فصل: الرُّكْنُ الْأَوَّلُ الْجَانِي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة (نسخة منقحة)



.النَّظَرُ الْأَوَّلُ: فِي الْجِنَايَةِ:

وَلَهَا ثَلَاثَةُ أَرْكَانٍ:

.الرُّكْنُ الْأَوَّلُ الْجَانِي:

وَفِي الْجَوَاهِر شُرُوطه الْتِزَامُ الْأَحْكَامِ فَلَا قِصَاصَ عَلَى صَبِيٍّ وَلَا مَجْنُونٍ وَلَا حَرْبِيٍّ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ وَيُقْتَصُّ مِنَ الذِّمِّيِّ لِالْتِزَامِهِ أَحْكَامَنَا فِي عَدَمِ التَّظَالُمِ وَالسَّكْرَانِ لِأَنَّ الْمَعَاصِيَ لَا تَكُونُ أَسْبَابَ الرُّخَصِ وَفِي الْكِتَابِ إِنْ جَنَى الصَّبِيُّ أَوِ الْمَجْنُونُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً فَكُلُّ خَطَأٍ تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ إِنْ بَلَغَ الثُّلُثَ وَإِلَّا فَفِي مَاله وَيتبع بِهِ دينا فِي الذَّخِيرَة عُدْمِهِ وَمَا جَنَى الْمَجْنُونُ فِي إِفَاقَتِهِ فَكَالصَّحِيحِ وَإِنْ رُفِعَ لِلْقَوَدِ وَقَدْ أَخَذَهُ الْجُنُونُ أُخِّرَ لِإِفَاقَتِهِ لِأَنَّهَا حَالَةٌ لَا تُنَاسِبُ الْعُقُوبَةَ قِيَاسًا على الْحُدُود وَلِأَنَّهُمَا غير مكلفين فيكونان كالمخطىء فِي الْقِصَاصِ أَوِ الدِّيَةِ لِأَنَّ قَتْلَ الْخَطَأِ لَيْسَ لِلَّهِ تَعَالَى فِيهِ حُكْمٌ لَا تَحْرِيمٌ وَلَا غَيْرُهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ هَذَا فِي الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ أَمَّا الرَّضِيعُ وَنَحْوُهُ فَهدر كَالْبَهِيمَةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ ابْنُ سَنَةٍ فَأَكْثَرَ مَا أَفْسَدَ فَعَلَيْهِ وَعَنْهُ فِي ابْنِ سَنَةٍ وَنِصْفٍ مَا أَفْسَدَ مِنَ الْمَالِ فَهَدَرٌ أَوِ الدَّمِ فَعَلَى الْعَاقِلَةِ إِنْ بَلَغَ الثُّلُث وَإِلَّا فَفِي مَاله يتبع بِهِ دِينَار فِي ذِمَّتِهِ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ وَإِن يأس مِنْ إِفَاقَةِ الْمَجْنُونِ الَّذِي أُخِّرَ حَتَّى يُفِيقَ فَالدِّيَةُ قَالَهُ مُحَمَّدٌ كَالْقِصَاصِ الْمُتَعَذِّرِ وَقَالَ الْمُغِيرَةُ يُسَلَّمُ لِوَلِيِّ الْمَقْتُولِ وَإِنِ ارْتَدَّ ثُمَّ جُنَّ لَمْ يُقْتَلْ حَتَّى يَصِحَّ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى يُدْرَأُ بِالشُّبْهَةِ وَالْقَتْلُ حَقُّ الْعِبَادِ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَأَرَى أَنْ يُخَيَّرَ الْوَلِيُّ فِي الْقِصَاصِ أَوِ الْعَفْوِ مَعَ الدِّيَةِ مِنْ مَالِهِ دُونَ الْعَاقِلَةِ.
فرع:
فِي الْكِتَابِ إِنْ قَتَلَ رَجُلٌ وَصَبِيٌّ عَمْدًا فَالدِّيَةُ عَلَيْهِمَا لِلشَّكِ فِي أَيِّهِمَا مَاتَ بهما قَالَ ابْن يُونُس يُرِيد ف الْأَوَّلِ أَنَّهُمَا تَعَاوَنَا عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَتَعَاقَدَا عَلَيْهِ وَلَا تَعَاوَنَا عَلَيْهِ بَلْ رَمَاهُ هَذَا عَمْدًا وَهَذَا عَمْدًا لَمْ يُقْتَلِ الرَّجُلُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ الْقَاتِلُ وَيُرِيدُ فِي الثَّانِي أَنَّ نِصْفَ الدِّيَةِ فِي مَالِ الرَّجُلِ وَنِصْفَهَا عَلَى عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ قَالَ أَشْهَبُ يُقْتَلُ الْكَبِيرُ وَعَلَى عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ نِصْفُ الدِّيَةِ وَإِنْ قَتَلَ عَبْدٌ وَحُرٌّ عَبْدًا عَمْدًا قُتِلَ الْعَبْدُ وَعَلَى الْحُرِّ نِصْفُ قِيمَتِهِ فِي مَالِهِ لِأَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَحْمِلُ عَمْدًا وَلَا يُقْتَلُ حُرٌّ بِعَبْدٍ وَإِنْ قَتَلَا حُرًّا خَطَأً فَعَلَى عَاقِلَةِ الْحُرِّ نِصْفُ الدِّيَةِ وَيُخَيَّرُ سَيِّدُ الْعَبْدِ فِي إِسْلَامِهِ أَوْ فِدَائِهِ بِنِصْفِ الدِّيَةِ قَالَ مَالِكٌ إِنْ قَتَلَ أَبٌ وَرَجُلَانِ ابْنَهُ عَمْدًا قُتِلُوا أَوْ بِالرَّمْيِ وَالضَّرْبِ لَمْ يُقْتَلِ الْأَبُ قَالَ عبد المل عَلَيْهِ ثُلُثُ الدِّيَةِ مُغَلَّظَةً وَيُقْتَلُ الرّجلَانِ وَإِن جرحه رجلَيْنِ خَطَأً وَالْآخَرُ عَمْدًا قَالَ أَشْهَبُ يَقْتَسِمُونَ عَلَى أَيهمَا شاؤا فَإِن اقتسموا على الْمُتَعَمد قَتَلُوهُ وعَلى المخطىء دِيَةُ الْجِنَايَةِ قَالَ مُحَمَّدٌ ذَلِكَ إِنْ عُرِفَتْ جِنَايَةُ الْعَمْدِ مِنْ جِنَايَةِ الْخَطَأِ وَإِنِ اقْتَسَمُوا على المخطىء فَالدِّيَةُ كَامِلَةً عَلَى عَاقِلَتِهِ وَاقْتَصُّوا مِنَ الْمُتَعَمِّدِ جُرْحَهُ إِنْ كَانَ مِمَّا فِيهِ قِصَاصٌ وَإِلَّا أَخَذُوا دِيَةَ جِنَايَتِهِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ عَاشَ بَعْدَ مَوْتِهِمْ فَعَنْهُ الْقَسَامَةُ إِنِ اقْتَسَمُوا عَلَى الْمُتَعَمِّدِ قَتَلُوهُ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْآخَرِ أَو على المخطىء فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَيَبْدَأُ الْمُتَعَمِّدُ لِأَنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِالْقَسَامَةِ إِلَّا وَاحِدٌ قَالَ مُحَمَّدٌ وَيُضْرَبُ مِائَةً وَيُحْبَسُ سَنَةً.
فرع:
فِي الْكِتَابِ إِنْ قَتَلَ النَّائِمُ فَعَلَى عَاقِلَتِهِ إِنْ بَلَغَ الثُّلُثَ وَإِنْ نَامَتْ عَلَى وَلَدِهَا فَدِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَتِهَا وَتُعْتِقُ رَقَبَةً.
فرع:
إِنْ قَتَلَ وَلِيُّكَ عَمْدًا فَقَطَعْتَ يَدَهُ فَلَهُ أَنْ يَقْتَصَّ مِنْكَ لِأَنَّ يَده يُوجَدُ لَهَا مُبِيحٌ وَفِي الْخَطَأِ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِكَ.
فرع:
فِي النَّوَادِرِ إِنْ ضَرَبَهُ أَوْ رَفَسَتْهُ دَابَّةٌ أَوْ تَرَدَّى مِنْ حَائِطٍ فَمَاتَ قَعْصًا قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يُقْتَلُ مُشَارِكُ الْأَبِ أَو الصَّبِي أَو المخطيء أَوِ الدَّابَّةِ أَوِ الْغَرَقِ أَوْ تَرَدَّى فَلَا قَسَامَةَ وَيَسْتَظْهِرُ فِي شَرِكَةِ الدَّابَّةِ وَالْهَدْمِ وَالْغَرَقِ بِالْقَسَامَةِ أَنَّهُ مَاتَ مِنْ جُرْحِهِ لِأَنَّ مَا شَارَكَهُ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ تُشْبِهُ الْحَيَاةَ بَعْدَ الْجرْح وَإِن لَمْ يُقْسِمُوا عَلَى شَرِيكٍ لِلدَّابَّةِ وَنَحْوِهَا ضُرِبَ وَسُجِنَ وَهَذَا إِذَا كَانَ اجْتِمَاعُهُمْ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ فَإِنِ افْتَرَقُوا وَعَاشَ بَعْدَ ضَرْبٍ فَهُوَ كَالْفَوْرِ وَإِنْ كَانَ الْأَخِيرَ فَغَصَّهُ وَلَمْ يَتَأَخَّرْ بَعْدَهُ فَهُوَ قَاتِلُهُ يُقْتَلُ إِنْ كَانَ مِمَّنْ يُقْتَلُ فِي الْعَمْدِ وَفِي الْخَطَأِ الدِّيَةُ بِلَا قَسَامَةٍ وَإِنْ كَانَ الْآخَرُ دَابَّةً وَنَحْوَهُ وَقَدْ ذَهَبَ دَمُهُ هَدَرًا وَيُقْتَصُّ مِنْ جُرْحِ الْأَوَّلِ فِي الْعَمْدِ وَيُعْقَلُ فِي الْخَطَأِ وَمَتَى أَنَفَذَ الْأَوَّلُ مَقَاتِلَهُ فَالْحُكْمُ لَهُ قِصَاصًا وَدِيَةً وَاخْتَلَفَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا شَارَكَهُ دَابَّةٌ وَنَحْوُهَا فَقَالَ مَرَّةً يُقْسِمُونَ عَلَى الْعَمْدِ وَجَعَلَهُ كَحَيَاةِ الْمَجْرُوحِ وَقَالَ مَرَّةً عَلَى الْمُتَعَمِّدِ نِصْفُ الدِّيَةِ فِي مَالِهِ بِغَيْرِ قَسَامَةٍ وَيُضْرَبُ مِائَةً وَيُحْبَسُ.
فرع:
قَالَ إِذَا اجْتَمَعَ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ وَصِبْيَانٌ واقتسموا عَلَى رَجُلٍ أَوِ امْرَأَةٍ فَقَتَلُوهُ وَالصِّبْيَانُ خَمْسَةٌ وَالرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ عِشْرُونَ فَخُمُسٌ عَلَى عَوَاقِلِ الصِّبْيَانِ أَخْمَاسًا قَالَ أَشْهَبُ قَالَ مُحَمَّدٌ يَقْسِمُونَ ثَانِيَةً عَلَى الصِّغَارِ وَعَلَى عَوَاقِلِهِمْ قَدْرُ مَا يَقَعُ عَلَيْهِمْ وَالَّذِي عَلَيْهِ أَصْحَابُ مَالِكٍ أَنَّ عَلَى مَنْ بَقِيَ مِنْ رَجُلٍ أَوِ امْرَأَةٍ الْحَبْسُ وَالضَّرْب وَإِن قَالُوا تقسم على الصغر أَقْسَمُوا عَلَيْهِمْ وَلَهُمُ الدِّيَةُ كُلُّهَا عَلَى عَوَاقِلِهِمْ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ بِغَيْرِ قَسَامَةٍ قُتِلَ الْكِبَارُ فَإِنْ كَانُوا عَشَرَةً وَالصِّغَارُ خَمْسَةً فَعَلَى عَوَاقِلِهِمْ ثُلُثُ الدِّيَةِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ.
فرع:
قَالَ قَالَ مَالِكٌ قَطَعَ يَدَهُ حُرٌّ وَثَلَاثَةُ أَعْبُدٍ خطأ فَثَلَاثَة أرباعالعقل فِي رِقَابِ الْعَبِيدِ وَرُبُعُهُ فِي مَالِ الْحُرِّ أَوْ حُرٌّ أَوْ حُرَّانِ وَعَبْدٌ فَثُلُثَاهَا عَلَى عَاقِلَةِ الْحُرِّ وَثُلُثُهَا فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ وَفِي الْعَمْدِ يُقْطَعُ الْحُرَّانِ وَثُلُثُ دِيَتِهَا فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ أَوْ مُسْلِمٌ وَنَصْرَانِيٌّ خَطَأً فَعَلَى عَاقِلَتِهِمَا نِصْفَيْنِ أَوْ عَمْدًا قُطِعَ الْمُسْلِمُ وَنِصْفُ الْعَقْلِ فِي مَالِ النَّصْرَانِيِّ. فَرْعٌ:
قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ أَنْفَذَ الْأَوَّلُ مَقَاتِلَهُ وَأَجْهَزَ عَلَيْهِ الثَّانِي اقْتُصَّ مِنَ الْأَوَّلِ وَعُذِّرَ الثَّانِي وَقَدْ أَتَى عَظِيمًا وَعَنْهُ أَنَّهُ يُقْتَلُ الثَّانِي لِأَنَّهُ الْمُزْهِقُ وَيُعَاقَبُ الْأَوَّلُ وَإِنْ قَطَعَ الأول حُلْقُومَهُ وَبَقِيَتْ فِيهِ الْحَيَاةُ وَقطع الثَّانِي أَو داجه وَحَزَّ رَأْسَهُ قُتِلَ الْأَوَّلُ قَالَهُ أَشْهَبُ لِأَنَّهُ لَا يَعِيشُ مَعَ قَطْعِ الْحُلْقُومِ وَقَالَ سَحْنُونٌ إِنْ ضَرَبَهُ أَحَدُهُمْ بِعَصًا وَضَرَبَ الْآخَرُ عُنُقَهُ قُتِلَ ضَارِبُ الْعُنُقِ فَقَطْ وَكَذَلِكَ إِنْ قَطَعَ يَدَهُ وَضَرَبَ الْآخَرُ عُنُقَهُ لِأَنَّهُ الْمُنْفِذُ لِلْمَقَاتِلِ.

.الرُّكْنُ الثَّانِي الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ:

فِي الْجَوَاهِرِ وَشَرْطُ ضَمَانِهِ بِالْقِصَاصِ أَنْ يَكُونَ مَعْصُومًا وَالْعِصْمَةُ بِالْإِسْلَامِ وَالْحريَّة والأمان فَإِن الْحَرْبِيّ وَال - يهدر الدَّمُ وَكَذَلِكَ الزِّنْدِيقُ وَالزَّانِي الْمُحْصَنُ أَمَّا الْمُسْتَحَقُّ فِي قِصَاصٍ فَدَمُ قَاتِلِهِ لِأَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ وَعَلَى أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ آخِرًا إِرْضَاؤُهُمْ وَبَعْدَ ذَلِكَ شَأْنُهُمْ فِي قَاتِلِ وَلِيِّهِمْ بِالْقَتْلِ أَوِ الْعَفْوِ فَإِنْ لَمْ يُرْضُوهُمْ فَلِلْأَوَّلِينَ قَتْلُهُ أَوِ الْعَفْوُ وَلَهُمْ عَدَمُ الرِّضَا بِالدِّيَةِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهَا وَعَنِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا دِيَةَ لِوَلِيِّ الْأَوَّلِ وَلَا قَوَدَ كَمَا لَوْ مَاتَ الْقَاتِلُ فَإِنْ كَانَ الثَّانِي خَطَأً جَرَى الْخِلَافُ أَمَّا مَنْ فَقَأَ عَيْنَ رَجُلٍ وَفْقَأَ آخَرُ عَيْنَهُ ثُمَّ مَاتَ الفاقىء الثَّانِي فَلَا شَيْءَ لِلْأَوَّلِ لِتَعَذُّرِ الْمَحَلِّ فَإِنْ قُطِعَتْ يَدُهُ مِنْ مَنْكِبِهِ ثُمَّ قُطِعَتْ يَد الْقَاطِع من الْكَفّ فللأول قطع كف قَاطع قَاطِعِهِ أَوْ يُقْطَعُ مِنَ الْمَنْكِبِ فَفِيهِ يَدُ قَاطِعِهِ لِأَنَّهُ بَقِيَّةُ حَقِّهِ.
فرع:
فِي النَّوَادِرِ قَالَ سَحْنُونٌ إِنْ قَطَعَ الذِّمِّيُّ يَدَ مُعَاهَدٍ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَلَحِقَ بِأَرْضِ الْحَرْبِ نَاقِضًا للْعهد فَمَاتَ منا لجرح فلوليها الْقِصَاصُ فِي الْجِرَاحِ دُونَ الْقَتْلِ لِأَنَّهُ بَعْدَ الْعِصْمَةِ فَإِنْ أَمَّنَهُ الْإِمَامُ فَمَاتَ فَلَا قَوَدَ لِأَنَّهُ سَقَطَ بِنَقْضِ الْعَهْدِ فَلَا يَعُودُ بِالْأَمَانِ وَعَنْهُ إِنْ حَلَفُوا لَمَاتَ مِنَ الْجُرْحِ فَدِيَتُهُ فِي مَالِ الْجَانِي وعِنْدَ أَشْهَبَ يُقْتَلُ بِأَيْمَانِهِمْ نَظَرًا لِيَوْمِ الْمَوْتِ وَإِنْ قَطَعَ مُسْلِمٌ يَدَ مُسْلِمٍ فَارْتَدَّ الْمَقْطُوعُ وَمَاتَ فَغَيْرُ أَشْهَبَ يَرَى لِلْوَلِيِّ قَطْعَ الْيَدِ وَلَيْسَ لَهُمُ الْقَسَامَةُ لَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ وَيُقْتَلُونَ وَلَهُمُ القاسمة لِأَخْذِ الدِّيَةِ وَفِي الْقَوْلِ الْآخَرِ يُقْسِمُونَ وَيُقْتَلُونَ وَإِنِ اصْطَلَحُوا عَلَى الدِّيَةِ فِدْيَةُ مُسْلِمٍ لِأَنَّهُ وَقْتَ الضَّرْبِ وَإِنْ قَطَعَ مُسْلِمٌ يَدَ نَصْرَانِيٍّ فَأَسْلَمَ فَمَاتَ مِنْ جُرْحِهِ فَلِوَرَثَتِهِ إِنْ كَانُوا مُسْلِمِينَ أَنْ يُقْسِمُوا لَمَاتَ مِنْ جُرْحِهِ وَيَأْخُذُوا دِيَةَ مُسْلِمٍ وَإِنْ جَرَحَ مُسْلِمٌ أَوْ حَرْبِيٌّ معاهدا فلحق بدار الْحَرْب وسباه المسلمونومات مِنْ جُرْحِهِ فَلَا قَوَدَ فِيهِ عَلَى الذِّمِّيِّ فِي النَّفْسِ وَاقْتُصَّ مِنْهُ فِي الْجُرْحِ وَدِيَتُهُ نصف دِيَة نَصْرَانِيّ فيأ لِلْمُسْلِمِينَ قَالَهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَقِيلَ دِيَةُ يَدهٍ لِوَرَثَتِهِ فَإِنْ أَسْلَمَ بَعْدَ حُصُولِهِ فِي يَدِ مَنْ صَارَ لَهُ ثُمَّ مَاتَ عَبْدًا فَلَا قِصَاصَ عَلَى الذِّمِّيِّ فِي النَّفْسِ لِأَنَّهُ مَاتَ عَبْدًا وَلِلْوَارِثِ الْقِصَاصُ فِي الْيَدِ.
فرع:
قَالَ قَالَ ابْن الْقسم إِنْ قَالَ أَحَدُ عَبْيدَيَّ حُرٌّ فَقَتَلَهُمْ أَوْ أَحَدَهُمْ رَجُلٌ قَبْلَ أَنْ يُسْأَلَ السَّيِّدُ مَنْ أَرَادَ وَقَالَ السَّيِّدُ الْآنَ أَرَدْتُ الْمَقْتُولَ لَا يُصَدَّقُ فِي أَخْذِ الدِّيَةِ وَإِنَّمَا لَهُ قِيمَةُ عَبْدِهِ وَيُصَدَّقُ أَنَّهُ أَرَادَ الْبَاقِيَ مَعَ يَمِينِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ قَالَ لَمْ تَكُنْ لِي نِيَّةٌ فِي وَاحِدٍ بِعَيْنِهِ عُتِقَ الْبَاقِي وَلَهُ فِي الْمَقْتُولِ قِيمَةُ عَبْدٍ وَإِنْ قَالَ ذَلِكَ فِي وَصِيَّتِهِ وَمَاتَ فَلَهُمَا حُكْمُ الْعَبِيدِ إِنْ قُتِلَا حَتَّى يَنْفُذَا مِنَ الثُّلُثِ.
فرع:
قَالَ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ عَقْلُ الْمُرْتَدِّ فِي الْعمد وَالْخَطَأ عقل فِي النَّفس وَالْجرْح رَجَعَ إِلَى السَّلَام أَمْ لَا لِأَنَّهُمْ أَقَلُّ الْكُفَّارِ عَقْلًا وَأَنْكَرَهُ سَحْنُونٌ وَقَالَ أَشْهَبُ عَقْلُ الدِّينِ الَّذِي ارْتَدَّ إِلَيْهِ وَإِن قتل زنديقا فر قِصَاصَ وَلَا دِيَةَ قَالَه ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ قتل لابد مِنْهُ بِخِلَافِ الْمُرْتَدِّ وَإِنْ قَتَلَ الْمُرْتَدُّ مُسْلِمًا خَطَأً فَالدِّيَةُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ يَرِثُونَهُ أَوْ عَمْدًا فَلَا شَيْءَ فِي مَالِهِ وَإِنْ قَتَلَ الْمُرْتَدُّ نَصْرَانِيًّا أَوْ جَرَحَهُ اقْتُصَّ مِنْهُ كَقَتْلِ الْكَافِرِ بِالْمُسْلِمِ وَإِنْ جَرَحَ مُسْلِمًا لَمْ يُقْتَصَّ مِنْهُ أَوْ قَتَلَ مُسْلِمًا قُتِلَ بِهِ وَإِنْ جَرَحَ الْمُرْتَدُّ أَوْ قَتَلَ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْإِسْلَامِ فَإِنْ كَانَ قَتَلَ نَصْرَانِيًّا لَمْ يُقْتَلْ بِهِ أَوْ حُرًّا مُسْلِمًا اقْتُصَّ مِنْهُ.
تَنْبِيهٌ:
ثُمَّ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ قَدْ تَكُونُ نَفْسًا تَامَّةً أَوْ جَنِينًا أَوْ عُضْوًا أَوْ مَنْفَعَةً أَوْ هُمَا مَعًا.

.الرُّكْنُ الثَّالِثُ الْجِنَايَةُ نَفْسُهَا:

وَهِيَ الْعَقْلُ وَيَتَمَهَّدُ فِقْهُهُ بِبَيَانِ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ وَشِبْهِ الْعَمْدِ وَكُلُّهَا إِمَّا مُبَاشَرَةً أَوْ تَسَبُّبًا أَوْ هُمَا أَوْ بِطَرَيَانِ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ وَالشَّرِكَةِ فِيهَا فَهَذِهِ ثَمَانِيَةُ أَقْسَامٍ:

.الْقِسْمُ الْأَوَّلُ الْعَمْدُ:

فِي الْجَوَاهِرِ الْعَمْدُ مَا قُصِدَ فِيهِ إِتْلَافُ النَّفْسِ وَكَانَ مِمَّا يَقْتُلُ غَالِبًا مِنْ مُحَدَّدٍ أَوْ مُثَقَّلٍ أَوْ بِإِصَابَةِ الْمَقَاتِلِ كَعَصْرِ الْأُنْثَيَيْنِ أَوْ شَدِّهِ وَضَغْطِهِ أَوْ يَهْدِمُ عَلَيْهِ بُنْيَانًا أَوْ يَصْرَعُهُ وَيَجُرُّ بِرِجْلِهِ عَلَى غَيْرِ اللَّعِبِ أَوْ يُغْرِقُهُ أَوْ يَحْرِقُهُ أَوْ يَمْنَعُهُ مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَأَمَّا اللَّطْمَةُ وَاللَّكْزَةُ فَتَتَخَرَّجُ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي شِبْهِ الْعَمْدِ فِي نَفْيِهِ وَإِثْبَاتِهِ وَفِي الْكِتَابِ إِنْ طَرَحَهُ فِي نَهْرٍ وَلَا يَعْلَمُ أَنَّهُ يُحْسِنُ الْعَوْمَ عَلَى وَجْهِ الْعَدَاوَةِ قُتِلَ أَوْ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَفِيهِ الدِّيَةُ وَإِنْ تَعَمَّدَ ضَرْبَهُ بِلَطْمِهِ أَوْ بِلَكْزِهِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَفِيهِ الْقَوَدُ وَمِنَ الْعَمْدِ مَا لَا قَوَدَ فِيهِ كَالْمُتَصَارِعَيْنِ وَالْمُتَرَامِيَيْنِ عَلَى وَجْهِ اللَّعِبِ أَوْ يَأْخُذُ بِرِجْلِهِ عَلَى وَجْهِ اللَّعِبِ فَفِيهِ دِيَةُ الْخَطَأِ عَلَى الْعَاقِلَةِ أَخْمَاسًا فَإِنْ تَعَمَّدَ هَؤُلَاءِ الْقَتْلَ بِذَلِكَ فَفِيهِ الْقِصَاصُ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ قِيلَ هَذَا إِذَا كَانَا مَعًا يَتَفَاعَلَانِ ذَلِكَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَعَ الآخر وَهُوَ ظَاهِرُ لَفْظِهِ أَمَّا إِذَا فَعَلَ أَحَدُهُمَا عَلَى وَجْهِ اللَّعِبِ وَالْآخِرُ لَمْ يُلَاعِبْهُ وَلَا رَمَاهُ فَالْقِصَاصُ قَالَهُ مَالِكٌ وَقِيلَ سَوَاءٌ اللَّعِبُ وَغَيره مِنْهُمَا أومن أَحَدِهِمَا وَهُوَ الصَّوَابُ وَالتَّفْرِيقُ بَعِيدٌ إِذَا عُرِفَ قصد اللّعب وَتَكون رِوَايَة عبد الْملك أَنه ذَلِكَ كَالْخَطَأِ خِلَافًا وَكَذَلِكَ اخْتُلِفَ فِي الْأَدَبِ وَالْعَقْلِ الْجَامِعِ كَالْحَاكِمِ وَالْجَلَّادِ وَالْمُؤَدِّبِ وَالْأَبِ وَالزَّوْجِ وَالْخَاتِنِ وَالطَّبِيبِ فَقِيلَ كَالْخَطَأِ وَيَدْخُلُهُمَا الِاخْتِلَافُ فِي شِبْهِ الْعَمْدِ قَالَ اللَّخْمِيُّ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ دِيَةُ اللَّعِبِ مُغَلَّظَةُ الْأَخْمَاسِ.

.الْقِسْمُ الثَّانِي: الْخَطَأُ:

وَفِي الْجَوَاهِرِ الْخَطَأُ مَا لَا قَصْدَ فِيهِ لِلْفِعْلِ كَمَا لَوْ سَقَطَ عَلَى غَيْرِهِ أَوْ مَا قَصْدَ فِيهِ لِلْفِعْلِ إِلَى الشَّخْصِ كَمَا لَوْ رمى صيدا فَقتل إنْسَانا وَظن الْإِبَاحَة تصير الْعَمْدَ خَطَأً كَقَاتِلِ رَجُلٍ فِي أَرْضِ الْحَرْبِ غَلَبَةً وَفِي الْكُفَّارِ وَهُوَ مُسْلِمٌ فَلَا قِصَاصَ وَفِيهِ الْكَفَّارَةُ وَالدِّيَةُ أَوْ قَتَلَ رَجُلًا عَمْدًا يَظُنُّهُ مِمَّنْ لَوْ قَتَلَهُ لَمْ يَكُنْ فِيهِ قِصَاصٌ فَلَا قِصَاصَ.

.الْقِسْمُ الثَّالِثُ شِبْهُ الْعَمْدِ:

وَفِي التَّنْبِيهَاتِ هُوَ مَا أَشْكَلَ أَنَّهُ أُرِيدَ بِهِ الْقَتْلُ وَلَمْ يَرَهُ مَالِكٌ إِلَّا فِي الْآبَاءِ مَعَ أَبْنَائِهِمْ وَغَيْرُهُ يَرَى فِيهِ الدِّيَةَ مُطْلَقًا مُثَلَّثَةً عِنْدَ (ش) وَمُرَبَّعَةً عِنْدَ (ح) وَصفته عِنْدهم فِي غير الْآبَاءِ مَعَ أَبْنَائِهِمْ وَغَيْرُهُ يَرَى فِيهِ الدِّيَةَ مُطْلَقًا مُثَلَّثَةً عِنْدَ (ش) وَمُرَبَّعَةً عِنْدَ (ح) وَصِفَتُهُ عِنْدَهُمْ فِي غَيْرِ الْآبَاءِ أَنْ يَضْرِبَهُ عَمْدًا عَلَى وَجْهِ الْفَائِدَةِ وَالْغَضَبِ لَا يَقْصِدُ قَتْلَهُ وَبِغَيْرِ آلَةٍ الْقَتْلِ كَالسَّوْطِ وَالْعَصَا قَالَ اللَّخْمِيُّ شِبْهُ الْعَمْدِ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ بِغَيْرِ آلَةٍ الْقَتْل كَالسَّوْطِ وَالْعَصَا وَالْبُنْدُقَةِ إِلَّا أَنْ يَقُومَ دَلِيلُ الْعَمْدِ لِقُوَّةِ الضَّرْبَةِ أَوْ بِآلَةِ الْقَتْلِ مِمَّنْ لَا يُتَّهَمُ كَالْأَبَوَيْنِ أَوْ مِمَّنْ كَالطَّبِيبِ وَصِفَتُهُ وَتقدم تسط مَنْعِ إِرَادَتِهِ كَالْمُصَارِعِ قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ إِنْ قصد الْفِعْلَ دُونَ الْقَتْلِ فَثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ لَعِبٌ وَأَدَبٌ وَفَائِدَة فَفِي الول ثَلَاثَة أَقْوَال قَالَ ابْن الفقاسم هُوَ خَطَأٌ وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ فِي الْكِتَابِ وَرُوِيَ عبد الْملك عوم عِنْد يُقْتَصُّ بِهِ وَتَأَوَّلَ الْأَوَّلُ عَلَى أَنَّ صَاحِبَهُ لَاعَبَهُ وَبَقِيَ الْخِلَافُ وَالظَّاهِرُ ثُبُوتُهُ وَالثَّالِثُ ابْنُ وهب هُوَ شبه الْعمد تفلظ دِيَتُهُ عَلَى الْجَانِي فِي مَالِهِ ثَلَاثُونَ حِقَّةً وَثَلَاثُونَ جَذَعَةً وَأَرْبَعُونَ خَلِفَةً وَالتَّفْرِقَةُ بَيْنَ أَنْ يلاعبه أم لَا قَول رَابِع وَفِي الدب تَجْرِي الثَّلَاثَةُ الْأَقْوَالِ الْأُوَلِ وَقَالَ الْبَاجِيُّ إِنَّمَا يُخْتَلَفُ فِي تَغْلِيظِ الدِّيَةِ وَلَا قِصَاصَ بِحَالٍ وَهَذَا إِذَا عُلِمَ أَنَّهُ ضَرَبَهُ أَدَبًا وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ ذَلِكَ إِلَّا مِنْ قَوْلِهِ فَفِي تَصْدِيقِهِ قَوْلَانِ إِنَّ الظَّاهِرَ يَقْتَضِي الْقِصَاصَ وَفِي النَّائِرَةِ قَوْلَانِ الْمَشْهُورُ الْقِصَاصُ إِلَّا فِي الْأَبِ وَالْأُمِّ وَالْجَدِّ وَعَنْهُ لَا قِصَاصَ وَهُوَ شِبْهُ الْعمد فعله فِيهِ الدِّيَةُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ (ش) وَ (ح) وَغَيْرُهُمَا وَاخْتَلَفُوا هَلْ يَخْتَصُّ بِالتَّعْيِينِ قَالَهُ (ح) وَصَاحِبَاهُ أَمْ لَا وَاخْتَلَفُوا فِي صِفَتِهِ فَقَالَ (ح) لَا يُقْتَصُّ إِلَّا فِيمَنْ قتل بحديدة أَو ضهطة الْغَضَب أَوِ النَّارِ وَقِيلَ لَا يُقْتَصُّ إِلَّا فِي الْحَدِيدَةِ وَإِنْ قَصَدَ الْقَتْلَ فَقِسْمَانِ غِيلَةً فَيُقْتَلُ عَلَى كُلِّ حَالٍ لِأَنَّهُ حِرَابَةٌ وَنَائِرَةٌ خُيِّرَ الْوَلِيُّ فِي الْقِصَاصِ وَالْعَفْوِ إِلَّا لِمَنْ يُقْتَلُ بَعْدَ أَخْذِ الدِّيَةِ فَقِيلَ لَا يَجُوزُ لِلْوَلِيِّ الْعَفو بقوله {فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ} وَعَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ «لَا أُعْفِي رَجُلًا قَتَلَ بَعْدَ أَخْذِ الدِّيَةِ» هَذَا نَصُّ الْمُقَدِّمَاتِ وَالشَّافِعِيَّة يسمونه عمد الْخَطَأ وَالْجِنَايَة شبه الْعمد وَاحْتج الْأَئِمَّةُ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَبِي دَاوُدَ وَغَيْرِهِ أَلَا إِنَّ دِيَةَ الْخَطَأ فِي شبه الْعمد كَانَ بِالسَّوْطِ وَالْعَصَا مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ مِنْهَا أَرْبَعُونَ فِي بطونها أَوْلَادهَا وَيرى أَلَا إِنَّ فِي قَتِيلِ الْعَمْدِ الْخَطَأِ قَتِيلِ السَّوْطِ وَالْعَصَا مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ وَفَسَّرَهُ الْأَئِمَّةُ بِالضَّرْبِ بِمَا لَا يَقْتُلُ غَالِبًا كَالْعَصَا الصَّغِيرِ وَالسَّوْطِ وَنَحْوِهِ وَقَالَ الْقَاضِي فِي الْمَعُونَةِ اجْتَمَعَ شِبْهُ الْعَمْدِ لِأَنَّهُ ضَرَبَهُ بِمَا لَا يَقْتُلُ غَالِبًا وَشِبْهُ الْخَطَأِ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدِ الْقَتْلَ فَلَمْ يُعْطَ حُكْمَ أَحَدِهَما فَغُلِّظَتِ الدِّيَةُ وَاحْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَذْكُرْ فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ إِلَّا الْعَمْدَ وَالْخَطَأَ وَلَوْ كَانَ ثَالِثٌ لَذَكَرَهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكتاب من شَيْء}.