فصل: الرُّكْنُ الْأَوَّلُ: الْمُوجِبُ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة (نسخة منقحة)



.السَّبَبُ السَّادِسُ الرِّدَّةُ:

قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إِنْ قُتِلَ الْمُرْتَدُّ أَوِ الْمُرْتَدَّةُ لَمْ يُنَفَّذْ بيعُهما فِي زَمَنِ الرِّدَّةِ وَلَا شِرَاؤُهُمَا لِأَنَّ نُفُوذَ التَّصَرُّفِ إِنَّمَا هُوَ لِتَحْصِيلِ مَصَالِحِ الْحَيَاةِ وَالْمُرْتَدُّ مُرَاقُ الدَّمِ وَيُوقَفُ مَالُهُمَا وَيُطْعَمَانِ مِنْهُ وَإِنْ عَامَلَا بَعْدَ الْحَجْرِ فَلَحِقَهُمَا دَيْنٌ لَمْ يَلْحَقْ مَالَهُمَا وَلَا فِيمَا مَلَكَاهُ بِهِبَةٍ أَوْ غَيْرِهَا إِنْ قُتِلَا بِالرِّدَّةِ وَإِنْ أَسْلَمَا كَانَ ذَلِكَ فِي مَالِهِ وَمَا رَبِحَ مِنْ تِجَارَتِهِ فِي الرِّدَّةِ فَفِي مَالِهِ فَإِنْ جُهِلَتْ ردتُه سِنِينَ وَدَايَنَ النَّاسَ جَازَ عَلَيْهِ لِطُولِ أَمْرِهِ قَالَ التُّونُسِيُّ: بَيْعُ الْمُرْتَدِّ وَشِرَاؤُهُ إِذَا لَمْ يُعلم بِهِ وَلَا حُجِرَ عَلَيْهِ جَائِزٌ حَتَّى يُوقَفَ وَيُحْجَرَ عَلَيْهِ فَيَكُونَ الْأَمْرُ مَوْقُوفًا فَإِنْ قُتِلَ رُدَّ فِعْلُهُ وَإِنْ أَسْلَمَ مَضَى وَفِي الْجَوَاهِرِ: يَجْرِي الْخِلَافُ فِي الْمُرْتَدِّ إِذَا بَاعَ قَبْلَ الْحَجْرِ قِيَاسًا عَلَى الْمُهْمَلِ.
فرع:
قَالَ فِي النَّوَادِرِ قَالَ ابْنُ عبد الحكم: لَا يقْضِي الإِمَام على الْمُرْتَدِّ إِلَّا مَا حَلَّ مِنْ دُيُونِهِ فَإِذَا قُتل حَلَّ الْمُؤَجَّلُ ويُحاصص فِي مَالِهِ بِالْحَالِّ وَالْمُؤَجَّلِ وَلَوْ أَسْلَمَ بَقِيَ الْأَجَلُ عَلَى حَالِهِ وَلِمَنْ حَلَّ دَيْنُهُ قَبَضَهُ مِنْهُ بِخِلَافِ الْمُفَلَّسِ وَلَوْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ سُمِعَتِ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ وَلَا يَحِلُّ مُؤَجَّلُهُ بِخِلَافِ الْمُفَلَّسِ لِأَنَّ خَرَابَ الذِّمَّة هَا هُنَا بِطَرِيقِ الْعَرَضِ وَلَا يَكُونُ وَاجِدُ سِلْعَتِهِ أَحَقَّ بِهَا بِخِلَافِ الْمُفَلَّسِ لِذَلِكَ وَإِذَا مَاتَ مُرْتَدٌّ فَمَاله فَيْء.
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم.

.كِتَابُ الْغَصْبِ وَالِاسْتِحْقَاقِ:

الْغَصْبُ لُغةً قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: أَخذ الشَّيْء ظلما تَقول: غَصَبَهُ مِنْهُ وَعَلَيْهِ سَوَاءٌ وَالِاغْتِصَابُ مِثْلُهُ وَفِي اصْطِلَاحِ الْعُلَمَاءِ: أَخْذُهُ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ: التَّعَدِّي عَلَى رِقَابِ الْأَمْوَالِ سَبْعَةُ أَقْسَامٍ لِكُلٍّ مِنْهَا حُكْمٌ يَخُصُّهُ وَهِيَ كُلُّهَا مُجْمَعٌ عَلَى تَحْرِيمِهَا وَهِيَ: الحِرابة وَالْغَصْبُ وَالِاخْتِلَاسُ وَالسَّرِقَةُ وَالْخِيَانَةُ وَالْإِدْلَالُ وَالْجَحْدُ فَجَعَلَ الظُّلْمَ فِي الْأَخْذِ أَنْوَاعًا مُتَبَايِنَةً وَيَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِهِ قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أموالكن بَيْنكُم بِالْبَاطِلِ} وقَوْله تَعَالَى {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سعيرا} وَقَوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مُسْلِمٍ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ فِي خُطْبَةِ يَوْمِ النَّحْرِ: «إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا».
سُؤَالٌ: الْمُشَبَّهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ أَخْفَضَ رُتْبَةً مِنَ الْمُشَبَّهِ بِهِ فَكَيْفَ حُرْمَةُ الدِّمَاءِ وَمَا مَعَهَا بِحُرْمَةِ الْبَلَدِ مَعَ انْحِطَاطِهَا عَنِ الْمَذْكُورَاتِ فِي نَظَرِ الشَّرْعِ بِكَثِيرٍ؟
جَوَابُهُ: أنَّ التَّشْبِيهَ وَقَعَ بِحَسَبِ اعْتِقَادِهِمْ فَإِنَّهُمْ كَانُوا يعظمون الْبَلَد والشهر الْمشَار إِلَيْهِمَا ويحتقرون الامور الْمَذْكُورَة وَقَوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ غَصبَ شِبْرًا مَنْ أَرْضٍ طُوِّقَهُ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
فَائِدَةٌ: تَدُلُّ عَلَى أَن الْعقار يُمكن عصبه خِلَافًا لِ (ح) فَائِدَةٌ: قَالَ الْعُلَمَاءُ: لَمْ يَرِدْ فِي السَّمْعِيَّاتِ مَا يَدُلُّ عَلَى تَعَدُّدِ الْأَرَضِينَ إِلَّا قَوْله تَعَالَى {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سبع سماوات وَمن الأَرْض مِثْلهنَّ} وَهَذَا الحَدِيث قيل الْمِثْلِيَّةُ فِي الْعِظَمِ لَا فِي الْعَدَدِ فَلَا دَلَالَةَ إِذَنْ فِي الْآيَةِ فَائِدَةٌ: قَالَ الْبَغَوِيُّ: قِيلَ: طُوِّقَهُ أَيْ كُلِّفَ حَمَلَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا طَوْقُ التَّقْلِيدِ وَقِيلَ: تُخْسَفُ الْأَرْضُ بِهِ فَتَصِيرُ الْبُقْعَةُ الْمَغْصُوبَةُ فِي حَلْقِهِ كَالطَّوْقِ قَالَ: وَهَذَا أَصَحُّ لِمَا فِي الْبُخَارِيِّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَخَذَ مِنَ الْأَرْضِ شِبْرًا بِغَيْرِ حَقِّهِ خُسِف بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى سَبْعِ أَرَضِينَ» قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ: الْغَصْبُ لُغَةً أَخْذُ كُلِّ مِلْكٍ بِغَيْرِ رِضَا صَاحِبِهِ عَيْنًا أَوْ مَنْفَعَةً وَكَذَلِكَ التَّعَدِّي سِرًّا أَوْ جَهْرًا وَشَرْعًا: أَخْذُ الْأَعْيَانِ الْمَمْلُوكَاتِ بِغَيْرِ إِذْنِ صَاحِبِهَا قَهْرًا مِنْ ذِي الْقُوَّة وَالتَّعَدِّي عُرْفًا أَخْذُ الْعَيْنِ وَالْمَنْفَعَةِ كَانَ لِلْمُتَعَدِّي يَدٌ أَمْ لَا بِإِذْنٍ أَمْ لَا كَالْقِرَاضِ والوديعة والصاع والبضائع وَالْإِجَارَة والعواري وَالْفرق بنيهما فِي الْفِقْهِ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا:
الْغَاصِبُ يَضْمَنُ يَوْمَ وضعِ الْيَدِ وَالْمُتَعَدِّي يَوْمَ التَّعَدِّي وَإِنْ تَقَدَّمَتِ الْيَدُ وَثَانِيهَا: الْغَاصِبُ لَا يَضْمَنُ إِذَا رَدَّ الْعَيْنَ سَالِمَةً بِخِلَافِ الْمُتَعَدِّي وَإِنْ كَانَ ابْن الْقَاسِم جَعَلَ الْغَاصِبَ كَالْمُتَعَدِّي إِذَا أَمْسَكَهَا عَنْ أَسْوَاقِهَا أَوْ حَتَّى نَقَصَتْ قِيمَتُهَا وَثَالِثُهَا: الْغَاصِبُ يَضْمَنُ الْفَسَادَ الْيَسِيرَ دُونَ الْمُتَعَدِّي وَرَابِعُهَا: عَلَى الْمُتَعَدِّي كراءُ مَا تعدَّى عَلَيْهِ عِنْدَ مَالِكٍ دُونَ الْغَاصِبِ وَقَالَ غَيْرُهُ: الْغَصْبُ: رَفْعُ الْيَدِ الْمُسْتَحَقَّةِ وَوَضْعُ الْيَدِ الْعَادِيَّةِ قَهْرًا وَقِيلَ: وَضْعُ الْيَدِ الْعَادِيَّةِ قَهْرًا وَيُبْنَى عَلَى التَّعْرِيفَيْنِ أَنَّ الْغَاصِبَ مِنَ الْغَاصِبِ غَاصَبَ عَلَى الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ لِكَوْنِهِ لَمْ يَرْفَعِ الْيَدَ الْمُسْتَحِقَّةَ.
فرع:
قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ: أَخْذُ الْمَالِ بِغَيْرِ حَقٍّ يُكَفِّرُ مُسْتَحِلَّهُ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ لِكَوْنِهِ مُجْمَعًا عَلَيْهِ ضَرُورِيًّا فِي الدِّينِ وَيَسْتَوِي فِي الْغَصْبِ وَرَوَى مَالِكٌ مُرْسَلًا وَأَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «من أحيى أَرْضًا مَيْتَةً فَهِيَ لَهُ وَلَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ» فَرُوِيَ بِالتَّنْوِينِ فِي «عِرْقٍ» عَلَى النَّعْتِ وَبِعَدَمِهِ عَلَى الْإِضَافَةِ قَالَهُ صَاحِبُ الْمَطَالِعِ وَفِي النُّكَتِ عِرْقُ الظَّالِمِ مَا يُحْدِثُهُ فِي الْمَغْصُوبِ قَالَ ابْنُ شَعْبَانَ: الْعُرُوقُ أَرْبَعَةٌ: ظَاهِرَانِ: الْبِنَاءُ وَالْغَرْسُ وَبَاطِنَانِ فِي الْأَرْضِ: الْآبَارُ وَالْعُيُونُ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ: «لَا يحلبَن أَحَدُكُمْ مَاشِيَةَ أَخِيهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ أيُحب أَحَدُكُمْ أَنْ تُؤْتَى مَشْرَبَتُهُ فَتُكْسَرَ خزائنه فينقل طَعَامه؟ فَإِنَّهُم تَخزِن لَهُمْ ضُرُوعُ مَوَاشِيهِمْ أَطْعِمَتَهُمْ فَلَا يَحْلِبَنَّ أَحَدُكُمْ مَاشِيَةَ أَخِيهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ».
فَائِدَةٌ: الْمَشْرَبَةُ: الْغُرْفَةُ يُوضَعُ بِهَا الْمَتَاعُ وَبِهِ قَالَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ إِلَّا فِي حَالَةِ الِاضْطِرَارِ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ: يَجُوزُ بِغَيْرِ إِذْنِهِ مُطْلَقًا لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَ ذَلِكَ فِي خُرُوجِهِ لِلْمَدِينَةِ وَهُوَ - عِنْدَنَا - مَحْمُولٌ عَلَى عَادَةٍ وَضَرُورَةٍ وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ: يُبَاحُ لِابْنِ السَّبِيلِ أَكْلُ ثِمَارِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ نَقَلَهُ صَاحِبُ التَّمْهِيدِ بِنَاءً عَلَى فعله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ ابْنِ التَّيِّهَانِ الَّذِي قَالَ فِيهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَتُسْأَلُنَّ عَنْ نَعِيمِ يَوْمِكُمْ هَذَا» وَجَوَابُهُ: أَنَّ ذَلِكَ لِلضَّرُورَةِ لِأَنَّ فِي الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ أَنَّهُ أخرجه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ بَيْتِهِ هُوَ وَأَصْحَابُهُ: الْجُوعُ أَوْ لِقُوَّةِ إدلاله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى صَاحِبِ الْمَكَانِ فَإِنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا رَضِيَ الله عَنْهُم مَعَه أعظم من ذَلِك وَفِي الْكِتَابِ بَابَانِ:

.الباب الْأَوَّلُ فِي الضَّمَانِ:

وَأَرْكَانُهُ أَرْبَعَةٌ:

.الرُّكْنُ الْأَوَّلُ: الْمُوجِبُ:

وَفِي الْجَوَاهِرِ: أَسبَاب الضَّمَان ثَلَاثَة التفويت مُبَاشرَة والتسب وَالْيَدُ غَيْرُ الْمُؤْمَنَةِ فَيَنْدَرِجُ الْغَاصِبُ وَالْمُتَعَدِّي وَالْمُسْتَامُّ إِذَا تَلِفَ تَحْتَ يَدِهِ وَهِيَ خَيْرٌ مِنْ قَوْلِهِمْ: الْيَدُ الْعَادِيَّةُ لِأَنَّهَا لَا تَعُمُّ وَحَدُّ الْمُبَاشَرَةِ: اكْتِسَابُ عِلَّةِ التَّلَفِ وَهِيَ مَا يُقَالُ عَادَةً: حَصَلَ الْهَلَاكُ بِهَا مِنْ غَيْرِ تَوَسُّطٍ وَالسَّبَبُ: مَا يَحْصُلُ الْهَلَاكُ عِنْدَهُ بِعِلَّةٍ أُخْرَى إِذَا كَانَ السَّبَبُ هُوَ الْمُقْتَضِيَ لِوُقُوعِ الْفِعْلِ بِتِلْكَ الْعِلَّةِ كَحَفْرِ الْبِئْرِ فِي مَحَلِّ عدوان فتتردى فِيهِ بهمية أَو غَيرهَا فَإِن أرادها غَيْرُ الْحَافِرِ فَالضَّمَانُ عَلَى الْمُرْدِي تَقْدِيمًا لِلْمُبَاشَرَةِ عَلَى السَّبَبِ وَيُضْمَنُ الْمُكْرَهُ عَلَى إِتْلَافِ الْمَالِ لِأَن الْإِكْرَاه سَبَب وعَلى فاتح الفقص بِغَيْرِ إِذْنِ رَبِّهِ فَيَطِيرُ مَا فِيهِ حَتَّى لَا يُقْدَرَ عَلَيْهِ وَالَّذِي حَلَّ دَابَّةً مِنْ رِبَاطِهَا أَوْ عَبْدًا مُقَيَّدًا خَوْفَ الْهَرَبِ فَيَهْرُبُ لِأَنَّهُ مُتَسَبِّبٌ كَانَ الطَّيَرَانُ وَالْهَرَبُ عُقَيْبَ الْفَتْحِ وَالْحَلِّ أَوْ بَعْدَهُ وَكَذَلِكَ السَّارِقُ يَتْرُكُ الْبَابَ مَفْتُوحًا وَمَا فِي الدَّارِ أَحَدٌ وَالْفَاتِحُ دَارًا فِيهَا دَوَابُّ فَتَهْرُبُ وَلَيْسَ فِيهَا أَرْبَابُهَا ضَمِنَ وَإِلَّا فَلَا لِوُجُودِ الْحَافِظِ وَقَالَ أَشْهَبُ: إِنْ كَانَتِ الدَّوَابُّ مُسْرَجَةً ضَمِنَ وَإِنْ كَانَ رَبُّ الدَّارِ فِيهَا لِتَيَسُّرِ الْخُرُوجِ قَبْلَ الْعِلْمِ بِالْفَتْحِ وَفِي كِتَابِ اللُّقَطَةِ: لَوْ كَانَ رَبُّهَا فِيهَا نَائِمًا لَمْ يَضْمَنْ وَإِنْ تَرَكَ الْبَابَ مَفْتُوحًا فَخَرَجَتِ الدَّوَابُّ وَإِنَّمَا يَضْمَنُ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا أَرْبَابُهَا قَالَ التُّونُسِيُّ: الضَّمَانُ وَإِنْ كَانَ أَرْبَابهَا فِيهَا لأهم اعْتَمَدُوا عَلَى الْبَابِ فَهُوَ الْمُتَسَبِّبُ فِي ذَهَابِ الدَّوَابِّ وَوَافَقَنَا ابْنُ حَنْبَلٍ فِي هَذَا وَنَحْوِهِ وَقَالَ (ش): إِذَا طَارَ الْحَيَوَانُ عُقَيْبَ الْفَتْحِ ضَمِنَ وَإِلَّا فَلَا وَقَالَ (ح): لَا يَضْمَنُ إِلَّا فِي الزِّقِّ إِذَا حَلَّهُ فَيَتَبَدَّدُ مَا فِيهِ وَبِخِلَافِ الْمُتَرَدِّي فَإِنَّ الْمُتَرَدِّيَ فِي الْبِئْرِ لَا يَقْصِدُ التَّرَدِّيَ وَالْحَيَوَانُ مُسْتَقِلٌّ بِإِرَادَةِ الْحَرَكَةِ وَقَالَ (ش): لَو حل وكاء الزق المنتصب فَطَرَحَتْهُ الرِّيحُ فَلَا ضَمَانَ لِأَنَّ الْإِتْلَافَ بِسَبَبِ الرِّيحِ وَهِيَ غَيْرُ مَعْلُومَةِ الْحَرَكَةِ فَلَا ضَمَانَ فِي أَي زمَان تكون وَإِذا تَحَرَّكَتْ فَغَيْرُ مَعْلُومَةِ النُّهُوضِ لِلْإِرَاقَةِ بِخِلَافِ حَرِّ الشَّمْسِ أَذَابَتَهَا فِي الزِّقِّ لِأَنَّهُ مَعْلُومُ الْحُصُولِ فَالتَّغْرِيرُ فِيهِ مُتَعَيَّنٌ فَيَضْمَنُ لَنَا: قَوْله تَعَالَى: {إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاس} وَهَذَا ظَالِمٌ فَيَكُونُ عَلَيْهِ السَّبِيلُ وَلَا سَبِيلَ بِالْإِجْمَاعِ إِلَّا الْغُرْمُ فَيَغْرَمُ أَوْ نَقُولُ: فَيَنْدَرِجُ الْغُرْمُ فِي عُمُومِ السَّبِيلِ فَيَغْرَمُ وقَوْله تَعَالَى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتدى عَلَيْكُم} فمقتضاه: أَن لَهُ يفتح قَفَصًا كَمَا فَتَحَ فَيَذْهَبُ مَالُهُ لَكِنْ سَقَطَ فَتْحُ الْقَفَصِ بِالْإِجْمَاعِ وَبَقِيَ غُرْمُ الْمَالِ عَلَى أَصْلِ الْوُجُوبِ وَالْقِيَاسُ عَلَى حَلِّ الزِّقِّ وَالتَّرَدِّي فِي الْبِئْرِ أَوْ عَلَى مَا إِذَا فَتَحَ الْقَفَصَ وَهَيَّجَهُ فَطَارَ أَوْ فَتَحَ بَابَ مُرَاحِهِ فَخَرَجَتِ الْمَاشِيَةُ فَأَفْسَدَتِ الزَّرْعَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ احْتَجُّوا بِأَنَّهُ إِذَا اجْتَمَعَ السَّبَبُ وَالْمُبَاشَرَةُ اعْتُبِرَتِ الْمُبَاشَرَةُ دُونَهُ وَالطَّيْرُ مُبَاشِرٌ بِاخْتِيَارِهِ لِحَرَكَةِ نَفْسِهِ كَمَنْ حَفَرَ بِئْرًا عُدْوَانًا فَدَفَعَ غَيْرُ الْحَافِرِ فِيهَا إنْسَانا فَإِن لدافع يَضْمَنُ دُونَ الْحَافِرِ أَوْ طَرَحَ رَجُلٌ فِيهَا نَفْسَهُ وَالْحَيَوَانُ قَصْدُهُ مُعْتَبَرٌ بِدَلِيلِ جَوَارِحِ الصَّيْدِ إِنْ أَمْسَكَتْ لِأَنْفُسِهَا لَا يُؤْكَلُ الصَّيْدُ أَوْ لِلصَّائِدِ أُكِلَ وَالْجَوَابُ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الطَّائِرَ مُخْتَارٌ لِلطَّيَرَانِ وَلَعَلَّهُ حِينَئِذٍ كَانَ يَخْتَارُ لِانْتِظَارِ الْعلف أَو خوف الكواسر وَإِمَّا طَارَ خَوْفًا مِنَ الْفَاتِحِ فَيَصِيرُ مُلْجَأً لِلطَّيَرَانِ وَإِذَا جَازَ وَجَازَ وَالتَّسَبُّبُ مَعْلُومٌ فَيُضَافُ الضَّمَانُ إِلَيْهِ كَمَا يَجِبُ عَلَى حَافِرِ الْبِئْرِ يَقَعُ فِيهَا حَيَوَانٌ مَعَ إِمْكَانِ اخْتِيَارِهِ لِنُزُولِهَا لِتَفْرِيخِ خَلْقِهِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ الصَّيْد يُؤْكَلُ إِذَا أَكَلَ مِنْهُ الْجَارِحُ سَلَّمْنَاهُ لَكِنَّ الضَّمَانَ يَتَعَلَّقُ بِالسَّبَبِ الَّذِي تَوَصَّلَ بِهِ الطَّائِرُ لِمَقْصِدِهِ كَمَنْ أَرْسَلَ بَازِيًّا عَلَى طَيْرِ غَيْرِهِ فَقَتَلَهُ الْبَازِيُّ بِاخْتِيَارِهِ فَإِنَّ الْمُرْسِلَ يَضْمَنُ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَقْتَضِي اعْتِبَارَ اخْتِيَارِ الْحَيَوَانِ ثُمَّ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْفَتْحَ سَبَبٌ مُجَرَّدٌ بَلْ هُوَ فِي مَعْنَى الْمُبَاشَرَةِ لِمَا فِي طَبْعِ الطَّائِرِ مِنَ النُّفُورِ مِنَ الْآدَمِيِّ وَأَمَّا إِلْقَاءُ غَيْرِ حَافِرِ الْبِئْرِ إِنْسَانًا أَوْ إِلْقَاؤُهُ هُوَ لِنَفْسِهِ فَالْفَرْقُ: أَنَّ قَصْدَ الطَّائِرِ وَنَحْوِهِ ضَعِيفٌ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «جُرْحُ الْعَجْمَاءِ جُبَارٌ» وَالْآدَمِيُّ يَضْمَنْ قَصَدَ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ.
فرع:
فِي الْكِتَابِ: مَوْتُ الْحَيَوَانِ وَانْهِدَامُ الْعَقَارِ بِفَوْرِ الْغَصْبِ أَوْ بَعْدَهُ بِغَيْرِ سَبَبِ الْغَاصِبِ يَضْمَنُهُ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ الْغَصْبِ.
تَمْهِيدٌ:
وَفِيهِ قَاعِدَةٌ أُصُولِيَّةٌ وَهِيَ: أَنَّ تَرَتُّبَ الْحُكْمِ عَلَى الْوَصْفِ يدل على علية ذَلِك الْوَصْف لذَلِك الحكم وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تَرُدَّهُ» فِيهِ لَفْظُ عَلَى الدَّالُّ عَلَى اللُّزُومِ وَالْوُجُوبِ وَقَدْ رَتَّبَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى وَصْفِ الْأَخْذِ فَيَكُونُ وَضْعُ الْيَدِ لِلْأَخْذِ سَبَبَ الضَّمَانِ.
وَلَنَا قَاعِدَةٌ أُخْرَى أُصُولِيَّةٌ فِقْهِيَّةٌ وَهِيَ:
أَنَّ الْأَصْلَ: تَرَتُّبُ الْمُسَبَّبَاتِ عَلَى أَسْبَابِهَا مِنْ غَيْرِ تَرَاخٍ فَيَتَرَتَّبُ الضَّمَانُ حِينَ وَضْعِ الْيَدِ فَلِذَلِكَ ضَمِنَّا بِوَضْعِ الْيَدِ وَأَوْجَبْنَا الْقِيمَةَ حِينَئِذٍ.
فرع:
قَالَ: اسْتَعَارَ دَابَّةً إِلَى منزله فبلغها ثُمَّ تَنَحَّى قُرْبَهَا فَنَزَلَ فِيهِ فَهَلَكَتْ فِي رُجُوعهَا فَإِنْ كَانَ مَا تَنَحَّى إِلَيْهِ مِنْ مُعَادِ النَّاسِ لَمْ يَضْمَنْ وَإِنْ جَاوَزَ مَنَازِلَ النَّاسِ ضَمِنَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ أَصْبَغُ: إِنْ كَانَتِ الزِّيَادَةُ لَا خِيَارَ لِرَبِّهَا فِيهَا إِذَا سَلِمَتْ ثُمَّ رَجَعَ بِهَا سَالِمَةً إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي تَكَارَى إِلَيْهِ فَمَاتَتْ أَوْ مَاتَتْ فِي الطَّرِيقِ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي تَكَارَى إِلَيْهِ فَلَيْسَ إِلَّا كَرَاءُ الزِّيَادَةَ لِاسْتِيفَائِهِ مَنْفَعَةَ الزِّيَادَةِ وَضَعُفَ التَّعَدِّي لِعَدَمِ الْخِيَارِ وَكَرَدِّهِ لِمَا تَلِفَ مِنَ الْوَدِيعَةِ وَلَوْ كَانَتِ الزِّيَادَةُ يَسِيرَةً لَمْ تُعِنْ عَلَى الْهَلَاكِ فَهَلَكَتْ بَعْدَ رَدِّهَا إِلَى الْمَوْضِعِ الْمَأْذُونِ بِغَيْرِ صُنْعِهِ فَهُوَ كَهَلَاكِ تَسَلُّفِ الْوَدِيعَةِ بَعْدَ رَدِّهِ وَإِنْ كَانَتِ الزِّيَادَةُ مِمَّا تُعِينُ على الْهَلَاك كَالْيَوْمِ فَإِن لَا يضمن فِي ذَلِك لَو ردهَا لحالها فَإِنَّهُ يضمن هَا هُنَا لِإِعَانَتِهَا عَلَى الْهَلَاكِ.
فرع:
فِي الْكِتَابِ: يُعَاقَبُ مُدَّعِي الْغَصْبِ عَلَى مَنْ لَا يُتَّهَمُ بِهِ لِجِنَايَتِهِ عَلَى عَرْضِهِ مَعَ تَكْذِيبِهِ بِظَاهِرِ الْحَالِ وَالْمُتَّهَمُ يَنْظُرُ فِيهِ الْإِمَامُ وَيُحَلِّفُهُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَعْتَرِفَ فَإِنْ نَكَلَ لَمْ يَقْضِ عَلَيْهِ حَتَّى تُرَدَّ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي كَمَا تُرَدُّ فِي الْحُقُوقِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: الَّذِي يَلِيقُ بِهِ ذَلِكَ يُهَدَّدُ وَيُسْجَنُ وَيَحْلِفُ وَلَا يُهَدَّدُ فِيمَا لَا يَعْرِفُ بِعَيْنِهِ لِأَنَّ إِخْرَاجَهُ لَا يُوجِبُ أَخْذَهُ حَتَّى يُقِرَّ آمِنًا وَإِذَا أَقَرَّ مُكْرَهًا فِي الْمعِين أَفَادَ لِأَنَّهُ مَعْرُوف فكيفما ظفر بِهِ أَخذ وَإِن مِنْ أَوْسَاطِ النَّاسِ لَا يَلِيقُ بِهِ ذَلِكَ لَا يُحَلَّفُ وَلَا يَلْزَمُ رَامِيَهِ بِذَلِكَ شَيْءٌ أَو من أجل الْخَيْرِ أُدِّبَ لِأَنَّهُ ظَاهِرُ الْحَالِ يُكَذِّبُهُ وَمَنَعَ أَشْهَبُ التَّأْدِيبَ وَالْيَمِينَ مُطْلَقًا إِذَا لَمْ يُحَقَّقْ عَلَيْهِ الدَّعْوَى لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ سَبَبِ ذَلِكَ.
فرع:
فِي الْكِتَابِ قَالَ: غَصَبْتُكَ هَذَا الْخَاتَمُ وَفَصُّهُ لِي أَوْ هَذِهِ الْجُبَّةُ وَبِطَانَتُهَا لِي أَوْ هَذِهِ الدَّارُ وَبِنَاؤُهَا لِي لَمْ يُصَدَّقْ إِلَّا أَن يكون نسقاً ومؤاخذة لَهُ بِإِقْرَارِهِ وَالرُّجُوعُ عَنِ الْإِقْرَارِ غَيْرُ مَسْمُوعٍ.
فرع:
قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ مَالِكٌ: إِذَا بَنَيْتَ فِي أَرْضِهِ وَهُوَ حَاضِرٌ يَرَاكَ ثُمَّ نَازَعَكَ فَلَكَ قِيمَةُ مَا أَنْفَقْتَ لِأَنَّ الْأَصْلَ عدم الرِّضَا قَالَ ابْن الْقَاسِم: ذَلِك فيا فِي أَرض وَحَيْثُ لَا يُظَنُّ أَنَّ تِلْكَ الْأَرْضَ لِأَحَدٍ وَلَوْ بَنَى أَيْضًا فِي مِثْلِ ذَلِكَ الْمَكَانِ الَّذِي يَجُوزُ إِحْيَاءُ مِثْلِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ صَاحِبُهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ إِخْرَاجُهُ إِلَّا أَنْ يَغْرَمَ الْقِيمَةَ مَبْنِيَّةً وَأَمَّا الْمُتَعَدِّي فَيُهْدَمُ بِنَاؤُهُ وَيُقْلَعُ غَرْسُهُ إِلَّا أَنْ يُعْطِيَ الْمَالِكَ قِيمَتَهُ مَقْلُوعًا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَوْ بَنَى أَوْ غَرَسَ فِي أَرْضِ امْرَأَتِهِ أَوْ دَارِهَا ثُمَّ يَمُوتُ أَحَدُهُمَا فَلِلزَّوْجِ أَوْ لِوَرَثَتِهِ عَلَى الزَّوْجَةِ أَوْ وَرَثَتِهَا قِيمَةُ الْبِنَاءِ مَقْلُوعًا وَإِنَّمَا جَازَ لَهُ فِيمَا غَرَسَ مِنْ مَالِ امْرَأَتِهِ حَالُ الْمُرْتَفِقِ بِالْعَارِيَةِ يَغْرِسُ فِيهَا أَوْ يَبْنِي إِلَّا أَنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِإِنْفَاقِهِ فِي ذَلِكَ مِنْ مَاله فَكَيْفَ الْبِنَاءُ وَالْغَرْسُ فَإِنِ ادَّعَتْ أَنَّهُ مِنْ مَالِهَا مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ حَلَفَ أَوْ مَنْ يُظَنُّ بِهِ الْعِلْمُ مِنْ بَالِغِي وَرَثَتِهِ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ دَعْوَاهَا وَأَخَذَ النَّقْضَ وَلَهَا إِعْطَاءُ قِيمَتِهِ مَقْلُوعًا.
فرع:
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إِذَا بَنَيْتَ فِي أَرْضِكَ الْمُشْتَرَكَةِ أَوْ غَرَسْتَ فَلْتَقْتَسِمَا فَإِنْ صَارَ بِنَاؤُكَ فِيمَا وَقَعَ لَكَ فَهُوَ لَكَ وَعَلَيْكَ كِرَاءُ حِصَّةِ شَرِيكِكَ فِيمَا خَلَا أَوْ فِيمَا وَقَعَ لَهُ خُيِّرَ فِي إِعْطَائِكَ قِيمَةَ ذَلِكَ مَقْلُوعًا أَوْ إِخْلَاءِ الْأَرْضِ وَلَهُ عَلَيْكَ مِنَ الْكِرَاءِ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَلِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ خِلَافُ هَذَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَكَذَلِكَ لَوْ بَنَى أَحَدُ الْوَرَثَةِ قَبْلَ الْقَسْمِ وَإِنِ اسْتَغَلَّ الثَّانِي مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا قَبْلَ الْقَسْمِ وَهُمْ حُضُورٌ فَلَا شَيْءَ لَهُمْ وَكَانُوا أَذِنُوا لَهُ وَإِنْ كَانُوا غَيْبًا فَلَهُمْ بِقَدْرِ كِرَاءِ الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْبِنَاءِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: وَكَذَلِكَ الشَّرِيكُ إِذَا كَانَ حَاضِرًا لَا يُنْكِرُ فَهُوَ كَالْإِذْنِ وَيُعْطِيهِ قِيمَةَ الْبِنَاءِ قَائِمًا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: بَلْ مَقْلُوعًا ومنشأ الْخلاف: هَل السُّكُوت من الْحَاضِر الْعلم إِذْنٌ أَمْ لَا؟ وَكَذَلِكَ اخْتَلَفُوا فِي الْبَانِي فِي أَرْضِ زَوْجَتِهِ.
فرع:
قَالَ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي رَجُلَيْنِ تَدَاعَيَا فِي أَرْضٍ فَزَرَعَهَا أَحَدُهُمَا فَنَبَتَتْ فَقَلَبَ الْآخَرُ مَا نَبَتَ وَزَرَعَ غَيْرُهُ ثُمَّ نَبَتَتْ لِلْأَوَّلِ فِي أَوَانِ الْحَرْثِ فَلَهُ الْكِرَاءُ عَلَى الثَّانِي لِأَنَّهُ غَيْرُ غَاصِبٍ وَالزَّرْعُ لِلثَّانِي وَعَلَيْهِ قِيمَةُ بَذْرِ الْأَوَّلِ عَلَى الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ لِأَنَّهُ أَتْلَفَهُ وَإِنْ أَنْبَتَتِ الِاسْتِحْقَاقُ بَعْدَ الْإِبَّانِ فَلَا كِرَاءَ لَهُ عَلَى الثَّانِي وَالزَّرْعُ لِلثَّانِي وَعَلَى الثَّانِي قِيمَةُ بَذْرِ الْأَوَّلِ وَلَوْ كَانَ غَاصِبًا كَانَ لِرَبِّهَا فِي الْإِبَّانِ قَلْعُ الزَّرْعِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ أَخْذَ كِرَاءِ الْأَرْضِ إِذَا كَانَ قَدْ بَلَغَ النَّفْعُ بِهِ.
فرع:
قَالَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: فِي قَوْمٍ أَغَارُوا عَلَى مَنْزِلِ رَجُلٍ وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ فَذَهَبُوا بِمَا فِيهِ وَلَا يشْهدُوا بِأَعْيَانِ الْمَنْهُوبِ لَكِنْ بِالْغَارَةِ وَالنَّهْبِ فَلَا يُعْطَى الْمُنْتَهَبُ مِنْهُ بِيَمِينِهِ وَإِنِ ادَّعَى مَا يُشْبِهُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ مُحْتَجًّا بِقَوْلِ مَالِكٍ فِي مُنْتَهِبِي الصُّرَّةِ يَخْتَلِفَانِ فِي عَدَدِهَا: إِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُنْتَهِبِ مَعَ يَمِينِهِ وَقَالَ مُطَرِّفٌ: يَحْلِفُ الْمُغَارُ عَلَيْهِ عَلَى مَا ادَّعَى إِنْ أَشْبَهَ أَنَّ مِثْلَهُ يَمْلِكُهُ وَإِذَا أَخَذَ وَاحِدٌ مِنَ الْمُغِيرِينَ ضَمِنَ جَمِيعَ مَا أَغَارُوا عَلَيْهِ مِمَّا تَثْبُتُ مَعْرِفَتُهُ أَوْ مَا حَلَفَ الْمُغَارُ عَلَيْهِ مِمَّا يُشْبِهُ مِلْكَهُ لِأَنَّ بَعْضَهُمْ يُعِينُ بَعْضًا كَالسُّرَّاقِ وَالْمُحَارِبِينَ قَالَهُ مُطَرِّفٌ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ: إِذَا أَقَرَّ بِغَصْبِ عَبْدٍ هُوَ وَرَجُلَانِ سَمَّاهُمَا فَصَدَّقَهُ رَبُّ الْعَبْدِ فَإِنَّ هَذَا يَضْمَنُ جَمِيعَ الْعَبْدِ وَلَا يَلْتَفِتُ إِلَى مَنْ غَصَبَ مَعَهُ إِلَّا أَنْ تَقُومَ عَلَيْهِمْ بَيِّنَةٌ أَوْ يُقِرُّوا وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ مَلِيًّا وَالْبَاقُونَ مَعْدُومُونَ أَخَذَ مِنَ الْمَلِيءِ جَمِيعَ الْعَبْدِ وَيَطْلُبُ هُوَ وَأَصْحَابُهُ.
فرع:
قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: السُّلْطَانُ أَوِ الْوَالِي الْمَعْرُوفُ بِالظُّلْمِ فِي الْأَمْوَالِ يُدَّعَى عَلَيْهِ الْغَصْبُ لَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ إِلَّا بِالْعُدُولِ كَغَيْرِهِ وَالْمَشْهُورُ بِالظُّلْمِ وَالِاسْتِطَالَةِ بِالسُّلْطَانِ عَلَى أَمْوَالِ النَّاسِ تَشْهَدُ الْبَيِّنَةُ الْعَادِلَةُ أَنَّ الْمُدَّعَى بِهِ مَلَكَهُ وَأَنَّهُ فِي يَدِ هَذَا الظَّالِمِ وَلَا يَعْلَمُونَ بِأَيِّ طَرِيقٍ صَارَ إِلَيْهِ يَأْخُذُ الْمُدَّعِي إِلَى أَنْ يَشْهَدَ بِأَنَّهُ مِلْكُ الظَّالِمِ فَإِنْ شَهِدَ بِالْبَيْعِ وَقَالَ الْمُدَّعِي: بِعْتُ خَائِفًا وَهُوَ مِنْ أَهْلِ السَّطْوَةِ يُفْسَخُ الْبَيْعُ فَإِنِ ادَّعَى أَنَّهُ رد الثّمن مكْرها بالتهديد بَاطِنا يَحْلِفُ الظَّالِمُ وَيَبْرَأُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ ذَلِكَ قَالَ سُحْنُونُ: إِذَا عَزَلَ الظَّالِمُ فِي الْأَمْوَالِ وَشَهِدَ بِمَا فِي يَدَيْهِ أَنَّهُ كَانَ مِلْكَ زَيْدٍ كُلِّفَ الظَّالِمُ الْبَيِّنَةَ بِمَا صَارَ إِلَيْهِ وَإِلَّا أَخذ مِنْهُ وَلَوْ شَهِدَ لِلظَّالِمِ بِالْحِيَازَةِ عِشْرِينَ سَنَةً بِحَضْرَةِ الْمُدَّعِي لَا يُقْضَى لَهُ بذلك وَلَو مَاتَ أَقَامَ الْوَرَثَةُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ هَذِهِ الدُّورَ كَانَتْ لِأَبِيهِمْ لَا يُكَلَّفُوا الْبَيِّنَةَ بِأَيِّ طَرِيقٍ صَارَتْ إِلَيْهِ كَمَا كَانَ أَبُوهُمْ يُكَلَّفُ لِأَنَّهُ شَيْءٌ نَشَأَ فِي مِلْكِهِمْ كَالْغَاصِبِ فِي الْغَلَّةِ وَفِيمَا غَرَسَ حَتَّى تَقُومَ الْبَيِّنَةُ بِالْغَصْبِ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ غَلَّةٌ وَيَأْخُذُ قِيمَةَ الْغَرْسِ قَائِمًا حَتَّى يَشْهَدَ بِالْغَصْبِ فَيَأْخُذَ قِيمَتَهُ مَقْلُوعًا وَيَرْجِعَ عَلَيْهِ بِالْغَلَّاتِ وَتَقْوَى أَمْرُ الْغَلَّةِ بِالْخِلَافِ فِيهَا.
فرع:
قَالَ: قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: حِيَازَةُ الدَّارِ عِشْرِينَ سَنَةً مَعَ الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ لَا يَمْنَعُ بَيِّنَةَ جَارِهِ أَنَّهُ غَصَبَهُ أَوْ عَلَى إِقْرَارِهِ بِالْغَصْبِ وَإِن كَانَ علما بِبَيِّنَة لِأَن الأَصْل هَذِهِ الْحِيَازَة عُلِمَ فَإِنْ رَجَعَ الظَّالِمُ سَخِطَ الْقُدْرَةَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ أَوْ وَرِثَ ذَلِكَ وَرَثَتُهُ فَاقْتَسَمُوهُ بِحَضْرَتِهِ فَهُوَ عَلَى حَقِّهِ إِلَّا أَنْ يبيعوا أَو يصدقُوا أَو يهبوا وربه علام بِذَلِكَ لَا عُذْرَ لَهُ فَذَلِكَ إِذَا طَالَ مِنْ بَعْدِ هَذَا يَقْطَعُ حُجَّتَهُ وَلَا يَضُرُّ بَيِّنَةَ الْغَصْبِ تَرْكُ الْإِعْلَامِ بِمَا عِنْدَهُمْ بِالشَّهَادَةِ إِنْ كَانَ عَالِمًا بِهَا أَوْ غَيْرَ عَالِمٍ لَكِنَّ الظَّالِمَ لَا يُنْصَفُ مِنْهُ وَإِلَّا فَهِيَ سَاقِطَةٌ.
فرع:
قَالَ صَاحِبُ النَّوَادِرِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إِذَا أَرْسَلَ نَارًا فِي أَرْضِهِ بِحَيْثُ لَا تَصِلُ فَوَصَلَتْ بِحَمْلِ الرِّيحِ لَمْ يَضْمَنْ لِعَدَمِ التَّغْرِيرِ أَوْ بِحَيْثُ تَصِلُ ضَمِنَ وَدِيَةُ مَنْ مَاتَ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَإِنْ أَغْفَلْتَ أَمْرَ مَاءِ أَرْضِكَ ضَمِنْتَ وَإِنْ كَانَ قَيِّمُكَ هُوَ الَّذِي يَلِي ذَلِكَ ضَمِنَ دُونَكَ وَإِنْ تَحَامَلَ الْمَاءُ عَلَى الْجُسُورِ بِغَيْرِ سَبَبٍ مِنْكَ لَمْ تَضْمَنْ قَالَ سُحْنُونٌ: إِنْ قَامُوا لِدَفْعِ النَّارِ عَنْ زَرْعِهِمْ فَمَاتُوا فَهُمْ هَدَرٌ.
فرع:
قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إِذَا شَهِدُوا بِغَصْبِ الْجَارِيَةِ دُونَ قِيمَتِهَا وَصَفَهَا الْغَاصِبُ وَقُوِّمَتْ قَالَ أَشْهَبُ: بِقِيمَتِهَا يَوْمَ الْغَصْبِ فَإِنْ لَمْ وصف بِصِفَةٍ جُعِلَتْ مِنْ أَوْضَعِ الْجَوَارِي لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ مِنَ الزَّائِدِ وَإِذَا اخْتَلَفَا فِي الصِّفَةِ صُدِّقَ الْغَاصِبُ مَعَ يَمِينِهِ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِمَا يُشْبِهُ صُدِّقَ الْآخَرُ مَعَ يَمِينِهِ كَمَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُنْتَهِبِ لِلصُّرَّةِ فِي عَدَدِهَا قَالَ أَشْهَبُ: يُصَدَّقُ الْغَاصِبُ مَعَ يَمِينِهِ وَإِنِ ادَّعَى أَدْنَى الصِّفَاتِ إِنَّمَا يُرَاعِي الْأَشْبَهَ فِي اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ فِي الثَّمَنِ وَالسِّلْعَةُ قَائِمَةٌ مَعْلُومَةُ الْحَالِ وَالْمَغْصُوبُ لَا يُعْلَمُ حَالُهُ إِلَّا بِمَا يُقِرُّ بِهِ الْغَاصِبُ.
فرع:
قَالَ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: الشَّهَادَةُ بِغَصْبِ أَرْضٍ لَا يَعْرِفُونَ مَوْضِعَهَا بَاطِلَةٌ بِخِلَافِ التَّعْيِينِ مَعَ الْجَهْلِ بِالْحُدُودِ وَيُضَيَّقُ عَلَيْهِ حَتَّى يَبِينَ لَهُ حَقُّهُ وَلَا يُقْضَى لَهُ بَيِّنَة أَوْ إِقْرَار وَيَحْلِفُ الْمُقِرُّ أَنَّ هَذَا حَقُّكَ قَالَ أَصْبَغُ: أَوْ يَشْهَدُ غَيْرُهُمْ بِالْحُدُودِ فَيُقْضَى بِذَلِكَ فَإِنْ ضُيِّقَ عَلَيْهِ بِالسَّجْنِ وَغَيْرِهِ وَلَمْ يُقِرَّ بِشَيْءٍ حَلَفَ عَلَى الْجَمِيعِ كَمَا يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ وَتَسْقُطُ الشَّهَادَةُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فَإِنْ تَعَارَضَتْ بَيِّنَتَانِ فِي الشِّرَاءِ وَالْغَصْبِ وَشُكَّتْ بَيِّنَةُ الشِّرَاءِ هَلْ هُوَ بَعْدَ الْغَصْب أم لَا تقدم الشِّرَاء لِأَنَّهُ كَانَ بَعْدَ فَقَدْ ثَبَتَ الْمِلْكُ أَوْ قَبْلُ فَشَهَادَةُ الْغَصْبِ بَاطِلَةٌ.
فرع:
قَالَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ: إِذَا قُلْتَ لَهُ: أَغْلِقْ بَابَ دَارِي فَإِنَّ فِيهَا دَوَابِّي فَقَالَ: فَعَلْتُ وَلَمْ يَفْعَلْ مُتَعَمِّدًا لِلتَّرْكِ حَتَّى ذَهَبَتِ الدَّوَابُّ لَمْ يَضْمَنْ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ امْتِثَالُ أَمْرِكَ وَكَذَلِكَ قَفَصُ الطَّائِرِ وَلَوْ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَدْخَلَ الدَّوَابَّ أَوِ الطَّائِرَ الْقَفَصَ وَتَرَكَهُمَا مَفْتُوحَيْنِ وَقَدْ قُلْتَ لَهُ: أَغْلِقْهُمَا لِضَمِنَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ نَاسِيًا لِأَنَّ مُبَاشَرَتَهُ لِذَلِكَ تُصَيِّرُهُ أَمَانَةً تَحْتَ حِفْظِهِ وَلَوْ قُلْتَ لَهُ: صُبَّ النَّجَاسَةَ مِنْ هَذَا الْإِنَاءِ فَقَالَ: فَعَلْتُ وَلَمْ يَفْعَلْ فَصَبَبْتَ مَائِعًا فَتَنَجَّسَ لَا يَضْمَنُ إِلَّا أَنْ يُصَبَّ هَذَا الْمَائِعُ لِمَا تَقَدَّمَ وَلَوْ قُلْتَ: احْرُسُ ثِيَابِي حَتَّى أَقُومَ مِنَ النَّوْمِ أَوْ أَرْجِعَ مِنَ الْحَاجَةِ فَتَرَكَهَا فَسُرِقَتْ ضَمِنَ لِتَفْرِيطِهِ فِي الْأَمَانَةِ وَلَوْ غَلَبَ عَلَيْهِ نَوْمٌ قَهَرَهُ لَمْ يَضْمَنْ وَكَذَلِكَ لَوْ رَأَى أَحَدًا يَأْخُذُ ثَوْبَهُ غَصْبًا إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَا يَخَافُهُ وَهُوَ مُصَدَّقٌ فِي ذَلِك لِأَن بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ وَكَذَلِكَ يُصَدَّقُ فِي قَهْرِ النَّوْمِ لَهُ وَلَوْ قَالَ لَكَ: أَيْنَ أَصُبُّ زَيْتَكَ؟ فَقُلْتَ: انْظُرْ هَذِهِ الْجَرَّةَ إِنْ كَانَتْ صَحِيحَةً فَصُبَّ فِيهَا وَنَسِيَ النَّظَرَ إِلَيْهَا وَهِيَ مَكْسُورَةٌ ضَمِنَ لِأَنَّكَ لَمْ تَأْذَنْ لَهُ إِلَّا فِي الصَّبِّ فِي الصَّحِيحَةِ وَلَوْ قُلْتَ لَهُ: خُذْ هَذَا الْقَيْد فقيد هَذِهِ الدَّابَّةَ فَأَخَذَ الْقَيْدَ وَلَمْ يَفْعَلْ حَتَّى هَرَبَتِ الدَّابَّةُ لَمْ يَضْمَنْ لِأَنَّكَ لَمْ تَدْفَعِ الدَّابَّةَ بِخِلَافِ الطَّائِرِ هُوَ جَعْلُهُ فِي الْقَفَصِ فَلَوْ دَفَعْتَ إِلَيْهِ الدَّابَّةَ ضَمِنَ وَكَذَلِكَ لَوْ دَفَعْتَ إِلَيْهِ الْعَلَفَ وَالدَّابَّةَ فَتَرَكَ عَلَفَهَا ضَمِنَهَا وَلَوْ دَفَعْتَ إِلَيْهِ الْعَلَفَ وَحْدَهُ فَتَرَكَهَا بِلَا عَلَفٍ حَتَّى مَاتَتْ جُوعًا وَعَطَشًا لَمْ يَضْمَنْ وَلَوْ قُلْتَ: تَصَدَّقْ بِهَذَا عَلَى الْمَسَاكِينِ فَتَصَدَّقَ بِهِ وَقَالَ: اشْهَدُوا أَنِّي تَصَدَّقْتُ بِهِ عَنْ نَفْسِي أَوْ عَنْ رَجُلٍ آخَرَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ عِنْدَ أَشْهَبَ وَالصَّدَقَةُ عَنْكَ لِأَنَّهُ كَالْآلَةِ فَلَا تُعْتَبَرُ نِيَّتُهُ وَلَوْ قُلْتَ لَهُ شُدَّ حَوْضِي وصب فِيهِ رِوَايَة فَصَبَّهَا قَبْلَ الشَّدِّ ضَمِنَ لِأَنَّكَ لَمْ تَأْذَنْ لَهُ فِي الصَّبِّ إِلَّا بَعْدَ الشَّدِّ فَالصَّبُّ قَبْلَهُ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهِ بَعْدُ وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَ صَحِيحًا فَصَبَّ فِيهِ فَنَسِيَ أَوْ تَعَمَّدَ الصَّبَّ قَبْلَ النَّظَرِ وَكَذَلِكَ صَبَّ فِيهِ إِنْ كَانَ رُخَامًا فَصَبَّ فِيهِ وَهُوَ فَخَّارٌ قَالَ ابْنُ كِنَانَةَ: إِذَا قَالَ الصَّيْرَفِيُّ: هُوَ جَيِّدٌ وَهُوَ رَدِيءٌ ضَمِنَ لِأَنَّهُ غَرَرٌ وَلَمْ يُضَمِّنْهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنْ غَرَّ بِكَ يُؤَدَّبُ وَكَذَلِكَ يَجْرِي الْخِلَافُ فِيمَا تَقَدَّمَ مِمَّا غَرَّ فِيهِ بِلِسَانِهِ وَلِمَالِكٍ فِي تَضْمِينِ الصَّيْرَفِيِّ إِذَا غُرَّ بِجَهْلِهِ قَوْلَانِ قَالَ سُحْنُونٌ: وَالصَّحِيحُ: التَّضْمِينُ إِذَا غر من نَفسه قَالَ ابْنُ دِينَارٍ: إِنْ أَخْطَأَ فِيمَا يُخْتَلَفُ فِيهِ لَمْ يَضْمَنْ أَوْ فِي الْبَيِّنِ الظَّاهِرِ ضَمِنَ لِتَقْصِيرِهِ وَلَوْ دَلَّ اللِّصَّ وَالْغَاصِبَ الْقَاهِرَ عَلَى مَالٍ فَلِلْمُتَأَخِّرِينَ فِي تَضْمِينِ الدَّارِ قَوْلَانِ وَإِنْ أَقَرَّ لَكَ بِالرِّقِّ وَالْمِلْكِ عَلَى أَنْ يُقَاسِمَكَ الثَّمَنَ فَفَعَلْتَ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى ذَلِكَ وَقَدْ هَلَكَتْ ضَمِنَ هُوَ مَا أَتْلَفَ عَلَى الْمُشْتَرِي وَقَالَهُ مُحَمَّدٌ فِي الْحُرِّ يُبَاعُ فِي الْمَغَانِمِ وَهُوَ سَاكِتٌ إِلَّا أَنْ يَجْهَلَ مِثْلُهُ ذَلِكَ وَاخْتُلِفَ فِيمَنِ اعْتَدَى عَلَى رَجُلٍ عِنْدَ السُّلْطَانِ الْمُتَجَاوِزِ إِلَى الظُّلْمِ فِي الْمَالِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَبْسُطْ يَدَهُ إِلَيْهِ وَلَا أَمَرَ بِشَيْءٍ بَلْ تَعَدَّى فِي تَقْدِيمِهِ إِلَيْهِ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّهُ يَظْلِمُهُ.
فرع:
فِي الْجَوَاهِرِ: لَوْ غَصَبَ السُّكْنَى فَقَطْ فَانْهَدَمَتِ الدَّارُ إِلَّا مَوْضِعَ سَكَنِهِ لَمْ يَضْمَنْ وَلَوِ انْهَدَمَ سَكَنُهُ ضَمِنَ.