فصل: الرُّكْنُ الثَّانِي: الْوَاجِبُ عَلَيْهِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة (نسخة منقحة)



.الرُّكْنُ الثَّانِي: الْوَاجِبُ عَلَيْهِ:

وَهُوَ كُلُّ آدَمِيٍّ تَنَاوَلَهُ عَقْدُ الْإِسْلَامِ أَوِ الذِّمَّةُ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تَرُدَّهُ» وَهُوَ عَامٌّ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ وَالْقَيْدُ الْأَوَّلُ احْتِرَازٌ مِنَ الْبَهِيمَةِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «جُرْحُ الْعَجْمَاءِ جُبَارٌ» وَالْأَخِيرُ احْتِرَازٌ مِنَ الْحَرْبِيِّ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ الْمَغْصُوبُ فِي الْقَضَاءِ أَمَّا فِي الْفُتْيَا فَالْمَشْهُورُ مُخَاطَبَتُهُ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ فَيَضْمَنُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى وَيَبْقَى فِي الْحَدِّ الْعَامِدُ وَالْجَاهِلُ وَالْغَافِلُ وَالْعَبْدُ وَالْحُرُّ وَالذِّمِّيُّ لِإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ عَلَى أَنَّ الْعَمْدَ وَالْخَطَأَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ سَوَاءٌ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ: يَسْتَوِي الْمُسْلِمُ وَالذِّمِّيُّ وَالْبَالِغُ وَالْأَجْنَبِيُّ وَالْقَرِيبُ إِلَّا الْوَالِدَ مِنْ وَلَدِهِ وَالْجَدَّ لِلْأَبِ مِنْ حَفِيدِهِ قِيلَ: لَا يُحْكَمُ لَهُ بِحُكْمِ الْغَصْبِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيكَ» وَالْمُسْلِمُ مِنَ الْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ أَوِ الذِّمِّيُّ مِنَ الْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ ظَلَمَ ذِمِّيًّا أَوْ مُعَاهَدًا لَمْ يَرَحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ خَمْسِمِائَةِ سَنَةٍ» وَيَجْتَمِعُ فِي الْغَصْبِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَحَقُّ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ إِلَّا الصَّغِيرُ لَا يُعَزَّرُ لِعَدَمِ التَّحْرِيمِ عَلَيْهِ وَقِيلَ: يُؤَدِّبُهُ الْإِمَامُ قَاعِدَةٌ: حَقُّهُ تَعَالَى: أَمْرُهُ وَنَهْيُهُ وَحَقُّ الْعَبْدِ مَصَالِحُهُ وَكُلُّ حَقٍّ لِلْعَبْدِ فَفِيهِ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى وَهُوَ أَمْرُهُ بِإِيصَالِ ذَلِكَ الْحَقِّ لِمُسْتَحَقِّهِ هَذَا نَصُّ الْعُلَمَاءِ وَالْحَدِيثُ الصَّحِيحُ خِلَافُهُ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا حَقُّ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ؟ فَقَالَ: أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا» فَفُسِّرَ حَقُّهُ تَعَالَى بِالْمَأْمُورِ دُونَ الْأَمْرِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ حَقِيقَةً فَيَتَعَيَّنَ الْمَصِيرُ إِلَى تَفْسِيرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دُونَ الْعُلَمَاءِ وَيُحْتَمَلُ التَجَوُّزُ بِالْمَأْمُورِ عَنِ الْأَمْرِ فَيُوَافِقُ نُصُوصَ الْعُلَمَاءِ ثُمَّ قَدْ يَنْفَرِدُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى كَالْمَعْرِفَةِ وَالْإِيمَانِ وَقَدْ يَنْفَرِدُ حَقُّ الْعَبْدِ كَالدُّيُونِ وَالْأَثْمَانِ وَقَدْ يَخْتَلِفُ الْعُلَمَاءُ إِذَا اجْتَمَعَا فِي أَيِّهِمَا يَغْلِبُ كَحَدِّ الْقَذْفِ من خَصَائِصِ حَقِّ الْعَبْدِ وَبِهِ يُعْرَفُ: تَمَكُّنُهُ مِنْ إِسْقَاطِهِ وَمِنْ خَصَائِصِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى: تَعَذُّرُ إِسْقَاطِ الْعَبْدِ لَهُ وَقَبُولُهُ لِلتَّوْبَةِ مَحْوًا وَالتَّفْسِيقُ إِثْبَاتًا قَاعِدَة: يعْتَمد الْمَصَالِحُ الْمَفَاسِدَ دُونَ التَّحْرِيمِ تَحْقِيقًا لِلِاسْتِصْلَاحِ وَتَهْذِيبًا لِلْأَخْلَاقِ وَلِذَلِكَ تُضْرَبُ الْبَهَائِمُ إِصْلَاحًا لَهَا وَالصِّبْيَانُ تَهْذِيبًا لِأَخْلَاقِهَا وَلِذَلِكَ قِيلَ: يُهَذَّبُ الصَّبِيُّ عَلَى الْغَصْبِ وَكَذَلِكَ يُضْرَبُ عَلَى الزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَغَيْرِهِمَا نَفْيًا لِلْفَسَادِ بَيْنَ الْعِبَادِ لَا لِلتَّحْرِيمِ وَلِذَلِكَ قَالَ (ش) رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَحُدُّ الْحَنَفِيَّ عَلَى شُرْبِ النَّبِيذِ وَأَقْبَلُ شَهَادَتَهُ لِمَفْسَدَةِ السُّكْرِ وَإِفَسَادِ الْعَقْلِ الْمُتَوَقَّعِ إِذَا لَمْ يَسْكَرْ مِنَ النَّبِيذِ لِانْتِفَاءِ التَّحْرِيمِ بِالتَّقْلِيدِ وَقَالَ مَالِكٌ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ: أَحُدُّهُ وَلَا أَقْبَلُ شَهَادَتَهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّقْلِيدَ فِي شُرْبِ النَّبِيذِ لَا يَصِحُّ لِكَوْنِهِ عَلَى خِلَافِ النَّصِّ وَالْقِيَاسِ وَالْقَوَاعِدِ.
فرع:
فِي الْمُقَدِّمَاتِ: إِذَا كَانَ الْغَاصِبُ صَبِيًّا لَا يَعْقِلُ فَقِيلَ: مَا أَصَابَهُ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالدِّيَاتِ هَدْرٌ كَالْبَهِيمَةِ وَقِيلَ: الْمَالُ فِي مَالِهِ وَالدَّمُ عَلَى عَاقِلَتِهِ إِنْ كَانَ الثُّلُثَ فَصَاعِدًا كَالْخَطَأِ وَقِيلَ: الْمَالُ هَدْرٌ وَالدَّمُ عَلَى عَاقِلَتِهِ إِنْ كَانَ الثُّلُثَ فَصَاعِدًا تَغْلِيبًا لِلدِّمَاءِ عَلَى الْمَالِ وَحُكْمُ هَذَا حُكْمُ الْمَجْنُونِ الْمَغْلُوبِ عَلَى عقله وَأما حق الْمَغْصُوب فِيهِ: فَرد المعصوب إِنْ وُجِدَ أَوْ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْغَصْبِ إِنْ فُقِدَ وَهُوَ غَيْرُ مِثْلِيٍّ أَوْ مِثْلِهِ فِي الْمَوْزُونِ وَالْمَكِيلِ وَالْمَعْدُودِ الَّذِي لَا تَخْتَلِفُ آحَادُهُ كَالْبَيْضِ وَالْجَوْزِ.
فرع:
قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ مُحَمَّدٌ: غَاصِبُ السُّكْنَى فَقَطْ كَالْمُسَوِّدَةِ حِينَ دَخَلُوا لَا يَضْمَنُ الْمُنْهَدِمَ مِنْ غَيْرِ فِعْلِهِ بَلْ قِيمَةَ السُّكْنَى وَيَضْمَنُ مَا هُوَ بِفِعْلِهِ وَغَاصِبُ الرَّقَبَةِ يَضْمَنُهَا مُطْلَقًا مَعَ أُجْرَةِ السُّكْنَى قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إِذَا نَزَلَ السُّلْطَانُ عَلَى مُكْتَرٍ فَأَخْرَجَهُ وَسَكَنَ الْمُصِيبَةُ عَلَى صَاحِبِ الدَّارِ لِعَدَمِ وَضْعِ الْيَدِ عَلَى الرَّقَبَةِ بَلْ عَلَى الْمَنْفَعَةِ وَيَسْقُطُ عَنِ الْمُكْتَرِي مَا سَكَنَ السُّلْطَانُ لِعَدَمِ تَسْلِيمِهِ لِمَا اكْتَرَى وَعَدَمِ التَّمَكُّنِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَغَيْرُ السُّلْطَانِ فِي الدَّارِ وَالْأَرْضِ يَزْرَعُهَا غَصْبًا مِنْ مُكْتَرِيهَا لَا يَسْقُطُ الْكِرَاءُ عَنِ الْمُكْتَرِي لِأَنَّهُ هُوَ الْمُبَاشِرُ بِالْغَصْبِ دُونَ الْمَالِكِ لِلرَّقَبَةِ إِلَّا السُّلْطَانَ الَّذِي لَا يَمْنَعُهُ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى لِأَنَّهُ كَالْأَمْرِ السَّمَاوِيِّ بِخِلَافِ مَنْ يَمْنَعُهُ مَنْ هُوَ فَوْقَهُ.
فرع:
فِي الْكِتَابِ: إِذَا وَهَبَ لَكَ طَعَامًا أَوْ إِدَامًا فَأَكَلْتَهُ أَوْ ثَوْبًا فَلَبِسْتَهُ حَتَّى أَبْلَيْتَهُ رَجَعَ مُسْتَحِقُّهُ عَلَى الْغَاصِبِ الْمَلِيءِ لِأَنَّهُ الْمُتَعَدِّي الْمُسَلِّطُ وَإِنْ كَانَ مُعْدَمًا أَوْ مَعْجُوزًا عَنهُ فَعَلَيْك لِأَنَّك المتنفع بِمَالِهِ وَلَا تَرْجِعُ أَنْتَ عَلَى الْوَاهِبِ بِشَيْءٍ لِعَدَمِ انْتِفَاعِهِ وَانْتِفَاعِكَ وَكَذَلِكَ لَوْ أَعَارَكَ الْغَاصِبُ فَنَقَصَتْ بِلُبُسِكَ فَلَا تَرْجِعُ عَلَى الْمُعِيرِ بِمَا تعزم فَلَوِ اكْتَرَيْتَهُ فَنَقَصْتَهُ بِاللُّبْسِ أَخَذَ الْمُسْتَحِقُّ ثَوْبَهُ مِنْكَ وَمَا نَقَصَهُ اللُّبْسُ وَتَرْجِعُ عَلَى الْغَاصِبِ بِجَمِيعِ الْكِرَاءِ كَالْمُشْتَرِي قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ إِذَا وَهَبَكَ الْغَاصِبُ فَأَبْلَيْتَ أَوْ أَكَلْتَ اتَّبَعَ أَيَّكُمَا شَاءَ لِوُجُودِ سَبَبِ الضَّمَانِ فِي حَقِّكُمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إِنْ كَانَ الْوَاهِبُ غَيْرَ غَاصِبٍ لَمْ يَتَّبِعْ غَيْرَ الْمَوْهُوبِ الْمُنْتَفِعِ وَهُوَ خِلَافُ مَا لَهُ فِي كِتَابِ الِاسْتِحْقَاقِ فِي مُكْرِي الْأَرْضِ يُحَابِي فِي كِرَائِهَا ثُمَّ يَطْرَأُ أَخُوهُ وَسَوَاءٌ بَيْنَ الْمُتَعَدِّي وَغَيْرُهُ وَهُوَ أَصْلُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنْ يَبْدَأَ بِالرُّجُوعِ عَلَى الْوَاهِبِ فَإِنْ أُعْدِمَ فَعَلَى الْمَوْهُوبِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَاهِبُ عَالِمًا بِالْغَصْبِ فَكَالْغَاصِبِ فِي جَمِيعِ الْأُمُورِ وَيَرْجِعُ عَلَى أَيِّهِمَا شَاءَ وَقَوْلُ أَشْهَبَ أَقْيَسُ وَلَا يَكُونُ الْمَوْهُوبُ أَحْسَنَ حَالًا مِنَ الْمُشْتَرِي وَوَجْهُ التَّبْدِئَةِ بِالْغَاصِبِ: أَنَّ الظَّالِمَ أَحَقُّ أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَوْهُوبِ وَالْمُشْتَرِي: أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إِذَا غَرِمَ رَجَعَ بِالثَّمَنِ وَالْمَوْهُوبُ لَا يَرْجِعُ قَالَ سُحْنُونٌ: إِذَا كَانَ الْمُعِيرُ غَاصِبًا لَا يُضَمِّنُهُ الْمَالِكُ النَّقْصَ بَلْ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ الْجَمِيعَ وَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ وَإِنْ كَانَ الْغَاصِبُ عَدِيمًا بِيعَ الثَّوْبُ فِي الْقِيمَةِ وَاتَّبَعَ الْمُسْتَعِيرُ بِالْأَقَلِّ مِنْ تَمَامِ الْقِيمَةِ وَمَا نَقَصَ لُبْسُ الثَّوْبِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ كَانَ لِلْغَاصِبِ مَالٌ وَقْتَ لِبَاسِ الْمُسْتَعِير ثمَّ زَالَ االمال فَلَا يَضْمَنُ الْمُسْتَعِيرُ شَيْئًا لِاتِّبَاعِهِ الْغَاصِبِ بِالْقِيمَةِ وَإِنْ شَاءَ الْمُسْتَحِقُّ أَخْذَ الثَّوْبِ أَوْ مَا نَقَصَهُ اللُّبس مِنَ الْمُسْتَعِيرِ فَذَلِكَ لَهُ فِي عَدَمِ الْغَاصِبِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَوْ أَكْرَى الْغَاصِبُ الدَّابَّةَ فَعَطِبَتْ تَحْتَ الْمُكْتَرِي فَلَا يُتَّبَعُ إِلَّا الْغَاصِبُ إِنْ لَمْ تَعْطَبْ بِفِعْلِ الْمُشْتَرِي بِخِلَافِ مَا أَكَلَهُ الْمُكْتَرِي أَوْ لَبِسَهُ حَتَّى أَبْلَاهُ يُغَرِّمُهُ الْمُكْتَرِي وَيَرْجِعُ بِالثَّمَنِ عَلَى الْغَاصِبِ وَعَنْ مَالِكٍ: إِذَا آجَرْتَهُ لِيُبَلِّغَ لَكَ كِتَابًا وَلم يعلم أَنه عبد فَعَطب ضمنه مِثْلَمَا يتْلف المُشْتَرِي بِنَفسِهِ فَمن اشْتَرَاهُ أَنَّ لِمُسْتَحِقِّهِ تَضْمِينَهُ وَفَرَّقَ ابْنُ الْقَاسِمِ بَيْنَ الْعَبْدِ وَالدَّابَّةِ الْمُكْتَرَاةِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَرْقٌ وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ يَرْكَبْهَا وَبَعَثَهَا مَعَ غَيْرِهِ إِلَى قَرْيَةٍ قَالَ مُحَمَّدٌ: وَهُمَا سَوَاءٌ فِي الضَّمَانِ قِيلَ لِمُحَمَّدٍ: قَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُشْتَرِي يَهْدِمُ الدَّارَ: لَا يَضْمَنُ قَالَ: قَدْ قَالَ فِي قَطْعِ الثَّوْبِ: يَضْمَنُ وَالْفَرْقُ: أَنَّ الدَّارَ يَقْدِرُ عَلَى إِعَادَتِهَا بِخِلَافِ الثَّوْبِ وَكَسْرُ الْحُلِيِّ كَهَدْمِ الدَّارِ لِعَدَمِ التَّلَفِ وَقَاطِعُ الثَّوْبِ كَذَابِحِ الشَّاةِ وَكَاسِرِ الْعَصَا وَبَاعِثِ الْغُلَامِ فَيَهْلَكُ تَلَفٌ لَهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَلَوْ قَالَ قَائِلٌ: هَدْمُ الدَّارِ وَذَبْحُ الشَّاةِ وَكَسْرُ الْحُلِيِّ وَرُكُوبُ الدَّابَّةِ وَالْبَعْثُ بِهَا سَوَاءٌ لَمْ أَعِبْهُ لِاسْتِوَاءِ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ فِي الضَّمَانِ.
فرع:
فِي الْكِتَابِ: إِذَا أَوْدَعَ الْمَغْصُوبَ لَا ضَمَانَ عَلَى الْمُودِعِ إِلَّا أَنْ يَتَعَدَّى لِأَنَّ يَدَ الْمُودِعِ كَصُنْدُوقِهِ وَامْرَأَتِهِ وَعَبْدِهِ الَّذِي يَشِيلُ مَتَاعَهُ.
فرع:
قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ سَحْنُونٌ: إِذَا قَالَ: كُنْتَ غَصَبْتَ أَلْفَ دِينَارٍ وَأَنَا صَبِيٌّ تَلْزَمُهُ لِأَنَّ الصَّبِيَّ فِي نَدَمِ الضَّمَانِ كَالْبَالِغِ وَلَوْ قَالَ: أَقْرَرْتُ لَكَ بِأَلْفٍ وَأَنَا صَبِيٌّ تَلْزَمُهُ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَأَنَا صَبِيٌّ نَدَمٌ.
فرع:
قَالَ: قَالَ سُحْنُونٌ: إِذَا أَكْرَهَكَ الْعَامِلُ عَلَى دُخُولِ بَيْتِ رَجُلٍ لِتُخْرِجَ مِنْهُ مَتَاعًا لِتَدْفَعَهُ إِلَيْهِ وَفَعَلْتَ وَدَفَعْتَهُ إِلَيْهِ ثُمَّ عَزَلَ لِرَبِّ الْمَتَاعِ اتِّبَاعُ أَيِّكُمَا شَاءَ لِتَعَدِّيهِ بِالْأَمْرِ وَتَعَدِّيكَ بِالْمُبَاشَرَةِ فَإِنِ اتَّبَعَكَ رَجَعَتْ عَلَيْهِ فَإِنْ غَابَ رَبُّ الْمَتَاعِ وَعَزَلَ الْأَمِيرُ فَلَكَ مُطَالَبَتُهُ لِأَن رب الْمَتَاع قد يجِئ وَيُطَالِبُكَ وَقَالَ ابْنُ دِينَارٍ فِي ظَالِمٍ أَسْكَنَ مُعَلِّمًا دَارَكَ لِيُعَلِّمَ وَلَدَهُ ثُمَّ مَاتَ وَمِتَّ يُخير صَاحِبُ الدَّارِ بَيْنَ مَا لَكَ وَمَا لَهُ وَقَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ فِي مُخْبِرِ اللُّصُوصِ بِمِطْمَرِكَ أَوْ غَاصِبٍ يَضْمَنُ الدَّالُّ وَقِيلَ: لَا لِضَعْفِ سَبَبِ الدَّلَالَةِ.
فرع:
قَالَ: لَوِ اتَّفَقْتُمَا عَلَى أَنْ يُقِرَّ لَكَ بِرِقِّ نَفْسِهِ عَلَى أَنْ تَبِيعَهُ وَيُقَاسِمَكَ الثَّمَنَ فَفَعَلْتَ وَهَلَكْتَ ضَمِنَ الْمُقِرُّ بِالْمِلْكِ لِثَمَنِ الْبَائِعِ لِغُرُورِهِ بِذَلِكَ قَالَهُ مُحَمَّدٌ وَكَذَلِكَ لَوْ بِيعَ فِي الْمَغَانِمِ وَهُوَ حُرٌّ فَسَكَتَ لِأَنَّ سُكُوتَهُ تَغْرِيرٌ وَقَالُوا فِي الْمُتَعَدِّي عَلَيْكَ عِنْدَ السُّلْطَانِ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَتَجَاوَزُ فِيكَ إِلَى الظُّلْمِ فَقَالَ مَالِكٌ عَلَيْهِ الْأَدَبُ فَقَطْ وَقِيلَ: إِنْ كَانَ ظَالِمًا فِي شَكْوَاهُ ضَمِنَ أَوْ مَظْلُومًا لَا يَقْدِرُ عَلَى النَّصَفَةِ إِلَّا بِالسُّلْطَانِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِعُذْرِهِ فِي ذَلِكَ وَيَلْزَمُ السُّلْطَانُ الضَّمَانَ مَتَى قَدَرَ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ رُسُلُ السُّلْطَانِ فِي هَذِهِ التَّفْرِقَةِ وَقِيلَ: يُنْظَرُ إِلَى الْقَدْرِ الَّذِي لَوِ اسْتَأْجر بِهِ عَلَى إِحْضَارِكَ فَهُوَ عَلَيْكَ وَيُفَرَّقُ فِيمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ بَيْنَ الْمَظْلُومِ وَالظَّالِمِ وَأَمَّا الَّذِي يَكْتُبُ لِلسُّلْطَانِ أَسْمَاءَ جَمَاعَةٍ فَيُقَدَّمُونَ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَظْلِمُهُمْ بِذَلِكَ فَيَغْرَمُ مَعَ الْعُقُوبَةِ وَفِيه خلاف.
فرع:
قَالَ: وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: إِذَا جَلَسْتَ عَلَى ثَوْبِ رَجُلٍ فِي الصَّلَاةِ فَيَقُومُ فَيَنْقَطِعُ لَا يَضْمَنُ لِأَنَّهُ مِمَّا يَعُمُّ فِي الصَّلَوَاتِ وَالْمَجَالِسِ.

.الرُّكْنُ الثَّالِثُ: الْوَاجِبُ فِيهِ:

وَهُوَ الْأَمْوَالُ لِأَنَّهَا مُتَعَلَّقُ الْأَغْرَاضِ فَمَا لَا مَالِيَّةَ لَهُ لَا حُرْمَةَ لَهُ فَلَا يُوجِبُ الشَّرْعُ اخْتِصَاصَهُ بِأَحَدٍ فَلَا يُتَصَوَّرُ الْغَصْبُ وَعَدَمُ الْمَالِيَّةِ إِمَّا شَرْعًا فَقَطْ كَالْخِنْزِيرِ لِلْحَقَارَةِ الشَّرْعِيَّةِ أَوِ الْآدَمِيِّ الْحُرِّ الْمُشْرِفِ مِنَ الْأَعْيَانِ أَوْ مِنَ الْمَنَافِعِ كوطث الْبَهَائِمِ لِلْحَقَارَةِ الشَّرْعِيَّةِ أَوِ الْأَثْمَانِ لِلسَّرَفِ وَإِمَّا شَرْعًا وَعَادَةً كَالْقَمْلِ وَالْبَعُوضِ مِنَ الْأَعْيَانِ وَالِاسْتِظْلَالُ والاستصباح من الْمَنَافِع وَهَا هُنَا أُمُورٌ مُتَرَدِّدَةٌ بَيْنَ الْمَالِيَّةِ وَعَدِمِهَا اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهَا فَأَذْكُرُهَا وَهِيَ ثَمَانِيَةُ فُرُوعٍ:
الْفَرْعُ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ: إِذَا غَصَبَ مُسْلِمٌ مِنْ مُسْلِمٍ خَمْرًا فَخَلَّلَهَا فَلِرَبِّهَا أَخْذُهَا لِأَنَّهَا حَلَّتْ وَلَيْسَ لِلْغَاصِبِ فِيهَا مِلْكٌ وَلَا صَنِيعٌ يَحْتَجُّ بِهِ بِخِلَافِ الصَّبْغِ أَوْ جِلْدِ مَيْتَةٍ غَيْرِ مَدْبُوغٍ ضَمِنَهُ كَمَا لَا يُبَاعُ كَلْبُ مَاشِيَةٍ أَوْ زَرْعٌ أَوْ ضَرْعٌ وَعَلَى قَاتِلِهِ قِيمَتُهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ لَوْ كَانَتِ الْخَمْرُ الْمُتَقَدِّمُ ذِكْرُهَا لِذِمِّيٍّ يُخَيَّرُ فِي أَخْذِهَا خَلًّا أَوْ قِيمَتِهَا خَمْرًا يَوْمَ الْغَصْبِ لِأَنَّهُ يُقَرُّ عَلَى مِلْكِهِ الْخَمْرَ وَالْمُعَاوَضَةِ عَلَيْهَا مِنْ ذَمِّيٍّ وَنظر أَشهب أَيْضا بالزرع الَّذِي لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ وَبِئْرِ الْمَاشِيَةِ الَّتِي لَا يجوز بيعهَا إِذا اغتصبها فَسَقَى بِهَا زَرْعَهُ فَعَلَيْهِ قِيمَةُ مَا سَقَى مِنْهَا قَالَ مَالِكٌ وَيَغْرَمُ قِيمَةَ الزَّرْعِ عَلَى مَا يُرْجَى مِنْ تَمَامِهِ وَيُخَافُ أَنْ لَوْ كَانَ يحل بَيْعه وَقَالَ أَن حَنْبَلٍ يُرَدُّ الْخَمْرُ إِذَا تَخَلَّلَتْ لِلْمُسْلِمِ كَمَا قُلْنَاهُ قَالَ وَيُرَدُّ الْكَلْبُ الْمُبَاحُ وَلَا يَضْمَنُ جلد الْميتَة لَنَا قَضَاؤُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِالْغُرَّةِ فِي الْجَنِينِ مَعَ امْتِنَاعِ بَيْعِهِ وَهُوَ أَصْلُ تَضْمِينِ مَا يَمْتَنِعُ بَيْعُهُ حَيْثُ ضُمِنَ وَعَنْ مَالِكٍ لَا شَيْءَ فِي جِلْدِ الْمَيْتَةِ غَيْرِ الْمَدْبُوغِ قِيَاسًا عَلَى غَيْرِ الْمُتَمَوَّلِ حَيْثُ كَانَ قَالَ إِسْمَاعِيلُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لِمَجُوسِيٍّ لِأَنَّهُ عِنْدَهُمْ يُؤْكَلُ فَهُوَ كَخَمْرِ الذِّمِّيِّ قَالَ اللَّخْمِيُّ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا شَيْءَ فِي غَيْرِ الْمَدْبُوغِ وَإِنْ دُبِغَ فَقِيمَةُ مَا فِيهِ مِنَ الدِّبَاغِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِنْ دُبِغَ فَقِيمَةُ جَمِيعِهِ وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ مَرَّةً: يَجُوزُ بَيْعُهُ وَلَيْسَ كُلُّ مَا يَثْبُتُ لَهُ ضَمَانُ الْمُتَعَدِّي جَازَ بَيْعُهُ وَيُخْتَلَفُ فِي جُلُودِ السِّبَاعِ قَبْلَ الدِّبَاغِ وَبَعْدَهُ إِذَا ذُكِّيَتْ: قَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ: هِيَ مُذَكَّاةٌ وَيَجُوزُ بَيْعُهَا فَعَلَى هَذَا يَغْرَمُ الْغَاصِبُ قِيمَتَهَا وَعَلَى قَوْلٍ: هِيَ كَجُلُودِ الْمَيْتَةِ قَبْلَ الدِّبَاغِ وَإِنْ أَخَذَهُ مِنْ صَاحِبِهِ حَيًّا فَعَلَيْهِ قِيمَةُ جِلْدِهِ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ فِي عَدَمِ اعْتِبَارِهِ وَيُخْتَلَفُ فِي صِفَةِ تَقْوِيمِ الْكَلْبِ الْمُبَاحِ الِاتِّخَاذِ فَمَنْ أَجَازَ بَيْعَهُ قَوَّمَ عَلَى ذَلِكَ وَمَنْ مَنَعَ رَدَّهُ إِلَى أَحْكَامِ جلد الْميتَة للِانْتِفَاع لَا للْبيع وَلَا شَيْءَ فِي كَلْبِ الدَّارِ لِأَمْرِ النَّبِيِّ بِقَتْلِهَا وَإِذَا عَادَ الزَّرْعُ أَوِ الثَّمَرُ اللَّذَانِ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُمَا لِقِيمَتِهِمَا بَعْدَ الْحُكْمِ لَمْ ينْقض فَإِن عَاد قَبْلَ الْحُكْمِ فَعَنْ مَالِكٍ: تَسْقُطُ الْقِيمَةُ إِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَنْفَعَةٌ وَإِنْ كَانَتْ فِيهِ مَنْفَعَةُ قَوْمٍ عَلَى غَيْرِ الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ وَقَالَ أَصْبَغُ: عَلَى الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ قَالَ: وَأَرَى أَنْ يُرْجَعَ إِلَى مَا يُكْشَفُ عَنْهُ مِنَ الْغَيْبِ حُكِمَ أَمْ لَا فَإِنْ تَرَاخَى الْحُكْمُ وَسَلَّمَ زَرْعَ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ فَقِيمَتُهُ عَلَى السَّلَامَةِ إِنْ كَانَ لَا يُسْقَى وَإِلَّا حَطَّ مَا يَنُوبُ أُجْرَةَ السَّقْيِ وَإِنْ هَلَكَ زَرْعُ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ أَو تمرهم فَالْقِيمَةُ عَلَى غَيْرِ الرَّجَاءِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ غَيره بَعْدَمَا انْتَقَلَ وَزَادَ فَالْقِيمَةُ عَلَى مَا انْتَقَلَ إِلَيْهِ.
الْفَرْع الثَّانِي: إِن غصب عصيراً فَصَارَ خَمْرًا كُسِرَتْ عَلَيْهِ وَغَرِمَ مِثْلَ الْعَصِيرِ فَإِنْ صَار الْعصير خلا خير بَيْنَ أَخْذِهِ أَوْ مِثْلَ الْعَصِيرِ لِفَوَاتِهِ بِالتَّغَيُّرِ وَفِي ثَمَانِيَةِ أَبِي زَيْدٍ: إِنْ كَسَرَ الْعَصِيرَ وَقَدْ دَخَلَهُ عِرْقُ خَلٍّ وَلَمْ يُخَلَّلْ فَالْقِيمَةُ عَلَى الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ كَالثَّمَرَةِ.
الْفَرْعُ الثَّالِثُ: قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إِنْ غَصَبَ حُرًّا فَبَاعَهُ ثُمَّ تَابَ يَطْلُبُهُ فَإِنْ أَيِسَ مِنْهُ وَدَى دِيَتَهُ إِلَى أَهْلِهِ.
الْفَرْعُ الرَّابِعُ: قَالَ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إِذَا مَاتَتْ أُمُّ الْوَلَدِ عِنْدَ غَاصِبِهَا غَرِمَ قِيمَتَهَا لِسَيِّدِهَا قِيمَةَ أُمِّ وَلَدٍ لَا عِتْقَ فِيهَا قِيَاسًا عَلَى تَضْمِينِ الْجَنِينِ بِالْغُرَّةِ وَمَنَعَ سُحْنُونٌ كَالْحُرَّةِ وَوَافَقَ الْمَشْهُورَ (ش) وَابْنُ حَنْبَلٍ وَوَافَقَ سُحْنُون (ح) وَوَافَقَ سُحْنُون إِذَا جَنَى عَلَيْهَا قَالَهُ فِي الْجَوَاهِرِ وَقَالَ: الْمُكَاتَبُ وَالْمُدَبَّرُ كَالْقِنِّ وَلَمْ يَحْكِ فِيهِمَا خِلَافًا لِقُوَّةِ شَائِبَةِ الرِّقِّ.
الْفَرْعُ الْخَامِسُ: فِي الْكِتَابِ: إِذَا غصب خمر الذِّمِّيّ فَأَتْلَفَهَا فَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا يُقَوِّمُهَا مَنْ يَعْرِفُ الْقِيمَةَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَقَالَهُ (ح) خِلَافًا لِ (ش) وَابْنُ حَنْبَلٍ فِي خَمْرِ الذِّمِّيِّ وَخِنْزِيرِهِ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ: النَّظَرُ إِلَى اعْتِقَادِهِمْ وَمُقْتَضَى عَقْدِ الذِّمَّةِ أَوْ إِلَى شَرْعِنَا لَنَا: أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَتَبَ إِلَيْهِ عُمَّالُهُ يَسْأَلُونَهُ عَنِ الذِّمِّيِّ يَمُرُّ بِالْعَاشِرِ وَمَعَهُ خَمْرٌ فَكَتَبَ إِلَيْهِمْ: يبيعوها وَخُذُوا مِنْهُمُ الْعُشْرَ مِنْ أَثْمَانِهَا وَلَمْ يُخَالِفْهُ أَحَدٌ نَقَلَهُ أَبُو عُبَيْدٍ فِي كِتَابِ الْأَمْوَالِ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا من مَالهم من ثَلَاثَة أوجه: أحده: أَنَّ أَمْرَ الْإِمَامِ الْعَادِلِ بِالْبَيْعِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَبِيعَ مُتَمَوَّلٌ وَثَانِيهَا: إِيجَابُ الْعُشْرِ فِي ثَمَنِهَا وَلَا يَجِبُ إِلَّا فِي مُتَمَوَّلٍ وَثَالِثُهَا: تَسْمِيَةُ مَا يُقَابِلُهَا ثَمَنًا وَهُوَ لَا يَكُونُ إِلَّا فِي بَيْعٍ صَحِيحٍ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ إِلَّا فِي مُتَمَوَّلٍ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى سَائِر أشريتهم وَأَمْوَالِهِمْ لِأَنَّ الْقَضَاءَ عَلَيْهِمْ بِاعْتِقَادِهِمْ لَا بِاعْتِقَادِ القَاضِي أَنه لايوجب عَلَيْهِمُ الْحَدَّ فِيهَا وَيَقْضِي لَهُمْ بِثَمَنِهَا إِذَا بَاعَهَا مِنْ ذِمِّيٍّ وَيُقِرُّهُمْ عَلَى مَسِّهَا وَشُرْبِهَا وَجَعْلِهَا صَدَاقًا وَسَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ فِيهَا وَكَذَلِكَ نُقِرُّهُمْ عَلَى أَنْكِحَتِهِمُ الْفَاسِدَةِ عِنْدَنَا فَكَذَلِكَ كَوْنُهَا مَالًا وَمَضْمُونَةً وَلِأَنَّ عَقْدَ الذِّمَّةِ وَقَعَ عَلَى إِقْرَارِهِمْ على شربهَا وَالتَّصَرُّف فِيهَا بِسُقُوط تضمينها نقضا لأمانهم وحملاً لِلنَّاسِ عَلَى إِرَاقَتِهَا أَوْ نَقُولُ: إِنَّ الْخَمْرَ غَيْرُ مُحَرَّمَةٍ عَلَيْهِمْ فَتَكُونُ مُتَمَوَّلَةً أَمَّا عَدَمُ تَحْرِيمِهَا: فَلِأَنَّ الْخَمْرَ كَانَتْ مُبَاحَةً فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ نَزَلَ قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذين آمنُوا إِنَّمَا الْخمر وَالْميسر - إِلَى قَوْله تَعَالَى - وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَن الصَّلَاة} فَخَصَّصَ بِخِطَابِ التَّحْرِيمِ الْمُؤْمِنِينَ وَلِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ الصَّلَاةِ وَلَا عَجَبَ فِي اسْتِثْنَاءِ بَعْضِ الْأَحْكَامِ عَنْهُمْ بِدَلِيلِ سُقُوطِ الضَّمَانِ وَالْأَدَاءِ عَنْهُمْ وَلِأَنَّ أَهْلَ الذِّمَّةِ عُصِمَتْ دِمَاؤُهُمْ عَنِ السَّفْكِ وَأَعْرَاضُهُمْ عَنِ الثَّلْمِ وَأَمْوَالُهُمْ عَنِ النَّهْبِ وَأَزْوَاجُهُمْ عَنِ الْوَطْءِ مَعَ وُجُودِ سَبَبِ عَدَمِ ذَلِكَ فِي الْجَمِيعِ وَهُوَ الْكُفْرُ فَكَذَلِكَ الْخَمْرُ لَا تَمْنَعُ مَفْسَدَةُ الْإِسْكَارِ تَمَوُّلَهَا وَعِصْمَتَهَا وَيُؤَكِّدُهُ الْإِجْمَاعُ عَلَى مَنْعِ إِرَاقَتِهَا وَوُجُوبِ رَدِّهَا مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهَا إِنَّمَا الْخِلَافُ إِذَا تَعَدَّى فَأَتْلَفَهَا وَلِأَنَّ الْخمر يتَعَلَّق بهَا عندنَا وجوب الحدا وَسُقُوطُ الضَّمَانِ وَقَدْ خَالَفَ الذِّمِّيُّ الْمُسْلِمَ فِي الْحَدِّ فَيُخَالِفُهُ فِي سُقُوطِ الضَّمَانِ قِيَاسًا لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ احْتَجُّوا: بِأَنَّ الْإِسْلَامَ أَعْظَمُ مِنْ عَقْدِ الذِّمَّةِ وَالْإِسْلَامُ لَمْ يَجْعَلْهَا مَالًا فَعَقْدُ الذِّمَّةِ أَوْلَى وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ حَرَّمَ الْخَمْرَ وَثَمَنَهُ وَحَرَّمَ الْخِنْزِيرَ وَثَمَنَهُ وَحَرَّمَ الْكَلْبَ وَثَمَنَهُ» وَالْقِيمَةُ بَدَلَ الثَّمَنِ وَمَنْعُ الْأَصْلِ مَنْعٌ لِلْفَرْعِ وَقِيَاسًا عَلَى الْبَوْلِ وَالدَّمِ وَالْمَيْتَةِ وَلِأَنَّهُ سَاوَى الْمُسْلِمَ فِي عَدَمِ الْقَطْعِ فِي سَرِقَتِهَا مِنْهُ فَيُسَاوِيهِ فِي عَدَمِ ضَمَانِهَا لَهُ وَلِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مَالًا مَعْصُومًا لَمَا أُرِيقَتْ إِذَا أَظْهَرُوهَا قِيَاسًا عَلَى سَائِرِ الْأَمْوَالِ وَلِأَنَّ اعْتِقَادَ الذِّمِّيِّ تَمَوُّلَهَا كُفْرٌ فَلَا يُتْرَكُ اعْتِقَادُ الْإِسْلَامِ لِاعْتِقَادِ الْكُفْرِ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ: أَنَّهُمْ يَعْتَقِدُونَ الْعَبْدَ الْمُرْتَدَّ مَالًا وَلَا يضمن بِالْإِتْلَافِ الْمُسْلِمُ لِلذِّمِّيِّ وَلَا ذِمِّيٌّ لِمُسْلِمٍ وَيَعْتَقِدُونَ الْمُصْحَفَ وَالشُّحُومَ لَيْسَ بِمَالٍ وَنَضْمَنُهَا لَهُمْ وَيَضْمَنُونَهَا لَنَا فَلَوْ ضَمَّنَّا الْمُسْلِمَ لَضَمِنَ بِالْمِثْلِ وَلَمَّا لَمْ يَضْمَنْهَا بِالْمِثْلِ لَمْ تَكُنْ مَضْمُونَةً وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ: أَنَّ عِظَمَ الْإِسْلَامِ أَوْجَبَ لَهُ الْكَمَالَ فَلَا تُقَرُّ مَعَهُ مَفْسَدَةٌ وَعَقْدُ الذِّمَّةِ لِنَقْصِهِ تَثْبُتُ مَعَهُ الْمَفَاسِدُ بِدَلِيلِ ثُبُوتِ الْكُفْرِ وَغَيْرِهِ وَعَنِ الثَّانِي: الْقَوْلُ بِالْمُوجِبِ فَإِنَّ الثَّمَنَ فِي الشَّرْعِ مَا نَشَأَ عَنِ الْعَقْدِ وَهُوَ مُحَرَّمٌ وَالْقِيمَةُ مَا نَشَأَ عَنِ الْإِتْلَافِ وَهِيَ الَّتِي أَوْجَبْنَاهَا دُونَ الثَّمَنِ فَلَمْ يَتَنَاوَلِ الْحَدِيثُ صُورَةَ النِّزَاعِ لِأَنَّ قِيمَةَ أُمِّ الْوَلَدِ حَلَالٌ وَثَمَنُهَا حَرَامٌ وَالْقِيمَةُ فِي قَتْلِ الصَّيْدِ عَلَى الْمُحْرِمِ حَلَالٌ وَثَمَنُهُ حَرَامٌ وَمَهْرُ الْمَجُوسِيَّةِ حَرَامٌ وَمَهْرُ بُضْعِهَا بِالْإِتْلَافِ حَلَالٌ وَعَنِ الثَّالِثِ: أَنَّ الْبَوْلَ غير مُتَمَوّل لَهُم وَأما الْميتَة والندم فَمنع بالحكم فيهمَا بل يضمنَانِ لأنما مَالٌ لَهُمْ وَيَأْكُلُونَهُمَا وَلَوْ عَدُّوا أَيْضًا الْبَوْلَ مَالًا قَالَ أَصْحَابُنَا: نَضْمَنُهُ أَيْضًا وَعَنِ الرَّابِعِ: الْفَرْقُ أَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَعُدُّهَا مَالًا بِخِلَافِهِ وَلِأَنَّهُ خَالَفَهُ فِي التَّمَكُّنِ مِنَ الشُّرْبِ وَالتَّصَرُّفِ فَيُخَالِفُهُ فِي الضَّمَانِ وَعَنِ الْخَامِسِ: لَوْ كَانَتْ لَهُمْ قَافِلَةٌ فِيهَا خَمْرٌ فَمَرَّ بِهَا قُطَّاعُ الطَّرِيق وَجب على الإِمَام حمابتهم وَالذَّبُّ عَنْهُمْ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا كَأَنْفُسِهِمْ مَعْصُومَةٌ وَعَنِ السَّادِسِ: انْتِقَاضُهُ بِالْحَدِّ وَلِأَنَّ اعْتِقَادَهُمُ التَّثْلِيثَ وَالصَّاحِبَةَ وَالْوَلَدَ كُفْرٌ وَقَدْ نَزَلَ اعْتِقَادُ الْإِسْلَامِ وَأَقْرَرْنَاهُمْ عَلَى اعْتِقَادِهِمْ وَأَمَّا الْعَبْدُ الْمُرْتَدُّ: فَلِأَنَّهُ لَا يُقَرُّ عَلَى دِينِهِ وَلِأَنَّهُ أَبَاحَ دَمَ نَفْسِهِ بِالرِّدَّةِ فَهُوَ كَمَا لَوْ أَبَاحَنَا الذِّمِّيُّ مَالِهِ أَوْ خَمْرِهِ فَإِنَّهُ لَا يُضْمَنُ وَأَمَّا الْمُصْحَفُ فَهُمْ يَعُدُّونَهُ مَالًا كَلَامًا حَسَنًا فَصِيحًا يَسْتَحْسِنُونَهُ وَيُعَلِّمُونَهُ أَوْلَادَهُمْ كَالشِّعْرِ الْحَسَنِ ثُمَّ الْمُصْحَفُ وَالشُّحُومُ حُجَّةٌ عَلَيْكُمْ لِأَنَّا غَلَّبْنَا فِي التَّضْمِينِ قَوْلَ مَنْ يَعْتَقِدُهُمَا مَالًا فَلْيَكُنِ الْخَمْرُ مِثْلَهُ وَعَنِ السَّابِعِ: أَنَّهَا حَرَامٌ عَلَى الْمُسْلِمِ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَمْلِكَ الْمِثْلَ حَتَّى يَبْذُلَهُ لِلذِّمِّيِّ كَمَا لَوْ قَتَلَهُ بِآلَةِ اللِّوَاطِ فَإِنَّ الْقِصَاصَ بِالْمِثْلِ وَمَعَ ذَلِكَ فَنَعْدِلُ إِلَى غَيْرِهَا فَهُوَ مِمَّا عُدِلَ فِيهِ عَنِ الْمِثْلِ إِلَى الْقِيمَةِ لِلضَّرُورَةِ كَالصَّبْرَةِ إِذَا جُهِلَ كَيْلُهَا فَإِنَّهَا تُضْمَنُ بِالْقِيمَةِ تَفْرِيعٌ: قَالَ فِي الْكِتَابِ: يُقْضَى بَيْنَ أهل الذِّمَّة فِي غصب الْخمر وإفساده وَلَا يُقْضَى بَيْنَهُمْ فِي تَظَالُمِهِمْ فِي الرِّبَا وَتَرْكُ الْحُكْمِ أَحَبُّ إِلَيَّ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {فاحكم بَينهم أَو أعرض عَنْهُم} فِي التَّنْبِيهَات: وَقع فِي بعض الرِّوَايَات: بقومها أَهْلُ دِينِهِمْ وَعَلَى الْأَوَّلِ اخْتَصَرَ الْمُخْتَصِرُونَ وَاخْتُلِفَ فِي تَعْمِيمِ قَوْلِهِ: تَرْكُ الْحُكْمِ أَحَبُّ إِلَيَّ هَلْ يَخْتَصُّ بِالرِّبَا أَوْ يَعُمُّ؟ وَمُرَادُهُ: إِذَا طَلَبُوا الْحُكْمَ بَيْنَهُمْ بِغَيْرِ حُكْمِ الْإِسْلَامِ أَمَّا حُكْمُ الْإِسْلَامِ فَلَا نَكْرَهُهُ وَقِيلَ: نَكْرَهُهُ لِأَنَّ حُكْمَ الْإِسْلَامِ فِي حَقِّهِمْ غَيْرُ مُتَوَجِّهٍ كَحُكْمِ الطَّلَاقِ مَثَلًا وَفِي التَّلْقِينِ: اخْتُلِفَ فِي ضَمَانِ خَمْرِ الذِّمِّيِّ وَخِنْزِيرِهِ.
الْفَرْعُ السَّادِسُ: فِي الْجَوَاهِرِ: لَا يُضْمَنُ خَمْرُ الذِّمِّيِّ وَلَا مَا نَقَصَتِ الملاهي بِكَسْرِهَا وتغييرها عَن حَالهَا وَقَالَهُ الأيمة.
الْفَرْعُ السَّابِعُ: قَالَ: مَنْفَعَةُ الْأَعْيَانِ لَا تُضْمَنُ بِالْفَوَاتِ تَحْتَ الْيَدِ الْعَادِيَّةِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ وَغَيْرُهُ: عَلَيْهِ الْكِرَاءُ إِذَا غَلَّقَ الدَّارَ وَبَوَّرَ الْأَرْضَ وَلَمْ يَسْتَخْدِمِ الْعَبْدَ وَوَقَفَ الدَّابَّةَ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: إِذَا بَاعَ الْغَاصِبُ أَوْ وَهَبَ غَرِمَ الْغَلَّةَ الَّتِي اغْتَلَّ الْمُشْتَرِيَ والموهوب فَإِن يَغْرَمُ مَا حَرَّمَ رَبُّهَا مِنْ تِلْكَ الْغَلَّاتِ بِغَصْبِهِ لِأَنَّهُ الْمُسْتَهْلِكُ وَوَافَقَ ابْنَ الْقَاسِمِ (ح) وَأَشْهَبَ (ش) وَابْنُ حَنْبَلٍ وَأَصْلُ الْفَرْعِ: أَنَّ الْمَنَافِعَ هَلْ هِيَ مَالٌ فِي نَفْسِهَا فَتُضْمَنُ بِالْفَوَاتِ أَوْ لَا تَكُونُ مَالًا إِلَّا بِعَقْدٍ أَوْ شُبْهَةِ عَقْدٍ كَالْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ فَإِنَّ فِيهَا أُجْرَةَ الْمِثْلِ فَلَا تُضْمَنُ بِالْفَوَاتِ وَنَقَضَ (ش) أَصْلَهُ بِمَنَافِعِ الْحُرِّ لَنَا: قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ وَالْأَعْيَانُ مَضْمُونَةٌ فَتَكُونُ مَنَافِعُهَا لِلضَّمَانِ فَلَا يَضْمَنُهَا وَهُوَ الْمَطْلُوبُ وَالْحَدِيثُ وَإِنْ كَانَ إِنَّمَا وَرَدَ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ فَالْعِبْرَةُ بِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا بِخُصُوصِ السَّبَبِ وَالْقِيَاسُ عَلَى فَوَاتِ مَنَافِع بضع الْأمة إِذا حسبها عَنِ التَّزْوِيجِ وَعَلَى مَنَافِعِ الْحُرِّ وَفَرَّقَ (ش) بِأَنَّ مَنَافِعَ الْحُرِّ تَحْتَ يَدِهِ لِأَنَّهُ صَاحِبُ يَدٍ فَلَا تَتَحَقَّقُ يَدُ الْغَاصِبِ بِخِلَافِ الْعَقَارِ وَالْحَيَوَانِ الْبَهِيمِ لَا يَدَ فَقَبِلَتْ مَنَافِعَهُ يَدُ الْغَاصِبِ وَيَدُلُّنَا عَلَى الْمَنَافِعِ أَنَّهَا لَيْسَتْ مَالًا: خَمْسَة أوجه: أَحدهمَا: لَا تُقَوَّمُ عَلَى الْمُفَلَّسِ وَثَانِيهَا: لَا تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ وَثَالِثُهَا: لَوْ تَوَانَى الْوَصِيُّ فِي عَقَارِ الْيَتَامَى لَمْ يُؤَجِّرْهُ لَمْ يَضْمَنْ وَلَوْ تَسَبَّبَ أَوْ أَهْمَلَ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ ضَمِنَهُ وَرَابِعُهَا عَلَى أَصْلِهِمْ: لَوْ قَالَ: خُذْ هَذِهِ الْحِنْطَةَ فَازْرَعْهَا لِنَفْسِكَ ضُمِنَتِ الْحِنْطَةُ دُونَ الْمَنْفَعَةِ وَخَامِسُهَا: أَنَّ الْمَرِيضَ إِذَا أَهْمَلَ دُورَهُ أَوْ عَبِيدَهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ لَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ فِي الثُّلُثِ وَلِأَنَّ الضَّمَانَ يَتَعَلَّقُ بِالْإِتْلَافِ وَالْمَنَافِعُ قَبْلَ وُجُودِهَا يَسْتَحِيلُ إِتْلَافُهَا لِأَنَّهَا مَعْدُومَةٌ وَبَعْدَ وُجُودِهَا لَا تَبْقَى لِأَنَّهَا أَعْرَاضٌ لَا تَبْقَى زَمَانَيْنِ فَهِيَ تَنْعَدِمُ بِنَفْسِهَا فَيُتَصَوَّرُ فِيهَا التَّلَفُ لَا الْإِتْلَافُ لِأَنَّ الْإِتْلَافَ قَطْعُ الْبَقَاءِ وَلَا بَقَاءَ فَلَا إِتْلَافَ بِخِلَافِ الْأَعْيَانِ فَإِنَّهَا بَاقِيَةٌ وَيُخَالِفُ ذَلِكَ الضَّمَان فِي الْإِجَارَة لِأَنَّهُ ضَمَان بِشَرْط ضَمَانُ إِتْلَافٍ وَبِخِلَافِ بَطْشِ الْيَدِ وَمَشْيِ الرِّجْلِ وَمَنَافِعِ الْأَعْضَاءِ لِأَنَّهُ عِنْدَنَا ضَمَانُ الْأَعْيَانِ الْقَائِمَةِ لَا الْأَعْرَاض الفانية وَمَنَافع الْبضْع لأَنا عِنْدَنَا فِي حُكْمِ الْأَجْزَاءِ وَلَا يَلْزَمُنَا غَاصِبُ السُّكْنَى دُونَ الرَّقَبَةِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا لِأَنَّهَا مُسْتَغَلَّةٌ وَكَلَامُنَا فِي الْبَائِعِ لِأَصْلٍ مَضْمُونٍ وَلَا مَا إِذَا غَصَبَ ثَوْبًا فَفَتَقَهُ وَأَخْرَجَ خُيُوطَهُ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ تَغْيِيرِ الْعَيْنِ لَا مِنْ بَابِ الْمَنَافِعِ وَلِأَنَّ الْقَابِضَ لِلسَّوْمِ يَضْمَنُ الْعَيْنَ دُونَ مَنْفَعَتِهَا فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَجْتَمِعُ ضَمَانُ الْعَيْنِ وَالْمَنْفَعَةُ لِمَالِكٍ وَاحِدٍ وَبِهَذِهِ النُّكْتَةِ تَنْدَفِعُ النُّقُوضُ احْتَجُّوا عَلَى أَنَّ الْمَنَافِعَ أَمْوَالٌ: بِأَنَّهَا تُمَلَّكُ الْإِرْث وَالْوَصِيَّةِ وَلِأَنَّ الْوَصِيَّ يَجُوزُ لَهُ بَذْلُ مَالِ الْيَتِيم فِيهَا وَلِأَنَّهَا مَال تُمَلَّكُ بِالْإِرْثِ وَالْوَصِيَّةِ وَلِأَنَّ الْوَصِيَّ يَجُوزُ لَهُ بَذْلُ مَالِ الْيَتِيمِ فِيهَا وَلِأَنَّهَا مَالٌ بِالْعَقْدِ وَالْعَقْدُ لَا يُصَيِّرُ مَا لَيْسَ بِمَالٍ مَالًا بَلْ صِحَّتُهُ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى الْمَالِيَّةِ فَلَوْ تَوَقَّفَتِ الْمَالِيَّةُ لَزِمَ الدَّوْرُ وَلِأَنَّهَا يَدْخُلُهَا الْإِذْنُ وَالْإِبَاحَةُ كَسَائِرِ الْأَمْوَالِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتدى عَلَيْكُم} وَالْقِيمَةُ مِثْلٌ فِي الْمَالِيَّةِ فَيَجِبُ تَوْفِيَةٌ بِالنَّصِّ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ وَلِأَنَّهَا تُضْمَنُ بِالْعَقْدِ وَشُبْهَةِ الْعَقْدِ فَتُضْمَنُ بِالْإِتْلَافِ كَالْأَعْيَانِ وَلِأَنَّ الْعَيْنَ إِنَّمَا تُضْمَنُ لِتَضَمُّنِهَا الْمَنَافِعَ لِأَنَّ مَا لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ لَا يُضْمَنُ فَإِذَا كَانَتْ هِيَ أَصْلَ الضَّمَانِ فَهِيَ أَوْلَى أَنْ تُضْمَنَ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي وَالثَّالِثِ وَالرَّابِعِ: النَّقْضُ بِمَنْفَعَةِ الْبُضْعِ فَإِنَّهَا تَجْرِي مَجْرَى الْمَالِ فِي الضَّمَانِ بِالْمُسَمَّى فِي الْعَقْدِ الصَّحِيحِ وَبِالْمِثْلِ فِي الْعَقْدِ الْفَاسِدِ وَمَعَ ذَلِكَ فَلَا تُضْمَنُ بِالْغَصْبِ وَعَنِ الْخَامِسِ: أَنَّهَا وَارِدَةٌ فِي الدِّمَاءِ لِأَنَّهَا نَزَلَتْ فِي قِصَّةِ أُحُدٍ لَمَّا مَثَّلَ الْمُشْرِكُونَ بِالْمُسْلِمِينَ قَالَ الْمُسْلِمُونَ: لَنُمَثِّلَنَّ بِهِمْ مُثْلَةً مَا سُمِعَتْ فِي الْعَرَبِ فَنَزَلَتِ الْآيَةُ وَلِأَنَّ قَوْله تَعَالَى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُم} وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي نُفُوسِنَا دُونَ أَمْوَالِنَا فَلَا حُجَّةَ فِيهَا وَعَنِ السَّادِسِ: نَقْضُهُ بِمَنْفَعَةِ الْبُضْعِ فَإِنَّهُ يُضْمَنُ بِالْمُسَمَّى فِي الْعَقْدِ الصَّحِيحِ وَبِالْمِثْلِ فِي الْفَاسِدِ وَلَوْ غَصَبَ أَمَةً أَوْ حَبَسَ حُرَّةً وَمَاتَتْ فِي يَدِهِ لَمْ يَجِبْ ضَمَانُ بُضْعِهَا وَبِالْحَرْبِيِّ يُضْمَنُ مَالُ الْمُسْلِمِ الْمُسَمَّى فِي الْعَقْدِ الصَّحِيحِ وَلَا يُضْمَنُ مِنْ غَيْرِ عَقْدٍ وَلَا شُبْهَةٍ وَبِالْبُضْعِ يَضْمَنُهُ الزَّوْجُ بِالْمُسَمَّى فِي الْعَقْدِ وَالْمَرْأَةُ تَضْمَنُهُ بِالْمُسَمَّى فِي الْخُلْعِ وَلَا يَضْمَنُهُ بِالرِّدَّةِ بَعْدَ الدُّخُولِ وَعَنِ السَّابِعِ: أَنَّ الْمَنَافِعَ هِيَ سَبَبُ صَيْرُورَةِ الْأَعْيَانِ بِسَبَبِ الضَّمَانِ عِنْدَ الْإِتْلَافِ وَسَبَبُ السَّبَبِ لِلشَّيْءِ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ سَبَبَ الشَّيْءِ لِأَنَّ الْأَعْضَاءَ سَبَبُ الطَّاعَةِ وَالطَّاعَةُ سَبَبُ دُخُولِ الْجَنَّةِ وَالْأَعْضَاءُ لَيْسَتْ سَبَبَ الْجَزَاءِ بِالْجَنَّةِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ كَسْبِ الْعَبْدِ وَمَا لَيْسَ مِنْ كَسْبِهِ لَا يُجَازَى عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ الْعَقْلُ سَبَبُ الْإِيمَانِ وَالْمَعَارِفِ وَالْعُلُومِ وَهِيَ سَبَبُ الْجَزَاءِ بِالسَّعَادَةِ الدَّائِمَةِ وَهُوَ لَا يَكُونُ سَبَبَ الْجَزَاءِ لِكَوْنِهِ لَيْسَ مِنْ كَسْبِهِ وَالصَّحِيحُ مِنْ أَصُولِ الْفِقْهِ: عَدَمُ التَّعْلِيلِ بِالْحِكْمَةِ مَعَ أَنَّهَا سَبَبُ عِلِّيَّةِ الْعِلَّةِ وَنَظَائِرُهُ كَثِيرَةٌ.
الْفَرْعُ الثَّامِنُ: زَوَائِدُ الْعَيْنِ الْمَغْصُوبَةِ فِي يَدِ الْغَاصِبِ كَالسَّمْنِ وَتَعَلُّمِ الصَّنْعَةِ وَعُلُوِّ الْقِيمَةِ ثُمَّ يَذْهَبُ ذَلِكَ لَا يَضْمَنُهُ الْغَاصِبُ وَتَأْخُذُ سِلْعَتَكَ وَلَا شَيْءَ لَكَ وَكَذَلِكَ الْوَلَدُ بِخِلَافِ مَا كَانَ عِنْدَ الْغَصْبِ وَقَالَ (ح) خِلَافًا لِ (ش) وَابْنِ حَنْبَلٍ وَأَصْلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْغَصْبَ هَلْ هُوَ إِثْبَاتُ الْيَدِ الْعَادِيَّةِ وَهِيَ مَوْجُودَةٌ فَيُضْمَنُ أَوْ إِثْبَاتُهَا مَعَ رَفْعِ الْيَدِ الْمُحِقَّةِ وَلَمْ تَرْفَعْ عَنِ الزَّوَائِدِ يَدًا مُحِقَّةً فَلَا يُضْمَنُ لَنَا: أَنَّهُ حَصَلَ فِي يَدِهِ بِغَيْرِ شُبْهَةٍ فَلَمْ يَضْمَنْهُ قِيَاسًا عَلَى الثَّوْب تلقيه الرّيح فِي بَيته أَو حجر إِذَا قَعَدَ فِي الطَّرِيقِ عُدْوَانًا وَهُوَ يَكْتَسِبُ احْتَجُّوا: بِأَنَّ الْيَدَ تَثْبُتُ عَلَى الْوَلَدِ وَغَيْرِهِ تبعا لَان الْيَد فِي كل شَيْء عَلَى جِنْسِهِ عَادَةً كَمَا تَثْبُتُ يَدُ الْمُشْتَرِي وَغَيْرِهِ عَلَى وَلَدِ الْأَمَةِ تَبَعًا فِي سَائِرِ الْعُقُودِ وَقِيَاسًا عَلَى الزِّيَادَةِ الْحَاصِلَةِ عِنْدَ الْغَصْبِ وَلِأَنَّهُ غَاصِبٌ فِي الِاسْتِمْرَارِ كَمَا هُوَ غَاصِبٌ ابْتِدَاءً بِدَلِيلِ الْحَقِيقَةِ وَالْحُكْمِ وَالِاسْمِ أَمَّا الْحَقِيقَةُ: فَالْغَصْبُ لِلِاسْتِيلَاءِ عَلَى مِلْكِ الْغَيْرِ قهرا وعدواناً وَهَذِه الْحَقِيقَة مستمرة بالفسيق وَالضَّمَانِ وَالْعُقُوبَةِ ابْتِدَاءً وَدَوَامًا وَأَمَّا الِاسْمُ فَهُوَ يُسَمَّى غَاصِبًا انْتِهَاءً وَابْتِدَاءً وَلِأَنَّهَا إِذَا تَلِفَتْ تُقَوَّمُ حَامِلًا وَسَمِينَةً وَغَيْرَ ذَلِكَ وَلَوْلَا ثُبُوتُ الْيَدِ وَالضَّمَانِ لَمْ تُقَوَّمْ بِذَلِكَ وَلِأَنَّهُ إِنَّمَا حَدَثَ عَنْ أَصْلٍ مَضْمُونٍ بِيَدٍ عَادِيَّةٍ فَيُضْمَنُ كَنَمَاءِ الصَّيْدِ فِي حَقِّ الْمُحْرِمِ فَإِنَّهُ إِذَا سَمَّنَ الصَّيْدَ عِنْدَهُ أَوْ حَمَلَ ثُمَّ مَاتَ الْوَلَدُ أَوْ هَزَلَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ وَكِلَاهُمَا مَأْمُورٌ بِالتَّرْكِ فِي كُلِّ وَقْتٍ وَلِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ تَحْتَ يَدِهِ فَيَضْمَنُهَا كَأُصُولِهَا وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ: الْفَرْقُ بَيْنَ الْعُقُودِ تُشْتَرَى لِلزَّوَائِدِ تَبَعًا أَنَّهَا تَتَنَاوَلُ الْمِلْكَ وَالْغَصْبُ لَا يَتَنَاوَلُ الْمِلْكَ إِنَّمَا يَسْرِي لِلْمَنْعِ وَالْعُقُودُ تَقْتَضِي الْمَنْعَ وَالْمِلْكَ فَكَانَتْ أَقْوَى فَلِذَلِكَ امْتَنَعَتِ الزَّوَائِدُ وَعَنِ الثَّانِي: الْفَرْقُ بِأَنَّهَا تَتَنَاوَلُهَا بَعْدَ الْغَصْبِ وَلَمْ يَتَجَدَّدْ فِعْلٌ عِنْدَ حُدُوثِ هَذِهِ حَتَّى يَتَنَاوَلَهَا وَعَنِ الثَّالِثِ: أَنَّ الْغَصْبَ حَقِيقَةٌ كَالسَّرِقَةِ وَالشِّرَاءِ وَغَيْرِهَا فَكَمَا أَنَّ السَّارِقَ لَا يُعَدُّ سَارِقًا بِمَا فِي يَدِهِ فِي كُلِّ زَمَانٍ مَضَى عَلَيْهِ وَإِلَّا لَثَبَتَ الْحَدُّ عَلَيْهِ بَعْدَ سُقُوطِهِ كَمَا إِذَا سَرَقَ دُونَ النِّصَابِ ثُمَّ صَارَ نِصَابًا بِزِيَادَةِ الْقِيمَةِ فِي يَدِهِ وَالْمُشْتَرِي لَا يُعَدُّ مُشْتَرِيًا فِي كُلِّ زَمَانٍ بِدَلِيلِ أَنَّ أَهْلِيَّةَ الْعَقْدِ قَدْ تَنْفَكُّ عَنْهُ بِالْجُنُونِ وَغَيْرِهِ فَكَذَلِكَ الْغَاصِبُ فَإِنْ قِيلَ: الْغَصْبُ فِعْلٌ وَاسْتِدَامَةُ الْفِعْلِ فِعْلٌ كَمَنْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا وَهُوَ لَابِسٌ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ وَالشِّرَاءُ قَوْلٌ وَاسْتِدَامَةُ الْقَوْلِ لَيْسَتْ قَوْلًا قُلْنَا: يَبْطُلُ بِالسَّرِقَةِ وَالِاصْطِيَادِ وَالِاحْتِشَاشِ وَلَا يُسَمَّى صَائِدًا لِأَنَّهُ قَدْ يَصِيرُ مُحَرَّمًا فَلَا يَلْزَمُهُ جَزَاءٌ وَلَا مُحْتَشًّا لِأَنَّهُ قَدْ تَذْهَبُ قدرته وَلَا فعل مَعَ الْقُدْرَة فَتبْطل الْحَقِيقَة وَالِاسْم وَالْحكم إِلَّا مَا أَجْمَعْنَا عَلَيْهِ فَهُوَ بِالْإِجْمَاعِ لَا بِمَا ذَكَرْتُمُوهُ وَعَنِ الرَّابِعِ: مَنْعُ الْحُكْمِ بَلِ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْغَصْبِ وَعَنِ الْخَامِسِ: مَنْعُ الْحُكْمِ أَيْضًا وَقَوْلُكُمْ: إِنَّهُ مَأْمُورٌ بِالرَّدِّ فَفِي الْأَصْلِ دون الزِّيَادَة كمن غصب درهما وَبِيَدِهِ دِرْهَم لِصَاحِبِهِ وَدِيعَةٌ فَإِنَّهُ مَأْمُورٌ بِالرَّدِّ وَلَا يَتَمَكَّنُ إِلَّا بِرَدِّ الْجَمِيعِ.
الْفَرْعُ التَّاسِعُ: الْعَقَارُ عِنْدَنَا يُضْمَنُ بِالْغَصْبِ وَكَذَلِكَ الْأَشْجَارُ مِنَ النَّخِيلِ وَغَيْرِهَا إِذَا تَلِفَتْ بِصَنْعَةٍ أَوْ بِغَيْرِ صَنْعَةٍ وَقَالَهُ (ش) وَابْن حَنْبَل وَقَالَهُ (ح): لَا يُضْمَنُ بِالْغَصْبِ وَأَصْلُ الْمَسْأَلَةِ: أَنَّ الْغَصْبَ عِنْدَنَا الِاسْتِيلَاءُ عَلَى مَالِ الْغَيْرِ عُدْوَانًا وَعِنْدَهُ: لَا بُدَّ مَعَ ذَلِكَ مِنَ النَّقْلِ وَهُوَ مُتَعَذَّرٌ فِي الْعَقَارِ وَهَذَا الْفَرْعُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنَ الْمُتَرَدِّدِ بَيْنَ الْمَالِيَّةِ وَعَدَمِهَا لَكِنَّهُ مِمَّا يَخْتَصُّ بِهَذَا الرُّكْنِ لِكَوْنِهِ مِمَّا يَجِبُ فِيهِ لَنَا قَوْله تَعَالَى: {إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاس} وَهَذَا ظَالِمٌ فَعَلَيْهِ كُلُّ سَبِيلٍ لِأَنَّ الْأَلِفَ وَاللَّامَ لِلْعُمُومِ وَلِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «مَنْ غَصَبَ شِبْرًا مِنَ الْأَرْضِ» الْحَدِيثَ فَسَمَّاهُ غَاصِبًا وَلِأَنَّ الْعَادَةَ أَنْ يَقُولَ الْقَائِلُ: غَصَبَنِي أَرْضِي وَالْأَصْلُ فِي الِاسْتِعْمَالِ الْحَقِيقَةُ وَلِأَنَّ الْغَصْبَ الْحَيْلُولَةُ وَقَدْ وجد فِي الْعَقَارِ كَالْمَنْقُولِ وَلِأَنَّ انْتِقَالَ ضَمَانِهَا لِلْمُشْتَرِي بِالْقَبْضِ فَتَكُونُ قَابِلَةً لِوَضْعِ الْيَدِ فَإِذَا كَانَتْ عُدْوَانًا فَهُوَ الْغَصْبُ وَكَذَلِكَ فِي الْهِبَةِ وَالْوَصِيَّةِ وَالرَّهْنِ وَبِجَعْلِ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ وَهُوَ يَسْتَدْعِي انْتِقَالًا فِي الْأَيْدِي وَالْأَمْلَاكِ وَإِلَّا بَطَلَ السَّلَمُ وَلِأَنَّهُ يَجْرِي فِيهِ ضَمَانُ الرُّجُوعِ عَنِ الشَّهَادَةِ وَضَمَانُ الْجَحُودِ فِي الْوَدِيعَةِ وَضَمَانُ الْقَبْضِ بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ وَهُوَ قَبْضٌ عُدْوَانِيٌّ وَلِأَنَّ الضَّمَانَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى النَّقْلِ لِأَنَّ الْمُلْتَقِطَ إِنْ أَخَذَ لِنَفَسِهِ ضَمِنَ أَوْ لِلتَّعْرِيفِ لَا يَضْمَنُ وَالصُّورَةُ وَاحِدَةٌ وَإِنَّمَا نَشَأَ الضَّمَانُ عَنِ الْقَصْدِ وَكَذَلِكَ حَائِزُ الْوَدِيعَةِ لَمْ يَنْتَقِلْهَا وَلِأَنَّهُ يُضْمَنُ بِالْعُقُودِ فَيُضْمَنُ بِالْغَصْبِ كَالْمَنْقُولِ أَوْ نَقُولُ: يُضْمَنُ بِالْإِتْلَافِ فَيُضْمَنُ بِالْغَصْبِ كَالْمَنْقُولِ احْتَجُّوا: بِأَنَّهُ مَنَعَ الْمَالِكَ مِنْ مِلْكِهِ بِغَيْرِ نَقْلٍ فَلَا يُضْمَنُ كَمَا لَوْ حَبَسَهُ حَتَّى هَلَكَ مَالُهُ وَلَمْ يَكُنْ يَعْرِضُ لِمَالِهِ وَالْعَقَارُ لَا يَتَحَقَّقُ فِيهِ إِلَّا الْحَيْلُولَةُ بَيْنَ الْمَالِكِ وَبَيْنَهُ وَلَوْ أَنَّهُ دَخَلَ دَارًا يَظُنُّهَا دَارَهُ لَمْ يَضْمَنْهَا مَعَ أَنَّهُ وَضَعَ يَدَهُ وَاسْتَوْلَى عَلَيْهَا وَلَوْ نَقَلَ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الدَّارِ ضَمِنَهُ فَعَلِمَ أَنَّ سَبَبَ الضَّمَانِ: النَّقْلُ وَلِأَنَّ مَوْضِعَ الْإِجْمَاعِ فِي الْغَصْبِ حَيْثُ وُجِدَ وَضْعُ الْيَدِ عُدْوَانًا مَعَ النَّقْلِ وَهُوَ أَتَمُّ مِنْ وَضْعِ الْيَدِ مِنْ غَيْرِ نَقْلٍ لِأَنَّ النَّقْلَ يُوجِبُ التَّعَرُّضَ لِلتَّلَفِ وَالْقَاصِرُ عَنْ مَوْضِعِ الْإِجْمَاعِ لَا يَلْحَقُ بِهِ وَلِأَنَّهُ لَا تَصِحُّ سَرِقَتُهُ فَلَا يَصِحُّ غَصْبُهُ كَالْحرِّ أَو لانه يُمْكِنُ نَقْلُهُ فَلَا يُمْكِنُ غَصْبُهُ كَمَنْعِهِ الْبُضْعَ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ: أَنَّ حَبْسَهُ عَنْ مَتَاعِهِ وِزَانُهُ حَبْسُهُ حَتَّى انْهَدَمَتْ دَارُهُ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِلدَّارِ وَلَا تَسَبُّبٍ وَأَمَّا فِي صُورَةِ النِّزَاعِ: فَاسْتَوْلَى وَقَصَدَ الْعَقَارَ بِوَضْعِ الْيَدِ وَالِاسْتِيلَاءِ وَفِعْلِ ذَلِكَ فَيُضْمَنُ كَالْمَنْقُولِ وَعَنِ الثَّانِي: أَنَّ قُصُورَ صُورَةِ النِّزَاعِ عَنْ صُورَةِ الْإِجْمَاعِ لَا يَمْنَعُ مِنْ لُحُوقِهَا بِمَوْضِعِ الْإِجْمَاعِ لِدَلَالَةِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ السَّبَبَ هُوَ الْمُشْتَرَكُ بَيْنَهُمَا بِدَلِيلِ خَمْرِ الْوَدِيعَةِ وَمَا ذُكِرَ مَعَهَا فَإِنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ هُنَاكَ نَقْلٌ مَعَ صُورَةِ الضَّمَانِ وَعَنِ الثَّالِثِ: أَنَّ الْحُرَّ عِنْدَنَا تَصِحُّ سَرِقَتُهُ إِذَا كَانَ صَغِيرًا أَوْ نَائِمًا ثُمَّ الْفَرْقُ: أَنَّ الْحُرَّ لَيْسَ بِمَالٍ وَالْعَقَارَ مَالٌ وَمِنْ وَجْهٍ آخَرَ: السَّرِقَةُ لَا بُدَّ فِيهَا مِنَ الْإِخْرَاجِ مِنَ الْحِرْزِ وَهُوَ مُتَعَذَّرٌ فِي الْعَقَارِ وَالْغَصْبُ الِاسْتِيلَاءُ عُدْوَانًا وَهُوَ مُتَيَسَّرٌ فِيهِ وَعَنِ الرَّابِعِ: الْفَرْقُ أَنَّ مَنْفَعَةَ الْبُضْعِ لَيْسَ بِمَالٍ بِدَلِيلِ أَنَّهَا لَا تستباح بِالْإِبَاحَةِ وَلَا يملك بِالْإِذْنِ وَالْوَصِيَّةِ ثُمَّ نَقُولُ: كَمَا اسْتَوَتِ الْمَنْقُولَاتُ فِي النَّقْلِ وَاخْتَلَفَتْ فِي ضَمَانِ الْغَصْبِ فَتُضْمَنُ الْأَمَةُ الْقِنُّ دُونَ أُمِّ الْوَلَدِ عِنْدَكُمْ لِيَسْتَوِيَ الْبُضْعُ وَالْعَقَارُ فِي عَدَمِ النَّقْلِ وَيَخْتَلِفَانِ فِي الْغَصْب.