فصل: الرُّكْنُ الثَّالِث الْمَوْقُوف:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة (نسخة منقحة)



.الرُّكْنُ الثَّالِث الْمَوْقُوف:

وَفِي الْكِتَابِ وَقْفُ الرَّقِيقِ وَالدَّوَابِّ وَالثِّيَابِ وَالسُّرُوجِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَيُسْتَعْمَلُ وَلَا يُبَاعُ.
قَالَ اللَّخْمِيُّ: الْحَبْسُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ:
الْأَوَّلُ الْأَرْضُ وَنَحْوُهَا فالديار وَالْحَوَانِيتِ وَالْحَوَائِطِ وَالْمَسَاجِدِ وَالْمَصَانِعِ وَالْآبَارِ والقناطر والمقابر والطرق فَيجوز وَالثَّانِي الْحَيَوَان كَالْعَبْدِ وَالْخَيْلِ وَغَيْرِهَا وَالثَّالِثُ السِّلَاحُ وَالدُّرُوعُ وَفِيهَا أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ الْجَوَازُ فِي الْكِتَابِ وَقَالَهُ (ش) وَأَحْمَدُ لِأَنَّ كُلَّ عَيْنٍ يَصِحُّ الِانْتِفَاعُ بِهَا مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهَا صَحَّ وَقْفُهَا لِأَنَّهُ مُوفٍ بِحِكْمَةِ الْوَقْفِ وَقِيلَ يَمْتَنِعُ وَقَالَهُ (ح) وَمَنَعَ وَقْفَ الْمَنْقُولَاتِ لِأَنَّ وَقْفَ السَّلَفِ كَانَ فِي الْعَقَارِ وَقِيَاسًا عَلَى الطِّيبِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْمِقْدَادَ حَبَسَ أَدْرُعَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَهِيَ مَنْقُولَاتٌ وَعَنِ الثَّانِي الْفَرْقُ بِأَنَّ الطِّيبَ لَا يَبْقَى عَيْنُهُ بِخِلَافِ صُورَةِ النِّزَاعِ وَقِيلَ يَجُوزُ فِي الْخَيْلِ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي غَيْرِهَا وَعَنْ مَالِكٍ اسْتِثْقَالُ حَبْسِ الْحَيَوَانِ وَقَالَ فِي الرَّقِيقِ مَنْعَهُ مَا يُرْجَى لَهُ مِنِ الْعِتْقِ وَظَاهِرُهُ يَقْتَضِي تَخْصِيصَ الْكَرَاهَةِ لِلرَّقِيقِ وَفِي مُسْلِمٍ أَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَصَابَ أَرْضًا بِخَيْبَرَ فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَأْمِرُهُ فِيهَا فَقَالَ إِنِّي أَصَبْتُ أَرْضًا بِخَيْبَرَ لم أصب مَا لَا قَطُّ هُوَ أَنْفَسُ عِنْدِي مِنْهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنْ شِئْتَ حَبَسْتَ أَصْلَهَا وَتَصَدَّقْتَ بِهَا فَتَصَدَّقَ بِهَا لَا تُبَاعُ وَلَا تُوهَبُ وَلَا تُورَّثُ فِي الْفُقَرَاءِ وَذِي الْقُرْبَى وَفِي الرِّقَابِ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَالضَّيْفِ لَا جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهَا أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا بِالْمَعْرُوفِ وَيُطْعِمَ صَدِيقًا غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ فِيهَا وَفِي الْبُخَارِيِّ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ حَبَسَ فَرَسًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِيمَانًا بِاللَّهِ وَتَصْدِيقًا بِوَعْدِهِ فَإِنَّ شِبَعَهُ وَرَوَثَهُ فِي مِيزَانِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَفِيهِ أَنَّ خَالِدًا حَبَسَ دِرْعَهُ وَأَعْمَرَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَفِي مُسْلِمٍ إِذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ أَوْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ يُرِيدُ الْحَبْسَ وَوَقَفَ عُثْمَانُ وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ وَزَيْدُ بْنُ ثَابت وَعَمْرو بن العَاصِي وَكُلُّ مَنْ لَهُ ثَرْوَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَقَفَ رَضِي اللَّهُمَّ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ وَقَالَ شُرَيْحٌ لَا حَبْسَ عَنْ فَرَائِضِ اللَّهِ فَقِيلَ لِمَالِكٍ ذَلِكَ فَقَالَ تَكَلَّمَ شُرَيْحٌ فِي بَلَدِهِ وَلَمْ يَقْدُمِ الْمَدِينَةَ فَيَرَى أحباس الصَّحَابَة وأزواجه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذِه أوقافه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِسْعَة.
فَوَائِد:
إِحْدَاهَا: قَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ لَيْسَ عَلَى ظَاهِرِهِ بَلِ الْمُرَادُ ثَوَابُ عَمَلِهِ إِذِ الْعَمَلُ عَرَضٌ لَا يَسْتَمِرُّ بَلْ يَذْهَبُ زَمَانُهُ بِهِ فَالْإِخْبَارُ عَنْهُ عَبَثٌ.
وَثَانِيهَا: أَنَّهُ يُثَابُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ ثَوَابَ الْوَسَائِلِ فَإِنَّ تَعْلِيمَهُ وَإِقْرَاءَهُ وَتَصَانِيفَهُ أَسْبَابٌ لِلِانْتِفَاعِ بهَا بعد مَوته وَدُعَاء الْوَلَد ناشي عَن سَببه فِي النَّسْل والاتفاق بِالْوَقْفِ ناشى عَن تحبيسه فَالْكل فِي حَبسه وتسببه.
وَثَالِثهَا: أَن الدُّعَاء لَيْسَ خَالِصا بِالْوَلَدِ بَلْ كُلُّ مَنْ دَعَا لِشَخْصٍ رَجَاءَ نَفْعِهِ بِدُعَائِهِ قَرِيبًا كَانَ أَوْ أَجْنَبِيًّا وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ ثَوَابَ الدُّعَاءِ يَحْصُلُ لِلْمَدْعُوِّ لَهُ بَلْ مُتَعَلِّقُ الدُّعَاءِ وَمَدْلُولُهُ لُغَةً فَصَارَ ذِكْرُ الْوَلَدِ مَعَهُمَا مُشْكِلًا وَجَوَابُهُ أَنَّ الْوَلَدَ أَكْثَرُ دُعَاءً لِأَنَّ دَاعِيَةَ الْقَرَابَةِ تَحُثُّهُ بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَلِذَلِكَ خَصَّصَهُ بِالصَّالِحِ لِأَنَّ الصَّلَاحَ مَعَ الْبُنُوَّةِ نظمة كَثْرَةِ الدُّعَاءِ وَإِجَابَتِهِ فَكَانَ أَوْلَى بِالذِّكْرِ مِنْ غَيْرِهِ.
فرع:
- فِي الْجَوَاهِرِ يَصِحُّ وَقْفُ الشَّائِعِ وَقَالَهُ (ش) وَأَحْمَدُ وَمَنَعَهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ لِتَعَذُّرِ الْقَبْضِ عِنْدَهُ فِيهِ لَنَا أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَقَفَ مِائَةَ سهم من خَيْبَر بِإِذْنِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِأَنَّهُ مُمْكِنُ الْقَبْضِ اللَّائِقِ بِهِ كَالْبَيْعِ وَقِيَاسًا عَلَى الْعِتْقِ قَالَ اللَّخْمِيُّ فِي كِتَابِ الشُّفْعَةِ إِنْ كَانَتِ الدَّارُ تَحْمِلُ الْقَسْمَ جَازَ لِعَدَمِ تَضَرُّرِ الشَّرِيكِ إِنْ كَرِهَ قَاسِمٌ بَعْدَ الْحَبْسِ وَإِلَّا فَلَهُ رَدُّ الْحَبْسِ لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْبَيْعِ لِجَمِيعِهَا فَإِنْ فَسَدَ فِيهَا شَيْءٌ لَمْ يَجِدْ مَنْ يُصْلِحُ مَعَهُ وَإِذَا كَانَ عُلُوٌّ لِرَجُلٍ وَسُفْلٌ لِآخَرَ لِصَاحِبِ الْعُلُوِّ رَدُّ تَحْبِيسِ السُّفْلِ لِأَنَّهُ لَا يَجِدُ مَنْ يُصْلِحُ لَهُ السُّفْلَ إِذَا احْتَاجَ إِلَيْهِ وَمِنْ حَقِّهِ أَن يحمل لَهُ عُلُوُّهُ وَلِصَاحِبِ السُّفْلِ رَدُّ تَحْبِيسِ الْعُلُوِّ لِأَنَّهُ قَدْ يَخْلَقُ فَيَسْقُطُ عَلَيْهِ وَلَا يَجِدُ مَنْ يُصْلِحُ وَتَحْبِيسُ شِرْكٍ مِنْ حَائِطٍ فَهُوَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الدَّارِ.
فَرْعٌ:
قَالَ يَجُوزُ وَقْفُ الْأَشْجَارِ لِثِمَارِهَا وَالْحَيَوَانَاتِ لمنافعها وأوصافها وَأَلْبَانِهَا وَاسْتِعْمَالِهَا وَإِذَا قُلْنَا بِالْجَوَازِ فِي الْحَيَوَانِ وَقَعَ لَازِمًا أَوْ بِالْكَرَاهَةِ وَفِي اللُّزُومِ رِوَايَتَانِ.
فرع:
قَالَ وَيمْتَنع وَقْفُ الدَّارِ الْمُسْتَأْجَرَةِ لِاسْتِحْقَاقِ مَنَافِعِهَا لِلْإِجَارَةِ فَكَأَنَّهُ وَقْفَ مَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ وَوَقْفُ مَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ لَا يَصِحُّ وَيُمْتَنَعُ وَقْفُ الطَّعَامِ لِأَنَّ مَنْفَعَتَهُ فِي اسْتِهْلَاكِهِ وَشَأْنُ الْوَقْفِ بَقَاءُ الْعَيْنِ.

.الرُّكْنُ الرَّابِعُ مَا بِهِ يَكُونُ الْوَقْف:

فِي.الْبَابُ الثَّانِي فِي شَرْطِهِ:

وَهُوَ الْحَوْزُ وَقَدْ تَقَدَّمَ دَلِيلُ اعْتِبَارِهِ وَقَدْ أُلْحِقَ بِالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْعَارِيَّةِ وَالْحَبْسِ بِجَامِعِ الْمَعْرُوفِ وَقَالَ (ش) وَأَحْمَدُ لَا يُشْتَرَطُ الْحَوْزُ قِيَاسًا عَلَى الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَلِأَنَّ عُمَرَ وَعَلِيًّا وَفَاطِمَة - رَضِي الله عَنْهُم - لم يزَالُوا يلوا صَدَقَاتِهِمْ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ الْفَرْقُ بِأَنَّهُ عَقْدٌ عرا عَن الْمُعَاوَضَةُ بِالْأَدِلَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي الْهِبَةِ.
فرع:
- فِي الْكِتَابِ إِذَا حَبَسَ نَخْلَ حَائِطٍ عَلَى الْمَسَاكِينِ فِي مَرَضِهِ وَالثُّلُثُ يَحْمِلُهُ وَلَمْ يُخْرِجْهُ مِنْ يَدِهِ حَتَّى مَاتَ نَفَذَ لِأَنَّهُ وَصِيَّةٌ لِقَرِينَةِ الْمَرَضِ لَا يُشْتَرَطُ حَوْزُهَا قَبْلَ الْمَوْتِ وَإِنْ حَبَسَ فِي صِحَّتِهِ مَا لَا غَلَّةَ لَهُ كَالسِّلَاحِ وَالْخَيْلِ وَلَمْ يُخْرِجْهَا حَتَّى مَاتَ بَطَلَتْ لِعَدَمِ الْحَوْزِ فِي الْحَيَاةِ وَإِنْ أَخْرَجَهَا فِي وَجْهِهَا وَعَادَتْ إِلَيْهِ نَفَذَتْ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ لِحُصُولِ الْحَوْزِ قَبْلَ الْمَوْتِ فَإِنْ أَخْرَجَ بَعْضَهَا نَفَذَ وَلَا يَجُوزُ مِنْ فِعْلِ الصَّحِيحِ إِلَّا مَا حَيَّزَ قَبْلَ الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا تَصَدَّقَ عَلَى وَلَدِهِ الصَّغِيرِ فَحَوْزُهُ لَهُ حَوْزٌ إِلَّا أَنْ يَسْكُنَ فِي الدَّارِ أَوْ جُلِّهَا حَتَّى مَاتَ فَيَبْطُلُ جَمِيعُهَا لِعَدَمِ الْحَوْزِ بِاسْتِيفَائِهِ الْمَنْفَعَةَ وَلَوْ سَكَنَ أَقَلَّ الدَّارِ الْكَبِيرَةِ وَأَكْرَى لَهُمْ بَاقِيهَا نَفَذَ الْجَمِيعُ لِأَنَّ الْأَقَلَّ تَبَعٌ لِلْأَكْثَرِ وَقَدْ حَبَسَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ دَارَيْهِمَا وَسَكَنَا مَنْزِلًا حَتَّى مَاتَا فَنَفَذَ الْجَمِيعُ وَلَا تَكْفِي الشَّهَادَةُ فِي الْمَرَضِ أَنَّهُمْ حَازُوا بَلْ حَتَّى تُعَايِنَ الْحَوْزَ لِأَنَّ الِاعْتِرَافَ بِالشَّيْءِ إِنَّمَا يَقُومُ مَقَامَ الشَّيْءِ فِي حَقِّ الْمقر خَاصَّة وَهُوَ هَهُنَا مُتَعَلِّقٌ بِالْوَارِثِ وَكَذَلِكَ الْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ وَالرُّهُونُ وَقَالَ أَشْهَبُ إِذَا كَانَ يُخْرِجُ الْأَسْلِحَةَ وَغَيْرَهَا ثُمَّ تُرَدُّ إِلَيْهِ بَعْدَ الرُّجُوعِ فَيَعْلِفُ الْخَيْلَ مِنْ عِنْدِهِ وَتُرَمُّ السِّلَاحُ وَيَنْتَفِعُ بِذَلِكَ فِي حَوَائِجِهِ وَيُعِيرُهُ لِإِخْوَانِهِ ثُمَّ يَمُوتُ فَهُوَ مِيرَاثٌ لِأَنَّهُ حَائِزٌ لِمَنَافِعِهِ وَلَيْسَ تَفْرِيقُ الْغَلَّةِ كَالسِّلَاحِ لِأَنَّ أَصْلَ النَّخْلِ بِيَدِهِ وَلَمْ يَخْرُجْ قَطُّ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إِنْ جَعَلَهَا بِيَدِ غَيْرِهِ يَحُوزُهَا وَيَدْفَعُ غَلَّتَهَا لِلْوَاقِفِ يَلِي تَفْرِيقَهَا جَازَ وَأَبَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ لِبَقَاءِ يَدِهِ قَالَ مَالِكٌ إِنْ حَبَسَ عَلَى مَنْ يَحُوزُ لِنَفْسِهِ وَلَمْ يَحُزْ حَتَّى مَرِضَ الْوَاقِفُ امْتَنَعَ الْحَوْزُ لِلْحَجْرِ وَإِنْ مَاتَ فَهُوَ مِيرَاثٌ وَكَذَلِكَ سَائِرُ النِّحَلِ قَالَ مَالِكٌ إِذَا حَبَسَ دَارًا أَوْ غَيْرَهَا فِي السَّبِيلِ وَجَعَلَ رَجُلًا يَلِيهَا يُكْرِي وَيَرُمُّ وَيُنْفِقُ فِي السَّبِيلِ ثُمَّ أَكْرَاهَا مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ وَنَفَذَ الْكِرَاءُ هُوَ مِيرَاثٌ لِأَنَّ إِجَارَتَهُ لَهُ اسْتِيلَاءٌ يَمْنَعُ الْحَوْزَ عَنْهُ وَكَذَلِكَ لَوْ حَبَسَهَا عَلَى وَلَدِهِ ثُمَّ أَكْرَاهَا مِنْهُمْ بِكِرَاءٍ يَدْفَعُهُ إِلَيْهِمْ أَوْ يَعْمَلُ فِي الْحَائِطِ مُسَاقَاةً فَذَلِكَ يُبْطِلُهُ قَالَ مَالِكٌ فَإِنْ حَبَسَ فَرَسًا عَلَى رَجُلٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَأَقَرَّهُ عِنْدَهُ لِيَعْلِفَهُ لَهُ وَيَقُومَ عَلَيْهِ حَتَّى يَغْزُوَ وَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ وَأَمْكَنَهُ مِنْ قَبْضِهِ فَتَرَكَهُ كَذَلِكَ حَتَّى مَاتَ الْمُعْطِي نَفَذَ لِأَنَّهُ كَانَ وَكِيلُهُ فَيَدُهُ يَدُهُ قَالَ مُحَمَّدٌ وَلَا يَصْلُحُ هَذَا إِلَّا فِي مِثْلِ الْفَرَسِ وَالسِّلَاحِ وَمَا لَا غَلَّةَ لَهُ قَالَ مَالِكٌ إِذَا حَيَّزَ عَنْهُ بَعْدَ سُكْنَاهُ زَمَانًا طَوِيلًا ثُمَّ رَجَعَ فَسَكَنَهُ بِكِرَاءٍ نَفَذَ إِنْ كَانَتِ الْحِيَازَةُ قَدْ ظَهَرَتْ قَالَ مُحَمَّدٌ هَذَا إِذَا حَازَ الْمُحْبَسُ عَلَيْهِ نَفْسُهُ أَوْ وَكِيلُهُ وَلَمْ يَكُنْ فيهم صَغِير وَلَا من لم يحو بَعْدُ أَمَّا مَنْ جَعَلَ ذَلِكَ بِيَدِ مَنْ يجوزه عَلَى الْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ حَتَّى يَقْدُمَ أَوْ يَكْبُرَ أَوْ يُولَدَ أَوْ كَانَ بِيَدِهِ هُوَ يُحَوِّزُهُ لِمَنْ يَجُوزُ حَوْزُهُ عَلَيْهِ ثُمَّ سَكَنَ قَبْلَ أَن يكبر الصَّغِير وَقبل أَن يجوز مَنْ ذَكَرْنَا بَطَلَتْ وَأَقَلُّ الْحِيَازَةِ عِنْدَ مَالِكٍ سنة قَالَ مَالك إِنْ حَبَسَ عَلَى عَبْدِهِ حَيَاتَهُ ثُمَّ عَلَى فُلَانٍ فَحَازَهُ الْعَبْدُ وَمَاتَ السَّيِّدُ لَا شَيْءَ لِلْأَجْنَبِيِّ لِأَنَّ عَبْدَهُ لَا يَحُوزُ عَنْهُ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الِانْتِزَاعِ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ وَكَذَلِكَ عَلَى وَلَدِهِ الصَّغِيرِ ثُمَّ عَلَى فُلَانٍ وَيُحَوِّزُهُ لِوَلَدِهِ ثُمَّ يَمُوتُ قَبْلَ بُلُوغِ الِابْنِ الْحَوْزَ بَطَلَ لِلْأَجْنَبِيِّ لِعَدَمِ الْحَوْزِ وَيَبْقَى لِلِابْنِ لِحَوْزِ أَبِيهِ لَهُ بِخِلَافِ حَبْسٌ عَلَيْكَ سِنِينَ ثُمَّ عَلَى فُلَانٍ فَحِيَازَةُ الْأَوَّلِ حِيَازَةٌ لِلثَّانِي لِخُرُوجِهِ عَنْ يَدِ الْوَاقِفِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا أَعْمَرَ لَهُ دَاره وَبعد الْحِيَازَة جعل مرجعها للْآخر لَا يكون حِيَازَة الأول حِيَازَة للثَّانِي إِن مَاتَ الْوَاقِفُ أَوْ فَلِسَ بِخِلَافِ إِذَا كَانَ ذَلِكَ فِي مُدَّةٍ حَتَّى يَكُونَ قَبْضُ الْأَوَّلِ قَبْضًا لِلْآخَرِ قَالَ مَالِكٌ حَبَسَ عَلَيْكَ حَيَاتَكَ ثُمَّ فِي السَّبِيلِ فَهُوَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ - إِنْ حَيَّزَ عَنْهُ وَقَوْلُهُ عَلَيْكَ حَيَاتِي ثُمَّ فِي السَّبِيلِ هُوَ مِنَ الثُّلُثِ لِجَعْلِهِ ذَلِكَ بَعْدَ الْمَوْتِ وَعَنْهُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ لِأَنَّهُ لَا يَرْجِعُ إِلَيْهِ وَلَا لِوَرَثَتِهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ يَخْتَلِفُ إِذَا لَمْ يُمْكِنُهُ صَرْفُ الْحَبْسِ فِيمَا حَبَسَ حَتَّى مَاتَ هَلْ يَنْفُذُ أَمْ لَا وَالْحَبْس أَصْنَاف مَا لَا يحْتَاج إِلَى حِيَازَة وَلَا تَبْقَى يَدُ الْمُحْبَسِ عَلَيْهِ كَالْمَسَاجِدِ وَالْقَنَاطِرِ وَالْمَوَاجِلِ وَالْآبَارِ بَلْ يَكْفِي التَّخْلِيَةُ وَمَا لَا يَصِحُّ بَقَاءُ يَدِ الْوَاقِفِ عَلَيْهِ وَيَجِبُ تَحْوِيزُهُ - وَهُوَ مَا كَانَ عَلَى مُعَيَّنٍ إِذَا كَانَ يَنْتَفِعُ بِعَيْنِهِ كَدَارِ السُّكْنَى وَعَبْدِ الْخِدْمَةِ وَدَابَّةِ الرُّكُوبِ وَمَا يَصِحُّ بَقَاءُ يَدِهِ عَلَيْهِ - إِذَا أَنْفَذَهُ فِي وَجْهِهِ - كَالْخَيْلِ يُغْزَى عَلَيْهَا وَالسِّلَاحِ وَالْكُتُبِ يُقْرَأُ فِيهَا - إِذَا لَمْ يَكُنِ الْحَبْسُ عَلَى مُعَيَّنٍ يَصِحُّ عَوْدُهُ إِلَيْهِ بَعْدَ قَبْضِهِ وَيَخْتَلِفُ إِذَا لَمْ يَأْتِ وَقْتٌ لِجِهَادٍ وَطَلَبِ الْغُزَاةِ حَتَّى مَاتَ هَلْ يَبْطُلُ أَمْ لَا وَلَوْ كَانَ يَرْكَبُ الدَّابَّةَ إِذَا عَادَتْ إِلَيْهِ لِيُرَوِّضَهَا لَمْ يَفْسُدْ حَبْسُهُ أَوْ يَرْكَبَهَا - كَمَا يَفْعَلُ الْمُلَّاكُ بَطَلَ حَبْسُهُ وَقِرَاءَةُ الْكُتُبِ إِذَا عَادَتْ إِلَيْهِ - خَفِيفٌ وَمَا اخْتَلَفَ هَلْ يَصِحُّ بَقَاءُ يَدِهِ عَلَيْهِ - وَهُوَ مَا عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ وَالْمُرَادُ غَلَّاتُهُ - كَالثِّمَارِ وَالْحَوَانِيتِ وَعَبِيدِ الْخَرَاجِ وَهَذَا الصِّنْفُ أَرْبَعَةُ أَصْنَافٍ فَإِنْ أَخْرَجَهُ مِنْ يَدِهِ وَأَقَامَ لِحَوْزِهِ وَإِنْفَاذِ غَلَّاتِهِ غَيْرَهُ صَحَّ وَإِنْ بَقِيَ فِي يَدِهِ - وَلَمْ يَعْلَمْ إِنْفَاذَ غَلَّاتِهِ بَطَلَ وَعَنْ مَالِكٍ النُّفُوذُ - وَهُوَ الْمُخْتَارُ - لِوُجُودِ الْحَوْزِ بِيَدِ الْغَيْرِ فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أَصْنَافٍ.
فَرْعٌ:
فِي الْجَوَاهِرِ إِذَا صَرَفَ مَنْفَعَتَهُ فِي مَصْلَحَتِهَا فَفِي كَوْنِ ذَلِكَ حَوْزًا إِنْ وَلِيَهُ ثَالِثُهَا فِي الْكِتَابِ الْفَرْقُ بَيْنَ إِخْرَاجِ الْغَلَّةِ كَالثَّمَرَةِ وَكِرَاءِ الْأَرْضِ فَيَبْطُلُ وَبَيْنَ إِخْرَاجِ الْعَيْنِ نَفْسِهَا كَالْفَرَسِ وَالسِّلَاحِ يُقَاتَلُ بِهِمَا ثُمَّ يَرْجِعَانِ إِلَيْهِ فَيَصِحُّ.
فَرْعٌ:
قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ إِنِ امْتَنَعَ الْمُحْبِسُ مِنَ الْحَوْزِ جُبِرَ عَلَيْهِ وَلَا يَبْطُلُ بِالتَّأْخِيرِ مَا لَمْ يَمُتْ أَوْ لِتَرَاخِي الْمُحْبَسِ عَلَيْهِ فِي الْقَبْضِ حَتَّى يَفُوتَهُ الْمُحْبِسُ نَظَائِرُ قَالَ الْعَبْدِيُّ يَتْبَعُ الْأَقَلُّ الْأَكْثَرَ فِي إِحْدَى عشرَة مسئلة إِذَا سَكَنَ أَقَلَّ الْحَبْسِ أَوِ الْهِبَةِ صَحَّ الْجَمِيعُ وَإِذَا اسْتَوَيَا صَحَّ فِي غَيْرِ الْمَسْكُونِ وَإِذَا اجْتَمَعَ الضَّأْنُ وَالْمَعْزُ أَخْرَجَ مِنَ الْأَكْثَرِ فِي زَكَاةِ الْإِبِلِ مِنْ غَالَبِ غَنَمِ الْبَلَدِ ضأنا كَانَ أَو معزا أَو السَّقْي والنضح يُزَكِّي عَلَى الْغَالِبِ وَإِذَا أَدَارَ بَعْضَ مَالِهِ حُكِمَ لِلْغَالِبِ فِي زَكَاةِ التِّجَارَةِ وَزَكَاةِ الْفِطْرِ مِنْ غَالِبِ عَيْشِ الْبَلَدِ وَالْبَيَاضُ فِي الْمُسَاقَاةِ تَبَعٌ - إِذَا كَانَ أَقَلَّ وَإِذَا نَبَتَ أَكْثَرُ الْغَرْسِ فَلِلْغَارِسِ الْجَمِيعُ وَإِذَا نَبَتَ الْأَقَلُّ فَلَا شَيْء لَهُ فِيهِمَا وَقِيلَ لَهُ سَهْمُهُ مِنَ الْأَقَلِّ وَإِذَا أَطْعَمَ أَكْثَرَ الْغَرْسِ سَقَطَ عَلَيْهِ الْعَمَلُ أَوْ أَقَلَّهُ فَعَلَيْهِ الْعَمَلُ وَقِيلَ بَيْنَهُمَا وَإِذَا وَجَدَ الْمَسَاقِيَ أَكْثَرَ الْحَائِطِ سَقَطَ السَّقْيُ أَوْ أَقَلَّهُ فَعَلَيْهِ السَّقْيُ وَإِذَا أَبَّرَّ أَكْثَرَ الْحَائِطِ فَالْجَمِيعُ لِلْبَائِعِ وَإِذَا اسْتَحَقَّ الْأَقَلَّ أَوْ وُجِدَ بِهِ عَيْبٌ فَلَيْسَ لَهُ رَدُّ مَا اسْتَحَقَّ وَلَا التَّسْلِيمُ بَلْ يَرْجِعُ بِقَدْرِهِ.