فصل: النَّظَرُ الثَّانِي فِي التَّصَرُّفِ فِي الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة (نسخة منقحة)



.النَّظَرُ الثَّانِي فِي التَّصَرُّفِ فِي الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ:

وَفِيهِ فَصْلَانِ:

.الْفَصْلُ الأول: فِي التَّصَرُّف على وَجه المكايسة:

فِي الْجَوَاهِرِ: لَا يَقِفُ شَيْءٌ مِنَ التَّصَرُّفَاتِ عَلَى الْقَبْضِ إِلَّا الْبَيْعُ فَيَمْتَنِعُ فِي بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الصِّحَاحِ: «مَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ» فَيمْتَنع فِيمَا فِيهِ حق تَوْفِيَة منكيل أَوْ وَزْنٍ أَوْ عَدَدٍ إِلَّا فِي غَيْرِ الْمَعْلُومَةِ كَالْقَرْضِ وَالْبَدَلِ ثُمَّ لَا يَجُوزُ لِمَنْ صَارَ إِلَيْهِ هَذَا بِيعَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ وَأَمَّا مَا بِيعَ جِزَافًا فَيَجُوزُ قَبْلَ النَّقْلِ إِذَا تخلى الْبَائِعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ لِحُصُولِ الِاسْتِيفَاءِ وَمَنَعَ (ش) و (ح) لِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: كُنَّا نَبْتَاعُ الطَّعَامَ عَلَى عَهْدِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَيَبْعَثُ عَلَيْنَا مَنْ يَأْمُرُنَا بِنَقْلِهِ مِنَ الْمَكَانِ الَّذِي نَبْتَاعُهُ فِيهِ إِلَى مَكَانٍ سِوَاهُ وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: كُنَّا إِذَا ابْتَعْنَا طَعَامًا جِزَافًا لَمْ نَبِعْهُ حَتَّى نُحَوِّلَهُ مِنْ مَكَانِهِ قَالَ سَنَدٌ: قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ: التَّخْلِيَةُ قَبْضٌ فِي الْجِزَافِ قَالَ الْبَاجِيُّ: مُرَادُهُ بِالتَّخْلِيَةِ: التَّوْفِيَةُ فَعَلَى هَذَا إِذَا حَبَسَهُ بِالثَّمَنِ يَمْتَنِعُ بَيْعُهُ وَعَنْ مَالِكٍ: مَنْعُ بَيْعِ الْجِزَافِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِالْقَبْضِ التَّخْلِيَةَ وَيُحْتَمَلَ الْحَوْزُ وَالنَّقْلُ وَفِي الْجَوَاهِرِ: وَالْمَشْهُورُ: اخْتِصَاص الْمَنْع بِالطَّعَامِ ونعيمه فِيهِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: يَتَعَدَّى لِمَا فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ لِنَهْيِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي التِّرْمِذِيِّ عَن عَنْ رِبْحِ مَا لَمْ يُضْمَنْ قَالَ فِيهِ التِّرْمِذِيُّ: صَحِيحٌ وَأَشَارَ ابْنُ وَهْبٍ فِي رِوَايَتِهِ إِلَى تَخْصِيصِهِ بِالرِّبَوِيِّ مِنَ الطَّعَامِ وَقَالَ (ش) و (ح): يَمْتَنِعُ التَّصَرُّفُ فِي الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ مُطْلَقًا وَاسْتَثْنَى أَو حنيفَة الْعَقَارَ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَا يُخْشَى انْفِسَاخُهُ بِهَلَاكِهِ قبل الْقَبْض قَالَ صَاحب القبس: فِي فِي الْبَيْعِ قَبْلَ الْقَبْضِ سِتَّةُ أَقْوَالٍ: الْمَنْعُ مُطْلَقًا (ش): الْمَنْعُ إِلَّا فِي الْعَقَارِ (ح): يَخْتَصُّ بِالرِّبَوِيِّ يَعُمُّ الْمَطْعُومَاتِ إِلَّا الْجِزَافَ وَيَخُصُّهَا مَشْهُورُ مَالِكٍ: يَخْتَصُّ بِالْمَطْعُومَاتِ وَالْمَعْدُودَاتِ لِعَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ: يَعُمُّ الْمَطْعُومَاتِ وَالْجِزَافَ وَوَافَقَ الْمَشْهُور ابْن حَنْبَل احتجا بِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا بَعَثَ عَتَّابَ بْنَ أُسَيْدٍ أَمِيرًا عَلَى مَكَّةَ أَمَرَهُ أَنْ يَنْهَاهُمْ عَنْ بَيْعِ مَا لَمْ يقبِضوا وَرِبْحِ مَا لَمْ يَضْمَنُوا وَلِلْحَدِيثِ الَّذِي صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ سَابِقًا وَالْقِيَاسِ عَلَى الطَّعَامِ.
وَالْجَوَاب عَن الأول مَعْنَاهُ: نَهْيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ فَنَهَى الْإِنْسَانَ أَنْ يَبِيعَ مِلْكَ غَيْرِهِ وَيَضْمَنَ الْخَلَاصَ وَدَلِيلُهُ: قَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ» وَالْغَلَّةُ لِلْمُشْتَرِي فَيَكُونُ الضَّمَانُ لَهُ فَمَا بَاعَ إِلَّا مَضْمُونًا فَمَا تَنَاوَلَ الْحَدِيثُ مَحَلَّ النِّزَاعِ.
وَهُوَ الْجَوَابُ الثَّانِي وَالْجَوَابُ عَنِ الثَّالِثِ: أَنَّ الطَّعَامَ أَشْرَفُ مِنْ غَيْرِهِ لِكَوْنِهِ سَبَبًا لِقِيَامِ الْبِنْيَةِ وَعِمَادِ الْحَيَاةِ فَشَدَّدَ الشَّرْعُ فِيهِ عَلَى عَادَتِهِ مِنْ تَكْثِيرِ الشُّرُوطِ فِيمَا عَظُمَ شَرَفُهُ كَالشَّرْطِ الْوَلِيُّ وَالصَّدَاقِ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ دُونَ عَقْدِ الْبَيْعِ وَيُشْتَرَطُ فِي الْقَضَاءِ مَا لَا يُشترط فِي مَنْصِبِ الشَّهَادَةِ ثُمَّ يتَأَكَّد مَا ذَكرْنَاهُ بِمَفْهُوم نهية صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ حَتَّى يُسْتَوْفَى وَمَفْهُومُهُ: أَنَّ غَيْرَ الطَّعَامِ يَجُوزُ بَيْعُهُ وَمَا لَا تَوْفِيَةَ فِيهِ كَذَلِكَ فَيَجُوزُ الْجِزَافُ مِنَ الطَّعَامِ وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَحَلَّ اللَّهُ البيع} سُؤَالٌ: أَدِلَّةُ الْخُصُومِ عَامَّةٌ فِي الطَّعَامِ وَغَيْرِهِ وَالْقَاعِدَةُ الْأُصُولِيَّةُ: أَنَّ ذِكْرَ بَعْضِ أَنْوَاعِ الْعُمُومِ لَا يُخَصِّصُهُ فَالْحَدِيثُ الْخَاصُّ بِالطَّعَامِ لَا يُخَصِّصُ تِلْكَ الْعُمُومَاتِ فَإِنَّ مِنْ شَرْطِ الْمُخَصَّصِ أَنْ يَكُونَ مُنَافِيًا وَالْجُزْءُ لَا يُنافي الْكُلَّ وَالْقَاعِدَةُ أَيْضًا: أَنَّ الْخَاصَّ مُقَدَّمٌ عَلَى الْعَامِّ عِنْدَ التَّعَارُض {وَأحل الله البيع} أَعَمُّ مِنْ أَدِلَّةِ الْخُصُومِ فَتُقَدَّمُ تِلْكَ الْأَدِلَّةُ عَلَيْهَا وَالِاعْتِمَادُ فِي تَخْصِيصِ تِلْكَ الْأَدِلَّةِ عَلَى عَمَلِ الْمَدِينَةِ لَا يَسْتَقِيمُ مَعَ الْخَصْمِ لِأَنَّهُ لَا يُسَلَّمُ أَنَّهُ حُجَّةٌ فَضْلًا عَنْ تَخْصِيصِ الْأَدِلَّةِ بِهِ.
فَرْعٌ:
قَالَ اللَّخْمِيُّ: اخْتُلِفَ فِي الْجِزَافِ إِذَا كَانَ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ كَمَنْ أَسْلَمَ فِي لَبَنِ غَنَمٍ شَهْرًا جِزَافًا: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا يَبِيعُهُ حَتَّى يَحْلِبَهُ كَانَ حلابُه كَالتَّوْفِيَةِ وَأَجَازَهُ أَشْهَبُ لِعَدَمِ احْتِيَاجِهِ إِلَى الْعِيَارِ قَالَ سَنَدٌ: لَيْسَ الْمُرَادُ بِمَنْعِ بَيْعِ الطَّعَامِ مَا سُمِّيَ طَعَامًا فَالْمَاءُ الْأُجَاجُ لَيْسَ مُرَادًا إِجْمَاعًا وَإِنْ كَانَ بَيْتَ الْمِلْحِ الَّذِي هُوَ طَعَامٌ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ: لَيْسَ بَزْرُ الْبَصَلِ وَالْجَوْزِ وَالْبِطِّيخِ وَالْقَرْعِ وَالْكُرَّاثِ مِنَ الطَّعَامِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي حَبِّ الْغَاسُولِ: لَيْسَ طَعَامًا وَإِنْ كَانَتِ الْأَعْرَابُ تَأْكُلُهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ التَّفَاضُلِ وَالْبَيْعِ قَبْلَ الْقَبْضِ فِي الْفَوَاكِهِ وَالْخُضَرِ: أَنَّ الْحَاجَةَ إِلَى التَّفَاضُلِ فِيهَا آكُدُ مِنَ الْحَاجَةِ إِلَى الْبَيْعِ قَبْلَ الْقَبْضِ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يَقْصِدُ اسْتِبْدَالَ الْكَثِيرِ الْأَدْنَى بِالْخَيْرِ الْقَلِيلِ وَالْغَالِبُ فِي هَذِه الْأُمُورِ الْقَبْضُ عِنْدَ الْعَقْدِ فَلَا حَاجَةَ لِبَيْعِهَا قَبْلَ قَبْضِهَا.
فَرْعٌ:
قَالَ: إِذَا وَقَعَ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ مَنَعَ الْمُتَأَخِّرُونَ قَبْضَهُ فَإِنْ قَبَضَهُ فَالْقِيَاسُ: الرَّدُّ إِلَى الْبَائِعِ الثَّانِي لِأَنَّ الْأَوَّلَ قَدْ بَرِئَ مِنْهُ لَمَّا قَبَضَهُ الْأَخِيرُ لِأَنَّهُ كَقَبْضِ وَكِيلِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَوَّازِيَّةِ وَفِي السُّلَيْمَانِيَّةِ يُرَدُّ لِلْبَائِعِ الْأَوَّلِ لِيَأْخُذَهُ مُشْتَرِيهِ مِنْهُ لِأَنَّهُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ الْأَوَّلِ وَلَمْ يُوَفِّ بِهِ وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ إِجَازَةُ الْبَيْعِ لِأَنَّهُ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ فَإِنْ غَابَ الْمُبْتَاعُ الثَّانِي وَغَابَ عَلَى الطَّعَامِ قَالَ مُحَمَّدٌ: يُؤْخَذُ الثَّمَنُ مِنَ الْبَائِعِ لِيَشْتَرِيَ بِهِ طَعَامَ الْغَائِبِ وَيُرَدَّ لِلْبَائِعِ فَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ كَيْلِهِ كَانَ الْبَاقِي دَيْنًا عَلَى الْغَائِبِ وَلَا يُصَدَّقُ الْبَائِعُ وَالْمُبْتَاعُ فِي الْعَقْدِ الثَّانِي حَتَّى تَثْبُتَ بَيِّنَةٌ وَحِينَئِذٍ يَلْزَمُ الْبَائِعَ الْإِتْيَانُ بِالْمِثْلِ وَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بَيْنَ أَخْذِهِ وَإِمْضَاءِ الْبَيْعِ الْأَوَّلِ وَبَيْنَ فَسْخِ الْبَيْعِ عِنْدَ أَشْهَبَ لِأَنَّ الْمَبِيعَ مُقَيَّدٌ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى أَخْذِ غَيْرِهِ وَيَتَعَيَّنُ أَخْذُ الْمِثْلِ عِنْدَ مَالِكٍ لِأَنَّ مِلْكَ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ انْتَقَلَ إِلَى الْمُبْتَاعِ بِالتَّعَدِّي عَلَى مِلْكِ الْبَائِعِ وَإِنِ ادَّعَى عَلَى الْبَائِعِ التَّلَفَ وَجَهِلَ جَبَرَهُ عَلَيْهِ مَبْلَغُ الطَّعَامِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَا يُصَدَّقُ.
فَرْعٌ:
إِذَا اشْتَرَى جُزْءَ صُبْرَةٍ يُخْتَلَفُ فِي بَيْعِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَرَجَعَ مَالِكٌ إِلَى الْجَوَازِ لِأَنَّ الْجُزْءَ مُشَاعٌ مَقْسُومٌ بِتَعَيُّنِ الْجُمْلَةِ كَمَا فِي الْعَبْدِ وَالدَّابَّةِ وَكَذَلِكَ يُطَالَبُ الْمُتَعَدِّي عَلَى جُزْءِ الصُّبْرَةِ بِذَلِكَ الْجُزْءِ بِخِلَافِ الْمَكِيلِ فَإِنَّمَا يُطَالِبُهُ الْمَالِكُ بِهَا.
فَرْعٌ:
قَالَ: إِذَا اشْتَرَى صُبْرَةً غَائِبَةً عَلَى الصِّفَةِ يَمْتَنِعُ بَيْعُهَا حَتَّى يَرَاهَا قَالَ مُحَمَّدٌ لِأَنَّهَا فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ وَيَتَخَرَّجُ الْخِلَافُ فِيهَا عَلَى الْخِلَافِ فِي ضَمَانِ بَيْعِ الْغَائِبِ مِنَ الْبَائِعِ أَوْ مِنَ الْمُشْتَرِي.
فَرْعٌ:
قَالَ قَالَ الشَّافِعِيَّةُ مِنْ شَرْطِ صِحَّةِ الْبَيْعِ أَنْ يَكِيلَهُ الْبَائِعُ لِلْمُبْتَاعِ وَاخْتَلَفُوا إِذَا اكْتَالَ وَلَمْ يُفْرِغْ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الْبُخَارِيِّ: «إِذَا ابْتَعْتَ فَاكْتَلْ وَإِذَا بِعْتَ فَكِلْهُ» وَلِنَهْيِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ حَتَّى يَجْرِيَ فِيهِ الصَّاعَانِ.
وَالْجَوَابُ: عَنِ الأول مَعْنَاهُ: النَّهْيُ عَنْ تَأْخِيرِ الْقَبْضِ خَشْيَةَ الْغَرَرِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّهُ لَيْسَ فِي الصِّحَاحِ وَلَا الْمَشَاهِيرِ وَهُوَ مَتْرُوكُ الظَّاهِرِ بِالْجِزَافِ وَالْمَوْزُونِ مُعَارَضٌ بِالْقِيَاسِ عَلَى الْجِزَافِ وَالْمَوْزُونِ وَالْمَعْدُودِ.
فَرْعٌ:
قَالَ إِذَا قَبَضَ الطَّعَامَ وَتَرَكَهُ عِنْدَ زَوْجَةِ الْبَائِعِ أَوْ مَنْ هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِهِ جَازَ بَيْعُهُ قَبْلَ أَخْذِهِ مِنْهُ لِأَنَّهُ وَدِيعَةٌ وَقَالَهُ مَالِكٌ فِي الْغَرِيمِ نَفْسِهِ.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ تَمْتَنِعُ الْمُوَاعَدَةُ فِي بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَلَا بَيْعَ طَعَامٍ تَنْوِي أَنْ تَقْبِضَهُ مِنَ الطَّعَامِ الَّذِي اشْتَرَيْتَ سَدًّا للذريعة قَالَ أَو الطَّاهِرِ: أَجْرَى اللَّخْمِيُّ الْمُوَاعَدَةَ فِي بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ عَلَى الْمُوَاعَدَةِ فِي الصَّرْفِ فَيَكُونُ فِيهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ وَلَيْسَ كَمَا قَالَ بَلْ هِيَ كَالْمُوَاعَدَةِ عَلَى النِّكَاحِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الصَّرْفِ: أَنَّ الْمُوَاعَدَةَ مُنِعَتْ فِيهَا خَشْيَةَ تَعْجِيلِ الْعَقْدِ وَتَعْجِيلُ الْعَقْدِ فِي الصَّرْفِ غَيْرُ مَمْنُوعٍ فَلَا يُخْتَلَفُ فِي مَنْعِ الْمُوَاعَدَةِ فِي النِّكَاحِ وَالتَّعْرِيضُ فِي الطَّعَامِ كَالتَّعْرِيضِ فِي النِّكَاحِ فِي الْعِدَّةِ.
فَرْعٌ:
قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ: طَيْرُ الْمَاءِ الَّذِي لَا يستحيى لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ إِذَا أَسْلَمَ فِيهِ لِأَنَّهُ طَعَامٌ وَحَيَاتُهُ مُسْتَعَارَةٌ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَجَازَهُ أَشْهَبُ نَظَرًا لِحَيَاتِهِ وَإِنِ اشْتَرَاهُ معينا جَازَ عِنْدهمَا لِدُخُولِهِ بِالْعَقْدِ فِي ضَمَانِهِ كَالْجِزَافِ.
فَرْعٌ:
قَالَ فِي الْكِتَابِ: يَجُوزُ بَيْعُ الْجِزَافِ مِنَ الطَّعَامِ وَسَائِرِ الْعُرُوضِ جِزَافًا وَغَيْرِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ مِنَ الْبَائِعِ وَغَيْرِهِ وَيُحِيلُهُ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِينَةِ فَيَمْتَنِعُ بِأَكْثَرَ مِمَّا ابْتَعْتَ لِأَنَّهُمْ يَتَحَيَّلُونَ بِذَلِكَ عَلَى السَّلَفِ بِزِيَادَةٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ مَالِكٌ: إِذِ اشْتَرَى نِصْفَ ثَمَرَةٍ جِزَافًا أَوْ نِصْفَ صُبْرَةٍ جِزَافًا رَجَعَ مَالِكٌ إِلَى جَوَازِ الْبَيْعِ قَبْلَ النَّقْلِ وَإِنِ اسْتُحِبَّ النَّقْلُ لِلْحَدِيثِ.
فرع:
قَالَ: يمْتَنع البيع بِقَبض وَكله فِيهِ عَبْدُهُ أَوْ مُدَبَّرُهُ أَوْ أَمُّ وَلَدِهِ أَو امْرَأَته أَو من هُوَ كَذَلِك لِأَن كَتَوْكِيلِهِ لِبَيْعِهِمْ لَهُ.
فَرْعٌ:
قَالَ تَمْتَنِعُ الْمُقَاصَّةُ بَيْنَ الطَّعَامَيْنِ مِنْ سَلَمٍ لِأَنَّهُ بَيْعٌ قَبْلَ الْقَبْضِ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مِنْ قَرْضٍ وَاتَّفَقَا أَجَلًا وَصِفَةً وَمِقْدَارًا جَازَ إِنْ حَلَّ الْأَجَلَانِ لِأَنَّ بَيْعَ الْقَرْضِ مَعْرُوفٌ وَيَمْتَنِعُ قَبْلَ الْحُلُولِ لِأَنَّهُ دَيْنٌ بِدَيْنٍ قَالَ اللَّخْمِيُّ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِم: يمْتَنع وَإِن تَسَاوَت رُؤُوس الْأَمْوَالِ وَجَوَّزَهُ أَشْهَبُ وَجَعَلَهُ إِقَالَةً فَإِنِ اخْتَلَفَتْ رُؤُوس الْأَمْوَالِ امْتَنَعَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ بَاطِنُهَا عَلَى السَّلَمِ فَيَصِحُّ وَيَكُونُ قَضَاءً وَكَذَلِكَ الْحَوَالَةُ عَلَى طَعَام السّلم وأجازها أَشهب وَإِذا تَسَاوَت رُؤُوس الْأَمْوَالِ لِأَنَّهُمَا لَوْ شَاءَا عَمِلَاهَا تَوْلِيَةً وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مِنْ قَرْضٍ: أَجَازَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا خَلَا وَأَشْهَبُ إِذَا حَلَّ أَحَدُهُمَا قَالَ أَيْضًا سَحْنُونٌ: إِذَا حَلَّ السَّلَمُ وَجَوَّزَهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَإِنْ لَمْ يَحِلَّا قَالَ: وَهُوَ أَبْيَنُ لِأَنَّ الذِّمَمَ تَبْرَأُ مِنَ الْآنَ قَالَ سَنَدٌ: وَجوز أَشهب المقاصو بَيْنَ الْمُسْلِمَيْنِ إِذَا اتَّفَقَا كَيْلًا وَصِفَةً وَرَاعَى الثمنين فِي الموارثة إِذا اتّفق رَأس مَالِهِمَا قَدْرًا وَصِفَةً جَازَ لِأَنَّهُ إِبْرَاءٌ فَعَلَى رَأْيِ أَشْهَبَ يَمْتَنِعُ إِذَا اخْتَلَفَ جِنْسُ الثَّمَنَيْنِ خَشْيَةَ أَنْ يُؤْخَذَ الثَّمَنُ الثَّانِي عَنِ الطَّعَامِ وَالْأَظْهَرُ الْإِبْرَاءُ لِبُعْدِ ذَلِكَ إِذَا اتَّحَدَ الْجِنْسُ وَاخْتَلَفَ الْمِقْدَارُ لِأَنَّ كَثْرَةَ الْأَوَّلِ سَلَفٌ بِزِيَادَةٍ وَقِلْتُهُ إِقَالَةً مِنْ رَأَّسِ السَّلَمِ بِزِيَادَةٍ عَلَى أَقَلَّ مِنْهُ فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مِنْ سَلَمِ الآخر مِنْ قَرْضٍ وَكِلَاهُمَا جِنْسٌ وَلَمْ يَحِلَّ أَجَلُهُمَا: قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: يَجُوزُ إِذَا اتَّفَقَ أَجَلُهُمَا قَالَهُ جَمِيعُ أَصْحَابِ مَالِكٍ إِلَّا ابْنَ الْقَاسِمِ وَأَشْهَب وأبى الْمَنْعَ لِأَنَّهُ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَبَيْعُ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ وَمَتَى كَانَ الْأَجَلُ قَائِمًا فَأَمْرُهُمَا عَلَى الْمُكَايَسَةِ وَلَوِ اخْتَلَفَ الْأَجَلُ لَمْ تَجُزِ الْمُقَاصَّةُ فَإِنْ حَلَّ أَجَلُ السَّلَمِ جَازَتِ الْمُقَاصَّةُ عِنْدَ أَشْهَبَ وَفِي الْمَجْمُوعَةِ: يَجُوزُ أَنْ يُحِيلَ مَا قَدْ حَلَّ فِيمَا لَمْ يَحِلَّ كَانَ سَلَفًا أَوْ بَيْعًا فَإِنْ كَانَ السَّلَفُ الَّذِي حَلَّ فَهُوَ قِصَاصٌ مِنْ سَلَمٍ أَوِ السَّلَمُ فَقَدْ أَعْطَاهُ مِنْ قَرْضٍ فَلَا كَرَاهَةَ وَقِيلَ: إِن حل السّلم جَازَ لِأَن الْمُسلم تَعْجِيلُ مَا عَلَيْهِ مِنَ الْقَرْضِ وَيُجْبَرُ غَرِيمُهُ عَلَى أَخْذِهِ بِخِلَافِ حُلُولِ الْقَرْضِ فَإِنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَمْلِكُ إِسْقَاطَ أَجَلِ السَّلَمِ إِلَّا بِالتَّرَاضِي.
فَرْعٌ:
قَالَ: إِذَا أَجَّلْتَ الْبَائِعَ بِثَمَنِ الطَّعَامِ فَأَخَذَ مِنَ المُحال عَلَيْهِ طَعَامًا امْتَنَعَ كَانَ الْبَائِعُ بَاعَ بِنَقْدٍ أَوْ بِنَسِيئَةٍ.
فَرْعٌ:
قَالَ: لَوْ وَكَّلْتَ فِي قَبْضِ الثَّمَنِ فَتَعَدَّى الْوَكِيلُ عَلَيْهِ جَازَ أَخْذُكَ طَعَامًا مِنْه لِضَعْفِ التُّهْمَةِ قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ فَلَوْ أَقْرَضْتَ الثَّمَنَ قَبْلَ قَبْضِهِ: قَالَ التُّونُسِيُّ: يَمْتَنِعُ أَنْ يَأْخُذَ الْمُقْرِضُ مِنَ الْمُشْتَرَى بِهِ طَعَامًا لِأَنَّهُ كَالدَّيْنِ يُحِيلُ بِهِ عَلَى ثَمَنِ طَعَامٍ وَلَوْ بِعْتَ حِنْطَةً بِذَهَبٍ إِلَى أَجَلٍ وَاشْتَرَيْتَ مِنْ أَجْنَبِيٍّ تَمْرًا بِذَلِكَ الذَّهَبِ وَأَحَلْتَهُ بِهِ عَلَيْهِ: أَجَازَهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأ قَالَ الْبَاجِيّ: مَعْنَاهُ: اشْتِرَاء التَّمْرَ عَلَى ذِمَّتِهِ لِأَنَّهُ أَخَذَ بِثَمَنِ الْحِنْطَةِ تَمْرًا قَالَ سَنَدٌ: وَلَا حَاجَةَ إِلَى هَذَا التَّفْسِيرِ لِأَنَّا إِنَّمَا نَمْنَعُ مِنْ أَخْذِ الطَّعَامِ فِي ثَمَنِ الطَّعَامِ خَشْيَةَ النَّسِيئَةِ فِي الطَّعَامِ والمبتاع هَا هُنَا إِنَّمَا دَفَعَ ذَهَبًا فَلَوِ اشْتَرَيْتَ عِنْدَ الْأَجَلِ مِنَ الْمُبْتَاعِ بِذَهَبٍ طَعَامًا يُخَالِفُ الْأَوَّلَ وَلَمْ تَشْتَرِطْ أَنَّهُ مِنْ ثَمَنِ الْأَوَّلِ: مَنَعَ مَالِكٌ الْمُقَاصَّةَ وَقَالَ: يَرُدُّ الطَّعَامَ الثَّانِيَ لِأَنَّهُ عَقْدُ النَّسِيئَةِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يُؤَدِّي ذَهَبَ التَّمْرِ وَيَأْخُذُ ذَهَبَ قَمْحِهِ لِزَوَالِ التُّهْمَةِ بِذَلِكَ فَلَوْ أَخذ بِالثّمن كَفِيلا فَدفعهُ إِلَيْك أَو رجل مُتَبَرّع كَانَ لَهُ أَخْذُ طَعَامٍ مِنَ الْمُبْتَاعِ مِنْ صِنْفِهِ وَغَيْرِ صِنْفِهِ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّ الْكَفِيلَ مُقْرِضٌ وَلَيْسَ لَهُ ثَمَنُ طَعَامٍ.
فَرْعٌ:
قَالَ إِذَا اسْتَقْرَضَ الْبَائِعُ طَعَاما ليقضيه للْمُبْتَاع وَأمر الْمقْرض دَفْعِهِ لِلْمُبْتَاعِ امْتَنَعَ بَيْعُ الْمُبْتَاعِ لَهُ مِنَ الْقَرْضِ إِلَّا أَن يَأْخُذ فِيهِ رَأس مَاله لبيعه إِيَّاهُ قَبْلَ قَبْضِهِ فَلَوْ قَبَضَهُ وَطَالَبَ الْمُقْرِضَ بِالطَّعَامِ جَازَ أَنْ يَبْتَاعَهُ مِنْهُ لِأَنَّهُ قَرْضٌ وَطَعَامُ الْبَائِعِ قَدْ قُبِضَ.
فَرْعٌ:
قَالَ: فَلَوْ كَانَ لَكَ عَلَيْهِ طَعَامٌ مِنْ سَلَمٍ فَقَالَ: بِعْنِي طَعَامًا لِأَقْضِيَكَ: مَنَعَهُ مَالِكٌ لِأَنَّهُ بِيعَ لَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يَجُوزُ بِمِثْلِ رَأْسِ الْمَالِ نَقْدًا دُونَ الْأَقَلِّ وَالْأَكْثَرِ.
فَرْعٌ:
قَالَ الْمَازِرِيُّ: أَجْرَى بَعْضُ الْأَشْيَاخِ الْخِلَافَ فِي أَخْذِ الطَّعَامِ فِي ثَمَنِ الطَّعَامِ إِذَا كَانَتْ قِيمَةُ الثَّانِي أَقَلَّ بِكَثِيرٍ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ.
فَرْعٌ:
قَالَ: إِذَا اشْتَرَى طَعَامًا عَشَرَةً بِدِرْهَمٍ فَدَفَعَ دِرْهَمًا نَاقِصًا فَأَمْسَكَ الْبَائِعُ بِقَدْرِهِ مِنَ الطَّعَامِ مَنَعَهُ ابْنُ حَبِيبٍ لِأَنَّهُ أَخَذَ طَعَامًا مِنْ ثَمَنِ الطَّعَامِ وَبِيعَ الطَّعَامُ قَبْلَ قَبضه ويفاضل بَين القبضتين وَتَفَاضَلَ بَيْنَ الطَّعَامَيْنِ لِأَنَّ الْجُمْلَةَ الْمَبِيعَةَ مُقَابَلَةٌ بِالْجُمْلَةِ الْمَأْخُوذَةِ ثَانِيًا.
فرع:
فِي الْجَوَاهِرِ: الدَّيْنُ كَالْعَيْنِ الْحَاضِرَةِ فِي جَوَازِ الْبَيْعِ بِشَرْطِ قَبْضِ الْبَدَلِ فِي الْمَجْلِسِ وَيُشْتَرَطُ فِي بَيْعِهِ مِنْ غَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ إِقْرَارُهُ بِالدَّيْنِ وَحُضُورُهُ هُنَا لِلْغَرَرِ.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ: إِذَا أَسْلَفْتَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ فَقَبَضَهُ الْمُسْتَسْلِفُ لَا تَبِعْهُ مِنْهُ قَبْلَ قَبْضِكَ إِيَّاهُ وَإِنْ جَازَ بَيْعُ الْقَرْضِ قَبْلَ قَبْضِهِ لِأَنَّهُ ذَرِيعَةٌ لِلْبَيْعِ فِي الْعَقْدِ الْأَوَّلِ قَبْلَ الْقَبْضِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ مُحَمَّد فِي الْيَسِيرِ مِنَ الْكَثِيرِ وَكَأَنَّهُ وَكِيلٌ عَلَى قَبْضِهِ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ مِنَ الْمُقْتَرِضِ وَلَا مِنْ غَيْرِهِ إِلَّا بِمِثْلِ رَأْسِ الْمَالِ فَيَكُونُ كَالْإِقَالَةِ أَوِ التَّوْلِيَةِ وَكَذَلِكَ لَوْ أَحَلْتَ بِطَعَامٍ مِنْ بَيْعٍ عَلَى قَرْضٍ فَلَا يَبِيعُهُ الْمُحَالُ قَبْلَ الْقَبْضِ إِلَّا كَذَلِكَ.
فَرْعٌ:
قَالَ ابْنُ يُونُسَ: إِذَا اشْتَرَى مِنَ التَّمْرِ كَيْلًا مَعْلُومًا دُونَ الثُّلُثِ فَهَلْ لَهُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ وَجِذَاذِهِ لِأَنَّهُ مَبْغِيٌّ عَلَى مِلْكِهِ أو يمْتَنع لِأَنَّهُ مَبِيع مشترى رِوَايَتَانِ.
فَرْعٌ:
كُلُّ مَا أَسْلَمْتَ فِيهِ مِنَ الْعُرُوضِ يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْ غَيْرِ بَائِعِكَ بِجَمِيعِ الْأَثْمَانِ إِلَّا بِصِنْفِهِ وَمَنْ بَايَعَكَ بِمِثْلِ الثَّمَنِ فَأَقَلُّ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ وَأَلْغَاهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ ابْن أَبِي سَلَمَةَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: يُرِيدُ: لَا يَبِيعُهُ بِصِنْفِهِ مِنْ غَيْرِ الْبَائِعِ إِذَا كَانَ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ وَزَادَ فِي كَلَامِ الْكِتَابِ: قَبْلَ الْأَجَلِ فَيَكُونُ الْأَقَلُّ سَلَفًا بِزِيَادَةٍ وَلَا يَتَّجِهُ الْأَكْثَرُ إِلَّا إِلَى أَجَلٍ أَبْعَدَ فَيَكُونُ الْمُسْلِمُ يُسْلِمُ عِنْدَ الْأَجَلِ أَقَلَّ لِيَأْخُذَ أَكْثَرَ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَمْ يُوَجَّهْ إِلْغَاءُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالَّذِي يَتَّجِهُ فِيهِ تَخْصِيصُهُ بِالنَّقْدَيْنِ لِتَوَقُّعِ صَرْفٍ مُسْتَأْخِرٍ فَائِدَةٌ: ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ: الثِّيَابُ الْفُرْقُبِيَّةُ قَالَ فِي التَّنْبِيهَاتِ: بِضَمِّ الْفَاءِ أَوَّلًا وَالْقَافِ آخِرًا وَآخِرُهُ بَاءٌ بِوَاحِدَةٍ كَذَا سَمِعْنَاهُ وَقِيلَ بِالْقَافِ أَوَّلًا وَآخِرًا وَهِيَ ثِيَابٌ بِيضٌ مِنْ كَتَّانٍ وَقَالَ فِي كِتَابِ الْعَيْنِ: بِقَافَيْنِ وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: بِالْفَاءِ أَوَّلًا وَقَالَ: لَعَلَّهَا نِسْبَةٌ إِلَى فُرْقُوبَ وَحُذِفَتِ الْوَاوُ فِي النَّسَبِ.
فَرْعٌ:
قَالَ: قَالَ فِي الْكِتَابِ: يَجُوزُ بَيْعُ زَرِيعَةِ الْفِجْلِ الْأَبْيَضِ وَزَرِيعَةِ السَّلْقِ وَالْكُرَّاثِ وَالْجَوْزِ وَالْبِطِّيخِ الْفَارِسِيِّ وَالْأَخْضَرِ وَالْقِثَّاءِ قَبْلَ قَبْضِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِطَعَامٍ وَإِنْ كَانَ يَخْرُجُ مِنْهُ طَعَامٌ كَالنَّوَى يَخْرُجُ مِنْهُ النَّخْلُ ذَاتُ الطَّعَامِ وَتُمْنَعُ زَرِيعَةُ الْفِجْلِ الْأَحْمَرِ وَالْقُرْطُمِ لِمَا فِيهِمَا مِنَ الزَّيْتِ وَكَذَلِكَ الْفُلْفُلُ وَالْقِرْفَاءُ وَالسُّنْبُلُ وَالْكَرَفْصُ وَالْكَرَوْيَةُ وَالشُّونِيزُ وَالْكَمُّونُ الْأَسْوَدُ وَالْمِلْحُ وَالشَّمَارُ وَالْكَمُّونُ الْأَبْيَضُ لِأَنَّهَا طَعَامٌ وَخَالَفَ مُحَمَّدٌ فِي الْأَرْبَعَةِ الْأَخِيرَةِ وَجَعَلَهَا إِدَامًا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَالْحُلْبَةُ طَعَامٌ خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ وَقَالَ أَصْبَغُ: الْخَضْرَاءُ طَعَامٌ بِخِلَافِ الْيَابِسَةِ فَإِنَّهَا دَوَاءٌ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: حَبُّ الرَّشَادِ لَيْسَ بِطَعَامٍ بِخِلَافِ الْخَرْدَلِ لِاسْتِعْمَالِهِ فِي السَّمَكِ وَغَيْرِهِ وَالزَّعْفَرَانُ لَيْسَ بِطَعَامٍ اتِّفَاقًا قَالَ اللَّخْمِيُّ: فِي الْمُدَوَّنَةِ: الْفُلْفُلُ وَنَحْوُهُ طَعَامٌ وَعَنْهُ: لَيْسَ بِطَعَامٍ وَفِي الْكِتَابِ: الْمَاءُ لَيْسَ بِطَعَامٍ لِأَنَّهُ يُنْفِقُ الْغِذَاءَ وَلَا يُغَذِّي قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَعَنْهُ يَمْتَنِعُ بَيْعُهُ إِلَى أَجَلٍ فَيَكُونُ طَعَامًا وَلِأَنَّ الْحَاجَةَ إِلَيْهِ أَكْثَرُ مِنَ الْخُبْزِ وَلِأَنَّ الْخُبْزَ يَقُومُ غَيْرُهُ مَقَامَهُ بِخِلَافِهِ.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ: إِذَا كَاتَبَ بِطَعَامٍ جَازَ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنَ الْمُكَاتَبِ خَاصَّةً لِأَنَّ مُعَامَلَةَ الْعَبْدِ لَيْسَتْ حَقِيقَةً لِأَنَّهُ بَيْعُ مَالِكَ بِمَالِكَ وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي نَجْمٍ بَلْ فِي الْجَمِيعِ لِحُصُولِ الْعِتْقِ عَقِيبَهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَقِيلَ: يَجُوزُ فِي الْبَعْضِ لِأَنَّ الْكِتَابَة لَيست بدين ثَابت وَلَا يخلص بِهَا عِنْدَهُ الْمُكَاتَبُ وَيَجُوزُ بَيْعُهَا قَالَ اللَّخْمِيُّ: وَأَرَى بَيْعَهَا مِنَ الْمُكَاتَبِ وَغَيْرِهِ إِذَا كَانَتْ قَدْرَ الْخَرَاجِ لِأَنَّهَا غَلَّةٌ وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ بِالشَّيْءِ الْكَثِيرِ أَوْ مِنْ غَيْرِ الْخَرَاجِ امْتَنَعَ بَيْعُهَا.
فَرْعٌ:
قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ مَالِكٌ طَعَامُ الْكِرَاءِ وَالصُّلْحِ مِنْ دَمِ الْعَمْدِ وَالْمُخَالَعَةِ كَطَعَامِ الْبَيْعِ فِي الْجَوَازِ فِي الْجِزَافِ وَالْمَنْعُ فِي غَيْرِهِ لِانْدِرَاجِهِ فِي صِيغَةِ الْحَدِيثِ وَكَذَلِكَ أرزاق الْقُضَاة وَغَيرهَا لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ عَلَى الْعَمَلِ بِخِلَافِ مثل أرزاق أَزوَاجه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي زمن عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ وَبِخِلَافِ الْهِبَاتِ وَالْمِيرَاثِ وَالسَّلَفِ وَالصَّدَقَةِ لِأَنَّ جَمِيعَ ذَلِكَ لَيْسَ بَيْعًا فَلَا يَتَنَاوَلُهُ الْحَدِيثُ قَالَ اللَّخْمِيُّ: وَيجوز للمقترض بيع مَا اقترضه قَبْلِ قَبْضِهِ وَكَذَلِكَ الْمُقْرِضُ لِأَنَّ الدَّيْنَ غَيْرُ الْمُعَاوضَة وَلِهَذَا لَيْسَ مُعَارضَة بَلْ مَعْرُوفٌ وَإِلَّا كَانَ بَيْعُ الطَّعَامِ نَسِيئَةً وَيَجُوزُ قَرْضُ طَعَامِ السَّلَمِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَيَمْتَنِعُ بَيْعُ الْمُقْرَضِ لَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ لِأَنَّهُ عَلَى حُكْمِ السَّلَمِ مَا دَامَ فِي الذِّمَّةِ وَلَوْ تطوع رجل بقرض ذَلِك السّلم إِلَيْهِ ويقبضه عَنهُ لم يجزه لِلَّذِي لَهُ السَّلَمُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ لِلْحَدِيثِ لِأَنَّهُ مُبْتَاعٌ وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَتِ الْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ طَعَامَ سَلَمِ الْأَجْنَبِيِّ يَمْتَنِعُ الْبَيْعُ عَلَى الْمَوْهُوبِ وَالْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُمَا مُنَزَّلَانِ مَنْزِلَةَ الْأَصْلِ وَعَنْ مَالِكٍ: الْجَوَازُ لِأَنَّ يَدَ الْمُشْتَرِي قَدْ خَرَجَتْ وَضَابِطُهُ: مَتَّى كَانَتْ يَدُ الْمُسْلِمِ بَاقِيَةً عَلَى سَلَمِهِ وَهُوَ الْقَابِضُ امْتَنَعَ الْبَيْعُ كَانَ الْمَقْبُوضُ مِنْهُ وَالْمُسْلَمُ إِلَيْهِ أَوْ وَاهِبًا أَوْ مُتَصَدِّقًا أَو مقرضاً لقَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ» الْحَدِيثَ وَإِذَا زَالَتْ يَدُهُ وَكَانَ الْقَابِضُ مَوْهُوبًا لَهُ أَوْ مُتَصَدَّقًا عَلَيْهِ جَازَ لِأَنَّهُ لَمْ يَبِعْ طَعَامًا وَأخرج الْحَنَفِيّ مِنْ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ: الْمَهْرَ وَالْخَلْعَ وَالْجُعْلَ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ: كُلُّ عَرْضٍ يَنْفَسِخُ عَقْدُهُ بِهَلَاكِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِيهِ قَبْلَ الْقَبْضِ كَالْأُجْرَةِ وَالصُّلْحِ بِخِلَافِ الْعِتْقِ وَالْخلْع وَيدل الصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ وَأَرْشِ الْجِنَايَةِ وَقِيمَةِ الْمُتْلَفِ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَا يَنْفَسِخُ بِالتَّلَفِ فَانْتَفَى غَرَرُ الِانْفِسَاخِ بِالْهَلَاكِ فَلَا يُبْنَى عَلَيْهِ عَقْدٌ آخَرُ مَعَ هَذَا الْغَرَرِ وَلَا تَصِحُّ حَوَالَةُ الْمُسْلِمِ فِي السَّلَمِ وَاتَّفَقَ الْجَمِيعُ عَلَى الْقَرْضِ.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ: إِذَا بَاعَ الذِّمِّيُّ الطَّعَامَ قَبْلَ قَبْضِهِ أَكْرَهُ لِلْمُسْلِمِ شِرَاءَهُ وَكَذَلِكَ لَا يُحِيلُكَ عَلَى طَعَامِ سَلَمٍ قَبْلَ قَبْضِهِ قَالَ سَنَدٌ: سَوَاءٌ قُلْنَا: هُمْ مُخَاطَبُونَ بِالْفُرُوعِ أَمْ لَا لِأَنَّ مَنْعَ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ يَمْنَعُ شِرَاءَهُ فَيَحْرُمُ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ شِرَاءُ طَعَامٍ لَمْ يَسْتَوْفِهِ مُبْتَاعُهُ فَلَوْ بَاعَهُ الَّذِي مِنْ ذَمِّيٍّ لَمْ يَعْرِضْ لَهُمَا كَمَا لَمْ يَعْرِضْ لَهُمْ فِي عُقُودِ الْخَمْرِ وَغَيْرِهِ إِلَّا أَنَّ الْبَائِعَ الْأَوَّلَ إِنْ كَانَ مُسْلِمًا لَا يدْفع الطَّعَام إِلَّا للَّذي اشْتَرَاهُ مِنْهُ وَهَا هُنَا يَأْتِي التَّخْرِيجُ عَلَى خِطَابِهِمْ بِالْفُرُوعِ فَإِنْ قُلْنَا: مُخَاطَبُونَ بِالْفُرُوعِ امْتَنَعَتْ مُعَاوَنَتُهُمْ عَلَى ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَى الْبَائِعِ وَيَحْكُمُ الْحَاكِمُ لِلْمُبْتَاعِ أَخِيرًا بِقَبْضِ الطَّعَامِ إِذَا ثَبَتَتْ مُعَامَلَتُهُمْ وَكَرِهَ مَالِكٌ مُعَامَلَةَ الذِّمَّةِ لِمَا فِي أَيْدِيهِمْ مِنَ الْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ: يَمْتَنِعُ أَنْ يُعْطِيَكَ مَا تَشْتَرِي بِهِ بَعْدَ الْأَجَلِ طَعَامَكَ لِأَنَّهُ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ إِلَّا أَنْ يعطيك مثله رَأس مَالُكَ صِفَةً وَمِقْدَارًا فَيَجُوزُ بِمَعْنَى الْإِقَالَةِ قَالَ سَنَدٌ: فَإِنْ قِيلَ: قَدْ مَنَعَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ: بِعْنِي الطَّعَامَ الَّذِي لَكَ عَلَيَّ بِعَشَرَةٍ وَرَأْسُ الْمَالِ عَشَرَةٌ حَتَّى يَلْفِظَ بِلَفْظ الْإِقَالَة وَأَجَازَهُ هَا هُنَا قَبْلَ التَّلَفُّظِ قُلْنَا: إِنَّمَا مَنَعَهُ حَيْثُ صَرَّحَ بِبيع مَا يمْتَنع بَيْعه فوازنه هَا هُنَا: ابْتَعْ لِي مُدًّا طَعَامًا وَاقْبِضْهُ مِنْ سَلَمِكَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَهُ أَمَّا إِذَا لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ فَإِنَّمَا وَقَعَتِ الْوَكَالَةُ على مَا يجوز فَلَا يتهمان هَا هُنَا إِلَّا فِي الْإِقَالَةِ وَهِيَ جَائِزَةٌ فَإِنْ دَفَعَ إِلَيْهِ أَكْثَرَ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ عَلَى وَجْهِ الْوَكَالَةِ وَالْعِوَضِ أَوِ الطَّعَامِ رُدَّ إِنْ لَمْ يَفُتْ وَإِنْ قَالَ الْمَأْمُورُ: ابْتَعْتُ بِهِ كَفَافَ حَقِّي: قَالَ مُحَمَّدٌ: لَا يُصَدَّقُ وَيَرُدُّ الذَّهَبَ وَيَرْجِعُ بِحَقِّهِ إِلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ عَلَى الْقَبْضِ بِاسْمِ صَاحِبِهِ ثُمَّ يَقْبِضُهُ بَعْدَ ذَلِكَ ثُمَّ يُقِرُّ لِأَنَّ الْمَنْعَ لِلتُّهْمَةِ فَإِذَا دَفَعَ إِلَيْهِ أَقَلَّ: فَرَّقَ ابْنُ الْقَاسِمِ بَيْنَ الْعُرُوضِ وَالطَّعَامِ لِأَنَّ الْإِقَالَةَ فِي الطَّعَامِ إِنَّمَا تَكُونُ بِمِثْلِ رَأْسِ الْمَالِ وَجَوَّزَهُ أَشْهَبُ لِضَعْفِ التُّهْمَةِ وَحُمِلَ عَلَى الْوَكَالَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: يَجُوزُ إِذَا دَفَعَ مِثْلَ رَأْسِ الْمَالِ أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ لِيَشْتَرِيَ لِنَفْسِهِ فَزَعَمَ أَنَّهُ فَعَلَ صَحَّ.
فَرْعٌ:
قَالَ ابْنُ يُونُسَ: يَجُوزُ أَخْذُ خَمْسَةٍ مَحْمُولَةٍ فِي عَشَرَةٍ سَمْرَاءَ بَعْدَ الْأَجَلِ عَلَى مَعْنَى الْإِسْقَاطِ وَيَمْتَنِعُ عَلَى وَجْهِ الصُّلْحِ وَالتَّبَايُعِ لِأَنَّهُ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَكَذَلِكَ السَّمْرَاءُ مِنَ الْحَمُولَةِ تَمْهِيدٌ: قَالَ سَنَدٌ: اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي سَبَبِ مَنْعِ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ: فَقَالَ أَبُو الطَّاهِرِ: هُوَ مُعَلَّلٌ بِالْعِينَةِ وَهِيَ سَلَفٌ فِي أَكْثَرَ مِنْهُ فَيَتَوَسَّلُونَ لَهُ بِذَلِكَ فَلَمَّا كَثُرَ ذَلِكَ فِي الطَّعَامِ نُهِيَ عَنْهُ وَالْمَذْهَبُ كُلُّهُ عَلَى الْمَنْعِ وَإِنْ ظَهَرَتِ السَّلَامَةُ مِنَ الْقَصْدِ لِذَلِكَ إِلَّا أَبَا الْفَرَجِ أَمْضَاهُ إِذا ظَهرت السَّلامَة بِأَن لَا يَكُونَ الْمُتَبَايِعَانِ مِنْ أَهْلِ الْعِينَةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: الْأَحْسَنُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ تَعَبُّدًا لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لأدل الْعينَة لأجل لَجَازَ بَيْعُهُ مِنْ بَائِعِهِ بِأَقَلَّ وَيَلْزَمُ اسْتِوَاءُ الطَّعَامِ وَالْعُرُوضِ قَالَ سَنَدٌ: الْعِلَّةُ كَوْنُ الطَّعَامِ غِذَاءً لِلْإِنْسَانِ وَحَافِظًا بِنِيَّتِهِ الشَّرِيفَةِ لِطَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَسَبَبَ الْعَوْنِ عَلَى السَّعَادَةِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَكُلُّ مَا شَرُفَ قَدْرُهُ عَظَّمَهُ اللَّهُ بِكَثِير شُرُوطِهِ وَهَذَا هُوَ شَأْنُ الشَّرْعِ فِي كُلِّ مَا عَظُمَ خَطَرُهُ كَالنِّكَاحِ سَبَبُ الْعَفَافِ وَاسْتِمْرَارُ النَّسْلِ وَالْمُكَاثَرَةُ بِهَذِهِ الْأُمَّةِ الشَّرِيفَةِ فَاشْتَرَطَ الشَّرْعُ فِيهِ الْوَلِيَّ وَالصَّدَاقَ وَغَيْرَهُمَا تَفْخِيمًا لِقَدْرِهِ وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ بِالْقَرْضِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْمِيرَاثِ وَأُعْطِيَاتِ النَّاسِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَيُمْكِنُهُ أَنْ يُجِيبَ بِأَنَّ هَذِهِ كُلَّهَا اشْتَرَكَتْ فِي مَعْنَى الْإِحْسَانِ وَالْمَعْرُوفِ فَوَسَّعَ الشَّرْعُ فِيهَا تَسْهِيلًا لِطُرُقِ الْمَعْرُوفِ لِيَكْثُرَ وُقُوعَهُ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ: إِنَّمَا امْتَنَعَ لِاحْتِمَالِ هَلَاكِ الطَّعَامِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَيَنْفَسِخُ الْعَقْدُ فَيَكُونُ الْعَقْدُ الثَّانِي عَقْدَ غَرَرٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ لِأَنَّ الْأَصْلَ: السَّلَامَةُ وَبَقَاءُ الطَّعَامِ وَتَلَفُهُ نَادِرٌ فَيَكُونُ أَحْسَنُ الْأَقْوَالِ قَوْلَ سَنَدٍ نَظَائِرُ: قَالَ الْعَبْدِيُّ: يَجُوزُ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ فِي خَمْسِ مَسَائِلَ: الْهِبَةُ وَالْمِيرَاثُ عَلَى اخْتِلَافٍ وَالِاسْتِهْلَاكُ وَالْقَرْضُ وَالصُّكُوكُ وَهِيَ أُعْطِيَاتُ النَّاسِ وَاخْتُلِفَ فِي طَعَامِ الْخُلْعِ وَالْمُسْتَثْنَى مِنَ الطَّعَامِ.