فصل: الرُّكْنُ الرَّابِعُ الشَّيْءُ الْمَضْمُونُ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة (نسخة منقحة)



.الرُّكْنُ الثَّانِي الْمَضْمُونُ لَهُ:

وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا تُشْتَرَطُ مَعْرِفَتُهُ بَلْ لَوْ مَاتَ مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَا يَدْرِي كَمْ هُوَ وَتَرَكَ مَالًا جَازَ تَحَمُّلُ بَعْضِ الْوَرَثَةِ الدَّيْنَ إِلَى أَجَلٍ عَلَى أَنْ يُخْلَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَالِهِ عَلَى أَنَّ مَا فَضَلَ لَهُ وَلِجَمِيعِ الْوَرَثَةِ عَلَى الْفَرَائِضِ وَمَا نَقُصَ فَعَلَيْهِ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ لِلْمَيِّتِ وَلِلْوَرَثَةِ كَانَ الدَّيْنُ نَقْدًا أَوْ إِلَى أَجَلٍ فَإِنْ طَرَأَ غَرِيمٌ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْكَفِيلُ غَرِمَ لَهُ وَلَا يَنْفَعُهُ قَوْلُهُمْ لَمْ أَعْلَمْ بِهِ لِأَنَّهُ مِنَ الْمَعْرُوفِ الَّذِي الْتَزَمَهُ وَوَافَقَنَا ش فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ وَابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ ح لَا بُدَّ مِنْ رِضَاهُ لِأَنَّهُ حق مَا لي يَتَعَلَّقُ بِهِ فَيُشْتَرَطُ رِضَاهُ كَالْبَيْعِ وَالْحَوَالَةِ لِأَنَّهُ إِيجَابُ مَالٍ فِي الذِّمَّةِ وَلِأَنَّ الْحَمِيلَ جِهَةُ الْوَفَاءِ فَيَفْتَقِرُ إِلَى رِضَا الْمُسْتَوْفِي وَهُوَ الْمَضْمُونُ لَهُ كَالرَّهْنِ لَنَا أَنَّ الْكَفَالَةَ وَثِيقَةٌ فَلَا يُشْتَرَطُ رِضَا الْمُنْتَفِعِ بِهَا فِي انْعِقَادِهَا كَالشَّهَادَةِ وَقِيَاسًا عَلَى الْوَارِثِ يَضْمَنُ دَيْنَ الْمَرِيضِ ثُمَّ الْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْبَيْعِ أَنَّ الْمُنْتَفِعَ فِي الْبَيْعِ بَذَلَ عِوَضًا فَاشْتُرِطَ رِضَاهُ لِأَجْلِ مَا بَذَلَهُ بِخِلَافِ الْحَمَالَةِ وَبَيْنَ الرَّهْنِ وَبَيْنَهَا افْتِقَارُهُ إِلَى الْقَبْضِ وَالْقَبْضُ بِغَيْرِ الرِّضَا مُحَالٌ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِذَا ادَّعَيْتَ حَقًّا عَلَى مَنْ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ مُخَالَطَةٌ لَمْ يَكُنْ لَكَ كَفِيلٌ بِوَجْهِهِ حَتَّى يَثْبُتَ حَقُّكَ لِأَنَّهَا فَرْعُ ثُبُوتِ الْحَقِّ كَالرَّهْنِ وَقَالَ غَيْرُهُ إِذَا ثَبَتَتِ الْخلْطَةُ فَلَكَ لِتَوَقُّعِ الْبَيِّنَةِ وَإِنْ سَأَلْتَهُ وَكِيلًا بِالْخُصُومَةِ حَتَّى تُقِيمَ الْبَيِّنَةَ لَمْ يَلْزَمْهُ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ لِصِحَّةِ سَمَاعِهَا فِي غَيْبَتِهِ وَإِنْ سَأَلتهُ كَفِيلًا بِالْحَقِّ حَتَّى تُقِيمَ الْبَيِّنَةَ لَمْ يَلْزَمْهُ إِلَّا أَن تقيم شَاهدا فيلزمك لِتَمْلِيكٍ مِنَ الْحَقِّ بِالْحَلِفِ لَوْ شِئْتَ وَإِلَّا فَلَا إِلَّا أَنْ تَدَّعِيَ بَيِّنَةً تُحْضِرُهَا مِنَ السُّوقِ أَوْ مِنْ بَعْضِ الْقَبَائِلِ فَيُوقِفُ الْقَاضِي الْمَطْلُوبَ عِنْدَهُ لِمَجِيءِ الْبَيِّنَةِ فَإِنْ جِئْتَ بِهَا وَإِلَّا خُلِّيَ سَبِيلُهُ وَمَنْ قَضَى لَهُ بِدَفْعٍ أَوْ غَيْرِهِ أَنَّهُ وَارِثُهُ فَلَا يُؤْخَذُ بِذَلِكَ من الْمَقْضِيِّ لَهُ كَفِيلٌ وَكَذَلِكَ مَنِ اسْتَحَقَّ دَيْنًا قِبَلَ غَائِبٍ وَلَهُ رُبَاعٌ أَوَعُرُوضٌ حَاضِرَةٌ بَاعَهَا الْقَاضِي وَأَدَّى دَيْنَهُ وَلَا يَأْخُذُ مِنَ الْمَقْضِيِّ لَهُ بِذَلِكَ كَفِيلًا.

.الرُّكْنُ الثَّالِثُ الْمَضْمُونُ عَنْهُ:

وَفِي الْجَوَاهِر لَا يشْتَرط رِضَاهُ بل يُؤَدِّي دَيْنَ غَيْرِكَ بِغَيْرِ إِذْنِهِ وَوَافَقَنَا ش وَابْنُ حَنْبَلٍ فِي عَدَمِ اشْتِرَاطِ رِضَاهُ وَاشْتَرَطَهُ ح لِأَنَّهُ إِثْبَاتُ مَالٍ لِآدَمِيٍّ فَلَمْ يُثْبَتْ إِلَّا بِرِضَاهُ كَالْبَيْعِ يُشْتَرَطُ فِيهِ رِضَا كُلِّ مَنْ يَتَعَلَّقُ بِهِ ذَلِكَ الْمَالُ مِنْ مَنْقُولٍ إِلَيْهِ وَمَنْقُولٍ عَنْهُ وَهُوَ يَشْتَرِطُ رِضَا الثَّلَاثَةِ كِلَاهُمَا مَعَ الضَّامِن وَلَا يُشْتَرَطُ أَمْرُ الْمَكْفُولِ وَقَالَ لَا يُطَالِبُهُ الْكَفِيلُ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ عَنْهُ لِأَنَّ دَفْعَهُ فِي مَعْنَى الْقَرْضِ وَنَحْنُ لَا نَشْتَرِطُ إِلَّا رِضَا الضَّامِنِ لِأَنَّهُ الْمُتَبَرِّعُ وَالْبَاذِلُ لِمَالِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الرُّكْن الثَّانِي وَالْفرق بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْعِ لَنَا مَا رَوَاهُ أَبُو قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيُّ فَارِسُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَقْبَلَتْ جِنَازَةٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلْ عَلَى صَاحِبِكُمْ مِنْ دَيْنٍ فَقَالُوا عَلَيْهِ دِينَارَانِ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ فَقَالَ أَبُو قَتَادَةَ هُمَا عَلَيَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَصَلَّى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَوَى أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جَنَازَة وُضِعَتْ قَالَ هَلْ عَلَى صَاحِبِكُمْ مِنْ دَيْنٍ قَالُوا عَلَيْهِ دِرْهَمَانِ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ فَقَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ هُمَا عَلَيَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَأَنَا لَهُمَا ضَامِنٌ فَصَلَّى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ الْتَفَتَ إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُ جَزَاكَ اللَّهُ عَنِ الْإِسْلَامِ خَيْرًا وَفَكَّ رِهَانَكَ كَمَا فَكَكْتَ رِهَانَ أَخِيكَ وَلِأَنَّهُ مَعْنًى لَا يَمْنَعُ بَقَاءَ الضَّمَانِ فَلَا يَمْنَعُ ابْتِدَاءَهُ كَالْجُنُونِ وَالْجَوَاب عَلَى الْحَدِيثَيْنِ أَنَّ مَعْنَاهُمَا أَنَّ عليا وَأَبا قَتَادَة رَضِي الله عَنْهُمَا ضَمَان الْإِيصَالَ فَوَثِقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِمَا لِأَنَّهُمَا تَكَفَّلَا.
فَائِدَةٌ:
امْتِنَاعُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الصَّلَاةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَيِّتَ كَانَ عَاصِيًا بِسَبَبِ الدَّيْنِ مَعَ أَنَّ الْمُدَايَنَةَ جَائِزَةٌ وَلَا سِيَّمَا وَفِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ الْآنَ بَرُدَتْ جِلْدَةُ صَاحِبِكَ وَيَدُلُّ أَيْضًا عَلَى أَنَّ هَذَا الذَّنْبَ كَبِيرَةٌ فَإِنَّ هَذَا الزَّجْرَ الْعَظِيمَ إِنَّمَا يَكُونُ بِسَبَبِ كَبِيرَةٍ وَإِلَّا فَمَا مِنْ مَيِّتٍ إِلَّا وَلَهُ صَغِيرَةٌ بَلْ صَغَائِرُ وَأَجَابَ الْعُلَمَاءُ عَنْهُ أَرْبَعَةَ أَجْوِبَةٍ أَحَدُهَا أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَ ذَلِكَ إِحْسَانًا لَا زَجْرًا لِيُبَادِرَ النَّاسُ إِلَى قَضَاء الدّين عَن الْمُعسر وَثَانِيهمَا ليكف المعسرون عَن المداينة بِحَسب الْإِمْكَان وثالثهما أَن الْمَدِينَة لَمْ تَكُنْ مَشْرُوعَةً فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ لِأَجْلِ الضِّيقِ فَلَمَّا فُتِحَتِ الْفُتُوحَاتُ شَرَعَتْ لِلتَّمَكُّنِ مِنَ الْأَدَاءِ حِينَئِذٍ وَرَابِعُهَا أَنَّ صَلَاتَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تقضي الرَّحْمَةَ وَالْمِغْفَرَهَ وَتَكْفِيرَ الذُّنُوبِ وَمَعَ الدَّيْنِ لَا يَحْصُلُ فِكَاكٌ مِنْهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لِأَنَّ حَقَّ الْآدَمِيِّ لَا يُسْقِطُهُ إِلَّا صَاحِبُهُ أَوْ يَأْخُذُهُ وَلِذَلِكَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ هَلْ عَلَيْهِ دَيْنٌ قَالُوا نَعَمْ قَالَ فَمَا تَنْفَعُهُ صَلَاتِي وَذِمَّتُهُ مُرْتَهِنَةٌ بِدَيْنِهِ فَلَوْ قَامَ أَحَدُكُمْ فَضَمِنَهُ فَصَلَّيْتُ عَلَيْهِ كَانَتْ صَلَاتِي تَنْفَعُهُ وَفِي هَذَا الرُّكْنِ خَمْسُ مَسَائِلَ الْأُولَى فِي الْكِتَابِ إِذَا أَدَّيْتَ حَقًّا عَلَيْهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ رَجَعْتَ عَلَيْهِ أَوْ أَدَّيْتَ عَنْ صَبِيٍّ مَا قضي عَلَيْهِ بِهِ بِغَيْرِ أَمْرِ وَلِيِّهِ رَجَعْتَ بِهِ فِي مَالِ الصَّبِيِّ وَكَذَلِكَ مَا لَزِمَهُ مِنْ قِيمَةِ مُتْلَفٍ أَوْ أَتْلَفَهُ أَوْ أَفْسَدَهُ أَوْ أَخَذَهُ.
قَاعِدَةٌ:
قَالَ صَاحِبُ النَّوَادِرِ وَصَاحِبُ الْجَوَاهِرِ فِي كِتَابِ الْإِجَارَةِ كُلُّ مَنْ أَدَّى عَنْ أَحَدٍ مَالا شَأْنُهُ إِعْطَاؤُهُ أَوْ فَعَلَ لَهُ فِعْلًا شَأْنُهُ أَنْ يُؤَدى فِي عَمَلِهِ أجْرة كَغَسْلِ يَدَيْهِ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ الْمَالِ وَأُجْرَةِ ذَلِكَ الْعَمَلِ كَانَ وَاجِبًا أَمْ لَا خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ فَإِنَّهُمْ يَعُدُّونَهُ مُتَبَرِّعًا لَنَا أَنَّ لِسَانَ الْحَال يقوم مقَام لِسَان الْمقَام وَلَو صرح هَا هُنَا بِذَلِكَ لَزِمَهُ فَكَذَلِكَ إِذَا دَلَّ عَلَيْهِ لِسَانُ حَالِهِ كَمَا وَافَقَنَا فِي الْمُعَامَلَاتِ وَغَيْرِهَا فِي تَعْيِينِ النَّقْدِ الْغَالِبِ بِلِسَانِ الْحَالِ وَمَنْفَعَةُ الْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ لِمَا جَرَتِ الْعَادَةُ بِمِثْلِهِ وَإِنْ لَمْ يُصَرح بِهِ كتعيين للجر جون الْحَفْرِ وَالثَّوْرُ لِلْحَرْثِ دُونَ الرُّكُوبِ وَنَظَائِرُهُ كَثِيرَةٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ الْكَفَالَةُ عَلَى الْمُوَلَّى عَلَيْهِ سِتَّةُ أَقْسَامٍ تَلْزَمُ فِي ثَلَاثَةٍ وَتَسْقُطُ فِي اثْنَيْنِ وتختلف فِي السَّادِس فَإِن كَانَ فِي أصل العقد والحميل والمحتمل لَهُ عَالِمَانِ بِأَنَّهُ مُولًى عَلَيْهِ أَوْ عَلِمَ الْحَمِيلُ وَحْدَهُ لَزِمَتْ أَوْ عَلِمَ الْمُتَحَمِّلُ لَهُ دُونَ الْحَمِيلِ سَقَطَتْ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ مَالَهُ وَعَنِ الْحَمِيلِ أَوْ هُمَا جَاهِلَانِ وَهِيَ بَعْدَ الْعَقْدِ سَقَطت لِأَن الْحميل لم يضر إِلَّا بِشَيْء وَيحمل وَهُوَ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ رَشِيدٌ وَإِنْ كَانَتْ فِي أَصْلِ الْعَقْدِ وَهُمَا لَا يَعْلَمَانِ بِأَنَّهُ مُولًى عَلَيْهِ فَعِنْدَ عَبْدِ الْمَلِكِ لَازِمَةٌ وَعَلَى قَوْلِ عَبْدِ الْمَلِكِ إِذَا اشْتَرَى ثَوْبًا فَأَعْطَاهُ الْبَائِعُ غَيْرَهُ فَقَطَعَهُ لَا شَيْءَ عَلَى الْقَاطِعِ لِأَنَّ الْمَالِكَ أَخْطَأَ عَلَى مَالِهِ وَسَلَّطَهُ لَا يَكُونُ عَلَى الْمَوْلَى شَيْءٌ لِأَنَّ الْبَائِعَ سَلَّطَهُ فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا قَالَ الْحَمِيلُ إِنَّمَا كَانَتِ الْحَمَالَةُ خوفًا أَنْ يَفْتَقِرَ أَوْ يَجْحَدَ وَهَذَا مُوسِرٌ مُقِرٌّ وَإِن كَانَ مُعسرا قَالَ وَإِنَّمَا تَحَمَّلْتُ مُعْتَقِدًا الرُّجُوعَ وَإِلَّا لَمْ أَتَحَمَّلْ وَعَلَى هَذَا يَجْرِي الْجَوَابُ فِي الْحَمَالَةِ بِالصَّبِيِّ يَنْظُرُ هَلْ كَانَتْ فِي أَصْلِ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ وَهَلْ يَجْهَلَانِ أَنَّ مُبَايَعَةَ الصَّبِيِّ سَاقِطَةٌ أَمْ لَا أَوْ يَعْلَمُ أَحَدُهُمَا وَيَجْهَلُ الْآخَرُ وَتِلْكَ الْمُدَايَنَةُ أَوِ الْمُطَالَبَةُ مِمَّا يُلْزِمُ السَّفِيهَ أَوِ الصَّبِي لِأَنَّهَا كَانَت بِغَيْر مُعَاوضَة أَو صرفاهما فَمَا لَا بُدَّ لَهُمَا مِنْهُ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ كُسْوَةٍ أَوْ إِصْلَاحِ مَتَاعٍ أَوْ عَقَارٍ جَرَتْ عَلَى حُكْمِ الْبَالِغِ الرَّشِيدِ.
الثَّانِيَةُ:
فِي الْكِتَابِ بَاعَ مِنْ عَبْدٍ سِلْعَةً بَدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ أَوْ تَكَفَّلَ عَنْهُ بِدَيْنٍ ثُمَّ بَاعَهُ أَوْ أَعْتَقَهُ فَذَلِكَ فِي ذِمَّتِهِ لِوُصُولِ الْمَنْفَعَةِ إِلَيْهِ وَذَلِكَ عَيْبٌ فِي الْمَبِيعِ لِنَقْصِ الرَّغَبَاتِ فِيهِ بِالدَّيْنِ فَيَثْبُتُ بِهِ الْفَسْخُ وَمَنْ لَهُ عَلَى عَبْدِهِ دَيْنٌ فَأَخَذَ بِهِ مِنْهُ كَفِيلًا لَزِمَ ذَلِكَ الْكَفِيلَ لِأَنَّ لِلسَّيِّدِ مُحَاصَّةَ غُرَمَاءِ عَبْدِهِ الثَّالِثَةُ فِي النَّوَادِرِ إِذَا تَحَمَّلَ بِرَجُلٍ فَإِذَا هُوَ مُولًى عَلَيْهِ لَزِمَ الْحَمِيلَ الْغُرْمُ وَلَمْ يَرْجِعْ هُوَ وَلَا الطَّالِبُ بِشَيْءٍ عَلَيْهِ قَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ وَلِأَنَّ الطَّالِبَ عَامَلَ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ قَبْلَ هَذِهِ الْحَمَالَةِ لَمْ يَلْزَمِ الْحَمِيلَ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ مِمَّا يَلْزَمُ الْيَتِيمَ مِثْلَ أَنْ يَكُونَ لِلْيَتِيمِ الدَّارُ وَالْحَائِطُ فَيُسْلِفُهُ النَّفَقَةَ فَهَذَا يَلْزَمُ الْحَمِيلَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا تَحَمَّلَ بِالصَّبِيِّ فَمَا يَلْزَمُ الصَّبِيَّ لَزِمَهُ وَرَجَعَ بِهِ فِي مَالِ الصَّبِيِّ قَالَ أَصْبَغُ لَوِ اشْتَرَيْتَ مِنْ سَفِيهٍ أَوْ بِكْرٍ وَأَخَذْتَ حَمِيلًا فَمَا يَلْزَمُكَ مِنْ إِبْطَالِ الْبَيْعِ وَالثمن لزم الثّمن غرمَ الثَّمَنَ لِأَنَّهُ دَخَلَ عَلَيْهِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى أَحَدٍ بِعِلْمِهِ وَلَوْ قَالَ لَكَ ضَمِنْتُ لَكَ مَا يَلْزَمُكَ مِنَ السَّفِيهِ لَمْ أَرَهُ شَيْئًا لِأَنَّكَ لَمْ يَلْزَمْكَ مِنْهُ بَلْ بِسَبَبِهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ السَّفِيهُ هُوَ الَّذِي قَامَ بِذَلِكَ فِي وِلَايَتِهِ أَوْ بَعْدَ رُشْدِهِ حَتَّى فَسَخَ ذَلِكَ فَلَكَ الرُّجُوعُ عَلَى الضَّامِنِ عَنْهُ لِأَنَّهُ مِنَ السَّفِيهِ كَمَا قَالَ الرَّابِعَةُ فِي الْجَوَاهِرِ يَصِحُّ الضَّمَانُ عَنِ الْمَيِّتِ خَلَّفَ وَفَاءً أَمْ لَا وَبِهِ قَالَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ إِنْ حَلَفَ وَصَالَحَ وَإِلَّا فَلَا مِنْ غَيْرِ الْوَارِثِ وَتَصِحُّ مِنَ الْوَارِثِ مُطْلَقًا فَإِنْ ضَمِنَ مِنَ الْحَيَاةِ ثُمَّ مَاتَ مُفْلِسًا لَمْ يَنْقَطِعْ عِنْدَ بَعْضِهِمْ وَيَنْقَطِعْ عِنْدَ آخَرِينَ وَأَصْلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الدَّيْنَ عِنْدَنَا بَاقٍ لَمْ يَسْقُطْ بِالْمَوْتِ وَعِنْدَهُمْ يَسْقُطُ لَنَا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «الزَّعِيمُ غَارِمٌ» وَهَذَا زَعِيمٌ وَيُؤَكِّدُهُ حَدِيثُ أَبِي قَتَادَةَ وَعَلِيّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا الْمُتَقَدِّمَانِ وَلَمْ يسألهما صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلْ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ أَمْ لَا وَهُمَا أجنبيان من الْمَيِّت وبالقياس على الْحَيّ وعل مَا إِذَا تَرَكَ وَفَاءً وَهُوَ تَبَرُّعٌ بِالدَّيْنِ عَنِ الْغَيْرِ فَيَصِحُّ عَنِ الْمَيِّتِ كَالْقَضَاءِ وَالْإِبْرَاءِ وَلَا يُقَالُ الْإِبْرَاءُ وَغَيْرُهُ إِنَّمَا يَكُونُ فِي حُكْمِ الْآخِرَةِ لِأَنَّا نَقُولُ بَلِ الدَّيْنُ بَاقٍ فِي الدُّنْيَا لِأَنَّهُ لَوْ قَتَلَ عَمْدًا فَصُولِحَ عَلَى الدَّمِ بِمَالٍ وُفِّيَ مِنْهُ الدَّيْنُ وَلِأَنَّا نَقِيسُ حُكْمَ الْآخِرَةِ عَلَى حُكْمِ الدُّنْيَا احْتَجُّوا بِأَنَّهُ دَيْنٌ سَقَطَتِ الْمُطَالَبَةُ بِهِ فَلَا يَصِحُّ ضَمَانه كَمَا بعد تالقضاء وَالْإِبْرَاءِ وَلِأَنَّهُ مَاتَ مُفْلِسًا فَلَا يَصِحُّ ضَمَانُهُ كَالْمُكَاتِبِ وَلِأَنَّ الْمَوْتَ سَبَبٌ يُنَافِي ابْتِدَاءَ الدُّيُونِ فَيُنَافِي الْحَمَالَةَ بِهَا قِيَاسًا لِلْفَرْعِ عَلَى الْأَصْلِ وَلِأَنَّهُ لم يبْق لَهُ ذِمَّة بِدَلِيلٍ حَوْلَ دِينِهِ فَلَا يَصِحُّ ضَمَانه قِيَاسا على الْمَعْدُوم وَالْمُطلق لِأَن الْكَفَالَةَ الضَّمُّ وَلَمْ تبْقَ ذِمَّةٌ يُضَمُّ إِلَيْهَا عِنْدَهَا وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ لَا نُسَلِّمُ سُقُوطَ الْمُطَالَبَةِ بَلْ ذَلِكَ كَالْمُفَلِسِ فَلَوْ صُولِحَ عَلَى ذِمَّةِ الْعَمْدِ تُوجِّهَتِ الْمُطَالَبَةُ ثُمَّ الْفَرْقُ أَنَّ فِي الْإِبْرَاء وَالْقَضَاء سقط الدّين مُطلقًا وَهَا هُنَا تَأَخَّرَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ عَنِ الثَّانِي أَنَّ دَيْنَ الْمُكَاتِبِ سَقَطَ لِانْفِسَاخِ الْعَقْدِ وَأَسْبَابُ دَيْنِ الْمَيِّتِ بَاقِيَةٌ عَنِ الثَّالِثِ أَنَّ الْمَوْتَ لَمْ يُنَافِ تَعَلُّقَهُ بِالتَّرِكَةِ فَيُقَاسُ عَلَيْهِ وَتَعَلُّقَهُ بِالضَّامِنِ بَلْ أَوْلَى لِأَنَّ الضَّامِنَ لَهُ مَالٌ وَذِمَّةٌ وَالتَّرِكَةُ لَا يَتَعَدَّى الدَّيْنُ عَنْهَا عَنِ الرَّابِعِ بَلْ ذِمَّتُهُ بَاقِيَةٌ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ «مَا تَنْفَعُهُ صَلَاتِي وَذِمَّتُهُ مُرْتَهِنَةٌ فِي قَبْرِهِ بِدَيْنِهِ» وَإِنَّمَا حَلَّ الدَّيْنُ لِأَنَّ الْأَجَلَ الرِّفْقُ وَالْمَيِّتُ لَا يَرْتَفِقُ وَهُوَ الْجَوَابُ عَنِ الْخَامِسِ تَفْرِيعٌ فِي النَّوَادِرِ قَالَ قَالَ أَشْهَبُ إِذَا تَحَمَّلَ عَنِ الْمَيِّتِ لَزِمَهُ وَلَا رُجُوعَ لَهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ مَالٌ يَوْمَ تَحَمَّلَ لَزِمَهُ الْغُرْمُ وَلَا يَرْجِعُ إِنْ طَرَأَ لَهُ مَالٌ فَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ يَوْمَ تَحَمَّلَ رَجَعَ فِيهِ إِذَا قَالَ إِنَّمَا تَحَمَّلْتُ لِأَرْجِعَ قَالَ مَالِكٌ لِبَعْضِ الْوَرَثَةِ الْحَمَالَةُ بِالدَّيْنِ الْمَجْهُولِ عَلَى الْمَيِّتِ وَالتَّرِكَةُ مَجْهُولَةُ الْقَدْرِ إِلَى أَجَلٍ عَلَى أَنْ يُخْلَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّرِكَةِ عَلَى أَنَّهُ أَفْضَلُ شَيْءٍ بَيْنَ الْوَرَثَةِ وَبَيْنَهُ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى وَإِن نفذ فَعَلَيْهِ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا أَوْ إِلَى أَجَلٍ فَإِنْ شَرَطَ الْفَضْلَ لَهُ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ غَرَّرَ وَصَارَ بَيْعًا يُفْسِدُهُ مَا يُفْسِدُ البيع إِلَّا أَن يكون الْوَارِث وَاحِد فَيَجُوزُ وَلَوْ طَرَأَ غَرِيمٌ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ الِابْنُ غَرِمَ لَهُ وَلَا يَنْفَعُهُ قَوْلُهُ لَمْ أَعْلَمْ بِهِ لِدُخُولِهِ عَلَى الْغَرَرِ فَإِنْ كَانَتِ التَّرِكَةُ أَلْفًا وَالدَّيْنُ ثَلَاثَةُ آلَافٍ وَالْوَارِثُ وَلَدٌ وَاحِدٌ فَسَأَلَ الْغُرَمَاءَ بَيْنَهُ سِنِينَ وَيَضْمَنُ لَهُ بَقِيَّةَ دَيْنِهِمْ فَرَضُوا جَازَ قَالَهُ مَالِكٌ وَلِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ لِلْمَيِّتِ وَلَوْ كَانَ مَعَهُ وَارِثٌ وَأَدْخَلَهُ فِي فَضْلٍ إِنْ كَانَ جَازَ وَإِنْ طَرَأَ غَرِيمٌ لَزِمَهُ الْخَامِسَةُ فِي الْجَوَاهِرِ تَجُوزُ الْحَمَالَةُ عَنِ الْمُفْلِسِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْمَيِّتِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى.

.الرُّكْنُ الرَّابِعُ الشَّيْءُ الْمَضْمُونُ:

وَفِي الْجَوَاهِرِ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مِمَّا يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهُ مِنَ الضَّامِنِ أَوْ مَا يَتَضَمَّنُ ذَلِكَ كَالْكَفَالَةِ بِالْوَجْهِ لِمَنْ عَلَيْهِ مَالٌ وَلَا تَذْهَبُ حَمَالَةُ الْكَفَالَةِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ وَأَنْ يَكُونَ ثَابِتًا مُسْتَقِرًّا أَوْ مَآلَهُ إِلَى ذَلِكَ فَيُمْتَنَعُ بِالْكِتَابَةِ لِعَدَمِ الِاسْتِقْرَارِ وَلَا تُؤَوَّلُ إِلَيْهِ لِأَنَّ الْعَجْزَ يَفْسَخُهَا وَلَا تُجْعَلُ الْجَعَالَةُ إِلَّا بَعْدَ الْعَمَلِ لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِهَا قَبْلَهُ لِأَنَّ مَا لَا يَسْتَقِرُّ عَلَى الْأَصِيلِ لَا يَسْتَقِرُّ عَلَى الْكَفِيلِ لِأَنَّهُ فَرْعُهُ وَوَافَقَنَا الْأَئِمَّةُ عَلَى الْكِتَابَةِ وَخَالَفَنَا ابْنُ حَنْبَلٍ فِي الْجَعَالَةِ قِيَاسًا عَلَى الْأُجْرَةِ فِي الْإِجَارَةِ وَالْغَالِبُ وُقُوعُ الشُّرُوعِ وَاللُّزُومُ بِخِلَافِ الْكِتَابَةِ لَيْسَتْ مُعَارَضَةً مَحْضَةً لَا سِيَّمَا إِنْ قُلْنَا لَهُ تَعْجِيزُ نَفْسِهِ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ الْحَمَالَةُ ثَمَانِيَةُ أَقْسَامٍ مُطْلَقَةٌ مُبْهَمَةٌ نَحْوَ أَنَا حَمِيلٌ لَكَ وَبِمَالٍ مُطْلَقٍ وَبِمَالٍ عَلَى أَنَّهُ لَا رُجُوعَ عَلَى الْمُتَحَمِّلِ عَنْهُ وَهُوَ الْحَمِيلُ وَبِالنَّفْسِ بِشَرْطِ عدم لُزُوم المَال وبالطلب ومرقبه بِمَا يَثْبُتُ عَلَى فُلَانٍ وَبِمَا يُوجِبُهُ الْحَكَمُ عَلَيْهِ وبالجنايات كلهَا جَائِزَةٌ لَازِمَةٌ وَاخْتُلِفَ فِي الْمُبْهَمَةِ إِذَا عَرِيَتْ عَنِ الْقَرَائِنِ هَلْ تُحْمَلُ عَلَى الْمَالِ أَوِ النَّفْسِ وَأَمَّا بِالْمَالِ الْمُطْلَقِ فَيَرْجِعُ بِالْمَالِ عَلَى الْأَصِيلِ إِلَّا مَسْأَلَة وَاحِدَة وَهِيَ الصَّدَاقُ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ لَا يَرْجِعُ وَعَنْهُ يرجع كَسَائِرِ الْحُقُوقِ وَأَمَّا عَلَى أَنْ لَا يَرْجِعُ فَهَلْ يَحْتَاجُ إِلَى حَوْزٍ فَيَبْطُلُ بِمَوْتِ الْحَامِلِ أَولا قَوْلَانِ وَأَمَّا بِالنَّفْسِ وَالْوَجْهِ حَمَالَةٌ مُطْلَقَةٌ فَالْمَشْهُورُ سُقُوطُهَا بِإِحْضَارِ الْوَجْهِ وَالْغُرْمُ إِذَا لَمْ يَحْضُرْهُ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا يَلْزَمُهُ مِنَ الْمَالِ شَيْءٌ فِي الْوَجْهَيْنِ وَعَنْ مَالِكٍ هِيَ كَحَمَالَةِ الْمَالِ يَلْزَمُهُ الْمَالُ فِي كُلِّ وَجْهٍ والحمالة الْمقيدَة بلوجه لَا يَلْزَمُ فِيهَا مَالٌ إِلَّا أَنْ يَقْدِرَ عَلَى إِحْضَارِهِ فَلَا يُمَكَّنُ مِنْهُ وَيَرُدُّهُ فَيَهْرُبُ فَإِنْ أَتَاهُمْ عَلَى تَعْيِينِهِ حُبِسَ حَتَّى يحْضرَهُ وبالطلب تصح كَذَا فِي كُلِّ شَيْءٍ وَفِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَبْدَانِ وَحُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ وَالْقِصَاصِ إِذَا رَضِيَ بِذَلِكَ صَاحِبُ الْحَقِّ وَتَرَكَهُ كَحَامِلٍ يُحْضِرُهُ لَهُ مَتَى شَاءَ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْحَامِلِ إِنْ لَمْ يُحْضِرْهُ مِمَّا لَزِمَهُ إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ يُقِرُّهُ وَأَمْكَنَهُ فَتَرَكَهُ حَتَّى أَعْجَزَهُ فَيُسْجَنُ حَتَّى يُحْضِرَهُ وَيُعَاقَبَ وَأَمَّا الْمُتَرَقِّبَةُ فَيَلْزَمُهُ مَا ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ وَهَلْ يَلْزَمُهُ مَا يُقِرُّ بِهِ الْمَطْلُوبُ بَعْدَ إِنْكَارِهِ خِلَافٌ وَأَمَّا الْجِنَايَاتُ وَالْحُدُودُ وَالْقِصَاصُ وَعُقُوبَاتُ الْأَبْدَانِ فَلَا تَصِحُّ عَلَى الْجُمْلَةِ وَجَوَّزَهَا بَعْضُ الْعُلَمَاءِ قِيَاسًا عَلَى حَمَالَةِ الْوَجْهِ الْمُقَيَّدَةِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إِنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ إِلَّا عُثْمَانُ الْبَتِّيُّ أَلْزَمَهُ فِي النَّفْسِ وَالْجِرَاحِ دِيَةَ الْمَقْتُولِ وَأَرْشَ الْجِرَاحِ وَعَنْ أَصْبَغَ فِي الْمُتَعَسِّفِ يَأْخُذُ الْأَمْوَالَ وَالْقَتْلُ يُؤْخَذُ فَيَتَحَمَّلُ بِهِ أَقْوَامٌ عَنْهُ بِمَا اجْتَرَمَ عَلَى النَّاسِ مِنْ قَتْلٍ وَمَال أنَّ ذَلِكَ يَلْزَمُهُمْ كُلُّ مَا كَانَ يَلْزَمُهُ إِلَّا أَنَّهُمْ لَا يقتلونَ فَعَلَيْهِ يُرِيدُ تَلْزَمُهُمُ الدِّيَةُ فِي الْقَتْلِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا كَانَتْ تُعْرَضُ فِي الْقَذْفِ أَوْ جَرْحٍ أَوْ قَتْلٍ لم يجز بِمَا يجب على الْمَطْلُوب وَلِأَن يَتَكَفَّلَ بِوَجْهِهِ عَلَى أَنَّهُ مَتَى عَجَزَ عَنْ إِحْضَارِهِ أَخَذَ ذَلِكَ مِنْهُ وَيَجُوزُ تَطَلُّبُهُ خَاصَّةً لِأَنَّهُ مِنْ حَقِّ الطَّالِبِ فَإِذَا رَضِيَ بِالِانْتِصَارِ عَلَيْهِ جَازَ قَالَهُ الْقَاضِي إِسْمَاعِيلُ وَأَمَّا حَقُّ الله تَعَالَى لَا يتْرك بجميل بَلْ يُسْجَنُ حَتَّى يُقَامَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا مِنْ زِنًى سُجِنَتْ حَتَّى تَضَعَ فَتُرْجَمَ إِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا أَوْ تُجْلَدَ بَعْدَ زَوَالِ نِفَاسِهَا فَإِنَّ ذَلِكَ بِإِقْرَارِهَا فَأُوسِعَ لَهَا لِأَنَّ لَهَا الرُّجُوعَ وَمَنْ أَجَازَ رُجُوعَهَا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ أَجَازَ أَنْ تُتْرَكَ بِغَيْرِ حَمِيلٍ وَإِنْ تَحَمَّلَتْ فَطَلَبَ مَنْ ثَبَتَ عَلَيْهِ حَدٌّ بَعْدَ هُرُوبِهِ فَإِنْ كَانَ ثَبَتَ ذَلِكَ بِبَيِّنَةٍ ألْزمَ الْوَفَاءَ بِالْحَمَالَةِ أَوْ بِإِقْرَارٍ فَهَلْ يَلْزَمُ الطَّلَبُ أَمْ لَا خِلَافٌ.
وَفِي هَذَا الرُّكْنِ أَرْبَعَ عشرَة مَسْأَلَة:
الأولى:
فِي الْكتاب قُلْتَ مَا كَانَ لَكَ قِبَلَ فُلَانٍ ضَمِنتهُ لَزِمَكَ ضَمَانُ مَا اسْتَحَقَّ وَكُلُّ مُتَبَرِّعٍ بِكَفَالَةٍ تلْزمهُ لقَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
الْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ فَإِنْ مُتَّ قَبْلَ ثَبَاتِ الْحَقِّ فَيَثْبُتُ بَعْدَ مَوْتِكَ أُخِذَ مِنْ تَرِكَتِكَ لِأَنَّهُ تَقَدَّمَ سَبَبَهُ فِي الْحَيَاةِ وَلَوْ قُلْتَ احْلِف أَن مَا تدعيه قبل أخي حق وَأَنَا ضَامِنُهُ لَزِمَكَ إِنْ حَلَفَ وَإِنْ مُتَّ فَفِي تَرِكَتِكَ وَإِنْ شَهِدْتَ أَنَّكَ ضَامِنٌ بِمَا قُضِيَ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ أَوْ قُلْتَ أَنَا كَفِيل بِمَالِه عَلَى فُلَانٍ وَهُمَا حَاضِرَانِ أَوْ غَائِبَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا لَزِمَكَ لِأَنَّ مَنْ أَلْزَمَ نَفْسَهُ مَعْرُوفًا لَزِمَهُ وَلَوْ قُلْتَ بَايِعْ فُلَانًا أَوْ دَايِنْهُ فَمَا فَعَلْتَ مِنْ ذَلِكَ أَنَا كَفِيلُهُ لَزِمَكَ إِذَا ثَبَتَ مَبْلَغُهُ قَالَ غَيْرُهُ إِنَّمَا يَلْزَمُ مَا يُشْبِهُ أَنْ يُدَايِنَ مِثْلَهُ أَوْ يُبَايِعَ بِهِ لِأَنَّ حَالَهُ كَالشَّرْطِ فِي شَرْطِكَ وَالْأَوَّلُ لَاحَظَ عُمُومَ شَرْطِكَ وَمَنَعَهُ مُطْلَقًا لِلْجَهَالَةِ عِنْدَ التَّحَمُّلِ وَوَافَقَنَا ح قِيَاسًا عَلَى ضَمَانِ الدُّرِّ وَلَوْ رَجَعْتَ عَلَى الْكَفَالَةِ قَبْلَ الْمُدَايَنَةِ صَحَّ لِأَنَّهُ لَمْ يُغْرِهِ بِخِلَافِ احْلِفْ وَأَنَا ضَامِنٌ لَا يَنْفَعُكَ الرُّجُوعُ قَبْلَ الْيَمِينِ لِأَنَّهُ حَقٌّ وَاجِبٌ.
فَائِدَةٌ:
فِي التَّنْبِيهَاتِ ذَابَ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْأَلِفِ وَمَعْنَاهُ مَا ثَبَتَ وَصَحَّ قَالَ ابْنُ يُونُسَ لَمَّا جَازَتْ هِبَةُ الْمَجْهُولِ جَازَتِ الْحَمَالَةُ بِهِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِنْ تَكَفَّلْتَ عَنْهُ وَلَمْ تَذْكُرْ مَا عَلَيْهِ جَازَ فَإِنْ غَابَ الْمَطْلُوبُ فَأَثْبَتَ الطَّالِبُ مِنَ الْكَفِيلِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ بَيِّنَةً وَادَّعَى أَنَّ لَهُ أَلْفًا فَلَهُ تَحْلِيفُ الْكَفِيلِ عَلَى عِلْمِهِ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ وَاسْتَحَقَّ وَلَا يَرْجِعُ الْكَفِيلُ عَلَى الْمَطْلُوبِ بِمَا غَرِمَ بِسَبَبِ نُكُولِهِ إِلَّا أَنْ يَقُولَهُ الْمَطْلُوبُ وَلِلْوَكِيلِ تَحْلِيفُهُ فَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ وَقَوْلُهُ احْلِف أَن مَا تدعيه قبل أخي حق إِلَى آخِرِهِ إِنْ أَقَرَّ الْمَطْلُوبُ بِمَا غَرِمَ الْحَمِيلُ غَرِمَ لَهُ وَإِنْ أَنْكَرَهُ فَلِلْحَمِيلِ تَحْلِيفُهُ فَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ وَلَيْسَ لَهُ تَحْلِيفُ الْحَمِيلِ لِأَنَّهُ لَا عِلْمَ عِنْدَهُ وَلَا الطَّالِبِ لِأَنَّهُ قَدْ حَلَفَ أَوَّلًا فَأُشْبِهَتْ يَمِينُهُ بِيَمِينِ التُّهَمِ الَّتِي بِالنُّكُولِ عَنْهَا يَغْرَمُ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ الْمَرِيضُ يَقُولُ لِي عِنْدَكَ كَذَا ثُمَّ يَمُوتُ أَنَّ الْمَطْلُوبَ يَحْلِفُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا خَلْطَةٌ إِذْ لَا يُتَّهَمُ الْمَرِيضُ فِي هَذِهِ الْحَالِ فَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ إِذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَ وَرَثَتِهِ عِلْمٌ وَلَيْسَ ذَلِكَ كَهِبَةٍ مَا لَمْ يَقْبِضْ حَتَّى مَاتَ الْوَاهِبُ لِأَنَّهَا هِبَةُ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ عَنْ أَصْلِ مُعَاوَضَةٍ لِلَّذِي لَهُ الدَّيْنُ فَلَا يَفْتَقِرُ إِلَى الْقَبْضِ كَحَمْلِ الصَّدَاقِ عَلَى الزَّوْجِ لِلزَّوْجَةِ لَا يُبْطِلُهُ مَوْتُ الْحَامِلِ وَقَوْلُ الْغَيْرِ إِذَا قَالَ مَا دَايَنْتُهُ بِهِ أَنَا كَفِيلُهُ لَا يَلْزَمُهُ إِلَّا مَا يُشَبِّهُ لَيْسَ خِلَافًا لِابْنِ الْقَاسِمِ وَالْفَرْقُ أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ بِخِلَافِ احْلِفْ وَأَنَا كَفِيلُهُ أَنَّهُ فِي الثَّانِي حَلَّ مَحَلَّ الْمَطْلُوبِ وَالْمَطْلُوبُ لَوْ قَالَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَهُ الرُّجُوعُ وَفِي الْأَوَّلِ كَقَوْلِكَ عَامِلْنِي وَأَنَا أُعْطِيكَ حَمِيلًا فَلَكَ الرُّجُوعُ فَكَذَلِكَ هُوَ لِأَنَّكَ لَمْ تُدْخِلْهُ فِي شَيْءٍ قَالَ اللَّخْمِيُّ فِي قَوْلِهِ احْلِفْ أَنَّ مَا تَدَّعِيهِ قِبَلَ أَخِي حَقٌّ لَا يَرْجِعُ عَلَى أَخِيهِ لِأَنَّ بِسَاطَ قَوْلِهِ يَقْتَضِي تَبْرِئَةَ أَخِيهِ فِي هَذِهِ الْمُحَاصَّةِ وَلَا يَحْلِفُ لَهُ وَقَوْلُهُ مَا ثَبَتَ لَكَ قِبَلَ فُلَانٍ ثُمَّ يَمُوتُ وَيثبتُ الْحَقَّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ هُوَ فِي مَالِهِ وَقِيلَ الْحَمَالَةُ سَاقِطَةٌ لِأَنَّهَا بَعْدَ الْعَقْدِ تَجْرِي عَلَى أَحْكَامِ الْهِبَاتِ إِذَا مَاتَ الْوَاهِبُ قَبْلَ الْقَبْضِ لِأَنَّ الْحَمِيلَ سَلَّفَ الْغَرِيمَ وَسَلَّفَهُ مَنْفَعَةً وَسَوَاءٌ كَانَتِ الْحَمَالَةُ بِسُؤَالٍ مِنَ الْغَرِيمِ أَوْ مِنَ الطَّالِبِ وَإِنْ كَانَتْ فِي أَصْلِ الْعَقْدِ لَمْ يَسْقُطْ بِمَوْتِ الْحَمِيلِ أَو بعد العقد واغر الْغَرِيمُ بَعْدَ الْحَمَالَةِ فَهِيَ كَالْحَمَالَةِ فِي أَصْلِ الْعَقْدِ وَمَنْ قَالَ دَايِنْهُ وَأَنَا كَفِيلٌ لَمْ يَكُنْ لَهُ الرُّجُوعُ إِنْ سَمَّى الْقَدْرَ الَّذِي يُدَايِنُهُ بِهِ وَإِلَّا فَفِي الْمُدَوَّنَةِ لَهُ الرُّجُوعُ وَاخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي هَذَا الْأَصْلِ إِذَا اكْتَرَى مُشَاهَرَةَ فَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُ وَعَنْهُ يَلْزَمُهُ شَهْرًا وَإِنْ أَعَرْتَ أَرْضًا وَلَمْ تَضْرِبْ أَجَلًا هَلْ تَلْزَمُهُ إِلَى مُدَّةِ مِثْلِهَا أَوْ هِيَ غَيْرُ لَازِمَةٍ فَعَلَى الْأَوَّلِ تَلْزَمُهُ مُدَايَنَةُ مِثْلِهِ وَإِنْ كَانَتْ مُدَّةً لَزِمَتِ الْأَوْلَى وَيَسْقُطُ فَوْقَ مَا يُدَايِنُ بِهِ وَإِنْ عَامَلَهُ بِأَكْثَرَ تَعَلَّقَ وَأَخَذَ فَوْقَ مَا يُعَامِلُ بِهِ سَقَطَ عَنِ الْكَفِيلِ جَمِيعُ ذَلِكَ فَإِنْ ثَبَتَتِ الْمُدَايَنَةُ فَكَمَا تَقَدَّمَ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ إِلَّا بِالْإِقْرَارِ فَعَنْ مَالِكٍ يَلْزَمُ إِذَا رَأَى الشُّهُودُ الْمُبْتَاعَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ إِقْرَارُهُ بَعْدَ قِيَامِ الْكَفِيل وَقَوله لَا يداينه وَهُوَ احسن مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ مِنِ اشْتِرَاطِ الثُّبُوتِ لِأَنَّ الْبَزَّازَ عَادَتْهُ الْمُدَايَنَةُ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ وَيَخْتَلِفُ أَيْضًا إِذَا قَالَ تُدَايِنُهُ فَقَالَ قَدْ كُنْتُ دَايَنْتُهُ وَقَدْ مَضَتْ مُدَّةٌ تُدَايِنُهُ فِي مِثْلِهَا لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُعْلَمُ إِلَّا مِنْ قَوْلِهِ إِلَّا أَنْ يَقُومَ دَلِيلُ كَذِبِهِ.
الثَّانِيَةُ:
فِي الْكِتَابِ إِذَا أَخَذْتَ مِنَ الْحَمِيلِ حَمِيلًا لَزِمَهُ مَا لَزِمَ الْأَصِيلَ لِأَنَّ الْحَمَالَةَ حَقٌّ لَكَ عَلَى الْحَمِيلِ فَلَكَ أَخْذُ الْحَمَالَةِ بِهَا كَسَائِرِ الْحُقُوقِ وَوَافَقَنَا ح وَابْنُ حَنْبَلٍ غَيْرُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَكَذَلِكَ لَوْ تَحَمَّلَ رَجُلٌ بِنَفْسِ رَجُلٍ وَتَحَمَّلَ آخَرُ بِنَفْسِ الْحَمِيلِ أَوْ تَحَمَّلَ ثَلَاثَةُ رِجَالٍ بِنَفْسِ رَجُلٍ وَكَذَلِكَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِصَاحِبِهِ وَمَنْ جَاءَ بِهِ مِنْهُمْ بَرِئَ وَالْبَاقِيَانِ لِأَنَّهُ كَوَكِيلِهِمَا فِي إِحْضَارِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَعْضُهُمْ حَمِيلَ بَعْضٍ بَرِئَ وَحْدَهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِنَّمَا كَانَ الْأَوَّلُ حَمِيلًا لِوَجْهِ الْأَصِيلِ وَالثَّانِي حَمِيلًا عَنِ الْحَمِيلِ بِالْمَالِ فَمَاتَ الْأَصِيلُ بَرِئَ حَمِيلُ الْوَجْهِ لِتَعَذُّرِهِ وَحَمِيلُهُ يَبْرَأُ تَبَعًا لَهُ وَإِنْ لَمْ يَمُتِ الْأَصِيلُ فَغَابَ حَمِيلُ الْوَجْهِ وَالْحَمِيلُ عَنْهُ بِالْغُرْمِ مَعْدُومٌ أَوْ مُوسِرٌ بَرِئَ لِأَنَّ مَنْ تَحَمَّلَ عَنْهُ يَبْرَأُ بِذَلِكَ وَإِنْ مَاتَ حَمِيلُ الْوَجْهِ لَمْ تَسْقُطِ الْحَمَالَةُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ بِمَوْتِهِ وَسَقَطَتْ عِنْدَ عَبْدِ الْمَلِكِ وَكَأَنَّهُ إِنَّمَا الْتَزَمَ الْمَجِيءَ بِهِ إِذَا كَانَ حَيًّا وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ يَلْزَمُ الْوَارِثَ أَنْ يَأْتِيَ بِالَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ وَلَعَلَّهُ يُرِيدُ إِذَا حَلَّ أَجَلُ الدَّيْنِ لَا قَبْلَهُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ وَكَذَلِكَ حَمِيلُهُ يُقَالُ لَهُ مَا قِيلَ لِوَارِثِ الْحَمِيلِ وَإِنْ مَاتَ حَمِيلُ الْحَمِيلِ الَّذِي تَحَمَّلَ بِالْمَالِ بَقِيَتِ الْحَمَالَةُ وَلَمْ يَذْكُرِ ابْنُ الْقَاسِمِ الْأَخْذَ لِأَنَّهُ تَحَمَّلَ بِحَمِيلٍ تَحَمَّلَ بِالْوَجْهِ وَحَمِيلُ الْوَجْهِ لَا يُطَالَبُ قَبْلَ الْأَجَلِ قَالَ وَرَأى أَنْ يَلْزَمَهُ الْغُرْمُ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْحَمِيلِ بِالْمَالِ يَمُوتُ قَبْلَ مَحَلِّ الْأَجَلِ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَلْزَمُهُ الْغُرْمُ وَلَوْ لَمْ يَتَوَجَّهْ عَلَى الْغَرِيمِ غَرِمَ وَلِأَجَلِ الْأَجَلِ فَكَذَلِكَ حَمِيلُ الْحَمِيلِ وَعَلَى قَوْلِ عَبْدِ الْمَلِكِ فِي مَوْتِ الْحَمِيلِ بِالْمَالِ يُوقَفُ الْمَالُ لِأَنَّهُ يَرْجِعُ وَلَمْ يَتَوَجَّهِ الْآنَ وَكَذَلِكَ يَكُونُ الْحُكْمُ عِنْدَهُ فِي حَمِيلِ الْحَمِيلِ قَالَ اللَّخْمِيُّ الْحَمَالَةُ بِالْحَمَالَةِ إِمَّا بِالْمَالِ أَوْ بِالْوَجْهِ أَوْ أَحَدُهُمَا بِالْمَالِ وَالْآخَرُ بِالْوَجْهِ فَالْأَوَّلُ إِنْ غَابَ الْغَرِيمُ أَخَذَ الْحَمِيلُ الْأَوَّلُ بِالْأَدَاءِ عَنْهُ بَعْدَ مَحَلِّ الْأَجَل فَإِن وجد غيما أَخَذَ الثَّانِي وَإِنْ غَابَ الْحَمِيلُ الْأَوَّلُ كَلَّفَ الثَّانِي إِحْضَارَ الْغَرِيمِ أَوِ الْحَمِيلِ فَأَيُّهُمَا حَضَرَ مُوسِرًا بَرِئَ وَإِلَّا غَرِمَ الْكَفَالَةَ بِالْمَالِ وَإِنْ غَابُوا كُلُّهُمْ أُبْرِئُ بِالْقَضَاءِ مِنْ مَالِ الْغَرِيمِ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فَإِنْ أُعْدِمَ فَالْحَمِيلُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ أَصْلُ الثَّانِي فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فَالثَّانِي وَإِنْ كَانَا حَمِيلَيْنِ بِالْوَجْهِ وَغَابَ الْأَصْلُ كَلَّفَ الْأَوَّلَ إِحْضَارَهُ وَيَبْرَأُ فَإِنْ عَجَزَ غَرِمَ الْمَالَ فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا لَمْ يَغْرَمِ الثَّانِي لِأَنَّهُ حَمِيلُ وَجْهٍ وَالَّذِي تَحَمَّلَ بِهِ حَاضِرٌ وَإِنْ غَابَ الْغَرِيمُ وَالْحَمِيلُ الْأَوَّلُ لَزِمَ الثَّانِي إِحْضَارُ أَحَدِهِمَا وَيَبْرَأُ فَإِنْ كَانَ الَّذِي حَضَرَ مُعْسِرًا وَإِلَّا غَرِمَ الْمَالَ وَإِنْ غَابُوا كُلُّهُمْ وَوَجَدَ مَالَ الْآخَرِ أَخَذَ إِلَّا أَنْ يَثْبُتَ فَقْرُ الْغَرِيمِ أَوِ الْحَمِيلِ وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ حَمِيلًا بِمَالٍ وَالثَّانِي بِالْوَجْهِ وَغَابَ الْأَصِيلُ غَرِمَ الْأَوَّلُ وَلَا شَيْءَ عَلَى الثَّانِي إِنْ كَانَ الْأَوَّلُ فَقِيرًا لِأَنَّهُ حَمِيلُ وَجْهٍ حَاضِرٌ أَوْ غَابَ الْغَرِيمُ وَالْحَمِيلُ فَأَحَضَرَ الْآخَرُ الْغَرِيمَ مُوسِرًا أَوِ الْحَمِيلَ وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا وَإِلَّا غَرِمَ وَإِنْ غَابُوا كُلُّهُمْ وَوُجِدَ لِلْآخَرِ مَالٌ أُخِذَ إِلَّا أَنْ يَثْبُتَ عُسْرُ الْحَمِيلِ الْأَوَّلِ وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ حَمِيلَ وَجْهٍ وَالثَّانِي بِالْمَالِ فَغَابَ الْأَصِيلُ كلفَ الْأَوَّل إِحْضَارهُ فَإِنْ عَجَزَ غَرِمَ وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا غَرِمَ الْآخَرُ لِأَنَّهُ حَمِيلُ مَالٍ وَإِنْ غَابَ الْغَرِيمُ وَالْحَمِيلُ الْأَوَّلُ فَأَحَضَرَ الْأَخِيرُ أَحَدَهُمَا بَرِئَ إِلَّا أَنَّهُ لَا يَبْرَأُ بِإِحْضَارِ الْحَمِيلِ إِلَّا مُوسِرًا وَيَبْرَأُ بِإِحْضَارِ الْأَصِيلِ مُطْلَقًا لِضَمَانِهِ عَنِ الْأَوَّلِ الْمَالَ وَالْأَصِيلُ لَمْ يَضْمَنْ إِلَّا وَجْهَهُ وَقَدْ حَضَرَ وَإِنْ كَانَتِ الْحَمَالَتَانِ بِالْمَالِ فَمَاتَ الْغَرِيمُ أُخِذَ مِنْ مَالِهِ فَإِنْ لَمْ يُخْلِفْ شَيْئًا غَرِمَ الْأَوَّلُ بَعْدَ الْأَجَلِ فَإِنْ أُعْدِمَ غَرِمَ الثَّانِي أَوْ مَاتَ الْأَوَّلُ وَلَمْ يَجِدْ إِلَّا إِنْ لَمْ يُوجَدِ الْآنَ مِنْ تَرِكَتِهِ شَيْءٌ حَتَّى يَحِلَّ الْأَجَلُ عَلَى الصَّحِيحِ من الْمَذْهَب ويلتدا بِمَال الْغَرِيم فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ لَهُ شَيْءٌ أُخِذَ مِنَ الْأَخِيرِ وَإِنْ كَانَا حَمِيلَيْ وَجْهٍ فَمَاتَ الْغَرِيمُ سَقَطَتِ الْحَمَالَتَانِ لِتَعَذُّرِ الْوَجْهِ وَإِنْ مَاتَ الْأَوَّلُ سَقَطَتْ عَنِ الثَّانِي وَاتَّبَعْتُ ذِمَّةَ الْمَيِّتِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْغَرِيمُ مُوسِرًا وَإِنْ مَاتَ الْآخَرُ لَمْ تَسْقُطِ الْحَمَالَةُ عَنْهُ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ وَسَقَطت على عَبْدِ الْمَلِكِ فَإِنْ مَاتَ الْأَخِيرُ بَقِيَتِ الْحَمَالَتَانِ.
الثَّالِثَة:
فِي الْكتاب إِذا تكلفت لَهُ بِمَا يَلْزَمُهُ مِنْ دَرْكٍ فِيمَا اشْتَرَاهُ جَازَ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ وَإِنْ خَالَفَ بَعْضُهُمْ فِي ضَمَانِ الْمَجْهُولِ لِأَجْلِ الْحَاجَةِ فِي تَسْلِيمِ الثَّمَنِ وَالْمُثَمِّنِ وَلَزِمَكَ الثَّمَنُ وَالْمُثَمِّنُ وَلَزِمَكَ الثَّمَنُ حِيَنَ الدَّرْكِ فِي غَيْبَةِ الْبَائِعِ أَوْ عَدَمِهِ وَلَوْ شَرَطَ خَلَاصَ السِّلْعَةِ امْتَنَعَتِ الْكَفَالَةُ وَلَمْ تَلْزَمْ لِأَنَّهُ لَا يدْخل تحل قُدْرَةِ الْكَفِيلِ قَالَ غَيْرُهُ يَلْزَمُهُ وَهُوَ إِدْخَالُ الْمُشْتَرِي فِي غُرْمِ مَالِهِ فَعَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَةِ السِّلْعَةِ يَوْمَ تُسْتَحَقُّ أَوِ الثَّمَنُ الَّذِي أَدَّى إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْغَرِيمُ مَلِيًّا حَاضِرًا فَتَبَرَأُ وَلَوْ شَرَطَ الْمُبْتَاعُ عَلَى الْبَائِعِ خَلَاصَ السِّلْعَةِ فِي الدَّرْكِ وَأَخَذَ مِنْهُ بِذَلِكَ كَفِيلًا بَطَلَ الْبَيْعُ وَالْكَفَالَةُ كَمَنْ بَاعَ مَا لَيْسَ لَهُ وَشَرَطَ خَلَاصَهُ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ قَوْلُهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي خَالَفَ فِيهَا الْغَيْرَ ثُمَّ ذَكَرَ اشْتِرَاطَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ خَلَاصَهَا وَأَخَذَ مِنْهُ كَفِيلًا لَا يَحِلُّ وَقَالَ فِي اشْتِرَاطِهِ عَلَى البَائِع فَاسد قبل الْكَلَام الأول لم تَكُنِ الْكَفَالَةُ مَشْرُوطَةً فِي الْعَقْدِ فَسَقَطَتْ وَصَحَّ الْعَقْدُ وَفِي الْآخَرِ مَشْرُوطَةٌ فِي الْعَقْدِ فَفَسَدَ الْجَمِيعُ وَإِنَّمَا كَانَتْ بَيْنَ الْكَفِيلِ وَالْمُشْتَرِي دُونَ الْبَائِعِ وَقِيلَ وَقَبِلَ كَذَا بَلْ يَعْرِضُ أَوَّلًا لِلُزُومِ الْكَفَالَةِ وَإِسْقَاطِهَا وَتَكَلَّمَ آخِرًا عَلَى جَوَازِ الْبَيْعِ وَفَسَادِهِ وَقِيلَ يَخْتَلِفُ فِي جَوَازِهِ وَإِسْقَاطِ الشَّرْطِ أَوْ يَصِحُّ إِنْ أُسْقِطَ الشَّرْطُ وَيُفْسَدُ بِالتَّمَسُّكِ بِهِ وَقَوْلُ الْغَيْرِ يَرْجِعُ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهَا يَوْمَ اسْتُحِقَّتْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إِنَّمَا تُعْلَمُ إِذَا اسْتُحِقَّتْ قَالُوا وَلَوْ لَمْ يَسْتَحِقْ وَفَاتَتْ أَوِ الثَّمَنُ رُدَّ الْبَيْعُ وَلَزِمَ الْمُشْتَرِي الْقِيمَةُ وَلَوْ وُجِدَ عَدِيمًا لَمْ يَكُنْ عَلَى الْكَفِيلِ شَيْءٌ لِأَنَّهُ إِنَّمَا ضَمِنَ تَخْلِيصَهَا مِنَ الِاسْتِحْقَاقِ وَقَدْ سَلِمَتْ مِنْهُ وَاخْتُلِفَ لَوْ كَانَ الضَّمَانُ بِالثَّمَنِ لَا بِخَلَاصِ السِّلْعَةِ وَفَسَدَ الْبَيْعُ بِمَا قَارَنَهُ مِنْ عِلَلِ الْفَسَادِ هَلْ تَسْقُطُ الْكفَالَة بِكُل حَالٍ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ تَثْبُتُ الْكَفَالَةُ بِثَبَاتِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ بِالْفَوَاتِ فِيهِ وَعَلَى الْكَفِيلِ الْأَوَّلِ مِنْ قِيمَةِ السِّلْعَةِ أَوِ الثَّمَنِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ يَلْزَمُ بِعِلْمِ الْكَفِيلِ وَحُضُورِهِ فَسَادُ الْعَقْدِ قَالَ التُّونُسِيُّ الْأَصْلُ أَنَّ الْعَقْدَ إِذَا فَسَدَ بَيْنَ الْمُتَبَايِعَيْنِ وَقَدْ دَخَلَا فِيهِ مَدْخَلًا وَاحِدًا لَمْ تَلْزَمِ الْكَفَالَةُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّ الْفَسَادَ مِنْ قِبَلِ الْمُتَبَايِعَيْنِ فَبَطَلَ الضَّمَانُ لِبُطْلَانِ أَصْلِهِ وَالْقَوْلُ الثَّانِي بُنِيَ عَلَى أَنَّ الْحَمِيلَ عَلَى الْبَائِعِ فَلَوْلَاهُ لَمْ يَرْضَ بِمُبَايَعَةِ الْمُشْتَرِي فَيَكُونُ حَمِيلًا بِقِيمَةِ مَا أَخْرَجَ مِنْ يَدِهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَكْثَرَ مِنَ الثَّمَنِ فَيُسْقِطُ الزَّائِدَ لِأَنَّهُ إِنَّمَا دَخَلَ عَلَى الثَّمَنِ وَيُرِيدُ بِالْقِيمَةِ يَوْمَ الِاسْتِحْقَاقِ يَوْمَ الْقَبْضِ وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَ مِنْهُ دِينَارًا بِدِرْهَمٍ إِلَى أَجَلٍ وَأَخَذَ حَمِيلًا أُلْزِمُهُ الْأَقَلَّ عَلَى مَذْهَبِ غَيْرِ ابْنِ الْقَاسِمِ مَعَ أَنَّهُ رُوِيَ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ تَبْطُلُ الْحَمَالَةُ أَمَّا لَوْ رَهَنَهُ لِذَلِكَ رَهْنًا لَكَانَ الرَّهْنُ رَهْنًا بِالْأَقَلِّ كُلِّهِ وَقِيلَ يَقْضِي نَحْوَ أَنْ يُعْطِيَ دِينَارًا فِي عِشْرِينَ دِرْهَمًا قِيمَةُ الدِّينَارِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ فَيَصِيرُ كَأَنَّ نِصْفَ الْعِشْرِينَ بَطَلَ فَبَطَلَ لِذَلِكَ نِصْفُ الرَّهْنِ فَيَبْقَى نِصْفُهُ رَهْنًا فِي الدِّينَارِ وَعَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ كُلُّهُ رَهْنٌ بِالْعَشَرَةِ لِأَنَّ مَا بَطل مِنْهُ فقد نسبه نقضا كَذَا بَعْضُ الدَّيْنِ قَالَ التُّونُسِيُّ فَإِنْ أَعْطَاهُ حَمِيلًا قَبْلَ الْأَجَلِ عَلَى أَنْ يُؤَخِّرَهُ بَعْدَ الْأَجَلِ أَوْ رَهْنًا امْتَنَعَ لِأَنَّهُ سَلَفٌ يَنْفَعُ فَإِنْ لَمْ يَحِلَّ الْأَجَلُ سَقَطَ الرَّهْنُ وَالْحَمِيلُ وَإِنْ دَخَلَ فِي الْأَجَلِ الثَّانِي سَقَطَ الْحَمِيلُ عَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَثَبَتَ عَلَى قَوْلِ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ كَالْمُخْرِجِ مِنْ يَدِهِ شَيْئًا لِإِمْكَانِ أَنْ يَكُونَ قَادِرًا عِنْدَ الْأَجَلِ عَلَى الْأَخْذِ مِنْهُ فَصَارَ الْحَمِيلُ أُوجِبَ تَأْخِيرُهُ وَأُوجِبَ الْإِخْرَاجُ مِنْ يَدِهِ وَأَمَّا الرَّهْنُ فَرَهْنٌ إِذَا أُدْخِلَ فِي الْأَجَلِ الثَّانِي وَلَوْ أَعْطَاهُ حَمِيلًا أَوْ رَهْنًا إِلَى مِثْلِ الْأَجَلِ لَجَازَ إِذَا كَانَ الدَّيْنُ عَيْنًا أَوْ عَرْضًا مِنَ الْقَرْضِ أَمَّا عَرْضٌ مِنْ بَيْعٍ فَيَمْتَنِعُ لِأَنَّ الْغَرِيمَ لَا يَقْدِرُ أَنْ يَدْفَعَهَا قَبْلَ الْأَجَلِ وَلَوْ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ عَشَرَةٌ إِلَى شَهْرٍ فَأَخَذَ مِنْهُ حَمِيلًا عَلَى أَنْ يَضَعَ عَنْهُ دِرْهَمَيْنِ مَنَعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ ضَامِنٌ بِجعْلٍ وَالْحَمِيلُ وَإِنْ لَمْ يَأْخُذِ الدِّرْهَمَيْنِ فَكَأَنَّهُ قَالَ لِلَّذِي لَهُ الدَّيْنُ هَبْهَا لِلَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ كَمَا لَوْ قَالَ لَا أَضْمَنُ حَتَّى تَهبَ لِفُلَانٍ دِينَارَيْنِ وَقَالَ أَشْهَبُ إِذَا حَطَّ عَنْهُ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ حَمِيلًا أَوْ رَهْنًا إِلَى أَجَلٍ تَجُوزُ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ لِغَيْرِ الضَّامِنِ وَقَالَ أَصْبَغُ لَوْ أَعْطَاهُ دِينَارًا عَلَى أَنْ يَأْتِيَهُ بِحَمِيلٍ إِلَى أَجَلٍ جَازَ كَمَا حَطَّهُ مِنْ دَيْنِهِ وَالْأَشْبَهُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَخْتَلِفُوا لَوْ سَأَلَ الْغَرِيمُ التَّحَمُّلَ عَنْهُ بِجعْلٍ أَنَّهُ مُمْتَنِعٌ لِأَنَّ رَبَّ الْمَالِ حَطَّ مِنْ مَالِهِ لِأَمْرٍ يُمْكِنُ أَنْ يَحْتَاجَ إِلَيْهِ وَقَدْ لَا يَحْتَاجُ فَهُوَ غَرَرٌ وَأَمَّا إِذَا حَلَّ الْأَجَلُ فَأَعْطَاهُ حَمِيلًا عَلَى أَنْ يَضَعَ عَنْهُ جَازَ إِذْ لَا غَرَضَ فِي هَذَا إِذَا كَانَ الْغَرِيمُ مُوسِرًا وَأمَّا مُعْدِمًا فَيَمْتَنِعُ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ لَمَّا امْتَنَعَ أُخِذَ مِنْهُ أَشْبَهَ مَا لَمْ يَحِلَّ فَيَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ الْمُتَقَدِّمُ فَإِنْ أَعْطَاهُ حَمِيلًا بَعْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ وَلَمْ يَضَعْ عَنْهُ شَيْئًا عَلَى أَنْ يُؤَخِّرَهُ وَهُوَ مُوسِرٌ فَيَجُوزُ فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا وَأَخَّرَهُ مُدَّةً تَيَسَّرَ فِيهَا امْتَنَعَ بِمَنْزِلَةِ إِعْطَائِهِ حَمِيلًا قَبْلَ الْأَجَلِ عَلَى أَنْ يُؤَخِّرَهُ بَعْدَ الْأَجَلِ وَذَلِكَ إِذَا كَانَ تَيَسُّرًا إِلَى شَهْرٍ وَكَانَ الدَّيْنُ لَمْ يَحِلَّ بَعْد وَحُلُولُهُ إِلَى شَهْرٍ وَإِعْطَاؤُهُ حَمِيلًا عَلَى أَنْ يُؤَخِّرَهُ إِلَى شَهْرَيْنِ صَارَ كَذَا دَفعَ مَا لَا يَلْزَمُهُ مِنَ الْحَمِيلِ لِتَأْخِيرِهِ إِيَّاهُ بَعْدَ يُسْرِهِ شَهْرًا وَإِنْ كَانَ إِنَّمَا أَعْطَاهُ حَمِيلًا قَبْلَ الْأَجَلِ إِلَى الْأَجَلِ جَازَ لِعَدَمِ النَّفْعِ بِهِ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ الْمُعْسِرَ مِثْلُ مَا لَمْ يَحِلَّ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهُ سَلَفٌ ثَانٍ فَلَا يَحِلُّ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ الْحَمِيلُ إِلَى الْأَجَلِ الَّذِي تَيَسَّرَ إِلَيْهِ وَذَلِكَ أَنه كَانَ مُعْسِرًا فَالْحُكْمُ يُوجِبُ تَأْخِيرَهُ بِغَيْرِ حَمِيلٍ فَكَأَنَّهُ قَالَ لِي أَنَا أُعْطِيكَ حَمِيلًا لَا يُلْزِمُنِي بِشَرْطِ أَنْ تُسَلِّفَنِي سَلَفًا جَرَّ نَفْعًا فَيُمْنَعُ وَلَوْ كَانَ لَهُ عِنْدَهُ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ سَلَفًا لَمْ تَحِلَّ فَبَاعَهُ سِلْعَةً بِعَشْرَةٍ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ حَمِيلًا بِالسَّلَفِ مَنَعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِإِسْقَاطِ بَعْضِ الثَّمَنِ لِلْحَمَالَةِ وَجَوَّزَهُ أَشْهَبُ وَلَمْ يَخْتَلِفُوا إِذَا كَانَتِ الْعَشَرَةُ الْأُولَى ثَمَنَ سِلْعَةٍ لَمْ تَحِلَّ فَأَسْلَفَهُ عَشَرَةً عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ حَمِيلًا بِالْأُولَى أَنَّهُ يَمْتَنِعُ لِأَنَّهُ سَلَفٌ لِلنَّفْعِ وَكَأَنَّهُ جَعَلَ دِرْهَمَيْنِ لِمَكَانِ الْمَضَارِّ فَصَارَتْ ثَمَانِيَةً يَأْخُذُ فِيهَا عَشَرَةً فَإِذَا قَالَ لَهُ بَعْدَ الْأَجَلِ أَسْلِفْنِي مَالًا آخَرَ وَخُذْ رَهْنًا بِالْجَمِيعِ وَأَخِّرْنِي بِذَلِكَ أَوْ خُذْ مِنِّي حَمِيلًا بِهِمَا جَازَ قَبْلَ تَبَيُّنِ عَدَمِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ أَمَّا فِي الرَّهْنِ فَيَجُوزُ وَإِنْ كَانَ عَدِيمًا إِذَا كَانَ الرَّهْنُ لَهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِعَدِيمٍ لِمِلْكِهِ الرَّهْنَ مَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ يُحِيطُ بِهِ فَيَمْتَنِعُ لِأَنَّهُ إِذَا حَاصَصَ أَخَذَ أَقَلَّ فَقَدْ أَسْلَفَهُ السَّلَفَ الثَّانِي لِيَخْتَصَّ بِالرَّهْنِ دُونَ الْغُرَمَاءِ وَأَمَّا فِي الْحَمِيلِ إِذَا كَانَ مُعْدِمًا يَمْتَنِعُ كَغَيْرِ الْحَال فَكَأَنَّهُ حَمِيلٌ قَبْلَ الْأَجَلِ بِشَرْطِ السَّلَفِ وَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ هُوَ السَّائِلَ لِلْحَمِيلِ أَنْ يَتَحَمَّلَ عَنْهُ بِجعْلٍ فَفَعَلَ سَقَطَ الْجُعْلُ لِأَنَّهُ عَنِ السَّلَفِ وَأَمَّا الْحَمَالَةُ فَإِنْ لَمْ يُعْلَمِ الْمُتَحَمِّلُ لَهُ ثَبَتَتْ أَوْ عَلِمَ سَقَطَتْ وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الْحَمَالَةِ إِذَا فَسَدَتْ مِنْ عَقْدِ الْمُتَبَايِعَيْنِ جَعَلَهَا ابْنُ الْقَاسِمِ غَيْرَ لَازِمَةٍ لِأَنَّهَا أَوْجَبَتْ غَرَرًا فِي أَصْلِ الْبَيْعِ لِهَذَا الْغَرَرِ كَذَا أَمْ لَا وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ إِذَا بَاعَ عَلَى إِنْ مَاتَ الْحَمِيلُ قَبْلَ الْأَجَلِ فَالتِّبَاعَةُ فِي تَرِكَتِهِ وَإِنْ مَاتَ صَاحِبُهُ قَبْلَ ذَلِكَ فَلَا حَمَالَةً مَنَعَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْبَيْعَ وَأسَقْطَ الْحَمَالَةَ وَجَعَلَ عَلَى الْمُشْتَرِي قِيمَةَ السِّلْعَةِ إِنْ فَاتَتْ وَقَالَ أَصْبَغُ الشَّرْطُ ثَابِتٌ وَكَذَلِكَ لَوْ تَحَمَّلَ إِلَى قُدُومِ فُلَانٍ أَوْ إِلَى أَجَل كَذَا عَلَى أَنَّهُ إِنْ قَدمَ فُلَان قَبْلَ ذَلِكَ فَلَا حَمَالَةَ عَلَيْهِ فَيَجُوزُ وَلَا غَرَرَ فِيهِ بَيْنَ الْحَمِيلِ وَالْبَائِعِ وَلَا فِي الْمُبَايَعَةِ قَالَ التُّونُسِيُّ وَالْأَشْبَهُ مَا تَقَدَّمَ لِأَنَّهُ غَرَرٌ فِي الثَّمَنِ لِأَنَّ الْعَادَةَ الْحَطُّ فِي الثَّمَنِ لِمَكَانِ الْحَمَالَةِ فَإِنْ قَبِلَ بِأَنَّ الْحَمِيلَ قَدْ يَمُوتُ عَدِيمًا قِيلَ كَمَا يَمُوتُ الْغَرِيمُ عَدِيمًا فَهُوَ أَمْرٌ لَا يُتَحَفَّظُ مِنْهُ وَقَدْ أُجِيزَ رَهْنُ الْغَرَرِ كَالْآبِقِ قِيلَ يَنْبَغِي عَلَى هَذَا مَنْعُهُ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ بَلْ بعْدَهُ وَلَمْ يُجِزْهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ فَيَحْمِلُ عَلَى أَنَّهُ بَعْدَهُ قِيلَ الرَّهْنُ قَدْ يَمُوتُ فَيَبْقَى الْبَيْعُ بِلَا رَهْنٍ مَعَ أَنَّهُ حَطَّ مِنَ الثَّمَنِ لِأَجْلِهِ قِيلَ هَذَا أَمْر حَدَث لَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهِ وَهُوَ أَخَفُّ مِنَ الَّذِي دَخَلَ عَلَيْهِ رَهَنُ الْغَرَرِ فِي الْعَقْدِ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَالِاسْتِحْسَانُ قَوْلُ الْغَيْرِ فِي الْكِتَابِ لِأَنَّ الْأَقَلَّ هُوَ الَّذِي أَتْلَفَهُ الْحَمِيلُ بِحَمَالَتِهِ وَهَذَا إِذَا كَانَ الْمُشْتَرِي وَالْحَمِيلُ يَجْهَلَانِ فَسَادَ ذَلِكَ فَإِنْ عَلِمَا أَوِ الْمُشْتَرِي لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَغُرَّهُ وَإِنْ عَلِمَ الْحَمِيلُ وَحْدَهُ لَزِمَهُ لِأَنَّهُ غَرَّهُ وَإِذَا فَسَدَ الْبَيْعُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَفَسَخَ فَوَجَدَ الْبَائِعَ فَقِيرًا لَمْ يُطَالِبِ الْحَمِيلَ لِأَنَّهُ إِنَّمَا الْتَزَمَ الْمُطَالَبَةَ إِنِ اسْتُحِقَّتْ وَلَمْ تُسْتَحَقَّ وَإِنْ كَانَتِ الْكَفَالَةُ بِالثَّمَنِ فَفَسَخَ الْبَيْعَ لِلْفَسَادِ فَعَلَى الْكَفِيلِ الْأَقَلُّ مِنَ الْقِيمَةِ أَوِ الثَّمَنِ لِأَنَّ الثَّمَنَ هُوَ الَّذِي تَحَمَّلَ بِهِ وَإِنْ زَادَ لَاحَظْنَا الْإِتْلَافَ وَلَوْ كَانَ الْمَبِيعُ مِمَّا يَرْجِعُ فِيهِ بِالْمِثْلِ عِنْدَ الْفَسَادِ والحمالة بِالثّمن وَهُوَ غير كَذَا لَجَرَتْ عَلَى الْخِلَافِ هَلْ تَسْقُطُ الْحَمَالَةُ أَوْ تلْزم عَلَى قَوْلِ الْغَيْرِ لِأَنَّ الْمِثْلَ لَمْ يَتَحَمَّلْ بِهِ فَيُسْقِطُ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ وَعَلَى قَوْلِ الْغَيْرِ عَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِنَ الْمِثْلِ أَوِ الثَّمَنِ وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ مُؤَجَّلًا لَمْ يَغْرَمْ بِحَلِّ الْأَجَلِ وَمَتَى كَانَتِ الْحَمَالَةُ فَاسِدَةً لِأَجْلَ أَنَّهَا بِجعْلٍ وَهُوَ مَنْفَعَةٌ لِلْغَرِيمِ كَالْحَمَالَةِ لِحَالٍ يُؤَخِّرُهُ أَوْ بِمَا لَمْ يَحِلَّ يَأْخُذُهُ إِذَا حَلَّ الْأَجَلُ فَيَخْتَلِفُ فِيهَا فَإِنْ كَانَتِ الْمَنْفَعَةُ لِلْحَمِيلِ رَدَّ الْجُعْلَ قَوْلًا وَاحِدًا أَوْ يَخْتَلِفُ الْجَوَابُ فِي ثُبُوتِ الْحَمَالَةِ وَصِحَّةِ الْبَيْعِ فَتَارَةً يَسْقُطُ وَيَثْبُتُ الْبَيْعُ أَوْ يَثْبُتَانِ أَوْ يَخْتَلِفُ فِي ذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ فَإِنْ كَانَ الْجُعْلُ مِنَ الْبَائِعِ سَقَطَتِ الْحَمَالَةُ لِأَنَّهُ إِنَّمَا الْتَزَمَ بِعِوَضٍ وَقَدْ فَاتَ وَالْبَيْعُ صَحِيحٌ لِعَدَمِ دُخُولِ الْمُشْتَرِي فِي ذَلِكَ أَوْ مِنَ الْمُشْتَرِي وَالْبَائِعِ جَازَ الْبَيْعُ وَلَزِمَتِ الْحَمَالَةُ لِأَنَّهُ غَرَّهُ حَتَّى أَخْرَجَ سِلْعَتَهُ وَيَخْتَلِفُ إِذَا عَلِمَ الْبَائِعُ فَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا عَلِمَ صَاحِبُ الْحَقِّ سَقَطَتِ الْحَمَالَةُ وَيُخَيَّرُ فِي سِلْعَتِهِ بَيْنَ الْإِجَارَةِ بِغَيْرِ حَمِيلٍ وَرَدِّهَا وَقَالَ مُحَمَّدٌ الْحَمَالَةُ لَازِمَةٌ إِذَا لَمْ يَكُنْ لِصَاحِبِ الْحَقِّ فِي ذَلِكَ سَبَبٌ وَيَخْتَلِفُ عَلَى هَذَا إِذَا بَاعَ سِلْعَةً مِنْ رَجُلٍ عَلَى أَنْ يَزِنَ عَنْهُ فُلَانٌ الثَّمَنَ بِجُعْلٍ جَعَلَهُ لَهُ الْمُشْتَرِي يَخْرُجُ عَلَى الْخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ وَإِذَا أَعْطَاكَ حَمِيلًا بِالْمُؤَجَّلِ أَجَلًا جَازَ أَوْ لِتُعَجِّلِهِ فَإِنْ كَانَ عَيْنًا أَوْ عَرَضًا مِنْ قَرْضٍ جَازَ لِصِحَّةِ تَعْجِيلِهِ وَإِنْ كَرِهَ الْقَابِضُ أَو من بيع وَقصد منفعتك جَازَ واسقاط الضَّمَانِ عَنْ نَفْسِهِ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ ضَمَانٌ بِجُعْلٍ وَإِن حل بإعطاك عَلَى أَنْ يُؤَخِّرَهُ وَهُوَ مُوسِرٌ بِجَمِيعِ الْحَقِّ جَازَ أَوْ مُعْسِرٌ وَهُوَ مُوسِرٌ عِنْدَ الْأَجَلِ أَوْ دُونَهُ جَازَ فَإِنْ كَانَ بِيُسْرٍ قَبْلَهُ مَنَعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَجَازَهُ أَشْهَبُ أَوْ مُوسِرًا بِالْبَعْضِ وأعطاك حَمِيلًا بِذَلِكَ الْقَدْرِ لِيُؤَجِّرَهُ بِهِ جَازَ أَوْ مَا هُوَ بِهِ مُعْسِرٌ وَيُعْطِيكَ الْآنَ مَا هُوَ بِهِ مُوسِرٌ جَازَ فَإِنْ كَانَ يُؤَجِّرُهُ بِالْجَمِيعِ امْتَنَعَ لِأَنَّكَ لَمْ تُرَتِّبْهُ بِمَا هُوَ بِهِ مُعْسِرٌ إِلَّا لِمَكَانِ تَأْخِيرِهِ بِمَا هُوَ بِهِ مُوسِرٌ فَهُوَ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا وَقَبْلَ الْأَجَلِ لِيُؤَخِّرَهُ بَعْدَ الْأَجَلِ يَمْنَعُ الْحَمَالَةَ لِأَنَّكَ لَمْ تُوَثِّقْهُ قَبْلَهُ إِلَّا لِسَلَفِهِ وَهُوَ التَّأْخِيرُ بَعْدَ الْأَجَلِ وَتَسْقُطُ الْحَمَالَةُ وَاخْتُلِفَ إِذَا دَخَلَ فِي الْأَجَلِ هَلْ يَلْزَمُ أَمْ لَا قَالَ وَلَا أَرَى أَنْ يَلْزَمَ إِذَا لَمْ تَتَغَيَّرْ ذِمَّةُ الْغَرِيمِ عَنِ الْحَالِ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِ عِنْدَ مَحَلِّ الْأَجَلِ فَإِنْ تَغَيَّرَتْ بِنَقْصٍ فَعَلَى الْحَمِيلِ مَا دَخَلَ عَلَى الطَّالِب من النَّقْص لما كَانَ التَّأْخِيرِ وَإِنْ شَرَطَ أَنَّهُ لَا يَكُونُ حَمِيلًا إِنْ وَقَعَ فَلَسٌ أَوْ غَيْبَةٌ فِي الْأَجَلِ الْأَوَّلِ وَإِنَّمَا يَكُونُ حَمِيلًا فِي الْأَجَلِ الثَّانِي جَرَى عَلَى مَا تَقَدَّمَ إِذَا تَحَمَّلَ بَعْدَ الْأَجَلِ لِيُؤَخِّرَهُ هَلْ هُوَ مُوسِرٌ أَوْ مُعْسِرٌ بِالْكُلِّ أَوِ الْبَعْضِ وَالرَّهْنُ يَجْرِي فِي الصِّحَّةِ وَعَدَمِهَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْحَمِيلِ إِذَا كَانَ لِغَيْرِ الْغَرِيمِ كَالْمُسْتَعِيرِ لِيَرْهَنَ أَوْ مِلْكًا لَهُ أَعْطَاهُ بَعْدَ الْأَجَلِ لِيُؤَخِّرَهُ بِهِ جَازَ لِأَنَّهُ مُوسِرٌ بِهِ.
الرَّابِعَةُ:
فِي الْكِتَابِ يُمْتَنَعُ بِمَبِيعٍ مُعَيَّنٍ كَانَ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا عَلَى صِفَةِ قَرِيبِ الْغَيْبَةِ أَوْ بِعِيدِهَا كَمَا يُمْتَنَعُ ضَمَانُ الْبَائِعِ لِمِثْلِهِ إِنْ هَلَكَ وَصَرَّحَ الْأَئِمَّةُ بِأَنَّ ضَمَانَ الْمُعَيَّنَاتِ لَا تَصِحُّ كَالْوَدَائِعِ وَالْعَوَارِي وَمَالِ الْقِرَاضِ وَمَالِ الشَّرِكَةِ وَالْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ قَالَ ح بِخِلَافِ الْمَغْصُوبِ وَالْمَبِيعِ بَيْعًا فَاسِدًا وَالْمَقْبُوضِ عَلَى السَّوْمِ وَالدَّابَّةُ الْمُسْتَأْجَرَةُ بِغَيْرِ عَيْنِهَا لِأَنَّ هَذِهِ الْمُسْتَثْنَيَاتِ مَضْمُونَةٌ عَلَى الْأَصِيلِ فَضَمِنَهَا الْكَفِيلُ وَنَحْنُ نَقُولُ الْقَبْضُ لِلسَّوْمِ لَا يُوجِبُ الضَّمَانَ وَسَاعَدَ عَلَى الْبَاقِي فِي أَنَّهَا مَضْمُونَةٌ عَلَى الْأَصِيلِ وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ لَا يَصِحُّ كُلُّ مَا هُوَ أَمَانَةٌ أَنْ يَضْمَنَ بِخِلَافِ الْمَغْصُوبِ وَالْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَالْكُلُّ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ الْكَفِيلَ لَا يَصِحُّ ضَمَانُهُ حَيْثُ لَا يَضْمَنُ الْأَصِيلَ لِأَنَّهُ فَرْعُهُ.
الْخَامِسَةُ:
فِي الْكِتَابِ يُمْتَنَعُ بِكِتَابَةِ الْمكَاتب وَقَالَهُ الْأَئِمَّة لعدم اسْتِقْرَارِ الْكِتَابَةِ بِخِلَافِ مَالٍ عُجِّلَ عِتْقُ الْمُكَاتِبِ عَلَيْهِ أَوْ قُلْتَ لَهُ عَجِّلْ عِتْقَهُ وَأَتَى بِبَاقِي كِتَابَتِهِ كَفِيلٌ لِحُصُولِ الِاسْتِقْرَارِ وَلَكَ الرُّجُوعُ بِذَلِكَ عَلَى الْمُكَاتِبِ لِأَنَّكَ أَدَّيْتَ عَنْهُ مَا قَدْ اسْتَوْفَى عِوَضَهُ وَهُوَ الْعِتْقُ فَهُوَ مُسْتَقِرٌّ كَالثَّمَنِ قَالَ اللَّخْمِيُّ لَوْ كَانَتِ الْكِتَابَةُ نَجْمًا وَاحِدًا وَقَالَ الْحَمِيلُ لَكَ عَلَيَّ إِنْ جِئْتَنِي لِانْقِضَاءِ الْأَجَلِ وَعَجَزْتَ أَدَّيْتُ عَنْهُ جَازَ اتِّفَاقًا.
السَّادِسَةُ:
فِي الْكِتَابِ يَجُوزُ بِدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ قَبْلَ الْأَجَلِ لِأَنَّهُ مُسْتَقِرٌّ وَقَالَهُ الْأَئِمَّة وَكَذَلِكَ الرَّهْن على أَن يوقيك حَقَّكَ إِلَى أَجَلٍ أَوْ دُونَهُ وَيَجُوزُ تَأْخِيرُهُ لَهُ بَعْدَ الْأَجَلِ بِدَيْنٍ أَوْ حَمِيلٍ لِأَنَّكَ مَلَكْتَ قَبْضَ دَيْنِكِ الْآنَ فَتَأْخِيرُكَ ابْتِدَاءً سَلَفٌ عَلَى رَهْنٍ أَوْ حَمِيلٍ وَإِنْ لَمْ يَحِلَّ الْأَجَلُ وَأَخَّرْتَهُ إِلَى أَبْعَدَ مِنْهُ بِحَمِيلٍ أَوْ رَهْنٍ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ سَلَفُ نَفْعٍ وَقَالَ غَيْرُهُ لَا يَلْزَمُ الْحَمِيلَ شَيْءٌ وَيَبْطُلُ الرَّهْنُ وَإِنْ قَبَضَ فِي فَلَسِ الْغَرِيمِ أَوْ مَوْتِهِ وَفِي النُّكَتِ الْحَمِيلُ وَالرَّهْنُ عَلَى أَنْ يُوَفِّيَ دُونَ الْأَجَلِ إِنَّمَا يَصِحُّ إِذَا كَانَ دُونَ الْحَقِّ عَيْنًا أَوْ عَرْضًا مِنْ قَرْضٍ وَيَمْتَنِعُ فِي الْعَرْضِ مِنَ الْبَيْعِ لِأَنَّهُ حُطَّ عَنِّي الضَّمَانَ وَأَزِيدُكَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ تُمْتَنَعُ الْحَمَالَةُ بِجُعْلٍ فَإِنْ تُرِكَ وَعَلِمَ صَاحِبُ الْحَقِّ سَقَطَتِ الْحَمَالَةُ وَرَدَّ الْجُعْلَ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ لَزِمَتِ الْحَمَالَةُ الْحَمِيلَ وَيَرُدِ الْجُعْلَ عَلَى كُلٍّ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَكُلّ حَالَةٍ وَقَعَتْ لِمُحَرَّمٍ بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي فِي أَوَّلِ أَمْرِهِمَا أَوْ بَعْدُ سَقَطَتْ عَنِ الْحَمِيلِ عَلِمَ صَاحِبُ الْحَقِّ أَوِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ بِسَبَبِ التَّحْرِيمِ أَوْ حامله وَلم يَعْلَمْ بِذَلِكَ صَاحِبُ الْحَقِّ فَالْحَمَالَةُ لَازِمَةٌ لِلْحَمِيلِ قَالَهُ أَصْبَغُ وَقَوْلُهُ فِي الْكِتَابِ قَالَ غَيْرُهُ لَا يَلْزَمُ الْحَمِيلَ شَيْءٌ وَلَا يَكُونُ الرَّهْنُ بِهِ رَهْنًا وَإِنْ قَبَضَ فِي فَلَسِ الْغَرِيمِ أَوْ مَوْتِهِ أُرَاهُ إِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِأَنَّ الرَّهْنَ لَمْ يَكُنْ فِي أَصْلِ الدَّيْنِ وَلَوْ كَانَ لَكَانَ الْمُرْتَهِنُ أَحَقَّ بِهِ مِنَ الْغُرَمَاءِ وَإِنْ كَانَ فَاسِدًا قَالَ أَشْهَبُ وَمَنْ لَكَ عَلَيْهِ عَشَرَةٌ قَرْضًا وَبِعْتَهُ سِلْعَةً عَلَى أَنْ يُعْطِيَكَ بِالسَّلَفِ رَهْنًا جَازَ وَلَوْ كَانَتِ الْعَشَرَةُ الْأُولَى مِنْ بَيْعٍ وَأَسْلَفْتَهُ عَشَرَةً عَلَى أَنْ يَرْهَنَكَ بِالْعَشَرَةِ الْأُولَى امْتَنَعَ لِأَنَّهُ سَلَفٌ لِلنَّفْعِ وَالْأَوَّلُ تَبَعٌ لِلنَّفْعِ وَمَنَعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْوَجْهَيْنِ لِأَنَّ فِي الْأَوَّلِ رَهْنَ تَحَمُّلٍ وَهُوَ حرَام لبيعه السّلْعَة بل قَالَ كَذَا مِنْ قِيمَتِهَا فَالْمَتْرُوكُ جُعْلٌ وَجَوَّزَ أَشْهَبُ الرَّهْنَ بِالْجُعْلِ لِأَنَّ الْجُعْلَ فِيهِ إِنَّمَا يَحْصُلُ إِلَى غَرِيمِهِ فَهُوَ كَالْوَضِيعَةِ لَهُ مِنْ حَقِّهِ بَعْدَ أَنْ حَلَّ عَلَى أَنْ يَرْهَنَهُ وَالْجُعْلُ فِي الْحَمَالَةِ لِلْحَمِيلِ فَهُوَ بِغَيْرِ غَرِيمِهِ فَيَغْرَمُ وَلَوْ كَانَ الْغَرِيمُ لَهُ الْجُعْلُ جَازَ وَلَوْ كَانَ الرَّهْنُ لِغَيْرِ غَرِيمِهِ بِجُعْلٍ مِنَ الْغَرِيمِ لَمْ يَجُزْ وَيَنْقَضِ الرَّهْنُ إِنْ عَلِمَ رَبُّ الْحَقِّ وَإِلَّا ثَبَتَ الرَّهْنُ وَسَقَطَ الْجُعْلُ قَالَ أَشْهَبُ إِنْ حَطَّ عَنْهُ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ رَهْنًا أَوْ حَمِيلًا إِلَى أَجَلٍ جَازَ قَالَ أَصْبَغُ وَلَوْ أَعْطَيْتَهُ دِينَارًا عَلَى ذَلِكَ جَازَ كَمَا لَوْ حَطَطْتَهُ مِنْ دَيْنِهِ عَنْهُ وَمَنَعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ لَوْ سَأَلَ أَنْ يَحْمِلَ عَنْهُ بِجُعْلٍ امْتَنَعَ فَكَذَلِكَ إِذَا حَطَّ عَنِ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ فَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَشْبَهُ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْغَرَرِ وَأَمَّا إِذَا حَلَّ الْأَجَلُ وَأَعْطَى حَمِيلًا عَلَى أَنْ يَضَعَ جَازَ لِأَنَّهُ لَا غَرَضَ لَهُ فِي هَذَا إِذَا كَانَ الْغَرِيمُ مُوسِرًا وَأَمَّا فِي الْمُعْدِمِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُمْنَعَ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَفَرَّقَ مُحَمَّدٌ بَيْنَ كِرَاءِ الْمُبْتَاعِ لِيَرْهَنَ فَيَمْتَنِعُ لِأَنَّ أَمَدَ الرَّهْنِ يَزِيدُ بِالْمَطْلِ فِي الدّين وَبَين كرائه كلبس كَذَا فَيَجُوزُ لِلِانْضِبَاطِ وَلَرَدَدْتَ الْكِرَاءَ لِزِيَادَةِ الْمَطْلِ صَرَفَ كَأَنَّكَ وَحْدَكَ رَبُّ الدَّيْنِ بِزِيَادَةٍ وَعَنْ أَشْهَبَ فِي الرَّهْنِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَفَاتَتِ السِّلْعَةُ أَنَّ الرَّهْنَ رَهْنٌ بِالْأَوَّلِ وَإِنْ كَانَ حَمِيلًا بَطَلَتِ الْحَمَالَةُ وَابْنُ الْقَاسِمِ يُبْطِلُهَا لِبُطْلَانِ الْأَصْلِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ تَحَمَّلَ فِي الْبَيْعِ عَلَى أَنَّهُ إِنْ مَاتَ قَبْلَ الْأَجَلِ فَلَا يُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ أَوْ مَاتَ الْبَائِعُ قَبْلَ الْأَجَل فَلَا حمالَة البيع حَرَامٌ لِلْغَرَرِ فِي الثَّمَنِ وَالْحَمَالَةُ سَاقِطَةٌ لِبُطْلَانٍ أَصْلِهَا وَأَجَازَ ذَلِكَ أَصْبَغُ وَقَالَ أَجَابَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى غَيْرِ تَأَمُّلٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ الشَّرْطُ بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُبْتَاعِ بَلْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَمِيلِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَجُوزُ بَيْعُكَ لِثَلَاثَةٍ بَعْضُهُمْ حَمِيلُ بَعْضٍ إِذَا لَمْ يَكُونُوا شُرَكَاءَ فِي غَيْرِهِ لِأَنَّهُ ضَمَانٌ بِجُعْلٍ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا شَرَطَ الْحَمِيلُ أَنَّهُ لَا يُؤَدِّي إِلَّا أَنْ يَمُوتَ هُوَ أَوْ يَمُوتَ الْمَكْفُولُ جَازَ وَيَلْزَمُ الشَّرْطُ أَوْ يَقُولَ إِنْ لَمْ يَحِلَّ الْأَجَلُ وَلَمْ يَتَوَجَّهْ طَلَبٌ حَتَّى مُتُّ فَلَا شَيْءَ عَلِيَّ لِأَنِّي أَكْرَهُ أَنْ يطْلبَ وَرَثَتِي أَوْ حَتَّى يَمُوتَ الْمَكْفُولُ فَلَا أُؤَدِّي عَنْهُ فَلَهُ شَرْطُهُ وَإِنْ كَانَتْ فِي فَرْضٍ أَوْ بَعْدَ عَقْدِ الْبَيْعِ فَالْحَمَالَةُ جَائِزَةٌ فَإِنْ وَقَعَتْ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا شَرَطَ إِنْ مَاتَ الْبَائِعُ أَوِ الْحَمِيلُ سَقَطَتِ الْحَمَالَةُ عَنِ الْحَمِيلِ فَسَدَ الْبَيْعُ وَسَقَطَتِ الْحَمَالَةُ الْآنَ وَجَوَّزَ أَصْبَغُ الْبَيْعَ وَأَسْقَطَ الشَّرْطَ قَالَ مُحَمَّدٌ أَي قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا وَقَعَ الْبَيْعُ بِذَلِكَ أَمَّا إِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُشْتَرِي مَدْخَلٌ جَازَ الْبَيْعُ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَأَرَى إِنْ كَانَ المُشْتَرِي فَقِيرا أَو يخْشَى عَجزه أَنْ يفْسدَ الْبَيْع وَإِذَا كَانَ مُوسِرًا وَوَقَعَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الِاحْتِيَاطِ لَجَازَ وَإِنْ عَلَّلَ الْحَمِيلُ الْأَدَاءَ بِمَوْتِهِ وَكَانَتِ الْحَمَالَةُ فِي أَصْلِ عَقْدِ الْبَيْعِ أَوِ الْقَرْضِ كَانَتْ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ أَوْ بَعْدَ الْعَقْدِ فَمِنَ الثُّلُثِ لِأَنَّهَا تَبَرُّعٌ وَالْكَفَالَةُ إِلَى الْعَطَاءِ كَذَلِكَ تَجُوزُ كَانَتْ عَن فرض أَوْ بَعْدَ عَقْدِ الْبَيْعِ وَيُخْتَلَفُ إِذَا كَانَتْ فِي أَصْلِ الْعَقْدِ وَالثَّمَنِ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ فَإِنْ كَانَ أَجَلُ الْبَيْعِ لِذَلِكَ أَيْضًا فَسَدَ إِذَا لَمْ يَكُنِ الْمُشْتَرِي مِنْ أَهْلِ الدُّيُونِ لِلْجَهَالَةِ وَاخْتُلِفَ إِذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ الدُّيُونِ وَمِمَّنْ لَهُ حَطٌّ كَرِهَ مَالِكٌ ثُمَّ قَالَ فِيهِ رِفْقٌ بِالنَّاسِ لِحَاجَةِ الْجُنْدِ لِذَلِكَ وَقد قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ فِي سَبْيِ هَوَازِنَ وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَكُونَ عَلَى حَقِّهِ حَتَّى نُعْطِيَهُ مِنْ أَوَّلِ مَا يَفِيءُ اللَّهُ عَلَيْنَا.
السَّابِعَةُ:
فِي الْكِتَابِ لَا كَفَالَةَ فِي الْحُدُودِ وَالْأَدَبِ وَالتَّعْزِيرِ وَلَا تَلْزَمُ وَلَا فِي دَمٍ وَلَا مِمَّنْ أَجَّرْتَهُ لِخِدْمَةِ شَهْرٍ أَوْ لِيَخِيطَ ثَوْبَكَ بِنَفْسِهِ بِخِلَافِ الْحُمُولَةِ الْمَضْمُونَةِ وَيَمْتَنِعُ فِي دَابَّةٍ بِعَيْنِهَا إِلَّا أَنْ يَتَكَفَّلَ بِنَفَقَةِ الْكِرَاءِ عِنْدَ مَوْتِهَا فَيَجُوزُ وَكَذَلِكَ أَجِيرُ الْخِيَاطَةِ وَالْخِدْمَةِ فَإِنْ هَرَبَ الْكَرِي فِي الْمَضْمُونِ فَأَكْرَى لَكَ الْكَفِيلُ نِصْفَ الْأُجْرَةِ رَجَعَ الْكَفِيلُ عَنِ الْكَرِيِ بِذَلِكَ إِلَّا بِالْكِرَاءِ الْأَوَّلِ وَوَافَقَ الْأَئِمَّةُ فِي امْتِنَاعِهَا فِي الْحُدُودِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَجُوزُ فِيهَا بِالْوَجْهِ لِأَنَّ الْحُضُورَ مُسْتَحَقٌّ لِسَمَاعِ الْبَيِّنَةِ أَمَّا بِالْحُدُودِ نَفْسِهَا فَلَا قَالَ اللَّخْمِيُّ مَتَى كَانَتِ الْإِجَارَةُ عَلَى عَمَلِ رَجُلٍ مُعَيَّنٍ أَوْ حَمْلِ مِائَةٍ بِعَيْنِهَا جارت الْحَمَالَةُ بِالْأُجْرَةِ إِنْ مَاتَ الْمُغِيرُ أَوِ اسْتَحَقَّ وَيَمْتَنِعُ بِالْعَمَلِ وَالْحَمْلِ أَوْ مَضْمُونَةٌ جَازَتْ بِالْعَمَلِ لِأَنَّهُ مَضْمُونٌ عَلَى الْأَصْلِ وَيَمْتَنِعُ بِالْأُجْرَةِ أَنْ يَرُدَّ إِلَى دَافِعِهِ وَإِنْ كَانَتْ لِيَسْتَأْجِرَ بِهِ جَازَ فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ رَدَّ عَلَى الْحَمِيلِ فَإِنْ عَجَزَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَإِذَا غَرِمَ الْحَمِيلُ وَأَرَادَ الرُّجُوعَ بِالْإِجَارَةِ أَوْ غَيْرِهَا فَإِنِ اشْتَرَى ذَلِكَ لِغَرِيمِهِ رَجَعَ بِالثَّمَنِ كَانَ الْمُتَحَمِّلُ بِهِ عَرضًا أَوْ مَكِيلًا وَإِنْ غَرِمَهُ مِنْ ذِمَّتِهِ وَهُوَ مُكَيَّلٌ أَوْ مَوْزُونٌ رَجَعَ بِمِثْلِهِ فَإِنْ كَانَ قِيَمِيًّا فَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ يَرْجِعُ بِمِثْلِهِ كَالْأَوَّلِ وَعَنْهُ بِقِيمَتِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ مِنْ شَرْطِ الْمَضْمُونِ أَنْ يُمْكِنَ اسْتِيفَاؤُهُ مِنَ الضَّامِنِ فَلِذَلِكَ تَتَعَذَّرُ فِي الْحُدُودِ وَالْمُعَيَّنَاتِ.
الثَّامِنَة:
فِي الْكتاب إِن لم يؤفك حَقَّكَ فَهُوَ عَلَيَّ وَلَمْ يَضْرِبْ لِذَلِكَ أَجَلًا يَتَلَوَّمُ لَهُ الْإِمَامُ بِقَدْرِ مَا يَرَى ثُمَّ يُلْزِمُهُ الْمَالَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْغَرِيمُ حَاضِرًا مَلِيًّا وَإِن لم يؤفك حَتَّى يَمُوتَ فَهُوَ عَلَيَّ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ حَتَّى يَمُوتَ الْغَرِيمُ وَيَجُوزَ إِلَى خُرُوجِ الْعَطَاءِ وَإِنْ كَانَ مَجْهُولًا إِنْ كَانَتْ فِي قَرْضٍ أَوْ فِي تَأْخِيرِ ثَمَنِ مَبِيعٍ وَيَمْتَنِعُ فِي أَصْلِ الْبَيْعِ لِأَنَّ الْبَيْعَ إِلَى أَجَلٍ مَجْهُولٍ حَرَامٌ.
التَّاسِعَةُ:
قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إِذَا أَعْطَاكَ رَجُلٌ دِينَارَيْنِ فِي دِينَارٍ وَيَتَكَفَّلُ بِهِمَا آخَرُ لَكَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ عَلِمَ الْكَفِيلُ بِذَلِكَ فَعَلَيْهِ الدِّينَارُ الَّذِي أَعْطَيْتَهُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بَلْ قُلْتَ لَهُ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ تَحَمَّلَ بِهِمَا إِلَى شَهْرٍ ثُمَّ عَلِمَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ يَقُولُ لَوْ عَلِمْتُ لَمْ أَدْخُلْ فِي الْحَرَامِ وَكَذَلِكَ دِينَارٌ فِي دَرَاهِمَ إِلَى شَهْرٍ إِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِن عَلِمَ قَبْلَ خُرُوجِ الدَّرَاهِمِ اتَّبَعَ بِهَا الدِّينَارَ وَاتبِعْ أَنْتَ صَاحِبَكَ بِالدَّرَاهِمِ فَإِنْ كَانَتِ الدَّرَاهِمُ أَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ الدِّينَارِ اشْتَرَى دِينَارًا بِمَا بَلَغَ وَدَفَعَ إِلَيْهِ وَاتَّبَعَ هُوَ صَاحِبَهُ بِثَمَنِ الدِّينَارِ فَقَطْ وَأَمْسَكَ هُوَ فَضْلَةَ الدَّرَاهِمِ أَوْ أَقَلَّ مِنْ ثَمَنِ الدِّينَارِ اتَّبَعَ لَهُ مَا بَلَغَتْ مِنْ أَجْلِ الدِّينَارِ وَاتَّبَعَ هُوَ صَاحِبَهُ بِمَا بَقِيَ لَهُ مِنَ الدِّينَارِ وَيُتْبِعُهُ الْحَمِيلُ بِالدَّرَاهِمِ وَلَوْ كَانَ لَكَ دِينَارٌ عِنْدَ رَجُلٍ فَحَوَّلْتَهُ فِي زَيْتٍ إِلَى شَهْرٍ وَتَحَمَّلَ لَكَ رَجُلٌ بِالزَّيْتِ هُوَ كَذَلِكَ إِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ أَوْ عَلِمَ بِإِخْرَاجِ الزَّيْتِ فَيَبِيعُ لَهُ بِدِينَارٍ مِنْهُ فَقَضَى دِينَارَهُ وَاتَّبَعَ هُوَ صَاحِبَهُ بِالزَّيْتِ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ عَنْهُ وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ إِنْ كَانَ حَمَالَة أَصْلهَا حَرَامٌ هِيَ سَاقِطَةٌ وَعَنْهُ الْحَمَالَةُ لَازِمَةٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ عَلِمَ الْحَمِيلُ أَمْ لَا فَهِيَ ثَلَاثَة أَقْوَال لِأَن الْكَفِيل عَن محى كَذَا دَفَعَ الْمَالَ وَهَذَا الْخِلَافُ إِنَّمَا هُوَ إِذَا كَانَتِ الْكَفَالَةُ فِي أَصْلِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ أَمَّا بَعْدَ عَقْدِهِ فَسَاقِطَةٌ اتِّفَاقًا.
الْعَاشِرَةُ:
قَالَ إِذَا قُلْتَ لِعَبْدِكَ إِنَّ جِئْتَنِي بِمِائَةِ دِينَارٍ فَأَنْتَ حُرٌّ فَتَكَفَّلَ بِهَا لَكَ رَجُلٌ وَعَجَّلْتَ لَهُ الْعِتْقَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَزِمَتِ الْحَمَالَةُ كَمَنْ قَالَ لَكَ أَعْتِقَ عَبْدَكَ وَلَكَ مِائَةٌ إِلَى شَهْرٍ وَيَرْجِعُ الْحَمِيلُ عَلَى الْعَبْدِ.
الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ:
فِي الْكِتَابِ يَجُوزُ ضَمَانُ الْبَدَنِ إِلَّا فِي الْحُدُودِ وَقَالَهُ ح وَابْنُ حَنْبَلٍ وَلِلشَّافِعِيَّةِ قَوْلَانِ وَحَيْثُ جَوَّزُوهُ اشْتَرَطُوا إِذْنَ الْمَكْفُولِ وَتَجْوِيزَهُ هَذَا الصَّحِيحُ عِنْدَهُمْ وَعَلَيْهِ يَجُوزُ فِي الْحُدُودِ الَّتِي هِيَ حَقٌّ لِآدَمِيٍّ كَالْقِصَاصِ وَالْقَذْفِ دون الْحُدُود الَّتِي هِيَ حق الله تَعَالَى كَحَدِّ الْخَمْرِ وَالزِّنَا وَأَصْلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ الْتِزَامُ مَا هُوَ مَضْمُونٌ وَعَلَى الْأَصْلِ عِنْدَنَا وَعِنْدَهُمُ الْتِزَامُ مَا هُوَ غَيْرُ مَضْمُونٍ عَلَى الْأَصِيلِ لَنَا قَوْله تَعَالَى {فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ} وَقَوله تَعَالَى:
صفحة البداية الفهرس << السابق 43  من  436 التالى >> إخفاء التشكيل