبَاحَةَ الْغَاصِبِ لَكَ ذَلِكَ ظُلْمٌ وَيَتَّبِعُ الْغَاصِبُ الَّذِي صَارَ إِلَيْهِ الثَّوْبُ فَيَأْخُذُهُ مِنْهُ أَوْ قِيمَتَهُ يَوْمَ لَبِسَهُ أَوْ أَبْلَاهُ وَإِنْ تَلِفَ لَمْ يَكُنْ لَهُ ضَمَانٌ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ بِيَدِ ضَمَانٍ عَلَيْكَ بَلْ هُوَ أَكْرَهَكَ عَلَى أَخْذِهِ.
فرع:
فِي الْكِتَابِ: اسْتَهْلَكَ سِوَارَيْنِ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُمَا مَصُوغَيْنِ مِنَ الدَّرَاهِمِ لِأَنَّ الذَّهَبَ لَا يُبَاعُ بِالذَّهَبِ ثَمَنًا فَلَا يُجْعَلُ قِيمَةً شَرْعِيَّةً وَالْقِيمَةُ قَدْ تَزِيدُ وَلَكَ تَأْخِيرُهُ بِتِلْكَ الْقِيمَةِ تَغْلِيبًا لِغَرَضِ الصِّيَاغَةِ وَلَيْسَ عَلَى كَاسِرِهِمَا إِلَّا قِيمَةُ الصِّيَاغَةِ بِخِلَافِ الْغَاصِبِ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْنِ إِلَّا عَلَى الصَّنْعَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ مُحَمَّدٌ: بِخِلَافِ الْعُرُوضِ فِي الْفَسَادِ الْكَثِيرِ لِأَنَّهُ لَمْ يُفْسِدْ عَيْنَ الذَّهَبِ بَلْ صَنَعَهُ وَهُوَ لَمْ يَقْبِضْهَا فَيَضْمَنَ بِالْغَصْبِ قِيمَتَهَا وَالَّذِي رَجَعَ إِلَيْهِ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي كتاب الرَّهْن أَن فِي كسرهَا قيمتهَا وَيَبْقَيَانِ لَهُ وَقَالَ أَشْهَبُ: يَصُوغُهُمَا لَهُ وَقَالَهُ مَالِكٌ فِيهِمَا وَفِي الْجِدَارِ يَهْدِمُهُ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ يَصُوغُهُمَا فَعَلَيْهِ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِمَا مَصُوغَيْنِ ومكسورين وَلَا يُبَالِي قوما بِالذَّهَب أَو الْفضة وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ: إِنْ أَعَادَ الْحُلِيَّ إِلَى هَيْئَتِهِ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ قَالَ: وَهُوَ صَوَابٌ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ لَا يَرَى أَنْ يَقْضِيَ بِمِثْلِ الصِّيَاغَةِ لِأَنَّ هَذِهِ الصِّيَاغَةَ غَيْرُ تِلْكَ فَكَأَنَّهُ أَفَاتَهُمَا وَعَلَى مَذْهَبِ أَشْهَبَ يَأْخُذُهُمَا نَظَائِرُ: يُقْضَى بِالْمِثْلِ فِي غَيْرِ الْمِثْلِيَّاتِ فِي أَرْبَعِ مَسَائِلَ: مَسْأَلَةُ الْحُلِيِّ هَذِهِ وَإِذَا هَدَمَ بِنَاءً وَجَبَ عَلَيْهِ إِعَادَتُهُ وَإِنْ دَفَنَ فِي قَبْرِ غَيْرِهِ وَجَبَ عيه حفر مثله وَمن قطع ثوبا رفاه فِي الْكِتَابِ غَصَبَ لَكَ قَمْحًا وَلِآخَرَ شَعِيرًا فَخَلَطَهُمَا فَعَلَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِثْلُ طَعَامِهِ لِتَعَذُّرِ رَدِّ الْعَيْنِ وَفِي النُّكَتِ: قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا: إِنْ كَانَ مُعْدِمًا بِيعَ الْمَخْلُوطُ وَاشْتَرَى لِكُلٍّ طَعَامُهُ يُقَوَّمُ الْقَمْحُ غَيْرَ مَعِيبٍ وَيَشْتَرِي لِكُلِّ وَاحِدٍ بِمَا يَخُصُّهُ وَمَا بَقِيَ فِي ذِمَّةِ الْغَاصِبِ أَمَّا إِذَا لَمْ يَكُنْ مُعْتَدِيًا فَيُقَوَّمُ الْقَمْحُ مَعِيبًا وَيَجُوزُ بَيْعُهُ كَيْلًا وَجُزَافًا وَلَيْسَ كَصُبْرَةِ قَمْحٍ وَصُبْرَةِ شَعِيرٍ عَلَى أَنَّ كُلَّ قَفِيزٍ بِكَذَا لِعَدَمِ الضَّرُورَةِ فِي الْجَمْعِ الَّذِي هُوَ خَطَرٌ قَالَ التُّونُسِيُّ: إِنْ لَتَّ الْغَاصِبُ السَّوِيقَ بِسَمْنٍ فَعَلَيْهِ مِثْلُهُ وَلَا يَلْزَمُكَ قِيمَةُ السَّمْنِ وَالْخِلَافُ فِي طَحْنِ الْقَمْحِ فَقِيلَ: مِثْلُهُ وَقِيلَ: يَأْخُذُهُ مَطْحُونًا وَلَا شَيْء عَلَيْك وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا يَأْخُذُ الثَّوْبَ مَصْبُوغًا حَتَّى يَدْفَعَ قِيمَةَ الصَّبْغِ وَقَالَ أَشْهَبُ: يَأْخُذُهُ مَصْبُوغًا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَمَنْ بَنَى مَا لَا قِيمَةَ لَهُ بَعْدَ الْقَلْعِ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ: إِذَا نَسَجَ الْغَزْلَ فَقِيمَتُهُ كَجَعْلِ الْخَشَبَةِ تَوَابِيتَ وَكُلُّ هَذَا مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَابْنُ الْقَاسِمِ يَرَى أَنَّ الْمِثْلَ فِي الْمِثْلِيِّ أَعْدَلُ لِسَدِّهِ مَسَدَّ مِثْلِهِ وَيَنْفِي الضَّرَرَ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَأَمَّا الْعُرُوضُ فَلَا يَأْخُذُهُ إِلَّا بَعْدَ أَنْ يَدْفَعَ مَا أَخْرَجَهُ الْغَاصِبُ مِمَّا لَهُ عَيْنٌ كالصبغ لَيْلًا يَظْلِمَ الْغَاصِبَ وَمَا لَا عَيْنَ لَهُ كَالْخِيَاطَةِ فَيُؤْخَذُ بِغَيْرِ شَيْءٍ كَالْبِنَاءِ بِمَا لَا قِيمَةَ لَهُ إِذَا قُلِعَ وَإِنْ كَانَ مَا أَحْدَثَهُ الْغَاصِبُ غَيْرَهُ حَتَّى زَالَ الِاسْمُ عَنْهُ كَالْخَشَبَةِ أَبْوَابًا فَالْقِيمَةُ وَنَسْجُ الْغَزْلِ كَجَعْلِ الْخَشَبَةِ تَابُوتًا وَقَدْ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ كَخِيَاطَةِ الثَّوْبِ لِأَنَّ الْمُتَجَدِّدَ لَا قِيمَةَ لَهُ إِذَا أُزِيلَ كَمَا قَالُوا فِي قَطْعِ الثَّوْبِ أَقْمِصَةً وَتُخَاطُ فَهِيَ لَكَ بِلَا غُرْمٍ وَلَوْ أَرَادَ دَفْعَ الضَّمَانِ بِقَسْمِ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ كَيْلًا عَلَى كَيْلِ طَعَامِ كُلِّ وَاحِدٍ: أَجَازَهُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَمَنَعَهُ أَشْهَبُ لِأَنَّكَ لَوْ قُلْتَ: آخُذُهُ وَأَغْرَمُ لِصَاحِبِي مِثْلَ طَعَامِهِ امْتَنَعَ لِأَنَّكَ أَخَذْتَ بِمَا وَجَبَ لَكَ عَلَى الْغَاصِبِ قَمْحًا وَشَعِيرًا عَلَى أَنْ تُعْطِيَ عَنِ الْغَاصِبِ شَعِيرًا وَلِأَنَّكَ لَوِ اتَّبَعْتَ الْغَاصِبَ بِمِثْلِ طَعَامِكَ لَمْ يَكُنْ لِلْآخَرِ أَنْ يَقُولَ لِلْغَاصِبِ: أَنَا أُشَارِكُهُ وَلِأَنَّهُ لَمَّا اخْتَلَطَ مَتَاعُ كُلِّ وَاحِدٍ صَارَ كَأَنَّهُ فِي ذِمَّتِهِ وَوَجَبَ الْمُخْتَلط لِلْغَاصِبِ فَلَيْسَ لَكَ أَنْ تَأْخُذَ الْقَمْحَ قَمْحًا وَشَعِيرًا وَقَدْ يُقَالُ: التَّضْمِينُ لَكُمَا فَإِذَا رَفَعْتُمَا التَّضْمِينَ فَلَكُمَا الْقَسْمُ بِالْكَيْلِ وَالتَّرَاضِي قَالَ ابْنُ يُونُسَ: إِذَا بِيعَ الْمُخْتَلِطُ وَرَضِيَا بِقِسْمَةِ الثَّمَنِ جَازَ وَإِنِ اخْتَلَفَا فَمَنْ شَاءَ أَخَذَ حِصَّتَهُ مِنَ الثَّمَنِ أَخَذَهَا وَيَشْتَرِي الْآخَرُ بِحِصَّتِهِ طَعَامًا وَمَنْ رَضِيَ بِالثَّمَنِ لَمْ يَتْبَعْهُ بِمَا بَقِيَ وَلَا يَجُوزُ اقْتِسَامُكُمَا الْمُخْتَلِطَ عَلَى قِيمَةِ الطَّعَامِ وعَلى قَدْرِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْكُمَا يَجُوزُ إِنْ رَضِيتُمَا قَالَهُ مُحَمَّدٌ وَقَالَهُ أَشْهَبُ أَيْضًا وَقَالَ: يَقْسِمَانِ بِالسَّوَاءِ إِذَا كَانَتْ مَكِيلَتُهُمَا وَاحِدَةً وَيَمْتَنِعُ اقْتِسَامُكُمَا عَلَى الْقَيَمِ لِدُخُولِ التَّفَاضُلِ فِي الطَّعَامَيْنِ وَجَوَّزَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَهُوَ مَذْهَبُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَنَعَهُ سُحْنُونُ مُطْلَقًا لِأَنَّكَ لَوِ اتَّبَعْتَ بِمِثْلِ طَعَامِكَ لَمْ يَكُنْ لِلْآخَرِ أَنْ يَقُولَ: أَنَا آخُذُ مِنْ هَذَا الطَّعَامِ مِثْلَ مَكِيلَتِي لِأَنَّهُ لَيْسَ بِعَيْنِ طَعَامِهِ وَلَا لَكُمَا أَخْذُ الْمُخْتَلِطِ كَمَنْ غَصَبَ خَشَبَةً وَغَصَبَ نَجَّارًا عَمَلَهَا بَابًا لَمْ يَكُنْ لَهُمَا أَخْذُ الْبَابِ هَذَا بِقِيمَةِ الْخَشَبَةِ وَهَذَا بِقِيمَةِ الْعَمَلِ قَالَ أَشْهَبُ: لَوْ أَوْدَعَهُ هَذَا جَوَازًا وَهَذَا حِنْطَةً فَخَلَطَهُمَا ثُمَّ تَلِفَا لَمْ يَضْمَنْ شَيْئًا لِلْقُدْرَةِ عَلَى التَّخْلِيصِ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ عَلَى الْقَمْحِ وَلَا عَلَى الْجَوْزِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا يُفْسِدُ الْآخَرَ وَقَالَ (ش): إِذَا خَلَطَ الزَّيْتَ بِأَفْضَلَ مِنْهُ أَوْ مِثْلِهِ خُيِّرَ بَيْنَ الدَّفْعِ لَكَ مِنَ الْمَخْلُوطِ أَوْ مِثْلِ زَيْتِكَ مِنْ غَيْرِهِ أَوْ بِدُونِهِ خُيِّرْتَ أَنْتَ لِأَنَّ الْخَلْطَ إِتْلَافٌ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ وَهُوَ مُشْكِلٌ لِأَنَّهُ لَمْ يُمْكِنْ أَنْ يُقَالَ: مِلْكُ الْغَاصِبِ تَلِفَ بِالْخَلْطِ فَلَا يَمْلِكُ بِذَلِكَ قَالَ: وَكَذَلِكَ خَلْطُ الدَّقِيقِ بِالدَّقِيقِ قَالَ: فَإِنْ خَلَطَ الزَّيْتَ بألْبَانِ أَوْ بِغَيْرِ جِنْسِهِ تَعَيَّنَ ضَمَانُ الْمِثْلِ وَكَذَلِكَ لَوْ خَلَطَهُ بِسَوِيقٍ بِخِلَافِ الْقَمْحِ بِالشَّعِيرِ تَحْتَ لَفْظِهِ لِأَنَّهُ مُمْكِنٌ وَقَالَ (ح): خَلْطُ الطَّعَامِ بِمِثْلِهِ يُوجِبُ الْخِيرَةَ بَيْنَ الشَّرِكَةِ وَتَضْمِينِ الْمِثْلِ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ: خَلْطُ الْقَمْحِ بِالشَّعِيرِ يُوجِبُ التَّمْيِيزَ بَيْنَهُمَا أَوْ بِمِثْلِهِ رُدَّ مثله أَو بِدُونِهِ وأجود مِنْهُ فشريكان بياع وَيُدْفَعُ الثَّمَنُ لَهُمَا أَوْ بِمَا لَا قِيمَةَ لَهُ كَالزَّيْتِ بِالْمَاءِ وَتَعَذَّرَ تَخْلِيصُهُ فَمِثْلُهُ قَالَ صَاحِبُ النَّوَادِرِ: لَوْ خَلَطَ زَيْتًا بِسَمْنٍ أَوْ سَمْنًا بِعَسَلٍ أَوْ سَمْنَ بَقَرٍ بِسَمْنِ غَنَمٍ: قَالَ أَشْهَبُ: يَضْمَنُ مَا ضَاعَ مِنْهُ وَمَا بَقِيَ أَوْ زَيْتًا بِزَيْتٍ أَوْ سَمْنًا بِسَمْنٍ فَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا ضَاعَ وَمَا بَقِيَ وَلَكُمَا أَنْ تَقْتَسِمَا مَا بَقِيَ أَوْ تَدَعَاهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ: وَإِنْ خَلَطَ دَرَاهِمَكَ بِدَرَاهِمِهِ فَلَكَ مِثْلُهُ وَلَا شَرِكَةَ لَكَ مَعَهُ فِي ذَلِكَ وَلَوْ غَصَبَكَ دَرَاهِمَ فَجَعَلَهَا فِي قِلَادَةٍ وَجَعَلَ لَهَا عُرًى فَلَكَ أَخْذُهَا وَتَدَعُ عُرَاهُ.
فرع:
فِي الْكِتَابِ: إِذَا غَصَبَ خَشَبَةً أَوْ حَجَرًا فَبَنَى عَلَيْهِمَا فَلَكَ أَخْذُهُمَا وَهَدُّ الْبِنَاءِ وَكَذَلِكَ إِنْ غَصَبَ ثَوْبًا فَجَعَلَهُ ظِهَارَةً لِجُبَّةٍ فَلَكَ أَخْذُهُ أَوْ تَضْمِينُهُ قِيمَةَ الثَّوْبِ وَلَوْ عَمِلَ الْخَشَبَةَ بَابًا أَوِ التُّرَابَ مِلَاطًا أَوْ زَرَعَ الْحِنْطَةَ فَحَصَدَ مِنْهَا حَبًّا كَثِيرًا أَوْ لَتَّ السَّوِيقَ بِسَمْنٍ أَوْ صَاغَ الْفِضَّةَ دَرَاهِمَ أَوِ الْحَدِيدَ قُدُورًا فَعَلَيْهِ مِثْلُ مَا غَصَبَ صِفَةً وَوَزْنًا أَوْ كَيْلًا أَوْ قِيمَةً فِيمَا لَا يُكَالُ أَوْ لَا يُوزَنُ كَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَأَمَّا الْوَدِيُّ وَالشَّجَرَةُ الصَّغِيرَةُ يَقْلَعُهَا وَيَغْرِسُهَا فِي أَرْضِهِ فَتَصِيرُ بَوَاسِقَ فَلَكَ أَخْذُهَا كَصَغِيرٍ مِنَ الْحَيَوَانِ يَكْبَرُ فَائِدَةٌ: فِي التَّنْبِيهَاتِ: الْمِلَاطُ بِكَسْرِ الْمِيمِ أَيْ عَمَلُ التُّرَابِ طِينًا قَالَ التُّونُسِيُّ: ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ لَكَ تَضْمِينَهُ قِيمَةَ الْخَشَبَةِ إِذَا أَدْخَلَهَا فِي بُنْيَانِهِ لِأَنَّ بِإِدْخَالِهَا رَضِيَ بِدَفْعِ الْقِيمَةِ وَقِيلَ: لَيْسَ لَكَ أَخْذُهَا إِنْ أَدَّى ذَلِكَ لِخَرَابِ بُنْيَانِهِ كَالْخَشَبَةِ يَعْمَلُهَا تَوَابِتَ فَخَرَابُ الْبُنْيَانِ أَعْظَمُ مِنْ مُؤْنَةِ التَّوَابِتِ وَمَنِ اسْتَدَلَّ عَلَيْكَ فَأَخَذَ مِنْ بُسْتَانِكَ غَرْسًا غَرَسَهُ فِي بُسْتَانِهِ فَلَكَ أَخْذُهُ بِحِدْثَانِ الْغَرْسِ وَإِنْ طَالَ زَمَانُ الْغَرْسِ فَلَا وَلَكَ قِيمَتُهُ قَائِمًا يَوْمَ الْقَلْعِ وَلَوْ لَمْ يُدَلَّ عَلَيْكَ أَخَذْتَهُ وَإِنْ طَالَ كَالصَّغِيرِ يَكْبَرُ لِعَدَمِ شُبْهَةِ الْإِدْلَالِ وَلَكَ تَرْكُهُ وَأَخْذُ قِيمَتِهِ ثَابِتًا وَلَوْ كَانَ الْغَاصِبُ امْتَلَخَ ذَلِكَ مِنْ شَجَرَةٍ امْتِلَاخًا فَلَكَ أَخْذُهُ بِحِدْثَانِ ذَلِكَ بِخِلَافِ طُولِ الزَّمَانِ فَلَكَ قِيمَتُهُ يَوْمَ الِامْتِلَاخِ عُودًا مَكْسُورًا إِذَا كَانَ لَمْ يَضُرَّ بِالشَّجَرَةِ فَإِنْ أَضَرَّ فَمَا نَقَصَ الشَّجَرَةَ مَعَ الْقِيمَةِ لِأَنَّ الِامْتِلَاخَ كَحَبِّ الزَّرْعِ وَالْغَرْسِ الصَّغِيرِ يَكْبَرُ فَلَوِ امْتَلَخَ دَالَّةً لَا تَعَدِّيًا فَإِنَّهُ يَتَحَالَلُ مِنْكَ فَإِنْ حَالَلْتَهُ وَإِلَّا فَقِيمَةُ الْعُودِ مَكْسُورًا حَدَثَ الْقِيَامُ أَوْ تَأَخَّرَ وَلَوْ بَاعَ الْغَاصِبُ الْغَرْسَ فَغَرَسَهُ الْمُبْتَاعُ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِالْغَصْبِ فَيَنْبُتُ خُيِّرْتَ بَيْنَ أَخْذِ الثّمن من الْغَاصِب أَو قيمَة قَائِمًا يَوْمَ اقْتَلَعَهُ أَوْ تَقْلَعُهُ مَا لَمْ يَطُلْ زَمَانُهُ وَتُتَبَيَّنْ زِيَادَتُهُ فَلَا تَقْلَعْهُ وَتَأْخُذُ مِنَ الْمُشْتَرِي قِيمَتَهُ يَوْمَ غَرْسِهِ فِي أَرْضِهِ لَا قِيمَتَهُ يَوْمَ التَّعَدِّي وَلَا قِيمَتَهُ الْيَوْمَ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ نَشَأَتْ عَلَى مِلْكِهِ وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِثَمَنِهِ عَلَى الْغَاصِبِ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ فَعَلَ بِشُبْهَةٍ فَلَا يُعْطِي إِلَّا مَعَ عَدَمِ الضَّرَرِ وَكَذَلِكَ يَجِبُ لَوْ غَصَبَ خَشَبَةً فَبَنَى عَلَيْهَا الْمُشْتَرِي لَضَمِنَ الْمُشْتَرِي قِيمَتَهَا إِذَا كَانَ الْأَخْذُ يُفْسِدُ بِنَاءَهُ أَوْ إِجَازَةُ الْبَيْعِ وَأَخْذُ الثَّمَنِ أَوْ أُغْرِمَ الْغَاصِبُ قِيمَتَهَا يَوْمَ الْغَصْبِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: فَتْقُ الْجُبَّةِ وَهَدُّ الْبِنَاءِ عَنِ الْحَجَرِ عَلَى الْغَاصِبِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: إِذَا صَاغَ الْفِضَّةَ حُلِيًّا أَوْ صَبَغَ الثَّوْبَ أَوْ قَطَعَهُ أوخيطه أَوْ طَحَنَ الْقَمْحَ سَوِيقًا إِنَّ لَكَ أَخْذَهُ أَوْ تَضْمَنُ الْمِثْلَ فِي الْمِثْلِيِّ أَوِ الْقِيمَةَ فِي غَيْرِهِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «لَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ» فَلَا حُجَّةَ لَهُ بِالصَّنْعَةِ وَقَالَ سُحْنُونُ: كُلُّ مَا تَغَيَّرَ اسْمُهُ بِالصَّنْعَةِ فَهُوَ فَوْتٌ لَيْسَ لَكَ أَخْذُهُ وَحَيْثُ قَالَ سُحْنُونُ: يَأْخُذ الْوَدِيَّ إِذَا صَارَ بِوَاسِقَ فَهُوَ إِذَا كَانَ يَنْبُتُ فِي أَرْضٍ أُخْرَى وَقَالَ أَصْبَغُ: لَكَ أَخذه كَانَ ينبث أَمْ لَا وَلَكَ تَرْكُهُ وَأَخْذُ الْقِيمَةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: اخْتُلِفَ فِي الْمَوْزُونِ وَالْمَكِيلِ إِذَا كَانَ يُحَرَّمُ فِيهِ التَّفَاضُلُ كَالنَّقْدَيْنِ وَالْقَمْحِ أَوْ لَا يُحَرَّمُ كَالْحَدِيدِ وُضِعَ جَمِيعُ ذَلِكَ فِي أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ: كُلُّ ذَلِكَ فَوْتٌ أَمْ لَا وَإِذَا أَخَذَ هَلْ يَغْرَمُ لِلصَّنْعَةِ شَيْئًا أَمْ لَا؟ وَإِذَا غَرِمَ هَلْ قِيمَةَ الصَّنْعَةِ أَوْ مَا زَادَتْ وَإِذَا امْتَنَعَ هَلْ يَكُونَانِ شَرِيكَيْنِ؟ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَيْسَ لَهُ إِلَّا مَا غَصَبَ وَقِيلَ: لَهُ أَخْذُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ بِغَيْرِ شَيْءٍ لِأَنَّ الصَّنْعَةَ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ لَيْسَتْ عَيْنًا قَائِمَةً فَهِيَ كَالْجَصِّ وَالتَّزْوِيقِ وَقِيلَ: إِن كَانَت قِيمَته الصَّنْعَةِ يَسِيرَةً فَلَا شَيْءَ لَهَا وَإِنْ كَانَ لَهَا قَدْرٌ وَزَادَتْ فِي الْقِيمَةِ فَلَا يَأْخُذُ إِلَّا بِقِيمَةِ الصَّنْعَةِ أَوْ يَكُونَانِ شَرِيكَيْنِ قَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ وَقِيلَ إِنْ جَازَ التَّفَاضُلُ فِيهِ فَلَكَ الْأَخْذُ وَدَفْعُ الْأُجْرَةِ وَإِلَّا فَلَكَ الْمِثْلُ وَلَا تَأْخُذهُ لَيْلًا يظلم الْغَاصِب ونفياً للربا لَيْلًا يَصِيرَ فِضَّةً بِفِضَّةٍ وَزِيَادَةٍ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ: وَأَرَى أَنْ يُقَالَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ إِنِ اخْتَرْتَ فِي نَفْسِكَ أَحَدَ الْأَمْرَيْنِ: الْأَخْذَ أَوِ التَّضْمِينَ يَحْرُمُ عَلَيْكَ الِانْتِقَالُ إِلَى الْآخَرِ لِأَنَّهُ رِبًا وَيُوكَلُ فِي ذَلِكَ إِلَى أَمَانَتِهِ وَقَالَ (ش) لَكَ إِلْزَامُهُ بِرَدِّ اللَّبَنِ تُرَابًا وَالْفِضَّةِ المسبوكة مَسْبُوكَةً وَالتُّرَابِ إِلَى حُفَرِهِ وَإِنْ زَادَتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ فِي الْمَغْصُوبِ بِخِلَافِ هَدْمِ الْجِدَارِ لِتَعَذُّرِ رَدِّهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مُنَضَّدًا مِنْ غَيْرِ مِلَاطٍ وَلَوْ غَصَبَ بَيْضَةً فَحَضَنَهَا أَوْ عَصِيرًا فَصَارَ خَلًّا رَدَّ الْخَلَّ وَالْفَرْخَ لِأَنَّهُ عَيْنُ مَالِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَفِي ضَمَانِ الْبَيْضَةِ عِنْدَهُمْ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا لَا يَجِبُ لِأَنَّ الْبَيْضَةَ صَارَتْ مَدَرَة لَا قِيمَةَ لَهَا وَالثَّانِي يَجِبُ لِلْيَدِ الْعَادِيَّةِ وَكَذَلِكَ يَأْخُذُ الزَّرْعَ وَفِي ضَمَانِ الْبَذْرِ عِنْدَهُمْ وَجْهَانِ وَلَوْ غَصَبَ خَمْرًا فَتَخَلَّلَ أَوْ جِلْدَ الْمَيْتَةِ فَدَبَغَهُ رَدَّ مَا غَصَبَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا لِأَن الْملك إِنَّمَا حصل فِي مُدَّة وَلَا يَضْمَنُهُ عِنْدَهُمْ إِذَا تَلِفَ قَبْلَ الدِّبَاغِ وَيُرَدُّ عِنْدَهُمُ الْخَشَبَةُ الْمَبْنِيُّ عَلَيْهَا وَإِنْ هَدَمْتَ قَصْرًا وَوَافَقَهُمُ ابْنُ حَنْبَلٍ هَدْمًا لِلْعُدْوَانِ وَخَالَفَ أَبُو حنيفَة نَفْيًا لِضَرَرِ الْغَاصِبِ وَكَذَلِكَ اللَّوْحُ فِي السَّفِينَةِ يَأْخُذُهُ عِنْدَهُمْ إِذَا لَمْ يُؤَدِّ ذَلِكَ إِلَى غَرَقِهِ وَلَا غَرَقِ غَيْرِهِ وَلَا إِذْهَابِ مَالِ غَيْرِهِ وَإِنْ أَذْهَبَ أَمْوَالَ الْغَاصِبِ لِأَنَّهُ الْمُغَرِّرُ بِأَمْوَالِهِ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ: لَا يَأْخُذُهُ حَتَّى يَصِلَ إِلَى الْبَرِّ صِيَانَةً لِمَالِ الْغَاصِبِ وَقَالَ (ح) إِذَا صَارَ اللَّبَنُ الْحَلِيبُ مَخِيضًا أَوِ الْعَصِيرُ أَوِ الْعِنَبُ زَبِيبًا أَوِ الرُّطَبُ تَمْرًا خُيِّرْتَ بَيْنَ أَخْذِهِ بِغَيْرِ شَيْءٍ وَتَضْمِينِهِ الْمِثْلَ وَلَا تَأْخُذْ أَرْشًا لِأَنَّهَا رِبَوِيَّاتٌ وَلَوْ ضَرَبَ الْعَيْنَ دَرَاهِمَ لَكَ أَخْذُهَا بِغَيْرِ أُجْرَةٍ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ وَإِذَا خَلَّلَ خَمْرَ الْمُسْلِمِ لَهُ أَخْذُهَا عِنْدَ (ح) لِأَنَّهَا تُمَلَّكُ عِنْدَهُ وَإِذَا وَكَّلَ ذِمِّيًّا فِي شِرَائِهَا أَوِ اشْتَرَاهَا عَبْدُهُ الْمَأْذُونُ لَهُ النَّصْرَانِي وَيَأْخُذهُ عِنْدَهُ جِلْدَ الْمَيْتَةِ وَيُعْطِي مَا زَادَ الدَّبَّاغَ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ: يُجْبَرُ عَلَى رَدِّ التُّرَابِ الْمُزَالِ مِنَ الْأَرْضِ وَأَصْلُ الْمَسْأَلَةِ فِي الْخَشَبَةِ وَاللَّوْحِ فِي السَّفِينَةِ: أَنَّهَا بِالْبِنَاءِ هَلِ انْتَقَلَتْ عَنْ حُكْمِ الْعَيْنِيَّةِ إِلَى أَنْ صَارَتْ وَصْفًا لِلْبِنَاءِ فَتَكُونُ تَبَعًا فَلَا تُرَدُّ أَوْ هِيَ بَاقِيَةٌ فَتُرَدُّ؟ وَأَصْلٌ آخَرُ عِنْدَ (ش) وَهُوَ أَنَّ الْمَغْصُوبَةَ لَا تَكُونُ سَبَبًا لِلْمِلْكِ وَبَنَى عَلَيْهِ عَدَمَ مِلْكِ الْغَلَّاتِ لَنَا: قَوْله تَعَالَى {إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاس} وَالْغَاصِبُ ظَالِمٌ فَعَلَيْهِ السَّبِيلُ فِي الْقَلْعِ وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «لَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ» فَلَا يَسْتَحِقُّ بِهِ الْخَشَبَةَ أَوْ نَقُولُ تَصَرَّفَ فِي ملك الْغَيْر تَعَديا وَيحْتَمل النَّقْص وَالْإِبْطَالَ مِنْ غَيْرِ تَغْيِيرِ خَلْقِهِ وَاسْمِهِ فَلَا يَبْطُلُ حَقُّ الْمَالِكِ مِنَ الْعَيْنِ أَصْلُهُ: السَّاحَةُ إِذَا بُنِيَ فِيهَا وَلَا يَرُدُّ الْخَيْطَ يُخَاطُ بِهِ جُرْحُ الْحَيَوَانِ فَإِنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ النَّقْضَ لِأَنَّ لَهُ حُرْمَةً وَلَا إِذَا عَمِلَهَا بَابًا لِتَغَيُّرِ الِاسْمِ وَالْحَقِيقَةِ احْتَجُّوا: بِأَنَّ التَّصَرُّفَ يَمْنَعُ الْأَخْذَ كَمَا يَمْنَعُ الرُّجُوعَ فِي الْهِبَةِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» فَلَا يُضَرُّ الْغَاصِبُ بِهَدِّ بُنْيَانِهِ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى الْخَيْطِ الَّذِي خَاطَ بِهِ جُرْحَ الْحَيَوَانِ أَوْ بَلَعَ لِغَيْرِهِ جَوْهَرَةً وَبِالْقِيَاسِ عَلَى مَا إِذَا بَنَى وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا لِغَيْرِهِ أَوْ بِالْقِيَاسِ عَلَى مَا إِذَا بَنَى حَوْلَهَا قُبَّةً فَإِنَّهُ بَنَى بِحَقٍّ لَمْ يَعْتَمِدْ عَلَى الْخَشَبَةِ فَلَا يُهَدُّ قِيَاسًا عَلَى بِنَاءِ الْقُبَّةِ حَوْلَهَا وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ: أَنَّ لِلْمَوْهُوبِ تصرف فِي مِلْكِهِ فَكَانَ تَصَرُّفُهُ مُعْتَبَرًا بِخِلَافِ الْغَاصِبِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّهُ مُشْتَرَكُ الدَّلَالَةِ لِأَنَّ مَنْعَ الْمَالِكِ إِضْرَارٌ بِهِ بَلْ هُوَ أَوْلَى لِأَنَّهُ غَيْرُ ظَالِمٍ بِخِلَافِ الْغَاصِبِ وَأَجْمَعْنَا عَلَى إِضْرَارِ الْغَاصِبِ فِي الْعَرْصَةِ إِذَا بَنَى فِيهَا وَغَيَّرَهَا فَيُحْمَلُ الْخَبَرُ عَلَى نَفْيِ الضَّرَرِ بِغَيْرِ حَقٍّ وَلِأَنَّهُ مُعَارَضٌ بِمَا هُوَ أَخَصُّ مِنْهُ وَهُوَ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ «لَيْسَ لِعَرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ» وَالْأَخَصُّ مُقَدَّمٌ عَلَى الْعَامِّ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّ حُرْمَةَ الْحَيَوَانِ أَعْظَمُ مِنَ الْبُنْيَانِ وَكَذَلِكَ لَا يمْنَع فضل المَاء لأجل الْحَيَوَان وتحوز مِنْهُ لِأَجْلِ الْمَالِ مَعَ أَنَّ مِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ بِرَدِّ الْخَيْطِ إِذَا خَاطَ بِهِ بَهِيمَةً وَأَمَّا إِنْ خَاطَ بِهِ خِنْزِيرًا أَوْ كَلْبًا عَقُورًا رُدَّ قَوْلًا وَاحِدًا فَإِنْ كَانَ مَأْكُولًا قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا يَحْتَمِلُ الرَّدَّ وَذَبْحَ الْحَيَوَانِ أَو يرد وَلَا يذبح لنَهْيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَبْحِ الْحَيَوَانِ لِغَيْرِ مَأْكَلَةٍ فَإِنْ خَيَّطَ بِهِ جُرْحَ آدَمِيٍّ فَاسْتَحَقَّ الْمُسْتَحِقُّ لِلْخَيْطِ عَلَيْهِ الْقصاص بالاحتمالان كَالْمَأْكُولِ اللَّحْمِ وَأَمَّا الْجَوْهَرَةُ فَإِنْ بَلَعَهَا بِغَيْرِ تَفْرِيطِ صَاحِبِهِ فَكَالْخَيْطِ فِي مَأْكُولِ اللَّحْمِ أَوْ بِغَيْر تَفْرِيط لايجب الرَّدُّ لِعَدَمِ التَّعَدِّي لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ «جُرْحُ الْعَجْمَاءِ جُبَارٌ» وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَعْلَمْ فَلَهُ شُبْهَةٌ يَشْهَدُ لَهُ أَخْذُ الْبِنَاءِ بِقِيمَتِهِ قَائِمًا وَفِي الْغَصْبِ مَعَ الْعِلْمِ مَنْقُوضًا وَعَنِ الْخَامِسِ: أَنَّهُ يَجِبُ نَقْضُ الْقُبَّةِ لِأَنَّهُ قَصَدَ بِهَا الْحَيْلُولَةَ بَيْنَ الْمَالِكِ وَمِلْكِهِ كَمَا لَوْ بَنَى عَلَيْهِ الْبَابَ حَتَّى لَا يَخْرُجَ فَإِنَّهُ يَجِبُ هَدُّ الْبَابِ.
فرع:
قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ أَشْهَبُ: إِذَا غَصَبَ بَيْضَةً فَحَضَنَهَا تَحْتَ دَجَاجَةٍ لَهُ الْفَرْخُ وَعَلَيْهِ بَيْضَةٌ مِثْلُهَا كَغَاصِبِ الْقَمْحِ يَزْرَعُهُ قَالَ سُحْنُونُ الْفَرْخُ لِصَاحِبِ الْبَيْضَةِ وَعَلَيْهِ قِيمَةُ مَا حَضَنَتْ دَجَاجَتُهُ لِأَنَّهُ نَشَأَ عَنْ مِلْكِهِ وَلَوْ غَصَبَ حَمَامَةً فَزَوَّجَهَا حَمَامًا لَهُ فَبَاضَتْ فَأَفْرَخَتْ فَلَكَ الْحَمَامَةُ وَالْفَرْخُ وَلَا شَيْءَ لَهُ فِي إِعَانَةِ حَمَامَةِ الذَّكَرِ وَلَك قيمَة حضانتها قيمًا حَضَنَتْ مِنْ بَيْضٍ غَيْرِهَا وَلَا شَيْءَ لَكَ فِيمَا حَضَنَهُ غَيْرُهَا مِنْ بَيْضِهَا مِثْلِهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَيْكَ ضَرَرٌ فِي تَكَلُّفِ حَمَامٍ يَحْضُنُهُمْ فَتُغَرِّمَهُ الْقِيمَةَ.
فرع:
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إِذَا تَسَوَّقَ بِسِلْعَةٍ فَأَعْطَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ ثَمَنًا ثُمَّ يَسْتَهْلِكُهَا رَجُلٌ ضَمِنَ مَا أُعْطِيَ فِيهَا وَلَا يَنْظُرُ لِقِيمَتِهَا إِذَا كَانَ الْعَطَاءُ قَدْ تَوَاطَأَ عَلَيْهِ النَّاسُ وَلَوْ أَرَادَ الْبَيْعَ بَاعَ لِأَنَّ هَذَا تَعْيِينُ قِيمَةٍ وَقَالَ سُحْنُونُ بَلْ قِيمَتُهَا لِأَنَّهُ الْقَاعِدَةُ وَقَالَ عِيسَى يَضْمَنُ الْأَكْثَرَ لوُجُود السببين.
فرع:
قَالَ: قَالَ أَشْهَبُ: إِذَا صَالَحْتَ الْغَاصِبَ لِلْبَصْرَةِ على كيل مثل الْقَمْح وَقد كَانَ الْتِزَام الْقِيمَةَ بِحُكْمٍ أَوْ بِصُلْحٍ جَازَ أَخْذُ كَيْلٍ بِالْقِيمَةِ.
فرع:
قَالَ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا غَصَبَ نَصْرَانِيٌّ سَفِينَةَ مُسْلِمٍ وَحَمَّلَ فِيهَا خَمْرًا أَخَذْتَ مِنْهُ الْكِرَاءَ وَتَصَدَّقْتَ بِهِ وَلَهُ عَلَى الْمُسْلِمِ كِرَاءُ السَّفِينَةِ فِيمَا أَبْطَلَهَا وَلَا يُنْظَرُ إِلَى كِرَاءِ الْخَمْرِ.
فرع:
فِي التَّلْقِينِ إِنْ رَدَّهُ زَائِدَ الْبَدَلِ لَزِمَكَ أَخْذُهُ وَبَرِئَ الْغَاصِبُ كَالصَّغِيرِ يَكْبَرُ وَالْعَلِيلِ يَصِحُّ وَالْمَهْزُولِ يَسْمُنُ لِرَدِّهِ مَا أَخَذَ وَهُوَ الَّذِي يَلْزَمُهُ أَوْ نَاقِصًا خُيِّرْتَ بَيْنَ إِسْلَامِهِ وَتَضْمِينِهِ الْقِيمَةَ يَوْمَ الْغَصْبِ لِأَنَّ هَذِهِ عَيْنٌ أُخْرَى أَوْ تَأْخُذُهُ لِأَنَّ الْبَاقِيَ عَيْنُ مِلْكِكَ ثُمَّ ذَلِكَ النَّقْصُ إِنْ كَانَ سَمَاوِيًّا لَا بِفِعْلِ الْغَاصِبِ لَمْ تَتْبَعْهُ بِشَيْءٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَهْلِكْ بِتَعَدِّيهِ أَوْ بِفِعْلِهِ فَهَل تتبعه بالارش لتعديه فِي التنقيص أَو لَيْسَ لَكَ إِلَّا أَخْذُهُ بِغَيْرِ أَرْشٍ أَوْ إِسْلَامُهُ وَأَخْذُ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْغَصْبِ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِالْقِيمَةِ كُلِّهَا مِنْ غَيْرِ تَفْرِيقٍ عَلَى الْغَاصِبِ؟ رِوَايَتَانِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي زِيَادَةٍ طَرَأَتْ عِنْدَهُ ثُمَّ ذَهَبَتْ فِي بَدَنٍ أَوْ قِيمَةٍ وَلَا لَهُ قِيمَتُهَا كَتَعْلِيمِ صَنْعَةٍ أَوْ حَوَالَةِ سُوقٍ لِأَنَّ هَذِهِ لَمْ يَتَنَاوَلْهَا الْغَصْبُ إِنَّمَا تَنَاوَلَ الْأَصْلَ لِأَنَّ الْغَصْبَ فِعْلٌ وَلَمْ يَقَعْ فِي هَذِهِ الزَّوَائِدِ بَلْ هَذِهِ كَالثَّوْبِ تُلْقِيهِ الرِّيحُ فِي بَيْتِهِ قَالَ صَاحِبُ الْخِصَالِ إِنِ انْهَدَمَتِ الدَّارُ بِفِعْلِهِ أَوْ بِغَيْرِ فِعْلٍ ضَمِنَهَا لِأَنَّ الْيَد العادية مُوجبَة للضَّمَان حَتَّى ترد مَا رَدَّتْ فَيُضْمَنُ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِنْ تَعَيَّبَ أَوْ زَالَت جَارِحَةٌ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ لَكَ أَخْذُهُ بِغَيْرٍ أَرْشٍ وَأخذ الْقِيمَةِ يَوْمَ الْغَصْبِ أَوْ بِجِنَايَةِ الْغَاصِبِ فَقِيمَتُهُ يَوْمَ الْغَصْبِ أَوْ أَخْذُهُ مَعَ الْأَرْشِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَقَالَ سُحْنُونُ هُوَ كَالْأَوَّلِ أَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ ثُمَّ ذَهَبَ فَلَا يُؤْخَذُ الْغَاصِبُ بِالنَّقْصِ بَلِ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْغَصْبِ وَيَتْبَعُ الْغَاصِبُ الْجَانِيَ بِالنَّقْصِ وَلَا يُرَاعِي حَوَالَةَ السُّوقِ أَصْلًا وَقَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ عَنْ مَالِكٍ إِنْ وَجَدْتَ الْمَغْصُوبَ عِنْدَ مُشْتَرِيهِ مِنَ الْغَاصِبِ حَالَتْ سُوقُهُ لَكَ تَضْمِينُ الْغَاصِبِ الْقِيمَةَ قَالَ التِّلْمِسَانِيُّ مَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ إِذَا هَلَكَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي مِنَ الْغَاصِبِ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ خُيِّرْتَ بَيْنَ أَخْذِهِ نَاقِصًا بِغَيْرِ شَيْءٍ أَوِ الْقِيمَةِ يَوْمَ الْغَصْبِ أَوِ الثَّمَنِ وَلَا ضَمَان على الْمُبْتَاع وَيصدق فِيهَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَيَحْلِفُ فِيمَا يُغَابُ عَلَيْهِ لَقَدْ هَلَكَ وَيَغْرَمُ الْقِيمَةَ إِلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ بِهَلَاكِهِ مِنْ غَيْرِ سَبَبِهِ.
فرع:
فِي التَّلْقِينِ: يَقْلَعُ زَرْعَهُ إِلَّا أَنْ يَفُوتَ إِبَّانُهُ فَلَكَ الْأُجْرَةُ لِعَدَمِ فَائِدَتِكَ فِي أَخْذِ الْأَرْضِ لِفَوَاتِ الْإِبَّانِ وَقِيلَ لَكَ الْقَلْعُ لِأَنَّ الْأَرْضَ مِلْكُكَ قَالَ التِّلْمِسَانِيُّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا كَانَ الزَّرْعُ صَغِيرًا لَا يَنْتَفِعُ بِهِ مَقْلُوعًا أُخِذَ بِلَا ثَمَنٍ وَلَا زَرِيعَةٍ كَالنَّقْشِ وَالتَّزْوِيقِ فِي الْبِنَاءِ فَإِنْ فَاتَ الْإِبَّانُ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: مَا تَقَدَّمَ فِي التَّلْقِينِ وَالثَّالِثُ يَتَعَيَّنُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِأَنَّهُ لَا يَنْتَفِعُ بِالْأَرْضِ إِذَا أَخَذَهَا وَلَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ قَالَ مَالِكٌ فَإِنْ أَسْبَلَ فَلَا يُقْلَعُ لِأَنَّ قَلْعَهُ مِنَ الْفَسَادِ الْعَامِّ لِلنَّاسِ.
فرع:
فِي النَّوَادِرِ: قَالَ مَالِكٌ وَجَمِيعُ أَصْحَابِهِ إِذَا غَابَ عَلَى الْأَمَةِ الرَّائِعَةِ وَلَا يَعْلَمُ أَوِطِئَهَا أَمْ لَا فَذَلِكَ فَوْتٌ وَيُخَيَّرُ فِي قِيمَتِهَا أَوْ أَخْذِهَا بِقِيمَتِهَا وَلَوْ وَجَدْتَهَا فِي يَدِ الْمُبْتَاعِ بِحَالِهَا أَوْ أَحْسَنَ فَلَكَ أَخْذُهَا أَوِ الثَّمَنُ مِنَ الْغَاصِبِ أَوْ قِيمَتُهَا وَإِنْ غَابَ عَلَيْهَا فَكَمَا تَقَدَّمَ لِأَنَّ الْغَيْبَةَ تُنْقِصُ الرَّغْبَةَ فِيهَا فَهُوَ نَقْصٌ وَقَالَ مُطَرِّفٌ وَعَبْدُ الْمَلِكِ لَيْسَ لَهُ إِلَّا الْجَارِيَةُ لِضِعْفِ هَذِهِ التُّهْمَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالْهَرَمُ فِي الْجَارِيَةِ عِنْدَ الْغَاصِبِ فَوْتٌ لَكَ أَخْذُهَا وَلَكَ تَضْمِينُ الْقِيمَةِ قَالَ أَشْهَبُ كَانَ الْكِبَرُ وَالْهَرَمُ يَسِيرًا أَوْ كَثِيرًا وَكَذَلِكَ لَوِ انْكَسَرَتْ ثَدْيَاهَا قَالَ مُحَمَّدٌ أَمَّا لَوْ كَبِرَتْ وَهَرِمَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَلَيْسَ لَكَ إِلَّا الْجَارِيَةُ مِنْ غَيْرِ خِيَارٍ أَوْ تَأْخُذُ الثَّمَنَ أَوِ الْقِيمَةَ يَوْمَ الْغَصْبِ لِتَعَدِّيهِ.
فرع:
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إِذَا جَحَدَكَ شَرِيكُكَ الْأَمَةَ حَتَّى وَلَدَتِ الْأَوْلَادَ وَبَاعَ مِنْهُم وَأعْتق وَمَات بَعضهم ثمَّ ثبتَتْ الْحَقَّ فَلَكَ نِصْفُ قِيمَتِهِ الْيَوْمَ وَإِنْ كَانَ مُعْدِمًا تَمَسَّكْتَ بِنَصِيبِكَ مِنْهُ وَلَكَ نِصْفُ الثَّمَنِ الْمَبِيعِ إِنْ شِئْتَ وَإِنْ شِئْتَ الرَّأْسَ وَلَا شَيْءَ لَكَ فِيمَنْ مَاتَ مِمَّنْ أُعْتِقَ أَوْ لَمْ يُعْتَقْ وَلَمْ يَبِعْ وَقَالَ مُحَمَّدٌ هُوَ كَالْغَاصِبِ إِنْ تَمَسَّكْتَ بِالْأَمَةِ فَلَكَ حَقُّكَ فِي الْوَلَدِ إِلَّا مَنْ مَاتَ وَلَكَ نِصْفُ ثَمَنِ الْمَبِيع.