فصل: السَّبَبُ السَّابِعُ الْجُحُودُ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة (نسخة منقحة)



.السَّبَبُ الْخَامِسُ:

قَالَ مُطَرِّفٌ الْمُخَالَفَةُ فِي كَيْفِيَّةِ الْحِفْظِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُطَرِّفٌ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إِذَا قُلْتَ لَهُ لَا تَقْفِلْ عَلَيْهَا فِي تَابُوتِكَ فَقَفَلَ فَتَلَفَتْ ضَمِنَ لِأَنَّ الْقُفْلَ يَبْعَثُ السَّارِقَ عَلَى الْأَخْذِ وَقَالَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ لَا يَضْمَنُ لِأَنَّهُ زَادَهُ فِي الْحِفْظِ وَقَالَا إِذَا انْتَقَلَهَا مِنَ الْحِرْزِ الَّذِي عَيَّنْتَهُ لَهُ ضَمِنَ إِلَّا أَنْ يُحَوِّلَهَا لِحَرِيقٍ أَوْ نَحْوِهِ وَإِنْ لَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ فَلَهُ النَّقْلُ وَكَذَلِكَ قَالَا فِي الْخَرَائِطِ إِنْ عُيِّنَتْ لَهُ خَرِيطَةٌ ضَمِنَ بِالتَّحْوِيلِ لِغَيْرِهَا لِأَنَّهُ كَالْوَكِيلِ عِنْدهمَا على شَيْءٌ مُعَيَّنٌ فِي مَحَلٍّ مُعَيَّنٍ فَإِخْرَاجُهُ مِنْهُ عُدْوَانٌ وَقَالَ ح لَا يَضْمَنُ كَمَا لَوْ قَالَ لَهُ اجْعَلْهَا فِي يَمِينِكَ فَجَعَلَهَا فِي شَمَالِهِ أَوْ فِي يَمِينِ الْبَيْتِ فَجَعَلَهَا فِي شَمَالِهِ وَلَوْ قُلْتَ اجْعَلْهَا فِي التَّابُوتِ وَلَمْ تَزِدْ عَلَى ذَلِكَ لَمْ يَضْمَنْ اتِّفَاقًا وَلَوْ قُلْتَ قَفَلَا فَقَفَلَ قُفْلَيْنِ لَمْ يَضْمَنْ لِأَنَّ السَّارِق يطْمع فِيهَا قُفِلَ بِقُفْلٍ وَبِقُفْلَيْنِ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْعَادَةِ فَيَشْتَدُّ حِرْصُهُ فَيَتَعَيَّنُ الضَّمَانُ وَلَوْ قُلْتَ فِي قِدْرٍ فَخَّارٍ فَجَعَلَهَا فِي قِدْرٍ نُحَاسٍ فَضَاعَتْ لِأَنَّ الْمَيْلَ إِلَى سَطْلِ النُّحَاسِ أَكْثَرُ وَلَوْ قُلْتَ فِي قُلَّةٍ نُحَاسٍ لَمْ يَضْمَنْ بِقُلَّةِ الْفَخَّارِ لِأَنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْ عَلَيْهَا وَفِي الْجَوَاهِرِ لَوْ قُلْتَ لَهُ ارْبِطِ الدَّرَاهِمَ فِي كُمِّكَ فَأَخَذَهَا فِي يَدِهِ فَأَخَذَهَا غَاصِبٌ مِنْ يَدِهِ لَمْ يضمن لِأَن الْيَد أحرز هَا هُنَا إِلَّا أَن تكون أردْت إخفاءها من عَيْنِ الْغَاصِبِ فَرَآهَا لِمَا تَرَكَهَا فَيَضْمَنُ وَلَوْ جَعَلَهَا فِي جَيْبِ قَمِيصِهِ فَضَاعَتْ ضمنه الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ وَقِيلَ لَا يَضْمَنُ وَالْأَوَّلُ أَحْوَطُ وَقَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ لَوْ كَانَتْ فِي دَارِهِ فَأَخَذَهَا فِي كمه يَظُنهَا دراهما فَسَقَطَتْ ضَمِنَهَا وَقَالَ التُّونُسِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يَخْتَلِفَ فِي التَّضْمِينِ بِالنِّسْيَانِ لِاخْتِلَافِهِمْ فِي ادِّعَاءِ الرَّجُلَيْنِ الْوَدِيعَةَ وَيَنْسَى مَنْ دَفَعَهَا إِلَيْكَ مِنْهُمَا فَقِيلَ يَحْلِفَانِ وَيُقَسِّمَانِهَا وَلَا ضَمَانَ عَلَيْكَ وَقِيلَ يَضْمَنُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِنِسْيَانِهِ وَفِي الزَّاهِي لَوْ جَعَلَهَا فِي قَمِيصِهِ ضَمِنَ وَقِيلَ لَا يَضْمَنُ وَالْأول أحوط فِي الْحَدِيثِ فَانْجَابَتْ عَنِ الْمَدِينَةِ انْجِيَابَ الثَّوْبِ أَيْ خَرَجَتْ عَنِ الْمَدِينَةِ كَمَا خَرَجَ الْجَيْبُ عَنِ الثَّوْبِ وَمَا خَرَجَ عَنِ الْحِرْزِ لَيْسَ بِحِرْزٍ وَالْعَادَةُ عَدَمُ دَفْعِ الْوَدَائِعِ فِي الْجَيْبِ فَهُوَ مُعَرَّضٌ لِتَلَفِ مَا فِيهِ.

.السَّبَبُ السَّادِسُ التَّضْيِيعُ وَالْإِتْلَافُ:

وَفِي الْجَوَاهِرِ ذَلِكَ بِإِلْقَائِهَا فِي مَضْيَعَةٍ أَوْ يَدُلُّ عَلَيْهَا سَارِقًا أَوْ يَشِيعُ بِهِ إِلَى مَنْ يُصَادِرُهُ فَيَضْمَنُ وَلَوْ ضَيَّعَ بِالنِّسْيَانِ فَإِنْ تَرَكَهَا فِي مَوْضِعِ إِيدَاعِهَا ضَمِنَ.
قَاعِدَةٌ:
أَسْبَابُ الضَّمَانِ ثَلَاثَةٌ الْإِتْلَافُ وَالتَّسَبُّبُ لَهُ وَوَضْعُ الْيَد العادية.
وَفِي هَذَا السَّبَبِ ثَمَانِيَةُ فُرُوعٍ:
الْفَرْعُ الْأَوَّلُ:
فِي الْكتاب إِن أَتْلَفَهَا ابْنُهُ الصَّغِيرُ فَفِي مَالِ الِابْنِ لِأَنَّهَا جِنَايَة وَإِن لم يكن لَهُ مَال فَفِي ذمَّة أَو عبد فَجِنَايَةٌ فِي رَقَبَتِهِ يَفْدِيهِ بِهَا أَوْ يُسَلِّمُهُ لِأَن العَبْد فِيهَا جَنَى.
الْفَرْعُ الثَّانِي:
فِي الْكِتَابِ إِذَا أَنْزَى عَلَى بَقَرِكَ أَوْ زَوَّجَ الْأَمَةَ فَحَمَلَتْ فَمُتْنَ مِنَ الْوِلَادَةِ أَوْ تَحْتَ الْفَحْلِ ضَمِنَ لِتَسَبُّبِهِ فِي الْهَلَاكِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُرْتَهِنِ يُزَوِّجُ الْأَمَةَ بِأَمْرِكَ فَتَمُوتُ فِي النِّفَاسِ ضمنهَا مِنْكَ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ مِنْهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ لَا يَضْمَنُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ لِأَنَّ التَّزْوِيجَ مَصْلَحَةٌ وَلَا يَضْمَنُ نَقْصَ الْوِلَادَةِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ فِعْلِهِ وَكَذَلِكَ تَزْوِيجُ الذُّكُورِ لِأَنَّكَ إِنْ أَجَزْتَهُ فَأَنْتَ الْمُزَوِّجُ وَإِلَّا رَجَعَ الْعَبْدُ عَلَى حَالِهِ وَلَا يَضْمَنُ الْأَمَةَ وَإِنْ مَاتَتْ لِأَنَّهُ لَوْ غَصَبَ حُرَّةً فَزَنَى بِهَا وَهُوَ غَيْرُ مُحْصَنٍ فَحُمِلَتْ فَمَاتَتْ لَا يُقْتَلُ بِهَا لِأَنَّهُ سَبَبٌ آخَرُ مَاتَتْ بِهِ غير الْعدوان وَكَمن غر من أمة فَزَوجهَا عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ فَمَاتَتْ لَمْ يَضْمَنْ قِيمَةَ والدها لِلْأَبِ إِذَا غَرِمَ الْأَبُ قِيمَتَهُمْ لِلسَّيِّدِ وَأَمَّا إِذَا مَاتَتْ تَحْتَ الْفَحْلِ فَيَضْمَنُ لِأَنَّهُ مُعْتَدٍ فِي ذَلِكَ وَاخْتُلِفَ فِي إِنْزَاءِ الرَّاعِي فَلَمْ يضملانه ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ كَالْمَأْذُونِ لَهُ عَادَةً وَضَمَّنَهُ غَيْرُهُ.
الْفَرْعُ الثَّالِثُ:
فِي الْكِتَابِ إِذَا أَكْرَى إِبِلَ الْوَدِيعَةِ إِلَى مَكَّةَ وَرَجَعَتْ بِحَالِهَا إِلَّا أَنَّهُ حَبَسَهَا عَنْ أَسْوَاقِهَا وَمَنَافِعُكَ فِيهَا خُيِّرْتَ فِي تضميته قِيمَتِهَا يَوْمَ تَعَدِّيهِ وَلَا كِرَاءَ لَكَ لِأَنَّ الضَّمَان يصير الْمَنَافِع لَهُ أَو يَأْخُذهَا وكرائها وَمَنَافِعُهَا لَكَ وَكَذَلِكَ الْمُسْتَعِيرُ فِي الْمَسَافَةِ وَالْمُكْتَرِي.
تَنْبِيهٌ:
قَدْ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْغَصْبِ إِشْكَالٌ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَهُوَ أَنَّ الْغَاصِبَ لَا يَضْمَنُ إِذَا رَدَّ الْمَغْصُوبَ بِحَالِهِ وَهُوَ أَسْوَأُ حَالًا مِنَ الْمَكْرِي وَالْمُسْتَعِيرِ وَالْمُودِعِ وَإِنْ فَوَّتَ الْأَسْوَاقَ وَتَتِمَّةُ الْإِشْكَالِ وَالْجَوَابُ هُنَالِكَ وَالسُّؤَالُ قَوِيٌّ جدا فيتأمل.

الْفَرْع الرَّابِع:
فِي الْكتاب إِذَا زَوَّجَهَا بِغَيْرِ أَمْرِكَ ضَمِنَ مَا نَقَصَهُ التَّزْوِيجُ فَإِنْ ولدَتْ جَبَرَ الْوَلَدُ نَقْصَ التَّزْوِيجِ وخيرت بَين أَخذهَا وَوَلدهَا لِأَنَّهَا ملكت وتضمين قيمتهَا بِالْوَلَدِ وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمَبِيعَةِ تُرَّدُّ بِالْعَيْبِ أَنَّ الْوَلَدَ يَجْبُرُ النَّقْصَ كَمَا يَجْبُرُ بِزِيَادَةِ الْقِيمَةِ وَالنِّكَاحُ ثَابِتٌ لِأَنَّهُ وَقَعَ فِي مَالِكَ كَمَا إِذَا اعتقها نفذ الْعتْق وَفِي التبيهات قَوْلُهُ يَجْبُرُ الْوَلَدُ النَّقْصَ مَعْنَاهُ إِذَا أَرَدْتَ أَخْذَهَا وَلَوْ ضَمِنْتَهُ أَخَذْتَ قِيمَتَهَا بِغَيْرِ وَلَدٍ وَقَالَ ابْنُ أَبِي زَمِنِينَ إِذَا أَخَذَ قِيمَتَهَا فَعَلَى أَنَّهَا خَالِيَةٌ مِنْ زَوْج يَوْمِ بِنَائِهَا وَعَنْ بَعْضِ الشُّيُوخِ قِيمَتُهَا يَوْمَ تَعَدَّى عَلَيْهَا فِي التَّزْوِيجِ وَقَوْلُهُ لَكَ أَخْذُهَا مَعَ وَلَدِهَا أَوْ تَضْمِينُهُ إِيَّاهَا إِذَا نَفَسَتْ وَتَأْخُذُ قِيمَتَهَا وَاخْتُلِفَ فِي مَعْنَاهُ فَقِيلَ إِذَا نَفَسَتْ زَائِدٌ لَيْسَ مُرَادًا وَهُوَ الْأَصَحُّ وَقِيلَ التَّخْيِيرُ إِنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ النِّفَاسِ وَمُزَايَلَةِ الْوَلَدِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ تَكُونُ وَلَدًا وَتَجْبُرُ نَقْصًا وَقَدْ يُرِيدُ بِالنِّفَاسِ الْحَمْلَ مَجَازًا لِكَوْنِهِ سَبَبَهُ كَمَا أَنَّ قَوْلَهُ يَوْمَ بَنَى بِهَا مَجَازٌ فَقَدْ يَكُونُ الْحَمْلُ بَعْدَ الْبِنَاءِ بِمُدَّةٍ وَإِنَّمَا يَقُومُ وَقْتَ الْحَمْلِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ أَجَزْتَ النِّكَاحَ سَقَطَ الْعُدْوَانُ وَإِنْ لَمْ يَجُزْ فُسِخَ قَوْلًا وَاحِدًا وَكَانَ لَكَ الْمُطَالَبَةُ بِغَيْرِ الزَّوْجِيَّةِ مِنْ جِهَةِ اعْتِيَادِهَا لِلزَّوْجِ وَعَيْبِ الْوِلَادَةِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مِنَ الْعَامِّيِّ وَيَنْقُصُهَا عِنْدَ الْمُشْتَرِي عَيْبُ الْوِلَادَةِ وَقَدْ يُسْقَطُ عَيْبُ عَادَةِ الزَّوْجِ إِذَا كَانَتْ مِنَ الْعَامِّيِّ لِأَنَّهَا شَأْنُهَا أَنْ تُوطَأَ بِخِلَافِ الْوَخْشِ ثُمَّ يَنْظُرُ فِي الْعَيْبِ إِنْ كَانَ يَسِيرًا وَفِي الْوَلَدِ جَبْرٌ لِلْعَيْبِ لَمْ يَكُنْ لَكَ إِلَّا الْأمة أَو كثيرا أَو فِي الْوَلَدِ جَبْرٌ لَهُ خُيِّرْتَ بَيْنَ أَخْذِهَا مَعَ وَلَدِهَا دُونَ قِيمَةِ الْعَيْبِ أَوْ قِيمَةِ الْعَيْبِ أَوْ قِيمَتِهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ إِذَا اشْتَرَاهَا فَزَوَّجَهَا وَوَلَدَتْ وَجَبَرَ الْوَلَد الْعَيْب فَإِنَّهُ يَدهَا رَضِيَ الْبَائِعُ أَوْ سَخِطَ لِأَنَّهُ حَوْزٌ بِوَجْهٍ جَائِزٍ وَمِنْ حَقِّهِ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ وَيجْبرُ الْبَائِعَ عَلَى قَبُولِهَا وَإِنْ حَدَثَ بِهَا عَيْبٌ وَيَغْرَمُ الْعَيْبَ أَوْ يَجْبُرُهُ بِالْوَلَدِ إِنْ كَانَ هُنَاكَ وَلَدٌ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ وَالْمُودَعُ مُتَعَدٍّ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ رَدُّهَا بِعَيْبٍ إِلَّا إِذَا كَانَ الْعَيْب كثيرا إِلَّا برضاك وَجعل لَهُ هَا هُنَا جَبْرُ الْعَيْبِ بِزِيَادَةِ الْجِسْمِ إِذَا حَسُنَتْ حَالُهَا وَزَادَتْ لِأَنَّهَا زَادَتْ بِمَالِهِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ زِيَادَةِ الْجِسْمِ وَزِيَادَةِ الْوَلَدِ وَإِنَّمَا رَاعَى أَنْ إِلَّا يَكُونَ عَلَى الْأُولَى ضَرَرٌ فَإِذَا عَادَ إِلَى يَدِهِ مِثْلَ مَا خَرَجَ مِنْهُ ارْتَفَعَ الضَّرَرُ وَإِنْ أتَيْتَ وَهِيَ حَامِلٌ وَكَانَ عَيْبُ الْحَمْلِ يَسِيرًا أَخَذْتَهَا وَقِيمَةَ الْعَيْبِ وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا اخْتَرْتَ بَيْنَ تَضْمِينِهِ الْقِيمَةَ وَأَخْذِهَا أَوْ نَقْصِ الْعَيْبِ فَإِنْ مَاتَتْ مِنَ الْوِلَادَةِ لَمْ يَضْمَنْ عِنْدَ مَالِكٍ وَضَمَّنَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّ التَّسْلِيطَ على الوطث تَسْلِيطٌ عَلَى الْوِلَادَةِ وَيَلْزَمُ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ إِذَا لَمْ تَمُتْ وَوَجَدَهَا حَامِلًا أَنْ يَجْبُرَ عَلَى قَبُولِهَا حَامِلًا بِغَيْرِ شَيْءٍ وَإِنْ كَانَتْ وَضَعَتْ وَأَمَّا مَا قِيلَ فِيمَنْ عَرَضَ أَمَةً فَزَوَّجَهَا وَهُوَ عَالِمٌ فَاسْتَحَقَّتْ بَعْدَ الْوِلَادَةِ أَنَّ الزَّوْجَ يَرْجِعُ بِالصَّدَاقِ وَلَا يَرْجِعُ بِمَا غَرِمَ فِي الْوَلَدِ لِأَنَّ الْوَلَدَ بَقِيَ لِلْأَبِ وَلَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُ كَمَا أَخَذَتْ مِنْهُ الزَّوْجَةُ.
الْفَرْعُ الْخَامِسُ:
فِي الْكِتَابِ إِذَا بَعَثَتِ الْعَبْدَ الْمُودَعَ فِي أَمْرٍ يَعْطَبُ فِي مِثْلِهِ فَهَلَكَ ضَمِنْتَهُ بِخِلَافِ شِرَاءِ الْبَقْلِ وَنَحْوِهِ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَوْ خَرَجَ فِي مِثْلِ هَذَا لَمْ يُمْنَعْ.
الْفَرْعُ السَّادِس:
قَالَ صَاحب قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا امْتَنَعَ مِنْ دَفْعِ الْوَدِيعَةِ أَوِ الرَّهْنِ لَمْ أُعْطِ فِكَاكَهُ إِلَّا بِأَمْرِ السُّلْطَانِ فَضَاعَا قَبْلَ الْقَضَاءِ عَلَيْهِ وَبَعْدَ الطَّلَبِ فَإِنْ قَبَضَ لِغَيْرِ بَيِّنَةٍ ضَمِنَ قَالَ وَلَعَلَّ قَوْلَهُ فِي الرَّهْنِ الَّذِي لَا يُغَابُ عَلَيْهِ يُصَدَّقُ فِي رَدِّهِ إِذَا قَبَضَهُ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ وَفِي تَلَفِهِ كَالْوَدِيعَةِ وَفِي تَلَفِ الْوَدِيعَةِ بَعْدَ الطَّلَبِ وَقَبْلَ الْقَضَاءِ عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ لَا يَضْمَنُ وَإِنْ قَبْضَهَا بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ لِأَنَّ لَهُ فِي ذَلِكَ عُذْرًا بِأَنْ يَقُولَ خِفْتُ شَغَبَهُ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَيَضْمَنُ وَإِنْ قَبَضَ بِبَيِّنَةٍ لِأَنَّ مَنْعَهُ عُدْوَانٌ لِأَنَّهُ كَانَ يُمكنهُ مَقْصُود بِالْإِشْهَادِ قَالَهُ ابْنُ دَحُّونَ وَالثَّالِثُ الْفَرْقُ بَيْنَ مَا يُصَدَّقُ فِيهِ ثَمَنُ الرَّدِّ وَمَا لَا يُصَدَّقُ.
الْفَرْعُ السَّابِعُ:
قَالَ صَاحِبُ النَّوَادِرِ وَلَوِ اكْتَرَى الْبَقَرَ لِلْحَرْثِ أَوِ الْبِغَالَ لِحَمْلِ الطَّعَامِ ضمن الْبَهَائِم لِأَن مَالك سلفها كَذَا فَإِنْ بَلَغَتْ أَوْ نَقَصَتْ فِي كِرَائِهَا فَلَا قِيمَةَ لَكَ لِأَنَّ الْقِيمَةَ تصيرهَا عَلَى مِلْكِهِ فَتَكُونُ الْمُتَابِعَ لَهُ فَلَا كِرَاءَ عَلَيْهِ فِي مَنَافِعِهِ أَوْ يَأْخُذُ الْقِيمَةَ إِنْ مَاتَتْ أَوْ نَقَصَهَا إِنْ لَمْ تَمُتْ وَلَا كِرَاءَ لَكَ لِمَا تَقَدَّمَ.
الْفَرْعُ الثَّامِنُ:
قَالَ صَاحِبُ الْإِشْرَافِ إِذَا سَرِقَتْ لَيْسَ لِلْمُودِعِ مُخَاصَمَةُ السَّارِقِ إِلَّا بِتَوْكِيلٍ مِنْكَ وَقَالَ ح لَهُ ذَلِكَ لَنَا أَنَّ الْخُصُومَةَ فِي الْأَمْلَاكِ لِلْمَالِكِ وَلَيْسَ مَالِكًا فَلَا خُصُومَةَ لَهُ.

.السَّبَبُ السَّابِعُ الْجُحُودُ:

وَفِي الْكِتَابِ إِذَا جَحَدَكَ وَشَهِدَتِ الْبَيِّنَةُ ضَمِنَ لِأَنَّهُ بِالْجَحْدِ صَارَ غَاصِبًا وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ وَفِي الْجَوَاهِرِ مَعَ غير وَضمن لِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ الْقَبْضَ مِنْهُ وَمَعَ الْمَالِكِ بَعْدَ الْمُطَالَبَةِ وَالتَّمَكُّنِ مِنَ الرَّدِّ مُضْمِنٌ وَمَهْمَا جَحَدَ قبل قَوْلِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِيدَاعِ فَإِنْ شَهِدَتِ الْبَيِّنَةُ فَادَّعَى الرَّدَّ مِنْ قبل فَإِن كَانَت ضيه كَذَا حجوده إِنْكَارَ أَصْلِ الْوَدِيعَةِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ بِغَيْرِ بَيِّنَة لِأَن الأَصْل فِي قَوْله مَعَ الْبَيِّنَةِ خِلَافُ نَفْيِهِ لِتَنَاقُصِ كَلَامِهِ أَوْ قَالَ لَا يَلْزَمُنِي تَسْلِيمُ شَيْءٍ إِلَيْكَ قبل قَوْله فِي الرَّدِّ وَالتَّلَفِ لِعَدَمِ التَّنَاقُصِ بَيْنَ كلاميه قَالَ صَاحِبُ النَّوَادِرِ قَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا أَنْكَرَ الْإِيدَاعَ حَلَفَ عَلَى الْبَتِّ لَا عَلَى الْعِلْمِ كَالدَّيْنِ فَإِنْ قَالَ لَا أَدْرِي لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ وَذَلِكَ نُكُولٌ فَتَحْلِفُ وَيَحْكُمُ لَكَ بِدَعْوَاكَ فَإِنْ نَكَلْتَ لَمْ يَكُنْ لَكَ شَيْءٌ وَإِنِ ادَّعَيْتَ وَقَدْ قَدَّمَتَ فَلَكَ الْوَدِيعَةُ أَوْ فِي سَفَرٍ لَمْ يُكَلِّفِ الْخَلْطَةَ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مَوْضِعَهَا.

.السَّبَبُ الثَّامِنُ تَرْكُ الْوَصِيَّةِ بِهَا:

أَوْ بِالْقِرَاضِ عِنْدَ الْمَوْتِ فَإِنَّهُ يضمنهُ وَيُؤْخَذ من تركته وَقَالَ الْأَئِمَّةُ لِأَنَّ تَرْكَهَا تَحْتَ يَدِهِ مُوجِبٌ لِلْقَضَاءِ بِأَنَّهَا مِلْكُهُ فَقَدْ ضَيَّعَهَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَيُحَاصُّ بِهَا غُرَمَاؤُهُ وَلَوْ قَالَ عِنْدَ مَوْتِهِ هَذَا قِرَاض فلَان أَو وديعتة فَإِن يتهم صدق وَقَالَ أَشْهَبُ إِذَا قَالَ هِيَ فِي مَوْضِعِ كَذَا فَلَمْ تُوجَدْ هُنَاكَ لَمْ يَضْمَنْ لِأَنَّهُ عَمِلَ جُهْدَهُ وَلَعَلَّهَا أَخَذَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ فَالْمُتَعَدِّي غَيْرُهُ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا لَمْ يُوصِ وَوُجِدَتْ صُرَرٌ عَلَيْهَا مَكْتُوبٌ هَذَا لِفُلَانٍ وَفِيهَا كَذَا وَلَا بَيِّنَةَ عَلَى إِيدَاعِهِ لَمْ يَأْخُذْهَا مَالِكُهَا إِلَّا بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِإِقْرَارِ الْمَيِّتِ وَلَعَلَّهُ صَادَمَ أَهْلَ الْمَيِّتِ حَتَّى كَتَبُوا ذَلِك وَعَن ابْن الْقَاسِم إِذا وجد قزطاس حِسَابٍ فِيهِ لِفُلَانٍ عِنْدِي كَذَا فَهُوَ لِمَنْ سَمَّى إِنْ شَهِدَ بِأَنَّهُ خَطُّ الْمَيِّتِ وَإِلَّا فَلَا قَالَ أَصْبَغُ وَيقضى لَكَ بِهَا إِذَا كَانَ عَلَيْهِ خَطُّكَ وَوُجِدَ فِي حِرْزِ الْمُسْتَوْدَعِ حَيْثُ أَقَرَّهُ قَالَ مَالِكٌ وَإِذَا شَهِدَ عَلَى خَطِّ الْمُقِرِّ بِالْحُقُوقِ شَاهِدَانِ فَقَدْ تَمَّتَ الشَّهَادَةُ وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى يَمِينٍ كَالْإِقْرَارِ أَوْ شَاهِدٌ وَاحِدٌ حَلَفَ مَعَهُ أَوْ شَاهِدٌ عَلَى الْخَطِّ وَآخَرُ عَلَى الْحَقِّ تَمَّتِ الشَّهَادَةُ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا لَمْ يَعْلَمِ الْوَدِيعَة إِلَّا بالإقراره ثُمَّ مَاتَ بَعْدَ طُولِ الْمُدَّةِ نَحْوَ عِشْرِينَ سَنَةً لَمْ يُؤْخَذْ مِنْ مَالِهِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ حَيًّا وَادَّعَى رَدَّهَا أَوْ تَلَفَهَا صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ وَقَدْ سَقَطَتِ الْيَمِينُ بِالْمَوْتِ لِأَنَّ الْمَيِّتَ يَتَعَذَّرُ تَحْلِيفُهُ فَقَدْ سَقَطَ الْحَقُّ بِالْكُلِّيَّةِ وَيلْزم الْكثير من وَرَثَة يَحْلِفُ مَا يَعْلَمُ لَهَا سَبَبًا وَلَا يَعْتَقِدُ لطول الْمدَّة إِن تَسَلَّفَهَا أَوِ اسْتَهْلَكَهَا لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ وَعَدَمُ الْعُدْوَانِ وَهَذَا كَانَ الْقِيَاسَ لَوْ قَصَّرَتِ الْمدَّة لَكِن الْفرق بَيْنَهُمَا أَنَّ الْوَدَائِعَ لَا تُتْرَكُ عِنْدَ قَابِضِهَا الدَّهْرَ الطَّوِيلَ غَالِبًا وَالْعَشْرُ سِنِينَ كَالْعِشْرِينَ وَالسَّنَةُ وَنَحْوَهَا قَلِيلٌ فَقِيلَ إِنَّ هَذَا خِلَافُ قَوْلِهِ فِي كِتَابِ الشَّرِكَةِ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي الشَّرِيكَيْنِ يَمُوتُ أَحَدُهُمَا فَيُقِيمُ شَرِيكَه الْبَيِّنَةِ أَنَّهُ كَانَ عِنْده مائَة دِينَار من الشّركَة افلم تُوجد وَلَا علم لَهَا مسْقط كَذَا إنَّهَا تَكُونُ فِي مَالِهِ وَقِيلَ لَيْسَ بِخِلَافٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّهَا مَسْأَلَةٌ أُخْرَى وَالْفَرْقُ أَنَّ لِلشَّرِيكِ التَصَرُّفَ فِي الْمَالِ بِخِلَافِ الْمُودَعِ.

.السَّبَبُ التَّاسِعُ التَّقْصِيرُ فِي الْإِشْهَادِ:

كَالرَّدِّ إِذَا قَبَضَ بِبَيِّنَةٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الْفَصْلِ الثَّانِي مِنَ الْعَاقِبَةِ الْأُولَى ذِكْرُ هَذَا وَمُخَالَفَةُ الْأَئِمَّةِ لنا وَوجه الْحجَّة عَلَيْهِم وَنَذْكُر هَا هُنَا مَا يَتَعَلَّقُ بِهَذَا السَّبَبِ مِمَّا لَمْ يُذْكَرْ هُنَالِكَ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ إِذَا قَبَضَ بِبَيِّنَةٍ يَكُونُ قَدْ ائْتَمَنَهُ عَلَى الْحِفْظِ دُونَ الرَّدِّ فَيصدق فِي الْحِفْظ الَّذِي أوئتمن عَلَيْهِ دُونَ الرَّدِّ الَّذِي لَمْ يُؤْتَمَنْ عَلَيْهِ قَالَهُ مَالِكٌ وَجَمِيعُ أَصْحَابِهِ إِلَّا رِوَايَةً عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي دَعْوَى الْمُسْتَأْجِرِ رَدَّ مَا اسْتَأْجَرَهُ مِنَ الْعُرُوضِ فَيُصَدَّقُ قَبَضَ بِبَيِّنَةٍ أَمْ لَا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُودِعِ عِنْدَهُ وَقَدْ تَأَوَّلَ عَلَيْهِ أَصْبَغُ أَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ الْقِرَاضِ وَالْوَدِيعَةِ وَبَيْنَ الْمُسْتَأْجِرِ مِنَ الْعُرُوضِ فِي دَعْوَى الرَّدِّ إِذَا قَبَضَ بِبَيِّنَتِهِ وَوَقَعَ فِي النَّوَادِرِ لِابْنِ الْقَاسِمِ مَا ظَاهِرُهُ تَأْوِيلُ أَصْبَغَ عَلَيْهِ وَالصَّحِيحُ التَّسْوِيَةُ بَلِ الْمُسْتَأْجِرُ أَوْلَى بِعَدَمِ الْقَبُولِ مِنَ الْمُودِعِ لِأَنَّهُ قَبَضَ لَهُ لِخِفَّتِهِمَا وَكَذَلِكَ الْقِرَاضُ فَيَتَحَصَّلُ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ الْمَشْهُورُ لَا يُصَدَّقُ إِذَا قَبَضَ بِبَيِّنَةٍ فِي الثَّلَاثَةِ وَيُصَدَّقُ فِيهَا وَإِنْ قَبَضَ بِبَيِّنَةٍ وَالتَّفْرِقَةُ لِأَصْبَغَ بَيْنَ الْمُسْتَأْجِرِ وَالْآخَرِينَ عَلَى تَأْوِيلِهِ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَيُصَدَّقُ فِي الْوَدِيعَةِ دُونَهُمَا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْقَصْدُ بِالْإِشْهَادِ فِيهِمَا التَّوَثُّقَ مِنْ عَقْدِ الْقِرَاضِ وَالْإِجَارَةِ دُونَ الْعَيْنِ وَهَذَا إِذَا دَفَعَ الْأَمَانَةَ لِدَافِعِهَا وَأَمَّا لِغَيْرِهِ فَعَلَيْهِ مَا عَلَى وَلِيِّ الْأَيْتَامِ مِنَ الْإِشْهَادِ وَلَا يُصَدَّقُ إِذَا أَنْكَرَ الْقَابِضُ قَوْلًا وَاحِدًا إِلَّا قَوْل عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَصْبَغُ إِذَا قَالَ لَا أَدْرِي أَضَاعَتْ أَوْ رَدَّدْتُهَا وَالْقَبْضُ بِبَيِّنَةٍ يَضْمَنُ لِأَنَّ يَدَهُ يَدُ ضَمَانٍ وَإِنَّمَا أَمَرَ عَلَى الْحِفْظِ وَلَمْ يَتَحَقَّقِ الْمُبَرِّئُ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَلَوْ قَالَ لَكَ إِنْ أَوْدَعْتَنِي شَيْئًا فَقَدْ ضَاعَ وَقَدْ قَبَضْتَهُ بِبَيِّنَةٍ لَيْسَ عَلَيْهِ إِلَّا يَمِينُهُ لِجَزْمِهِ بِانْحِصَارِ الطَّارِئ فِي الضّيَاع كمل بِحَمْد الله وَحسن عونه.
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم.

.كتاب الْحمالَة:

وَهِيَ مُشْتَقَّةٌ مِنَ الْحَمْلِ لِأَنَّ الضَّامِنَ حَمَلَ وَالْمَضْمُونَ نَقَلَ مَا كَانَ عَلَيْهِ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ وَهِيَ فِي اللُّغَةِ سَبْعَةُ أَلْفَاظٍ كُلُّهَا مُتَرَادِفَةٌ الْحَمِيلُ وَالزَّعِيمُ وَالْكَفِيلُ وَالْقَبِيلُ وَالْأَذِينُ وَالصَّبِيرُ وَالضَّامِنُ يُقَالُ حَمَلَ يَحْمِلُ حَمَالَةً فَهُوَ حَمِيلٌ وَزَعَمَ يَزْعُمُ زَعَامَةً فَهُوَ زَعِيمٌ وَكَفَلَ يَكْفُلُ كَفَالَةً فَهُوَ كَفِيلٌ وَقَبِلَ يَقْبَلُ قَبَالَةً فَهُوَ قَبَيْلٌ وَأَذِنَ يَأْذَنُ أذَانَةً فَهُوَ أَذِينٌ وَصَبَرَ يَصْبِرُ صَبْرًا فَهُوَ صَبِيرٌ وَضَمِنَ يَضْمَنُ ضَمَانًا فَهُوَ ضَامِنٌ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِعْ زعيم} و{سلهم أَيهمْ بذلك زعيم} وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «الزعيم غَارِم وَلَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَكُونَ زَعِيمُ الْقَوْمِ أَرْذَلَهُمْ» أَيْ مَنْ يَتَحَمَّلُ الْكَلَامَ عَنْهُمْ وَيَتَقَدَّمُ فِيهِ دُونَهُمْ وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُم كَفِيلا} وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَكَفَّلَ اللَّهُ لِمَنْ جَاهَدَ فِي سَبِيلِهِ لَا يُخْرِجُهُ مِنْ بَيْتِهِ إِلَّا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِهِ وَابْتِغَاءُ مَرْضَاتِهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ أَوْ يَرُدَّهُ إِلَى مَسْكَنِهِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ مَعَ مَا نَالَ من أجرا وغنيمة وَقَالَ تَعَالَى {أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلا} والأذين فِي قَوْله تَعَالَى {وَإِذا تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِن عَذَابي لشديد} وَأَصْلُ الْأَذِينِ وَالْأَذَانِ وَمَا تَصَرَّفَ مِنْ ذَلِكَ الْإِعْلَام وَالْكَفِيل معلم بِأَن الْحق فيوجهته وَقَالَ تَعَالَى {وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يحمل مِنْهُ شَيْء} قَالَ فِي التَّنْبِيهَات مثل حَمِيلٍ عَزِيزٌ وَكَوِينٌ قَالَ وَأَصْلُ ذَلِكَ كُلِّهِ مِنَ الْحِفْظِ وَالْحِيَاطَةِ فَالْكَفَالَةُ مِنَ الْكَفِيلِ وَهُوَ الْكِسَاءُ الَّذِي يُطْوَى حَوْلَ سَنَامِ الْبَعِيرِ لِيُحْفَظَ بِهِ الرَّاكِبُ وَالْكَفِيلُ حَافِظٌ لِمَا الْتَزَمَهُ وَالضَّامِنُ مِنَ الضَّمْنِ وَهُوَ الْحِرْزُ وَكُلُّ شَيْءٍ أَحْرَزْتَهُ فِي شَيْءٍ فَقَدْ ضَمَّنْتَهُ إِيَّاهُ وَالْقِبَالَةُ الْقُوَّة وَمِنْهُ مَا لِي بِهَذَا الْأَمْرِ قِبَلٌ وَلَا طَاقَة وَمِنْه قبل الْحِيَل قبْلَة الأول كَذَا وَالْقَبِيلُ قُوَّةٌ فِي اسْتِيفَاءِ الْحَقِّ وَالزَّعَامَةُ السِّيَادَةُ فَكَأَنَّهُ لَمَّا تَكَفَّلَ بِهِ صَارَ عَلَيْهِ سِيَادَةٌ وَحكم عَلَيْهِ قَالَ وَالْأَذِينُ وَالْإِذَانَةُ بِمَعْنَى الْإِيجَابِ وَذَكَرَ الْآيَتَيْنِ الْمُتَقَدِّمَتَيْنِ أَيْ أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ الْمَزِيدَ لِلشَّاكِرِ وَالْعَذَابَ لِلْكَافِرِ قَالَ وَأَصْلُهُ مِنَ الْأَذَانِ وَهُوَ الْإِعْلَامُ قَالَ وَالضَّامِنُ أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ مَا لَزِمَهُ وَأَعْلَمَ بِذَلِكَ وَالصَّبِيرُ مِنَ الصَّبْرِ وَهُوَ الثَّبَاتُ وَالْحَبْسُ وَمِنْهُ الْمَصْبُورَةُ وَهِيَ الْمَحْبُوسَةُ لِلرَّمْيِ لِأَنَّهُ حَبَسَ نَفْسَهُ لِأَدَاءِ الْحَقِّ وَالْكَوِينُ مِنْ كَنَيْتُ لَكَ بِكَذَا وَقَالُوا عَزِيزُكَ أَيْ كَفِيلُكَ قَالَ غَيْرُهُ الْكَفَالَةُ مِنَ الضَّمِّ وَمِنْهُ سُمِّيَتِ الْخَشَبَةُ الَّتِي تُعْمَلُ لِلْحَائِطِ كِفْلا وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {وكفلها زَكَرِيَّا} أَيْ ضَمَّهَا لِنَفْسِهِ وَالْحَمِيلَ ضَمَّ ذِمَّتَهُ لِذِمَمٍ أُخْرَى.
فَائِدَة:
قَالَ بعض اللغوين كَثُرَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْفُعَالَةِ وَالْفِعَالَةِ فِي مَوَارِدِ والاستعمال فَالْفُعَالَةُ بِالضَّمِّ فِي الْفَضَلَاتِ وَالْمُطْرَحَاتِ نَحْوَ النُّخَالَةِ وَالْفُضَالَةِ وَالزُّبَالَةِ وَالْكُنَاسَةِ وَبِالْفَتْحِ مِنَ السَّجَايَا وَالْأَخْلَاقِ نَحْوَ الشَّجَاعَةِ وَالسَّمَاحَةِ وَالْبَرَاعَةِ وَالْخَلَاعَةِ وَبِالْكَسْرِ فِي الْحِرَفِ وَالصِّنَاعَاتِ نَحْوَ الْخِيَاطَةِ وَالتِّجَارَةِ وَالصِّيَاغَةِ وَالْفِلَاحَةِ وَهُوَ كَثِيرٌ فِي الثَّلَاثَةِ غَيْرُ مُطَّرِدٍ وَأَصْلُ هَذَا الْكِتَابِ الْقُرْآنُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ وَالْقِيَاسُ أَمَّا الْقُرْآن فَقَوله تَعَالَى {وَأَنا بِهِ زعيم} وَشَرْعُ مَنْ قَبْلَنَا شَرْعٌ لَنَا حَتَّى يُنْسَخَ وَهِي كَفَالَة بِالْمَالِ وَقَوله يَعْقُوبَ عَلَيْهِ السَّلَامُ {لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلا أَنْ احاط بكم} وَهُوَ كَفَالَةٌ بِالْوَجْهِ وَالسُّنَّةُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الزَّعِيمُ غَارِمٌ وَأَجْمَعَتِ الْأَئِمَّةُ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةِ وَإِنِ اخْتَلَفَتْ فِي بَعْضِ الْفُرُوعِ وَأَمَّا الْقِيَاسُ فَلِأَنَّهُ بَابُ مَعْرُوفٍ فَيَجُوزُ قِيَاسًا عَلَى الْعَارِيَةِ وَالْقَرْضِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ أَبْوَابِ الْمَعْرُوفِ وَلِأَنَّهُ تَوَثُّقٌ بِالْحَقِّ فَيَجُوزُ كَالرَّهْنِ وَفِي هَذَا الْكِتَابِ ثَلَاثَة أَبْوَاب: